لماذا يهدد تلوث الهواء حياة الملايين الآن؟

سبعة ملايين شخصًا حول العالم يفقدون حياتهم كل عام نتيجة لتلوث الهواء، ووفقًا لتقرير منظمة الصحة العالمية فإن تسعة من كل عشرة أشخاص يتنفسون هواءًا ملوثًا،[1] ويعد تلوث الهواء واحدًا من أكبر عوامل الخطر للموت المبكر في العالم، إذ يعاني أولئك الذين يعيشون في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل أكثر من غيرهم، [2] ووفقًا لأحدث تقرير عن حالة الهواء العالمي والصادر في عام 2019  فإن ما يقرب من 4.5 مليون شخص فقدوا حياتهم نتيجة لتعرضهم لهواءًا ملوثًا.

الضباب الدخاني والسخام

هذان هما أكثر أنواع تلوث الهواء انتشارًا، يحدث الضباب الدخاني عندما تتفاعل الانبعاثات الناتجة عن احتراق الوقود الأحفوري مع ضوء الشمس، كما يتكون السخام من جزيئات صغيرة من المواد الكيميائية أو الدخان أو الغبار أو المواد المسببة للحساسية والتي تكون على شكل غاز أو مواد صلبة ويتم حملها في الهواء.

يمكن أن يؤدي الضباب الدخاني إلى حدوث العديد من الأعراض كتهيج العينين والحلق وإلحاق الضرر بالرئتين، خاصةً بين الفئات العمرية الخاصة كالأطفال وكبار السن، أوالأشخاص الذين يعملون أو يمارسون الرياضة في الهواء الطلق. بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الربو أو الحساسية، فمن الممكن أن تؤدي هذه الملوثات إلى زيادة حدة الأعراض، أوحدوث نوبات الربو.

وبشكل خاص تعتبر أصغر الجزيئات المحمولة في الهواء في السخام ، سواء كانت غازية أو صلبة، خطيرة للغاية، لأنها يمكن لها أن تخترق الرئتين ومجرى الدم وتؤدي إلى تفاقم التهاب الشعب الهوائية، وتؤدي إلى نوبات قلبية،. ففي عام 2020 ، أظهر تقرير صادر عن كلية الصحة العامة بجامعة هارفورد أن معدلات الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا في المناطق التي يزيد فيها تلوث السخام كانت أعلى منها في المناطق التي يقل فيها التلوث قليلًا، مما يدل على وجود علاقة بين الموت والتعرض طويل الأمد للجسيمات.[3]

ملوثات الهواء الخطرة

يشكل عدد من ملوثات الهواء مخاطر صحية خطيرة، والتي من الممكن أن تكون قاتلة في بعض الأحيان،  ومن أكثرها شيوعًا الزئبق والرصاص والديوكسينات والبنزين، فعلى سبيل المثال يمكن أن يسبب البنزين المصنف على أنه مادة مسرطنة من قبل وكالة حماية البيئة، تهيج العينين والجلد والرئتين وذلك على المدى القصير ومن الممكن أن يسبب اضطرابات الدم وذلك على المدى الطويل.

يمكن أن تؤثر الديوكسينات، الموجودة بكميات صغيرة في الهواء، على الكبد وتضر بالجهاز المناعي  العصبي والغدد الصماء، كما يهاجم الزئبق الجهاز العصبي المركزي.

وبالنسبة للرصاص فمن الممكن أن يؤدي إلى تدمير أدمغة الأطفال، وحتي التعرض إلى الحد الأدني منه من الممكن أن يؤثر على معدل ذكاء الأطفال وقدرتهم على التعلم.

الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات هي واحدة من المركبات السامة والتى تنتج عن عوادم المركبات ودخان حرائق الغابات، ومن الممكن أن تؤدي إلى تهيج العينين والرئة ومشاكل الدم والكبد وحتي السرطانات، ففي إحدى الدراسات أظهرت النتائج أن أطفال الأمهات المعرضات لمركبات الهيدروكربونات أثناء الحمل، أكثر عرضة لاضطرابات فرط الحركة ونقص الانتباه.[4]

حقائق وأرقام

تشير نتائج إحدي الدراسات التي نشرت بمجلة “ذا لانسيت” إلى أن ثاني أكسيد النيتروجين يتسبب في حدوث ما يقدر بنحو 1.8 مليون حالة إصابة بربو الأطفال سنويًا، وخاصة في المناطق الحضرية، كما أشارت إلى أن الهواء النظيف يجب أن يكون جزءًا مهمًا من الاستراتيجيات التي تهدف إلى الحفاظ على صحة الأطفال.

ووفقًا لاحدى الدراسات التي نشرت بمجلة أبحاث البيئة فإن التعرض للجسيمات الدقيقة كان مسؤولًا عن حوالي 8.7 مليون حالة وفاة على مستوي العالم وذلك خلال عام 2018.[5]

تلوث الهواء وتغير المناخ

يؤدي تلوث الهواء بغاز ثاني أكسيد الكربون وغازات الدفيئة الأخرى إلى حدوث موجات الحر الشديدة والقاسية والتي تؤدي إلى زيادة الوفيات في بعض الأحيان كما تتسبب في انتشار الأمراض والآفات.

وبحسب المجلس القومي للبحوث فإنه لا بد من اتخاذ خطوات أولية للتقليل من كمية غازات الدفيئة، كما أوضح المجلس النرويجي للاجئين أنه كلما أسرعت الجهود للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري كلما قلت المخاطر التي يشكلها تغير المناخ.[6]

المراجع

(1),(3)nrdc

(2)who

(4)sciencedirect

(5)thelancet

(6)epa

مدن تحت الماء .. كيف يهدد تغير المناخ المدن الساحلية؟

هذه المقالة هي الجزء 12 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

على ارتفاع أقل من 5 أمتار، فإن حوالي 250 مليون شخصًا حول العالم يعيشون على طول سواحل البحار والمحيطات، لكن بفضل الزيادة المستمرة في ارتفاع مستوي سطح البحر بسبب التغيرات المناخية فإن حياة هؤلاء الأشخاص معرضة للخطر.[1] ووفقًا لتقرير الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، فإن ارتفاع مستوى سطح البحر يهدد مناطق الأرض المنخفضة حيث تضاعف مستوى سطح البحر من 0.06 بوصة  إلى 0.14 بوصة من عام 2006 إلى عام 2015.[2]

كيف تغير مستوى سطح البحر؟

على مدار الـ 150 عامًا الماضية، تم إجراء قياسات منتظمة للمد والجزر في الموانئ في جميع أنحاء العالم، وذلك لمعرفة مقدار التغير في مستوى سطح البحر، وتظهر المعلومات التي تم جمعها أنه منذ عام 1850، ارتفع مستوى سطح البحر بمقدار 20 سم حول العالم[3].

لماذا يتغير ارتفاع مستوي سطح البحر؟

يرتبط التغيير في ارتفاع مستوي سطح البحر بثلاثة عوامل أساسية، وكلها ناتجة عن تغير المناخ وهي كالتالي:

1- التمدد الحراري

عندما ترتفع درجة حرارة الماء في البحار والمحيطات فإنه يتمدد. ويُعزى الارتفاع المستمر في مستوي سطح البحر خلال الـ 25 عامًا الماضية إلى احتلال المحيطات الأكثر دفئًا مساحة أكبر.

2- ذوبان الأنهار الجليدية

خلال فترات الصيف تذوب القليل من التكوينات الجليدية الكبيرة كالأنهار الجليدية بشكل طبيعي. لكن في الآونة الأخيرة، أدى الارتفاع المستمر في درجات الحرارة الناتج عن الاحتباس الحراري إلى ذوبان أكبر من المتوسط. إضافة إلى أن تأخر فصول الشتاء يؤدي إلى تساقط كميات أقل من الثلج، وبالتالي تحدث حالة من عدم التوازن ويرتفع مستوي سطح البحر في النهاية.

3- فقدان الصفائح الجليدية في جرينلاند وأنتاركتيكا

كما هو الحال مع الأنهار الجليدية الجبلية، فإن الزيادة في درجات الحرارة تتسبب في ذوبان الصفائح الجليدية الضخمة التي تغطي جرينلاند والقارة القطبية الجنوبية بسرعات أكبر، ويعتقد العلماء أن المياه الذائبة من أعلى الصفائح الجليدية ومياه البحر المتسربة تحتها، من الممكن أن تعمل على تزييت مجاري الجليد ويتسبب في تحركها بسرعة أكبر في البحر.[4]

إلى أي مدى يمكن أن يرتفع مستوى سطح البحر؟

بسبب الاحتباس الحراري، فإن التمدد الحراري للمحيطات وذوبان الأنهار الجليدية سيلعبان دورًا في ارتفاع مستوى سطح البحر في المستقبل. وتأتي أكبر مساهمة ممكنة في ارتفاع مستوى سطح البحر من الصفائح الجليدية الكبيرة الموجودة في جرينلاند وغرب وشرق أنتاركتيكا. إذا ذابت هذه الصفائح الجليدية تمامًا، فسيرتفع مستوى المحيطات حوالي 7 أمتار في جرينلاند، و 5 أمتار في غرب أنتاركتيكا، و 53 مترًا في شرق أنتاركتيكا.

هل تغير مستوى سطح البحر في الماضي؟

لقد تغير مستوى سطح البحر بشكل طبيعي في الماضي. ويرجع ذلك في الغالب إلى نمو وذوبان الصفائح الجليدية الكبيرة خلال العصور الجليدية قبل نحو 20 الف عام. خلال ذروة العصر الجليدي الأخير كان مستوي سطح البحر أقل بحوالي 120 مترًا مما هو عليه اليوم. لكن حدثت عدة نوبات من الارتفاع السريع في مستوي سطح البحر. فمنذ حوالي 14 ألف عام قفز معدل ارتفاع مستوي سطح البحر بمقدار 3 سم بسبب ذوبان الغطاء الجليدي الذي أحدثه تغير المناخ في ذلك الوقت. كما أن الفترة ما بين العصور الجليدية شهدت ارتفاع في مستوي سطح البحر بما لا يقل عن 6 أمتار مما هو عليه اليوم.

كيف سيتغير مستوى سطح البحر في المستقبل؟

بسبب الارتفاع المستمر في درجات الحرارة الناتجة عن الاحتباس الحراري، فإن العلماء على يقين تام من أن مستوى سطح البحر سيستمر في الارتفاع خلال العقود القادمة، حيث ستذوب الأنهار والصفائح الجليدية.[5].

ووفقًا لتقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ فإنه من المتوقع أن يرتفع منسوب مياه المحيطات بمقدار من 26 إلي 77 سم بحلول عام 2100[6]. وأشارت نتائج إحدي الأبحاث إلى التسارع في ارتفاع مستوي سطح البحر، ومن المتوقع أن يرتفع بمقدار قدم واحدة بحلول عام 2050.[7]

الآثار

للزيادة المستمرة في مستوي سطح البحر آثار مدمرة، ففي المدن الساحلية يمكن أن يؤدي ارتفاع مستوي سطح البحر إلي زيادة وقوع الأعاصير والعواصف. ووجدت إحدي الدراسات أنه بين عامي 1963 و 2012 ، كانت الأعاصير السبب في فقدان ما يقرب من نصف الوفيات. كما أن الفيضانات تجبر الذين يعيشون في مناطق ساحلية منخفضة على الهجرة إلى مناطق مرتفعة.[8]   

وفي المناطق الزراعية الموجودة بالقرب من الساحل، يمكن أن تؤدي الفيضانات البحرية إلى تلويث التربة بالملح، مما يجعلها أقل قدرة على إنتاج ونمو المحاصيل. في بعض الأحيان قد تختلط المياه المالحة بالمياه العذبة وبالتالي تقل كميات المياه الصالحة للشرب.[9]

التكيف مع التهديد

نتيجة لهذه المخاطر، تخطط العديد من المدن الساحلية لوضع تدابير من شأنها التكيف مع التوقعات طويلة الآجل لارتفاع مستوي سطح البحر. والتي غالبًا ما تكون بناء جدران بحرية وحواجز، أو زراعة أشجار المانغروف أو غيرها من النباتات لامتصاص المياه. ففي جاكرتا على سبيل المثال سيهدف مشروع لحماية المدينة على بناء جدار بحري يبلغ ارتفاعه 80 قدمًا، بقيمة 40 مليار دولار.

ويشير العلماء إلى أن المدى الذي تعمل فيه البلدان معًا للحد من إطلاق المزيد من غازات الدفيئة قد يكون له تأثير كبير على سرعة ارتفاع البحار ومقدارها.[10]

المراجع

(1),(9),(5)(3)frontiersin
(2)climate
(4),(10)(8)nationalgeographic
(6)ipcc
(7)noaa

كيف تنشر غرف الصدى الإعلامية المعلومات المضللة؟

هذه المقالة هي الجزء 6 من 7 في سلسلة 7 قضايا إعلامية لا يسعك جهلها

أحدثت الشبكات الاجتماعية ثورة هائلة في كيفية وصولنا إلى المعلومات والبحث عنها، ولكن هل تساءلت يومًا لماذا يمكن لشخصين البحث عن نفس الشيء عبر الإنترنت والحصول على نتيجتين مختلفتين تمامًا؟، يرجع علماء الإجتماع السبب وراء ذلك إلى غرف الصدى الإعلامية وفقاعات التصفية التي تحول دون وصولنا إلى المعلومات، والخوارزميات التي تروّج  للمحتوى بناء على سلوكنا البحثي، مما يقلل من حريتنا في الحصول على المعلومات ومواجهة الأفكار الجديدة.[1]

ماذا نعني بغرف الصدى وفقاعات التصفية؟

ربما تكون قد سمعت من قبل عن مصطلحي “غرف الصدى” و “فقاعات التصفية”، إلا أن المصطلحين يختلفان عن بعضها البعض حيث تعرف “غرف الصدي” بأنها البيئة التى نواجه فيها المعلومات والآراء التي تعكس وتعزز آرائنا، أما “فقاعات التصفية” فهي المساحة  التي يؤثر فيها سلوكنا كالبحث والإعجابات والمشاركات على ما نراه عبر الإنترنت.[2]

أين توجد غرف الصدي؟

توجد غرف الصدى في أي مكان يتم فيه تبادل المعلومات والأفكار والآراء، سواء أكان ذلك عبر الإنترنت أو في الحياة الواقعية. لكن على الإنترنت توجد غرف الصدي بشكل أكبر، فيمكن لأي شخص تقريبًا العثور على أشخاص متشابهين معه في التفكير ووجهات النظر.[3]

غالبًا ما نشعر بالراحة في غرف الصدى، لأنها مليئة بالأشخاص الذين يفكرون بشكل مشابه لنا، في بعض الأحيان يمكن أن تساعد غرف الصدي الإعلامية في نشر الأخبار الكاذبة، والتي يمكن أن تنتشر بشكل أسرع حتي لو لم تكن صحيحة.[4]، كما أن غرف الصدى تعمل على تشويه منظورنا ورؤيتنا للعالم مما يجعل فهم وجهات النظر المتعارضة أكثر صعوبة.[3]

كيف تعزلك فقاعات التصفية؟

عند بحثك على أحد مواقع الويب، فإنك تعتقد أنك قد حصلت على نفس المحتوى الذي قد يحصل عليه شخص آخر. ولكن في الحقيقة الأمور ليست كذلك، حيث تتعقب الخوارزميات كل ما تريد النقر فوقه، وتمنحك المحتوى بناءً على سلوكك عبر الأنترنت، وتستمر في القيام بذلك حتى تعرض لك المحتوى الذي من المحتمل أن تستهلكه بشكل أساسي.

عندما تضعك الخوارزميات في فقاعات التصفية فهذا يعني أنها قد عزلتك عن المعلومات ووجهات النظر التي لم تبد اهتمامك بها بالفعل، وبالتالي فإنك تفقد معلومات مهمة،على سبيل المثال قد يعمل أحد مواقع التواصل الاجتماعي على إخفاء منشورات أصدقاء لهم وجهات نظر مختلفة، أو قد يعرض لك موقع إخباري مقالات يعتقد أنك ستنحاز إليها.

في كثير من الأحيان قد لا تدرك حتى أنك في فقاعة تصفية لأن هذه الخوارزميات لا تطلب الإذن منك، أو تخبرك بنشاطها، أو تقول لك ما تخفيه عنك. في الواقع لقد أصبحت الخوارزميات جزءًا من الإنترنت ككل، وإذا كنت تريد الاتصال به، فإن تجنبها يكاد يكون مستحيلًا.[5]

التحيز التأكيدي وغرف الصدي

 يعرف التحيز التأكيدي بأنه تفضيل الأفكار والمعتقدات التي يتبناها الشخص والتي تعبر عن وجهة نظره. تعمل غرف الصدى الإعلامية على إدامة ما يسميه علماء النفس بالتحيز التأكيدي، أي الميل إلى تفضيل المعلومات التي تعزز معتقداتنا، و لسوء الحظ ، جميعنا لدينا التحيز التأكيدي، فغالبًا ما نقرأ الأخبار التي تؤكد ما نفكر فيه بالفعل كما أننا نصدق القصص التي تدعم أفكارنا، وبالمثل قد نتجاهل القصص الإخبارية التي تقدم آراء ووجهات نظر متعارضة مع أفكارنا.[6]

كيف يمكنك تجنب  غرف الصدى؟

1-تحقق من المعلومات من مصادر متعددة: يساعدك التحقق من المعلومات من مصادر متعددة على اكتشاف المعلومات المتناقضة والتعامل معها والبقاء على الإطلاع حول ما هو جديد. فالمعلومات التي تنشر على مواقع حسنة السمعة من المرحج أن تكون أكثر دقة من المعلومات التي تنشر في المواقع ذات الأخبار المضللة.

2- تقبل وجهات النظر مختلفة والتعامل معها: يعد الاختلاف مع الآخرين جانبًا طبيعيًا من جوانب الحياة البشرية. في الواقع تفتح الخلافات بابًا للتعلم وهي أساس البحث. لا حرج في الاختلاف مع شخص ما، ولكن احرص على الاستماع إلى حجته والتحقق من الحقائق التي تسردها.

3-تقييم المعلومات: الحقائق هي جانب حيوي للأخبار، وبدونها سوف يتولد لدينا جوانب الشك. وبالتالي فإن تقيمك للمعلومات بناء على الحقائق الواردة فيها، يعد جانبًا مهمًا بالنسبة لك لتجنب غرف الصدي.

4- سلح نفسك بمهارات التفكير النقدي.[7]

وأخيرًا يمكنك الهروب من غرف الصدى من خلال التطلع إلى وجهات النظر الأخرى، ليس عليك بالضرورة الحصول على رأي مخالف تمامًا لرأيك، وفي بعض الأحيان قد يؤدي ذلك إلى نتائج عكسية ويعيدك إلى غرفة الصدى.[8]

المراجع

(1)france24
(6),(8),(4),(2)bbc
,(5),(3)https://edu.gcfglobal
(7)socialmedia

كيف يؤثر تغير المناخ على الشعاب المرجانية؟

هذه المقالة هي الجزء 11 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

تعد الشعاب المرجانية جزءًا لا يتجرأ من البحار والمحيطات. إنها توفر الغذاء وسبل العيش، وتقلل من مخاطر العواصف والفيضانات، وتجذب السياح إلى أكثر من 100 دولة وإقليم. على الرغم من أنها لا تشغل سوى 0.01٪ من قاع المحيط، إلا أنها تعد ملاذًا أمنًا لعددًا لا يحصي من الأسماك. لكن بفعل الصيد غير المشروع وتغير المناخ أصبحت تواجه العديد من التهديدات المحلية والعالمية الخطيرة. وبدون اتخاذ إجراءات فورية لحمايتها، فمن الممكن أن تكون أكثر عرضة للتلف، وتقل أعدادها في النهاية.

ما هي الشعاب المرجانية؟

الشعاب المرجانية هي عبارة عن هياكل تتكون بفعل إفراز المستعمرات المرجانية لكربونات الكالسيوم التي تتراكم وتشكل الهياكل متعددة الأشكال والأحجام. تعد المستعمرات المرجانية مدنًا نابضة بالحياة لأكثر من 4 آلاف نوع من الأسماك، ولآلاف الأنواع الأخري من اللافقاريات.[1]

تأثير التغيرات المناخية على الشعاب المرجانية

عانت الشعاب المرجانية في جميع أنحاء العالم من أحداث التبييض الجماعي لمدة ثلاث سنوات متتالية. ففي الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال شهدت الشعاب المرجانية الموجودة في جزر هاواي آثار مدمرة، كما أدي إبيضاض الشعاب المرجانية الذي حدث في عامي 2016 و 2017  إلى تدمير حوالي 50٪ من الشعاب المرجانية.[2]

مع ارتفاع درجات الحرارة، تزداد أحداث تبيض المرجان، كما أن زيادة غاز ثاني أكسيد الكربون الممتص من الغلاف الجوي يعمل على تغيير كيمياء البحر من خلال انخفاض درجة الحموضة، فيما يعرف باسم تحمض المحيطات، وبالتالي تقل معدلات بناء الشعاب المرجانية.[3]

عندما تتغير درجة الحرارة، يطرد المرجان الطحالب التكافلية التي تعيش في أنسجتها، وهي المسؤولة عن لونها. من الممكن أن يؤدي ارتفاع درجة حرارة المحيطات من 1 إلى 2 درجة مئوية على مدى عدة أسابيع إلى أحداث التبييض وتحويل المرجان إلى اللون الأبيض، والتي غالبًا ما تؤدي إلى موت كميات كبيرة من الشعاب المرجانية.

إذا استمرت درجات الحرارة في الارتفاع، فإن أحداث التبييض ستزداد شدتها. وبالتالي لا يمكن للشعاب المرجانية البقاء على قيد الحياة.[4]، فوفقًا لنتائج إحدي الدراسات فإن الاحتباس الحراري تسبب في فقد حوالي 14% من الشعاب المرجانية خلال عقد من الزمن، وسيتم القضاء على المزيد إذ استمرت درجة حرارة المحيطات في الارتفاع.[5]

ما هي التهديدات الرئيسة للشعاب المرجانية؟

تتعرض الشعاب المرجانية للعديد من التهديدات المحلية والعالمية، بما في ذلك الصيد الجائر، والتلوث البحري، وزيادة حرارة المحيطات وتحمضها وهي كالتالي:

1-الصيد الجائر

هو التهديد المحلي الأكثر انتشارًا للشعاب المرجانية. فيمكن للسفن إتلاف الشعاب المرجانية، كما أن تصريف المواد الضارة يمكن أن يعطل النظام البيئي. ويعمل الصيد الجائر على إزالة الأسماك العاشبة التي تتحكم في نمو الطحالب الكبيرة على الشعاب المرجانية.

2- ارتفاع درجة حرارة المحيطات بسبب تغير المناخ  

يعد ارتفاع درجة حرارة المحيطات بسبب تغير المناخ تهديدًا سريع النمو. يمكن أن يتسبب ارتفاع درجة حرارة المحيط في طرد الشعاب المرجانية لطحالبها الملونة وهي عملية تعرف باسم تبيض المرجان. تموت الشعاب المرجانية في النهاية إذا لم تعود الطحالب التكافلية، أو إذا لم يكن هناك وقت كافٍ بين التبييض لاستعادة الشعاب المرجانية أو إذا أعاقت التهديدات الأخرى تعافيها. 

3- تحمض المحيطات

تؤدي الزيادة في كمية غاز ثاني أكسيد الكربون في مياه البحر إلى تحمض المحيطات. وهذا يعمل على تقليل معدل الأراجونيت (وهو معدن تحتاجه الشعاب المرجانية لبناء هياكلها العظمية). يؤدي نقص الأراجونيت إلى إبطاء عملية نمو المرجان، بالإضافة إلى إنتاج هياكل أضعف وأقل كثافة مما يجعلها أكثر عرضة للتآكل والضرر. وخلال القرن الماضي انخفضت مستويات الأراجونيت. ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه خلال القرن المقبل في ظل زيادة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون.

أهميتها

تشير التقديرات إلى أن الشعاب المرجانية تدعم بشكل مباشر أكثر من 500 مليون شخص في جميع أنحاء  العالم، والذين يعتمدون عليها في حياتهم اليومية. وقدر التقييم الذي نشرته مجلة Global Environmental Changeالقيمة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للشعاب المرجانية بنحو تريليون دولار أمريكي، وتشير دراسة أجراها الصندوق العالمي للطبيعة في عام 2015 إلى أن خسارة الشعاب المرجانية المرتبطة بالمناخ ستكلف حوالي 500 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2100.  

وتعد الشعاب المرجانية  مؤشرات رئيسة لصحة النظام الإيكولوجي العالمي. وهي بمثابة علامة تحذير مبكر لما قد يحدث للأنظمة الأخرى الأقل حساسية.إذا لم يتم التعامل مع أزمة المناخ بشكل عاجل، فمن الممكن أن تتدهور الأنظمة الأيكولوجية بشكل لا رجعة فيه.

التوقعات الحالية للشعاب المرجانية

لسوء الحظ  لا توجد إجابة كافية عن حال الشعاب المرجانية حول العالم، حيث يختلف مدي الضرر الذي لحق بها من مكان لأخر، ومع ذلك فمن المحتمل أن يتدهور ما يقرب من نصف الشعاب المرجانية في العالم بسبب تغير المناخ والتلوث والصيد الجائر.

ووفقًا لتقرير حديث صادر عن الشبكة العالمية لرصد الشعاب المرجانية، والذي اعتمد على بيانات من 35 ألف مسح للشعاب المرجانية جمعت من73 دولة على مدار الأربعين عامًا الماضية، أكدت النتائج أن أحداث التبييض المرجاني أدت إلي فقد حوالي 8% من الغطاء المرجاني على مستوي العالم.

بحلول عام 2030، من المتوقع أن تتعرض معظم الشعاب المرجانية لأحداث تبييض المرجان مرتين على الأقل كل عقد، وربما كل عام بحلول عام 204

ما الذي يجب علينا فعله لحمايتها

لا يوجد حل واحد لإنقاذ الشعاب المرجانية ، ولكن يجب اتخاذ العديد من الإجراءات، فعلى المستوى المحلي، يمكن معالجة التهديدات التي تتعرض لها الشعاب المرجانية من خلال إدارة مصايد الأسماك بشكل مستدام، والقضاء على الصيد الجائر ومعالجة جميع مصادر التلوث.

على المستوى العالمي، تعتبر الجهود المبذولة للحفاظ على معدل الزيادة في درجات الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية أمرًا بالغ الأهمية لتقليل مخاطر تبييض المرجان وتحمضه، وأخيرًا يمكن أن تساعد الإجراءات صانعي السياسات الإقليميين والقادة العالميين على اتخاذ قرارات مستنيرة والتي تعد أملًا جديدًا لحماية الشعاب المرجانية.[6]

المراجع

(1),(6) weforum
(4),(2)iucn
(3)noaa
(5)dw
image source : dailynewsegypt

لماذا لا يثق الجمهور في وسائل الإعلام؟

هذه المقالة هي الجزء 5 من 7 في سلسلة 7 قضايا إعلامية لا يسعك جهلها

في العقود الأخيرة تراجعت درجات الثقة في وسائل الإعلام والاخبار المنشورة  في كثير من دول العالم، حيث لا يزال الكثير من المستهلكين ينظرون إلى الأخبار بقدر كبير من الشك، وعلى الرغم من الادعاءات الكثيرة والمتلاحقة حول أزمة الثقة في وسائل الإعلام فقد شدد علماء الإجتماع على أنه لا يوجد دليل واضح على ثبوت درجات الثقة في كل بلد أو مؤسسة إخبارية.[1]

وسائل الإعلام والأخبار الزائفة

أظهرت البيانات أن القصص الإخبارية المزيفة تحظي باهتمام واسع النطاق ويتم تصديقهابشكل كبير من قبل الجمهور. ففي كل من الولايات المتحدة الامريكية وأوروبا، وجدت العديد من الدراسات التى أجريت أن الغالبية العظمى من السكان يتعرضون وبشكل مباشر للأخبار المضللة والكاذبة، بينما يتعرض حوالى 10% فقط من السكان للأخبار الصحيحة. وتشير الأدلة إلى أن وسائل الإعلام الرئيسة هي المسؤولة عن الاهتمام الكبير الذي تتلقاه القصص الإخبارية المزيفة من قبل الجمهور.

أحد الأسباب الرئيسة التى تدفع وسائل الإعلام لتغطية الأخبار الزائفة هو أن بعض هذه القصص تحمل قيمًا إخبارية. وبالتالى تكون تأثيرات تلك التغطية هى تضليل الجمهور، مما يجعلهم أقل يقينًا فيما يتعلق بالحقيقة.[2]

ومع ذلك فقد وجدت الدراسات العديد من الأسباب المختلفة المتعلقة بمقدار الثقة في وسائل الإعلام، فوجد البعض منها أن التعليم هو مؤشر إيجابي لثقة الجمهور في وسائل الإعلام، بينما وجد البعض الأخر أن النساء يثقن في وسائل الإعلام أكثر من الرجال، ووجد البعض ارتباط درجات الثقة بالتحيز السياسي، حيث أصبح المزيد من الجمهور يتوقعون أن تكون الأخبار متحيزة سياسيًا.[3]

ما الذي يجعل الناس أكثر ثقة في المواد المنشورة بوسائل الإعلام؟

حاولت العديد من الأبحاث فهم طبيعة المواد المنشورة بوسائل الإعلام والتى تدفع الناس إلى الثقة بها. وتوصلت النتائج إلى أن الناس يريدون وبشكل عام أن تكون الصحافة أكثر توازنًا ودقة وموضوعية.

وخلال العقدين الماضيين أظهرت الأبحاث تزايد شكوك الجمهور تجاه صناعة الأخبار. فوفقًا للدراسة التى أجراها مشروع ميديا انسايت بالتعاون مع المعهد الأمريكي للصحافة، ووكالة أسوشيتدبرس، أظهرت الدراسة أن 85% من الأشخاص عينة الدراسة يرون أن الدقة هى السبب الرئيس الذي يدفعهم للثقة بالمصدر الإخباري، كما أظهر 67% أن التغطية المتعمقة البعيدة عن السطحية مهمة لثقتهم بالوسيلة الإعلامية.[4]

وخلال السنوات الأخيرة تراجعت الثقة في وسائل الإعلام التقليدية إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق. وكشف مقياس ثقة ايدلمان السنوي لأول مرة، الذي شاركه مع شركة أكسيوس أن أقل من نصف  الأمريكيين لا يثقون بوسائل الإعلام التقليدية، وأن 56 % منهم يرون أن الصحفيين والمراسلين يحاولون تضليل الجمهور عن عمد بتناول الأخبار الكاذبة والمعلومات الزائفة.[5]

كما أظهرت النتائج أن 59% منهم يتفقون على أن المؤسسات الإخبارية معنية بدعم أيديولوجية معينة أو موقف سياسي أكثر من إعلام الجمهور، كما أن 61٪ منهم يرون أن وسائل الإعلام منحازة وغير موضوعية.[6]

هل ملكية وسائل الإعلام مرتبط بعدم الثقة بها؟

تعتبروسائل الإعلام السلطة الرابعة التى تقوم بدورها بمساءلة الجهات الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية. ولكن ماذا يحدث عندما لاتهتم وسائل الإعلام بمحاسبة الحكومة بقدر اهتمامها بالدفع بأجندة تخدم مصالحها الذاتية؟

لقد أدي الاندماج الهائل لوسائل الإعلام في السنوات الأخيرة إلى ملكية وسائل الإعلام من قبل عدد صغير من الشركات متعددة الجنسيات وشركات الاستثمار الدولية[7]. وبالتالي لا يُنظر إلى الصحفيين على أنهم أصوات مستقلة، ولكن يُنظر إليهم على أن لديهم أجندات خفية يسعون لتحقيقها. ووفقًا لمقياس ثقة ايدلمان لعام 2021، فإن الثقة في وسائل الإعلام الإخبارية التقليدية منخفضة بشكل كبير (على الرغم من أن الثقة في وسائل التواصل الاجتماعي أقل أيضًا)، كما أن ثقة الجمهور في معظم المؤسسات الحكومية وغير الحكومية ليست قوية.[8]

تأثير بيئة الوسائط الرقمية على الثقة

في عالم اليوم الذي تهيمن عليه وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح التحكم في كيفية توزيع المحتوى تحديًا معقدًا تكافح العديد من المؤسسات الإخبارية لمواجهته. تظهر الأبحاث التي أجراها معهد رويترز،  أن الأخبار أقل موثوقية عند رؤيتها على منصات التواصل الاجتماعي المليئة بالمعلومات المضللة.

في السنوات الأخيرة، أصبحت حالات التداول المتعمد للمعلومات المضللة والأخبار المزيفة عبر وسائل الإعلام الموجودة على الإنترنت أمرًا شائعًا. وأظهرت العديد من الدراسات أن المستخدمين نادرًا ما يقومون بأي سلوكيات لتقييم المحتوي المعروض، كالبحث عن مصادر أخرى للتحقق من صحة المعلومات،[9]

ويري البعض أن التحول في البيئات الإعلامية خلال الفترة الأخيرة قد جلب معه الكثير من التحديات الجديدة والمتزايدة لوسائل الإعلام التقليدية التى تواجه المنافسة لجذب انتباه الجهور، كما أن وسائل الإعلام الرقمية والإجتماعية جعلت الجهات الفاعلة أقل اعتمادًا على وسائل الإعلام الإخبارية للوصول إلى الجمهور، مما سمح لهم بتجاوز وسائل الإعلام الإخبارية وكذلك توفير قنوات للهجمات على وسائل الإعلام الإخبارية.[10]

ويعد الوصول غير المقيد إلى المعلومات غير المتحيزة أمرًا بالغ الأهمية لتشكيل الفهم المتوازن والجيد للأحداث الجارية. وبالنسبة للعديد من الأفراد، تعتبر المقالات الإخبارية هي المصدر الأساسي للحصول على المعلومات. وبالتالي تلعب المقالات الإخبارية دورًا مركزيًا في تشكيل الرأي العام. علاوة على ذلك يصنف مستهلكو الأخبار المقالات الإخبارية على أنها تتمتع بأعلى جودة ومصداقية مقارنة بالوسائل الأخري كالراديو والتلفزيون ووسائل التواصل الإجتماعي، ومع ذلك غالبًا ما تظهر التغطية الإعلامية تحيزًا واضحًا، ينعكس في المقالات الإخبارية ويشار إليه عمومًا بالتحيز الإعلامي . يمكن أن تشمل العوامل المؤثرة في هذا التحيز ملكية أو مصدر دخل وسائل الإعلام ، أو موقف سياسي أو أيديولوجي محدد للمنفذ  الإعلامي.[11]

كيف يمكننا إعادة بناء الثقة في وسائل الإعلام؟

1-تطوير معايير الصناعة الصحفية: ويتضمن ذلك تصنيف الأخبار والأراء، والتزام المنافذ الإعلامية بالممارسات المتعلقة بالتحقق من المعلومات وتتبع المعلومات المضللة والمصادر المجهولة.

2- استخدم التكنولوجيا لمكافحة المعلومات المضللة: ويتم ذلك عن طريق استخدام وسائل الإعلام التكنولوجيات المتقدمة في جميع جوانب أعمالها. على وجه الخصوص، يجب أن تكون شركات الإعلام قادرة على تحديد المعلومات المضللة ثم معالجتها قبل نشرها للجمهور.

3- تتبع مصادر المعلومات التي تنشر عبر الإنترنت: والتأكد من مصدر المعلومات التي يتم الاعتماد عليها، وتزويد الجمهور بالمهارات اللازمة للتنقل الأمن عبر الإنترنت.[12]

المراجع

(1)reutersinstitute
(2)tandfonline
(3)tandfonline
(4)americanpressinstitute
(5)axios
(6)forbes
(8)edelman
(9)sagepub
(10)tandfonline
(11)springer
(12)aspeninstitute

كيف يساهم الحد من هدر الطعام في حل مشكلة المناخ؟

هذه المقالة هي الجزء 16 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

أكثر من ثلث الطعام الذي يتم إنتاجه على كوكبنا لا يصل أبدًا إلى طاولة الطعام، فإما أن يفسد ويتلف أثناء التنقل، وإما أن يتم التخلص منه من قبل المستهلكين الذين يشترون عادة أكثر من اللازم ويتخلصون من الفائض.[1] وتجدر الإشارة إلى أنه في كل مرة ترمي فيها بقايا الطعام فأنت تتسبب في إطلاق المزيد من غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي.[2]

ماذا نعني بمصطلح هدر الطعام؟

 وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، يعرف هدر الطعام بأنه الانخفاض في كمية أو جودة الطعام الناتج، وذلك طبقًا للقرارات والإجراءات التي يتخذها تجار التجزئة ومقدمو خدمات الأغذية والمستهلكون.[3]

وتشير التقديرات إلى أنه من المحتمل أن تحتل نفايات الطعام المصدر الثالث من المصادر المسببة للاحتباس الحراري بعد الولايات المتحدة والصين. ووفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، فإن الزراعة تساهم في ثلث انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على مستوى العالم، كما أننا نهدر ما يقدر بنحو 30٪ من الأغذية التي ننتجها أى حوالي 1.8 مليار طن.

تختلف نسبة إهدار الطعام من مكان لأخر، ففي البلدان منخفضة الدخل، يُهدر حوالي 40٪ من الطعام بعد حصاده وقبل وصوله إلى المنازل. لكن في البلدان ذات الدخل المتوسط والمرتفع، يتحمل المستهلكون الجزء الأكبر من اللوم. وتشير التقديرات إلى أن الأسر مسؤولة عن إهدار حوالى 53٪ من الطعام في أوروبا، و 47٪ في كندا.[4]

كيف يؤثر هدر الطعام على تغير المناخ

 وجدت الدراسات أن ثلث طعام العالم ينتهي به المطاف في القمامة قبل أن يصل حتى إلى موائد المستهلكين. وأكد تقرير منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) لعام 2011 أن مخلفات الطعام وحدها مسؤولة عن حوالي 10٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المسؤولة عن ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض.

تمثل مخلفات الطعام حوالي 6٪ من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. تطلق المادة العضوية المتعفنة في مكب النفايات غاز الميثان، وهو غاز دفيئة أقوى عدة مرات من غازثاني أكسيد الكربون[5].

ووفقًا لإحدي الدراسات التي أجريت عام 2020، فإن المواطن الأمريكي العادي ينفق حوالي 1300 دولار سنويًا على طعام لا يؤكل، وهذا أكثر من متوسط الإنفاق السنوي على الملابس والبنزين والتدفئة المنزلية والكهرباء.[6]

كما وجدت دراسة أخري  أن الخضروات الطازجة تمثل حوالي 25٪ من نفايات الطعام المنزلية الصالحة للأكل في المملكة المتحدة، لكنها لا تمثل سوى 12٪ من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن الطعام المهدر، بينما تشكل نسبة النفايات من اللحوم والأسماك حوالي 8٪، أى نسبة 19٪ من الانبعاثات.[7]

ومع ذلك ليس من السهل تحديد كمية الطعام التي نهدرها، ولمعرفة ذلك قام مجموعة من الباحثين بإجراء دراسة في كندا، تضمنت التنقيب في  القمامة التي تولدها 94 عائلة تعيش في جيلف، والتي قاموا من خلالها بتصنيف الطعام الذي وجدوه بناءً على مدى صلاحيته للأكل وكميته، واكتشفوا أن كل عائلة تتخلص من حوالي 3 كجم من نفايات الطعام كل أسبوع، أي ما يعادل حوالي 23.3 كجم من انبعاثات الكربون.[8]

ويشير تقرير صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إلى أن فقد الأغذية وهدرها تسبب في إطلاق حوالي 8 و 10٪ من إجمالى انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الفترة ما بين عامي 2010-2016.[9]

ماذا وراء النفايات؟

قد يتساءل البعض ما الفرق بين فقد الطعام وهدره؟، ولكن دعونا نقول بأنه كلما زاد ثراء الأمة، ارتفع معدل نفايات الفرد. من ناحية أخرى، تحدث الخسارة في الغالب في مقدمة السلسلة الغذائية – أثناء الإنتاج وما بعد الحصاد والمعالجة – وهي أقل انتشارًا في الدول الصناعية الكبري عنها في الدول النامية،[10] وبشكل عام توجد العديد من المشكلات التي يسببها هدر الطعام وهي:

1- التكلفة البيئية

ليس من المستغرب أن يتسبب تغير المناخ الناجم عن هدر الطعام في تكلفة بيئية ضخمة. عندما نهدر الطعام، فإننا نهدر أيضًا جميع الموارد التي استخدمت لإنتاجه، كالطاقة والوقود والمياه [11]، ووفقًا لإحدي الدراسات فإن الطاقة التي تدخل في إنتاج وحصاد ونقل وتعبئة تلك الأطعمة المهدرة، تساهم في تولد أكثر من 3.3 مليار طن متري من غاز ثاني أكسيد الكربون.[12]

2-انخفاض الغلة

هناك تأثير واضح لتغير المناخ على نظامنا الزراعي، وتوجد العديد من العوامل التي تؤثر على الإنتاجية الزراعية ويمكن تقسيمها إلى ثلاث فئات أساسية وهي: 1- العوامل التكنولوجية: كالقرارات الإدارية والممارسات الزراعية.

 2- العوامل البيولوجية: كالأمراض والآفات.

3- العوامل البيئية: كخصوبة التربة والظروف المناخية وجودة المياه.

لذا فإن تغير المناخ الناجم عن هدر الطعام يؤثر أيضًا على حجم ونوعية الغذاء الذي يتم إنتاجه، فعلى سبيل المثال يمكن أن تؤدي حالات الجفاف التي تعقبها أمطار غزيرة إلى زيادة احتمالية حدوث الفيضانات، والتي يمكن أن تكون عاملًا لانتشار الفطريات في الجذور والأوراق. ففي عصر تغير المناخ تعد محاولة الحفاظ على التوازن ما بين إنتاج الغذاء والبيئة أمرًا صعبًا.

3- فقدان القيمة الغذائية

وجدت العديد من الأبحاث الزراعية أن أهم أغذيتنا انخفضت قيمتها الغذائية لبعض الوقت، فقد أظهرت الدراسات التي أجريت على الخضار والفاكهة أن المعادن والبروتينات والفيتامينات قد انخفضت بشكل ملموس خلال السبعين سنة الماضية، والتي أرجعهوها إلى اختيار البعض للمحاصيل بناءً على قدرتها على إنتاج غلات أعلى، بدلاً من القيمة الغذائية.

وبصرف النظر عن تغير المناخ الناجم عن هدر الطعام، فإن أشكال التلوث الاخري تلعب دورًا مباشرًا في التأثير على القيمة الغذائية للمحاصيل التي ننتجها، كما أن غازات الدفيئة تلعب دورًا في التأثير على الطعام الذي نتناوله.[13]

كيف يمكننا الحد من هدر الطعام؟

يعتبر الحد من هدر الطعام مبادرة لا تكلفنا الكثير، ويمكن تقليل ما يقرب من 6٪ -8٪ من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي يسببها الإنسان إذا توقفنا عن إهدار الطعام. ويمكننا تنفيذ العديد السياسات المساعدة بما لا تضر بمعيشة الأفراد، ففي ولاية فيرمونت على سبيل المثال تم تنفيذ قانون لإعادة التدوير في عام 2012، وتم منع مولدات النفايات الكبيرة من التخلص من الأطعمة غير المأكولة، كما شهدت بنوك الطعام الحكومية زيادة في التبرعات ثلاثة أضعاف بعد تطبيق هذا القانون.[13]

وعلى مستوي التوزيع يمكننا استخدام تقنيات فعالة وبأسعار معقولة لتتبع ومراقبة الأغذية أثناء النقل لضمان الحفاظ عليها ولمنع تلفها كوحدات التبريد والتقنيات الموفرة للطاقة التي تعمل على تقليل الآثر البيئي.[14]

المراجع

(1)nationalgeographic
 (2), (8),(4)bbc
(3)fao
(5),(11),(13)earth
(6)nutritionj
(7)frontiersin
(9)ipcc
 (14),(10)nationalgeographic
(12)fao
image source: theneweconomy

كيف يساهم النقل في تغير المناخ؟

هذه المقالة هي الجزء 10 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

بالنسبة لكثير من الناس، فإن الرحلة من وإلى العمل هي نهاية الطريق اليومي، لكن الطريقة التي نختار بها الذهاب إلى مكان العمل أو حتي المتاجر، هي واحدة من أكبر القرارات المناخية اليومية التي نواجهها.

على الصعيد العالمي، يشكل قطاع النقل حوالي ربع انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. كما أن المركبات المتحركة على الطرق، كالسيارات والشاحنات والحافلات والدراجات النارية، تشكل ما يقرب من ثلاثة أرباع انبعاثات غازات الدفيئة التي تأتي من وسائل النقل. لذا فإن الطريقة التي تتجول بها كل يوم يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا في بصمتك الكربونية.

السيارات وغازات الدفيئة

وفقًا للأرقام الصادرة عن حكومة المملكة المتحدة، فإن السيارات الكبيرة مسؤولة عن حوالي 85% من انبعاثات غازات الدفيئة. تنتج السيارة التي تعمل بالبنزين حوالي 180 جرامًا من ثاني أكسيد الكربون لكل كيلومتر، بينما تنتج سيارة تعمل بالديزل حوالي 173 جرامًا من ثاني أكسيد الكربون. بشكل عام، كلما كانت السيارة أكبر، زادت الانبعاثات.[1]

 انبعاثات المركبات وتغير المناخ

السيارات ليست وحدها المسؤولة عن الانبعاثات،  فالطائرات والسفن والقطارات تطلق جزءًا كبيرًا من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري حول العالم.

وتعتبرالطائرات المصدر الثالث من قطاع النقل لانبعاثات غازات الدفيئة حول العالم، ففي الولايات المتحدة الأمريكية تزايدت الانبعاثات الناجمة عن الطيران المحلي بنحو 17% منذ عام 1990.

وفي عام 2016 توصلت وكالة حماية البيئة إلى نتيجة رسمية مفادها أن تلوث غازات الاحتباس الحراري من الطائرات يهدد صحة الإنسان ورفاهيته.

السفن: تعتبر السفن المصدر الرئيسي لأكسيد النيتروز والكربون الأسود وذلك إلى جانب إطلاقها كميات من غاز ثاني أكسيد الكربون، والتي تقدر بنحو 3% حول العالم، ومع توقع زيادة التجارة الدولية في السنوات القادمة، فإنه من المتوقع أن تزداد كمية الانبعاثات الناجمة عن السفن والقوارب بنسبة 250٪ بحلول عام 2050.

القطارات ومحركات الديزل: تساهم انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من قطارات محركات الديزل بنسبة 2٪ من انبعاثات النقل في الولايات المتحدة، وزادت بنسبة 7٪ منذ عام 1990، على الرغم من التوافر الواسع للسكك الحديدية الكهربائية الأكثر كفاءة، فإن الولايات المتحدة لديها حاجة ملحة لتحديث شبكة السكك الحديدية الخاصة بها والتخلص من محركات الديزل.[2]

كيف نقلل من انبعاثات النقل

إذا كنت تستخدم سيارة بشكل متكرر، فقد تكون الخطوة الأولى لتقليل انبعاثاتك هي ببساطة التفكير الكامل في البدائل المتاحة أمامك.

في كثير من الأحيان قد يكون من الممكن تجنب استخدام السيارة تمامًا. ففي بلدان عدة تتم الرحلات التي يمكن القيام بها سيرًا على الأقدام بالسيارة. في إنجلترا على سبيل المثال  تتم حوالي 60٪ من الرحلات التي يبلغ طولها ميلين بالسيارة.

يعتبر ركوب الدراجات، بديلاً عمليًا  لركوب السيارات، ففي هولندا على سبيل المثال تتم حوالي 26٪ من الرحلات بالدراجة، تليها الدنمارك بنسبة 18٪ و 10٪ في ألمانيا.

 وشهدت البلدان الثلاثة تغييرات كبيرة في السياسة في السبعينيات والثمانينيات مما أدى إلى زيادة كبيرة في ركوب الدراجات. وما زالت جميعها تواصل الاستثمار في البنية التحتية لركوب الدراجات.

في كثير من الأحيان قد يتجاهل الناس ركوب الدراجات كخيار قابل للتطبيق للسفر لمسافات أطول. وبالنسبة لأولئك الذين يستمرون في استخدام السيارة، فإن اختيار الطراز المتاح الأكثر كفاءة في استهلاك الوقود يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا.

 لا تزال انبعاثات النقل تتزايد على مستوى العالم بسبب التزايد المستمر لسيارات الدفع الرباعي على المركبات الأصغر. قبل حوالي عقد من الزمان، شكلت السيارات الرياضية متعددة الاستخدامات حوالي 17٪ من المبيعات السنوية العالمية للسيارات، لكنها الآن تمثل حوالي 39٪ وذلك وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، وكانت هذه السيارات هي ثاني أكبر مساهم لزيادة الانبعاثات العالمية لغاز ثاني أكسيد الكربون بين عامي 2010 و 2018. [3]

تعزيز النقل المستدام منخفض الانبعاثات

تشير أبحاث الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إلي أن العالم بحاجة إلى تقليل انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 45% بحلول عام 2030. وتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، من أجل تجنب الآثار السلبية للتغيرات المناخية، ومع ذلك فإن تحقيق هذه الأهداف طويلة الأجل سيتطلب تخفيض الانبعاثات بشكل كبير في العقود المقبلة، بما في ذلك قطاع النقل حيث من المتوقع أن تزداد الانبعاثات بشكل كبير بحلول عام 2050. [4]

يساهم قطاع النقل بحوالي ربع انبعاثات غازات الدفيئة المرتبطة بالطاقة. والذي يعتمد في الأساس على حرق الوقود الأحفوري، مما يجعله أحد أكبر مصادر تلوث الهواء في المناطق الحضرية والريفية. وتشير الدراسات إلى أن تلوث الهواء يعتبر إحدي الأسباب الرئيسية لحالات الوفاة المبكرة حول العالم، إذا يموت   أكثر من 3.2 مليون شخص كل عام، نتيجة لتلوث الهواء.[5]

ويتفق الخبراء على أن المركبات الكهربائية بصمتها  الكربونية أقل مقارنة بالسيارات والشاحنات التي تستخدم محركات الاحتراق الداخلي التقليدية. ووجد باحثون من جامعات كامبريدج وإكستر ونيميغن في هولندا أنه في 95٪ من دول العالم، تعتبر قيادة السيارة الكهربائية أفضل للبيئة من قيادة السيارة التي تعمل بالبنزين.

وجدت دراسة أخري صادرة عن معهد ماساتشوستس أن إنتاج البطارية والوقود للمركبة الكهربائية يولد انبعاثات أعلى من صناعة السيارات. لكن تلك التكاليف البيئية المرتفعة تقابلها كفاءة الطاقة الفائقة للمركبات الكهربائية بمرور الوقت.

باختصار فإن إجمالي الانبعاثات الناجمة عن السيارات التي تعمل بالبطارية أقل من السيارات التي تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي.[6]

ومن الممكن استخدام المركبات الموفرة للوقود ( تستهلك كميات أقل من الوقود). عندما نحرق وقودًا أقل، تنخفض حدة الانبعاثات، وبالتالي تتباطئ وتيرة الاحتباس الحراري.

كما أن الوقود النظيف ينتج انبعاثات أقل عند حرقه. يمكن لبعض أنواع الوقود مثل تلك المصنوعة من الوقود الحيوي السليلوزي على تقليل الانبعاثات بنسبة 80% مقارنة بالبنزين.[7]

المصادر

(3),(1)bbc
(2)biologicaldiversity
(4)brookings
(5)unep
(6)cnbc
(7)ucsusa
image source:geospatialworld

ما هي التغيرات المناخية؟

هذه المقالة هي الجزء 5 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

من حرائق الغابات الشديدة في كاليفورنيا، إلى فترات الجفاف الطويلة في أفريقيا، مرورًا بالأعاصير المتكررة في جنوب شرق آسيا، تهديدات عانت منها الكثير من دول العالم جراء الآثار السلبية للتغيرات المناخية، التي أصبحت تهدد التقدم الإنمائي، وتزيد من فرص عدم المساواة، وتفاقم أزمة المياه والغذاء، وتزيد من أعداد النزوح والحاجة إلى المساعدات الإنسانية، والمساهمة في الصراع.[1]

ماذا نعني بتغير المناخ؟

يشير مصطلح تغير المناخ إلى التحولات طويلة الأمد في درجات الحرارة وأنماط الطقس. قد تكون هذه التحولات طبيعية، كالتغيرات في الدورة الشمسية. أوتكون غير طبيعية كالأنشطة البشرية التي أحدثها الإنسان منذ بداية القرن التاسع عشر بما في ذلك حرق الوقود الأحفوري كالفحم والنفط والغاز،والتي كانت المحرك الأساسي لتغير المناخ.[2]

هل الإنسان هو المسؤول عن تغير المناخ؟

درس العلماء التغيرات المناخية السابقة لفهم العوامل التي يمكن أن تتسبب في ارتفاع درجة حرارة سطح الكوكب أو تبريده، كالتغيرات في الطاقة الشمسية، ودوران المحيطات، والنشاط البركاني، وكمية غازات الدفيئة في الغلاف الجوي. وقد لعب كل منهم دورًا في تغير المناخ. فمنذ حوالي 300 عام على سبيل المثال أدي انخفاض إنتاج الطاقة الشمسية وزيادة النشاط البركاني إلى تبريد أجزاء من الكوكب. وقبل 56 مليون سنة أدي انفجار ضخم لنشاط بركاني، إلى إطلاق كميات هائلة من غازات الدفيئة وبالتالي ارتفعت درجة حرارة سطح الكوكب. مما أدي إلى اضطراب المناخ. 

في محاولة لتحديد سبب التغيرات المناخية الحالية، نظر العلماء في كل هذه العوامل(الطاقة الشمسية، ودوران المحيطات، والنشاط البركاني). والتي كانت لها تأثيرات متواضعة على المناخ لا سيما قبل عام 1950. وأفضل تفسير للاحترار الحالي هو ارتفاع تركيزات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي بفعل الأنشطة البشرية.

وتظهر فقاعات الهواء القديمة المحجوزة في الجليد أنه قبل عام 1750، كان تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي يبلغ حوالي 280 جزءًا في المليون. وقد بدأت هذه النسبة في الارتفاع حتي وصلت إلى 300 جزء في المليون عام 1900. ثم تسارعت وتيرة كميات غاز ثاني أكسيد الكربون بعد أن أصبحت السيارات والكهرباء جزءًا من الحياة الحديثة، حيث تجاوزت 420 جزءًا في المليون.

غازات الدفيئة وارتفاع درجة حرارة سطح الأرض

تلعب غازات الدفيئة مثل بخار الماء وثاني أكسيد الكربون دورًا مهمًا في نظام المناخ. فبدونها ستكون الأرض شديدة البرودة. وتعمل غازات الدفيئة على امتصاص بعضًا من الأشعة تحت الحمراء، ثم تعيد إطلاقها في جميع الاتجاهات مما يعمل على تسخين الكوكب.

في الماضي تغيرت تركيزات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي بما في ذلك غاز ثاني أكسيد الكربون اعتمادًا على كمية البراكين الغازية التي تجشأت في الهواء. ومع ذلك في وقتنا الحالي تزداد كميات غاز ثاني أكسيد الكربون بوتيرة غير مسبوقة نتيجة لحرق الوقود الأحفوري.

لماذا نشعر بالقلق من ارتفاع درجة حرارة سطح الكوكب بمقدار درجتين؟

أحد المصادر الشائعة للارتباك عندما يتعلق الأمر بتغير المناخ هو الفرق بين الطقس والمناخ. فالطقس هو الحالة اليومية للأرصاد الجوية المتغيرة التي نواجهها باستمرار. بينما المناخ هو المتوسط طويل الأجل لتلك الظروف، وعادة ما يتم حسابه على مدى 30 عامًا. أو كما يقول البعض: الطقس هو مزاجك والمناخ هو شخصيتك.

لذا فإن ارتفاع درجة حرارة سطح الكوكب بمقدار درجتين فهرنهايت لا يمثلان تغيرًا كبيرًا في الطقس. إلا أنه سيسبب تفاقم حدة المناخ، والذي يكفي لإذابة الجليد ورفع مستوي سطح البحر، وتغيير أنماط هطول الأمطار وتدمير الأشجار.

كيف يمكن أن تصبح فصول الشتاء أكثر برودة إذا كان الكوكب أكثر سخونة؟

ليس من المستغرب أننا ما زلنا نعاني من عواصف شتوية شديدة حتى مع ارتفاع متوسط درجات الحرارة. ومع ذلك تشير بعض الدراسات إلى أن تغير المناخ قد يكون السبب. أحد الاحتمالات هو أن الاحترار السريع في القطب الشمالي قد أثر على دوران الغلاف الجوي، بما في ذلك الهواء سريع التدفق والارتفاعات  العالية، وتشير بعض الدراسات إلى أن هذه التغييرات تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة الباردة إلى خطوط العرض المنخفضة وتتسبب في توقف أنظمة الطقس، مما يسمح بإحداث المزيد من العواصف و تساقط الثلوج .[3]

آثار تغير المناخ العالمي

وفقًا لتقرير المخاطر العالمية لعام 2021 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، فإن الفشل في التخفيف من حدة التغيرات المناخية والتكيف معها هو الخطر “الأكثر تأثيرًا” الذي يواجه المجتمعات في جميع أنحاء العالم، وتوجد العديد من التأثيرات التي يحدثها التغير المناخي والتي منها[4]:

الطقس القاسي

 تشير الدراسات إلى أن فترات الاحترار بسبب التغيرات المناخية ازدادت بمعدل خمس مرات أكثر مما كانت عليه من قبل. وتؤدي درجات الحرارة الشديدة إلى زيادة في حالات الوفيات وخاصة بين كبار السن، ففي صيف 2003 على سبيل المثال تسببت موجة الحر في وفاة ما يقدر بنحو 70ألف حالة في جميع أنحاء أوروبا، كما أدى تغير المناخ إلى تفاقم حالات الجفاف، عن طريق زيادة التبخر، وإلى زيادة هطول الأمطار الغزيرة والفيضانات.[5]

المخاطر الصحية

وفقًا لإحدي التقاريرالصادرة عن منظمة الصحة العالمية، فإنه من المتوقع أن يتسبب تغير المناخ في حدوث ما يقرب من 250 ألف حالة وفاة سنويًا، وذلك بين عامي 2030 و 2050. ومع ارتفاع درجات الحرارة العالمية، ترتفع معدلات الإصابة بالأمراض الناجمة عن الإجهاد الحراري كأمراض القلب والأوعية الدموية والكلى،  ومع تفاقم تلوث الهواء، تزداد صحة الجهاز التنفسي سوءًا، ويمكن أن تؤدي الأحداث المناخية المتطرفة، كالعواصف والفيضانات، إلى تلوث مياه الشرب، وإلى تعرض البنية التحتية الأساسية للخطر.

ارتفاع منسوب سطح البحر

ترتفع درجة حرارة القطب الشمالي بمعدل أسرع مرتين من أي مكان آخر على هذا الكوكب. ومع ذوبان الصفائح الجليدية، فإن محيطاتنا في طريقها للارتفاع في أي مكان على سطح الكوكب، بمقدار 0.95 إلى 3.61 قدم بحلول نهاية هذا القرن، مما يهدد النظم البيئية الساحلية والمناطق المنخفضة.

محيطات أكثر دفئًا وحموضة

تمتص محيطات الأرض ما بين ربع وثلث انبعاثات الوقود الأحفوري، وهي الآن أكثر حمضية بنسبة 30% مما كانت عليه في أوقات ما قبل الصناعة. ويشكل هذا تهديدًا خطيرًا للحياة تحت الماء. كما أن ارتفاع درجة حرارة المحيطات تساهم في أحداث تبيض المرجان القادرة على قتل الشعاب المرجانية بأكملها.[6]

إجراءات لمواجهة أزمة تغير المناخ

إحدى الحجج الأكثر شيوعًا ضد اتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة تغير المناخ هي أن القيام بذلك سيقتل الوظائف ويشل الاقتصاد. لكن في الحقيقة عدم اتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة أزمة المناخ يسبب معاناة بشرية هائلة وضررًا بيئيًا. في حين أن الانتقال إلى اقتصاد أكثر اخضرارًا سيفيد الكثير من الناس والنظم البيئية في جميع أنحاء العالم.

للحفاظ على  درجة حرارة سطح الكوكب أقل من درجتين مئويتين، وهو هدف اتفاقية باريس للمناخ، فإنه يتعين علينا الوصول إلى صفر انبعاثات بحلول منتصف هذا القرن.[7]

ووجدت إحدى الدراسات أن ارتفاع درجة الحرارة بمقدار درجتين مئويتين سيتطلب استثمارًا إجماليًا يتراوح بين 4 تريليون دولار و 60 تريليون دولار[8]، نتيجة لذلك يصعب تحديد الأضرار المناخية. وتقدر وكالة موديز أناليتيكس أن ارتفاع درجات الحرارة بمقدار درجتين مئويتين سيكلف العالم 69 تريليون دولار بحلول عام 2100. [9]

وتشير الدراسات إلى أن تغير المناخ قد أدى إلى انخفاض الدخل في البلدان الفقيرة بنسبة تصل إلى 30%. وخفض الإنتاجية الزراعية العالمية بنسبة 21% منذ عام 1961.[10]

التكيف مع العواقب المناخية يحمي الناس والمنازل وسبل العيش والبنية التحتية والنظم البيئية الطبيعية، وبالتالي سيؤدي تحويل أنظمة الطاقة من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية والرياح إلى تقليل الانبعاثات التي تؤدي إلى تغير المناخ، كما أنه من الضروري خفض إنتاج الوقود الأحفوري بنسبة 6% بحلول عام 2030.[11]

المصادر

(1)usaid

(2),(11)un

(3),(5),(7)nytimes

(4),(6)nrdc

(8)nature

(9)moodysanalytics

(10)nature

Image source: voicesofyouth

الولادة المبكرة خطر يهدد حياة الأطفال

في ظل ظروف الدخل المنخفض، فإن التفاوت في معدلات البقاء على قيد الحياة حول العالم قد تكون صارخة. وبالتالي فإن بعض الأطفال الخدج يفقدون حياتهم بسبب عدم وجود رعاية صحية فعالة بالنسبة لهم. فعلى الصعيد العالمي، الخداج هو السبب الرئيسي للوفاة بين الأطفال دون سن الخامسة، وتشير التقديرات إلى أن حوالي 15 مليون طفل يولدون مبكرًا كل عام، وأن ما يقرب من مليون طفل يموتون سنويًا بسبب مضاعفات الولادة المبكرة و يواجه العديد من الناجين إعاقة مدى الحياة، بما في ذلك صعوبات التعلم ومشاكل بصرية وسمعية.[1]

ما هي الولادة المبكرة؟

 تعرف الولادة المبكرة بأنها الولادة التي تحدث قبل الموعد المتوقع للولادة بنحو ثلاثة أسابيع أو أكثر، أو هي التي تحدث قبل بداية الأسبوع السابع والثلاثين من الحمل.

في الغالب يعاني الأطفال المبتسرين، خاصة أولئك الذين يولدون في أوقات مبكرة، من مشاكل طبية خطيرة. عادة ما تختلف مضاعفات الخداج، ولكن كلما وُلد الطفل مبكرًا، كلما زاد خطر حدوث مضاعفات.[2]

لماذا تحدث الولادة المبكرة؟

لسوء الحظ، لم يستطع الأطباء تحديد السبب الرئيس لحدوث الولادة المبكرة، لكن توجد العديد من العوامل المختلفة التى تزيد بشكل كبير من فرص حدوث الولادة المبكرة والتي منها:

  1. العدوى: يمكن أن يتسبب أي نوع من أنواع الالتهابات أو العدوى الجهازية، في إنجاب الأم لطفلها مبكرًا، بما في ذلك التهابات الفم (مثل أمراض اللثة) والمهبل والرحم والكلى.
  2. مشاكل عنق الرحم:  فعنق الرحم القصير أو غير الكافي  يزيدان من خطر حدوث الولادة المبكرة، خاصة إذا كانت الأم تعاني من أعراض المخاض.
  3. التدخين:  فاستخدام أي نوع من أنواع التبغ يزيد من خطر الإصابة بالولادة المبكرة. فالنيكوتين الذي يدخل في صناعتها يتسبب في تقلص الأوعية الدموية في الرحم، مما قد يمنع وصول العناصر الغذائية والأكسجين إلى الجنين.
  4. الإجهاد: يمكن أن يؤدي الضغط النفسي المزمن عالي المستوى إلى بدء المخاض مبكرًا.
  5. الوقت القصير بين فترات الحمل: حيث أن خطر الولادة المبكرة  يكون أعلى بمعدل مرتين عن المعدل الطبيعي إذا كانت فترات الحمل أقل من ستة أشهر.
  6. الحمل بتوأم أو بثلاثة توائم وأكثر: يؤدي الحمل بأكثر من جنين إلى زيادة تمدد الرحم، وبالتالي يزيد من خطر حدوث الولادة المبكرة.
  7. تسمم الحمل: وهي حالة تهدد حياة الأم وتتسبب في ارتفاع ضغط الدم وحدوث نوبات، وبالتالي فالعلاج الوحيد لتسمم الحمل هو ولادة الطفل مبكرًا.
  8. ضعف نمو الجنين: من الممكن تواجد العديد من الأسباب التى تجعل الطفل لا ينمو بشكل طبيعي داخل رحم أمه كمشاكل المشيمة أو الحمل في توأم أو التشوهات الجينية التى تعمل على تقييد النمو داخل الرحم، وبالتالى في بعض هذه الحالات، قد يحتاج الطفل إلى الولادة المبكرة.
  9. انفصال المشيمة: في بعض حالات الحمل، تبدأ المشيمة بالانفصال عن الرحم قبل ولادة الطفل، ويسمى هذا بانفصال المشيمة المفاجئ، ويمكن أن يتسبب هذا في فقدان شديد للدم لدى الأم والطفل، وبالتالى فالولادة الطارئة للطفل تكون ضرورية جدًا للغاية.
  10. العوامل الوراثية[3]

أين ومتى تحدث الولادة المبكرة؟

الولادة المبكرة مشكلة عالمية، فحوالى60٪ من الولادات المبكرة تحدث في إفريقيا وجنوب آسيا، وفي البلدان منخفضة الدخل، يولد حوالى 12٪ من الأطفال مبكرًا مقارنة بحوالي 9٪ في البلدان ذات الدخل المرتفع، وبالتالي يموت أكثر من 90٪ من الأطفال الخدج المولودين في البلدان منخفضة الدخل خلال الأيام القليلة الأولى من ولادتهم، مقارنة بنحو 10٪ في البلدان مرتفعة الدخل.[4]

المخاطر الصحية التي تسببها الولادة المبكرة على الأم

 النساء اللواتي يتعرضن للولادة المبكرة يكن أكثر عرضة للإصابة بما يلي:

  1. القلق.
  2. اكتئاب ما بعد الولادة.
  3. اضطراب ما بعد الصدمة.
  4. مشاكل الترابط مع طفلهما.

المشاكل الصحية التي يمكن أن يعاني منها الطفل الخديج

يحتاج الأطفال إلى فترة كاملة في رحم الأم لكى ينمون بشكل طبيعي ولكن مع الولادة المبكرة فمن الممكن أن يعانوا من مشاكل صحية خطيرة أبرزها مشاكل في القلب أو الدماغ أو الرئة أو الكبد.

وفيما يلي العديد من الأعراض التي تؤثر على الأطفال المبتسرين والتي منها:

  1. انقطاع النفس، أو توقف مؤقت في التنفس أثناء النوم.
  2. خلل التنسج القصبي الرئوي.
  3. نزيف في المخ.
  4. التهاب الأمعاء والقولون.
  5. عدوى الدم.
  6. تدفق الدم غير الطبيعي في القلب.
  7. اعتلال الشبكية.

كما أن الأطفال الخدج قد يعانون من مشاكل صحية أخري في وقت لاحق من حياتهم، بما في ذلك:

  1. الشلل الدماغي .
  2. مشاكل السمع والبصر.
  3. صعوبات التعلم.
  4. ضعف النمو.[5]

كيف يمكن منع حدوث الولادة المبكرة

الحصول على الرعاية الصحية الجيدة قبل الولادة قد يقلل بشكل كبير من فرص حدوث الولادة المبكرة، كما يمكن اتباع العديد من التدابير الوقائية الهامة الأخرى والتي منها:

  1. اتباع نظام غذائي صحي: يجب التأكد من تناول الكثير من الحبوب والبروتينات الخالية من الدهون والخضروات والفواكه، كما يوصى بشدة بتناول مكملات حمض الفوليك والكالسيوم.
  2. شرب الكثير من الماء كل يوم.
  3. الإقلاع عن التدخين أو استخدام العقاقير غير المشروعة أو الإفراط في استخدام بعض الأدوية الموصوفة، فقد تؤدي هذه الأنشطة أثناء الحمل إلى زيادة المخاطر كحدوث العيوب الخلقية أو الإجهاض.[6]

المصادر

(1),(4)who

(2)mayoclinic

(3)verywellfamily

(5)clevelandclinic

(6)healthline

image source:biomedcentral.

كيف يؤثر الاحتباس الحراري على كوكب الأرض؟

هذه المقالة هي الجزء 6 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

ذوبان الأنهار الجليدية، ارتفاع مستوي سطح البحر، حرائق الغابات، ظواهر متطرفة أحدثها التغير المناخي بفعل غازات الاحتباس الحراري. قد يعتقد البعض أن التغيرات المناخية  قد تشتمل على ارتفاع درجات الحرارة فحسب. بل الحقيقية أنه توجد مجموعة من التأثيرات الأخري الآخذة في الظهور بفعل استمرار البشر في زيادة كميات غازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي. مما أدي إلى تغيير إيقاعات المناخ وبالتالى التأثير على نمط الحياة للكائنات الحية.[1].

ما المقصود بالإحتباس الحراري؟

يعرف الاحتباس الحراري بأنه ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض عن الحد الطبيعي، نتيجة احتجاز كميات كبيرة من حرارة الشمس التي يمكن أن تتسرب إلى الفضاء، بفعل غازات الدفيئة.[2]

وتغير المناخ هو المصطلح الذي يستخدمه العلماء لوصف التحولات المعقدة في مناخ الأرض، التي تؤثر على أنظمة المناخ والطقس. في عام 1896 ربط العالم السويدي سفانتي أرهينيوس ما بين ارتفاع درجات الحرارة والزيادة في كمية غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن حرق الوقود الأحفوري.[3]

غازات الاحتباس الحراري وتأثيرها على توازن طاقة الأرض والمناخ

تعمل الشمس كمصدر أساسي للطاقة لمناخ الأرض.  بعض طاقة الشمس الواردة إلينا تنعكس  مباشرة إلى الفضاء عن طريق الأسطح اللامعة كالجليد، والباقي يمتصه السطح. يُعاد انبعاث الكثير من هذه الطاقة الشمسية الممتصة على شكل حرارة. أي اضطراب في هذا التوازن للطاقة الواردة والصادرة سيؤثر على المناخ.

إذا مرت كل الطاقة الحرارية المنبعثة من السطح عبر الغلاف الجوي إلى الفضاء، فإن متوسط درجة حرارة سطح الأرض سيكون أبرد عشرات الدرجات مما هو عليه اليوم. تعمل غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، بما في ذلك بخار الماء وثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز، على جعل السطح أكثر دفئًا من ذلك. لأنها تمتص وتبعث الطاقة الحرارية في جميع الاتجاهات مما يحافظ على درجة حرارة سطح الأرض وجعلها أكثر دفئًأ.[4]

التأثير الطبيعي للاحتباس الحراري هو ما يحافظ على مناخ الأرض  صالحًا للعيش. فبدونه سيكون سطح الأرض أبرد بحوالي 60 درجة فهرنهايت (33 درجة مئوية) في المتوسط.[5]  لكن زيادة غازات الدفيئة في الغلاف الجوي تجعله أكثر فاعلية في منع الحرارة من الهروب إلى الفضاء، وبالتالى ترتفع درجة حرارة الارض.

كما تعمل غازات الدفيئة المنبعثة من الأنشطة البشرية على تغيير توازن طاقة الأرض وبالتالي مناخها.[6]

الغازات المسببة للاحتباس الحراري

1– غازثاني أكسيد الكربون

وهو غاز من غازات الدفيئة مسؤول عن حوالي ثلاثة أرباع الانبعاثات. والتي يمكن أن تبقي في الغلاف الجوي لآلاف السنين. فوفقًا لمرصد ” ماونا لوا” للغلاف الجوي في هاواي، وصلت مستويات غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى حوالي 411 جزءًا في المليون وهو أعلى متوسط شهري تم تسجيله على الإطلاق وذلك في عام 2018.

تأتي غالبية انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون من حرق المواد العضوية كالفحم والنفط والغاز والخشب والنفايات الصلبة.  

2- الميثان

المكون الرئيسي للغاز الطبيعي، ويمثل حوالي 16% من جميع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. وتوجد أغلبية الانبعاثات الخاصة به في مدافن النفايات، والغاز الطبيعي والصناعات البترولية، والزراعة.

3- أكسيد النيتروز

تمثل انبعاثاته حوالى 6% من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية. ووفقًا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ فإنه عمره في الغلاف الجوي قد يتجاوز قرنًا من الزمن وذلك مقارنة بغازات الدفيئة الأخري. كما أنه أقوي من غاز ثاني أكسيد الكربون بنحو 264مرة.

تعتبرالزراعة والثروة الحيوانية، بما في ذلك الأسمدة وحرق المخلفات الزراعية، إلى جانب حرق الوقود الأحفوري، من أكبر مصادر انبعاثات غاز أكسيد النيتروز.

4- الغازات الصناعية

كالغازات المفلورة مثل الهيدروفلوروكربون، والمركبات الكربونية الفلورية المشبعة، وسداسي فلوريد الكبريت، وثلاثي فلوريد النيتروجين، ومركبات الكلوروفلوروكربون، كل هذه الغازات لديها إمكانية احتجاز الحرارة داخل الغلاف الجوي بنسبة أكبر من غاز ثاني أكسيد الكربون، وتبقي في الغلاف الجوي من مئات إلى آلاف السنين. وتمثل هذه الغازات  حوالي 2 % من جميع الانبعاثات، وهي تستخدم كمبردات ومذيبات وفي التصنيع.[7]

5- الأوزون: يتكون غاز الأوزون من خلال تفاعل كيميائي بين انبعاثات أكاسيد النيتروجين والمركبات العضوية المتطايرة من السيارات ومحطات الطاقة والمصادر الصناعية والتجارية الأخرى في وجود ضوء الشمس.

بالإضافة إلى أنه يعمل على احتجاز الحرارة على سطح الأرض،  فإنه يعتبر من الملوثات التي يمكن أن تسبب مشاكل صحية في الجهاز التنفسي وتضر بالمحاصيل والنظم البيئية.

6- بخار الماء

هو غاز آخر من غازات الدفيئة ويلعب دورًا رئيسًا في التغيرات المناخية بسبب قدرته على احتجاز الحرارة. يحتوي الهواء الأكثر دفئًا على رطوبة أكثر من الهواء البارد. لذلك مع زيادة تركيزات غازات الدفيئة وارتفاع درجات الحرارة العالمية. تزداد أيضًا الكمية الإجمالية لبخار الماء في الغلاف الجوي، مما يزيد من حدة الاحترار.[8]

من أين تأتي غازات الاحتباس الحراري؟

وفقًا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فإن النشاط الاقتصادي واستخدام الطاقة، وأنماط استخدام الأراضي والتكنولوجيا كلها عوامل مؤثرة وتؤدي إلى زيادة كمية غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، وفيما يلي بعض مصادر انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

إنتاج الكهرباء

وهي المسؤولة عن ربع انبعاثات غازات الدفيئة الموجودة في الغلاف الجوي. يستخدم الغاز والفحم لإنتاج الكهرباء، ولذا يعمل على إطلاق كميات من غاز ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز، مما يسبب الاحتباس الحراري. فعلى سبيل المثال  بلغت نسبة الانبعاثات الناتجة عن إنتاج الكهرباء في الولايات المتحدة الأمريكية حوالي 27,5% وذلك في عام 2017.

 الزراعة واستخدام الأراضي

تبلغ نسبة الانبعاثات الناتجة عن أنشطة الانتاج الزراعي حوالي 25%، ففي الولايات المتحدة الأمريكية شكلت الأنشطة الزراعية حوالي 8,4% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في عام 2017، وكانت الغالبية العظمي منها عبارة عن غاز الميثان وأكسيد النيتروز.

الصناعة والنقل

تساهم الصناعة بنحو خُمس الانبعاثات العالمية. كما أن حرق الوقود المشتق من البترول كالبنزين والديزل لتشغيل أنظمة النقل العام حول العالم يساهم بنحو 14% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.   

المباني

تساهم بنحو 6.4% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية. هذه الانبعاثات التي تتكون في الغالب من غازي ثاني أكسيد الكربون والميثان، تنبع بشكل أساسي من حرق الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى أن المصادر الأخري كالصرف الصحي والنفايات تساهم في زيادة انبعاثات غازات الدفيئة.[9]

آثار غازات الاحتباس الحراري

لغازات الاحتباس الحراري آثار بيئية وصحية بعيدة المدى. فعلي المستوي البيئي تتسبب في حدوث العديد من الظواهر الجوية المتطرفة كالاحترار وحرائق الغابات.[10] وعلى المستوي الصحي تتسبب فى زيادة الأمراض الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة كأمراض القلب والجهاز التنفسي. ومع الزيادة المستمرة في درجات الحرارة ستتواجد المزيد من الأمراض و ستتضاعف أعداد الوفيات في كل من المناطق الحضرية والريفية.[11]

ما الذي يمكننا فعله للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري؟

يعد التحول إلى الطاقة المتجددة، والتخلص التدريجي من الفحم عناصر مهمة للحد من انبعاثات غازات الدفيئة. في نهاية المطاف، من الضروري وجود أهداف أقوى لخفض الانبعاثات للحفاظ على صحة الإنسان والبيئة على المدى الطويل.

ففي عام 2021، شهد مؤتمر الدول الأطراف المعني بتغير المناخ إطلاق معاهدة عالمية بين أكثر من 100 دولة الهدف منها هو خفض انبعاثات الميثان بنسبة 30% بحلول عام 2030.

من خلال اتخاذ خيارات ذات تأثيرات أقل ضررًا على البيئة، يمكن للجميع أن يكونوا جزءًا من الحل وأن يؤثروا في التغيير.[12]

المراجع

 (5),(1)nationalgeographic
(9), (2)nrdc
(10),(7),(3),nationalgeographic
 (6),(4)royalsociety
(8)epa
(11)climate
(12)news
image source: nrdc.

كيف يهدد التصحر الأمن الغذائي العالمي؟

هذه المقالة هي الجزء 8 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

“التحدي البيئي الأكبر في عصرنا” هكذا وُصِف التصحر الذي يعد مشكلة عالمية. على الرغم من أن المصطلح قد يعيد إلى الأذهان الكثبان الرملية التي تجتاحها الرياح في الصحراء، إلا أن المشكلة  تتجاوز أولئك الذين يعيشون في صحاري العالم وحولها، مما يهدد الأمن الغذائي وسبل عيش أكثر من ملياري شخص حول العالم.

 سوء إدارة الأراضي والاستخدام غير المستدام للمياه العذبة والتغيرات المناخية كل هذه العوامل أدت إلى تفاقم الأوضاع في المناطق التي تعاني من ندرة المياه حول العالم.[1]

تعريف التصحر

وفقًا لاتفاقية الأمم المتحدة لعام 1994 يعرف التصحر بأنه” تدهور الأراضي في المناطق القاحلة وشبه القاحلة والجافة شبه الرطبة، الناتج عن عوامل مختلفة بما في ذلك التغيرات المناخية والأنشطة البشرية.

تُعرف المناطق القاحلة وشبه القاحلة والجافة شبه الرطبة  باسم “الأراضي الجافة”. هذه المناطق تتلقي القليل نسبيًا من الأمطار أو الثلوج كل عام.[2]

أين يحدث التصحر؟

ينتشر خطر التصحر على نطاق واسع ويمتد إلى أكثر من 100 دولة، ويصيب بعض أفقر السكان وأكثرهم ضعفاً. ووفقًا لأطلس التصحر العالمي التابع للمفوضية الأوروبية، فإن أكثر من 75% من مساحة الأرض متدهورة بالفعل، ويمكن أن يتدهور أكثر من 90 % بحلول عام 2050.

  وتشير إحدي الدراسات إلى أنه من المحتمل أن تشهد منطقة البحر المتوسط تحولًا جذريًا مع ارتفاع درجات الحرارة بمقدار درجتين مئويتين. ووجدت دراسة أخري أن ارتفاع درجات الحرارة قد يؤدي إلى جفاف ما يصل إلى 30% من سطح الأرض.[3]

الأسباب المباشرة للتصحر

يمكن تقسيم الأسباب المباشرة للتصحر إلى الأسباب المتعلقة  بكيفية إدارة الأرض، وتلك المتعلقة بالمناخ. تشمل الأولي العديد من العوامل كالرعي الجائر والإفراط في زراعة المحاصيل، وسبل الري غير المناسبة،  بينما تشمل الثانية التقلبات المناخية والاحترار العالمي الناتج عن انبعاثات الدفيئة التى يسببها الإنسان.[4]

1-الرعي الجائر

يحدث التصحر عادة في المراعي، وغالبًا ما تبدًا عملية تلف التربة وفقدانها بسبب نشاط حيوانات الرعي. فوجودها بداخل الأراضي المزروعة يمكن أن يعوق نمو النباتات بشكل كبير، مع انخفاض الأنسجة القادرة على التمثيل الغذائي. وفي كثير من الأحيان يمكن أن تؤدي الحركة المتكررة لقطعان الماشية إلى ضغط التربة مما يعوق حركة نموالنباتات.

2- سبل الري غير المناسبة

السبب الرئيسي لانخفاض الإنتاجية الزراعية هو تراكم الأملاح في التربة.فهناك فرق بين مياه الأمطار والمياه المستخدمة للري. المياه المستخدمة للري هي نتيجة الجريان السطحي من هطول الأمطار. يتسرب الجريان السطحي عبر التربة ويجمع الكثير من الأملاح التى يواجهها، أن لم يجد طريقه إلى الأنهار أو إلى طبقات المياه الجوفية.

عند استخدامه لري المحاصيل، تتبخر المياه وتترك ورائها الكثير من الأملاح التي تم جمعها. يمكن لهذه العملية أن تحول الأراضي المنتجة إلى مسطحات ملحية قاحلة.

توجد معظم الأراضي الزراعية المتدهورة بسبب الملوحة في آسيا وجنوب غرب أمريكا الشمالية، والتي تمثل حوالى 75 و 15% من الإجمالي العالمي، فعلى سبيل المثال فقد العراق أكثر من 70% من أراضيه بسبب الأملا التى جعلتها غير صالحة للزراعة.[5]

ويتسبب تآكل التربة بسبب المياه في خسائر عالمية تصل إلى نحو 42 مليون طن من النيتروجين و 26 مليون طن من الفوسفور كل عام.

3- التعرية

تعتبر التعرية التى تعني التكسير التدريجي للتربة والصخور وإزالتها إحدى العوامل الأساسية للتصحر، ويحدث هذا عادة عن طريق بعض الأنشطة الطبيعية كالرياح والأمطار والأمواج، وفي بعض الأحيان تتسبب الأنشطة البشرية في حدوث التعرية.[6]

التصحر والتغيرات المناخية

تحتوي تربة الأراضي الجافة على أكثر من ربع مخزون الكربون العضوي في العالم. قد يؤدي التصحر  إلى إطلاق كميات كبيرة من الكربون في الغلاف الجوي العالمي. وتشير التقديرات إلى أن الأراضى الجافة تطلق كميات من الكربون تقدر بنحو 300 مليون طن نتيجة للتصحر كل عام.

 قد يؤثر تغير المناخ سلبًا على التنوع البيولوجي ويزيد من حدة التصحر بسبب زيادة التبخر والنتح والانخفاض المحتمل في هطول الأمطار في الأراضي الجافة.[7]

يمكن أن تؤثر الظواهر الجوية المتطرفة  من الاحترار العالمي وغيره على أنماط هطول الأمطار في جميع أنحاء العالم، مما قد يؤدي إلى حدوث التصحر. فإنخفاض الأمطار أو كثافتها من الممكن أن يؤدي إلى جفاف التربة وبالتالى تصبح أكثر عرضة للتآكل [8].

وتقدر اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر أننا نفقد حوالي 12 مليون هكتار من الأراضي المنتجة كل عام وذلك بسبب التصحر والجفاف.[9]

تأثير التصحر على صحة الإنسان

للتصحر العديد من الآثار المحتملة على صحة الإنسان وتشمل:

1-مخاطر سوء التغذية الناتجة عن انخفاض إمدادات الغذاء والماء.

2- الأمراض التي تنقلها المياه والأغذية الناتجة عن سوء النظافة، ونقص موارد المياه النظيفة.

3- قد تتسبب هجرة السكان في انتشار الأمراض المعدية.

4- أمراض الجهاز التنفسي التي يسببها الغبار الجوي الناجم عن التعرية بفعل الرياح وملوثات الهواء الأخرى.[10].

وتعتبر زيادة العواصف الترابية المرتبطة بالتصحر سببًا لاعتلال الصحة  ويمكن أن تسبب العديد من الأمراض كالحمى والسعال والتهاب العيون، فعلى سبيل المثال تسبب الغبار المنبعث من منطقة شرق آسيا  في الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي في أماكن بعيدة مثل أمريكا الشمالية، وأثر على الشعاب المرجانية في منطقة البحر الكاريبي.[11]

كيف نكافح التصحر؟

في عام 1994، أنشأت الأمم المتحدة اتفاقية لمكافحة التصحروذلك بالتعاون مع 122 دولة، والتي تضمنت التعاون مع المزارعين لحماية أراضيهم الصالحة للزراعة، وإصلاح الأراضي المتدهورة، وإدارة إمدادات المياه بشكل أكثر فعالية.

كما أنشأت الأمم المتحدة لمكافحة التصحر مبادرة الجدار الأخضر العظيم، وهي مبادرة لاستصلاح حوالى 100 مليون هكتار من الأراضى المتدهورة، في قارة إفريقيا عبر 20 دولة بحلول عام 2030.[12]

تتضمن بعض التقنيات التي قد تساعد في التخفيف من عواقب التصحر في الأراضي الزراعية في الآتي:

1-مصائد الملح: والتي تمنع الأملاح من الوصول إلى سطح التربة وتساعد أيضًا على منع فقدان الماء.

2- تحسينات الري: تتضمن هذه التقنية تغيرات في تصميم أنظمة الري لمنع المياه من التجمع أو التبخر بسهولة من التربة.

3- تناوب المحاصيل:  والذي يتضمن تنوع زراعة المحاصيل على نفس قطعة الأرض على مدار المواسم الزراعية المختلفة، مما يساعد في الحفاظ علي إنتاجية التربة.

4- الرعي الدوراني: ويتضمن التنقل إلى مناطق الرعي المختلفة، حتي لا تتسبب الماشية في أضرار دائمة للنباتات والتربة.

5- مصدات الرياح: وهي عبارة عن مجموعة من الأشجار التي يتم زراعتها على طول الأراضى الزراعية، وتستخدم في المقام الأول لإبطاء تآكل التربة الناتج عن الرياح ولكن يمكن استخدامها لمنع زحف الكثبان الرملية.[13]

المراجع

(1)climate-diplomacy

(2)(4),,(6),(8)carbonbrief

(3),(12)nationalgeographic

(5),(13)britannica

(7)greenfacts

(9)unccd

(10)who

(11)greenfact

image source:premiumtimesng

لم تعد التربة الصقيعية مشكلة بيئية عالمية؟

هذه المقالة هي الجزء 7 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

يعتبر ذوبان الجليد الدائم أحد أخطر المشكلات العالمية التي تساعد على تغير المناخ. فالتربة الصقيعية تحتوي على ما يقرب من نصف الكربون العضوي المخزن في باطن الأض. طالما بقيت هذه المادة العضوية مجمدة، فإنها ستبقى محاصرة بداخلها.  لكن مع ذوبان الجليد الدائم فإنه في هذه الحالة سيتم إطلاق كميات من غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، مما يكون له أبلغ الآثر ليس فقط على القطب الشمالى ولكن على نظام مناخ الأرض بأكمله.[1]

ما هي التربة الصقيعية؟

استخدم عالم الجيولوجيا الأمريكي سيمون ويليام مولر مصطلح “التربة الصقيعية” للتعبير عن الصقيع الدائم. وتعرف بأنها الأرض التي تظل جامدة لمدة عامين متتاليين على الأقل. وهي عبارة عن مجموعة من الصخور والرواسب والجليد والمواد العضوية.[2]

يُعتقد أن التربة الصقيعية تكونت لأول مرة بالتزامن مع بداية العصور الجليدية منذ حوالي ثلاثة ملايين سنة، خلال أواخر العصر البليوسيني. ومن المحتمل أن تكون معظم التربة الصقيعية الموجودة في المنطقة شبه القطبية قد تكونت في فترة العصور الجليدية على مدار المائة ألف عام الماضية.

كيف تتشكل؟

في المناطق التي يصبح فيها متوسط درجة حرارة السطح أكثر من0 درجة مئوية، فإنه في هذه الحالة لن يتم إذابة بعض الأراضي المتجمدة في الشتاء تمامًا في الصيف. لذلك ستتكون طبقة من التربة الصقيعية وتستمر في النمو تدريجياً كل عام حتي تصبح طبقتها أكثر سمكًا. ويتم التحكم في سمكها بواسطة التوازن الحراري بين تدفق الحرارة الموجودة في باطن الأرض والتي تتدفق إلى الخارج في الغلاف الجوي.

 يعتمد هذا التوازن على متوسط درجة حرارة السطح والتدرج الجيوحراري. في نهاية المطاف تصل طبقة التربة الصقيعية السميكة إلى التوازن الذي تكون فيه كمية الحرارة الجوفية التي تصل إليها مساوية لتلك المفقودة في الغلاف الجوي. وللوصول إلى حالة التوازن يلزم التربة الصقيعية  آلاف السنين حيث يبلغ سمكها مئات الأقدام.

عندما يصبح المناخ أكثر برودة أو أكثر دفئًا، فإن درجة حرارتها ترتفع أو تنخفض في المقابل. مما يؤدي إلى تغيرات في موضع قاعدتها. عندما ترتفع درجة حرارة المناخ إلى أكثر من 0 درجة مئوية فإنه في المقابل سيتم خفض موضع الجزء العلوي منها عن طريق الذوبان.

أين توجد؟

تغطي التربة الصقيعية حوالي 24% من نصف الكرة الشمالي. وتتركز الغالبية العظمى منها في كل من روسيا وكندا[1]، حيث تتواجد بنسبة 85% في ألاسكا، وبنسبة 55% في كل من روسيا وكندا، ويبلغ سمكها حوالي 1500 متر شمال سيبيريا، بينما يبلغ سمكها حوالي 740 مترًا في شمال ألاسكا، بالإضافة إلى انتشارها على نطاق واسع في مناطق القطب الشمالي، إلا أنها توجد أيضًا في المناطق المرتفعة كجبال الألب.[3]

ما مقدارها من سطح الأرض؟

في نصف الكرة الشمالي، تغطي التربة الصقيعية ما يقدر بـنحو 9 ملايين ميل مربع. ومع ذلك فعندما ترتفع درجة حرارة الهواء السطحي، فإن درجة الحرارة تحت الأرض ترتفع أيضًا، مما يؤدي إلى إذابة الجليد السرمدي.

وتشير دراسة حديثة إلى أنه مع كل زيادة في درجات الحرارة بمقدار درجة واحدة مئوية  أي 1.8 درجة فهرينهايت، فمن الممكن أن تختفي حوالي1.5 مليون ميل مربع إضافي من التربة الصقيعية.

ما هي آثار ذوبان الجليد الدائم؟

تعتبر التربة الصقيعية واحدة من أكبر مخازن غازات الدفيئة الموجودة على الأرض. في الواقع، يُقدَّر أن التربة الصقيعية في القطب الشمالي وحده تحتوي على ما يقرب من ضعف كمية الكربون الموجودة في الغلاف الجوي الآن. بالإضافة إلى وجود كمية كبيرة من غازالميثان (وهو غاز من غازات الدفيئة القوي يحبس الحرارة على الكوكب بمقدار 80 مرة عن الكربون).

تختلف التقديرات حول كمية الكربون والميثان التي سيتم إطلاقها من خلال ذوبان الجليد الدائم، ولكن وفقًا لإحدى الدراسات، قد تصل إلى 92 مليار طن من الكربون والذي يمكن أن ينعبث من الآن وحتى عام 2100. وهذا يساوي ما يقرب من 20 % من جميع انبعاثات الكربون العالمية منذ بداية الثورة الصناعية.

وبالنظر إلى المستقبل، يمكن أن يؤدي ذوبانها إلى إطلاق المزيد من غازات الاحتباس الحراري في الهواء. مما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة المناخ، فذوبانها يمكن أن يحول القطب الشمالي إلى مصدر للكربون.

الكربون والميثان ليسا الملوثان الوحيدان المحاصران في التربة الصقيعية. وجدت دراسة حديثة أن التربة الصقيعية الموجودة في القطب الشمالي هي مستودع هائل للزئبق (وهو سم عصبي قوي). وتشير التقديرات إلى أن حوالي 15 مليون جالون من الزئبق، أو ما يقرب من ضعف كمية الزئبق الموجودة في المحيطات والغلاف الجوي  مجتمعة فيها. وبمجرد إطلاقه، يمكن للزئبق أن ينتشر عبر الماء أو الهواء إلى النظم البيئية وربما حتى الإمدادات الغذائية.

يمكن أن يساهم فقدانها أيضًا في ارتفاع مستوى سطح البحر، وتشير التقديرات إلى أنه في حالة ذوبان جميع التربة الصقيعية  الموجودةعلى الأرض، فإنه من الممكن أن ترتفع مستويات سطح البحر بما يصل إلى أربع بوصات، وهو ما يكفي لمضاعفة مخاطر الفيضانات في مدن مثل سان فرانسيسكو  ولوس أنجلوس[4].

التربة الصقيعية والبنية التحتية

ترتفع درجة حرارة التربة الصقيعية بمعدل أسرع بكثير من درجة حرارة الهواء في القطب الشمالي، وقد ارتفعت درجة الحرارة خلال الثلاثين عامًا الماضية ما بين 1.5 إلى 2.5 درجة مئوية. ونتيجة لذلك، تذوب طبقاتها.

يمكن أن تؤدي الزيادة في درجات الحرارة العالمية بمقدار 3 درجات مئوية إلى ذوبان حوالي 30 إلى 85% من طبقات التربة الصقيعية الموجودة في جميع أنحاء منطقة القطب الشمالي. مما يؤدي إلى تدمير البنية التحتية والأنظمة البيئية الفريدة بشكل لا رجعة فيه.[5] فحوالي 35 مليون شخص يعيشون في منطقة التربة الصقيعية في البلدان والمدن التي تم بناؤها فوق ما كان يُعتبر سابقًا أرضًا متجمدة بشكل دائم. ولكن مع تلين هذه الأرضية الصلبة، فإن البنية التحتية التي تعتمد عليها هذه المجتمعات تصبح غير مستقرة بشكل متزايد.

ففي كندا على سبيل المثال يُقدر أن اختفاء التربة الصقيعية يتسبب بخسارة عشرات الملايين من الدولارات. وذلك بسبب الأضرار التي تلحق بالبنية التحتية العامة عبر الأقاليم الشمالية الغربية كل عام. وفي ألاسكا، قدرت إحدى الدراسات تكلفة إصلاح البنية التحتية العامة، مثل الطرق وخطوط القطارات والمباني والمطارات  التي تضررت من ذوبان الجليد السرمدي والعوامل الأخرى المتعلقة بالمناخ بما يصل إلى 5.5 مليار دولار.[6]  ويُعتقد أن حوالي 30-50٪ من البنية التحتية الموجودة حول القطب الشمالي معرضة لخطر داهم بحلول عام 2050.[7]

خطر المرض؟

مثلما تحبس التربة الصقيعية الكربون وغازات الدفيئة الأخرى، يمكنها أيضًا احتجاز الميكروبات القديمة والحفاظ عليها. يُعتقد أن بعض البكتيريا والفيروسات يمكن أن تظل كامنة لآلاف السنين  داخل الجليد. ومع ذلك، فبقدر ما تبدو فكرة مسببات الأمراض مخيفة، تظل هناك أسئلة حول مدى خطورة هذه الميكروبات القديمة. ومع ذلك لا يزال العلماء غير متأكدين من مدي احتمالية تسببها في تفشي الأمراض.

كيف يمكننا منع الجليد الدائم من الذوبان؟

من الممكن أن يتم ذلك عن طريق تقليل بصمتنا الكربونية، والاستثمار في المنتجات الموفرة للطاقة، ودعم الأعمال والتشريعات والسياسات الصديقة للبيئة.[8]

المراجع

 (1),(5)the arctic institute
(2)earth
(3)britannica
 (4),(8),(6)nrdc
(7)nature

ما هي حساسية المناخ؟

هذه المقالة هي الجزء 2 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

خلال السنوات الماضية زادت تأثيرات الاحتباس الحراري الناجمة عن انبعاثات الكربون المرتبطة بحرق  الوقود الأحفوري. هذه الزيادة في كمية غاز ثاني أكسيد الكربون حبست المزيد من الحرارة في الغلاف الجوي، مما تسبب باختلال توازن الطاقة العالمي.[1]

ما المقصود بحساسية المناخ؟

حساسية المناخ هو مقياس يُستخدم لمعرفة مقدار درجة الحرارة المتوقع أن يصل إليها سطح الأرض والناجمة عن مضاعفة تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي مقارنة بمستويات ما قبل الصناعة،[2] وقد استخدمت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ مصطلح” الحساسية المناخية” للتعبير عن العلاقة ما بين انبعاثات الغازات الدفيئة التى يسببها الإنسان وتأثيرها على التغيرات في درجات الحرارة على كوكب الأرض.[3]

الحساسية المناخية وغازات الدفيئة

إذا ضاعفنا كمية غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. فإن تأثير الاحتباس الحراري المتزايد سيؤدي إلى ارتفاع متوسط درجة حرارة سطح الكوكب بنحو 1.2درجة مئوية أي بمقدار 2.2 درجة فهرنهايت.

قد لا يبدو هذا كثيرًا، لكن الفرق بين درجات الحرارة خلال العصر الجليدي والعصر الحالي تبلغ حوالي 5 درجات مئوية أي بمقدار 9 درجات فهرنهايت. وبالتالي فإن التغيرات الطفيفة في درجات الحرارة تُحدث فرقًا كبيرًا في مناخ الأرض.[4][

وتشير التقديرات إلى أنه من المتوقع زيادة الانبعاثات بمقدار 560 جزء في المليون بحلول عام 2060م. ويمثل هذا ضعف مستويات الانبعاثات في عصر ما قبل الصناعة.[5] وجدت دراسة نشرت عام 2009م أن الزيادة في كمية بخار الماء في الغلاف الجوي تضاعف من مقدار الاحترار الناتج عن زيادة كمية غاز ثاني أكسيد الكربون.[6]

ووفقًا لتقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الصادر عام 2013، فإنه من المحتمل زيادة درجة حرارة سطح الكوكب بمقدار 1.5-4.5 درجة مئوية.[7].

كيف يمكننا تقدير حساسية المناخ؟

لا يمكن قياس حساسية المناخ بشكل مباشر، ولكن بدلاً من ذلك يجب تقديره. توجد العديد من الطرق التي يمكن من خلالها تقدير حساسية المناخ وهي:

  1.  السجلات التاريخية:
    يمكن استخدام السجلات التاريخية لمعرفة مقدار انبعاثات الغازات الدفيئة وانبعاثات الهباء الجوي(مصطلح يطلق على الجسيمات الصغيرة المعلقة في الهواء الجوي كالكربون والكبريتات) في الماضي ومقارنتها بنسبة انبعاثات غازات الدفيئة خلال القرن الحالي. وذلك لمعرفة مدى استجابة درجات الحرارة العالمية لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون بواسطة الأنشطة البشرية.
  2. النماذج المناخية:
    يمكن استخدام النماذج المناخية الرياضية، للتنبؤ بحساسية المناخ في المستقبل.
  3. سجلات المناخ القديم:
    يمكن استخدام عينات الجليد والسجلات الأخرى، لتقدير التغيرات الطبيعية في درجة الحرارة وثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي على مدى آلاف السنين.

تتطلب جميع الطرق المذكورة لتقدير حساسية المناخ شكلاً من أشكال النماذج المناخية البسيطة. والتى تتضمن عدد من الافتراضات لكل منها مزايا وعيوب. فعلى سبيل المثال لا تستطيع النماذج المناخية محاكاة العمليات الصغيرة في النظام المناخي بشكل كامل. مثل تلك المتعلقة بالغيوم والتي يُعتقد أنها مهمة لحساسية المناخ.

تشير الأبحاث أيضًا إلى أن حساسية المناخ قد لا تكون ثابتة لذا فإن فهم ما كانت عليه في الماضي قد لا يخبرك بالضرورة بما ستكون عليه في المستقبل.[8]

المقاييس الرئيسة لحساسية المناخ

توجد لحساسية المناخ ثلاثة مقايس رئيسة وهي:

  1. حساسية التوازن للمناخ: تعرف بأنها مقدار الاحترار الذي سيحدث بمجرد وصول جميع العمليات إلى التوازن. يتكيف مناخ الأرض مع التغيرات في تركيز ثاني أكسيد الكربون قد يستغرق ذلك وقتًا طويلًا، فعلى سبيل المثال تحتاج الحرارة الزائدة بفعل مضاعفة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون عقودًا من الزمان لكي تنتشر عبر أعماق المحيط.
  2. الاستجابة المناخية العابرة: وهو مقدار الاحترار الذي قد يحدث في الوقت الذي يتضاعف فيه ثاني أكسيد الكربون.
  3. حساسية نظام الأرض: تشمل ردود الفعل طويلة المدى لنظام الأرض، كالتغيرات في الصفائح الجليدية أو التغيرات في توزيع الغطاء النباتي.[9]

ماذا يحدث إذا لم يتم تقليل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون؟

وفقًا لتقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فإن درجة حرارة سطح الأرض زادت خلال السنوات الأخيرة بمقدار1.1 درجة مئوية. وذلك مقارنة بالفترة ما بين عامي 1850-1900 وهو مستوى لم نشهده منذ 125 الف عام، أي قبل العصر الجليدي الأخير.

سيظل تأثير الاحتباس الحراري على الأجسام التي تتأثر ببطء مع ارتفاع درجات الحرارة كالأنهار الجليدية والمحيطات محسوسًا لعدة قرون أو حتى آلاف السنين. ووفقًا لتقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ لعام 2021م؛ فإنه من المتوقع أن ترتفع مستويات سطح البحر في جميع أنحاء العالم بمقدار 2-3م على مدار الألفي عام المقبلة، مما قد يؤدي إلى تغير السواحل بالكامل التي يسكنها حاليا مئات الملايين من الناس. كما يحذر التقرير من بعض آثار التغير المناخي كإنهيار الغطاء الجليدي وفقدان الغابات.[10]

المصادر:

(10),(6),(4),(1)theguardian
(2),(6),(7)nature
(3)ipcc
(5)agupubs
(8)metoffice
(9) carbonbrief
مصدر الصورة: climate

كيف تواجه الزراعة الذكية التغيرات المناخية؟

هذه المقالة هي الجزء 15 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

“فيضانات وأعاصير وجفاف” ظواهر جوية متطرفة قطعت سبل عيش المزارعين وأضّرت بالمحاصيل ورفعت التكاليف. ففي الولايات المتحدة الأمريكية شهدت الزراعة في عام 2019 أسوأ مراحلها على الإطلاق بسبب الفيضانات، بينما عانت دول الاتحاد الأوروبي من درجات الحرارة المرتفعة، وأدى الجفاف الشديد إلى اندلاع حرائق الغابات واسعة النطاق، كما جلبت أنماط الطقس المتقلبة معها آفات وأمراض جديدة وقللت من مصادر المياه والموارد النادرة الأخرى.[1]

تأثير تغير المناخ على الزراعة

تشير التقديرات إلى أن تغير المناخ قد أدى بالفعل إلى خفض إنتاجية المحاصيل العالمية من الذرة والقمح بنسبة 3.8٪ و 5.5٪ على التوالي. ويحذر العديد من الباحثين من الانخفاض الحاد في إنتاجية المحاصيل عندما تتجاوز درجات الحرارة الحد الفسيولوجي لها. يشكل تغير المناخ تهديدًا للوصول إلى الغذاء لكل من سكان الريف والحضر عن طريق خفض الإنتاج الزراعي وزيادة المخاطر.[2]

وتؤثر التغيرات المناخية على الزراعة عن طريق:

  1. الفيضانات:يؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر إلى زيادة وتيرة وشدة الفيضانات. تعمل هذه الفيضانات على تدمير المحاصيل والثروة الحيوانية، وتسرع من تآكل التربة، وتلوث المياه.
  2. الجفاف: تسببت موجات الجفاف الشديدة في خسائر فادحة في المحاصيل والماشية في الكثير من البلدان. ومن المحتمل أن يتسبب ارتفاع درجات الحرارة في حدوث الكثير من موجات الجفاف واستنفاذ مصادر المياه، وزيادة حرائق الغابات.
  3. صلاحية المحاصيل: يختار المزارعون أصناف المحاصيل التي سيزرعونها بناءًا على الظروف المحلية للطقس، لكن مع تغير هذه الظروف خلال العقود القادمة سيضطر العديد من المزارعين إلى إعادة التفكير في بعض الممارسات مما قد يعني القيام باستثمارات رأسمالية جديدة، وإيجاد أسواق جديدة، وتعلم مهارات جديدة.[3]
  4. انتشار الآفات: توصلت دراسة علمية جديدة أجرتها منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، إلى أن التغيرات المناخية ستزيد من انتشار الآفات في النظم البيئية الزراعية والغابات، خاصة في المناطق القطبية الشمالية.[4]  

تأثير تغير المناخ على المزارعين والمجتمعات الريفية

مع اشتداد درجة حرارة الصيف، سيواجه المزارعون ظروف عمل مرهقة وغير آمنة. كما أن نقص الإنتاجية الزراعية وفقدان الثروة الحيوانية سيجعل المزارعين  الذين ليس لديهم شبكات أمان كافية في مواجهة مع الكثير من التحديات كنقص الأرباح وتهديد سبل العيش في العديد من المجتمعات الريفية.

الزراعة والانبعاثات العالمية

تعتبر الزراعة المصدر الأول للانبعاثات في 24 دولة حول العالم. تمثل انبعاثات الإنتاج الزراعي حوالي 11% من إجمالى انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، وقد ارتفعت تلك النسبة حوالي 14%منذ عام 2000.[5]

مابين عامي 2001 و 2011، زادت الانبعاثات العالمية من إنتاج المحاصيل والثروة الحيوانية بنسبة 14٪. حدثت الزيادة بشكل رئيسي في البلدان النامية، بسبب ارتفاع إجمالي الإنتاج الزراعي. وكان الدافع وراء ذلك زيادة الطلب العالمي على الغذاء والتغيرات في أنماط استهلاك الغذاء، كما زادت الانبعاثات الناتجة عن التخمر المعوي بنسبة 11 ٪ خلال هذه الفترة وشكلت حوالى 39 ٪ من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري خلال عام 2011، وخلال عام 2012، شكلت الزراعة حوالي 10٪ من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في دول الاتحاد الأوروبي.

تطلق الزراعة على وجه الخصوص كميات كبيرة من الغازات المسببة للاحتباس الحراري، كغازي الميثان وأكسيد النيتروز.تأتي غالبية انبعاثات الإنتاج الزراعي من تربية الماشية، حيث يتم تربية أكثر من 70 مليار حيوان سنويًا للاستهلاك الأدمي. تتسبب الماشية في إطلاق غازات الدفيئة كغاز الميثان الذي يطلق عن طريق التجشؤ الناتج عن التخمر المعوي أثناء عملية الهضم، كما يتسبب السماد المتروك في المراعي في انبعاثات زراعية كأكسيد النيتروز( وهو غاز من غازات الدفيئة له تأثير أقوى بكثير على الاحتباس الحراري من ثاني أكسيد الكربون.  

يمثل السماد الطبيعي حوالي 40٪ من انبعاثات الإنتاج الزراعي على مدار العشرين عام الماضية، كما أن زراعة الأرز والأسمدة الصناعية يساهمان بأكثر من 10% من إجمالى انبعاثات الإنتاج الزراعي.

الدول المسؤولة عن معظم انبعاثات الإنتاج الزراعي

في العشرين عامًا الماضية كانت الصين مسؤولة عن معظم الانبعاثات الناتجة عن الإنتاج الزراعي، تليها الهند والبرازيل والولايات المتحدة. كانت هذه الدول هي المصدر الرئيس لمعظم  الانبعاثات الزراعية والمسؤولة عن نحو 37٪ من إجمالى انبعاثات الإنتاج الزراعي العالمي.
في ظل وجود القليل من الإجراءات المناخية أو انعدامها في قطاع الزراعة، يمكن أن يزيد الإنتاج الزراعي من كمية غازات الاحتباس الحراري بنسبة 58٪ بحلول عام 2050.[6]

كيف يمكننا جعل الزراعة أكثر استدامة؟

أدى الانخفاض الكبير في أعداد الماشية، والاستخدام الأكثر كفاءة للأسمدة، إلى خفض انبعاثات الاتحاد الأوروبي من الزراعة بنسبة 24٪ في الفترة بين 1990-2012.[7]

يمكن معالجة الانبعاثات الناتجة عن الإنتاج الزراعي من خلال تحسين أنماط الإنتاج والاستهلاك. بما في ذلك إضافة الأعلاف التي تقلل من التخمر المعوي بالنسبة للحيوانات، و “مثبطات النترجة” التي تقلل من انبعاثات أكسيد النيتروز الناتجة عن الأسمدة.[8]

يمكن أن يؤدي التبني الواسع النطاق للممارسات الزراعية المستدامة، مثل الزراعة بدون حرث، وتناوب المحاصيل إلى تقليل انبعاثات غازات الدفيئة، وبالتالى جعل التربة أكثر خصوبة وأكثر إنتاجية بمرور الوقت.[9]

الزراعة الذكية مناخيًا

تعرف الفاو الزراعة الذكية مناخيا بأنها” تحويل وإعادة توجيه أنظمة الإنتاج الزراعي بحيث تدعم التنمية المستدامة والأمن الغذائي في ظل تغير المناخ.[10]

تسعى الزراعة الذكية إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الرئيسة وهي:

  1. زيادة الإنتاجية: تعمل الزراعة الذكية على زيادة الإنتاجية لتحسين معدلات الأمن الغذائي وزيادة الدخل. لا سيما أن 75% من فقراء العالم  يعيشون في المناطق الريفية ويعتمدون بشكل أساسي على الزراعة لكسب عيشهم.
  2. تحسين القدرة على التكيف: ومواجهة الضغوط المناخية طويلة المدي.
  3. خفض الانبعاثات: تسعي الزراعة الذكية إلى خفض الانبعاثات الناتجة عن الزراعة.[11].

على الرغم من أن مصطلح الزراعة الذكية جديد نسبيًا، إلا أنه تم طرحه لأول مرة  في مؤتمر لاهاي عام 2010. تعتمد الزراعة الذكية مناخيًا على نهج الزراعة المستدامة باستخدام مجموعة من مبادئ النظام الإيكولوجي والإدارة المستدامة للأراضي. وهو نهج هام في البلدان النامية بشكل خاص، حيث أن النمو الزراعي هو الأولوية القصوي بشكل عام.[12]

المصادر:
(1)syngenta
(2)nature
(3)ucsusa
(4)fao
(5),(7)weforum
(6)(8)eea.europa
(9)weforum
(12),(10)fao
(11)worldbank
الصورة:eco-business

هل النساء هن الأكثر تضررًا بسبب التغيرات المناخية؟

شهد عام 2021 هجمة عالمية من موجات الحرارة الكارثية وحرائق الغابات والفيضانات والجفاف. ووفقًا لأحدث تقرير أصدرته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة، الذي أعده 234 باحثًا من 66 دولة فإن ظواهر مناخية قاسية وشديدة البرودة ستجتاح العالم، والتى تعود إلى الانتهاكات التى يرتكبها الجنس البشري.

ووفقًا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن الفئات الضعيفة كالنساء والأطفال هم الأكثر عرضة لمخاطر التغيرات المناخية كالموت بنحو 14مرة من الرجال.[1ٍ]

النساء هن الأكثر تضررًا من تغير المناخ

وجدت الدراسات أن 80٪ من النازحين بسبب تغير المناخ هم من النساء، تواجه النساء العديد من الآثار السلبية الناجمة عن الكوارث الطبيعية كالعنف الجنسي والمشاكل الصحية، فعلى سبيل المثال خلال الفترة من عام 1981 إلى 2002، وجدت عينة دراسية من 141 دولة أنه في المجتمعات غير المتكافئة بين الجنسين، تموت النساء بسبب الكوارث بشكل أكبر من الرجال.

الأدوار الجنسانية في كثير من أنحاء العالم تجعل النساء أكثر عرضة للآثار السلبية لتغير المناخ. حيث أنهن يتحملن عبء توفير الموارد الأساسية كالمياه والغذاء والوقود في بعض البلدان[2]، فعلى سبيل المثال تلجأ النساء في العديد من البلدان النامية ومناطق النزاع إلى استخدام الحطب والفحم لتوفير طاقة  بسيطة التكلفة لهذه المسؤوليات، مما يزيد الاعتماد القسري على هذه المصادر من إزالة الغابات، ويعرض النساء وأسرهن لمخاطر الحرائق.[3]

كيف يؤثر تغير المناخ على النساء؟

1- زيادة العنف القائم على النوع الاجتماعي

في عام 2019، أمضى باحثون ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وقتًا في مجتمعات الأراضي الزارعية الأوغندية، وكما هو متوقع، أثر التغير المناخي على المحاصيل والثروة الحيوانية التي تعتمد عليها المجتمعات وقلل من إنتاجيتها، والمثير للدهشة أنهم وجدوا أيضًا أن تغير المناخ أدي إلى تفاقم العنف ضد المرأة.[4]

عندما يتشرد السكان بسبب الكوارث الطبيعية الناجمة عن التغيرات المناخية كالفيضانات، فإنه يتعين على النساء والفتيات المضي قدمًا للبحث عن الموارد الأساسية كالمياه والحطب، وبالتالى فإنهن يتعرضن لعنف متزايد من قبل الغرباء.  

ووفقًا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن معدلات العنف المنزلي والاعتداء الجنسي وختان الإناث ارتفعت خلال فترات الجفاف الطويلة والفيضانات والأعاصير في كل من أوغندا وباكستان وبنجلاديش.

ووجد صندوق الأمم المتحدة للسكان أن الاتجار بالجنس ارتفع بعد الأعاصير، وازداد عنف الشريك الحميم أثناء الجفاف في شرق أفريقيا والعواصف الاستوائية في أمريكا اللاتينية والظواهر الجوية المتطرفة المماثلة في منطقة الدول العربية.

2- زيادة حالات زواج الأطفال

تؤدي الظواهر المناخية المتطرفة  إلى تقليص سبل العيش و تفاقم الفقر، والذى من الممكن أن يدفع العائلات إلى تزويج بناتهن القصر مقابل مهورهن أو لاعتقادهم أنهم يحسنون فرص الفتاة في المستقبل.[5]

  بالنسبة للعائلات التي تعيش بالفعل في فقر مدقع وانعدام الأمن، ونقص التعليم، قد تكون المخاطر الطبيعية بسبب تغير المناخ نقطة التحول بالنسبة لهم، حيث يشعرون بأنهم مجبرون على تزويج بناتهم من أجل البقاء.[6]

3- التأثير على النساء الحوامل والأطفال حديثى الولادة

يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى إطالة مواسم نشاط الحشرات كالبعوض، والتى ينقل بواسطتها العديد من الأمراض كالملاريا وحمي الضنك، على سبيل المثال، تم ربط  العديد من الأمراض المنقولة بواسطة النواقل بالإجهاض والولادة المبكرة وفقر الدم، كما أن بعض الفيروسات يمكن أن تتسب في حدوث عيوب خلقية خطيرة عند النساء الحوامل كفيروس زيكا.[7]

4- التسرب من التعليم

يساهم تعليم الفتيات في استقرار المجتمعات وتقوية الاقتصاد، تشير الأبحاث إلى أن تعليم الفتيات يمكن أن يعزز استراتيجيات المناخ.

على الرغم من جميع فوائد تعليم الإناث، إلا أن الإحصائيات تشير إلى أنه بحلول عام 2025، سيكون تغير المناخ عاملاً مساهماً في سبب عدم استكمال 12.5 مليون فتاة تعليمهن.

5- الموت والإصابة

وجدت العديد من الدراسات التى تناولت العلاقة بين معدل الوفيات والإصابات لكل من الرجال والنساء أثناء الظواهر الجوية الشديدة، أن ما يقرب من ثلثي النساء أكثر عرضة للوفاة بسبب التغيرات المناخية، كما أظهرت النتائج أن الوضع الاجتماعي المتدني للمرأة  يساهم في زيادة المخاطر التي تواجهها خلال فترات أزمات الطقس.
[8]

 مشاركة المرأة للحد من التغيرات المناخية

تناول مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ لعام 2017 في بون الدور الخاص الذي تلعبه المرأة في التخفيف من آثار تغير المناخ والحفاظ على التنوع البيولوجي من خلال اعتماد “خطط عمل النوع الاجتماعي،  والذي يهدف إلى إشراك النساء  في عمليات صنع القرار للحد من آثار تغير المناخ والحفاظ على التنوع البيولوجي، وإيلاء قدر أكبر من الاعتبار للجوانب الجنسانية في التخطيط والتنفيذ والتدبير.[9]

المراجع

(1)unfpa

(2)oneearth

(3)theconversation

(4),(6),(8)euronews

(5),(7)unfpa

(9)international-climate

Exit mobile version