الضوء أحد العناصر الأساسية للكون!

يعد الضوء أحد المكونات الأساسية للكون. حيث ان الضوء يتكون من إشعاع كهرومغناطيسي. وينقسم الضوء إلى قسمين: الضوء المرئي، و الضوء الغير مرئي.

الضوء الغير مرئي..الجزء الأكبر من الطيف الكهرومغناطيسي

يعد الضوء الغير مرئي الجزء الأكبر من الطيف الكهرومغناطيسي. ويكون غير مرئي للعين البشرية. ويستخدم في العديد من مجالات الحياة ولكن يكثر استخدامه في المجال الطبي. حيث يستخدم في علاج الأمراض كأشعة جاما التي تستخدم لعلاج مرض السرطان. والأشعة السينية المستخدمة في تشخيص الإصابات والأمراض الداخلية. و في العلوم و خاصة الفيزياء والكيمياء، حيث تستخدم أشعة الراديو و الميكروويف في رصد الأجسام في الفضاء. وتستخدم أشعة جاما في التفاعلات النووية وفي تجارب الكشف عن أسرار النواة.[1]

الضوء المرئي..المنطقة المرئية من الطيف الكهرومغناطيسي

ويشكل جزء صغير من الطيف الكهرومغناطيسي ويكون مرئي للعين البشرية. ويتكون الضوء المرئي من طيف مركب من العديد من الألوان. ويتراوح الطول الموجي للضوء المرئي بين 400-700 نانومتر. أما تردده فيتراوح بين 420-750 تيرا هيرتز. ويقع الضوء المرئي في الطيف الكهرومغناطيسي بين الأشعة تحت الحمراء (ذات طول موجي أطول) والأشعة فوق البنفسجية (ذات طول موجي أقصر). و يستطيع الإنسان رؤية نطاقين من الضوء في أغلب الظروف. النطاق الضيق(420-680) نانومتر. والنطاق الواسع (380-800). وأيضاً يستطيع رؤية الأشعة تحت الحمراء حتى طول 1050 نانومتر في الظروف المثالية. ولكن الأطفال والشباب يستطيعون رؤية الأشعة فوق البنفسجية التي يتراوح طولها بين 310-313 نانومتر.[1]

صفات الضوء المرئي

من خصائص الضوء المرئي ما يلي:

  • الشدة، أو الشدة الضوئية: وهي مقياس لقدرة الضوء أو لطول موجة محدد من نقطة في اتجاه معيّن. وذلك بالاعتماد على متوسط حساسية العين للطيف الضوئي ودرجة ضيائه. وتعد الشدة الضوئية نموذج قياسي لحساسية عين الإنسان، وتقاس بوحدة القنديلة حسب النظام الدولي الموحد.[2]
  • سرعة الضوء: تعد سرعة الضوء أحد الثوابت الأساسية في الطبيعة. حيث تبلغ سرعته في الفراغ 299792458 م/ث.[1]
  • الطول الموجي: و هو المسافة بين موجتين متتاليتين أو المسافة بين قاعين متتاليين أو قمتين متتاليتين. وتكون العلاقة ببن الطول الموجي والتردد علاقة عكسية. حيث إذا زاد الطول الموجي قل التردد والعكس.
  • التردد: وهو عدد الأمواج الكهرومغناطيسية المتكونة في الثانية الواحدة.

و تكون جميع الصفات السابقة (عدا السرعة) متغيرة على طول الطيف الكهرومغناطيسي المرئي. فعلى سبيل المثال يكون الطول الموجي للضوء البنفسجي أقصر من الطول الموجي للضوء الأحمر. ولكن يكون تردده أكبر من تردد الضوء الأحمر.

خواص الضوء

يوجد للضوء العديد من الخواص التي تنتج عدداً من الظواهر التي تستخدم في الكثير من مجالات الحياة. وهذه الخصائص هي:

  • خاصية انكسار الضوء: كلنا لاحظنا في وقت ما عندما كنا صغاراً تغير شكل القلم عند وضع نصفه في كوب من الماء. حيث يظهر بأنه منكسراً داخل الماء. فما هي ظاهرة انكسار الضوء؟

ظاهرة انكسار الضوء هي تغير اتجاه مسار الضوء عندما ينتقل من وسط مادي إلى آخر بفعل فرق الكثافة بين الوسطين. حيث تختلف سرعة الضوء في الأوساط المادية المختلفة. وذلك يجعلنا نلاحظ بأن القلم الموضوع في الماء يبدو منكسراً عند السطح، لأن سرعة الضوء في الماء تكون أقل عنها في الهواء.[3]

ظاهرة انكسار الضوء
  • ظاهرة التداخل: تحدث ظاهرة التداخل عندما تمر موجتان ضوئيتان لهما نفس الطول الموجي والتردد من خلال نفس النقطة في نفس اللحظة. فتكون النتيجة إما أنهما تجتمعان أو تلغيان بعضهما. حيث تجتمعان عندما تمر قمة لموجة بنقطة ما في نفس وقت مرور موجة أخرى في نفس النقطة. ويكون نتيجته قمة ذات قيمة أكبر، وبالتالي ضوءً ساطعاً أكثر مما تعطيه كل موجة لوحدها، ويسمى هذا التداخل بالتداخل البنّاء. ولكن ماذا سيحصل إذا مرت قمة لموجة ما في نفس وقت مرور قاع موجة أخرى في نفس النقطة؟ حسناً.. سنحصل في هذه الحالة على تداخل هدام، حيث سيقلل القاع من ارتفاع القمة أو أنه سيلغيها مسبباً نقطة أو مساحة معتمة. وتعد هذه الظاهرة من أهم الحجج التي تؤيد النظرية الموجية للضوء.[4]
  • ظاهرة الحيود والانتشار: تحدث هذه الظاهرة عندما يصطدم الضوء بعائق. ويحدث عندما تتداخل الموجات الضوئية المنتشرة بعد مرورها من فتحتين أو أكثر. و يكون نتيجة هذه الظاهرة تكون مناطق معتمة وأخرى مضيئة عند رصد تأثير هذه الظاهرة. حيث يكون المركز هو أكثر المناطق سطوعاً و يقل السطوع كلما ابتعدنا عن المركز.[5]
  • ظاهرة الانعكاس: تحدث هذه الظاهرة عندما يتغير اتجاه مقدمة الموجة الساقطة على سطح عاكس بشرط أن تكون زاوية السقوط مساوية لزاوية الانعكاس. وتحدث أيضاً دون الحاجة لوجود سطح عاكس. فعندما يسقط الضوء على الأجسام تحتفظ مادة الجسم بالطاقة ثم تعيد إرسالها في كل الاتجاهات. وتظهر صورة الانعكاس على الأسطح الملساء بصرياً.[6]

طبيعة الضوء

تعد طبيعة الضوء من الأمور الغامضة إلى حد ما. حيث افترض العلماء في القرن 18 أن الضوء عبارة عن موجات، وسميت هذه النظرية بالنظرية الموجية. وكان عراب هذه النظرية العالم الهولندي كريستيان هيغنز. أعطت هذه النظرية تفسيراً مقبولاً لظاهرة التداخل. وقد شبت الموجات الضوئية في ذلك الوقت بالموجات الصوتية. ولكن إذا كانت الموجات الضوئية مثل الموجات الصوتية. فكيف تتحرك الموجات الضوئية؟ بما أن الصوت ينتقل في وسط مادي وهو الهواء. افترض العلماء وجود مادة في الفضاء تنتقل من خلالها الموجات الضوئية. وسميت هذه المادة بالأثير(والتي تم نفي وجودها في وقت لاحق) بالرغم من عدم وجود أدلة على وجود تلك المادة.

ما يجعل طبيعة الضوء غامضة إلى حد ما هو ظهور تفسير آخر إلى جانب النظرية الموجية. حيث أخرج العالم الألماني ألبرت آينشتاين عام 1905 نموذجاً آخر يفسر فيه طبيعة الضوء. حيث جاء فيه بأن الضوء عبارة عن جسيمات مادية تحمل طاقة كهرومغناطيسية فائقة سميت بالفوتونات. وفي هذا النموذج ذكر آينشتاين بأن الشعاع الضوئي هو المسار الذي تسلكه الفوتونات. حيث يتكون من عدد كبير من الفوتونات التي تسلك مسار مستقيم.[1]

حسناً.. بالتأكيد خطر ببالك سؤال هل الضوء عبارة عن موجات أم جسيمات؟ إجابة هذا السؤال مضحكة قليلاً وأن الضوء لا يعتبر موجات ولا جسيمات. حيث لاحظ العلماء بأن الضوء يسلك في بعض التجارب سلوك الموجات، وفي بعضها الآخر سلوك الجسيمات.

ما هو دور المحركات في الروبوت؟ وما هي أهم المحركات الكهربائية المستخدمة؟

تكمن قدرة الروبوتات على الحركة وأداء المهام في المحركات الخاصة بها، فبدون هذه المحركات لا يمكن أن يسمّى الروبوت ذكياً. عن طريق المحركات يمكننا فتح الصمامات وإغلاقها، وتحريك عجلات روبوت أو إدارة أذرعه. يوجد العديد من أنواع المحركات التي تستخدم مع الروبوتات والتي تختلف من روبوت لآخر حسب بعض معايير التصميم، مثل خصائص الدقة والتكلفة ومتطلبات عزم الدوران والتسارع.

• المحركات الكهربائية

من أهم أنواع المحركات هي المحركات الكهربائية وهي أجهزة كهروميكانيكية تنتج الحركة عن طريق تحويل الطاقة الكهربائية إلى طاقة ميكانيكية. هذه المحركات هي الخيار المفضل في الروبوتات، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب:

1. الكهرباء مصدر إمداد متاح على نطاق واسع.

2. مناسبة لجميع أحجام الروبوت.

3. مدمجة وخفيفة الوزن، بالإضافة إلى أنها تتميز بنسبة تحويل طاقة كبيرة ودقة ممتازة.

4. أنظمة التشغيل الكهربائية قوية وسهلة الصيانة. [1]

أشهر أنواع المحركات الكهربائية وأكثرها استخدام

1. محرك التيار المستمر dc motor

له عدة أشكال، ويمتاز محرك التيار المستمر بالتكلفة القليلة والأداء الجيد وسهولة التحكم في سرعة المحرك. كما يمتاز بالقدرة على التحكم في سرعة الدوران باستخدام تقنية PWM (تعديل عرض النبضة). إذ يحوّل محرك DC الطاقة الكهربائية الحالية المباشرة إلى طاقة ميكانيكية وتعمل محركات التيار المستمر بشكل جيد في الروبوتات لأنها تسمح للروبوت بأن يعمل بالبطارية، مما يوفر مزايا رائعة لمجموعة متنوعة من التطبيقات الروبوتية، وخاصة الروبوتات المتنقلة.[2]

2. محرك السيرفو servo motor

السيرفو عبارة عن محرك يمكنه الدوران بزاوية محددة من خلال برمجته مسبقا عبر الأردوينو أو أي متحكم. يستخدم السيرفو في العديد من التطبيقات الصناعية الصغيرة والكبيرة منها. ويمكن استخدام هذا المحرك لتشغيل سيارات الألعاب التي يتم التحكم فيها عن بُعد، والروبوتات والطائرات، وخطوط الانتاج، والصناعات الغذائية. لهذه المحركات فوائد عديدة في التطبيقات الروبوتية، فهي صغيرة وقوية وسهلة البرمجة ودقيقة. علاوة على أنها تسمح بتكرار الحركة شبه التام. غالباً ما يتم استخدامها في الأذرع الروبوتية والتطبيقات التي تحتاج دقة في العمل.[3]

3. المحرك الخطوي stepper motor

تختلف هذه المحركات بعض الشيء عن محركات التيار المستمر سواء في التطبيق أو التركيب على الرغم من اعتماد فكرة عمل كليهما على الفيض المغناطيسي المتولد في الملفات. و رغم ما يشوب هذا النوع من المحركات من صعوبة استخدام وعدم توفرها وارتفاع تكلفتها؛ فإنها تتمتع بالعديد من المميزات التي تتطلبها الروبوتات ومن ذلك: – استجابة سريعة لبدء التشغيل والتوقف وعكس اتجاه الحركة. – الدقة العالية في الحركة والقدرة التكرارية، حيث تتراوح دقتها بين 3- 5% من الخطوة وهو خطأ غير تراكمي من خطوة إلى أخرى. – توفر مدى كبير من السرعات الدورانية حيث تتناسب السرعة مع تردد نبضات الدخل.[4]

إضافةً إلى المحركات المذكورة هناك الكثير من المحركات الممكن استخدامها في صناعة الروبوتات ولكن المحركات الثلاثة السابقة هي الأشهر الأكثر وفرة.

المصادر:

1-rozum.com

2-Electronics tutorials

3-sciencebuddies.com

4-Sciencedirect.com

كيف يتسمم الوقود النووي؟

رغم فداحة كارثة تشيرنوبل، فقد ساهمت في معرفة كيفية تسمم الوقود النووي. ذاك أن الجهل بأثر أحد المسممات على المفاعل، أدى إلى تقدير خاطئ في التعامل مع المفاعل، مما أدى إلى تلك الكارثة التي لا تزال تنفث سمومها حتى الآن. فكيف يتسمم الوقود النووي؟ وما الذي علينا فعله لنتجاوز آثار هذا التسمم؟

تسمم الوقود النووي

يتسمم الوقود النووي عندما تتراكم فيه نواتج الانشطار. ذاك أن هذه الأخيرة، تعمل على إيقاف الانشطار التسلسلي الذي يبقي المفاعل حيًّا: فبسبب قدرتها الهائلة على امتصاص النيوترونات، لا يبقى في قلب المفاعل العدد الكافي الذي يسمح باستمرار التفاعل، فيصير المفاعل في الحالة دون الحرجة. وهذا يعني أن المفاعل لن يعمل مجددًا إلا اختفت هذه النواتج من قلب المفاعل أو، على الأقل، إذا نقُصت كميتها. وتظهر نواتج الانشطار السامة في المفاعلات عبر ثلاثة سبل: فإما أنها تَنتج مباشرة عن الانشطار النووي، أو تَنتج عن الانحلال الإشعاعي لأحد نواتج الانشطار، أو أن أحد نواتج الانشطار المباشر يقتنص نيوترونًا فيتحول إلى ناتج سام. وتختفي هذه النواتج السامة سواء عن طريق الانحلال الإشعاعي أوعن طريق اقتناص نيوترون فتتحول إلى نظير غير سام. ومن أبرز المسممات نجد الزينون و الساماريوم [1].

تسميم الزينون

يعتبر «تسميم الزينون -Xenon Poisoning » أخطر أنواع التسممات في المفاعلات، ذاك أن نسبته  تتضاعف بشكل هائل في غضون أجزاء من الثانية عند إيقاف المفاعل. و يمكن أن ينتج الزينون-135 (135Xe) عن الانشطار المباشر للوقود النووي لكنه يتشكل أساسًا من تحلل اليود-135 (135I) الذي يأتي من انشطار الوقود النووي. ويختفي إما بتحوله للزينون-136 (136Xe) غير السام عن طريق اقتناص نيوترون أو عن طريق تحلله إلى عنصر السيزيوم-135 (135Cs) [1].

عند إشعال المفاعل، ينشطر الوقود النووي فينتج اليود-135 الذي تبدأ كميته في التزايد. وفي نفس الوقت، يبدأ اليود بالتحلل إلى الزينون-135 الذي ما إن يظهر حتى يبدأ بالاختفاء بدوره. وبما أن سرعة انحلال 135I أكبر من تلك التي لدى 135Xe، فإن هذا الأخير يظل يتزايد إلى أن نصل إلى حالة من التوازن تبقى فيها كميات 135I و 135Xe مستقرة مع مرور الزمن [1].

أما عند إيقاف المفاعل، فإن عملية الانشطار الانشطار تتوقف. وهكذا يتوقف منبع اليود الذي يستمر في الانحلال إلى أن يختفي نهائيا. بالنسبة ل 135Xe، فإنه يتوقف عن الاختفاء عن طريق اقتناص نيوترون (بسبب توقف دفق النيوترونات). بينما تستمر عملية إنتاجه من خلال انحلال اليود. وهكذا، تبدأ كميته بالتزايد رغم تحلله إلى 135Cs (بسبب الاختلاف في سرعة التفاعل بين  135I و 135Xe)، ثم تعود للتناقص بعد نفاذ كمية اليود (الشكل 1) [1].

الشكل 1: تغير نسبة الزينون بعد إيقاف المفاعل

وتأثر نسبة ارتفاع الزينون بشكل مباشر على تفاعلية المفاعل، حيث قد تصل هذه الأخيرة إلى نسبة يستحيل معها إعادة تشغيل المفاعل إلا بعد أن يختفي الزينون أي بعد يومين من إيقاف المفاعل. وفي حال أردنا أن نشغل المفاعل بعد الإيقاف مباشرة، فيجب أن نفعل ذلك في غضون عشر دقائق قبل أن يصل مستوى الزينون إلى حالته القصوى فيستحيل تشغيله حينها [2].

تسميم الساماريوم

يتميز «تسميم الساماريوم-Samarium Poisoning» بكون نظير الساماريوم-149 (149Sm) مستقرًا، أي أنه لا يخضع للانحلال الإشعاعي. وبالتالي، لا يمكن التخلص منه بل يظل تراكم مع الزمن في كل تشغيل للمفاعل إلى أن يتوقف المفاعل نهائيا عن العمل. وحينها يجب استبدال الوقود بآخر جديد.  وينتج  عن انحلال أحد نواتج الانشطار وهو البروميثيوم-149 (149Pm). ويختفي باقتناص نيوترون فيتحول إلى الساماريوم-150 (150Sm) [1].

عند تشغيل المفاعل، يبدأ إنتاج  فتتزايد كميته، ثم يبدأ بالانحلال إلى الذي يبدأ بالتحول بدوره إلى 150Sm. في النهاية، نصل إلى حالة من التوازن حيث تستقر كلتا الكميتين بعد أن يتكافئ عدد النويات الذي يظهر مع تلك التي تختفي [1].

أما بعد إيقاف المفاعل، يختفي  بتحلله إلى الساماريوم السام. بينما يتوقف اقتناص هذا الأخير للنيوترونات فيظل يتزايد إلى أن ينفذ  149Pm. وهكذا فإن الساماريوم السام (149Sm)،  يظل في قلب المفاعل دون أن يختفي لأنه نظير مستقر. وكلما تم إيقاف المفاعل، يتراكم القليل من 149Sm، وتقل معه تفاعلية المفاعل (القدرة على الاستمرارية الانشطار) إلى أن يصبح الوقود النووي غير ذي جدوى [1].

ويعتبر الساماريوم أقل سوءا ما الزينون لأن احتمالية امتصاصه للنيوترونات التي تسهم في الانشطار أقل بكثير من احتمالية امتصاص الزينون. إذ نجد أن احتمالية امتصاص الساماريوم قد تصل إلى 41000 barn، بينما تتجاوزها عند الزينون إلى 270000 barn. ومع ذلك فيجب أخذ هذا التسميم بعين الاعتبار من أجل التحكم بدقة في قدرة المفاعل [2].

المصادر

[1] NUCLEAR REACTOR PHYSICS AND ENGINEERING

[2] Physique des Réacteurs Nucléaires Table de matières

عدسة الجاذبية أحد أغرب الظواهر الفلكية!

ما هو مفهوم عدسة الجاذبية؟

محاكاة تظهر عدسة الجاذبية لثقب أسود عند مروره بين الأرض ومجرة درب التبانة.

عرف علم الفلك الفيزيائي عدسة الجاذبية على أنها انحناء الضوء الصادر عن جسم فضائي بسبب آثار جاذبية الأجرام الفضائية الضخمة عليه. حيث يقع الجرم السماوي الذي يسبب انحناء الضوء بين مصدر ضوء بعيد وبين التليسكوب الموجود في الفضاء. ويعرف هذا التأثير باسم “المفعول العدسي التثاقلي-Gravitational Lensing”. وقد تنبأ العالم ألبرت آينشتاين بمقدار هذا الانحناء في نظريته الشهيرة النسبية العامة.يتأثر مسار الضوء في الفضاء بجاذبية النجوم الضخمة أو الثقوب السوداء. حيث يوجد في الفضاء نجوم مهولة الحجم تصل إلى مئة ضعف حجم الشمس. وبفعل قوى الجاذبية العالية لهذه النجوم التي تفوق شدة جاذبية الشمس ملايين المرات فإن الضوء المار بجانبها يتأثر بجاذبيتها. فينحني مسار الضوء حوله كما ينحني في العدسة. لذلك سميت بعدسة الجاذبية.[1] [2]

طرحت نظرية عدسة الجاذبية لأول مرة عام 1784 على يد العالم البريطاني “هنري كافنديش-Henry Cavendish”. ثم مرةً أخرى عام 1801 على يد العالم الألماني “يوهان جورج فون سولدنر-Johann Georg von Soldner”. حيث قالا بأن نظرية الجاذبية لإسحق نيوتن تتنبأ بأن الضوء في الفضاء سوف ينحني حول جسم ضخم. كما ذكر سابقاً عام 1704 في كتابه البصريات. وقام العالم سولدنر قيمة معدل الانحناء. ثم قام العالم ألبرت آينشتاين عام 1911 باحتساب قيمة الانحناء بالاعتماد على مبدأ التكافؤ فقط. فظهرت النتائج مشابهة لتلك التي خرج بها سولدنر. ولكن عام 1915 قام باحتساب قيمة الانحناء مرة أخرى خلال عملية استكمال النسبية العامة. فظهر بأن نتائج عام 1911 كانت تشكل نصف القيمة الصحيحة فقط. و كان قد أصبح ألبرت آينشتاين بذلك أول من قام بحساب القيمة الصحيحة لانحناء الضوء.[3] [1]

أنواع عدسة الجاذبية

تنقسم عدسات الجاذبية إلى ثلاثة أنواع:

  1. عدسة قوية: حيث نستطيع رؤية تأثيرها عن طريق تشوهات مرئية يمكن رؤيتها بسهولة. مثل عدسة آينشتاين، والأقواس، والصور المتعددة.
  2. عدسة ضعيفة: حيث تكون التشوهات أصغر بكثير من عدسات الجاذبية القوية. حيث لا يمكن إيجادها إلا بتحليل عدد كبير من معطيات التلسكوبات الموجودة في الفضاء. و يتم تحليلها بطريقة إحصائية لإيجاد تشوهات واضحة بنسبة قليلة. حيث تظهر هذه العدسات على أنها امتداد للأجسام بشكل عمودي على مركز العدسة. و لرصد عدسة جاذبية ضعيفة يجب استخدام عدد كبير جداً من بيانات المجرات. وذلك نظراً لشكلها الإهليجي. وبما أن إشارة هذا النوع من العدسات تكون ضعيفة. يمكن احتساب مجال العدسة في أي منطقة. وبالتالي يمكننا ذلك من إعادة ترتيب توزيع الخلفية للمواد في منطقة العدسة. وعلى وجه الخصوص إعادة بناء التوزيع الخلفي للمادة المظلمة.
  3. عدسة صغرية الجاذبية: حيث لا يمكن رصد هذه العدسة، ولا يمكن رؤية أي تشويه في الشكل. ولكن نستدل على هذا النوع من العدسات عن طريق احتساب كمية الضوء المستلمة من جسم موجود خلف العدسة. حيث تتغير وقت مروره من العدسة. [1]

أمثلة على عدسات الجاذبية

العنقود الكروب توسكاني

تم رصد العديد من الأجسام الفضائية التي تصنع جاذبيتها العظيمة تأثير لعدسة الجاذبية. مثل العنقود الكروي “توسكاني-Tucanae47”. حيث يبعد عنا مسافة 13.40 سنة ضوئية. ويبدو لنا من الأرض بأن قطره لا يتعدى قطر القمر. ولكنه في الواقع يشغل مساحة تعادل 120 سنة ضوئية من الفضاء. وهذه الصورة تمثل صورة لنجم سوبر قوة جاذبيته تعادل ضعف قوة جاذبية الشمس مليار مرة. وبذلك يشكل هذا العنقود عدسة جاذبية حوله. حيث تبدو لنا النجوم الواقعة خلفه بصورة انزياحية مشوهة. و تنطبق هذه الصورة على 200 عنقود نجمي كروي في مجرة درب التبانة. وآلاف العناقيد الأخرى في المجرات المجاور لنا. وتعتبر نجوم جميع هذه العناقيد حول نجم سوبر. وهذا ما يجعل كل من صور هذه العناقيد تظهر في حركة دورانية عشوائية وغير متزامنة كما نراها في المجرات.[3]

عدسة الجاذبية للشمس

عام 1936 تنبأ العالم ألبرت آينشتاين بأن أشعة الضوء التي تمر بجانب الشمس والتي تتفادى حوافها. ستنحني على بعد 542 وحدة فلكية من الشمس ( ستتحول إلى نقطة بؤرية ). وبالتالي إذا وضعنا مسباراً عند تلك المسافة أو أبعد فإننا يمكن أن نستخدم الشمس كعدسة جاذبية.[1] [2]

البحث عن عدسات الجاذبية

في الماضي تم اكتشاف معظم عدسات الجاذبية عن طريق الخطأ. حيث أدى البحث عن العدسات في النصف الشمالي من الكرة الأرضية. باستخدام ترددات الراديو في نيو مكسيكو في الولايات المتحدة الأمريكية إلى اكتشاف 22 نظاماً جديداً للعدسات. فأدى ذلك إلى فتح طريق جديد كلياً للبحث عن الأجسام البعيدة جداً، وإيجاد قيم للمعالم الكونية التي تساعدنا على فهم الكون بشكل أفضل. وإذا تم إجراء تلك الأبحاث في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية باستخدام أدوات وبيانات عالية المعايرة واضحة المعالم. فيمكن توقع بأن تكون النتائج مشابهة لتلك الظاهرة في الجزء الشمالي.[1]

كيف نتحكم في المفاعلات النووية؟

في حادثة تشيرنوبل، أدت تجربة روتينية إلى كارثة عالمية. وكان السبب في ذلك أخطاء فادحة في اتخاذ قرارات حول التحكم بالمفاعل النووي، حيث أدى قرار برفع كل أعمدة التحكم (التي تتحكم بدرجة الانشطار النووي) إلى إفلات السيطرة على التفاعلات في قلب المفاعل. فكيف يتم التحكم في المفاعلات النووية؟ وكيف نتأكد أن أحد المفاعلات لن يخرج عن السيطرة أثناء تشغيله؟

التحكم  في المفاعلات النووية

يتم التحكم في المفاعلات النووية عن طريق التحكم في «دفق النيوترونات-Neutron Flux» (كمية النيوترونات التي تخترق مساحة معينة في الثانية) داخله. ويحدث هذا بفضل قضبان التحكم التي يمكن رفعها أو تغطيسها في قلب المفاعل حسب الحاجة. فعندما نريد رفع قدرة المفاعل (كمية الكهرباء التي نريد إنتاجها) مثلًا، نرفع قضبان التحكم إلى أن نصل إلى القدرة المطلوبة ثم نعيد تغطيس جزء منها حتى لا تظل القدرة في ازدياد. وتحكم هذه العملية عدة عوامل تجعل التحكم في المفاعلات أكثر تعقيدًا مما يبدو عليه. ذاك أن التحكم في التفاعل التسلسلي الذي يحدث داخل المفاعل يستدعي حساب بعض المعاملات كمعامل التضاعف الفعال، الذي يحدد ما  إذا كان المفاعل تحت السيطرة أم لا. بالإضافة إلى هذا، فإن تقادم المفاعل النووي يسمم الوقود مما يؤدي إلى تأثيرات جانبية يجب التعامل معها ضمانا لاستمرار عمل المفاعل بشكل طبيعي [1].

التفاعل التسلسلي

في التفاعل التسلسلي، يدخل نيوترون مقذوف في تفاعل مع نواة انشطارية فتنقسم هذه النواة باعثة معها عدة نيوترونات جديدة (بين 2 و3). وتدخل هذه النيوترونات في عمليات انشطار جديدة. وهكذا، نجد أن نيوترونًا واحدًا قد يؤدي –نظريًا- إلى عدد لا نهائي من التفاعلات (انظر الشكل 1). وهنا يأتي دور أعمدة التحكم التي تمتص جزءا من هذه النيوترونات حتى لا يخرج التفاعل عن السيطرة. ويحدد عدد الأعمدة المغطوسة بالإضافة إلى مستوى التغطيس (طول الجزء المغطوس في قلب المفاعل) نسبة النيوترونات الممتصة [1].

الشكل 1: التفاعل التسلسلي داخل المفاعل النووي

معامل التضاعف الفعال

يحدد معامل التضاعف الفعال keff ما إذا كان عدد النيوترونات داخل قلب المفاعل يتزايد مع الزمن. ويمثل نسبة النيوترونات المنبعثة بين جيلين من التفاعل التسلسلي، أي  معدل النيوترونات المنبعثة بين انشطار والذي يليه. ويكون المفاعل في أحد من ثلاث حالات حسب قيمة Keff:

  • في حالة keff < 1، يتباطئ التفاعل التسلسلي، أي أن عدد النيوترونات المنبعث يتناقص من جيل لآخر. وتوصف هذه الحالة بأنها “دون حرجة”، حيث نحاول فيها إما إيقاف المفاعل أو خفض قدرته.
  • في حالة1 = keff ، يبقى عدد النيوترونات ثابتًا مع الزمن. أي أن نيوترونا واحدًا يَنتج عن عملية انشطار ما، ليُسهم في الانشطار الذي يليه. وهكذا يبقى عدد التفاعلات ثابتًا وتبقى معه قدرة المفاعل ثابتة أيضا، وهو ما يسمى بالحالة “الحرجة” للمفاعل.
  • أما في حالة keff > 1، فإن التفاعل التسلسلي يتسارع، حيث يظل عدد النيوترونات يتزايد أسِّيا من جيل لآخر. وفي هذه الحالة تتزايد قدرة المفاعل فيكون في حالة “فوق حرجة”.  وقد يؤدي استمرار هذا الوضع إلى خروج المفاعل عن السيطرة كما حدث في تشرينوبل.

ويمكن أن نصف حالة المفاعل بمعامل آخر هو «التفاعلية-Reactivity»، ويرمز له ب  ρ. ويكتب بدلالة keff كالتالي:

وحسب المعادلة فإن التفاعلية تكون منعدمة في الحالة الحرجة. بينما تكون موجبة في الحالة فوق الحرجة وسالبة في الحالة دون الحرجة [1]. وفي العادة، نستعمل التفاعلية في وصف تطور المفاعل وليس المعامل keff.

دورة حياة النيوترون

تبدأ حياة جيل من النيوترونات بانبعاثها من الانشطار النووي ثم تمر بمرحلة التباطؤ (يتم إبطاؤها حتى تصير حرارية) ومن تم تنتهي بامتصاصها في الانشطار الذي يليه. وخلال عبورها لهذه المراحل، يمكن أن تختفي بعض النوترونات وتظهر أخرى. فعند انبعاث نيوترون إثر انشطار نووي، فإنه إما يدخل في انشطار جديد فينتج جيلا جديدا من النيوترونات، أو يُفقَد من خلال امتصاصه من بعض المواد غير الانشطارية أو من خلال تسربه خارج قلب المفاعل. وهكذا، فإننا نبدأ بنيوترون حراري واحد تمتصه نواة انشطارية فينتج عنها عدة نيوترونات سريعة. تحاول هذه الأخيرة أن تتباطئ لتصير حرارية بدورها، فيُفقَد منها من فقِد عبر الشرود خارج قلب المفاعل أو عبر اقتناصه من قبل نواة غير انشطارية، ويتضاعف جزء منها بفضل الانشطار السريع -الذي ينشأ عن النيوترونات السريعة. وتشكل النسبة التي نجحت في أن تصير حرارية وتخلق انشطارًا نوويًا قيمة keff (انظر الشكل 2) [2].

الشكل 2: دورة حياة جيل من النيوترونات داخل قلب المفاعل

صيغة العوامل الستة

تحدد «صيغة العوامل الستة-six-factor formula» قيمة keff انطلاقا من ستة عوامل متضمنة في دورة حياة النيوترون. وتكتب المعادلة على الشكل التالي:

حيث يمثل η «معامل التكاثر-reproduction factor» الذي يعطي نسبة النيوترونات المنتجة بعد الانشطار الحراري (الرقم 1 في الشكل 2).

أما ε  فهو «معامل الانشطار السريع-fast fission factor»، ويَحسُب نسبة النيوترونات التي أُنتِجت عن طريق الانشطارات غير الحرارية أي تلك التي حصلت أثناء عملية إبطاء النيوترونات (الرقم 2 في الشكل 2).   

وبالنسبة ل p، فإنه يعبر عن احتمالية وصول النيوترونات إلى الحالة الحرارية دون أن يتم امتصاصها (الرقم 3 في الشكل 2)، ويسمى «احتمال الهروب الرنيني-resonance escape probability».

بينما يعطي «معامل الاستعمال الحراري-Thermal utilization factor f» احتمالية امتصاص النيوترونات الحرارية داخل الوقود (الرقم 4 في الشكل 2).

وأخيرا نجد PNL الذي يمثل احتمالية عدم تسرب النيوترونات خارج المفاعل. ويمكن كتابته على الشكل:

PNL =  PNLT* PNLF

حيث يمثل   PNLT احتمالية عدم التسرب بالنسبة للنيوترونات الحرارية و PNLF احتمالية عدم التسرب بالنسبة للنيوترونات السريعة. وتتعلق احتمالية عدم التسرب هذه بشكل المفاعل وتصميمه. ومن أجل التخلص من هذه التبعية، تم اعتماد ∞k الذي يمثل معامل التضاعف في وسط لا نهائي حيث لا وجود لأي تسربات. وهو ما يعرف أيضا ب « صيغة العوامل الأربعة- four-factor formula» [2]. 

ختامًا، نجد أن قيمة معامل التضاعف تلعب دورًا محوريًا في التحكم في المفاعل، حيث يتم رفع أو إنزال أعمدة التحكم حسب الحالة التي نريدها. لكن المؤسف في الأمر، أن معامل التضاعف لا يخضع فقط لمستوى إنزال أعمدة التحكم، بل إن تقادم المفاعل يسمم الوقود النووي، حيث تتراكم نواتج الانشطار النووي وتسبب تغيرات كبيرة في قيمة معامل التضاعف يجب أخذها بعين الاعتبار أثناء تشغيل المفاعل. وهذا ما سيكون موضوع المقال القادم.

المصادر

[1] Physique des Réacteurs Nucléaires

[2] Nuclear Reactor: Physics and Engineering

ما هو التصميم الميكانيكي؟ وما هي مميزاته ومهاراته وأقسامه؟

التصميم الميكانيكي هو عملية تتضمن تصميم آلة جديدة تمامًا أو تحسين وظيفة آلة سابقة. والجزء التصميمي هو أهم وأول جزء في عملية تصنيع وإنتاج أي آلة، ويتم عن طريق تصميم الأجزاء أو القطع أو المنتجات ذات الطبيعة الميكانيكية مثال: تصميم عناصر الآلية المختلفة كالأعمدة أو القوابض أو المسننات.

معايير التصميم الميكانيكي

يوجد العديد من المعايير في عملية التصميم الميكانيكي، إذ يجب صياغة مشكلة التصميم ببيانات واضحة وكاملة للوظائف والمواصفات. ويتم ذلك عن طريق الخطوات التالية:
أولًا: تحديد الوظائف المطلوبة من المنتج والتي يمكن له تنفيذها.
تتمثل مثلًا: وظيفة الشاحن النموذجية في شحن الطاقة للإلكترونيات، وتتمثل وظيفة المكنسة الكهربائية في تنظيف الأرضيات، وهناك العديد من الأمثلة الأخرى.
ثانيًا: تحديد المواصفات والمتطلبات بدقة. حيث يجب تحديد مواصفات المنتج من حيث الحجم أو الوزن أو الدقة أوحجم العمل المطلوب أو السرعة أو سعة الحمولة.
ثالثًا: معايير التقييم، وهي بيانات الخصائص أو النوعية المرغوبة المحددة من قبل العميل، ويتم التعامل معها كأهداف في التصميم. إذ يقلل تعيين معايير التصميم من عيوبه المحتملة.
على الرغم من أن المواصفات والمعايير تختلف من تصميم منتج إلى آخر؛ إلا أن بعض المعايير الشائعة تنطبق على أي أنظمة ميكانيكية. تشمل هذه المعايير قدرة التحميل والتشوه والاستقرار والمتانة [1].

أقسام التصميم الرئيسية

  1. قسم تطوير المنتج:
    يركز هذا القسم على شكل المنتج العام ويعمل على إنشاء رسم يدوي لشكل المنتج أو التصميم المطلوب من العميل.وينتهي العمل في هذا القسم بعد إنشاء نموذج أولي مستوفٍ للعناصر الرئيسية.
  2. قسم التصميم:
    يعمل هذا القسم على إنشاء نموذج ثلاثي الأبعاد انطلاقًا من الرسم ثنائي الأبعاد الذي تم رسمه مسبقًا.
  3. قسم التحليل:
    في هذه المرحلة يتم التحقق من إمكانيات وأساسيات التصميم. فيحول ويعالج ملف التصميم المعطى من خلال تحليل العناصر، والتأكد من صحة التصميم وكيفية عمله كي لا يفشل التصميم عند تنفيذه على أرض الواقع[2].

مهارات يجب أن يكتسبها مهندسي التصميم الميكانيكي

1-الاهتمام بأدوات التصميم بمساعدة الحاسوب والمحاكاة

يجب على المهندس أن يركز على تعلم بعض الأدوات المتعلقة بـ CAD، مثل CATIA V5 و Solidworks و Autocad وما إلى ذلك. يستطيع استثمار الأموال في برامج التعلم ومحاولة الحصول على شهادات لها . يمكنه حتى محاولة القيام بمشاريع صغيرة باستخدام برامج CAD والتحليل. إذا كان بإمكانه تعلم أي أداة تحليل ومحاكاة مثل Ansys و Matlab فستكون مفيدة للغاية.

2-معرفة المواد

يجب أن يدرك المصمم جيدًا خصائص المواد وتطبيقاتها. ويجب أن يعرف أيضًا أن العمليات تكمن في المعالجة الحرارية، وطلاء المسحوق على المادة.

3. الرسم الصناعي ومعاييره

يجب أن يكون مصمم الآلة على دراية جيدة بالتفاوتات الهندسية والملاءمة والحدود. لأن أي تفصيل خاطئ يسبب تغييرًا كبيرًا في دقة عمل الآلية.

4-معرفة الميكاترونكس

غالبًا ما يتعاملالمهندسون الذين يحرصون على التخصص في الميكاترونكس مع هندسة أنظمة التحكم. ولتصميم نظام التحكم، يحتاج المرء إلى أن يكون على دراية جيدة بـ MATLAB / Simulink. لأنه سيساعد أثناء محاكاة حركة الهيكل الخارجي للآلة باستخدام إشارة مرجعية.

5-إتقان الرياضيات

إذا كان المصمم يعمل في مجال CAE، يجب أن يتقن الرياضيات المستخدمة في البرنامج بحيث يكون لديه ميزة إضافية عن مجرد تشغيل البرنامج.

6. الإبداع

تشمل الهندسة الميكانيكية إنشاء وتصميم المنتجات التي تمتد من البطاريات إلى المولدات الكهربائية إلى الأدوات الطبية. ويتضمن اختراع المنتجات قدرًا كبيرًا من الخيال والإبداع.

7-التحسين

يجب أن يتعلم المصمم كيفية التحسين، فقد يحتاج إلى تقليل الوقت والمال وكذلك تقليل الهدر.

8-الجمالية وبيئة العمل

يجب أن يؤخذ في عين الاعتبار ما إذا كانت أولوية التصميم أن يبدو جماليًا ، أي أن المنتج يجب أن يكون قابلاً للتسويق .[3]

مميزات التصميم الميكانيكي

• من الممكن تحليل التصميم بكل سهولة وإجراء أي تغييرات في وقت قصير وبدون خسارة مادية.
• يمكن للعديد من الأشخاص العمل معًا على فكرة واحدة.
• التصميم الميكانيكي يوضح بشكل كامل حركة الآلية ويساعد المصممين على تصحيح أي خطأ.
• يمكن للعملاء أو المعنيين فحص التصميم المطلوب قبل تنفيذه.

مجالات التصميم الميكانيكي

  1. ميكانيك الموائع الطبية والهندسية.
  2. أنظمة المركبات الأرضية.
  3. نقل الحرارة والديناميكا الحرارية.
  4. أنظمة الطاقة.
  5. أنظمة النقل.
  6. التحكم ومراقبة الجودة.

يعتبر التصميم الميكانيكي مجالًا مطلوبًا في عدد كبير من الصناعات مثل صناعة السيارات، وهو مطلوب أيضا في المعامل ومجال الفضاء فكل هذه الأماكن تحتاج لمهندس ميكانيكي يقوم بتصميم المكونات والأنظمة فيها.
مثلاً: تحتوي الطائرة أو السيارة أو القمر الصناعي على آلاف المكونات التي تشكل الأنظمة الفرعية وفي النهاية تشكل النظام الكامل. [4]

المصادر :

  1. Sciencedirect.com
  2. Learnmech.com
  3. Learnmech.com
  4. Mtech.edu

المادة المظلمة، أحد أكثر ألغاز الفضاء تعقيداً.

تعد المادة المظلمة أحد أعقد ألغاز الكون, فلماذا حصلت على هذا اللقب؟ و ما علاقتها ببداية تشكل الكون؟

ما هي المادة المظلمة؟

محاكاة للمادة المظلمة

يطلق على المادة المظلمة “The Dark Matter” العديد من المسميات الأخرى، مثل المادة المعتمة، أو المادة السوداء. وهي مادة فرضية تم إيجادها بشكل فرضي من قبل العلماء لتفسير جزء كبير من كتلة الكون. فقد تم الإستدلال عنها وعن خصائصها عن طريق دراسة آثار الجاذبية التي تظهر على المواد و العناصر المرئية في الكون، مثل الغبار الكوني، والسُدم، و غيرها. ووفقا ً لمعطيات فريق مرصد بلانك التابع لوكالة الفضاء الأوروبية “ESA” التي ظهرت في 21 مارس عام 2013. فإن المادة المظلمة تشكل ما نسبته 26.3% من مكونات الكون. و من الأسباب التي دفعت العلماء لوضع نظرية المادة المظلمة هو تفسير الكتلة الضخمة للكون. فبالنظر إلى كتلة الأجسام و المواد القابلة للرصد في الكون نجد أن كتلتها أقل بكثير من كتلة الكون الفعلية. فتم إسناد الفرق في الكتلة إلى المادة المظلمة. حيث أنها تشكل ما نسبته 84.5% من مجمل كتلة الكون، وذلك حسبما ورد عن فريق مرصد بلانك.

وتظهر في الصورة المرفقة توهج غاز موجود بالفضاء نتيجة لتأثره بقوة جاذبية كبيرة من عدد من المجرات و العناقيد المجرّية. و لكن عند حساب قوى الجاذبية الكلية المؤثرة عليها، فإننا نجد أنها تتجاوز المجموع النظري لكل مجرة على حدا. و بالتالي أسندت الجاذبية الزائدة إلى المادة المظلمة.

وقد صرح العلماء بأن المادة المظلمة تتكون بشكل أساسي من جسيمات دون ذرية غير محددة، ويجب الإشارة بأنه لا يمكن رصد المادة المظلمة بواسطة التلسكوبات، لأن المادة المظلمة لا تمتص و لا تبعث الضوء أو أي إشعاعات كهرومغناطيسية أخرى على أي مستوى هام. [1] [2]

المادة المظلمة، وبداية الكون.

في بدايات الكون الأولى بعد الانفجار العظيم، شكلت المادة المظلمة أحد اللبنات الأساسية في خلق الكون المعروف لنا حالياً. حيث أنها ساعدت في إضاءة النجوم الأولى منذ حوالي 20-100 مليون سنة بعد الانفجار العظيم. وذلك حسبما ورد عن العالم بيتر برجمان، والعالم ألكسندر كوسينكو من مجامعة كاليفورنيا، فقد أظهرا أن المادة المظلمة تحتوي على نيوترونات عقيمة. وإن هذه النيوترونات العقيمة عندما تضمحل تسرع من عملية خلق جزيئات الهيدروجين. و هذه العملية هي التي تساعد على إضاءة النجوم. وقد اتفق العلماء على أن النيوترونات العقيمة لها كتلة وقد تم معرفة ذلك من خلال قياس ذبذبات النيوترونات. وهذا ما قاد العلماء إلى افتراض وجود النيوترونات العقيمة موجودة داخل المادة المظلمة. حيث أن تلك النيوترونات لا تتفاعل بشكل مباشر، و لكنها تتفاعل من خلال خلطها مع النيوترونات العادية. وهذا ما يفسر ضخامة الكتلة المفقودة في الكون، و هذا ما أدى إلى ظهور فرضية المادة المظلمة بالتتابع.[1]

علماء افترضوا وجود المادة المظلمة.

اعتمد الكثير من العلماء على وجود المادة المظلمة في حساباتهم بشكل أساسي. فكان أول من افترض وجود المادة المظلمة كان عالم الفلك الهولندي “جان أورت-Jan Oort”. حيث استخدمها لحساب السرعات المدارية للنجوم في مجرة درب التبانة عام 1932. و بعدها استخدمها العالم الألماني “فريتز زفيكي-Fritz Zwicky” للحصول على تفسير مقبول للكتلة المفقودة المطلوبة نظرياً للسرعات المدارية للنجوم في المجرات. وقد استخدمت نظرية المادة المظلمة أيضاً من قبل العالمة الأمريكية “فيرا روبين-Vera Rubin” لحساب سرعة دوران المجرات حول نفسها. وعلى الرغم من اعتماد العلماء بشكل كبير على المادة المظلمة في الكثير من الحسابات الفلكية إلا أنه تم إيجاد العديد من الفرضيات الأخرى لتفسير الشذوذ الكبير والغير متوقع في حركة النجوم في المجرات بناءً على حسابات الجاذبية. مثل نظرية STVG والتي قام بصياغتها العالم “جون موفات-John Moffat” عام 2014 حيث استخدمت بنجاح في حسابات دوران المجرات حول نفسها، و أيضاً لتفسير ظاهرة عدسة الجاذبية.[1] [2]

المادة المظلمة، ونظرية بيرمان وكوسينكو.

جاءت نظرية بيرمان وكوسينكو مؤيدةً لنظرية المادة المظلمة. حيث تهتم نظرية بيرمان وكوسينكو بالظواهر الفلكية الغير مفسرة و منها المادة المظلمة.

حيث ينتج عن انفجار “مستعر أعظم-Supernova” شيءٌ يسمى بالبولسرات. وهي عبارة عن نجوم نيوترونية تدور بسرعة عالية جداً تصل أحيانا إلى مئات أو حتى آلاف الكيلومترات في الثانية الواحدة. مصدر هذه السرعات يبقى مجهولاً و لكن تتبع حركة البولسرات عن طريق النيوترونات العقيمة الموجودة في المادة المظلمة.[3] [1]

أنواع المادة المظلمة.

تنقسم المادة المظلمة إلى نوعين، المادة المظلمة الباريونية، و المادة المظلمة الغير باريونية.

المادة المظلمة الباريونية تشكل جزء صغير جدا من المادة المظلمة. حيث تتكون المادة المظلمة الباريونية من الباريونات فقط. وهي جزيئات ذرية مركبة عبارة عن جزيئات لا تحتوي على ذرة ثقيلة من البروتونات أو النيترونات أو مزيج من كليهما. توجد المادة المظلمة الباريونية في الأجسام فائقة الكثافة في الفضاء مثل الثقوب السوداء، والنجوم النيوترونية ،والأقزام البيضاء.

محاكاة للثقب الأسود

أما المادة المظلمة الغير باريونية فإنها تشكل الجزء الأكبر من المادة المظلمة الموجودة في الفضاء. ولا توجد الكثير من المعلومات عنها.[1]

المصادر

  1. Wikipedia
  2. NASA
  3. THE NATURE OF LIGHT DARK MATTER

ماهي أنواع المفاعلات النووية وكيف يتم تصنيفها؟

منذ اكتشاف الطاقة الهائلة التي تنتج عن الانشطار النووي، تسابقت القوى العضمى في تطوير مختلف أنواع المفاعلات لاستخلاص هذه الطاقة. وتعددت المفاعلات حسب الغرض من الاستخدام وحسب إمكانات الدول، فنجد مفاعلات تستعمل اليورانيوم الطبيعي في الدول الغنية به، بينما تنحو الدول التي تفتقر إليه إلى عملية التخصيب. ويمكن تصنيف المفاعلات حسب مكوناتها ومبدإ عملها. فعلى أي أساس تُصنّف المفاعلات النووية؟ وما هي أنواع كل صنف؟

تصنيفات المفاعلات النووية

 تنقسم المفاعلات إلى عدة أنواع رغم أن مبدأ العمل يبقى نفسه، ويتحدد نوع المفاعل حسب طاقة النيوترونات داخله و حسب نوع مكوناته (المثبط والمبرد والوقود النووي)، بالإضافة إلى طريقة تركيبته.

طاقة النيوترونات

يمكن تصنيف المفاعلات النووية إلى صنفين حسب طاقة النيوترونات المستعملة في إنتاج التفاعلات النووية. ف «المفاعلات السريعة-Fast Reactors»، تستخدم نيوترونات عالية السرعة (0.1MeV< E< 1MeV) من أجل تحفيز عملية الانشطار داخل المفاعل. بينما تحتاج « المفاعلات الحرارية-Thermal Reactors» نيوترونات حرارية (طاقتها أقل من 0.1eV) لإتمام التفاعل. لهذا، نجد أن المفاعلات السريعة لا تحتاج مثبطا لإبطاء النيوترونات عكس المفاعلات الحرارية. وتُستعمل االمفاعلات الحرارية عادة في إنتاج الطاقة الكهربائية. بينما يكثر استعمال المفاعلات السريعة في إنتاج الوقود النووي [1].

المثبط

بالنسبة للمثبط، فإن الشرط الذي يقوم على قابليته لإبطاء الإلكترونات بكفاءة، يحد من المواد التي يمكن اختيارها. إذ إنها لا تتعدى ثلاث مواد: الهيدروجين والكربون والبيريليوم. ويتم استخدام الماء كمثبط باعتباره غنيا بالهيدروجين وهو الأكثر انتشارا في المفاعلات النووية. أما الكربون فيُستخدم على شكل غرافيت. وبالنسبة للبيريليوم، فإنه يكون على شكل أوكسيد البيريليوم، وقد كان شائعا في المفاعلات القديمة، لكنه تراجع بسبب سُمِّيته و تكلفته الباهضة [2].

المُبرِّد

يحدد المُبرِّد -الذي ينقل الحرارة الناتجة عن الانشطار النووي خارج قلب المفاعل- عادة نوعَ المفاعل. ويكون المُبرِّد إما سائلًا أو غازًا، وتستخدم أغلب المفاعلات الماء كمُبرِّد نظرًا لقلة كلفته، لكننا نجد أيضا الماء الثقيل وغاز ثنائي أكسيد الكربون والهليوم غيرها. وفي بعض الأحيان، يكون المبرد هو نفسه المثبط كما في الماء. لكن في حالة كان المبرد غازا، فإن كثافته لا تسمح بإبطاء الإلكترونات، لذلك نستعين في بالغرافيت كمثبط [2].

الوقود النووي

يختلف الوقود النووي في المفاعلات النووية حسب نوع النظير المستعمل وحسب درجة التخصيب التي تتراوح عادة بين 3% و 4%، ولا تتعدى العناصر الطبيعية التي يمكن استخدامها كوقود عنصري اليورانيوم والثوريوم. أما اليورانيوم، فيحتوي على نظير «انشطاري -Fissile»-أي القابل للانشطار- هو اليورانيوم-235، وآخر « خصب-fertile» –أي يمكن تحويله إلى عنصر انشطاري- هو االيورانيوم-238. ويستخدم اليورانيوم الانشطاري مباشرة كوقود نووي، بينما تمتص نواة اليورانيوم الخصب نيوترونا لتتحول إلى البلوتونيوم-239 الانشطاري. بالنسبة للثوريوم، فإنه يعتبر أيضا وقودًا خصبًا، لذلك يتم تحويله لليورانيوم-233 الانشطاري [2].

تركيبة المفاعل

يمكن تصنيف المفاعلات حسب تركيبتها إذا كانت متجانسة أو غير متجانسة. ونقصد بهذا، ما إذا كان الوقود النووي والمبرد  يمتزجان معا ليشكلا خليطا متجانسًا، أم أن الوقود منفصل عن المبرد في وحدة خاصة به. وأغلب المفاعلات اليوم هي من النوع غير المتجانس، وذلك ضمانا لعدم تسرب الوقود النووي خارج قلب المفاعل. لكننا نجد أيضا المفاعلات المتجانسة كمفاعلات الملح المصهور على سبيل المثال، وهذا النوع من المفاعلات لا يستخدم لإنتاج الطاقة الكهربائية [1][2].

أنواع المفاعلات النووية

يمكن أن نقسم المفاعلات حسب أي من التصنيفات التي ذكرناها في الفقرة السابقة. وقد درج أهل الاختصاص على تصنيفها حسب نوع المبرد. فنجد: المفاعلات المبرَّدة بالغاز، وتلك المبرَّدة بالماء الثقيل، والمفاعلات المبرَّدة بالماء العادي، والمفاعلات المبرَّدة بالغرافيت، وأخيرًا المفاعلات السريعة.

المفاعلات المبرَّدة بالغاز

 يمثل صنف المفاعلات المبردة بالغاز أقدم جيل من المفاعلات، ويستخدم هذا النوع الغرافيت كمثبط وأحد الغازات كمبرد. ونجد في هذا الصنف ثلاثة أنواع: « المفاعل ماجنوس-MagnoxReactors» ونسخته المطورة «ا المفاعل المتقدم المبرد بالغاز-Advanced Gas-Cooled Reactor»، وأخيرا « المفاعل المرتفع الحرارة المبرد بالغاز – High Temperature Gas cooled Reactor».

المفاعل ماجنوس

يعتبر المفاعل ماجنوس من أقدم تصميمات المفاعلات. وقد بُنيَت أول منشأة نووية في العالم بهذا التصميم سنة 1956 في بريطانيا، وبلغت قدرتها 60MWe. وترجع تسمية المفاعل إلى سبيكة المغنيسيوم التي تغلف وقوده النووي. يتشكل هذا الأخير من اليورنيوم الطبيعي غير المخصب ويحيط به الغرافيت كمثبط. ويتم تبريد المفاعل بغاز ثنائي أكسيد الكربون (CO2)، حيث يقوم الغاز الساخن القادم من قلب المفاعل بتحويل الماء إلى بخار في محول حراري، ليحرك البخار عنفة (طوربين) لتوليد الكهرباء [1].

المفاعل المتقدم المبرد بالغاز

تم تطوير المفاعل المتقدم المبرد بالغاز كجيل محَسَّن من مفاعل ماجنوكس وذلك بهدف رفع مردودية المفاعل. فتم استبدال الوقود بثنائي أكسيد اليورانيوم المخصب (من 2.5% إلى 3.5%) الذي غُلِّف بالفولاذ المقاوم للصدإ بدل سبيكة المغنيسيوم. مما أدى إلى ارتفاع درجة الحرارة في قلب المفاعل إلى درجات قد تصل إلى 650°C، وبالتالي إلى زيادة الطاقة الحرارية المستخرجة من المفاعل. بالإضافة إلى هذا، فقد وُضِعت أداة جديدة للتحكم في سير الانشطار إلى جانب أعمدة التحكم، حيث أصبح من الممكن إلقاء مادة النيتروجين في المبرد من أجل إيقاف المفاعل [3][4].  

المفاعل المرتفع الحرارة المبرد بالغاز

يعتبر المفاعل المرتفع الحرارة المبرد بالغاز النسخة الأحدث من المفاعلات المبردة بالغاز. ويتميز بفاعليته التي تفوق بقية مفاعلات هذا الصنف، خصوصًا مع استبدال المثبط بغاز الهليوم الأكثر كفاءة. ويستعمل المفاعل الثوريوم واليورانيوم المخصب بالكامل كوقود نووي، حيث تم حشو كرات من الغرانيت (المثبط) بحبيبات صغيرة تحتوي الثوريوم-232 (الذي يستخدم كمنتج للوقود الانشطاري) واليورانيوم-235 [1].

مفاعلات الماء الخفيف

تمثِّل «مفاعلات الماء الخفيف-Light Water Reactor» الصنف الأكثر انتشارًا في العالم. ويشمل نوعين من المفاعلات: «مفاعلات الماء المضغوط-Pressurized Water Reactor» و«مفاعلات الماء المغلي-Boiling Water Reactor». ويستعمل كلا المفاعلان اليورانيوم المخصب (بنسبة 3.2%) كوقود نووي والماء العادي  (H2O) كمبرد ومثبط [3].

الشكل 1: مفاعل الماء المضغوط

ويختلف المفاعلان في طريقة استعمال الماء للتبريد. إذ يخضع الماء في مفاعلات الماء المضغوط  لضغط عال حتى يحافظ على حالته السائلة في ظل درجات الحرارة العالية في قلب المفاعل، ويحمل هذه الحرارة إلى مولد للبخار منفصل عنه. وهكذا، فإن القناة التي يسري فيها المبرد الرئيسي (الذي يمر بقلب المفاعل) منفصلة تمامًا عن قناة مولد البخار –والتي يتحول فيها الماء إلى بخار من أجل تحريك العنفة (انظر الشكل 1). بينما نجد أن مفاعلات الماء المغلي، لا تحتوي إلا على قناة واحدة، حيث يتحول الماء نفسه الذي يدخل قلب المفاعل إلى بخار لتحريك العنفة (انظر الشكل 2) [2].

الشكل 2: مفاعل الماء المغلي

يمكن أيضا أن نضيف إلى هذا التصنيف مفاعلات RBMK  بما أنها تُبرّد بالماء المغلي، لكنها عادة تُكوِّن صنفًا لوحدها. وقد طور الاتحاد السوفييتي هذا النوع من المفاعلات من أجل تصنيع البلوتونيوم لأغراض عسكرية قبل أن يتم تعديله لإنتاج الكهرباء. ويتكون قلب المفاعل من كتلة من الغرافيت المثبط تتخلله قضبان الوقود النووي، والتي تتكون بدورها من ثنائي أكسيد اليورانيوم المخصب. وقد تسبب هذا النوع من المفاعلات في حادثة تشيرنوبل الشهيرة  [4].

مفاعلات الماء الثقيل

تشبه مفاعلات الماء الثقيل -أو CANDU كما يطلق عليها أحيانًا- مفاعلات الماء المضغوط في طريقة العمل. وقد تم تطويرها من أجل تجنب تخصيب اليورانيوم، حيث تستعمل اليورانيوم الطبيعي كوقود. ولتعويض نسبة اليورانيوم المخصب، تستعمل هذه المفاعلات الماء الثقيل (D2O) ذي الكفاءة العالية في إبطاء النيوترونات، وبالتالي زيادة نسبة الانشطار في الوقود. أما من حيث التصميم، فإن أعمدة الوقود النووي تجمع على شكل أفقي داخل ما يسمى ب كالاندريا calandria على عكس الأعمدة العمودية في باقي المفاعلات. ويسمح هذا التصميم بإعادة شحن المفاعل بالوقود النووي دون حاجة لإزالة الأعمدة من قلب المفاعل (انظر الشكل 3)[4].

الشكل 3: مفاعل الماء الثقيل، ويمثل (1) الوقود النووي االمحاطة بالماء الثقيل (9) والمتضمن في الكالاندريا (2)، أما (3) فهي أعمدة التحكم، و يمكن تموين المفاعل أوتوماتيكيا بفضل (8). بالنسبة لبقية المفاعل فإنه يشبه مفاعل الماء المضغوط

المفاعلات السريعة

لا تزال المفاعلات السريعة في طور التخطيط والتطوير، ذاك أن كل مفاعلات هذا النوع واجهت مشاكل أثناء تشغيلها. ويُعد إنتاج الوقود النووي الهدف الرئيس لهذه المفاعلات. وقد تم الأخذ بعين الاعتبار أن تكون كمية المادة الانشطارية المنتجة أكبر من تلك المستهلكة. لهذا، فإن الوقود النووي سيكون غنيا بالبلوتونيوم الانشطاري الذي يحيط به اليورانيوم الخصب، حيث سيسهم البلوتونيوم في خلق نيوترونات يمتصها اليورانيوم الخصب ليتحول إلى البلوتونيوم بدوره. وبما أن هذه المفاعلات لا تملك مثبطا، فإن أفضل مبرد لها هو سائل الصوديوم نظرا لأنه موصل حراري ممتازقادر على منع ارتفاع درجة حرارة قلب المفاعل. ولأن الصديوم يصير مشعا عند تعرضه للنيوترونات، وجب التأكد من أنه لن يتسرب خارج المفاعل. لذلك فإن نظام التبريد فيه يتكون من دورتين منفصلتين كما في مفاعلات الماء المضغوط [1], [3], [4].

في النهاية، كانت هذه أهم أنواع المفاعلات المنتشرة في العالم. ورغم أننا تناولنا مكوناتها وطرق عملها، فلا يزال الجانب الفيزيائي يحتاج إلى مزيد من الشرح. لذلك، سنخصص المقالات القادمة لفيزياء المفاعلات النووية. 

المصادر

[1]  £An Introduction to the Concepts, Systems, and Applications of Nuclear Processes

[2] Nuclear Energy: Principles, Practices, and Prospects

[3] Nuclear Reactor Types

[4] Physique des Réacteurs Nucléaires

كيف تعمل المفاعلات النووية؟

ما نعرفه عن عمل المفاعلات النووية، هو أنها تُنتج الطاقة الكهربائية من خلال تفاعلات نووية. لكن ما الذي يحدث بالضبط داخل المفاعل النووي؟ هذا ما نحاول كشفه في هذا المقال.

مبادئ عمل المفاعلات النووية

تقوم المفاعلات النووية على عدة مبادئ فيزيائية من أجل القيام بدورها في إنتاج الطاقة الكهربائية. فتستغل الطاقة الناتجة عن الانشطار النووي، وتتحكم بها من خلال الإبقاء على استمرار عملية الانشطار ثابتة، فلا هي تتزايد فيحدث انفجار ولا هي تخمد فيخرج المفاعل عن العمل. و من أبرز الظواهر التي تتظافر من أجل النهوض بهذه المهمة، نجد الطاقة النووية الناتجة عن التفاعل التي هي أساس العمل كله، ثم التفاعل التسلسلي وإبطاء النيوترونات والتخصيب، التي تحافظ مجتمعة على إمدادات الطاقة النووية.

الطاقة النووية

تنتج الطاقة النووية التي تستخدم في المفاعلات النووية عن ظاهرة الانشطار النووي (انقسام نواة إلى نواتين أخف منها). وتحدِّد معادلة أينشتاين الشهيرة كمية الطاقة المحررة أثناء التفاعل، حيث تكتب على الشكل التالي:

الطاقة المحررة أثناء تفاعل نووي

وبعبارة أخرى، تساوي الطاقة الناتجة عن التفاعل ΔE فرق كتل المتفاعلات عن النواتج Δm. وتمثل الثابتة C سرعة الضوء في الفراغ [1].

وتساوي الطاقة الناتجة عن التفاعل النووي ما يعادل 200MeV. ولتخيل هذه الكمية الهائلة من الطاقة، فإن غراما واحدًا من اليورانيوم المنشطر يعادل طُنين من الفحم الحجري [1].

التفاعل التسلسلي

يحفِّز نيوترون ظاهرة الانشطار النووي عند اصطدامه بنواة اليورانيوم، فتنشطر هذه الأخيرة محرِّرة معها بضعة نيوترونات (2 أو 3)  تدخل بدورها في انشطارات جديدة، وهذا ما يدعى ب «التفاعل التسلسلي-Chain Reaction». ومن أن أجل ألا يخرج هذا التفاعل عن السيطرة في المفاعلات النووية، يتم التحكم به من خلال إدخال مواد تمتص النيوترونات الزائدة، فلا تسمح إلا ببقاء نيوترون واحد بعد كل تفاعل.  

ولوصف حالة التفاعل التسلسلي، نستعمل «معامل التضاعف الفعال-effective multiplication factor» الذي يحدد ما إذا كان عدد النيوترونات، بين كل انشطار والذي يليه، يتزايد أو يتناقص.  ويُعَرّف بالشكل التالي:

معامل التضاعف الفعال

حيث يمثل ni عدد النيوترونات في جيل ما، وni+1 عددها في الجيل الذي يليه [1].

إبطاء النيوترونات

بعد انبعاثها من التفاعل النووي، تكون النيوترونات سريعة جدا (20000km/s) بحيث لا تستطيع ذرات اليورانيوم التقاطها من أجل بدء تفاعل جديد. لهذا، يتم إبطاء هذه النيوترونات حتى تصير «نيوترونات حرارية-Thermal Neutrons» (تقل سرعتها عن 2km/s)، وذلك بإخضاعها لسلسلة من التشتتات تُفقدها طاقتها الحركية. وتتجلى ظاهرة «التشتت Scattering-»  في ارتطام النيوترون بالجسيمات التي تعترض طريقها مع الانزياح عن مساره في كل اصطدام. ويصحب هذا التصادم انتقال جزء من طاقة البروتون إلى الجسيم الذي يرتطم به [2].

وتُستعمل لإنجاز مهمة الإبطاء هذه الذرات الخفيفة، لأن كل تصادم للنيوترون معها يفقده كمية مهمة من الطاقة (على عكس الذرات الثقيلة)، فيكون عدد التصادمات اللازمة لجعل النيوترون حراريًا صغيرًا. وبالتالي تقل احتمالية امتصاصه بشكل كلي من قبل أحد الجسيمات التي يتفاعل معها. وتستعمل المفاعلات النووية الهيدروجين الموجود في الماء عادة من أجل إبطاء النيوترونات رغم أنه يمتص بشكل كلي عددا لابأس به منها. وفي بعض الأحيان، يتم استبداله بالديوتيريوم الموجود في الماء الثقيل رغم كلفته الباهضة. وقد تم استعمال الغرافيت (الكربون) أيضا كمثبط للنيوترونات في بعض المفاعلات. لكن تبقى كفاءة هذا الأخير أقل بكثير من سابقيه، حيث يحتاج نيوترون بطاقة 2MeV إلى 120 تصادما مع ذرات الغرافيت ليصبح حراريًا مقابل ما يقارب 30 تصادما مع الهيدروجين أو الديوتيريوم [3].

و يتم قياس قدرة الذرات على إبطاء النيوترونات (في حالة التشتت المرن) بواسطة «معامل التباطؤ- Slowing-down Parameter» ξ، الذي يحدد نسبة الطاقة (المتوسطة) المفقودة لكل اصطدام إلى الطاقة الكلية للنيوترون. ويعتبر الهيدروجين، حسب هذا المعامل، أفضل مثبط، حيث تبلغ النسبة  فيه 100%. مما يعني أن النيوترون يفقد كل طاقته خلال تصادم واحد فقط. وللذكر فقط، فالمعامل لا يأخذ بعين الاعتبار نسبة النيوترونات التي يمتصها الهيدروجين كليًا [4].

التخصيب

من بين جميع نظائر اليورانيوم، فإن اليورانيوم-235 هو وحده القادر على الانشطار داخل المفاعلات النووية. وللأسف لا تشكل نسبته سوى 0.7% من اليورانيوم الطبيعي، بينما تشكل  نسبة اليورانيوم-238 غير القادر على الانشطار حوالي 99.3%. وهنا يأتى دور عملية التخصيب التي تقوم على رفع نسبة اليورانيوم-235 مقارنة باليورانيوم-238. ويتم حساب نسبة التخصيب بقسمة عدد ذرات اليورانيوم-235 على العدد الكلي لذرات اليورانيوم في عينة ما [2].

 وتكون نسبة التخصيب في المفاعلات عادة بين 3% و5%. وقد تتعداها إلى 20% في بعض الأحيان. أما بالنسبة للقنابل النووية فتفوق نسبته 90%.

ولا يمكن للوقود النووي أن يُفَعِّل سلسلة الانشطار النووي حتى تفوق كتلة اليورانيوم-235، في حجم معين من هذا الوقود، ما يسمى ب «الكتلة الحرجة-Critical Mass». ذاك أن باقي مكونات الوقود النووي قد تمتص كل النيوترونات التي تغدي التفاعل التسلسلي في حالة كانت كتلة اليورانيوم-235 أقل من المطلوب. وبالتالي، تمنع المفاعل عن العمل [2].

مكونات المفاعلات النووية

تقوم المفاعلات النووية بتحويل طاقة الانشطار إلى طاقة كهربائية بفضل تركيبته المعقدة والتي تسمح بخروج الطاقة دون أي تسرب للمواد المشعة. وتتضمن هذه المكونات قلب المفاعل الذي يحوي الوقود النووي، وأعمدة التحكم التي تسيطر على التفاعل التسلسلي والمحولات الحرارية التي تعمل على نقل الطاقة إلى خارج قلب المفاعل.

قلب المفاعل

يتركز الوقود النووي في قلب المفاعل النووي. ويتم جمع هذا الوقود على شكل أقراص صغيرة من ثنائي أكسيد اليورانيوم (UO2) يتم ضغطها في أعمدة طويلة. ويتخلل هذه الأعمدة ما يسمى ب «المُبرِّد -Coolant»، وهو سائل يعمل كناقل للحرارة (عادة ما يتم استعمال الماء). بالإضافة إلى « المُثبِّط -Moderator»، الذي يقوم بإبطاء النيوترونات. ويحيط بقلب المفاعل وعاء مضغوط يحفظ المواد المشعة من التسرب خارجه [1].

أعمدة التحكم

تتحكم أعمدة التحكم (أو ذراع التحكم كمافي الشكل) في التفاعل التسلسي. ذاك أنها تحوي مواد تمتص النيوترونات الناتجة عن الانشطار النووي كالكاديوم والبورون. ويتم إدخال الأعمدة في قلب المفاعل أو رفعها حسب الطاقة المراد استخراجها. ففي حال تشغيل المفاعل، تُرفع مجموعة من الأعمدة من القلب، فيضل عدد النيوترونات يتزايد مع كل انشطار حتى تصل الطاقة إلى الحد المرغوب. ويكون المفاعل هنا في حالة «فوق حرجة-Supercritical» (keff >1). أما في الحال الطبيعي، فيكون المفاعل في الحالة «الحرجة-Critical» (keff = 1) حيث يظل عدد النيوترونات ثابتا بمرور الوقت. وفي حال أردنا إيقاف تشغيل المفاعل، نُنزل جميع الأعمدة إلى القلب. فيظل عدد النيوترونات يتناقص إلى أن ينعدم كليًا. ويصير المفاعل في حاالة  «دون حرجة-Subcritical»(keff <1) [1].

محولات حرارية

تقوم المحولات الحرارية بضمان تحويل الطاقة النووية إلى طاقة كهربائية. وتتضمن نظامين للتبريد: نظام التبريد الأساسي الذي يوجد داخل وعاء المفاعل النووي ونظام التبريد الثانوي، حيث يتحول السائل إلى بخار يعمل على تحريك توربين مرتبط بمولد كهربائي (انظر الشكل) [5].

داخل نظام التبريد الرئيسي، يتلامس السائل (الماء) مع الوقود النووي فترتفع درجة حرارته كثيرًا. وحتى لا يتبخر السائل يخضع نظام التبريد لضغط عال، ففي أغلب الأحيان، يكون المبرِّد هو نفسه المثبِّط، وهذا الأخير لا يستطيع إبطاء النيوترونات في الحالة الغازية. وتضمن إحدى المضخات حركة السائل داخل وعاء المفاعل [5].

بالنسبة لنظام التبريد الثانوي، فإنه يقوم باستقبال الحرارة من النظام الرئيسي، فيتحول الماء الذي يُضخ داخله إلى بخار. يقوم هذا الأخير بتحريك توربين مرتبط بمولد كهربائي، ثم يعود إلى الحالة السائلة بفضل مكثف للماء (انظر الشكل) [5].

آلية عمل مفاعل نووي

ختامًا، فإن عمل المفاعلات النووية أعقد من أن يغطيه مقال كهذا. ففيزياء المفاعلات النووية تشكل لوحدها فرعًا من فروع الفيزياء لها علماؤها ومختبراتها. لكننا نحاول قدر الجهد تسليط الضوء على ما يحدث داخل المفاعلات النووية. وفي المقال التالي سنركز على أنواع المفاعلات النووية الموجودة في العالم وكيفية تطورها.

المصادر

[1] Physique des Réacteurs Nucléaires

[2] Principes fondamentaux des réacteurs CANDU
[3] https://www.laradioactivite.com/site/pages/Moderateurs_Neutrons.htm

[4] The Physics of Nuclear Reactors

[5] https://www.irsn.fr

حل لغز أويلر كميًا بعد 243 عامًا!

تبهرنا ميكانيكا الكم يومًا بعد يوم، فتحل لنا هذه المرة لغزًا منذ 243 عامًا! ففي عام 1779، طرح عالم الرياضيات السويسري الشهير ليونارد أويلر لغزًا يُسمى (36 ضابط لأويلر). ووضح أويلر بنفسه أنه من المستحيل حله ولكن بعد كل تلك الأعوام. استطاع باحثون حله ولكن ما هو هذا اللغز بالضبط؟ وكيف حُل لغز أويلر كميًا بعد 243 عامًا! هذا ما سنعرفه في السطور التالية من مقالنا.

ما لغز الـ 36 ضابط؟

احضر ورقة وقلم، وتخيل معي أنك تقود جيشًا من ستة أفواج وكل فوج يتضمن ستة ضباط من ست رتب مختلفة. فكيف يمكنك ترتيب الضباط في مربع 6×6 بحيث في كل صف وكل عمود في المربع ضابط واحد فقط من كل فوج ومن كل رتبة؟ بعد تجربتك في حل ذلك اللغز ستجد أنه من المستحيل أن لا تحصل عملية التكرار. على عكس لو جربت ذلك وأنت لديك خمسة أو سبعة أفواج من ضباط من خمس أو سبع رتب، فستجد أن ذلك له حل. ودعني أوضح لك عزيزي القارئ أن أويلر وهو صانع هذا اللغز، وضح أن ذلك الترتيب للستة ضباط مستحيل كما ذكرنا.

قد يذكرك لغز الـ 36 ضابطًا بالمربعات اللاتينية، والمربع اللاتيني هو مجموعة مربعة من الرموز (أرقام أو أحرف…) يظهر فيها كل رمز مرة واحدة فقط في كل صف وعمود أيضًا، وإذا دمجت مربعين لاتينيين من نفس الحجم برموز مختلفة. فسينتج عن ذلك مربع أويلر ويحتوي على أزواج من الرموز. بحيث يظهر كل رمز في الزوج مرة واحدة بالضبط في كل صف أو عمود. فقد تتذكر لعبة السودوكو والتي وجب أن لا تتكرر الرموز فيها. فهنالك العديد من الألغاز المماثلة التي شغلت الناس لأكثر من 2000 عام واستُخدمت هذه المربعات في الفن والتخطيط الحضري وللمتعة.

محاولات لحل اللغز، لكن دون جدوى

أدرك أويلر أن حل اللغز سيعطينا مربعًا لاتينيًا 6×6. فقد جاء الكثيرون بعد أويلر ولم يتمكنوا من حل ذلك اللغز. أيضًا، أثبت عالم الرياضيات الفرنسي «غاستون تاري-Gaston Tarry» أنه ليس هناك طريقة لترتيب 36 ضابطًا في مربع 6×6 دون تكرار. لكن في عام 1960، استخدم علماء الرياضيات الحواسيب؛ لإثبات وجود حلول لأي عدد من الأفواج والرتب الأكبر من اثنين وكان الرقم ستة مُستثنى وكان ذلك غريبًا بالنسبة لهم.

حل لغز ضباط أويلر بعد 243 عامًا!

مؤخرًا، نُشرت ورقة بحثية على الإنترنت وأُرسلت إلى Physical Review Letters. إذ أوضح فيها مجموعة من علماء فيزياء الكم من الهند وبولندا أنه من الممكن ترتيب 36 ضابطًا مع الإيفاء بمعايير أويلر ويمكن الحصول على مزيج كمي من الرتب والأفواج للضباط. فنتيجة ذلك سلسلة من التطويرات في الألغاز والمربعات اللاتينية وليست مجرد متعة ولعب. فعلينا أن نشير أن بداية العصر الجديد من اللغز الكمي عام 2016. حيث بدأ عندما كان لدى «جيمي فيكاري-Jamie Vicary» من جامعة كامبريدج وتلاميذه فكرة حول إمكانية أن تكون الإدخالات التي تظهر في المربعات اللاتينية كمية.

سحر ميكانيكا الكم

قد تبنى علماء الفيزياء النظرية والرياضيين المربعات اللاتينية الكمية. ففي عام 2021، ابتكر الفيزيائيان الفرنسيان «أيون نيتشيتا-Ion Nechita» و«جوردي بيلت-Jordi Pillet» نسخة كمية من سودوكو. فبدلًا من استخدام الأعداد الصحيحة من 0 لـ 9، تأتي لتحوي كل من الصفوف والأعمدة والمربعات الفرعية في السودوكو تسعة متجهات عمودية. ففي ميكانيكا الكم، يمكن للإلكترونات على سبيل المثال أن تكون في (تراكب) لحالات متعددة. فأيضًا مدخلات المربعات اللاتينية الكمية قد تكون في تلك الحالة (حالة التراكب). رياضيًا، تمثل الحالة الكمية بمتجه (له طول واتجاه) مثل السهم والتراكب هو ذلك السهم. فهكذا المدخلات في المربعات اللاتينية قد يكون للمدخل الواحد أكثر من قيمة.

ضباط أويلر كميين

في النسخة الكلاسيكية من اللغز، مطلوب إدخال ضابط من كل رتبة وفوج محددين جيدًا، وسنتصور أن الضباط الـ 36 على أنهم قطع شطرنج ملونة. فيمكن أن تكون رتبتهم ملكة أو ملكًا أو حصانًا (فارسًا) أو جنديًا (بيدقًا) أو قلعة (رخًا) أو غيرها من قطع الشطرنج المتنوعة وتمثل الأفواج الألوان كما بالصورة الأحمر أو البرتقالي أو الأصفر أو الأرجواني أو الأزرق أو الأخضر. فوجب ترتيب تلك القطع داخل مربع 6×6 ولا يحدث تكرار في أي صف أو عمود من فوج أو رتبة.

النسخة الكمية من لغز أويلر

لكن في النسخة الكمية، يتشكل الضباط من تراكبات الرتب والأفواج، كيف ذلك؟ يمكن أن يكون الضابط تراكبًا لملك أحمر وملكة برتقالية مثلًا، أي في الوقت ذاته، قد يكون الضابط شاغلًا لأكثر من رتبة أو فوج. كذلك يحمل الضباط مبدأ التشابك، أي إذا كان الملك الأحمر متشابكًا مع ملكة برتقالية، فحتى لو كان الملك والملكة في حالة تراكب لأفواج متعددة. فإن ملاحظة الملك الأحمر سيخبرك بأن الملكة برتقالية وبسبب غرابة طبيعة التشابك. يمكن أن يكون الضباط على طول كل خط عموديًا.

الآن بعد كل ذلك، كان على مؤلفي الورقة بناء مصفوفة 6×6 مليئة بضباط الكم بمساعدة الحاسوب، فتوصل الباحثون لحل شبه كلاسيكي أي ترتيب الـ 36 ضابطًا كلاسيكيًا مع تكرار عدد قليل من الرتب والأفواج في عمود أو صف. وطبقوا خوارزمية غيرت الترتيب نحو حل كمي وتعمل الخوارزمية مثل حل مكعب روبيك، إذ تصلح الصف الأول، ثم العمود الأول ومن ثم العمود الثاني وهكذا… وعندما كرروا الخوارزمية مرارًا وتكرارًا. في النهاية وصل الباحثون لنقطة يمكنهم فيها رؤية النمط وملء الإدخالات القليلة المتبقية يدويًا.

ما قد يثير الدهشة ونهايةً لمقالنا عزيزي القارئ، أن إحدى السمات المدهشة لهذا الحل وفقًا لأحد المؤلفين المشاركين وهو «سهيل رازر-Suhail Rather» وهو فيزيائي في المعهد الهندي للتكنولوجيا. أن المفاجأة هي المعاملات التي تظهر في مداخل المربع اللاتيني الكمي وكيف أن نسبة المعاملات التي استقرت عليها الخوارزمية كانت Φ أو 1.618 (النسبة الذهبية).

المصادر

  1. +plusmagazine
  2. arxiv
  3. quantamagazine

كيف يتم إنتاج المواد المشعة؟

بالإضافة إلى المواد المشعة الطبيعية، نحتاج إلى إنتاج مواد مشعة جديدة، تتأقلم مع طبيعة الاستخدام. فالمواد المشعة المستخدمة في المجال الطبي مثلًا، يجب أن تكون آمنة للمريض، بحيث لا تبقى في جسمه لمدة طويلة. لذلك، بدأنا في اللجوء إلى تقنيات جديدة لصناعتها كالمفاعلات النووية والمسرعات. فكيف تُنتَج المواد المشعة بهذه الوسائل؟

إنتاج المواد المشعة

يتم إنتاج المواد المشعة من خلال مبدإ بسيط يقوم على تعريض نواة مستقرة إلى دفق من الإشعاعات عالية الطاقة لتحفز تفاعلًا نوويا. يؤدي هذا التفاعل إلى تحويل النواة إلى أخرى مشعة -وهو ما يسمى بالتنشيط الإشعاعي- أو إلى ظهور نويات مشعة جديدة نتيجة للانشطار النووي. وتستعمل المُسرعات التنشيط الإشعاعي من أجل إنتاج المواد المشعة. بينما تَستخدِم المفاعلات النووية لذلك الانشطار النووي (في العادة).  

المفاعلات النووية

تُنتِج المفاعلات النووية المواد المشعة كنتيجة للانشطار النووي الذي يخضع له الوقود النووي في قلبها. وتُستخدم المفاعلات النووية كوسط مهيَّئ لتحفيز الانشطار النووي. حيث يبعث مصدر مشع نيوترونا يمتصه الوقود النووي (اليورانيوم أو البلوتونيوم) فينشطر هذا الأخير إلى نويات مشعة جديدة. ينشأ عن الانشطار أيضا نيوترونات ذات طاقة عالية، تدخل بدورها في عملية انشطار جديدة [1].

يمكن أيضا أن تَنتج المواد المشعة في المفاعلات النووية عن طريق «التنشيط النيوتروني -Neutron Activation» . في هذه الحالة، تقصف حزم من النيوترونات الناتجة عن الانشطار النووي النواة الهدف من أجل تحويلها إلى مادة مشعة [1].

المسرعات

تستخدم المسرعات التنشيط الإشعاعي كمحفز لإنتاج المواد المشعة. ولكل نوع معين من المسرعات، نجد نوعًا محددًا من التنشيط. فالمسرعات الدورانية (تتسارع الجسيمات فيه باتباع مسار لولبي حيث يتسارع الجسيم كلما ابتعد عن المركز)، تُنتِج البروتونات التي تنبعث بسرعات عالية لتقصف النواة الهدف، وهو ما يطلق عليه «التنشيط البروتوني-Proton Activation». بينما تًصدر المسرعات الخطية (في هذا النوع تسلك الجسيمات أثناء تسارعها مسارًا مستقيميًا) فوتونات تصدم النواة الهدف من أجل تحفيز التفاعل النووي، ويدعى هذا ب «التنشيط الفوتوني-Photon Activation» [1].

مسرع دوراني

وتختلف كمية المواد المشعة المصَنّعة حسب عدة عوامل نذكر منها: زمن القصف -أي الفترة الزمنية التي تتعرض لها النواة الهدف لحزمة الإشعاعات- وعدد النويات التي تتعرض للقصف، بالإضافة إلى احتمالية نشوء التفاعل بين الإشعاعات والنواة الهدف [2].

وتُستخدم المواد المشعة الناتجة عن التنشيط الإشعاعي أو الانشطار النووي عادة لأغراض طبية، حيث يتم حقن المريض بجرعة من هذه المواد بهدف التشخيص أو العلاج. لكن هذا لا ينفي الاستخدامات الأخرى لها (حتى إن الأمر وصل إلى استخدامها في اغتيالات سياسية) التي ستكون مدار المقالات القادمة.

المصادر

[1]  Nuclear Medicine Physics: A Handbook for Teachers and Students

[2] Handbook of Radiotherapy Physics

ما هي مصادر النشاط الإشعاعي؟

يتلقى الإنسان كل يوم جرعة معينة من النشاط الإشعاعي، والتي تختلف باختلاف المنطقة التي يقطنها وباختلاف نظام الحياة الذي يعيشه. ومنذ اكتشاف النشاط الإشعاعي، لاقت نسبة هذه الجرعة ارتفاعًا بسبب توسع تطبيقاته في كل المجالات. فكان لا بد من تحديد عتبات لا تتجاوزها هذه الجرعة لكل فرد ضمانًا لسلامته. فماهي مصادر النشاط الإشعاعي الذي نتعرض له كل يوم؟

مصادر النشاط الإشعاعي

تنشأ الجرعة الإشعاعية، التي يتعرض لها الأفراد من منشئين: طبيعي واصطناعي.  يضمُّ المصدر الطبيعي ما وُجد في الطبيعة من إشعاعات ومواد مشعة نشأت مع تكون العالم. ويشمل الاصطناعي ما عدا ذلك مما ابتدعه الإنسان لاستخدامه في المجالات الطبية والطاقية وغيرها.

المصادر الطبيعية

تشمل المصادر الطبيعية الإشعاعات الكونية القادمة من الفضاء والمواد المشعة الموجودة في الأرض بالإضافة إلى تلك الكائنة في جسم الإنسان، والتي تسمى أحيانًا مصدرًا داخليًا.

الإشعاعات الكونية

تأتي الإشعاعات الكونية من الفضاء الخارجي الذي يحيط كوكبنا. وتعتبر الشمس المصدر الرئيسي لهذه الإشعاعات الناتجة عن الانفجارات والاحتراقات التي تحدث داخل النجوم. ولحسن حظنا، فإن معظم هذه الإشعاعات لا تصل إلى سطح الأرض بفضل الغلاف الجوي الذي يعمل كدرع واق من هذه الأشعة. حيث يظل عدد الإشعاعات في تناقض أثناء اختراقها المجال الجوي للأرض إلى أن يصل إلى السطح. لهذا، نجد أن الجرعة التي يتعرض لها سكان المناطق المرتفعة أكبر من تلك التي يتعرض لها أولائك الذين يقطنون في أماكن منخفضة. وتُقَدّر الجرعة المتوسطة عند سطح البحر ب mSv0.2 في السنة لكل فرد، بينما تتجاوزها إلى 1mSv في السنة لكل فرد عند 3000 متر من الارتفاع [1] .

وهنا تظهر خطورة تضرر طبقة الأوزون التي شغلت العالم. فتناقص سمك طبقة الأوزن في بعض المناطق، يزيد من الجرعة الإشعاعية التي يتعرض لها السكان هناك. مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات السرطان، خصوصًا بالنسبة إلى من يقتضي عملهم المكوث تحت أشعة الشمس لفترة طويلة [2].

الإشعاعات الأرضية

تحتوي صخور الأرض، بشكل طبيعي، على مواد مشعة –تسمى «المواد المشعة المتكونة طبيعيًا-Naturally Occurring Radioactive Materials (NORM) ». وتعتبر فصيلة اليورانيوم (اليورانيوم والنويات المشعة الناتجة عن انحلاله) من أبرز هذه المواد. وتختلف نسبة هذه النويات حسب نوع الصخور، حيث تكون منخفضة في الحجر الرملي مقارنة بالجرافيت. و نجد هذه المواد المشعة أيضا في مواد البناء التي تستخدم في بناء المنازل. لذلك فهي تشكل نسبة من الجرعة الإشعاعية التي يتعرض لها الفرد على مدار اليوم [1].

الإشعاعات في جسم الإنسان

تنتج الإشعاعات الموجودة في جسم الإنسان عن المواد المشعة –الطبيعية- التي تدخل جسمه سواء عن طريق الابتلاع أو الاستنشاق. وتختلف جرعة هذه الإشعاعات حسب المنطقة التي يقطنها الفرد وحسب النظام الغدائي الذي يتبعه. ويساهم الرادون بالجزء الأكبر في هذه الجرعة، إذ يشكل أكثر من 50 بالمئة من الجرعة الكلية (التي تضم المصادر الطبيعية والاصطناعية). ويزيد خطورته، كونه غازا بدون رائحة أو لون، بالإضافة إلى تكونه من انحلال اليورانيوم والثوريوم اللذان يتركزان في مواد البناء. وللأسف فإن تركيزه يكون مرتفعا في المنازل (خصوصا الأقبية) مقارنة بالهواء الطلق. ويعتبر ثاني مسبب لسرطان الرئة بعد التدخين حسب وكالة حماية البيئة الأمريكية. لذلك، تقوم الجهات المسؤولة عادة بمراقبة تركيزالرادون دوريًا في مختلف المنشآت، للتأكد من عدم تجاوزها العتبات المسموح بها [1].

المصادر الاصطناعية

تشكل جرعة الإشعاع الاصطناعي جزءا لابأس به من الجرعة الكلية للنشاط الإشعاعي. ولا تزال نسبتها في تزايد بسبب التطور التكنولوجي الذي وسّع نطاق استغلال المواد المشعة، خصوصًا في المجال الطبي. ويمكن إجمال المصادر الاصطناعية في التالي:

الأشعة التشخيصية

نقصد بالأشعة التشخيصية الأشعة السينية (أشعة X) التي تستخدم في تشخيص الأمراض. و تفوق نسبة الجرعة الناتجة عنها 90 بالمئة من إجمالي جرعة النشاط الإشعاعي الاصطناعي [1].

الأشعة العلاجية

تستخدم الأشعة العلاجية في علاج مرضى السرطان. وحسب حالة كل مريض، تحدد الجرعة اللازمة لقتل كل الخلايا السرطانية. وتكون الجرعة عالية جدًا مقارنة بالجرعة التي يتلقاها المريض في التشخيص. لكن، نظرًا لقلة الأفراد الذين يتلقون هذا العلاج، تبقى جرعة هذه الإشعاعات أصغر بكثير من تلك المستخدمة في التشخيص [1].

استخدام النظائر المشعة

تستعمل النظائر المشعة (الشكل غير المستقر لعنصر ما) عادة في التشخيص والعلاج. حيث يتم إدخالها إلى الجسم –في حالة التشخيص- من أجل تقفي أثر بعض المواد الكيميائية في الجسم. فتتموضع في الجسم كما تتموضع نظائرها غير المشعة-المراد كشفها. ومن تم يمكن استنتاج تركيز المواد غير المشعة انطلاقًا من نظائرها المشعة. أما في حالة العلاج، فتتموضع النظائر المشعة قرب الخلايا السرطانية من أجل تدميرها [1].

النفايات المشعة

يتسرب جزء يسير من النفايات المشعة الناتجة عن المفاعلات النووية وغيرها إلى الطبيعة. وتساهم بذلك في زيادة الجرعة الإشعاعية التي يتعرض لها الأفراد في السنة. وتبقى نسبتها صغيرة مقارنة بباقي المصادر، نظرًا للجهود الجبارة التي تُبذل لمنع تسرب هذه النفايات [1].

تساقطات الغلاف الجوي

تنتشر الإشعاعات الناتجة عن تجارب الأسلحة النووية والحوادث النووية عبر الغلاف الجوي للأرض. ثم تتسرب بعدها إلى التربة والنباتات والإنسان. وتتساقط هذه الأشعة تدريجيًا من الغلاف الجوي على مدى سنوات. لذلك فإن عواقب أي حادث واسع النطاق تظل تلاحقنا على مدى أجيال، كما هو الحال بالنسبة لتشيرنوبل وفوكوشيما [1].

التعرض المهني للإشعاع

يتعرض العاملون في مجال الصناعة والطب والبحث العلمي إلى جرعة زائدة من النشاط الإشعاعي. ويُعتبر العاملون في المفاعلات النووية والأطباء أكثر المتعرضين للإشعاع. لذلك يتوجب عليهم ارتداء مقياس للجرعات، للتأكد من أن الجرعة التي يتلقونها لا تتخطى العتبة الموصى بها من قبل الجهات المختصة [1].

ختامًا، فإنه رغم تنوع مصادر النشاط الإشعاعي بين ما هو طبيعي واصطناعي، تبقى الجرعة التي نتلقاها كأفراد -في الأعم الغالب- في النطاق الطبيعي الذي لا يهدد سلامة صحتنا. لذلك لا داعي للقلق من هذه الجرعات، فهناك أسباب كثيرة للموت غير النشاط الإشعاعي!

المصادر

[1] An Introduction to Radiation Protection 6E

[2] Physics and Engineering of Radiation Detection

ما هو النشاط الإشعاعي؟ وما هي أنواعه؟ وما هي العوامل التي تحدد درجة خطورته؟

تطلق جميع المواد –بما في ذلك أجسادنا- بضع إشعاعات في كل فترة زمنية معينة بشكل تلقائي. وهذا ما يُعرف بالنشاط الإشعاعي. وما يميز أجسامنا عن الأجسام المصنعة في مفاعل نووي هو درجة هذا النشاط، أي عدد الإشعاعات التي يبعثها في الساعة.وتعتبر أجسادنا مستقرة إشعاعيًا، نظرًا للمقدار الضئيل الذي تبعثه من الإشعاعات. وفي المقابل، تعتبر مادة اليود المشع – التي تستعمل في علاج سرطان الغدة الدرقية- نشطة إشعاعيًا. فكيف تم اكتشاف النشاط الإشعاعي؟ وماهو القانون الذي يحكمه؟ ومتى يجب أن نقلق من وجود هذا النشاط بجوارنا؟

اكتشاف النشاط الإشعاعي

كان اكتشاف النشاط الإشعاعي مصادفة نوعًا ما. حيث اكتشفه العالم الفرنسي «هنري بيكريل-Henri Becquerel» وهو يحاول معرفة مصدر الأشعة السينية. وقد قاده افتراضه أن مصدر هذه الأشعة هو إشعاعات الشمس إلى تعريض أحد أحجار اليورانيوم لأشعة الشمس، على أساس أن الحجر سيطلق بعدها حزمة من الأشعة السينية. نجحت التجربة ولاحظ هنري وجود آثار لإشعاعات منبعثة. وللتأكد أكثر من النتيجة، أعاد التجربة دون أن يُعرض الحجر لأشعة الشمس. فوجد أن الإشعاعات قد انبعثت مرة أخرى. وهذا يعني أن الحجر يبعث إشعاعات من تلقاء نفسه دون الحاجة إلى محفز. وكانت هذه هي ظاهرة النشاط الإشعاعي.

بعدها نجحت «ماري كوري-Marie Curie» وزوجها في عزل بعض المواد المشعة (الراديوم والبولونيوم)، فنال الثلاثة جائزة نوبل في الفيزياء سنة 1903. وللتحقق من طبيعة هذه الأشعة، قام العالم «رذرفورد-Rutherford» بتجربة أخرى. فاكتشف أن هناك ثلاثة أنواع من الأشعة هي: الأشعة α –التي تتميز بشحنتها وبثقلها- والأشعة β  -التي تتميز أيضا بشحنتها لكنها أخف من الأولى- وأخيرًا، أشعة γ -التي لا شحنة ولا كتلة لها [1].

تعريف النشاط الإشعاعي وقانونه

يُعَرف النشاط الإشعاعي على أنه احتمالية أن تبعث نواة ما إشعاعات بشكل تلقائي. ويحكم هذه الظاهرة قانون النشاط الإشعاعي، الذي يتنبأ بعدد الإشعاعات المنبعثة عند كل لحظة انطلاقا من عدد النوى (جمع نواة) المتواجدة عند بداية العملية. بعبارة أخرى، إذا علمنا مقدار النوى التي لدينا في اللحظة الصفر، فإننا نستطيع معرفة عدد النوى المتحللة (التي قامت بإصدار إشعاع) في أية لحظة [1]. ويمكن كتابة القانون كالتالي:

حيث يمثل الجزء الأول من المعادلة dN/dt ، التغير الذي يحصل لعدد النوى مع مرور الوقت. ويمثل N عدد النوى في اللحظة الزمنية t. أما λ فتمثل ثابت الانحلال الذي يميز كل عنصر على حدة. وتُعرَّف λ على أنها احتمالية الانحلال خلال ثانية واحدة. ويمكننا أن نلاحظ أن عدد النوى يتناقص مع الزمن انطلاقا من علامة السالب الموجودة بالمعادلة [1] .

أنواع الانحلال الإشعاعي

للحديث عن أنواع الانحلال الإشعاعي، نُذكِّر أولًا بأن الذرة تتكون من نواة تدور حولها إلكترونات. وأن النواة تتكون بدورها من عدد Z من البروتونات –ذات الشحنة الموجبة- ومن عدد N من النيوترونات –التي لا شحنة لها.

الانحلال α

في هذا الانحلال، تبعث نواة ثقيلة X نواة الهيليوم (الجسيم α) فتتحول إلى نواة جديدة Y حسب التفاعل الآتي:

ويمكن أن نلاحظ من خلال المعادلة أن العدد الإجمالي للنويات A (عدد البروتونات والنوترونات) ينحفظ خلال التفاعل أي أنه لا يتغير. وللذكر فقط، فإن عدد بروتونات النواة Z يجب أن يزيد على 80 حتى يتأتى لهذا التفاعل أن يحدث [1].

الانحلال β

بالنسبة للانحلال β، فإنه يحدث عادة للنوى التي لها فائض من النيوترونات على حساب البروتونات. حيث تنحو النواة في هذه الحالة إلى تحويل النيوترون إلى بروتون باعثة بذلك الجسيم β الذي ما هو إلا إلكترون [1]. وتكون المعادلة على الشكل التالي:

الانحلال +β

على عكس الانحلال β، فإن هذا التفاعل يُحوّل البروتون إلى نيوترون. وبالتالي فإن النواة تكون مثقلة بالبروتونات على حساب النيوترونات في هذه الحالة. وكما يشير الإسم، فإن الإشعاع المنبعث في هذا التفاعل هو +β (البوزيترون وهو الجسيم المضاد للإلكترون) [1]. وتلخص المعادلة التالية التفاعل الذي يحصل:

التقاط إلكترون

يتمثل تفاعل التقاط إلكترون في اقتناص النواة لأحد إلكترونات الذرة، والذي يدخل في تحويل البروتون إلى نيوترون. أي أن التفاعل هنا، على عكس الانحلال+β، يحتاج وسيطًا حتى يتم تحول البروتون إلى نيوترون. وكما هو متوقع، فإن النواة الناتجة عن هذا التفاعل هي نفسها التي قد تنتج عن الانحلال+β. ونتيجة لبقاء ثغرة مكان الإلكترون الذي تم امتصاصه، ينزل أحد إلكترونات المدارات العليا ليشغلها، مطلقًا بذلك إشعاعا يحمل فرق الطاقة بين المدارين [1].

الانحلال γ

على خلاف الأنواع الأولى من التفاعلات، فإن طبيعة النواة في الانحلال γ لا تتغير. لكنها تنتقل من حالة مثارة إلى حالة أكثر استقرارًا. وينبعث إشعاع γ حاملًا معه الطاقة التي فقدتها النواة أثناء التفاعل [1].

التحويل الداخلي

على غرار انحلال γ، لا تتغير طبيعة النواة في «التحويل الداخلي- Internal Conversion». و بدلًا من انبعاث الإشعاع γ، يمتص أحد إلكترونات الذرة هذا الإشعاع ويستغل طاقته للتحرر من الذرة فينطلق بعيدًا عنها. أما بالنسبة للثغرة التي يتركها الإلكترون الهارب، فيملؤها إلكترون من المدارات العليا مع انبعاث إشعاع يحمل فرق الطاقة بينهما كما بات معروفًا لدينا [1].

الإنشطار التلقائي

في ظاهرة الانشطار النووي، تنقسم نواة ثقيلة إلى نواتين أخف وزنًا. ويختص الانشطار التلقائي بكونه يحدث بشكل طبيعي دون الحاجة إلى محفز (كما يحدث في المفاعلات النووية مثلا) [1].

العوامل التي تحدد خطورة النشاط الإشعاعي

ليس كل ما هو مشع خطير بالضرورة. و تتوقف مدى خطورة مادة مشعة على ثلاثة عوامل رئيسية:

النشاط الإشعاعي للمادة

يحدد النشاط الإشعاعي عدد الإشعاعات المنبعثة في الثانية، وبالتالي عدد الإشعاعات التي يمكن أن يتعرض لها الجسم في مدة معينة. وهكذا، فكلما زاد النشاط الإشعاعي لمادة ما، زادت معه كمية الإشعاعات التي قد يتعرض لها الجسم وبالتالي خطورة المادة لمشعة [2].

طاقة الإشعاع المنبعث

تشكل طاقة الإشعاع المنبعث أثناء الانحلال الإشعاعي أهم عامل في تحديد مدى خطورته على الجسم. ذلك أن قدرة الاختراق لدى نوع معين من الإشعاع ترتبط بشكل رئيسي بطاقته. فكلما زادت الطاقة، زادت معها قدرة الإشعاع على اختراق المادة، وبالتالي قدرته على إلحاق الضرر بالخلايا الحية [2].

نوع الإشعاع

يحدد نوع الإشعاع درجة الحماية التي يجب اتخاذها من أجل منع الإشعاعات من الانتشار في محيطنا. وتعتبر أشعة γ الأشد قدرة على الاختراق، حيث تحتاج عدة سنتيمات من الرصاص لإيقافها. تليها أشعة β -التي تحبسها طبقة رقيقة من الألمنيوم. وفي النهاية، تأتي أشعة α، التي يمكن لمجرد ورقة أن توقفها. ورغم هذا، فلا يمكن أن نحكم  بأن الإشعاع α أقل خطورة من الإشعاع  γ بالنسبة لطاقة معينة. لأنه رغم عجزها عن اختراق المادة كما تفعل أشعة γ، فإن أثرها على الخلايا الحية أقوى بآلاف المرات من أشعة γ [2].

في الختام، إن النشاط الإشعاعي ظاهرة طبيعية تحيطنا من كل الجهات ولا مهرب منها. وكل ما يمكن فعله حيالها هو اتخاذ التدابير الاحتياطية للحماية منها، خصوصًا بالنسبة للعاملين في مجالات تعرضهم لجرعات كبيرة من الإشعاع.

المصادر

[1]       The Physics of Nuclear Reactors

[2]      Handbook of Radiotherapy Physics

ما هو تأثير البيئة على المشاعر؟

يختبر كل شخص على هذا الكوكب العواطف، حيث تمثل العواطف كل المشاعر أو الأفكار التي تنشأ بشكل تلقائي على العكس من التفكير الواعي المنظم، عندما ننظر إلى هذا الأمر من منظور عالمي؛ هناك العديد من الاختلافات في كيفية تفسيرنا للتعبير عن المشاعر عندما تختلف البيئة والثقافة المجتمعية.

قد يعتقد المرء أنه إذا كان الشخص سعيدًا في الصين، فسوف تظهر هذه السعادة على الأمريكي بنفس الطريقة. حيث أنه من منظور عالمي للسلوك التنظيمي تبيّن في الحقيقة الثقافات المختلفة تفسر المشاعر وتعبر عنها وتختبرها بشكل مختلف.
هل هناك علاقة بين المشاعر واللغة؟ وكيف يتصرف البشر بشكل فردي أو اجتماعي؟

ما هي فكرة ريتشارد نيسبت عن المشاعر؟

ورد في كتاب «جغرافية الفكر لريتشارد نيسبت_the geography of thought Richard Nisbett» أنه من المهم فهم كيفية قراءة الفروق الدقيقة بين مشاعر الأشخاص الذين يأتون من بيئات مختلفة؛ لا سيما أنه من المستحيل تقريبًا بناء فريق دولي ناجح من العمال إذا لم يتمكن الأفراد التقاط أو فهم مشاعر أعضاء فريقهم.

حيث أنه مثلًا قد يكون شعور شخص من البرازيل بالعواطف يؤثر على كيفية تفسير أو تلقي شخص آخر من تايوان لمشاعر هذا الشخص. ويأتي هذا التفسير من الإشارات التي قد يرسلها كتعابير الوجه ولغة الجسد التي يلتقطها الآخرون ثم يفسرونها.

قد لا يبدو أن هناك فجوة كبيرة بين ما يشعر به شخص ما في بلد ما وكيف يفسر هذا الشعور الآخر لكن افي الواقع هناك فرق؛ حيث قرر الباحثون في إحدى الدراسات أن يعرضوا صورًا لمجموعة من الأفراد من دول مختلفة لأشخاص أظهروا مشاعر مختلفة، مثل السعادة أو الحزن أو القلق أو المفاجأة.

قام الباحثون ببعض الدراسات على أشخاص من أمريكا وتشيلي والبرازيل والأرجنتين واليابان. المدهش أن الجزء الأكبر منهم خمّنوا المشاعر التي كانوا يشاهدونها بشكل صحيح.

لكن كانت هناك نسبة كبيرة من الأفراد الذين أخطئوا في التعرف على بعض المشاعر. على سبيل المثال، خمن 32٪ من الأرجنتينيين مشاعر الخوف بشكل خاطىء. كما أخطأ 37٪ من المشاركين اليابانيين في تخمين شعور الغضب.

تثبت هذه التجربة البسيطة أنه لا يمكننا تفسير المشاعر عالميًا بنفس الطريقة،إذ يمكن للأشخاص من البلدان الأخرى إساءة تفسير المشاعر التي يمرون بها؛ مما قد يؤدي بهم إلى التفاعل مع المحيط بطريقة خاطئة.

كما أنه من الشائع مثلًا أن يحضر الأفراد جنازة ويظهروا حزنهم. بينما يجب في بعض البلدان أن يكون الشخص رزينًا وألا يُظهر الحزن في الجنازات.[1]

 كيف تؤثر اللغة على فهمنا للمشاعر؟

تبقى اللغة هي أساس الوجود، حيث أنها ليست مجرد تجربة فاللغة تلخص كامل معرفتنا وخبراتنا. كما أنها تشكل كل ما نشعر به وأيًا كان ما نقوم بمعالجته. وفي نفس الوقت، تقوم بوضع علامات على تلك المعلومات وتصنفها عاطفياً. الفكرة هي أن اللغة تشكل المشاعر وفي نفس الوقت تشكل الإدراك.

في القرن التاسع عشر بدأ الاهتمام الحقيقي بكيفية وصف اللغة لثقافة المجتمعات. وفي القرن العشرين، تم إنشاء فرضية «سابير وورف_sapir-whorf» لوصف كيفة تأثير بنية اللغة على الطريقة التي يرى بها متحدثو هذه اللغة العالم؛ لذلك يمكننا أن نرى ونستطيع فهم تلك اللغة أو إنتاج طرق محددة لمعالجة المشاعر وتنظيم هذه المشاعر والتعبيرات اللغوية بطريقة نحوية.

الحقيقة هي أنه وفقًا لكل الطرق المختلفة للدراسات في الأنثروبولوجيا؛ فإن المشاعر هي دراسات اجتماعية ولغوية وتطورية. تثبت جميع الدراسات الاثنوجرافية أن العواطف هي مجرد تعبير ثقافي واحد للتعامل مع المشاكل المستمرة للعلاقة الاجتماعية. لذا فإن العواطف أيديولوجية، على الرغم من العواطف الجسدية أو الطبيعية الواضحة جدًا قبل الثقافة.

كيف تختلف مشاعر العار والذنب في الثقافات المختلفة؟

تفرض بعض الثقافات على أفرادها أن يشعروا بطريقة معينة خلال حدث ما. على سبيل المثال، تعتبر مشاعر الذنب في الدول الغربية فردية على الرغم من أنواع من العلاقات الاجتماعية والعائلات؛ والحقيقة هي أن الترابط العائلي ومن ثم الترابط الاجتماعي أضعف بكثير من ذلك الموجود بالفعل في المجتمعات الشرقية التي يعتبرونها أكثر ترابطًا. لذلك، في المجتمعات الغربية الناس أكثر عرضة للشعور بالذنب

على العكس من ذلك؛ يميل البشر في البلدان الشرقية إلى الشعور بالعار أكثر نتيجة أفعالهم، وذلك لأنهم أكثر وعيًا بالتفاعل الاجتماعي الذي يتم فيه تقييم أفعالهم. لذا نستطيع القول أن اللغة تشكل الطرق التي نشعر بها وتحدد الاستراتيجيات الاجتماعية والعاطفية.[2]

المصادر

  1. the geography of thought Richard Nisbett
  2. COURSERA

لماذا توجد المشاعر عند الإنسان؟

غالبًا ما نتمنى نحن البشر عند لحظات الألم الجسدي أو النفسي الشديدين لو أن لدينا القدرة على فقدان الشعور! هل تخيلت الفكرة؟ حياة كاملة بلا أي شعور بالألم أو الحزن، هل ستكون حياتنا أفضل بلا شعور؟ ولماذا توجد المشاعر عند الإنسان؟

أغلب البشر لا يستطيعون العيش بدون مشاعر، حيث أن وجود المشاعر ضروري جدًا لأنها تنقذنا من الوقوع في ظروف خطيرة أو مؤلمة. لذلك فإن العواطف جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، فهي تساعد على تنظيم الجسم وتحافظ على بقائنا أحياء، كما أنها ضرورية للمواقف الاجتماعية. لا سيما أن البشر لا يستطيعون العيش بمفردهم مدى الحياة.

لماذا وجدت المشاعر؟ وكيف يترجم دماغنا تركيبة المشاعر الغريبة؟

كيف تنقذنا المشاعر من الأمراض الجسدية؟

هل تساءلت يومًا عن تفسير شعورك بالألم الشديد في أحد أعضاء جسمك؟ إنها أحد أهم وظائف المشاعر. عندما تشعر بألم في معدتك يرسل الجسم إشارات إلى الدماغ ويحثه على اتخاذ ردة فعل تجاه هذا الألم. وهذا ما يسمى الفحص التلقائي لحالة الجسم الداخلية حيث أن ردة الفعل تحقق استجابة جيدة للجسم.

هناك خيار آخر، إذا واجهت نفس الحالة الصعبة ولم تحدث عملية الفحص التلقائي، بالتالي فإن دماغك لم يستجب لإشارات الجسم، قد يؤدي هذا إلى مضاعفات خطيرة، ومنها موت الجسم، إذًا هذا هو الغرض الأساسي الجسدي والتنظيمي للنظام العاطفي.

كما أن الإدراك يجعل الدماغ يفعل شيئين مختلفين أحدهما هو تعيين المعلومات، والآخر هو تلقي معلومات متعددة من عدة مدخلات حسية من أجسامنا وأيضًا من المساهمات الخارجية.

في الوقت نفسه، تحتاج إلى تحديد كل هذه المعلومات ومعالجتها وتسجيلها في الدماغ. وفي حال حدوث هذه الحالة في المستقبل؛ يتفاعل معها الجسم بشكل أسرع، كما أن الدماغ يحاول فهم ما حدث ويحاول ملأ الفجوة طوال الوقت. [1]

ما هي قيمة ودور العواطف؟

إن دور العواطف  أساسي جدًا، خصوصًا فيما يتعلق بعملية استدلال المخ على مواضع الألم. كتب طبيب الأعصاب أنطونيو داماسيو في عام 1994 كتابًا مثيرًا للاهتمام للغاية يسمى «خطأ ديكارت-the Descartes’ Error» الذي قدم فيه فرضية «العلامات الجسدية – Somatic marker hypothesis».

الأمر بسيط للغاية، يحاول الدماغ طوال الوقت تصنيف المعلومات التي يتلقاها على أنها تصنيف إيجابي أو سلبي أو نوع آخر من الفئات. كما يتم تسجيله في ذاكرة الدماغ من أجل الاستجابة بسرعة لموقف مثل هذا في المستقبل. لذلك يمكن للجسم أن يتذكر التجارب الجيدة والسيئة في الوقت نفسه. أتاحت البنية العاطفية ملء الفراغ لتركيز الانتباه أو لإجراء تقييم أو إعادة توليد للموقف. حتى أن التوقعات النفسية  يمكن أن تولد تقييمًا لتأثيرات معينة، أو حتى إدارة أهداف الجسم.

كيف يختلف تأثير المشاعر على الأشخاص باختلاف الأعمار؟

فحص الباحثون آثار العمر وطريقة الاستجابة والعاطفة المحددة على معرفة السعادة والحزن والغضب والخوف لدى 45 طفلاً في سن ما قبل دخول المدرسة تتراوح أعمارهم بين 26-54 شهرًا. تم وضع مقياس يتضمن الدمى لجذب انتباه الأشخاص، ولتضمين التقييم في التفاعل الاجتماعي المستمر.

أشارت النتائج باستخدام هذا المقياس إلى أن:

  1. الأشخاص الأكبر سنًا قاموا بتسمية التعبيرات العاطفية والتعرف عليها بشكل أفضل من الأشخاص الأصغر سنًا.
  2. القدرة على التعرف على التعبيرات العاطفية كانت أكبر من القدرة على تسميتها، وخاصة تعبير الخوف.
  3. كانت القدرة على التعرف على المشاعر السعيدة أكبر من القدرة على التعرف على المشاعر السلبية (أي الحزن والغضب والخوف)، في حين أن تسمية التعبير السعيد تفوق المشاعر الخاصة بتعبيرات الغضب أو الخوف.
  4. تجاوزت القدرة على التعرف على التعبيرات الحزينة وتسميتها قدرات التعرف على تعبيرات الغضب أو الخوف
  5. كان من الأسهل تفسير المواقف السعيدة والحزينة، كما ارتكب بعض الأشخاص أخطاء معينة لمشاعر معينة. [2]

كيف ساعدت المشاعر البشر على البقاء؟

ساعدت المشاعر أسلافنا من البشر الأوائل على النجاة بأنفسهم في الغابة، حيث أنهم كانوا بحاجة المشاعر لاتخاذ رد الفعل الصحيح ضد المخاطر التي واجهتهم حينها.

كما أن العواطف تساعدنا على اتخاذ القرارات والتخطيط للمستقبل. تناول كتاب “خطأ ديكارت” قصة مريض تمت إزالة الجزء التالف من الفص الأمامي لدماغه. حيث لاحظ الطبيب ضعف في قدراته الاجتماعية، على الرغم من أن قدرته على الحساب والفهم كانت جيدة، بل يمكن القول أنها ممتازة.

إلا أن الطبيب لاحظ في الوقت الذي قضاه مع المريض أنه لا يظهر أي نوع من العواطف، كما أقرّ المريض أن جميع الأشياء التي كانت تثير عاطفته توقفت عن فعل ذلك بعد إجراء العمل الجراحي، مما أضعف قدرته على اتخاذ القرار.

بدون المشاعر لن نكون قادرين إلى التوصل لحلول أو قرارات نهائية. ربما يكون البكاء نهاية لموجة حزن كبيرة، والغضب بداية إزاحة حمل عن كاهلك. كما أن كل أهدافنا التي نريد تحقيقها بحاجة لدافع أو قيمة مرتبطة بها، وبدون المشاعر ستضيع هذه القيمة.

لذلك علينا الاهتمام بفهم مشاعرنا، لأنها تعكس قيمنا الداخلية، واحتياجاتنا الفردية. كما أننا بفهم عواطفنا بإمكاننا تغيير سلوكنا وتوجيهه نحو الأفضل.

المصادر:

  1. coursera
  2. Child Study Journal
Exit mobile version