ماذا يقصد بالخرسانة الشفافة؟

إذا نظرت إلى أحياء مدينتك سترى الخرسانة في كل مكان من حولك، فهي مادّة البناء الأساسية لمعظم المنشآت الآن. لكنها لم تكن كذلك في بداية الأمر، فقد بدت ثوريةً للغاية قبل الميلاد في معبد «البانثيون-Pantheon» عندما بناه الرومان. منذ ذلك الحين وإلى اليوم يستمرّ تطوّر الخرسانة لتواكب التغيُّرات المستمرّة في صناعة البناء. ويطوّر العلماء اليوم مواد بناء غريبةً وغير متوقّعة من قبل، مثل الأسمنت الصالح للأكل، والخرسانة الشفافة. وتحدِّث الخرسانة الشفافة ثورةً في صناعة الإنشاءات، وعلى الرغم من أنها مادة جديدة نسبيًا إلا أنها تكتسب شعبيةً واسعةً. ويرجّح أن تستخدم في المزيد من التطبيقات مع استمرار تطوّرها.

ما هي الخرسانة الشفافة

تعد «الخرسانة الشفافة- Translucent concrete» نوعًا من أنواع الخرسانة التي تسمح بمرور الضوء من خلالها مع الحفاظ على الخصوصية، وذلك بفعل الألياف البصرية المدمجة بها. تعرف أيضًا باسم الخرسانة شبه الشفافة، أو الخرسانة الناقلة للضوء.[1]

تُدعى الألياف البصرية أيضًا باسم «الألياف الضوئية-Fiber optic» وهي عبارة عن ألياف رقيقة ومرنة. تصنع من الزجاج أو البلاستيك لنقل البيانات عبر مساحات طويلة، وتنقل الإشارات الضوئية وتحوّلها إلى إشارات كهربائية في نهاية الاستقبال. لا يتعدّى سمكها سمك الشعرة، وتُجمّع عادةً العديد من الألياف في حزم مع بعضها. وتستخدم على نطاق واسع في الاتصالات السلكية واللاسلكية، والإنترنت، والمعدات الطبية، وأجهزة الاستشعار. مثلًا تستخدم مستشعرات الألياف البصرية لمراقبة السلامة الإنشائية للجسور والبنى التحتية الأخرى.[2]

خرسانة شفافة Translucent concreteفي الظلام.

ترتَّب الألياف البصرية في جميع أنحاء الخرسانة مما يسمح للضوء بالانتقال عبرها من طرف إلى آخر. فيظهر نمط معيّن من الضوء على سطح الجدار اعتمادًا على بنية الألياف المتواجدة فيه.[1]

متى بدأت فكرة الخرسانة الشفافة لأوّل مرة؟

يعود تاريخ الخرسانة الشفافة إلى أوائل القرن ال20، لكنها اكتسبت اهتمامًا كبيرًا في السنوات الأخيرة كمادة بناء مستدامة. ذكر مفهوم الخرسانة شبه الشفافة لأوّل مرّة في براءة اختراع قدّمها الألماني Paul Liese في مكتب الولايات المتحدة لبراءات الاختراع عام 1922. وتعلّقت براءة الاختراع بألواح أو كتل شفافة للجدران والأسقف الخرسانية. طوّر لاحقًا «جيمس هيل- James N.Hill » طريقةً لإنشاء لوح شفاف عام 1965.ثم استمرّت صناعتها بالتطوّر، حتى وصلت إلى نتيجة اليوم.[3]

صناعة الخرسانة الشفافة

تتشابه عملية صنع الخرسانة الشفافة مع الخرسانة العادية، مع فارق انتشار الألياف البصرية في جميع أنحاء الخليط. وتصنع عادةً من الأسمنت، والرمل، والماء، والركام، والملدّنات، والألياف البصرية الناقلة للضوء. يزداد انتقال الضوء بازدياد حجم الألياف POF «بولي ميثل ميثاكريليت-Poly methyl methacrylate» وقطرها. وتنتج الشركات الخرسانة الشفافة بإضافة (1-5)% من الألياف البصرية، ويستخدم ركام ناعم فيها بدلًا من ركام خشن. [1][4]

عندما يصطدم الضوء الطبيعي أو الاصطناعي بالألياف ينتقل من خلال الخرسانة، مما يجعلها مشعةً. وتوضع الألياف بعناية باليد إما طبقةً بطبقة، أو بشكل فردي ومبعثرة وذلك بالاعتماد على مظهر المنتج النهائي.[5]

فوائد عديدة في صناعة البناء

تجلب الخرسانة الشفافة عدّة فوائد على صناعة البناء والتشييد، ومنها:

  • الجمالية، يمكن استخدامها كميزة معمارية لخلق منظر جمالي مريح وفريد للمبنى. وقد تستعمل في الديكور الداخلي لأجزاء محدّدة من الفراغات.
  • الرصد الإنشائي، يمكن دمج الألياف الضوئية في الخرسانة للكشف عن الإجهاد الإنشائي، ويؤدّي ذلك إلى الكشف المبكّر عن المشاكل المحتملة.[6]
  • انخفاض الوزن، الخرسانة الشفافة أخفّ من الخرسانة العادية، والذي يؤثّر بدوره على الوزن الذاتي للهيكل، مثلًا تنخفض قيمة الحمولة الميتة. ويقصد بالحمولة الميتة في الإنشاء: الأحمال التي تكون ثابتةً نسبيًا مع مرور الوقت، بما في ذلك وزن الهيكل الإنشائي، والجدران، والأبواب.
  • تحسين مقاومة الانضغاط الأولية بنسبة تتراوح بين 10-15% بعد 28 يومًا، في حال استخدام مزيج الألياف البصرية بنسبة 3%. بينما تنخفض مقاومة الانضغاط تدريجيًا مع زيادة الألياف البصرية في المزيج.[4] ويقصد بمقاومة الانضغاط قدرة المادة على مقاومة القوى الضاغطة محوريًا.

تأثيرات على البيئة

تمتلك الخرسانة الشفافة العديد من التأثيرات البيئية التي تجعل منها مادّة بناء مستدامة. إذ تقلّل استهلاك الطاقة لأنها تسمح بمرور الضوء الطبيعي من خلالها، نتيجةً لذلك تقلّ الحاجة إلى استعمال الإنارة الاصطناعية خلال أوقات النهار. وتُصنع من ملاط يتطلّب كمّية مياه أقلّ، ويُنتج نفايات أقل أيضًا. بسبب ذلك ينخفض انبعاث الكربون، وتتحسّن نوعية الهواء بسبب الملوثات الأقل نسبيًا. مما يخلق بيئةً صحيةً أكثر داخل المبنى.[7]

تحديات ومساوئ

تعتبر الخرسانة الشفافة تقنيةً جديدةً نسبيًا، ولا يزال هنالك الكثير من البحوث والتجارب التي يجب القيام بها لفهم كامل خصائصها وتطبيقاتها. وتواجه العديد من الصعوبات والعوائق ومنها:

  • العثور على المواد الصحيحة. يجرّب الباحثون العديد من المواد التي تسمح للضوء بالمرور من الخرسانة، وتحافظ على السلامة الهيكلية لها في نفس الوقت. ويعمل الباحثون اليوم على تطوير الخليط باستخدام مواد نانوية وزجاج بليكسي Plexiglass.
  • الحفاظ على الخصائص الميكانيكية، إذ يمكن أن تتغيّر بإضافة الألياف. على سبيل المثال؛ تمتلك الخرسانة الشفافة مقاومة انضغاط أقل من الخرسانة التقليدية، والتي قد تحد من استخداماتها في تطبيقات معينة.[8]
  • امتصاص الرطوبة، يمكن للخرسانة الشفافة امتصاص الرطوبة، وقد يؤدي ذلك إلى تغيير اللون وغيرها من المشكلات مع مرور الوقت.
  • التكلفة، تتطلب الخرسانة الشفافة تكلفة أعلى لصنعها، بسبب سعر الألياف البصرية المرتفع، وعملية التصنيع الإضافية.
  • التوافر المحدود، لأنها غير متاحة على نطاق واسع، مما يجعل من الصعب الحصول عليها لبعض المشاريع.[6]
  • قيود على التصميم. على سبيل المثال؛ قد تكون كمية الضوء التي تمرّ محدودةً، ويختلف مظهر الخرسانة اعتمادًا على زاوية ورود الضوء. لذلك يجب على المعماريين أخذ هذه العوامل بالحسبان أثناء تصميم المشروع.[8]

مسجد العزيز في أبو ظبي

يحتوي مسجد العزيز في أبو ظبي على عناصر بارزة من الكتابة العربية، تمثّل تهجئة 99 اسمًا للّه من القرآن. وتضيء الكتابة على الواجهة البالغ مساحتها 515 متر مربع في الظلام بفعل الخرسانة الشفافة. حيث تمكّنت الشركة الألمانية LUCEM من تحديد موقع الألياف الضوئية وفقًا للرسومات التي قدّمها المعماريون والخطّاط العربي.

مسجد العزيز في أبو ظبي.

وصبغوا الخرسانة بذات لون الألواح الحجرية المستعملة في أماكن أخرى من واجهة المسجد، حتى تصبح الواجهة متناسقةً. كما صبغوا الألواح الشفافة بالرمل، من أجل منحهم الملمس الصحيح. على الرغم من أن الواجهة تبدو وكأنها مضاءة من داخل المبنى، لكن يتحقق التأثير بالحقيقة بفضل نظام المصابيح المثبّتة داخل تجويف الجدار.[9]

جزء من الكتابة على واجهة مسجد العزيز في أبو ظبي.

مصرف العاصمة في الأردن

سعى مصممو «مصرف العاصمة- capital bank» إلى تغيير النهج التقليدي للمصارف، وإنشاء تجربة تجارية فيه. فاستعاضوا عن طاولات الخدمة وأماكن الانتظار التقليدية بمكاتب فردية، وأماكن استقبال مخصّصة لتلبية احتياجات العملاء. ودمجوا الطبيعة في التصميم عن طريق وضع المكاتب حول فراغ داخلي متأثر بالحدائق اليابانية. أما بالنسبة للمظهر الخارجي، فعادةً ما تتطلب المصارف وجود خصوصية للعملاء، لذلك توضع الفتحات الزجاجية في الحد الأدنى. واختار المهندسون الحجر للإكساء، لكي يتناسب مظهر المصرف مع العمارة المحلية في المنطقة. بينما استخدمت الخرسانة الشفافة لإكساء واجهة الدرج بارتفاع 14م من أجل استكمال فكرة الطبيعة التي تتدفّق عبر الأضواء والظلال. واستخدمت كذلك خرسانة عادية لتغطية الأجزاء غير الشفافة من الواجهة، والتي صنعت بذات الخليط السابق للحفاظ على السطح النهائي متماثلًا ومتناسبًا أيضًا مع لون الحجر المستعمل في باقي أنحاء المبنى.[10]

Capital bank في عمان الأردن.

استخدامات متنوعة في التصميم الداخلي والديكور

تدخل اليوم الخرسانة الشفافة في التصميم الداخلي بكثرة. على سبيل المثال كنيسة St. Andreas في ألمانيا. وفي ردهة Hansa carrée في هامبورغ، ألمانيا. وتنار بألوان مختلفة من للخلف، فيخلق ذلك مظهرًا فريدًا ومميزًا.[11]

كنيسة St. Andreas في ألمانيا.
ردهة Hansa carrée في هامبورغ، ألمانيا.
ردهة Hansa carrée في هامبورغ، ألمانيا.

وصنعت كذلك نجمة متعددة الألوان على الأرض كمشروع فني مشترك في مدينة آوغسبورغ الألمانية.[11]

نجمة من الخرسانة الشفافة في مدينة آوغسبورغ الألمانية.
نجمة من الخرسانة الشفافة في مدينة آوغسبورغ الألمانية.

يبدأ كل ابتكار بفكرة، ونطوّر اليوم ما بدأ به أسلافنا منذ أكثر من ألفي عام. فإلى أين ستقودنا أفكارنا لاحقًا في المستقبل البعيد؟

المصادر

  1. iJRASET
  2. National Library of medicine
  3. Semantic scholar
  4. Research Gate
  5. LUCEM
  6. Research Gate
  7. Research Gate
  8. Semantic scholar
  9. Archdaily
  10. Archdaily
  11. LUCEM

سلسلة العمارة الإسلامية: قباب الحرم القدسي الشريف

تعرّفنا في مقالٍ سابق على عناصر الحرَم الشريف والمسجد الأقصى الرئيسية، وفي هذا المقال سنتابع الحديث عن أحد أنواع العناصر العديدة المكوّنة له، ألا وهي قباب الحرم القدسي الشريف.

القباب

يحتوي الحرم القدسيّ الشريف على ثلاث عشرةَ قبّةٍ، تعرّفنا في مقالاتٍ سابقة على أكبر قبّتين منها، قبّة الصخرة وقبّة السّلسلة، أمّا القباب الإحدى عشرة المتبقيّة فهي:

قبة المعراج

عبارةٌ عن هيكلٍ مثمّن الشّكل يحملُهُ ثلاثون عموداً من الرّخام [1]، يقع مدخله في جهته الشمالية، ويوجد فيه محرابٌ يشير إلى اتجاه القبلة، وما يميّز هذه القبّة وجود قبّةٍ أصغر حجماً أعلى القبة الأساسية والتي يبدو شكلها كالتاج [2].

لا يزال عام بناء القبة واسم مؤسسها غير معروفَين ؛ تم تجديدها من قبل الأمير عز الدين عثمان بن علي الزنجبيلي، محافظ القدس، في عهد الملك الأيوبي العادل في عام 1200 م [2]، وخلال الترميم الأخير الذي خضعَت له، تم استبدال صفائح الرصاص التي كانت تغطيها بألواحٍ حجرية [1].

الشكل 1: قبة المعراج

قبة النبيّ

قبّةٌ يحملها هيكلٌ مثمّنُ الشّكل تقع شمال غرب قبّة الصخرة [2]، ويُعتَقَد أنّ بناءها قد تمّ في المكان الذي صلّى به النبيّ محمد (ص) إماماً بالأنبياء والملائكة في ليلة الإسراء والمعراج [3].

القبة، المغطاة بصفائح الرصاص، ذات شكل نصف بيضوي. يعلوها فانوس يحمل أعلاهُ هلالًا. ولها وهي مقسمة إلى أضلاع لتعزيزها. وتحملها ثمانية أعمدة رخامية فوق قاعدة مثمّنة الشّكل، ويجمع بين كلّ عمودَين قوسٌ مدبّب مزيّنٌ بحجارةٍ حمراء وسوداء وبيضاء، ويعلو كلٌّ منها تاجٌ مزخرف [4].

تحت القبة، مُصلّى مصنوعٌ من الحجارة الملونة. ويحاط بجدارٍ حجريٍّ منخفض من جميع الجوانب، باستثناء مدخل صغير من جانب واحد. هناك مساحة محدودة للغاية داخل المصلّى، حيث يمكن لشخص واحد فقط أن يصلّي فيه في كل مرة [4].

أمر محمد بك، حاكم غزة والقدس في عهد السلطان العثماني سليمان القانوني، ببناء المُصلّى، بينما أمر السلطان عبد المجيد ببناء القبة [2].

الشكل 2: قبة النبيّ
الشكل 3: مصلّى قبة النبيّ [4]

قبة سليمان

تقع هذه القبة في الجزء الشمالي من الحرم الشريف، ويُعتَقَد أنها قد بُنِيت اللمرة الأولى في الفترة الأموية [2]، وبالتحديد في عهد سليمان بن عبد الملك (715-717م)، الخلفية الأمويّ السابع، لكنّ المنشأة الحالية تعود للفترة الأيوبية وبالتحديد لبداية القرن الحادي عشر الميلادي [3] حيث تمّ ترميمها في تلك الفترة [2].

القبة مثمنة الشكل وتستند إلى 24 عمودًا من الرخام؛ وبداخلها صخرة صغيرة يُعتقد أنها قطعة مأخوذة من صخرة الإسراء المقدسة، ولهذا السبب كانت محمية بسياج حديدي في الماضي.
وللقبة محرابٌ يشير إلى القبلة ومدخل صغير في الشمال. اليوم، يستخدم المبنى كمقر للدعاة الإناث في مديرية أوقاف القدس [2].

الشكل 4: قبة سليمان

قبة موسى

بناها الملك الأيوبي نجم الدين بن الملك الكامل عام 1249-1250 ميلادي كمكان للعبادة وملاذ لرجال الدين والأئمة [2]، وهي غرفة مربعة كبيرة؛ طولها وعرضها يساويان ستة أمتار، مبنيّةٌ على مصطبة في منتصف الساحة الغربية للحرم القدسي الشريف. تحتوي على ست نوافذ، وتعلوها قبة، و لها مدخل شمالي. وفي الماضي، كانت تسمى أيضًا قبة الشجرة ؛ لوجود شجرة نخيل ضخمة بجانبها [5].

يقول بعض المؤرخين إنها سميت قبة موسى نسبةً للنبي موسى (ع)، بينما يقول آخرون أنّ تسميتها نسبةٌ لشيخ كان يؤدي الصلاة فيها. [2]

الشكل 5: قبة موسى

قبة الخضر

قبة الخضر، هي قبة قائمة بذاتها تقع بالقرب من الحافة الشمالية الغربية من مصطبة قبة الصخرة. بنيت في الأصل في القرن العاشر الميلادي وتم تجديدها على نطاق واسع خلال العهد العثماني في القرن السادس عشر [3]. وهي مرفوعةٌ على ستّة أعمدةٍ رخامية [2]، يوجد تحت الهيكل قاعة مستطيلة (زاوية الخضر) مسقوفة بقبوة اسطوانيّة على مستوى ساحة الحرم [3] يوجد فيها محرابٌ مبنيٌّ من الحجر الأحمر [2].

الشكل 6: قبة الخضر

قبة يوسف آغا

بنى يوسف آغا، حاكم القدس في عهد السلطان العثماني محمد الرابع، هذه القبة غرب المسجد القبلي في عام 1681 م. وهي منشأة مربعة الشكل تعلوها قبة صغيرة. وتستخدم اليوم كمكتب استعلاماتٍ للمسجد الأقصى.

الشكل 7: قبة يوسف آغا [3]

قبة يوسف

تم بناء القبة في عام 1191م من قبل الملك الأيوبي يوسف بن أيوب الذي اشتهر بلقب صلاح الدين. تم تجديده في عام 1681 م في عهد السلطان العثماني محمد الرابع، ونُسب اسمه إلى مؤسسه يوسف بن أيوب، وفي مرحلة لاحقة نُسب إلى مُجدِّده الوالي العثماني علي بن يوسف آغا.
هيكل القبة مفتوح من جميع الجوانب، باستثناء الجانب الجنوبي المغلق بجدار. يعتمد على عمودين حجريين ويحتوي على نقشين. [3]

الشكل 8: قبة يوسف [3]

قبة الأرواح

قبة صغيرة تقع في فناء قبة الصخرة. وتستند إلى ثمانية أعمدة رخامية متصلة بثمانية أقواس تحمل طبلة القبة.
يُعتَقَد أنّه قد تمّ بناء القبة خلال القرن السادس عشر الميلادي وتسمى «قبة الأرواح» بسبب موقعها القريب من «بئر الأرواح» الذي يقع تحت قبة الصخرة [2].

الشكل 9: قبة الأرواح

قبة الخليلي

أمر محمد بك حافظ، حاكم القدس العثماني، ببناء هذه القبة في عام 1700 م. تقع القبة إلى الشمال الغربي من قبة الصخرة وتتكون من غرفتين، إحداهما في الطابق الأرضي والأخرى في الطابق السفلي تحت الأرض. تُعرف هذه القبة أيضًا باسم «قبة الشيخ الخليلي» على اسم شيخ صوفي كان يؤدي الصلاة هناك. وتستخدم القبة اليوم كمكتب للجنة الصندوق الهاشمي لترميم المسجد الأقصى وقبة الصخرة [2].

الشكل 10: قبة الخليلي

قبة عشّاق النبيّ

لترك معلم تذكاري داخل المسجد الأقصى، بنى السلطان العثماني محمود الثاني هذه القبة في الجزء الشمالي من الحرم في عام 1808 م. القبة مصنوعة من مبنى مربع مفتوح من جميع الجوانب وتعلوه قبة صغيرة. يقوم المبنى على أربعة أعمدة حجرية مبنية على منصة أعلى بنصف متر من بقية أراضي الأقصى.
كما أنها معروفة باسم «قبة عشاق النبي» لأن الشيوخ الصوفيين كانوا يجتمعون تحتها للصلاة وذكرِ الله. [2]

وهو آخر مبنى تذكاري يقيمه سلطان عثماني في منطقة الحرم بعد مشاريع السلطان سليمان الكبرى في القرن السادس عشر [3].

الشكل 11: قبة عشّاق النبيّ

القبة النحويّة

أنشأها الملك شرف الدين أبو المنصور عيسى الأيوبي عام 1207م [3]، وخصصها لتدريس النحو وقواعد اللغة العربية [2].

في عام 1213 م أضاف قبة فوقها. يتكون المبنى من غرفتين وممر في المنتصف تعلوه قبتان: تقع القبة الفضية الكبرى فوق الغرفة الغربية، وتقع القبة الصغرى فوق الغرفة الشرقية، بينما سقف الردهة مسطح، ويقع مدخل القبة على جانبها الشمالي ويحيط به عمودان من الرّخام.

ظلت المنشأة مدرسة للغة العربية وقواعد النحو والصرف حتى القرن السابع عشر الميلادي، ولعبت دورًا كبيرًا في المشهد الثقافي والفكري في القدس. خلال القرن الماضي [2]، وتحوّلت إلى مكتبة أثناء الاحتلال البريطاني [3]، تم استخدام القبة كمكتبة للمجلس الأعلى الإسلامي وكمكتب معماري لترميم وإعادة بناء قبة الصخرة. وهي اليوم مكتب القائم بأعمال قاضي القضاة ورئيس مجلس الوقف الإسلامي ومقر لمحكمة الاستئناف الشرعية في القدس [2]

الشكل 12: القبة والمدرسة النحويّة

لقراءة المزيد عن الحرم الشّريف تابع المقال: المسجد الأقصى والحرم الشريف؛ تاريخه، وعناصره المعماريّة

المصادر

  1. madainproject.com – dome of the ascension
  2. haramalaqsa.com – aqsa en jordan final/pdf
  3. madainproject.com – domes of haram al sharif
  4. madainproject.com – dome of the prophet
  5. madainproject.com – dome of malik ashraf musa

كيف تتعامل المدن الذكية مع الكوارث الطبيعية؟

هذه المقالة هي الجزء 14 من 18 في سلسلة كيف ستغير المدن الذكية من شكل عالمنا؟

تجلب الكوارث الطبيعية عواقب مدمرة على المدن وسكانها، وازداد في السنوات الأخيرة تواتر الكوارث الطبيعية وشدّتها. بالتالي تحتاج المدن إلى أن تكون أكثر استعدادًا للتصدّي لهذه المخاطر. وبرزت «المدن الذكية-Smart cities» كحل محتمل لتعزيز قدرة البنى التحتية على الصمود أمام الكوارث الطبيعية. إذ تستطيع المدن الذكية توقّع الكوارث عن طريق التقنيات الحديثة مثل أجهزة الاستشعار، وتحليل البيانات، والذكاء الاصطناعي. وتساعد هذه التقنيات المدن على التكيُّف مع آثار التغيّر المناخي، وإدارة الموارد المائية.

كيف تتنبأ المدن الذكية بوقوع الكوارث الطبيعية؟

تعمل تقنيات المدن الذكية مع بعضها لتوقّع حدوث الكوارث الطبيعية، وتعتمد غالبًا على إنترنت الأشياء IoT، و«البيانات الضخمة-Big data». ويمكن استخدام هذه التقنيات بعدّة طرق ومنها:

  • حصاد البيانات: ينشر إنترنت الأشياء أجهزة استشعار في جميع أرجاء المدينة، لجمع البيانات. ويمكن الاستفادة منها لرصد العوامل البيئية المختلفة مثل درجة الحرارة، والرطوبة، وجودة الهواء. على سبيل المثال؛ نفّذت لوس أنجلوس نظامًا للإنذار المبكِّر بالزلازل، يعتمد على المستشعرات للكشف عن النشاط الزلزالي، وتنبيه وحدات الطوارئ والمواطنين.
  • تجميع البيانات ومعالجتها الأولية: تجمع مجموعة البيانات القادمة من مصادر مختلفة، بهدف تكوين صورة شاملة عن الوضع الحالي. من ثم تُنقّى وتُصفّى لإزالة أي معلومة غير ذات صلة، أو مكرّرة.
  • تقنيات الشبكة الدلالية Semantic web: وهي امتداد للشبكة العالمية WWW، وتهدف إلى إعطاء معنىً للبيانات الخام المحيطة بنا من خلال إظهار العلاقات بين المفاهيم. تستعمل عادةً لتوضيح البيانات المجمّعة، وتحسِّن من قدرتنا على فهمها.
  • تحليل البيانات الضخمة BDA: يساعد ذلك في تحليل الأنماط والشذوذ التي قد تشير إلى بداية كارثة ما.[1][2] يوجد نوعان من التحليل: التحليل غير المباشر، والتحليل الآني. يستخدم التحليل الآني عند الحاجة إلى اتّخاذ إجراء فوري على أساس البيانات المجمّعة، وغالبًا ما يستعمل في تطبيقات التحكّم المصرفية وأنظمة الحجز. ويستخدم التحليل غير المباشر عندما لا تحتاج البيانات أن تحلل آنيًا، أو عندما تكون مجموعة البيانات كبيرةً جدًا لتحلل بسرعة. يساعد التحليل الآني في الكشف عن الكوارث المحتملة أثناء حدوثها، بينما يحدّد التحليل غير المباشر الأنماط والاتّجاهات التي قد تشير إلى احتمال وقوع كوارث في المستقبل.[3]

على سبيل المثال؛ توضع مستشعرات في غابة ما لمراقبة وجمع البيانات، وعند تحليل البيانات قد تشير التغيُّرات في درجات الحرارة أو مستويات الرطوبة إلى احتمالية نشوب حريق هائل. من ثم ترسل الأجهزة الذكية إنذارًا فوريًا إلى السلطات المسؤولة لأخذ الاحتياطات اللازمة.

تعامل المدن الذكية مع الكوارث الطبيعية.

استجابة المدن الذكية للكوارث الطبيعية

تساعد تقنيات المدن الذكية في إدارة آثار الكوارث الطبيعية من خلال توفير المعلومات اللازمة بسرعات فائقة، وتمكين الاتّصال الفعّال بين مختلف الجهات، وتقليص الزمن اللازم للاستجابة. ترصد شبكات الاستشعار اللاسلكية WSNs وتراقب عن بعد المناطق الحرجة، وساحات المعارك، أو المناطق المعرضة للبراكين، والفيضانات. نتيجةً لذلك تتوفّر لدى الجهات المسؤولة المعلومات اللازمة لتقييم الأضرار واتّخاذ القرارات المناسبة. وتوفر “البيئة الافتراضية التعاونية” منصّةً للتواصل والتعاون الآني بين أوائل المستجيبين للكوارث، وأصحاب القرارات. وتجمّع “نظم محاكاة موزعة لإدارة الكوارث والاستجابة لها” بين شبكات الاستشعار اللاسلكية وتقنيات البيئة الافتراضية التعاونية. من أجل ضمان السلامة والأمن العامَّين، فتدرب أوائل المستجيبين على استخدام أحدث تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ICT. نتيجةً لذلك يتحسَّن أداء بعثات الكشف والبحث والإنقاذ.[4] أدَّت كذلك وسائل التواصل الاجتماعي في زلزال نيبال عام 2015 دورًا فعّالًا في نشر المعلومات، وتنسيق جهود فرق التطوّع والإنقاذ.

ترافق الكوارث الطبيعية في أغلب الأحيان انقطاعات في التيّار الكهربائي. وهنا يأتي دور «الشبكات الذكية-Smart Grid» لتأمين الطاقة، وضمان بقاء عمل البنية التحتية الحيوية كالمستشفيات وخدمات الطوارئ.

تلعب كذلك تطبيقات الذكاء الاصطناعي AI دورًا مهمًا في الاستجابة للكوارث، فتساعد على تَتبُّع المواقع، ورسم الخرائط، والتحليل الجغرافي المكاني. وتستفاد الجهات المعنية من الروبوتات، والمركبات ذاتية القيادة، وتعلم الآلة لتعزيز إدارة الأضرار. على سبيل المثال؛ يحلِّل الذكاء الاصطناعي صور الأقمار الصناعية لمساعدة الحكومات على اتّخاذ إجراءات سريعة وفعّالة.[5]

تعتبر الاتصالات اللاسلكية العمود الفقري لأنظمة الرعاية الصحية الذكية في الاستجابة للكوارث. فيزوِّد الأطباء المرضى بالتشخيص، والعلاج، والعديد من الخدمات الصحية سواءً كانوا داخل المستشفيات أو خارجها. بشرط أن تجهز وحدات الرعاية الصحية بتقنيات متقدّمة. يلزم أيضًا وجود وحدة للاستجابة السريعة من أجل التعامل مع المرضى والاستفسارات التي تنشأ عادةً أثناء الكوارث.[6]

الرعاية الصحية الذكية في الكوارث.

طائرات بدون طيار

يوفّر نظام «الإنقاذ الذكي-Auto-FRD» استجابةً سريعةً للحالات الحرجة في المدن. ويتألّف النظام من 3 أقسام رئيسية: شبكة الاستشعار، وطائرات بدون طيار، ومركز القيادة. فتنتشر الطائرات تلقائيًا إلى موقع معيّن عند تلقّي إشارة تنبيه من المستشعرات، من ثم تزوّد مركز القيادة بالنتائج.[7] يمكن للطائرات بدون طيار المساعدة في مهامّ البحث والإنقاذ بطرق عديدة ومنها:

  • المراقبة الجوية المستمرّة، تستطيع هذه الطائرات توفير مراقبة جوية مستمرة حتى 100 متر فوق سطح الأرض.مما يساعد على تحديد موقع الضحايا وتقييم الوضع الراهن.
  • التزويد بفيديو عالي الدقة وصور، تلتقط الطائرات صورًا جويةً وحراريةً، وفيديو عالي الدقة لمنطقة الكارثة.
  • معلومات رادارية، تستخدم الطائرات رادار استكشاف باطن الأرض للكشف عن الناجين المحتملين المدفونين تحت الأنقاض. بالتالي تحديد أماكن الضحايا، ومحاولة إنقاذهم.
  • نموذج ثلاثي الأبعاد للمنطقة المرغوبة، تنشئ هذه الطائرات نموذج ثلاثي الأبعاد لمنطقة الكارثة بدقة عالية أو منخفضة حسب الرغبة.[8]
  • الكشف التلقائي عن البشر الذين تقطّعت بهم السبل. يمكن تزويد الطائرات بتقنيات معالجة الصور وتتبّع خوارزميات الشبكات العصبية المعقّدة، للكشف التلقائي عن البشر المفقودين إثر الفيضانات وغيرها من المخاطر.[9]
  • الهبوط الذاتي على أهداف متحرّكة، يمكن أن يساعد ذلك على تقديم أدوات الطوارئ للضحايا المحتاجين.[10]

على سبيل المثال؛ استخدمت الكاريبي طائرات بدون طيار لتقييم الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية بعد حصول كارثة، وحدّدت الأماكن المحتاجة إلى مساعدات.

تقدم الطائرات بدون طيار مساعدات أثناء الكوارث الطبيعية.

على الرغم من فوائد الطائرات بدون طيار إلا أنها تمتلك آثارًا سلبيةً أيضًا. فقد تشكّل خطرًا على سلامة فرق الإنقاذ والمدنيين إذا تعطّلت أو تحطّمت. يمكن استخدامها من قبل جهات معادية لأغراض خبيثة كالتجسّس أو إيصال حمولات ضارّة. يتطّلب إجمالًا استخدام الطائرات ذاتية القيادة النظر بعناية في المخاطر والفوائد المحتملة. ويساعد التدريب والصيانة والتنظيم على تخفيف المخاطر، وضمان الاستخدام الآمن والفعّال في أوقات الطوارئ.[4]

تحديات تعيق المدن الذكية

على الرغم من جميع التطوّرات لا يمكن للتقنيات الذكية توقّع الأخطار والتهديدات بشكل كامل في الكوارث الطبيعية. ويطرح إدخال تقنيات المدن الذكية في الكوارث عدّة تحدّيات، وفيما يلي بعض هذه التحدّيات:

  • تحديات الحفاظ على الاتصالات الشبكية. تعتمد المدن الذكية على شبكات الاستشعار اللاسلكية WSN المنتشرة في كل مكان، لكنها قد تتلف في بعض الكوارث أو يضعف اتصالها. يمكن كذلك أن تتعطل الاتصالات والإنترنت، وقد ينعدم الاتصال بأجهزة إنترنت الأشياء. مما يجعل من الصعب نقل المعلومات اللحظية.[11]
  • تحديات اقتصادية، يتطلّب تطوير البنية التحتية للمدينة الذكية استثمارات كبيرة، والتي تعيق المدن ذات الموارد المحدودة.
  • تحديات إدارية، تتطلب إدارة هياكل المدن الذكية مهارات ومعارف متخصّصة وأشخاص ذوي خبرة، والتي لا تكون متاحةً بسهولة في جميع المدن. زيادةً على ذلك، تحتاج هذه الهياكل دمج مختلف التخصّصات والتقنيات العلمية، مما يشكّل عائقًا إضافيًا.
  • مصيدة التكنولوجيا، قد تصبح تقنيات المدن الذكية قديمةً بسرعة، بسبب التطورات السريعة. ولكي تواكب المدن أحدث التطورات تحتاج أن تستمرّ في الاستثمار في التقنيات الجديدة.
  • تحديات ثقافية، قد لا يتقبّل جميع المواطنين تقنيات المدن الذكية بسهولة، ولا سيما أولئك الذين يقاومون التغيّر، أو لا يلمّون بالتقنيات الحديثة.[12]

مخاطر الفيضانات

أصبحت الفيضانات إحدى الكوارث الطبيعية الكبرى المؤثرة على سلامة الحياة البشرية، والبناء الاقتصادي، والتنمية المستدامة. لذلك أجريت العديد من الدراسات التي حلّلت أنماط التوزيع المكاني والزماني لمخاطر الفيضانات العالمية، والعوامل المؤثّرة عليها. وكشفت النتائج ازدياد خطر الفيضانات على الصعيد العالمي خلال الفترة الممتدّة بين 2005-2020. وحدّد الخبراء أماكن تركّز الخطر بشكل رئيسي، وهي شرق وجنوب آسيا، وأوروبا الوسطى والغربية. واعتبروا سنغافورة من أكثر الدول تعرّضًا للتهديد.[13]

دايجون، كوريا الجنوبية

استحدثت دراسة تدعى “نظام الإنذار الذكي للتصدي للفيضانات” تقنية محاكاة للتنبؤ بالفيضانات في مدينة دايجون في كوريا الجنوبية. إضافةً إلى ذلك، صنع الخبراء نظامًا مساعدًا يوفّر المعلومات اللازمة لتحديد طريقة وزمن الإجلاء. وربطوا النظام مع خدمة التنقل الذكي لمعرفة حالة الطرق وتنظيم النقل. كما طوّروا نظامًا سريعًا من أجل نقل الحالات المستعجلة لتقليل الأضرار التي تلحق بالمواطنين.[14]

بوغوتا، كولومبيا

اقترحت ورقة علمية بعنوان “بنية الاتصال لنموذج التنبؤ بالفيضانات” تطوير وتنفيذ بنية ذكية لصنع القرار عند مواجهة الأمطار الغزيرة والتهديدات المحتملة للفيضان. يعمل النظام على أساس جمع وتحليل بيانات عن مستوى المياه، والتدفّق، والضغط، ودرجة الحموضة، والرطوبة، ودرجة الحرارة في الأمطار التي تهطل على حي مينو تودي ديوس في مدينة بوغوتا في كولومبيا. ويهدف النظام إلى توليد إنذارات مبكّرة واتخاذ قرارات حاسمة في حالات الخطر.[15]

منشأة متكاملة في أورلاندو، فلوريدا، أمريكا

تحوي مدينة أورلاندو منشأةً متكاملةً تسمّى «مركز عمليات أورلاندو- OOC»، أنشأها العمدة عام 2001 بعد إعصار عام 1997. وتربط المنشأة عمل كل من شبكات الألياف الضوئية، وكاميرات المراقبة، وخدمات النقل، والشرطة، والمطافئ، وذلك في حوادث الطرق، والجرائم، والكوارث. ويدير المركز أزمات الطوارئ الخاصّة، إضافةً إلى حالات الكوارث الطبيعية واسعة النطاق.[16]

ضرورة التعاون لمستقبل أفضل

لا تحترم الكوارث الطبيعية الحدود الوطنية، ويمكن أن يكون لتأثيراتها تداعيات عالمية. لذلك تظهر ضرورة التعاون العالمي، كما تساعد المبادرات الدولية على تبادل المعارف والموارد بين الدول. وقد نفّذت بعض الدول بالفعل خططًا جديدةً للتعامل مع الكوارث الطبيعية. وتعتبر اليابان، وسنغافورة، وهولندا من بين الدول الرائدة في هذا المجال. وفي نهاية المطاف، يرتبط نجاح هذه التقنيات بمدى التعاون الحاصل بين الحكومات، والقطاع الخاص، والمواطنين، وبدون ثقة المواطنين لا يمكن لهذه الأنظمة النجاح.

المصادر

  1. Semanticsholar
  2. wiley online library
  3. back4app
  4. ResearchGate
  5. MDPI
  6. Readcube
  7. semanticsholar
  8. IEEE
  9. ResearchGate
  10. ResearchGate
  11. ResearchGate
  12. semanticsholar
  13. MDPI
  14. semanticsholar
  15. IEEE
  16. Semanticsholar

المسجد الأقصى والحرم الشّريف؛ تاريخه، وعناصره المعمارية

يعتبر المسجد الأقصى ، الواقع في القدس القديمة، ثالث أقدس مسجد في الإسلام بعد المسجد الحرام في مكة المكرمة والمسجد النبوي في المدينة المنورة [1][2]، وتعدّ عمارة المسجد مزيجاً من الطرز المعمارية البيزنطية والأموية والعباسية والفاطمية، مما يعكس الفترات المختلفة لبنائه وتجديده [3][4]، وفي هذا المقال، سنتعرف على تاريخ بناء المسجد الأقصى وعناصره المعمارية.

تاريخ المسجد الأقصى

عهد الخلفاء الراشدين

كان أول مسجد تم بناؤه في الموقع في عهد عمر بن الخطّاب عبارة عن هيكل بدائي مبني من دعامات خشبية. تم تشييده عام 636/637 م بعد دخول القوات الإسلامية لمدينة القدس.

الفترة الأموية

خلال العصر الأموي، تم تشييد مبنى جديد موقع مسجد عمر. بادر عبد الملك بن مروان بمشروع المسجد الذي كان قد شُيّد قبل حوالي سبعين عامًا. تم الانتهاء من بناء أول مسجد أموي في الموقع في عهد الوليد ابن عبد الملك بن مروان.

الفترة العباسية

تم تجديد المسجد الأقصى بشكل كبير في عهد الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور لأول مرة. وبعد ذلك، تم تجديد المدخل الرئيسي على نطاق واسع من قبل الخليفة المأمون ثم المهدي من بعده.

الفترة الفاطميّة

تم تنفيذ إعادة بناء أخرى خلال الفترة الفاطمية في القرن الحادي عشر.

بالإضافة للعديد من المباني والإضافات التي تمّ بناؤها خلال الفترتين الأيوبية والمملوكية.

الفترة العثمانية

اهتم العثمانيون كثيرًا بالمسجد القبلي، وخاصة السلطان سليمان القانوني الذي أجرى تجديدًا شاملاً للمبنى، وكذلك السلطان محمود الثاني، والسلطان عبد العزيز، والسلطان عبد الحميد الثاني الذي قام بتأثيث المسجد بالسجاد وزوده بفوانيس جديدة.

العصر الحديث

خلال فترة الانتداب البريطاني، قام المجلس الإسلامي الأعلى ببعض أعمال الترميم في عامي 1922 و 1924 م. تم إجراء أعمال الترميم الأولى في القرن العشرين في عام 1922م، عندما كلف المجلس الإسلامي الأعلى بقيادة أمين الحسيني (مفتي القدس) المهندس التركي أحمد كمال الدين بك بترميم المسجد الأقصى والآثار في محيطه. كما كلف المجلس مهندسين معماريين بريطانيين وخبراء هندسة المصريين ومسؤولين محليين للمساهمة والإشراف على الإصلاحات والإضافات التي تم تنفيذها في 1924-1925 بواسطة كمال الدين.

وقد قامت السلطات الأردنية ببعض أعمال الترميم في أعوام 1952 و 1959 و 1964 م.

وفي عام 1969، كان لا بد من القيام بأعمال ترميم واسعة النطاق، بسبب الأضرار الناجمة عن هجوم حرقٍ متعمَّد. بدأ برنامج الترميم الشامل للقبة المتضررة ولوحاتها، وتم استبدال الغطاء الخارجي المصنوع من الألمنيوم المضلع بالرصاص ليطابق الغطاء الأصلي. تم إبراز الزخارف المرسومة للجزء الداخلي للقبة التي تعود إلى القرن الرابع عشر، والتي كان يُعتقد أنها فُقِدت بشكل لا يمكن إصلاحه، وأعيد بناؤها بالكامل باستخدام تقنية trateggio، وهي طريقة تستخدم الخطوط العمودية الدقيقة للتمييز بين المناطق التي أعيد بناؤها عن تلك الأصلية [5].

بنية المسجد الأقصى

الشكل 1: رسم منظوري يُظهِر الحرم الشريف، ويظهر المسجد الأقصى يمين الصورة، وقبة الصخرة مقابله.

يتألف حرم المسجد الأقصى من العديد من المباني والمكوّنات من مساجد وقباب ومآذن ومدارس وبوّابات وسُبُل ماء وغيرها، ومنها:

المساجد

المسجد القِبليّ

المسجد القبلي المعروف بالمسجد الأقصى، هو أول مبنى شيده المسلمون على الإطلاق في مجمع المسجد الأقصى. عندما دخل المسلمون القدس لأول مرة في عام 638م، كان الموقع مقفرًا حتى قام الخليفة عمر بن الخطاب ومرافقوه بإخراج التراب منه وبنوا عليه مسجداً بسيطًا في الجزء الجنوبي منه بعد مناقشة أفضل موقع لذلك.

لكن المسجد القبلي، كما نعرفه اليوم، بُني لأول مرة من قبل الخليفة الأموي الوليد الذي تابع بناءه بعد وفاة والده عبد الملك بن مروان. ثمّ خضع لأعمال الترميم في الفترتين العباسية والفاطمية.

في العصر الأموي، كان الجامع القبلي يتألف من 15 مجازاً، أوسعها هو الموجود في المنتصف وكان المبنى مغطى بسقف من القرميد وتعلوه قبة في نهاية المجاز الأوسط.
تمّ استخدام المسجد القِبلي كمقرٍّ للصليبيين أثناء احتلالهم للقدس، وبعد تحرير الخليفة الأيوبي صلاح الدين للقدس والمسجد الأقصى عام 1187م . أمر بتجديد المبنى وإعادته إلى حالته السابقة. كما قام بتركيب المنبر الخشبي الذي أمر نور الدين محمود زنكي -ملك مملوكي من السلالة الزنكية- بصنعه في حلب في سورية وأن يوضع بجوار المحراب الرئيسي في المسجد القبلي. [6]

الشكل 2: حرم الصلاة في المسجد القِبليّ -والذي يعرف أيضاً بالمسجد الأقصى
الشكل 3: مسقط المسجد القِبلي وتظهر فيه: A- المدخل، B- درج للأجزاء الواقعة تحت الأرض، C- الدرج المؤدي إلى “مهد المسيح”، 1- قاعة الصّلاة (الحرم)، 2- نافورة، 3- البوابة الشرقية، 4- محراب زكريّا، 5- مسجد الأربعين شهيد، 6- مسجد عمر، 7- المحراب، 8- المنبر، 9- جامع النساء، 10- المتحف الإسلامي، 11- قبة يوسف [6]

مسجد عمر

يقع مسجد عمر في الركن الجنوبي الشرقي من المسجد الأقصى ويعتبر جزءًا منه، وهو مبنى مستطيل الشكل له مدخلان أحدهما في المسجد القبلي والآخر يطل على باحات الأقصى. ويستخدَم جزءٌ من المسجد اليوم كعيادة طوارئ. [6]

مسجد الأربعين شهيد

غرفة فسيحة تقع في الجزء الشمالي من مسجد عمر، حيث يوجد أحد مدخليه. [6]

الشكل 4: إحدى جلسات الذّكر داخل مسجد الأربعين شهيد

المسجد الأقصى القديم

يقع المسجد الأقصى القديم تحت المجاز المركزي للمسجد القبلي؛ وهو مبنى خطي يمتد من الشمال إلى الجنوب. يمكن الوصول إليه باستخدام درج قديم يقع أمام الممر الخارجي للمسجد القبلي المكون من 18 درجة. ينتهي مبنى الأقصى القديم بباب آخر يسمى «باب النبي» أو «الباب المزدوج». المسجد عبارة عن قبو مسقوف بقبوة اسطوانية يتكون من ثلاثة أقواس أسطوانية تميل نحو الجنوب بسبب الطبيعة الجغرافية لموقع المسجد الأقصى؛ كان في الأصل بمثابة ممر للخلفاء الأمويين الذين يربطون قصورهم بالأقصى، حيث تم بناء القصور بجوار جداره الجنوبي. ومع ذلك، فإن مبنى المسجد القديم الذي تم ترميمه وإعادة افتتاحه من قبل لجنة الأقصى لإعادة إعمار الأماكن المقدسة في عام 1998م هو مبنى أموي. يستضيف المبنى اليوم مكتبة المسجد الأقصى المسماة «المكتبة الختنية» [6].

الشكل 5: مصلى الأقصى القديم

المسجد المرواني

المسجد المرواني أو القبو الشرقي هي قاعة ضخمة تحت الأرض في الركن الجنوبي الشرقي من المسجد الأقصى. في الأصل كانت تلة شديدة الانحدار، وتم رفع هذه المنطقة من خلال هياكل مختلفة لتكون على نفس مستوى الفناء الشمالي للمسجد الأقصى، حيث أراد المسلمون بناء المسجد القبلي على أسس صلبة. ورغم أن عام البناء المحدد لا يزال غير معروف، فقد تم التأكد من أن المسجد المرواني قد شيد قبل المسجد القبلي [6].

يتكون المسجد من 16 مجازاً تمتدّ على مساحة واسعة، مما يجعله أكبر هيكل منشأ داخل حرم الأقصى مع القدرة على استيعاب أكثر من 6000 مصلي في وقت واحد. يمكن الوصول إليه باستخدام درج حجري متصل ببوابتين ضخمتين إلى الشمال الشرقي من المسجد القبلي. واللتان قد بنيتا بعد تجديد المسجد للسماح لأعداد كبيرة من المصلين والزوار بالدخول والخروج دون أي عوائق، ولتحسين نظام التهوية لأن المبنى يفتقر إلى عدد كاف من النوافذ. [6]

الشكل 6: بوابتا المسجد المرواني من الخارج
الشكل 7: حرم الصلاة في المسجد المرواني

جامع النساء

يعود للفترة الأيوبية ويمتد من الجدار الغربي للأقصى إلى ركنه الجنوبي الغربي.

خلال العقود الثلاثة الماضية تم تقسيم المبنى إلى ثلاثة أقسام:
(1) القسم الجنوبي الغربي، الذي يستخدم كقاعة جنوبية للمتحف الإسلامي.
(2) القسم المركزي، الذي كان بمثابة المكتبة الرئيسية للأقصى قبل نقله إلى المسجد الأقصى القديم.
(3) القسم الشرقي المجاور للمسجد القبلي ويستخدم كمستودع للوقف الإسلامي. [6]

الشكل 8: جامع النساء

جامع المغاربة

يقع هذا المسجد القديم في الجزء الجنوبي الغربي من المسجد الأقصى بجوار باب المغاربة (الجدار الغربي).
تم بناؤه خلال القرن الثالث عشر الميلادي ويعود لالعصر الأيوبي؛ ومع ذلك، فإن عام البناء المحدد واسم مؤسسه لا يزالان غير معروفين.
كان المسجد في الماضي مخصصًا لأتباع مدرسة المالكي للفقه. وهو يستخدم الآن كقاعة غربية للمتحف الإسلامي حيث يتم عرض عدد من القطع التاريخية الإسلامية والآثار. [6]

مسجد البُراق

تم بناء مسجد البراق بجوار حائط البراق. يطلق عليه هذا الاسم بسبب خاتم مسمَّر على جداره يعتقد المسلمون أن النبي محمد (ص) استخدمه لربط البراق الذي نقله من مكة إلى القدس في رحلة ليلة «الإسراء والمعراج» . تقع البوابة الرئيسية لمسجد البراق في الحائط الغربي للأقصى، ولكنها مغلقة بشكل دائم.
ومع ذلك، لا يزال المسجد مفتوحًا للصلاة حيث يمكن للمصلين استخدام مدخل آخر يقع في الممر الغربي للأقصى. [6]

الشكل 9: مسجد البراق الشريف

مهد عيسى

مسجد مهد عيسى (يشار إليه أيضًا باسم «مسجد المسيح») هو قبة صغيرة بنيت في عهد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني في عام 1898 م، وتقع بجوار منتصف درج في الزاوية الجنوبية الشرقية من المصلى المرواني. تتكون من قبة مبنية على أربعة أعمدة حجرية تم بناؤها فوق حوض حجري يسمى «مهد عيسى»، ربما تم بناؤه خلال العصر العباسي أو الفاطمي. على الرغم من اسم المسجد، لا يوجد دليل في التقاليد الإسلامية يضع المسيح في هذا الموقع. وعلاوة على ذلك، فقد أصدر رجال الدين المسيحيون في القدس بيانا أعلنوا فيه أن المسيحيين ليس لديهم أي آثار أو أماكن مقدسة في أي مكان داخل المسجد الأقصى. [6]

الشكل 10: مهد عيسى

القباب

قبة الصخرة

الشكل 11: قبة الصخرة وقبة السلسلة

بنيت قبة الصخرة بأمر من الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بين عامي 688 – 691 م [7]. وتعدّ من أولى المباني الإسلامية على الإطلاق. بنيت لتكون نقطة محورية دينية لحلفاء الخليفة الأموي. إذ إن منطقة الحجاز (مكة المكرمة والكعبة المشرفة) آنذاك لم تكن تحت سيطرة الدولة الأموية. [8]

إن بنية المنشأة وقبتها التي نراها اليوم لا تزال محافظةً على شكلها الأصلي. حيث تتميز بمسقط مثمن الشكل. يسقف مركزه بقبة ذات قطر 20 م تقريبًا، مرفوعة على رقبة محمولة على 4 دعامات و12 عمود[9]. تحتوي هذه الدائرة في مركزها على الصخرة المشرفة [8]. ويحيط بالدائرة رواق مثمن الشكل مؤلف من 8 دعامات و16 عمود. وتشكل الجدران الخارجية شكلًا مثمنًا بطول 18م وبارتفاع 11م لكلّ جدار. بينما تشكّل الجدران الخارجية مع الرواق الداخلي ومع أعمدة القبة ممرين يدوران حول الصخرة المشرفة. [9] تحتوي كل من الرقبة التي تحمل القبة والجدران الخارجية على نوافذ عدّة.

تحتوي كل من الجدران الخارجية الأربعة المواجهة للجهات الرئيسية الأربع (شمال، جنوب، شرق، غرب) على باب. وتغطى الواجهات الخارجية بألواح من الرخام في الأسفل وبلاطات خزفية من الأعلى. تعود هذه البلاطات لعهد السلطان العثماني سليمان القانوني، الذي أمر باستبدال الفسيفساء الزجاجية الأصلية في الفترة الواقعة بين عامي 1545و 1552م. كما جددت الألواح الرخامية عدة مرات. [10]

قبة السلسلة

تعتبر قبة السلسلة منشأة مشابهة لقبة الصخرة، غير أنها أصغر حجمًا. تقع شرق قبة الصخرة مباشرةً، وتتميز بمسقط مشابه مثمن الشكل، مسقوف بقبة، ومفتوح الجوانب. [11] بنيت من قبل الأمويين، وحولت إلى كنيسة صغيرة أثناء الحملات الصليبية. ثم أعاد الأيوبيون تحويلها إلى مصلى. ورممت من قبل الممالي العثمانيين. ورممت حديثًا من قبل المملكة الأردنية الهاشمية. ويذكر أنّ قطر قبة السلسلة 14م. [12]

بالإضافة إلى العديد من القباب الموجودة داخل الحرم الشريف مثل قبّة المعراج وقبة سليمان وقبة موسى وقبة يوسف آغا والكثير غيرها.

المآذن

مئذنة باب الغوانمة

قام القاضي الأيوبي شرف الدين بن عبد الرحمن بن الصاحب ببناء مئذنة بوابة بني غانم في 1297 ميلادية في عهد السلطان حسام الدين لجين. وهي مئذنة مربعة المسقط تقع بالقرب من بوابة بني غانم وتعتبر الأكثر تزيينًا من بين مآذن الأقصى. وهي أعلى مئذنة داخل الأقصى بارتفاعٍ يساوي 38.5 مترًا، ويوجد بداخلها درجٌ مكوّنٌ من 120 درجة.

أدى النفق الغربي الذي حفرته قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى إضعاف أساسات المئذنة، مما تطلب تجديدها في عام 2001م. [6]

الشكل 12: مئذنة باب الغوانمة

مئذنة باب المغاربة

قام القاضي المملوكي شرف الدين بن فخر الدين الخليلي ببناء مئذنة باب المغاربة في عام 1278 م بجوار باب المغاربة. المئذنة التي يبلغ ارتفاعها 23 مترًا هي أقصر مئذنة داخل المسجد الأقصى وتنتصب بدون أي تكون لها أيّ أساسات. تضرر الجزء العلوي من المئذنة في الزلزال الذي ضرب القدس عام 1922 ميلادية وتم إصلاحه من قبل المجلس الأعلى الإسلامي الذي أكمله بقبة، تمّت تغطتيها لاحقًا بصفائح من الرصاص من قبل الصندوق الهاشمي لترميم المسجد الأقصى وقبة الصخرة. [6]

الشكل 12: مئذنة باب المغاربة بواسطة المصور معتز توفيق اغبارية – عمل شخصي

مئذنة باب الأسباط/ مئذنة الصلاحية

تم بناء مئذنة باب الأسباط لأول مرة من قبل محافظ القدس سيف الدين قطلو باشا خلال عهد السلطان المملوكي الأشرف شعبان بجوار باب الأسباط، كما تسمّى المئذنة الصلاحية لوقوعها في جهة المدرسة الصلاحية الواقعة خارج الحرم الشريف [13]. كانت مئذنة مربعة الشكل حتى أمر العثمانيون بإعادة بنائها في عام 1599م في عهد السلطان محمد الثالث، مما يجعلها المئذنة الوحيدة ذات الشكل الأسطواني داخل الحرم الشريف. تم تجديد مئذنة االأسباط مرتين، الأولى في عام 1927م بعد تعرضها لأضرار بسبب زلزال، ثم في عام 1967م بعد تعرضها لأضرار بسبب الغارات الإسرائيلية.
أعادت لجنة المسجد الأقصى بناء المئذنة وغطت قبتها بألواح من الرصاص. [6]

الشكل 13: مئذنة باب الأسباط بواسطة المصور معتز توفيق اغبارية – عمل شخصي

مئذنة باب السلسلة

قام الأميرسيف الدين تنكز الناصري الحاكم المملوكي على الشام ببناء هذه المئذنة فوق الممر الشمالي للأقصى عام 1329 م بجوار باب السلسلة.
يمكن الوصول إلى المئذنة ذات المسقط المربع من خلال مدرسة الأشرفية باستخدام درج 80 درجة. وهي مبنية على قاعدة مربعة وتعلوها شرفة مغطاة على مجموعة من الأعمدة الحجرية. تم ترميم المئذنة من قبل المجلس الإسلامي الأعلى في عام 1922م بعد أن تضررت بسبب زلزال.

منعت القوات الإسرائيلية المسلمين من دخول واستخدام هذه المئذنة “لحماية المصلين اليهود” عند حائط البراق («الحائط الغربي»)، الذي تطل عليه المئذنة. [6]

الشكل 14: مئذنة باب السلسلة بواسطة المصور معتز توفيق اغبارية – عمل شخصي

حائط البراق

يمثل حائط البراق الجزء الجنوبي الغربي من جدار المسجد الأقصى، ويبلغ طوله حوالي 50 مترًا وارتفاعه حوالي 20 مترًا. وهو جزء من المسجد الأقصى ويعتبر من الممتلكات الإسلامية حيث أنه وفقًا لما ذُكر في التقاليد الإسلامية، فهو الجدار الذي ربط فيه النبي محمد (ص) البراقَ قبل أن يصعد إلى الجنة في رحلته من مكة إلى القدس (الإسراء والمعراج).
يطلق عليه الإسرائيليون اسم «حائط المبكى» أو «الحائط الغربي» أو «الكوتل»، ويدعون أنه الجزء المتبقي من هيكل سليمان.
في عام 1930، أكدت لجنة التحقيق البريطانية لتحديد الحقوق والمطالبات للمسلمين واليهود فيما يتعلق بحائط البراق أن الجدار ومعظم المنطقة المحيطة به تشكل ممتلكات للوقف الإسلامي.

تم إنشاء الساحة الواقعة اليوم أمام الجدار بعد الغزو الإسرائيلي للمدينة عام 1967م وشمل ذلك هدم حيي المغاربة بأكمله، مما جعل المئات من أبناء الحيّ بدون مأوى. [6]

الشكل 14: حائط البراق

لقراءة المزيد عن الحرم القدسي الشريف، تابع المقال: سلسلة العمارة الإسلامية: قباب الحرم القدسي الشريف

المصادر

  1. zamzam.com – history of al Aqsa
  2. middleeasteye.net – palestine al-Aqsa
  3. usnews.com – where is al aqsa mosque and why is it so important in Islam
  4. britannica.com – Al Aqsa Mosque
  5. madainproject.com – al aqsa mosque
  6. haramalaqsa.com
  7. Dome of the Rock (BiblePlaces.com)
  8. The Dome of the Rock (Qubbat al-Sakhra) – Smarthistory
  9. Dome of the Rock – Madain Project (en)
  10. Dome of the Rock – Discover Islamic Art – Virtual Museum
  11. Dictionary of Islamic Architecture (pdf)
  12. Dome of the Chain – Madain Project (en)
  13. alqudsgateway.ps

كيف تغير المركبات ذاتية القيادة مستقبل التنقل في المدن؟

هذه المقالة هي الجزء 11 من 18 في سلسلة كيف ستغير المدن الذكية من شكل عالمنا؟

يتطور تعريف المدينة الذكية باستمرار مع الأيام إلا أن بعض النقاط أصبحت واضحةً وثابتةً. فتسخِّر المدن الذكية التقنيات الحديثة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ICT لتحقيق الاستدامة، والتنمية، وتحسين نوعية حياة الأفراد. وتمثّل إدارة المرور والتنقل إحدى أهم الجوانب التي تركّز المدن عليها، إذ تقدّم خدمات أفضل للسكان بمساعدة الحسّاسات وانترنت الأشياء IoT. على سبيل المثال؛ تخفّف إشارات المرور الذكية الازدحام في ساعات الذروة، ويساعد كذلك الوقوف الذكي على إيجاد مواقف خالية للسيارات. ويستطيع الأفراد تتبّع مواقع الحافلات ومواعيد وصولها من خلال تطبيقات الهاتف المحمول.[1] تهتم اليوم الصناعات الذكية بتطوير المركبات ذاتية القيادة، ويعتقد الخبراء أنها ستصبح مستقبل التنقل الذكي، وركيزةً أساسيةً فيه. لأنها ستغيّر أسلوب حياتنا، ومفهومنا عن التنقل بشكل ثوريّ.

ما هي المركبات ذاتية القيادة؟

يقصد «بالمركبات ذاتية القيادة- an Autonomous vehicles» أي سيارة أو حافلة أو شاحنة أو مركبة أخرى، تستطيع القيادة من النقطة أ إلى النقطة ب دون تدخّل بشري، إضافةً إلى قدرتها على أداء جميع وظائف القيادة الضرورية. تُجهَّز هذه المركبات بأجهزة استشعار مختلفة لإدراك البيئة المحيطة. فتجمع البيانات، ومن ثم يعالجها حاسوب مُدمج في المركبة، لكي تستطيع التحرّك بشكل مستقل. [2]

تعتبر القيادة الذاتية واحدةً من أهم الابتكارات في العقود الأولى من القرن ال21، بسبب قدرتها على إحداث نقلة نوعية في نظام التنقل ضمن المناطق الحضرية وخارجها. وقد تسارع تطوير التقنيات المتعلّقة بالقيادة الذاتية خلال العقد الماضي بفضل إدخال الذكاء الاصطناعي AI في أنظمة القيادة. نتيجةً لذلك أصبحت المركبات أكثر “ذكاءً”، وقادرةً على الركن بنفسها -التموضع بجانب الطريق-، وتغيير سرعتها أو اتّجاه سفرها، والاستجابة للعقبات والتنبّؤ بها أثناء القيادة. [3]

مستويات المركبات ذاتية القيادة

تصنِّف SAE international -المعروفة سابقًا بجمعية مهندسي السيارات- المركبات ذاتية القيادة إلى 6 مستويات من الأتمتة المحدّدة والمتّفق عليها دوليًا. وتزداد استقلالية المركبة مع ازدياد المستوى.

  1. المستوى 0: يؤدي السائق جميع مهام القيادة، ولا تسيطر السيارة على عملية القيادة.
  2. المستوى 1: تُجهّز المركبة بنظام مساعد للسائق DAS. والذي يساعد السائق جزئيًا في ضبط السرعة، أو كبح الانحراف، أو الإيقاف الطارئ.
  3. المستوى 2: تجهّز المركبة بمزايا أكثر تقدّمًا بحيث يشرف DAS على التوجيه والتسارع والكبح في الظروف السهلة ضمن ظروف الرؤية الجيدة في النهار. لكن يجب على السائق الإشراف الكامل على القيادة، وأداء جميع مهام القيادة المعقّدة تقريبًا.
  4. المستوى 3: يستطيع النظام أداء جميع أجزاء مهام القيادة في بعض الظروف المثالية. لكن يجب على السائق أن يكون مستعدًا لاستعادة السيطرة عندما يطلب النظام منه ذلك. بعبارة أخرى، يجب على السائق أن يكون جاهزًا للانتقال الآمن بين القيادة الذاتية والقيادة البشرية في غضون ثوان قليلة. بسبب ذلك لا يسمح للسائق بالنوم أو إمالة مقعد القيادة بالكامل.
  5. المستوى 4: يمكن للمركبة أداء جميع عمليات القيادة بشكل مستقل في ظروف معينة. لا يلزم في هذا المستوى الجهوزية (اليقظة) من السائق في الشروط المعيّنة في المستوى السابق.
  6. المستوى 5: تتعاون في هذا المستوى التقنيات الحديثة مع المركبة. نتيجةً لذلك تستطيع القيادة في كل أحوال الطقس والإضاءة، وفي أي نوع من أنواع الطرق سواء داخل المدينة أو على الطرق السريعة، دون أي حاجة للتدخل البشري أو المراقبة. وستتمكن المركبات من الاتصال مع المركبات الأخرى والبنى التحتية من أجل الحصول على أحدث المعلومات عن حالة الطريق مقدّمًا (من ثوان إلى دقائق قليلة).[4][5][6]
مستويات المركبات ذاتية القيادة.

كيف تعمل القيادة الذاتية؟

تعد القيادة الذاتية مهمةً معقدةً تتطلّب دمج مجموعة متنوعة من التقنيات الذكية، لخلق رؤية بزاوية 360 درجة من محيط السيارة. من ثم تستخدم المركبة هذه المعلومات لاتّخاذ قرارات حول كيفية السير بأمان. وتحتاج المركبة إلى توافر:

  • أجهزة الاستشعار: تضمّ المركبة مجموعةً من الكاميرات وأجهزة استشعار المدى مثل radar وlidar، إذ توفر معلومات حول البيئة المحيطة بالمركبة مثل مواقع المركبات الأخرى والمشاة وحالة الطريق وغيرها من المعلومات.[7] يكشف الرادار عن سرعة ومسافة الأجسام. بينما ينشئ الليدار نموذجًا ثلاثي الأبعاد من محيط السيارة، ويستعمل للكشف عن الأجسام التي يصعب رؤيتها بالكاميرات أو الرادار مثل الأجسام الصغيرة أو المحجوبة جزئيًا.
  • اندماج المستشعر: يقصد بذلك عملية دمج البيانات من مجموعة المستشعرات. يساعد ذلك باكتشاف الأجسام والتنبؤ بالحركة للحصول على صورة شاملة عن محيط المركبة.[8]
  • التنبؤ بالحركة: وهو ضروري لمعرفة الحركة المستقبلية للأجسام المتواجدة في محيط المركبة.
  • تعلم الآلة: تستخدم المركبات خوارزميات تعلم الآلة لتحليل البيانات، واتّخاذ القرارات الحاسمة.
  • أنظمة التحكم: ترسل أنظمة التحكّم إشارات للمشغلات مثل عجلة القيادة، والمكابح، ومسرع السرعة لكي تخبرهم كيف يحرّكون المركبة وفقًا لقرار الخوارزمية.

تعتمد المركبات عمومًا على نظام تحديد المواقع الجغرافية GPS لتحديد موقعها، وتوجّهها. كما تستعمل خرائط عالية الدقة للتنقل في الطرق.[7]

صور الكاميرا الأمامية المجمعة في يوم صافي، وفي وقت الليل، وفي يوم ماطر، وفي موقع بناء.

هل بدأت المركبات ذاتية القيادة في الانتشار؟

يجري حاليًا تطوير المركبات ذاتية القيادة وستمر بعدّة خطوات حتى تصبح موثوقةً ومتاحةً تجاريًا في معظم الأسواق. ويتوقع الخبراء أنها ستتبع منحنى S وفقًا «لقانون روجر-Roger’s law» كما في الصورة.[9]

نمط التوزيع المتوقع للمركبات ذاتية القيادة وفقًا ل Roger’s law.

من الضروري أن ندرك مدى تعقيد إدارة مركبة ما على الطرق العامّة، بسبب كثرة التفاعلات مع أشياء غير متوقعة في أغلب الأحيان، مثل المشاة، وراكبي الدراجات، والحيوانات. وقد تفرض هذه المركبات تكاليفًا إضافيةً مرتفعةً بسبب الحوادث، أو حالات التأخير الممكنة لمستخدمي الطريق الآخرين. نتيجةً لذلك ستتمتع المركبات ذات المستوى 5 بمعايير اختبار أعلى من الابتكارات التقنية الأخرى. مما يؤدي إلى تأخير طرحها في السوق للحصول الموافقات اللازمة. في حال أثبتت هذه التقنية أنها غير موثوقة أو خطيرة، ستطلب الولايات القضائية اختبارات إضافية، وأذونات، ولوائح. مما سيؤدي إلى تفاوت في معدّلات التنفيذ والطرح في السوق وهو أمر متوقع أيضًا.[10]

وتشير التقديرات إلى أن طرح مركبات المستوى 5 سيبدأ عام 2030. ومن المرجّح أن يستغرق تشبّع السوق عدّة عقود، وقد يستمر بعض سائقي السيارات في اختيار المركبات التقليدية، بسبب تفضيلهم الشخصي، وانخفاض تكلفة الشراء.

يوضح الجدول تقدير التوقيت لإدخال السيارات ذاتية القيادة وانتشارها في السوق.

لكن يبقى تداول المركبات مرتبطًا بالأفراد حتى بعد التشبّع بالأسواق. لذلك قد تتسارع أو تتباطأ عملية الانتشار، وربما لن يتماثل انتشارها في كل البلدان أو القارات. ويتوقع بعض الخبراء أن يتأخر الانتشار إلى ما بعد عام 2040 بسبب التحديات التقنية والسياسية والاجتماعية. [11]

فوائد القيادة الذاتية في المدن الذكية

يعد النقل جزءًا أساسيًا من حياة الإنسان، ويؤثر على التعليم والعمل ووقت الفراغ والخدمات. وتجلب المركبات ذاتية القيادة فوائد كثيرة، ومنها:

  • السلامة، يتوقع الباحثون ارتفاع معدلات سلامة السائقين والمشاة، وانخفاض عدد الحوادث.[12]
  • تقليل الازدحام المروري والوقت اللازم للسفر، يعود الفضل بذلك إلى توحيد سرعة السفر لجميع مستخدمي الطرق مع زيادة سرعة عبور التقاطعات. حيث يمكن للمركبات الاتصال مع بعضها البعض، ومع البنية التحتية في الوقت نفسه. علاوةً على ذلك، تختار المركبات أفضل المسارات للرحلة من خلال التقنيات السحابية وإنترنت الأشياء.[13]
  • خفض الانبعاثات، حيث يقل استهلاك الوقود، والانبعاثات السامة في الغلاف الجوي للمدن الذكية، وتتحسن جودة الهواء.[14][15]
  • إمكانية الوصول، تتوفر خيارات تنقل أسهل وأفضل لمن لا يستطيع القيادة كالمسنين، وذوي الاحتياجات الخاصة. وتستطيع السيارات أيضًا الدخول إلى مناطق غير مخدومة، ولا تصلها وسائل النقل العام عادةً.[12][16]

تحديات وعوائق

ستغيّر القيادة الذاتية البيئة الحضرية، وستكون هذه التغييرات لا رجعة فيها. نتيجةً لذلك يجب علينا معرفة عواقب التطبيق لنتجنّبها، فنحصل على أقصى فائدة ونتغلب على التحديات. ونذكر بعض تلك التحديات:

  • تحديات تقنية، يلزم تطوير وربط عمل العديد من التقنيات، فلكي تتمكن السيارات من التعامل مع أي حالة مرورية يلزم الملايين من الكيلومترات التجريبية للقيادة في الحالات الخطرة كتساقط الثلوج أو الأمطار الغزيرة.[17]
  • مخاوف أخلاقية، ترتبط بوجود نقاط ضعف في أمن الفضاء الإلكتروني، مما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على المستوى الأمني للمدن.[12]
  • آثار سلبية على صحة الإنسان، بسبب نمط الحياة الخامل، فقد يعطي السكان أولويةً للقيادة الذاتية من أجل قضاء رحلاتهم القصيرة عوضًا عن المشي أو ركوب الدراجة.[18]
  • عقبات اقتصادية، بسبب كلفة الشراء المرتفعة، على الأقل في السنوات الأولى من الانتشار. وتدرس المدن الذكية إدخال الحافلات ذاتية القيادة في خدمة النقل العام، بالتالي تحل مشكلة عدم قدرة تحمّل تكلفة امتلاك مركبة خاصة.[19]
  • عدم تقبّل وثقة الناس لفكرة القيادة الذاتية.

تأثير المركبات ذاتية القيادة على التخطيط العمراني

التحضر

يعتقد الخبراء أن إدخال القيادة الذاتية في التنقل الذكي قد يؤدي إلى زيادة أهمية المناطق السكنية في الضواحي. والتي يكون سعرها عادةً أخفض في السوق عن تلك المتواجدة في المركز. حيث تسهّل المركبات ذاتية القيادة إمكانية الوصول للمناطق التي تعذر الوصول إليها سابقًا. مما يؤدي في نهاية المطاف إلى ازدياد الزحف العمراني للمدن، وانخفاض كثافة البناء. إضافةً إلى ذلك، تنعكس الآثار كذلك على المناطق الريفية، بفضل تحسُّن النقل العام والخاص على حدّ سواء.[20][21]

توضح الصورة تأثير المركبات ذاتية القيادة على كثافة البناء، بينما تشير الأسهم الحمراء إلى امكانية الوصول.
توضح الصورة تأثير القيادة الذاتية على نظام النقل الحضري.

البنية التحتية للطرق

تؤثر المركبات ذاتية القيادة على استعمال الحيّز المكاني للطرق، والبنية المادية لها. مثلًا ستقضي القيادة الذاتية على الخلاف الحالي بين سائقي المركبات والمشاة. ويتوقع الخبراء أن يتوسّع الحيّز المخصص للمشاة مع إمكانية إزالة الفصل المادي بين السيارات والمشاة. علاوةً على ذلك سيقل عرض الممرات، وستلتغي أماكن وقوف السيارات على طول الرصيف.[21]

توضح الصورة التحول المفترض لمقطع الطريق بعد انتشار القيادة الذاتية.
صورة لافتراض مسار أكثر كفاءة بفضل تطوير القيادة الذاتية.

المستوى المحلي

تؤثر القيادة الذاتية على التنمية السكنية وسط المدينة والضواحي على حد سواء. إذ مع انتشارها الكامل سيكون من الممكن تحرير العديد من الساحات المستخدمة من قبل السيارات حاليًا. والتي سيعاد تكييفها، وإعادة استخدامها لوظائف أخرى.[21]

على سبيل المثال؛ توجد عادةً مساحات لوقوف السيارات بالقرب من المنازل الخاصة، وستقل الحاجة إليها عند انتشار المركبات ذاتية القيادة. نتيجةً لذلك يمكننا تحويل مواقف السيارات المجاورة للمنازل إلى ممرات للمشاة أو للدراجات. يساعد كذلك إلغاء المرآب الخاص على توسُّع المنزل، فيستطيع المالك استغلال المساحة لوظائف أخرى.[22]

تأثير المركبات ذاتية القيادة على الضواحي ذات الكثافة المنخفضة.

أما بالنسبة للمباني السكنية متعددة الطوابق، فيمكن الاستغناء عن المواقف الموجودة تحت الأرض. ونستطيع بدل ذلك بناء مواقف كبيرة مستقلة تقع في أماكن خارجية يسهل الوصول إليها. إذ سيتمكن مالك السيارة الاتّصال مباشرةً بسيارته عن طريق تطبيق مثبت على هاتفه المحمول لتأتي إليه من موقفها.[22]

تأثير المركبات ذاتية القيادة على المناطق السكنية عالية الكثافة.

نظرة مستقبلية

سيكون إدخال القيادة الذاتية إلى التنقل الذكي بطيئًا وتدريجيًا. ولا شكّ من أنه سيحدث ثورةً جذريةً على طريقة حياتنا، وسيغير أيضًا التخطيط العمراني للمدن. لكن في نهاية المطاف سيتعلق نجاحه بالفرد ومدى تقبله للتقنية. فدعنا نتخيل لبرهة أنك تمتلك سيارةً ذاتية القيادة، فهل ستثق بقراراتها وتدعها تأخذك في رحلاتك، أم أنك تفضل القيادة بنفسك؟

المصادر

  1. MDPI
  2. IEEE
  3. IEEE
  4. Springer
  5. ResearchGate
  6. ResearchGate
  7. arXiv
  8. arXiv
  9. Semanticsholar
  10. ResearchGate
  11. IEEE
  12. arXiv
  13. MDPI
  14. MDPI
  15. Semanticsholar
  16. MDPI
  17. IEEE
  18. Science direct
  19. MDPI
  20. ResearchGate
  21. ResearchGate
  22. Science direct

سلسلة العمارة الإسلامية: قصر الأخيضر

اشتهر العباسيون باهتمامهم بالعلوم والفنون والعمارة، وبنائهم لمدنٍ جديدةٍ وجوامعَ وقصور، أشهرها قصر الأخيضر، وفي هذا المقال، سنستكشف الخلفية التاريخية لقصر الأخيضر وعناصره المعمارية، بالإضافة إلى أهميته وتأثيره على العمارة الإسلامية والعمارة في الغرب.

تاريخ وموقع قصر الأخيضر

قصر الأخيضر موقعٌ تاريخي مهمٌّ يقع في محافظة كربلاء ، العراق. وقد شيّد بين عامي 774 و 775م على يد عيسى بن موسى ، ابن شقيق الخليفة العباسي السفاح [1] [2]، وهوعبارة عن هيكل كبير مستطيل الشكل يتميز بأسلوب دفاعي فريد ويتمثل الابتكار المعماري العباسي في نمط بناء أفنيته ومساكنه ومسجده بالإضافة إلى كونه نقطة مهمة على الطرق التجارية [1] وكان القصر يتألف من مجمع سكني محصن يحتوي على قاعات وأفنية وشقق سكنية ومسجد. [3]

بنية القصر

الشكل 1: مسقط قصر الأخيضر [4]

كما نرى في المسقط فإنّ القصر يتألف من كتلتين داخل السّور وهما قصرٌ وملحق به، ويقع المدخل الرئيسي للقصر في الجهة الشمالية، تليه قاعة كبيرة تفضي إلى الفناء المركزي، والذي يحاط ببيوتٍ (مجموعات من الغرف تمثّل كلّ مجموعةٍ منها مسكناً واحداً، أو بيتاً) كما في القصور الأموية، بالإضافة لقاعة العرش التي تقع في الجهة الجنوبية من الفناء، ويظهر في المسقط وجود أبراجٍ متصلة بسور المجمّع بالإضافة إلى أبراجٍ على الجدار الخارجي للقصر.

ويتمّ الوصول إلى الطابق العلوي بواسطة منحدرات (رامبات) توجد بزاوية قائمة على جانبي البوابة، بالإضافة إلى وجود اسطبل يمين المدخل الرئيسي من الجهة الغربية. [4]

الابتكارات المعمارية في قصر الأخيضر

تمّ بناء أوّل قبة مقسّمة إلى أخاديد في قصر الأخيضر، والتي تمّ تبنّيها لاحقاً وبناؤها في جامع القيروان الكبير [1][3]
. وشوهدت الأقواس المدببة التي استُخدِمت في مقدمة القصر في وقت لاحق في المسجد الأقصى والمباني العباسية الأخرى [3] مثل مقياس النيل ومسجد ابن طولون في القاهرة. كما أصبحت المحاريب المصمتة من العناصر الأساسية للتزيين والزخرفة في العمارة الإسلامية بعد أن تمّ استخدامها في قصر الأخيضر [3] وتم تطوير التقنية الدفاعية للقصر، والمعروفة باسم chemin de ronde، وهو ممشى جداري أو ممرٌّ محميٌّ مرتفع خلف سور القصر من الاعلى، وتم بناؤها على طول الأسوار الخارجية بالإضافة إلى استخدام مرامي السهام في سور القصر [3]، وهي شقوق طولية كان يتمّ إطلاق الأسهم منها مع توفير الحماية لرامي السهام الذي يقف خلفها.

الشكل 2: البوابة الشمالية (الرئيسية) لقصر الأخيضر وتظهر في الصورة المحاريب المصمتة على جانبي البوابة بالإضافة إلى شقوق رمي السهام والأبراج نصف الدائرية
الشكل 3: استخدام الأقواس المدببة في عناصر القصر المختلفة ويظهر في الصورة الممر الدفاعي “chemin de ronde”

الأقواس المدببة

كان قصر الأخيضر أول مبنى استُخدم فيه القوس المدبب بشكل منتظم [5]. يتمتع القوس المدبب بميزة معمارية كبيرة من حيث أنه يقوم بتركيز الحمولات المرتكزة عليه على نقطة عمودية، بحيث يمكن دعم المزيد من وزن المبنى من الخارج، عادةً باستخدام الدعامات أو الأكتاف [6] وهي هياكل معمارية مبني على أو بارزة من الجدران وتعمل على دعم أو تقوية الجدار بدلاً من الجدران والأعمدة الداخلية. و قد مكّن القوس المدبب من تقليل الحمولات الجانبية على الأساسات وسمح ببناء مبانٍ أكثر ارتفاعًا [8] . ويعتبر القوس المدبب أيضًا أقوى من الأقواس الدائرية رومانية المنشأ والتي كانت تستخدم سابقًا [8] . أثر استخدام الأقواس المدببة في قصر الأخيضر على تطور العمارة الإسلامية وتم اعتمادها لاحقًا في المباني الأخرى، مثل المسجد الأقصى [5] [6] [8] . أصبح القوس المدبب سمة مميزة للمباني الإسلامية ثمّ انتقل وتمّ استخدامه في العمارة القوطية في أوروبا [7] [8]، حيث استخدمت العمارة القوطية القوس المدبب لإنشاء مبانٍ أطول وأكثر رشاقة، مع تحميل ثقل المبنى على الأقواس المدببة والقبوات المتصالبة. [7]

المصادر

  1. muslimheritage.com – the palaces of ukhaidir
  2. muslimheritage.com – ukhaidir palace
  3. fairbd.net – abbasid architecture through its iconic monuments
  4. Dictionary of Islamic Architecture
  5. muslimheritage.com – the pointed arch
  6. classroom.synonym.com – the evolution of islamic arches
  7. mei.edu – How islamic architecture shaped europe
  8. latimes – Newsletter: Essential Arts: What Europe’s Gothic architecture took from Islamic design
  9. lumenlearning.com – gothic architecture

ما هو النقد الأسلوبي؟

يهتم النقد الأسلوبي بدراسة النص انطلاقا من الأسلوب الخاص بالكاتب. فماذا يقصد الأسلوبيون بالأسلوب؟ وكيف تتم دراسة النصوص أسلوبيا؟

ما مفهوم الأسلوب في النقد الأسلوبي؟

يهتم النقد الأسلوبي، كما هو واضح، بدراسة الأسلوب. ويقصد بالأسلوب كل ما يتعلق بالنص من خصائص فنية وبلاغية وأساليب شكلية. ولا يعنى به ما يميز أسلوب كل كاتب عن كاتب آخر، بل ما يمكن من التمييز بين نص أدبي ونص غير أدبي.

يعرف النقاد الأسلوب بأنه خروج عن الاستعمال العادي أو التقليدي للغة، عن طريق التلاعب بالمادة اللغوية وخرق القوانين المعتادة لاستعمالها لإثارة انتباه واهتمام القارئ، وكذا إظهار “أدبية” النص له.

دور دلالة الكلمات في النقد الأسلوبي

يقسم النقد الأسلوبي البحث في المادة الكلامية المستعملة في النص إلى قسمين:

  • البحث في الدلالة الذاتية للكلمات: ويقصد بذلك معنى الكلمة خارج سياقها النصي، وما تعنيه في المعجم.
  • البحث في الدلالة الإيحائية للكلمات: ويقصد بذلك المعنى الذي يتشكل للكلمة في إطار سياقها داخل النص بالإضافة إلى تأثير ثقافة القارئ. إذ تختلف دلالة الكلمة من قارئ إلى آخر حسب خلفيته المعرفية. ويعتبر الأسلوبيون أن قوة النص الإيحائية هي التي تخرجه من اللاأدبي إلى الأدبي.

دور البلاغة في النقد الأسلوبي

صارت البلاغة جزءا من الدراسات الأسلوبية، إذ يهتم النقد الأسلوبي بكل تقنيات الكتابة كالاستعارة والكناية والتشبيه وغير ذلك. تدرس هذه الأساليب والتقنيات الكتابية لفهم غاية الكاتب من استعمالها، وإن كان يحاول إقناع القارئ أو إزعاجه أو إثارة أي مشاعر أو ردود فعل أخرى.

بماذا يهتم النقد الأسلوبي؟

يهتم النقد الأسلوبي بشكل أساسي بالسمات النصية التي تتكرر داخل النص من كلمات أو تعابير تتردد داخل النص، أو أساليب يعاد صياغتها بطرق مختلفة. إذ يدل التكرار بالنسبة للأسلوبيين على سمة كاتب معين ونظرته للحياة وتصوره للأدب.

حدود النقد الأسلوبي

لا يتقيد الأسلوبي بتيار نقدي محدد، بل يمكنه أن يجمع بين العديد من التيارات النقدية، كل ذلك من أجل أن يفسر المعاني الحاصة بالنصوص دون إقامة أي اعتبار لانسجام هذه التيارات النقدية.

خاتمة

إذن، يهتم النقد الأسلوبي بالأسلوب الخاص بالكاتب والسمات التي تتكرر في النص. هذه السمات التي تساعد على الكشف عن الغايات التي يسعى إليها الكاتب، وبالتالي فهم النص وتفسيره.

المصادر

مناهج النقد المعاصر، صلاح فضل.

مبادئ تحليل النصوص الأدبية، بسام بركة، ماتيو قويدر، هاشم الأيوبي.

7 تقنيات تغزو المدن الذكية فما هي؟

هذه المقالة هي الجزء 2 من 18 في سلسلة كيف ستغير المدن الذكية من شكل عالمنا؟

تستخدم المدن الذكية التقنيات المتطورة والابتكارات الحديثة، وتدمج البنية التحتية المادية مع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ICT وموارد المعرفة. يهدف ذلك إلى تعزيز التقدّم الاقتصادي، وتحسين نوعية حياة الأفراد، وضمان الاستدامة. فتعتمد المدن الذكية على مجموعة من الأدوات والتقنيات لكي تحقق أهدافها الأساسية، وتتصدى لمختلف التحديات التي تواجهها في نفس الوقت كالنمو السكاني والتلوث والازدحام. فما أمثلة تقنيات المدن الذكية؟

تقنيات المدن الذكية

تعد تقنيات المدن الذكية مصطلحًا واسعًا يشمل مجموعةً متنوعةً من التقنيات والاستراتيجيات القائمة على البيانات. تهدف المدن الذكية إلى تحسين نوعية حياة المواطنين، وجعل العمليات الحضرية أكثر كفاءة.[1] تسعى تقنيات المدن الذكية إلى تحقيق التكامل بين البنى التحتية المتقدّمة والتقنيات الحديثة لزيادة “ذكاء” المدن. قد يكون مصطلح “ذكاء” المدن غريب بعض الشيء لكنه المقصود ومرتبط بالذكاء الاصطناعي وهذا ما سنراه.

تضم هذه التقنيات العديد من الأنظمة والابتكارات مثل البرمجيات التطبيقية، ونظام تحديد المواقع GPS، وسلسلة الكتل Blockchain. عمومًا ينبغي على المدن الذكية ربط هذه النظم والأدوات ببعضها، وجمع عملها ونتائجها، لتوفير خدمات فعّالة للمواطنين. وهذا هو المقصود بـ “ذكاء المدن”.[2]

1. تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ICT

تشمل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ICT أي جهاز اتصال أو تطبيق يعمل على جمع المعلومات ومعالجتها وتخزينها واسترجاعها ونشرها. بما في ذلك الراديو، والتلفاز، والهاتف المحمول، والبرمجيات، وأنظمة الاتصالات القائمة على الأقمار الصناعية، وغيرها الكثير. تساهم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تطوير العديد من المجالات كالتعليم، والرعاية الصحية، والأعمال التجارية، وتعتبر أساس النمو والتنمية. [3]

تطبق المدن الذكية ICT في مجال الحوكمة الإلكترونية. حيث يمكن للمواطنين استعمال الانترنت للوصول إلى خدمات حكومية أو خدمات القطّاع الخاص. مما يقلل الحاجة للذهاب إلى المكاتب والفروع، فيخفف الازدحام في الدوائر الحكومية، ويسهل تنفيذ الأعمال على المواطنين. على سبيل المثال؛ استعمال ICT لتجديد رخصة القيادة وتسجيل الأعمال التجارية.[4]

2. المستشعرات

المستشعرات هي أجهزة تكشف وتستجيب وتقيس المؤثرات الفيزيائية مثل الضوء، والصوت، ودرجة الحرارة، والضغط، والحركة. وتحوِّل البيانات إلى إشارات يمكن قراءتها من قبل مراقب أو أداة، وتعتمد المدن الذكية عليها عادةً لجمع البيانات. تعمل المستشعرات في مراقبة حركة المرور، ومستوى الضوضاء، والحالة الفيزيائية للطرق والجسور والمباني، وذلك من أجل الكشف عن الأعطال في الوقت المناسب ومعالجتها.

تضم أجهزة الاستشعار العديد من الأنواع ومنها المستشعرات الحرارية التي تقيس درجات الحرارة، وتستعمل عادةً في أجهزة إنذار الحرائق. وكذلك المستشعرات اللاسلكية التي تستطيع التواصل لاسلكيًا مع أجهزة أخرى مثل الهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب ويشاع استخدامها في انترنت الأشياء.[5][6] تكشف أجهزة استشعار إشغال المباني عن وجود أو عدم وجود أشخاص في غرفة أو مبنى ما، وتستعمل غالبًا في أنظمة التشغيل الآلي التي تتحكم في الإضاءة وأنظمة التدفئة والتكييف والتهوية. وتكشف المستشعرات الموجودة في الكاميرات أيضًا عن الحركة في المباني وتستعمل لأغراض أمنية.[7]

صورة توضح عمل المستشعرات اللاسلكية

3. البيانات الضخمة Big data

تشير البيانات الضخمة إلى مجموعات البيانات الكبيرة أو المعقدة التي لا نستطيع التعامل معها بواسطة البرمجيات التقليدية. وتتسم البيانات الضخمة ب3 قيم:

  • الحجم، تولد التجارة الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي كميات كبيرة من البيانات.
  • التنوع، تتخذ البيانات العديد من الأشكال المختلفة مثل البيانات المنظمة في قواعد البيانات التقليدية، والبيانات غير المنظمة من المستشعرات ووسائل التواصل الاجتماعي كالصور والمستندات ومقاطع الفيديو.
  • السرعة، تتولد بيانات جديدة بوتيرة سريعة. [8]

تعتمد المدن على البيانات الضخمة وتربطها مع تقنيات المدن الذكية الأخرى التي تجمع وتعالج وتحلل هذه البيانات. وذلك من أجل اتخاذ القرارات ووضع الخطط المستقبلية بشكل أفضل. [9]

4. تحليل البيانات Data analytics

يقصد بتحليل البيانات عملية فحص مجموعات ضخمة ومعقدة من البيانات. بهدف الكشف عن الأنماط الخفية، والعلاقات المتبادلة، وتوجه السوق، وتفضيلات العملاء، وغيرها من المعلومات التجارية المفيدة. [10] يرتكز تحليل البيانات على اتباع الأساليب الإحصائية والحسابية لدراسة البيانات واستخلاص النتائج المستخدمة لاتخاذ القرارات الحاسمة.[11]

يقسم تحليل البيانات إلى عدّة فئات رئيسية. ومنها:

  • التحليلات الوصفية، تركز على تلخيص وتصور ما حدث في الماضي. وتستخدم لتحديد الاتجاهات والأنماط والعلاقات.
  • التحليلات التشخيصية، تهدف إلى تحديد أسباب حدوث الأنماط المعينة، وتساعد في معرفة الأسباب الجذرية للمشاكل، أو لفهم العوامل المساهمة في النجاح.
  • التحليلات التنبؤية، تعتمد التحليلات التنبؤية على النماذج الإحصائية للتنبؤ بما سيحدث في المستقبل. تتنبأ هذه التحليلات بالطلبات، وتحدد المخاطر، أو تتخذ قرارات بشأن الاستثمارات المستقبلية.
  • التحليلات الإرشادية، تحدد هذه التحليلات أفضل مسار للعمل لتحقيق النتائج المرجوة. [12]

يعتبر تحليل البيانات من أبرز تقنيات المدن الذكية، فمن خلال فهم الماضي والحاضر بوسعنا إنشاء مستقبل أفضل. ويتداخل كذلك في عدّة سياقات مثل الذكاء الاصطناعي. ,تُعرَّف الشبكات العصبية الاصطناعية ANNs على أنها نوع من خوارزميات تعلم الآلة المعتمدة على تحليل البيانات. إذ استُمد تصميم الشبكات العصبية من بنية الدماغ البشري. ويمكن تدريبها للتعرف على الأنماط في مجموعات البيانات، ويستفاد منها في تطبيقات كثيرة مثل التنبؤ بشدة الحوادث.[11]

5. الذكاء الاصطناعي AI

يختلف تعريف الذكاء الاصطناعي تبعًا لمجال الدراسة. لكن عمومًا هو فرع من أفرع الحاسوب يهتم ببناء آلات ذكية قادرة على أداء المهام التي تتطلب عادةً الذكاء البشري مثل اتخاذ القرار، وترجمة اللغات، والتعرف على الكلام. [13] تعرِّف المدن الذكية الذكاء الاصطناعي على أنه الذكاء الذي يظهره كيان اصطناعي بحيث يكون قادرًا على إدراك محيطه ويتخذ إجراءات تقلل من التدخل البشري، وتحقق أهدافه بنجاح في نفس الوقت.

يعمل الذكاء الاصطناعي مع تقنيات المدن الذكية الأخرى في المنزل الذكي لكي يطوّر حياة السكان. على سبيل المثال؛ يقوم بأتمتة المهام كالتحكم بالإضاءة، ودرجات الحرارة. إضافةً إلى ذلك، يدمج الذكاء الاصطناعي نظام التعرف على الوجه في نموذج المنزل الذكي. يساعد ذلك في تحديد إذا ما كان الشخص الموجود في المنزل مقيمًا أو شخصًا غير معروف. من ثم يرسل نظام الإخطار الآلي -الذي يستخدم نظام تلغرام بوت- إشعار إلى صاحب المنزل في حالة دخول شخص مجهول إلى المنزل. كما يوفر التطبيق خيارات إضافية للمستخدم من أجل اتخاذ مزيد من الإجراءات الوقائية كإبلاغ الشرطة مثلًا أو إغلاق الأبواب. [14]

6. تعلم الآلة Machine Learning

يعد تعلم الآلة مجالًا سريع النمو، يتقاطع مع علوم الحاسوب والإحصاء، وهو فرع من فروع الذكاء الاصطناعي يركز على تمكين أجهزة الحاسوب من تحسين أدائها تلقائيًا من خلال الخبرة. يحدث ذلك عادةً عن طريق دراسة وبناء خوارزميات التعلم المعتمدة على تحليل البيانات، وبناء نماذج لتمثيل العلاقات بين البيانات المدخلة والمخرجات المطلوبة.[15]

يستعمل تعلم الآلة بطرق مختلفة لتعزيز تطبيقات المدن الذكية، على سبيل المثال؛ يساعد في تحقيق الأمن السيبراني. حيث يتزايد خطر التهديدات الإلكترونية مع نمو شبكات المدن الذكية، ويكشف تعلم الآلة عن تهديدات الأمن السيبراني ويمكن أن يحدد الشذوذ ويمنع الهجمات الإلكترونية بفاعلية في الوقت المناسب. مما يحافظ على أجهزة انترنت الأشياء والبنية التحتية آمنة. [16]

7. انترنت الأشياء IoT

يعد انترنت الأشياء IoT من أهم تقنيات المدن الذكية، والركيزة الأساسية لمجالاتها ال8 الذكية، وهي: الحوكمة، والرعاية الصحية، والبيئة، والاقتصاد، والصناعة، والتنقل، المعيشة والبنية التحتية، والطاقة. ,يشير IoT إلى شبكة عملاقة تربط الأشياء والأشخاص بالانترنت وببعضها البعض وتسمح بجمع وتبادل ومعالجة البيانات. يهدف عمومًا إلى تحديد المواقع، والتتبع، والمراقبة، والتعرف الذكي، والإدارة، إضافةً إلى ربط الأجهزة الذكية ببعضها مثل المستشعرات.[17]

انترنت الأشياء IoT

تطور تقنيات المدن الذكية

تحقق المدن الاستفادة القصوى من التقنيات الذكية عندما يتكامل عملها. ويتنامى اليوم تطوير تقنيات المدن الذكية بسرعة مذهلة، فالأدوات المذكورة سابقًا ليست إلا جزءًا من الكثير من التقنيات. وستؤثر بشكل جذري على أسلوب حياتنا ومدننا في المستقبل. وتعد هذه التقنيات والأدوات حصيلة تقدّم البشرية. فمن مدينة أوروك السومرية أول مدينة في العالم المبنية باللبن إلى المدن الذكية اليوم، ومن التطبيق الذي تقرأ منه هذه المقالة إلى الروبوت الذي يجري العمليات الجراحية، يمكنك تخيل حجم هذا التطور.

المصادر

  1. Semanticsholar
  2. IGI global
  3. ResearchGate
  4. semanticscholar
  5. ResearchGate
  6. semanticsholar
  7. MDPI
  8. SAGE
  9. Cornell University
  10. semanticsholar
  11. ResearchGate
  12. National Library of medicine
  13. IJCMAS
  14. IEEE
  15. MDPI
  16. National library of medicine
  17. ResearchGate

كيف تطور نماذج الذكاء الاصطناعي AI المنزل الذكي؟

هذه المقالة هي الجزء 7 من 18 في سلسلة كيف ستغير المدن الذكية من شكل عالمنا؟

تعد المباني الذكية ببداية عصر جديد من المفاهيم المعمارية. إذ تدمج عمل أجهزة الاستشعار، والبيانات الضخمة، وانترنت الأشياء IoT، والذكاء الاصطناعي AI لكي تحسّن نوعية حياة الأفراد. يعمل الذكاء الاصطناعي في المنزل الذكي لكي يسهّل الوظائف المنزلية ويريح السكان ويخفّض استهلاك الطاقة.

دمج الذكاء الاصطناعي في المنزل الذكي

المنزل الذكي هو مسكن مجهّز بأحدث التقنيات التي تسمح بالتشغيل الآلي عن بعد لإدارة مختلف المعدات والوظائف المنزلية. ويعطي التخطيط الاستراتيجي في المدن الذكية أولوية عليا لتطوير المنازل الذكية.[1] يستخدم مصطلح الذكاء الاصطناعي AI لوصف مجموعة من الأنظمة المحوسبة التي تنفذ وظائف عادةً ما يقوم بها البشر. كما أنها تصل إلى مستويات شبيهة بالإنسان من حيث الاستشعار، والمنطق، والتفاعل، والتعلم وقد تقترب أو حتى تتجاوز الذكاء البشري.[2]

في الوقت الحالي يطور الذكاء الاصطناعي تكنولوجيا المنزل الذكي، ويأخذها إلى مستوى جديد تمامًا. فيستطيع إنشاء نموذج سلوكي من البيانات التي جمعتهما الأجهزة الذكية. أو بعبارة أخرى، يستطيع الذكاء الاصطناعي عمل الوظائف المنزلية بشكل آلي وفقًا لتفضيلات أصحاب المساكن.[3]

أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في المنزل الذكي

تجعل الأجهزة والأنظمة المتعددة من المنزل الذكي بيئةً مثاليةً لاختبار برامج الذكاء الاصطناعي. فتستطيع نماذج الذكاء الاصطناعي تخصيص التجارب، أي تضبط الأجهزة حسب حاجة الأفراد لأنها تتعلم من السلوك البشري. بالتالي تحقق تجربة حياة هادئة وممتعة وخاصة لكل مالك منزل ذكي.

يدير الذكاء الاصطناعي الوظائف في المنزل بآلية مبتكرة لزيادة السلامة والراحة والكفاءة. ويمتلك القدرة على أتمتة مهام متعددة، مثل تغيير مستويات الإضاءة، والألوان، ودرجات الحرارة والرطوبة. ويعتمد بذلك بالطبع على تفضيلات المستخدم.[4]

يستعمل الذكاء الاصطناعي كذلك في التصميم الذكي للحفاظ على الطاقة بمساعدة خوارزميات تعلم الآلة. فيقوم بجمع البيانات من أجهزة الاستشعار، من ثم يقيّمها لكي يطور لاحقًا أنظمة لإدارة الطاقة خاصة بكل مالك منزل.

تغييرات معمارية

لكي يحوّل الخبراء المنزل العادي إلى منزل ذكي يجب عليهم دمج حلول التكنولوجيا العالية -مثل خطوط نقل البيانات وشبكات الاستشعار- في المساحة المعمارية المبنية سابقًا أو التي تبنى حاليًا. ولايزال يتعيّن على المعماريين القيام بعمل مكثّف فيما يتعلق بتعديلات التصميم المعماري حتى يستوعب متطلبات نمط الحياة الجديدة. فقد يتغير الحجم، والشكل، والعلاقة بين الفراغات. بالطبع يساعد الذكاء الاصطناعي المعماريين في عمليات التصميم كثيرًا. فتخلق النماذج الأولية الافتراضية المزيد من الإمكانيات والحلول لترتيب الغرف والمساحات في المنازل الذكية.[5]

ما هي مجالات الذكاء الاصطناعي في المنزل الذكي؟

يساعد الذكاء الاصطناعي المنزل الذكي في إدارة الأنظمة التالية:

  • الخدمات الأساسية كالكهرباء، والماء، والتكييف.
  • السلامة العامة مثل كشف التسلسل، والإنذارات، وإغلاق النوافذ والأبواب.
  • الأجهزة الإلكترونية والراحة مثل التلفاز، والبراد، والغسالة، وتزود عادةً بخاصية للتحكم بها عبر الانترنت.
  • الصيانة العامة مثل فحص أداء الأجهزة المنزلية، وتقديم إشعارات بشأن الأخطاء، والرصد، والإدارة العامة.
  • الطاقة كالتحكم في مصادر الطاقة البديلة.[2]
مجالات تطبيق الذكاء الاصطناعي في المباني الذكية

كيف تحافظ نماذج الذكاء الاصطناعي على الأمن في المنزل الذكي؟

تضع العديد من الدراسات الاعتبارات الأمنية كعامل رئيسي عند تصميم المنازل الذكية. وتضم أجهزة الإنذار الذكية، وأجهزة الاستشعار، والأقفال الذكية، والكاميرات، وغيرها الكثير. فتحمي التكنولوجيا الحديثة حياة الناس وأعمالهم ومنازلهم عن طريق نشر نظام حماية فعّال لمراقبتهم.[6]

تصدر معظم الأنظمة الأمنية الشائعة إنذارًا فقط بعد الاختراق عند حدوث اقتحام ما أو حريق أو تسرّب غاز أول أكسيد الكربون. بذلك يتلقّى الفرد تحذيرًا حالما يفوت الأوان على فعل شيء. لكن يطوّر الباحثون أنظمة وأقفالًا ذكية وأجهزة استشعار تعمل معًا في المنزل الذكي لإرسال التحذيرات في الوقت المناسب. وتعمل هذه التطبيقات مع البنية التحتية الموجودة، ويمكن استعمالها من أي جهاز محمول مما يسهّل عمليات الرصد. على سبيل المثال؛ ترسل التطبيقات إنذارًا إذا تركت بابًا أو نافذةً غير مقفلة أو حتى مفتوحة جزئيًا مما يبقي الدخلاء خارجًا. يستفيد كذلك الآباء من أجهزة استشعار الحركة في المنزل لمعرفة أن أطفالهم لا يقعون في ورطة.[7]

نظام التحكم الصوتي

يستطيع سكان المنزل الذكي التحكم بالأضواء، والستائر، وأقفال الأبواب والنوافذ في منازلهم باستخدام أصواتهم فقط. بل قد يتحكموا بها سويًا ببساطة من خلال عبارة واحدة مثل “أنا في المنزل” أو “تركت المنزل”.

تؤثّر الإضاءة في الأماكن المغلقة على رفاهية ومزاج وسلوك الناس، لذلك ركز عليها الخبراء أثناء تصميم المنازل. ويحتاج الفرد للتحكم الصوتي في الضوء إلى: الانترنت، ومساعد صوتي، ونظام منزلي ذكي متصل.[8]

التحكم الصوتي للضوء في نظام المنزل الذكي

المراقبة عن بعد والمراقبة بالفيديو

ازداد باطّراد عدد المنازل المزودة بكاميرات عالية الدقة خلال العقدين الماضيين. والتي تساعد على المراقبة وكشف التغييرات وغيرها. غالبًا ما تحتاج خوارزميات الذكاء الاصطناعي إلى معرفة ما يجب البحث عنه والتعرف عليه أو فهمه مسبقًا. على سبيل المثال؛ يمكن للآباء مراقبة منازلهم أثناء عملهم، فيتلقوا إشعارًا على الهاتف عندما يصل الأطفال من المدرسة. كما يمكنهم اختلاس النظر للتحقق من قيام أطفالهم بالواجبات المنزلية، أو إدارة الأدوية في حال وجدت. تعد أيضًا كاميرات الأبواب الأمامية التي تنقل الصوت والصورة في الاتجاهين وسيلةً رائعةً للتواصل حتى لو كان المالك خارج المنزل يستطيع التحدث من خلال تطبيق على الهاتف. [9]

تحديات وعوائق

يشكل بناء المنازل الذكية تحديًا، كما يواجه تطبيق الذكاء الاصطناعي في المنزل الذكي العديد من الصعوبات التي تحتاج إلى دراسة وتدخّل. ومنها:

  • التكلفة المرتفعة.
  • قد يشكل جمع البيانات تهديدًا على الأفراد من عدّة نواحي مثل انتهاك الخصوصية، أو الجرائم المرتبطة بتسريب البيانات.
  • يعد الحصول على الموافقات وقابلية تبادل المعلومات بين الأنظمة والأجهزة المتنوعة من الصعوبات الكبيرة التي تواجهها المنازل الذكية. تتواجد اليوم الكثير من الشركات المصنعة التي تطوّر الأجهزة والتقنيات الذكية، ويضم المنزل أجهزة متنوعة من مصادر مختلفة. بسبب ذلك يصبح من الصعب دمج آليات وأساليب عملها مع بعضها البعض.
  • يعتبر إعداد وصيانة نماذج الذكاء الاصطناعي مرهقًا لأصحاب المنازل والمحترفين أيضًا بسبب تعقيدها.
  • يحتاج المستخدمون إلى توضيح كبير بشأن كيفية إدارة منظمات الحرارة، والتحكم في استخدام الطاقة عمومًا.[10]

توضع الآن معايير وبروتوكلات صناعية لمعالجة هذه التحديات، لضمان مستوىً عالٍ من التوافق والتشغيل المتبادل بين النظم المنزلية. وأصبحت هذه الجهود ممكنة بفضل التقدّم السريع للذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة. في نهاية المطاف لن تستحوذ التقنيات المنزلية الذكية على اهتمام الجمهور إلا إذا رأى المشتري الجوانب الإيجابية، وقبل بعض المخاطر.[1]

مستقبل الذكاء الاصطناعي AI في المنزل الذكي

لايزال الذكاء الاصطناعي في طور النمو، لكنه يمتلك القدرة على إحداث ثورة في الطريقة التي نعيش بها في منازلنا. فيستطيع المنزل الذكي تغيير سلوكه كرد فعل على ما يحيط به. ويمكننا أن نتوقع رؤية المزيد من السبل المبتكرة والمتطورة لاستعمال الذكاء الاصطناعي من أجل تحسين جودة حياتنا. برأيك كيف سيتصرف منزلك الذكي المستقبلي؟

المصادر

  1. Science direct
  2. MDPI
  3. Science direct
  4. ResearchGate
  5. ResearchGate
  6. ResearchGate
  7. MDPI
  8. science direct
  9. MDPI
  10. Science direct

سلسلة العمارة الإسلامية: جامع القيروان الكبير

يعد جامع القيروان الكبير أو جامع عقبة بن نافع، الواقع في مدينة القيروان في تونس، من أقدم المعالم الإسلامية وأكثرها أهمية في العالم. يمتاز بتاريخٍ غنيٍّ يمتد لأكثر من 13 قرنًا، كان بمثابة مركزٍ للعبادة والتعلم والثقافة لأجيال من المسلمين. وقد جذبت عمارته الرائعة وتصميمه المعقد الزوار من جميع أنحاء العالم. في هذا المقال سوف نستكشف تاريخ وأهمية جامع القيروان الكبير.

بناء جامع القيروان

بدأ بناء جامع القيروان الكبير عام 670 م، بعد أمر من القائد العربي عقبة بن نافع الذي أسس مدينة القيروان كقاعدة عسكرية [1]. بنِي المسجد في موقع كنيسة مسيحية سابقة. وقد كان الهدف منه أن يكون رمزًا لقوة الإسلام المتنامية في شمال إفريقيا. خضع المسجد على مرّ القرون للعديد من التجديدات والتوسّعات، أضاف كلٌّ منها إلى أهميته المعمارية والثقافية [2].

بعد التجديدات التي أجراها حسن بن النعمان في عام 703م، والتوسعات في عهد الحاكم بشر بن صفوان722 – 728م، وتجديد آخر في عهد يزيد بن حاتم في عام 772م، أعيد بناء المسجد بالكامل من قبل الأمير الأغالبي زيادة الله الأول عام 836م، وعندها اتخذ أبعاده الحالية [3].

بنية جامع القيروان

يشغل المسجد مساحة تزيد عن 9000 متر مربع [2] ، وينقسم إلى صحنٍ -ذو بعدي 67×52 م- وحرم، وهو محاطٌ من الجهاتِ الأربع برواقٍ ذي صفوفٍ مزدوجة من الأقواس تتخذ شكل حدوة حصان. يُدعَم الرّواق بأعمدة من أنواعٍ مختلفة من الرخام والغرانيت أو من الرخام السماقي. والتي أعيد استخدامها من الآثار الرومانية أو المسيحية المبكرة أو البيزنطية خاصة من قرطاج. يمكن الوصول إلى الفناء من خلال ستة مداخل جانبية تعود إلى القرنين التاسع والثالث عشر [1].

بينما يتألف الحرم من 17 مجازاً طوليّاً و 8 مجازات عرضيّة [3]. يتقاطع المجاز المركزي الطولي مع العرضي بزاوية قائمة أمام المحراب مشكّلةً شكلًا مربّعاً. يوجد هذا الشكل أيضًا في مسجدين عراقيين في سامراء (حوالي 847 م). وقد اعتمِد في العديد من مساجد شمال إفريقيا والأندلس [1].

ترتفع فوق هذا المربع قبة مخددة مثبتة على حنيات منحوتة من الحجر. زيِّنت بزخارف وردية متعرجة ومتعددة الأوراق مستوحاة من الزخارف الأموية. يشكل العدد الكبير من الأعمدة والتيجان القديمة في قاعة الصلاة وفي الرواق حول الفناء أكبر عددٍ من التيجان الرومانية والبيزنطية في أي نصب أو متحف إسلامي [3].

الشكل 1: مسقط جامع القيروان الكبير
الشكل 2: صورة جوية للجامع


مئذنة الجامع

يبلغ ارتفاع المئذنة، التي تحتل وسط الواجهة الشمالية للجامع، 31.5 مترًا. وترتكز على قاعدة مربعة طولها 10.7 مترًا من كل جانب. تقع داخل حدود الجامع ولا يمكن الوصول بشكل مباشر إليها من الخارج. وتتكوّن من ثلاثة مستويات متدرجة، آخرها تعلوه قبة صغيرة مضلعة بنِيت على الأرجح في وقت متأخر عن بقية البرج. يعلو الطابقين الأول والثاني شرافاتٌ مستديرة تتخلّلها شقوقٌ لإطلاق السهام. فقد كانت المئذنة بمثابة برج مراقبة بالإضافة إلى وظيفتها في الدعوة للصلاة [1].

الشكل 3: مئذنة الجامع

قباب الجامع

للمسجد عدة قباب ، أكبرها قبتان، إحداهما تقع فوق المحراب وتقع الثانية فوق مدخل قاعة الصلاة من جهة الفناء. ترتكز قبة المحراب على أسطوانة مثمنة الأضلاع ذات جوانب مقعرة قليلاً. وترتفع عن قاعدة مربعة مزينة في كل وجه من وجوهها الثلاثة الجنوبية، والشرقية، والغربية بخمس محاريب مسطحة، تعلوها خمسة أقواس نصف دائرية. هذه القبة ، التي يعود بناؤها إلى النصف الأول من القرن التاسع (نحو 836 م) ، هي واحدة من أقدم القباب وأكثرها شهرة في العالم الإسلامي الغربي [1].

الشكل 4: قبّتا الجامع اللتان تعلوان حرم الصلاة

أهمية جامع القيروان

بالإضافة إلى أهميته المعمارية ، يعد الجامع الكبير بالقيروان مركزًا ثقافيًا ودينيًا مهمًا. كان بمثابة مركز للتعليم الإسلامي لعدة قرون، حيث يحتوي مكتبة تضمّ آلاف المخطوطات النادرة[3]. كما يعد المسجد موطنًا لعدد من القطع الأثرية الدينية المهمة، بما في ذلك أقدم نسخة متبقية من القرآن في شمال إفريقيا [2]. اليوم ، ما يزال المسجد يمثل موقعًا مهمًا للحج للمسلمين من جميع أنحاء العالم. إذ يأتون للصلاة والتأمل في التاريخ الغني وفي الأهمية الثقافية لهذا النصب الرائع.

المصادر

  1. “Great Mosque of Kairouan.” The Madain Project.
  2.  “Great Mosque of Kairouan.” Atlas Obscura.
  3. “Great Mosque of Kairouan.” Museum With No Frontiers.

من هو المينوتور في الأساطير اليونانية؟

من هو المينوتور في الأساطير اليونانية؟ «المينوتور-Minotaur » هو وحش خرافي من جزيرة كريت كان له جسد رجل ورأس ثور. كان ابن «باسيفاي-Pasiphae»، زوجة «مينوس-Minos »، وثور أبيض اللون أرسله الإله بوسيدون إلى مينوس للتضحية به. ولكن مينوس أبقى الثور حيًا وضحى بثور آخر. وكعقاب على هذا التصرف، جعل بوسيدون باسيفاي تقع في حب الثور. تم حبس المينوتور الذي أنجبته من الثور في المتاهة التي أنشأها «دايدالوس-Daedalus» لمينوس. وتم تقديم تضحيات منتظمة من الشباب والعذارى لإشباع جوعه للحوم البشر. قام البطل «ثيسيوس-Theseus» بقتل الوحش في النهاية [3] [1].

أصل التسمية:

كلمة «Minotaur» هي كلمة مركبة تتكون من الاسم اليوناني القديم « Μίνως» الذي يعني مينوس والاسم «ταύρος» الذي يعني الثور. وبالتالي، فإن كلمة مينوتور تعني ثور مينوس. إن اسم ولادة مينوتور، «أستيريون- Asterion» (وهو نفس اسم والد مينوس بالتبني)، تعني النجمي أو المرصع بالنجوم مما يشير إلى ارتباطه مع كوكبة الثور [1].

ولادة المينوتور:

زيوس وأوروبا

في الأسطورة اليونانية، كان مينوس أحد الأبناء الثلاثة من اتحاد «أوروبا- Europa» وزيوس. ذات يوم، بينما كانت أوروبا تسترخي مع الأصدقاء على شاطئ البحر، تجسس عليها الإله زيوس وسرعان ما وقع في حبها. في استراتيجية مغازلة غريبة إلى حد ما، قام زيوس إما بتغيير نفسه إلى ثور أبيض أو أرسل ثورًا وسيمًا لجذب الأميرة. كان أوروبا مفتونة بالفعل بالحيوان الطيع وزينته بالورود. بعد ذلك، اعتقادًا منها أنها تستطيع ركوب هذا الوحش اللطيف، صعدت على ظهره وكان ذلك عندما سبح الثور معها في البحر، وحلّق في الهواء وحمل أوروبا بعيدًا عن فينيقيا. ربما لا تكون الثيران الطائرة هي الأفضل في النقل الجوي، فليس من الغريب أن يسقط الثور بسرعة في البحر ومن هناك سبح إلى جزيرة كريت. بمجرد وصول زيوس إلى الجزيرة، فرض نفسه على الأميرة، وأنجب الزوجان ثلاثة أطفال: مينوس، ملك «كنوسوس-Knossos» المستقبلي، «رادامانثيس-Rhadamanthys » الحكيم الذي سيصبح أحد قضاة العالم السفلي، وفي بعض القصص اللاحقة، المحارب العظيم وحليف طروادة، «ساربيدون-Sarpedon». تنتهي القصة عندما وجدت أوروبا لاحقًا العزاء في « أستيريون-Asterion»، ملك كريت الذي تزوجته وتبنى أبنائها. أخيرًا، أصبح الثور الذي أنشأه زيوس كوكبة الثور [4].

وصول مينوس للحكم

عندما توفي أستيريون، لم يكن من الواضح أي من الأبناء الثلاثة يجب أن يتولى الحكم. الأبناء الثلاثة هم مينوس وساربيدون ورادامانثيس. كان مينوس، الذي يعني اسمه في كريت الملك، هو الذي قُدر له أن يكون ملكًا على جزيرة كريت على الرغم من أن صعود مينوس إلى السلطة كان رحلة صعبة لأنه كان عليه في البداية أن يتفوق في منافسة أخويه. ومع ذلك، كان لدى مينوس ميزة واحدة لم يكن يتمتع بها إخوته حيث ادعى أنه حصل على دعم ونفوذ الآلهة للحكم، وتفاخر بأنه يستطيع إثبات ذلك من خلال الصلاة من أجل ما يريده وأن الآلهة ستحقق مراده. وهكذا، في أحد الأيام أثناء التضحية لبوسيدون، صلى أن يظهر ثور من أعماق البحر. أقسم مينوس بالجنة أنه سيضحي بالثور لبوسيدون بمجرد ظهوره. بعد ذلك، أظهر بوسيدون ثورًا رائعًا من البحر. وهكذا، تم التحقق من صحة ادعاء مينوس بالسلطة لأنه لم يجرؤ أحد على تحدي تأييد الآلهة له، ناهيك أن مؤيده هو بوسيدون العظيم الذي حكم كل البحار. نتيجة لفوزه بالعرش، طرد مينوس إخوته من جزيرة كريت. سيتم توحيد الإخوة الثلاثة في الحياة الآخرة، لأنهم بعد موتهم أصبحوا قضاة في العالم السفلي. كانت مهمتهم هي الحكم على الموتى من أجل تحديد مكانتهم في العالم السفلي بناءً على أسلوب حياتهم [1].

غضب بوسيدون

ولكن، لم يف الملك مينوس بقسمه لبوسيدون. حيث احتفظ بالثور الكريتي المهيب لنفسه وضحى بثور آخر مختلف للإله. غاضبًا من عدم احترام الملك مينوس له، تآمر بوسيدون لمعاقبته على غطرسته. وفقًا لبعض نسخ الأسطورة، فإن بوسيدون هو الذي يعاقب مينوس من خلال غرس الحب والشغف داخل زوجة الملك، باسيفاي، للثور الذي جاء من البحر. ومع ذلك، وفقًا للمؤلف الروماني «هايججينوس- Hyginus»، فإن أفروديت هي التي لعنت باسيفاي، لأن الملكة لم تظهر التقوى المناسبة للإلهة لبعض الوقت. عاقبتها الإلهة بإرسال شغف شديد للثور المهيب من البحر. تروي نسخة أخرى كيف ذهب بوسيدون، الذي أغضبه مينوس، إلى أفروديت لمساعدته في هذا الأمر ولعنت باسيفاي لصالح بوسيدون [1].

باسيفاي والثور

طلبت الملكة باسيفاي، التي ابتُليت بهذا الشغف الذي لا ينتهي، مساعدة ديدالوس وإيكاروس. بالنسبة لباسيفاي، صنع ديدالوس بقرة خشبية مغطاة بجلد بقرة حقيقي ووضعها على عجلات. بعد ذلك، وضع دايدالوس الملكة باسيفاي داخل الهيكل ودفعها إلى المرج الذي كان يرعى فيه ثورها المحبوب. وهناك التقت بالثور ومارست الجنس معه، حيث اعتقد الثور أن البقرة الخشبية حقيقية. ومن هذا الاتحاد ولد المينوتور [1].

خارج السيطرة

أطلقت الملكة على الوحش اسم أستيريون (تيمناً بوالد الملك مينوس بالتبني)، والذي عرفه شعب كريت بأنه الاسم الحقيقي لمينوتور. عند رؤية الرضيع، اكتشف الملك مينوس العلاقة الحميمة لزوجته وكعقاب، استعبد مينوس دايدالوس وإيكاروس لدورهما في هذه العلاقة، لكنه ترك باسيفاي دون أن يمسها. اعتنت باسيفاي بأستيريون وكانت قادرة على تغذيته عندما كان عجلًا صغيرًا. ولكن، مع نموه، أصبح شرسًا ولم تعد قادرة على إطعامه أو رعايته. لم يكن أستيريون قادرًا على إيجاد مصدر مناسب للطعام، لأنه لم يكن إنسانًا ولا وحشًا، لذلك بدأ يأكل الناس. من أجل إخفاء علاقة زوجته المشينة وبناءً على نصيحة من «وسيط الوحي- Oracle»، أمر الملك مينوس ديدالوس وإيكاروس ببناء متاهة كبيرة لإيواء ابن زوجته. كان موقع المتاهة بالقرب من قصر مينوس في كنوسوس. في بعض الروايات، أصبح الثور الأبيض هو الثور الكريتي الذي أسره هرقل كواحد من أعماله [2] [1].

جزية أثينا:

موت أندروجيوس

أثناء بناء المتاهة، اكتشف الملك مينوس أن ابنه البشري الوحيد، «أندروجيوس- Androgeos»، (من باسيفاي) قد قُتل. تقول بعض المصادر أنه قُتل على يد الأثينيين بدافع الغيرة لمهارته في دورة الألعاب الباناثينية. هناك نسخة مختلفة من الأسطورة تدعي أن ملك أثينا، «إيجيوس- Aegeus»، كان غاضبًا من انتصارات أندروجيوس، وأرسله ليقتل الثور الماراثوني الذي لا يقهر. في المقابل، قُتل من قبل الثور وبصورة غير مباشرة من خلال تصرفات الأثينيين. بغض النظر عن الكيفية، قُتل أندروجيوس وألقى الملك مينوس باللوم على الأثينيين في وفاة ابنه البشري الوحيد وتدمير نسل عائلته [1].

دفع الثمن

 أبحر إلى الأثينيين وضايقهم حتى وافقوا على دفع ثمن وفاة ابنه. طالب الملك مينوس أثينا بتكريم جزيرة كريت بسبع عذارى وسبعة شبان كل تسع سنوات. (هناك بعض التناقض في المصادر حول عدد مرات تقديم هذه الجزية، من كل تسع سنوات إلى مرة في السنة). ثم يتم وضع هذه الجزية في المتاهة حتى يلتهمها المينوتور. في نسخ مختلفة، تم اختيار الضحايا بالقرعة فقط من بين أجمل الرجال والفتيات العذارى. استشار الأثينيون وسيط الوحي في دلفي الذي أمر مدينة أثينا بإعطاء مينوس كل ما يطلبه. وفقًا «لكاتولوس- Catullus»، أثار مقتل أندروجيوس سلسلة أحداث قاسية على أثينا. وعندها فقط علم الملك إيجوس أن أثينا يمكن إنقاذها بإرسال جزية إلى جزيرة كريت وطاعة الملك مينوس. على مضض، استسلم الأثينيون لشروط مينوس وعاد الملك مينوس إلى كريت. يعتقد آخرون أن مينوس قد أقنع الأثينيين بأن التضحية كانت ضرورية لإحباط وباء غامض كان يجتاح أثينا. في كلتا الحالتين، من الواضح أن الأثينيين لم يكونوا سعداء بهذا الاتفاق [2] [1].

ثيسيوس والمينوتور:

نهاية المينوتور

عندما حان وقت التضحية الثالثة، تطوع ثيسيوس ليذبح الوحش. لقد وعد والده، «إيجيوس-Aegeus»، أنه أثناء رحلة العودة إلى المنزل سيرفع أشرعته البيضاء إذا انتصر أو سوف يجعل الطاقم يرفع أشرعة سوداء إذا فشل وقتل. وقعت «أريادني-Ariadne»، ابنة مينوس، في حب ثيسيوس وأجبرت دايدالوس على مساعدة ثيسيوس في الهروب من المتاهة. في معظم الروايات، يتم إعطاؤه كرة من الخيط، مما يسمح له بتتبع مساره بعد أن يقتل مينوتور، وهو ما فعله بالتسلل إلى المخلوق أثناء نومه وضربه حتى الموت بقبضته (أو في نسخ أخرى من القصة، يقوم بجلب سيف أيجيوس معه إلى المتاهة ويذبح المينوتور به). على عكس ضحايا المتاهة السابقين، فإن ثيسيوس قادر على إيجاد طريقه للخروج، بسبب هدية أريادني. يتبع ثيسيوس ببساطة الخيط مرة أخرى عبر المتاهة ليجد طريقه إلى بوابة الخروج حيث وجد الأثينيين الآخرين وقادهم للخروج من المتاهة [2].

مصير أردياني وإيجيوس

أخذ ثيسيوس أريادني معه من جزيرة كريت، لكنه تركها في الطريق إلى أثينا. بشكل عام يقال أن هذا حدث في جزيرة «ناكسوس-Naxos». ظهر الإله ديونيسوس لأريادني في ناكسوس، الذي انتهى بها الأمر بالزواج منه. في بعض نسخ هذه الأسطورة، يظهر ديونيسوس لثيسيوس ويأمره بالتخلي عن أريادني، لأنه ينوي أن يتزوجها. في رحلة عودته إلى أثينا، نسي ثيسيوس تغيير أشرعة الحداد السوداء بالأشرعة البيضاء، ورأى والده الملك إيجيوس الأشرعة السوداء من بعيد وغلب عليه الحزن لذلك قتل نفسه بالقفز من الجرف في البحر. هذا هو الفعل الذي يضمن مكان ثيسيوس كملك أثينا الجديد ويشرح أصل اسم بحر إيجه [2] [1].

مصير دايدالوس وإيكاروس

غضب مينوس لأن ثيسيوس تمكن من الفرار، وسجن دايدالوس وابنه إيكاروس في برج طويل. حيث كانوا قادرين على الهروب من خلال بناء أجنحة لأنفسهم من ريش الطيور التي حلقت بالقرب منهم، لكن إيكاروس مات أثناء الهروب حيث طار عالياً (على أمل رؤية أبولو في عربته الشمسية) وذاب الشمع الذي جعل الريش ملتصقًا ببعضه في الأجنحة بسبب حرارة الشمس [2].

المصادر:

  1. world history
  2. new world encyclopedia
  3. britannica
  4. world history

كيف تسهّل المباني الذكية حياة الأفراد؟

هذه المقالة هي الجزء 6 من 18 في سلسلة كيف ستغير المدن الذكية من شكل عالمنا؟

تعتبر المباني من أكبر مستهلكي الطاقة في العالم. نتيجةً لذلك بدأت «المدن الذكية-Smart cities» بتطوير تقنياتٍ جديدة لكي تحول المباني التقليدية إلى مبانٍ ذكية. حيث تسمح المباني الذكية بوجود رقابة أكبر لموارد الطاقة داخل المبنى، وتحسّن نوعية حياة الأفراد في نفس الوقت.

زيادة الطلب على المباني الذكية

تحوّل معظم الدراسات الحديثة المباني التقليدية إلى مبانٍ ذكية، وتستخدم أنظمة تقنية متقدمة لتعزيز الاستخدام الفعّال والاقتصادي للموارد. فتتّصل الأبنية بأجهزة إلكترونية شبكية متطورة وانترنت الأشياء IoT، وتعتمد أيضًا على أجهزة الاستشعار وبرمجيات تحليل البيانات الضخمة. مما يسمح للمقيمين بالتحكم في العديد من الأجهزة الكهربائية عن بعد لتحقيق بيئة معيشية مريحة.[1]

بدأت البحوث في الأوساط الأكاديمية والصناعات الذكية في الآونة الأخيرة بتصميم وتطوير أدوات وأجهزة ذكية مستقلة في المنازل الذكية ابتداءً من الإضاءة الذكية ووصولًا إلى الأثاث الذكي.[2] وتظهر النتائج ازدياد الطلب على سوق البناء الذكي مع زيادة بيع وشحن الأجهزة الذكية في جميع أنحاء العالم.[1]

وتتجلّى أهمية الأبنية الذكية في ضمان بيئة سلسة نظيفة ومريحة مع إمدادات طاقة مجدية ضمن ظروف صعبة مثل أزمة الطاقة وتزايد أعداد السكان.[3] على سبيل المثال؛ يسمح تكييف المبنى الذكي بشراء الطاقة بسعر منخفض ويستخدمها بكفاءة مما يدعم توسّعه في السوق العالمية.

التحكّم الذكي في الطاقة

يطوّر الخبراء أنواعًا مختلفةً من طرق التحكم الذكي في الطاقة من أجل ضمان استهلاك الطاقة بكفاءة دون المساس بصحة السكان وأنشطتهم. وتتناسب تكلفة فواتير الطاقة دائمًا مع كمية الطاقة المستهلكة لهذا السبب يُنصح أصحاب المباني الذكية باستعمال الطاقة بحكمة على أساس الضرورة والأولوية.[4][5] ويساعد التحكم الذكي في الطاقة العميل بتصنيف الأجهزة الكهربائية إلى أجهزة قابلة للتحويل وأجهزة غير قابلة للتحويل. مما يتيح انتقاء أوقات تشغيل الأجهزة الكهربائية على أساس مستوى أولويات استعمالها. ويقصد بالأجهزة القابلة للتحويل تلك الأجهزة التي يمكن تحديد زمن عملها أو تغييره إلى وقت لاحق أو إيقافها في حال وصل استهلاك الطاقة إلى ذروته. بينما يقصد بالأجهزة غير القابلة للتحويل تلك الأجهزة التي لا يمكن تحديد أوقات عملها أو حتى إيقافها.[6][7]

تعتبر غالبية الدراسات جهاز التلفاز والحاسوب ونظام الإضاءة أجهزة غير قابلة للتحويل، لأن الفرد يمكن أن يحتاجهم في أي وقت ولا يعد استهلاكهم الكلي للطاقة كبيرًا بمقارنتهم مع نظام التدفئة والتكييف. إذ تستهلك أنظمة التدفئة والتكييف 50% تقريبًا من إجمالي استهلاك الطاقة في المباني السكنية. على الرغم من ذلك فقد اعتبرتها بعض الدراسات أجهزةً غير قابلة للتحويل وذلك من أجل تحسين الإنتاجية في مكان العمل أو تجنّب المخاطر الصحية المرتبطة بتقليل استخدامها.[6][7] ويبقى اختيار نظام التدفئة والتكييف كجهاز قابل للتحويل أم لا مثيرًا للجدل بين الباحثين ويتباين حسب الدراسة والمكان المدروس.[5]

نظام التدفئة والتكييف والتهوية الذكي

يعد نظام التدفئة والتكييف والتهوية الذكي أحد الإنجازات المتقدمة في المباني الذكية. والذي يهدف إلى توفير الراحة الحرارية للسكان وكذلك شراء الطاقة بسعر منخفض وتجنّب استهلاك الطاقة غير الضروري.[4] وتتوفر اليوم تقنيات ذكية مختلفة تساعد هذا النظام كالمستشعرات وبرنامج كشف الإشغال. ويحدّد كشف الإشغال إذا ما كانت المساحة مشغولةً أم خاليةً. وازداد مؤخرًا الطلب على هذا النظام لأنه يتيح التحكم عن بعد وضبط درجة حرارة ورطوبة الغرف والثلاجة.[6][7]

يعرب الباحثون عن تخوفهم من نظام التدفئة والتكييف والتهوية الذكي والذي أثبت أنه يخفض عمر الجهاز. على سبيل المثال؛ يعتمد هذا النظام على إيقاف وتشغيل الجهاز بشكل متكرر إذا كانت قيم الدرجات غير مستقرة وخاصةً في فترة ما بعد الظهر، مما يؤدي إلى تقليل عمر الجهاز.[4]

التحكم الذكي في الوصول

يعتمد سوق البناء بشكل كبير حتى اليوم على بطاقات الوصول الذكية التقليدية. إذ تستخدم الفنادق ومعظم الأبنية الذكية بطاقات ذكية للدخول إلى المنازل أو الغرف بدلًا من المفاتيح. لكن في الوقت الحالي تركّز العديد من الصناعات على التقنيات القائمة على تطبيقات البلوتوث. والتي توفّر للسكان ميزة التحكم عن بعد للدخول إلى المصاعد الآمنة والأبواب والأبواب الدوارة. وقد تحدث هذه التقنية ثورةً في سوق صناعة الأمن الرقمي، إذ تسمح كذلك بالتخلّص من عبء إدارة وصيانة بطاقات الدخول الأمنية من خلال مراقبة أمن الدخول بواسطة تطبيقات الهواتف. لايزال سوق التحكم الذكي في الوصول يتطوّر إلا أنه يمتلك شعبيةً واسعةً وخاصةً بين المستثمرين الجدد بسبب موثوقيته وتكلفته المعقولة.[6][7]

يعتمد التحكم الذكي في الوصول على مصادقة المستخدم والتحقق من هويته، لكنه لا يوفر الاتصال الأمني من البداية إلى النهاية للوثائق المتعلقة ببيانات المستخدم، والتي يجري بثها بين الأجهزة الذكية الأخرى في المبنى. ولكي نتجنّب المشكلات الأخلاقية التي قد تحدث نحتاج إيجاد حل أمني من البداية إلى النهاية لتحقيق مستوىً كافٍ من الأمن لبيانات اعتماد المستخدم.[6][7]

الأجهزة الترفيهية في المباني الذكية

يقصد بالأجهزة الترفيهية المؤثرات البصرية والصوتية، والتي تلعب دورًا رئيسيًا في السوق الصناعي الحالي. توفّر هذه الأجهزة ميزات ملائمة لاختيار الأغاني أو الأفلام المفضلة تلقائيًا، وتسرع الوصول إلى الأغاني والأفلام الأكثر تشغيلًا. بالإضافة إلى أنها توفر ميزة التحكم عن بعد.[6][7]

تستثمر معظم الشركات في الأجهزة الترفيهية مثل LG وSony وMitsubishi للحفاظ على مكانتهم في السوق. وتتمتع 100 دولة حاليًا بالمزايا الذكية التي تقدمها كل من Apple وSamsung لأجهزة التلفاز وتطبيقاته التي أطلقت عام 2019.[5]

المطبخ الذكي في المباني الذكية

يستخدم المطبخ الذكي أجهزة استشعار مختلفة مصمّمة لتوفير أنشطة مطبخ مناسبة ومريحة. تجهَّز المرافق عادةً بميزات الاتصال اللاسلكي والبلوتوث من أجل توفير الاتصال مع الأجهزة المنزلية الذكية الأخرى مثل الطاولات والكراسي. حيث تركّز الأوساط الأكاديمية على تكامل أنشطة المطبخ الذكي لكي تساعد المقيمين على تنظيم أنشطة المطبخ عن بعد.[5][8]

لعل أول ما يتبادر إلى ذهنك عند التفكير بالمطبخ الذكي هو إعداد الذكاء الاصطناعي لوجبتك المفضلة. حسنًا لا يزال الباحثون يدرسون الموضوع وقد يتحقق يومًا ما. إذ يتميز الجيل الثاني من المطابخ الذكية بالقدرة على التعرف على وجبتك المفضلة ومن ثم تقديمها لك. إذا حدث ذلك سيكون بمثابة ثورة في سوق المنازل الذكية.

الأثاث الذكي

تغيِّر الزيادة في دخل الفرد واقتصاد البلد من نمط حياة المواطنين. ويراقب الأثاث الذكي تصرفات وحياة المقيمين في المباني الذكية. إذ يقوم برصد اللياقة البدنية للقاطنين مثل وقت النوم والتغذية والنظافة الصحية وإجمالي السعرات الحرارية المحروقة. علاوةً على ذلك يستطيع الأثاث الذكي شحن الهاتف وسماعات البلوتوث لاسلكيًا. ويطوّر الباحثون تقنيات تراقب إنتاجية عمل الموظف وكذلك حالة خزانة الملابس، وتنذر في حال حدوث فوضى في المكان.[6][7][8]

يخلق الأثاث الذكي مشكلات إخلاقيةً في تطبيقات المدن الذكية، إذ يشارك الأثاث الذكي معلومات الفرد بين الأجهزة الذكية المنزلية دون وجود آلية مصادقة. ويمكن أن يسبب ذلك انتهاكا في خصوصية السكان، والتي قد تؤدي بدورها إلى تسهيل السرقات أو ارتكاب جريمة عالية المستوى.

المباني الذكية قيد التطوير

لا تزال تقنيات الأبنية الذكية قيد التطوير إلا أن تحسين كفاءة أدائها يحظى باهتمام الخبراء أكثر من مسائل الأمن والخصوصية. فتستخدم معظم التقنيات أجهزة المراقبة القائمة على المستشعرات لتجمع البيانات وتحلّل العمليات المختلفة. فتتضمن معلومات عن حياة السكان وسلوكهم نتيجةً لذلك تحتاج معالجات أمنية أفضل. ويدرس الباحثون في الوقت الحالي كيفية دمج التعلم الآلي مع تقنيات المباني الذكية لتعزيز التعاون بين الأبنية والسكان. فإلى أي مدى ستختلف حياتنا بعد؟ هذا ما سنعلمه في المستقبل.

المصادر

  1. MDPI
  2. MDPI
  3. ResearchGate
  4. Springer
  5. MDPI
  6. ResearchGate
  7. Science direct
  8. IEEE

العمارة الإسلامية في عهد الدولة العباسية (750-1258م)

شهدت الفترة العباسية حقبة مهمة في التاريخ الإسلامي، امتدت من القرن الثامن إلى القرن الثالث عشر الميلادي. وكان العباسيون ثاني سلالة تحكم العالم الإسلامي بعد الأمويين. وقد شهد العالم الإسلامي في هذه الفترة تقدمًا كبيرًا في العلوم والفنون والأدب والعمارة. اشتهر العباسيون برعايتهم للفنون، مما أدى إلى تطوير أسلوب معماري إسلامي فريد [1]. سيستكشف هذا المقال الإنجازات المعمارية التي تمّ إنجازها في عهد الدولة العباسية.

الشكل 1: الدولة العباسية في أقصى امتدادٍ لها

المدن العباسية

مدينة بغداد الدائرية

تم بناء مدينة بغداد الدائرية، والمعروفة أيضًا باسم مدينة السلام ، في 762 من قبل الخليفة العباسي المنصور [1]. واكتمل بناؤها في عام 766م [5]. كانت المدينة الدائرية من روائع العمارة والهندسة الإسلامية ، حيث جمعت بين مبادئ التصميم الإسلامية التقليدية والتقنيات المبتكرة [2].

الشكل 2: رسم تخيّلي يُظهِر مدينة بغداد الدائرية

كانت مدينة بغداد الدائرية ذات قطر يساوي 2 كم تقريباً [5]. محاطة بسور ضخم تتخلله أربع بوابات تواجه الاتجاهات الرئيسية ، مزينة بأنماط هندسية معقدة ونقوش قرآنية [1]. وكانت الشوارع تؤدي من البوابات الأربعة إلى المناطق المركزية بينما تتركز أماكن المعيشة والمحلات التجارية في حلقة بين الجدار الخارجي للمدينة الذي كان محاطًا بخندق عميق وجدار دائري محصن ثانٍ [4].

وكان من أبرز سمات المدينة نظام توزيع المياه، والذي كان ضروريًا لبقاء المدينة في المناخ الجاف لبلاد الرافدين [2]. حيث قام مهندسو المدينة ببناء شبكة واسعة من القنوات لجمع وتوزيع المياه في جميع أنحاء المدينة. كما أنشؤوا نظامًا من الأنفاق الجوفية التي سمحت بالنقل الفعال للمياه من نهر دجلة إلى ينابيع المدينة وحدائقها [3].

مدينة سامرّاء العباسية

تأسست مدينة سامراء عام 836 م على يد الخليفة العباسي المعتصم بالله كمعسكر لحماية الخلافة من التهديد المتزايد لسلالة الطاهريين في الشرق [6]. ومع ذلك ، سرعان ما تطورت لتصبح مدينة رئيسية ، وقد وصل عدد سكانها إلى 600000 نسمة في ذروة ازدهارها [7]. تميّزت المدينة بمخطط شطرنجي ذي شوارع متعامدة، وبأحياء سكنية منظمة حول الأفنية المركزية والمساجد [8]. وتتميز العمارة في مدينة سامراء باستخدامها القرميد والجص ، والتي كانت تستخدم لإنشاء أنماط هندسية تزيينية معقدة. [6]

الشكل 3: صورة جوية لمدينة سامراء تعود لمطلع القرن العشرين ويظهر في مقدمة الصورة جامع سامراء الكبير ومئذنته

جامع سامرّاء الكبير

أحد أشهر الجوامع العباسية، أمر ببنائه الخليفة العباسي المتوكل عند توليه للحكم [9] وبدأ بناءه عام 848 م واكتمل عام 851 م بمساحة 38000 متر مربع تقريباً [1]. بُني المسجد في موقع قصر سابق دُمِّر إبان الحرب الأهلية التي ميزت نهاية عهد الخليفة السابق الواثق [10].

وتقع على المحور الوسطي للجامع وخارج حرمه برج حلزوني يعرف باسم (الملويّة) أو المئذنة الملتوية، بارتفاع 52 متراً، وبقطر 33 متراً عند القاعدة. وتقع على بعد 27 متراً تقريباً من الجدار الشمالي وتتصل بالجامع بواسطة جسر.

تم بناء هذه المئذنة التي تميّز مدينة سامرّاء باستخدام الحجر الرملي، وما يجعلها فريدة من نوعها هو تصميمها الحلزوني المخروطي. ويرتفع البرج الحلزوني على القاعدة المزودة بمنحدر (رامب) يبدأ عند مركز الجهة الجنوبية ويدور حوله بعكس اتجاه عقارب الساعة. وبعد خمس دورات كاملة، يصل المنحدر إلى القمة وينتهي عند الحنية الجنوبية لطابق أسطواني الشكل. ثم يقود درج شديد الانحدار إلى المنصة، بارتفاع 50 متر بالضبط فوق القاعدة. [9]

الشكل 4: جامع سامرّاء الكبير

جامع أبي دُلف

يقع جامع أبي دُلف حوالي 15 كيلومتراً شمال مدينة سامراء في قلب الصحراء، ويحمل مئذنة مشابهة لمئذنة سامراء الملتوية بتصميم حلزوني مشابه [9].

تم بناء المسجد في القرن التاسع وسمي على اسم أبي دُلَف؛ المحارب العربي الذي تم دفنه في باحة المسجد [10]. وهو مستطيل الشكل بأبعادٍ تساوي حوالي 30 × 20 مترًا ، ويتميز بقبة مركزية كبيرة محاطة بقباب أصغر وفناء (صحن) مربع [11]، وعلى الرغم من تشابه مئذنة جامع أبي دُلّف مع مئذنة جامع سامراء الكبير بشكلها الحلزوني، إلا أن مئذنة هذا الجامع ليست نسخة مطابقة لمئذنة جامع سامراء. فمئذنة أبي دلف أصغر حجماً بثلاث دورات فقط يدورها المنحدر حتى يصل إلى القمة مقارنةً بالدورات الخمس التي يدورها مثيله في مئذنة جامع سامراء. [9]

الشكل 5: مئذنة جامع أبي دُلف

مدينة الرّافقة

في عام 772 م، أمر الخليفة العباسي المنصور ببناء مدينة جديدة تسمى الرافقة بالقرب من الرقّة، وقد كلف ابنه وخليفته المهدي (حكم في الفترة الممتدة بين عاميّ 775-785 م) بالإشراف على بنائها. نُفِّذت الإضافات اللاحقة، مثل الجدار الخارجي ، تحت حكم ابن المهدي، هارون الرشيد (حكم في الفترة 170-93 / 786-809). كان المكان بمثابة مدينة حامية على الحدود مع الإمبراطورية البيزنطية لحماية الأراضي العباسية. كما أنها كانت تقع على مفترق طرق مهمة للقوافل عند التقاء نهر الفرات مع نهر الخابور [12].

يحمل مخطط المدينة تشابهاً طفيفاً مع مخطط مدينة بغداد العباسية، لكنه يتخذ شكل حدوة حصان مع وجود ضلع مستقيم في الجانب الغربي من المدينة [13]. ويبلغ قطر سور المدينة المحيط بالرفقة حوالي 1300 م. ويبلغ طول هذا الجدار الضخم 5000 متر تقريبًا ، ويحصر بداخله مساحةً تساوي 1.47 كيلومترًا مربعًا [12].

الشكل 6: مخطط مدينة الرافقة [12]

وكان من أهمّ الإنجازات المعمارية في عهد الدولة العباسية هو ترميم المسجد الأقصى الشريف

ترميم المسجد الأقصى

خضع المسجد الأقصى في القدس لعملية تجديد وإعادة بناء كبيرة، حيث تولى العباسيون، الذين أرادوا تأكيد سلطتهم على المقدسات الإسلامية، مهمة إعادة بناء المسجد. وقد تضمن المشروع توسيع قاعة الصلاة بالمسجد وإضافة معالم معمارية جديدة، مثل مدخل ضخم وقبة. تضمنت إعادة البناء أيضًا عناصر من الطراز المعماري العباسي، مثل استخدام الجص الزخرفي والتصميمات الهندسية المعقدة. لم تكن إعادة بناء المسجد الأقصى خلال الفترة العباسية رمزًا دينيًا وثقافيًا فحسب، بل كانت أيضًا دليلًا على التزام العباسيين بالعمارة الإسلامية ورغبتهم في ترك بصماتهم على العالم الإسلامي [14].

قصر الأُخَيضِر

أحد أروع أمثلة العمارة العبّاسية، تمّ بناؤه خلال منتصف القرن الثامن الميلادي في صحراء العراق حالياً. القصر عبارة عن قلعة مستطيلة الشكل مع أبراج في كل زاوية وفناء مركزي كبير [1] يعدّ بمثابة النقطة المحوريّة للقصر [14] . تم بناء جدران القصر من القرميد المصنوع من الطين المشوي وتمّ تزيينها بتصميمات جصية متقنة وأنماط هندسية، والتي تميز الطراز المعماري العباسي. تضمن تصميم القصر أيضًا العديد من الميزات الوظيفية، مثل نظام المياه المتطور . كان موقع القصر في المنطقة الصحراوية في العراق استراتيجيًا، حيث كان بمثابة محطة طريق للمسافرين والحجاج. اليوم، يقف قصر الأخيضر كدليل على الإنجازات المعمارية للعباسيين وقدرتهم على خلق الانسجام بين الاعتبارات الوظيفية والجمالية في تصميم المباني [1].

مسجد ابن طولون في القاهرة

يعتبر مسجد ابن طولون ثاني أقدم مسجد موجود في مصر. وهو النصب الوحيد المتبقي في مدينة القطائع ، وقد تم إنشاؤه عام 870م في عاصمة الدولة الطولونية في مصر من قبل حاكم مصر أحمد بن طولون. [15] ويعدّ نموذجاً فريداً للعمارة الإسلامية بمئذنته اللولبية المميزة وفنائه الواسع المفتوح. يغطي المجمع مساحة تزيد عن 26000 متر مربع ويحيط به سور مرتفع له ثلاث بوابات [16]. يقع المدخل الرئيسي في الجهة الشرقية للمسجد ويؤدي إلى قاعة الصلاة التي يدعمها أكثر من 200 عمود مرتبة في 17 صفًا. تم تزيين المسجد من الداخل بأنماط هندسية أنيقة ونقوش بالخط العربي ، وهي سمات مشتركة للفن والتصميم الإسلامي [17]. تم تزيين جدران وأعمدة قاعة الصلاة بنقوش وزخارف معقدة تعكس المفهوم الإسلامي للتناسق والتوازن. [15]

تعتبر مئذنة مسجد ابن طولون أبرز معالمه. يرتفع إلى ارتفاع 26 مترًا وهو مبني على شكل حلزوني فريد من نوعه ، مع درج خارجي يؤدي إلى القمة [15]. تعلو المئذنة قبة صغيرة وهلال، ومن الجدير بالذكر أنها المئذنة الوحيدة خارج العراق التي تماثل في التكوين المئئذنتين الملويّتين لجامعي سامرّاء الكبير وأبي دُلَف.

الشكل 7: بطاقة بريدية من عام 1903م تظهر مسجد ابن طولون ومئذنته

مقياس النيل

بني مقياس النيل بأمرٍ من الخليفة العبّاسي المتوكّل في عام 861م [18]، ويقع في جزيرة الروضة في مصر، وبالتحديد في القاهرة على نهر النيل، وقد استُخدِم بشكلٍ عام لقياس مستويات الفيضان من أجل إعداد السدود والقنوات ، وتحديد مستويات الضرائب للإنتاجية الزراعية ، والاحتفال بفيضان النيل ، الذي كان حدثًا مهمًا من العصور الوسطى حتى نهاية القرن التاسع عشر [18] [ 19].

يتكوّن من جزئين أساسيَّين: الأول هو البئر المكون من ثلاثة طوابق وفي محوره العمود الرخامي ، وهو أداة قياس الفيضان. والثاني القنوات التي تتصل بالنيل من خلال ثلاث فتحات يوجد كلٌّ منها في طابق. يقع البئر في حفرة مربعة عميقة محفورة بعمق 13م وعرض 10م على الأقل، ما استلزَم إزالة ما لا يقل عن 1300متر مربّع من التراب والطين الصلب[20].

وتتدفق مياه النيل إلى البئر عن طريق ثلاثة قنوات تصب مياهها في البئر عن طريق ثلاثة “أفواه”. ,هذه الفتحات ذات أقواس مدببة تدعمها أعمدة مزخرفة ذات قواعد كروية. لا تعتبر هذه الأقواس أقدم الأمثلة المعروفة في مصر الإسلامية وحسب، بل وإنها تسبق تلك المستخدمة في العمارة القوطية في أوروبا بثلاثة قرون [21].

الشكل 8: مقطع طولي في مقياس النيل

الأقواس العباسية المدببة

يعتبر القوس المدبب من أبرز سمات العمارة القوطية التي ازدهرت في أوروبا خلال فترة العصور الوسطى. ومع ذلك ، فإن ما هو أقل شهرة هو أن القوس المدبب كان في الواقع تطورًا من العالم الإسلامي.

الشكل 9: الأقواس المدببة في باب بغداد في الرافقة/ الرقّة حاليّاً

شهدت الفترة العباسية العديد من الابتكارات المعمارية ، بما في ذلك القوس المدبب الذي استخدم على نطاق واسع في المباني الإسلامية. من خلال التبادل التجاري والثقافي ، انتشرت العمارة الإسلامية وابتكاراتها إلى أوروبا. لعبت الحروب الصليبية أيضًا دورًا مهمًا في نقل المعرفة المعمارية الإسلامية، بما في ذلك القوس المدبب ، إلى أوروبا، حيث أنه في الحملة الصليبية الأولى عام 1099 وبعد سقوط فلسطين في أيدي الصليبيين، عقد القادة الصليبيون أول اجتماع لهم في قبة الصخرة لتسوية خلافاتهم وترهيب المسلمين المهزومين. لم يتمكن هؤلاء القادة المهتمون بالهندسة المعمارية من ألا يلاحظوا جمال كل من أروقة قبة الصخرة والأقصى المدببة وأعادوها معهم عندما عادوا إلى أوروبا. بمجرد وصوله إلى أوروبا ، تم تكييف القوس المدبب وتطويره بشكل أكبر ، ليصبح سمة مميزة للعمارة القوطية. هذا النقل للمعرفة المعمارية هو شهادة على الترابط بين الثقافات والطرق التي يمكن للأفكار والابتكارات أن تنتشر من خلال التجارة والتبادل [14].

المصادر

  1. Dictionary of Islamic Architecture
  2. short-history.com/round-city-of-baghdad
  3. .themaparchive.com-plan-of-baghdad-city
  4. socks-studio.com/the-round-city-of-baghdad
  5. the birth of Baghdad was a landmark for world civilisation – The Guardian
  6. Samarra – SmartHistory
  7. Samarra – Barakat Trust
  8. Samarra – Archnet
  9. The origins and functions of the spiral minaret at the great mosque of Samarra (Academia.edu)
  10. Minaret of the Abu Dulaf Mosque. Samarra Archaeological City (Iraq) – UNESCO
  11. “Abu Dulaf Mosque.” Academia.edu.
  12.  Museum With No Frontiers – Al-Rafiqa
  13. Archnet – Raqqah
  14. muslimheritage.com – Muslim Architecture Under the Abbasid Patronage
  15. Ibn Tulun Minaret – Museum With No Frontiers
  16. Mosque of Ahmad ibn Tulun – Encyclopaedia Britannica
  17. Mosque of Ibn Tulun – Archnet
  18. Rawda Island Nilometer – Egyptian Monuments
  19. Nilometer – Islamic Architectural Heritage
  20. Rawda Island Nilometer – UNESCO World Heritage Centre
  21. Rawda Island Nilometer – Museum With No Frontiers

النقد التواصلي؛ كيف يكون القارئ جزءا من النص؟

اهتم النقاد النفسيون بدراسة علاقة الكاتب بالنص، واهتم النقاد الاجتماعيون بدراسة علاقة الكاتب بالمجتمع، لكن لم يهتم أحد بدراسة علاقة القارئ بالنص حتى جاء النقد التواصلي. فما هو النقد التواصلي؟ وما علاقة القارئ بهذا المنهج النقدي؟ وماذا يقصد بأفق التوقع؟

ما هو النقد التواصلي؟

يسعى النقد التواصلي إلى دراسة العلاقة بين القارئ والنص الأدبي. فالقارئ هو الذي يمنح الوجود للنص، إذ لا يمكن أن يوجد نص دون قارئ، حتى النص الذي يتلفه كاتبه دون أن يعرضه على أحد يكون هو نفسه قارئا له.

قراء النقد التواصلي

يميز النقد التواصلي بين عدة أنواع من القراء، من أهمها؛ القارئ المتضمن، القارئ المثالي، والقارئ المجهول.

القارئ المتضمن

وهو أي قارئ أشار له الكاتب داخل النص الأدبي، كأن يقول “عزيزي صاحب الظل الطويل” أو “أخي العزيز” أو “أصدقائي الأعزاء”. ولا يعد هذا القارئ هو المستهدف الوحيد من النص، بل كل من يقرأ النص سواء انطبق عليه وصف العبارة أم لا.

القارئ المثالي

يتميز هذا القارئ بثقافة واسعة تمكنه من فهم كل ما يكتبه الكاتب، والوصول إلى المعنى المراد منه، وتوفهم كل الحالات النفسية والأوضاع الاجتماعية التي يصفها الكاتب. وهو، إضافة إلى ذلك، عليم بتقنيات الكتابة وأساليب الفن، بحيث يستطيع الحكم على النص الأدبي من منطلقات منطقية وليس من خلال ذوقه فقط.

القارئ المجهول

“وهو القارئ الحقيقي الموجود في الواقع. [1] لا يعلم الكاتب أي شيء عن هذا القارئ، لأن أي شخص قادر على امتلاك كتابه يستطيع قراءته. ويمز القارئ المجهول لتعدد التأويلات والقراءات التي يمكن أن تفهم من خلال النص. إذ يمكن لنص واحد أن يدل على الرغبة في الحياة والرغبة في الموت بالاعتماد على قراء مختلفين وتأويلات وقراءات مختلفة.

ما الذي يقصده النقد التواصلي بأفق التوقع؟

أفق التوقع أو أفق الانتظار هو ما يتوقعه القارئ حين يقرر قراءة عمل أدبي ما، فإن فتح رواية عنوانها “رسائل بيلي” فسوف يتوقع وجود رسائل بداخلها، أو شيئا متصلا بشخص اسمه بيلي. إن كانت الرواية تتحدث عن شخص اسمه بيلي ورسائل له أو رسائله هو إلى شخص ما فسوف يكون أفق التوقع/الانتظار قد لبي. أما إذا لم تكن الرواية  تتحدث عن أي رسائل ولا تذكر شخصا اسمه بيلي فسوف يكون أفق التوقع/الانتظار قد كسر.

هل أكسره، أم لا أكسره؟ هذا هو السؤال

للكاتب خياران؛ إما أن يلبي أفق التوقع/الانتظار، أو يكسره. وسواء لبى الكاتب أفق التوقع/الانتظار أو كسره وخرج عنه، تظل مهارة الكاتب في بناء عوالمه وقصصه وكذا أسلوبه هي التي تحدد رد فعل القارئ. لكن، عموما يفضل الاعتماد على القواعد المعتادة والإبداع في نطاقها، كأن تكتب رواية غرامية دون أن تكون القصة تقليدية مستهلكة، بل مختلفة تكسر أفق تلقي القارئ دون أن تكسره فعلا.

ما الذي يحدد أفق التوقع/ الانتظار؟

يتغير أفق التوقع/الانتظار حسب الخلفية الثقافية الخاصة بالقارئ. فالقارئ العربي لن يتذوق الأدب الروسي كما يتذوقه قارئ روسي، والقارئ الروسي لن يتذوق الأدب العربي كما يفعل القارئ العربي مهما كانت الترجمة محكمة. فالتشبيهات والمجازات والاستعارات تتغير بتغير الخلفية الثقافية.

خاتمة

ركز، إذا، النقد التواصلي على علاقة القارئ بالنص الأدبي، وأفق توقعه/ انتظاره الذي يتحكم في حكمه على النص. أفق التوقع/الانتظار هذا الذي تتحكم فيه الخلفية الثقافية لكل قارئ، فتتغير التأويلات والقراءات حسب كل قارئ.

المصادر

[1] مبادئ تحليل النصوص الأدبية، بسام بركة، ماتيو قويدر، هاشم الأيوبي.

[2] مناهج النقد المعاصر، صلاح فضل.

سلسلة العمارة الإسلامية: مدينة الرافقة

كان العصر العباسي وقتًا للابتكار الكبير والإنجاز الثقافي في العالم الإسلامي، ولا يزال تأثيره واضحًا في العمارة الإسلامية الحديثة اليوم. وكانت مدينة الرافقة من أهم المدن التي تم بناؤها خلال هذا الوقت، وتقع في موقع مدينة الرقّة الحالية في سوريا. ومن خلال استكشاف تاريخ هذه المدينة العباسية وتصميمها، يمكننا الحصول على معرفة أكبر تجاه الإنجازات المذهلة للعصر العباسي وتأثيرها على العمارة والتصميم.

موقع وسبب بناء مدينة الرافقة

في عام 772 م، أمر الخليفة العباسي المنصور ببناء مدينة جديدة تسمى الرافقة بالقرب من الرقّة، وقد كلف ابنه وخليفته المهدي (حكم في الفترة الممتدة بين عاميّ 775-785 م) بالإشراف على بنائها. نُفِّذت الإضافات اللاحقة، مثل الجدار الخارجي ، تحت حكم ابن المهدي، هارون الرشيد (حكم في الفترة 170-93 / 786-809). كان المكان بمثابة مدينة حامية على الحدود مع الإمبراطورية البيزنطية لحماية الأراضي العباسية. كما أنها كانت تقع على مفترق طرق مهمة للقوافل عند التقاء نهر الفرات مع نهر الخابور [1].

تخطيط المدينة وعناصرها الدفاعية

يحمل مخطط المدينة تشابهاً طفيفاً مع مخطط مدينة بغداد العباسية، لكنه يتخذ شكل حدوة حصان مع وجود ضلع مستقيم في الجانب الغربي من المدينة [2]. ويبلغ قطر سور المدينة المحيط بالرفقة حوالي 1300 م. ويبلغ طول هذا الجدار الضخم 5000 متر تقريبًا ، ويحصر بداخله مساحةً تساوي 1.47 كيلومترًا مربعًا [1].

الشكل 1: مخطط مدينة الرافقة [1]

تمّ تحصينالمدينة بطبقات دفاعية متعددة بما في ذلك خندقٌ بعرض 15.9 متر، وجدارٌ خارجيّ وجدارٌ داخليٌّ ضخم يعتمد على أساسات حجرية. وتمت تقوية الجدار الداخلي، المصنوع من القرميد المصنوع من الطين المجفف وطبقة من القرميد المشوي على كلا الجانبين، بواسطة 132 برجًا دائريًا موزعة على مسافات متساوية تقريبًا على طول الجدار (حوالي 25 م إلى 28 م). يبلغ محيط كل برج من 15 مترًا إلى 16 مترًا، ويصل عمقه إلى 5.35 متر. ومن المحتمل أن هذه الأبراج كانت ترتفع إلى 18 مترًا، وقد يكون برجا الزاوية أعلى من البقية. الجدار الخارجي أقل ارتفاعًا وأقل كتلة من الجدار الداخلي. وهو مصنوع من القرميد المجفف بالشمس وليس له أساس حجري [1].

الشكل 2: سور المدينة كما يظهر في الوقت الحالي

مداخل المدينة وباب بغداد

ان سور المدينة في الأصل يحتوي على ثلاثة مداخل: البوابة الجنوبية الغربية الصغيرة (باب الجنان)؛ البوابة الشمالية الضخمة (باب حرّان) والتي يبلغ عرضها 4 أمتار (لا تزال بقايا أعمدة الأبواب الحديدية موجودة)؛ ويقع في الزاوية الجنوبية الشرقية من سور المدينة، باب بغداد. والذي تمّ بناؤه باستخدام القرميد المشوي الذي تم استخدامه في سور المدينة الخارجي. بافتراض أن واجهة باب بغداد كانت متناظرة، فلا بد أن قياسها 18 م × 14.5 م [1].
تنقسم واجهة باب بغداد بصرياً إلى جزئين: الجزء السفلي الذي يحتوي على ممر قوسيّ الشكل كبير الحجم، بينما الجزء العلوي ، الذي يبلغ ارتفاعه حوالي 4.40 م [1]، يوجد فيه محرابان مزخرفان على جانبي البوابة مع مجموعة من المحاريب الأصغر في الأعلى على طول واجهة الباب. كان هذا الأسلوب من الأساليب الشائعة المستخدمة في القصور الأموية [3].

تشير السمات التزيينية للبوابة، ونقص العناصر الدفاعية، وموقعها في الجدار الخارجي الأضعف، إلى أنه لم يتم تشييدها بسبب مناعتها، ولكن ربما قد تم استخدامها كنموذج استعراضي لحفلات الاستقبال الاحتفالية في المدينة.
تاريخ باب بغداد لا يزال غير واضح. بناءً على العناصر التزيينية المستخدمة فيه، مثل شكل الأقواس المدببة، غير المسجلة قبل القرن العاشر، والتقنيات المستوحاة من الشرق مثل الزخرفة القرميدية، التي تشبه العمارة الإيرانية في القرن الحادي عشر (كما في أبراج خراقان) ، من غير المرجح أن تكون بوابة بغداد أن تكون قد بنيت في وقتٍ أبكر من أوائل القرن العاشر [1].

الشكل 3: ما تبقّى من باب بغداد في الوقت الحالي

قصور المدينة

كان قصر البنات الذي تمّ بناؤه في القرن التاسع مقرًا صيفيًا ترفيهيًا أسسه الخليفة العباسي هارون الرشيد. تتبع بقايا القصر مخططًا معماريًا للمبنى مرتبة حول فناء مركزي كبير به نافورة. ويحتل كل جانب من الفناء إيوان كبير، مما يجعل قصر البنات مثالاً استثنائياً على استخدام المسقط الإيراني ذو الأواوين الأربعة في سوريا. تم بناء القصر من القرميد. [4]
كما تم الكشف عن قصرين عباسيين آخرين في الحفريات الأخيرة خارج أسوار مدينة الرقة القديمة. أحدهما أسسه هارون الرشيد والآخر الخليفة المأمون [4].

مصير مدينة الرافقة العباسية

على الرغم من عظمة المدينة وابتكارها ، لم يتبقَّ سوى القليل من آثار المدينة اليوم، حيث أنه قد تم التخلي عن المدينة في القرن العاشر الميلادي بسبب عدة عوامل سياسية. ومع ذلك ، فإن إرث الرافقة لا يزال حيًا في ابتكارات التخطيط العمراني والتصميم المعماري التي استخدمت بها.

اقرأ أيضاً: مدينة سامرّاء العبّاسية؛ وجوامعها ذات المآذن الملويّة

المصادر

  1.  Museum With No Frontiers – Al-Rafiqa
  2. Archnet – Raqqah
  3. Archnet – The Gate Of Baghdad
  4. Achnet – Qusur Al Raqqa
Exit mobile version