ما هو أرق الكورونا وماهي أسبابه؟

ما هو أرق الكورونا وماهي أسبابه؟

الحصول على قسط جيد من الراحة ليلًا في ظل الظروف المرهقة أمر صعب، وقد يكون النوم الجيد أثناء جائحة الكورونا المستمرة أمرًا مستحيلًا في بعض الليالي القاسية، ومن المعروف أن مشاكل النوم ليست جديدة، فعلى سبيل المثال أكثر من ثلث الأمريكيين لم يحصلوا على قسط كافٍ من النوم بشكل منتظم لسنوات. إن قلة النوم الجيد مشكلة منتشرة لدرجة أن مركز السيطرة على الأمراض قد أطلق عليها وباء الصحة العامة، ولكن ساهمت الجائحة في تفاقم هذه المشكلة فمع التوتر والحزن والقلق من فيروس كورونا، وتأثيره على الحياة اليومية يُبلغ الناس عن مشاكل نوم أكثر من أي وقت مضى حيث أبلغ حوالي أربعة من كل عشرة أشخاص عن مشاكل في النوم أثناء الوباء هذا ما جعل خبراء النوم يطلقون على مشاكل النوم خلال الجائحة [1] «بأرق كورونا-coronasomnia».

ما هو أرق الكورونا وماهي أسبابه؟

يتميز أرق الكورونا بزيادة مشاكل النوم أثناء الوباء بالإضافة إلى أعراض القلق والاكتئاب والتوتر. في حين أن الأرق التقليدي غالبًا ما يرتبط بالقلق والاكتئاب يختلف أرق الكورونا عنه بأنه دائمًا ماكان مرتبط بأسباب ساهمت في رفع مستويات التوتر خلال الجائحة ومن ثم ظهور هذه المشكلة، وبدأت أعراض أرق الكورةنا أو اشتدت أثناء الجائحة.

لقد قلبت الجائحة تقريبًا كل جانب من جوانب حياتنا اليومية. تكيف الآباء والأطفال مع التعليم عن بعد بينما انتقل ملايين العمال إلى العمل عن بعد أو تم إجازتهم أو فقدوا وظائفهم بالكامل. فقد الناس أحباءهم وعانوا من المرض. هناك حالة مستمرة من عدم اليقين بشأن الأمن الوظيفي، والصحة، ومتى ستعود الأمور إلى طبيعتها. مع الكثير من التغييرات دفعة واحدة، فلا عجب أن يواجه الناس صعوبة في النوم.

زيادة الضغط

تؤثر أحداث الحياة الكبيرة المجهدة مثل الكوارث الطبيعية والهجمات الإرهابية على الصحة النفسية، وتخلق مشاكل في النوم يمكن أن تستمر لأشهر بعد ذلك. يمكن اعتبار جائحة عالمي كحدث من هذا القبيل.

يزيد التوتر من مستويات الكورتيزول، وهو هرمون يعمل عكسياً مع الميلاتونين هرمون النوم. في الطبيعي يرتفع الكورتيزول في الصباح الباكر لتنشيط جسمك طوال اليوم، وينخفض ​​مساءً حيث يبدأ إنتاج الميلاتونين اللذي يعدك للنوم، وبالتالي عندما تظل مستويات الكورتيزول لديك مرتفعة نتيجة التوتر يتم تعطيل إنتاج الميلاتونين، وكذلك تتعرقل راحة نومك.

يمكن أيضًا أن يقلل التواجد في المنزل طوال اليوم من دافعك للنوم نظرًا لأنك تحصل على قدر أقل من التعرض للضوء الطبيعي اللذي يعتبر المنظم الرئيسي لدورة النوم والاستيقاظ لديك. فقدان الروتين اليومي بسبب إرشادات التباعد الاجتماعي اختفت العديد من أجزاء الحياة الطبيعية من ممارسة الهوايات إلى المناسبات الاجتماعية بين عشية وضحاها. يزيد فقدان هذه الأنشطة من إحساسنا بالعزلة الاجتماعية، ويمكن أن يؤثر سلبًا على الصحة العقلية. تخدم الأنشطة العادية أيضًا وظيفة مهمة فيما يتعلق بنومنا. كانت التنقلات والوجبات وفصول التمارين الرياضية والأحداث الاجتماعية كلها علامات زمنية ساعدت في تعزيز إيقاعاتنا اليومية، ومن ثم دورة النوم والاستيقاظ.

بالنسبة لبعض الناس ساهمت هذه التغييرات في انخفاض جودة النوم على الرغم من قضاء المزيد من الوقت في السرير، وقد كانت هذه الأعراض أكثر وضوحًا للأشخاص الذين يعانون من ارتفاع معدلات الاكتئاب والقلق والتوتر. بدون روتين يومي من الصعب أن يظل إيقاعك اليومي على المسار الصحيح، وعندما يتعطل إيقاع الساعة البيولوجية لا يتأثر النوم فقط بل تتأثر مجموعة من الوظائف البيولوجية بما في ذلك الهضم والشهية والاستجابة المناعية وغير ذلك. نتيجة لذلك يصبح قلة النوم والقلق الناجمين عن أرق الكورونا دورة تحقق ذاتها، فعندما يحصل الناس على قسط أقل من النوم تزيد مستويات التوتر لديهم، ويزيد من سوء الحالة المزاجية وبالتالي تتفاقم مشاكل النوم أكثر، ويمكن أيضًا أن يقلل الحرمان من النوم دافعك لممارسة الرياضة ويزيد من شهيتك للأطعمة غير الصحية، ويمكن أن تؤدي هذه التغييرات بعد ذلك إلى زيادة الوزن مما يزيد من خطر الإصابة باضطرابات النوم.

إذا تُرك اضطراب النوم المزمن دون رادع، فقد يؤدي إلى عواقب صحية طويلة المدى مثل: أمراض القلب والأوعية الدموية، والسمنة، والاكتئاب، وحتى السكتة الدماغية.

زيادة استهلاك وسائل الإعلام

في محاولة لمواكبة أحدث المعلومات حول الجائحة زاد الناس بشكل كبير من استهلاكهم لوسائل الإعلام أثناء الوباء، ويعتمدون الآن على مجموعة أكبر من مصادر الأخبار. في جميع الجوانب تقريبًا أدت هذه السلوكيات إلى زيادة مستويات الاضطراب العقلية، وارتبط قضاء المزيد من الوقت المستغرق في وسائل الإعلام، وكذلك التحقق من الأخبار بشكل متكرر بمستويات أعلى من القلق. كلما زاد بحث الشخص عن أنواع مختلفة من الوسائط مثل التلفزيون أو وسائل التواصل الاجتماعي زادت أعراض الخوف لديه. المشكلة هي أن الناس زادوا من استهلاكهم للوسائط ليلًا بالقرب من وقت النوم. نتيجة لذلك يقضي الأشخاص أيضًا وقتًا أطول مع أجهزتهم الإلكترونية، والبث المباشر ومشاهدة الأخبار. ترتبط زيادة وقت الشاشة بنوم أقصر وأقل راحة، فالمزيد من وقت الشاشة يعني المزيد من التعرض للضوء الأزرق، ويفسر دماغك الضوء الأزرق بشكل مشابه لضوء الشمس. يؤدي التعرض لهذا الضوء في الليل إلى ارتفاع مستويات الكورتيزول اللذي يعاكس في عمله الميلاتونين كما تحدثنا سابقًا. بمعنى آخر تشعر بمزيد من اليقظة والتوتر بدلاً من الاسترخاء والاستعداد للنوم. [1]

أعراض أرق الكورونا

تشمل أعراض أرق الكورونا ما يلي:

1. أعراض الأرق مثل صعوبة السقوط والاستمرار في النوم.

2. زيادة مستويات التوتر.

3. زيادة أعراض القلق والاكتئاب.

4. أعراض الحرمان من النوم مثل زيادة النعاس أثناء النهار، وضعف التركيز، وسوء الحالة المزاجية.

طوال جائحة كورونا وثقت دراسات مختلفة زيادة معدلات الأرق واضطرابات الصحة العقلية. ويقدر الخبراء أن عدد الأشخاص الذين يعانون من أي شكل من أشكال الأرق قد زاد بنسبة 37% عن ما قبل الجائحة. في الوقت نفسه أبلغ أربعة من كل عشرة أشخاص عن عرض واحد على الأقل من أعراض الصحة العقلية أثناء الوباء. مقارنة بعام 2019 تضاعف عدد الأشخاص الذين يعانون من أعراض القلق ثلاث مرات، وأما بالنسبة للاكتئاب فقد تضاعف أربع مرات [1]، وارتفعت معدلات الأرق في الصين من 14.6% إلى 20% خلال فترة الإغلاق القصوى، ووفقًا لدراسة نُشرت في الأكاديمية الأمريكية لطب النوم كان هناك 2.77 مليون عملية بحث على جوجل عن الأرق في الولايات المتحدة خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2020_ بزيادة قدرها 58% عن نفس المدة في السنوات الثلاث السابقة. [2]

من هم الأكثر عرضة لخطر الإصابة بأرق الكورونا؟

يمكن لأي شخص أن تظهر عليه أعراض أرق الكورونا، ولكن هناك مجموعات معينة من الناس معرضون لخطر متزايد بما في ذلك: المرضى المصابون بفيروس كورونا، والعاملون في الخطوط الأمامية، ومقدمو الرعاية الصحية بدون أجر، والنساء، والشباب.

من المرجح أن يبلغ مرضى كورونا عن مشاكل النوم بسبب أعراض المرض التي تجعل الراحة صعبة مثل: التنفس والسعال. حيث أبلغ 75٪ من المرضى عن مشاكل في النوم. [1]

العاملون الطبيون في الخطوط الأمامية

لا سيما أولئك الذين يعملون مباشرة مع مرضى كورونا لديهم معدلات أعلى بكثير من سوء نوعية النوم، والأرق، والقلق، والاكتئاب، والنوم المضطرب. هؤلاء الأفراد معرضون بشكل أكبر للإصابة بالعدوى، وبالتالي زاد القلق بشأن العدوى فضلًا عن مستويات أعلى من الإجهاد المرتبط بالعمل بسبب نقص الإمدادات، وأبلغ ما يصل إلى 80% من هؤلاء العاملين في المجال الطبي عن اضطراب النوم، وكانت النساء العاملات أكثر عرضة بنسبة 40% من العمال الذكور للإصابة بالأرق. [1]

هذا بالنسبة للأشخاص المعرضون لخطر الإصابة بأرق الكورونا، ولكن يبقى السؤال هل الأرق من أعراض مرض كوفيد -19؟

على الرغم من أن بعض الناجين من فيروس كورونا اللذين يعانون من أعراض طويلة الأمد يعانون من الأرق؛ إلّا أنّ مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) لا يُدرج اضطراب النوم هذا كعرض شائع للإصابة بكورونا، ولكن جعل الإجهاد المرتبط بالجائحة هو السبب الأكثر احتمالية للأرق لدى هؤلاء الأفراد. [2]

5 نصائح لمكافحة أرق الكورونا

هناك عدد من النصائح اللتي يمكنك من خلالها تحسين تجربة نومك مثل:

1. الاستراحة من الأخبار

على الرغم من أنه من الجيد البقاء على اطلاع بالأخبار، ولكن حاول تجنب الإفراط في الأخبار والعادات السيئة الأخرى هذا مهم بشكل خاص في المساء.

2. الالتزام بجدول زمني ثابت

كما ذكرنا سابقًا، فإن الكثير من التوتر يأتي من تغيير روتيننا اليومي رأسا على عقب. لكن يمكننا الحصول على بعض الراحة من خلال إنشاء جدول يومي وروتين والالتزام به. حاول الحفاظ على وقت نوم ثابت ووقت يقظة ثابت بغض النظر عن يوم الأسبوع.

3. تخطي القيلولة

يمكن أن تكون القيلولة طريقة جيدة لاستعادة بعض الطاقة خاصة إذا كنت تعمل من المنزل، ويمكن أن تنزلق بسهولة من مساحة المكتب إلى الأريكة أو السرير، ولكن تذكر أن قيلولة قصيرة أو قيلولة قصيرة في وقت مبكر من بعد الظهر يمكن أن تكون مفيدة لبعض الناس، ولكن القيلولة الطويلة والقيلولة في وقت لاحق من المساء يمكن أن تعطل النوم.

4. تجنب قلق الساعة

أنت تعرف الشعور عندما تستيقظ في منتصف الليل، وتتحقق من ساعتك ثم تشرع في القلق بشأن الحاجة إلى النوم مرة أخرى؛ لكن هذا التوتر يبقيك مستيقظًا بدلاً من ذلك. إن محاولة عدم الضغط في هذا الموقف أسهل قولًا من فعلها، ولكن هناك خيارات من حيث الاسترخاء يمكن أن تجعل الأمر أسهل. يمكن لتقنيات الاسترخاء مثل التأمل، والتخيل الموجه، والاسترخاء التدريجي للعضلات أن تساعدك على النوم. [2]

5. ممارسة التمارين الرياضية كل يوم

تساهم التمارين اليومية في الحصول على نوم أكثر راحة. التمرين أيضًا وسيلة رائعة للتخلص من التوتر والقلق. حاول إنهاء التمرين قبل النوم بساعة واحدة على الأقل. تعمل التمارين القوية على تنشيط الجسم وتسخينه لذا اترك وقتًا كافيًا لتهدأ قبل النوم. [1]

أما إذا استمرت مشاكل نومك فحاول التحدث لطبيب مختص في هذا الأمر؛ حيث يمكنه تقديم توصيات إضافية مثل العلاج السلوكي المعرفي للأرق، وهو علاج مثبت للأرق، وبالنسبة لأولئك الذين لا يزالون يمارسون التباعد الاجتماعي تُظهر الدراسات أن العلاج المعرفي السلوكي فعال بنفس القدر حتى عند تقديمه عن طريق التطبيب عن بعد. [1]

إقرأ أيضًا: تأثير جائحة كورونا على الصحة النفسية

مصادر ماهو أرق الكورونا وماهي أسبابه؟

1. Sleepfoundation

2. Clevelandclinic

أربع طرق يؤثر بها الاكتئاب على الدماغ

أربع طرق يؤثر بها الاكتئاب على الدماغ.

الاكتئاب هو أحد أكثر أنواع الأمراض العقلية شيوعًا. يؤثر الاكتئاب على ما بين 15٪ إلى 20٪ من البشر. من المعروف أنه يؤثر على الأشخاص نفسيًا، لكنه يمكن أن يُسبب عددًا من المضاعفات الخطيرة التي تؤثر على الصحة العقلية والبدنية. يعرضك التعايش مع الاكتئاب لخطر الإصابة بأمراض جسدية خطيرة، بما في ذلك أمراض القلب والسكتة الدماغية. كذلك يجب ألا تخفى عليك أضراره الجسيمة على الدماغ. سنتعرف في مقالنا التالي على أربع طرق يؤثر بها الاكتئاب على الدماغ.

تقلص الدماغ

قام الباحثون بفحص 10000 شخص في 112 دراسة ووجدوا أن الذين يعانون من الاكتئاب لديهم أيضًا أحجام دماغ أقل. أظهرت الدراسات كذلك أن الأجزاء التالية هي التي تتأثر من الدماغ:

قرن آمون أو الحُصين

‏هو بنية دماغية معقدة في الفص الصدغي. لها دور رئيسي في التعلم والذاكرة. ‏هذا الجزء من الدماغ هو الذي يسجل الخوف عندما يواجهك كلب مثلًا، وقد تجعلك تلك الذكرى تشعر بالقلق من الكلاب التي تصادفك لاحقًا في الحياة. يكون الحُصين أصغر في بعض الأشخاص المصابين بالاكتئاب، وتشير الأبحاث إلى أن التعرض المستمر لهرمون التوتر يُضعف نمو الخلايا العصبية في هذا الجزء من الدماغ.

الحُصين

‏ كان هناك 24 امرأة لديهم تاريخ مع الاكتئاب وأثبتت الدراسات أن حجم الحُصين أصغر بنسبة 9٪ إلى 13٪ لدى النساء المصابات بالاكتئاب مقارنة بمن لم يعانين من الاكتئاب. إذ كلما زادت نوبات الاكتئاب لدى المرأة صغر حجم الحُصين. ‏

المهاد ‏

هو هيكل صغير داخل الدماغ يقع مباشرة فوق جذع الدماغ بين القشرة الدماغية والدماغ المتوسط ​​وله روابط عصبية واسعة لكليهما. تتمثل الوظيفة الأساسية للمهاد في نقل الإشارات الحركية والحسية إلى القشرة الدماغية.

المهاد

‏اللوزة الدماغية

هي مجموعة من الخلايا بالقرب من قاعدة الدماغ. يوجد اثنان، واحدة في كل نصف كرة أو جانب من الدماغ. ترتبط بعواطف مثل الغضب والسرور والحزن والخوف والإثارة الجنسية. تتنشط اللوزة عندما يتذكر الشخص الذكريات. يكون النشاط في اللوزة أعلى عندما يكون الشخص حزينًا أو مكتئبًا سريريًا.

اللوزة الدماغية

‏الفص الجبهي ‏

هو جزء من الدماغ يتحكم في المهارات الإدراكية الهامة لدى البشر مرتبط بالعاطفة وحل المشكلات والذاكرة واللغة والحكم والسلوك الجنسي. إنه بمثابة “لوحة التحكم” لشخصيتنا وقدرتنا على التواصل.

الفص الجبهي

‏قشرة الفص الجبهي

هي القشرة الدماغية التي تغطي الجزء الأمامي من الفص الجبهي. تلك المنطقة لها علاقة بالتخطيط السلوكي المعرفي، والتعبير عن الشخصية، واتخاذ القرار، والسلوك الاجتماعي. يرتبط مقدار تقلص هذه المناطق بشدة وطول مدة نوبة الاكتئاب. في الحُصين على سبيل المثال، يمكن أن تحدث تغيرات ملحوظة في أي مكان من 8 أشهر إلى عام خلال نوبة واحدة من الاكتئاب أو نوبات متعددة أقصر. مع ذلك، عندما يتقلص قسم من الدماغ، تُفعل الوظائف المرتبطة بهذا القسم المحدد. على سبيل المثال، تعمل قشرة الفص الجبهي واللوزة معًا للتحكم في الاستجابات العاطفية والتعرف على الإشارات العاطفية لدى الأشخاص الآخرين. يمكن أن يساهم هذا في تقليل التعاطف لدى الأفراد الذين يعانون من اكتئاب ما بعد الولادة.

قشرة الفص الجبهي

التهاب الدماغ

توجد علاقة بين الالتهاب والاكتئاب. لكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الالتهاب هو مسبب الاكتئاب لعكس. كذلك التهاب الدماغ مرتبط بمقدار الوقت الذي يُصاب فيه الشخص بالاكتئاب. إذ أظهرت الدراسات أن الأشخاص المكتئبين لفترة أكثر من عشر سنوات يعانون من التهاب بالدماغ بنسبة تصل لأكثر من 30٪ مقارنة بالأشخاص المكتئبين لفترة أقل. لذلك فالتهاب الدماغ مرتبط بشكل وثيق بالاضطراب الاكتئابي المستمر. يتسبب التهاب الدماغ في موت خلايا الدماغ وذلك يؤدي إلى عدد من المضاعفات مثل:

  • تقلص الدماغ.
  • انخفاض وظيفة الناقلات العصبية.
  • انخفاض في المرونة العصبية أي قدرة الدماغ على التغيير مع تقدم العمر.

اختلالات وظيفية في:

نقص الأكسجين

يوجد علاقة بين نقص الأكسجين في الجسم والاكتئاب. إذ أن تلك التغييرات ناتجة عن تغيرات في التنفس بسبب الاكتئاب لكن أيهما مسبب للآخر غير معروف إلى الآن. إذ يُنتج العامل الخلوي استجابةً لعدم حصول الدماغ على كمية كافية من الأكسجين في خلايا مناعية معينة توجد لدى الأشخاص المصابين باضطراب اكتئابي شديد واضطراب ثنائي القطب.

يؤدي نقص الأكسجين إلى:

  • التهاب بالدماغ.
  • إصابة خلايا المخ.
  • موت خلايا الدماغ.

يمكن أن يؤدي الالتهاب وموت الخلايا إلى مجموعة من الأعراض المرتبطة بالتطور والتعلم والذاكرة والمزاج. حتى نقص الأكسجين على المدى القصير يمكن أن يؤدي إلى الارتباك. لكن ثبت أن علاجات غرفة الأكسجين عالي الضغط، والتي تزيد من دوران الأكسجين، تخفف أعراض الاكتئاب لدى البشر.

التغييرات الهيكلية والضامة

يمكن أن تؤدي تأثيرات الاكتئاب على الدماغ أيضًا إلى تغييرات هيكلية وضامة وتشمل انخفاض في وظائف كل من:

  • الحُصين؛ هذا يمكن أن يؤدي إلى ضعف الذاكرة.
  • الفص الجبهي، يمكن أن يؤدي هذا إلى منع الشخص من الإنجاز والتأثير على انتباهه.
  • اللوزة، يمكن أن يؤثر هذا بشكل مباشر على المزاج والتنظيم العاطفي.

إن احتمالية استمرار الخلل الوظيفي في الذاكرة، والوظائف التنفيذية، والانتباه، والمزاج، والتنظيم العاطفي موجودة بعد نوبات من الاكتئاب طويل الأمد.

كيف يمكنك تجنب تلك الأعراض؟

هناك بعض الخطوات بإمكانها أن تُقلل من آثار الأعراض التي ذكرناها:

طلب المساعدة: من الضروري أن تكون على أتم استعداد لطلب المساعدة دون خجل من الناس. عليك فهم أن الاكتئاب مرض جسدي.

تناول مضادات الاكتئاب: ‏قد تساعدك مضادات الاكتئاب في منع التغيرات الجسدية التي من الممكن أن تحدث -أخذها تحت إشراف طبيب من الطبع-.

قلل توترك: الطلب من شخص ما بتقليل التوتر في حياته أمر صعب ولكن هناك في الواقع بعض التغييرات البسيطة التي يمكنك إجراؤها لتقليل من توترك.

إليك بعض الطرق لتخفيف من للتوتر: ‏

  • استمع إلى الموسيقى.
  • ‏تحدث مع صديق.
  • اتبع نظام غذائي صحي.
  • قم بشرب الشاي.
  • تمرن (ولو لدقيقة).
  • ‏نم بشكل جيد.
  • خذ نفساً عميقاً من ثلاث إلى خمس دقائق.

اقرأ أيضًا: ثلاث عادات لدماغ صحي

المصادر

كيف تؤثر مشاركة الآباء في رعاية أطفالهم الجُدد على صحتهم النفسية؟

كيف تؤثر مشاركة الآباء في رعاية أطفالهم الجُدد على صحتهم النفسية؟

يأتي المواليد الجدد بالبهجة لحياة الوالدين، ولكن إدخال طفل جديد لحياة الأب والأم يضعهم في مواجهة عدة تحديات مثل المشاعر القوية وقلة النوم. هذه التحديات تجعل كِلا الوالدين عرضة لاكتئاب ما بعد الولادة، وعلى الرغم من شيوع الحديث عنه لدى النساء إلا أنه يؤثر على 4% إلى 25% من الآباء الجدد في أول شهرين بعد الولادة، ويكون أكثر شيوعًا بين الرجال الّذين لديهم شريكات تعانين من اكتئاب ما بعد الولادة.

يعاني المصابون من عدة أعراض أهمها الحزن والإرهاق والقلق، وتتعارض هذه الأعراض مع أداء مهامهم اليومية.

يقول العلماء أن سبب اكتئاب ما بعد الولادة غير واضح، ولكن قد يكون مزيج من العوامل البيولوجية والبيئية. [1]

بينما تمت دراسة اكتئاب ما بعد الولادة على نطاق واسع بين الأمهات لا يزال الوعي والبحث العلمي حول أعراض الاكتئاب بين الآباء في بدايته.

أحد الظروف التي يبدو أنها تقلل من العرضة للإصابة بالاكتئاب هي مشاركة الأب في رعاية طفله الجديد هذا ما دفع مجموعة من الباحثين لدراسة العلاقة التي تربط بين مشاركة الأب في رعاية الطفل مبكرًا والإصابة بأعراض الاكتئاب لاحقًا.

نُشرت الدراسة في مجلة «Frontiers in Psychiatry» في سبتمبر الماضي، ودرس فيها الباحثون العلاقة التي تربط الوقت الذي يقضيه الأب مع طفله الجديد، وثقته بقدراته على أداء دور الأبوة، ودخله المادي مع إصابة الأب بالاكتئاب خلال السنة الأولى من حياة الرضيع. أُجريت الدراسة على عينة متنوعة عرقيًا تتكون من 881 أب من ذوي الدخل المنخفض من الولايات المتحدة.

تمت مقابلة الآباء بعد شهر، و6 أشهر، وسنة من ولادة أطفالهم. في كل مرة قيم فيها الباحثون إيمان الآباء بقدراتهم على أداء دور الأبوة، كما تم سؤالهم عن عدد المرات التي قدموا فيها الدعم المادي للطفل الجديد (مثل الطعام والمال والألعاب)، والعدد التقديري لساعات الاستيقاظ التي يقضونها مع أطفالهم، ومقدار الوقت الذي يقضونه بمفردهم مع أطفالهم خلال أيام الأسبوع العادية ويوم عطلة نهاية الأسبوع، وأخيرًا قيم الباحثون الحالة النفسية للآباء عن طريق مقياس إدنبرة للاكتئاب بعد الولادة_المقياس عبارة عن أسئلة فحص تُشير إلى ما إذا كان أصيب أحد الوالدين بالاكتئاب والقلق أثناء الحمل وفي العام الذي يلي ولادة الطفل. [2]

نتائج الدراسة

كشفت النتائج أن الآباء الذين كانوا أكثر ثقة في قدراتهم على أداء دور الأبوة، وقضوا وقتًا أطول مع أطفالهم، وقدموا دعمًا ماديًا أكبر للطفل بعد شهر واحد من الولادة أظهروا أعراض اكتئاب أقل في السنة الأولى من عمر الطفل، وكانت هذه النتائج صحيحة حتى بعد حساب المتغيرات المختلفة مثل العمر والعرق والتعليم والحالة الزوجية للآباء.

يقول الباحثون أن هذه النتائج قد تشير إلى أن مشاركة الأب المبكرة في رعاية الطفل أمر مهم لصحة الأب النفسية، وكذلك الآباء الذين لديهم قدرة أقل على تقديم الدعم المادي للطفل قد يعانون من تدني في تقييمهم لقيمتهم الذاتية مما يجعلهم عرضة للاكتئاب.

تتطابق هذه النتائج إلى حد كبير مع الدراسات الأخرى حول هذا الموضوع، والتي تشير إلى العلاقة الإيجابية بين مساهمة الأب في رعاية الأطفال والصحة النفسية لكلا من الوالدين والأطفال.

العلاقة بين مشاركة الآباء في رعاية أطفالهم الجدد وإصابتهم بالاكتئاب

أَقَرّ الباحثون بأن العلاقة بين الاكتئاب ومشاركة الآباء في رعاية الأطفال وثقة الآباء في قدراتهم على أداء دور الأبوة لا تزال غير واضحة. في حين أن الاكتئاب قد يؤدي إلى انخفاض مشاركة الآباء في رعاية أطفالهم فإن العكس قد يكون صحيحًا أيضًا. كذلك لم يتم فحص تاريخ الآباء المشاركين مع الاكتئاب قبل وأثناء فترة الحمل مما يعني أنّ هناك احتمال أنْ يكون بعض الآباء مكتئبين بالفعل قبل ولادة أطفالهم مما أدى إلى انخفاض المشاركة في رعاية أطفالهم، وبالتالي هذه الدراسة لا تقول إنّ المزيد من المشاركة يؤدي إلى انخفاض الاكتئاب ولكنها تؤكد على وجود علاقة بينهم. [2]

يقترح الباحثون تفسيرًا لهذه العلاقة، وهو أن الآباء الذين يشعرون بالكفاءة كآباء قد يكونون أكثر رضا عن أنفسهم، ونتيجة لذلك تقل أعراض الاكتئاب لديهم. ربما تلعب الفكرة الثقافية للأب باعتباره معيلًا أيضًا دورًا هامًا، فتكون سببًا في شعور الآباء بالرضا تجاه أنفسهم عندما يتمكنون من منح أطفالهم الأساسيات الّتي يحتاجونها للنمو والازدهار.

يمكن أن يكون الآباء الذين يقضون وقتًا أطول مع أطفالهم محميين من أعراض الاكتئاب المستقبلية من خلال التغيرات في هرموناتهم أو وظائفهم العصبية. تدعم عدة دراسات سابقة هذا التفسير منها مايُظهر ارتباط بين الإصابة بالاكتئاب والتغيرات في مستوى هرمون الأوكسيتوسين عند الأب، يزداد هذا الهرمون عند الآباء عندما يتفاعلون بشكل إيجابي مع أطفالهم. [3]

في النهاية يُمثّل الآباء جزء رئيسي ومهم من الأسرة، وتستحق صحتهم النفسية والجسدية نفس القدر من الاهتمام بصحة الأمهات، وبالتالي يقترح الباحثون أن تُسلّط الدراسات القادمة الضوء على فعالية تعزيز ثقة الآباء بقدراتهم، والإجازات مدفوعة الأجر ليتمكن الآباء من قضاء وقتًا أطول مع أطفالهم الجُدد، والاهتمام بصحتهم النفسية.

إقرأ أيضًا: متلازمة الطفل الأوسط

المصادر:

[1]. healthline.com
[2]. frontiersin.org
[3]. sciencealert.com

طلاب الطب و«الإرهاق-burnout»

طلاب الطب و«الإرهاق-burnout»

يُمكن أن يساهم التعليم الطبي بمختلف مراحله في رفع احتمالية الإصابة بالاضطرابات النفسية للطلاب، فتؤدي تلك الاضطرابات إلى عواقب وخيمة مثل ضعف الأداء الأكاديمي، وضعف الكفاءة، وزيادة الأخطاء الطبية.

الضغوطات الجسدية والعقلية والنفسية الّتي يتعرض لها طُلّاب الطب كنتيجة لعدة عوامل منها الإجهاد والتواجد بالقرب من المرضى، وكذلك الحرمان من النوم لساعات طويلة كل هذه العوامل تُساهم في رفع مستويات القلق والاكتئاب واضطرابات كثنائي القطب.

بالإضافة إلى بيئة الدراسة المرهقة يعتمد حدوث هذه الاضطرابات كذلك على العِرق وبعض السمات الشخصية.

نُشِرت دراسة في المجلة الطبية «JAMA» في عام 2016 وَجَدت أنّ 27.2٪ من طلاب الطب ​​يعانون من الاكتئاب أو أعراض الاكتئاب 16% منهم فقط تلقوا المساعدة، وفي دراسة أخرى قارنت بين نسب الاكتئاب عند طلاب الطب والأطباء تحت التدريب وجدت أن طلاب الطب لديهم معدلات اكتئاب أعلى. [1]

بالإضافة إلى الاكتئاب تنتشر اضطرابات نفسية أخرى بين طلاب الطب، ففي دراسة إيرانية بيّنت إن حوالي 4.5% من طلاب الطب في إيران لديهم اضطراب ثنائي القطب هذه النسبة أعلى بكثير من نسبة وجوده بين السكان والتي تبلغ 0.8٪ فقط. [1]

لا يقتصر الأمر على الاكتئاب وثنائي القطب فقط بل يتعدّاهُ إلى انتشار الأفكار الانتحارية بين طلاب الطب، ففي دراسة 2016 الّتي نُشرت في مجلة «JAMA» وُجد أنّ حوالي 11.2% من طلاب الطب راودتهم أفكار انتحارية، وكانت هذه المعدلات أعلى عند الإناث. [1]

يُعتبر «الإرهاق-burnout» من أكثر الحالات تواجُدًا بين طلاب الطب بنسب تتراوح بين 25% و75%.

ترتفع نسبة الإصابة بالإرهاق خاصةً بين المُتدرّبين الّذين عانوا من الاكتئاب والضغط المالي في السنة الأولى من دراسة الطب حسب دراسة أُجريت في كلية الطب السويدية. [1]

«الإرهاق-burnout» وطلاب الطب

تخيّل أنّك طالب في السنة الأولى في كلية الطب البشري، وتستعد لإجراء الامتحانات النهائية تبذُل قُصارى جهدك في الدراسة. لم تعد تمتلك فترات راحة، وتُعاني من اضطرابات في النوم، ولم يعد لديك الوقت الكافي حتى للاهتمام بصحتك والأكل. بعد أسابيع من هذا التوتر والدراسة المُجهِدة لم يعُد لديك الدافع والطاقة للاستمرار، وأصبحت تشعر بالاستنزاف للدرجة التي لا تستطيع فيها الدراسة مهما حاولت. ما تمُر به على الأغلب حالة تُعرف «بالإرهاق-burnout».

الإرهاق هو حالة من الاستنزاف العقلي والجسدي والنفسي نتيجة التعرض لفترة طويلة من الإجهاد المفرط. عندما يُرهَق الشخص يُصبِح غير قادر على أداء مهامه أو بكل بساطة لا يرغب في ذلك. هذه المشاعر السلبية قد تُصاحب الشخص في جوانب أخرى من حياته كحياته الاجتماعية.

طلاب الطب مُعرّضون للإرهاق بنسب أعلى كنتيجة لبيئة الدراسة والتدريب المليئة بالتوتر ،ففي دراسة في عام 2018 وجدت أن 45% من 265 طالب طب في السنة الأولى تعرضوا للإرهاق، وحوالي 49% منهم انخفضت كفاءة الأداء لديهم. [3]

مصادر «التوتر-stress»

أشارت عدّة دراسات إلى وجود علاقة بين التوتر و الضغوطات الشخصية والمهنية والإرهاق. لذلك تزايَدَ الوعي داخل برامج التعليم وتدريب الأطباء حول الآثار الضارة المُحتملة للتوتر أثناء الدراسة والتدريب.

من المصادر الرئيسية للتوتر عند طلاب الطب والمتدربين:

1. الإفراط في العمل والحرمان من النوم

تتطلب فترة التدريب الكثير من الجُهد والوقت لتجاوز الاختبارات والتدريب السريري وغيرها من المهام. وجود بيئة غير صحية بالإضافة لهذه المهام يُمكن أن يكون مصدرًا للتوتر والقلق.

كذلك يتأثر مزاج الطلاب بجودة النوم فرَبطت العديد من الدراسات بين الحرمان المُزمِن من النوم بالإرهاق والحالات المزاجية السيئة.

2. الاستنزاف العاطفي نتيجة التعامل مع المرضى والمرضى الّذين يحتضِرون

أظهرت الدراسات أن الذكاء العاطفي _قدرة الفرد على إدراك ومعالجة وتنظيم عواطفه وعواطف الآخرين_ يُعتبر مؤشر قوي على رفاهية الأطباء.

3. ضيق الوقت للحياة الشخصية خارج الدراسة والتدريب

عدم تحقيق التوازن بين مُتطلبات الحياة المهنية والشخصية يُمكن أن يُعيق السعي وراء حياة شخصية صحية خارج عالم الرعاية الصحية، وبالتالي فإنّ الضغوطات الشخصية تُساهم في الضغط المتراكم للطلاب والمتدربين خاصّة المتزوجين منهم، وبالتالي قد تُمثّل المسؤوليات العائلية استنزافًا للوقت والطاقة بالإضافة إلى الأوضاع المالية التي لا يمكن الاستهانة بها.

4. تزامن سنوات الدراسة والتدريب مع الأحداث الكبرى في الحياة

تحدُث سنوات الدراسة والتدريب خلال فترة زمنية فريدة ومهمة في حياة الطبيب هذه الفترة الّتي تُحدّد فيها أحداث مهمة معالم الحياة. أحداث مثل الزواج والولادة واستكشاف وبدء وظيفة جديدة، والّتي تعتبر من ضمن الأحداث العشرة الأكثر إرهاقًا في حياة أي شخص.

بالإضافة إلى ذلك، فقد تؤدي النزاعات بين المطالب التعليمية لطلاب الطب والمتدربين واحتياجاتهم المالية إلى ضغوطات جديدة، وتُجبر بعضهم على العمل ضد قدراتهم الطبيعية أو التأخر في برامجهم التدريبية. [2]

عوامل تقلل من آثار التوتر أثناء دراسة الطب والتدريب

تُحدّد الدراسات العوامل الوقائية التالية التي تقلل من آثار الضغوطات أثناء التدريب والدراسة:

1. وجود العائلة والأصدقاء

يُعتبر وجود العائلة والأصدقاء مصدرًا رئيسيًا لتقديم الراحة والدعم لطلاب الطب والمتدربين.

2. ظروف التعلم الإيجابية والمشجعة

أثناء تدريب الأطباء وطلاب الطب فهُم لا يُقدّمون الرعاية للمرضى فحسب بل يتواجدون أيضًا في منشأة أكاديمية مُصمّمة لرعايتهم وتعليمهم.

تُشير العديد من الدراسات إلى أنّ بيئات التعليم والتدريب الإيجابية والمُرضية تُقلّل بشكل كبير من مستوى الإجهاد البدني والعاطفي.

يُمكن أن تُؤدي سوء معاملة المتدربين وطلاب الطب إلى إجهاد طويل الأمد، وقد يُثنيهم ذلك عن تحفيزهم للتعلم بالإضافة إلى تأثيره على كفاءة الأداء.

الوقاية الفعّالة من آثار التوتر عن طريق «برامج الوقاية»

تُشير النسب المرتفعة للإرهاق بين طلاب الطب والمتدربين إلى الحاجة لوجود برامج وقائية مقصودة ومُوجهة لتعليم مهارات إدارة الإجهاد، وكذلك النظر في التغييرات الهيكلية لبرامج التدريب والكليات الطبية.

تستخدم هذه البرامج طرق مختلفة، فعلى سبيل المثال صمم برينان وزُملاؤه جلسات تُعلِّم مهارات يُمكن استخدامها للتقليل من التوتر مثل تطوير والحفاظ على الروابط الاجتماعية، وإدارة الوقت وغيرها.

تُشجّع بعض البرامج مهارات الاسترخاء والتأمل، والقيلولة أثناء العمل لتقليل خطر الإرهاق.

تعمل البرامج الأخرى على إشراك العائلات ودعم الروابط الاجتماعية بين الطّلاب، فعلى سبيل المثال يُمكن للنُّزهات السنوية والاجتماعات والمناسبات الاجتماعية الأخرى أن تساهم في تقليل التوتر وتعزيز الدعم الاجتماعي وبالتالي خلق بيئة دراسة وعمل أفضل.

يتم أيضًا إجراء برامج لزيادة اهتمام الطلاب والمتدربين بالبحث العلمي، ودعمهم في نموهم الشخصي والوظيفي. بينما تسعى بعض البرامج الأخرى لزيادة تواصل المتدربين والأطباء مع المرضى لأن هذا ممكن أن يبني الثقة والتعاطف ويخلق معنى أكبر لعملهم وبالتالي ينخفض خطر الإجهاد والإرهاق. [2]

المصادر:

[1] cmaj.com
[2] clinmedjournals.org
[3] journals.org

إقرأ أيضًا: كيف ترتبط الأمراض النفسية بالجهاز الهضمي؟

بكتيريا الأمعاء | كيف ترتبط الأمراض النفسية ببكتيريا الجهاز الهضمي؟

بكتيريا الأمعاء | كيف ترتبط الأمراض النفسية بالجهاز الهضمي؟

جورج بورتر فيلبس، طبيب نفسي عمل بمستشفى بيثلام الملكية بلندن القرن الماضي. وبينما يمضي في عمله متابعًا مرضاه المصابين بـ «الكآبة-melancholia» وجدهم يعانون من إمساك شديد بالإضافة إلى أعراض تأثر الأيض من هشاشة الأظافر وشحوب البشرة. 

يأتي الاستنتاج البديهي إلى أذهاننا جميعًا، يرجع ظهور هذه الأعراض إلى الاكتئاب. لكن فيلبس تسائل ماذا لو كان الأمر معكوسا؟ ماذا لو أن هذه الأعراض هي سبب الاكتئاب؟

أول الأدلة

عدّل فيليبس النظام الغذائي لثمانية عشر مريضًا مقللًا نسبة اللحوم في غذائهم ومعتمدًا على مشروب من الحليب المخّمر (الكفير) الذي يحتوى على البكتيريا اللبنية (نوع من البكتريا تساعد على الهضم).

جاءت النتائج بشفاء 11 مريضًا بشكل كامل من أعراض الاكتئاب، بالإضافة إلى تحسن اثنين آخرين.

لم يهتم المجتمع العلمي بنتائج تجربة جورج فيليبس في زمنه. لكن بالنظر إلى ما توصل إليه العلم الآن، نجد فيلبس ناجحًا في تقديم أول الأدلة على العلاقة بين بكتيريا الأمعاء والصحة العقلية.

تعريف بكتيريا الأمعاء

يسكن جهازنا الهضمي تريليونات الأجسام الدقيقة من فطريات أو فيروسات أوبكتيريا، تتركز البكتيريا بشكل أساسي في الأمعاء الغليظة، وتختلف من شخص لأخر. بمعنى أن كل منا يملك نسخته المميزة من بكتيريا الأمعاء اعتمادًا على نظامه الغذائي وأسلوب حياته.

تؤثر هذه البكتيريا على كل شيء تقريبًا بداية من الشهية والوزن حتى المشاعر والحالة المزاجية. ويعرف نظام التواصل بينها وبين والدماغ بالمحور الدماغي-المعوي.

دراسات بكتيريا الأمعاء

ظهرت أشهر الأدلة على وجود المحور الدماغي المعوي في عام 2004. إذ أجرى فريق من الباحثين من جامعة كيوشو اليابانية دراستهم على الفئران. استخدم الفريق سلالة من الفئران المعقمة (نشأت في بيئة خالية من الميكروبات) التي لا تحمل أي ميكروبات على أو داخل جسدها. ولاحظوا تقلبات في مستوى هرمون الكورتيكوستيرون والهرمون المحفز للغدة الكظرية. يرتبط كل من الهرمونين بمستوى الضغط النفسي، ومن هنا استنتج العلماء العلاقة بين بكتيريا الأمعاء والحالة المزاجية.

لم يتوقف فريق الباحثين عند هذا الحد، إذ حقنوا سلالة الفئران المعقمة بجرعة بكتيريا لبنية (نفس سلالة البكتيريا التي استخدمها فيليبس في تجربته). لاحظ العلماء انخفاض معدلات الضغط النفسي عند الفئران التي حقنت بسلالة البكتيريا مقارنة بالسلالة المعقمة تمامًا. 

توصل العلماء في دراسة أخرى إلى نتائج تدعم وجود المحور الدماغي-المعوي. إذ حقن العلماء سلالة من الفئران المعقمة بعينة من بكتيريا الأمعاء المستخلصة من مرضى اكتئاب. لوحظ سلوك الفئران ووُجد أنهم أكثر عرضة للانسحاب من مهام بسيطة كالسباحة. كذلك ظهرت عليهم أعراض مثل الحزن والإحباط التي ترتبط بشكل أساسي بمرض الاكتئاب.

كيف يعمل النظام الدماغي-المعوي؟

درس العلماء النظام الدماغي -المعوي، ووضعوا عددًا من النظريات التي تفسره، منها: 

  • التواصل المباشر مع المخ عن طريق العصب الحائر.

هذا العصب من الأعصاب المخية التي تخرج من المخ، ثم تنتشر في أنحاء الجسم.

توجد مستقبلات هذا العصب بالقرب من البطانة الداخلية للأمعاء لتساعد في تنظيم عملية الهضم. لذا عند وجود خلل في بكتيريا الأمعاء يمكنها أن تبعث رسائل كيميائية تؤثر في نشاط هذا العصب وبالتالي المخ. 

  • تسرب الأمعاء 

تحافظ سلالات البكتيريا على سلامة الجدار الداخلى للأمعاء (عن طريق الحفاظ على سلامة الغشاء المخاطي فتمنع تسرب مكوناته إلى مجرى الدم) عند حدوث خلل في هذه البكتيريا، يختل جدار الحماية ويحدث تسريب لمكونات الأمعاء.

نتيجة لهذا الخلل تُفرز «سيتوكينات ما قبل الالتهاب-pre inflammatory cytokines» التي ترفع معدل سيلان الدم إلى المنطقة المصابة وتنظم رد الفعل المناعي. تسبب هذه السيتوكينات أيضاً شعورًا بتدني الحالة المزاجية والنعاس، وهذا هو سبب شعورنا بالإجهاد وقت المرض.

تعد هذه الآلية مفيدة على المدى القصير، إذ تساعد على حفظ طاقة الجسم لمحاربة العدوى. أما على المدى الطويل فيمكنها أن تؤدي إلى الإكتئاب.

  • تؤثر بكتيريا الأمعاء على عملية هضم وتمثيل «أسلاف-precursors» النواقل العصبية المهمة مثل السيروتونين والدوبامين. كلًا منهما معروف بأهميته للصحة العقلية والحالة المزاجية.
  • يؤثر المخ أيضًا على مكونات بكتيريا الأمعاء، إذ يسبب الضغط النفسي ارتفاع نسبة الالتهاب وبالتالي يؤثر على بكتيريا الأمعاء، التي تؤثر بدورها على المخ وهكذا.

خاتمة

دراسة الأمراض النفسية من منظور الجهاز الهمضي مجال علم جديد ومميز، ويقدم لنا آمالًا جديدة.
على الرغم من وجود الأدوية المضادة للاكتئاب إلا أن أعراضها الجانبية تقلل الزام المرضى بها، ولا تقدم حلًا قاطعًا. لذا يأمل العلماء من خلال دراستهم لبكتيريا الجهاز الهضمي إلى التوصل إلى حلول جديدة ومضمونة للأمراض النفسية وأهمها الاكتئاب.

اقرأ أيضًا: ما هو اكتئاب ما بعد التخرج وكيف يمكن التخلص منه؟

المصادر

تأثير جائحة كورونا على الصحة النفسية

تأثير جائحة كورونا على الصحة النفسية.

توقع علماء النفس منذ بداية جائحة كورونا أن تؤثر الجائحة سلبًا على الصحة النفسية. الخوف والقلق من المرض، والتباعد الاجتماعي والتغيرات الاقتصادية، وكذلك فقدان الأحبة والأقارب بسبب المرض كلها عوامل تزيد من التوتر والشعور بالحزن والوِحدة.

الاضطرابات التي قد تحدث بسبب القلق والتوتر أثناء الجائحة:

1.اضطرابات في النوم وأنماط الأكل.

2.صعوبة في النوم والتركيز.

3.زيادة استهلاك التبغ والكحول.

4.تفاقم المشاكل الصحية لمن يعاني من أمراض مزمنة.

5.تدهور الحالة النفسية لمن يعاني من مرض نفسي.

6.زيادة معدلات القلق والاكتئاب. [1]

تُثبت الدراسات الحديثة صحة هذه التوقعات، فعلى سبيل المثال في دراسة أُجريت على 1629 شخص من 4 محافظات في مصر لتقييم مدى انتشار الاكتئاب والقلق والتوتر واضطرابات النوم خلال جائحة كورونا وَجدت أن 67.1% من المشاركين عانوا من الاكتئاب خلال الجائحة، وتعرّض حوالي 53.5% منهم للقلق وكذلك واجهَ 23.1% من المشاركين اضطرابات في النوم، وكذلك وجد الباحثون ان تلك الاضطرابات ارتفعت أكثر عند النساء مقارنة بالرجال. [2]

و في تقرير لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها «CDC» وُجِدت زيادةً في أعراض القلق، وتضاعف 4 مرات في نسبة الاكتئاب بين 5470 بالغًا شملهم الاستطلاع مقارنة بعينة في عام 2019. كذلك في دراسة استقصائية أجراها الباحثون في كلية الصحة العامة بجامعة بوسطن وَجدت زيادة في نسبة الاكتئاب حوالي 3 أضعاف عند البالغين في الولايات المتحدة مقارنة بعام 2018، وسجَّلت الدراسة أكبر ارتفاع في نسبة الإكتئاب_5 أضعاف_ عند الأشخاص من أصول آسيوية. في تعليق مصاحب للدراسة اقترحت الطبيبة النفسية «روث شيم» أن هذا الارتفاع يُمكن أن يعكس تأثير العنصرية المتعلقة بأصل الوباء في الصين. [3]

الأشخاص الأكثر عرضة للاضطرابات النفسية خلال الجائحة:

ارتفعت نسبة الإصابة بالاكتئاب والقلق خاصة بين المصابين بأمراض نفسية من قبل الجائحة، وأصحاب الدخل المنخفض، وكذلك المقربين من المصابين بفيروس كورونا. كذلك قلة الدعم النفسي من قِبل العائلة والأحبّاء يُعتبر عامل في زيادة تلك الاضطرابات.

اعتقد العلماء أن نسبة الإصابة بتلك الاضطرابات ستكون أعلى عند كبار السن لأن الفيروس يُهدّد صحّتهم وحياتهم أكثر من غيرهم، ولكن نتائج الدراسات تثبت عكس ذلك.

في دراسة «CDC» مثلًا 62.9% من اللذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عام عانوا من الاكتئاب والقلق، وحوالي الربع منهم فكّروا في الانتحار خلال الجائحة.

نُشرت دراسة في مجلة «science Advances» شملت 6500 شخص وَجدت أن الشباب هم الأكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب خلال الجائحة، وفسر الباحثون ذلك بأن الجائحة أثرت سلبًا على أحداث مهمة للشباب مثل التخرج، وحفلات الزفاف، وكذلك قلة التواصل الاجتماعي عن طريق المدارس والجامعات أثّرت على فئة الشباب أكثر من غيرهم.

وكذلك تُشير هذه الدراسة إلى أنّ متابعة أخبار الجائحة بإفراط يعتبر عامل رئيسي يزيد من مستوى القلق لكل الفئات العمرية. التركيز على التغطية الإعلامية يجعل الناس تقلق أكثر، وهذا القلق يجرهم لمتابعة المزيد من الأخبار إنها دورة يصعب التخلص منها، ولذلك يُنصح بالتقليل من متابعة أخبار الجائحة للتقليل من هذا القلق والتوتر. [3]

الخاتمة

على الرغم من تأثير الجائحة السلبي على الصحة النفسية للعديد من الأشخاص إلا أنه هناك بعض الممارسات التي تُقلِّل من تعرُّضِك للتوتر والقلق. مثل التقليل من مشاهدة الأخبار حول الجائحة، وممارسة الرياضة، وكذلك التواصل مع الأصدقاء والعائلة مع المحافظة على شروط السلامة، وتذكّر أن البشرية ستتجاوز هذه الجائحة كما تجاوزت العديد من قبلها. [4]

مصادر تأثير جائحة كورونا على الصحة النفسية:

[1] CDC

[2] springer.com

[3] scientific american

[4] CDC

Exit mobile version