كيف استخدمت الموصلية الفائقة في صناعة المجسات الفوتونية ؟

تعمل عيوننا كمجسات للضوء شديدة الحساسية، حيث تعينان شدة الأشعة الساقطة عليهما ولونها وانتشارها في الفضاء. وتمتلك شبكية العين البشرية من (البكسلات) أكثر مما تمتلكه آلة تصوير رقمية. ففي الشبكية نحو ستة ملايين من الخلايا المخروطية التي تتحسس باللون وأكثر من 100 مليون من الخلايا الأسطوانية المسؤولة عن الرؤيا في الظلام. والعيون حساسة جداً، حيث أن خلية واحدة أسطوانية معتادة على الظلام يمكن أن تطلق إشارة إلي الدماغ عند امتصاصها جسيما واحداً من جسيمات الضوء (فوتوناً). والفوتون هو أصغر وحدة كمومية من موجة كهرومغناطيسية. وتلزم ست فقط من إشارات الفوتون الواحد لكي يري الدماغ ومضة. لكن العيون وآلات التصوير التجارية بعيدة عن أن تكون مثالية للعديد من المهمات. لأنها لا تستطيع أن تكشف سوى تلك الفوتونات التي تقع تردداتها في المدي المرئي الضيق. وأكثر من ذلك فإن قدراتها اللونية لا تتضمن قياس التردد المضبوط  لكل فوتون. ومن هنا أتى احتياجنا الكبير لمجسات فوتونية علمية وصناعية قادرة على كشف المجالات الكهرومغناطيسية التي تقع خارج مدي الضوء المرئي. نريد مجسات فوتونية قادرة على التقاط عوالم الأشعة تحت الحمراء والموجات الميكروية، حيث الترددات منخفضة (الأطوال الموجية طويلة، والطاقة منخفضة).

يفتقر العلماء بصورة خاصة، بالنسبة إلي الأطوال الموجية المرئية والأطول منها، إلي أجهزة قادرة علي رؤية فوتون منفرد وعلي تمييز تردده، ومن ثم طاقته بأي دقة كانت. حيث إن تعيين تردد الفوتونات يفتح الباب أمام ثروة من المعلومات حول المادة المصدرة لهذه الفوتونات. إن كشف الفوتونات بابتكار مجسات أساسها الموصلية الفائقة، بإمكانها القيام بمثل تلك القياسات الدقيقة وبأمور أخرى غير عادية. إذ أن هذه الأدوات الجديدة تحسن حساسية القياسات على مدى الطيف الكهرومغناطيسي من الموجات الراديوية إلي الضوء المرئي إلي أشعة جاما تحسينا مذهلا.

هشاشة الموصلات الفائقة ودورها في صناعة مجسات فوتونية

من الغريب أن تكون خاصية التوصيلية الفائقة التي نتج عن استخدامها في تطبيقات مثل نقل القدرة الكهربائية، هي بالضبط الميزة التي احتاجها العلماء لصناعة مجسات للفوتونات. فالموصلية الفائقة التي هي سريان التيار الكهربي من دون مقاومة، وتنشأ حين ترتبط الإلكترونات فى مادة مناسبة بعضها ببعض لتشكل ما يسمي أزواج كوبر Cooper pairs.

تسري أزواج كوبر عندئذ كمائع فائق. وهناك تأثير ميكانيكي كمومي مفاده أن الموصلية الفائقة لا تحدث فى المادة إلا حين تُبَرد هذه المادة إلي درجة حرارة منخفضة جداً، وتدعي حرارة التحول الحرجة لتلك المادة. وتبريد المادة ينقص اهتزاز ذراتها. فإذا ارتفعت درجة الحرارة فوق حرارة العتبة (Threshold)، أبعدت الطاقة الحرارية للتصادمات الإهتزازية الإلكترونين الشريكين في أزواج كوبر أحدهما عن الآخر. وأزالت بذلك الموصلية الفائقة. وبسبب هذه الحساسية للحرارة لا بد من تبريد العديد من الموصلات الفائقة إلي درجات قليلة فقط فوق الصفر المطلق ( درجة 0 كلفن تساوي 273.15-). وتحتاج بعض الأنواع إلي درجات حرارة منخفضة لا تتجاوز أجزاء قليلة من المئة من الكلفن.

هشاشة مفيدة

ولكن هشاشة الموصلية الفائقة بحد ذاتها هي الصفة التي تجعلها مناسبة بصورة مثالية للاستخدام فى المجسات الحساسة. وتعتمد مجسات الفوتونات فائقة الموصلية علي مقدرة طاقة فوتون منفرد علي تمزيق الآلاف من أزواج كوبر. عندئذ يمكن قياس التغير في حالة الموصلية الفائقة بعدة طرق بهدف الكشف عن الطاقة التي أعطاها الفوتون أي لصناعة المجسات الفوتونية. ولما كانت طاقة الفوتون متناسبة مع تردده، فإن هذا القياس يدل علي تردد الفوتون. وهذا هو المفتاح للحصول على معلومات عن الجسم الذي أتى الفوتون منه. [1]

تعمل المجسات شبه الموصلة العاملة عند درجة الحرارة العادية، مثل الأجهزة ذات الشحنات المقترنة Charged-coupled devices الموجودة في آلة تصوير رقمية، بواسطة تشويش حالة كمومية في المادة. ففي حالة الجهاز CCD، يصدم فوتون الضوء المرئي إلكترونا فيخرجه من نطاق طاقة في بلورة شبه موصلة. ولكن الإلكترونات مرتبطة ارتباطا قويا فى هذه النطاقات، لدرجة أن كل فوتون لا يحرر عادة سوي إلكترونا واحد. وهذا التحرير قليل جداً لدرجة أنه لا يكفي لتحديد تردد الفوتون. ونتيجة لذلك لا يستطيع الجهاز CCD تعيين لون الفوتون مباشرة. أما الآلات الرقمية فتشكل صوراً ملونة باستخدامها مجموعة مرشحات، أحدهما أحمر والآخر أخضر والثالث أزرق، ولا تمرر سوى الفوتونات التي تقع تردداتها في هذه المجالات. وعلي النقيض من ذلك، فإن بإمكان فوتون مرئي واحد فصل الآلاف من أزواج كوبر فى الموصل الفائق. ويتيح تكوين آلاف الإثارات قياس الطاقة قياسا دقيقا.

أنواع المجسات الفوتونية فائقة التوصيل

تصنف المجسات التي تعمل علي تحسس تمزق الموصلية الفائقة فى صنفين رئيسيين. النوع الحراري الذي يبرد حتي درجة حرارته الانتقالية بالضبط، وعندها لا يكون إلا جزئيا في حالة الموصلية الفائقة وتكون الإثارات الحرارية علي وشك أن تخرب الموصلية الفائقة كليا. وأي طاقة تُودَع فى الموصل الفائق ترفع درجة حرارته وتسبب ارتفاع مقاومته الكهربائية ارتفاعا ملموسا. أما النوع الأخر، المجسات الفاصلة للأزواج Pair-breaking فهو علي العكس من ذلك، إذ يُبَرد إلى درجة حرارة أخفض من درجة حرارة الانتقال ويكون فى حالة الموصلية الفائقة كليا. ويقيس هذا المجس عدد أزواج كوبر التي تحطمت عند إيداع الطاقة فيه.[2]

المجسات ذات الحافة الانتقالية (TES)

يعتمد النوع الحراري من المجسات الفوتونية علي حقيقة أن المقاومة الكهربائية للموصل الفائق ترتفع بشكل حاد من الصفر إلي قيمتها الاعتيادية فى المدى الضيق جداً من درجة الحرارة الذي تتحول فيه المادة من حالتها فائقة الموصلية إلي حالتها العادية. ويتيح التغير الفجائي فى المقاومة للموصل الفائق أن يعمل عمل ميزان حرارة بالغ الحساسية. ويدعي المجس الذي يستخدم الانتقال الطوري الفائق الموصلية بهذه الطريقة مجساً ذا حافة انتقالية Transition-edge sensor. وحين يمتص المجس TES فوتوناً، تتحول طاقة الفوتون إلي طاقة حرارية ترفع درجة الحرارة ومن ثم تزيد مقاومة المادة بصورة متناسبة مع الطاقة المودعة. ويمكن تبعا للمادة التي تمتص الفوتونات، أن يٌستخدم المجس TES مثل مقياس طيف لقياس طاقة الأشعة السينية وأشعة جاما أو مثل عداد فوتونات عند الأطوال الموجية تحت الحمراء أو حتى المرئية.[3]

تم تطوير أوائل المجسات TES فى الأربعينيات لكنها لم تكن عملية. وكانت المشكلة في أن مدى الانتقال إلي الموصلية الفائقة غالبا ما يكون أقل من جزء من ألف من الدرجة. ولذلك كان من الصعب إبقاء درجة حرارة الجهاز ضمن هذا المدى. وفى عام 1993، تم اكتشاف حيلة بسيطة أمكنت من حل هذه المشكلة. وهي تطبيق جهد كهربي ثابت، وهي تقنية تدعى انحياز الفلطية Voltage biasing. يؤدي الجهد المطبق إلي مرور تيار كهربي عبر المجس TES، وهو ما يرفع درجة حرارته للتسخين. وعند ارتفاع درجة حرارة الانتقال ترتفع المقاومة، و ينقص التيار الكهربي ويتوقف التسخين. وهكذا يعمل التسخين الذاتي ارتجاع Feedback سالب، فيبقي درجة حرارة الغشاء ضمن مجاله الانتقالي. كما أن الارتجاع السلبي يسرع استجابة المجسات. وقد أدي إدخال انحياز الفلطية إلي نمو هائل فى تطوير المجسات الفوتونية TES فى العالم كله.

مجسات الوصلة النفقية فائقة الموصلية Superconducting tunnel junctions

لا يمكن للمجسات الفاصلة لأزواج كوبر أن تعتمد علي التغير فى المقاومة الكهربائية لكي تعطي إشارة امتصاص فوتون. فبخلاف المجس الحراري، يحطم الفوتون الوارد أزواج كوبر ويُكَوِن أشباه جسيمات يمكن اعتبارها بمثابة إلكترونات حرة فى مادة أخري فائقة الموصلية. ويكون عدد أشباه الجسيمات الناتجة متناسبةً مع طاقة الفوتون. ولكن لما كان المجس مبرداً إلي ما دون درجة حرارته الانتقالية بكثير، فلا يزال ثمة بحر من أزواج كوبر السليمة. ولذا تبقي المقاومة الكهربية معدومة. وينبغي أن يحتفظ المجس الفاصل للأزواج بقدرته علي التمييز بين أزواج كوبر وأشباه الجسيمات.

إن أحد الأجهزة القادرة علي القيام بتلك المهمة هو الوصلة النفقية الفائقة الموصلية Superconducting tunnel junctions، المؤلفة من غشائين فائقي الموصلية تفصلهما طبقة رقيقة من مادة عازلة. فإذا كان العازل رقيقا لدرجة كافية (نحو 2 نانومتر)، أمكن للإلكترونات أن تعبر من أحد جانبي الحاجز إلي الجانب الآخر بواسطة خاصية تعرف بالعبور النفقي الكمومي quantum-mechanical tunneling. ويؤدي تطبيق مجال مغناطيسي صغير إلي منع أزواج كوبر من العبور النفقي عبر الوصلة فلا يستطيع العبور إلا أشباه الجسيمات. بعد ذلك يمكن تطبيق جهد كهربي علي الجهاز، فلا يمر تيار إلا حين يمتص أحد الغشائين فائقي التوصيلية فوتوناً يولِد أشباه جسيمات. وتكون نبضة التيار الناتجة متناسبة مع عدد أشباه الجسيمات المستحدثة وإذاً مع طاقة الفوتون وتردده.[4][5]

تطبيقات المجسات فائقة الموصلية

إن المجسات فائقة الموصلية المتاحة اليوم أكثر حساسية 100 إلي 1000 مرة من المجسات العادية التي تعمل عند درجة حرارة الغرفة. وهذه الأجهزة تحسن القياسات فى مدي واسع من المجالات.

منع انتشار الأسلحة النووية والدفاع الوطني

إن إحدي الأولويات الدولية هي مراقبة انتشار المواد النووية التي يمكن أن تستخدم فى هجوم يقوم بيه إرهابيون. وتحتوي المواد النووية على نظائر غير مستقرة تصدر أشعة السينية وأشعة جاما. وتوفر الطاقات المميزة لهذه الفوتونات بصمة تكشف عن ماهية تلك النظائر الموجودة. ولكن لسوء الحظ تصدر بعض النظائر الموجودة فى تطبيقات شرعية وعادية هي الأخرى أشعة جاما ذات طاقات شبيهة بتلك التي تصدرها مواد تستخدم في الأسلحة النووية. وهذا يؤدي إلى تحديد ملتبس وتحذيرات مزيفة. فعلى سبيل المثال، تتمثل الطاقة المميزة لليورانيوم العالي التخصيب فى أشعة جاما ذات طاقة 185.7 كيلو إلكترون فولت الصادرة من يورانيوم 235. لكن أشعة جاما هذه لها نفس الطاقة تقريبا التي تصدر عن الراديوم 226 الموجودة فى الطين فى الحاويات المخصصة للقطط وفى مواد أخري. وهذا يجعل التمييز بين الاثنتين صعبا جدا.

وقد تم تطوير مجسات من قبل مختبر لوس ألاموس الوطني لأشعة جاما مبنية علي أساس تقانة TES وتتمتع بقدرة تمييز طاقية تفوق أكثر من عشر مرات تلك التي للمجسات العادية. إذ تستطيع تلك المجسات فصل عدد أكبر من الخطوط فى أطياف أشعة جاما المعقدة للمواد النووية. وتستطيع التفريق بين اليورانيوم والراديوم والقضاء علي التحذيرات الزائفة.

الكوسمولوجيا (علم الكون)

في السنوات الأخيرة، أتت بعض أهم الاكتشافات حول فهمنا للكون من قياس اشعاع الخلفية الكونية من الموجات الميكروية Cosmic microwave background (CMB). فالفوتونات فى الخلفية الكونية هي صورة لحظية للكون بعد نحو 400000 سنة من الانفجار الأعظم. وهذا بسبب مرور معظم الفوتونات عبر الكون أثناء ال 13 بليون سنة الماضية من دون أي تغير، وأحدثت الموجات الصوتية في بلازما الكون المبكر نماذج إشعاع خلفية CMB يراها الفلكيون اليوم. وقد أظهرت قياسات تلك النماذج، أن 5% من الكون الحالي فقط يتألف من المادة والطاقة العاديتين المألوفتين بالنسبة لنا. وأن نحو 22% هي مادة خفية Dark matter و73% هي حقل غامض يعرف بالطاقة الخفية Dark energy. وقد ساعدت المجسات فائقة الموصلية العلماء علي الوصول إلي طاقات لا يمكن الوصول إليها أبدا بالتجارب الأرضية.

صارت المجسات الفائقة بالإضافة إلي ما تم ذكره من تطبيقات، تستخدم أيضا فى السنكروترونات للتحليل الكيميائي للمعادن في البروتينات وفي عينات أخري. كما ساعدت أيضًا في الكشف الفعال عن بوليمرات بيولوجية كبيرة من شظايا ال DNA، واكتشاف الأدوية وتحليل المركبات الطبيعية. بالإضافة إلي عد الفوتونات عند أطوال موجية تحت الحمراء، المستخدم في الاتصالات.

المصادر

1- Low Temperature particle detectors|
2-Superconducting nanowire single-photon detector
3-Transition-edge sensor
4-Quantum Tunneling
5-Superconducting tunnel junction

ما هو الثلج الجاف واستخداماته في التخزين البارد؟

الثلج الجاف هو ثاني أكسيد الكربون الصلب المتجمد (CO2)على عكس الثلج العادي الذي يكون عبارة عن ماء متجمد. كما يوحي الاسم، فإن الثلج الجاف لا يذوب عند تعرضه لدرجة حرارة الغرفة أو الحرارة. وبدلًا من ذلك، يتحول مباشرة إلى غاز، المعروف أيضًا باسم “التسامي – sublimation “. يتجمد ثاني أكسيد الكربون ويظل متجمدًا عند درجة حرارة أقل من 78.5- درجة مئوية (109- درجة فهرنهايت). من ناحية أخرى، يتجمد الجليد العادي عند درجات حرارة أقل من 0 درجة مئوية (32 درجة فهرنهايت). هذا الاختلاف الهائل في درجة حرارة التجمد هو ما يجعل استخدام الثلج الجاف للتخييم طريقة رائعة للحفاظ على طعامك باردًا لفترة أطول. كما أنه لن يترك طعامك يفسد في السائل عندما يذوب. وكمكافأة مثيرة للاهتمام، يمكن أيضًا أن يبعد البعوض عن خيمتك لأن البعوض ينجذب إلى غاز ثاني أكسيد الكربون. ولكن لماذا لم يعد هذا الشكل البديل الرائع من الجليد شائعًا بعد؟ حسنًا، ذلك لأن الثلج الجاف ليس مثاليًا – ناهيك عن أنه خطير بعض الشيء إذا تم استخدامه بشكل غير صحيح. في هذا المقال، سنتعرف على الثلج البارد ومخاطره وكذلك استخداماته في الصناعات المختلفة.

ما هو الثلج الجاف وكيف تم اكتشافه؟

الثلج الجاف هو الشكل الصلب لثاني أكسيد الكربون (CO2) الذي يستخدم عادة للتبريد المؤقت حيث أن ثاني أكسيد الكربون لا يحتوي على حالة سائلة عند الضغط الجوي العادي ويتصاعد مباشرة من الحالة الصلبة إلى الحالة الغازية. تم ملاحظة الجليد الجاف لأول مرة في عام 1835 من قبل الكيميائي الفرنسي تشارلز ثيلورييه عندما فتح أسطوانة تحتوي على كمية كبيرة من ثاني أكسيد الكربون السائل لمراقبته في شكل سائل. تبخر ما يكفي منه لترك كتلة ثلج جافة صلبة في قاع الحاوية. وعلى مدار الستين عامًا التالية، تمت ملاحظته في مختبرات الجامعة ولكن لم يتم استخدامه في أي تطبيقات عملية. وحتى اليوم، يمكن لأي شخص أن يأخذ أسطوانة معدنية من ثاني أكسيد الكربون السائل (مثل طفاية حريق ثاني أكسيد الكربون)، ويفتح الصمام، ويلاحظ سحابة الغاز المتسربة مع تحول جزء منها إلى ثلج جاف وثلج مسحوق. ومع ذلك، لم يكن هناك أي استخدام عملي فوري لهذه المادة حتى عشرينيات القرن العشرين عندما وجدت أخيرًا منزلًا تجاريًا حقيقيًا مع شركة Perst Air Devices. منذ ذلك الحين، تم استخدامه في مجموعة متنوعة من الصناعات، بما في ذلك الأغذية والزراعة والترفيه والشحن والتعبئة والتغليف [1].

ما هو الفرق بين الثلج الجاف والثلج العادي؟

يتم استخدام الثلج الجاف والثلج العادي للتبريد، لكن لديهم بعض الاختلافات الرئيسية. فيما يلي بعض الاختلافات الرئيسية بين الثلج الجاف والثلج العادي [2] :

ثلج جاف:

  • مصنوع من ثاني أكسيد الكربون المتجمد وهو أبرد بكثير من الجليد العادي، حيث تبلغ درجة حرارته حوالي 109.3- درجة فهرنهايت (78.5- درجة مئوية).
  • لا يذوب مثل الجليد العادي، ولكنه يتسامى مباشرة من الحالة الصلبة إلى الحالة الغازية، مما يعني أنه لن يجعل الأشياء مبللة.
  • أخف من الثلج العادي مما يسهل نقله.
  • يمكن أن يكون أكثر تكلفة من الثلج العادي، ويتطلب معالجة خاصة وتهوية لتجنب التعرض لمستويات عالية من ثاني أكسيد الكربون.
  • يمكن استخدامه مع الثلج العادي لإطالة عمره.

الثلج العادي:

  • مصنوع من الماء المتجمد وهو أرخص ويمكن الوصول إليه على نطاق أوسع.
  • يذوب بمرور الوقت، مما قد يجعل الأشياء مبللة.
  • أثقل من الثلج الجاف، مما قد يزيد من صعوبة نقله.
  • متوفر بسهولة ويمكن شراؤه من العديد من محلات البقالة.
  • يمكن استخدامه مع ثلج جاف للحفاظ على برودة العناصر لفترات أطول من الوقت.

باختصار، الثلج الجاف أبرد بكثير من الثلج العادي، ولا يذوب، وأخف وزنًا، لكنه قد يكون أكثر تكلفة ويتطلب معالجة خاصة. الثلج العادي أرخص ومتاح على نطاق أوسع، لكنه يذوب ويمكن أن يجعل الأشياء مبللة. كلا النوعين من الجليد لهما إيجابيات وسلبيات، ويتم استخدامهما في ظروف مختلفة حسب الموقف.

ما هي مخاطر استخدام الثلج الجاف بدلًا من الثلج العادي؟

قد يؤدي استخدام الثلج الجاف بدلاً من الثلج العادي إلى بعض المخاطر بسبب خصائصه الفريدة. فيما يلي بعض المخاطر المرتبطة باستخدام الثلج الجاف [3]:

الحروق: لمس الثلج الجاف بالجلد العاري يمكن أن يسبب حروقًا، كما أن التعرض له لفترة طويلة يمكن أن يسبب قضمة الصقيع.

قضمة الصقيع: لا تلمسه ببشرتك لكن استخدم الملقط أو القفازات المعزولة (السميكة) أو قفاز الفرن. نظرًا لأن درجة حرارته باردة جدًا، ويمكن أن يسبب قضمة صقيع شديدة إذا لامس الجلد.

الانفجار: يمكن أن يتسبب في انفجار الحاويات إذا تم تخزينه في حاوية محكمة الإغلاق أو إذا لم يتم التعامل معه بشكل صحيح. لا تقم أبدًا بتخزينه في حاوية محكمة الإغلاق. عندما يذوب يتحول من مادة صلبة مباشرة إلى غاز، ومن ثم يتراكم الغاز في الحاوية حتى ينفجر. سوف تتطاير القطع الحادة من الحاوية في كل مكان. تأكد من تهوية الحاوية الخاصة بك. أفضل مكان لتخزينه هو في صندوق من الستايروفوم مع غطاء فضفاض.

التعرض لثاني أكسيد الكربون والاختناق: يمكن للثلج الجاف أن يطلق غاز ثاني أكسيد الكربون أثناء تساميه، مما قد يحل محل الأكسجين ويؤدي إلى الاختناق في المناطق سيئة التهوية مما يسبب ويسبب فقدان الوعي أو حتى الموت.

تشقق الأسطح: لا يُوضع مباشرة على أسطح العمل. يمكن أن تتسبب درجة الحرارة الباردة في تشقق السطح.

وأيضًا، لا تقم بتخزينه في الفريزر الخاص بك. سيؤدي ذلك إلى أن يصبح الفريزر الخاص بك باردًا جدًا وقد يتم إيقاف تشغيل الفريزر الخاص بك. ومع ذلك، إذا فقدت الطاقة لفترة طويلة من الزمن، فإن الثلج الجاف هو أفضل وسيلة للحفاظ على برودة الأشياء. من المهم التعامل بعناية واتباع احتياطات السلامة المناسبة لتجنب هذه المخاطر. ويشمل ذلك ارتداء القفازات والنظارات الواقية، واستخدامه في مناطق جيدة التهوية، وتخزينه في حاوية جيدة التهوية.

ما هي تطبيقات الثلج الجاف في مختلف الصناعات؟

فيما يلي بعض الاستخدامات الأكثر شيوعًا للثلج الجاف [4,5]:

التبريد والحفظ: يُستخدم بشكل شائع للحفاظ على برودة العناصر أثناء النقل، مثل المواد الغذائية والإمدادات الطبية والعينات البيولوجية.

التنظيف السريع: يمكن استخدامه لتنظيف الأسطح، مثل إزالة الطلاء أو تنظيف المعدات الصناعية.

المؤثرات الخاصة: يمكن استخدامه لإنشاء تأثيرات الضباب أو الدخان في العروض المسرحية والحفلات الموسيقية وغيرها من الأحداث.

التطبيقات الطبية: يُستخدم كذلك في الصناعة الطبية لتخزين العينات البيولوجية ونقل الإمدادات الطبية الحساسة لدرجة الحرارة.

تركيب الانكماش: يمكن استخدامه لتقليص الأجزاء المعدنية معًا.

التجميد السريع: يُستخدم لتجميد المنتجات والمأكولات البحرية وغيرها من الأطعمة بسرعة.

إزالة بق الفراش: يمكن استخدامه لجذب بق الفراش وإزالته.

جعل النباتات تنمو بشكل أسرع: يمكن استخدامه لزيادة مستوى ثاني أكسيد الكربون في الصوبة ـــ greenhouse، مما يمكن أن يعزز نمو النباتات.

التبريد أثناء عمليات الصناعة الكيميائية: في بعض التطبيقات، من المفيد أن تكون قادرًا على تبريد أو تبريد أو تجميد مادة بسرعة أثناء العملية. يمكن استخدام طاقة التبريد والبرودة الشديدة للثلج الجاف لإبطاء أو حتى إيقاف بعض التفاعلات الكيميائية. كما أنه يُستخدم أيضًا لتحييد القلويات وإنتاج “نقاط ـــ Traps” باردة توفر أسطحًا ذات درجة حرارة منخفضة جدًا يمكن للجزيئات أن تتكثف عليها.

هذه مجرد أمثلة قليلة على الاستخدامات العملية العديدة للثلج الجاف. إن تنوعها وخصائصها الفريدة تجعلها أداة قيمة في مجموعة متنوعة من الصناعات.

الثلج الجاف مادة متعددة الاستخدامات ولها استخدامات عديدة. من المهم استخدامه بشكل آمن ومسؤول، لأنه يمكن أن يسبب قضمة الصقيع وإصابات أخرى إذا لم يتم التعامل معه بشكل صحيح. ومع ذلك، عند استخدامه بشكل صحيح، يمكن أن يكون أداة قيمة لمجموعة متنوعة من الأغراض. وإذا كنت تستخدمه لأول مرة، فمن الجيد استشارة أحد المتخصصين للحصول على مزيد من المعلومات حول التعامل والاستخدام الآمن.

المصادر

  1. Dry Ice History | Dry Ice Info
  2. Dry Ice vs Regular Ice: Pros and Cons
  3. Dry Ice Safety | National Weather Services
  4. Dry Ice Applications | Dry Ice UK
  5. 17Uses of Dry Ice – Commercial, Industrial, & Scientific Uses | TechieScientist

المجهر الإلكتروني النافذ: الكشف عن عالم النانو

كما ذكرنا في المقال السابق يستخدم المجهر الإلكتروني الماسح (SEM) شعاعًا من الإلكترونات لمسح سطح العينة، وإنشاء صورة ثلاثية الأبعاد. ويشيع استخدامه لدراسة مورفولوجية سطح المواد، مثل الحجم والشكل وتوزيع الميزات على السطح. بينما يستخدم المجهر الإلكتروني النافذ (TEM) شعاعًا من الإلكترونات للمرور عبر عينة رقيقة، مما يؤدي إلى تكوين صورة للبنية الداخلية للعينة. ويشيع استخدامه لدراسة بنية المواد، مثل ترتيب الذرات والجزيئات، والعيوب في المواد.

يعد المجهر الإلكتروني النافذ (TEM) بمثابة أداة لا غنى عنها في مجال علم النانو ويوفر رؤى لا تقدر بثمن حول بنية وخصائص المواد على المستوى الذري. بفضل قدرته على تصور العينات وتحليلها بتفاصيل لا مثيل لها، أصبح TEM تقنية أساسية للباحثين في مختلف التخصصات العلمية. في هذه المقالة، سنستكشف أساسيات المجهر الإلكتروني النافذ وتطبيقاته والصور المذهلة التي ينتجها.

ما هو المجهر الإلكتروني النافذ؟

المجهر الإلكتروني النافذ هو تقنية تستخدم شعاعًا من الإلكترونات عالية الطاقة للتفاعل مع العينة، والكشف عن بنيتها على المستوى الذري. يتكون الجهاز من مصدر إلكتروني وعدسات كهرومغناطيسية وحامل عينة وكاشفات. وهو يعمل على مبدأ ازدواجية الموجة والجسيم للإلكترونات، حيث يتصرف شعاع الإلكترون عالي الطاقة كموجة وكشعاع من الجسيمات [1].

كيف يعمل المجهر الإلكتروني النافذ؟

يتكون المجهر الإلكتروني النافذ من عدة مكونات رئيسية تعمل معًا لإنشاء صور عالية الدقة للعينات. تشمل هذه المكونات [1,2]:

1. مصدر الإلكترون: عادة ما يكون مصدر الإلكترون في TEM عبارة عن فتيل ساخن أو مسدس انبعاث مجال (FEG). تنبعث منها شعاع من الإلكترونات التي تعمل كمصدر أساسي لإضاءة العينة.

2. العدسات الإلكترونية: يمر شعاع الإلكترون عبر سلسلة من العدسات الكهرومغناطيسية التي تركز الشعاع وتشكله. وتشمل هذه العدسات عدسات مكثفة، والتي تركز الشعاع على العينة، والعدسات الشيئية، التي تركز الإلكترونات المنقولة على نظام التصوير.

3. حامل العينة: يحمل حامل العينة العينة الرقيقة في مكانها ويسمح بوضعها بشكل صحيح داخل المجهر. يجب تحضير العينة كقطعة رفيعة للسماح للإلكترونات بالمرور عبرها.

5. نظام التصوير: يتكون نظام التصوير في TEM من مجموعة من العدسات والفتحات وأجهزة الكشف. تركز العدسة الشيئية الإلكترونات المرسلة على العدسة المتوسطة، مما يزيد من تكبير الصورة. تقوم العدسة المتوسطة بعرض الصورة المكبرة على شاشة الفلورسنت أو الكاميرا الرقمية.

6. شاشة أو كاميرا الفلورسنت: يتم تشكيل الصورة النهائية على شاشة الفلورسنت أو يتم التقاطها بواسطة كاميرا رقمية. في أجهزة TEM القديمة، يتم استخدام شاشة الفلورسنت، حيث تتسبب الإلكترونات التي تضرب الشاشة في انبعاث ضوء مرئي، مما يؤدي إلى إنشاء صورة مرئية. في أجهزة TEM الحديثة، تُستخدم الكاميرات الرقمية بشكل شائع لالتقاط إشارة الإلكترون وتحويلها إلى صورة رقمية.

7. نظام الفراغ: تعمل TEM في ظل ظروف فراغ عالية لمنع تشتت الإلكترون والتفاعل مع جزيئات الهواء. يقوم نظام التفريغ بإزالة الهواء والغازات الأخرى من حجرة المجهر لضمان بيئة نظيفة ومستقرة للتصوير الإلكتروني.

8. برامج التحكم والتحليل: تم تجهيز TEM ببرامج تسمح للمستخدمين بالتحكم في معلمات مختلفة للمجهر، مثل كثافة الشعاع والتركيز وأوضاع التصوير. بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما تحتوي أجهزة TEM المتقدمة على أدوات تحليل مدمجة لقياس المسافات والزوايا وتنفيذ مهام معالجة الصور.

كيف يتم إعداد عينة لـ TEM؟

يتطلب إعداد عينة للمجهر الإلكتروني النافذ خطوات دقيقة لضمان جودة التصوير المثالية. فيما يلي نظرة عامة على عملية إعداد العينة [3] :

  • اختيار العينة: اختر جزءًا تمثيليًا من المادة أو العينة محل الاهتمام. يمكن أن يكون مقطعًا رفيعًا من عينة بيولوجية، أو طبقة رقيقة، أو قطعة صغيرة من مادة صلبة.
  • التثبيت (للعينات البيولوجية): في حالة العمل مع العينات البيولوجية، غالبًا ما يكون التثبيت ضروريًا للحفاظ على البنية ومنع التدهور. تشمل المثبتات الشائعة الجلوتارالدهيد أو الفورمالديهايد أو مزيج من الاثنين معًا.
  • الجفاف: يجب تجفيف العينة لإزالة الماء، لأن الماء يمكن أن يتداخل مع انتقال الإلكترون. يتم ذلك عادةً عن طريق استبدال الماء تدريجيًا بالمذيبات العضوية، مثل الإيثانول أو الأسيتون، من خلال سلسلة من محاليل التركيز المتزايدة.
  • التقسيم الرقيق: يتم تقطيع العينة المضمنة إلى أقسام رفيعة للغاية باستخدام مشراح فائق الدقة. يبلغ سمك هذه المقاطع عادةً حوالي 50-100 نانومتر. يتم جمع المقاطع على شبكة أو حامل عينة TEM.
  • التلوين (اختياري): التلوين بالمعادن الثقيلة، مثل خلات اليورانيل أو سترات الرصاص، يمكن أن يعزز تباين العينة ويكشف عن هياكل أو مكونات محددة. التلوين مفيد بشكل خاص للعينات البيولوجية.
  • التجفيف بالفراغ: يتم إخضاع العينة للتجفيف بالفراغ لإزالة أي مذيبات أو رطوبة متبقية. وهذا أمر بالغ الأهمية للحفاظ على بيئة الفراغ داخل TEM ومنع القطع الأثرية الناجمة عن بخار الماء المتبقي.
  • تصوير: تصبح العينة المجهزة جاهزة للتصوي، حيث يتم تحميل حامل العينة في المجهر، ويتم تعيين معلمات التصوير المناسبة، مثل كثافة الشعاع والتركيز. يتم بعد ذلك وضع العينة ومسحها ضوئيًا للحصول على صور بتكبيرات مختلفة.

من المهم ملاحظة أن إعداد العينة لـ TEM يمكن أن يختلف وفقًا للمتطلبات المحددة للعينة وأهداف التصوير. قد تتضمن التقنيات المتخصصة، مثل تقنية التصوير المقطعي الإلكتروني للتصوير ثلاثي الأبعاد، خطوات إضافية. بالإضافة إلى ذلك، من الضروري اتباع بروتوكولات السلامة المناسبة والتعامل مع العينات بعناية لتجنب التلوث أو الضرر.

ما هي مميزات المجهر الإلكتروني النافذ؟

  • دقة عالية: يسمح TEM بالتصوير بدقة ذرية، مما يوفر تفاصيل لا يمكن الوصول إليها بواسطة تقنيات الفحص المجهري الأخرى.
  • تحليل العناصر: باستخدام التحليل الطيفي للأشعة السينية المشتتة من الطاقة، يستطيع TEM تحديد العناصر الموجودة في العينة، مما يساعد الباحثين على فهم تركيبها.
  • علم البلورات: TEM لا يقدر بثمن في دراسة التركيب البلوري للمواد. يمكن لأنماط الحيود الناتجة عندما يتفاعل شعاع الإلكترون مع البلورة أن تكشف معلومات حول ترتيب شبكتها.
  • الهياكل النانوية والجسيمات النانوية: يتيح TEM تصور وتوصيف الجسيمات النانوية والأنابيب النانوية وغيرها من الهياكل النانوية، مما يجعله ضروريًا لأبحاث تكنولوجيا النانو.

ما هي تطبيقات المجهر الإلكتروني النافذ؟

يحتوي المجهر الإلكتروني النافذ على مجموعة واسعة من التطبيقات في مجالات مختلفة، بما في ذلك [4-6] :

  • علم المواد: يستخدم TEM لدراسة بنية وخصائص المواد على المستوى الذري والجزيئي. يتم استخدامه لتحليل البنية المجهرية للمعادن والسيراميك والبوليمرات، وكذلك لدراسة خصائص المواد النانوية والمواد المركبة. يستخدم TEM أيضًا لدراسة التركيب البلوري للمعادن والصخور.
  • علم الأحياء والطب: يستخدم TEM لدراسة بنية ووظيفة العينات البيولوجية، بما في ذلك الخلايا والأنسجة والفيروسات. يتم استخدامه للتحقيق في بنية البروتينات والأحماض النووية والجزيئات الحيوية الأخرى، وكذلك لدراسة التفاعلات بين الخلايا وبيئتها مما يساهم في تحقيق اختراقات في فهم الأمراض وتوصيل الأدوية. وأيضًا في أبحاث السرطان لدراسة بنية وسلوك الخلايا السرطانية.
  • تقنية النانو: يستخدم TEM لدراسة خصائص المواد النانوية، بما في ذلك حجمها وشكلها وتركيبها. يتم استخدامه لدراسة بنية الجسيمات النانوية والأنابيب النانوية وغيرها من المواد النانوية، وكذلك لدراسة خصائصها الإلكترونية والبصرية.
  • صناعة أشباه الموصلات: يُستخدم TEM في صناعة أشباه الموصلات لتحليل وإنتاج رقائق الكمبيوتر والمكونات الإلكترونية الأخرى. يتم استخدامه للتحقيق في بنية وخصائص المواد شبه الموصلة، وكذلك لتحديد العيوب والمشكلات الأخرى التي يمكن أن تؤثر على أداء الأجهزة الإلكترونية.
مقطع عرضي لبكتيريا [7]
البكتيريا ذات الأسواط (البقعة السلبية) [7]
الشعيرات الدموية داخل العضلات، وتظهر البطانة وخلايا الدم الحمراء [7]
ألياف العضلات والميتوكوندريا [7]
جسيمات الفضة النانوية [7]
صور المجهر الإلكتروني النافذ (TEM) للجسيمات النانوية وكبيرة الحجم في شكل مسحوق جاف [8]. (A) الجسيمات النانوية TiO2؛ (B) جزيئات TiO2 كبيرة الحجم؛ (C) جسيمات أكسيد الزنك النانوية؛ (D) جزيئات أكسيد الزنك كبيرة الحجم؛ (E) الجسيمات النانوية للفضة؛ و (F) الجسيمات النانوية لأكسيد السيريوم CeO2.

مستقبل التصوير الميكروسكوبي النافذ TEM

  • TEM في الموقع: يسمح TEM في الموقع بمراقبة العمليات الديناميكية في الوقت الفعلي، مثل نمو المواد النانوية أو سلوك العينات البيولوجية في ظل ظروف مختلفة. أصبحت هذه التقنية ذات شعبية متزايدة، ومن المتوقع أن تؤدي التطورات في حاملي العينات وأنظمة التصوير إلى زيادة توسيع قدراتها.
  • تقنية Cryo-TEM: هي تقنية تسمح بتصوير العينات في درجات الحرارة المبردة، مع الحفاظ على حالتها الأصلية وبنيتها. هذه التقنية مفيدة بشكل خاص لدراسة العينات البيولوجية، ومن المتوقع أن تؤدي التطورات في تقنية cryo-TEM إلى تحسين دقة التصوير وسرعته.
  • التصوير متعدد الوسائط: يجمع التصوير متعدد الوسائط بين تقنيات التصوير المختلفة، مثل TEM والمجهر الإلكتروني الماسح (SEM)، لتوفير فهم أكثر شمولاً لبنية المواد وخصائصها. من المتوقع أن تؤدي التطورات في التصوير متعدد الوسائط إلى تحسين دقة التصوير وتوفير رؤى جديدة للمواد المعقدة.

باختصار، يعد TEM أداة قوية لدراسة بنية وخصائص المواد على المستوى الذري والجزيئي. تطبيقاتها متنوعة وتتراوح من علوم المواد وعلوم الحياة إلى تكنولوجيا النانو وتحليل الطب الشرعي. لقد أحدث TEM ثورة في فهمنا للعالم من حولنا ولا يزال أداة أساسية للبحث العلمي والابتكار.

يفتح المجهر الإلكتروني النافذ عالمًا من التفاصيل والدقة المذهلة، مما يمكّن العلماء من التعمق في عالم الذرات والجزيئات. بفضل قدرته على تحليل المواد المختلفة، يلعب TEM دورًا أساسيًا في مجالات علمية متعددة، مما يساعد الباحثين على تطوير حلول مبتكرة ودفع حدود المعرفة. مع استمرار التقدم التكنولوجي، سيظل المجهر الإلكتروني النافذ بلا شك أداة لا تقدر بثمن لعقود قادمة.

المصادر

  1. Transmission Electron Microscope | Britannica
  2. Electron Microscopy Techniques for Investigating Structure and Composition of Hair-Cell Stereociliary Bundles | Frontiersin
  3. TEM sample preparation techniques | The University of Gothenburg
  4. Transmission Electron Microscope | Micrscopemaster
  5. Transmission Electron Microscope | Nanoscience
  6. transmission electron microscope | Science Direct
  7. Galleries | UNIVERSITY OF ALBERTA
  8. Assessment of cultured fish hepatocytes for studying cellular uptake and (eco)toxicity of nanoparticles | Environmental Chemistry

المسح المجهري الإلكتروني: دليل المبتدئين

يعد المسح المجهري الإلكتروني أداة تصوير قوية تستخدم حزمة مركزة من الإلكترونات لإنتاج صور عالية الدقة لسطح العينة. تتفاعل الإلكترونات مع الذرات في العينة، وتنتج إشارات مختلفة تحتوي على معلومات حول تضاريس السطح وتكوين العينة. تُستخدم هذه التقنية على نطاق واسع في مختلف المجالات، بما في ذلك علوم المواد وتكنولوجيا النانو والبيولوجيا وعلوم الطب الشرعي، من بين أمور أخرى. بالإضافة إلى ذلك يمكن أن يحقق تطورات مثيرة في الدقة، والتصوير متعدد الوسائط، والتصوير في الموقع، والذكاء الاصطناعي، والتصوير ثلاثي الأبعاد. مما يمكّن الباحثين من دراسة المواد والأنظمة البيولوجية بمزيد من التفاصيل وبدقة أكبر [1]. في هذا المقال سيتم مناقشة كل ذلك بالتفصيل كدليل للمبتدئين في مجال البحث العلمي والتقنيات المختلفة لدراسة المواد.

ما هي أساسيات وأنواع المجهر الالكتروني؟

المجهر الإلكتروني هو نوع من المسح المجهري يستخدم شعاعًا من الإلكترونات لإنشاء صور عالية الدقة لعينة. مثلًا يستخدم المسح المجهري للضوء الضوء المرئي لإضاءة عينة يتم تصويؤها ضوئيا، لكن يستخدم المجهر الإلكتروني شعاعًا من الإلكترونات، والتي لها أطوال موجية أقصر بكثير من الضوء المرئي، لتحقيق دقة أعلى بكثير.

هناك نوعان رئيسيان من المجهر الإلكتروني [1]:

  1. المجهر الإلكتروني النافذ Transmission Electron Microscopy (TEM):

حيث يتم إرسال شعاع الإلكترون من خلال قسم رفيع من العينة، وتظهر الصورة الناتجة البنية الداخلية للعينة.

  1. المسح المجهري الإلكتروني Scanning Electron Microscopy (SEM) :

حيث يتم مسح شعاع الإلكترون عبر سطح العينة، وتظهر الصورة الناتجة التشكل السطحي وتضاريس العينة.

يتطلب المسح المجهري الإلكتروني معدات متخصصة، بما في ذلك مسدس إلكتروني لتوليد شعاع الإلكترون، وعدسات كهرومغناطيسية لتركيز الحزمة وتوجيهها، وكاشفات لاكتشاف الإلكترونات المبعثرة أو المنبعثة من العينة. يجب تحضير العينة بعناية للتأكد من أنها رقيقة بما يكفي للسماح للإلكترونات بالمرور في حالة المجهر الإلكتروني النافذ TEM أو لمنع الشحن وتحسين جودة الصورة في حالة المسح المجهري الإلكتروني SEM.

نتيجة لذلك، أحدث المسح المجهري الإلكتروني ثورة في فهمنا لبنية ووظيفة المواد والأنظمة البيولوجية على المستوى النانوي. يستخدم على نطاق واسع في علوم المواد وتكنولوجيا النانو والبيولوجيا والعديد من المجالات الأخرى التي تتطلب التصوير والتحليل عالي الدقة.

ما هي تقنية المسح المجهري الإلكتروني؟

كما ذكرنا المسح المجهري الإلكتروني Scanning Electron Microscopy (SEM) هو نوع من المسح المجهري يتم باستخدام جهاز الميكروسكوب الإلكتروني الماسح حيث يتم اطلاق حزمة مركزة من الإلكترونات لإنشاء صور عالية الدقة لسطح العينة. حيث يتم مسح شعاع من الإلكترونات عبر سطح العينة، ويتم اكتشاف الإلكترونات المبعثرة أو المنبعثة من السطح واستخدامها لإنشاء صورة.

يفيد SEM بشكل خاص في دراسة التشكل السطحي والتضاريس لمجموعة واسعة من المواد، بما في ذلك المعادن والسيراميك والبوليمرات والعينات البيولوجية. تسمح إمكانات الدقة والتكبير العالية لـ SEM للباحثين بمراقبة التفاصيل الدقيقة والهياكل التي قد لا تكون مرئية مع أنواع أخرى من المسح المجهري.

ما هي المكونات المختلفة للميكروسكوب الإلكتروني الماسح؟

يتكون جهاز الميكروسكوب الإلكتروني الماسح Scanning Electron Microscope من عدة مكونات رئيسية تعمل معًا لتوليد صور عالية الدقة لعينة. تشمل هذه المكونات [2]:

مدفع الإلكترون: مسدس الإلكترون مسؤول عن توليد حزمة من الإلكترونات. ويتكون عادة من خيوط ساخنة تنبعث منها إلكترونات عند تسخينها. حيث يتم تسريع الإلكترونات المنبعثة وتركيزها في حزمة ضيقة.

العدسات الكهرومغناطيسية: تستخدم العدسات الكهرومغناطيسية لتركيز والتحكم في شعاع الإلكترون. وهي تتكون من ملفات تولد مجالات مغناطيسية يمكنها التحكم في مسار الإلكترونات. تساعد هذه العدسات في تركيز الشعاع على العينة.

حجرة العينة: حجرة العينة عبارة عن بيئة مختومة بالفراغ حيث يتم وضع العينة. يعتبر الفراغ ضروريًا لمنع تشتت الإلكترونات وامتصاصها بواسطة جزيئات الهواء، مما يؤدي إلى تدهور جودة الصورة.

مرحلة العينة: مرحلة العينة تثبت العينة في مكانها وتسمح بتحديد المواقع والحركة بدقة. يمكن ضبطه بشكل نموذجي في محاور متعددة لتسهيل مسح مناطق مختلفة من العينة.

نظام المسح: يتحكم نظام المسح في حركة شعاع الإلكترون عبر سطح العينة. لذا يتكون عادةً من ملفات كهرومغناطيسية تحرف الحزمة في نمط نقطي، وتمسحها سطراً بسطر.

الكاشفات: تلتقط الكاشفات الإلكترونات المبعثرة أو المنبعثة من العينة. يمكن استخدام أنواع مختلفة من أجهزة الكشف حسب المعلومات المطلوبة. على سبيل المثال، تلتقط أجهزة الكشف عن الإلكترونات الثانوية الإلكترونات منخفضة الطاقة المنبعثة من سطح العينة، بينما تلتقط أجهزة الكشف عن الإلكترونات المتناثرة إلكترونات ذات طاقة أعلى مبعثرة للخلف.

نظام التصوير: يعالج نظام التصوير الإشارات الواردة من أجهزة الكشف ويحولها إلى صورة. قد تشمل مكبرات الصوت ومعالجات الإشارات ووحدات العرض. يمكن عرض الصورة الناتجة على الشاشة أو تسجيلها رقميًا.

نظام التحكم والكمبيوتر: عادةً ما يتم التحكم في SEM بواسطة نظام كمبيوتر يسمح بتعديل المعلمات المختلفة، مثل كثافة الحزمة والتركيز وسرعة المسح. كما يقوم الكمبيوتر أيضًا بمعالجة وتخزين الصور التي تم الحصول عليها.

تعمل هذه المكونات في تناغم لإنتاج صور عالية الدقة لتشكل سطح العينة والتضاريس في مجهر إلكتروني مسح.

ما هي تطبيقات المسح المجهري الالكتروني؟

يحتوي المسح المجهري الإلكتروني SEM على مجموعة واسعة من التطبيقات في مختلف المجالات، بما في ذلك علوم المواد وتكنولوجيا النانو وعلم الأحياء والعديد من المجالات الأخرى. فيما يلي بعض التطبيقات الشائعة لتقنية [2-5] SEM:

مورفولوجيا السطح والتضاريس: يستخدم SEM على نطاق واسع لدراسة التشكل السطحي وتضاريس المواد، بما في ذلك المعادن والسيراميك والبوليمرات والمركبات. يمكن أن يكشف عن ميزات السطح مثل الشقوق والمسام وحدود الحبوب، والتي تعتبر مهمة لفهم خصائص وسلوك المواد.

تُظهر هذه الصورة 50 ميكرون من سطح الألواح الشمسية وتسلط الضوء على الهياكل الهرمية التي تساعد على احتجاز الضوء وتقليل الانعكاس. لذلك يحاول الباحثون في مجال الخلايا الكهروضوئية عن طرق لتحسين نسيج هذه الأسطح، حيث يؤثر شكل وحجم وتوحيد الأهرامات على الانعكاس البصري والتقاط الطاقة.

تحليل الأغشية الرقيقة والطلاء: يمكن استخدام SEM لقياس سمك وتكوين الأغشية الرقيقة والطلاء. هذا مهم لفهم خصائص وأداء هذه المواد في التطبيقات المختلفة.

هذا هو شكل 20 ميكرون من كريم الأساس من صناعة المكياج. منتج نموذجي مثل هذا يحتوي على 15 إلى 50 مكونًا. على سبيل المثال، المكونات الأكثر شيوعًا المستخدمة كأساس لكريم الأساس هي الميكا وأكسيد كلوريد البزموت وثاني أكسيد التيتانيوم وأكسيد الزنك. من المحتمل أن تكون الكرات هنا عبارة عن السيليكا. عادةً ما تمتص السيليكا العرق والزيت، وتقلل من انعكاس الضوء وتحسن قابلية الانتشار.

التصوير البيولوجي: يستخدم SEM على نطاق واسع في علم الأحياء لدراسة بنية ووظيفة الخلايا والأنسجة والأعضاء. يمكن أن يكشف عن التشكل السطحي وتضاريس العينات البيولوجية، مثل الخلايا والبكتيريا والفيروسات.

علم الطب الشرعي: يستخدم SEM في علم الطب الشرعي لتحليل أدلة التتبع، مثل الألياف والشعر وبقايا الطلقات النارية. يمكن أن يكشف عن التشكل السطحي وتكوين هذه المواد، وتوفير أدلة مهمة في التحقيقات الجنائية.

تمر خلية هيلا ــ HeLa cell بموت الخلايا المبرمج (apoptosis).

الصور المذهلة التي يمكن الحصول عليها عن طريق المسح المجهري الإلكتروني

الحشرات: يمكن أن يكشف SEM عن التفاصيل المعقدة لتشريح الحشرات، مثل العينين والأجنحة والساقين. يمكن استخدام الصور لدراسة بنية ووظيفة هذه الكائنات وتكيفها مع بيئات مختلفة [5].

رأس وفم خنفساء الأوراق (عائلة Chrysomelidae).
عين ذبابة الفاكهة (Drosophila).

الخلايا والأنسجة: يمكن أن توفر SEM صورًا عالية الدقة للخلايا والأنسجة، وتكشف عن شكل سطحها وتضاريسها. مما يمكننا من استخدام الصور لدراسة بنية ووظيفة الخلايا، وكذلك تفاعلاتها مع الخلايا الأخرى والمصفوفة خارج الخلية.

صدفة البحر مكونة من أجزاء بسماكة 0.5 ميكرومتر من كربونات الكالسيوم، مثبتة معًا بطبقة بروتينية. الهيكل بأكمله أكثر مقاومة للكسر بمقدار 3000 مرة من بلورة كربونات الكالسيوم وحدها. وبالمثل، يسعى علماء المواد المهتمون بالمحاكاة الحيوية إلى تكرار هذا الهيكل لإنشاء مواد أكثر صرامة.

المعادن والسبائك: يمكن أن تكشف SEM عن البنية المجهرية للمعادن والسبائك، بما في ذلك حدود الحبوب والعيوب والرواسب. وبالتالي يمكن استخدام الصور لدراسة خصائص وسلوك هذه المواد في ظل ظروف مختلفة.

سبيكة ماصة للهيدروجين بمعدل تكبير 30000 مرة. سبائك تخزين الهيدروجين عبارة عن مواد معدنية يمكنها امتصاص الهيدروجين وإطلاقه بشكل عكسي من الطور الغازي أو كهربيًا. تُستخدم هذه السبائك بالفعل في الأقطاب الكهربائية، لا سيما في السيارات الكهربائية، لتحسين الأداء وتجنب استخدام المواد البديلة الشائعة التي تحتوي على الرصاص أو الكادميوم السام ، حيث يمكن أن تتسرب إلى مكبات النفايات.

تقنية النانو: SEM هي أداة مهمة في تقنية النانو، مما يسمح للباحثين بمراقبة الهياكل والأجهزة النانوية والتعامل معها. على سبيل المثال، يتم استخدامه لدراسة خصائص وسلوك المواد النانوية، مثل الجسيمات النانوية والأنابيب النانوية والأسلاك النانوية.

الصخور والمعادن: يمكن أن توفر SEM صورًا عالية الدقة للصخور والمعادن، وتكشف عن ميزات السطح والقوام. يمكن استخدام الصور لدراسة تكوين وتطور هذه المواد وأهميتها الجيولوجية.

هذه مجرد أمثلة قليلة للصور المذهلة التي يمكن أن تنتجها تقنية SEM. تجعل إمكانات التصوير عالية الدقة لـ SEM أداة قوية لدراسة بنية وخصائص مجموعة واسعة من المواد والأنظمة البيولوجية.

كيف يمكن تطوير مستقبل المجهر الإلكتروني بين أيدي العلماء والمهندسين؟

فيما يلي بعض الطرق التي من المتوقع أن يتطور بها SEM في أيدي العلماء والمهندسين [7,2] :

دقة أعلى: من المتوقع أن تحقق SEM دقة أعلى في المستقبل. نتيجة لذلك، يمكن مراقبة المواد والأنظمة البيولوجية ومعالجتها على المستوى الذري والجزيئي. سيتطلب ذلك تطوير مصادر إلكترونية جديدة، وأجهزة كشف، وتقنيات تصوير.

التصوير متعدد الوسائط ــ Multimodal Imaging: من المتوقع أن يتكامل SEM مع طرق التصوير الأخرى، مثل المسح المجهري بالأشعة السينية، والمسح المجهري الفلوري، والتحليل الطيفي لرامان، لتوفير معلومات تكميلية عن العينة. سيمكن ذلك الباحثين من دراسة بنية المواد والأنظمة البيولوجية وتكوينها ووظيفتها بمزيد من التفصيل.

التصوير في الموقع ــ In Situ Imaging: يُتوقع من SEM تمكين التصوير في الموقع للمواد والأنظمة البيولوجية في ظل ظروف ديناميكية، مثل أثناء التفاعلات الكيميائية أو التشوه الميكانيكي أو التحفيز الكهربائي. سيتطلب ذلك تطوير حاملي العينات المتخصصة وغرف التصوير التي يمكنها استيعاب الظروف البيئية المختلفة.

صورة لمنطقة حجمها 100 ميكرومتر لبوليمر ماص للماء. هذه البوليمرات مفيدة في منتجات التنظيف والنظافة. يمكن استخدام صور SEM لقياس ما يحدث لهذه الجزيئات عند نقاط تشبع مختلفة.

التصوير ثلاثي الأبعاد ــ 3D Imaging: من المتوقع أن يتيح SEM التصوير ثلاثي الأبعاد للمواد والأنظمة البيولوجية، مما يسمح بإعادة بناء الهياكل والبنى المعقدة. سيتطلب ذلك تطوير تقنيات تصوير جديدة، مثل التصوير المقطعي الإلكتروني، ودمج أساليب التصوير المتعددة.

باختصار، من المتوقع أن يؤدي مستقبل SEM في أيدي العلماء والمهندسين إلى تحقيق تطورات مثيرة في الدقة والتصوير متعدد الوسائط والتصوير في الموقع والذكاء الاصطناعي والتصوير ثلاثي الأبعاد. ستمكن هذه التطورات الباحثين من دراسة المواد والأنظمة البيولوجية بمزيد من التفصيل وبدقة أكبر، مما يؤدي إلى اكتشافات وتطبيقات جديدة في مختلف المجالات.

المصادر

  1. SEM vs TEM | Technology Networks
  2. Components of the SEM. In: A Beginners’ Guide to Scanning Electron Microscopy. | Springer, Cham
  3. A Brief Introduction to SEM (Scanning Electron Microscopy) | SCIMED
  4. Energy Dispersive X-Ray Spectrography (EDX) | Corrosionpedia
  5. Some Spectacular SEM Images of The Microscopic World | iflscience
  6. In pictures: details revealed with advanced SEM | Nature
  7. SEM—past, present, and future | Wiley

ما هو العزل الرغوي وأثره على البيئة؟

يشيع استخدام العزل الرغوي داخل الجدران لتحسين كفاءة الطاقة في المباني. يساعد على تقليل فقدان الحرارة في الشتاء وزيادة الحرارة في الصيف، مما قد يؤدي إلى انخفاض فواتير الطاقة وبيئة داخلية أكثر راحة. بالإضافة إلى تحسين كفاءة الطاقة، يمكن أن يساعد عزل الرغوة أيضًا في تقليل انتقال الضوضاء بين الغرف ومن الخارج. يمكن أن يساعد أيضًا في منع دخول الرطوبة إلى الجدران، مما قد يؤدي إلى ظهور العفن والمشاكل الأخرى المتعلقة بالرطوبة. كما يوفرمزايا أخرى تجعله خيارًا شائعًا للبناة وأصحاب المنازل على حد سواء.

ما هو تاريخ ومستقبل العزل الرغوي؟

يعود تاريخ عزل الرغوة إلى عدة عقود، مع التطورات والابتكارات في المواد والتقنيات التي تساهم في استخدامها على نطاق واسع اليوم. فيما يلي نظرة عامة موجزة عن تاريخ عزل الرغوة [1] :

التطورات المبكرة: تعود جذور العزل الرغوي إلى منتصف القرن العشرين عندما بدأ الباحثون بتجربة مواد مختلفة لتحسين عزل المبنى. واحدة من أقدم أشكال العزل الرغوي كانت رغوة البوليسترين الموسعة ، والتي تم تطويرها في الأربعينيات من القرن الماضي واكتسبت شعبية بسبب وزنها الخفيف وخصائصها العازلة.

من ثم في الخمسينيات من القرن الماضي، تم إدخال عازل رغوة البولي يوريثان. يوفر هذا النوع من العزل الرغوي قدرات عزل فائقة ويمكن رشه أو حقنه في الجدران والسندرات والأماكن الأخرى. اكتسبت رغوة البولي يوريثان زخمًا سريعًا في صناعة البناء نظرًا لتعدد استخداماتها وفعاليتها.

بعد ذلك، خلال الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، تم إحراز مزيد من التقدم في تقنية عزل الرغوة بالرش. أحدث تطوير رغوة الرش ثنائية المكونات، والتي تضمنت خلط المواد الكيميائية في الموقع لإنشاء رغوة متوسعة، مما يُعتبر ثورة في الصناعة. سمح ذلك بتحكم أفضل في تمدد الرغوة وتحسين قدرتها على سد الفجوات والفجوات.

في فترة الستينيات بالتحديد، أصبحت مواد العزل الرغوية الصلبة مثل البوليسترين الموسع ورغوة البولي أيزوسيانورات (بولي إيزو) مستخدمة على نطاق واسع. كانت هذه المواد شائعة الاستخدام في البناء التجاري والسكني لعزل الجدران والأسقف والأساسات.

في السنوات الأخيرة، كان هناك تركيز متزايد على خيارات العزل الصديقة للبيئة. وقد أدى ذلك إلى تطوير مواد عزل رغوية أكثر استدامة، مثل الرغاوي الحيوية المصنوعة من موارد متجددة مثل زيت الصويا أو زيت الخروع.

يستمر مجال عزل الرغوة في التطور مع البحث والتطوير المستمر. تعمل التركيبات الجديدة وتقنيات التركيب المحسّنة ومعايير كفاءة الطاقة المحسّنة على دفع الصناعة إلى الأمام. تهدف الابتكارات في مجال العزل الرغوي إلى توفير أداء حراري أفضل ومقاومة للرطوبة والسلامة من الحرائق واستدامة عامة.

ما هي المواد المستخدمة في العزل الرغوي؟

هناك عدة أنواع من عوازل الرغوة التي يمكن استخدامها داخل الجدران، بما في ذلك رغوة الرش، والرغوة الصلبة، وألواح الفوم. تعتبر رغوة الرش خيارًا شائعًا لأنه يمكن تطبيقها بسهولة على المساحات غير المنتظمة ويمكن أن تتوسع لملء الفجوات والشقوق. تعتبر الرغوة الخشنة والألواح الرغوية فعالة أيضًا في عزل الجدران ويمكن أن توفر دعمًا هيكليًا إضافيًا. تشمل الأنواع الأكثر شيوعًا لمواد العزل الرغوي ما يلي [2,3] :

رغوة البولي يوريثان – Polyurethane foam: هذا نوع من عازل رغوة الرش يتم تصنيعه عن طريق خلط مادتين كيميائيتين معًا. عندما يتم الجمع بين المواد الكيميائية، فإنها تتفاعل وتتوسع لملء الفراغ حيث يتم تثبيت العزل. تشتهر رغوة البولي يوريثان بخصائصها العازلة الممتازة وقدرتها على سد الفجوات والشقوق في الجدران.

رغوة البولي أيزوسيانورات – Polyisocyanurate foam: هذا نوع من العزل الرغوي الصلب الذي يتم تصنيعه عن طريق الجمع بين الإيزوسيانورات والبولي يوريثان. تُعرف رغوة البولي أيزوسيانورات بقيمتها العالية من مقياس المقاومة الحرارية، مما يجعلها عازلًا فعالًا للجدران والأسقف ومناطق أخرى من المبنى.

الرغوة الفينولية – Phenolic foam: هذا النوع من العزل الرغوي مصنوع من راتنج الفينول فورمالدهايد وهو معروف بمقاومته الممتازة للحريق وانبعاثات الدخان المنخفضة. غالبًا ما تستخدم الرغوة الفينولية في المباني التجارية وغيرها من المناطق التي تكون فيها السلامة من الحرائق أولوية قصوى.

رغوة البوليسترين الموسع – Expanded polystyrene foam: هذا نوع من عازل الرغوة الذي يتم تصنيعه عن طريق تسخين وتوسيع حبيبات البوليسترين. رغوة البوليسترين الموسعة خفيفة الوزن وسهلة التركيب وتوفر عزلًا جيدًا للجدران والأسقف والأساسات.

توفر مواد العزل الرغوي مجموعة من الفوائد، بما في ذلك العزل الحراري الممتاز ومقاومة الرطوبة ومقاومة الحريق. يعتمد اختيار المواد على الاحتياجات المحددة للمبنى وتفضيلات المنشئ أو صاحب المنزل.

ما هي استخدامات الرغوة العازلة؟

فيما يلي بعض الاستخدامات الشائعة لعزل الرغوة [3] :

عزل المباني ومجاري الهواء والتكييف: يتم استخدام العزل الرغوي لعزل مجاري الهواء (التدفئة والتهوية وتكييف الهواء). تمنع القنوات العازلة فقدان الحرارة أو اكتسابها أثناء توزيع الهواء المكيفز وكذلك في الجدران والأسقف والسندرات والأساسات لتقليل انتقال الحرارة وتقليل تسرب الهواء والحفاظ على درجات حرارة داخلية مريحة. مما يحسن الكفاءة الكلية لنظام التدفئة والتهوية وتكييف الهواء. يساعد في الحفاظ على درجات حرارة ثابتة، وتقليل هدر الطاقة، وتحسين جودة الهواء الداخلي.

عزل الأنابيب: يستخدم العزل الرغوي لعزل الأنابيب في الأماكن السكنية والتجارية والصناعية. يساعد على منع فقدان الحرارة أو اكتسابها من أنابيب المياه الساخنة أو الباردة، وتحسين كفاءة الطاقة وتقليل مخاطر التجمد أو التكثيف. يقلل عزل الأنابيب أيضًا من انتقال الحرارة إلى المساحات المجاورة، مما يضمن الأداء الأمثل ويقلل من تكاليف الطاقة.

عازل للصوت: يتم استخدام مواد العزل الرغوية، خاصة تلك ذات خصائص امتصاص الصوت، لتطبيقات عزل الصوت. يتم استخدامها في الجدران والسقوف والأرضيات لتقليل انتقال الضوضاء بين الغرف أو من المصادر الخارجية. يساعد العزل الرغوي على إنشاء بيئات أكثر هدوءًا وأكثر راحة من الناحية الصوتية في المساحات السكنية والتجارية والترفيهية.

التعبئة والتغليف والشحن: يتم استخدام العزل الرغوي في مواد التعبئة والتغليف لحماية العناصر الهشة أو الحساسة أثناء النقل. توفر الحشوات الرغوية أو الألواح الرغوية أو عبوات الرغوة المصبوبة حسب الطلب توسيدًا وامتصاصًا للصدمات، مما يمنع التلف الناتج عن التأثيرات أو الاهتزازات. يساعد العزل الرغوي أيضًا على عزل المنتجات الحساسة للحرارة، مثل الأغذية أو الأدوية، أثناء الشحن.

السيارات ومركبات الفضاء: تُستخدم مواد العزل الرغوية في الأجزاء الداخلية للمركبة، ومقصورات المحرك، وكبائن الطائرات، وغيرها من المناطق التي تتطلب خصائص العزل. يساعد على تنظيم درجة الحرارة وتقليل الضوضاء وتعزيز راحة الركاب.

هذه مجرد أمثلة قليلة للتطبيقات المتنوعة لعزل الرغوة. إن تعدد استخداماته وخصائصه الحرارية وقدرته على سد الفجوات والتجاويف تجعله مادة قيّمة في مختلف الصناعات حيث يكون العزل والحماية وكفاءة الطاقة أمرًا ضروريًا.

ما هو تأثير العزل الرغوي على البيئة؟

يمكن أن يكون لعزل الرغوة تأثيرات إيجابية وسلبية على البيئة، اعتمادًا على نوع الرغوة المستخدمة وتركيبها وطرق التخلص منها. فيما يلي بعض التأثيرات البيئية لعزل الرغوة [4] :

تحسين كفاءة الطاقة: من خلال تقليل انتقال الحرارة وتقليل تسرب الهواء، يساعد عزل الرغوة على تقليل استهلاك الطاقة وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري المرتبطة بالتدفئة والتبريد. هذا يؤدي إلى تقليل البصمة الكربونية للمباني ويساهم في بيئة مبنية أكثر استدامة.

استهلاك الموارد: يتطلب إنتاج مواد العزل الرغوي استخدام موارد غير متجددة مثل الوقود الأحفوري والمواد الكيميائية. يمكن أن ينتج عن عملية التصنيع أيضًا نفايات وانبعاثات تساهم في تلوث الهواء والماء. ومع ذلك ، فإن بعض مواد العزل الرغوي، مثل الرغاوي الحيوية المصنوعة من موارد متجددة، يمكن أن تقلل من الأثر البيئي لاستهلاك الموارد.

المواد الكيميائية والسموم: تحتوي بعض مواد العزل الرغوي على مواد كيميائية يمكن أن تكون ضارة بصحة الإنسان والبيئة. على سبيل المثال، مادة الأيزوسيانات والتي يمكن أن تسبب مشاكل في الجهاز التنفسي وتهيج الجلد. يمكن أن يؤدي التركيب السليم والتعامل مع العزل الرغوي إلى تقليل التعرض لهذه المواد الكيميائية.

غير قابلة للتحلل البيولوجي: قد يكون من الصعب التخلص من مواد العزل الرغوية، لأنها غير قابلة للتحلل البيولوجي ويمكن أن تشغل مساحة في مدافن النفايات. يمكن أن يؤدي التخلص غير السليم من عازل الرغوة أيضًا إلى تلوث البيئة. ومع ذلك، يمكن إعادة تدوير بعض مواد العزل الرغوية أو إعادة استخدامها، مما يقلل من تأثيرها على البيئة.

يمكن أن يكون لعزل الرغوة تأثير إيجابي على البيئة من خلال تحسين كفاءة الطاقة وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. ومع ذلك، فمن المهم النظر في الآثار البيئية المحتملة للمواد العازلة الرغوية واتخاذ خطوات لتقليل آثارها السلبية. يمكن أن يساعد التركيب السليم للعزل الرغوي والتعامل معه والتخلص منه في تقليل تأثيره على البيئة.

المصادر

  1. Spray Foam Systems | A Brief History of Spray Foam Insulation
  2. GlobalSpec | Foam Insulation
  3. Trocellen | Foam Materials
  4. Lofteaze | The Environmental Impact of Spray Foam Insulation: What You Need to Consider

المواد الزجاجية السبينية

يمكن إزاحة الوسخ أو كنسه تحت البساط، بيد أنه يقتضي الاهتمام به عاجلا أم آجلا. أما “الوسخ” في العلوم الفيزيائية فيمكن أن يكون اضطرابا في البنية، أو شوائب في المواد، أو تعارضا بين تفاعلات. فالوسخ يفسد الترتيب. إذ يستطيع قدر كاف من العشوائية وعدم الكمال واللانسجام أن يخرب التناظرات الأصيلة التي تسهل الوصف الفيزيائي إلى أبعد الحدود. وقد ترِكَ الوسخ طوال معظم تاريخ الفيزياء جانبا. ودرس الفيزيائيون بدلا منه النظم المرتبة كالبلورات التامة. إلا أنهم بحلول أوائل السبعينات شعروا بأنهم ملزمون بمواجهة خلل في الإنتظام. وبدأ الوسخ الذي قد تراكم فى أروقة العلم يتحلل. ولقد كانت دراسة المواد الزجاجية السبينية (Spin glasses)  إحدى أنجح المحاولات لفهم تلك النظم المضطربة. إن النماذج الرياضية لهذه المواد هي طرز أولية لمسائل معقدة في علم الحاسوب والكيمياء الحيوية وغيرها من العلوم. فما هي تلك المواد؟ وكيف نشأت؟

ماهي المواد الزجاجية السبينية؟

حالة الطاقة المنخفضة  أو The Ground State.

في البداية لنتفق على أن كل الأنظم تميل إلي الاستقرار وإلى الوصول إلى حالة ذات طاقة دنيا. فعند إحداث اضطراب ما بين ذرات المادة كرفع درجة حرارة _إلى درجة الحرارة الحرجة (Critical Temperature)_ قد تعانى تلك المادة انتقالا طوريا من حالة إلى حالة.[1] وبرفع ذلك المؤثر وانخفاض درجة الحرارة تتخذ الذرات ترتيبا يضمن لها أقل طاقة. [2]

إذا نظرت إل المواد الصلبة كملح الطعام مثلا، تجد أن ذرات الصوديوم والكلوريد يتخذان في الفراغ شكلا بلوريا منتظما يضمن لهم طاقة أقل واستقرارا أكثر، وكذا كل أشكال المواد الصلبة. وعلى النقيض الآخر، نجد بأن السوائل تفتقر إلى هذا الترتيب وتتحرك ذراتها أو جزيئاتها بصورة غير منتظمة وتأخذ أشكال الحاوية الموضوعة فيها. أما في حالة الزجاج، فنجد أنه ينتمي إلي فئة خاصة من المواد الصلبة غير البلورية. أي أنه صلب في درجات الحرارة العادية، غير أنه يفتقر إلى الترتيب البلوري المنتظم كالسوائل.

ومن الممكن اعتبار الزجاج السبيني في بنيته مماثلا لبنية الزجاج. فهو قد يتكون من بعض ذرات الحديد المبعثرة في شبيكة من ذرات النحاس، إلا أن خواصه معقدة جدا، وأحيانا تكون غير قابلة على نحو مضجر للتنبؤ بها. و”السبين” هنا هو السبين الميكانيكي الكمومي للإلكترونات الذي تنشأ عنه المغناطيسية.[3] أما ما نقصد ب”مادة زجاجية” فقد يخيل للقارئ للوهلة الأولى لحظة قراءة ذلك المصطلح، أن لفظة “زجاجية” تشير إلى صفة الزجاج الذي نراه في حياتنا اليومية. ولكنها تشير إلى حالة لوصف النظم المضطربة أو المتسخة كما ذكرنا سابقا. إذ هو خلل في انتظام توجهات السبينات وتفاعلاتها. إن الخصائص المثيرة للاهتمام العائدة للزجاج السبيني، وكذا ديناميكاتها ودرجة تعقيدها هي كلها ناشئة عن تفاعلات مغناطيسية بين ذراتها. فبعض الذرات تتصرف كما لو كانت قضبانا مغناطيسية، فتولد حقولا مغناطيسية وتخضع لحقول مغناطيسية. ولكي نفهم مالمقصود بذلك علينا إيضاح بعض المفاهيم المتعلقة بالخواص المغناطيسية أولا.

الخاصية المغناطيسية الحديدية (ferromagnetism)  والخاصية المغناطيسية الحديدية المضادة (Antiferromagnetism)

من المعروف أن ذرات الحديد تتميز بسلوك مغناطيسي. فعند تعرضه لحقل مغناطيسي خارجي، تسعى ذراته للاصطفاف في اتجاه محدد. ويعلل هذا الاصطفاف خواص الحديد المغناطيسية القوية، ولهذا فإنه يسمى ( المغنيطيسية الحديدية) (Ferromagnetism)  رغم أنه موجود أيضا في الكوبالت والنيكل ومواد أخري كثيرة.[4] وتنتج المغنيطيسية الحديدية من الطبيعة الميكانيكية الكمومية للإلكترونات الداخلية لهذا المعدن، حيث تجعل من المحبذ طاقيا للعزوم المغناطيسية الخاصة بالذرات المتجاورة أن تكون متوازية.

وبعبارة أخرى، إذا كان العزمان المغناطيسيان لذرتين متجاورتين ذواتي مغناطيسية حديدية يشيران إلى اتجاه واحد، فإنه لابد من بذل طاقة لقلب أحد العزمين المغناطيسيين إلى الإتجاه المعاكس. وعلى النقيض، إذا كان العزمان ذا اتجاهين متعاكسين تتحرر طاقة حين جعلهما متوازيين. ومن ثم تكون الطاقة المغناطيسية الكلية ذات قيمة صغرى إذا ما اتجهت العزوم المغناطيسية لجميع الذرات في اتجاه واحد.

إن إضافة طاقة حرارية لمادة الحديد يمكن أن يؤثر على اصطفاف السبينات. [5] فإذا سخِّن حديد نقي إلى درجات حرارة عالية فإن الطاقة الحرارية تتغلب علي التفاعلات المغناطيسية الحديدية. بحيث يتغير اتجاه كل عزم مغناطيسي من لحظة إلى أخري عشوائيا. ويمكن لصورة فتوغرافية لذرات الحديد أن تبين لنا أن عدد العزوم المغناطيسية المتجهة إلى الأعلي يساوي وسطيا العدد المتجه إلى الأسفل. كذلك الحال فيما يتعلق باليمين واليسار، وبالأمام والخلف. ويكون المجموع المتجه لجميع العزوم المغناطيسية، أو التمغنط الصافي صفرا. ويعرف الحديد في هذا الطور بأنه مادة (موافقة التمغنط) (Paramagnetic). وحين تخفض درجة حرارة الحديد، تصبح التفاعلات بين العزوم المغناطيسية هي الغالبة. ومن ثم تسعى العزوم إلى الاصطفاف فى حالة ذات طاقة دنيا. فتصطف في اتجاه واحد.

وبالمقابل يسود في أنواع أخرى من المواد ضرب مختلف من الترتيب في حالاتها منخفضة الطاقة. فذرات الكروم المتجاورة مثلاً تسعى لصف عزومها المغناطيسية في اتجاهات متعاكسة. فإذا ما اتجهت إحدى الذرات إلى أعلى اتجه عزم الذرة المجاورة إلى أسفل. ولما كان هذا السلوك مضادا لسلوك الحديد سميت هذه الخاصية ب ( المغنيطيسية الحديدية المضادة) (Antiferromagnetism) .

وتبدي المواد الزجاجية السبينية، على نحو لافت للنظر، خواص مغنيطيسية حديدية ومغنطيسية حديدية مضادة معاً. فمثلا، إذا مزجت بضعة أجزاء من الحديد ب 100 جزء من النحاس. فإن ذرات الحديد، التي تتفاعل عادة على نحو مغناطيسي حديدي، تستطيع الآن التفاعل على نحو مغناطيسي حديدي مضاد أيضا. وتسمي هذه العملية بالإشابة المغناطيسية (Alloy). وهو ما تحدثنا عنه في بداية المقال بالنظم المتسخه. فبإحداث قليل من الإشابة يمكنك الحصول على اضطراب فى النظام.

نجد أن إلكترونات التوصيل، التي تتحرك بحرية خلال النحاس، هناك سبين (spin) يتأثر بذرة الحديد المضافة علي نحو غريب بعض الشئ. وعلي مسافة معينة نجد أن ذرة الحديد قد أثرت علي اسبينات إلكترونات التوصيل لتوازي سبينها الخاص. ولكن علي مسافة أبعد قليلا تكون اسبينات الإلكترونات معاكسة لسبين ذرة الحديد. ثم علي مسافة أكثر بعدا تكون السبينات موازية، وهلم جرا.

إن نتيجة هذا السلوك المزدوج هي أنه يمكن لذرة ذات سبين معين ألا تكون قادرة على التوجه بحيث تحقق تفاعلها مع كل الذرات الأخرى في المواد الزجاجية السبينية. ولنتخيل ثلاث ذرات من الحديد موزعة عشوائيا في شبيكة من النحاس. فالذرة الأولي تتفاعل مع الثانية علي نحو مغناطيسي حديدي مضاد. في حين يكون التفاعلان بين الأولى والثالثة، وبين الثانية والثالثة مغناطيسيين حديدين. وليس هناك ثمة سبيل لتحقيق كل التفاعلات في وقت واحد. فإذا كان كان سبين الذرة الأولى متجها إلي أعلي مثلا، وجب أن يتجه سبين الثانية إلي أسفل. أما الثالثة فيفترض أن توجه سبينها في نفس اتجاه كل من الأولى ( السبين إلي الأعلي) والثانية ( السبين إلي الأسفل) . وإن أي ترتيتب سوف يخل بواحد من التفاعلات علي الأقل. ويسمي النظام الذي لايمكن تحقيق كل تفاعلاته في آن واحد (محبطا) (Frustrated).

إن إحدي نتائج الإحباط أو ال Frustration  هو إمكان وجود حالات كثيرة منخفضة الطاقة للمادة الزجاجية السبينية. [6] كما هو موضح بالشكل. إن البحث عن حالة منخفضة الطاقة من تلك الحالات يتطلب التسخين والتبريد_ أي الإحماء_ مشابها للصعود والهبوط. فإذا كانت درجة الحرارة منخفضة جدا، فإن النظام سيبقي في واد ضحل زمنا طويلا جداً. وبرفع درجة الحرارة يتاح للنظام مزيد من الطاقة للاستكشاف، إذا جاز التعبير. وفي وسع سبيناته أن تنقلب بسهولة، ومن ثم يزداد احتمال تملصه من الأودية الضحلة (طاقة أقل) ( كما هو موضح بالشكل)، ويستطيع محاولة تجريب كثير من التشكيلات السبينية المحتملة أكثر من سواها، التي يمكن أن يكون لبعضها طاقة أخفض من طاقة الحالة الإبتدائية.

وعلي هذا فإن ثمة خوارزمية بسيطة لإيجاد حالة منخفضة الطاقة نسبياً لزجاج سبيني، هي بمحاكاة درجة حرارة عالية (عندما يستطيع النظام، من حيث المبدأ أن يجرب أي حالة) ثم تبريد النظام ببطء بحيث يستقر في حالة أقل طاقة. فإذا علق مؤقتاً في مرحلة مبكرة، في واد عالي الموقع، فإنه يبقي لديه مع ذلك فرصة جيدة للانسحاب إلي أقرب ممر للبحث عن واد أعمق ( طاقة أقل). وبعد عدة دورات من التسخين والتبريد تصبح الخوارزمية ذات احتمال كبير لإعطاء حل جيد_ أي حالة منخفضة الطاقة_ ولو أن فرصة إيجاد الحل الأفضل مصادفة في ذلك الفضاء الضخم ضئيلة إلي أبعد حد.

طور جديد من المواد أم مجرد قطعة مغناطيس

إن التحول من سائل إلي بلورة، أو من مادة موافقة التمغنط إلي مادة حديدية التمغنط، عند انخفاض درجة الحرارة هو انتقال طوري حقيقي. ذلك أن الحالات الناشئة تحتفظ بترتيب متميز طوال المدة التي يحافظ أثنائها علي درجة الحرارة. ومن جهة أخري، فإنه حتي لو بدا أن الزجاج العادي يمثل طوراً جديدا فإنه، أساسا سائل: فهو يسيل بمعدل بطئ مذهل بحيث يبدو صلباً.

وبالمثل يمكن للمواد الزجاجية السبينية أن تكون طوراً متميزاً من مادة ذات ترتيب مغناطيسي، أو اصطفاف سبيني يدوم طوال المدة التي يحافظ أثنائها علي درجة الحرارة المنخفضة. ومن ناحية أخري، يمكنها أن تكون مواد متوافقة التمغنط تباطأت خواصها الديناميكية كثيرا بحيث تبدو أنها لاتكوِن سوي (طور ساكن) Static phase. ولو لوحظ أن سبينات مادة زجاجية سبينية، محفوظة في درجة حرارة منخفضة تغير توجهها، لاستطاع المرء أن يستنتج أنها مجرد مغناطيس من مادة موافقة التمغنط (Paramagnetic).

بالنظر إلي الصورة الموضحة، نري أن الزجاج السبيني يحافظ على صورته أطول فترة ممكنة من الزمن بانخفاض درجة الحرارة. فهو عالق في إحدي الأودية الضحلة التي عندها تتسم سبيناتها بخواص ديناميكية بطيئة للغاية وهو ما يشبه خواص الزجاج العادي. أما علي النقيض الآخر، فنري في حالة الحديد أنه بانخفاض درجة الحرارة فيتحول من طور المادة متوافقة المغناطيسية إلي طور المغناطيسية الحديدية بمعدل سريع للغاية.

ومن هنا نخلص أن مكونات الزجاج السبيني هي:

  1. وجود إحباط نتيجة قيود هندسية في الشكل أو اضطراب في النظام كالشوائب.
  2. درجة حرارة منخفضة لاتاحة الفرصة للوقوع في واد ضحل (طاقة أقل).
  3. خواص ديناميكية بطيئة تجعله تجعله معلق في أحد اأودية الضحلة لمدة طويلة.

تطبيقات الزجاج السبيني

دراسة طيات البروتينات Protein Folding

باستخدام نماذج الزجاج السبيني في الكيمياء الحيوية، يمكن للباحثين فهم وتحليل طيات البروتينات. فمن الممكن اعتبار المجموعات الأمينية المكونة للبروتينات كالسبينات (أو كقضبان المغناطيس كما أشرنا) في الزجاج السبيني. وبدوران تلك المجموعات يمكن اكتشاف ماهو الشكل الذي يضمن أقل للطاقة للبروتين ككل و أكثر استقرارا. وتمكننا نماذج الزجاج السبيني من فهم كيف طورت الخلايا من الآليات التي تمكنها من التغلب علي عملية الإحباط في دوران البروتينات, لتنتج لنا أشكالاً أكثر استقرارا. وعلي النقيض، فإن أي خلل في طيات البروتينات قد تنتج أشكالاً من الممكن أن تؤدي إلي أمراض.

المصادر

1- Critical Temperature

2-Energy Minimization

3-Quantum Spin

4-Ferromagnetism

5-The Science of magnets and temperature

6-Frustration and ground-state degeneracy in spin glasses

إيجابيات وسلبيات 5 أفضل أدوات اجتماعات الفيديو، تعرف عليها

هذه المقالة هي الجزء 12 من 18 في سلسلة مقدمة في التدريس للبالغين

أجبرت جائحة كورونا المؤسسات التعليمية على التكيّف بسرعة مع التعلّم عن بعد. وأصبحت أدوات اجتماعات الفيديو جزءًا أساسيًا من الفصل الدراسي الافتراضي، مما يتيح للمعلمين والطلاب التواصل والتعاون من أي مكان. في هذه المقالة، سنسرد لكم إيجابيات وسلبيات 5 أفضل أدوات اجتماعات الفيديو التي يمكن استخدامها في التعليم عن بعد، مع ترشيح لأفضلها، وكيف يمكن أن تعزز تجربة التعلّم عن بعد.

Zoom

يعتبر Zoom واحد من أكثر أدوات اجتماعات الفيديو شهرة في العالم، وحصلت على شعبية أكبر حتى خلال الجائحة.

الإيجابيات

  • سهل الاستخدام للمعلمين والطلاب.
  • يسمح بمشاركة الشاشة.
  • يدعم غرف العمل الجماعي.
  • يدعم ما يصل إلى 100 مشارك مجانًا، ويستطيع عرضهم جميعًا في شاشة واحدة.
  • يسمح بتسجيل الدروس للرجوع إليها في المستقبل.
  • يتيح للطلاب المشاركة في الفصول الافتراضية من أي جهاز سواء كان جهاز كمبيوتر أو موبايل.
  • يوفر مزايا مثل مشاركة الشاشة، والخلفيات الافتراضية، وغرف العمل الجماعي، والسبورة الافتراضية.
  • يدعم خاصية غرف الانتظار.
  • يدعم وجوه التفاعل وخاصية رفع الأيدي.
  • يدعم البث المباشر عبر فيسبوك.

 السلبيات

  • تم رفع مخاوف أمنية في الماضي؛ مما أدى إلى حظر استخدام Zoom في بعض المؤسسات.
  • الإصدار المجاني يحد من مدة الاجتماعات التي تشمل أكثر من فردين إلى 40 دقيقة.
  • لا يوفر Zoom مزايا العمل الجماعي في النسخة المجانية.
  • السبورة الافتراضية لا تدعم التصحيح التلقائي.

Google Meet

تعد Google Meet أداة لاجتماعات الفيديو جزءًا من Google Workspace for Education خدمات جوجل للتعليم. توفر Google Meet مجموعة متنوعة من الميزات التي تجعلها مثالية للفصول الافتراضية، مثل مشاركة الشاشة والترجمة المرئية وغرف العمل الجماعي.

 الإيجابيات

  • سهل الاستخدام للمعلمين والطلاب.
  • تتكامل بسلاسة مع أدوات Google Workspace for Education الأخرى.
  • يدعم ما يصل إلى أكثر من 200 مشارك في نسخته المجانية.
  • يسمح بتسجيل الدروس.
  • يدعم الخلفيات الافتراضية في نسخته المجانية.
  • ليس له وقت محدد في النسخة المجانية.

السلبيات

  • بعض الميزات المتقدمة، مثل غرف العمل الجماعي، متاحة فقط في الإصدار المدفوع.
  • يعرض فقط 16 مشتركًا على الشاشة.
  • لا يدعم خاصية التفاعل بالوجوه التعبيرية، ولكنها متاحة في صندوق المحادثة.
  • ليس هناك غرف انتظار.

Microsoft Teams

تعد Microsoft Teams أداة لاجتماعات الفيديو جزءًا منMicrosoft Office 365 . يتكامل Microsoft Teams بسلاسة مع أدوات Microsoft Office 365 الأخرى، مثل OneDrive و .SharePoint

الإيجابيات

  • لا يحتاج رخصة منفصلة عن Microsoft 365، وهو ما يجعله مثاليًا للمدارس التي منحتها مايكروسوفت رخصة مجانية كدعم للتعليم.
  • يسمح بالتسجيل والرجوع للملاحظات المكتوبة في الاجتماعات السابقة.
  • يدعم البث المباشر عبر فيسبوك.
  • آمن

السلبيات

  • يمكن أن يكون أكثر صعوبةً في الاستخدام بالنسبة لبعض المستخدمين، خاصة بالنسبة للمستخدمين الذين لا يتعاملون بانتظام مع تطبيقات Microsoft الأخرى.
  • بعض الميزات المتقدمة، مثل غرف العمل الجماعي، متاحة فقط في الإصدار المدفوع.
  • خيارات التخصيص في Microsoft Teams محدودة، مما قد لا يلبي احتياجات جميع المؤسسات.
  • على الرغم من أن Microsoft Teams يتكامل مع مجموعة متنوعة من تطبيقات Microsoft، إلا أنه قد لا يتكامل بنفس القدر مع تطبيقات الأطراف الثالثة الأخرى.
  • سعة تخزين الملفات في Microsoft Teams محدودة، مما قد لا يكون كافيًا للمؤسسات أو الفرق الكبيرة.

Cisco Webex

تعد Cisco Webex أداة لاجتماعت الفيديو توفر مجموعة متنوعة من الميزات للفصول الافتراضية.

 الإيجابيات

  • تتكامل مع أدوات Cisco الأخرى.
  •  يدعم Webex Teams ما يصل إلى 100 مشارك مجانًا.
  • توفر Cisco Webex ميزات مثل رفع اليد والاستطلاعات.
  • تدعم خصائص مشاركة الشاشة والخلفيات الافتراضية وغرف العمل الجماعي.
  • يسمح بتسجيل الدروس.

 السلبيات

  • يمكن أن يكون أكثر صعوبةً في الاستخدام بالنسبة لبعض المستخدمين.
  • الإصدار المجاني يحد من مدة الاجتماعات إلى 50 دقيقة.
  • يعمل بأكثر كفاءة على Microsoft Edge، وعليك تغيير بعض الإعدادات إذا أدرت استخدامه عن طريق Google Chrome  أو Firefox.

BigBlueButton

هي أداة اجتماعات فيديو مفتوحة المصدر مصممة خصيصًا للفصول الافتراضية لما يميزها، إذ تتكامل هذه الأداة بسلاسة مع أنظمة إدارة التعلم مثل Moodle وCanvas.

الإيجابيات

  • يتكامل بسلاسة مع أنظمة إدارة التعلم دون الحاجة للاشتراك مع أداة أخرى.
  • يسمح بالتسجيل.
  • يحتوي على خاصية رفع الأيدي.

السلبيات

  • قد يكون من الصعب إعداده لبعض المؤسسات
  • قد يكون عدد الميزات أقل مقارنة بأدوات مؤتمرات الفيديو المدفوعة الأخرى.

أصبحت أدوات اجتماعات الفيديو جزءًا أساسيًا من الفصول الافتراضية، مما يتيح للمعلمين والطلاب التواصل والتعاون من أي مكان. في هذه المقالة، تطرقنا لأفضل أدوات اجتماعات الفيديو التي يمكن استخدامها في التعليم، مع إيجابياتها وسلبياتها بما يخدم حاجة المعلم والمؤسسات أو تؤثر عليها. وعلى المعلمين مراعاة احتياجات مؤسستهم وميزانيتهم عند اختيار أداة اجتماعات الفيديو، بالإضافة إلى الميزات التي ستكون الأكثر فائدة لفصولهم الافتراضية. وإن كان عليّ ترشيح الأفضل بين هذه الأدوات الخمس، فحتمًا سيكون Google Meet لأنه مجاني بشكل أساسي ويستوعب عدد كبير من المشاركين والعديد من المزايا والخصائص في الإصدار المجاني. ويمكن التغلب على سلبياته بعدة طرق مثل التعبير عن الرغبة في المشاركة والتفاعل بالوجوه التعبيرية في صندوق المحادثات عوضًا عن رفع الأيدي أو استخدام المتاحة فقط في Zoom. كمان يمكن تعزيز المشاركة والتفاعل باستخدام Padlet أو Aha Slides مثلما ذكرنا في المقال السابق.

المراجع

Zoom or Google Meet? Pros and Cons of The Conferencing Tools (cubo.to)

Best Video Conferencing Software in 2023: Compare Reviews on 330+ | G2

ما هي تطبيقات الكثافة في المجالات العلمية والبيئية المختلفة؟

تعتبر الكثافة خاصية مهمة لها العديد من التطبيقات في المجالات العلمية والبيئية المختلفة، بما في ذلك الكيمياء والفيزياء وعلوم المواد. لذا يمكن استخدامها لتحديد المواد وتصنيفها، وكذلك للتنبؤ بكيفية تصرفها في ظل ظروف مختلفة. على سبيل المثال، يمكن أن تساعد كثافة مادة ما في تحديد ما إذا كانت ستطفو أو تغرق في الماء، أو ما إذا كانت ستكون صلبة أو سائلة أو غازية عند درجة حرارة وضغط معينين.

إن فهم كثافة المواد والتحكم فيها، يُمكن العلماء والمهندسين من تطوير مواد جديدة بخصائص محددة، وتصميم الأجهزة والهياكل لتناسب التطبيقات المقصودة. الكثافة هي خاصية مادية تعبر عن علاقة كتلة المادة بالحجم. كلما زادت كتلة الجسم في مساحة معينة، زادت كثافته. ومع ذلك، لا ترتبط هذه العلاقة فقط بمدى تقارب ذرات عنصر أو جزيئات المركب معًا. تتأثر الكثافة أيضًا بالكتلة الذرية للعنصر أو المركب. نظرًا لأن المواد المختلفة لها كثافة مختلفة، فإن قياسات الكثافة تعد وسيلة مفيدة لتحديد المواد. يمكن أحيانًا الخلط بين الكثافة والوزن في أذهاننا لأن كثافة جسمين متساويين في الحجم ستكون أثقل. نستنتج أن العلاقة بين الكتلة والحجم هي التي تحدد الكثافة وليس الحجم أو الكتلة وحدهما، أو حتى مدى قرب الذرات أو الجزيئات [1].

تطبيقات الكثافة في المجالات العلمية المختلفة

الكثافة خاصية أساسية للمادة لها العديد من التطبيقات المهمة في العلوم. فيما يلي بعض الأمثلة على كيفية استخدام الكثافة في المجالات العلمية المختلفة [2,3] :

  • في الجيولوجيا: تستخدم الكثافة لدراسة تكوين الصخور والمعادن. ويمكن أن تساعد كثافة الصخور أو المعادن الجيولوجيين في تحديد عمرها، ومنشأها، وتركيبها الكيميائي.
  • في علم الأحياء: تستخدم الكثافة لدراسة بنية الخلايا والأنسجة. إذ يمكن أن تساعد كثافة الخلايا والأنسجة علماء الأحياء على فهم كيفية عملها وكيفية تفاعلها مع بعضها البعض.
  • في الهندسة: تستخدم الكثافة لتصميم الهياكل والمواد. وتساعد كثافة المادة المهندسين في تحديد قوتها وقدرتها على تحمل الحرارة وقدرتها على توصيل الكهرباء.
  • في الكيمياء: تستخدم الكثافة لتحديد وتصنيف المواد. فلكل مادة كثافة فريدة يمكن استخدامها لتمييزها عن المواد الأخرى. على سبيل المثال، تبلغ كثافة الماء 1 جم/سم3، بينما تبلغ كثافة الإيثانول 0.79 جم/سم3. من خلال قياس كثافة مادة غير معروفة، يمكن للكيميائيين تحديد ماهيتها ومدى نقاوتها. انظر إلى الجدول للحصول على أمثلة لكثافة المواد الشائعة.
المادةالكثافة (جم/سم3)
الماء1
الثلج0.92
الهواء1.2  كجم/م3
الذهب19.3
الرصاص11.3
أمثلة لكثافة المواد الشائعة
  • في الفيزياء: تستخدم الكثافة لوصف سلوك السوائل. على سبيل المثال، تؤثر كثافة الهواء على كيفية انتقال الموجات الصوتية من خلاله. تؤثر كثافة الغاز أيضًا على قابليته للطفو وكيف يتصرف في ظروف مختلفة. بالإضافة إلى ذلك، تؤثر كثافة المادة على الموصلية الحرارية، وهو أمر مهم لفهم كيفية انتقال الحرارة من خلال المواد المختلفة.

بعض تطبيقات الكثافة العملية في العلوم المختلفة

  • لدراسة باطن الأرض: تختلف كثافة باطن الأرض باختلاف الأعماق. وذلك لأن باطن الأرض يتكون من طبقات مختلفة من المواد، ولكل منها كثافتها الفريدة. ومن خلال دراسة كثافة باطن الأرض، يمكن للعلماء معرفة المزيد عن تكوينها وهيكلها.
  • لحساب الطفو: الطفو هو القوة التي تدفع الجسم لأعلى في السائل. وبالتالي مقدار الطفو الذي يختبره الجسم يساوي وزن السائل الذي يزيحه. تعد كثافة السائل أحد العوامل التي تحدد مقدار الطفو الذي يمر به الجسم. كما ينص مبدأ أرخميدس على أن قوة الطفو على جسم مغمور تساوي وزن السائل المزاح. يمكن استخدام هذا المبدأ لحساب كثافة الجسم عن طريق قياس كمية الماء التي يزيحها. يستخدم هذا المبدأ في تقدير حجم الغاطس للسفن العملاقة، فيدفعها لتخفيف حمولتها أو تحديد مسارها بحسب غاطس الممر الملاحي. وتعبر السفن العملاقة ذات الغاطس شديد العمق من طريق رأس الرجاء الصالح بدلًا من قناة السويس المصرية.
  • لتحديد معدل الانتشار: معدل الانتشار هو السرعة التي تنتشر بها المادة عبر غاز أو سائل. لذلك تعد كثافة المادة أحد العوامل التي تحدد معدل الانتشار. ستنتشر المادة الأقل كثافة بسرعة أكبر من المادة الأكثر كثافة.

هذه ليست سوى عدد قليل من الطرق العديدة التي تستخدم بها الكثافة في العلوم.

الكثافة في الحياة البحرية

فيما يلي بعض الأمثلة على مدى صلة الكثافة بالحفاظ على المياه [1-5]:

  1. حرارة المياة بين الأعلى والأسفل: تعتبر كثافة الماء عاملاً مهماً في البيئة وتؤثر على حركة المياه في الأنهار والبحيرات والمحيطات. حيث تبلغ كثافة الماء القصوى 4 درجات مئوية، مما يعني أن المياه الباردة تغرق وترتفع المياه الأكثر دفئًا. تساعد هذه العملية، المعروفة باسم الحمل الحراري، على مزج المياه في البحيرات والمحيطات، مما يعد أمر مهم للحفاظ على النظم البيئية الصحية.
  2. في السلسلة الغذائية: تساعد التيارات الحرارية على مزج الماء وتوزيع العناصر الغذائية في جميع أنحاء البحيرة. هذا مهم لنمو الطحالب والنباتات الأخرى، التي تعتبر طعامًا للأسماك والحيوانات المائية الأخرى.

بشكل عام، تعد كثافة الماء عاملاً مهمًا يؤثر على حركة المياه في البيئة. كما يلعب دورًا في اختلاط الماء وتوزيع الحرارة وتشكيل العواصف. كل هذه العمليات مهمة للحفاظ على النظم البيئية السليمة ومناخ الأرض.

أثر الكثافة للحفاظ على البيئة

  1. المناخ: تساعد التيارات الحرارية على توزيع الحرارة من خط الاستواء إلى القطبين. يساعد هذا في تعديل درجة حرارة الأرض وإنشاء المناطق المناخية التي نعرفها اليوم.
  2. الهواء: تلعب تيارات الحمل أيضًا دورًا في تكوين العواصف. عندما يرتفع الهواء الدافئ الرطب، يبرد ويتكثف ويشكل السحب. إذا أصبحت الغيوم ثقيلة جدًا ، فيمكنها إطلاق رطوبتها على شكل مطر أو ثلج. تؤثر كثافة الهواء على سلوك أنظمة الطقس، وكذلك حركة الملوثات والجسيمات الأخرى في الغلاف الجوي. وكذلك تؤثر كثافة الهواء أيضًا على كفاءة المحركات والتوربينات، وهو أمر مهم لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتحسين كفاءة الطاقة.
  3. التربة: تؤثر كثافة التربة على قدرتها على دعم نمو النبات وتوفير العناصر الغذائية للنباتات. يمكن للتربة شديدة الكثافة أن تمنع جذور النبات من النمو بشكل صحيح، في حين أن التربة الرخوة يمكن أن تؤدي إلى التآكل وفقدان المغذيات. تعد كثافة التربة مهمة أيضًا لفهم كيفية تحرك المياه خلالها، وهو أمر مهم لإدارة موارد المياه ومنع تآكل التربة.
  4. إدارة النفايات: تعد كثافة مواد النفايات عاملاً مهمًا في إدارة النفايات. فهي تؤثر على مقدار المساحة اللازمة لتخزين ونقل النفايات، فضلاً عن تكلفة التخلص من النفايات. يمكن ضغط المواد ذات الكثافة العالية، مثل المعادن والزجاج، بسهولة أكبر من المواد منخفضة الكثافة، مثل البلاستيك والورق.
  • إذا كانت كثافة نوع معين من النفايات عالية، فيُمكن استخدام شاحنة أصغر لنقلها. هذا يمكن أن يوفر أموال الشركة ويقلل من الأثر البيئي لنقل النفايات.
  • إذا كانت كثافة نوع معين من النفايات منخفضة، فيُمكن دفنها في مكب النفايات. يعد هذا خيارًا أكثر ملاءمة للبيئة من حرق النفايات، مما يؤدي إلى إطلاق ملوثات ضارة في الغلاف الجوي.

يعد فهم كثافة المواد المختلفة وتطبيقاتها أمرًا مهمًا لإدارة الموارد الطبيعية ومنع التلوث.

أبحاث الكثافة المستقبلية

هناك العديد من المجالات التي من المحتمل أن تركز عليها الأبحاث المستقبلية. مثل [5,6] :

  1. المواد المتقدمة: من المرجح أن يواصل الباحثون استكشاف خصائص المواد المتقدمة، مثل المواد النانوية والمواد الخارقة، التي لها خصائص فريدة مرتبطة بالكثافة. على سبيل المثال، يدرس الباحثون كيفية تأثير كثافة هذه المواد على الموصلية الحرارية والتوصيل الكهربائي وخصائص أخرى.
  2. العلوم البيئية: مع استمرار تزايد المخاوف بشأن تغير المناخ والتدهور البيئي، يركز الباحثون على تأثير الكثافة على سلوك المواد في البيئة. مثلًا، يدرس الباحثون تأثير كثافة الملوثات على حركتها في الغلاف الجوي وأنظمة المياه، أو كيفية توظيف كثافة التربة في تحسين نمو النبات وامتصاص المغذيات.
  3. الطاقة: الكثافة عامل مهم في إنتاج الطاقة وتخزينها، ومن المرجح أن يواصل الباحثون استكشاف تأثير الكثافة على كفاءة أنظمة الطاقة. مثلًا، يدرس الباحثون تأثير كثافة المواد على كفاءة البطاريات وخلايا الوقود، أو تأثير كثافة الوقود على خصائص احتراقه.
  4. الصحة: الكثافة خاصية مهمة في علم الأحياء والطب، ويواصل الباحثون استكشاف تأثير الكثافة على سلوك الخلايا والأنسجة. مثلًا، يدرس العلماء تأثير كثافة الخلايا السرطانية على قدرتها على الانتشار وغزو الأنسجة الأخرى، أو تأثير كثافة العظام على قوتها ومقاومتها للكسر.

كما نرى، تعد دراسة الكثافة مجالًا غنيًا ومتنوعًا للبحث مع العديد من التطبيقات المحتملة في العلوم والتكنولوجيا. ومع تطوير مواد وتقنيات جديدة، ومع استمرار تطور فهمنا للعالم الطبيعي، من المرجح أن ينجح الباحثون في استكشاف خصائص وتطبيقات الكثافة في مجموعة واسعة من السياقات.

المصادر

  1. Visionlearning | Density
  1. Sciencing | Importance of Density
  1. chem.libretexts | Density and its applications
  1. water science school | water density
  1. Paul, Igboji Ola and Nnenna Okey Nwankwo. “Characteristics of soil under different land use have enormous potential for checking erosion in Abakaliki, Southeastern Nigeria.” (2017).
  1. Chen, Xiang et al. “Applying Machine Learning to Rechargeable Batteries: From the Microscale to the Macroscale.” Angewandte Chemie (International ed. in English) vol. 60,46 (2021): 24354-24366.

ما هي الكثافة وما هي تطبيقاتها في حياتنا اليومية؟

الكثافة وتطبيقاتها هي الكلمة التي غالبًا ما تجعل عيون الناس تتلألأ. إنه مرتبط بفصول علمية مملة ومعادلات رياضية معقدة. لكن ماذا لو أخبرتك أن الكثافة هي في الواقع مفهوم ممتع جدًا؟

على سبيل المثال، هل تعلم أن الفلين أقل كثافة من الماء، لذا فهو يطفو جزئيا؟ ولكن إذا أضفت ما يكفي من الملح إلى الماء، فستزداد كثافة الماء وسيطفو الفلين كليًا فوق سطح الماء. وذلك لأن جزيئات الملح تضيف كتلة إلى الماء دون زيادة حجم الماء كثيرًا. كما ترون ، فإن الكثافة مفهوم ممتع للغاية. الأمر كله يتعلق بكمية الأشياء التي يتم تعبئتها في مساحة معينة. إليك هذا المقال لتبسيط وتوضيح مفهوم الكثافة بشكل أعمق وكذلك العوامل المؤثرة عليه وتطبيقاته في حياتنا اليومية [1].

ما هي الكثافة؟

الكثافة هي خاصية فيزيائية تصف مقدار الكتلة لكل وحدة حجم للمادة. بمعنى آخر، إنه مقياس لمدى تماسك جزيئات المادة. معادلة الكثافة هي:

الكثافة = الكتلة / الحجم

يتم التعبير عن وحدات الكثافة عادةً بالكيلوجرام لكل متر مكعب (كجم/م  مكعب) أو بالجرام لكل سنتيمتر مكعب (جم/ سم مكعب)، ولكن الوحدات الأخرى مثل رطل لكل بوصة مكعبة (رطل / بوصة)

تمثل الكثافة وتطبيقاتها جزءً مهمًا في العديد من مجالات العلوم والهندسة، بما في ذلك الكيمياء والفيزياء وعلوم المواد والجيولوجيا. يتم استخدامه لتحديد وتصنيف المواد، ولتحديد نقاء المادة، ولحساب طفو الأشياء في السوائل [1].

كيفية قياس الكثافة؟

هناك عدة طرق لقياس كثافة المادة، حسب طبيعة المادة ومستوى الدقة المطلوبة. فيما يلي بعض الطرق الشائعة [2]:

  1. مبدأ أرخميدس: تتضمن هذه الطريقة قياس قوة الطفو على جسم مغمور في سائل. قوة الطفو تساوي وزن السائل الذي أزاحه الجسم ، ويمكن استخدامها لحساب كثافة الجسم. تُستخدم هذه الطريقة بشكل شائع لقياس كثافة الأجسام أو المساحيق غير المنتظمة.
  2. قياسات الكتلة والحجم: تتضمن هذه الطريقة قياس كتلة وحجم مادة ما مباشرة ، ثم حساب الكثافة باستخدام صيغة الكثافة = الكتلة / الحجم. تستخدم هذه الطريقة بشكل شائع لقياس كثافة السوائل والمواد الصلبة.
  3. إزاحة الغاز: تتضمن هذه الطريقة قياس حجم الغاز المزاح بواسطة مادة صلبة أو سائلة عند غمره في الغاز. يمكن بعد ذلك حساب كثافة المادة باستخدام الصيغة الكثافة = الكتلة / الحجم. تستخدم هذه الطريقة بشكل شائع لقياس كثافة المواد الصلبة والسوائل غير القابلة للذوبان في الماء.
  4. حيود الأشعة السينية: تتضمن هذه الطريقة قياس نمط حيود الأشعة السينية التي تمر عبر بلورة المادة. يمكن تحديد التباعد بين الذرات في البلورة من نمط الحيود ، ويمكن حساب كثافة المادة من التباعد الذري والوزن الجزيئي للمادة.
  5. تتضمن هذه الطريقة قياس حجم كتلة معروفة من المادة باستخدام حاوية متخصصة تسمى.pycnometer يمكن بعد ذلك حساب كثافة المادة باستخدام العلاقة الكثافة = الكتلة / الحجم.

هذه ليست سوى عدد قليل من الطرق العديدة المتاحة لقياس كثافة مادة ما. يعتمد اختيار الطريقة على طبيعة المادة ومستوى الدقة المطلوبة والمعدات المتاحة.

ما هي العوامل التي تؤثر على الكثافة؟

يمكن أن تتأثر كثافة المادة بعوامل مختلفة مثل درجة الحرارة والضغط وتكوين المادة. على سبيل المثال، تقل كثافة الغاز مع زيادة درجة الحرارة، بينما تزداد كثافة السائل عمومًا مع انخفاض درجة الحرارة [3].

تتأثر الكثافة بعدة عوامل كاللآتي:

1. درجة الحرارة: تقل كثافة مادة ما بشكل عام مع زيادة درجة حرارتها. هذا لأنه مع ارتفاع درجة الحرارة ، تكتسب الجسيمات الموجودة في المادة طاقة حركية أكثر وتتحرك بشكل أسرع ، مما يؤدي إلى انتشارها واحتلال مساحة أكبر. نتيجة لذلك ، تصبح المادة أقل كثافة.

2. الضغط: يمكن أن تتأثر كثافة المادة أيضًا بالضغط. بشكل عام ، مع زيادة الضغط على مادة ما ، تزداد كثافتها أيضًا. وذلك لأن الجسيمات الموجودة في المادة تقترب من بعضها البعض ، مما يقلل من مقدار المسافة بينها ويزيد من كثافة المادة.

3. التركيب: يتم تحديد كثافة المادة أيضًا من خلال تكوينها. المواد المختلفة لها كثافة مختلفة لأن جزيئاتها مرتبة بشكل مختلف. على سبيل المثال ، تكون المعادن عمومًا أكثر كثافة من اللافلزات لأن ذراتها متماسكة بشكل وثيق.

4. حالة المادة: يمكن أن تختلف كثافة المادة أيضًا حسب حالة المادة. على سبيل المثال ، كثافة الغاز أقل بكثير من كثافة السائل أو المادة الصلبة لأن الجسيمات الموجودة في الغاز تكون متباعدة كثيرًا.

5. الشوائب: يمكن أن يؤثر وجود الشوائب في مادة ما على كثافتها. إذا تم خلط مادة مع مادة أخرى لها كثافة مختلفة ، فإن الخليط الناتج سيكون له كثافة في مكان ما بين الكثافتين الأصليتين.

يعد فهم العوامل التي تؤثر على الكثافة أمرًا مهمًا في العديد من مجالات العلوم والهندسة، بما في ذلك علوم المواد والكيمياء والفيزياء. من خلال التحكم في هذه العوامل، يمكن للعلماء والمهندسين معالجة كثافة مادة ما لتحقيق خصائص أو خصائص محددة.

ما أهمية الكثافة؟

تعتبر الكثافة خاصية مادية مهمة لها العديد من التطبيقات العملية في مختلف مجالات العلوم والهندسة. فيما يلي بعض الأسباب الرئيسية لأهمية الكثافة [3]:

1. تحديد وتصنيف المواد: كثافة المادة هي خاصية فريدة يمكن استخدامها لتحديد وتصنيف المواد. على سبيل المثال، يستخدم الجيولوجيون كثافة الصخور والمعادن لتحديد أنواع مختلفة من الصخور وتحديد تكوينها.

2. تحديد النقاوة: يمكن استخدام كثافة مادة لتحديد نقاوتها. إذا تم خلط مادة مع مادة أخرى لها كثافة مختلفة، فإن الخليط الناتج سيكون له كثافة في مكان ما بين الكثافتين الأصليتين. من خلال قياس كثافة الخليط، يمكن للعلماء تحديد درجة نقاء المادة.

3. حساب الطفو: كثافة المادة مهمة أيضًا لحساب طفو الأشياء في الموائع. ستطفو الأشياء الأقل كثافة من السائل الذي تغمره، بينما ستغرق الأشياء الأكثر كثافة. يستخدم هذا المبدأ في العديد من التطبيقات، مثل بناء السفن وتصميم الغواصات وتصميم أجهزة التعويم.

4. علم وهندسة المواد: تعتبر كثافة المادة عاملاً مهمًا في تحديد خواصها الميكانيكية، مثل القوة والصلابة والليونة. من خلال التحكم في كثافة المادة، يمكن للعلماء والمهندسين معالجة خصائصها لتحقيق خصائص محددة.

5. الكيمياء والفيزياء: كثافة المادة مهمة أيضًا في الكيمياء والفيزياء، حيث تُستخدم لحساب الخصائص المختلفة مثل الكتلة المولية والوزن الجزيئي والسعة الحرارية النوعية.

باختصار، من خلال فهم كثافة وتطبيقاتها وكيفية التحكم فيها، يمكن للعلماء والمهندسين تطوير مواد جديدة بخصائص وخصائص محددة، وتصميم الأجهزة والهياكل التي تم تحسينها للتطبيقات المقصودة.

ما هي تطبيقات الكثافة في الحياة اليومية؟

تلعب الكثافة وتطبيقاتها دورًا مهمًا في حياتنا اليومية، غالبًا بطرق قد لا ندركها. فيما يلي بعض الأمثلة عن كيفية تأثير الكثافة على حياتنا اليومية [3]:

1. الطبخ: الكثافة عامل مهم في الطبخ، وخاصة في الخبز. على سبيل المثال، تؤثر كثافة الدقيق على كمية الدقيق اللازمة لصنع كمية معينة من العجين، وتؤثر كثافة السكر على كمية السكر اللازمة لتحلية الوصفة.

2. النقل: الكثافة عامل رئيسي في النقل، لا سيما في تصميم المركبات. على سبيل المثال، تؤثر كثافة الوقود على المسافة التي يمكن للمركبة أن تقطعها على خزان الغاز، وتؤثر كثافة المواد المستخدمة في بناء السيارة على وزن السيارة وكفاءتها في استهلاك الوقود.

3. البناء: الكثافة مهمة أيضًا في البناء، حيث تؤثر على قوة ومتانة المواد. على سبيل المثال، تؤثر كثافة الخرسانة على قوتها الانضغاطية، وتؤثر كثافة الخشب على قوته ومقاومته للتعفن.

4. الصحة والطب: تستخدم الكثافة في التطبيقات الطبية المختلفة، مثل تحديد كثافة العظام لتشخيص هشاشة العظام، وقياس كثافة السوائل في الجسم لتشخيص حالات طبية معينة.

5. علم البيئة: تعتبر الكثافة مهمة في علوم البيئة حيث تستخدم لقياس كثافة ملوثات الهواء ولتحديد كثافة المياه في المسطحات المائية. تُستخدم هذه المعلومات لرصد وتنظيم مستويات التلوث ولحماية البيئة.

باختصار، تعتبر الكثافة وتطبيقاتها تؤثر على العديد من جوانب حياتنا اليومية، من الطهي والنقل إلى البناء وعلوم البيئة. من خلال فهم دور الكثافة في هذه التطبيقات، يمكننا اتخاذ قرارات مستنيرة وتطوير تقنيات جديدة محسّنة للأغراض المقصودة.

المصادر

  1. Vision Learning | Density
  2. Anton Paar | Density and density measurement
  3. International Journal for Research in Applied Science and Engineering Technology | A Review Paper on Comparative Study of Density of Bituminous Layer by Various Methods

المسرع الخطي LCLS للأشعة السينية، من فكرة سلاح نظري لميكروسكوب لا سابق له

ظلت ليزرات الأشعة السينية مدة طويلة مادة خصبة للخيال العلمي. ولم يبدأ أول جهاز منها بالعمل لغرض علمي إلا قبل اثني عشرة سنة، وذلك في جامعة ستانفورد باعتبارها مرفقا تابعا لمكتب العلوم في وزارة الطاقة الأمريكية. ويستمد هذا الجهاز، المعروف باسم منبع الضوء المترابط للمسرع الخطي (LCLS) طاقته من أطول مسرع جسيمات خطي في العالم، في مختبر المسرع الوطني SLAC. وقدي جري بواسطته تكوين حالات غريبة للمادة لم تحصل في أي مكان أخر من الكون، وذلك بتعريض الذرات والجزيئات والجوامد لنبضات أشعة سينية ذات شدة عالية. فماهو هذا الجهاز؟ وما هي خصائصه؟

ألية عمل الأشعة السينية

إذا وضعنا ذرة أو جزيئا أو حبيبة غبار في وجه أقوى ليزر للأشعة السينية في العالم، فإنه لن يكون أمامها أي فرصة للنجاة. إذ تصل درجة حرارة تلك المادة المضاءة بالليزر إلى أعلى من مليون “كلفن” كما في حالة الشمس. وذلك في غضون أقل من جزء واحد من تريليون جزء من الثانية. وعلى سبيل المثال، تفقد ذرات النيون الخاضعة لمثل هذه الظروف الاستثنائية جميع إلكتروناتها العشرة سريعا وبمجرد خسارتها لغلافها الإلكتروني الواقي تنفجر مبتعدة عن الذرات المجاورة. ويمثل مسار حطامها مشهدا فاتنا جدا للفيزيائيين.

إن ما يجعل هذه العملية مدهشة هو أن ضوء الليزر يطرد إلكترونات الذرة من الداخل إلى الخارج. لكن الإلكترونات, التي تحيط بنواة الذرة على شكل طبقات مدارية شبيهة بطبقات البصل، لا تتفاعل جميعا بتجانس مع حزمة الأشعة السينية. لأن الطبقات الخارجية شفافة تقريبا لهذه الأشعة. ولذا فإن الطبقة الداخلية هي التي تقع تحت وطأة الإشعاع، تماما كما تسخْن القهوة في الفنجان الموضوع في فرن موجات ميكروية قبل الفنجان بمدة طويلة_ كما يتضح فى الشكل المقابل. فإن الأشعة السينية تقوم بطرد إلكترونات المدار الداخلي K _. وينطلق الإلكترونان الموجودان في تلك الطبقة إلى الخارج مخلفين وراءهما حيزا فارغا فتغدو الذرة جوفاء. وخلال بضع فيمتوثوان، تمتص إلكترونات أخرى إلى الداخل لتحل محل الإلكترونات المفقودة. وتتكرر دورة تكوين التجويف الداخلي وملء الفراغ حتى لا يتبقى أي إلكترون حول الذرة. وتحدث هذه العملية في الجزيئات وفي المادة الصلبة أيضا.[1]

لكن تلك الحالة الغريبة لا تدوم إلا بضع فيمتوثوان.  وفي الجوامد، تتفكك المادة إلى حالة متأينة, أي إلى بلازما كثيفة وساخنة لا توجد عادة إلا في ظروف استثنائية من مثل تفاعلات الاندماج النووي أو في مراكز الكواكب الضخمة. وعلى كوكب الأرض لا مثيل للحالة المتطرفة الخاطفة التي تنشأ عند تفاعل الذرة مع حزمة ليزر الاشعة السينية.

إحياء المسرع الخطي LCLS وفتح أفاق جديدة

 في الواقع استمد أول ليزر أشعة سينية طاقته من اختبار لقنبلة نووية تحت الأرض. فقد صنع ذلك الليزر من أجل مشروع سري اسمه إكسكاليبر Excalibur. ونفذه مختبر <لورنس ليفرمور> القومي. وكان ذلك الجهاز واحد من مكونات مبادرة الدفاع الاستراتيجي التي أطلقها الرئيس الأمريكي الأسبق <رونالد ريكان> والمسماة بحرب النجوم في ثمانينات القرن الماضي. حيث كان الغرض منها أن تعمل على إسقاط الصواريخ والأقمار الصناعية.[2]

إن الليزر المعروف بمنبع الضوء المترابط في المسرّع الخطي(LCLS) الموجود في مركز مسرّع ستانفورد الخطي (SLAC). يوقظ ذكريات منظومات “حرب‏ النجوم” المضادة للصواريخ تلك.[3] فقد قامت جامعة ستانفورد ببنائه كأطول مسرع إلكترونات في العالم. ويبلغ طول ذلك المسرع ثلاثة كيلومترات، ويبدو من الفضاء كإبرة موجهة إلي قلب الحرم الجامعي. إن ذلك المسرع الخطي مدين في نشأته للعديد من الإكتشافات وجوائز نوبل التى أبقت الولايات المتحدة فى طليعة فيزياء الجسيمات الأولية طوال عقود من الزمن. ومنذ إعادة إناطة مهام جديدة في الشهر 2009/10. غدت بالنسبة إلى فيزياء الذرة والبلازما والكيمياء وفيزياء المادة الكثيفة وعلم الأحياء، ما يمثله المصادم الهادروني الكبير (LHC). ويمكن لنبضات الأشعة السينية لمنبع الضوء المترابط LCLS أن تكون بالغة القصر ( بضع فيمتوثوان) إلي حد أنها تجعل الذرات تبدو جامدة. وهذا ما يمكن الفيزيائيين من رؤية التفاعلات الكيميائية أثناء حدوثها. وتلك النبضات شديدة السطوع أيضا، ولذا تسمح بتصوير البروتينات والجزيئات الحيوية الأخرى التي كانت دراستها شديدة الصعوبة.

ظلال الذرات وتصوير المسافات الضئيلة

يدمج ليزر الأشعة السينية أداتين من الأدوات الرئيسية التي يستعملها فيزيائيون اليوم التجريبيون. وهما منابع ضوء السنكروترونات Synchrotrons والليزرات الفائقة السرعة Ultrafast Lasers. أما السنكروترونات، فهي مسرعات مضمارية الشكل تدور الإلكترونات ضمنها وتصدر أشعة سينية تلج أجهزة قياس موضوعة حول محيط الآلة على هيئة دولاب ذي قضبان منبثقة من مركزه. وتستعمل أشعة السنكروترون السينية لدراسة أعماق الذرات والجزيئات والنُظم النانوية. فضوء الأشعة السينية مثالي لهذا الغرض، لأن أطوال موجاته من مقاس الذرة. [4] ولذا تولد الذرات ظلالا ضمن حزمة الاشعة السينية. وإضافة إلى ذلك، يمكن تعديل الأشعة السينية بحيث ترى أنواعا معينة من الذرات. كذرات الحديد فقط مثلا، وتبين مكان تموضعها ضمن الجسم الصلب أو ضمن جزيء كبير كجزيئات الهيمو جلويين (الحديد هو المسؤول عن اللون الآحمر للدم).

لكن ما تعجز عنه الأشعة السينية هو اقتفاء أثر الحركة الذرية ضمن الجزيء أو الجسم الصلب. فكل ما نراه حينئذ هو غشاوة باهتة. لأن النبضات ليست قصيرة ولا ساطعة بقدر كاف. ولا يمكن للسنكروترون تصوير الجزيئات إلا إذا كانت مصطفة على هيئة بلورات، حيث تقوم قوى موضعية بإبقاء الملايين منها في صفوف منتظمة.

وفيما يخص الليزرات، فإن ضوءها أشد سطوعا بكثير من الضوء العادي لأنه ضوء مترابط. إن الحقل الكهرومغناطيسي في الليزر ليس متموجا كسطح البحر الهائج، بل يهتز بنعومة وانتظام متحكم فيهما. ويعني الترابط ان الليزرات تستطيع تركيز طاقة هائلة ضمن بقعة صغيرة. وأنه يمكن إشعالها وإطفاؤها في برهة قصيرة من رتبة الفيمتوثانية.

التباين بين الأشعة السينية والليزرات العادية

وتعمل الليزرات العادية عند أطوال موجات الضوء المرئي والضوء القريب منه. وتلك أطوال أكبر بألف مرة من أطوال الموجات الضرورية لتمييز الذرات إفراديا. وعلى غرار رادار الطقس الذي يستطيع رؤية عاصفة مطرية دون تمييز قطرات المطر،  فإن الليزرات العادية تستطيع رؤية مجموعة متحركة من الذرات دون تمييزها إفراديا. فمن أجل تكوين ظل حاد للجسم المرصود يجب أن يكون طول موجة الضوء صغيرا ومن رتبة مقاس ذلك الجسم على الأقل. ولذا نحتاج إلى ليزر أشعة سينية. وباختصار يتغلب ليزر الأشعة السينية على الصعوبات والسلبيات التي تمثلها الأدوات الشائعة لتصوير المادة عند المقاسات الشديدة الضآلة. لكن صنع جهاز من هذا النوع ليس بالمهمة السهلة.

بدت فكرة بناء ليزر أشعة سينية غريبة في وقت من الأوقات.  باعتبار أن صنع أي ليزر أمر بالغ الصعوبة بحد ذأته. فالليزرات العادية تنجح في عملها لأن الذرات تشبه البطاريات الصغيرة. فهي تمتص مقادير قليلة من الطاقة وتخزنها ثم تصدرها على شكل فوتونات، أى جسيمات ضوء. وهي تحرر طاقتها تلفائيا عادة, إلا أن <أينشتاين> كان قد اكتشف فى بداية القرن العشرين طريقة لقدح تحريرها من خلال عملية تسمى الاإصدار المحرض Simulated emission. وإذا جعلتَ الذرة تمتص مقدارا معينا من الطاقة, ثم قذفتها بفوتون يمتلك مقدارا مماثلا من الطاقة، أصدرت الذرة الطاقة الممتصة ، مولدة نسخة من الفوتون. وينطلق الفوتونان (الأصلي والمستنسخ) ليحفزا تحرير طاقة من زوج من الذرات الأخري، ويتكرر ذلك مراكما جيشا مستنسخا في تفاعل متسلسل أسي. والنتيجة هى حزم ليزرية.

لكن حتي عندما تكون الظروف ملائمة، فإن الذرات لاتستنسخ فوتونات دائما. فاحتمال إصدار ذرة معينة لفوتون عند قذفها بفوتون آخر، قليل. وثمة فرصة أكبر لها لتحرير طاقتها قبل حدوث ذلك. وتتغلب الليزرات العادية على هذه المحدودية بضخ طاقة تملأ الذرات، مع استعمال مرايا ترسل الضوء المستنسخ جيئة وذهابا ليتلتقط فوتونات جديدة.

أما في ليزر الأشعة السينية، فيغدو تحقيق كل خطوة من هذه العملية أشد صعوية بكثير. ففوتون الأشعة السينية يمكن أن يمتلك طاقة أكبر بألف مرة مما يمتلكه الفوتون المرئي. لذا على كل ذرة أن تمتص طاقة أكبر بالف مرة. ولا تحتفظ الذرات بطاقاتها مدة طويلة. إضافة إلى أنه من الصعب الحصول على مرايا عاكسة للأشعة السينية. وعلى الرغم من أن هذه العوائق ليست جوهرية، فإن ثمة حاجة إلى طاقة هائلة لتكوين الظروف الليزرية.

أجزاء المسرع الخطي وآلية عمله

يعد منبع الضوء المترابط LCLS أقرب شئ تصنعه البشرية لمدفع سفينة فضاء ليزري ويستمد هذا الجهاز طاقته من مسرع جسيمات خطي. وهو نسخة مضخمة من المدفع الإلكتروني المستعمل في جهاز التليفزيون القديم الذي يطلق إلكترونات بسرعات قريبة من سرعة الضوء والمموج هو أساس هذا الاإختراع. إذ يجعل اللكترونات تسلك مسارا منعرجا. وكلما غيرت الإلكترونات اتجاهها في، أصدرت إشعاعا يتألف في هذه الحالة من أشعة سينية. ونظرا لأن الإلكترونات تتحرك بسرعة قريبة من سرعة الأشعة السينية التي تصدرها، فإن هذه العملية تغذي نفسها وتنتج حزمة استثنائية بشدتها ونقائها.[5]

مكونات الجهاز:

  1. ليزر التشغيل: يولد ليزر التشغيل نبضات ضوء فوق بنفسجي تقتلع نبضات من الإلكترونات من المهبط.
  2. المسرع: تسرع الحقول الكهربية الإلكترونات لتصبح طاقاتها 12 بليون إلكترون فولت. ويستعمل في منبع الضوء المترابط LCLS هذا كيلو متر واحد من الطول الإجمالي للمسرع SLAC. أي ثلثه فقط.
  3. ضاغط الحزمة 1: تدخل النبضات الإلكترونية ممرا منحنيا ذا شكل “S” مخفف يقوم بتسوية نسق الإلكترونات ذات الطاقات المتباينة.
  4. ضاغط الحزمة2: بعد جولة من التسارع. تدخل النبضات ضاغطا آخر أطول من الضاغط الأول. لأن طاقة الإلكترونات الآن أكبر.
  5. ردهة النقل: تقوم المغانط هنا بتكبير أو تصغير النبضات.
  6. ردهة المموج: تسبب مجموعة مغانط ذات قطبييات متناوبة حركة متعرجة للإلكترونات، محرضة إياها علي توليد حزمة أشعة سينية ليزرية.
  7. استخلاص الجزمة: يسحب مغنطيس قوي الإلكترونات ويدع الأشعة السينية تكمل طريقها.
  8. محطة منبع الضوء التجريبية: تقوم الأشعة السينية بعملها. حيث تضرب المادة وتقوم بمهمة التصوير.

المصادر:

1- Interaction of X-ray with Atoms

2-Excalibur Project

3- LCLS Overview II SLAC

4-Synchrotron

5-The Ultimate X-ray Machine

ماذا يقصد بالخرسانة الشفافة؟

إذا نظرت إلى أحياء مدينتك سترى الخرسانة في كل مكان من حولك، فهي مادّة البناء الأساسية لمعظم المنشآت الآن. لكنها لم تكن كذلك في بداية الأمر، فقد بدت ثوريةً للغاية قبل الميلاد في معبد «البانثيون-Pantheon» عندما بناه الرومان. منذ ذلك الحين وإلى اليوم يستمرّ تطوّر الخرسانة لتواكب التغيُّرات المستمرّة في صناعة البناء. ويطوّر العلماء اليوم مواد بناء غريبةً وغير متوقّعة من قبل، مثل الأسمنت الصالح للأكل، والخرسانة الشفافة. وتحدِّث الخرسانة الشفافة ثورةً في صناعة الإنشاءات، وعلى الرغم من أنها مادة جديدة نسبيًا إلا أنها تكتسب شعبيةً واسعةً. ويرجّح أن تستخدم في المزيد من التطبيقات مع استمرار تطوّرها.

ما هي الخرسانة الشفافة

تعد «الخرسانة الشفافة- Translucent concrete» نوعًا من أنواع الخرسانة التي تسمح بمرور الضوء من خلالها مع الحفاظ على الخصوصية، وذلك بفعل الألياف البصرية المدمجة بها. تعرف أيضًا باسم الخرسانة شبه الشفافة، أو الخرسانة الناقلة للضوء.[1]

تُدعى الألياف البصرية أيضًا باسم «الألياف الضوئية-Fiber optic» وهي عبارة عن ألياف رقيقة ومرنة. تصنع من الزجاج أو البلاستيك لنقل البيانات عبر مساحات طويلة، وتنقل الإشارات الضوئية وتحوّلها إلى إشارات كهربائية في نهاية الاستقبال. لا يتعدّى سمكها سمك الشعرة، وتُجمّع عادةً العديد من الألياف في حزم مع بعضها. وتستخدم على نطاق واسع في الاتصالات السلكية واللاسلكية، والإنترنت، والمعدات الطبية، وأجهزة الاستشعار. مثلًا تستخدم مستشعرات الألياف البصرية لمراقبة السلامة الإنشائية للجسور والبنى التحتية الأخرى.[2]

خرسانة شفافة Translucent concreteفي الظلام.

ترتَّب الألياف البصرية في جميع أنحاء الخرسانة مما يسمح للضوء بالانتقال عبرها من طرف إلى آخر. فيظهر نمط معيّن من الضوء على سطح الجدار اعتمادًا على بنية الألياف المتواجدة فيه.[1]

متى بدأت فكرة الخرسانة الشفافة لأوّل مرة؟

يعود تاريخ الخرسانة الشفافة إلى أوائل القرن ال20، لكنها اكتسبت اهتمامًا كبيرًا في السنوات الأخيرة كمادة بناء مستدامة. ذكر مفهوم الخرسانة شبه الشفافة لأوّل مرّة في براءة اختراع قدّمها الألماني Paul Liese في مكتب الولايات المتحدة لبراءات الاختراع عام 1922. وتعلّقت براءة الاختراع بألواح أو كتل شفافة للجدران والأسقف الخرسانية. طوّر لاحقًا «جيمس هيل- James N.Hill » طريقةً لإنشاء لوح شفاف عام 1965.ثم استمرّت صناعتها بالتطوّر، حتى وصلت إلى نتيجة اليوم.[3]

صناعة الخرسانة الشفافة

تتشابه عملية صنع الخرسانة الشفافة مع الخرسانة العادية، مع فارق انتشار الألياف البصرية في جميع أنحاء الخليط. وتصنع عادةً من الأسمنت، والرمل، والماء، والركام، والملدّنات، والألياف البصرية الناقلة للضوء. يزداد انتقال الضوء بازدياد حجم الألياف POF «بولي ميثل ميثاكريليت-Poly methyl methacrylate» وقطرها. وتنتج الشركات الخرسانة الشفافة بإضافة (1-5)% من الألياف البصرية، ويستخدم ركام ناعم فيها بدلًا من ركام خشن. [1][4]

عندما يصطدم الضوء الطبيعي أو الاصطناعي بالألياف ينتقل من خلال الخرسانة، مما يجعلها مشعةً. وتوضع الألياف بعناية باليد إما طبقةً بطبقة، أو بشكل فردي ومبعثرة وذلك بالاعتماد على مظهر المنتج النهائي.[5]

فوائد عديدة في صناعة البناء

تجلب الخرسانة الشفافة عدّة فوائد على صناعة البناء والتشييد، ومنها:

  • الجمالية، يمكن استخدامها كميزة معمارية لخلق منظر جمالي مريح وفريد للمبنى. وقد تستعمل في الديكور الداخلي لأجزاء محدّدة من الفراغات.
  • الرصد الإنشائي، يمكن دمج الألياف الضوئية في الخرسانة للكشف عن الإجهاد الإنشائي، ويؤدّي ذلك إلى الكشف المبكّر عن المشاكل المحتملة.[6]
  • انخفاض الوزن، الخرسانة الشفافة أخفّ من الخرسانة العادية، والذي يؤثّر بدوره على الوزن الذاتي للهيكل، مثلًا تنخفض قيمة الحمولة الميتة. ويقصد بالحمولة الميتة في الإنشاء: الأحمال التي تكون ثابتةً نسبيًا مع مرور الوقت، بما في ذلك وزن الهيكل الإنشائي، والجدران، والأبواب.
  • تحسين مقاومة الانضغاط الأولية بنسبة تتراوح بين 10-15% بعد 28 يومًا، في حال استخدام مزيج الألياف البصرية بنسبة 3%. بينما تنخفض مقاومة الانضغاط تدريجيًا مع زيادة الألياف البصرية في المزيج.[4] ويقصد بمقاومة الانضغاط قدرة المادة على مقاومة القوى الضاغطة محوريًا.

تأثيرات على البيئة

تمتلك الخرسانة الشفافة العديد من التأثيرات البيئية التي تجعل منها مادّة بناء مستدامة. إذ تقلّل استهلاك الطاقة لأنها تسمح بمرور الضوء الطبيعي من خلالها، نتيجةً لذلك تقلّ الحاجة إلى استعمال الإنارة الاصطناعية خلال أوقات النهار. وتُصنع من ملاط يتطلّب كمّية مياه أقلّ، ويُنتج نفايات أقل أيضًا. بسبب ذلك ينخفض انبعاث الكربون، وتتحسّن نوعية الهواء بسبب الملوثات الأقل نسبيًا. مما يخلق بيئةً صحيةً أكثر داخل المبنى.[7]

تحديات ومساوئ

تعتبر الخرسانة الشفافة تقنيةً جديدةً نسبيًا، ولا يزال هنالك الكثير من البحوث والتجارب التي يجب القيام بها لفهم كامل خصائصها وتطبيقاتها. وتواجه العديد من الصعوبات والعوائق ومنها:

  • العثور على المواد الصحيحة. يجرّب الباحثون العديد من المواد التي تسمح للضوء بالمرور من الخرسانة، وتحافظ على السلامة الهيكلية لها في نفس الوقت. ويعمل الباحثون اليوم على تطوير الخليط باستخدام مواد نانوية وزجاج بليكسي Plexiglass.
  • الحفاظ على الخصائص الميكانيكية، إذ يمكن أن تتغيّر بإضافة الألياف. على سبيل المثال؛ تمتلك الخرسانة الشفافة مقاومة انضغاط أقل من الخرسانة التقليدية، والتي قد تحد من استخداماتها في تطبيقات معينة.[8]
  • امتصاص الرطوبة، يمكن للخرسانة الشفافة امتصاص الرطوبة، وقد يؤدي ذلك إلى تغيير اللون وغيرها من المشكلات مع مرور الوقت.
  • التكلفة، تتطلب الخرسانة الشفافة تكلفة أعلى لصنعها، بسبب سعر الألياف البصرية المرتفع، وعملية التصنيع الإضافية.
  • التوافر المحدود، لأنها غير متاحة على نطاق واسع، مما يجعل من الصعب الحصول عليها لبعض المشاريع.[6]
  • قيود على التصميم. على سبيل المثال؛ قد تكون كمية الضوء التي تمرّ محدودةً، ويختلف مظهر الخرسانة اعتمادًا على زاوية ورود الضوء. لذلك يجب على المعماريين أخذ هذه العوامل بالحسبان أثناء تصميم المشروع.[8]

مسجد العزيز في أبو ظبي

يحتوي مسجد العزيز في أبو ظبي على عناصر بارزة من الكتابة العربية، تمثّل تهجئة 99 اسمًا للّه من القرآن. وتضيء الكتابة على الواجهة البالغ مساحتها 515 متر مربع في الظلام بفعل الخرسانة الشفافة. حيث تمكّنت الشركة الألمانية LUCEM من تحديد موقع الألياف الضوئية وفقًا للرسومات التي قدّمها المعماريون والخطّاط العربي.

مسجد العزيز في أبو ظبي.

وصبغوا الخرسانة بذات لون الألواح الحجرية المستعملة في أماكن أخرى من واجهة المسجد، حتى تصبح الواجهة متناسقةً. كما صبغوا الألواح الشفافة بالرمل، من أجل منحهم الملمس الصحيح. على الرغم من أن الواجهة تبدو وكأنها مضاءة من داخل المبنى، لكن يتحقق التأثير بالحقيقة بفضل نظام المصابيح المثبّتة داخل تجويف الجدار.[9]

جزء من الكتابة على واجهة مسجد العزيز في أبو ظبي.

مصرف العاصمة في الأردن

سعى مصممو «مصرف العاصمة- capital bank» إلى تغيير النهج التقليدي للمصارف، وإنشاء تجربة تجارية فيه. فاستعاضوا عن طاولات الخدمة وأماكن الانتظار التقليدية بمكاتب فردية، وأماكن استقبال مخصّصة لتلبية احتياجات العملاء. ودمجوا الطبيعة في التصميم عن طريق وضع المكاتب حول فراغ داخلي متأثر بالحدائق اليابانية. أما بالنسبة للمظهر الخارجي، فعادةً ما تتطلب المصارف وجود خصوصية للعملاء، لذلك توضع الفتحات الزجاجية في الحد الأدنى. واختار المهندسون الحجر للإكساء، لكي يتناسب مظهر المصرف مع العمارة المحلية في المنطقة. بينما استخدمت الخرسانة الشفافة لإكساء واجهة الدرج بارتفاع 14م من أجل استكمال فكرة الطبيعة التي تتدفّق عبر الأضواء والظلال. واستخدمت كذلك خرسانة عادية لتغطية الأجزاء غير الشفافة من الواجهة، والتي صنعت بذات الخليط السابق للحفاظ على السطح النهائي متماثلًا ومتناسبًا أيضًا مع لون الحجر المستعمل في باقي أنحاء المبنى.[10]

Capital bank في عمان الأردن.

استخدامات متنوعة في التصميم الداخلي والديكور

تدخل اليوم الخرسانة الشفافة في التصميم الداخلي بكثرة. على سبيل المثال كنيسة St. Andreas في ألمانيا. وفي ردهة Hansa carrée في هامبورغ، ألمانيا. وتنار بألوان مختلفة من للخلف، فيخلق ذلك مظهرًا فريدًا ومميزًا.[11]

كنيسة St. Andreas في ألمانيا.
ردهة Hansa carrée في هامبورغ، ألمانيا.
ردهة Hansa carrée في هامبورغ، ألمانيا.

وصنعت كذلك نجمة متعددة الألوان على الأرض كمشروع فني مشترك في مدينة آوغسبورغ الألمانية.[11]

نجمة من الخرسانة الشفافة في مدينة آوغسبورغ الألمانية.
نجمة من الخرسانة الشفافة في مدينة آوغسبورغ الألمانية.

يبدأ كل ابتكار بفكرة، ونطوّر اليوم ما بدأ به أسلافنا منذ أكثر من ألفي عام. فإلى أين ستقودنا أفكارنا لاحقًا في المستقبل البعيد؟

المصادر

  1. iJRASET
  2. National Library of medicine
  3. Semantic scholar
  4. Research Gate
  5. LUCEM
  6. Research Gate
  7. Research Gate
  8. Semantic scholar
  9. Archdaily
  10. Archdaily
  11. LUCEM

هل اقتربنا من تحقيق حلم البطارية الكمومية؟

البطارية الكمومية. بعدما تعمقنا وتعرفنا أكثر على أنواع البطاريات المستخدمة حاليًا وسابقًا، ونظرنا إلى إمكانية تطور كلًا منها في المستقبل، وجب الآن أن نلقي نظرة خاطفة على أحد أكثر أنواع البطاريات تفردًا والتي تحمل بمجملها مستقبل واعد يمكن أن يغير مفهومنا لتخزين الطاقة وإمدادها للأبد، ألا وهي البطاريات الكمومية.

ما هي البطارية الكمومية وكيف تعمل؟

تعتبر البطاريات الكمومية واحدة من أكثر التقنيات المثيرة والواعدة في مجال تخزين الطاقة. تعتمد هذه البطاريات على مبادئ الفيزياء الكمومية لتحسين قدراتها، وذلك عن طريق تخزين الطاقة في الحالات الكمومية لنظام فيزيائي، مثل سيل من الإلكترونات أو الفوتونات. تزداد طاقة الحالة الكمومية عن طريق إضافة مصدر طاقة خارجي إلى النظام، مثل تسليط الضوء عليه أو تطبيق جهد كهربائي. يمكن بعد ذلك إطلاق طاقة الحالة الكمومية عن طريق إزالة مصدر الطاقة الخارجية من النظام، مثل إطفاء الضوء أو إزالة الجهد الكهربائي.
وتحدد كفاءة بطارية كمومية من خلال قدرة خزن الطاقة التي يتم إضافتها إلى النظام في الحالة الكمومية، وقدرة الخزن هذه تعتمد على ظاهرة كمومية تسمى بالإمتصاص الفائق.

ما هي حالة الإمتصاص الفائق؟

تُعبر ظاهرة الإمتصاص الفائق 《Supercapacitanc عن قدرة بعض المواد على تخزين الطاقة الكهربائية بشكل فعال كهروكيميائيًا. مثلًا تختلف آلية تخزين الطاقة في البطاريات الكمومية عن البطاريات التقليدية، وذلك بسبب اعتماد البطاريات التقليدية على التفاعلات الكيميائية لضخ الطاقة.
بينما في حالة البطاريات الكمومية، يتم استخدام الخصائص الكمومية للتحكم في تدفق الشحنات الكهربائية، مما يسمح بتحقيق كفاءة أعلى وزمن تشغيل أطول.
مثلًا في آخر دراسات قام فريق من العلماء بإثبات مفهوم الإمتصاص الفائق عبر بناء عدة تجويفات مجهرية على شكل رقائق مختلفة الأحجام والتي تحتوى على عدد مختلف من الجزيئات، ليتم اكتشاف نشاط طبقة التجويف المجهرية كونها تحتوي على مواد شبه موصلة عضوية تخزن الطاقة.

ما هي المواد التي ستُستخدم في البطاريات الكمومية؟

يمكن أن تختلف المواد المستخدمة في البطاريات الكمومية بناءًا على نوع البطارية الكمومية وتصميمها.
فقد تتضمن بعض تقنيات البطاريات الكمومية استخدام مواد معدلة أو مصنعة بتقنية النانو أو البنى الجزيئية الدقيقة لتحقيق تحكم دقيق في التدفق الإلكتروني
هناك أيضًا نوع آخر من البطاريات الكمومية يسمى “البطاريات الزجاجية” والتي يشار إليها أحيانًا باسم “البطاريات الكمومية الزجاجية”. هذه البطاريات هي نوع من البطاريات ذات الحالة الصلبة التي تستخدم إليكتروليتات زجاجية وأقطاب معدنية من الليثيوم أو الصوديوم. يتكون هذا النوع من معدن قلوي (رقائق ليثيوم أو صوديوم) كقطب سالب (أنود)، وخليط من الكربون وعنصر نشط للأكسدة والاختزال، كقطب موجب (كاثود). يتم طلاء خليط الكاثود على رقائق النحاس.

ما هي الأنواع المختلفة للبطاريات الكمومية؟

تنقسم البطاريات الكمومية من حيث آلية تخزين الطاقة إلى نوعين رئيسيين:

البطارية الكمومية المعتمدة على التشابك الكمي:

تعتمد هذه البطاريات على ظاهرة التشابك الكمومية لتخزين الطاقة. التشابك هو ظاهرة فيزيائية تحدث عندما يتم ربط جسيمين أو أكثر معًا بطريقة تجعلهما يشتركان في نفس المصير، بغض النظر عن مقدار المسافة التي تفصلهما. هذا يعني أنه إذا كان جسيمًا واحدًا في حالة مثارة، فإن الجسيم الآخر سيكون أيضًا في حالة مثارة، والعكس صحيح.

البطارية الكمومية المعتمدة على التجانس:

تعتمد هذه البطاريات على ظاهرة التجانس الكمي في عملية تخزين الطاقة. التجانس هو خاصية للأنظمة الكمومية تسمح لها بالوجود في حالات متعددة في نفس الوقت بحيث تسمح بتخزين الطاقة في جميع حالات النظام المختلفة.

ما هي نقطة بداية البطارية الكمومية؟

كون البطاريات الكمومية تقنية جديدة ولا زالت قيد البحث والتطوير، فمن المؤكد بأن تاريخها يُعتبر حديثًا نسبيًا مقارنة بباقي البطاريات.
تم تقديم أول اقتراح نظري لبطارية كمومية في عام 2000 من قبل فريق من الفيزيائيين بقيادة مارتن بلينيو في جامعة بريستول في المملكة المتحدة. أظهر بلينيو وزملاؤه أنه من الممكن تخزين الطاقة في نظام كمومي باستخدام مبادئ التشابك الكمومي.
في السنوات التي تلت اقتراح بلينيو، كان هناك الكثير من الأبحاث على البطاريات الكمومية، قام عبرها العلماء بتطوير عدد من نماذج مختلفة للبطاريات الكمومية، ودرسوا خصائص هذه النماذج بتفصيل كبير. كما قاموا بإحراز بعض التقدم في تطوير نماذج تجريبية للبطاريات الكمومية. مثلًا في عام 2005 طور فريق من العلماء في جامعة بيركلي كاليفورنيا طريقة لإنشاء بطاريات كمومية من الدوائر الفائقة التوصيل، ليلحق بالركب عام 2010 فريق من العلماء بجامعة تورنتو عبر إنشاء بطارية كمومية من الأيونات المحبوسة.
إلا أن أحد أهم التطورات الحديثة في مجال البطاريات الكمومية تم عام 2018 من قبل فريق من العلماء بقيادة جيمس كواتش في جامعة أديلايد في أستراليا. أظهر كواتش وزملاؤه أنه من الممكن إنشاء بطارية كمومية يمكن شحنها وتفريغها بشكل أسرع بكثير من البطارية التقليدية. ليتبعهم فريق يضم علماء من “معهد العلوم الأساسية” في كوريا و”جامعة إنسوبريا” في إيطاليا بتصريح يدلي بإمكانية الإستعانة بنظام ميكانيكي كمومي يعرف باسم مايكروماسر《micromaser》. يستخدم هذا النظام مجالاً كهرومغناطيسيًا لتخزين الطاقة المشحونة عبر تيار من الكيوبتات، واصفين إياه بالنموذج الممتاز للبطارية الكمومية، بعد نجاحهم في إثبات أن عملية الشحن أسرع من الشحن في البطاريات التقليدية.

ما هي مزايا البطارية الكمومية؟

قدرة شحن وتفريغ أسرع:

يمكن شحن وتفريغ البطاريات الكمومية بشكل أسرع بكثير من البطاريات التقليدية. هذا لأنها يمكن أن تستخدم الطاقة المخزنة في الحالات الكمومية، والتي يمكن الوصول إليها بشكل أسرع بكثير من الطاقة المخزنة بين روابط الذرات والجزيئات.

عمر أطول:

يمكن أن تدوم البطاريات الكمومية أطول بكثير من البطاريات التقليدية. هذا لأنها لا تخضع لنفس الإنحدار الذي تخضع له البطاريات التقليدية.

كثافة طاقة أعلى:

يمكن للبطاريات الكمومية تخزين المزيد من الطاقة لكل وحدة حجم من البطاريات التقليدية. نظرًا لتعدد الحالات الكمومية التي يتم خزن الطاقة بها.

ما الذي يحد من تحقيق حلم البطارية الكمومية؟

هنالك العديد من التحديات التي تحد من زخم تطور البطاريات الكمومية، والتي يجب التغلب عليها قبل أن يتم تصنيعها تجاريًا. هذه التحديات تشمل:

تطوير عملية التصنيع:

البطاريات الكمومية لا تزال معقدة ومكلفة للغاية لإنتاجها. يجب أن تحدث ثورة تطورية في عملية التصنيع تكلفة البطاريات الكمومية وجعلها قابلة للإستخدام الشائع.

تحسين كفاءة البطارية الكمومية:

كفاءة البطاريات الكمومية لا تزال منخفضة نسبيًا. هذا يعني أن الكثير من الطاقة يضيع عند شحن أو تفريغ البطارية. تحسين كفاءة البطاريات الكمومية أمر ضروري لجعلها خيارًا عمليًا ومعقول التكلفة.

ما التغيير الذي ستحدثه البطارية الكمومية؟

إذا تم تطوير بطاريات كمومية بشكل ناجح، فإنها يمكن أن تؤثر بشكل كبير على مجموعة واسعة من الصناعات، بما في ذلك:

المركبات الكهربائية: يُمكن استخدام بطاريات كمومية لتشغيل المركبات الكهربائية، مما يجعل من المركبات هذه أكثر عملية وفاعلية.

تخزين الطاقة: إمكانية استخدامها لتخزين طاقة من مصادر متجددة، مثل طاقة الشمس والرياح، وبذلك تحقيق استقرار للطاقة التي تزودها المحطة.

استكشاف الفضاء: من الممكن أن تُستخدم لتشغيل المركبات الفضائية، مما يسمح لها بالسفر لمسافات أبعد ولفترات زمنية أطول.

المصادر:

Colloquium: Quantum coherence as a resource
Energy storage and coherence in closed and open quantum batteries
Superabsorption in an organic microcavity: Toward a quantum battery
Quantum Batteries: The Future of Energy Storage?

كيف تتعامل المدن الذكية مع الكوارث الطبيعية؟

هذه المقالة هي الجزء 14 من 18 في سلسلة كيف ستغير المدن الذكية من شكل عالمنا؟

تجلب الكوارث الطبيعية عواقب مدمرة على المدن وسكانها، وازداد في السنوات الأخيرة تواتر الكوارث الطبيعية وشدّتها. بالتالي تحتاج المدن إلى أن تكون أكثر استعدادًا للتصدّي لهذه المخاطر. وبرزت «المدن الذكية-Smart cities» كحل محتمل لتعزيز قدرة البنى التحتية على الصمود أمام الكوارث الطبيعية. إذ تستطيع المدن الذكية توقّع الكوارث عن طريق التقنيات الحديثة مثل أجهزة الاستشعار، وتحليل البيانات، والذكاء الاصطناعي. وتساعد هذه التقنيات المدن على التكيُّف مع آثار التغيّر المناخي، وإدارة الموارد المائية.

كيف تتنبأ المدن الذكية بوقوع الكوارث الطبيعية؟

تعمل تقنيات المدن الذكية مع بعضها لتوقّع حدوث الكوارث الطبيعية، وتعتمد غالبًا على إنترنت الأشياء IoT، و«البيانات الضخمة-Big data». ويمكن استخدام هذه التقنيات بعدّة طرق ومنها:

  • حصاد البيانات: ينشر إنترنت الأشياء أجهزة استشعار في جميع أرجاء المدينة، لجمع البيانات. ويمكن الاستفادة منها لرصد العوامل البيئية المختلفة مثل درجة الحرارة، والرطوبة، وجودة الهواء. على سبيل المثال؛ نفّذت لوس أنجلوس نظامًا للإنذار المبكِّر بالزلازل، يعتمد على المستشعرات للكشف عن النشاط الزلزالي، وتنبيه وحدات الطوارئ والمواطنين.
  • تجميع البيانات ومعالجتها الأولية: تجمع مجموعة البيانات القادمة من مصادر مختلفة، بهدف تكوين صورة شاملة عن الوضع الحالي. من ثم تُنقّى وتُصفّى لإزالة أي معلومة غير ذات صلة، أو مكرّرة.
  • تقنيات الشبكة الدلالية Semantic web: وهي امتداد للشبكة العالمية WWW، وتهدف إلى إعطاء معنىً للبيانات الخام المحيطة بنا من خلال إظهار العلاقات بين المفاهيم. تستعمل عادةً لتوضيح البيانات المجمّعة، وتحسِّن من قدرتنا على فهمها.
  • تحليل البيانات الضخمة BDA: يساعد ذلك في تحليل الأنماط والشذوذ التي قد تشير إلى بداية كارثة ما.[1][2] يوجد نوعان من التحليل: التحليل غير المباشر، والتحليل الآني. يستخدم التحليل الآني عند الحاجة إلى اتّخاذ إجراء فوري على أساس البيانات المجمّعة، وغالبًا ما يستعمل في تطبيقات التحكّم المصرفية وأنظمة الحجز. ويستخدم التحليل غير المباشر عندما لا تحتاج البيانات أن تحلل آنيًا، أو عندما تكون مجموعة البيانات كبيرةً جدًا لتحلل بسرعة. يساعد التحليل الآني في الكشف عن الكوارث المحتملة أثناء حدوثها، بينما يحدّد التحليل غير المباشر الأنماط والاتّجاهات التي قد تشير إلى احتمال وقوع كوارث في المستقبل.[3]

على سبيل المثال؛ توضع مستشعرات في غابة ما لمراقبة وجمع البيانات، وعند تحليل البيانات قد تشير التغيُّرات في درجات الحرارة أو مستويات الرطوبة إلى احتمالية نشوب حريق هائل. من ثم ترسل الأجهزة الذكية إنذارًا فوريًا إلى السلطات المسؤولة لأخذ الاحتياطات اللازمة.

تعامل المدن الذكية مع الكوارث الطبيعية.

استجابة المدن الذكية للكوارث الطبيعية

تساعد تقنيات المدن الذكية في إدارة آثار الكوارث الطبيعية من خلال توفير المعلومات اللازمة بسرعات فائقة، وتمكين الاتّصال الفعّال بين مختلف الجهات، وتقليص الزمن اللازم للاستجابة. ترصد شبكات الاستشعار اللاسلكية WSNs وتراقب عن بعد المناطق الحرجة، وساحات المعارك، أو المناطق المعرضة للبراكين، والفيضانات. نتيجةً لذلك تتوفّر لدى الجهات المسؤولة المعلومات اللازمة لتقييم الأضرار واتّخاذ القرارات المناسبة. وتوفر “البيئة الافتراضية التعاونية” منصّةً للتواصل والتعاون الآني بين أوائل المستجيبين للكوارث، وأصحاب القرارات. وتجمّع “نظم محاكاة موزعة لإدارة الكوارث والاستجابة لها” بين شبكات الاستشعار اللاسلكية وتقنيات البيئة الافتراضية التعاونية. من أجل ضمان السلامة والأمن العامَّين، فتدرب أوائل المستجيبين على استخدام أحدث تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ICT. نتيجةً لذلك يتحسَّن أداء بعثات الكشف والبحث والإنقاذ.[4] أدَّت كذلك وسائل التواصل الاجتماعي في زلزال نيبال عام 2015 دورًا فعّالًا في نشر المعلومات، وتنسيق جهود فرق التطوّع والإنقاذ.

ترافق الكوارث الطبيعية في أغلب الأحيان انقطاعات في التيّار الكهربائي. وهنا يأتي دور «الشبكات الذكية-Smart Grid» لتأمين الطاقة، وضمان بقاء عمل البنية التحتية الحيوية كالمستشفيات وخدمات الطوارئ.

تلعب كذلك تطبيقات الذكاء الاصطناعي AI دورًا مهمًا في الاستجابة للكوارث، فتساعد على تَتبُّع المواقع، ورسم الخرائط، والتحليل الجغرافي المكاني. وتستفاد الجهات المعنية من الروبوتات، والمركبات ذاتية القيادة، وتعلم الآلة لتعزيز إدارة الأضرار. على سبيل المثال؛ يحلِّل الذكاء الاصطناعي صور الأقمار الصناعية لمساعدة الحكومات على اتّخاذ إجراءات سريعة وفعّالة.[5]

تعتبر الاتصالات اللاسلكية العمود الفقري لأنظمة الرعاية الصحية الذكية في الاستجابة للكوارث. فيزوِّد الأطباء المرضى بالتشخيص، والعلاج، والعديد من الخدمات الصحية سواءً كانوا داخل المستشفيات أو خارجها. بشرط أن تجهز وحدات الرعاية الصحية بتقنيات متقدّمة. يلزم أيضًا وجود وحدة للاستجابة السريعة من أجل التعامل مع المرضى والاستفسارات التي تنشأ عادةً أثناء الكوارث.[6]

الرعاية الصحية الذكية في الكوارث.

طائرات بدون طيار

يوفّر نظام «الإنقاذ الذكي-Auto-FRD» استجابةً سريعةً للحالات الحرجة في المدن. ويتألّف النظام من 3 أقسام رئيسية: شبكة الاستشعار، وطائرات بدون طيار، ومركز القيادة. فتنتشر الطائرات تلقائيًا إلى موقع معيّن عند تلقّي إشارة تنبيه من المستشعرات، من ثم تزوّد مركز القيادة بالنتائج.[7] يمكن للطائرات بدون طيار المساعدة في مهامّ البحث والإنقاذ بطرق عديدة ومنها:

  • المراقبة الجوية المستمرّة، تستطيع هذه الطائرات توفير مراقبة جوية مستمرة حتى 100 متر فوق سطح الأرض.مما يساعد على تحديد موقع الضحايا وتقييم الوضع الراهن.
  • التزويد بفيديو عالي الدقة وصور، تلتقط الطائرات صورًا جويةً وحراريةً، وفيديو عالي الدقة لمنطقة الكارثة.
  • معلومات رادارية، تستخدم الطائرات رادار استكشاف باطن الأرض للكشف عن الناجين المحتملين المدفونين تحت الأنقاض. بالتالي تحديد أماكن الضحايا، ومحاولة إنقاذهم.
  • نموذج ثلاثي الأبعاد للمنطقة المرغوبة، تنشئ هذه الطائرات نموذج ثلاثي الأبعاد لمنطقة الكارثة بدقة عالية أو منخفضة حسب الرغبة.[8]
  • الكشف التلقائي عن البشر الذين تقطّعت بهم السبل. يمكن تزويد الطائرات بتقنيات معالجة الصور وتتبّع خوارزميات الشبكات العصبية المعقّدة، للكشف التلقائي عن البشر المفقودين إثر الفيضانات وغيرها من المخاطر.[9]
  • الهبوط الذاتي على أهداف متحرّكة، يمكن أن يساعد ذلك على تقديم أدوات الطوارئ للضحايا المحتاجين.[10]

على سبيل المثال؛ استخدمت الكاريبي طائرات بدون طيار لتقييم الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية بعد حصول كارثة، وحدّدت الأماكن المحتاجة إلى مساعدات.

تقدم الطائرات بدون طيار مساعدات أثناء الكوارث الطبيعية.

على الرغم من فوائد الطائرات بدون طيار إلا أنها تمتلك آثارًا سلبيةً أيضًا. فقد تشكّل خطرًا على سلامة فرق الإنقاذ والمدنيين إذا تعطّلت أو تحطّمت. يمكن استخدامها من قبل جهات معادية لأغراض خبيثة كالتجسّس أو إيصال حمولات ضارّة. يتطّلب إجمالًا استخدام الطائرات ذاتية القيادة النظر بعناية في المخاطر والفوائد المحتملة. ويساعد التدريب والصيانة والتنظيم على تخفيف المخاطر، وضمان الاستخدام الآمن والفعّال في أوقات الطوارئ.[4]

تحديات تعيق المدن الذكية

على الرغم من جميع التطوّرات لا يمكن للتقنيات الذكية توقّع الأخطار والتهديدات بشكل كامل في الكوارث الطبيعية. ويطرح إدخال تقنيات المدن الذكية في الكوارث عدّة تحدّيات، وفيما يلي بعض هذه التحدّيات:

  • تحديات الحفاظ على الاتصالات الشبكية. تعتمد المدن الذكية على شبكات الاستشعار اللاسلكية WSN المنتشرة في كل مكان، لكنها قد تتلف في بعض الكوارث أو يضعف اتصالها. يمكن كذلك أن تتعطل الاتصالات والإنترنت، وقد ينعدم الاتصال بأجهزة إنترنت الأشياء. مما يجعل من الصعب نقل المعلومات اللحظية.[11]
  • تحديات اقتصادية، يتطلّب تطوير البنية التحتية للمدينة الذكية استثمارات كبيرة، والتي تعيق المدن ذات الموارد المحدودة.
  • تحديات إدارية، تتطلب إدارة هياكل المدن الذكية مهارات ومعارف متخصّصة وأشخاص ذوي خبرة، والتي لا تكون متاحةً بسهولة في جميع المدن. زيادةً على ذلك، تحتاج هذه الهياكل دمج مختلف التخصّصات والتقنيات العلمية، مما يشكّل عائقًا إضافيًا.
  • مصيدة التكنولوجيا، قد تصبح تقنيات المدن الذكية قديمةً بسرعة، بسبب التطورات السريعة. ولكي تواكب المدن أحدث التطورات تحتاج أن تستمرّ في الاستثمار في التقنيات الجديدة.
  • تحديات ثقافية، قد لا يتقبّل جميع المواطنين تقنيات المدن الذكية بسهولة، ولا سيما أولئك الذين يقاومون التغيّر، أو لا يلمّون بالتقنيات الحديثة.[12]

مخاطر الفيضانات

أصبحت الفيضانات إحدى الكوارث الطبيعية الكبرى المؤثرة على سلامة الحياة البشرية، والبناء الاقتصادي، والتنمية المستدامة. لذلك أجريت العديد من الدراسات التي حلّلت أنماط التوزيع المكاني والزماني لمخاطر الفيضانات العالمية، والعوامل المؤثّرة عليها. وكشفت النتائج ازدياد خطر الفيضانات على الصعيد العالمي خلال الفترة الممتدّة بين 2005-2020. وحدّد الخبراء أماكن تركّز الخطر بشكل رئيسي، وهي شرق وجنوب آسيا، وأوروبا الوسطى والغربية. واعتبروا سنغافورة من أكثر الدول تعرّضًا للتهديد.[13]

دايجون، كوريا الجنوبية

استحدثت دراسة تدعى “نظام الإنذار الذكي للتصدي للفيضانات” تقنية محاكاة للتنبؤ بالفيضانات في مدينة دايجون في كوريا الجنوبية. إضافةً إلى ذلك، صنع الخبراء نظامًا مساعدًا يوفّر المعلومات اللازمة لتحديد طريقة وزمن الإجلاء. وربطوا النظام مع خدمة التنقل الذكي لمعرفة حالة الطرق وتنظيم النقل. كما طوّروا نظامًا سريعًا من أجل نقل الحالات المستعجلة لتقليل الأضرار التي تلحق بالمواطنين.[14]

بوغوتا، كولومبيا

اقترحت ورقة علمية بعنوان “بنية الاتصال لنموذج التنبؤ بالفيضانات” تطوير وتنفيذ بنية ذكية لصنع القرار عند مواجهة الأمطار الغزيرة والتهديدات المحتملة للفيضان. يعمل النظام على أساس جمع وتحليل بيانات عن مستوى المياه، والتدفّق، والضغط، ودرجة الحموضة، والرطوبة، ودرجة الحرارة في الأمطار التي تهطل على حي مينو تودي ديوس في مدينة بوغوتا في كولومبيا. ويهدف النظام إلى توليد إنذارات مبكّرة واتخاذ قرارات حاسمة في حالات الخطر.[15]

منشأة متكاملة في أورلاندو، فلوريدا، أمريكا

تحوي مدينة أورلاندو منشأةً متكاملةً تسمّى «مركز عمليات أورلاندو- OOC»، أنشأها العمدة عام 2001 بعد إعصار عام 1997. وتربط المنشأة عمل كل من شبكات الألياف الضوئية، وكاميرات المراقبة، وخدمات النقل، والشرطة، والمطافئ، وذلك في حوادث الطرق، والجرائم، والكوارث. ويدير المركز أزمات الطوارئ الخاصّة، إضافةً إلى حالات الكوارث الطبيعية واسعة النطاق.[16]

ضرورة التعاون لمستقبل أفضل

لا تحترم الكوارث الطبيعية الحدود الوطنية، ويمكن أن يكون لتأثيراتها تداعيات عالمية. لذلك تظهر ضرورة التعاون العالمي، كما تساعد المبادرات الدولية على تبادل المعارف والموارد بين الدول. وقد نفّذت بعض الدول بالفعل خططًا جديدةً للتعامل مع الكوارث الطبيعية. وتعتبر اليابان، وسنغافورة، وهولندا من بين الدول الرائدة في هذا المجال. وفي نهاية المطاف، يرتبط نجاح هذه التقنيات بمدى التعاون الحاصل بين الحكومات، والقطاع الخاص، والمواطنين، وبدون ثقة المواطنين لا يمكن لهذه الأنظمة النجاح.

المصادر

  1. Semanticsholar
  2. wiley online library
  3. back4app
  4. ResearchGate
  5. MDPI
  6. Readcube
  7. semanticsholar
  8. IEEE
  9. ResearchGate
  10. ResearchGate
  11. ResearchGate
  12. semanticsholar
  13. MDPI
  14. semanticsholar
  15. IEEE
  16. Semanticsholar

المكثف الفائق ذو الحالة الصلبة: مستقبل تخزين الطاقة؟

المكثف الفائق ذو الحالة الصلبة هو نوع جديد من أجهزة تخزين الطاقة الذي يحظى بالاهتمام. حيث إنها توفر عددًا من المزايا مقارنة بالمكثفات الفائقة والمكثفات التقليدية. بما في ذلك كثافة طاقة أعلى وعمر أطول ودرجة حرارة تشغيل أعلى. وهذا يجعلها مرشحًا واعدًا لمجموعة متنوعة من التطبيقات، بما في ذلك السيارات الكهربائية والأجهزة القابلة للارتداء والغرسات الطبية.

تعمل المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة باستخدام إلكتروليت صلب بدلاً من إلكتروليت سائل. وهذا يجعلها أكثر متانة وأمانًا من المكثفات الفائقة التقليدية، لأنها ليست عرضة للتسرب أو الحريق. كما يسمح أيضًا بكثافة طاقة أعلى، حيث يمكن جعله أرق وأخف من الإلكتروليت السائل.

ما هو المكثف الفائق ذو الحالة الصلبة؟

المكثف الفائق ذو الحالة الصلبة – Solid-state Supercapacitor هو نوع من المكثف الفائق الذي يستخدم إلكتروليتًا صلبًا بدلاً من إلكتروليت سائل. هذا يجعلها أكثر متانة وأكثر أمانًا من المكثفات الفائقة التقليدية، لأنها ليست عرضة للتسرب أو الحريق. تتمتع المكثفات الفائقة ذو الحالة الصلبة أيضًا بكثافة طاقة أعلى من المكثفات الفائقة التقليدية، مما يجعلها مرشحًا واعدًا لمجموعة متنوعة من التطبيقات، مثل المركبات الكهربائية والأجهزة القابلة للارتداء والغرسات الطبية [1] .

ما القصة وراء أول مكثف فائق ذو الحالة الصلبة؟

تم اختراع أول المكثف الفائق ذو الحالة الصلبة في عام 1991 من قبل باحثين في جامعة تكساس في أوستن. تم تصنيع الجهاز من غشاء رقيق من البوليمر الموصّل محشور بين طبقتين من رقائق معدنية، وكان قادرًا على تخزين وإطلاق الطاقة الكهربائية بسرعة وكفاءة. مهد هذا الاختراع الطريق لتطوير المكثفات الفائقة الأخرى ذات الحالة الصلبة. ومنذئذ تم استخدامها في مجموعة متنوعة من التطبيقات، بما في ذلك الإلكترونيات المحمولة، والمركبات الهجينة، وأنظمة الطاقة المتجددة.

كيف يعمل المكثف الفائق ذو الحالة الصلبة؟

تعمل المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة عن طريق تخزين الطاقة إلكتروستاتيكيًا في طبقة كهربائية مزدوجة تتشكل عند السطح البيني بين القطب الكهربائي والإلكتروليت [1] .

فيما يلي شرح مبسط لكيفية عمل المكثف الفائق ذو الحالة الصلبة:

  1. يتم فصل قطبي المكثف بواسطة إلكتروليت صلب.
  2. عندما يتم تطبيق الجهد على المكثف، تتحرك الأيونات في الإلكتروليت نحو القطب المشحون عكسيًا.
  3. تخلق حركة الأيونات مجالًا كهربائيًا يخزن الطاقة.
  4. يتم تخزين هذه الشحنة في شكل مجال كهربائي، والذي يمكن تفريغه بسرعة عند الحاجة لتوفير دفعة من الطاقة.

يعتمد أداء المكثفات الفائقة على تصميم وخصائص المجمعات الحالية، والأقطاب الكهربائية، والإلكتروليتات. والتي بدورها يمكن أن تؤثر على كثافة ومخرجات الطاقة، وسلوك الشحن والتفريغ الدوري، ومعلمات الأداء الرئيسية الأخرى.

يمكن تحسين المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة حيث تلعب الموصلات الكهربائية دورًا مهمًا في أداء جهاز تخزين الطاقة. ويمكن أن يؤدي تصميم المواد ومعالجتها وخصائص سطح الموصلات الكهربائية إلى تباين كبير في معاملات الأداء الرئيسية. فمثلًا يمكن أن يؤدي استخدام المواد ذات البنية النانوية مع مساحة سطح محددة عالية والمسامية الهرمية إلى أداء ممتاز واستقرار طويل للنظام. وكذلك استخدام الطاقة الحرارية الشمسية لتحسين أداء المكثفات الفائقة المرنة في درجات حرارة منخفضة، وهو أمر مهم للإلكترونيات القابلة للارتداء في الهواء الطلق.

بشكل عام ، يمكن أن تؤدي هذه التحسينات إلى زيادة كثافة الطاقة، وإخراجها، ومدى استقرار المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة، مما يجعلها أكثر كفاءة وفعالية للتطبيقات المختلفة.

مزايا المكثف الفائق ذو الحالة الصلبة

يتميز المكثف الفائق ذو الحالة الصلبة بالعديد من المزايا مقارنة بالمكثف الفائق التقليدي، بما في ذلك [2] :

  • كثافة طاقة أعلى: يمكن للمكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة تخزين طاقة أكثر من المكثفات الفائقة التقليدية. مما يجعلها خيارًا أكثر جاذبية للتطبيقات التي تتطلب كثافة طاقة عالية.
  • عمر أطول: تتمتع المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة بعمر أطول من المكثفات الفائقة التقليدية. مما يجعلها خيارًا أكثر فعالية من حيث التكلفة للتطبيقات طويلة المدى.
  • درجة حرارة تشغيل أعلى: يمكن أن تعمل المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة في درجات حرارة أعلى من المكثفات الفائقة التقليدية. مما يجعلها خيارًا أكثر تنوعًا لمجموعة واسعة من التطبيقات في البلاد الحارة.
  • حجم أصغر: يمكن جعل المكثف الفائق ذو الحالة الصلبة أصغر من المكثفات الفائقة التقليدية. مما يجعلها أكثر ملاءمة للاستخدام في الأجهزة المحمولة.

كيف تقارن المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة بأنواع أخرى من أجهزة تخزين الطاقة من حيث الكفاءة والأداء؟

تقدم تقارن المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة العديد من المزايا مقارنة بالبطاريات التقليدية في أنظمة تخزين الطاقة، بما في ذلك [2,3] :

  • كثافة طاقة أعلى من بطاريات أيون الليثيوم: يمكن للمكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة توفير الطاقة وامتصاصها بشكل أسرع بكثير من البطاريات. مما يجعلها مثالية للتطبيقات التي تتطلب دفعات سريعة من الطاقة، مثل المركبات الكهربائية وأنظمة الكبح المتجددة.
  • دورة حياة أطول: يمكن تدوير المكثفات الفائقة مئات الآلاف من المرات دون تدهور كبير. بينما تحتوي البطاريات عادةً على عدد محدود من دورات الشحن والتفريغ قبل الحاجة إلى استبدالها.
  • معدلات شحن أسرع: يمكن شحن المكثفات الفائقة أسرع بكثير من البطاريات، الأمر الذي قد يستغرق ساعات أو حتى أيامًا لشحنها بالكامل. بينما يمكن شحن المكثفات الفائقة في غضون ثوانٍ أو دقائق. مما يجعلها مثالية للتطبيقات التي تتطلب شحنًا سريعًا، مثل الأجهزة الإلكترونية المحمولة.
  • نطاق واسع لدرجة حرارة التشغيل: يمكن أن تعمل المكثفات الفائقة على نطاق واسع من درجات الحرارة، من -40 درجة مئوية إلى 85 درجة مئوية. بينما قد يكون أداء البطاريات محدودًا في درجات الحرارة القصوى.
  • صديقة للبيئة: لا تحتوي المكثفات الفائقة على مواد كيميائية سامة أو معادن ثقيلة. مما يجعلها صديقة للبيئة أكثر من البطاريات التقليدية.

ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن أداء المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة يمكن أن يختلف اعتمادًا على تصميم المواد ومعالجتها وخصائص سطح الموصلات الكهربائية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تتأثر السعة والمقاومة الداخلية للمكثفات الفائقة مما قد يؤثر على كفاءتها. أخيرًا، بينما تتمتع المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة بكثافة طاقة عالية، إلا أنها تتمتع بكثافة طاقة أقل من البطاريات. مما يحد من استخدامها في التطبيقات التي تتطلب سعة تخزين طاقة عالية.

بشكل عام ، توفر المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة العديد من المزايا مقارنة بالبطاريات التقليدية في أنظمة تخزين الطاقة، مما يجعلها خيارًا جذابًا لمجموعة واسعة من التطبيقات.

ما هي عيوب المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة؟

في حين أن المكثفات الفائقة الحالة الصلبة تقدم مزايا عديدة مقارنة بالبطاريات التقليدية، إلا أن لها أيضًا بعض العيوب، بما في ذلك [4]:

  • كثافة طاقة أقل: عادةً ما تكون للمكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة كثافة طاقة أقل من البطاريات. مما يعني أنها يمكن أن تخزن طاقة أقل لكل وحدة وزن أو حجم.
  • نطاق الجهد المحدود: للمكثفات الفائقة نطاق جهد محدود. مما قد يجعل من الصعب استخدامها في بعض التطبيقات التي تتطلب جهدًا أعلى.
  • معدل تفريغ ذاتي أعلى: تتمتع المكثفات الفائقة بمعدل تفريغ ذاتي أعلى من البطاريات. مما يعني أنها يمكن أن تفقد شحنتها بسرعة أكبر عند عدم استخدامها.
  • التكلفة: يمكن أن تكون المكثفات الفائقة أغلى من البطاريات التقليدية، مما يجعلها أقل جاذبية لبعض التطبيقات.
  • توافر محدود: المكثفات الفائقة الحالة الصلبة ليست متوفرة على نطاق واسع مثل المكثفات الفائقة التقليدية.

بشكل عام، في حين أن المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة توفر العديد من المزايا مقارنة بالبطاريات التقليدية، إلا أن لها أيضًا بعض القيود التي يجب مراعاتها عند اختيار نظام تخزين الطاقة لتطبيق معين. لكن على الرغم من هذه العيوب، فإن المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة هي تقنية واعدة لتخزين الطاقة. وهي مناسبة بشكل خاص للتطبيقات التي تتطلب معدل تفريغ طاقة عالٍ وعمرًا طويلًا، مثل السيارات الكهربائية والأجهزة القابلة للارتداء.

تطبيقات المكثفات الفائقة الحالة الصلبة

فيما يلي بعض التطبيقات المحتملة لمكثفات الحالة الصلبة الفائقة:

السيارات الكهربائية: يمكن استخدام المكثفات الفائقة الحالة الصلبة لتخزين الطاقة في السيارات الكهربائية، مما قد يساعد في توسيع نطاق السيارات الكهربائية وتقليل الوقت المستغرق لإعادة شحنها.

الأجهزة القابلة للارتداء: يمكن استخدام المكثفات الفائقة الحالة الصلبة لتشغيل الأجهزة القابلة للارتداء، مثل الساعات الذكية وأجهزة تتبع اللياقة البدنية.

الغرسات الطبية: يمكن استخدام المكثفات الفائقة الحالة الصلبة لتشغيل الغرسات الطبية، مثل أجهزة تنظيم ضربات القلب ومضخات الأنسولين.

المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة هي تقنية جديدة لتخزين الطاقة. مع استمرار البحث والتطوي، يمكن للمكثفات الفائقة الحالة الصلبة أن تحدث ثورة في طريقة تشغيل أجهزتنا.

ما هي بعض التطبيقات المحتملة للمكثفات الفائقة الحالة الصلبة في صناعة السيارات؟

المكثفات الفائقة الحالة الصلبة لديها القدرة على استخدامها في مجموعة متنوعة من التطبيقات في صناعة السيارات. فيما يلي بعض التطبيقات المحتملة [4] :

  • المركبات الهجينة والكهربائية: يمكن استخدام المكثفات الفائقة الحالة الصلبة جنبًا إلى جنب مع البطاريات لتوفير نبضات عالية الطاقة لتسريع الكبح والتجدد، مما يمكن أن يحسن الكفاءة الإجمالية للسيارة.
  • أنظمة التوقف والتشغيل: يمكن استخدام المكثفات الفائقة لتشغيل الأنظمة الكهربائية للمركبة أثناء أحداث توقف المحرك، مما يقلل من استهلاك الوقود والانبعاثات.
  • دعم الطاقة: يمكن استخدام المكثفات الفائقة لتوفير طاقة احتياطية للأنظمة الحيوية في حالة انقطاع التيار الكهربائي، مثل الوسائد الهوائية وإضاءة الطوارئ.
  • نموذج مجال التردد: يمكن استخدام المكثفات الفائقة في تطبيقات الطاقة الصناعية التي تتطلب كثافة طاقة عالية، مثل محولات الطاقة الإلكترونية.

بشكل عام، تتمتع المكثفات الفائقة الحالة الصلبة بإمكانية تحسين كفاءة وأداء الأنظمة المختلفة في صناعة السيارات.

ما هي الآثار البيئية لاستخدام المكثفات الفائقة الحالة الصلبة

هناك معلومات محدودة متاحة عن التأثيرات البيئية المحددة لاستخدام المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة. ومع ذلك، فقد بحثت بعض الدراسات في استخدام المكثفات الفائقة في سياق أجهزة تخزين الطاقة على نطاق أوسع. فيما يلي بعض الآثار البيئية المحتملة التي يجب مراعاتها [3,4] :

  • مصادر المواد: يتطلب إنتاج المكثفات الفائقة استخدام مواد مختلفة، بما في ذلك المعادن والبوليمرات. يمكن أن يكون لتوريد هذه المواد آثار بيئية، مثل تدمير المصادر، وتلوث المياه، وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري من التعدين والنقل.
  • استهلاك الطاقة: تتطلب عملية تصنيع المكثفات الفائقة طاقة يمكن أن تسهم في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتأثيرات البيئية الأخرى.
  • التخلص من الأجهزة بعد نهاية العمر الافتراضي: مثل جميع الأجهزة الإلكترونية، ستصل المكثفات الفائقة في النهاية إلى نهاية عمرها الإنتاجي وتحتاج إلى التخلص منها. يمكن أن يكون للتخلص من النفايات الإلكترونية آثار بيئية كبيرة، بما في ذلك تلوث التربة والمياه من المواد الكيميائية السامة وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري من الحرق.
  • أداء درجات الحرارة المنخفضة: وجدت إحدى الدراسات أنه يمكن تحسين أداء المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة في درجات الحرارة المنخفضة باستخدام الطاقة الحرارية الشمسية، مما قد يقلل من الحاجة إلى مصادر الطاقة الأخرى التي لها تأثيرات بيئية.

بشكل عام ، هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم الآثار البيئية لاستخدام المكثفات الفائقة ذات الحالة الصلبة بشكل كامل. ومع ذلك، فمن الواضح أن إنتاج هذه الأجهزة والتخلص منها يمكن أن يكون له تأثيرات بيئية، ويجب بذل الجهود لتقليل هذه الآثار من خلال المصادر المستدامة، والتصنيع الموفر للطاقة، والممارسات المسؤولة للتخلص في نهاية العمر.

لا تزال المكثفات الفائقة الحالة الصلبة في المراحل الأولى من التطوير، ولكن لديها القدرة على إحداث ثورة في صناعة تخزين الطاقة. بفضل كثافة الطاقة العالية والمتانة والسلامة، يمكن استخدام المكثفات الفائقة الحالة الصلبة لتشغيل مجموعة واسعة من الأجهزة، من السيارات الكهربائية إلى الأجهزة القابلة للارتداء.

المصادر          

  1. Thermally Chargeable Solid-State Supercapacitor | Advanced Energy Materials
  2. Flexible all-solid-state supercapacitors with high capacitance, long cycle life, and wide operational potential window: Recent progress and future perspectives | Journal of Energy Storage
  3. A mini-review: emerging all-solid-state energy storage electrode materials for flexible devices | Nanoscale
  4. Recent progress in the all-solid-state flexible supercapacitors | SmartMat

كيف تغير المركبات ذاتية القيادة مستقبل التنقل في المدن؟

هذه المقالة هي الجزء 11 من 18 في سلسلة كيف ستغير المدن الذكية من شكل عالمنا؟

يتطور تعريف المدينة الذكية باستمرار مع الأيام إلا أن بعض النقاط أصبحت واضحةً وثابتةً. فتسخِّر المدن الذكية التقنيات الحديثة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ICT لتحقيق الاستدامة، والتنمية، وتحسين نوعية حياة الأفراد. وتمثّل إدارة المرور والتنقل إحدى أهم الجوانب التي تركّز المدن عليها، إذ تقدّم خدمات أفضل للسكان بمساعدة الحسّاسات وانترنت الأشياء IoT. على سبيل المثال؛ تخفّف إشارات المرور الذكية الازدحام في ساعات الذروة، ويساعد كذلك الوقوف الذكي على إيجاد مواقف خالية للسيارات. ويستطيع الأفراد تتبّع مواقع الحافلات ومواعيد وصولها من خلال تطبيقات الهاتف المحمول.[1] تهتم اليوم الصناعات الذكية بتطوير المركبات ذاتية القيادة، ويعتقد الخبراء أنها ستصبح مستقبل التنقل الذكي، وركيزةً أساسيةً فيه. لأنها ستغيّر أسلوب حياتنا، ومفهومنا عن التنقل بشكل ثوريّ.

ما هي المركبات ذاتية القيادة؟

يقصد «بالمركبات ذاتية القيادة- an Autonomous vehicles» أي سيارة أو حافلة أو شاحنة أو مركبة أخرى، تستطيع القيادة من النقطة أ إلى النقطة ب دون تدخّل بشري، إضافةً إلى قدرتها على أداء جميع وظائف القيادة الضرورية. تُجهَّز هذه المركبات بأجهزة استشعار مختلفة لإدراك البيئة المحيطة. فتجمع البيانات، ومن ثم يعالجها حاسوب مُدمج في المركبة، لكي تستطيع التحرّك بشكل مستقل. [2]

تعتبر القيادة الذاتية واحدةً من أهم الابتكارات في العقود الأولى من القرن ال21، بسبب قدرتها على إحداث نقلة نوعية في نظام التنقل ضمن المناطق الحضرية وخارجها. وقد تسارع تطوير التقنيات المتعلّقة بالقيادة الذاتية خلال العقد الماضي بفضل إدخال الذكاء الاصطناعي AI في أنظمة القيادة. نتيجةً لذلك أصبحت المركبات أكثر “ذكاءً”، وقادرةً على الركن بنفسها -التموضع بجانب الطريق-، وتغيير سرعتها أو اتّجاه سفرها، والاستجابة للعقبات والتنبّؤ بها أثناء القيادة. [3]

مستويات المركبات ذاتية القيادة

تصنِّف SAE international -المعروفة سابقًا بجمعية مهندسي السيارات- المركبات ذاتية القيادة إلى 6 مستويات من الأتمتة المحدّدة والمتّفق عليها دوليًا. وتزداد استقلالية المركبة مع ازدياد المستوى.

  1. المستوى 0: يؤدي السائق جميع مهام القيادة، ولا تسيطر السيارة على عملية القيادة.
  2. المستوى 1: تُجهّز المركبة بنظام مساعد للسائق DAS. والذي يساعد السائق جزئيًا في ضبط السرعة، أو كبح الانحراف، أو الإيقاف الطارئ.
  3. المستوى 2: تجهّز المركبة بمزايا أكثر تقدّمًا بحيث يشرف DAS على التوجيه والتسارع والكبح في الظروف السهلة ضمن ظروف الرؤية الجيدة في النهار. لكن يجب على السائق الإشراف الكامل على القيادة، وأداء جميع مهام القيادة المعقّدة تقريبًا.
  4. المستوى 3: يستطيع النظام أداء جميع أجزاء مهام القيادة في بعض الظروف المثالية. لكن يجب على السائق أن يكون مستعدًا لاستعادة السيطرة عندما يطلب النظام منه ذلك. بعبارة أخرى، يجب على السائق أن يكون جاهزًا للانتقال الآمن بين القيادة الذاتية والقيادة البشرية في غضون ثوان قليلة. بسبب ذلك لا يسمح للسائق بالنوم أو إمالة مقعد القيادة بالكامل.
  5. المستوى 4: يمكن للمركبة أداء جميع عمليات القيادة بشكل مستقل في ظروف معينة. لا يلزم في هذا المستوى الجهوزية (اليقظة) من السائق في الشروط المعيّنة في المستوى السابق.
  6. المستوى 5: تتعاون في هذا المستوى التقنيات الحديثة مع المركبة. نتيجةً لذلك تستطيع القيادة في كل أحوال الطقس والإضاءة، وفي أي نوع من أنواع الطرق سواء داخل المدينة أو على الطرق السريعة، دون أي حاجة للتدخل البشري أو المراقبة. وستتمكن المركبات من الاتصال مع المركبات الأخرى والبنى التحتية من أجل الحصول على أحدث المعلومات عن حالة الطريق مقدّمًا (من ثوان إلى دقائق قليلة).[4][5][6]
مستويات المركبات ذاتية القيادة.

كيف تعمل القيادة الذاتية؟

تعد القيادة الذاتية مهمةً معقدةً تتطلّب دمج مجموعة متنوعة من التقنيات الذكية، لخلق رؤية بزاوية 360 درجة من محيط السيارة. من ثم تستخدم المركبة هذه المعلومات لاتّخاذ قرارات حول كيفية السير بأمان. وتحتاج المركبة إلى توافر:

  • أجهزة الاستشعار: تضمّ المركبة مجموعةً من الكاميرات وأجهزة استشعار المدى مثل radar وlidar، إذ توفر معلومات حول البيئة المحيطة بالمركبة مثل مواقع المركبات الأخرى والمشاة وحالة الطريق وغيرها من المعلومات.[7] يكشف الرادار عن سرعة ومسافة الأجسام. بينما ينشئ الليدار نموذجًا ثلاثي الأبعاد من محيط السيارة، ويستعمل للكشف عن الأجسام التي يصعب رؤيتها بالكاميرات أو الرادار مثل الأجسام الصغيرة أو المحجوبة جزئيًا.
  • اندماج المستشعر: يقصد بذلك عملية دمج البيانات من مجموعة المستشعرات. يساعد ذلك باكتشاف الأجسام والتنبؤ بالحركة للحصول على صورة شاملة عن محيط المركبة.[8]
  • التنبؤ بالحركة: وهو ضروري لمعرفة الحركة المستقبلية للأجسام المتواجدة في محيط المركبة.
  • تعلم الآلة: تستخدم المركبات خوارزميات تعلم الآلة لتحليل البيانات، واتّخاذ القرارات الحاسمة.
  • أنظمة التحكم: ترسل أنظمة التحكّم إشارات للمشغلات مثل عجلة القيادة، والمكابح، ومسرع السرعة لكي تخبرهم كيف يحرّكون المركبة وفقًا لقرار الخوارزمية.

تعتمد المركبات عمومًا على نظام تحديد المواقع الجغرافية GPS لتحديد موقعها، وتوجّهها. كما تستعمل خرائط عالية الدقة للتنقل في الطرق.[7]

صور الكاميرا الأمامية المجمعة في يوم صافي، وفي وقت الليل، وفي يوم ماطر، وفي موقع بناء.

هل بدأت المركبات ذاتية القيادة في الانتشار؟

يجري حاليًا تطوير المركبات ذاتية القيادة وستمر بعدّة خطوات حتى تصبح موثوقةً ومتاحةً تجاريًا في معظم الأسواق. ويتوقع الخبراء أنها ستتبع منحنى S وفقًا «لقانون روجر-Roger’s law» كما في الصورة.[9]

نمط التوزيع المتوقع للمركبات ذاتية القيادة وفقًا ل Roger’s law.

من الضروري أن ندرك مدى تعقيد إدارة مركبة ما على الطرق العامّة، بسبب كثرة التفاعلات مع أشياء غير متوقعة في أغلب الأحيان، مثل المشاة، وراكبي الدراجات، والحيوانات. وقد تفرض هذه المركبات تكاليفًا إضافيةً مرتفعةً بسبب الحوادث، أو حالات التأخير الممكنة لمستخدمي الطريق الآخرين. نتيجةً لذلك ستتمتع المركبات ذات المستوى 5 بمعايير اختبار أعلى من الابتكارات التقنية الأخرى. مما يؤدي إلى تأخير طرحها في السوق للحصول الموافقات اللازمة. في حال أثبتت هذه التقنية أنها غير موثوقة أو خطيرة، ستطلب الولايات القضائية اختبارات إضافية، وأذونات، ولوائح. مما سيؤدي إلى تفاوت في معدّلات التنفيذ والطرح في السوق وهو أمر متوقع أيضًا.[10]

وتشير التقديرات إلى أن طرح مركبات المستوى 5 سيبدأ عام 2030. ومن المرجّح أن يستغرق تشبّع السوق عدّة عقود، وقد يستمر بعض سائقي السيارات في اختيار المركبات التقليدية، بسبب تفضيلهم الشخصي، وانخفاض تكلفة الشراء.

يوضح الجدول تقدير التوقيت لإدخال السيارات ذاتية القيادة وانتشارها في السوق.

لكن يبقى تداول المركبات مرتبطًا بالأفراد حتى بعد التشبّع بالأسواق. لذلك قد تتسارع أو تتباطأ عملية الانتشار، وربما لن يتماثل انتشارها في كل البلدان أو القارات. ويتوقع بعض الخبراء أن يتأخر الانتشار إلى ما بعد عام 2040 بسبب التحديات التقنية والسياسية والاجتماعية. [11]

فوائد القيادة الذاتية في المدن الذكية

يعد النقل جزءًا أساسيًا من حياة الإنسان، ويؤثر على التعليم والعمل ووقت الفراغ والخدمات. وتجلب المركبات ذاتية القيادة فوائد كثيرة، ومنها:

  • السلامة، يتوقع الباحثون ارتفاع معدلات سلامة السائقين والمشاة، وانخفاض عدد الحوادث.[12]
  • تقليل الازدحام المروري والوقت اللازم للسفر، يعود الفضل بذلك إلى توحيد سرعة السفر لجميع مستخدمي الطرق مع زيادة سرعة عبور التقاطعات. حيث يمكن للمركبات الاتصال مع بعضها البعض، ومع البنية التحتية في الوقت نفسه. علاوةً على ذلك، تختار المركبات أفضل المسارات للرحلة من خلال التقنيات السحابية وإنترنت الأشياء.[13]
  • خفض الانبعاثات، حيث يقل استهلاك الوقود، والانبعاثات السامة في الغلاف الجوي للمدن الذكية، وتتحسن جودة الهواء.[14][15]
  • إمكانية الوصول، تتوفر خيارات تنقل أسهل وأفضل لمن لا يستطيع القيادة كالمسنين، وذوي الاحتياجات الخاصة. وتستطيع السيارات أيضًا الدخول إلى مناطق غير مخدومة، ولا تصلها وسائل النقل العام عادةً.[12][16]

تحديات وعوائق

ستغيّر القيادة الذاتية البيئة الحضرية، وستكون هذه التغييرات لا رجعة فيها. نتيجةً لذلك يجب علينا معرفة عواقب التطبيق لنتجنّبها، فنحصل على أقصى فائدة ونتغلب على التحديات. ونذكر بعض تلك التحديات:

  • تحديات تقنية، يلزم تطوير وربط عمل العديد من التقنيات، فلكي تتمكن السيارات من التعامل مع أي حالة مرورية يلزم الملايين من الكيلومترات التجريبية للقيادة في الحالات الخطرة كتساقط الثلوج أو الأمطار الغزيرة.[17]
  • مخاوف أخلاقية، ترتبط بوجود نقاط ضعف في أمن الفضاء الإلكتروني، مما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على المستوى الأمني للمدن.[12]
  • آثار سلبية على صحة الإنسان، بسبب نمط الحياة الخامل، فقد يعطي السكان أولويةً للقيادة الذاتية من أجل قضاء رحلاتهم القصيرة عوضًا عن المشي أو ركوب الدراجة.[18]
  • عقبات اقتصادية، بسبب كلفة الشراء المرتفعة، على الأقل في السنوات الأولى من الانتشار. وتدرس المدن الذكية إدخال الحافلات ذاتية القيادة في خدمة النقل العام، بالتالي تحل مشكلة عدم قدرة تحمّل تكلفة امتلاك مركبة خاصة.[19]
  • عدم تقبّل وثقة الناس لفكرة القيادة الذاتية.

تأثير المركبات ذاتية القيادة على التخطيط العمراني

التحضر

يعتقد الخبراء أن إدخال القيادة الذاتية في التنقل الذكي قد يؤدي إلى زيادة أهمية المناطق السكنية في الضواحي. والتي يكون سعرها عادةً أخفض في السوق عن تلك المتواجدة في المركز. حيث تسهّل المركبات ذاتية القيادة إمكانية الوصول للمناطق التي تعذر الوصول إليها سابقًا. مما يؤدي في نهاية المطاف إلى ازدياد الزحف العمراني للمدن، وانخفاض كثافة البناء. إضافةً إلى ذلك، تنعكس الآثار كذلك على المناطق الريفية، بفضل تحسُّن النقل العام والخاص على حدّ سواء.[20][21]

توضح الصورة تأثير المركبات ذاتية القيادة على كثافة البناء، بينما تشير الأسهم الحمراء إلى امكانية الوصول.
توضح الصورة تأثير القيادة الذاتية على نظام النقل الحضري.

البنية التحتية للطرق

تؤثر المركبات ذاتية القيادة على استعمال الحيّز المكاني للطرق، والبنية المادية لها. مثلًا ستقضي القيادة الذاتية على الخلاف الحالي بين سائقي المركبات والمشاة. ويتوقع الخبراء أن يتوسّع الحيّز المخصص للمشاة مع إمكانية إزالة الفصل المادي بين السيارات والمشاة. علاوةً على ذلك سيقل عرض الممرات، وستلتغي أماكن وقوف السيارات على طول الرصيف.[21]

توضح الصورة التحول المفترض لمقطع الطريق بعد انتشار القيادة الذاتية.
صورة لافتراض مسار أكثر كفاءة بفضل تطوير القيادة الذاتية.

المستوى المحلي

تؤثر القيادة الذاتية على التنمية السكنية وسط المدينة والضواحي على حد سواء. إذ مع انتشارها الكامل سيكون من الممكن تحرير العديد من الساحات المستخدمة من قبل السيارات حاليًا. والتي سيعاد تكييفها، وإعادة استخدامها لوظائف أخرى.[21]

على سبيل المثال؛ توجد عادةً مساحات لوقوف السيارات بالقرب من المنازل الخاصة، وستقل الحاجة إليها عند انتشار المركبات ذاتية القيادة. نتيجةً لذلك يمكننا تحويل مواقف السيارات المجاورة للمنازل إلى ممرات للمشاة أو للدراجات. يساعد كذلك إلغاء المرآب الخاص على توسُّع المنزل، فيستطيع المالك استغلال المساحة لوظائف أخرى.[22]

تأثير المركبات ذاتية القيادة على الضواحي ذات الكثافة المنخفضة.

أما بالنسبة للمباني السكنية متعددة الطوابق، فيمكن الاستغناء عن المواقف الموجودة تحت الأرض. ونستطيع بدل ذلك بناء مواقف كبيرة مستقلة تقع في أماكن خارجية يسهل الوصول إليها. إذ سيتمكن مالك السيارة الاتّصال مباشرةً بسيارته عن طريق تطبيق مثبت على هاتفه المحمول لتأتي إليه من موقفها.[22]

تأثير المركبات ذاتية القيادة على المناطق السكنية عالية الكثافة.

نظرة مستقبلية

سيكون إدخال القيادة الذاتية إلى التنقل الذكي بطيئًا وتدريجيًا. ولا شكّ من أنه سيحدث ثورةً جذريةً على طريقة حياتنا، وسيغير أيضًا التخطيط العمراني للمدن. لكن في نهاية المطاف سيتعلق نجاحه بالفرد ومدى تقبله للتقنية. فدعنا نتخيل لبرهة أنك تمتلك سيارةً ذاتية القيادة، فهل ستثق بقراراتها وتدعها تأخذك في رحلاتك، أم أنك تفضل القيادة بنفسك؟

المصادر

  1. MDPI
  2. IEEE
  3. IEEE
  4. Springer
  5. ResearchGate
  6. ResearchGate
  7. arXiv
  8. arXiv
  9. Semanticsholar
  10. ResearchGate
  11. IEEE
  12. arXiv
  13. MDPI
  14. MDPI
  15. Semanticsholar
  16. MDPI
  17. IEEE
  18. Science direct
  19. MDPI
  20. ResearchGate
  21. ResearchGate
  22. Science direct
Exit mobile version