ماذا تعرف عن عالم الفيروسات البسيط بتركيبه المُعقّد بألغازه ؟

عالم الفيروسات البسيط بتركيبه المُعقّد بألغازه

لا يهمني معرفة كم تبلغ من العمر، ولكني أملك الثقة كي أؤكد لك أنك على الأقل قد عاصرت انتشار أحد أنواع الفيروسات، ولا بُد أنك قد تكبدت عناء سماع أرقام الضحايا المتزايدة والمخاوف والتحذيرات والتهويلات اللامتناهية.

ولا بُد أنك قد رسمت على وجهك ابتسامة سخرية أو تعجّب لحظة سماعك المعلومات الغريبة التي أخبرك إيّاها أحد أصدقائك عن الفيروسات والمؤامرات السرية التي تُحاك باستخدام هذا السلاح البيولوجي!

دع عنك عزيزي القارئ عبء تلك المعلومات الثقيلة والمزيفة غالبًا، وانطلق معنا في جولة إلى عالم الفيروسات البسيط بتركيبه المُعقّد بألغازه.

ما هو الفيروس؟

بلا أي تعقيدات وبكل بساطة، الفيروس هو مادة وراثية محفوظة في مغلف أو محفظة من البروتين.

وبسبب التركيب البسيط للفيروس فأنه غير قادر على التكاثر من تلقاء نفسه بل يعتمد في ذلك على خلية مستضيفة توفر له العضيات والبيئة الملائمة للتضاعف والتكاثر.

تصنيف الفيروسات

على الرغم من بساطة الفيروسات إلا أنها تضم مجموعات متنوعة وأعداد كبيرة. ولتسهيل دراستها تم وضعها في عدة تصنيفات باستخدام عدة معايير، تختلف من حيث:

الشكل

تتشكل كبسولة البروتين حول المادة الوراثية بعدة أشكال، منها : المحفظة Capsomere ، الكروي Spherical ، اللولبي Helical ، وشكل العشرين وجه Icosahedral .

المادة الوراثية

تحتوي بعض الفيروسات على سلسلة واحدة من جزيء RNA وبعضها يحتوي على سلسلتين، كما يمكن أن تحتوي على سلسلة واحدة أو سلسلتين من جزيء DNA.

نوع الخلية المستضيفة

الفيروسات قادرة على العيش داخل جميع أنواع الخلايا سواء كانت وحيدة أو متعددة، وبشكل عام تقسم إلى فيروسات متطفلة على البكتيريا وفيروسات متطفلة على الكائنات متعددة الخلايا.

آلية عمل الفيروسات داخل الخلايا المستضيفة

تبدأ الحرب بين الفيروس والخلية المستضيفة بالتصاق الفيروس على الغشاء الخارجي للخلية ومن ثم محاولة إدخال المادة الوراثية الخاصة بالفيروس إلى داخل الخلية. تظهر الفيروسات هنا اختلافًا في طريقة إدخالها لمادتها الوراثية، فمنها من تتحد مع الغلاف الخارجي للخلية وتندمج معه وبعدها تفرغ محتواها الجيني، ومنها من تحاول إقناع الخلية بأنها كائن مسالم لا ينوي أي شر كإقناعها أنه قابل للاستهلاك وبذلك تلتف الخلية المسكينة حول الفيروس في عملية تدعى البلعمة Endocytosis، أما إذا واجه الفيروس غلافاً قاسيًا فأنه يحقن مادته الوراثية تمامًا كالإبرة إلى داخل الخلية المستهدفة دون الحاجة إلى دخولها.

في حال كانت المادة الوراثية تتكون من جزيء RNA فإنها تتجه نحو الريبوسوم لتبدأ هناك عملية التشفير وتصنيع بروتين الفيروس والذي يبدأ بدوره بمهاجمة جزيئي DNA و RNA الخلية المنافس والتخلص منهما وذلك لإتاحة فرصة أكبر لتضاعف المادة الوراثية للفيروس وإنتاج نسخ أكثر منه، بعد استنزاف مصادر الخلية، تغادر نسخ الفيروس الخلية متجهةً لخلايا أخرى.

مغادرة الخلية لن تكون سلمية بالطبع، فبعض الفيروسات تحلل غشاء الخلية وبذلك تتحلل الخلية بأكملها، بعضها الآخر تستغل هذا الغشاء وتضغط نفسها باتجاهه متنكرةً به وتستخدمه كوسيلة لمهاجمة باقي الخلايا والتي تتعرف على هذا الغشاء باعتباره خلية صديقة وليس فيروس قاتل.

تاريخ الفيروسات وتطورها

قبل أن نتسائل عن تاريخ الفيروسات لا بُد أن نتسائل عن آلية تحديد هذا التاريخ لكائنات ليس لها أي سجل أحفوري في الصخور -بسبب هشاشتها وعدم قابليتها للحفظ-.

ربما تكون الإجابة صادمة لك، لكن المادة الوراثية الخاصة بك وبكثير من الكائنات الحية يعتبر سجل أحفوري غني للفيروسات، كيف ذلك؟

إليك القصة، هناك نوع من الفيروسات معروف باسم الـ Retrovirus، يحتوي هذا النوع على جزيئات RNA كمادة وراثية، ويحتوي كذلك على بروتين مسؤول عن النسخ المعاكس أي تحويل جزيء RNA الى جزيء DNA، وبالتالي يحول المادة الوراثية الخاصة به إلى DNA، والتي بدورها تندمج مع DNA الخلية، وتتم بعدها باقي العمليات وتصنيع البروتين.

اندماج جزيء الـ DNA الذي يحدث في الخلايا الجنسية كالحيوانات المنوية والبويضات يورَّث للأجيال اللاحقة، وبالتالي يتم حفظ المعلومات الوراثية للفيروس في الكائن الحي وتنتقل من جيل إلى جيل، وبمقارنة تسلسل المادة الوراثية بين الأنواع المختلفة للكائنات الحية يمكننا تحديد عمر الفيروس أو على أقل تقدير معرفة الوقت الذي هاجم فيه هذا الفيروس خلايا الكائن الحي.

هذا بالنسبة لآلية تحديد تاريخ الفيروسات، أما بالنسبة لتاريخ الفيروسات وسبب ظهورها فهناك عدة نماذج مقترحة، نذكر منها:

النموذج الأول Virus first model

يقول بأن بساطة الفيروسات ترجّح أنها تطورت في وقت كانت فيه الحياة بسيطة وأولية أي أنها أقدم من أقدم كائن حي.

فرضية الهروب Escape Theory

تقترح أن الفيروسات تطورت من جينوم الخلايا، حيث أن بعض قطع الجينوم قادرة على قص ونسخ بعضها ونقل نفسها من جزء لآخر خلال سلسلة الحمض النووي، يعتقد العلماء أن أحد هذه القطع كان لها القدرة على تغليف نفسها ببروتين والهرب خارج الخلية.

النموذج الثالث

يقترح أن الفيروسات هي بقايا فيروسات أكبر حجمًا وأكثر تعقيدًا وقربًا للحياة الخلوية، وبعدها طورت علاقة تكافلية مع الكائنات الأخرى. مع ازدياد اعتماد الفيروس على الخلية المستضيفة، تخلى عن تعقيده، وبهذا تحولت العلاقة إلى تطفلية.

كيف تنتقل الفيروسات بين الأنواع المختلفة من الكائنات الحية؟

تتضمن عملية قفز الفيروس بين الأنواع المختلفة من الكائنات الحية ثلاث مراحل أساسية، وهي الاتصال مع الخلية الجديدة ومن ثم مهاجمتها والتضاعف داخلها ومن بعدها الإنتقال لفرد آخر من النوع ذاته.

التحدي الاول يكمن في الارتباط على سطح الخلية بمستقبلات خاصة أو آليات معينة، ومن ثَم دخوله إلى الخلية حيث سيجد الفيروس نفسه في حاجة لتوظيف آليات تكيّف جديدة إضافية لاستغلال الآلة التكاثرية الخاصة بالخلية لصالحه. كما أنه بحاجة إلى تثبيط عمل جهاز المناعة ونشر نسخ منه للخلايا المجاورة. بعد إتمام هذه التحديات بنجاح يصبح الفيروس قادرًا على الإنتقال إلى ضحية أخرى.

لحسن الحظ؛ الاختلافات الجينية بين الخلايا المضيفة تجعل من مهمة القفز بينها أمرًا صعبًا إلى حدٍ ما، لكن سرعة عمليات التكاثر الجنونية وما يرافقها من طفرات جينية ذات تأثير تكيفي – على الرغم من نسبتها القليلة – قادرة على جعل الفيروس ضيفًا جديدًا لدى خلية مستضيفة جديدة.

الأدوية والعقاقير المتوافرة

استطاع العلماء تطوير العديد من العلاجات والتي تعمل على تثبيط مراحل مختلفة في رحلة الفيروس نحو مهاجمة الخلية، حيث يعمل دواء Amantadine و Maraviroc المستخدمين في علاج فيروس الهربس Herpes على إعاقة عملية إختراق الفيروس للخلية. أما Acyclovir و Foscarent فيعملان على تثبيط عملية تصنيع تسلسل الحمض النووي والمادة الوراثية.

Zidovudine يعمل على تثبيط عملية النسخ العكسية، أي تحويل جزيء RNA إلى جزيء DNA وبالتالي يستخدم في علاج فيروس HIV المسبب لمرض نقص المناعة المكتسبة أو الأيدز AIDS، وIndinavir يعمل على تثبيط عملية تصنيع البروتين.

الجدير بالذكر أن هذه العلاجات تُعطى في الحالات الحرجة والخطرة جدًا، ويتم فيها مراعاة توافر عوامل الخطورة، ككبار السن والأطفال والحوامل وتواجد الأمراض المزمنة.

ما هو سبب خوفنا الدائم من الفيروسات ؟

مع توافر العديد من الأدوية ربما يتبادر إلى ذهنك عزيزي القارئ عن سبب خوفنا المستمر من الفيروسات، الإجابة هي أن مفتاح نجاح الفيروسات يكمن في بساطتها.

التركيب البسيط للفيروسات يحد من التراكيب القابلة لتصنيع أدوية وعقاقير لتثبيطها، كما أن سرعة تكاثرها الجنونية وما يرافقها من طفرات تجعل منها مقاومة بصورة سريعة للأدوية المتوافرة.

هل الفيروسات كائنات حية؟

من الطريف حقاً مع كل هذه الجلبة والتساؤلات التي تثيرها الفيروسات تواجد جدل كبير حول تصنيف الفيروس ككائن حي، ففي تعريفنا للفيروس قلنا أنه مادة وراثية وغلاف بروتيني فقط، كما أن الكثير من العلماء يضعون الفيروسات في منطقة رمادية من الأشياء شبه الحية. فالكائنات الحية تتميز بقدرتها على التكاثر والتطور، والمحافظة على بيئة مستقرة داخل خلاياها وصنع طاقتها بنفسها. أما الفيروسات فهي تتكاثر وتتطور لكنها لا تحقق الشرطان الأخيران فكانا السبب لزجّها في تلك المنطقة الرمادية.

سواء اعتبرها الخبراء كائنات حية أو شبه حية فالفيروسات موجودة وتشكل ما يقارب ٨ % من حمضك النووي الخاص والباحثون في كل مكان وبشكل متواصل في بحث دائم مستمر عن الطفرات التي من الممكن أن تتبعها الفيروسات للقفز بين الأنواع المختلفة من الكائنات وأساليب المقاومة التي تطورها ضد الأدوية والعقاقير، ويكمن التحدي الحقيقي في توقع الفيروس الذي سيشكل الكارثة العالمية القادمة.

المصادر:
Novalabs
PBS Eons
NatGeo
Khan Academy
Ted Ed

نظرية التطور: أحافير حية قد تغير المبدأ الأساسي للانتخاب الطبيعي

أثارت نظرية التطور العديد من المناقشات الحماسية. حيث يوجد مبدأ واحد يوافق عليه جميع الخبراء في المجال وهو أنَّ الانتخاب الطبيعي يحدث على مستوى الجينوم.
لكن اكتشف فريق بحثي من جامعة كاليفورنيا مؤخراً دليلاً قاطعاً على أنَّ الانتخاب الطبيعي قد يحدث أيضاً على مستوى فوق الجينوم. يطلق مصطلح فوق الجينوم على مجموعة الملاحظات الكيميائية للجينوم حيث تحدد الجينات التي يجب تنشيطها ومتى وإلى أي مدى يجب ذلك.  يغير الاكتشاف الجديد الفكرة المقبولة على نطاق واسع عن نظرية التطور بأنَّ الانتخاب الطبيعي يعمل حصرياُ على الاختلاف في تسلسل الجينوم.

نظرية التطور: أحافير حية تغير مبدأها الأساسي

نُشرت داسة بتاريخ 16/01/2020 في مجلة الخلية حيث درس الباحثون خميرة « Cryptococcus neoformans »التي تصيب الأشخاص الذين يعانون من ضعف جهاز المناعة وهي مسؤولة عن 20% من وفيات مرضى الإيدز. أظهرت نتائج الدراسة أنًّ الخميرة تحتوي على علامة فوق جينية في تسلسل الحمض النووي الخاص بها، لكن بناءً على التجارب المخبرية والنماذج الإحصائية كان يجب أنْ تختفي العلامة من النوع في وقت ما خلال عصر الديناصورات.

عملية المثيلة

تنشأ علامة المثيل عن عملية ربط مجموعة المثيل في الجينوم حيث تمكنت من الالتحام لمدة تزيد عن 50 عام بعد تاريخ الانتهاء المتوقع.

يقول العالم « Hiten Madhani » أستاذ الكيمياء الحيوية في جامعة كاليفورنيا: « لقد رأينا أنَّ عملية المثيلة يمكن أنْ تخضع للاختلافات الطبيعية ويمكن اختيارها لمدة تزيد عن 50 عام، ويعتبر هذا أسلوب غير مسبوق للتطور ولا يعتمد على التغييرات في تسلسل الحمض النووي للكائن الحي.»

توجد عملية المثيلة في جميع الفقاريات والنباتات بالإضافة إلى العديد من الفطريات والحشرات. لكن تفتقر العديد من الكائنات الحية النموذجية لعملية المثيلة بما في ذلك خميرة الخبز S. cerevisiae والديدان الدائرية C. elegans وذبابة الفاكهة. حيث تنحدر هذه الأنواع من أسلافها القدامى الذين فقدوا إنزيماتهم الضرورية لنقل عملية المثيلة من جيل إلى جيل. لكن كيف نجحت خميرة  C. neoformans في تجنب المصير نفسه؟

كيف حافظت خميرة C. neoformans على المثيلة؟

أظهر الباحثون في الدراسة الجديدة أنّه كان لدى سلف خميرة « C. neoformans » نوعين من الإنزيمات التي تتحكم في مثيلة الحمض النووي. أحدهما يسمى « de novo methyltransferase » وهو المسؤول عن إضافة مجموعة مثيل إلى الحمض النووي المجرد الذي لا يمتلك أي جزيء. أما النوع الآخر فيدعى « maintenance methyltransferase » حيث يقوم هذا الإنزيم بنسخ علامات المثيل التي أضافها إنزيم « de novo methyltransferase » ثم يُرفقها بالحمض النووي الذي لا يمتلك مجموعة مثيل.

لكن بعد ذلك في وقت ما خلال عصر الديناصورات فَقَدَ سلف خميرة «C. neoformans » إنزيم « de novo methyltransferas »، ومنذ ذلك الحين يعيش نسلها بإنزيم واحد مما يجعلها من الأنواع الوحيدة التي تمتلك مثيلة للحمض النووي دون وجود إنزيم « de novo methyltransferas »

نظرية التطور ودور الانتخاب الطبيعي

على الرغم من بقاء إنزيم « maintenance methyltransferase » متاحاً لنسخ أي علامات مثيلة موجودة بالفعل، أظهرت الدراسة أنَّه لولا دور الانتخاب الطبيعي في الحفاظ على المثيلة، فإنَّ الخسارة القديمة لإنزيم « de novo methyltransferas » كان يجب أنْ تؤدي إلى زوال سريع واختفاء نهائي لمثيلة الحمض النووي في خميرة « C. neoformans » .

يمكن أنْ تُفقد علامات المثيلة بشكل عشوائي، مما يعني أنَّه بغض النظر عن دقة نسخ  « maintenance methyltransferase » للعلامات الموجودة على مسارات جديدة للحمض النووي، فإنَّ الفقد المتراكم للمثيل سيترك في النهاية إنزيم الصيانة بدون قالب للعمل.  ورغم تصور العلماء أنَّ الفقد يحدث بوتيرة بطيئة، إلا أنَّ الملاحظات التجريبية سمحت للباحثين بتحديد أنَّ كل علامة مثيلة يمكن أن تختفي من نصف السكان بعد 7500 جيل فقط.

الانتخاب الطبيعي يمتد إلى مافوق الجينوم

لا يُفسِّر الحصول على علامات مثيلة جديدة نادرة وعشوائية استمرار المثيلة في خميرة « C. neoformans »، حيث أظهرت التجارب المخبرية أنَّ معدل نشوء علامات المثيلة الجديدة بالصدفة  أبطأ بنسبة 20% من معدل فقدان المثيلة.خلال فترات الزمن التطورية كانت الخسائر ستهيمن بشكل واضح، وبدون وجود إنزيم « de novo methyltransferas » للتعويض، فإنَّ المثيلة كانت ستختفي من « C. neoformans » في الوقت الذي اختفت فيه الديناصورات لولا ضغوط الانتخاب الطبيعي التي فضلت بقاء المثيلة.

عندما قارن الباحثون مجموعة متنوعة من سلالات خميرة « C. neoformans » التي كان معروفاً أنها تباعدت عن بعضها منذ 5 ملايين عام، وجدوا أنَّ الأمر لم يقتصر على أنَّ جميع السلالات تحتفظ بمثيلة الحمض النووي، بل كانت علامات المثيل تغطي مناطق متشابهة من الجينوم، مما يوحي بأنَّ علامات المثيل في مواقع جينومية معينة تمنح نوعاً من ميزة البقاء.

يقول العالم « Hiten Madhani » بأنَّ الانتخاب الطبيعي يحافظ على المثيلة في مستويات أعلى بكثير مما هو متوقع من عملية محايدة من المكاسب والخسائر العشوائية، حيث يعتبر هذا المكافيء الفوق جيني للتطور الدارويني. ويعود سبب اختيار التطور لهذه العلامات الخاصة إلى أنَّ إحدى وظائف المثيلة الرئيسية هي الدفاع عن الجينوم.

في السابق لم يكن هناك دليل على حدوث هذا النوع من الانتقاء خلال هذه المقاييس الزمنية، ويقول العالم Hiten Madhani: «هذا مفهوم جديد تماماًلكن السؤال المهم الآن هو هل يمكن أن يحدث هذا خارج هذا الظرف الاستثنائي؟ وكيف نجده؟»

المصادر:

Science Daily

CELL

 

انخفاض درجة حرارة جسم الإنسان خلال القرن الماضي

انخفاض درجة حرارة جسم الإنسان خلال القرن الماضي

سواء كنت تعاني من آلام المعدة أو إلتواء في المعصم أو مرض مزمن، يبقى أول إجراء يقوم به الأطباء والممرضون هو قياس درجة حرارتك. وذلك لأن الحرارة الطبيعية تعني أن جسمك على ما يرام أما ارتفاع درجة حرارتك فيعني أن لديك حمى، أي أن جسمك قد يكون يحارب عدوى معينة.

قبل الشروع في كيفية وماهية انخفاض درجة حرارة جسم الإنسان المعاصر، يجب أن نتطرق إلى تاريخ درجة حرارة الجسم العادية.

منذ سنة 1851، توصل طبيب ألماني يدعى كارل رينهولد أوغوست ووندرليش Carl Reinhold August Wunderlich إلى درجة حرارة جسم الإنسان العادية وهي 37 درجة مئوية (ما يعادل 98.6 درجة فهرنهايت)، وذلك بعد قراءة درجة حرارة 25000 مريض ألماني باستخدام مقاييس الحرارة ملتصقة تحت أذرعهم. وعندما كرر الأطباء في الولايات المتحدة وأوروبا هذه التجربة على السكان المحليين، توصلوا الى الرقم نفسه، فبقيت على حالها.

وفي دراسة نُشرت في eLife، اكتشفت جولي بارسونت وزملاؤها اتجاهات درجة حرارة الجسم واستنتجوا أن التغيرات في درجات الحرارة منذ قياسات الطبيب كارل وندرليتش تعكس نمطاً تاريخياً حقيقياً وليس أخطاء القياس أو التحيزات.

أنجزت هذه الدراسة تحت قيادة جولي بارسونت التي تشغل منصب الأستاذ جورج ديفورست بارنيت، وميروسلافا بروتسيف، عالمة أبحاث سابقة في جامعة ستانفورد وتعمل الآن في معهد كارولينسكا.

    جولي بارسونت

ويقترح الباحثون أن الانخفاض في درجة حرارة الجسم هو نتيجة لتغيرات في بيئتنا على مدى 200 سنة الماضية، والتي أدت بدورها إلى تغيرات فسيولوجية.

قامت بارسونت وزملاؤها بتحليل درجات الحرارة من ثلاث مجموعات من بيانات تغطي فترات تاريخية مختلفة. وتمثل المجموعة الأولى، سجلات الخدمة العسكرية، والسجلات الطبية وسجلات المعاشات التقاعدية للمحاربين القدماء في جيش الإتحاد في الحرب الأهلية، حيث تنتمي هذه البيانات للفترة بين عامي 1862 و 1930، وتشمل الأشخاص الذين ولدوا في أوائل القرن التاسع عشر (1800). وتتضمن المجموعة الثانية معطيات من الدراسة الاستقصائية الوطنية للصحة والتغذية في الولايات المتحدة الأمريكية الأولى، وتنتمي هذه البيانات إلى الفترة بين عامي 1971 و 1975. وأخيراً، تتضمن المجموعة الأخيرة قاعدة بيانات المرضى البالغين الذين زاروا مركز ستانفورد للرعاية الصحية بين عامي 2007 و 2017.

واستخدم الباحثون 677423 قياسات الحرارة من البيانات المشار إليها وذلك لوضع نموذج خطي لدرجة حرارة جسم الإنسان مع مرور الوقت. وأكد النموذج انخفاض درجات الحرارة عبر الوقت، بما في ذلك زيادة درجة حرارة الجسم لدى الشباب والنساء وفي الأجسام ذات كتلة مرتفعة وفي أوقات لاحقة من اليوم.

وخلص الباحثون إلى أن درجة حرارة جسم الرجال الذين ولدوا في أوائل إلى منتصف التسعينات أقل في المتوسط ب 1.06 درجة فهرنهايت من الرجال الذين ولدوا في أوائل القرن التاسع عشر (1800s). كما خلصوا إلى أن درجة حرارة جسم النساء اللائي ولدن في أوائل إلى منتصف التسعينات تقل في المتوسط بمقدار 0.58 درجة فهرنهايت عن النساء اللائي ولدن في التسعينات من القرن التاسع عشر. وتؤول هذه الحسابات انخفاضا في درجة حرارة الجسم بمقدار 0.05 درجة فهرنهايت في كل عقد.

وكجزء من الدراسة، بحثت المؤلفتان في إمكانية أن يعكس الانخفاض التحسينات في تكنولوجيا مقاييس الحرارة، حيث أن تلك المستعملة اليوم أكثر دقة بكثير من تلك التي استُعملت قبل قرنين.
وتقول بارسونِت: « لقد بدأت مقاييس الحرارة لتوها في القرن التاسع عشر».

في حين أن المؤلفتين على ثقة من وجود انخفاض في درجات الحرارة، تعتبر التأثيرات القوية التي يحدثها العمر ونوع الجنس ووقت اليوم على درجة حرارة الجسم سببا يحول دون التوصل إلى تعريف مستحدث لمتوسط درجة حرارة الجسم.

أسباب انخفاض درجة حرارة جسم الإنسان خلال القرن الماضي:

يمكن تفسير الانخفاض في متوسط درجة حرارة الجسم في الولايات المتحدة بانخفاض في معدل الأيض أو بكمية الطاقة المستخدمة. وتفترض المؤلفتان أن هذا الانخفاض قد يكون راجعاً إلى انخفاض الإلتهابات على مستوى السكاني.

قالت جولي بارسونت: تنتج الإلتهابات كافة أنواع البروتينات والسيتوكينات التي ترفع من معدل الأيض وترفع درجة الحرارة.

وقد تحسنت الصحة العامة تحسنا كبيرا في السنوات المائتي (200) الماضية نتيجة التقدم في العلاجات الطبية، وتحسن النظافة، وزيادة توافر الأغذية، وتحسن مستويات المعيشة. وتفترض جولي وميروسلافا أن الحياة المريحة في درجات الحرارة المحيطة الثابتة تساهم في انخفاض معدل الأيض. فالتدفئة في بيوت القرن التاسع عشر غير منتظمة ولا يوجد التبريد في ذلك الوقت، أما اليوم أصبحت التدفئة المركزية وتكييف الهواء من الأمور الشائعة. فالبيئة الأكثر ثباتاً تزيل الحاجة إلى استعمال الطاقة للمحافظة على درجة حرارة الجسم الثابتة.

قالت بارسونِت: « من الناحية الفيزيولوجية، نحن مختلفون تماما عما كنا عليه في الماضي. لقد تغيرت البيئة التي نعيش فيها، بما في ذلك درجة الحرارة في بيوتنا، والتلامس مع الكائنات المجهرية، والغذاء الذي نتناوله. كل هذه الأشياء تعني أننا لسنا متشابهين، لأننا في الواقع نتغير فيزيولوجيا. »

 

المصادر: 1.هنا 2.هنا 3.هنا 4.هنا.  الدراسة الرسمية من هنا.

ملاحظة الكاتبة: هناك تفاوت كبير في بعض الأرقام المشار إليها في جميع المصادر المعتمدة لكتابة المقال لذلك تم اعتماد معطيات الدراسة الأصلية ومقال جامعة ستانفورد.

حاصلة على جائزة نوبل تتراجع عن ورقة بحثية.

حاصلة على جائزة نوبل تتراجع عن ورقة بحثية.

 

العالمة الأميركية فرانسيس أرنولد Frances Arnold  الحاصلة على جائزة نوبل في الكيمياء عام ٢٠١٨ بالمقاسمة مع العالمين جورج سميث George Smith  والعالم جريجوري وينتر Gregory Winter  عن أبحاثها الرائدة على الانزيمات، فلماذا حاصلة على جائزة نوبل تتراجع عن ورقة بحثية.

 

ورقة بحثية شاركت العالمة أرنولد بكتابتها مع  Inho Cho  و Zhi-Jun Jia  والتي كانت عن البناء الانزيمي للبيتا لاكتام beta-lactams المنشورة في مجلة Science   في شهر أيار من العام الماضي، تم التراجع عنها بسبب عدم قابلية النتائج للتكرار وإعادة الإنتاج، كما وجد الباحثون بيانات ناقصة في دفتر ملاحظات المختبر.

 

إعادة الإنتاج أو التكرار Reproduce  هي جزء أساسي مهم في التجارب العلمية؛ فنجاح أي تجربة يعني إمكانية تكرارها والحصول على النتائج ذاتها ضمن الظروف ذاتها.

 

السيدة أرنولد أعلنت عن خبر التراجع بنفسها في تغريدة لها على موقع تويتر في الثاني من كانون الثاني الجاري :

“ في أول تغريدة لي هذا العام عن موضوع يخص العمل، ينتابني ضجر شديد بسبب تراجعنا عن الورقة البحثية التي صدرت العام الماضي حول البناء الانزيمي للبيتا لاكتام، عملنا لم يكن قابلا لإعادة التكرار”

 

وأعقبت :

“  الإعتراف مؤلم لكنه ضروري جدا، أعتذر لكم جميعاً فقد كنت مشغولة عندما تم إعتماد النتائج ولم أقم بعملي بشكلٍ جيد “

 

كما نشرت مجلة Science   ملاحظة توضح سبب التراجع عن الورقة:

“  الجهود التي بُذلت لإعادة تكرار النتائج أظهرت أن الإنزيم لا يقوم بتحفيز التفاعل ضمن المعايير والإعتبارات التي تم إدعائها، كما أظهر الفحص الدقيق لملاحظات المختبر الأولية فقدان بعض المدخلات المتزامنة و البيانات الأصيلة والتي تشكل مفتاحا للتجربة، لذلك تراجع كاتبوا الورقة عنها”

 

في تموز ٢٠١٨ أظهرت مجلة Nature   أن هناك تزايد ملحوظ ومنذر بالخطر في النتائج الغير قابلة لإعادة التكرار، ففي مسح للمجلة أظهرت النتائج أن أكثر من ثلثي الباحثين حاولوا تكرار تجارب علماء آخرين وفشلوا في ذلك .

 

التعامل مع تغريد السيدة أرنولد كان إيجابيا للغاية، نذكر منه الباحث في كلية  Kings  في لندن العالم Dominique Hoogland   :

“  إسمحي لي رجاءً أن أعبر عن إحترامي بسبب لفت إنتباه الجميع نحو ذلك، هذا يبين لنا أن الجميع يخطيء، والتصرف الصحيح يكون بتصحيح الخطأ، شكراً لك “

 

السيدة ارنولد مهندسة كيمائية مقتدرة من طراز رفيع، حصدت جائزة الألفية للتكنولوجيا في الكيمياء نتيجة عملها على التطور الموجّه، بالإضافة لذلك هي عضو في مجلس إدارة شركة ألفابيت؛ شركة غوغل الأم.

 

هل تتعامل أدمغة الكلاب مع الأرقام كما نفعل؟

عندما يتعلق الأمر بالأرقام، فإن بعض الأشياء فطرية، مثل قدرتنا على تقدير عدد الأشياء التي نراها.

هذه القدرة موجودةٌ حتى عند الأطفال حديثي الولادة، الذين يمكنهم معرفة الفرق بين الكميات المتشابهة والكميات المختلفة من الأشياء، ولكنهاليست مجرد مهارةٍ إنسانية.

ومثل هذه المعربفة بالأرقام الّتي لا تنطوي على الفكر أو التعلم المجرد للأعداد، شوهد في جميع أنحاء المملكة الحيوانية، من القرود، إلىالأسماك والنحل.

بمساعدة بعض الكلاب، وجد فريق بحث من جامعة إيموري الآن أن أجزاء من أدمغتنا المشاركة في العد قد تم الحفاظ عليها على الأقل منذأن اتخذت الكلاب والبشر مسارات تطورية مختلفة منذ حوالي 90 إلى 100 مليون سنة.

تقول عالمة النفس الإدراكي لورين أوليت:

“لقد ذهبنا مباشرةً إلى المصدر، نلاحظ أدمغة الكلاب، للحصول على فهمٍ مباشرٍ لما تفعله خلاياهم العصبية عندما شاهدت الكلاب كمياتمتفاوتة من النقاط. مما سمح لنا بتجاوز نقاط الضعف السابقة في الدراسات السلوكية للكلاب وبعض الأنواع الأخرى.”

قام الباحثون بتدريب 11 كلبًا من الذكور والإناث، للدخول والجلوس بلا حراك في «التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي-functional MRI». هذه هي نقطة الاختلاف الرئيسية مع الدراسات السابقة، حيث تم تدريب الكلاب ومكافأتهم على أداء المهام.

ثم لاحظوا كيف استجابت أدمغة الكلاب لرؤية أعداد متغيرة من النقاط على الشاشة.

أصبحت ثمانية من 11 منطقة من المناطق الجِدارِيَّةُ الصُّدْغِيَّة للكلاب أكثر كثافةً عندما كانت نسبة تغيير النقاط على الشاشة أكبر، علىسبيل المثال 2:10 مقابل 4:8.

لكن أدمغتهم لم تستجب بنفس الطريقة عندما تغير حجم ومواقع النقاط، بينما بقيت النسبة كما هي.

هذا يدل على أن الكلاب كانت تستجيب على وجه التحديد إلى الاختلاف في الكمية. إن مناطق الدماغ التي تنشط تشبه تلك التي تظهر عندالرئيسيات- بما في ذلك البشر- عندما تتعامل مع الكميات، مما يشير إلى أن «نظام الأعداد التقريبية-approximate number system» لدينا هو آلية عصبية محفوظة.

أظهر الأبحاث السابقة أن الكلاب يمكن أن تعد إلى خمسة ولديهم فهم أساسي للرياضيات البسيطة. على سبيل المثال، يمكنهم معرفة الخطأفي 1+1=1 أو 1+1=3.

وتؤكد هذه الدراسة الجديدة أن الكلاب يمكنها حقًا إدراك الكميات العددية، ودون تدريبٍ بشري.

تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أن القدرة على تمثيل الأعداد والآليات التي تدعم هذا النظام يتم الحفاظ عليها بعمقٍ عبر الزمنالتطوري، ربما بسبب دورها المهم في البحث عن الطعام أو الافتراس .

بإمكانكم قراءةُ الدراسة كاملةً في Biology Letters.

المصدر: Science Alert

إقرأ أيضًا: هل يتغير التركيب الجيني للحيوانات المنوية بسبب تدخين الحشيش؟

هل سينقرض لون العيون الأزرق !

هل سينقرض لون العيون الأزرق !

 

يمتلك ٨% من سكان العالم عيونا زرقاء، هذه النسبة تصبح الضعف لدى سكان الولايات المتحدة الأميركية ، لكنها ستبقى أقل بكثير اذا ما قورنت بالقرن العشرين ، حيث كان نصف السكان أصحاب عيون زرقاء، فما الذي حدث؟ هل سينقرض لون العيون الأزرق !

 

البدايات

 

دعونا نعود للبدايات، قبل عشرة الآف عام تحديدا، حيث لم يكن لذوي العيون الزرقاء وجود، وقد كانت البداية في جنوب غرب اوروبا بسبب طفرة جينية أثرت على جين OCA 2، وهو جين مسؤول عن انتاج صبغة الميلانين، التي تعطي اللون البني للعيون، والشعر، والجلد، أعطت الطفرة نوع من التغيير الثنائي للصبغة، ولكنها لم تؤثر بشكل كامل على الجين، بالمقابل أثرت على إنتاج الميلانين في القزحية – الجزؤ الحلقي الملون حول العين والذي ينظم عملية مرور الضوء – تتكون القزحية من طبقة من الخلايا قادرة على انتاج الميلانين تدعى السُدى، والطفرة التي حدثت في جين OCA2 قللت إنتاج الميلانين في السُدى، لكنها لم تغير كمية الإنتاج لدى خلايا الشعر أو الجلد.

 

إذا لماذا أصبحت زرقاء؟

 

لنتفق أن العيون الزرقاء ليست زرقاء تماما، بل إن خلايا السُدى تكون تقريبا بلا لون، وتشتت الضوء، وإنكساره يعطي طولاً موجيا قصيرا الذي يترجم للون الأزرق، تماما كالطريقة التي تجعل الدخان، والضباب يبدوان باللون الأزرق عندما يمر الضوء من خلالهما.

إذا إحتوت السُدى على صبغة باللون الأصفر سيندمج الأزرق مع الأصفر ليعطي اللون الأخضر، أما إذا إحتوت خلايا السُدى على القليل من الصبغة البنية سيظهر لنا لون العيون البندقي.

 

رأي العلماء

 

يرى بعض العلماء أن سبب إنتشار اصحاب العيون الزرقاء القارة الأوروبية، هو أن هذه الطفرة قد ساعدت على منع نوع من أمراض العيون المرتبطة بشتاء الشمال الأسود الطويل، لكن هناك عامل أخر مهم، حيث أن تزواج أصحاب العيون الزرقاء هو ما يدفع عجلة هذه الصفة للأمام.

دعونا نوضح لكم كيف يتم ذلك، لكل جين هناك أكثر من نسخة تدعى أليل، واحدة من الأم والأخرى من الأب، ووجود أليل واحد مسيطر كفيل بظهور الصفة، في المقابل يعد أليل اللون الأزرق أليلا متنحياً، مما يعني أن التقاء أليلين أحدهما أزرق، والأخر بني سينتج عنه عيون ذات لون بني، لكن صاحبها سيكون حامل لأليل اللون الأزرق وسيكون قادرا على نقله للجيل التالي.

هذا بدوره يوصلنا لنقطة مفادها أن أول شخص إمتلك طفرة العيون الزرقاء لم يكن صاحب عيون زرقاء، بل مرر هذا اللأليل للاجيال اللاحقة، وعندما تم اللقاء أخيراً بين أليلين للون العيون الأزرق ظهر أول إنسان ذو عيون زرقاء.

 

لن نذهب بعيداً ونقول أن لون العيون الزرقاء سيكون بخطر، لكن من الأحوط القول أن أصحاب العيون الزرقاء سيبقون دائما من الأقليات.

 

المصدر

النباتات سارقة الجينات!

النباتات سارقة الجينات!

اكتشف علماء نباتات قادرة على إتخاذ طريق مختصر نحو التطور عن طريق سرقة جينات من جيرانها، افترضت النتائج أن النباتات سارقة الجينات قادرة بصورة طبيعية على تعديل جيناتها لكسب ميزات تنافسية.

أهمية الاكتشاف

فهم آلية حدوث قد يتيح الفرصة للعلماء على تقليل خطر هروب الجينات من المحاصيل المعدلة وراثياً وبالتالي إمكانية انتاج «النباتات الخارقة »، تتم عملية هروب الجينات من النباتات المعدلة جينياً إلى النباتات البرية تحدث عند إنتقال الجينات للنباتات البرية جاعلةً إياها مقاومة للحشرات.

منذ داروين، جزء كبير من نظرية التطور بُنيَ على الأساس المشهور المعروف بالإنتقاء الطبيعي الذي يعمل على الجينات التي يتم تمريرها من جيل الآباء، لكن باحثون من قسم علم النبات والحيوان في جامعة شيفيلد وجدوا أن بعض النباتات قد كسرت هذه القاعدة.

التمرير الجانبي للجينات يسمح للكائن الحي بتجاوز بعض خطوات التطور والتقدم لبداية الصف عن طريق كسب جينات من أصناف بعيدة، يقول الدكتور «Luke Dunning» :

” هذه النباتات ببساطة تسرق الجينات وتتطور بخطوات مختصرة، إنها تعمل كالإسفنجة حيث أنها تمتص المعلومات الجينية من جيرانها، وتعيش في موطن عدائي بدون أن تضيع ملايين السنين التي تحتاجها بالعادة لتحصيل هذه التكيفات”.

يرى العلماء هذه النباتات ذات أهمية إقتصادية وبيئية كبيرة، وتتضمن العديد من المحاصيل الأكثر زراعة في العالم، مثل: القمح، الأرز، الذرة، السرغوم وقصب السكر.

الدراسة

نشرت الورقة البحثية في صحيفة Proceedings of The National Academy of Science
وضّحت الورقة الآلية التي قام العلماء من خلالها بإيجاد تسلسل وتجميع جينوم نبات Alloteropsis Semialata .

قارن العلماء جينوم Alloteropsis Semialata مع جينوم 150 نوع من المحاصيل كالأرز، الذرة والخيزران وحددوا الجينات التي أكتسبت جانبياً عن طريق مقارنة التشابهات في تسلسل الحمض النووي المكّون الأساسي لهذه الجينات.

يقول الدكتور Dunning :

” جمعنا عينات من نبات Alloteropsis Semialata من مناطق استوائية وأخرى شبه استوائية متوزعة بين قارة اسيا، افريقيا واستراليا لنتمكن بذلك من تتبع مكان وزمان حدوث الانتقال، الجينات المزيفة الإضافية تعطي المحاصيل ميزة إضافية وتساعدها على التكيف مع البيئة المحيطة، أظهر البحث كذلك أن هذا الإنتقال ليس مقتصراً على Alloteropsis Semialata بل تم تحديده في عدد كبير من أنواع المحاصيل الأخرى، ربما يساعدنا هذا البحث على إعادة النظر بكيفية التعامل مع تكنولوجيا التعديل الجيني بما ان المحاصيل استغلت عملية مشابهة بصورة طبيعية، إضافةً إلى ذلك، قد يساعدنا البحث في فهم الكيفية التي يستطيع الجين من خلالها الهرب من المحاصيل المعدلة وراثياً إلى الأنواع البرية أو غير معدلة. الخطوة القادمة ستكون في محاولة لفهم الآلية الحيوية التي تقف وراء هذه الظاهرة، وسنقوم بالعديد من التجارب والدراسات لمعرفة الإجابة. “

المصدر

اكتشاف جمجمة شبه كاملة لسلف أحفورة “لوسي” الشهيرة

اكتشاف جمجمة شبه كاملة لسلف أحفورة “لوسي” الشهيرة

اكتشف علماء الحفريات جمجمة شبه كاملة لحفرية أوسترالوبيتيك الأنامي في إثيوبيا، يعود تاريخها إلى 3.8 مليون عام، ممايشير إلى أن الأنامي ربما تداخل مع نوع أوسترالوبيتيك العفاري (النوع التي تنحدر منه أحفورة لوسي lucy الشهيرة) لمدة لا تقل عن 100.000 عام.

يسلط هذا الاكتشاف الضوء على أوجه التشابه مع لوسي وهي عينة من (أوسترالوبيتيك العفاري) تم اكتشافها عام 1974م ويعود تاريخها إلى حوالي 3.2 مليون سنة ولكن مع وجود بعض الاختلافات الملحوظة بين العينتين.

وقد صرح المؤلف المشارك في الدراسة يوهانس هيل سيلاسي وهو عالم في الحفريات في متحف كليفلاند للتاريخ الطبيعي: “ماعرفناه عن أوسترالوبيتيك الأنامي حتى الآن كان مقتصراً على بقايا فك وأسنان، لم يكن لدينا أي بقايا للوجه أو الجمجمة باستثناء جزء صغير واحد بالقرب من منطقة الأذن”.

وقد تغير كل ذلك في 10 شباط 2016، عندما عثر سيلاسي وزملاؤه على قطعتين كبيرتين لجمجمة في جودايا في منطقة عفار في أثيوبيا. وقالت بيفرلي سايلور أستاذة علم طبقات الأرض والرواسب بجامعة at Case Western Reserve University : “كانت الحفرية مدفونة في رمل دلتا تابعة لنهر قديم، يصب هذا النهر في شاطئ بحيرة”.

جمجمة شبه كاملة لسلف أحفورة “لوسي”

وقال هيل سيلاسي: “ربما كان يعيش هذا السلف على طول النهر وشواطئ هذه البحيرة، كانت هذه الشواطئ عبارة عن غابات ولكن المنطقة المحيطة بها كانت قاحلة”. قامت سايلور وزملاؤها بتحديد عمر الحفرية بثقة من خلال تأريخ المعادن والرماد البركاني في المنطقة، وتبين أنها تعود إلى 3.8 مليون عام، ويعتقد العلماء أن العينة تعود إلى ذكر استناداً إلى حجم العظام.

وقالت أميلي بوديت عالمة أنثروبولوجيا الحفريات بجامعة Witwatersrand: “هذه العينة تملأ فجوة مهمة في معرفتنا للتشريح القحفي للأسترالوبيثيك خلال هذه الفترة، الحفرية لا تكشف فقط عن المزيد من التغييرات في أسترالوبيثيك عبر الزمن، ولكنها قد تساعد في إلقاء الضوء على الروابط الجغرافية بين الأنواع، إن الجمجمة تشترك في السمات مع أوسترالوبيتيك الأفريقي، وهو نوع منقرض موجود في جنوب إفريقيا.

وقد أفاد الباحثون لمجلة Nature أن وجه هذا السلف لم يكن ضخمًا تمامًا أو قاسيًا مثل لوسي ، لكنها لا تزال تُعتبر غليظة. كانت الأنياب أصغر من تلك الموجودة في البشر القدامى ولكنها أكبر من تلك التي لدى أسترالوبيثيك العفاري مثل لوسي. الفك السفلي بارز مثل القرود. وهذا مختلف تمامًا عن الوجوه المسطحة نسبيًا للإنسان الحديث والأنواع الأخرى من جنس Homo ، التي تطورت لأول مرة منذ حوالي 2.8 مليون عام.

وقالت ستيفاني ميليلو مؤلفة مشاركة في الدراسة، وهي عالمة الحفريات في معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا التطورية في ألمانيا: “إن العظام الكبيرة لأستروبيتك ربما تطورت لمساعدة هؤلاء الأسلاف على مضغ الأطعمة القاسية”. وقال هيل سيلاسي إن الوجوه الأكثر نعومة للإنسان ربما تطورت مع انتقال أجداد البشر إلى مواطن أكثر انفتاحًا في الأراضي العشبية، عندما بدأوا بدمج اللحوم في وجباتهم الغذائية، مما أدى إلى تغذية أدمغة أكبر حجماً وتقليل الحاجة إلى المضغ.

الأحفورة الجديدة تضيف دليلاً جديداً على أن البشر الأوائل كانوا مجموعات متنوعة، حيث أن أشكال الجماجم والأسنان الموجودة في الأوسترالوبيتيك العفاري والأنامي مختلفة تمامًا. وقال هيل سيلاسي إن جزءًا آخر من جمجمة يرجع تاريخها إلى 3.9 مليون عام، عثر عليها في موقع العواش الأوسط في إثيوبيا، تعود إلى أوسترالوبيتيك العفاري هذا يعني أن أوسترالوبيتيك الأنامي لم ينقرض إلا بعد 100000 عام على الأقل من ظهور أوسترالوبيتيك العفاري على الساحة.

اعتقد العلماء سابقاً أن أسترالوبتيك الأنامي قد تطور بشكل تدريجي إلى استرالوبتيك العفاري، لكن هذا الاكتشاف يشير إلى أن هذين النوعين كانا يعيشان معاً في عفار، وهذا يغير فهمنا للعملية التطورية، ويجعلنا نطرح أسئلة جديدة مثل هل كانت هذه الأنواع تنتافس على الغذاء أو المكان؟

المصدر: live science

Exit mobile version