تاريخ عمارة البابليين

مراحل ازدهار البابليين

تميزت الفترة التي أعقبت انهيار الدولة السومرية بالصراعات المستمرة بين البابليين والآشوريين. وتأخر تطور بابل كمدينة رئيسية بحسب مقاييس مدن بلاد الرافدين. وأنشئت في عام1894 ق.م وازدهرت لأول مرة في عهد الملك حمورابي. وتُعرف تلك الفترة بالعصر البابلي القديم 1595-1894 ق.م. ثم عادت بابل إلى كونها ممالك من مدن صغيرة بعد موت حمورابي ولعدة قرون. ثم ازدهرت من جديد تحت حكم نبوخذ نصر وتعرف تلك الفترة بالعصر البابلي الحديث 530-646 ق.م. وغطّت بابل مساحة 10 كم2 تقريبًا، وأصبح لدى البابليين أكبر مدينة في العالم القديم. [1]

عمارة مدينة بابل

تقع بابل جنوب بغداد في العراق، وتعد الأشهر بين جميع المدن البابلية. ويمتد الموقع على مساحات واسعة ولم يُنقب كلُّه حتى الآن. ويحاول علماء الآثار تسهيل فهم مخططات المدن من خلال إعادة بناء العناصر الناقصة وخاصةً شبكة الشوارع. وتعد معرفة تشكّل شبكة الشوارع نقطة أساسية في النقاش حول إذا ما تأسست المدينة نتيجة تخطيط بشري أو تنمية عضوية.

ولاحظ العلماء ما أثار دهشتهم وقلقهم حول المخططات المنشورة لبابل. حيث فشِلت دائمًا في تذكر الحالة الراهنة للمدينة عندما قارنوها مع مجمل الأدلة المتوفرة سواءً كانت الأثرية أو النصية.

اخترق نهر الفرات المدينة، ولكن تحوَّل مجراه مع مرور الزمن إلى الغرب ممّا جعل من الصعب الوصول إلى بقايا الآثار في الجزء الجنوبي الغربي للمدينة. [2]

أحيطت المدينة بسورين، تراوح محيط السور الخارجي بين 20-18 كم وصنع من ثلاثة أجزاء، وبنوه باللبن والقرميد. بينما تكوّن السور الداخلي من جدارين، الأول داخل المدينة بسمك 6.52 م، والثاني أصغر بسمك 3.72م.

وبنوا خندق، يحتوي الجدار الداخلي على ثماني بوابات أدَّت إلى المدينة. [3] وخطط البابليون الشوارع ضمن شبكات موازية لنهر الفرات. [1] وانتهت شوارعهم المتعامدة عند بوابات المدينة. وارتفع مستوى المساكن عادةً عن مستوى الشارع وذلك بسبب بنائها على مصاطب من اللبن. وعُثر على ثلاثة قصور على أطراف المدينة. [3]

بينما بنى البابليون المعبد الرئيسي مع الزيقورة في مركز المدينة، وتوزعت أربعة معابد في النصف الشرقي للمدينة. ونظموا شبكة من القنوات لري الأرض ويعود بعضها إلى زمن حمورابي الملك. [1]

بوابة عشتار وشارع المواكب

شُيّدت بوابة عشتار كمدخل رئيسي لمدينة بابل حوالي عام 575 ق.م واستخدموا الطوب المشوي. [4] وأصبحت ثامن بوابة محصنة في المدينة وبلغ ارتفاعها أكثر من 12 م. وكانت البوابة نفسها مزدوجة وبنوا على جانبها الجنوبي حجرة انتظار كبيرة. [5]

زين البابليون بوابة عشتار بطبقة من المينا (الخزف) ذات اللون الأزرق الزاهي. وتخللته رسومات بارزة من الخزف الأصفر ومثّلت حيوانين اسطوريين وهما تنين الأفعى وثور الإله حدد. وأعيد تركيب البوابة بصعوبة واستغرقت سنوات طويلة بسبب قلة توفر بقايا الخزف الأصلية. وتوجد حاليًا في متحف الشرق الأدنى في برلين. [4]

أدت بوابة عشتار إلى بيت آكيتو وهو معبد صغير وقع خارج المدينة شمالًا. [1] وخصصوه للاحتفال برأس السنة لدى شعوب بلاد الرافدين وتحتفل به هذه الشعوب حتى الآن في الواحد من نيسان. ومر من خلال البوابة أفخم الطرق في تلك الفترة وهو طريق المواكب. ورصفوه باستخدام القرميد الأحمر والحجر الجيري الأبيض. [3]

وزين البابليون جانبي الطريق بأسود من الخزف. وتشير التقديرات إلى وجود 120 أسدًا على طول الطريق، ولم تصنع جميعها في الوقت نفسه. ولاحظ العلماء أيضًا ارتفاع مستوى الطريق أكثر من مرة. وربما قد عاملوا الصفوف الدنيا على أنها رسومات تجريبية لأنها كانت موضوعة بشكل غير منتظم. [5]

تنين الأفعى وثور إله الطقس حدد من بوابة عشتار

اختلاف المساكن بين الفترة البابلية القديمة والحديثة

ازداد حجم المساكن بوضوح بين الفترة البابلية القديمة والحديثة. وهذا يدل على وجود درجة غير مسبوقة من التفاوت الاجتماعي في الفترة الحديثة.

وتراوحت مساحة المساكن المحفورة في الفترة البابلية القديمة بين 700-8.5 م2 بمتوسط مساحة 152 م2. وسببت مساحات المساكن الموثقة نصيًا مشكلة حيث كانت أصغر بكثير من المساكن التي نُقِّبت. ورجح الخبراء سبب ذلك أن الوثائق الكتابية تصِف عادةً أجزاء من المساكن كالغرف الفردية أو الأجنحة بدلًا من كامل المسكن. ومن ناحية أخرى، تقاس مساحة المساكن المنقّبة أغلب الأحيان بمحيطها الخارجي. فشكلت الجدران من 40-30% من مساحة المساكن في الفترة البابلية القديمة، بينما شكلت 50% في الفترة الحديثة. وتفادى البابليون هذه المشكلة في الأحياء الأصغر والأكثر كثافة، حيث وفروا المساحات من خلال استخدام جدران مشتركة بين المساكن المتجاورة.

ولم يختلف المنزل البابلي عن المنازل التي سبقته. حيث ضم فناء مركزي أحيط عادةً بأجنحة من الغرف على جوانبه الأربعة. ويفتح المنزل على جناح دهليز منكسر، ليمنع الاتصال البصري المباشر بين الخارج والداخل. [6]

القصور البابلية

تميز العصر البابلي القديم ببناء قصور ضخمة، وشيدها البابليون باستخدام الحجر الجيري على الرغم من استمرار استخدامهم اللبن لبناء المعابد والزيقورات. وبنوا غرفة العرش في منتصف القصر عادةً وتوضعت الغرف حولها. وعُثر على غرفة اجتماعات شبه دائرية كبيرة ولها أدراج. [3]

ظهرت غرفة الاستقبال الرئيسية في العصر البابلي الحديث في الجانب الجنوبي من الفناء لتصبح موجهة على الشمال. [7]

وجد الباحثون قصران غرب بوابة عشتار، غطيا مساحة 16 هكتار. وأعاد الحكّام المتعاقبين بناء القصر الجنوبي في بابل بمساحة 200 × 310 م2، وضم مئات الغرف والملحقات الأخرى وخمسة أفنية. [3]

وبُنيت قاعة العرش في الفناء المتوسط بمساحة 17 × 42 م2 وتميزت الواجهة بالخزف المزيّن بصور الأسود وشجرة الحياة. ووجِدت ثلاثة مداخل مقوسة بعرض 6 م تشبه المداخل الآشورية. ولا يسمح عرض قاعة العرش بوجود عوارض غير مدعمة للسقف، ولم يتم العثور على أي دليل لوجود أعمدة داخل القاعة. لذلك يعتقد البعض أن سقف القاعة كان قبة، ولكن لا يوجد دليل حتى الآن يؤكد ذلك. [7]

كما بنى البابليون قصر صيفي مربع الشكل 250 × 250 م2. وعرِف باسم جبل بابل وذلك بسبب ارتفاعه حيث بنوه على ارتفاع 18م فوق منسوب الشارع. وتألف جبل بابل من قاعتين رئيسيتين، الشرقية والغربية. وسكبوا أرضيته بمزيج من الجير والرمل والجص مع إضافات الألوان ممّا أعطته شكلًا فريدًا. [3]

المعابد البابلية

بنى البابليون معابدهم غالبًا كمعابد ذات فناء مع غرفة هيكل عريضة مع نهج المحور المباشر. وتعتبر غرفة الهيكل عريضة عندما يقع المذبح في منتصف أحد الجوانب الطويلة من الهيكل. ويتشكل المحور المباشر حينما يوضع المدخل الرئيسي للهيكل على خط مباشر مع المذبح. [7]

وأعيد بناء معبد عشتار ضمن ثلاث فترات زمنية وله شكل مستطيل مع فناء وضم 20 غرفة ملحقة به. ووجِدت ثلاثة مداخل غرب غرفة الهيكل ودعِّم المبنى من خلال بناء رصيف محيط من الطوب والقار لحماية الجدران الخارجية. [3]

الزيقورات وبرج بابل

لم يختلف مبدأ الزيقورات البابلية عن الزيقورات السومرية أو الآشورية. وشيّدت عادةً بقاعدة مربعة ويتم الصعود إلى المصاطب السفلى عن طريق الأدراج وإلى المصاطب العليا من خلال المنحدرات.

وبُني على ضفة نهر الفرات معبد «ايساغيلا-Esagila» وخصصوه للإله مردوخ. وارتبط بزيقورة على شماله يعتقد الخبراء أنها قد تكون برج بابل. وقاعدته مربعة 91 م توازي الاتجاهات السماوية ويرجح أنه كان بسبع مصاطب وارتفاعه الإجمالي يساوي قاعدته. [1]

صورة توضح مدخل مدينة بابل وأجزاء منها

ولكن لا تزال الشكوك قائمة حول مظهره، إذ يعتقد البعض أن مظهره العام كزيقورة تقليدية بينما وجدت وثائق كتابية تصف البرج كبرج فريد لم يكن له مثيل.

الجسور بين الآشوريين والبابليين

نادرًا ما عثِر على جسور في بلاد الرافدين. وبنى الآشوريون جسر حجري مزخرف في دورشاروكين وصل بين القلعة ومعبد نابو. بينما كشفت التنقيبات في بابل عن جسر حجري على شكل قارب يعبر الفرات ويربط بين جانبي المدينة. ولذلك يعتقد العلماء أن الجسور العائمة من القوارب ربما كانت أكثر شيوعًا من الجسور الثابتة. [7]

الحدائق المعلقة

تشير الكتابات اليونانية إلى حدائق بابل المعلقة، وهي تلة تحاكي تدرج المصاطب وتُغطى بالنباتات فوق بنية تحتية من الأقنية. واعتبروها في العصر الهلنستي واحدة من عجائب الدنيا السبع. [1]

وجد المكتشفون سلسلة فريدة من الحجرات في الزاوية الشرقية الشمالية من القصر الجنوبي. والمبنى مستطيل تقريبًا 30 × 42 م وأرضيته أخفض من أرضية القصر واحتوى على 14 غرفة متماثلة 2.2 × 3م. ووزعت هذه الغرف على جانبي ممر ضيق، وعثِر على بئر مع ثلاث فتحات بجانب بعضها البعض في واحدة من الغرف الوسطى. ووضعوا طبقة سميكة من التربة على أسطحها ويرجح أنها وضِعت لأغراض زراعية. [3] لذلك يعتقد البعض أنها ربما كانت جزءًا من البنية التحتية للحدائق المعلقة. في حين يعتقد البعض أن الحدائق المعلقة تقع خارج بابل حتى ويظن البعض أنها كانت تقع في نينوى وتعود للملك الآشوري سنحريب. وتستمر التكهنات بشأن موقعها الحقيقي وآليتها مع عدم وجود بقايا مؤكدة منها. [1]

صورة تخيلية لحدائق بابل المعلقة

وعلى الرغم من وجود العديد من التكهنات والتوقعات بشأن عمارة البابليين فلا تزال بلا شك تعكس عظمة الدولة البابلية وما قدمته من انجازات ساهمت في نمو الحضارات البشرية.

المصادر

  1. Britannica
  2. Research gate
  3. Research gate
  4. History
  5. Britannica
  6. Research gate
  7. Silo.tips

تاريخ عمارة الآشوريين

ازدهار الممالك الصغيرة

انهارت الدولة السومرية حوالي عام 2004ق.م، فاجتاحت المنطقة فترة فوضى واستمرت ما يقارب القرن. وبدأت إثر ذلك مدن الدول والممالك الصغيرة في شمال البلاد بالتطور والتوسع.[1] وتميزت تلك الفترة بالصراع المستمر بين الآشوريين والبابليين، وتناوبوا على فرض سيطرتهم. فعرف البابليون مرحلتي ازدهار بينما عرف الآشوريون ثلاث مراحل ازدهار، المرحلة القديمة والوسطى والحديثة. وعلى الرغم من تشابه النمط المعماري بين السومريين والآشوريين ولكننا نستطيع التمييز بينهما. حيث أضاف الآشوريون أساليب جديدة ولمستهم الخاصة على العمارة. فبم تميزت عمارة الآشوريين؟

من هم الآشوريون ؟ 4000-612 ق.م

انحدر الآشوريون من الساميين الذين عاشوا في المناطق الشمالية من بلاد الرافدين منذ عام 5000 ق.م تقريبًا. [1]

وسيطرت الإمبراطورية الآشورية على بلاد الرافدين وكل الشرق الأدنى تقريبًا في النصف الأول من الألفية الأولى ق.م. بقيادة سلسلة من الملوك المحاربين الطموحين، ووُصفت الدولة الآشورية بأنها كانت عسكرية وعدوانية للغاية. [2]

انتقلت العواصم الآشورية على التوالي من «آشور-assur» إلى «كالح-kaleh» و«دور شاروكين-dur scharrukin» و«نينوى-niniveh».

عمارة مدينة آشور

تقع آشور على الضفة الغربية لنهر دجلة في شمال العراق. وقد سُكن الموقع الأصلي حوالي عام 2500 ق.م. وتعتبر آشور من الناحية الاستراتيجية أصغر حجمًا وأقل مكانةً من كالح أو نينوى. واستمرت رغم ذلك أهميتها الدينية حتى عام 614ق.م. [3]

واتبع الآشوريون التضاريس الجغرافية عند بناء مدنهم، وهذا يفسر الشكل غير التقليدي لمدينة آشور، حيث كانت على شكل مثلث. [4]

حصّن الآشوريون مدنهم جيدًا كونهم دولة عسكرية، فبنوا سور بطول 4 كم لحماية الجزء الشرقي من المدينة. واعتمدوا على التضاريس الطبيعية في الشمال للحماية حيث الجرف المرتفع وبنوا الميناء. [3]

ووقعت جميع المباني العامة في سلسلة على طول الحافة الشمالية للمدينة. وبني قصر الملك بجانب المعابد والزيقورات كونه الكاهن الرئيسي للإله. وحدّت المباني العامة بأكملها من الجنوب أحياء سكنية، ولم يوجد جدار يفصل بينهم. [4] ويشير تخطيط المدينة إلى الاحترام الصارم لحقوق الملكية وحيازة الأراضي. [3]

عمارة مدينة كالح

تطور التخطيط الحضري لمدينة كالح خلال أكثر من 150عام، وكانت هذه فترة حياتها الكاملة كمركز سياسي للإمبراطورية الآشورية. وتعرف أيضَا باسم نمرود أو كالخو. واعتمد الآشوريون على المنحدر الطبيعي للتضاريس في الجهة الجنوبية من المدينة، وبنوا أبنيتهم العامة فوق المصاطب المرتفعة.

يُعتقد أن أول القلاع تعود للحثيين، ومع ذلك أصبحت القلاع في القرن التاسع ق.م فصاعدًا سمة مميزة للمدن الآشورية. وكانت قلعة كالح متصلة بأسوار المدينة، وأصبح ذلك النمط السائد.

كما اهتم الآشوريون عند تخطيط مدنهم بالمنظر العام الذي يراه الزائرين من بعيد. حيث استطاع الزائر رؤية سلسلة المباني العامة من المعابد والزيقورات بجانب القصر والقلعة. وبرزت أكثر لأنها بنيت بمقاييس أكبر من مباني السومريين إضافةً إلى بنائها على المصاطب.

وتم إدخال بعض الميزات الجديدة في كالح ومنها أول حديقة ملكية حضرية وحديقة حيوان. واحتوت هذه الحدائق على نباتات وحيوانات جلبوها من البلدان المحتلة. وصنع الملك «تغلث فلاسر الأول» أول الحدائق الملكية في نينوى ولكن نسخت في كالح على نطاق أوسع فأخذت أهمية أكبر. [4]

عمارة مدينة دور شاروكين

تأسست مدينة دور شاروكين عام 712 ق.م ولكنها لم تكتمِل عندما مات مؤسسها «سركون الثاني» عام 705 ق.م. فانتقل ابنه «سنحريب» إلى نينوى وهُجرت المدينة، وربما لم تُسكن أبدًا حتى. [5]

وتعرف الآن باسم خورسباد وبنيت على شكل مربع تقريبًا 1766*1675 م وبجدران سميكة 14م وبارتفاع 12 م مما أعطاها هيئة الحصن. وضم السور سبعة أبواب وبُني على جانبي كل باب ثيران مجنحة ذات رؤوس بشرية، وخصص كل باب لإله آشوري. [6] [7]

رسم المختصون شبكة الشوارع من خلال دراسة تموضع البوابات والأحياء السكنية والآثار المتبقية، وكانت الشوارع مستقيمة ومنتظمة. وهيمن القصر أكثر من المعبد في الجزء الشمالي من المدينة وبنيت قلعة وقصر ثانوي في الجزء الجنوبي من المدينة. [4]

رسم منظوري لقصر ومعبد وزيقورة دور شاروكين

القصور الآشورية

قسّم الآشوريين قصورهم إلى قسمين أساسين بواسطة الأفنية. فجَرَت الشؤون العامة في القاعات والفراغات حول الفناء الخارجي والذي عرِف باسم «بابانو». وخصصوا الفناء الداخلي «بيتانو» للوظائف الخاصة، وفصَلَت غرفة العرش بين الفناءين.

وبنيت القصور الآشورية عادة بطابق واحد، ولكن وجِدت بعض الأدلة على قيام الملك ببعض الطقوس الدينية على السطح. وشيدوا القصور عادةً بمحاور منكسرة بينما تحولت في المراحل اللاحقة إلى محاور مباشرة، ويعتقد سبب ذلك هو تأثرها بالقصور البابلية. وفي حالات كثيرة وضِع صفان متوازيان من الحجارة على أرضية غرفة العرش. ويتم دحرجة أداة ذات عجلات فوقها لكي توفر مصدر حرارة للملك. [8]

ومن أبرز القصور قصر دورشاروكين الذي يعرف باسم «قصر من دون منافس». فبُني بأكثر من 200 غرفة و30 قاعة وثلاثة أفنية. [6] وكانت غرفة العرش أكبر الغرف، وارتفع العرش في أحد أطرافها على منصة حجرية. ووجِد في الطرف الآخر غرفة انتظار ودرج حلزوني يؤدي إلى السطح. وغطيّت الجدران الداخلية لغرف القصور الملكية بحجارة عادةً ما تكون منحوتة بمشاهد. وتعد المنحوتات الآشورية أدلة قيمة تساعد على معرفة مظهر المباني حيث عادةً ما تبقى الأجزاء السفلية من الجدران فقط. [8]

ثيران مجنحة وألواح حجرية منحوتة من دور شاروكين. وتتواجد حاليًا في متحف اللوفر

وعثر علماء الآثار في قصر الملك سنحريب في نينوى على جميع مداخل الأفنية. وأحيطت المداخل بثيران مجنحة، ووجدت مشاهد منحوتة على الحجارة حولها. وجاور غرفة العرش حمام مرصوف بالحجارة، واحتوت قاعة الانتظار الكبيرة على ما لا يقل عن 40 شخصًا منحوتًا. [9]

المعابد الآشورية

بنيت المعابد في الفترة الآشورية المتأخرة غالبًا كمعابد ذات فناء مع غرفة هيكل طويلة مع نهج المحور المباشر. وتعتبر غرفة الهيكل طويلة وتحديدًا عندما يقع المذبح في منتصف أحد الجوانب القصيرة من الهيكل. ويتشكل المحور المباشر حينما يوضع المدخل الرئيسي للهيكل على خط مباشر مع المذبح. [8]

الزيقورات بين الآشوريين والبابليين

تغيرت نسب الزيقورات في عهد الآشوريين والبابليين فأصبحت أكثر ارتفاعًا وميلًا ولكن بقي المبدأ نفسه.

وبنيت قاعدة زيقورة مدينة دور شاروكين مربعة الشكل 42×42 م. وتكونت من سبع مصاطب ارتفاعها الفردي 6.1م مما يجعل ارتفاعها الإجمالي 42.7 م، وتناقصت مساحات المصاطب كلما ارتفعنا إلى القمة. وبنوا أدراج حلزونية جانبية. وطُليت المصاطب بالألوان وكانت ألوان المصاطب الأربعة الأولى بيضاء، وسوداء، ووردية، وزرقاء على التوالي. ولا يعرف ألوان المصاطب الأخرى بسبب دمارها. [7]

رسم تصوري لزيقورة مدينة دور شاروكين

المقابر الملكية الآشورية

عثر على مقابر الملوك الآشوريين في غرف تحت الأرض في قصر شمشي أداد في آشور. بينما عثر على مقابر الملكات الآشوريات في الجزء الجنوبي من القصر الشمالي الغربي في كالح. وصنعت القبور بالطوب المشوي وكان لدى البعض أبواب حجرية، وعلى الرغم من دفنهم لثروة هائلة من الذهب والمجوهرات في القبور، كانت غرف القبور نفسها صغيرة ومجهزة فقط بالقليل من الكوات. [8]

بعض سمات عمارة الآشوريين

أصبح استخدام الحجر في أساس وبناء المباني شائعًا جدًا في عمارة الآشوريين بسبب استيراده من المناطق الجبلية في الشمال. واستخدموا الحجر الجيري والمرمر لتغطية الجدران الضخمة ولبناء قواعد الأعمدة وسواكف الأبواب وكذلك لرصف قاعات المباني المهمة.

كذلك استخدموا الصخور الصلبة مثل الديوريت والبازلت وغيرها لنحت التماثيل والألواح والمشاهد البارزة. وشيدوا الأعمدة حتى ارتفاع 4 م بالحجر الجيري ووضعوا التاج الحلزوني في نهايتها. وكان مقطع الأعمدة إما مربع أو دائري وبعض الأعمدة مضلعة إما بستة أو ثمانية أضلاع، ونحتوا في القاعدة تماثيل حيوانية. كما حفروا نفق بعمق 25م تحت الأرض لجمع المياه الجوفية. وصنعوا فتحات تهوية فيه على مسافة 42م استخدمت للصيانة ولتنظيف القناة. [7] واستخدموا الشرافات كنهايات علوية للمباني.

وأظهر الآشوريون قدرتهم على تحويل الأراضي الجافة إلى مناطق خصبة. وحققوا ذلك من خلال أعمال البستنة وإنشاء الحدائق النباتية والحيوانية المثيرة للإعجاب. فهكذا كانت العمارة الآشورية وهكذا تميزت عن غيرها، وتركت لنا مدنًا وآثارًا شاهدة على عظمتها.

المصادر

  1. History file
  2. Khan academy
  3. Britannica
  4. Research gate
  5. University of Chicago
  6. Cultural property training resource
  7. Research gate
  8. Silo.tips
  9. Britannica

عمارة حضارة سومر وأكاد في بلاد الرافدين

مع تطور أساليب الري ظهرت فكرة إنشاء المستوطنات، وبدأت تنتشر في وسط بلاد ما بين النهرين لتصل في نهاية المطاف إلى الجنوب حيث ظهرت أولى المدن لدى السومريين. وتميز «عصر ما قبل السلالات- pre strains age» بحوالي 3000-6000ق.م بتوسع وازدهار العديد من المستوطنات الزراعية والتي ساهمت بتطور عمارة حضارة سومر وأكاد. إذ استخدم السومريون أساليب عمارة هذه المستوطنات وطوروها وأضافوا عليها وكذلك فعل الأكاديون لاحقًا. فكيف كانت عمارة حضارة سومر وأكاد؟

عمارة المستوطنات الزراعية

أكواخ القصب

عاش السكان الأوائل في جنوب العراق في منطقة الأهوار بأكواخ من قصب. فحفر البناؤون سلسلة من الثقوب في الأرض، ووضعوا حزمة طويلة من القصب في كل ثقب. فلزم لبناء منزل دائري استخدام سلسلة ثقوب دائرية، بينما استخدِم صفين متوازيين من الثقوب للمنزل المستطيل. وبمجرد إدخال الحزم بإحكام يتم ثني الحزم المقابلة لبعضها البعض وربطها من الأعلى ليتشكل السقف. ثم تغطى بحصر من القصب، وغطّيت أحيانًا بطبقة من الطين في المناطق الأكثر برودة. حيث وفرت حزمة القصب الظل وأعطت بعض العزل. وتطورت بعدها أساليب الإنشاء واستُخدِم اللبن بأنواعه. [1][8]

سامراء

تعود سامراء تقريبًا إلى عام (5500-6000) ق.م. فسكن الناس في منازل من غرف صغيرة وغطّيت أرضيتها بالجص للعمل والمعيشة. بالإضافة إلى وجود غرف لتخزين الطعام وباحات داخلية مع أفران في الهواء الطلق.[2]

حسونة

يقع موقع حسونة جنوب الموصل ويمثل ثقافة قروية متقدمة. ويعود تقريبًا إلى عام (5500-6000) ق.م. وكشفت التنقيبات عن 6 طبقات من المنازل، تزداد كل طبقة تدريجيًا. وعاش شعب حسونة في قرى صغيرة تراوحت مساحتها بين (3.2-0.8) هكتار. وحتى أكبرها كانت أصغر من أريحا حوالي عام 6500 ق.م، فكانت مساحتها تقريبًا 4هكتار. ولم يتجاوز سكان حسونة 500 شخص.

لم يتم العثور على بقايا معمارية في الطبقات الأقدم لذلك افترِض وجود مجتمع شبه بدوي، وعُثر على رماد نيران نتيجةً لذلك يعتقد بأنهم سكنوا الخيام. ووصلت بقايا الجدران في المستوى الثاني إلى ما يقارب 1م. ووجدت جدران متقاطعة بزوايا قائمة، شكلت عدة فراغات في المبنى، بالإضافة إلى فراغات ملحقة لتربية المواشي. ولكن لا يزال الشك قائمًا حول أن المستوطنة تم التخطيط لها.[3]

حلف

يقع تل حلف غرب الخابور أحد روافد نهر الفرات، في سوريا، ويعود تقريبًا لعام (5000-5500) ق.م. ومَثَل تطور القرى الزراعية في أساليب التنظيم وبناء المباني، وقد رُصِفت شوارعه بالحجارة الطبيعية. وسكن لاحقًا من قبل الآراميين.[4]

السومريون

يُعتبر السومريون صانعي الحضارة بمفهومنا الحالي. واستمرت سيطرتهم على جنوب بلاد الرافدين لمدة 2000 سنة تقريبًا قبل أن يتولى البابليون المسؤولية عام 2004 ق.م.

استوطن السومريون المنطقة تقريبًا بين 4000-4500 ق.م على الرغم من احتمالية وصول بعض المستوطنين قبل ذلك بكثير، وعرف هذا الاستيطان المبكر بفترة العُبيد.

فرض السومريون سيطرتهم بحلول عام 3000ق.م على منطقة جنوب بلاد الرافدين. وتألفت حضارتهم من مجموعة من المدن تحولت لمراكز ممالك مدن، ومنها «اريدو-Eridu » و«نيبور-Nippur» و«لجش-Lagash» و«أور-Ur» وأول مدينة في العالم «أوروك-Uruk» في العراق. [5]

الأكاديون

بقيت المنطقة في صراعات ونزاعات دائمة بين الممالك التي سكنتها. وأسس الملك «سركون-Sargon» مدينة «أكادي- agade» في حوالي عام 2300 ق.م في وسط بلاد الرافدين. وتعد أكادي سبب تسمية الأكاديين بهذا الاسم. ووحد الملك المدن المختلفة في المنطقة تحت حكمه. وبعد سقوط سلالة سركون حوالي عام 2150 ق.م تشكلت فكرة نشوء الدولة المركزية الكبيرة. التي وصلت إلى أوجها عند اتحاد الدولة السومرية والأكادية في عهد الأسرة الثالثة في أور 2003-2130 ق.م.[6]

قد يتوقع المرء أن يلاحظ تغييرًا واضحًا في طابع العمارة إثر هذه الأحداث، ولكن الحقيقة ليست كذلك. وربما يرجع ذلك إلى ندرة الأمثلة المستخرجة. إضافةً إلى أن السلالة السركونية قامت بإعادة بناء واستخدام العديد من الأبنية السومرية. ولا تكفي أنقاض المباني للإشارة إلى تغيرات في النمط المعماري أو اكتشاف الابتكارات الإنشائية.[7]

المدن السومرية

أحاط بالمدن السومرية سور بيضوي الشكل غالبًا، ودعم بالأبراج وأحيط به خنادق مائية، واستقرت قرى خارج السور.

ضمت المدن القصور والمباني الدينية بالإضافة إلى قسم الأحياء السكنية والذي يشكل الجزء الأكبر من المدن. وتربط أجزاء المدينة شبكة عفوية من الشوارع والأزقة المتعرجة الضيقة والتي لا تتبع نظامًا معينًا.

وتعد أوروك أقدم مدينة وازدهرت عام 2800 ق.م في العراق، وعاش فيها (80,000-40,000) شخص بين 9.66 كم من الجدران الدفاعية.[5]

ومن أشهر المدن أور في عهد الأسرة الثالثة وتقع عند التقاء نهري الدجلة والفرات، وضمت زيقورة إله القمر نانا.

مخطط مدينة أور في عهد الأسرة الثالثة

المنازل السكنية في عمارة حضارة سومر وأكاد

قسم السومريون الشعب إلى ثلاث طبقات، الطبقة العليا للأغنياء والطبقة الوسطى للعاملين. وتضمنت الطبقة الدنيا العبيد.

مساحة معظم المنازل حوالي 90م² واحتوت على فراغ مركزي مربع مكشوف يدعى الفناء والذي يؤمن الضوء والتهوية إلى الغرف التي تُبنى حوله.

كان المنزل المتوسط عبارة عن مبنى صغير، بُني بطابق واحد من اللبن واحتوى عدة غرف حول الفناء وغطّيت أرضيته بالقصب.

بينما عاش الأغنياء في منازل من طابقين، احتوت على 12-10 غرفة وجُهّزت بأبواب ودرج من خشب. وتكون الطابق الأرضي من غرفة استقبال ومطبخ ومكان للخدم، وكسي المنزل بالجص الأبيض. وتوفرت النوافذ أحيانًا فيه ولكنها صغيرة جدًا ووضعت على ارتفاعات عالية، وعَزَلت بكفاءة جزء المنزل الداخلي من الحرارة الخارجية. وغطّيت الجدران والأرضيات بالحصر المصنوع من القصب والسجاد.[8]

مقطع منظوري للمنازل السومرية

بنيت المنازل على نمط واحد عدا منزل العالم إبراهيم في عهد الأسرة الثالثة في أور. فاحتوى المنزل على مكتبة داخلية وبعض الغرف المتداخلة والمتجاورة والتي يفصل بينها أروقة من أقواس نصف دائرية. ووُجدت أدراج بين الغرف مما يدل أن المنزل بني على مستويات مختلفة.

وكانت المنازل في أور في أوقات لاحقة تحتوي على شبكات ثقيلة لتصريف المياه وتعتبر الأولى من نوعها في ذلك الوقت.[4]

القصور في عمارة حضارة سومر وأكاد

اعتمدت القصور على الأفنية والفراغات المحيطة. بحيث تتجمع الوظائف حول فناء محدد وتتم إحاطة المبنى الناتج بسور خارجي. وضمت القصور قسم التمثيل الحكومي، وقسم سكن الملك وحاشيته، وقسم الخدمات والمستودعات. اكتُشف قصران متماثلان في أريدو في العراق ويعتبران من أقدم قصور المنطقة، أحدهما هو القصر الشمالي الذي بني على شكل مستطيل (68*45) م بالطوب من النوع محدب-مستقيم. احتوى القصر على جدارين سميكين من الخارج مع ممر ضيق لحماية القصر.

وفي حقبة الإمبراطورية الأكادية استُخدم اللبن ذو المقطع العرضي المربع، واعتُبرت القصور أكثر أهمية من المعابد. فبنى الملك نارامسين قصر في تل براك غرب نهر الجغجغ في سوريا، وهو شبيه بالحصن، على شكل مربع تقريبًا (95*90) م وكانت الجدران سميكة حوالي 10 م. وتألف القصر من أربعة أفنية أحدهم أكبر من الآخرين وعدد من الغرف والقاعات.[4]

مسقط قصر الملك نارامسين في تل براك

العمارة الدينية

صنف علماء الآثار المعابد وفقًا لمحاور الدخول وتوضع الحرم المقدس حيث يقيم الإله.

عثر على عدة معابد في أريدو ترجع إلى فترة العُبيد وكانت بسيطة واحتوت على غرفة واحدة. في حين أصبحت المعابد اللاحقة تشبه المنازل ذات الفناء. وضمت المعابد الأهم عدة أفنية ومداخل. ودعّمت وعزلت الجدران الخارجية. والهياكل عبارة عن فراغات مستطيلة طويلة والحرم المقدس في نهايتها واحتوى قاعدة لوضع التمثال.

ويتشكل المحور المنكسر حين يوضع المدخل الرئيسي للهيكل من الضلع الطويل، واستخدم هذا النوع في فترة الأسرة الثالثة ووجد في فترات لاحقة أيضأ. استُمدت معابد أوروك من الفترات السابقة واعتمدت المخطط الثلاثي وهي قاعة مركزية مستطيلة طويلة مع غرف على كلا الجانبين. ومنها معبد العيون في تل براك والمعبد المصبوغ في تل عقير.[9] ويمكن التعرف على المعابد من خلال مظهرها المعماري أيضًا.

المعبد البيضوى

واقتُصر على «فترة الأسر- Dynastic era» مثل معبد خفاجي حيث يلتف سور بيضوي من جدارين حول فناء فيه مصطبة ترتفع 6م فوقها معبد.[9]

معابد المصاطب

وجدت استمرارية في عمارة بلاد الرافدين، مثلًا أعيد بناء معبد في أريدو حتى الألفية الأولى ق.م على الرغم من أن المدينة نفسها هُجرت لفترات طويلة. وأدى تكرار ذلك إلى تشكل مصاطب ارتفعت تدريجيًا عن منسوب الأرض واستخدمت أدراج للوصول إلى المعبد. وعُثر على أقدم هذه المعابد في أريدو، فاكتشفت خمس طبقات من المعابد ومُيّزت من أبعاد الطوب المستخدم.

ومن أشهر المعابد المعبد الأبيض وسمي بذلك لأنه يغطّيه طبقة رقيقة من الجص الأبيض. وبني على مصطبة بارتفاع 13م.[9]

واتبع المخطط الثلاثي وهو مستطيل له ثلاث مداخل لم تواجه الأدراج فاحتاج الزوار للتجول حوله وملاحظة مظهره المشرق والقوي ويعتقد أنه من المحور المنكسر.[10]

مخطط ومنظور للمعبد الأبيض

الزيقورات

تعد الزيقورات تطور لمعابد المصاطب، وهي مصطبة مرتفعة بنيت بأربعة جوانب مائلة مثل الهرم المقطوع من الطوب. وقسمت جدران الزيقورة إلى أجزاء بارزة وغائرة عمودية، ويتم الوصول إلى قمتها عبر درج قاسي يؤدي إلى منحدر اصطناعي (رامب).[10]

يعتبر الملك أورنامو في فترة الأسرة الثالثة أول من بنى زيقورة بالمعنى التقليدي فبناها في مكان بعيد في المدينة موازية للاتجاهات السماوية. بنيت من اللبن المشوي من عدة مصاطب وضمت معبدين.

أشهر زيقورات أور حمراء اللون بسبب استخدام الآجر المشوي بنيت من ثلاث مصاطب وبني المعبد على المصطبة العليا. بنيت الجدران بسمك 2.4م وتخلله ملاط صُنع من القصب والقطران. وارتفعت المصطبة الأولى حوالي 15م والثانية 5.7م والثالثة 3م. وضمت الزيقورة ثلاثة أدراج بارتفاع 12م واحد في الوسط ووقع الآخران على جانبي الزيقورة فانضما إلى الدرج الوسطي واستمرا بالصعود معًا.

بنيت زيقورة أورو بطريقة مختلفة حيث وضعت طبقات من الحصائر المصنوعة من القصب بين طبقات اللبن على مسافات متساوية لزيادة الاتصال بينها. ووضعت حبال في قنوات أفقية اخترقت الزيقورة، يعتقد أنها لتصريف المياه. ووضع البيتومين على الجدران الخارجية وخاصة السفلية لدعمها وللعزل المائي.[4]

زيقورة أور

المقبرة الملكية

بنى الملك أورنامو مقبرة ملكية في أور تحت الأرض، ضمت غرف دفن وممرات غطّيت بأقواس صنعت من الطوب. ويمكن الوصول إليها عن طريق درج والمدخل مميز على شكل مثلث.[4]

مدخل المقبرة الملكية في أور

بعض سمات عمارة حضارة سومر وأكاد

استخدمت الأعمدة في كل الفترات تقريبًا ولكنها لم تشكل جزءًا محوريًا في عمارة حضارة سومر وأكاد كما كانت في عمارة الدولة المصرية القديمة واليونان.

تشكلت واجهات مميزة من خلال تناوب سطوح بارزة وغائرة عند بناء الجدران الخارجية مما أعطت مظهرًا فريدًا وخاصةً مع تناوب الظل والنور.

استخدمت الفسيفساء المخروطية لتزيين الجدران في فترة أوروك المتأخرة. وهي مخاريط من الحجر أو الفخار وطولها 15-10سم ذات أطراف ملونة، تلتصق على طبقة سميكة من الملاط الطيني وتُرتَب لتشكِل أنماط هندسية. ولم يتم العثور عليها بعد فترة أوروك.[9]

أحدثت الأبواب مشكلة إذ كانت واسعة كأطول العوارض المتاحة، فإذا وضع الكثير من الوزن على الجزء العلوي من الساكف يمكن أن يحدث انهيار. فأوجد السومريون الحل وبنوا الأقواس لتشكل مداخل الفراغات وكانت الأولى من نوعها.[1] أثرت عمارة حضارة سومر وأكاد على غيرها من حضارات بلاد الرافدين، ولا تزال تعتبر حتى يومنا هذا من أعرق حضارات العالم بما قدمته من إنجازات عظيمة بمختلف المجالات.

المصادر

  1. Research gate
  2. The history file
  3. Cultural property training resource
  4. Research gate
  5. History
  6. Britannica
  7. Britannica
  8. Ancient pages
  9. Silo.tips
  10. Khan academy

تاريخ عمارة بلاد ما بين النهرين

هل نظرت يومًا إلى ما حولك في المجتمع وتساءلت كيف بدأ كل شيء وكيف نمت أول الحضارات؟ أين تشكلت أول مدينة في العالم وكم تختلف عما نحن عليه الآن؟ دعونا نعود كثيرًا من الزمن إلى الوراء وتحديدًا إلى حوالي عام 150,000 ق.م، إلى منطقة تدعى «بلاد ما بين النهرين-Mesopotamia » وهو اسم يوناني يتكون من شقين وهما «في المنتصف أو بين-meso» و«نهر-potamos».

لنتعرف سويًا على مراحل تطور عمارة بلاد ما بين النهرين، حيث تقع حاليًا بلاد ما بين النهرين في العراق وأجزاء من سوريا، وتركيا وإيران. إذ يشير النهران إلى نهري الدجلة والفرات. وتعرف المنطقة باسم «الهلال الخصيب-«fertile crescent كونها منطقة خصبة محاطة بالمياه. ويطلق لقب الرافدين على نهري الدجلة والفرات.

بداية حضارات بلاد ما بين النهرين

بدأ الناس بالاستقرار في منطقة بلاد ما بين النهرين في بقع صغيرة ومتفرقة. وبعد فترات من الزمن، شكَّلت منازل تلك المجموعات مجتمعات زراعية حيث تحتاج الزراعة إلى عمل جماعي. ازدهر التطور الزراعي بعد تدجين الحيوانات وتطور تقنيات الري التي استفادت من قرب نهري الدجلة والفرات. ومع زيادة احتياجات الحياة اليومية بدأت تتوسع منازلهم. وأخذت هذه المجتمعات بالانتشار واستمرت في النمو لعدة آلاف من السنين حتى شكلت ما نسميه الآن بالمدن، والتي تعتبر من عمل شعب سومر. [1]

على عكس الحضارات الأكثر توحدًا في مصر أو اليونان، ضمت أرض بلاد ما بين النهرين مجموعة مختلطة من حضارات متنوعة. وربطت بينهم فقط آلهتهم، وموقفهم من النساء، والعادات الاجتماعية والقوانين. على سبيل المثال البابليين والآشوريين والآراميين.

ينبغي علينا فهم أن هذه البلاد أنتجت امبراطوريات وممالك متعددة بدلًا من حضارة واحدة. وتعرف بلاد ما بين النهرين بأنها مهد الحضارات وتعود هذه التسمية إلى تطورين حدثا في مملكة سومر في الألفية الرابعة ق.م وهما:

تترك البشرية بصمتها على الأرض من خلال المهارات المعمارية والهندسية والفنية. وبقي جزء من فن بلاد ما بين النهرين إلى يومنا هذا. وتوصف هندسة العمارة في حضارات بلاد ما بين النهرين بالعقلانية والمنطقية. فهي ليست هامة فقط في شكلها الخارجي ومهارة التخطيط ولكنها اعتبرت بيئتها ومناخها محورين أساسين في تكوين حضارتها. [3]

بيئة ومناخ بلاد ما بين النهرين

امتدت البلاد على مساحات طبيعية متباينة، حيث تضمنت صحراء، وسفوح تلال، وسهوب ومستنقعات. ولكنها اشتركت في ميزة وهي ندرة تساقط الأمطار.

تنقسم أرض بلاد ما بين النهرين إلى منطقتين بيئيتين تقريبًا، أسفل البلاد في الجنوب وأعلى البلاد في الشمال. حيث تميزت المنطقة السفلى بشتاء بارد جاف، وصيف حار جدًا وجاف. بينما منطقة الشمال تميزت بشتاء معتدل رطب وصيف جاف وحار. فاعتمدت الزراعة فيها على توزيع مياه النهر بشكل اصطناعي وكانت عرضة للفيضانات الدورية.

تحدد الموارد الطبيعية لأي حضارة إلى حد كبير المواد الانشائية المستخدمة من قبل السكان. وساهمت ثلاث عوامل رئيسية في عمارة وفن بلاد ما بين النهرين وهي:

  • التنظيم السياسي والاجتماعي.
  • دور الدين الهام في في تنظيم شؤون الدولة.
  • تأثير البيئة الطبيعية والقيود العملية التي فرضتها الجيولوجيا والمناخ.

ونرى هذه الأخيرة واضحة في عمارة بلاد ما بين النهرين.

تأثير الموارد الطبيعية على عمليات البناء

تكونت منطقة جنوب بلاد ما بين النهرين من الطين والتراب وافتقرت إلى الحجارة. بينما توافرت الحجارة في الشمال والسهول الآرامية بشكل أكبر. لكن افتقرت المنطقتان إلى الغابات الكثيفة، فالخشب الوحيد الذي كان متاحًا هو خشب النخيل. ولذلك تم اعتماد الطين كمادة بناء أساسية، حيث تم تشكيل اللبن في قوالب مستطيلة وتركت لتجف.

تطور الطوب في عمارة بلاد الرافدين

كان هناك نوعان من الطوب المجفف، الأول المجفف تحت أشعة الشمس والثاني المجفف في الفرن. حيث كان الطوب المجفف في الشمس معمر إلى حدٍ ما ورخيص الإنتاج. في حين كان الطوب المجفف في الفرن مكلفًا لأنه يحتاج إلى حرق وقود، لذلك استُخدم في المباني المرموقة والقصور.

أدرك البناءون بعد ذلك أن خلط الطين بالقش يجعل اللبن أقوى ويمنعه من التشقق. وفي بعض الأحيان تم خلط الطين بالحصى أو الجير لجعله أكثر استقرارًا. واستمر تطوير اللبن كمادة بناء أساسية وعلى مر الزمن تم تغيير مظهره ونسبه.

الرخام في عمارة بلاد الرافدين

وُجد في المنطقة رخام عُرف باسم رخام الموصل، ولكن نقله تطلب الكثير من القوة البشرية وكان ذلك مكلفًا أيضًا لذلك اقتصر استخدامه على القصور والمعابد.

استخدام البيتومين

واستخدم البناؤون مادة «البيتومين-«pitmen الذي تم الحصول عليها من شقوق نهر الفرات. والبيتومين هو نوع من أنواع الاسفلت. كان يستخدم البيتومين كمادة رابطة بسبب خصائصه اللاصقة والمتماسكة واستخدم أيضًا لطلاء الأسطح والأنابيب بسبب خصائصه العازلة للماء.

القصب والبردي والكلس في عمارة بلاد ما بين النهرين

استخدم القصب والبردى أيضًا في مناطق المستنقعات كمادة بناء للمنازل في مراحل معينة. وكذلك الكلس توافر بكثرة واستخدموه للطلاء. فعادةً ما كانت جدران المنازل الطينية السمكية تطلى بالجير لزيادة الإضاءة عبر عكس أشعة الشمس مما يوفر وسيلة للسيطرة على البيئة داخل المنازل. بينما استخدم السكان الحجر في المناطق الجبلية في شمال البلاد.

الميزة الأساسية للطين هو سهولة توافره وسهولة استخدامه وتمنح قدرته الحرارية العالية مزايا التحكم في البيئة الداخلية للفراغ. ويعتبر نظام البناء بالطين صديقًا للبيئة ولا يستهلك الكثير من الطاقة وأكثر فعالية في الظروف المناخية الحاصلة في المنطقة. لذلك يعتبر الخيار الأمثل لعمليات البناء. [4]

السكان القدماء في العراق في العصور الحجرية

تنقسم مراحل حياة القدماء في العراق في العصور الحجرية إلى:

1. «العصر الحجري القديم- «Paleolithic (12000-150000) ق.م

عاش الإنسان القديم في الكهوف منذ حوالي عام 100,000 ق.م في شمال العراق واستخدم حجارتها لصناعة أدواته. ومن أقدم الكهوف التي تم العثور عليها كهف «زوزة-Souza» وكهف «هزارمرد-hazairmrd» في مدينة سليمانية. وتبلغ أبعاد أحد أشهر الكهوف وهو كهف «شانيدر-shanider» في جبل رواندوز حوالي25 م عرض * 8 م ارتفاع مدخل الكهف، بينما بلغ 40 م طول * 53 م عرض من داخل الكهف.

كهف شانيدر

2. «العصر الحجري المتوسط-«mesolata بدأ بحوالي عام 12000 ق.م

انتقل السكان ليعيشوا بالقرب من الكهوف وبدؤوا بالاستقرار وزراعة الأرض. وتعتبر مستوطنة zawe Jamie واحدة من أقدم المستوطنات المكتشفة وتقع على ضفاف نهر الزاب وهو ثاني روافد نهر دجلة، إلى الغرب من كهف شانيدر. فبنى السكان منازلهم من الطين وأخذت شكل دائري بقطر حوالي 4 م وسمك الجدران 1.65 م حيث صنعوا الأساس من حجر كبير طبيعي.

مخطط لمنزل دائري

3. «العصر الحجري الحديث-neolithic age» بدأ بحوالي عام 10000 ق.م

ويقسم بدوره إلى عدة أقسام. تطورت حياة الناس في هذه المرحلة حيث ابتعدوا عن الكهوف وبدؤوا العيش في القرى كمجتمعات زراعية ومن أمثلة ذلك قرية جرمو التي يعود تاريخها إلى عام 6700 ق.م وتقع في الجزء الشمالي من العراق.

المنازل في هذه القرية مستطيلة الشكل وتضم أكثر من غرفة. واستخدموا مادة الطين للبناء، والحجر للأساس، وبنوا الأعمدة، بينما كانت الحوائط محشوة بأغصان الصفصاف والأرضية مغطاة بالطين والخشب، كما استخدم القصب لبناء الأسقف.

ومن نماذج القرى أيضًا قرية جوخ ماري والتي تقع في الشمال الغربي للعراق، حيث وجد أساس لبرج يقع في مدخل القرية. كانت منازل سكان قرية جوخ ماري أيضًا تحتوي على عدد من الغرف والجدران والتي بنيت من اللبن الذي كان ذو نسبة متطاولة. تم ترتيبه في مجموعات من ثلاث أعمدة عمودية وثلاث أعمدة أفقية. [5]

بدأت تكبر المستوطنات بعد ذلك شيئًا فشيئًا وأخذت بالانتشار والتطور لندخل بعدها إلى عصر «ما قبل السلالات-pre strains age» الذي شكل حلقة وصل بين العصور الحجرية وعصور الامبراطوريات والممالك الكبيرة.

المصادر:

  1. History
  2. World history encyclopedia
  3. Britannica
  4. Research
  5. Research

 


 

Exit mobile version