تأملات في فن الرواية للكاتبة رضوى عاشور

تأملات في فن الرواية للكاتبة رضوى عاشور

عرّفت الكاتبة المصرية رضوى عاشور أثناء محاضرةٍ ألقتها عام 2004م، في الجامعة الأمريكية في بيروت الرواية على أنها النوع الأدبي الأكثر اشتباكًا بالواقع. حيث أن لها القدرة على ربط الخاص بالعام، وربط الفكرة المجردة بالحياة التي تستعصي على التجريد. وأقرت أن ما يميز الرواية حقًا هو علاقتها الأخص بالواقع الاجتماعي في امتداده وحقيقته.

نشأة الرواية

سردت رضوى عاشور مسار نشأة الرواية كجنس أدبي. وذلك منذ بداية صدورها في إطار واقع اقتصادي وسياسي بعينه في أوروبا. حيث ارتبط ظهورها بصعود البرجوازية، ونشأت مجموعة من الثورات الفكرية التي تخص إدراك الإنسان لذاته وللزمن، ولعلاقته بالوجود.

ويصف بعض الرواد ذلك الفن الحديث بناءًا على ظروف نشأته. حيث عرّفها فيلنج -أحد رواد الرواية الإنجليزية في القرن الثامن عشر- على أنها ملحمة ساخرة تُكتب نثرًا. ووصفها هيجل ولوكاتس بالملحمة البرجوازية.

ولم تجد رضوى إجابة عما كان يجب علينا نحن العرب أن نسمي رواياتنا من حيث النشأة، فقد كانت السير الشعبية التي تُعتبر الشكل المرادف للملحمة عندنا منفية في الأدب الرفيع، ومحصورة في الهامش بفعل صفاتها الشفهية، بالإضافة إلى أن برجوازيتنا لم يُتح لها الاكتمال لإبداع نوع أدبي جديد قد يُنسب إليها.

ورأت رضوى أنه كان من الصعب دراسة الرواية العربية في معزل عن الواقع الاستعماري وقت نشأتها، حيث شكلت منذ بدايتها سجلًا تاريخيًا للمسار الوطني.

ظهور مصطلح “رواية”

استقر الرواد في بدايات القرن العشرين على استخدام مصطلح “الرواية” للتعبير عن ذلك الشكل الأدبي المستجد للكتابة العربية، وتشيد رضوى بالتسمية، فهو مصطلح أكثر إحاطة ومرونة ونفعًا من مصطلح “Roman” المصطلح الفرنسي الذي يعبر عن الرواية، والذي يرتبط بجنس أدبي سابق انسلت منه الرواية، وكان محوره قصص الفروسية والحب.

وفود هذا الأدب جديدًا على الثقافة العربية أضفى عليه نوعًا من المرونة، فقد كان متحررًا من تلك القوالب والقيود المتأصلة في موروثنا الأدبي، لذلك كان لنا حرية التعبير والحركة في كتابة الرواية.

أصبحت الرواية فن مفتوح مرن وفضفاض، فتسمح بنيتها ونسيجها بمزج المُتخيّل بالوثائقي، والمشهد النابض بالفعل والحركة والمشاعر بالفكر والتأمل، وبتفاصيل تاريخية أو قانونية أو علمية.

الحدود بين الرواية والتاريخ

أكدت الكاتبة على أن الحدود التي تفصل بين التاريخ والرواية، وبين التأريخ والرواية هي حدود هشة قابلة لإعادة النظر فيها.

إن الفن الروائي فن مفتوح وقادر على تجاوز الأشكال المعتادة والقيود المفروضة على الفنون الأدبية. سواء كانت بالشكل الكلاسيكي الواقعي المعروف، أو كانت بالشكل الذي اصطُلح على تسميته بالحداثة وما بعد الحداثة.

الرواية العربية في القرن الواحد والعشرين

أضافت رضوى أن الرواية العربية أصبحت في القرن الواحد والعشرين مفتوحة على إمكانيات تجريبية هائلة، فقد أتيحت لها الفرصة للانفتاح على العالم وعلى التاريخ، حيث سقطت في ذلك الوقت الحدود الصارمة بين الأنواع الأدبية.

وأنهت محاضرتها بإضافة، أن الأصل في الرواية إتاحتها إمكانية حكيّ حكايتنا الدالة على موقعنا في الزمان والمكان. أي في التاريخ، وعلى أنها إسهام في أرشيف الإنسانية الدال على عذاباتها، ومخاوفها وأسئلتها ومساراتها، وأشكال تطلعها وعنادها.

اقرأ أيضًا:

ملخص رواية “ثلاثية غرناطة” للكاتبة رضوى عاشور

ملخص رواية “الطنطورية” للكاتبة رضوى عاشور

ملخص رواية “الواجهة” للكاتب يوسف عز الدين عيسى

ملخص رواية “الواجهة” للكاتب يوسف عز الدين عيسى

تُعتبر رواية الواجهة من أشهر أعمال الكاتب والمفكر المصري يوسف عز الدين عيسى، والتي أثنى عليها الكاتب الكبير نجيب محفوظ. وأقر أنها من أفضل الأعمال التي قرأها.
وقد جاءت الرواية لتطرح الكثير من الأسئلة الفلسفية التي تطرأ على أذهاننا جميعًا، عن ماهية الحياة وألم العيش ولغز الموت المحير. وذلك في إطار روائي مميز، يجمع بين الفلسفة والخيال، ليحكي لنا حكاية البطل “ميم نون” من البداية إلى النهاية.

الواجهة:

تبدأ الحكاية بظهور البطل في مدينة غريبة لا يعرفها، كما لا يعرف اسمه أو من أين جاء. ظل وفقًا في مكانه لبعض الوقت مشدوهًا بما يرى من أناقة هذه المدينة ونظافتها، وشوارعها التي تفوح منها رائحة الفل والياسمين ولكنه لا يعرف كيف نقل إليها ولا متى، قاطعت تفكيره فتاة ترتدي ثوبًا ناصع البياض، تمر من أمامه على استحياء. فقرر أن يتبعها علّه يجد من يجيبه عن تلك الأسئلة التي تدور في رأسه.

رأى الفتاة تدخل مبنى يختلف عن مباني المدينة الأخرى، حيث سمع أصواتًا عديدة وتراتيل تنبعث من الداخل، وعندما دخل أبصر مجموعة كبيرة من البشر جميعهم بملابس بيضاء، يجلسون أمام رجل في الخمسين من عمره يرتدي ملابس تشبه ملابس القس، والذي كان يخبرهم بعدم حاجتهم بعد ذلك لجلسات الوعظ والإرشاد، فإن المدينة طاهرة لا يوجد بها من سارق ولا قاتل، ولا حتى رجل منحرف السلوك أو أنثى فاسدة الأخلاق.

انبهر البطل بما رأى وقرر أن يسرع ليسأل القس عن سبب وجوده هنا، ولكنه لم يلحق به فبمجرد انتهاء الجلسة اختفى الجميع من أمام ناظريه. فخرج إلى الشارع شاعرًا بجوع شديد ووحدة قاتلة. وعندها رأى مطعمًا قريبًا منه جذبته إليه رائحة الشواء فتقدم نحوه وجلس إلى مائدة في وسط المطعم.

أقبلت تجاهه فتاة جميلة تعمل بالمطعم، طلب منها أن تحضر له أي طعام يسد جوعه، وأخبرها أنه لا يملك المال، ففاجأته بأنه ليس عليه دفع أي شيء، فهو غريب عن المدينة وله الحق في الطعام والمسكن لمدة عام دون مقابل. لأن تلك هي القوانين.

وعندما سألها عن مسكنه ذهبت باتجاه الهاتف المعلق على الحائط وأدارت رقمًا وتحدث في بضع جمل قصيرة، ثم عادت إليه مرة أخره وأخبرته أن اسمه هو “ميم نون” ودلته على مسكنه، ودهش عندما علم أن المدينة تتكون من شارع واحد وكل سكان المدينة يعيشون فيه، اتجه إلى منزله وقابل خادمه الذي يعمل بالمنزل، وحاول أن يسأله “ميم نون” عن الأسئلة التي تدور في رأسه، ولكنه أخبره أن يذهب إلى مكتب الاستعلامات إذا كان يريد العثور على إجابات.

حكم الإعدام:

ذهب “ميم نون” إلى المطعم في وقت العشاء ولكنه كان قد تأخر كثيرًا عن الموعد، لذا قرر أن يتفقد المدينة، ولاحظ ابتسام كل من قابلهم من أهل المدينة جميعًا له واحتفالهم به، وأثناء سيره تعرف على شابًا يدعى دال والذي دعاه لتناول العشاء في منزله فرحب ميم فورًا، وهناك تعرف على أختيه ووجد طعامًا وفيرًا، وفي أثناء الطعام بدأ حديثه بأنه سعيد في هذه المدينة وأنها مكان مثالي.

ولكن حاولت إحدى الأختين إخباره بشيء ما فنهرها أخوها وخرجت مسرعة من غرفة الطعام، ثم عادت بعد دقائق صارخة أنها رأت الذبابة وقد حان دورها في الإعدام، مما راع “ميم نون” كثيرًا ولم يفهم شيئًا، من ثم ماتت الفتاة أمام ناظريه.

ثم دق جرس الباب وحضر رجلين يرتديان ملابس سهرة سوداء، حملا الفتاة ووضعاها في سيارة سوداء وانطلقا نحو بالوعة في آخر المدينة وألقوها فيها، وهناك سمع “ميم نون” صوت قطار قادم من بعيد ثم أُغلقت البالوعة.

وكان هذا أول تنفيذ لحكم إعدام يشهده “ميم نون” في المدينة، ومنذ هذه اللحظة عرف أن كل من في المدينة محكوم عليهم بالإعدام بأمر من حاكم المدينة، وهو وحده من يقرر وقت وطريقة الإعدام، وتساءل لماذا يأمر الحاكم بقتل فتاة جميلة مثل هذه؟

وفي اليوم التالي ذهب إلى مكتب الاستعلامات وهناك علم أن مهمته في هذه المدينة هي البحث عن الحقيقة، وتأكد هناك من أن جميع من في المدينة محكوم عليهم بالإعدام بما فيهم هو نفسه، وأنهم يلقون في البالوعة بعد تنفيذ الحكم حيث تنتظرهم حياة أخرى.

اللعنة التي حلت على “ميم نون”:

أمضى “ميم نون” أيامًا في صدمة مما علمه عن تلك المدينة وشاهده فيها، وكان يشعر بوحدة شديدة لذا عندما ذهب إلى المطعم دعا الفتاة التي كانت تقدم له الطعام أن تأتي لمنزله وتؤنس وحدته دون أي تفكير دنيء. بُهتت الفتاة بمجرد سماع هذا الكلام، ونهرته واتهمته بأنه يلوث المدينة بخطاياه. وشكته للجهات المسؤولة في المدينة وحرمته من مجانية الطعام والمأوى.

وعندما خرج ميم إلى الشارع تفاجئ بأن الجميع ينظرون له باشمئزاز، وعندما ذهب إلى منزله طرده الخادم جزاءًا لإثمه، وعلم “ميم نون” أنه لكي يحصل على المال يجب أن يدور في طاحونة المدينة. بحث بجد عنها حتى وجدها واستطاع تخطي الاختبار وبدء العمل، وكان عليه أن يدور في الطاحونة وتلهب السياط ظهره من قبل عامل الطاحونة ليحصل على المال.

خرج ميم منهك القوى مدمى الظهر من الطاحونة يحمل عشرين قرشًا، ثم ذهب إلى المطعم ليتناول طعامه، تناوله على عجل وغادر المكان، ومعه كل الأسئلة التي سرقت النوم من عينيه تدور في رأسه، فماذا تكون تلك المدينة؟ ومن هو مالكها؟ ولماذا يستمتع بإعدام الناس؟

رجع “ميم نون” إلى منزله فقد استطاع أن يدفع الإيجار بما كسبه من الطاحونة. وفي اليوم التالي ذهب للطاحونة مرة أخرى ليحصل على قوت يومه، وعندما ذهب للمطعم على العشاء وجد أن أسعار الطعام قد ارتفعت بشكل كبير فلم يستطع شراء عشائه، واستمر في الدوران في الطاحونة لأيام والأسعار تتزايد بشكل مستمر، وأجره في الطاحونة كما هو لا يتغير وأصبحت المعيشة أصعب.

زواج مفاجئ:

عاد ميم إلى منزله في يوم ووجد هاتفًا قد وضع جانب سريره بأمر من مالك المدينة، وعبر هذا الهاتف تلقى مكالمه من رجل مهم في المدينة يدعوه لتناول العشاء معه، وهناك لم يحصل “ميم نون” على إجابات مرضيه على تساؤولاته مثلما كان يظن، ولكنه حصل على وجبة عشاء دسمة وتعرف على فتاة شقراء تعمل لدى هذا الرجل المهم.

وعندما خرج من هناك، وجد في طريقه مبنى معلق عليه لافتة. مكتوب عليها “كل من يشكو الوحدة يدخل هذا المكان” فدخل على الفور. ولكنه وجد هناك باب مكتوب عليه “كل من يرغب في تجربة القلق والحزن يدخل من هذا الباب”. فحاول التراجع ولكن لم يجد مفر من الدخول.


وعندما دخل رأى قاعة احتفالات مليئة بالشباب والفتيات، ووقعت عيناه على الفتاة التي وجدها سابقًا عند الرجل المهم، وعندما ابتسمت له وابستم لها كانت قد تمت مراسم الزواج بينهم واستلما الوثيقة عند خروجهما، تفاجأ ميم مما حدث ولكنه قد اطمأن لأنه لن يظل وحيدًا بعد الآن.

الجزء الخلفي من المدينة:

وفي الصباح ذهبا معًا لتناول الطعام، ولكن النقود التي مع “ميم نون” لم تكف نظرًا لغلاء الأسعار المستمر. ذهب ودار في مرارًا وفي كل مرة عند عودته يجد أن الأسعار قد ارتفعت. وظل يذهب إلى الطاحونة ويرجع ولا يحصل على المال الكافي وسط ضحكات الأطفال ونظرات أهل المدينة، فأدرك أن زواجه لم يكن خطوة جيدة. وعندما استيقظ في اليوم التالي لم يجد زوجته بجانبه، فأخبره الحارس أنها قد تكون في الجزء الخلفي من المدينة!


ذهب ميم إلى مكتب الاستعلامات ليعرف ما هو الجزء الخلفي من المدينة. ولكنه قرر السؤال عن سبب غلاء الأسعار وعدم ارتفاع أجره. فحوكم بالسجن عدة أيام عقابًا على ما فعله. وعندما عاد إلى منزله وجد أن مالك المدينة قد أهداه طفلان، صبي وفتاة في عمر السابعة تقريبًا.
أصبح على ميم مسؤوليات كبيرة لإطعام وكساء الطفلين. وزادت مرات دورانه في الطاحونة وإلهاب ظهره بالسياط، وفي يوم استيقظ من النوم فرأى زوجته تتسلل إلى باب خلفي لم يره مسبقًا داخل المنزل، فتبعها والفضول يأكله ووجد نفسه في مكان قذر تفوح منه رائحة النفايات. وجد نفسه في الجزء الخلفي من المدينة.

رأى ميم جميع أشراف المدينة الذين يعيشون في الواجهة. ومن ضمنهم فتاة المطعم التي عوقب من أجلها والواعظ الذي رآه فور وصوله للمدينة، يمارسون أبشع التصرفات في ذلك الجزء الخلفي، يسيرون أشباه عرايا، يسرقون ويزنون ويقتلون ومن يفعل غير ذلك يلقى العقاب، وتساءل ماذا تفعل زوجته في هذا المكان! وعندما يأس من إيجادها رجع إلى منزله فوجدها قد عادت، ولكنها لم تخبره عن سبب ذهابها إلى هناك.

وفي يوم قضاه ميم وزوجته خارج المنزل لزيارة الرجل المهم، عادا إلى المنزل فلم يجدا الطفلين وكانا قد ذهبا إلى الجزء الخلفي من المدينة. وعندما وجدهما ميم كان الطفل قد صدمته سيارة وتسلما إنذارًا بإعدامه. ولكي يرفع حكم الإعدام عن ولده دار في الطاحونة مائة دورة دون مقابل.

وعندما عاد وجد إبنه الجريح قد شفي، ولكنه لم يجد زوجته التي كانت في الجزء الخلفي من المدينة، وعندما عادت إلى المنزل أمرته أن يدور في الطاحونة لتوفير ثمن شراء ملابس المدرسة للطفلين، وكان “ميم نون” منهك القوى ولكنه ذهب للطاحونة وحصل على النقود.

وعندما عاد خرج مع زوجته لشراء الملابس للطفلين، ولكنه سقط من شدة الإعياء في منتصف الطريق. وتوقفت بجوارهما سيارة حمراء هبط منها رجل سلم الزوجة ظرفًا، عندما فتحته أخبرت ميم نون أنه إنذار بتنفيذ حكم الإعدام فيه ثم تركته وذهبت، وعندما استعاد وعيه بعدما ساعدته فتاة عابرة. هم بالرجوع إلى منزله، ورأى في الطريق برجًا يتم إقامته على أحد جانبيه. وعندما سأل أحدهم علم أن هذا البرج من أجله. ليساعده في البحث عن الحقيقة!

البرج:

اندهش “ميم نون” عندما علم أن البرج من أجله وتفاجأ بحشد كبير من الناس يقفون أمامه يريدون تقبيل يديه والحزن يعلو وجوههم والدموع في أعينهم. حاول ميم التملص منهم وذهب إلى منزله، رأى زوجته بين حشود من البشر تحتفل. وقد اكتسى البيت بأفخم الأساس وامتلأ بأشهى الأطعمة، وعندما رأته اعترتها الصدمة. حيث أنها كانت تظن أنه قد تم تنفيذ حكم الإعدام فيه.

وعندما سأل عن مصدر هذا المال الوفير لم يجد إجابة، وسأل عن أبنائه، علم منها أن الفتى قد تم تنفيذ حكم الإعدام فيه. أما الفتاة فقد أصابها الجنون عندما علمت أن كل من في المدينة محكوم عليهم بالإعدام. وفي اليوم التالي تلقى ميم مكالمة تخبره بضرورة ذهابه إلى البرج ليبدأ عمله.

وبعدما ذهب وجد البرج مجهز على أعلى مستوى، وكانت غرفته في الدور الأخير من البرج فوق أربعين طابقًا، ولكن لم يكن من حقه استخدام المصعد وكان عليه الصعود على قدميه. وكانت غرفته أحقر غرفة في المكان، كما أنه لا يحق له ارتياد المطعم الكبير في البرج. حيث أنهم أخبروه أنه أعلى وأرقى من ذلك وأن كل تلك الخدمات للعاملين بالبرج أما هو فمالكه.

وعندما دخل غرفته سمع صوت صراخ طفلته التي تركتها زوجته له ورحلت، وجد الطفلة حزينة وهزيلة تحتاج للطعام. فذهب للدوران في الطاحونة والبحث عن زوجته. ولكنهم أخبروه أنها قد اختارت أن تعيش في الجزء الخلفي من المدينة فرجع ميم مع طفلته إلى البرج وصعد بها أربعين طابقًا حتى خارت قواه.

وفجأة شعر بهدوء الطفلة وأنها كفت عن البكاء، وعندما تفقدها كان قد تم تنفيذ حكم الإعدام بالجوع فيها. وبعد دفن الفتاة رجع “ميم نون” إلى البرج ومات هناك في صمت. وذلك بعدما نفذ فيه حكم الإعدام بالحزن. وبعد إلقائه في البالوعة، ظهر فتى غريب في المدينة لا يعرف إسمه ولا من أين جاء وعندما ذهب لمكتب الاستعلامات. علم أن مهمته هي البحث عن الحقيقة!

مراجعات أعضاء نادي القراءة لرواية الواجهة:

بعد أن علمت حقيقة تلك المدينة الملعونة وأنا في كل صفحة من طياتها أخشى على عزيزي ميم نون من أن تكون البالوعة من نصيبة . آمنت بكلامه بأن وقوع المصيبة أهون بكثير من انتظارها.

أشفقت على ميم نون حد البكاء وكأنني لم أتأثر برواية من قبل. كان قلبي ينخلع مع كل إعدام يتم تنفيذه وكأنه حقيقة أشعر بها من شدة تأثري بها بت أحلم كل ليلية بأنني قد حان موعد إلقائي فى البالوعة. كم من بالوعات تم إلقائي فيها كل ليلة منذ أن قرأت!.

عايشت المدينة بتفاصيلها. فرحت كفرحهم وحزنت كحزنهم. لم أقرأها في يوم أو نصف يوم أو أقل من ذلك مع قدرتي على فعلها. كنت أخشى أن أصل إلى نهايتها فأفقد لذتي تلك، وكأن للعذاب لذة.

لاحظت الشبه العجيب بين فكرة الإعدام بلا سبب وبين فلسفة الموت. يمكن أن يأتينا دون اعتبار أو حساب أو سابق إنذار. لكنني أحسست فيها بتشبيه بين واقعنا في الحياة وما خلقنا لأجله. شعرت بالاشمئزاز حينها.

” الإنسان لا يشعر بوجوده إلا إذا تعذب، إننا لا نشعر بلحظات السعادة، ولكننا نحس بأيام العذاب”

بعد ربع الرواية بدأ الكلام يتجه مع كل من يحاوره بأننا دُمى صنعها مالك المدينة ويحق له أن يعدمها في أي وقت الشيء الأقرب إلى الملل هو تشابه الحديث بينه وبين أفراد الرواية. حديثه مع الخادم ومع السيدة العجوز ومع واو كلها متشابهة تقريبًا في اللفظ والمعنى.

في أسفل البالوعة محطة قطار وهذا القطار يحمل الذين نُفذ فيهم حكم الإعدام إلي مكان بعيد مجهول، بعد أن تدب فيهم الحياة من جديد، هذا المكان قد يكون أجمل وأروع من هذه المدينة، وقد يكون أسوأ منها .

كل إنسان يراه بصورة مختلفة الكلمة أشبه كثير بفلسفة الموت والبعث والخلود كما ذكرت سالفًا. النصف الأخير من الرواية أشكر نفسي على احتماله كنت على وشك كسر الشاشة من اشمئزازي من كل موقف مر بي وأنا أقرأه.

الجزء الخلفي من المدينة ومن بعده البرج وحديث الخادم ولا سيما كلمة يا سيدي أنت اعلى قدرًا من الموظفين هنا لذلك لست أهلًا لدرجة كذا .. شعرت بالاستفزاز.

الشيء الأكثر تأثيرًا كان النهاية أو البداية، سيفهم مقصدي من قرأها. في النهاية هناك بعض الأمور التي يجب مراجعتها ولكن كاتبها رحمه الله كنت ولا زلت من أشد الناس إعجابًا بمدرسته. مدرسة الربط بين الواقع والخيال والأحلام. مدرسة لم أر غيره اتجه لها إلا تابعًا.

قرأت له من قبل العسل المر وثلاث وردات وشمعة والتمثال والأب لكن لم اقرأ رواية مخيبة لآمالي لا من الناحية الأدبية ولكن من التأثير النفسي مثل الواجهة.

عبد الله جمال

ملخص رواية الغريب للكاتب والفيلسوف ألبير كامو

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص رواية “لا تقتل عصفورًا ساخرًا” للكاتبة هاربر لي

ملخص رواية “لا تقتل عصفورًا ساخرًا” للكاتبة هاربر لي

صدرت رواية “لا تقتل عصفورًا ساخرًا”، للكاتبة الأمريكية هاربر لي عام 1960، فازت بجائزة البوليتزر، وأصبحت علامة في الأدب الأمريكي، بعدما حققت نجاحًا سريعًا فور صدورها، وحولت إلى فيلم يحمل نفس اسم الرواية “لا تقتل عصفورًا ساخرًا” عام 1962، وقد فاز بجائزة أوسكار.

طفولة صاخبة

تعيش سكاوت الصغيرة ذات الست سنوات مع أخيها جيم، ووالدها أتيكوس الذي كان يعمل بالمحاماة، في بلدة صغيرة تدعى مايكوم.

كان جيم وسكاوت يقضيان العطلة الصيفية يلعبان في فناء المنزل، ولا يتخطيان أبدًا المسافة التي يصلها صوت كالبورنيا طباختهم، والقائمة على رعايتهم بعد وفاة الأم، وفي أحد الصباحات الباكرة من الإجازة، التقيا “ديل” ذلك الفتى الصغير، الذي كان يقضي إجازته مع خالته الآنسة راشيل، والتي كانت تسكن في المنزل المجاور لمنزلهم.

استقبلا ديل، وشاركهم اللعب طوال الإجازة وتمثيل المسرحيات. كان منزل آل رادلي الذي يقبع عند المنعطف وراء منزل سكاوت، يلهب خيال ديل كما فعل مع كل أطفال البلدة. فقد دارت حوله الكثير من الأساطير عن تحول ابن آل رادلي إلى شبح حاقد. وظن أهل البلدة أنه يخرج ليلًا، ويتلصص على نوافذ الناس. كانوا يعزون أي حادثه غريبة تحدث في البلدة، لذلك الشبح من آل رادلي.

نبعت كل تلك الحكايات من انعزال المنزل وأهله عن البلدة. وهي نزعة لا يغفرها أهل مايكوم أبدًا. لم يكن السيد رادلي يذهب إلى الكنيسة، ولم تشارك السيدة رادلي جاراتها في حفلات الشاي وجلسات السمر. أما الإبن والذي أطلق عليه أهل البلد اسم بو رادلي، فقد اختفى داخل منزله ولم يكن يظهر للعامة. أصبح المنزل مصدر حيرة وخوف أطفال بلدة مايكوم.

توم روبنسون

مع بداية عام دراسي جديد، لم تكن سكاوت تعلم أنها بداية المتاعب، التي لا حصر لها مع الأطفال في المدرسة. إذ دعى أولئك الأطفال أتيكوس بمحب الزنوج، فلم تفهم سكاوت المعنى في البداية. لكنها أحست أنه لقب غير مستحب، بسبب الطريقة التي تلفظ بها الأطفال هذه الكلمات.

عندما سألت أبيها عن معناه، وعن السبب الذي جعل الأطفال يطلقون عليه محب الزنوج، أخبرها أنه تولى قضية رجل أسود البشرة، يدعى توم روبنسون، عامل بسيط يعيش في مستوطنة الزنوج، الواقعة خلف مقلب نفايات البلدة.

وأوصاها هي وأخيها أن يكونا صبورين على الكلام القبيح الذي سيسمعانه الفترة القادمة. ما عليهما سوى تجاهل هذا الكلام، والمضي في طريقهما. وعندما سألته سكاوت إذا كان سيربح القضية أم لا، فكان جوابه أن خسارته للقضية معلنة منذ مائة عام من توليه لها.

ولم تقتصر مشاجرات سكاوت مع أصدقائها في المدرسة فقط، ولكن امتدت للأقارب أيضًا. فقد نشبت مشاجرة كبيره بينها وبين قريبها فرانسيس، أثناء التجمع العائلي في عيد الميلاد، بسبب تطاوله أمامها على أتيكوس، وتصريحه بأنه يخزي أفراد العائلة. كانت نتيجة المشاجرة، أن لكمت سكاوت فرانسيس لكمة قوية في أسنانه.

ما قبل المحاكمة

مع اقتراب موعد محاكمة توم روبنسون، الذي اتُهم ظلمًا باغتصاب ابنه السيد يويل، الذي يقع منزله بجانب مقاطعة الزنوج، كثرت اجتماعات أتيكوس الغامضة مع رجال البلدة. وفي يوم، اضطر للخروج ليلًا حاملًا سلكًا كهربائيًا طويلًا، وفي نهايته مصباح. تبعه جيم وديل وسكاوت خلسة، حتى وصل إلى سجن مايكوم.

نصب السلك بين قضبان نافذة الطابق الثاني، وجلس مستندًا إلى الباب الأمامي يقرأ. وبعد دقائق توقفت مجموعة سيارات أمام السجن مباشرة، ووضع أتيكوس صحيفته بهدوء، وكأنه يتوقع وصولهم. ثم خرج مجموعة من الرجال وأحاطوا به، وسألوه عن توم روبنسون، وأمروه بالابتعاد عن الباب.

لم تتحمل سكاوت وانطلقت مسرعة باتجاه أبيها لتحميه. تبعها جيم وديل كذلك، وعندها رحل الرجال كما جاءوا، بعدما رأوا هؤلاء الأطفال. سمعوا صوتًا من نافذة السجن يسأل إذا رحل الرجال أم لا، فأجابه أتيكوس أن ينام ويأخذ قسطًا من الراحة. كان هذا صوت توم روبنسون.

المحاكمة

يوم المحاكمة كان مناسبة خاصة لأهالي مايكوم، فقد استعد معظم أهالي البلدة لمشاهدة المحاكمة، وكذلك جيم وسكاوت وديل قد قرروا الحضور متجاهلين أمر أتيكوس بالبقاء في المنزل، بدأ استجواب الشهود، وبعد الاستماع إلى السيد يويل وابنته ماييلا يويل المعنية بالحادثة، جاء دور توم ربنسون، بدأ يقص على الحاضرين ما حدث في ذلك اليوم، وكيف دعته الآنسة ماييلا إلى البيت ليصلح لها الأبواب التي تخلخلت مفصلاتها. استجاب لأمرها، فحص الباب وجده سليمًا وحركته طبيعية.

فجأة أغلقت ماييلا الباب، وحين أخبرها برغبته في الرحيل، انقضت عليه وضمته من خصره، وتطاولت حتى قبلته على جانب وجهه، وقد حاول التملص منها ولكن في هذه اللحظة وصل السيد يويل، وشرع في الصراخ على ابنته، مما دفع توم للركض بأقصى سرعته خوفًا مما سيلاقاه.

بعدما فرغ الشهود وانتهى أتيكوس من مرافعته، كانت كل الأدلة تشير إلى براءة توم روبنسون، وكان الأمر متروكًا لقرار هيئة المحلفين، والذين أدانوه جميعًا متجاهلين كل الأدلة التي تفيد برائته، ولكن لم يكن هناك أمل ببراءة زنجي في مثل هذه البلدة.

بعد صدور الحكم انهار جيم، لم يستوعب كيف لهم إن يدينوه بالرغم من كل الأدلة التي في صالحه، وفي هذه اللحظة أدرك برعم صغر سنه مدى بشاعة البشر.

ظهور بو رادلي

في اليوم التالي للمحاكمة، بدأت متاعب السيد يويل في الظهور، فقد توعد أتيكوس بالانتقام، بعدما كشف كذبه أمام أهل مايكوم جميعًا، وعندما قابله في الشارع، قام السيد يويل بالبصق في وجهه، وكان أتيكوس مهذبًا إلى حد اتفز السيد يويل كثيرًا.

وبعد أيام قليلة من المحاكمة حاول توم روبنسون الهرب من السجن، ولكنه لقى حتفه تحت وابل رصاص الحرس، فالبرغم من أن أتيكوس أخبره، بأن له فرصة جيده في الاستئناف، إلا أنه قد فقد الأمل كليًا، ورأى أن لون بشرته، قد حكم عليه بالإعدام قبل المحاكمة بكثير.

بدأت الأيام بعد تلك الحادثة، أن تعود لمسارها الطبيعي إلى حد ما، وبدأ العام الدراسي وعاد جيم وسكاوت إلى المدرسة، قررت سكاوت المشاركة، في العرض الذي سيقام في احتفال الهالوين هذه السنة.

في يوم الاحتفال لم يستطع أتيكوس مرافقتهما، وبعد انتهاء العرض وفي طريق العودة، سمعا صوت شخص ما يتبعهما، ركضا بأسرع ما يمكنها، ولكنه استطاع اللحاق بهما والاشتباك بجيم، كُسرت ذراع جيم وأُغشي عليه، ثم هجم على سكاوت وحطم زيها وحاول قتلها بسكين حادة، ولكن بو رادلي خرج من منزله في الوقت المناسب، واستطاع إنقاذها وحمل جيم إلى المنزل.

وعندما حضر محقق الشرطة، وذهب لتفحص مكان الحادث، وجد جثة السيد يويل ملقاه على الطريق، مطعونًا بسكين مطبخ بين أضلعه، كان يحاول قتلهما انتقامًا من أتيكوس، وكان ظهور بو رادلي في تلك الليلة العزاء الوحيد لسكاوت، وأخيرًا قد تبددت الأسطورة التي طالما شغلتها، ورأته أمامها حيًا.

اقرأ أيضًا ملخص رواية “هيا نشتر شاعرًا” لأفونسو كروش

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص رواية “الرسام تحت المجلى” للكاتب أفونسو كروش

ملخص رواية “الرسام تحت المجلى” للكاتب أفونسو كروش

الرسام تحت المجلى

“يمكن أن يُحفظ الماء في قوارير، لكن من المستحيل أن تُحفظ فيها القصص دون أن تفسد بسرعة، فالقصص لا تعيش إلا سائبة في الهواء الطلق كالحيوانات البرية، لتتمكن من العدو عارية”

أفونسو كروش، رواية الرسام تحت المجلى

صدرت رواية “الرسام تحت المجلى” للكاتب البرتغالي أفونسو كروش عام 2018، من دار مسكيلياني للنشر بترجمة من  مها عطفة، تناول فيها الكاتب حياة الرسام إيفان سورس، الذي عاش سابقًا في بيت جده، ليحول الكاتب تلك القصة العادية التي سمعها من جده وجدته إلى عمل فني رائع، حيث أضاف عليه تعديلاته الروائية المبتكرة، بعدما غير اسم الرسام إلى “جوزيف سورس”، مقسمًا الراوية إلى جزئين أساسيين، الأول كتاب الأعين المفتوحة، والثاني كتاب الأعين المغلقة.

كتاب الأعين المفتوحة

ولد جوزيف سورس في منزل كبير يمتلكه عقيد في الجيش يدعى العقيد مولر، حيث كان والداه يعملان لدى العقيد، فكان والده كبير الخدم أما والدته فهي المسؤولة عن كي الملابس، فور ولادته تنبأت القابلة أنه سيصبح فنانًا، مما أحزن الأم كثيرًا فقد كانت ترى أن الفنانين يعيشون في حزن دائم، لأنهم في كل مرة يرون العالم ينظرون إليه وكأنهم يرونه لأول مرة.

في اليوم التالي لولادة جوزيف، دخل العقيد مولر غرفة الأم حاملًا ابنه ويلهيلم، الذي لم يتم سنته الأولى بعد، وأخبرها أنه قرر أن يتلقى جوزيف تعليمه مع ويلهيلم على يد المعلم هافل كوبيكي، وعندما وصل الطفلان للسن التي تسمح لهما بالتعلم، بدأ هافل كوبيكي دروسه معهما، وكان دائمًا ما يقرأ عليهما النصوص الكلاسيكية القديمة غير مكترث بسنهما على الإطلاق، وكذلك لاحظ تقدم سورس في القراءة على ويلهيلم وبدايه ظهور علامات الرسام البارع عليه.

كان أسلوب سرد سورس للقصص يسر قلب كوبيكي كثيرًا، وخاصة طريقته في التعبير من خلال الرسوم، فكان سورس يمضي ساعات أمام الورق البني ممسكًا بقلمه ليخربش عليه بيوتًا وأزهارًا وسماوات، فيمكن القول أن أفكاره كانت عبارة عن رسوم.

وتعتبر الدائرة هي أول شيء خطه سورس على الورق، حيث اعتبر أنها أكثر الأشكال طبيعية، كما أنها قادرة على احتواء كل شيء، وفكر أن كل شيء يسير في دوائر بدءًا من الذكريات وانتهاءًا بالحكايات، وهكذا ظل سورس يرسم الدوائر الواحدة تلو الأخرى، حتى تلاشت طفولته ودخل في طور المراهقة.

استخدم سورس دفاتر رسم كثيرة، ولكنه كان يرسم بالأخص على اثنين منهما، دفتر أبيض وآخر أسود وكان يسميهما كتاب الأعين المفتوحة وكتاب الأعين المغمضة، كان يرسم في الأول العيون المفتوحة التي يراها، عيني والدته ووالده وعيني جارته فرانتيشكا وأعين العابرين في الشارع، أما الثاني فيرسم فيه عيونهم وهي مغمضة، ولم يكن والده راض عما يفعله ولكن سورس أصر على هوايته.

قانون التفرع

وكما كان سورس مولع برسم العيون، كان أيضًا يعشق الأشجار وخاصة جذوعها، ويرى أنها تستطيع مواصلة النمو إلى الأبد إن لم تتفرع إلى أغصان، وأسمى هذه النظرية “قانون أندرونيكوس فيما يتعلق بشجرة ديسقوريدس”، حيث سبق لذلك الفيلسوف أن ناقش تلك المسألة من قبل.

وهكذا اعتقد سورس أنه إذا تجنب أي شخص التفرع مع رغباته، فإن بإمكانه أن يصل إلى أماكن بعيدة جدًا في نفسه، وكان سورس يتجنب كل أشكال التفرع والرفاهية، فمثلًا كان يأكل فقط ما يحتاجه ليظل على قيد الحياة، ويحاول ألا يشعر أكثر من اللازم، وقرر أن يكرس نفسه لهوايته فقط.

ولكن لكل قاعدة شواذ، وقد كانت علاقته بفرانتيشكا جارته هي الجزء الشاذ في قانونه الخاص، وكانت سببًا في صراع داخلي مرير مع نفسه، فهي أكيد مدعاة للتفرع، ولكن قرر سورس أن يستمر في علاقته بها، ويقفز السور العالي بين بيتها وبيت العقيد مولر فقط ليراها ويستمع إليها وإلى تفاصيلها الغريبة، بغض النظر عن قانونه.

الاستعارات القاتلة

وفي أمسية من الأمسيات التي يستقبل فيها العقيد مولر صديق من أصدقائه، جلسا معًا ليتناقشا كالعادة في الكثير من الأمور بينما كان كبير الخدم يغفو بجانبهما، ليستيفظ فجأة على صوت العقيد مولر وهو يصرخ بصديقه ويشير إلى صدره قائلا “إن ما تحمله في صدرك، -وكان يقصد القلب- هو أشد الأسلحة فتكا على الإطلاق، إنه الحجر الذي قتل به قابيل هابيل”.

اضطرب كبير الخدم كثير، فقد كان غير قادر على فهم الاستعارات، وانتظر صديق العقيد مولر ليغادر ومن ثم أمسكه بقوة، وراح يفتشه باحثًا عن ذلك السلاح الذي تحدث عنه العقيد، وحاول الصديق جاهدًا أن يشرح له مقصد عبارة العقيد ولكن بلا فائدة فقد باغته كبير الخدم بضربة على رأسه أودت بحياته.

وبعد هذا الحادث حكم على والد سورس بالإعدام، ولكن العقيد مولر لم يتخل عن سورس ولا عن والدته وسمح لهما بالبقاء في المنزل، حاول سورس جاهدًا بعد فترة أن يستحضر صورة والده ولكنه لم يكن يراه إلا معلقًا من رقبته، ورأى أنه من المؤسف أن يلقى شخصان حتفهما بسبب صورة بلاغية، أما والدته فقد رفضت قبول وفاة زوجها، وكانت تحضر المائدة كل يوم واضعة طبقًا لشخص إضافي، وتضع ملابس زوجها على الكرسي المقابل.

عندما اندلعت الحرب

بعد فترة من وفاة والده التحق سورس بالجيش ليشارك في الحرب، كان يمضي وقته مستلقيًا في الخندق ينظر إلى السماء ويتذكر فرانتيشكا، أو يمضي وقته مع صديقه ماتيخ، كان سورس يكره القتل أما ماتيخ فكان يرى أن القتل من طبيعة الحياة، وفي الحرب لا يوجد أناس بل يوجد أعداء فقط.

وعندما يكون سورس مجبرًا على إطلاق النار، فإنه يوجه نحو فضاء مجهول، رافعًا سلاحه نحو الأعلى لكي تخطئ رصاصاته الهدف، حيث كان قانونه لكسب الحرب أن لا يقتل ولا يُقتل، وقبل بضعة شهور من انتهاء الحرب رجع سورس إلى بيته متشوقًا لرؤية فرانتيشكا، ولكن عندما وصل علم بأمر خطبتها من ويلهيلم، فجن جنونه وقضم أذنه فقطعها، ثم أخذ والدته وخرج من بيت العقيد مولر بلا رجعه.

الماضي لا يمضي أبدًا

عاش سورس مع والدته في بيت صغير استأجره، وكانت السنوات الأولى هي الأصعب، فقد حاول سورس جاهدًا ولم يترك عملًا إلا وعمل فيه، حتى اكتفى وقرر أن يدرس الرسم، فضاقت به الأحوال كثيرًا، مما دفعه إلى أن يضع والدته في مستشفى المجانين ليتخلص من عبء وجودها، حيث أنها أصبحت الآن تفرعًا يعيق قانونه الخاص.

وبعدما وضعها في مستشفى المجانين بفترة وصلته رسالة من صديقه القديم ماتيخ، يخبره فيها عن حياته في الولايات المتحدة ويدعوه للعمل معه، وبعد شهر وجد نفسه هناك دون أن يودع والدته التي لم يزرها قط منذ دخولها المستشفى، وبعد ما يناهز العام تلقى سورس رسالة من العقيد مولر يحثه فيها على القدوم لرؤية والدته، وكان رد فعل سورس أن مزق الرسالة وألقاها في القمامة منزعجًا.

واصل العقيد مولر بإرسال تلك الرسائل لسورس مصرًا على قدومه لرؤية والدته وعلى أخذها معه، لم يرد سورس على أي منها حتى جاءته الرسالة الأخيرة من العقيد يخبره بقدومه بنفسه ليأخذه إلى والدته، بعد تلك الرسالة بأيام قليلة قرأ سورس في الجريدة خبر كارثة سقوط منطاد قطع المحيط الأطلسي من ألمانيا للولايات المتحدة، وتوقفت عيناه عند قائمة الضحايا ليقرأ اسم “العقيد غوستاف مولر”.

وبعد تلك الحادثة بما يزيد عن سنتين قرر سورس الرجوع إلى والدته التي هجرها، بعدما ساءت أحواله الصحية وضعف بصره.

الحياة تسير في دوائر

عاد سورس لبلدته وظل لمدة شهر يبحث في ساحة المجانين، على أمل أن يجد المستشفى التي ترك فيها والدته، حتى علم من أحد المارة أن المستشفى قد هدمت، وقتل كل من فيها لأنهم جميعًا كانوا من اليهود.

بعد ذلك قرر سورس العودة إلى الولايات المتحدة خائبًا ولكنه وجد نفسه ممنوعًا من السفر، وحاول الحصول على جواز سفر مزيف عبر به إلى سويسرا وسُجن هناك فترة ثم أطلقوا سراحه من جديد ليجد نفسه في الشارع بلا مأوى.

استأنف سورس سفره قاصدًا لشبونة ليستقل من هناك عابرة المحيطات إلى أمريكا، ولكن الشرطة أرسلته إلى بيت اللاجئين لأن صلاحية جواز سفرة قد انتهت، وحين وصل إلى هناك علم بأمر ترحيله فقرر الهرب من الشرطي، واختبأ في محل تصوير لسيد يدعى كوستا والذي ساعده في الاختباء وأخذه لبيته.

افترش سورس المساحة تحت المجلى في مطبخ السيد كوستا وجعلها مخدع نومه، مختبئًا حتى لا يباغته رجال الشرطة، ومضت عليه الأيام تحت المجلى هاجرًا دفاتره، ونظره يضعف كل حين عن سابقه.

كتاب الأعين المغلقة

أصيب سورس باكتئاب شديد، وعبثا حاول السيد كوستا وزوجته الترفيه عنه، حتى قرر سورس أن يعود للرسم مرة أخرى فأحضر أخشابًا ودهنها بالأبيض وبدأ برسم لوحة لصلب المسيح، وبالرغم من الثناء الذي ناله من السيد كوستا وزوجته إلا أنه ظل غارقًا في تعاسته.

وفي اليوم التالي، أحضر له السيد كوستا كيس قماش، مملوءًا بآلاف الصور الملتقطة عنده في محل التصوير من أجل جواز السفر، ليستطيع سورس أن يواصل رسمه للعيون المغمضة والمفتوحة، وفي أثناء بحث سورس في تلك الصور وجد صورة والدته، لتخبره بأنها ما زالت على قيد الحياة ولم تلق حتفها في المشفى.

ذهب السيد كوستا في اليوم التالي قاصدًا بيت اللاجئين للبحث عن والدة سورس، وأصر على لقاء الحاخام والتحدث معه، فأخبره أنها مكثت في بيت اللاجئين لبعضة أسابيع ثم غادرت مع رجل ألماني بلا أذن، ساعدها في الحصول على تأشيرة الخروج إلى الولايات المتحدة.

منذ علم سورس بذلك الخبر، أخذت حالته في التحسن وأصبح قادرًا على الرؤية بصورة أفضل، ثم بدأ الشك في أسلوب قانون التفرع الذي كان يتبعه، ونمت بداخله رغبات دفينه لنمو شجرته بفروع وأوراق خضراء، وفكر في أنه يمكن أن يستلقي في يوم ما على أحد تلك الفروع مرتاحًا في آخر المساء.

ساعد السيد كوستا سورس في أن يحصل على جواز سفر جديد، وتأشيرة للولايات المتحدة، وأوصله إلى رصيف الميناء ليستقل العبارة، ثم تعانقا بحرارة، وسار سورس باتجاه القارب ملوحًا للسيد كوستا وفي عين كل منهما دمعة أو اثنتين.

للمزيد من ملخصات الكتب

اقرأ أيضًا:

ملخص رواية “هيا نشتر شاعرًا” للكاتب أفونسو كروش

ملخص رواية “هيا نشترِ شاعرًا” للكاتب أفونسو كروش

ملخص رواية “هيا نشترِ شاعرًا” للكاتب أفونسو كروش

“إن أبيات الشعر تحرر الأشياء. وإننا حينما ندرك شاعرية الحجر فإننا نحرره من تحجره، ننقذ كل شيء بالجمال، ننقذ كل شيء بالشعر. ننظر إلى جذع ميت فنبعث فيه الحياة”

من رواية “هيا نشتر شاعرًا”، لأفونسو كروش

ماذا لو اختفى الفن؟

إن التساؤل عن أهمية الأدب والفن قديم قدم نشأتهما، وقد تباينت الإجابات حوله ووُصف بأنه سؤال جوهري، وإذا بحثنا عن نشأة الفن فسنجد أنه وجد مع وجود الإنسان، فقد صنع الإنسان البدائي منحوتات جمالية ورسومات لحيونات على جدران الكهوف، والفن بمختلف أشكاله وسيلة للتعبير عن المشاعر وإثراء التجربة الإنسانية والترفيه والتقدير الثقافي.

إن العالم الذي ننتمي إليه الآن في طريقه لفقد صلته بالفن وقيم الجمال، كما يتجه إلى أن يكون مجتمع رقمي وصناعي جامد، يتموضع فيه الفن والجمال داخل دائرة النشاطات الترفيهيه غير النفعية، فماذا لو اختفى الفن فعلًا عن عالمنا كما توقع أفونسو كروش في روايته؟

هيا نشترِ شاعرًا

تُعتبر رواية “هيا نشترِ شاعرًا” أول عمل يترجم إلى اللغة العربية للكاتب البرتغالي أفونسو كروش، والتي صدرت من دار مسكيلياني للنشر، وظهر فيها الأسلوب المميز للكاتب الذي يعتمد على الرمزية والتشويق.

وكما هو حال كل كتابات أفونسو كروش، أثارت الرواية الكثير من الأسئلة الفلسفية الملحة، والتي تدور حول جدوى الفن والجمال وخاصة الشعر، يحتج من خلالها الكاتب على مجتمعاتنا الغارقة في الجشع والماديات بأسلوب ساخر، كما أنها احتوت على أبيات مستوحاه من شعراء كثيرين مثل بول سيلان ووالت وايتمان وبوكوفيسكي وغيرهم.

اختيار شاعر

تدور أحداث الرواية في عالم تخيلي قريب من عالمنا الذي نعيش فيه الآن، عالم رقمي جامد يُوصف فيه كل شيء بالأرقام حتى أسماء الأشخاص، فإذا أردت مثلًا أن تقول أنك تناولت السبانخ على الغداء فيجب عليك ذكر كم كيلو جرامًا أكلت، وكم سعر الكيلو وهكذا، تبدأ الأحداث عندما تحس الابنة بطلة الرواية برغبتها في شراء شاعر.

فقد كان الشعراء والرسامون والنحاتون يباعون في المتاجر كالحيوانات الأليفة، وهي قد عزمت الأمر على أن تشتري شاعرًا فالرسامين والنحاتين يسببون الكثير من الفوضى.

ذهبت الابنة مع والدها للمتجر الذي يعج بشعراء من كل الأصناف، قصار، طوال، وبنظارات وهم الأغلى، وقع في النهاية اختيارها على شاعر نحيف يرتدي سترة وسروالًا بنيًا ويمسك كتابًا تحت ذراعه، ولم تكن ملابسه برعاية أية ماركة مما يدل على انحطاط مستواها، فاشتروه بثمن معقول ونصحهم البائع بأن يشتروا له دفترًا بأوراق بيضاء كنوع من الترفيه.

انتقل الشاعر ليعيش تحت الدرج في بيت الأسرة، ومذ انتقل إلى هناك وقد تغيرت حياة الابنة بشكل ملحوظ، فقد كانت تلازم الشاعر معظم الوقت، تراقب تصرفاته وتستمع إلى استعاراته التي كانت تراها في البداية ترهات لا نفع منها، ولكنها سرعان ما انتبهت لها وأحبتها واندفعت لفهمها وتذوقها، وبحكم العادة توالى الضيوف والأصدقاء على البيت لرؤية الشاعر الجديد ليستمعوا لقصائده الغير مفيدة بالنسبة لهم.

كانت أحوال الأسرة على ما يرام، حتى عاد الأب إلى البيت حاملًا أخبار مرعبة، فقد كان المصنع الذي يعمل فيه يمر بضائقة مالية صعبة وأوشك على الإفلاس، لذلك طالب الأسرة بتقليل النفقات وشد الحزام، وكان الأب في حالة هياج معظم الوقت محمر الوجه وثائر، ولم يكن الشاعر يعي حجم الأزمة وكان كل ما يتسطيع فعله هو إلقاء القصائد والاستعارات التي أسقطها على الوضع الراهن، والتي لم يفهمها الأب مما أثار غضبه.

أما أخيها فلا يرى الشاعر ذي قيمة ويرى أنه لا يأتي من ورائه غير المشاكل، واستمر على نظرته تلك حتى ساعده الشاعر في نيل قلب محبوبته بجمله كتبها له على قطعة من الورق، أسرت الجملة قلب الفتاة بالرغم من خلوها من الدلالات الرقمية، فلا يحتاج التعبير عن مشاعر الحب والإعجاب إلى أرقام.

ازدادت الأمور المادية للأسرة سوءًا مما اضطر الأب لأن يسرح الشاعر، وخصوصًا بعدما صرح الشاعر بأن أصحاب البنوك والأسواق المالية سارقين، لذلك أخذ الأب وابنته الشاعر وتركوه في حديقة عامة تعج بالشعراء المنبوذين.

رحل الشاعر من المنزل ولكنه ترك أثرًا وبصمة في كل فرد من الأسرة، فقد بدأت الابنة تفهم جمال الاستعارات والمجاز، وأن ترى الأمور بطريقة مختلفة من نافذة مثل تلك النافذة التي رسمها الشاعر يومًا على الجدار وزعم أنها تطل على البحر.

وبفضل الشاعر استطاعت الأم أن تشعر بذاتها وترفض إهانة زوجها ومعاملته الوقحة لها، وذلك لأنها بدأت أن تولي مشاعرها اهتمامًا أكثر كما نصحها الشاعر باستعاراته الغريبة، لذلك فضلت الانفصال على أن يتم معاملتها كسلعة جامدة لا كإنسانة لها مشاعر.

أما الأب فقد استطاع أن يتخطى الأزمة وينقذ تجارته من الإفلاس بفضل الشاعر أيضًا، فعندما سألته ابنته من أين جاءته الفكرة التي أنقذت المصنع وتملص من الإجابة، قررت البحث في جيوب سترته ووجدت ورقة كُتب عليها اقتباس قاله الشاعر لوالدها من قبل، يتشابه مع الحل الذي أوجده لحل الأزمة، فاستنتجت أن الفكرة التي أنقذت المصنع لمعت في ذهن والدها بفضل ذلك الاقتباس، وهكذا يضع الشاعر بصمته مرة أخرى ليغير مصير الأسرة.

ولم تهجر الابنه الشاعر قط وإنما كانت تزوره دائمًا في الحديقة التي وضعوه فيها، والتي تعج بشعراء مهجورين مثله، وكانت تشاركه في قول الاستعارات والشعر ورؤية الحياة من تلك النافذة التي رُسمت يومًا على الجدار وكانت تطل على البحر.

ما يشبه الخاتمة

في هذا الجزء المنفصل عن الرواية، يوضح الكاتب أن العديد من الناس ينظرون للثقافة على أنها مصدر تهديد، حيث أنه إذا لم يكن للفن والثقافة أهمية فلم يكن ليقبل أحد على حرق مكتبة الإسكندرية أكثر من مرة، أو على تدمير بوذا باميان وآثار تدمر.

وإن الخيال والثقافة يبنيان كل ما نحن عليه، والخيال ليس هروبًا من القبح والمظالم الاجتماعية، وإنما هو تصميم لبناء بديل، هندسة فرضية لمجتمع أكثر انسجامًا مع توقعاتنا الإنسانية والأخلاقية.

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص رواية “الغريب” للكاتب والفيلسوف الفرنسي ألبير كامو

ملخص رواية “الغريب” للكاتب والفيلسوف الفرنسي ألبير كامو

“في ذلك الليل الذي يفيض بالنجوم، أحسست للمرة الأولى برقة وعذوبة اللامبالاة، وأحسست أنني كنت سعيدًا في يوم من الأيام ولا زلت حتى الآن” ألبير كامو، رواية الغريب

رواية “الغريب” للكاتب الفرنسي ألبير كامو

تعتبر رواية الغريب أولى روايات الكاتب والفيلسوف الفرنسي ألبير كامو والتي نال على إثرها شهرة واسعة، تجلت فيها فلسفته الخاصة ومحاولاته لاكتشاف الإنسان وتجريده من كل ما هو لا إنساني، فجاء ميرسو بطل رواية الغريب ليمثل حقيقة البشر عندما يتخلصوا من كل الأقنعة الزائفة وينزعوا قشور المجتمع الباهتة، وظهر بهيئة المظلوم المتوحش الذي لا يبالي بأحد ويجهل تمامًا ماهية الكثير من المشاعر، بعدما ضاع من ضميره الإنساني، وفقد إنسانيته المتمثلة في مجموعة من المشاعر الإنسانية المعتادة، واتبع مبادئه الخاصة التي أوصلته بدورها إلى خشبة الإعدام.

الخطاب:

تبدأ حكاية ميرسو عندما تلقى خطابًا من دار المسنين التي أودع فيها والدته مسبقًا بعدما أصبح غير قادر على إعالتها، لإعلامه بوفاتها ووجوب حضوره لإتمام مراسم الدفن اللائقة، لذلك طلب إجازة من عمله واستعد للسفر، وكان يوم سفره شديد الحرارة وبسبب إرهاقه الشديد وحرارة الجو المرتفعة غفى ميرسو طوال الطريق حتى وصل إلى الدار، وفور وصوله اتجه إلى غرفة المدير ليسمح له برؤية الفقيدة، ولكن عندما أصبح أمام التابوت شعر فجأة بعدم رغبته في رؤيتها ورفض أن ينزع الحارس المسامير من غطاء التابوت.

جلس ميرسو أمام جثمانها وشعر برغبة شديدة في التدخين ولكنه كان مترددًا أن يدخن أمام والدته ثم أدرك أن ذلك ليس مهمًا على الإطلاق من وجهة نظره فقدم للحارس سيجارة ودخنا معًا، وبعدها عرض عليه الحارس قهوة باللبن فقبلها دون تردد وبعدما أنهى قهوته شعر برغبة في النوم فغفى على كرسيه، واستيقظ ميرسو ليجد أن أصدقاء والدته قد حضروا ليسهروا بجانب الجثمان حتى تتم مراسم الدفن، فسهر معهم في صمت.

أخبره الحارس أن كل أصدقاء والدته قد حضروا ما عدا السيد بريز أكثرهم قربًا منها والذي سمح له مدير الدار أن يحضر مراسم الدفن شرط ألا يسهر معهم حتى لا يصيبه مكروه بسبب المجهود الزائد، في الصباح انطلق الجميع لدفن السيدة وسار معهم في صمت يراقب العجوز بريز من بعيد وعندما سأله الحارس عن سن والدته فأجابه أنه لا يعلم، وبعد إتمام مراسم الدفن في هذا اليوم الكائظ رحل ميرسو على عجل دون أن يجثو على قبر والدته أو يبدو عليه أي حزن فقط كان صامتًا حتى أنه لم يبك.

عند استيقاظه في اليوم التالي قرر الذهاب للاستحمام في حمامات الميناء، وهناك رأى ماري زميلته السابقة في العمل فتجددت العلاقة بينهما وقررا الذهاب إلى السينما معًا في مساء ذلك اليوم، وعندما إرتديا ثيابهما ورأته ماري في ملابس الحداد سألته عن السبب فأجابها أن والدته دفنت في أمس ذلك اليوم، ففزعت ماري ورجعت إلى الخلف ولكنها وافقت على الذهاب معه إلى السينما على أية حال، وبعدما انتهى الفيلم الكوميدي الذي حضراه رجعت معه ماري إلى البيت.

وفي اليوم التالي بعد رجوعه من عمله قابل جاره العجوز سالامانو وكلبه الذي لم يفارقه منذ ثماني سنوات رغم خلافاتهما المتكررة، كما التقى بجاره ريمون على السلم وكان يقال عن ريمون أنه يكسب قوته من النساء وكان منبوذ من الجميع إلا أن ميرسو كان يتقبله فلم يجد سببًا يكرهه لأجله ولم يكن يهتم.

قتل بمحض الصدفة:

دعاه ريمون للعشاء فقبل ميرسو وأثناء تناول الطعام أخبره ريمون عن عشيقته السابقة التي خدعته وعن رغبته الملحة في الانتقام، وطلب منه أن يكتب خطابًا باسم ريمون ليستطيع أن يستدرجها إلى شقته وينفذ انتقامه، وقبل ميرسو كتابة ذلك الخطاب فلم يكن يرى مانعًا من ذلك ولم يشعر بأهمية ما يقوم به على الإطلاق، وفي نهاية الأسبوع حضرت ماري لتقضي العطلة مع ميرسو وفجأة سمعا أصوات مشاحنات من غرفة ريمون وصوت امرأة تصرخ بشدة جعلت الطابق يعج بالبشر، ثم حضر رجل الشرطة الذي أمر ريمون بالذهاب إلى قسم الشرطة في وقت لاحق ليدلي بأقواله، وطلب ريمون من ميرسو الذهاب معه ليشهد على خداع عشيقته فلم يمانع.

عند عودتهما وجدا سالامانو العجوز يبحث عن كلبه بلهفة واضحة بعدما ضاع منه، فشرعا يخففان عنه وأخبره ميرسو أن يذهب إلى مستودع الكلاب ويسأل هناك عن كلبه العزيز، وبعد فترة من صعود شقته تبعه العجوز وجلس معه لبعض الوقت يحكي له عن كلبه ويأمل أن يطمئنه ميرسو، وبرغم ضيق ميرسو بالعجوز الجالس في غرفته إلا أنه استمع له بسبب إشفاقه عليه وأنه لا يرغب في النوم.

في اليوم التالي دعاه ريمون لقضاء العطلة معه هو وصديقه ماسو على الشاطئ وأن يحضر ماري معه حتى لا تظل زوجة صديقه بمفردها، وفي يوم الأحد استعد كل من ماري وميرسو وانتظرا ريمون أسفل البناية، وعندما نزل أشار لميرسو أن ينظر باتجاه مجموعة من العرب يقفون في الزاوية وأخبره أن أحدهم هو شقيق عشيقته التي ضربها وأنه يضمر له الشر بكل تأكيد.

انطلق الجمع ووصلوا إلى الشاطئ حيث قابلوا صديق ريمون وزوجته، وبعد وجبة الغداء قرر الرجال الثلاثة التنزه على الشاطئ، وأثناء تلك النزهة وجدوا اثنين من هؤلاء العرب السابق ذكرهم وكان أحدهما هو غريم ريمون، اشتبكوا معًا في معركة أصيب فيها ريمون بجروح سطحية وهرب العربيان، ذهب ماسو مع ريمون للطبيب وضمدت جراحه ولكنه لم يهدأ.

قرر ريمون الخروج مرة أخرى ومعه مسدسه ينوي على شر فتبعه ميرسو وأقنعه ألا يفعل ذلك وأخذ منه المسدس ورجع معه إلى بيت صديقه، ولم يرغب ميرسو أن يدخل إلى البيت على الرغم من حرارة الجو المرتفعة وفضل أن يمشي على البحر، وأثناء سيره بغير هدى وجد نفسه أمام غريم ريمون الذي انتفض من مكانه وأظهر سكينه التي التمع نصلها في الشمس، فاهتاج ميرسو بسبب التماع نصل السكين والشمس الملتهبة فوق رأسه فلم يشعر بنفسه إلا بعد أن انطلقت رصاصة من المسدس واخترقت جسد العربي وحطمت هدوء الشاطئ وأتبعها بأربعة طلقات أخرى.

المحاكمة:

بعد إلقاء القبض على ميرسو عينت له المحكمة محام للدفاع عنه، استجوب عدة مرات حاول خلالها قاضي التحقيقات معرفة شخصيته ومعتقداته ولكن خاب أمله عندما أظهر الصليب لميرسو وأخبره الأخير بعدم إيمانه بالرب وأن هذا لا يهمه على أية حال، بعدها انهار القاضي أمام صلادة ميرسو وقرر إكمال التحقيق بعيدًا عن تلك النقطة الشائكة، واستمرت الاستجوابات فترة طويلة ثبت فيها ميرسو على أقواله وأصر أنه لم يبيت نية القتل وأن كل ذلك حدث بمحض الصدفة.

لم يكن ميرسو في البداية يعتبر نفسه مسجونًا فقد كان ينتظر ليعرف ماذا سيحدث له، ولكنه بدأ الإحساس بوحشة الزنزانة عندما تلقى خطابًا من ماري تخبره فيه أنهم لن يسمحوا لها بزيارته مرة أخرى لأنها ليست زوجته، وكانت ماري قد طلبت منه الزواج قبل الحادثة فوافقها معلقًا أن لا فرق لديه في ذلك وأنه لا يحبها لأنه لا يعرف ماهية الحب ولكنه مستعد من الزواج منها على أية حال ولكن لم تساعدهم الأحداث، لذلك أصبح السجن بالنسبة له عذابًا يمضي جل وقته في مشاهدة السماء ومعايشة خيالاته.

جاء يوم المحاكمة واقتادوا ميرسو إلى المحكمة ليحددوا مصيره، وبدأ الاستجواب وراح رئيس المحكمة يسأله في هدوء ووقار عن شخصيته ويعدد أمامه الوقائع والتهم الواقعة عليه وفي كل مرة كان ميرسو يجيب “نعم سيدي الرئيس” طبقًا لتعليمات المحامي، ثم حضر الشهود وكانوا من عرفهم ميرسو أو تعامل معهم قبل الحادثة بوقت قصير ومنهم مدير وحارس دار المسنين.

وعند استجواب الشهود تباينت الآراء حول ميرسو، وأوضح رئيس دار المسنين ثباته وجحوده يوم وفاة والدته وأنه لم يبك أبدا ولم يعرف سن أمه الحقيقي وأنه دخن مع الحارس وشرب قهوة باللبن أمام جثمان والدته، وتوالت الاتهامات لميرسو وهو في القفص يستمع وعندها فقط شعر برغبة شديدة في البكاء لأنه أحس لأول مرة كم أنه ممقوت من كل هؤلاء الناس، وحاول المحامي السيطرة على الوضع ولكن لا جدوى فقد أدان النائب العام ميرسو معتمدًا على قسوته مع والدته وأنه دفنها بقلب مجرم، وأن من يودع والدته في دار مسنين فقد قتلها معنويًا لذلك فهو قاتل له تاريخ في الإجرام.

لم يكن يعرف ميرسو هل هو يحاسب لأنه قتل رجلًا أم أنه لم يحزن لوفاة أمه، بعد الكثير من المناقشات أخذوا ميرسو إلى حجرة مجاورة حتى تتشاور اللجنة فيما بينها، ولكن كان قرار المحكمة أن يطيحوا رأسه في أحد الميادين العامة.

رفض ميرسو استقبال القس عدة مرات وتقوقع على نفسه في زنزانته تزوره الكثير من نوبات الهلع ويعتريه الشعور بالبرد في داخله يجعله يرتجف، ينتظر الفجر طوال الليل بقلب قلق وعين لا يزورها النوم لأنهم ينفذوا تلك العمليات في وقت الفجر دائمًا، وعندما لا يحدث شيء ولا يأتون لاصطحابه يكون قد فاز بيوم جديد على الأرض، وحينها أدرك أن الموت هو الحقيقة الوحيدة في هذه الحياة ولكن ذلك لم يمنع خوفه واصطكاك أسنانه الدائم دون أن يمكنه إيقافها.

كان يراوده الأمل في كثير من الأحيان في قبول الالتماس ويعيش خيالات سعيدة ولكنه سرعان ما يعود إلى ظلمة الزنزانة والخوف من لحظات الفجر وصوت وقع الأقدام، وفي يوم استيقظ فوجد القس أمامه ودارت بينهما مناقشة كان مفادها أن أمسك القس من ياقته بكل قوته ولعنه وصب عليه كل ما سكن أعماق قلبه، أخذ يصرخ بكل ما كان يشعر به ويتساءل ما الذي يجب أن يهمه في موت الآخرين أو في حب الأم، ما الذي يهمه في الإيمان بالرب أو الحياة التي تختارها طالما هناك قدر واحد فقط قد اختاره، وظل على صراخه حتى أوشك على الاختناق.

وأخيرًا استطاعوا انتزاع القس من يديه، وعندها ألقى بجسده على السرير واستيقظ كانت النجوم هناك في السماء تلتمع فوق رأسه، وعندها انطلقت الصفارات إيذانًا برحيله عن هذا العالم الذي لم يعد يهمه في شيء، وللمرة الأولى منذ زمن طويل تذكر والدته وأحس أنه مستعد لأن يبدأ الحياة من جديد، وكانت تلك الغصة الكبرى التي خلصته من الشر وأفرغته من الأمل، وشعر بعدها برقة وعذوبة اللامبالاة وأنه كان سعيدًا في يوم من الأيام ولا زال حتى الآن.

للمزيد من ملخصات الكتب

اقرأ أيضًأ ملخص رواية “العمى” لجوزيه ساراماغو

ملخص رواية “ألف شمس ساطعة” للكاتب خالد حسيني

ملخص رواية “ألف شمس ساطعة” للكاتب خالد حسيني

“لسوف يرجع يوسف إلى كنعان، لا تحزن.

لسوف تصير العشش جنّات ورد، لا تحزن.

وإن جاء طوفان وأغرق كل ما هو حي فنوح دليلك في الطوفان، لا تحزن”

من غزليّات حافظ الشيرازي الواردة في رواية “ألف شمس ساطعة”.

نسج الكاتب خالد الحسيني أحداث الرواية في أفغانستان، ليسرد الكثير من الأحداث في التاريخ الأفغاني على مدار أربعة عقود تنتهي بسقوط طالبان وخروجها من البلاد، يصف من خلالها معاناة المرأة الأفغانية وينقل ببراعة مشاعر الأطفال والمراهقات في ظل تلك الأحداث على لسان امرأتين جمعهما القدر معًا.

كانت مريم ذات الخمس سنوات تعيش مع والدتها في كوخ صغير، أسكنهما والدها فيه بعيدًا عن زوجاته الأخريات في مكان ليس ببعيد عن مدينة هيرات حيث كانت مريم ابنه غير شرعية لجليل، كانت جميع أيامها تتشابه عدا يوم الخميس حين يزورها والدها، ليمتعها بالحكايات ويعلمها الصيد ويغدقها بحبه ويحكي لها عن هيرات مهد الحضارة الفارسية ووطن الكتاب والرسامين، كانت تثق به ثقة عمياء ولا تكترث لكلام والدتها عنه بل كانت تنتظره بفارغ الصبر وتحلم أن تذهب معه إلى السينما التي يمتلكها في هيرات.

عندما أصبح عمر مريم خمسة عشر عامًا وفي يوم ميلادها استطاعت أن تطلب من جليل أن يصطحبها معه إلى السينما، وبرغم رفض والدتها إلا أنه وعدها أن يذهبا معًا في اليوم التالي، انتظرت مريم مدة طويلة جدًا ولكنه لم يأت فقررت أن تذهب إليه بنفسها وتجاهلت توسلات والدتها وقطعت مسافة كبيرة حتى وصلت إلى بيته الفخم، ولكن لم يسمح لها بالدخول وظلت في انتظاره أمام باب المنزل ليلة كاملة، وفي الصباح أمر جليل السائق أن يصطحبها إلى منزلها وعندنا وصلت شاهدت جسد والدتها يتدلى من أعلى شجرة، لم تستطع أن تتخيل رحيل مريم عنها والآن أصبحت مريم وحيدة تمامًا فقد فقدت والدها في الليلة السابقة بعدما حدث وستلوم نفسها لسنوات طويلة لأنها تركت والدتها، ولم تجد مريم المواساة إلا من معلمها الملا فايز الله.

انتقلت مريم للعيش في منزل والدها الذي خذلها مرة أخرى عندما أجبرها على الزواج من صديقه رشيد صانع الأحذية الذي يكبرها بأعوام كثيرة، سافرت مريم مع رشيد لتعيش في كابول العاصمة في بيت صغير، كادت مريم أن تشعر ببعض الاطمئنان وخاصة عندما حملت بطفلها الأول، واهتمام رشيد الزائد بها لرغبته في ذلك الطفل، ولكن فقدت مريم الطفل وكذلك فقدت اهتمام رشيد ولم تر منه بعد ذلك سوى القسوة والضرب والإهانات لأتفه الأسباب، وذاقت مريم مرار العيش في سجنها الصغير مع رشيد.

وفي عام 1978 وبعد مقتل اليساري البارز مير أكبر خيبر، سمعت مريم لأول مرة لفظ شيوعي وشاهدت اندلاع الثورة في شوارع كابول والانقلاب ضد حكومة محمد داود خان، فانتشرت الطائرات الحربية في سماء المدينة واجتاحها دوي قصف شديد وخيوط دخان ملأت السماء، هاجمت الطائرات القصر الرئاسي وأحرقت الدبابات في محيطة فاستسلمت القوات الخاصة التابعة لداود خان وتم إعدامه في قصره الرئاسي من قبل الشيوعيين بعدما قتلوا عشرين فردًا من عائلته، وتولى الشيوعيون الحكم برئاسة نجيب الله.

وكان لمريم جارة اسمها فاريبا زوجة حكيم المدرس الوقور الذي كان يكرهه رشيد بشدة، رزقها الله طفلتها ليلى في نفس عام الثورة، ولكن لم تكن فاريبا أمًا حقيقية لليلى فقد كانت منعزلة طوال الوقت في غرفتها قلقة على والديها اللذان انضما للمجاهدين في الحرب ضد السوفييت، أما حكيم فكان الأقرب لها وقد حرص على تعليمها وذهابها إلى المدرسة لذلك كانت حياة ليلى تدور حول أبيها وصديقها طارق.

ساءت أحوال والدة ليلى بعدما علموا بوفاة أخويها أثناء الحرب، وفي نيسان عام 1988 وقع المجاهدون معاهدة سلام مع السوفييت وتقرر مغادرتهم للبلاد في كانون الثاني عام 1989 حيث تجمع الناس في شوارع كابول وكذلك ليلى وعائلتها وطارق لمشاهدة القوافل السوفييتية تغادر المدينة، ولكن لم يكن رحيل السوفييت عن البلاد نهاية النكبة ولكن كان بدايتها فلم يرض المجاهدون بحكم الشيوعيين للبلاد ونشبت الكثير من الصراعات بين النظام الحاكم والمجاهدين وفشل نجيب الله في توقيع معاهدة مع المجاهدين فاستسلم عام 1992 وتراجع عن الحكم وانتهت الحرب فعليًا ورجع المجاهدون إلى كابول.

تشكل مجلس للقادة وانتخبوا برهان الدين رباني رئيسًا والذي لم ترض له الجماعات الأخرى واعتبروا تعيينه بالواسطة والمحاباة للأقارب، تفاقمت المشاكل وقذفت الإهانات وانعقدت الاجتماعات الغاضبة، وفي الجبل عُبئت الذخيرة مجددًا بسرعة وتسلحت الجماعات المعارضة من المجاهدين، ولكن كانت الحرب مختلفة هذه المرة فقد كانت حرب بين المجاهدين بعضهم البعض يفتقدون فيها عدوًا مشتركًا، بدأت الصواريخ تمطر كابول وهرع الناس للاختباء وأصبح صوت الصفير الذي يسبق القصف عادة يومية ترعب الأهالي وتتعالى الصرخات وغيوم الدخان، تسرع الأيادي العارية في الحفر بين الأنقاض بجنون لتسحب ما تبقى من أم أو أب أو أخت.

لم يكن النوم يزور ليلى إلا بصعوبة مع كل تلك الصواريخ التي تحلق فوقها مشعة حتى أنه يمكن قراءة كتاب على ضوئها، وفي الصباح كانت أينما ذهبت ترى المجاهدين في كل مكان، كان القتال عنيفًا في كابول بين قوات الباشتون ومليشيات الهزاره، وقد سمعت ليلى أن قوات الباشتون كانت تهاجم بيوت الهازارات ويقتلون عائلات بأكملها، وأن الهزاره ينتقمون باختطاف المدنيين من الباشتون واغتصاب فتياتهم وقصف أحيائهم ويطلقون الرصاص على رؤوسهم ويعذبوهم بلا رحمة، ومنع حكيم ليلى في خضم كل تلك الأحداث من الذهاب إلى المدرسة وتولى تعليمها في المنزل، وكانت الفاجعة التي هزت ليلى هي إصابة صديقتها جيتي هي ومجموعة من الفتيات بصاروخ طائش أثناء عودتهم من المدرسة.

بدأت العائلات ترحل من أفغانستان فرارًا من الحرب الدامية التي اجتاحت البلاد، وكذلك قرر طارق صديق ليلى المقرب وحبيبها أن يرحل مع عائلته وعبثًا حاول إقناعها بالرحيل معه فلم ترد هي أن تترك عائلتها ولم تكن والدتها تريد أن تترك البلاد التي مات من أجلها أولادها، بعد رحيل طارق كانت الأيام تمر ثقيلة متشابهة على ليلى تحاول فيها إقناع والدتها بالرحيل ولكن يخيب أملها في كل مرة، حتى جاء اليوم الذي خرجت فيه ليلى عند بوابة البيت لتستتشق بعض الهواء حتى سمعت صوتًا غريبًا بالقرب من أذنها وشظايا الخشب في كل مكان وفتحة كبيرة في بوابة البيت سببها صاروخ المجاهدين الغادر.

بعد تلك الحادثة قررت فاريبا الرحيل فلم تكن مستعدة للتضحية بليلى هي الأخرى، وأثناء تجهيزاتهم للرحيل كانت ليلى تقوم بنقل بعض الصناديق خارج المنزل وفجأة سمعت صوت الصفير المرعب، نظرت إلى السماء وحمت عينيها بيد واحدة ثم سمعت صوت هدير غاصب وشيء حار يضربها من الخلف وسقطت على الأرض وكان آخر شيء رأته قبل أن تغيب عن الوعي قطعة مدماة من جسد أحمر يغلفه ضباب كثيف، استطاع رشيد إخراجها من تحت الأنقاض ونقلها إلى بيته حتى تعتني بها مريم.

عندما أفاقت ليلى كانت قد فقدت والديها وبيتها ولم يتبق لها سوى أمل إيجاد طارق، أمضت الأيام في بيت رشيد صامتة متعبة تحاول استعادة قواها للرحيل، ولكن كان لرشيد رأي آخر فقد استأجر أحدا ليخبرها أن طارق قد مات وبالتالي اختفى كل أمل لها في الحياة وعندما طلبها رشيد للزواج لم ترفض، كان رشيد يعاملها معاملة حسنة مقارنة بمعاملته لمريم حتى وضعت طفلتها الأولى والتي كرهها رشيد بشدة، فأصبحت معاملته لها أكثر قسوة وبدأ يكيل لها الإهانات والضرب.

كانت علاقة مريم وليلى متوترة في بداية الأمر ولكن سرعان ما تحسنت وأصبحتا صديقتين تعين كل منهما الأخرى على مر العيش في بيت رشيد، وفي عام 1994 تطورت الأحداث بين المجاهدين واشتد القتال وامتلأت الشوارع بالجثث وازداد القتل والنهب والاغتصاب، ومع كل تلك الأحداث وحياة رشيد التي لا تطاق قررت ليلى الرحيل مع ابنتها عزيزة ومريم، ولكن في يوم الرحيل وبعد ذهاب رشيد للعمل وانطلاقهما لموقف الباصات.

كان يجب عليهما العثور على أحد العائلات للسفر معها فقد كانت الحريات التي تمتعت بها النساء حتى عام 1992 في ظل حكم الشيوعيين قد اختفت، فمنذ سيطرة المجاهدين تغير اسم أفغانستان إلى الولاية الإسلامية الأفغانية وامتلأت المحاكم العليا برجال الدين الذين وضعوا قوانين على الشريعة الإسلامية الصارمة والتي تمنع سفر المرأة بدون قريب ذكر.

في النهاية وجدتا رجلًا تتوسمان فيه اللين وذهبتا إليه لطلب المساعدة ولكنه أبلغ قوات الأمن، ونقلتهما قوات الأمن إلى بيت رشيد الذي حبسهما لأيام دون طعام أو ماء بعد وصلة ضرب مبرح، عادت الحياة لطبيعتها في بيت رشيد ولكن كان أمل ليلى ومريم في الخروج مرة ثانية قد اختفى، وفي أيلول عام 1996 استيقظوا على صياح وصفير ومفرقعات نارية وموسيقى احتفالًا بدخول طالبان للبلاد، وكانت أول مرة تسمع مريم فيها بطالبان عام 1994 عندما استولوا على مدينة قندهار وأخبرها رشيد أنهم عصابات من شباب الباشتون الذين هربوا مع عائلاتهم إلى باكستان خلال الحرب مع السوفييت.

استولت طالبان على مدن جلال آباد وساروبي وصولا إلى كابول العاصمة، وكان لديهم شيئًا واحدًا لم يكن عند المجاهدين كانوا موحدين، خرج رشيد مع زوجاته لمشاهدة دخولهم للبلاد فشاهدوا رجلين يتدليان من بقايا بناء محطم كان أحدهما نجيب الله والآخر أخيه، قتله رجال طالبان بعدما عذبوه أربع ساعات متواصلة وربطوا ساقيه إلى شاحنة وجروه في الشوارع، وبدأ الرجال يعلنون القوانين الجديدة للبلاد من خلال إذاعتها في الراديو الذي أصبح يعرف بصوت الشريعة ومن خلال مكبرات صوت محملة على سيارات تجوب أنحاء البلاد أو قصاصات ورق مكتوبه.

وكانت تنص على وجوب صلاة المواطنين الخمس صلوات بالمسجد وإذا ضُبط أحدهم لا يصلي يجلد، على جميع الرجال تربية لحاهم بطول معين، ممنوع الغناء والرقص ولعب الشطرنج أو تربية الحيوانات، ممنوع اقتناء اللوحات المرسومة والتماثيل، وعلى غير المسلمين إجراء شعائرهم في سرية بعيدًا عن أعين المسلمين، ممنوع خروج النساء من المنزل وإذا خرجت يجيب وجود قريب ذكر ومن تسير بمفردها تجلد وتعود إلى بيتها، ممنوع على النساء التعلم والذهاب إلى المدارس.

ولم يكتفوا بذلك بل احتاجوا متحف كابول بالفؤوس وسحقوا التماثيل وأغلقوا الجامعات وحطموا شاشات التلفاز، أحرقوا الكتب جميعها ودمروا صالات السينما وحرقوا بكرات الأفلام، امتثل الجميع للأوامر ورشيد كذلك بل وكان سعيدًا بها، حتى جاء موعد ولادة ليلى لطفلها الثاني وعندما ذهبوا لمشفى السيدات الذي يكتظ بالنساء المتعبات فقد فصلوا مشافي النساء عن الرجال، كانت حالة ليلى تستدعي إجراء عملية قيصرية ولم يكن هناك مخدر في المشفى حيث كانت كل الأموال تذهب إلى مشافي الرجال واضطرت ليلى لتحمل ألم شق بطنها بدون مخدر حتى يخرج طفلها بأمان.

وفي عام 1999 أصبح عمر زلماي ابن ليلى عامان، كان يشبه والده إلى حد كبير يلاحقه أينما ذهب، وكان الوضع يتفاقم في بيت رشيد يزداد عنفه وكرهه لعزيزة وزادت الأمور سوءًا مع صعوبة الحالة المادية لرشيد وكثير من الناس في كابول بسبب الجفاف الذي ألم بالبلاد وجفاف نهر كابول، وفي عام 2000 كان الجفاف قد وصل لسنته الثالثة والأصعب، تحولت القرى إلى تجمعات من البدو تتنقل دائمًا بحثًا عن الماء والمراعي الخضراء لمواشيهم وعندما لم يجدوا نفقت الحيوانات فانتقلوا إلى كابول واستقروا على جانب تلة أرنينا في أحياء قذرة محشورين في أكواخ.

وساءت أحوال رشيد واضطروا إلى بيع كل شيء خاصة بعدما فقد رشيد محله لصنع الأحذية في حريق كبير ولم يجد عملًا بسهولة، خيم الجوع على المنزل واضطر رشيد للسرقة لإطعامهم ولم تكن أحوال الباقين في المدينة أفضل منهم، فقد سمعت مريم أن جارة لهم قد طحنت الخبز اليابس وخلطته مع سم الفئران وأطعمته لأبنائها السبعة وتركت الحصة الكبرى لنفسها.

قرر رشيد وضع عزيزة في الملجأ لتخفيف النفقات ووافقت ليلى مجبرة، ولم يكن رشيد يرافق ليلى كثيرًا لزيارة عزيزة وتضطر ليلى للخروج وحدها وتتحمل الضرب والإهانات من الرجال في الخارج، وفي يوم رافقهم رشيد وأوصلهم للبيت وذهب لعمله كبواب في الفندق، وبعدما رحل صدمت ليلى بطارق أمام بيت منزلها حكت له ليلى عن كل ما حدث معها وهي تبكي على ما أصابهما، وبعد رحيل طارق وعودة رشيد أخبره زلماي عن وجود طارق في المنزل صباح هذا اليوم، فاهتاج رشيد وانقض على ليلى وكاد يقتلها خنقًا حتى ضربته مريم بشيء صلب على رأسه عدة مرات حتى فارق الحياة.

طلبت مريم من ليلى الرحيل مع طارق والأولاد وظلت هي لتتلقى جزاء فعلتها، رحلت ليلى وتم محاكمة مريم وإعدامها رميًا بالرصاص، تزوجت ليلى من طارق وعاشا معا حياة بسيطة وهادئة بعيدًا عن كابول وظلمها، وشاهدا معًا أحداث 11 سبتمبر 2001 وانهيار البرجين الذي اهتز له العالم وشرعت القنوات الفضائية تتحدث عن أفغانستان وطالبان وأسامة بن لادن.

وفي عام 2002 أجبرت قوات الاتحاد الدولي طالبان على الانسحاب من العاصمة وأبعدتهم إلى الحدود مع باكستان وإلى الجبال، ووصلت قوات حفظ السلام إلى كابول وعين حامد كرزاي كرئيس مؤقت للبلاد، وحينئذ قررت ليلى العودة للوطن فقد كانت تريد أن تكون هناك عندما تصبح أفغانستان حرة، رجعت هي وطارق والأولاد لتجد كابول جديدة وتتنسم فيها الأمل وكانت تراودها ذكرى والديها ومريم كل يوم.

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص رواية “رادوبيس” للكاتب نجيب محفوظ

ملخص رواية “رادوبيس” للكاتب نجيب محفوظ

تعتبر الرواية واحدة من روايات الثلاثية التاريخية التي كتبها نجيب محفوظ والتي تضم رواية رادوبيس بالإضافة إلى روايتي عبث الأقدار وكفاح طيبة، وتميزت بأبعاد سياسية ألقت الضوء على الواقع المصري المعاصر من خلال صراع الملك مع السلطة الدينية وكيفية تعامله مع العصيان الشعبي الذي واجهه أثناء فترة حكمة وعلاقته بالجميلة رادوبيس.

تدور أحداث الرواية في مصر القديمة يوم الاحتفال بعيد النيل المقدس، كانت آبو عاصمة مصر تشهد جموع الشعب القادمين لمشاهدة موكب الملك والاحتفال بالعيد، تجمع الناس في الطريق الطويل الممتد بين قصر الملك ومعبد النيل وشق الجموع هودج رادوبيس الجميلة ليثير جلبة في أرجاء المكان ويلفت انتباه الجميع، كانت رادوبيس غانية صاحبة جمال فاتن يذيب القلوب تقيم في قصرها الأبيض الساحر في جزيرة بيجة بالقرب من العاصمة تستقبل فيه كبار القوم الذين يغدقونها بالهدايا الثمينة أملًا في نيل رضاها والنظر إلى وجهها المشرق.

مضت دقائق طويلة بعد وصول رادوبيس حتى بدأت طلائع الجيش تسير صفوفًا متراصة على أنغام الموسيقى الحربية، ثم ظهرت العجلة الفرعونية التي تحمل الملك الشاب تتقدم الموكب، تعالت الهتافات للملك وامتلأ الجو بالحماسة ولكن بين كل تلك الأصوات أفلت صوت يصيح ليحيي صاحب القداسة “خنوم حتب” وزير الملك ورددت خلفه عشرات الأصوات، أسرها الملك في نفسه وتحكم في غضبه ولم يبد على ملامحة أي تعبير.

تأثرت رادوبيس بما حدث ورجعت إلى قصرها مثقلة القلب تحمل معها صورة الملك في قلبها الذي لم يعرف الحب قبل رؤيته، وعند وصولها لحديقة القصر قررت أن تستحم في البركة عسى أن تتخلص من همومها وفي أثناء ذلك حلق نسر بالقرب من البركة واختطف صندلها الذهبي الثمين وطار بعيدًا وسط نظرات الدهشة والفزع من رادوبيس ووصيفاتها.

بعد انتهاء يوم الملك الطويل اختلى بصاحبيه سوفخاتب كبير الحجاب وطاهو رئيس الحراس، واستطاع حينها أن يعبر عن غضبه الشديد بسبب تلك الهتافات الغادرة، وكان الكهنة ثائرون على الملك الشاب لأنه يريد أن يأخذ بعض الأراضي المخصصة للمعابد والفائضة عن حاجتهم لبناء القصور والمقابر ليتمتع بحياة سعيدة عالية وتُمجد فترة حكمه في التاريخ ولكن رفض الكهنة كان صارمًا وحاولوا جاهدين أن يردوا الملك عن قراره بمساعدة خنوم حتب الذي يقف في صفهم ضد الملك، وفي أثناء حديث الملك الغاضب سقط على حجره صندل ذهبي ألقاه نسر من السماء وحلق مبتعدًا.

فحص الملك الصندل بعناية وعثر على صور فارس وسيم يقدم قلبه هدية على يديه المبسوطة نقشت على باطن الصندل، ومن النقش عرف سوفخاتب صاحبته وأخبر مولاه عن جمالها الأخاذ، أما طاهو فقد كان قلبه يخفق بشدة بسبب ولعه برادوبيس وحبه لها ورجاءه في رضاها عنه الذي لم ينله حتى الآن.

ذهب طاهو على الفور لتحذير رادوبيس وإعلامها بعزم الملك على زيارتها وحثها على السفر بعيدًا خوفًا من أن يتخذها الملك لنفسه ويحرم هو منها، ولكنها لم توله أي اهتمام وأعلنت عن رغبتها بلقاء الملك مما أثار حنق طاهو وغادر غاضبًا، وبعد رحيله ظلت رادوبيس مستيقظة مشغولة البال حتى غلبها النوم وفي اليوم التالي زارها الملك في قصرها ودار بينهما حديث قصير أسعد قلبها ووثق بينهما علاقة ستدوم طويلًا.

انتشر خبر علاقة الملك برادوبيس كالنار في الهشيم وثار حنق الشعب على الملك بسبب الثروة التي بددها تحت قدمي فاتنته، واستغل الكهنة الأمر لمصلحتهم وخطبوا في الناس ليشتعلوا غضبا ووصفوا الملك بالملك العابث، وتوترت العلاقة كثيرًا بين الملك وخنوم حتب وقلت اللقاءات التي تجمعهم فقرر خنوم حتب التحرك والذهاب إلى الملكه نيتوقريتس ليحثها على المساعدة ويعرض عليها التماسات الكهنة بشأن أراضي المعابد، مما دعاها للذهاب إلى الملك بنفسها لتعرضهم عليه وأن تترك كبريائها المجروح جانبًا بسبب رادوبيس وتقدم مصلحة البلاد أولًا ولكنها رُدت خائبة، وقرر الملك إعفاء خنوم حتب من منصبه وتعيين سوفخاتب مكانه.

ورأت نيتوقريتس أن لا تستسلم وتذهب إلى رادوبيس علها تستطيع أن تؤثر على الملك الشاب وترجعه عن قراره، ولكن رادوبيس أهانت الملكة إهانة بالغة ولم تلق الملكة من زيارتها سوى الألم والحسرة ورُدت خاسرة وانعزلت في مخدعها لا تلوي على شيء، أما رادوبيس فبدأت تفكر في حل ليتخلص الملك من أولئك الكهنة الذين يعكرون صفو حياتها مع حبيبها.

عرضت رادوبيس على الملك أن يحشد الجنود ليخرس الكهنة ويخلق علة وداع وهمي لحشدهم، فيرسل إلى ملك النوبة يطلب منه إرسال رسول برسالة كاذبة عن تمرد قبائل المعصايو التي عقد معها الملك صفقة سلام، الطعام الوفير لهم مقابل الأمان للقوافل التجارية، وعند ذلك يستطيع أن يحشد الجنود دون أن يثير حنق الشعب أو يلفت انتباه الكهنة، أعجب الملك بالفكرة ودهش بذكاء رادوبيس وسرعان ما أخبر بها صديقيه، وشرع في تنفيذها.

اختارت رادوبيس بنامون صبي المثال هنفر الذي شيد لها قصرها رسولًا يحمل رسالة الملك، كانت رادوبيس تثق به كثيرًا واستغلت ولعه بها وأقنعته بالذهاب وضمنت ولائه، ومضت الأيام ثقيلة في انتظار عودة بنامون الصغير من مهمته، وكان الملك صابرًا على خنوم حتب وزياراته المتعددة للأقاليم والتفاف الناس حوله حتى تتم خطته وينتقم لكرامته المهانة.

وبعد مدة ليست بقصيرة وصل بنامون لقصر رادوبيس ومعه رسول ملك النوبة بالرسالة الوهمية، وكان ذلك قبل عيد النيل بوقت قصير وهللت رادوبيس بعودة رسولها الأمين، وجاء يوم عيد النيل وكالعادة استقبلت آبو الوافدين للاحتفال ولكن هذه المرة كان الغضب يحتد في القلوب، ولم يأت الشعب للاحتفال ولكن أتى ثائرا على حاكمه، واشتبكت قوات الحرس مع بعض المتمردين وانتشرت الفوضى، وأمر الملك باجتماع عاجل مع سادة البلاد والكهنة وبدأ بتنفيذ خطته وإخبارهم بأمر الرسول وتمرد قبائل المعصايو الوهمي، فأثنى السادة على حشد الجنود والاستعداد للقتال، أما الكهنة فكان عندهم رأي آخر، فقام أحدهم في دهاء وأخبر الجميع أن قادة قبائل المعصايو جاءوا اليوم ليقدموا فروض الولاء والطاعة للحاكم ودخل الرجال القاعة وحييوا الملك ثم انصرفوا محطمين معهم خطة رادوبيس، أيقن الملك بالخيانة وظن بنامون واش لعين.

ازدادت اشتباكات الشعب مع القوات وارتفعت الهتافات الغاضبة ضد الملك والمطالبة بنيتوقريتس حاكمة للبلاد بدلًا عنه، قرر الملك الخروج لشعبه وحيدًا بعد أن قدمت له نيتوقريتس ولاءها، ارتدى زيه الحربي ووقف عند بوابة القصر وأمر الحراس بالانسحاب وانتظرهم في شموخ، عند دخول الجموع الغاضبة من بوابة القصر دهشوا للقاء الملك وحيدا يقف بين صاحبيه دون حماية، وتوقفوا لحظات صامتين إلا أن سهمًا غادرًا شق سحابة الصمت وأصاب الملك في مقتل فهوى ساقطًا بين أيدي طاهو وسوفخاتب الذين حملوه إلى داخل القصر تغمره دموع نيتوقريتس.

كان السهم نافذا وأدرك الملك نهايته فطلب منهم أن يرجعوه إلى رادوبيس ليموت بين يديها طالبًا من الملكة نيتوقريتس العفو والغفران فأمرتهم الملكة بتلبية طلبه، وعند وصوله لرادوبيس هالتها الصدمة واختنقت ببكاء مكتوم كاد أن يفجر قلبها من الحزن، وعندما لفظ الملك أنفاسه الأخيرة حضرت وصيفة نيتوقريتس لتعيد جثمان الملك إلى القصر وتم نقله رغم صرخات رادوبيس المتوسلة بأن يتركوه وكانت ذاهبة ورائه إلا أن طاهو أوقفها واعترف لها بخيانته للملك بسببها، فلم يطق فوز الملك بقلب رادوبيس الذي سعى له منذ زمن طويل فقرر الانتقام بالخيانة التي تسببت في موت الملك الشاب.

عندما رحل طاهو عن رادوبيس قررت بعدها إنهاء حياتها بالسم فلم يعد لوجودها في الحياة أهمية بعد كل ما حدث، ونقلتها وصيفتها لبلد أخرى حتى تستطيع دفنها بصورة لائقة لأنها كانت تعلم أنها لن تستطيع فعل ذلك في بلد لعن رادوبيس وجمالها إلى الأبد.

للمزيد من ملخصات الكتب

إقرأ أيضًا:

ملخص رواية بداية ونهاية لنجيب محفوظ

رحلة ابن فطومة ، ملخص رواية للكاتب نجيب محفوظ

ملخص كتاب تطور العقول الطريق إلى فهم الوعي للكاتب دانيال دينيت

ملخص كتاب تطور العقول الطريق إلى فهم الوعي للكاتب دانيال دينيت

“إن العقول هي الأرض المجهولة النهائية التي تتجاوز ما يمكن لأي علم أن يتوصل إليه” دانيال دينيت، كتاب تطور العقول.

يضم الكتاب خلاصة أبحاث وتأملات عدد من العلماء والفلاسفة عن فكر الإنسان ومحاولة تعريف العقل والوعي بشكل علمي، فيثير الكاتب دانيال دينيت الكثير من القضايا والأمور التي عدها البعض حقائق مسلم بها ولكن لا يلبث القارئ أن يتبين أنها ما زالت بحاجة إلى مزيد من البحث والنقاش، يعرض الكاتب أفكاره وخلاصة أبحاثة في ستة فصول يتناول كل واحد منها قضية معينة.

الفصل الأول: ما الذي يميز العقل البشري؟

يبدأ الفصل بعدة تساؤلات حول ماهية العقل وهل يمكننا معرفة ما يدور في عقل شخص آخر إذا لم يصرح هو بذلك؟ وهل يمكن للروبوتات أن تكون واعية إلى درجة شعورها بالألم؟ وهل يمكن أن يكون رأي رينيه ديكارت أن الحيوانات فيما عدا البشر هي “روبوتات بلا عقل” صحيحًا؟

يبدأ الكاتب بعرض أفكاره وإجاباته عن تلك التساؤلات أولا بالتفريق بين مصطلحي الأنطولوجيا والأبستمولوجيا، فالأول يعني علم الوجود أما الثاني فيدل على فلسفة أصل المعرفة، ويوضح أن إدراكنا لوجود الشيء مختلف تمامًا عن معرفتنا به، فمعرفتنا بامتلاكنا مخًا أمرًا بديهيًا كامتلاكنا طحالًا مثلًا، أما معرفتنا بالعقل والوعي فتختلف كثيرًا.

اعتبر الكاتب أن عقول البشر هي المعيار الذي يجب أن نبدأ منه إذا أردنا النظر في إشكالية صحة امتلاك الحيوانات للعقول، وإذا كان للحيوانات عقول فهل تشبه عقولنا أم لا، ووضح أن البشر كثيرًا ما يقعوا في أخطاء مثل وصف شيء بأنه عاقل وهو لا يمتلك عقل كعلاقة الصداقة التي تنشأ بين محبي النباتات ومزروعاتهم ومعاملتهم لها كأنها بشر تدرك ما يقولون أو أن يتجاهلوا شخصًا أو حيوانًا له عقل واعتباره غير واعي وغالبًا ما يترتب على هذه الأخطاء مشاكل أخلاقية خطيرة.

وإن امتلاك البشر للعقول أمر لا شك فيه ولكن ماذا عن العقول التي لا تتواصل؟ من الصعب جدا أن تعرف ما يفكر فيه أحد الأشخاص إذا لم يخبرك هو بذلك، وكذلك فهناك بعض الكيانات تمتلك عقولًا ولكنها لا تستطيع التعبير عما تفكر فيه بسبب افتقارها للمقدرة اللغوية ولكن ذلك لا ينفي امتلاكها للعقل، وبالدراسة وجد أن حتى من يمتلكون قدرة لغوية أحيانًا ما تقوم عقولهم بردات فعل أسرع من إدراكهم تحدث أوتوماتيكيًا لمواجهة بعض المواقف الخطيرة مثلا، لذلك افترض الكاتب أنه ثمة إمكانية أن بين تلك المخلوقات التي تنقصها اللغة يوجد منها من لا تمتلك عقل مطلقًا وإنما تكون مواجهتها للمواقف المتعددة في معيشتها تحدث أوتوماتيكيًا بدون وعي منها بذلك.

ثم عرض الكاتب المسار التطوري التاريخي للعقول وافترض أن العقول لم تكن دائمًا موجودة، وبما أننا نمتلك عقولًا فمعنى ذلك أننا تطورنا من كائنات ليس لها عقول تواجدت منذ أكثر من أربعة أو خمسة ملايين عام.

الفصل الثاني: القصدانية

تناول الكاتب في هذا الفصل تفسير معنى الموقف القصدي قياسًا على عمليات التطور التي حدثت منذ ملايين السنين، والموقف القصدي هو استراتيجية تفسير سلوك كيان ما سواء كان إنسان أو حيوان أو جماد ومعاملته على أنه عامل فعال عاقل يتحكم في اختيار أفعاله ومعتقداته، فمثلا لو نظرنا إلى الفيروسات فهي عبارة عن جزيئات كبيرة تتكون من أجزاء صغيرة تتفاعل معًا بصور معينة وتعطي بعض التأثيرات المذهلة كقدرة الفيروسات على نسخ نفسها لملايين النسخ دون عقل، حتى أن لها القدرة على ترميم وتطوير ذاتها لضمان بقائها ومع ذلك فإننا لا نعتبرها كائنات حية ومن وجهة نظر الكيمياء فهي مجرد بلورات.

وبالرغم من أن الفيروسات بلا عقل ولكن اعتبرها بعض العلماء المادة الأولى للكائنات الحية والأسلاف الأولية لكل كائن نعرفه الآن بما فيهم نحن البشر، مما يجعلنا نتشارك في سلف مشترك مع كل تلك الكائنات، كما أننا إذا نظرنا إلى عمل أجهزة جسم الإنسان المختلفة بدقة وتمعن فإننا نجد كل جهاز منها يشبه العقل، وتأثرها بعوامل أخرى وتأثيرها على بعضها البعض يشبه أعضاء الحس البدائية، وأفعالها تشبه الأفعال القصدية حيث أن لها تأثيرات ناتجة عن نظام عمل معين ومعلومات معينة ولها في عملها هذا هدف معين وتشبه في ذلك الفيروسات، وهكذا نستطيع إطلاق اسم “المنظومة القصدية” على أجهزة الجسم وكذلك على تلك الكيانات الصغيرة.

الفصل الثالث: الجسم وعقوله.

يوضح دانيال دينيت في هذا الفصل مبدأ الانتخاب الطبيعي، وكيف تتنافس الكائنات الحية على الموارد وبحثها عما تحتاج إليه في سبيل الحفاظ على وجودها، فالفيروسات مثلًا طورت من وسائل بسيطة نسبيًا للوصول إلى احتياجاتها، وبحثها عن تلك الاحتياجات لم يكن منظمًا أو مدروسًا بل كان عشوائيًا فهي في حالة بحث دائم عما هو أنسب للمحافظة على نفسها.

كما أن العمليات التطورية التي تنجتها الطبيعة في الكائنات الحية ليست دائمًا الأكثر كفاءة وإنما الأوفر في الطاقة، فالكثير من الطفرات التي تحدث في سبيل التطور تقوم فقط بإيقاف عمل چين معين دون إزالته فإزالة چين من الچينوم تتطلب الكثير من الطاقة، وتظل الچينات المعطلة موجودة في الچينوم ولكن لا يتم التعبير عنها، وقد يتاح استخدامها يومًا ما فقد يحدث وتتغير ظروف العالم لتجعل تلك الچينات القديمة هي الأفضل والأنسب.

ولا حاجة لوجود عقل أو وعي للكائنات حتى تتطور وتتبع مبدأ الانتخاب الطبيعي، فعلى سبيل المثال فإن النباتات ليس لها عقول ومع ذلك على مدار سنوات طويلة طورت الكثير من النباتات نفسها لحماية نفسها من آكلات العشب فكانت تطور بعض السموم كوسيلة دفاعية وبالمثل تطورت الأجهزة الهضمية لآكلات العشب لمقاومة تلك السموم، وكأن النباتات وآكلاتها عوامل عاقلة وفعالة مثل البشر.

تحدث تطورات الانتخاب الطبيعي بخطوات بطيئة جدًا حسب مقاييسنا، فقد كانت تستغرق تلك التغيرات ألوفًا من الأجيال، ولذلك يرى الكاتب أن بطء حدوث هذه التغيرات يمكن أن يخفي وراءه أفعال تعقلية وكأن لتلك النباتات مثلًا عقول تدير نشاطها بسرعة أبطأ بكثير من عقولنا فلا نلاحظها إلا بعد وقت طويل.

الفصل الرابع: كيف وصلت القصدانية لبؤرة الاهتمام؟

يطرح الكاتب في هذا الفصل إطارًا يضع فيه الخيارات المتنوعة لتصميم المخ وأسماه “برج التوليد والاختيار” وشبهه بالبرج ذي الطوابق، وكل طابق أو مرحلة منه تعطي علامات عن أوجه التقدم المهمة في القدرة الإدراكية للعقول.

وضع الكاتب في البداية التطور الدارويني بالانتخاب الطبيعي حيث تولد كائنات حية مطورة بطفرات مسبقة وعمليات تطويرية حدثت خلال ملايين من الدورات وفي فترة زمنية كبيرة، ووصفها الكاتب أنها عمليات اعتباطية تقريبًا، فعندما تتعرض تلك الكائنات للأخطار البيئية ينقرض منها البعض ويتبقى الأفضل بينهم والأكثر تكيفًا.

تكيف الكائنات الداروينية مع البيئة

بعد ذلك كانت الكائنات السكنرية نسبة إلى الفيلسوف “بورهوس فريدريك سكنير” الذي كان يتبع مذهب السلوكية، وهو مذهب معاصر في علم النفس يقتصر على دراسة السلوك دون النظر إلى الشعور أو الذهن ويعتمد على المنهج التجريبي، وكانت تلك الكائنات تتميز باللدونة، أي أنها اكتسبت الكثير من التغيرات أثناء معيشتها لتتكيف مع الأحداث المحيطة بها وتتخطى الأخطار وتحافظ على بقائها، وتتولد لديهم أفعال متنوعة يجربونها الواحد تلو الآخر ويستمرون على الأكثر نجاحًا منها، وكان سكنر لا يعتبر هذا التكيف مماثلًا للانتخاب الطبيعي وإنما امتداد له.

تكيف الكائنات السكنرية مع البيئة

ومع الثورة الإدراكية في سبعينيات القرن العشرين طرد مبدأ السلوكية من وضعه المهيمن في السيكولوجيا وفقد التكيف السكنري قدرته على التعبير، فعندما تترك البيئة لتلعب دورا في تشكيل العقل حتى وإن كان هذا الدور أعمى فهو دور انتخابي.

أما الكائنات البوبرية نسبة إلى الفيلسوف “السير كارل بوبر” الذي افترض أن الكثير من الكائنات السكنرية يظل باقيًا على قيد الحياة لأنها كانت محظوظة فقط، أما الكائنات البوبرية فهي بخلاف ذلك تظل باقية على قيد الحياة لأنها بارعة في التكيف، فتطورها ليس اعتباطيًا وإنما بناء على عوامل داخلية وخارجية دقيقة أدت لحدوث التغير المناسب معها.

تكيف الكائنات البوبرية مع البيئة

وأخيرا الكائنات الجريجورية نسبة لعالم النفس البريطاني “ريتشارد جريجوري” الذي اعتمد مصطلح الذكاء الحركي، فلاحظ جريجوري أن استخدام أداة مثل المقص مثلا يعزز من إمكانية الوصول لحركات جديدة لاستخدامه على نحو أسرع وأكثر أمانا، وكذلك أدرك علماء الأنثروبولوجيا أن استخدام الأدوات أمر مصاحب لزيادة الذكاء بصورة أساسية، كأفراد الشمبانزي التي تسعى في البرية وراء النمل الأبيض واستخدامها العصى لاصطياده من بيوته العميقة تحت الأرض، استخدام الشمبانزي للأداة كي تحصل على طعامها يعد علامة على الذكاء من اتجاهين، إدراكها لوجود أداة واستخدام الأداة للحصول على الطعام.

تكيف الكائنات الجريجورية مع البيئة

الفصل الخامس: خلق التفكير

يطرح الكاتب في هذا الفصل قضية قدرة الحيوانات على التفكير ومدى صحتها ويرى أن إحدى الخطوات المهمة نحو أن يصبح الكائن عاقلًا فعليًا هي أن يرتقي من منظومة قصدية من المرتبة الأولى إلى المرتبة الثانية وإلى الأعلى، فالمرتبة الأولى هي أن يمتلك الكائن اعتقادات ورغبات حول أشياء مختلفة أما الثانية هي أن يتكون اعتقادات وآراء حول اعتقادات موجودة مسبقًا، والمرتبة الثالثة أن تتولد الرغبة في شيء معين وهكذا مع كل مرتبة أعلى تضاف رغبة أو قدرة ما.

ولكن الكاتب يرى أن الانتقال من الأولى إلى الثانية هي الخطوة الأصعب، أما الانتقال إلى المراتب الأعلى فيكون سهلا حتى أنه يكاد يكون لا إراديًا، وبالرغم من أن فكرة القصدانية ذات المراتب العليا خطوة مهمة نحو التقدم في تمييز أنواع العقول إلا أنها لا تعتبر الحد الفاصل بين مهارة التفكير وعدم التفكير من الأساس، وعرض بعض الأمثلة لتوضيح وجهة نظره وكان أولها هو أمر “الاستعراض لصرف الانتباه” الذي تستخدمه الطيور ذات الأعشاش المنخفضة للدفاع عن صغارها، عندما يقترب كائن مفترس من العش تتحرك خلسة بعيدًا وتبدأ بإحداث جلبة ملفتة للنظر مما يؤدي لابتعاد الكائن المفترس عن العش في اتجاه الجلبة بصورة نمطية تاركًا وراءه الوليمة السهلة التي طرحت أمامه، كذلك الأرانب البرية التي يمكنها تقدير حجم الحيوان المفترس الذي يهاجمها وبالتالي تحدد مدى الخطر المهدد لها فإما أن تركض أو تتوقف عن الحركة تمامًا حتى لا يلاحظها الحيوان المفترس، وهذه التصرفات تكاد تكون أمرًا تلقائيًا وليس لأن الأرانب والطيور لها القدرة على التفكير، وكأن عقول هذه الكائنات مجهزة بقائمة كبيرة تشمل أنواع كثيرة من السلوك وردات الفعل مرتبطة بإشارات إدراكية لتضع رد الفعل المناسب في المواقف المختلفة، وهذه الحيوانات لا تحتاج إلى أن تعرف أكثر من ذلك.

الفصل السادس: عقولنا والعقول الأخرى

يضع الكاتب في هذا الفصل مقارنات بين العقل البشري وقدراته وبين عقول الحيوانات الأخرى، فقبل أن يتمكن أي كائن حي من التفكير كان هناك كائنات حية بلا عقل ولا تفكير ذات قصدانية فجة، تعتبر آلات تقوم بمتابعة مسارها في الحياة دون أدنى فكرة عما تقوم به أو حتى سببه، ومع مرور فترات زمنية طويلة وتغير الظروف تغيرت هذا الكائنات كاستجابة ملائمة لتلك الظروف، فأصبحت بعض هذه الكائنات قادرة على الصيد مثلًا ولكنها لا تفكر في أنها تصطاد فهي ليست بحاجة لأن تعرف وكأنها تقوم بتلك الأعمال تلقائيًا.

ولو اعتبرنا أن مثل هذه التصرفات بلا وعي هي قدرة على التفكير فيمكننا القول أن هذه الكائنات تفكر ولكنها لا تعرف أنها تفكر، أي تفكير بلا وعي، كما أن البشر أحيانًا يقومون بأعمال تلقائيًا بلا تفكير كتنظيف الأسنان بالفرشاة أو ربط الأحذية أو ممارسة السواقة، ولكن معظم هذه الأنشطة التي تقوم بها أمرها مختلف تمامًا وذلك لأننا نستطيع أن نفكر فيها بطرق لا تستطيع الكائنات الأخرى الوصول إليها، فقيادة سيارة مثلًا لا يمكن أن تصبح عمل نقوم به بسهولة وبلا تفكير إلا بعد مرور فترات طويلة من التدريب، حيث إن امخاخنا تحسن من نفسها عندما نتعلم لغتنا الخاصة ونتذكرها ونعيد التدريب عليها.

ثم عرض الكاتب بعض التجارب التي أجريت لتوضيح الاختلاف بين العقول البشرية وعقول باقي الكائنات، وكان أهمها تجربة أجريت في زمن الحرب العالمية الأولى قام بها عالم السيكولوجيا الألماني “ولفجانج كوهلر” على قرود الشمبانزي ليرى نوع المشاكل التي يمكن أن تحلها بالتفكير، وهل تستطيع الشمبانزي أن تحصل على الموز المعلق في قفصها باستخدام بعض الصناديق المكومة، ولكن كانت النتائج محبطة فلم تستطع معظم قرود الشمبانزي أن تحل المشكلة والبغض الآخر حلها بصعوبة كبيرة بعد عدد كبير من التجارب والمحاولات ومع وجود كل وسائل حل المشكلة مرئية وواضحة أمامها.

وبسبب هذه التجربة وردت للكاتب الكثير من التساؤلات أهمها، هل تستطيع الشمبانزي أن تستدعي داخل عقلها عناصر حل المشكلة إذا كانت غير مرئية أمامها مثل قدرة البشر على ذلك؟ والإجابة غير دقيقة ولا معروفة لأنها لا تزال تحت الدراسة، كما ذكر الكاتب التجارب التي أجريت لتفنيد أنواع العقول من العقول البدائية وحتى وصولنا إلى نوع الوعي الذي نتمتع به نحن البشر الذين يستخدمون اللغة، وهذا النوع من العقول فريد جدا وله قدرات كبيرة عن أي نوع آخر، ثم ناقش الكاتب العلاقة بين الألم والمعاناة والوعي، والتمييز بين الألم والمعاناة مثل معظم التمييزات غير العلمية في حياتنا اليومية وهو أمر غير واضح تمامًا، وأنهى الكاتب الكتاب بحشد كبير من الأسئلة كما بدأه تتزاحم في رأس كل من يقرأه.

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص كتاب “تنانين عدن: تأملات عن تطور ذكاء الإنسان” لكارل ساغان

ملخص كتاب “الوعي” لسوزان بلاكمور

اقرأ أيضًا “هل سيعتبر العلم الحديث الفيروسات كائنات حية؟”

ملخص رواية “انقطاعات الموت” للكاتب جوزيه ساراماغو

ملخص رواية “انقطاعات الموت” للكاتب جوزيه ساراماغو

تُعد راوية انقطاعات الموت رواية فلسفية موجعة يطرح فيها الكاتب أسئلة لا حصر لها عن علاقتنا بالزمن فنحن نموت دائمًا في النهاية، فماذا لو توقف الموت عن قتلنا؟ ما معنى الموت أصلًا؟ ولماذا نموت؟ في الرواية يتوقف الموت عن القتل ويصبح فيها منتهى آمال الناس وغايتهم، فهل من الممكن أن نمتن لما نخاف منه؟

تبدأ الأحداث في يوم من أغرب الأيام التي مرت على البشرية قاطبة، ففي ذلك اليوم لم يمت أحد!، أربع وعشرون ساعة دون أن تحدث حالة وفاة واحدة بمرض أو سقطة قاتلة أو حتى حالة انتحار، واستمر الوضع لعدة أيام متتالية وكأن الموت اختفى من البلاد وترك أرواح المتعبين والتعساء معلقة لا تتمنى إلا أن يعود الموت ويخلصها من عذابها.

باختفاء الموت بدأ الهلع والاضطراب يسري في جميع أنحاء البلدة وعَلت العناوين الرنانة والمرعبة صفحات الصحف اليومية، اهتزت الأجهزة المسؤولة في الدولة أمام تلك الظاهرة الفريدة من نوعها، فكيف للدولة أن تحل المشاكل المترتبة على اختفاء الموت؟ كيف تتحمل كل تلك النفقات؟ بدأت المشاكل تنهال على رأس الحكومة وكان بدايتها اعتراض مؤسسات التجارة الجنائزية على الوضع الراهن وتقدمهم بالشكاوى للحكومة، فقد فقدت تلك المؤسسات مادة تجارتها الأولية وأصبحوا أمام كارثة الإفلاس، حاولت الحكومة حل المشكلة عن طريق إلزام مربي الحيوانات الأليفة أن يقوموا بدفن وإحراق جثث حيواناتهم عندما تموت من خلال تلك المؤسسات، لم يكن الحل مرضيًا ولكنه كافيًا في الظروف الراهنة.

أما المستشفيات الخاصة والحكومية فقد بدأت تكتظ بالمرضى بعد أن توقفت العملية الدوارة المعهودة لمرضى يشفون ومرضى يموتون، ازدادت أعداد المرضى أصحاب الأمراض والحوادث الخطيرة التي كان من المفترض أن تودي بحياتهم، بدأت المستشفيات تضع المرضى في الممرات وبدأت تنفذ الأسرة ويسوء الوضع، وبناء على هذه الحالة المزرية أصدرت الحكومة أوامرها أن يتم نقل المرضى من هذا النوع إلى رعاية أسرهم بعد التأكد من انعدام الأمل في تحسنهم.

وبعد مرور عدة أشهر في تلك الأزمة جاء وقت السؤال الأقسى على الإطلاق “ماذا سيحدث للمسنين؟” فقد امتلأت دور المسنين عن آخرها وكادت تفيض، قررت الحكومة حل المشكلة عن طريق تصورات لبناء منشآت كبيرة يوضع فيها العجزة وكأنها مقابر للأحياء تلقى فيها الشيخوخة الوبيلة والمحتومة الرعاية مثلما يشاء الرب، لأنهم لا يدروا لمتى سيستمر هذا الوضع فأيامهم بلا نهاية.

كان وضع المرضى والعجزة المعلقة أرواحهم يفطر القلب فلا سبيل لخلاصهم سوى الموت، فكر أحد الأجداد الذي سأم من وضعه المحزن وأمر أهله أن ينقلوه خارج حدود البلاد حيث لا زال الموت موجودًا لتنال روحه الراحة، انصاعت الأسرة لأمر الجد وقاموا بنقله في الخفاء إلى خارج حدود البلدة وفاضت روحه إلى السماء ثم دفنوه أسفل شجرة وعادوا إلى بيتهم يلتهم الحزن قلبهم، وبرغم تكتمهم الشديد حول تلك العملية إلا أن جارهم قد علم بالأمر وسرعان ما انتشر الخبر في أرجاء البلاد كالنار في الهشيم، ولقت الأسرة أبشع الأوصاف والمسبات ونددت بهم كل الصحف ووصفوا تلك الحادثة بأنها انحطاط للقيم الأسرية.

بعد ثمان وأربعين ساعة من هذه الحادثة جرت ممارسات مماثلة على كل المناطق الحدودية للبلاد، فتزاحمت العربات والبغال وسيارات الإسعاف المزيفة تحمل الأجساد الهامدة لخارج حدود البلاد، مما أثار امتعاض البلدان المجاورة وأعلنوا المعارضة لانتهاك أراضيهم بهذا الشكل، واستجابت الحكومة لأوامر تلك البلدان بالرغم من أنها لم تكن تنظر بعين السوء لما يحدث، فذلك يخفف العبء عن عاتقها قليلًا.

انتشرت القوات على الحدود لتمنع مرور الجثث للبلدان المجاورة فلم تكن البلاد في حالة تسمح لها بدخول حرب مع أيا من تلك البلدان، وبعد مرور أيام من وجود القوات تلقت الحكومة تهديدًا من مؤسسة إجرامية تريد أن تنقل الراغبين في الموت لينالوا حقهم الطبيعي وهذا بالتأكيد يتم بمقابل مادي مغري جدًا، استجابت الحكومة لمطالب تلك المؤسسة بشرط عندما يحصد الموت الأرواح تعود الجثث وتدفن في البلاد وأن يظل الجنود في أماكنهم حتى لا يُثار غضب البلدان المجاورة، وكانت الحكومة متعاونة مع المؤسسة الإجرامية لدرجة أنها أرسلت بموظفين للعمل بدوام كامل لمصلحة تلك المؤسسة.

وفي تلك الفترة المشؤومة توالت عمليات الاستغلال والنهب، لم يكن كل شيء على هذا القدر من القذارة في تلك البلدة عندما كان هناك موت، أصبحت البلاد مقسمة بين الأمل في الحياة الدائمة والخوف من عدم الموت ففسدت الأرواح وتلطخ القليل المتبقي من مبادئ الزمن الغابر الحميدة.

وفي الجزء الأخير من الرواية يرمز الكاتب للموت بأنه كائن حي يستطيع أن يتواصل مع البشر ويراهم ويصدر أوامره لهم، ففي يوم كان هو نهاية تلك الأيام الغريبة التي مرت بها البلاد لسبعة أشهر وجد المدير العام للتلفزيون ذلك المغلف بنفسجي اللون على مكتبه، وعندما فتحه كاد قلبه يتوقف من الصدمة وأسرع بالتواصل مع الوزير الأول للبلاد وأطلعه على محتوى المغلف والذي هو رسالة من الموت تؤكد رجوعه من جديد.

أمر الوزير بإذاعة الخبر وأعلن حالة الطوارئ، ومع بداية اليوم الجديد كانت أكثر من مجزرة فخلال السبعة أشهر تراكم أكثر من ستين ألف محتضر فارقوا الحياة جميعًا في آن واحد تولى أمرهم مؤسسات التجارة الجنائزية التي كانت أسعد من استقبل خبر رجوع الموت، أما من رحبوا بالخلود في السابق فقد كانت صدمة عنيفة بالنسبة لهم لاع قلبهم بسببها، أما الصحف فكانت جميعها تحمل رسالة الموت مطبوعة وموقعة باسمه يعلن عن عودته ورجوع ميزان الحياة كما كان.

رجع الموت ولكن باستراتيجية عمل مختلفة فكان يبعث ذلك المغلف بنفسجي اللون إلى كل من انتهى دوره في هذه الحياة، بمجرد وصول المغلف إليه يكون أمامه أسبوعًا كاملًا حتى تقبض روحه، كانت هذه الاستراتيجية وبالا على الناس فأصبح الجميع في حالة من الخوف والقلق وأصبح اللون البنفسجي لونًا شيطانيًا بالنسبة لهم، وظنوا أن الموت ينتقم منهم بهذه الطريقة المخيفة لإنهاء حياتهم.

وفي إحدى المرات واجهت المنية صعوبة في إرسال المغلف لأحد البشر فكلما أرسلته عاد إليها مرة أخرى، فقررت أن تتحقق بنفسها أمر هذا البشري العنيد وعندما ذهبت إليه وجدته عازف بسيط، بل هو بسيط في كل شيء، شكله وملابسه وحتى بيته، وقعت المنية أسيرة عزفه وموسيقاه وفي كل مرة تجد نفسها عاجزة عن ممارسة سطوتها وقوتها أمامه، وكأن حدود الموت تنتهي أمام الفن.

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص رواية العمى لجوزيه ساراماغو

ما هو اكتئاب ما بعد التخرج وكيف يمكن التخلص منه؟

ما هو اكتئاب ما بعد التخرج وكيف يمكن التخلص منه؟

قد يكون مصطلح “اكتئاب ما بعد التخرج” غير شائع وقد لا تجده في قاموس الجمعية الأمريكية للطب النفسي، ولكن تؤكد الإحصائيات والأبحاث الأخيرة أن أكثر من 90% من حديثي التخرج يصابون بنوبات اكتئاب متفاوتة الحدة بعد إنهاء مسيرتهم التعليمية وذلك لعدة أسباب.

العوامل التي تؤدي إلى اكتئاب ما بعد التخرج

غالبًا ما يحدث هذا النوع من الاكتئاب بسبب الضغط النفسي الذي يتعرض له الشباب نتيجة تغير نمط حياتهم.

انخرط طلاب التعليم العالي ما يقرب من 20 عامًا في روتين الحياة الدراسية حتى أنها أصبحت جزءًا من هويتهم، وقد أكد ذلك مات جلوياك الدكتور في جامعة نيوهامشر بقوله:

“عندما يواجه الناس عقبة تهدد هويتهم، قد تتعرض صحتهم النفسية للخطر”

كما تسبب صعوبة التواصل مع أصدقاء الجامعة بعد التخرج الحزن والضيق والشعور بالوحدة.

في كثير من الأحيان يكون اكتئاب ما بعد التخرج مصحوبًا بأزمة ربع العمر “فترة العشرينيات” والتي يكون الشباب خلالها أكثر تشوشًا، يشككون في قيم حياتهم وأهدافها وفي أهمية وجودهم في الأساس.

أزمة رُبع العمر غالبًا ما تكون مصحوبة بالشعور بالعزلة وعدم الكفاءة والشك بالنفس والخوف الشديد من الفشل.

تسبب مطالعة وسائل التواصل الاجتماعي بكثرة والتدقيق في حياة الآخرين ومقارنة نفسك بأصدقاء دراستك بعد التخرج وما وصلوا إليه ولم تستطع أنت الوصول إليه حتى الآن، كأن يجد أحدهم وظيفة براتب عالي مثلا سبب أساسي في الإصابة بالاكتئاب أيضًا.

أعراض اكتئاب ما بعد التخرج

  • الشعور الشديد بالحزن والميل إلى العزلة وفقدان الشغف ودوافع الاستمرار، وعدم الاهتمام بالأشياء المفضلة والهوايات.
  • الشعور بالوحدة.
  • الشعور بالتشوش والقلق وعدم القدرة على التفكير.
  • الشعور بعدم الكفاءة والخوف الشديد من الفشل.
  • الشعور العام باليأس.
  • الشعور العام بالإرهاق والتعب وإيجاد صعوبة في النهوض من السرير في الصباح عن أي وقت مضى.

كيف يمكنك التغلب على اكتئاب ما بعد التخرج؟

يمكنك أن تتغلب على هذا الشعور بمحاولة التخلص من مشاعر اليأس والقلق عن طريق القيام بالأعمال التطوعية وممارسة الرياضة ومحاولة الاهتمام بالهوايات التي تحسن المزاج، كما أنه من المهم استشارة أخصائي نفسي للسيطرة على التغيرات العاطفية التي يواجهها الشباب جراء تلك العملية الانتقالية الضخمة في حياتهم.

التخطيط الجيد للحصول على وظيفة آمنة عن طريق التواصل مع مستشار مهني مثلًا أو وكالة توظيف لتسهيل عملية البحث، وإنشاء جدول يومي لتنظيم المهام ووضع خطة للوصول إلى الأهداف الشخصية والمهنية يساعد على ترتيب الأفكار وتخفيف أعراض القلق والتوتر، كما أن اتباع عادات نوم صحية يساعد على صفاء الذهن وزيادة حدته والقدرة على التفكير السليم.

مصادر:

Southern New Hampshire University: What is Post-Graduation Depression and How to Overcome it

Studyusa:Post-Graduation Crisis in the U.S.

Hercampus

Fenews

ملخص رواية “الحارس في حقل الشوفان” للكاتب جيروم سالنجر

ملخص رواية “الحارس في حقل الشوفان” للكاتب جيروم سالنجر.

“إن الإنسان الذي يسقط لا يسمح له أن يحس أو يسمع نفسه وهو يرتطم بالقاع، إنه يواصل السقوط فحسب” جيروم سالنجر، رواية الحارس في حقل الشوفان.

أثرت رواية الحارس في حقل الشوفان في الكثير الأجيال وقد أصبح “هولدن كولفليد” بطل الرواية رمزًا للتحدي والتمرد عند المراهقين، فقدت كانت الرواية غاضبة وثائرة على كل الزيف والخداع الذي يختلقه ويعيش فيه البشر.

تبدأ أحداث الرواية بتلقي هولدن خبر طرده من مدرسته، لم تكن هذه المرة الأولى التي يطرد فيها فقد طرد من عدة مدارس قبل ذلك بسبب إهماله لدروسه لأنه لم يكن يجد نفسه فيما يدرسه، لم يهتم كثيرًا بطرده من تلك المدرسة على الرغم من أنها واحدة من أفضل المدارس في المنطقة لكنه كان يرى أن كل ما يقال حول المدرسة ما هو إلا عرض زائف ورخيص فلم تكن مثالية مثلما وصفوها ولم يكن طلابها الأفضل بل كانوا مجرد مراهقين مزعجين ومزيفين.

كان هولدن يتشارك غرفته مع فتى من أشهر فتيان المدرسة يدعى ستراد ليتر، كان من النوع الرياضي مفتول العضلات وله جسم متناسق وشعبية هائلة بين الفتيات، لم يكن هولدن يكرهه ولكنه كان يمقت تقديسه لذاته وغروره، وفي يوم نشب شجار عنيف بينهما بسبب أن ستراد ليتر كان على موعد مع فتاة كان هولدن يعرفها من قبل وكان يكن لها مشاعر جيدة ولكنه لم يحدثها منذ مدة طويلة، فاشتعل غضبًا من استراد ليتر ولكنه جمح زمام نفسه، ثم طلب منه استراد ليتر أن يكتب له موضوعًا لمادة الإنجليزية التي كان هولدن بارعًا فيها، ووافق هولدن حتى يشغل نفسه عن الضيق الذي شعر به عندما علم بأمر الفتاة.

قرر هولدن أن يكتب الموضوع عن قفاز أخيه الصغير آلي الذي مات بسرطان الدم منذ فترة، وقد أثر موته كثيرًا في هولدن فقد كان أفضل صديق له وعند موته أصيب هولدن بنوبة عصبية قام فيها بتكسير زجاج جراج منزله بالكامل وجرح يده جرحًا بليغًا مازال يؤثر على حركة يديه حتى الآن، كان هولدن دائمًا ما يتذكر آلي في أوقاته التعيسة ويحادث طيفه عله يخفف عنه قليلا ويزيل عنه ببراءته وحشة العالم.

شرع هولدن في كتابة الموضوع واصفًا قفاز أخيه وكيف كان يكتب عليه الأشعار التي يحبها حتى يتسلى بها في وقت فراغه أثناء التدريب، وعندما عاد ستراد ليتر من موعده ورأى الموضوع سخر منه وأغضب هولدن كثيرًا حتى قام الأخير بتمزيق الموضوع وإلقاءه في القمامة، فانقض عليه استراد ليتر وأوسعه ضربًا حتى نزف أنفه.

قرر هولدن بعد المشاجرة أن يترك المدرسة ويذهب إلى نيويورك حيث يقيم والداه ولكنه لن يعود إلى المنزل، فلم يشأ العودة حتى يتلقى والده خبر طرده من المدرسة لذلك قرر المكوث في فندق حتى يحين موعد رجوعه الأساسي للبيت.

كان هولدن مشتت عاطفيًا وفكريًا يقتله الصراع الداخلي مع نفسه، كان يرى دائمًا في زملائه ومدرسيه صفات النفاق والنزيف والتصنع، كان يمقت الجميع عدا أخيه آلي وأخته الصغيرة فيب، بعد وصول هولدن إلى الفندق قرر الاتصال ببعض أصدقائه القدامى وقضاء بعض الوقت معهم على الرغم من كرهه لزيفهم إلا أنه مضطر للتعامل معهم فهو لا يفضل الوحدة، وبالفعل استجاب له الكثير منهم ولكنه في كل مرة كان يفسد الأمر بسبب انزعاجه من سلوكهم.

بعد قضاء بعض الوقت الذي لم يكن جيدًا على الإطلاق قرر هولدن أنه يريد رؤية أخته الصغيرة فيب والتي كانت تفتنه بجمالها وذكائها وأناقتها بالرغم من أنها طفلة، ولكن قرر رؤيتها دون علم والديه وتم الأمر بالفعل حيث استطاع دخول البيت في أثناء غياب والديه ورآها ودار بينهما حديث طويل سألته فيه فيب عما إذا كان يعرف ما يريد أو ما يحب حقًا.

وضع هذا السؤال هولدن في حيرة وحزن وللحظات لم يكن يعرف إجابة السؤال وشعر بأنه فارغ، ثم تمالك نفسه وأخبرها أنه يحب أن يكون حارس في حقل الشوفان الذي يقع على التلة يحمي الأطفال فيه من السقوط في الهاوية أثناء لعبهم، وكأنه بذلك الخاطر يتمسك ببراءة طفولته ورفضه للوقوع في هاوية عالم البالغين الزائف.

بعد انتهاء لقاءه مع أخته وإدراكه أن نقوده كادت أن تنفد، قرر المكوث عند أحد معلميه الذي كان يكن له الكثير من الود والاحترام، وعند وصوله دارت بينه وبين معلمه مناقشة حاول المعلم فيها إقناعه بأهمية العلم والمعرفة والتمسك بالأخلاق على الأقل حتى يستطيع التعبير عن ذاته، ولكن هولدن كان مرهق إلى حد الموت فتركه المعلم لينام على الأريكة وبالفعل استغرق هولدن في النوم بعد استلقاءه على الأريكة بلحظات ليستيقظ في منتصف الليل ويجد أستاذه يجلس بجانبه ويداعب خصلات شعره!، تملك هولدن الفزع والاشمئزاز وغادر بيت مضيفه وقضى ليلته في المحطة المركزية للبلدة.

وفي صباح اليوم التالي قرر هولدن عدم الرجوع للبيت والسفر بعيدًا جدًا حيث لا يرى أحدُا من معارفه هناك ولكنه كان يريد أن يرى فيب قبل رحيله، فبعث إليها في المدرسة ليخبرها بأمر سفره وضرورة مقابلته لها قبل الرحيل، وإذا به يفاجئ بها تحمل أمتعتها وتريد السفر معه، وبخها كثيرًا حتى بكت وقطعت دموعها قلبه فأذعن لها ورجع معها إلى البيت.

وفي نهاية حكاية هولدن كولفليد بعد ذهابه إلى المصحه النفسية ليستعيد شتات روحه ويستعد للذهاب إلى مدرسة جديدة وبعد انتهاءه من سرد كل ما حدث معه وأودى به إلى هذا المصير، كتب كولفليد:

“لا تروي ما حدث لك لأي كان، لأنك إن فعلت فستكون النتيجة افتقادك لكل هؤلاء الذين تحدثت عنهم”

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص كتاب “تنانين عدن: تأملات عن تطور ذكاء الإنسان ” لكارل ساغان

ملخص كتاب “تنانين عدن: تأملات عن تطور ذكاء الإنسان” لكارل ساغان

يقدم كارل ساغان في هذا الكتاب دراسة رائعة عن نظرية التطور والدور الهام الذي لعبته في تقدم علوم البيولوجيا، فيقول الكاتب في مقدمة كتابه أن مدة التطور أو التغيير الوراثي كانت طويلة جدًا في الماضي فتحول نوع إلى نوع آخر يستغرق مئات الألوف من السنين ولكن الآن عملية التطور لا تحتاج فترة طويلة فنحن نعيش في عالم يتغير بسرعة بالغة، وأضاف أنه برغم أننا أحيانًا نصنع هذه التغيرات بأنفسنا إلا أننا يجب أن ننتبه لها وإلا اندثرنا.

كما ناقش الكاتب مبدأ التطور بالانتقاء الطبيعي الذي لاحظه وكتب عنه تشارلز داروين وألفرد راسل في منتصف القرن التاسع عشر، فمن خلال الانتقاء الطبيعي ظهرت كائنات أكثر توافقًا مع البيئة عن طريق نمو أعضاء مركبة تخدم تغيير الحياة من حول هذه الكائنات وتقلل من خطر الفناء، وتابع الكاتب في شرح وجهة نظره في أجزاء مختلفة من نظرية التطور مقسمًا إياها في تسعة فصول.

الفصل الأول: التقويم الكوني

يرى الكاتب أنه بالرغم من أن هناك أزمانًا سبقتنا لا نعرف عنها الكثير لعدم وجود سجلات مكتوبة عنها إلا أننا نستطيع التعامل مع الماضي السحيق عن طريق دراسة الطبقات الجيولوجية مثلًا أو عن طريق دراسة الكواكب البعيدة ومجرة درب التبانة ومعرفة الوقت منذ حدوث الانفجار العظيم الذي قد يكون بداية الكون حقًا أو قد يكون انقطاعًا عن الحياة السابقة.

ثم ذكر الكاتب طريقة للتعبير عن التاريخ الكوني عن طريق ضغط 15 بليون سنة التي تعتبر عمر الكون وتمثيلها في سنة واحدة فقط وعرضها كما في الجداول الآتية.

الفصل الثاني: المخ والجينات

وضح كارل ساغان، أن مع التطور البيولوجي للكائنات الحية ازداد التركيب الجيني تعقيدًا، والكائنات الحية اليوم تحتوي على معلومات جينية مخزونة، أكثر بكثير من تلك الكائنات التي كانت تعيش من مائتي مليون سنة مثلًا، كما أن أبسط الكائنات الموجودة اليوم، لها تاريخًا تطوريًا مثل الكائنات الأكثر تعقيدًا، حتى وإن كانت كمية المعلومات الموجودة في أجسادها لا تزيد كثيرًا عن تلك التي كانت موجودة في أجدادها، ولكنها شاهدت تطورًا كبيرًا غير من تلك المعلومات على مدار سنوات طويلة.

ثم أعطى الكاتب لمحة بسيطة عن المادة الوراثية في الكائنات الحية، وتكونها من أحماض نووية تنقسم إلى نوعين (Deoxyribonucleic acid-DNA) و(Ribonucleic acid-RNA)
وذكر الكثير من التفاصيل للوحدات المكونة الأحماض النووية وتركيبها، ثم أضاف أنه من الممكن الحكم على تعقيد كائن حي بمجرد دراسة سلوكياته وكمية المعلومات الوراثية الموجودة في داخله.

وتطور الكائنات الحية على مدار السنوات السابقة كان بسبب حدوث طفرات في مادتها الوراثية وقد تحدث الطفرات بسبب تعرض الكائن الحي الإشعاع مثلًا أو الأشعة الكونية، وعلى الرغم من أن معظم تلك الطفرات يستطيع الجسم إصلاحها عن طريق نظام معين يدعى (Genetic repair mechanism) وهو عبارة عن مجموعة من الجزيئات هدفها الأساسي إصلاح أي خلل في المادة الوراثية، ولكن هناك طفرات مستعصية لا يستطيع النظام إصلاحها فتغير من الكائنات الحية لتستطيع مواكبة التغيرات الدائمة المحيطة بها.

وتحدث طفرة في كل عشرة أمشاج في الكائنات الحية الكبيرة وتحدث عشوائيًا وتكون بأكملها ضارة وتسبب صفات متنحية لا يظهر تأثيرها في الحال ولكن يظهر على المدى الطويل.

ثم طرح الكاتب تساؤلًا عن كمية المعلومات التي توجد في المخ وناقش فرضيتين مختلفتين واحدة تفترض أن أجزاء المخ متماثلة القدرات حيث يمكن لأي جزء من أجزاء المخ أن يحل محل أي جزء آخر ولا يمكن حصر لمكان الوظيفة، أما الثانية تفترض أن أجزاء المخ محددة الوظائف، أما رأي الكاتب أن الحقيقة تقع بين الفرضيتين فيمكن أن تكون هناك روابط عصبية بين وظائف المخ لضمان الجودة والحماية من الحوادث فعند وجود خلل في مكان ما يمكن أن يقوم جزء آخر بأداء وظيفة المكان التالف.

ثم ناقش العلاقة بين نسبة وزن المخ إلى وزن الجسم ونسبة ذكاء الكائنات الحية، فيولد الطفل البشري ونسبة وزن مخه إلى وزن جسمه حوالي 12% وخلال الثلاث سنوات الأولى من عمره يستمر المخ وخاصة جزء القشرة المخية في النمو، أما في سن السادسة فيكون وزن المخ البشري حوالي 90% من وزنه عند الراشدين، كما وضح أن وزن المخ عند الرجال أكبر من النساء ولكن لا اختلاف في نسبة الذكاء بين الجنسين ونسب ذلك إلى أن كتلة أجساد الرجال أكبر من النساء وبالتالي فإن نسبة وزن مخهم إلى جسدهم لا تختلف كثيرا عن النساء وبالتالي لا تختلف نسبة الذكاء.

ولكن تلك الفرضية لا تنطبق على الحيوانات الصغيرة جدًا لأن أداء بعض الوظائف الحيوية يتطلب حد أدنى من وزن المخ.

الفصل الثالث: المخ والمركبة

يطرح الكاتب في هذا الفصل بعض وجهات النظر فيما يتعلق بقضية تطور المخ والتي تشترك جميعها أن بعد كل خطوة تطورية تبقى الأجزاء القديمة كما هي لأنها مهمة لما تؤديه من وظائف لازمة للحياة أما الطبقات الجديدة المضافة تؤدي وظائف مختلفة لازمة لمواكبة تغيرات الكون.

كان بول ماكلين رئيس معمل تطور المخ والسلوك في المؤسسة الوطنية للصحة النفسية يلعب دورا أساسيا في تأكيد تلك النظرية، فقد كان ماكلين يجري تجاربه على العديد من الحيوانات واستطاع استنتاج ووصف نموذج جذاب لتكوين المخ أطلق عليه اسم المخ الثلاثي وشبهه بثلاث آلات حاسبة بيولوجية متصلة ببعضها البعض ولكن لكل منها ذكاء خاص ووظائف خاصه حتى إحساس خاص بالزمان والمكان، وكل واحد من هذه الأجزاء يمثل مرحلة تطورية معينة ويمتلك خريطة تشريحية خاصة.

وقد اعتبر ماكلين أن أقدم أجزاء المخ يتكون من النخاع الشوكي والبصلة (Medulla oblongata) والجسر الذي يتكون من المخ الخلفي والأوسط، والاتحاد بين النخاع الشوكي وهذين الجزئين يكون ما أسماه ماكلين بالشاسية العصبي الذي يحتوي على الآلية الأساسية للتكاثر وحفظ النوع وتنظيم الدورة الدموية والتنفس، ووصل في نهاية أبحاثه إلى أن مخ الأسماك والبرمائيات يتكون من هذه الأجزاء فقط.

وافترض وجود ثلاثة أنواع من الشاسية العصبي يوجد أقدمها حول المخ الأوسط ويتكون من أجزاء معينة تتشارك فيها الثدييات والزواحف وأغلب الظن أنه ظهر منذ مئات السنين وأسماه ماكلين (Reptile complex) أو (R complex) أو مركب “ز”.

وتتشابه فرضيات ماكلين مع نظرية إرنست هيكل عالم التشريح الألماني في القرن التاسع عشر، والتي وضح فيها أن نمو الجنين يصحبه إعادة تكرار للمراحل التطويرية التي مر بها، واستنتج من هذا أن الانتقاء الطبيعي يعمل على الأفراد البالغين وليس على البويضات والأجنة وأن أغلب التغيرات التطويرية تظهر بعد الولادة وأن التطور بالإضافة والاحتفاظ بالقديم يحدث لأن الوظيفة القديمة ما زال الجسم في حاجة إليها أو أنه ليس هناك طريقة للتخلص من الأجزاء القديمة دون أن يتأثر الجسم.

الفصل الرابع: تطور الإنسان

إن وقوع الحشرات والحيوانات ضئيلة الحجم من مكان مرتفع لا يسبب لها أي أذى أما إذا سقط الإنسان من فوق شجرة مثلا فقد يتسبب ذلك في قتله أو إصابته بعاهة لأن وزنة كبير، لذلك فإن الإنسان القديم ساكن الأشجار كان عليه الانتباه فأي خطأ في الانتقال من شجرة إلى أخرى قد يكون قاتلا.

نرى أن أجدادنا ساكني الأشجار كان لديهم عناصر مهمة اكتسبوها بالانتقاء التطوري فاكتسبوا الرشاقة والخفة وقوة الإبصار وتوافق اليد والبصر، وكل هذه الصفات تتطلب نموا كبيرا للمخ وخاصة القشرة المخية وبالتالي فإن ذكاء الإنسان الحالي يعزى إلى ملايين السنين التي عاشها أجدادنا فوق الشجر، لذلك افترض الكاتب أن خوف الأطفال الدائم من السقوط هو بقايا خوف أجدادنا من السقوط من أعالي الأشجار وحلمنا الليلي بالطيران اشتياق لتلك الأيام.

ثم عرض كارل ساغان بعض أنواع الأحياء التي ظهرت منذ ملايين السنين مثل كائنات الهومو هابيليس (أول إنسان حقيقي) وكان هذا النوع يسير على الأقدام ويصنع الأدوات أما الاسترالوبيثكيس اختلف قليلًا عن جنس الهومو هابيليس فلم يكن يعتمد على قدميه بشكل تام في السير وكان هناك نوعين من الاسترالوبيثكيس أحدهما قوي وأكثر طولًا ووزنًا وله أسنان تتناسب لطحن البقول، والثاني أكثر رشاقة ويمتلك أسنان حادة ويأكل اللحوم.

وفي النهاية أضاف الكاتب أن نمو الثقافة البشرية وتطور الخواص الفسيولوجية للإنسان متصاحبان منذ البداية، فكلما زادت قدرتنا على العدو والاتصال والقدرات اليدوية زادت القدرة على صنع الأدوات وتحسنت استراتيجيات الصيد والقدرة على الحياة، وكما قال عالم الأنثروبولوجيا الأمريكي شيروود شبورن ” أن من الأرجح اعتبار أن تكويننا ناتج عن ثقافتنا وليست ثقافتنا ناتجة عن تكويننا”.

الفصل الخامس: التجريد عند الحيوانات

كانت فكرة التجريد عند الحيوانات موضع اختلاف كبير بين العلماء، فقد اقتنع العالم جون لوك أن الحيوانات لا تجرد أما المطران بركلي رأى أنه إذا كانت جملة الحيوانات لا تجرد تستعمل لتمييز الحيوانات فإن العديد من الرجال سيصبحون في عداد الحيوانات.

أما الاعتقاد السائد أن الحيوانات ليست على جانب كبير من الذكاء قد تم نفيه بعد الكثير من الدراسات التي أجريت على الحيوانات لبيان مدى ذكائها واكتشفنا بعد هذه الدراسات أننا نخلط بين غياب القدرة على التعبير عن الذكاء وغياب الذكاء نفسه، فكما قال الفيلسوف مونتاني أن النقص الذي يمنع تواصلنا مع الحيوانات قد يكون عندنا وعندهم على حد سواء.

الفصل السادس: قصص من غشاوة عدن

هذا الفصل يطرح تساؤلات حول العلاقة بين الأحلام وتطور الإنسان، فقد رأى الكثير من العلماء والفلاسفة أن القدرة على فهم طبيعة الأحلام وأهميتها واحدة من أهم مميزات تطور الذكاء الإنساني.

ثم ناقش الكاتب فائدة النوم وأهميته للجسم وكيف أن الجسم يبدأ في إفراز كيميائيات عصبية تجبرنا على النوم وذلك في حالة عدم النوم لفترات طويلة، فيعتبر النوم فرصة للجسم لتنظيف وتنظيم المخ بعيدا عن مشاكل الحياة اليومية، واعتبر العلماء النوم خاصية اكتسبت بالتطور.

يتوقع العلماء أنه إذا لم توجد حاجة بيولوجية قوية للنوم فإن الانتقاء الطبيعي سينتج حيوانات لا تنام، فمعظم الحيوانات المعرضة للافتراس تكون في خطر أثناء نومها كمان كان الإنسان القديم في خطر أثناء نومه.

وإن النوم بأحلام أو بدون أحلام يعتمد على أسلوب حياة الحيوان وذلك وفقًا لدراسة أجرتها تروديت أليسون ودومينيك سيشتي في جامعة بيل، وكانت نتائج هذه الدراسة أن الحيوانات المفترسة تحلم أكثر من الفريسة التي عادة ما تنام نوم متقطع بلا أحلام.

الفصل السابع: محبون ومجانين

يقول كارل ساغان أن البشر والحيوانات لديهم قدرات كبيرة على المعرفة تفوق قدراتهم على التحليل، فلا يولد الإنسان وفي مخه أرشيف منظم للوجود وصنف الكاتب نوعين من المعرفة، المعرفة التي لا نعرف مصدرها والتي يطلق عليها باسم معرفة بديهية وهناك النوع الآخر والذي يسمى التفكير العقلاني الذي اكتسبه البشر بالتطور وعمره لا يزيد عن بعض مئات ألوف السنين.

ثم ناقش بعض التجارب التي أجريت عن ذكاء الشمبانزي، وكانت أول تجربه جادة من هذا النوع دراسة قام بها ألفرد راسل والاس في أندونيسيا عندما وضع طفل الأورانجوتان(رجل الغابة) مع طفل إنسان في نفس الظروف ووجده يتصرف مثله تماما.

وكنتيجة للتفكير في تلك التجارب اكتشف عالم النفس بياتريس روبرت جاردنر أن بلعوم الشمبانزي وحنجرتها لا يتناسبان للنطق الإنساني، فيقول جاردنر أن الشمبانزي قد تكون لها قدرات لغوية قادرة على التجريد ولكنها غير قادرة على التعبير عنها بسبب قيود على أدواتها التشريحية.

ثم وضع الكاتب مقارنة شيقة بين شقي المخ والمهام الوظيفية التي يقوم بها كل شق ودعم كلامه ببعض التجارب التي أجريت على أساس تم قطع الجسم الثفني الذي يصل بين شقي المخ، كانت تلك التجارب تجرى على مرضى الصرع لتقليل من النوبات التي يصابون بها، كان قطع الجسم الثفني يقلل عدد النوبات ولكنه يخل بعمل المخ ويكون له آثار جانبية غريبة على المرضى.

الفصل الثامن: تطور المخ في المستقبل

يرى الكاتب أن المجتمعات البشرية غير محبة للإبداع ودائمًا ما تواجه اقتراحات التغيير بالشك، وكانت الثقافات القديمة الحادة رافضة تماما للتغيير، كما أن التغيرات الاجتماعية والتكنولوجية الضخمة في القرون الأخيرة جعلت العالم يرتبك، فنحن لا نعيش في مجتمعات تقليدية ساكنة ولكن حكوماتنا تقاوم تلك التغيرات فنتصرف كأننا نعيش في هذه المجتمعات.

ثم بدأ الكاتب كالعادة يربط تلك الفكرة بالمخ والعقاقير الحالية المؤثرة في السلوك والمعدلة للمزاج والتي تعمل على مناطق معينة من مركب “ز” والجهاز الطرفي والقشرة المخية.

الفصل التاسع: قدرنا هو المعرفة

في هذا الفصل يتفكر الكاتب في البحث عن الذكاء خارج الكوكب، ويرى أن اقتراحات البعض أن وسيلة الحوار مع من هم خارج الكوكب ستكون التخاطر وهمًا ولا يوجد عليها أي دليل.

ويرى الكاتب أنه بمجرد نشأة حياة في بيئة مناسبة تتيح لها البقاء بلايين السنين فإن الكائنات الحية التي تعيش في تلك البيئة سيكون طريقها للتطور مختلف تمامًا عن طريقنا وذلك لاختلاف الظروف التي ستمر بها عن ظروفنا بالتأكيد، وأن أمخاخهم تختلف تشريحيًا وفسيولوجيًا وكيميائيًا وذلك لأن ماضيهم التطوري يختلف عنا وبالتالي سيتكون للمخلوقات خارج الأرض أجزاء مكتسبة بالتطور كما هو الحال مع الكائنات الأرضية.

ثم يوضح أهمية شغف المعرفة والسعي للوصول للحقائق وإطلاق العنان للتفكير ومحاولة كشف أسرار الطبيعة بالرغم من المعوقات التي سيلقاها المفكر في طريقه، وذكر مقوله برونوسكي في كتابه صعود الإنسان “نحن حضارة العلم وهذا يعني أن حضارتنا تلتحم فيها المعرفة والنزاهة وإن كلمة Science تعني المعرفة والمعرفة هي قدرنا”.

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص رواية “بطل من هذا الزمان” لميخائيل ليرمنتوف

ملخص رواية “بطل من هذا الزمان” لميخائيل ليرمنتوف

“رب قصة نفس من النفوس مهما تكن صغيرة تكون أشيق وأنفع من قصة شعب بأسره” ميخائيل ليرمنتوف، رواية بطل من هذا الزمان.

اختلف بطل الرواية عن أبطال الروايات الذين نعرفهم فلم يكن شخصًا مثاليًا ولا حالم بل لم يصل لدرجة الإنسان السوي، فقد كان بتشورين صورة تضم رذائل جيل بأكمله يعيش حياة بلا هدف ولا أمنيات، لم يذق يوما طعم السعادة ولا الحب ولا الصداقة، أفنى سنوات حياته في الجمود والكسل.

تدور أحداث الرواية على لسان مسافر مجهول لم يذكر اسمه التقى في طريق سفرة بضابط مسافر يناهز عمره الخمسين يدعى مكسيم مكسميتش، عمل سابقًا كضابط حراسة في إحدى قلاع بلدته، وفي طريقهم حكى له عن مغامرات وقعت أثناء فترة خدمته، ومنها حكاية تبدأ بوصول بتشورين إلى القلعة ليقضي فترة خدمته فيها، كان بتشورين بالنسبة له رجل غامض وغريب يحب الوحدة ولا يتحدث إلا بكلمات مقتضبة تفي بالغرض مغرم بالصيد، قوي البنية يستطيع أن يصيد خنزير بري بمفرده، ومع ذلك توطدت علاقة جيدة بين مكسيم وبتشورين.

كان يقطن بالقرب من القلعة أمير يعرفه مكسيم جيدًا وعلى صلة وثيقة به، كان لديه صبي يدعى عزمت يعشق المال عشقًا كان يتردد على القلعة بين الحين والآخر، وفي يوم أتى الأمير إلى القلعة ليدعوهم إلى حفل زفاف ابنته الكبرى فقبلوا الدعوة مسرورين، وفي الحفل رأي بتشورين بيلا ابنة الأمير الصغرى وفتن بها وبملامحها البريئة وقدها الممشوق وبادلته الإعجاب هي الأخرى وأثنت عليه علنا.

لم يكن بتشورين وحده من أعجب بالأميرة الصغيرة فكان كازبتش قاطع الطريق يتابع الأميرة بعين متلهفة وقلب متقد، كان أهم ما يميز كازبتش حصانه القوي الذي يحسده عليه كل فرسان المنطقة، وأثناء الاحتفال دار حديث بين كازبتش وعزمت سمعه بالصدفة مكسيم مكسميتش، كان عزمت يساوم كازبتش على حصانه ولكن الأخير رفض رفضًا قاطعًا فاكفهر وجه عزمت وشعر بالمرارة تسير في حلقه هو الذي تعود أن ينال كل ما يريد الآن محروم من أكثر شيء أراده يومًا.

بعد انتهاء الحفل قص مكسيم على بتشورين ما سمعه من حديث بين كازبتش وعزمت، وجدها بتشورين فرصة ليظفر بما يريد وبدأ بتنفيذ خطته فكلما تردد عزمت على القلعة حدثه عن جمال حصان كازبتش وعراقته وقوته وأطال الحديث حتى يحمر وجه عزمت وتضرب الدماء في رأسه ويغضب لعدم امتلاكه الحصان.

وفي يوم وعد بتشورين عزمت أن يعطيه حصان كازبتش ولكن على شرط أن يخطف عزمت أخته بيلا ويحضرها إلى القلعة، وافق عزمت على الاتفاق وفي اليوم التالي استغل عزمت سفر والده وأحضر أخته مقيده إلى القلعة وسلمها لبتشورين الذي كان قد جهز كل شيء ودعى كازبتش إلى القلعة وشغله بالحديث حتى استطاع عزمت الفرار بالحصان، وعندما علم كازبتش أخذ يبكي كطفل رضيع وصمم على الانتقام.

ظفر بتشورين ببيلا ومكثت معه في القلعة، بذل جهدًا كبيرًا حتى ترضى عنه فأغدقها بأرق الهدايا وأجمل العبارات حتى تُيمت به، ولكن بعد مرور بعض الوقت سأم بتشورين من وجود بيلا وأصبح كثير الخروج للصيد مهمل لها جاف في معاملتها حتى ذبلت واصغر لونها وأكل قلبها الحزن.

خرج بتشورين للصيد كعادته ولكنه صمم على أخذ مكسيم معه وعند رجوعهما وجدا جلبة عند القلعة وحصان يعدو يحمل رجلًا ومعه إمرأة جريحة كانت هي نفسها بيلا، كان كازبتش استغل غيابهما عن القلعة واختطف بيلا ولكنهم أدركوه فأخذوها أما هو فاستطاع الهرب ولكن بعدما طعنها في ظهرها طعنة أودت بحياتها بعد عدة أيام من المعاناة والألم، وبعد دفن بيلا ذُعر مكسيم عندما رأى بتشورين يجلس على الأرض وينفجر ضاحكًا ثم دخل في مرض شديد ألم به وعندما شفي انتقل من القلعة ولم يراه مكسيم من حينها.

الكاتب ميخائيل ليرمنتوف

بعدما أنهى مكسيم سرد القصة كانا قد وصلا إلى قرية صغيرة ليمكثوا بها بضعة أيام منتظرين ما يسمى بالفرصة وهي مجموعة من البشر مؤمنة تعرف صعوبات الطريق للمدينة القادمة فتذللها، علم مكسيم فور وصولهم بأن بتشورين في نفس المدينة، عانى كثيرًا حتى استطاع الالتقاء به منتظرًا لقاء حار يحمل معاني الشوق والمحبة، ولكن خاب أمله عندما عامله بتشورين ببرود وجفاء حتى لم يلبي طلبه بالمكوث قليلًا ليتسامرا وأسرع في الرحيل، حزن مكسيم كثيرًا وتملكه الغضب فكاد أن يرمي بالمجلدات الخاصة ببتشورين التي تركها في القلعة وحملها هو معه طوال الوقت ليسلمها له فور اللقاء ولكن طلب منه المسافر أن يحتفظ هو بها فقبل بلا اهتمام.

كانت المجلدات هي نفسها يوميات بتشورين التي تضم الكثير من حكاياته المثيرة أثناء سفره من مدينة إلى أخرى، وكان ما لفت انتباهه وقتما سافر بتشورين إلى مدينة تقع بالقرب من سفح جبل ماشوك، كان سكان المدينة والسياح يصعدون إلى الجبل ليصلوا إلى عيون المياه للاستشفاء وكذلك فعل بتشورين فور وصوله وفي أثناء سيره التقى بصديق له يدعى جروشنيتسكي فتعانقا بحرارة، وأثناء حديثهما مرت إمرأة لها نصيب كبير من الوقار ومعها ابنتها الجميلة، أخبره جروشنيتسكي أنها الأميرة ليجوفيسكايا وابنتها ماري وكان يظهر الإعجاب الشديد على وجه جروشنيتسكي عند حديثه عن ماري.

رأى بتشورين صديقه يحاول التودد للأميرة ماري وهي كذلك تسعد بحديثه ومرافقته لها ومزحه الدائم، فتحركت الغيرة في قلب بتشورين وقرر أن يخطف الأميرة ماري من صديقه فهو أقل من أن تعجب به أميرة، حاول بتشورين جذب انتباه الأميرة بخطف الأنظار منها وتجمع الناس حوله لحكاياته الطريفة والمثيرة، كما أظهر عدم الاهتمام الواضح بالأميرة مما أثار غيرة الأميرة كثيرًا وزاد حنقها على بيتشورين وهكذا كانت خطته تسير على أكمل وجه.

وبعد مدة ليست بقصيرة بدأ بالحديث مع الأميرة وإظهار كل الاحترام والتقدير لها وجذبها بالحديث الممتع والشخصية الغامضة والمغامرات المختلقة حتى أعجبت به الأميرة وبدأت تنجذب إليه وتسأم من جروشنيتسكي وحديثه مما مزق قلبه وغضب من بيتشورين كثيرًا وأصبح يتجنبه في كل لحظة بل انضم إليه الكثير من الشباب وجمعهم كره بتشورين المخادع لفوزه بقلب الأميرة، وبعدما تمكن حبه من قلبها شعر بيتشورين بفوزه وتفوقه على كل هؤلاء برغم حزنه الشديد من كرههم له إلا أنه شعر بالنصر، وبعدها صارح الأميرة أنه لم يحبها يومًا، صارحها بمنتهى القسوة أنه لا يريدها في حياته بعد الآن، مرضت الأميرة من صدمتها ولازمت الفراش فترة طويلة جدًا.

في أثناء لعب بتشورين بقلب الأميرة الصغيرة، علم بأن فيرا تلك الفتاة التي عرفها منذ زمن موجودة في المدينة ومتزوجة من قريب الأميرة ماري فأعاد الوصل معها وكان يمضي معها معظم وقته، وفي يوم كان بتشورين يهبط من نافذة فيرا رآه جروشنيسكي ورئيس الضباط ولكنه استطاع الهرب، ولم يسكت جروشنيتسكي بل فضحه أمام الجميع ولكن لا إثبات على ذلك فأنكر بتشورين كل شيء وطالبه بالاعتذار له فرفض جروشنيتسكي رفضًا قاطعًا ودعاه إلى المبارزة وقبل بتشورين بحماس.

عندما حان وقت المبارزة علم بتشورين بالخدعة التي دبرها جروشنيتسكي ورئيس الضباط، فقد اتفقوا على أن يملأوا سلاح جروشنيتسكي فقط بالبارود ويتركوا سلاح بتشورين فارغًا، ولكن بتشورين كان دائمًا له خطة وعندما وصلوا مكان المبارزة أخذ جروشنيتسكي دوره أولًا، شرع بتشورين في الحديث مع جروشنيتسكي يحثه على التراجع والاعتذار وانهاء كل شيء مع ذكر عبارات أنهم كانوا يومًا ما أصدقاء لعلمه أن هذا النوع من الحديث سوف يؤثر في قلب جروشنيتسكي ويهزه ويصعب عليه الحالة، ولكن جروشنيتسكي قرر إطلاق النار فلا مجال للتراجع الآن وبسبب اهتزازه وتوتره لم تصب الطلقة بتشورين إلا بجرح في ركبته.

والآن حان دور بتشورين فنادى مساعده بصوت مسموع وأخبره أنهم نسوا أن يملأوا سلاحه بالبارود وأمره أن يملأه وهنا اصفر وجه جروشنيتسكي وعلم أنها نهايته ولكن لم يستطع الاعتراض، وأطلق بتشورين على جروشنيتسكي طلقة أودت بحياته، وبعدها سافر بتشورين من المدينة ليكمل رحلاته الغريبة.

لم يكن بتشورين سعيدًا بأفعاله وما وصلت إليه نفسه ولكن فات الآن أوان التغيير، كان بتشورين ضحية لسوء المجتمع الذي نشأ فيه وقال عن نفسه:

“إن لي نفسًا أفسدتها حياة المجتمع الراقي، وخيالًا قلقًا، وقلبًا لا يشبع من جوع، لا شيء يرويني، فسرعان ما آلف الألم واللذة كليهما، وإن وجودي ليزداد فراغًا يومًا بعد يوم”

يصف ما وصلت إليه نفسه من نعومة أظافر حتى سن الشباب الحالية التي وصل إليها، فمنذ صغره كان جميع الناس يقرأون في وجهه علامات الشر وهو بريء منها ولكنهم أصروا على افتراضها فنبتت بداخله وتأصلت، ووصفوا خجله بالمكر فأصبح كتومًا لا يفرغ ما في قرة نفسه إلى أحد، ولم يشعر بعطف أحد فأصبح حقودًا يميل إلى الانتقام، ذبلت روحه وحزنت نفسه وتملكت منه مشاعر الحسد والسوء، ولم يفهمه أحد فتعلم أن يكره الجميع.

ملخص “حلم رجل مضحك” للكاتب فيودور دوستويفسكي

للمزيد من ملخصات الكتب

رحلة ابن فطومة ، ملخص رواية للكاتب نجيب محفوظ

رحلة ابن فطومة ، ملخص رواية للكاتب نجيب محفوظ

“عم تبحث أيها الرحالة؟ أي العواطف يجيش بها صدرك؟ كيف تسوس غرائزك وشطحاتك؟ لم تقهقه ضاحكًا كالفرسان؟ ولم تذرف الدمع كالأطفال؟” نجيب محفوظ، رواية رحلة ابن فطومة

يُحكى أن التاجر محمد العنابي الفاحش الثراء أنجب سبعة من التجار وقد جاوز الثمانين بصحة وعافية، وعندها رأى الجميلة فطومة الأزهري فتزوجها وأنجب منها فتى يدعى قنديل ولكن أخوته أطلقوا عليه ” ابن فطومة ” ثم مات أباه وهو لم يكد يحفظ شكله، ربته أمه واعتنت به على أكمل وجه فقد ترك لهم أباه ثروة تضمن له ولأمه رغد العيش حتى الممات، كانت حياته تدور حول أمه وشيخه الذي كان يعلمه، كان الشيخ قدوته وناصحه الأمين وكان دائمًا ما يحدثه عن رحلاته المتعددة والتي كان هدفها الوصول إلى دار الجبل تلك الدار التي يطلق عليها دار الكمال ولم يصل إليها أحد من الرحالة من قبل ومن وصل لم يرجع منها أبدًا، وقد اضطر الشيخ لإلغاء رحلته بسبب حدوث حرب أهلية منعته.

كان حلم قنديل أن يقوم برحلة مثل شيخه ولكن لن يستسلم حتى يصل إلى دار الجبل، وعندما شب قنديل فتنته فتاة تدعى حليمة في قريته وعزم على الزواج منها وذهب لخطبتها مع والدته وقبل أن يتم الزواج طلبها حاجب الوالي من أبيها فلم يستطع أبوها الرفض بسبب ضعف قوته وقلة حيلته أمام الوالي وحاجبه، فذاق قنديل مرارة الخسارة وانفطر قلبه على محبوبته.

بعدما خاب أمل قنديل في الحب قرر أن يلحق بحلمه ويقوم برحلة مثل شيخه، فجهز حاله وانطلق مع قافلة من التجار إلى أول بلد في خريطته وهي دار المشرق عازما على أن يدون كل ما يراه في كتاب ينشره بعد إنهاء رحلته.

الكاتب نجيب محفوظ

دار المشرق:

سار قنديل مع القافلة عقب صلاة الفجر حتى بلغ حدود دار المشرق، قابلهم مدير الجمرك وتبعهم الحرس فمضى التجار إلى السوق أما قنديل فذهب إلى فندق الغرباء ودخل غرفته والتي كانت بدائية جدًا تنم عن فقر شديد وأوى إلى فراشه مرهقًا لما لاقاه من مشقة في سفره.

عندما استيقظ في الصباح توالت عليه الصدمات بداية من أنه منع من الصلاة وممارسة شعائره الدينية في البلدة، وعند خروجه من الفندق رأى أهل البلاد جميعهم عرايا تكسوهم الأوساخ ويعلوا وجوههم الفقر والمعاناة، أما العري فقد كان العادة المألوفة لأهل البلاد ولا تلتفت أنظارهم إلا لمن يرتدي الثياب.

كانت البلدة شبه فارغة وكأنها امتداد للصحراء لا بيوت ولا حواري ولا شوارع يوجد فقط أرض على جوانبها أعشاب ترعى فيها الماشية، ويعيش أهل البلدة في خيام متناثرة يتجمع أمامها النساء يقمن بأعمالهن المعتادة من غزل وحلب للأبقار والماعز

وفي أثناء تفقده للبلدة وجد قصرًا كبيرًا في مكان معزول عن القرية تحيطه أشجار عالية ومحروس بعدد كبير من الفرسان المدججين بالسلاح، فكان جمال القصر شاذًا عن قباحة المكان فتصور أن يكون قصر الحاكم، ولكن عندما رجع للفندق سأل صاحبه عن القصر فأجابه بأن دار المشرق عبارة عن عاصمة وأربع مدن لكل مدينة سيد وهو مالك القصر ويعتبر مالك المدينة وكل الناس عبيد عنده وينفرد وحده بالخدمات الطبية والعلمية هو وأولاده، أما من يمرض من السكان فينعزل في خيمته حتى يبرأ أو يموت.

أما عيد الإله عندهم كان دربًا من الجنون، كان أهل البلاد يعبدون القمر وكان العيد يوم أن يكون القمر بدرًا يلمع في كبد السماء، كانوا يتجمعون في ساحة واسعة يملأونها بالهتافات وصيحات الفرح والتحفظ وعند ظهور القمر يصل الكاهن ويصفق بيده فتنطلق الحناجر بنشيد زلزل الأرض وعندما انتهوا خطب فيهم الكاهن بوصايا الإله  أن يبتعدوا عن الخصام ويحترسوا الشر والحقد الذي يفري الكبد وكيف أن الطمع خصلة مقيتة وأن يتمتعوا ويمرحوا ويقضوا على الوساوس بالرضى وعندما انتهى بدأ الرقص واندمج الجميع في غرام شامل تحت ضوء القمر.

وبعد أن قرر قنديل الرحيل مع القافلة رجع عن قراره عندما رأى تلك الفتاة التي تسمى عروسة والتي كانت تشبه حليمه محبوبته، فقرر الزواج منها ولكن تم الزواج على عادات البلدة فينسب الأبناء لأمهم وتستطيع  زوجته أن تتركه في أي وقت متى سأمت منه، عاش قنديل مع زوجته في سعادة وكاد أن ينسى هدف رحلته وأنجب منها أربعة أولاد حاول تنشأتهم على تعاليم بلده ودينه  ولكن رفضت زوجته ذلك وثار عليه أهل البلدة وأجبروه على الخروج من دار المشرق وترك زوجته وأولادها.

دار الحيرة:

بعد خروج قنديل من دار المشرق قرر إكمال رحلته فذهب مع القافلة إلى دار الحيرة وعند وصولهم أمرهم مدير الجمرك أن يتبعوا التعليمات وإلا لاقوا المتاعب، ذهب قنديل إلى الفندق فوجد غرفته على قدر من الرفاهية على عكس دار المشرق، وفي نفس الليلة التي وصل فيها شاهد تجهيزات جيش الحيرة يستعد للحرب على دار المشرق ورحب أهل الحيرة بالحرب ظنًا منهم أنها لتحرير شعب من طغاته الخمسة، ولكن الهدف الحقيقي وراء تلك الحرب كان الطمع في المراعي وكنوز السادة والحكام، شعر قنديل بالقلق على عروسة والأبناء فقرر البقاء في الحيرة حتى يكون قريبًا منهم أملًا في أن يجدهم يوما ما.

في أثناء تجول قنديل في البلدة وجد قصر الملك والذي هو نفسه الإله الذي يعبده أهل البلاد، وفي يده السلطة الكاملة فتذكر قنديل الوالي في بلاده وسلطته الكبيرة وهيمنته على كل موارد البلاد واحترام الناس الزائد له وخوفهم منه، وفي أثناء فحصه للقصر وجد حقل من الأعمدة مسور بسياج وعلى تلك الأعمدة رؤوس بشرية منفصلة عن أجسادها فارتعد قلبه وسأل الحراس فعرف منهم أن تهمة أصحاب الرؤوس هي الخيانة والتمرد على الإله.

وكانت البلاد تنتهج فلسفة معينة فقد كان الحاكم وأصفياؤه قادة المصانع والأرض لهم القداسة والاحترام والكثير من المزايا أما بقية الناس فلا قداسة ولا مواهب ولا أمل في حياة أفضل فهم يعملون بالأشغال اليدوية ويوفر لهم الحاكم اللقمة فلا امتيازات لهم بعد ذلك، فقد كان التعليم والعناية الطبية من حق الصفوة أما الآخرين فيجيب عليهم تقوية مواهب الطاعة والقناعة والانقياد.

وعندما عاد الجيش من بلاد المشرق منتصرًا انتظر قنديل أن يجد عروسة في سوق العبيد حتى يشتريها وبالفعل وجدها وحصل عليها وذهبت معه إلى الفندق منهارة وأخبرته كيف قتلوا أبيها ولم تجد أبناءها أبدا وأخذوها أسيرة، ولكنها وجدت السعادة من جديد عندما وجدها قنديل ولكن تلك السعادة لم تدم لأن حكيم البلدة أرادها لنفسه فوجد قنديل نفسه متهمًا بالسخرية من دين البلاد وحاكمها وحكم عليه بالسجن مدى الحياة.

وبعد عشرين عامًا خرج قنديل من السجن بعد ثورة أطاحت بالملك وصفوته وأمر الملك الجديد بتحرير كل ضحايا الملك الظالم من السجن، فخرج قنديل وعمره يناهز الخمسين ضعيف يرثى لحاله وقرر البقاء في الحيرة حتى يسترد قواه ثم يكمل رحلته إلى البلدة القادمة وهي دار الحلبة.

دار الحلبة:

عندما وصل قنديل إلى دار الحلبة دهش أن مدير الجمرك لم يحذرهم ولم يلقي عليه أي تعليمات فأخبره قائد القافلة أن هذه بلد الحرية الشاملة وأن كل إنسان فيها حر ومسؤول عن تصرفاته، وفي أثناء سيره في شوارع البلدة أعجب بجمالها وجمال عمرانها، ولكنه شهد لتجمع من رجال الشرطة يحققون في جريمة قتل وعلم أن مثل هذه الجرائم شائعة في هذه البلدة، كما شاهد مظاهرات من رجال ونساء تسير بحرية ويتبعهم رجال الشرطة دون المساس بهم.

فاق قنديل من دهشته على صوت الآذان ينطلق من أحد المساجد الصغيرة فاتجه للجامع مستطار القلب وسرعان ما ذهب للمسجد وتوضأ ووقف في الصف يصلي وعند انتهاء الصلاة ذهب إلى الإمام وقبله وكأنه وجد أحدًا من أهله، وعلم منه أنه هذه البلدة متعددة الديانات وكل شخص يدين بالدين الذي يريده.

أما نظام الحكم في البلاد فكان الرئيس ينتخب تبعًا لمواصفات أخلاقية وعلمية وسياسية ومدة حكمه عشر سنوات وبعدها تجرى انتخابات جديدة، وكما تضم البلاد أغنياء وفقراء فهي تضم أيضا لصوص وعاطلين وقتله.

دعاه الشيخ إلى بيته وهناك تعرف على زوجته وابنته ودهش من جرأتهما في الحديث على عكس نساء بلدته الأولى ومشاركتهم الطعام على طاولة واحدة وذلك لم يعهده أيضا حتى مع أمه وأعجب كثيرًا بابنته سامية وذكائها اللامع وملاحة وجهها.

بعد أيام علم أن الحرب ستدور بين دار الحلبة والحيرة وغاض قبله لسماع تلك الأخبار وراع لفكرة ملاحقة الحرب له أينما ذهب، وقرر البقاء حتى تستتب الأمور وتزوج من سامية ابنه الشيخ والتي غيرت فكرته عن النساء تمامًا فقد كان يرى قبلها أن المرأة ما هي إلى متعة للرجل أما سامية فكانت مختلفة تحب النقاش والمجادلة وذكاؤها لامع يثيره ويدهشه.

كانت حياته مستقرة لكنه لم ينس حلمه في السفر والترحال والوصول إلى دار الجبل فسمحت له سامية بالذهاب على شرط أن يرجع لها بعد الوصول إلى هدفه.

دار الأمان:

وصل قنديل لدار الأمان دار العدالة الشاملة وقبل ذهابه إلى الفندق نقلوه إلى مركز السياحة وهناك تم تعين مرافق خاص يلازمه طول الرحلة لا يتركه أبدًا حتى أنه يقيم معه في نفس الغرفة.

في اليوم التالي خرج قنديل ومرافقه لتفقد المدينة وهاله الخلاء، الميدان خالي تمامًا ولا يوجد بشر في الشوارع وكأنها مدينة خالية مهجورة وعندما سأل قنديل المرافق أخبره أن جميعهم في أعمالهم نساء ورجال، وأخذ يحدثه باعتزاز عن النظام المتبع في البلاد والذي يهدف لتحقيق عدالة حقيقية حتى في العمل، وكلهم في مستوى واحد للمعيشة تقريبا وكل البيوت على نفس المستوى فلا سرايا ولا قصور وحتى أقل أجر يكفي لإشباع  ما يحتاجه الإنسان المحترم.

وعلم قنديل أن لهم نظامًا غذائيًا يحتوي على كل العناصر المطلوبة لذلك فإن معظم كبار السن يتمتعون بصحة ممتازة، وفي نهاية اليوم رأى قنديل الشوارع تمتلأ بالبشر وكأنهم موج هادر ولكن في نظام وترتيب تعلو وجوههم قسمات جادة مرهقة، ثم خف الزحام وذهب كل واحد منهم إلى بيته يستعد ليوم عمل جديد.

وكان نظامهم السياسي رئيس منتخب تنتخبه صفوة منهم وتمثل رجال الصناعة والزراعة والحرب والأمان والرئيس هو المهيمن على الجيش وكل مجالات الحياة، أما الرعايا فهم مجرد موظفين  يعملون كل واحد منهم في مجاله ولا يجوز أن يتدخل أحد منهم في مجال غير مجاله.

أما في يوم العيد رأى قنديل رئيسهم وصفوته مجموعة من الرجال السمان مقارنة بأجسام الشعب الهزيلة، وصعد الرئيس يخطب فيهم وبعد انتهاء الخطبة اخترقت الميدان ثلة من الفرسان شاهرة رماحها وقد غرست فيها رؤوس بشرية كانت للمتمردين والخونة، ثم غادر قنديل البلاد وهو في حيرة من أمر هذه البلاد العجيبة.

دار الغروب ومنها إلى دار الجبل:

اتجه قنديل مع القافلة إلى دار الغروب تلك الدار التي تسبق دار الجبل مباشرة، وقد كانت الأغرب بين كل ما زاره قنديل أهلها صامتون لا يفعلون شيئا سوى الالتفاف حول شيخهم في الغابة والشروع في الغناء المتناغم بهدف الوصول إلى روح نقية تناسب الرحيل إلى دار الجبل، اشترك معهم قنديل في هذه الطقوس أملًا أن ينال مراده وينتقل إلى دار الجبل، ولكن قبل أن يتم ذلك اقتحم جنود دار الأمان دار الغروب وهجروا أهلها إلى دار الجبل واعتبروا كل من تخلف عن القافلة من أسرى الحرب.

غادرت القافلة ووصلت إلى جبل عال تقع فوقه المدينة المرادة، وقبل أن يدخل قنديل إلى المدينة أعطى كل ما كتبه إلى صاحب القافلة وطلب منه أن يعطيه إلى ما تبقى له من أهله في داره الأولى وفرد دفترا جديدًا خاصًا لدار الجبل ولكن لم يرد في أي من كتب التاريخ ذكر لصاحب هذه الرحلة بعد ذلك ولا أحد يعلم ماذا حدث، فهل وصل أم هلك؟ وهل أقام بها لآخر عمره أم استماع الرجوع إلى وطنه؟ وهل يعثر ذات يوم على مخطوط جديد لرحلته الأخيرة؟ لا أحد يعلم.

ملخص رواية بداية ونهاية لنجيب محفوظ

للمزيد من ملخصات الكتب

Exit mobile version