مدينة عنجر المهجورة: تخطيط روماني وبناء لم يكتمل

من الآثار الأموية القليلة الموجودة في لبنان، مدينة كاملة أُنشِئت لتكون مركزًا تجاريًا على نقطة تقاطع للطرق التجارية من بيروت إلى دمشق، ومن حمص إلى طبريا مرورًا بالبقاع، فلنتعرف على مدينة عنجر الأثرية.

موقع وتقسيم مدينة عنجر

الشكل 1: مدينة عنجر كما تظهر على خرائط Google
الشكل 2: مخطط المدينة ويظهر به: 1- قصر الخليفة الكبير، 2- المسجد، 3-القصر الثاني، 4-حمام ومسجد ثاني، 5-منطقة سكنية، 6-شارع رئيسي، 7- شارع ثانوي، 8-تقاطع الشارعين والتترابيل، 9-بوابات المدينة [3]

تقع المدينة على بعد 58كم شرق بيروت، [1] في نقطة التقاء طريقين تجاريين مهمين. أحدهما يصل بين بيروت ودمشق، والآخر يقطع البقاع واصلًا بين حمص وطبريّا.

تم اكتشاف هذه المدينة في أربعينات القرن ال20، حيث أظهرت عمليات التنقيب مدينة مستطيلة الشكل بأبعاد (350×385م) مسوّرة محاطة بجدران وب40 برج (36 برج نصف دائري متصل بالجدران بالإضافة إلى برج في كل زاوية من الزوايا الزوايا الأربعة). [2]

يقطع مدينة عنجر شارع في كلّ من محوريها، محور شمالي-جنوبي رئيسي، ومحور أقل أهمية شرقي-غربي يقسمانها إلى أربع أقسام متساوية. يقع قصر الخليفة الكبير والمسجد في الربع الجنوبي-الشرقي من المدينة ويشغلان القسم الأكثر ارتفاعاً منها. في حين تقع القصور الأصغر والحمامات في الربع الشمالي-الشرقي. وتوزّع الوظائف الثانويّة والمناطق السكنية في الربعين الشمالي-الغربي والجنوبي-الغربي. [3]

الشكل 3: واجهة قصر الخليفة بعد أن تم ترميمها بشكل جزئي

تخطيط وتقنيات بناء رومانية

يعد الشارعان الرئيسيان اللذان يقطعان المدينة مثالًا على تخطيط الشوارع في المدن الرومانية. حيث يوجد المحور الرئيسي (شمال جنوب) الذي يسمى «كاردو ماكسيموس – Cardo Maximus» بعرض 20م والذي كان محاطًا بالمتاجر من الجهتين. ويتقاطع في منتصفه مع الشارع الثانوي الذي يسمى «ديكومانوس ماكسيموس – Decumanus Maximus» الذي كان محاطًا بالمتاجر والدكاكين من الجهتين أيضاً. تم اكتشاف 600 متجرًا أو دكانًا بالمجمل، [4] مما يجعل مدينة عنجر مثالًا على المراكز التجارية الداخلية. [2]

الشكل 4: احد الشارعين الرئيسيين لمدينة عنجر وتظهر في الصورة الأعمدة التي تم بناؤها بشكل جزئي والمتاجر المحيطة بالشارع من الجانبين

نلاحظ في نقطة تقاطع الشارعين وجود أربعة «تترابيلات – Tetrapylons» على الزوايا الأربعة لمفترق الطرق هذا. وقد تمت إعادة بناء أحد التترابيلات بشكل كامل بأعمدته الأربعة. ونلاحظ الكتابات الإغريقية على القواعد والتيجان الكورنثية التي تتميز بأوراق نبات «الأكانتوس – Acanthus» المنحنية. [4]

الشكل 5: التترابيل

كما نلاحظ استخدام تقنية بناء ذات أصل بيزنطي تتألف من صفوف من الحجارة المنحوتة والتي تتناوب مع صفوف من القرميد. هذه التقنية التي استخدمها البيزنطيون للتخفيف من آثار الزلازل. [4] (وتطوّرت لاحقًا في العالم الإسلامي لتعرف باسم “الأبلق“).

الشكل 6: صورة مقرّبة لأحد الجدران في مدينة عنجر تظهر استخدام تقنية صفوف الحجارة المتناوبة

يمكننا رؤية قواعد أعمدة ذات أبعاد متساوية عن بعضها على جانبي الشارعين والعديد من الأعمدة المنهارة والتي كانت جزءًا من رواق كان ممتدًا على جانبي الشارعين. تم إعادة بناء قسم من أعمدته من أجل إعادة تخيّل المشهد. [4]

بناء لم يكتمل

تم تأسيس مدينة عنجر من قبل الخليفة الأموي الوليد الأول (الوليد بن عبد الملك (705-715م)) في بداية القرن 8 الميلادي، ولم يكتمل بناؤها حيث لم تحظَ إلا بفترة قصيرة من الازدهار. إذ هزم الخليفة الأموي ابراهيم بن الوليد في عام 744م ، وبعدها، تم هجر المدينة شبه المدمّرة ليعاد اكتشافها من قبل علماء الآثار في أربعينات القرن ال20 م. أضيفت المدينة إلى قائمة اليونسكو للتراث العالمي في عام 1984م. [2] وتعدّ عنجر مثالًا على تأثّر الحضارات ببعضها من خلال تخطيطها وأسلوب بنائها، ومثالًا على قيام الأمويين بإعادة استخدام الآثار الموجودة والمتوفرة في بناء مبانٍ جديدة.

المصادر

  1. Anjar – Umayyad Route
  2. Anjar – UNESCO World Heritage Centre
  3. phoenician-anjar (pdf)
  4. Aanjar – middleeaast.com
Exit mobile version