ما هو علم اللسانيات؟ وما المقصود بكليات الألسن؟

لطالما اعتبرت كلمة “علم” حكرا على العلوم التجريبية فقط، لكنها -في الواقع- تشمل العلوم الإنسانية والأدبية كذلك. فتطور النظريات والمناهج سمح باستقلال علوم كاللسانيات والسيميائيات والسرديات. سنتناول الحديث في هذا المقال عن اللسانيات، فما هو علم اللسانيات؟ وماذا يدرس؟ وما هي فروعه؟

ما اللسانيات؟

اللسانيات، وتسمى أيضا “الألسنية” و”علم اللغة”. ومهما كانت التسمية، فهي علم يدرس اللغة، متفرع إلى فروع عديدة ويهتم كل فرع بجانب محدد من اللغة.

يعتبر بعض المؤرخين أن اللسانيات نشأت مع ويليام جونز خلال القرن الثامن عشر، الذي توصل إلى وجود صلة تاريخية تجمع ما بين اللغة الإنجليزية واللغات الآسيوية والأوروبية. لكن، تعتبر بداية القرن العشرين البداية “العلمية” للسانيات. فقد ساعدت محاضرات أبي اللسانيات الحديثة فرديناند دوسوسير على ذلك، من خلال محاضراته عن اللسانيات العامة التي جمعت بعد وفاته في كتاب “محاضرات في اللسانيات العامة”.

ويعد ليونارد بلومفيلد من ضمن أبرز اللسانيين الذين اهتموا بمنح طابع “العلمية” للدراسات اللغوية، حيث دعا إلى “اتباع منهج موضوعي في دراسة الظواهر اللغوية”.[1]

فروع علم اللسانيات

نظرا للجوانب المتعددة التي تدرس من خلالها اللغة تعددت فروع علم اللسانيات. وهي اللسانيات العامة، اللسانيات الوصفية، اللسانيات التاريخية، اللسانيات النظرية، اللسانيات التطبيقية، اللسانيات المضيقة، اللسانيات الموسعة. فبماذا يهتم كل فرع من هذه الفروع؟

تدرس اللسانيات العامة اللغة عامة من حيث هي ظاهرة بشرية “تميز الإنسان عن الحيوان”.[1] بينما تهتم اللسانيات الوصفية بوصف لغة بعينها، كاللغة العربية أو اللغة الإنجليزية أو أي لغة أخرى. وتتناول اللسانيات التاريخية اللغة من حيث تطورها عبر العصور، سواء اللغة بصفة عامة أو لغة معينة.

تحاول اللسانيات النظرية صياغة نظرية لبنية اللغة ووظائفها. ويتفرع هذا الفرع إلى  فروع مختلفة هي علم الأصوات، وعلم الصواتة، وعلم التصريف، وعلم النحو، وعلم الدلالة، وعلم التخاطب. وتهتم اللسانيات التطبيقية بتطبيق النتائج التي توصلت إليها دراسة اللغة على مهام عملية كتدريس اللغة. كما تهتم بمجالات من قبيل تعلم اللغة بالحاسوب والترجمة الآلية والذكاء الاصطناعي.

أما اللسانيات المضيقة فتدعى بهذا التسمية لاقتصار الباحث على البحث في بنية اللغة، بينما تدعى اللسانيات الموسعة بهذه التسمية لتطرقها “إلى الأبعاد النفسية، أو الاجتماعية، أو العرقية، أو الأدبية”.

خاتمة

اللسانيات علم يدرس اللغة، ويتفرع إلى فروع عديدة تدرس اللغة من جوانب متعددة.

المصادر

[1] اللسانيات النشأة والتطور، أحمد مؤمن.

نظرية وظائف اللغة

هذه المقالة هي الجزء 7 من 7 في سلسلة مقدمة في نظريات اكتساب اللغة

نظرية وظائف اللغة

ترى نظرية وظائف اللغة أن للغة وظائف محددة تقود الأطفال إلى تعلمها للقيام بهذه الوظائف. فالطفل يتعلم لغته الأم في الوقت نفسه الذي يتعلم فيه عن العالم من حوله. ولهذا، تكون اللغة جزءاً من القواعد الثقافية التي تساعد الأطفال على أن يكونوا جزءاً من مجتمعهم، ولا يقتصر هدفها على التواصل فحسب [1].

وقد شرح هذه الوظائف اللغوي البريطاني “مايكل هاليداي – Michael Halliday” في عام 1975. وركز على فكرة أن الأطفال يبدؤون بالتواصل واكتساب اللغة قبل أن يبدؤوا بالكلام. وبناء على ملاحظاته لابنه وكيفية تعلمه للغة الأم، نشر أوراقاً بحثية شرح فيها ارتباط اللغة بالثقافة ككل، ووسع مفهوم وظائفها ليشمل مجالات أبعد من التواصل، وأطلق عليها اسم الوظائف النمائية (developmental functions) [1].

أساس نظرية وظائف اللغة:

يمكن شرح فكرة هاليداي بأن تطور اللغة لدى الأطفال هو عبارة عن إتقانهم للوظائف اللغوية وتعلمهم كيفية إضفاء المعنى. أي أن الطفل يتعلم استخدامات اللغة وإمكان المعاني المرتبطة بها (تفعيل المعاني). وبناء عليه، يرى هاليداي أن الكلمات والتراكيب والأصوات التي تتألف منها اللغة هي عبارة عن تطبيق للمعاني المحتملة المرتبطة بها، وأن تعلم الطفل للغته الأم ينطوي على التعرف على أنماط سلوك وطرق تفكير جديدة [2].

فتطور اللغة لدى الطفل هي عملية تنشئة اجتماعية، لأنها القناة الرئيسية التي ينقل البالغون من خلالها إلى الطفل كل أنماط الحياة، ويتعلم عبرها أن يتصرف كأي فرد في المجتمع الذي يعيش فيه ويتبنى ثقافته وأفكاره ومعتقداته وقيمه. تتم هذه العملية بشكل غير مباشر من خلال تجارب يعيشها الطفل في أحداث متنوعة، ولو كانت صغيرة. ويلعب البالغون دوراً في توجيه السلوك ومراقبته خلال هذه التجارب، مما يساعد الطفل على بناء علاقاته [2].

يتعمد هاليداي استخدام مصطلح “تعلم” بدلاً من “اكتساب“، لأنه يرى أن اللغة تتركب لدى الطفل عن طريق التفاعل. وعلى عكس تفسير النظرية الفطرية، لا تعتبر اللغة هنا بأنها موجودة في الأصل وبانتظار أن يتم اكتسابها. بل إن ما يكتسبه الطفل هو إمكان المعنى (meaning potential) الذي تشكله مكونات اللغة [3].

مراحل تعلم اللغة وفق نظرية وظائف اللغة

يتحدث هاليداي عن ثلاث مراحل يمر بها الطفل في رحلته لتعلم اللغة. تنطوي المرحلة الأولى منها على نظام اللغة الأول الذي يتكون لدى الطفل، فيما تمثل المرحلة الثانية العبور من نظام الطفل إلى لغة البالغين. وأخيراً، تأتي المرحلة الثالثة التي تكون لغة البالغين قد تبلورت بها [3].

المرحلة الأولى

في المرحلة الأولى، يكون الهدف من تعلم اللغة الاستفادة من وظائفها النمائية أو الدقيقة (micro functions) لتحقيق أغراض معينة للطفل. وتتعقد هذه الوظائف السبعة مع تقدم الطفل بالعمر وازدياد كل من وعيه واحتياجاته، كما أنها تحدد الخيارات المتاحة للتعلم، والتراكيب التي تساعد على إعمال هذه الخيارات وتفعيلها [4]. أما عن الوظائف السبعة، فهي كالتالي:

النفعية (instrumental): تدل هذه الوظيفة على استخدام اللغة لتلبية حاجات محددة كالطعام أو الشراب أو الراحة. وعادة ما تضم أسماءً وكلمات مجردة.

التنظيمية (regulatory): تتمثل هذه الوظيفة باستخدام اللغة للتأثير على سلوك الآخرين، إما عن طريق الإقناع أو الطلب أو حتى الأوامر.

التفاعلية (interactional): وتستخدم لتطوير العلاقات مع الآخرين وتسهيل عملية التواصل. وقد تحمل عبارات مثل “شكراً”.

الشخصية (personal): يصبح الهدف عند إدراك هذه الوظيفة استخدام اللغة للتعبير عن الآراء الشخصية والمواقف والمشاعر الخاصة بالمتكلم.

التمثيلية / الإعلامية (representational / informative): أما هنا، فيتطور اعتماد الطفل على اللغة لتصبح وسيلة لتبادل المعلومات مع الآخرين. إذ يصبح الطفل قادراً على طرح أسئلة تؤدي إجاباتها إلى تفاعلات لغوية.

الاستكشافية (heuristic): يتمثل الهدف من اللغة هنا بالاستكشاف والتعلم عن طريق طرح أسئلة وإعطاء تعليقات. وتختلف عن الوظيفة الإعلامية من ناحية أنه لا يتم تبادل معلومات هنا، بل يكون الطفل مستكشفاً ومتلقياً لما هو جديد.

التخيلية (imaginative): تتجسد هذه الوظيفة في الغالب أثناء اللعب والأنشطة الترفيهية التي يقوم بها الطفل. حيث يستخدم اللغة للحديث عن قصص ينسجها ومواضيع يتخيلها [4].

مع نهاية المرحلة الأولى، يكون الأطفال قادرين على استخدام اللغة وفق وظائفها السبعة المختلفة. لكن هذا لا يعني أن مفرداتهم تكون قد اكتملت أو أن تراكيبهم تنوعت. بل يتألف نظامهم اللغوي من مجموعة أصوات ونبرات، لكنها لا ترقى لمستوى المفردات المتمايزة أو الصيغ القواعدية. بالنتيجة، في المرحلة الأولى لتعلمهم اللغة، يدرك الأطفال جيداً ما يمكن أن يفعلوه باللغة، لكنهم لا يستطيعون استخدامها كالكبار بعد [4].

المرحلة الثانية

في المرحلة الثانية، تزداد مفردات الطفل بسرعة وتتسع قدرته على الانخراط بحوارات أطول. وتصبح ألفاظه متعددة المهام، كما أن النظام اللغوي يتطور من كونه ذو وظائف دقيقة إلى وظائف كلية (macro functions). حيث يستطيع الطفل، وهو الآن بعمر عامين تقريباً، أن يستعمل اللغة بأكثر من وظيفة من تلك التي تعلمها في المرحلة الأولى، وفي وقت واحد [4].

المرحلة الثالثة

في المرحلة الثالثة، أي بالوصول إلى لغة البالغين، يتعلم الطفل أن اللغة تستخدم بنطاق أوسع، ويتمكن عندها من ربط مجموعة كلمات وألفاظ مع بعضها. وهنا يتجاوز هدف اللغة وظائفها الأساسية، فتصبح الوظائف ذات أبعاد أكبر (meta functions). أي يمكن للطفل أن يبدأ بتفسير العالم من حوله واختباره بشكل أكبر. كما يصبح قادراً على تكوين علاقات متشعبة من خلال المحادثات واستخدام اللغة للإبقاء على التفاعل بين المتحدث والمستمع. كما يمكن له أن يفهم نصوصاً أو إصدارات لغوية معينة ضمن سياقاتها [4].

إذاً، تحدث هاليداي عن وظائف أساسية لتعلم اللغة هي التي تشجع الأطفال على تعلمها. وتمر هذه العملية بعدة مراحل حتى تتطور إلى لغة البالغين.

المصادر

  1. Halliday – Study Smart
  2. Child Language Development
  3. Misinterpreted
  4. My Tutor

النظرية التفاعلية في اكتساب اللغة

هذه المقالة هي الجزء 6 من 7 في سلسلة مقدمة في نظريات اكتساب اللغة

النظرية التفاعلية في اكتساب اللغة

ترى النظرية التفاعلية (Interactionist Theory) أن عملية اكتساب اللغة تحدث في سياق تفاعلي. حيث تؤكد على أهمية المدخلات اللغوية (language inputs) التي يتلقاها الأطفال من مقدمي الرعاية حولهم. ومع أن التفاعلية تؤمن بالاستعداد الجيني لدى البشر لتعلم اللغة – وهذه من أبرز نقاط النظرية الفطرية – لكنها تذهب أيضاً إلى التأكيد على أهمية البيئة الاجتماعية في هذه العملية – وهذا ما يذكر بالنظرية السلوكية. أي أن النظرية التفاعلية تمثل حلاً وسطاً للنقاش حول ما إذا كانت اللغة هي أمراً طبيعياً أم مكتسباً. ولكن ما يميزها هو تأكيدها على أهمية التفاعل مع الأشخاص الآخرين كعامل أساسي في اكتساب اللغة وتطويرها [1].

أساس النظرية التفاعلية

يعود أصل النظرية التفاعلية إلى عالم النفس السوفييتي فيغوتسكي (Vygotsky) الذي أرسى أصولها عندما طور النظرية الاجتماعية الثقافية في النمو. يرى فيغوتسكي أن تطور الإنسان هو عملية تتم بواسطة المجتمع، ويكتسب من خلالها الأطفال قيمهم ومعتقداتهم الثقافية عبر الحوارات الجماعية مع أفراد ذوي معرفة أوسع منهم [2].

فعلى خلاف بياجيه الذي أكد على أن نمو الطفل يسبق مرحلة التعلم، يناقش فيغوتسكي أن التعلم هو أحد الجوانب الضرورية والعالمية لعملية النمو التي يطور الطفل عبرها وظائف محددة ثقافياً ونفسياً. وبعبارة أخرى، فإن التعلم يأتي قبل النمو، ويوجه ميول الطفل حسب الثقافة السائدة [2].

التفاعلية واكتساب اللغة

كان عالم النفس الأمريكي “برونر – Bruner” أول من اقترح أن الأطفال بحاجة إلى تفاعل مباشر مع الكبار ليحققوا الطلاقة اللغوية. حيث يعتبر أن سلوك البالغين اللغوي عندما يتحدثون مع الأطفال، أو كما يعرف باسم الخطاب الموجه للأطفال (child-directed speech – CDS)، هو نمط معدل للغة يدعم عملية اكتسابها. وأطلق على هذا الدعم اسم السقالات (scaffolding). كما تحدث برونر عن نظام دعم اكتساب اللغة (Language Acquisition Support System – LASS) كرد على جهاز اكتساب اللغة (LAD) الذي تحدث عنه تشومسكي في النظرية الفطرية [3].

إذاً توجد ثلاث نقاط ركز عليها برونر في تطوير نظريته، وهي عوامل أساسية في اكتساب الطفل للغة وفق النظرية التفاعلية.

الخطاب الموجه للأطفال

يشير هذا المصطلح إلى الطريقة التي يتحدث بها مقدمو الرعاية والبالغون مع الأطفال. ومن المعتقد أنها تعزز التواصل مع الطفل عن طريق مساعدته بالتعرف على الأصوات والمقاطع والكلمات والجمل. كما أن طبيعة هذا الكلام البطيئة، والنبرة التي يستخدمها الكبار وتميل إلى التغم، تساهم في جذب انتباه الطفل [1].

يتسم هذا الحديث بكونه لغة بسيطة ومباشرة ليتم فهمه بسهولة، ويتحقق هذا بتضييق نطاق المفردات وتبسيط الصيغ القواعدية المستخدمة. يميل الكبار أيضاً إلى تكرار الأسئلة والعبارات التي يوجهونها إلى الطفل، إضافة إلى الوقوف لفترات أطول وأكثر بدلاً من الحديث بسرعة [1].

السقالات

استخدم برونر مصطلح السقالات لشرح دور مقدمي الرعاية في تنمية اللغة لدى الأطفال. واعتمد في هذا على أفكار فيغوتسكي التي تؤكد على حاجة الأطفال لوجود شخص آخر ذو معرفة أكبر كي يتسنى لهم تطوير معارفهم ومهاراتهم [1].

يمكن تلخيص نظرية برونر عن السقالات بأن المتعلمين يقومون بفعل التعلم لا عن طريق المذاكرة والحفظ. بل يعتمدون على التجربة والخطأ. حيث يشرح برونر أن الأطفال يحتاجون إلى المساعدة من المعلمين والبالغين في مسيرتهم لتعلم مفاهيم جديدة. وتكون المساعدة على شكل دعم فعال. في البداية، يعتمد الأطفال على هذا الدعم المقدم من الكبار. لكن مع الوقت يصبحون أكثر استقلالاً في تفكيرهم ويكتسبون مهارات ومعارف جديدة. وبالتالي، ينخفض مستوى اعتمادهم على الغير. وهذا يشبه السقالات التي تدعم عملية البناء، والتي تتم إزالتها عندما يكتمل العمل [3].

وعليه، تعرف الطريقة التي يدعم الأهل بها أطفالهم باستخدام الحديث الخاص بالسقالات لأنها تدعم عملية اكتساب اللغة وتحقق التفاعل الضروري لإتمامها. ومع الوقت، يتناقص استخدام الكبار للخطاب الموجه للأطفال مع تطور اللغة المكتسبة لديهم [1].

نظام دعم اكتساب اللغة

يقوم الكبار بدفع تطور لغة الأطفال عبر آلية السقالات الداعمة، وتتم هذه العملية عبر نظام أسماه برونر نظام دعم اكتساب اللغة. في الواقع، يوافق برونر مع طرح تشومسكي لفكرة جهاز اكتساب اللغة (LAD)، ولكنه يؤكد في الوقت ذاته أن للسياق الاجتماعي، وسلوك الأهل على وجه الخصوص، أثر كبير على تطور اللغة. ويطلق على هذا الدور للبيئة المحيطة اسم نظام دعم اكتساب اللغة، وهو ما يحتاجه جهاز اكتساب اللغة لدعم عملية تطوير اللغة لدى الأطفال [4].

ويتمثل الدعم الذي يزوده هذا النظام بتعديل اللغة كي تناسب الطفل، إضافة إلى أنشطة التعلم التعاوني. ومن هذه الأنشطة القراءة المشتركة التي يستخدم فيها الكبار الصور ويربطونها مع مفردات ذات صلة ليتعلمها الطفل. كما يعمل الأهل على تشجيع الطفل على الكلام وتقديم الملاحظات من خلال التفاعل. وخلال حديثهم، يعطي الأهل أمثلة ليقلدها الطفل، ويوظفون الألعاب التفاعلية في ممارسة اللغة [1].

توفر هذه التفاعلات الاجتماعية بيئة سقالات تساعد الأطفال في صياغة كلماتهم الأولى، ثم تدفع تطور اللغة لديهم أكثر مع الوقت [4].

مواطن ضعف النظرية التفاعلية

وجد بعض الباحثين أن البيانات التي تدعم النظرية التفاعلية هي بيانات منحازة، بمعنى أنها تمثل فئة معينة من الأفراد، وتحديداً العائلات الغربية ذات البشرة البيضاء ومن الطبقة المتوسطة. وهذا يعكس عدم إمكانية تطبيق نظرية التفاعل بين أطفال والآباء على مجتمعات وثقافات أخرى يسلك فيها الأهل نهجاً مختلفاً في الحديث مع أبنائهم. ولكن على الرغم من ذلك، يكتسب أطفال تلك المجتمعات اللغة بطلاقة [1].

أي أن استخدام الحديث المباشر مع الأطفال هو أمر مهم، ولكن نظراً لأنه ليس سائداً في كل المجتمعات، لا يتعبر أساسياً في اكتساب اللغة. حيث يمر الأطفال الذين لا يسمعون هذا النوع من الكلام بمراحل اكتساب اللغة نفسها ويصلون إلى الطلاقة [5].

المصادر

  1. Interactionist Theory – Study Smart
  2. Simply Psychology
  3. Scaffolding of Learning
  4. LASS
  5. Theories of language acquisition

النظرية المعرفية في اكتساب اللغة

هذه المقالة هي الجزء 5 من 7 في سلسلة مقدمة في نظريات اكتساب اللغة

النظرية المعرفية في اكتساب اللغة

تلخص النظرية المعرفية أو الإدراكية (Cognitive Theory) عملية اكتساب اللغة على أنها إحدى مظاهر النمو الفكري للطفل [1]. إذ يجب للطفل أن يدرك المفاهيم المحيطة به قبل أن يكتسب اللغة التي تعبر عن تلك المفاهيم. وقد عمل عالم النفس السويسري “بياجيه – Piaget” على فهم النمو المعرفي عند الأطفال من خلال مراقبة أطفاله الثلاثة وتدوين ملاحظاته بشكل يومي. كما قام بإجراء مقابلات ومراقبات إكلينيكية مع أطفال أكبر سناً باستطاعتهم فهم الأسئلة والخوض في حوارات [2].

أساس النظرية المعرفية

ترى نظرية بياجيه في النمو المعرفي أن ذكاء الطفل يتغير مع نموه. ولا يتمثل نمو الطفل المعرفي باكتساب المعارف فحسب، بل ينطوي أيضاً على تركيب نموذج عقلي عن العالم. وينتج هذا النموذج عن طريق التفاعل بين مقدرات الطفل الأصيلة وما يحدث في البيئة المحيطة به. وتتألف رحلة النمو المعرفي من أربع مراحل مختلفة يمر بها الطفل وتعكس مدى الزيادة في تعقد أفكاره مع التقدم بالعمر. إذاً، فإن النمو البيولوجي والنضج والتفاعل مع البيئة هي عوامل تحدد نمو الطفل المعرفي، وتنقله في المراحل التي تسير بترتيب معين. لكن بياجيه لم يربط تلك المراحل بأعمار محددة، بل من الممكن أن تتفاوت الأعمار التي ينتقل بها الأطفال من مرحلة إلى أخرى [2].

مراحل النمو المعرفي

أما عن هذه المراحل، فهي المرحلة الحسية الحركية (Sensorimotor stage)، ومرحلة ما قبل العمليات (Preoperational stage)، ومرحلة العمليات المحسوسة (Concrete operational stage)، ومرحلة العمليات المجردة (Formal operational stage) [2].

يعتقد بياجيه أنه لا يمكن للمعرفة أن تنبثق ببساطة من التجربة. بل يؤمن بوجود تراكيب قائمة أصلاً، وضرورية للمساعدة في فهم العالم. فالأطفال يولدون مجهزين بتركيب عقلي أساسي تبنى عليه المعارف الجديدة، ويمكن تحقيق النمو المعرفي العقلي عن طريق إدماج الأطر المفاهيمية البسيطة للمعرفة مع أطر بمستوى أعلى في كل مرحلة من مراحل النمو. ويسمي بياجيه هذه الأطر المفاهيمية بالسكيما (Schema) [3].

النمو المعرفي واكتساب اللغة

يبدأ الأطفال باكتساب اللغة في المرحلة الأولى التي يتطور فيها الإدراك الحسي والحركي. كما ذكرنا سابقاً، ينبغي أن يستوعب الطفل ما يحيط به من مفاهيم وأشياء قبل أن يكتسب اللغة للتعبير عنها. وفي هذه المرحلة، تتطور مجموعة من القدرات المعرفية وأهمها ديمومة الكائن (object permanence). وتكمن أهمية هذه القدرة أو الفهم بأنها تكون نتيجة تطور “سكيما” تمثيل الأشياء عقلياً حتى وإن لم تكن موجودة. أي يصبح بإمكان الطفل بعد عدة أشهر من المرحلة الأولى في النمو المعرفي أن يستوعب بقاء أغراضه أو ألعابه موجودة حتى وإن لم يكن يراها [2].

ولفهم ديمومة الكائن أهمية كبرى لأن الطفل يبدأ باستيعاب أن الأشياء هي أمور منفصلة ومستقلة بوجودها، ومن هنا يصبح بإمكان ربط تلك الأشياء بأسمائها واستخدام الكلمات للدلالة عليها [4].

 أي أن ظهور اللغة في هذه المرحلة يكون نتيجة إدراك الطفل لأهمية الكلمات في التعبير عن الأشياء والمشاعر [2]. ولكن لغة الطفل هنا تتميز بتمحورها حول ذاته، ويتمثل هدفها بالتواصل من أجل نفسه [3].

أما في مرحلة ما قبل العمليات، تشهد اللغة تقدماً سريعاً بسبب تطور السكيما العقلية لدى الطفل، والذي يسمح له بالتقاط عدد كبير من الكلمات الجديدة بسرعة. يصبح بوسع الأطفال هنا تركيب جمل بدائية بعض الشيء، وهذا يمثل انتقالاً من مرحلة الكلمة الواحدة [3].

ثم تأتي مرحلة العمليات المحسوسة، وتشهد تحولاً في طريقة تفكير الطفل التي تصبح أكثر منطقية، وتتوجه نحو أحداث ملموسة في البيئة المحيطة. كما يبدأ الطفل بالتفكير بحل المشكلات التي تواجهه. ينعكس هذا التطور في اللغة المكتسبة، والتي تصبح أكثر اجتماعية من كونها متمحورة حول الذات [3].

عند الوصول للمرحلة الأخيرة، وهي مرحلة العمليات المجردة، يكون استيعاب الشخص – الذي أصبح الآن بالغاً – قد تطور أكثر وأصبح يضم مفاهيم وأفكاراً مجردة. وبناء على هذا التطور تتغير اللغة لتلبي الحاجة للحديث عن مواضيع أخلاقية أو فلسفية [3].

مواطن ضعف النظرية المعرفية

تواجه النظرية المعرفية انتقادات تطال محدودية بعض جوانبها. فيلاحظ عالما النفس فيغوتسكي (Vygotsky) وبرونر (Bruner) أن بياجيه فشل في احتواء كافة الجوانب الثقافية والاجتماعية في تجاربه. حيث اقتصرت ملاحظاته على سياقات محددة ثقافياً. كما يرى هذان العالمان أن لبيئة الطفل الاجتماعية والأشخاص الراشدين من حوله دوراً مهماً في تطور قدراته المعرفية واكتسابه للغة. وعند الحديث عن رحلة النمو المعرفي، يرى فيغوتسكي وبرونر أن هذا التطور يحدث على شكل عملية واحدة مستمرة لا على شكل مراحل متعاقبة [3].

في النهاية، أجرى بياجيه أبحاثه ومراقباته لوحده، وكانت البيانات التي جمعها قائمة على تفسيره الشخصي للأحداث. أي أن منهجية البحث التي استخدمها تميل إلى كونها منحازة للتفسيرات الشخصية [2].

المصادر

  1. Theories of language acquisition
  2. Simply Psychology
  3. Cognitive Theory – Study Smart
  4. Very well mind

النظرية الفطرية في اكتساب اللغة

هذه المقالة هي الجزء 4 من 7 في سلسلة مقدمة في نظريات اكتساب اللغة

النظرية الفطرية في اكتساب اللغة

ترى النظرية الفطرية (Nativist Theory) أن قدرات البشر وعمليات التطور عندهم تكون موجودة منذ الولادة [1]. ولا يعد اكتساب اللغة استثناءً هنا. فحسب هذه النظرية، يولد البشر مع قدرة فطرية تمكّنهم من إنجاز عملية الاكتساب تلك. وقد حققت هذه النظرية ثورةً في مجال دراسة اكتساب اللغة لدى الأطفال بفضل العالم اللغوي الأمريكي نعوم تشومسكي (Chomsky) الذي يرى أن الأطفال يتعلمون لغتهم الأم دون الحاجة إلى تعليم رسمي. بل إن قدرتهم الفطرية هي التي تساعدهم على تنظيم قواعد اللغة، في حين يتمثل دور البشر الآخرين من حولهم في مساعدتهم بتفعيل هذه الموهبة [2].

أساس النظرية الفطرية

عند وصف اللغة بأنها ملكة فطرية، يقصد تشومسكي أن الأطفال يولدون مجهزين بمجموعة من القواعد حول اللغة في عقولهم. وقد أطلق على هذه المجموعة اسم النحو الكلي (Universal Grammar). تشكل هذه المجموعة الأساس الذي تُبنى عليه كافة اللغات البشرية. أي أنه وفقاً لتشومسكي، تشترك كافة اللغات بأساس واحد يكون موجوداً منذ الولادة. كما يرى في السهولة الكبيرة التي يتعلم بها الأطفال لغتهم الأم دليلاً يدعم فرضيته. إذ عند المقارنة، من شبه المستحيل أن يتعلم الأطفال الرياضيات أو ركوب الدراجة، مثلاً، بنفس الطريقة التي يتعلمون بها لغتهم [2].

النحو الكلي

ويعزو تشومسكي سهولة اكتساب اللغة الأم للنحو الكلي بناءً على عدة أسباب. أولاً، إن اللغة التي يتعرض لها الأطفال هي أبعد من أن تكون صحيحةً بالكامل. حيث أنه عندما يتحدث الكبار، يصدف أن يخطؤوا بالكلام أو يتلعثموا أو يقاطعوا بعضهم البعض. ولكن مع هذا، يتمكن الأطفال من اكتساب لغةٍ سليمة. بالإضافة لذلك، لا يقتصر اكتساب اللغة لدى الأطفال على نسخ ما يسمعونه من حولهم. بل يتعلمون أيضاً قواعد اللغة ويستخدمونها لإصدار جمل لم يسبق لهم أن سمعوها [2].

تقدم مجموعة النحو هذه عدداً محدداً من الاحتمالات الممكن استخدامها في اللغة. على سبيل المثال، توجد عدة طرق لترتيب الكلمات في الجملة، وجميعها مدرجة ضمن النحو الكلي. تتوزع هذه الطرق أو الأنماط المختلفة على لغات العالم. فنجد نمط “فاعل – فعل – مفعول به” في اللغات الإنكليزية والفرنسية والفيتنامية، كما يوجد ترتيب “فاعل – مفعول به – فعل” في اليابانية والتيبتية والكورية. ونرى ترتيب “فعل – فاعل – مفعول به” في الويلزية، أما ترتيب “فعل – مفعول به – فاعل” هو من قواعد اللغة الملغاشية [3].

وعليه، إن هذا العدد المحدد من الترتيبات هو جزء من النحو الكلي الذي يولد مع الأطفال، وعندما يبدؤون بالاستماع إلى أهلهم ومقدمي الرعاية، سيميز اللاوعي لديهم نوع اللغة التي يتعاملون معها. وبالنتيجة سيتم ضبط النحو والقواعد اللغوية وفقاً للصيغة الصحيحة. وهذا ما يسمى ضبط المعايير (setting the parameters). وكأن الطفل يُمنح مجموعة من الفرضيات عند ولادته، ويقوم بعد هذا بمطابقتها مع ما يسمعه من حوله. فالطفل لا يتلقى تعليماً مباشراً ورسمياً حول طريقة ترتيب الكلمات في الجملة، أو حول الكلمات التي تستخدم كفعل مثلاً. لكنه يدرك هذا بالفطرة التي تمكنه من التعامل مع المعلومات التي يتلقاها [3].

جهاز اكتساب اللغة

عند تفسير عملية اكتساب اللغة لدى الأطفال وطريقة اختيار القواعد الملائمة من مجموعة النحو الكلي، يتحدث تشومسكي عن جهاز اكتساب اللغة (Language Acquisition Device – LAD). وهو منطقة مفترضة من الدماغ تشرح كيف يمكن للأطفال أن يتعلموا اللغات بسرعة. إلا أنها ليست منطقة حقيقية يمكن رؤيتها عند التشريح، بل هي أقرب ما تكون إلى فكرة نظرية لتفسير اكتساب اللغة. حيث يشرح هذا الجهاز الطريقة التي يستخدم فيها الأطفال قدرتهم الفطرية لفهم اللغة وقواعدها [4]. ويفترض تشومسكي أن هذا الجهاز يتفعل عندما يسمع الطفل الكلام، وهو سمة بشرية لا تتواجد عند الحيوانات [5].

وقد عمل تشومسكي على تنقيح نظريته المتعلقة بجهاز اكتساب اللغة. فكان يعتقد أولاً أنه يضم مجموعة معارف محددة حول اللغة. ولكن فيما بعد، تطورت فكرة هذا الجهاز بأنها تمثل آلية عمل لاكتشاف قواعد اللغة أو استنتاجها [6].

مواطن ضعف النظرية الفطرية

كان عمل تشومسكي في مجال اللغة نظرياً، واهتمامه منصباً حول القواعد والنحو. ويتمثل قسم كبير من عمله بتفسيرات معقدة للقواعد النحوية. إلا أنه لم يتطرق في دراسته لأطفال حقيقيين. وتعتمد نظريته على تعرض الأطفال للغة في السياق المحيط بهم دون النظر في تفاعلهم مع الأطفال الآخرين أو مقدمي الرعاية. وعلاوة على ذلك، لا تشرح أبحاث تشومسكي الأسباب الكامنة وراء رغبة الطفل في الحديث أو ما يعرف بوظائف اللغة [7].

ولهذه الأسباب، قامت النظريات اللاحقة بالتركيز على الطرق التي يطور فيها الأطفال الحقيقيون اللغة لتلبية احتياجاتهم والتفاعل مع البيئة المحيطة، والتي تضم بشراً آخرين [7].

المصادر

  1. Encyclopedia of Child Behavior and Development
  2. Scientific Editing
  3. Noam Chomsky and Language Acquisition
  4. Study.com
  5. Nativist – Study Smart
  6. Chomsky – Study Smart
  7. Theories of language acquisition

النظرية السلوكية في اكتساب اللغة

هذه المقالة هي الجزء 3 من 7 في سلسلة مقدمة في نظريات اكتساب اللغة

النظرية السلوكية في اكتساب اللغة

تعد النظرية السلوكية (Behavioural Theory) إحدى نظريات علم النفس الخاصة بالتعلم. وتطرح فكرة أن تعلم جميع السلوكيات يتم عن طريق التفاعل مع البيئة في عملية تدعى الإشراط أو التكييف (conditioning) مع ظروف معينة محيطة بالشخص تسمى المحفزات. أي أن السلوك هو عبارة عن استجابة لتلك المحفزات [1]. وقد تم تطبيق هذه النظرية في علم اللغويات لتفسير عملية اكتساب اللغة الأم لدى الأطفال.

أساس النظرية السلوكية

يقوم المبدأ الأساسي للنظرية السلوكية على تحليلات السلوك البشري في التفاعلات التي تنطوي على استجابة محددة (response) لمحفز ما (stimulus)، والربط بين هذه الاستجابة وذاك المحفز. وكان عالم النفس الأمريكي إدوارد ثورندايك “Thorndike” أول من بحث في تفسير التعلم على أنه عملية خلق ارتباطات بين سلوك معين ونتائج هذا السلوك. كما طور عالم النفس الأمريكي ب. ف. سكينر “Skinner” نموذج الإشراط الإجرائي (operant conditioning) كجزء من نظرية التعلم القائمة على الاستجابة للمحفزات. حيث اعتبر سكينر أن التعلم بشكل عام هو عملية تأسيس عادات محددة، تنتج عن فعل التعزيز [2].

وعند البحث في الإشراط الإجرائي، تحدث سكينر عن نوعين من التعزيز يتلقاهما الشخص بناءً على سلوكه. فإما أن يتلقى تعزيزاً إيجابياً (positive reinforcement) عن طريق المكافأة (reward)، وهذا ما يثبّت السلوك محلّ الاهتمام. أو أنه يتلقى تعزيزاً سلبياً (negative reinforcement) عن طريق العقاب (punishment)، وهذا ما يحيّد السلوك غير المرغوب به [3].

السلوكية واكتساب اللغة

عند تطبيق السلوكية على عملية اكتساب اللغة، يقول سكينر أن الأطفال يعدلون استخدامهم للغة (أو يكيفوه!) كاستجابة للتعزيز. على سبيل المثال، قد يشعر الطفل بالجوع ويطلب الطعام باستخدام الكلمات المناسبة، كأن يقول “ماما، عشاء”. وهذا ما يؤدي إلى تعزيز إيجابي لهذا السلوك – المتمثل باستخدام اللغة – عن طريق إعطائه الطعام بالفعل، أو تلقيه للمديح والتشجيع من مقدم الرعاية. بالمقابل، عند استخدامه للغة بطريقة غير صحيحة، كأن يستعمل كلمات في السياق الخاطئ، سيتم تصحيحه، أو بأبسط الحالات تجاهله. وهذا ما يمثل تعزيزاً سلبياً ينتج عنه تهميش السلوك غير المرغوب، أي الاستخدام الخاطئ للغة. إضافة لهذا، يلتقط الأطفال اللكنات واللهجات العامية للغة من البيئة المحيطة. وهذا ما يدل على أن المحاكاة تلعب دوراً في اكتساب اللغة [3].

أما في مرحلة الدراسة، يصبح استخدام اللغة أكثر دقة وتعقيداً. ويمكن تفسير هذا بأن للمعلمين دوراً أكثر فعالية من دور مقدمي الرعاية في تصحيح الأخطاء لدى الأطفال. كما يرى بعض الباحثين أن تصحيح مقدمي الرعاية لأخطاء الأطفال هو تصحيح للمحتوى أكثر من تصحيح القواعد والتراكيب اللغوية. أي عندما ينطق الطفل بعبارة صحيحة من حيث المحتوى ولكنها خاطئة قواعدياً، سيتلقى تعزيزاً إيجابياً من مقدمي الرعاية بناءً على صحة حديثه. أما إذا حدث العكس، أي إذا استخدم الطفل لغة سليمة من ناحية القواعد ولكنها لا تنقل رسالة صحيحة المحتوى، فسيكون التعزيز سلبياً. فمقدمو الرعاية يهتمون بصحة الكلام وصدقه أكثر من دقته اللغوية. وتعتبر هذه من نقاط الضعف ضد النظرية السلوكية، حيث أن اللغة التي يسمعها الطفل ليست صحيحةً كل الوقت [3].

مواطن ضعف النظرية السلوكية

إذاً تواجه النظرية السلوكية انتقاداتٍ متعلقةً بمحدودية بعض أفكارها. كما ذُكر سابقاً، يصعب شرح كيفية اكتساب الأطفال للصيغ القواعدية في الوقت الذي لا يتلقون فيه تعزيزاً كافياً من هذه الناحية، أي قبل دخولهم للمدرسة. وأيضاً، يرى بعض الباحثين أن عملية التعزيز الإيجابي هي بطيئة مقارنة مع كمية المفردات التي يكتسبها الأطفال في سنوات اكتسابهم للغة. ثم إن النظرية السلوكية لا تشرح الاختلافات الفردية كتلك المرتبطة بمستوى الذكاء. وأخيراً، فإن الطبيعة المعقدة للعديد من جوانب اكتساب اللغة تجعل شرحها بطريقة الإشراط الإجرائي أمراً غير كافٍ [4].

المصادر

  1. Behaviorist Approach – Simply Psychology
  2. BEHAVIORIST THEORY AND LANGUAGE LEARNING – Dr Mehmet DEMİREZEN
  3. Behavioural Theory – Study Smart
  4. Behaviourist Theory of Language Acquisition

نظريات اكتساب اللغة

هذه المقالة هي الجزء 2 من 7 في سلسلة مقدمة في نظريات اكتساب اللغة

نظريات اكتساب اللغة

قبل الحديث عن نظريات اكتساب اللغة، لا بد أولاً من إعطاء فكرة عن هذه العملية وخواصها. يُعرّف اكتساب اللغة على أنه التطور التدريجي للمقدرة اللغوية لدى المتحدث. ويختلف اكتساب اللغة عن تعلمها بالنسبة للطريقة التي تتم من خلالها كل من هاتين العمليتين. وعند الحديث عن كيفية إتقان البشر للغتهم الأم منذ الصغر، فنحن نتحدث عن عملية اكتساب لا تتم بطريقة واعية ومخطط لها. بل تقوم على التأثر بالمحيط والتقاط اللغة من الناطقين بها مباشرة. وعليه تختلف عمليتا تعلم اللغة واكتسابها من ناحية طبيعة الخطوات التي تمران بها ومدى إدراك الفرد متعلم اللغة لما يحدث أو تحكمه به.

علم النفس اللغوي

يعد اكتساب اللغة من أبرز المحاور التي يجري البحث فيها ضمن علم اللغويات (linguistics). ولكن دراسته لا تقتصر على هذا العلم فحسب، إذ يمثل أيضاً أحد المواضيع المهمة في علم النفس (psychology). فينصب التركيز هناك على دراسة العمليات النفسية التي تمكّن البشر من إتقان اللغة واستخدامها. وعلى وجه الدقة، يسمى هذا القسم من علم النفس بعلم النفس اللغوي (psycholinguistics)، كما يطلق عليه أيضاً اسم علم اللغة النفسي. تنظر الأبحاث التي تجري تحت مظلة هذا العلم في تطور الحديث واللغة، وكيف يحدث فهم اللغة وإصدارها لدى الأفراد من مختلف الأعمار. ويعد اكتساب اللغة الأم، أي في مرحلة الطفولة، من أهم المحاور التي قامت حولها الكثير من النظريات والفرضيات [1].

اختلاف تفسير اكتساب اللغة

يفسر الباحثون عملية اكتساب اللغة لدى الأطفال بطرق مختلفة. وتتباين الأفكار المتعلقة بطبيعة المقدرة اللغوية لدى البشر، وبالعمر الأمثل لاكتساب اللغة. فيذهب البعض إلى أن اللغة أمر فطري يولد مع البشر ويتطور مع التقدم بالعمر. في حين يرفض آخرون هذا، ويعتبرون أن البيئة المحيطة هي العامل الأساسي في اكتساب البشر للغة. كما توجد فرضية تتعلق بالفترة العمرية التي ينجح فيها الأطفال بتطوير المقدرة اللغوية، وتسمى فرضية الفترة الحرجة (critical period hypothesis). باختصار، تقترح هذه الفرضية وجود فترة حرجة من عمر الإنسان يستطيع خلالها أن يتعلم لغةً معينةً ويتقنها كلغةٍ أمّ. تبدأ هذه المرحلة عند السنتين من العمر تقريباً، وتنتهي مع سن البلوغ. وبحسب هذه الفرضية، يصبح اكتساب اللغة أصعب بعد تجاوز هذه المرحلة، وتقل فرص النجاح، وهذا ما يفسر صعوبة تعلم اللغة لدى البالغين [2] [3].

حالة الطفلة “جيني” بالنسبة لنظريات اكتساب اللغة

يمكن توضيح الاختلاف في أفكار الباحثين حول تفسير عملية اكتساب اللغة عن طريق حالة طفلة أمريكية أطلق عليها اسم “جيني – Genie”. وقد كانت هذه الحالة – على غرابتها وقسوتها – موضوعاً مهماً في علوم اللغويات والنفس بشكل أساسي. في عام 1970، دخلت الطفلة جيني ذات 13 عاماً إلى أحد مشافي ولاية كاليفورنيا الأمريكية، بعد أن أنقذتها إحدى هيئات الخدمة الاجتماعية من والدها الذي كان يسيء معاملتها. فقد أمضت معظم حياتها مقيدة على كرسي في غرفة صغيرة مقفلة. ولم يكن مسموحاً لها بأن ترى أو تتواصل مع أي أحد، ما عدا والدتها التي كانت تدخل إلى غرفتها لبضع دقائق لا أكثر. بالنتيجة، وكما هو متوقع، لم يكن باستطاعة جيني استخدام اللغة عندما أُخرجت من عزلتها تلك. ولكن خلال فترة زمنية قصيرة، أصبح بإمكانها التجاوب مع حديث الآخرين وتقليد الأصوات والتواصل [4].

وقد كان لحالة جيني أثر كبير على دراسة اكتساب اللغة لدى الأطفال. فمن جهة، كانت لديها القدرة على تطوير الكلام واستخدام اللغة بعد تجاوزها عمر 13 عاماً. ولكن من جهة أخرى، كانت هذه القدرة بسيطةً، ولم تصل إلى مرحلة استخدام صيغٍ كلاميةٍ معقدةٍ قواعدياً. وهذا ما أثار تساؤل علماء النفس واللغويين على حد سواء، حيث أخذوا من حالة جيني وحرمانها فرصة لدراسة اكتساب اللغة لدى الأطفال، خاصة مع الأخذ بعين الاعتبار أنها كانت تعيش في بيئة لم يكن من المسموح فيه استخدام اللغة. ذلك الأمر حفز الجدال الأساسي، هل اللغة أمرٌ فطري أم أنها ناتجة عن التنشئة؟ هل نكتسب اللغة لأنها تولد معنا أو أنها تتطور لدينا بسبب وجودها في البيئة المحيطة بنا؟ كما أن حالة جيني كانت تدعم فرضية الفترة الحرجة لتعلم اللغة لدى الأطفال، وخاصة أنها لم تصل إلى مرحلة إتقان اللغة كلغة أم، حتى بعد إنقاذها والنجاح الخجول لمحاولات تعليمها الكلام والتواصل اللغوي [2].

نظريات اكتساب اللغة

إذاً، توجد العديد من النظريات التي تحاول تفسير طريقة اكتساب اللغة لدى الأطفال. منها ما يؤيد فكرة أن اللغة أمر فطري لدى البشر، تكون موجودة أصلاً، ثم تتطور. في حين تذهب نظريات أخرى إلى أن اللغة تنتج من المحيط وتتطور ضمنه. ولكن من الجدير بالذكر أن هذه النظريات ليست محض نظريات متناقضة، تحل إحداها محل الأخرى. بل تهدف كل نظرية منها إلى إغناء الفهم الكلي لفكرة اكتساب اللغة، ولكن عن طريق التأكيد على أحد الجوانب دوناً عن غيره في هذه العملية المعقدة. سنستعرض بعضاً من هذه النظريات بشكل عام، على أن يتم التوسع بكلٍ منها لاحقاً [5].

النظرية السلوكية في اكتساب اللغة

تعد النظرية السلوكية (Behavioural Theory) من أوائل نظريات اكتساب اللغة. ويعد عالم النفس الأمريكي “سكينر – Skinner” من أعلام السلوكية، وأحد أبرز الباحثين الذين يعزون تطور اللغة إلى تأثير البيئة المحيطة. وفقاً للسلوكية، يولد الأطفال مثل صفحة فارغة، دون أن يكون لديهم قدرة فطرية على تعلم اللغة. لكنهم يعتمدون في ذلك على التكيف مع البيئة المحيطة [6].

وفي تفسيره لاكتساب اللغة، يقترح سكينر أن الطفل يحاول تقليد والديه أو مقدمي الرعاية. وعندما ينجح بإصدار كلمات صحيحة، يقوم الكبار بتقديم الثناء أو المديح. وهذا ما يعزز محاولات الطفل الناجحة لإصدار اللغة الصحيحة، في حين ينسى المحاولات غير الناجحة التي لا يتم ترسيخها من المحيط [5].

النظرية الفطرية في اكتساب اللغة

من أبرز علماء اللغة الذين بحثوا في عملية الاكتساب وعملوا على تفسيرها هو الأمريكي “تشومسكي – Chomsky”. ويلمع اسم تشومسكي عند الحديث عن النظرية الفطرية (Nativist Theory) التي انتقد من خلالها سكينر والنظرية السلوكية. حيث يرى أن الأطفال لا يحصلون على مدخلات لغوية صحيحة بالقدر الكافي الذي يمكنهم من اكتساب اللغة السليمة. حيث أن الكبار من حولهم لا يستخدمون دائماً لغة صحيحة من ناحية القواعد أو التراكيب. كما أن الطفل لا يسمع إلا عدداً قليلاً من كلمات اللغة [5].

وعليه، تذهب النظرية الفطرية إلى أن الأطفال يولدون ولديهم مَلَكةٌ فطرية لاكتساب اللغة، الذي يحدث وفق عملية محددة بيولوجياً. يرى تشومسكي أن الدماغ تطور لدى الجنس البشري، وأصبحت داراته العصبية تحتوي على معلومات لغوية منذ الولادة. وتتحفز هذه القدرة الطبيعية على اكتساب اللغة عن طريق سماع الحديث الذي يستطيع عقل الطفل تفسيره نتيجة ما يحتويه أصلاً من قواعد وتراكيب. وهذا ما يطلق عليه في علم اللغة اسم “أداة اكتساب اللغة – Language Acquisition Device” [5].

النظرية المعرفية/الإدراكية في اكتساب اللغة

وضع عالم النفس السويسري “بياجيه – Piaget” اكتساب اللغة في إطار التطور العقلي أو المعرفي لدى الطفل، ويعد هذا من أهم مبادئ النظرية المعرفية أو الإدراكية (Cognitive Theory). حيث رأى أنه يجب للطفل أن يدرك المفاهيم التي يسمعها قبل أن يكون باستطاعته اكتساب لغة معينة تعبر عن تلك المفاهيم [5]. ويناقش بياجيه أنه لا يمكن للمعرفة أن تنبثق من مجرد التجربة العملية. بل ينبغي وجود تراكيب أو أنماط عقلية تساعد على فهم العالم. ويرى أن الأطفال يولدون ولديهم تركيب عقلي أساسي تبنى عليه المعرفة. ومع تطور إدراك الأطفال للعالم من حولهم، يصبح بمقدورهم اكتساب اللغة بشكل أكبر. على سبيل المثال، يشرح بياجيه أنه لا يمكن للأطفال استخدام زمن الماضي في حديهم أو إصداراتهم اللغوية ما لم يكونوا قد استوعبوا مفهوم الماضي وأدركوا دلالته [7].

النظرية التفاعلية في اكتساب اللغة

وفقاً للنظرية التفاعلية (Interactionist Theory)، يكمن الهدف من وجود اللغة في التواصل مع الآخرين، ولهذا لا يمكن تعلم اللغة إلا في سياق تفاعلي [5]. يعد عالم النفس الأمريكي “برونر – Bruner” من أبرز الأسماء التي أسهمت في النظرية التفاعلية وأول من ناقشها. حيث اقترح أن لدى الأطفال قدرة فطرية على تعلم اللغة، لكنهم بحاجة إلى تواصل وتفاعل مباشر مع الآخرين لتحقيق الطلاقة اللغوية الكاملة. أي أن مشاهدة التلفاز أو الاستماع للآخرين ليست كافية لاكتساب اللغة، بل لا بد للأطفال أن يتفاعلوا بشكل مباشر مع غيرهم كي يفهموا المواقف المختلفة الذي تستخدم اللغة ضمنها [8].

نظرية وظائف اللغة

تحدث اللغوي البريطاني “هاليداي – Halliday” عن سبع وظائف للغة (language functions) وتتدرج هذه الوظائف من ناحية التعقيد الذي يزداد مع تقدم الطفل بالعمر. يشرح هاليداي أنه مع تطور قدرة الأطفال على التعبير عن أنفسهم، تغدو حاجتهم للغة أكبر بصفتها رمزاً ثقافياً يساعدهم على أن يكونوا جزءاً من المجتمع. أي أنها ليست مجرد وسيلة للتواصل وحسب، بل إن تطور اللغة لدى الأطفال يتزامن مع تطور معرفتهم بالعالم من حولهم [9].

هل اكتسبت الطفلة جيني اللغة بعد عمر 13 عاماً؟

بالعودة إلى الطفلة جيني، كانت حالتها مجالاً لاختبار العديد من النظريات. فحتى مع عمرها المتقدم نسبياً، راقب الباحثون المراحل المعروفة لاكتساب اللغة لدى الأطفال. وبعد العمل معها، بدأت جيني تكتسب عدداً كبيراً من المفردات الجديدة. وقد كانت تمر فعلاً بالمراحل الأساسية التي يمر بها الأطفال، من مرحلة إصدار الكلمة الواحدة، إلى مرحلة الكلمتين، ثم الثلاث كلمات. ولكن لم يكن باستطاعتها تطبيق القواعد النحوية بفعالية، أو استخدام اللغة بطلاقة كاملة. وحتى عند تقدمها بالعمر وبلوغها سن الرشد، لم تنجح المحاولات في إكساب جيني “اللغة الأم” التي يمكن لها أن تتواصل عن طريقها. وقد دخلت قضيتها المعقدة تلك غياهب الكتمان نتيجة صعوبة وضعها وما ينطوي عليه من تعقيدات تتجاوز اهتمام علم اللغويات [2].

لكن مع كل الفرضيات والدراسات، يبقى البحث مفتوحاً في مجال علم النفس اللغوي لمحاولة الوصول إلى فهم أوسع لآلية اكتساب اللغة الأم لدى الأطفال.

المصادر

  1. Psycholinguistics – Science Direct
  2. Theories of Language Acquisition – Study Smart
  3. Critical Period – Study Smart
  4. George Yule, The Study of Language, 4th edition. Cambridge UP.
  5. Theories of Language Acquisition
  6. Behavioural Theory – Study Smart
  7. Cognitive Theory – Study Smart
  8. Interactionist Theory – Study Smart
  9. Halliday – Study Smart

تعلم اللغة واكتسابها: عمليتان مختلفتان في الظروف والمراحل

هذه المقالة هي الجزء 1 من 7 في سلسلة مقدمة في نظريات اكتساب اللغة

تعلم اللغة واكتسابها: عمليتان مختلفتان في الظروف والمراحل

بين عمليتي تعلم اللغة واكتسابها، يكمن فرق في الآلية التي تتم فيها العملية والظروف التي تجري ضمنها. إذ لا يتوقف الاختلاف بين هاتين العمليتين على رقم اللغة موضوع التعلم؛ فيما إذا كانت اللغة الأولى (اللغة الأم) أو لغة أخرى غيرها.

الفرق بين تعلم اللغة واكتسابها

يمكن تعريف اكتساب اللغة على أنه التطور التدريجي للمقدرة اللغوية لدى المتحدث. ويكون هذا التطور نتيجةً طبيعيةً لعمليات التواصل مع المحيط الناطق بهذه اللغة. فتلقي اللغة في هذه الحالة هو أمر عفوي وتلقائي، لأنها لغة المجتمع الذي يعيش فيه الشخص. لذا يكون إتقانها أمراً مفروضاً من مواقف الحياة اليومية أكثر من كونه خياراً [1].

بالمقابل، يُعرف التعلم على أنه عملية تتسم بالوعي والإدراك. أي أنها مقصودة ومخططٌ لها من قِبَل المتعلم. فهو يعمل على تجميع المعلومات المتعلقة باللغة الهدف. كما يدرس سماتها وقواعدها ومفرداتها باختياره. وغالباً ما يتم هذا في سياق تدريسي كصفّ أو مدرسة [1].

ترتيب اللغات التي يمكن اكتسابها / تعلمها

بالنسبة للغة الأم، يكون إتقانها لدى الأطفال ناتجاً عن عملية اكتسابٍ لا تعلم. فالطفل يتعرض للّغة مما يسمعه من الأشخاص من حوله. ويؤدي هذا إلى التقاطها وتطورها لديه. حتى عندما نتكلم عن الأطفال ثنائيي اللغة، يكون إتقانهم للغة الثانية أيضاً بعملية اكتساب. فهؤلاء هم الأطفال الذين يعيشون في بيئة تتحدث لغتين. قد تتمثل هذه البيئة بالوالدين أو مقدمي الرعاية أو المجتمع المحيط. وعادة ما يكتسب الطفل اللغتين بالتزامن مع بعضهما [2].

أما عند الانتقال إلى لغة غير اللغة الأم، يجب التمييز بين مصطلحين. فاللغة الأخرى هي إما أن تكون “لغة ثانية” أو “لغة أجنبية”، ولكل من هذين المصطلحين دلالةٌ مختلفة. بالنسبة للغة الثانية، فهي اللغة التي يتعلمها غير الناطق بها عندما يكون في مجتمعٍ أو محيطٍ يتحدثها. على سبيل المثال، عندما يسافر شخص عربي إلى فرنسا ويباشر تعلم اللغة الفرنسية، فهي لغة ثانية بالنسبة للمتعلم. فهو في تلك الحالة يعيش في مجتمع يتحدث اللغة الهدف. وحتى وإن درسها في مؤسسة تعليمية، فهو يعيش في بيئة تنطق بها وتتخذها لغة أصلية. أما إذا التحق المتعلم نفسه في أحد معاهد تعلم اللغة الفرنسية في بلده العربي، تكون عندها الفرنسيةُ لغةً أجنبيةً، لأنه يتعلمها ضمن مجتمع غير ناطقٍ بها [1].

اكتساب (وليس تعلم!) اللغة الأم

تنطوي أول سنتين من نمو الطفل على الكثير من عمليات التفاعل مع أشخاصٍ يستخدمون اللغة. وهذا ما يساهم في تطويرها لديه. إذ إن الأطفال الذين لا يسمعون اللغة – إما لأسباب صحية أو لغير ذلك من الظروف التي قد يتعرضون لها – لن يكونوا قادرين على الكلام. وهذا يدل على أن اللغة التي يتعلمها الطفل هي مكتسبةٌ وليست أصلية أو موروثة. كما أنها تتأثر بالبيئة المحيطة وبكيفية استخدام اللغة فيها [1].

المدخلات التي تساعد على اكتساب اللغة الأم

من الأمور التي تساعد الطفل على اكتساب اللغة وجود “المدخلات” اللغوية التي تنتج عن البالغين أو حتى الأطفال الأكبر سناً ممن يختلط معهم. وتمر هذه العملية بمراحل متعددة. فالطفل لا يبدأ باستخدام كلماتٍ كاملةٍ أو جملٍ صحيحةٍ مباشرةً. بل يأخذ وقتاً حتى يصل إلى مرحلة الإتقان اللغوي، خاصة وأن الكبار من حوله لا يستخدمون معه اللغة الصحيحة تماماً. بل يميل مقدمو الرعاية، إما الوالدان أو غيرهم من الكبار، إلى استخدام لغةٍ بسيطةٍ وعباراتٍ غير معقدة عند التواصل مع الأطفال الصغار [1].

تمر عملية اكتساب اللغة الأم لدى الأطفال بمراحل متعاقبة. وعند تقسيم هذه المراحل، من الجدير الانتباه إلى أن الأعمار التي تحدد هذه المراحل هي تقديرية. صحيح أن اللغويين يؤكدون على توخي الدقة في هذه التفاصيل. لكنهم يشيرون إلى أنه في مجال لغة الأطفال، يوجد احتمال تباين كبير بين مختلف الأطفال فيما يتعلق بالعمر الذي يبدؤون فيه بإصدار اللغة، ومراحل تطورها لديهم [1].

مراحل اكتساب اللغة الأم لدى الأطفال

في المرحلة الأولى، تكون المخرجات اللغوية من الطفل عبارةً عن أصواتٍ مثل “با با با” أو “غو غو غو”. تتزامن هذه المرحلة مع الأشهر الأولى من حياة الطفل، ومع تقدمه بالعمر، تتداخل مختلف الأصوات مع بعضها. كما يبدأ الطفل بمحاولة تقليد الكبار بالنبرة. بدورهم، يقوم مقدمو الرعاية والبالغون المحيطون بالطفل بالتفاعل مع هذه الأصوات كأنها تواصل متكامل. وبالنتيجة، تتطور قدرة الطفل على التفاعل الاجتماعي باستخدام الأصوات [1].

أما المرحلة الثانية لاكتساب اللغة، فتأتي بين عمر السنة وسنة ونصف. وتتسم لغة الطفل عندها باحتوائها على العديد من الكلمات ذات المقطع الصوتي الواحد، والتي يسهل تمييزها. وتشير معظم تلك الكلمات إلى أشياء من الحياة اليومية، كبعض أنواع الأطعمة مثل “كعك” أو “شاي”. كما يمكن أن تضم أسماء أدواتٍ يستخدمها الطفل مثل “ملعقة” أو “كوب”. لكن من الصعب أن تكون هذه الكلمات صحيحةً دائماً. بمعنىً آخر، قد يصدر الطفل لفظاً مؤلفاً من صوت واحد ويشير بالمقابل إلى شيءٍ ما، لكن ربما يكون هذا اللفظ بعيداً عن الكلمة الحقيقية في اللغة [1].

بعد بلوغه سنة ونصف السنة تقريباً، ينتقل الطفل إلى مرحلة أكثر تقدماً في التعبير. ويستخدم ألفاظاً أو كلماتٍ مؤلفة من مقطعين صوتيين. وعند الوصول إلى عمر السنتين، يصبح باستطاعته أن ينطق بتراكيب مؤلفة من كلمتين. ومع أن تلك التراكيب لا تكون دائماً صحيحة لغوياً، يستطيع الأهل أو مقدمو الرعاية أن يفهموا ما يقصده الطفل بناء على السياق [1].

وبالانتقال إلى المرحلة بين سنتين وسنتين ونصف، تتطور اللغة لدى الطفل وتأخذ شكل عدد كبير من الألفاظ التي يمكن تصنيفها على أنها كلمات معقدة. وتكمن أهمية هذه الألفاظ بتنوع صيغ الكلمات المستخدمة، فضلاً عن كثرة عددها. وبعد هذه المرحلة تتوسع مجموعة المفردات لدى الطفل بسرعة. وعند سن الثالثة، يصبح مخزون هذه المفردات عدة مئاتٍ، مع تحسن ملحوظ في اللفظ. حيث يأخذ لفظه شكلاً أقرب إلى لفظ البالغين منه إلى لغة الأطفال [1].

تعلم اللغة الثانية

ذكرنا أعلاه الفرق بين تعلم اللغة واكتسابها. كما وضحنا كيف يختلف مصطلحا اللغة الثانية واللغة الأجنبية. ولكن لأن هذه اللغة الجديدة هي لغة أخرى غير اللغة الأم أو الأولى، يستخدم عادة مصطلح “اللغة الثانية” للدلالة عليها في كلتا الحالتين.

بعد أن يتعلم الشخص لغته الأم وتتعزز لديه، يكون تعلم اللغة الثانية عمليةً واعيةً وضمن نطاق منتظم. كما يمكن أن تتم في أي عمر يختاره المتعلم؛ ليس بالضرورة منذ الطفولة. وتوجد العديد من الطرق لتعلم اللغة الثانية، منها ما هو نظري ومنها ما هو تفاعلي. لكن يميل البعض إلى تطبيق أساليب تفاعلية تجعل من التعلم أقرب للاكتساب الطبيعي. أي أن بعض منهجيات التدريس تركّز على تطبيق أنشطة تتضمن التواصل والتعرض للغة بطريقة تشبه اكتساب اللغة الأم. فقد أثبتت عملية الاكتساب فعاليتها أكثر من الطرق التقليدية التي تقوم على التلقين والحفظ [3].

اقرأ أيضاً: ما أهمية تعلم الأطفال اللغات؟

المصادر

  1. George Yule, The Study of Language, 4th edition. Cambridge UP.
  2. ESLbase
  3. Reading Rockets

لغة الآلف واللغات الخيالية

لغة الآلف واللغات الخيالية

لا يخفى على محبي اللغات والخيال وجود لغات مؤلفة خصيصاً لعالم الروايات أو الأفلام أو حتى الألعاب. وتعتبر لغة الآلف الخيالية من بين أكثر اللغات شعبيةً، لا سيما بين محبي سلسلة “سيد الخواتم”.

لمحة عن اللغات الخيالية

في عالمنا الواسع، توجد العديد من اللغات الطبيعية التي يتحدثها البشر. وتحظى كل لغةٍ بعدد مختلف من الناطقين، يتراوح بين عدة ملايين وبضعة عشرات أو أقل. وحتى اللغات المنقرضة، كان يتحدثها الناس في فترة من الزمن. هذا ما يجعل عالم اللغات عالماً غنياً ومثيراً لاهتمام الدارسين والباحثين.

إلا أن عدداً من الكتاب أو اللغويين وصلوا إلى مرحلة متقدمة من الإبداع، وابتكروا لغاتٍ خيالية لتوظيفها في عوالم كتبهم أو أفلامهم التخيلية. حيث تساعد هذه اللغات على إعطاء المصداقية، وإضفاء عمقٍ ولمسةٍ جذابة على العالم المتجسد في العمل الفني. ومن هنا أتت تسمية هذا النوع من اللغات باللغات الفنية. كما يطلق عليها أيضاً اسم اللغات المصطنعة. إذ إن نظام القواعد أو التركيب الخاص بها لم يتطور طبيعياً بمرور الزمن وتعاقب المتحدثين أو انتشارهم في مناطق جغرافية مختلفة. بل على عكس ذلك، تم تركيب أنظمة هذه اللغات بطريقة مقصودة وواعية، وعليه، فهي اصطناعية أو مخططة [1].

أمثلة عن اللغات الخيالية

في الواقع، تحظى اللغات الخيالية بشعبية كبيرة بين معجبي الأعمال التي تضمها. كما يسعى الكثير منهم إلى تعلمها. وقد طور موقع Dulingo المشهور لتعلم اللغات دروساً خاصة لتعليم بعض من هذه اللغات. من أبرز الأمثلة نذكر اللغة الكلينغونية (Klingon) التي اخترعها اللغوي الأمريكي مارك أوركاند لاستخدامها في سلسلة الخيال العلمي التلفزيونية “ستار تريك” (Star Trek) في ثمانينات القرن الماضي. واللغات الدوثراكية (Dothraki) والفالارية (Valyrian)، اللتين اخترعهما الكاتب الأمريكي ديفيد بيترسون لمسلسل “صراع العروش” (Game of Thrones) [1].

لكن في مقالنا الحالي، سنركز على واحدة من اللغات الخيالية القديمة والغنية، وهي لغة الآلف (Elvish Language) التي اخترعها الكاتب وعالم اللغة الإنكليزي ج. ر. ر. تولكن (J R R Tolkien).

تولكن واللغات الخيالية: لغة الآلف

بدأ تولكن باختراع اللغات عندما كان فتى مراهقاً. ونسج عالمه الخيالي المسمى “الأرض الوسطى” ليكون موطناً لأنواع مختلفة من المخلوقات التي تتحدث تلك اللغات. أي أنه اخترع اللغات أولاً، ثم أتى لها بالناطقين [2].

وعن لغة الآلف، بدأ تولكن العمل عليها عندما كان في الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة من عمره، ولم يتوقف عن تطويرها طيلة فترة حياته. وقد استخدمها في ثلاثية رواياته الشهيرة “سيد الخواتم” (The Lord of the Rings)، وغيرها من الكتب التي ألفها [3].

تتحدث مخلوقات الآلف الخيالية (Elves) هذه اللغة، وتنقسم إلى عدد من اللهجات والمجموعات الفرعية، حتى أنها تشكل عائلة لغوية متكاملة. ومع أن رواياته لا تضم عدداً كبيراً من الأسماء أو الجمل بلغة الآلف، توجد العديد من المنشورات التي يصف فيها تولكن بدقة هذه اللغة وأقسامها. ويشرح أيضاً كيف قام بتطوير لغاته الخيالية الأخرى وما هي أصولها وجذورها أو كيف تأثرت ببعض من اللغات الطبيعية [2].

تطور لغة الآلف الخيالية

يتقاطع عالما الخيال والواقع عند دراسة تاريخ تطور لغة الآلف. حيث أنه بالإضافة للأطر التاريخية والمكانية التي ابتكرها تولكن ووضع لغة الآلف ضمنها، ينطوي البحث في تطور هذه اللغة وتشعبها على دراسة الفترة التي سخرها تولكن لهذا المشروع الكبير. ولا نتحدث هنا عن فترة قصيرة، إذ تعود بعض مخطوطاته التي توثق عمله عليها إلى عام 1916، وتمتد إلى أكثر من 50 عاماً تلت من الأعمال والملاحظات والكتابات [2].

تجمع عائلة لغات الآلف تحت مظلتها عدداً من التقسيمات الفرعية. فمخلوقات الآلف لم تكن مجموعة واحدة متجانسة. بل هاجرت هذه الكائنات إلى أماكن مختلفة في “الأرض الوسطى” وعلى مر العصور المتعاقبة (كلها أماكن وأزمنة تخيلية من تأليف تولكن!). فكانت النتيجة تفرع لغتهم وتشعبها، وانبثاق لهجات واندثار غيرها، واندماج بعضها [4].

لقد عمل تولكن جاهداً على تطوير هذه اللغة وإغنائها بالقصص التي تشرح تاريخها ونشأتها ومسيرتها. ومع أن كل هذا من محض الخيال، لم يبخل تولكن على لغته المحببة بأية تفاصيل تعطيها مصداقية وسحراً، وتجعل منها شبيهة باللغات الطبيعية التي تتطور عبر الزمن والاتساع الجغرافي [2].

أقسام لغة الآلف الأكثر اكتمالاً

في إحدى المقابلات، يقول تولكن أنه لم ينته من تطوير مجموعة لغات الآلف. كما يعترف أنها معقدة، ولا يمكن تحدثها بسهولة، أو استخدامها في مواقف الحياة اليومية العادية. ولكن توجد لغتان تعتبران الأكثر اكتمالاً وغنىً بالمفردات والقواعد، وهما كوينيا (Quenya) وسيندارين (Sindarin). ولهذا السبب، هما لغتان فعّالتان، ويمكن توظيفهما في الكتابة. كما يعتبر التحدث بهما أمراً ممكناً أيضاً، ولكن ضمن الحدود التي تسمح بها مفرداتهما. إذ تضم لغة كوينيا حوالي 2000 مفردة، في حين يوجد 1200 مفردة في لغة سيندارين. ويمكن استخدام هذه المفردات لترجمة بعض النصوص الشعرية أو حتى النثرية. ومع توفر أدلة اللفظ التي أعدها تولكن وأرفقها في نهاية كتب “سيد الخواتم”، أصبح لدى المهتمين دليلٌ معتمدٌ يجعل من السهل عليهم النطق بكلمات شخصيات الآلف [2، 3، 5].

تأثر لغة الآلف الخيالية باللغات الطبيعية

لا يمكن إنكار تأثر لغات الآلف ببعض اللغات الطبيعية التي استمالت تولكن وجذبته بجماليتها. فهو شخص يهوى تعلم اللغات، ويجد في ذلك متعة كبيرة على حد تعبيره. وقد تأثرت بعض لغاته الخيالية بلغاتٍ اسكندنافية وجرمانية. مثلاً، يوجد تشابه بين لغات الآلف كوينيا وسيندارين ولغات فنلندا وويلز، على الترتيب. لكن هذا التشابه لا يعني أن تولكن قام بنسخ لغات طبيعية أو استعارة مفردات منها. بل هو تشابه قواعدي وصوتي لا أكثر [2].

فيما يلي تسجيل يعود إلى عام 1952، يقرأ فيه تولكن قصيدة بلغة الآلف كوينيا [6].

قصيدة بلغة الآلف – قراءة الكاتب والمؤلف تولكن

المصادر

The Language Doctors

Sorosoro

J R R Tolkien: Interview

Tolkien Gateway

Literary mysteries

Geek Native

عائلة لغات ترانس غينيا الجديدة

هذه المقالة هي الجزء 7 من 8 في سلسلة العائلات اللغوية وأقسامها

عائلة لغات ترانس غينيا الجديدة

تعد عائلة لغات ترانس غينيا الجديدة (Trans-New Guinea Languages) من العائلات اللغوية الأساسية. وهي العائلة الأصغر من حيث تعداد الناطقين بلغاتها، والذي يبلغ حوالي 4 مليون فقط. لكنها تعد من العائلات ذات التنوع الكبير، لأنها تضم تحت مظلتها ما يقارب 477 لغة. [1].

عائلة لغات ترانس غينيا الجديدة

تصنيف اللغات ضمن العائلة

في مقال سابق، تحدثنا عن عائلة اللغات الأسترونيزية التي تتواجد في بابوا غينيا الجديدة ومناطق أخرى. ولكن تلك الدولة هي جزء من جزيرة غينيا الجديدة، والتي تشتهر بتنوعها الحيوي والثقافي واللغوي. إذ تنتمي اللغات التي تنتشر في هذه الجزيرة إلى حوالي 18 عائلة لغوية مختلفة، من ضمنها الأسترونيزية و غيرها [2].

وتتمتع عائلة ترانس غينيا الجديدة على وجه الخصوص بنطاق الانتشار الأوسع في الجزيرة. إذ ينتشر الناطقون بإحدى لغات هذه العائلة بين شبه جزيرة بومبيراي الموجودة في الجهة الغربية لغينيا الجديدة، وصولاً إلى نهايتها من الشرق. كما تطغى هذه اللغات بشكل كامل في المنطقة الوسطى من الجزيرة، وخاصة من مقاطعة مادانغ ونحو الشرق [2].

أصل لغات ترانس غينيا الجديدة

بشكل عام، تعاني عائلة ترانس غينيا الجديدة من نقص في الدراسات المختصة بها والأبحاث حولها. ومع أنها من بين العائلات الأكثر تنوعاً، لا تتوفر مصادر كافية لدراسة لغاتها وأصلها. أما النظريات حديثة العهد، والتي حاولت العودة في التاريخ إلى اللغة البدائية التي تفرعت منها هذه العائلة، فهي تبقى مجرد نظريات لا تستند إلى أدلة قوية أو مؤكدة [3].

نشطت دراسة هذه العائلة مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. بدايةً، لاحظ اللغويون وجود لغات في منطقة غينيا الجديدة لا تنتمي إلى العائلة الأسترونيزية. ثم بعد إجراء دراسات مقارنة لتلك اللغات، في ستينيات القرن الماضي، وضع بعض علماء اللغة احتمال أن مجموعات من اللغات غير الأسترونيزية في غينيا الجديدة تعود إلى لغة سلف مشتركة. وهذا ما مهّد الطريق لعددٍ من الفرضيات أو النظريات حول عائلة ترانس غينيا الجديدة [2].

تقول إحدى تلك النظريات القليلة التي تم وضعها بأن اللغة البدائية لعائلة ترانس غينيا الجديدة تعود إلى حوالي 8000 سنة. عندها كان يعيش الناطقون الأصليون في مرتفعات المنطقة المعروفة حالياً باسم بابوا غينيا الجديدة [3]. كما تعزو بعض الدراسات خروج هذه اللغة من منطقتها الجغرافية، وتفرعها إلى لغات مختلفة لاحقاً، إلى انتشار الزراعة في الوديان الرئيسية في منطقة المرتفعات تلك. ويرجع هذا إلى حوالي 6000 سنة [2].

المجموعات الفرعية لعائلة ترانس غينيا الجديدة

لا تخلو دراسة عائلة لغات ترانس غينيا الجديدة من الجدل فيما يتعلق بتقسيمها إلى مجموعات فرعية. فمع أخذ نقص المصادر والبيانات حولها بعين الاعتبار، من غير المستغرب عدم وجود تأكيدٍ أو إجماع على التقسيمات الفرعية للعائلة الأم. ولكن سنستعرض مجموعتين فرعيتين اتفقت معظم الأبحاث عليهما. تدعى المجموعة الأكبر مجموعة مادانغ (Madang) وسميت نسبة لمقاطعة مادانغ في بابوا غينيا الجديدة. وهي تضم ما يقارب 100 لغة. ثم تأتي المجموعة الأصغر وتسمى فينيستر-هون (Finisterre-Huon)، ويوجد فيها حوالي 70 لغة. تتواجد هذه المجموعة في شبه جزيرة هون وتتميز لغاتها بتنوع كبير من ناحية المفردات [2] [3].

المجموعات الفرعية ضمن عائلة ترانس غينيا الجديدة

المصادر

  1. Ethnologue
  2. The Trans New Guinea family
  3. An Online Database of New Guinea Languages

عائلة اللغات الأسترونيزية

هذه المقالة هي الجزء 6 من 8 في سلسلة العائلات اللغوية وأقسامها

عائلة اللغات الأسترونيزية

تعد عائلة اللغات الأسترونيزية (Austronesian Languages) من العائلات اللغوية الأساسية. وتصنف كثاني أكبر عائلة من حيث عدد اللغات التي تحتويها والبالغ 1225. ولكن هذه اللغات الكثيرة تتوزع على حوالي 320 مليون متحدثٍ فقط [1].

عائلة اللغات الأسترونيزية

تصنيف اللغات ضمن العائلة

تنتشر اللغات الأسترونيزية في مساحة جغرافية واسعة تضم قسماً كبيراً من أوقيانوسيا. وتمتد من تايوان شمالاً إلى نيوزيلندا جنوباً، ومن هاواي في الشمال الشرقي إلى جزيرة القيامة (جزيرة إيستر) في الشرق. كما يضاف إلى هذا الامتداد جزء كبير من جزر جنوب شرق آسيا، وتحديداً الفلبين وإندونيسيا. يمكن أيضاً أن نجد لغات أسترونيزية في بابوا غينيا الجديدة ومدغشقر [2].

إن وصول هذه العائلة إلى مدغشقر – وهي الأقرب إلى أفريقيا ذات التنوع اللغوي الكبير – يمكن أن يدل على نجاح غير متوقع لرحلة انتقال السكان إليها من جنوب شرق آسيا منذ زمن طويل. كما يعكس تشابه اللغات وجود علاقات تاريخية بين سكان منطقة مدغشقر وأهالي جزر بولنيزيا وميلانيزيا وميكرونيسيا في المحيط الهادئ. ويضاف إليهم سكان نيوزيلندا، حيث اللغة الماورية [3].

أصل اللغات الأسترونيزية

اكتُشفت العائلة الأسترونيزية في القرن السابع عشر، عند ملاحظة تشابه بين كلمات من لغة بولنيزيا وكلمات من لغة مالايو. ولكن الأبحاث المكثفة التي تعقبت هذه العائلة لم تنجح في الوصول إلى نتيجة واحدة متفق عليها بالنسبة لأصلها وتاريخها. حيث يرى بعض اللغويين أنها كانت قد نشأت في تايوان، ولكن تذهب وجهات نظر أخرى إلى أنها انطلقت من الجزر الإندونيسية [4].

إذاً، تقترح بعض الدراسات أن أصل الناطقين باللغة الأسترونيزية البدائية يعود إلى المنطقة الجغرافية التي تقع فيها إندونيسيا وغينيا الجديدة. حيث هاجرت مجموعتان من هاتين المنطقتين في عام 1500 ق.م. من أجل استعمار مناطق في ميلانيزيا وميكرونيسيا. ثم بعد هذا بحوالي ألف عام، بدأ المستعمرون يصلون إلى بولنيزيا. ولأن عمليات الاستعمار تلك تمت بمراحل مختلفة، نشأت مجموعات فرعية في العائلة بالتوافق مع المراحل المتعاقبة. ونتيجة لابتعاد المجموعات المهاجرة عن بعضها، جغرافياً وزمانياً، أصبح التواصل فيما بينها يتناقص. ثم تمايزت اللهجات المختلفة للّغة الواحدة وأصبحت لغاتٍ مستقلة [5].

المجموعات الفرعية للعائلة الأسترونيزية

عادة يقسم اللغويون عائلة اللغات الأسترونيزية إلى فرعين أساسيين، وهما مجموعة ملايو-بولينيزية (Malayo-Polynesian) ومجموعة فورموسان (Formosan). تنقسم أكبر هاتين المجموعتين الفرعيتين، وهي ملايو-بولينيزية، إلى مجموعتين أصغر. أولاً المجموعة الغربية، وتنتشر لغاتها في مدغشقر وماليزيا وإندونيسيا والفيليبين وأجزاء من تايوان وتايلاند وفيتنام وكمبوديا. وثانياً، المجموعة الوسطى الشرقية، أو كما تسمى أحياناً الأوقيانوسية. وتوجد اللغات التي تقع ضمنها في غينيا الجديدة وفي جزر بولنيزيا وميلانيزيا وميكرونيسيا.

وبالانتقال إلى المجموعة الفرعية الثانية في العائلة الأٍسترونيزية، أي مجموعة فورموسان، فهي الأصغر، وتنتشر في تايوان. حيث كان سكان تايوان الأصليون يتحدثون عدداً من اللغات الأٍسترونيزية قبل دخول الصين إليها في القرن السابع عشر. لكن لم يتبق منها حالياً سوى سبع لغات، وثلاثٌ منها مهددة بالانقراض لأن عدد الناطقين بها يتراوح بين 1 إلى 5 لا أكثر [4].

المجموعات الفرعية ضمن العائلة الأسترونيزية

المصادر

  1. Ethnologue
  2. Sorosory
  3. The Great Courses Daily
  4. MustGO
  5. The Austronesian Language Family

ما أهمية تعلم الأطفال اللغات؟

بغض النظرعن خططك للمستقبل، التحدث أكثر من لغة واحدة هو دائمًا مهارة مفيدة بشكل كبير. لاسيما مع الأطفال خاصة مع نموهم في سن الطفولة ثم المراهقة، فإن ممارسة مهارات لغوية جديدة توفر لهم فرصة لفهم العالم من منظور جديد بل ومختلف تمامًا، وتشجعهم على تبني عادات جديدة وفروق ثقافية دقيقة. إذن ما أهمية تعلم الأطفال اللغات؟ وما هي أفضل الطرق التي تُمكن الطفل من تعلم لغة جديدة؟ ستجيبك المقالة التالية عن تلك الأسئلة.

ما المقصود بتعلم لغة جديدة؟

يمكن اليمكن الإشارة إلى تعلم لغة جديدة على أنه الدفع بعقلك إلى الإلمام بقواعد نحوية ومفردات جديدة. لاستخدامها في التواصل مع الآخرين، أو التعرف على ثقافة ما. ذلك عن طريق السماح لذاكرتك على التدريب على تذكر الكلمات الجديدة، والقيام بالاتصالات والربط بينها، واستخدامها في المواقف السياقية.[1]

مدى أهمية تعلم اللغات للأطفال

تغذي اللغات شعور الأطفال بالتعاطف والتفاهم تجاه الآخرين في وقت حرج من نموهم، كما تفتح أيضًا مسارات جديدة للنجاح المهني في مكان العمل المعولم. فأيًا كان الوقت، لم يكن من المبكر أبدًا أن نبدأ في تعلم الطفل للغة أخرى جديدة. فهي عملية ممتعة، تعزز النمو الصحي، و لن تتوقف فوائدها المعرفية والاجتماعية العديدة مدى الحياة. تلك هي  بعض الأسباب التي تجعل تعلم اللغة أمرًا يضيف لطفلك في مهارات عديدة، بل وعديدة:[2]

التعلم المبكر أسهل وأسرع ويدوم طويلًا

الأطفال الذين يتعلمون لغة أخرى قبل سن الخامسة يستخدمون نفس الجزء من الدماغ للحصول على تلك اللغة الثانية التي يستخدمونها لتعلم لغتهم الأم. tالمتعلمين الأصغر سنًا لا يعوقهم الخوف من ارتكاب الأخطاء، وهو ما يشكل في بعض الأحيان عقبة أمام المبتدئين الأكبر سنًا. بالإضافة إلى أن طول الوقت الذي يستطيع الطالب تكريسه لتعلم اللغة له علاقة مباشرة وإيجابية بالنمو الإدراكي. كما أن الإستمرارية تيتيح الفرصة للمتعلمين للنمو جنبًا إلى جنب مع اللغة والثقافة الإضافيتين، مما يطوّر صلة أعمق مع نضوجهم.[3]

توسيع الأُفق

تظهر الأبحاث أن تعلم لغة ثانية يعزز مهارات حل المشاكل، والتفكير النقدي، ومهارات الاستماع، بالإضافة إلى تحسين الذاكرة، والتركيز، والقدرة على تعدد المهام. كما يظهر الأطفال الذين يتقنون اللغات الأخرى علامات على تعزيز الإبداع والمرونة العقلية.[3]

تعزيز إنجازهم الأكاديمي

والفوائد الإدراكية لتعلم اللغة لها تأثير مباشر على التحصيل الأكاديمي للطفل. وبالمقارنة مع أولئك الذين لا يملكون لغة إضافية، فإن الأطفال ثنائي اللغة يطورون مهارات أسرع وأفضل للقراءة والكتابة والرياضيات، وهم يحصلون بشكل عام على درجات أعلى في الاختبارات الموحدة.[4]

نمو الحس الفضولي وتكوين شخصياتهم

فقد يُظهرالأطفال الذين يتعرضون مبكرًا للغات أخرى مواقف أكثر إيجابية إزاء الثقافات المرتبطة بتلك اللغات. وتجربة تعلم لغة ما تُفتح عيونهم على العالم بطرق لم يكونوا ليتعرضوا لها إلا بتعلم لغات جديدة. عندما يتعلم الأطفال لغة جديدة، لابد وأن يتعرفو بالعادات والقيم التي تنتمي إلى مجتمع اللغة –وهو مجتمع مختلف- . وهذا ما يشجعهم على التفكير من وجهة نظر جديدة في تحسين الحساسية الثقافية. وفي وقت حرج من نموهم، يتعرض الأطفال لطرق جديدة لرؤية العالم وتقدير من أين يأتي الآخرون مما يؤثر بشكل كبير في تحديد شخصياتهم.[4]

لا تترد في الدفع بطفلك ليتعلم لغة أو اثنتين، بل وثلاثة

خلافًا للاعتقاد السائد، لا يخلط الأطفال الصغاربين اللغات،ولايحدث تشتت بإدخال لغات متعددة في نفس الوقت. لإن اكتساب لغة ثانية في وقت مبكر من الحياة يدفع دماغ الطفل إلى تعلم لغات أخرى متعددة، الأمر الذي يفتح المجال أمام عالم من الفرص في وقت لاحق.

لتعلم أكثر من لغة فوائد صحية

التحدث بلغات متعددة يمكن أن يبطئ الإصابة بالألزهايمر وتأخير الخرف. باستخدام مستقبلات مختلفة، يجد الدماغ طرق جديدة تمامًا لمعالجة المعلومات، وهذا يساعد على حماية وظيفته.[5]

يرتبط تعدد اللغات بارتفاع الدخل

فقد أظهرت عدة دراسات وجود ارتباط بين تعدد اللغات وإمكانات الكسب. وتتسع مجالات وفرص الوظائف المتاحة، لأن هناك فرصًا للعثور على فرص عمل، بل مناصب في بلدان أخرى، كما أن أصحاب العمل يُقدرون هذه المهارات لأنها ترتبط بمهارات اتصال قوية وبعقلية دولية.[6]

تعلم اللغات يوسع النظرة للعالم الخارجي

لكل لغة أسلوبها الخاص، وألفاظها، ومراجعها الثقافية وتراثها. والأطفال الذين يتعرضون لهذه السمات؛ والأفكارالتي تمثلها الللغة، والمفردات الجديدة والتباين النحوي، تطور نفسها وتتسلح بالأدوات اللازمة لفهم العالم بطرق جديدة تمامًا.[4]

كيف يتعلم الأطفال اللغات؟

في مجال الطفولة المبكرة، الصمت ليس من ذهب. فالكلمات المنطوقة هي فرص للتعلم ينبغي أن تحدث طوال اليوم، لا سيما أثناء المحادثات بين الأطفال وبين المعلمين والأطفال

واللغة البشرية طريقة معروفة للتواصل. ولا يوجد شكل آخر من أشكال الاتصال في العالم الطبيعي ينقل الكثير من المعلومات في هذه الفترة الزمنية القصيرة مثلما يفعل التواصل باللغة.

من الملاحظ أنه في غضون ثلاث سنوات قصيرة يمكن للطفل أن يسمع أو يحاكي أو يستكشف أو يمارس، في المجمل هو يتعلم “اللغة”.

ولا توجد شفرة جينية تدفع الطفل إلى التحدث بالإنجليزية أو الإسبانية أو اليابانية. اللغة متعلّمة. نحن وُلدنا ولدينا القدرة على صنع قرابة 40 صوت وعلم الوراثة يسمح لدماغنا بصنع روابط بين الأصوات والأشياء أو الأفعال أو الأفكار…، ويسمح الجمع بين هذه القدرات بإنشاء لغة. فالأصوات أصبح لها معنى.

اكتساب اللغة هو نتاج تعلم نشط ومتكرر ومعقد. ويتعلم دماغ الطفل ويتغير أثناء اكتساب اللغة في السنوات الست الأولى من حياته أكثر من أي قدرة إدراكية أخرى يعمل على اكتسابها. وكما ذكرنا سابقًا يمكن أن تكون عملية التعلم هذه أسهل للأطفال عن الكبار خاصةً عندما يكون الكبار مشاركين نشطين.

وتطوير اللغة نفسها عملية مذهلة. ومن المثير للاهتمام أن جميع الأطفال، بغض النظر عن اللغة التي يتحدث بها آباؤهم، يتعلمون اللغة بنفس الطريقة، فتؤثرعوامل مختلفة كثيرة على الوقت الذي تستغرقه تلك العملية.[7]

وهناك ثلاث مراحل من تطور اللغات تحدث في نمط مألوف. لذا، عندما يتعلم الأطفال التحدث أو الفهم والتواصل، فإنهم يتابعون سلسلة متوقعة من المعالم عندما يبدأون في إتقان لغتهم الأصلية.

المرحلة الأولى: تعلم الأصوات

عندما يولد الأطفال، يمكنهم سماع وتمييز جميع الأصوات في جميع اللغات في العالم. حوالي 150 صوت في حوالي 6500 لغة، رغم أنه لا توجد لغة تستخدم كل تلك الأصوات التي تسمى “الصوتيات”. فالإنجليزية مثلًا لديها حوالي 44.2 صوت، وهناك بعض اللغات تستخدم أكثر والبعض يستخدم أقل.

 وفي هذه المرحلة يتعلم الأطفال (تُنتقى) الأصوات التى تُستخدم في اللغة التى ينتمي إليها الطفل.

أفضل طريقة لتعزيز تطوير اللغة للأطفال ببساطة هي التحدث مع طفلك. ويتعلم الأطفال من خلال الاستماع إلى العالم من حولهم، لذا، فكلما زادت اللغة التي يتعرضون لها كلما كانت فرصة التعلم أفضل. بالإضافة إلى ذلك، يمكنك إسقاط الكلمات على أفعالهم. التحدث معهم والدفع بهم في محادثات. ومع ذلك، فمجرد التحدث معهم باهتمام يكفي لكي يلتقطوا اللغة.

وعلى الرغم من أن جميع الأطفال يتعلمون في المراحل الأساسية المعروفة، فإن اللغة تتطور بمعدلات مختلفة بين الأطفال.

حديثي الولادة: عندما يولد الأطفال، يمكنهم بالفعل الاستجابة لإيقاع اللغة. يمكنهم التعرف على الوتيرة التى يتحدث بها الشخص، وإيقاع الكلام.

في عُمر 4 أشهر، يمكن للأطفال أن يميزوا بين الأصوات اللغوية والضوضاء الأخرى. على سبيل المثال، يعرفون الفرق بين الكلمة المنطوقة والتصفيق.

بحلول 6 أشهر، يبدأ الأطفال في الثرثرة وهذه هي أول علامة على أن الطفل يتعلم لغة. الأطفال الآن قادرون على صنع كل الأصوات بكل لغات العالم، وبحلول السنة، ستُنتقى الأصوات لتُمارس الأصوات التى تنتمي للغة التى يُراد للطفل أن يتعلمها، وتضمر تلك التي ليست جزءًا من اللغة التي يتعلمها.

 المرحلة الثانية: تعلم الكلمات

في هذه المرحلة ، يتعلم الأطفال كيفية خلق المعنى من أصوات اللغة.

خطوة هامة لأن كل ما نقوله هو حقًا مجرد سلسلة من الأصوات. لجعل هذه الأصوات منطقية، يجب أن يكون الطفل قادرًا على التعرف على حيث تنتهي كلمة واحدة وتبدأ أخرى. العملية التي تُسمى “حدود الكلمات”

في كثير من الأحيان يمكن مساعدة طفلك على بناء مهاراتهم اللغوية عن طريق القراءة لهم. وبطبيعة الحال، يستمر الأطفال في إجراء محادثات مركزة على الأطفال معهم كما أظهرت الدراسات أن الأطفال يتعلمون اللغة على أفضل وجه في السياق الاجتماعي. وهناك طريقة أخرى لتشجيع مهاراتهم في مجال التواصل والمهارات الاجتماعية تتلخص في تقليد أصواتهم (مثل ثرثرتهم) وقولها لهم مرة أخرى. ومن بين هذه الطرق: يمكنك أيضًا أن تعكس تعابير وجوههم وتصف أفعالهم فضلًا عن سرد ما يحدث حولهم.

مع تطور طفلك خلال النصف الثاني من عامهم الأول وحتى مرحلة البلوغ، فإن قدرتهم على إصدار الأصوات والرد على المحادثات تستمر في التحسن.

في عمر 8 أشهر: وعلى الرغم من أنهم يعترفون بهذه المجموعات الصوتية على أنها كلمات، فإنهم ما زالوا يتعلمون معنى هذه الكلمات. ومن الأرجح أن يفهم الأطفال في هذه السن معنى الكلمات المتصلة بتجاربهم اليومية ، ولا سيما الكلمات الخاصة بالغذاء واللعب.

في عمر 12 شهرًا، عند هذه النقطة الأطفال قادرون على ربط المعاني بالكلمات. بمجرد أن يتمكنوا من فعل ذلك،  يمكنهم البدء في بناء مفردات. كما يبدأون بتقليد كلمات جديدة يسمعونها.

  وفي عُمر 18 شهرًا: يمكن للأطفال معرفة كيفية استخدام الكلمات التي يتعلمونها من أجل التواصل. وفي هذه المرحلة من تطور اللغة، يتمكن الأطفال من إدراك الفرق بين الأسماء والأفعال. (على الأرجح أغلب الكلمات المُتعلمة هي أسماء وليست أفعال)

المرحلة الثالثة: تعلم الجُمل

وخلال هذه المرحلة، يتعلم الأطفال كيفية خلق الجمل. مما يعني أنها يمكن أن تضع الكلمات في الترتيب الصحيح. كما يتعلم الأطفال الفرق بين الصحة النحوية والمعنى. ولتعزيز تطوير اللغة خلال هذه المرحلة نموذج عادات الكلام الجيدة والتواصل السليم من خلال التحدث بوضوح، والنظر إليهم أثناء التحدث في العين، وعدم الانقطاع، وإعطائهم فرصة للحديث. يمكنك أيضا أن تضيف إلى ما يقولون لإعطائهم فكرة إضافية أكثر تعقيدًا للتعبيرعن أفكارهم وطلباتهم. اسأل طفلك الكثير من الأسئلة وشجع أسئلتهم أيضًا على مواصلة الحوار.

في عمر 24 شهرًا: يبدأ الأطفال بالتحدث مُستخدمين أكثر من إسم وفعل ويكتسبون فهماً لهيكل الجملة الأساسي. كما يستطيعون تمييز الترتيب الصحيح للكلمات في جملة ويمكنهم خلق جمل بسيطة.

بعد 3 سنوات: ومع نموهم، يستمر الأطفال في توسيع مفرداتهم وتطوير لغة أكثر تعقيدًا. ويظل استخدامهم للغة لا يشبه تمامًا لغة البالغين حتى سن الحادية عشرة تقريبًا.[7]

ماذا عليك فعله كأحد الوالدين لتساعد طفلك على تعلم لغة جديدة؟

اخلق مسارًا من المحادثات المستمرة بينكم أو مع رفاقهم. التحدث مع الأطفال وتشجيعهم على إجراء محادثات مع بعضهم البعض. عدة مرات خلال اليوم، مساعدة الأطفال على ممارسة “المناقشة” حول مواضيع مختلفة، يمكنك مشاركة رفاقهم المحادثة. المواضيع تكون بسيطة، قد تشمل ما فعلوا خلال عطلة نهاية الأسبوع، رأيهم حول قصة، شخصيات مؤثرة في كتاب قرأته لهم للتو، أو شاهدوها في فيلم قصير.

استخدم الكلمات حسب الموضوع. استخدم ألعاب الكلمات لمساعدة الأطفال على تعلم القافية، وفهم المعارضات، وإيجاد أكبر عدد ممكن من الكلمات لوصف كائن ما، وتعلم أسماء الأشياء الجديدة. يمكنك جعل هذا أكثر إثارة عن طريق اختيار موضوع لتوجيه هذا.

إشراك الأطفال في تمارين الاستماع. وكثيرًا ما ننسى أن اللغة متقبلة ومعبرة على حد سواء. تأكد من أن الأطفال لا مجرد مقلدين للكلمات، بل يتعلمون مما يقولون. ومن الضروري أن يستمع الأطفال إلى ما يسمعونه ويتلقونه بدقة وأن يعالجونه بفعالية.

مارسوا تدريبات حيث يُطلب من الأطفال إعادة ما سمعوك تقوله، من المتوقع أنه في كثير من الأحيان إ قد تكون تفسيراتهم متنوعة وغير دقيقة كل مرة.

ما هي بعض وسائل تعلم اللغة؟

التعلم من خلال القصائد

من المفيد تعلم النصوص باللغات الأجنبية عن ظهر قلب لأنها تساعد على تنشيط المفردات والنصوص في الوقت الذي تحسن فيه نطق هذه المفردات. الكثير من الأطفال يميلون لتعلم الأغاني، القصائد، وحتى الأمثال. جميعها تلعب دورًا كبيرًا في تطوير الطلاقة اللغوية..

مع الشعر والقافية، يستقبل دماغنا تلقائيًا إشارة أن بنية النص مهمة، مما يجعلنا نتذكرها. الشعر هو أيضًا أكثر تعبيرًا وإبداعًا وعاطفية من النثر، ويساعد أيضًا ذاكرتنا.

عندما تختار القصائد والقوافي لتساعدك على تعليم طفلك لغة ما، تذكر أنها يجب أن تراعي أن:

الأطفال لديهم اهتمام قصير الأمد وغالبًا ما يكافحون من أجل الحفاظ على التركيز.

الأطفال أكثر عرضة لتذكر القافية أو القصيدة أو القصة إذا فهموا معناها.

لا تتضمن القصيدة سوى قواعد قواعد مألوفة: لأن القواعد المجهولة يمكن أن تكون مربكة ومخيفة للأطفال

تحتوي  القصيدة على كلمات مألوفة في معظمها: لأن الكلمات الجديدة والصعبة من المرجح أن تُصرف الانتباه عن التعلم.

التعلم من خلال الأغاني

والأسهل من تعلم اللغة من خلال الشِعر والقوافي هو اللتعلم من خلال الأغاني، ويرجع هذا إلى أن الموسيقى، وفقاً للعلم، تساعدنا على تذكر الأشياء بشكل أفضل من خلال تقطيع المعلومات، إذ نقوم بتجميع أجزاء فردية من المعلومات معًا إلى وحدات أكبر حجمًا. ذاكرتنا قصيرة المدى يمكن أن تحمل فقط حوالي 7 وحدات من المعلومات في كل مرة، والموسيقى تسمح لنا بقطع كلمات معا من خلال ربط الكلمات والعبارات في أغنية، مما يجعل من الأرجح أننا سوف نتذكر الأغنية عن طريق القطع التي تحملها.

ومن الأفضل تعليم أطفالك الأغاني عن طريق مرافقتهم بالحركات لأن الأطفال يحبون التنقل والرقص. فالنشاط الممتع يساعد الأطفال على تعلم لغة، وهم أكثر عرضة لتذكرها إذا تعلموها بينما يستمتعون بأنفسهم.

تعلم اللغة من خلال الأنشطة

التعلم عن طريق الألعاب

ينصح علماء النفس من جميع أنحاء العالم بتعليم الأطفال أي شيء بطريقة مبهجة لأن اللعب يساعد على تغذية الخيال ويعطي الطفل إحساسًا بالمغامرة. اللعب هو في الواقع أفضل طريقة لتعلم لغة للأطفال الصغار، وفقًا للخبراء. ومن خلاله، يمكنهم تعلم المهارات الأساسية مثل حل المشاكل، والعمل مع الآخرين والمشاركة لاسيما المهارات اللغوية.

إذا قررت تعليم ابنك لغة من خلال اللعب، احرص على الاستعانة بالألعاب القصيرة، دائمًا تذكر أن طول انتباه الطفل قصير. فلا تزيد مدة اللعب مع الأطفال أكثر من 30 دقيقة أو ساعة على أقصى تقدير.

التعلم من خلال جمع الأشياء

يمكن استغلال حُب الأطفال لجمع الأشياء في تعلم لغة جديدة، على سبيل المثال، الزهور، أو الأوراق بالخارج! هذا لأنه يسمح لهم بقضاء وقت خارج الطبيعة بينما يعبرون عن فرديتهم من خلال اهتمامهم الخاص والعثور على الأشياء التي يمكنهم تقديمها للآخرين. فكرة عظيمة لتعلم اللغة هي أن تطلب من طفلك جمع بعض الأشياء التي يحبونها ، لتنظيم معرض صغير، وكتابة عنوان لكل معرض بلغة أخرى.

الأفكار الابتكارية

نشاط آخر يحبه الأطفال هو الأعمال اليدوية الابتكارية، فالأطفال يحبون قضاء الوقت مع والديهم حينما يصنعون شيئًا. وتساعد الأنشطة التي تسلط الضوء على مهارات الأطفال على تطوير إبداعهم،

فمثلًا، إنشاء بطاقات المعايدة باللغة المطلوب تعلمها، طهي وجبة جديدة مع الطفل مع التركيز على تعلم أسماء محتوايتها باللغة المستهدفة، صنع أشكالًا للحيوانات والنباتات لتعلم أسمائها باللغة الجديدة، وهكذا…

المصادر

[1]middlebury

[2]cambridgeenglish

[3]opentextbc

[4]uchicago

[5]mayoclinic

[6]ncbi

[7]verywellfamily

عائلة اللغات الأفريقية الآسيوية

هذه المقالة هي الجزء 5 من 8 في سلسلة العائلات اللغوية وأقسامها

عائلة اللغات الأفريقية الآسيوية

تعد عائلة اللغات الأفريقية الآسيوية (Afroasiatic Languages) من العائلات اللغوية الأساسية. وتقع هذه العائلة في الترتيب الرابع بين العائلات الأساسية من ناحية عدد المتحدثين. إذ ينطق بلغاتها ما يقارب 583 مليون شخصاً حول العالم. ويتجاوز عدد لغاتها 370 لغةً [1].

عائلة اللغات الأفريقية الآسيوية

تصنيف اللغات ضمن العائلة

تنتشر اللغات الأفريقية الآسيوية في شمال أفريقيا وشبه الجزيرة العربية والشرق الأوسط. ومما يساعد في انتشار هذه العائلة أنها تضم كلاً من اللغة العربية وهي لغة الدين الإسلامي، واللغة العبرية وهي لغة الدين اليهودي، واللغتين القبطية والسريانية وهما لغتا طائفتي الأقباط والسريان المسيحيتين [2].

في عام 1844، وجد العالم اللغوي الألماني ثيودور بنفي (Theodor Benfy) تشابهاً بين اللغات السامية والمصرية. وعليه، صنفها ضمن مجموعة أسماها عائلة اللغات السامية الحامية (Semito-Hamitic). والحامية هي نسبة إلى حام، ابن النبي نوح عليه السلام. كما يرجح أن تكون السامية أيضاً منسوبة لأخيه سام، ولكن لا يوجد دليل كافٍ على أصل هذا الاسم. لاحقاً، أطلق على هذه العائلة اسم العائلة الأفريقية الآسيوية تفادياً للحساسيات الثقافية من الاسم السابق [3].

أصل اللغات الأفريقية الآسيوية

لا يوجد إجماع على المكان الذي نشأت منه اللغة البدائية لهذه العائلة. ولكن يتفق أغلب الباحثين على أن الناطقين بها كانوا يعيشون في شمال شرق أفريقيا. فيقترح البعض أن أثيوبيا كانت موطن هذه اللغة السلف، في حين يرى آخرون أنها نشأت في السواحل الغربية للبحر الأحمر. أما عن تاريخها، فوجدت بعض الدراسات أن هذه اللغة الأصلية تعود إلى الألفية السادسة حتى الثامنة قبل الميلاد [2].

تتعقب أبحاث أخرى اللغة الأفريقية الآسيوية البدائية، وتقترح أنها كانت موجودة قبل 18,000 سنة، تحديداً في منطقة القرن الأفريقي. ومنها نشأت ثلاث لهجات مختلفة، والتي شكلت بدورها أصل اللغات البربرية والمصرية والسامية. مع الهجرة شمالاً وانتشار مختلف الناطقين، انتشرت هذه اللغات وتشعبت بمرور الوقت [3].

تشير الدراسات إلى وجود تشابه في تشكيل الكلمات والأصوات بين أفراد هذه العائلة. ومن أبرز التشابهات التشكيلية استخدام لواحق مع الكلمات للدلالة على الملكية، وهي سمة مشتركة بين كافة لغات العائلة [4].

المجموعات الفرعية للعائلة الأفريقية الآسيوية

تضم عائلة اللغات الأفريقية الآسيوية ست مجموعات فرعية أساسية. بدايةً مع المصرية (Egyptian)، وتتميز هذه المجموعة بأن جميع لغاتها قد انقرضت باستثناء اللغة القبطية. وحتى القبطية لم تعد تستخدم إلا في الصلوات لدى طائفة الأقباط المسيحية. ثم تأتي المجموعة بالسامية (Semitic)، وهي المجموعة الفرعية الوحيدة التي تنتشر خارج القارة الأفريقية. ومن بين لغات هذه المجموعة اللغة العربية واسعة الانتشار، واللغة العبرية، ولغات أخرى مهددة بالانقراض كاللغة الآرامية التي يتحدث بها عدد من سكان بلدة معلولا في سوريا. ثالثاً، توجد المجموعة الأمازيغية أو البربرية (Berber) والتي تنتشر في شمال وغرب أفريقيا. بعض من لغاتها اندثر مع الزمن، وبعضها لا يزال محكياً. أما المجموعة الرابعة فهي التشادية (Chadic)، ويتوزع ناطقوها في شمال نيجيريا وشمال الكاميرون والنيجر والتشاد. في أفريقيا أيضاً نجد المجموعتين الفرعيتين الخامسة والسادسة، وهما الكوشية (Cushitic) والأوموتية (Omotic). ويميل بعض الباحثين إلى تصنيفهما ضمن مجموعة واحدة [4] [5].

المجموعات الفرعية ضمن العائلة الأفريقية الآسيوية

المصادر

Ethnologue

Must Go

The Afro-Asiatic Language Family

Afroasiatic Languages

Sorosoro

عائلة اللغات النيجرية الكنغوية

هذه المقالة هي الجزء 4 من 8 في سلسلة العائلات اللغوية وأقسامها

عائلة اللغات النيجرية الكنغوية

تعد عائلة اللغات النيجرية الكنغوية (Niger Congo Languages) من العائلات اللغوية الأساسية. وتصنف على أنها ثالث أكبر عائلة بالنسبة لعدد الناطقين. ومن حيث عدد اللغات التي تضمها، فهي العائلة الأكبر. إذ إنها تحتوي على أكثر من 1500 لغةٍ، وينطق بها حوالي 570 مليون شخص [1].

عائلة اللغات النيجرية الكنغوية

تصنيف اللغات ضمن العائلة

تنتشر عائلة اللغات النيجرية الكنغوية في جزء كبير من أفريقيا، يعادل ثلثي مساحة هذه القارة. فهي تغطي كامل جنوب الصحراء الكبرى، امتداداً من السنغال في الغرب إلى جزر القمر في الشرق، ومن نيجريا في الشمال إلى جنوب أفريقيا في الجنوب [2].

يعود أقدم تصنيف معروفٍ للغات الأفريقية إلى القرن التاسع عشر. حيث قُسمت جميع اللغات الأفريقية إلى أربع مجموعات، منها ما هو في الشمال، ومنها ما هو في الوسط، ومنها ما هو في الجنوب. ثم طرأت تغيرات على هذا التصنيف نتيجة التعمق في دراسة اللغات ومقارنتها. حيث تم تقسيمها إلى مزيد من المجموعات، وأصبح تنوع اللغات موازياً لتنوع المجموعات العرقية. في القرن العشرين، ساعد العالم اللغوي الألماني ويسترمان (Westermann) في توضيح هذه التصنيفات. وتطرقت دراساته إلى اللغات “السودانية الشرقية” والتي تسمى حالياً اللغات النيلية الصحراوية (Nilo-Saharan languages). كما درس اللغات “السودانية الغربية” والتي باتت تعرف باسم اللغات النيجرية الكنغوية [3].

أصل اللغات النيجرية الكنغوية

لدى دراسة أصل عائلة اللغات النيجرية الكنغوية ومحاولة تصنيفها، واجه اللغويون تحديات بسبب التنوع والاتساع الجغرافي الكبيرين الذين تتمتع بهما. كما بقيت اللغات فيها تنقسم عن بعضها البعض، وتتمايز في لغاتٍ جديدة لآلاف السنين. ونتيجة الشحّ في السجلات التاريخية التي يعود المتوفر منها إلى مئات السنين لا أكثر، ومحدودية المعرفة حول عدد كبير من هذه اللغات، أصبح من شبه المستحيل إعادة صياغة لغة سلف مشتركة لكامل العائلة [4].

لكن قام ويسترمان في القرن العشرين بالتعمق في دراسة تفاصيل اللغات السودانية الغربية (النيجرية الكنغوية) التي عرّفها. وسعى من خلال هذا إلى اكتشاف روابط مع لغات البانتو (Bantu). فرتبها في ست مجموعات فرعية، ونسبها إلى عددٍ من الجذور في اللغة السودانية الغربية البدائية. كما قارن هذه الجذور مع جذورٍ في لغة البانتو البدائية التي كان قد أعاد صياغتها غيره من اللغويين قبل إجراء دراسته بسنوات [3].

لكن في العموم، لا يوجد اتفاقٌ بين الباحثين على أصول هذه العائلة ومسار تطورها التاريخي. ولكن عند تقسيمها إلى فروع رئيسية، تذهب التقديرات إلى أن هذه الفروع كانت قد نشأت من لغة سلفٍ تعود إلى 5000 سنة تقريباً [4].

المجموعات الفرعية للعائلة النيجرية الكنغوية

لا يمكن تحديد عدد اللغات في هذه العائلة بدقة. ففي ظل غياب السجلات التاريخية، يصعب تمييز ما إذا كانت لغتان معينتان ضمنها، هما لهجتان مختلفتان للغةٍ واحدة، أم أنهما فعلاً لغتين منفصلتين. ولكن قامت الدراسات بتقسيم العائلة إلى فروع رئيسية، ويتشابه بعضها أكثر من الآخر. ويعود هذا إلى التباعد الزمني في فترات انقسامها عن الأصل أو تمايزها كمجموعة لغات فرعية [4].

كما يوجد شبه إجماعٍ، أو على الأقل عدم خلاف، على أن التقسيمات الأساسية للعائلة النيجرية الكنغوية هي ما يلي. أولاً مجموعة لغات بينو-كونغو (Benue-Congo) وتضم لغات البانتو والعديد من اللغات المحكية في جنوب نيجريا. ثم مجموعة لغات كوا (Kwa) والممتدة من ساحل العاج إلى حدود نيجريا، ومجموعة لغات غور (Gur) التي تنتشر في قسمٍ كبيرٍ من بوركينا فاسو والأجزاء الجنوبية من مالي. أما في القسم الجنوبي الغربي من ساحل العاج وأغلب ليبيريا، توجد مجموعة فرعية تسمى لغات كرو (Kru). وعلى ساحل الأطلسي، في أجزاء من السنغال وغامبيا وغينيا وسيراليون تنتشر مجموعة اللغات الأطلسية (Atlantic). وأخيراً، في جبال النوبة في السودان، تنتشر لغات مصنفة في مجموعة يطلق عليها اسم الكوردوفانيان (Kordofanian) [5].

بعض المجموعات الفرعية ضمن العائلة النيجرية الكنغوية

في النهاية، لا يمكن القول أن هذه المجموعات الفرعية هي الوحيدة، حيث تتشعب العائلة النيجرية الكنغوية. وحتى في مجموعاتها الفرعية، يمكن العثور على تقسيمات أدق وأكثر تفصيلاً.

المصادر

  1. Ethnologue
  2. Sorosoro
  3. Exploring the Niger-Congo Languages
  4. MustGo
  5. Niger-Congo languages – Jeff Good

عائلة اللغات الصينية التبتية

هذه المقالة هي الجزء 3 من 8 في سلسلة العائلات اللغوية وأقسامها

تعد عائلة اللغات الصينية التبتية (Sino-Tibetan Languages) من العائلات اللغوية الأساسية. وتصنف على أنها ثاني أكبر عائلة من ناحية عدد المتحدثين، حيث يبلغ عدد الناطقين بلغاتٍ تنتمي إلى هذه العائلة حوالي 1,4 مليار شخص في العالم. ومن جهة عدد اللغات التي تضمها، فيوجد تقريباً 455 لغة صينية تبتية [1].

عائلة اللغات الصينية التبتية

تصنيف اللغات ضمن العائلة

تنتشر عائلة اللغات الصينية التبتية في الصين ومناطق أخرى في جنوب شرق آسيا، بما في ذلك في بورما ونيبال والهند [2]. وتعتبر دراسة هذه العائلة في علم اللغويات حديثة العهد، إذ لم ينشط الاهتمام بها إلا منذ حوالي 50 عاماً. في البداية، سعى الباحثون منذ أواسط القرن التاسع عشر إلى تحديد مكان اللغة الصينية في سياق أوسع من ناحية أصلها. وكان الاعتماد في هذا على العلاقة بين اللغتين الصينية والتبتية من جهة، وبين التبتية والبورمية من جهة أخرى. وبالعموم، أدت دراسة هاتين العلاقتين إلى توضيح بعض المفاهيم الغامضة حول عائلة لغاتٍ هندية صينية. وفيما يتعلق بمصطلح “الصينية التبتية،” كان أول من استخدمه روبرت شافير (Robert Shafer) الذي قاد مجموعة أبحاث لغوية في جامعة كاليفورنيا في ثلاثينيات القرن العشرين. وفي دراسته، قسم شافير هذه العائلة إلى ثلاث مكونات هي المكون الصيني، والمكون التبتي البورمي، والمكون الأخير وهو تاي-كاداي أو دايك [2] [3].

أصل اللغات الصينية التبتية

تشير الدراسات إلى أن موطن أصل هذه العائلة، والمتمثل باللغة الصينية التبتية البدائية (Proto-Sino-Tibetan)، يقع في منطقة الهيمالايا حيث تنبع الأنهار الكبيرة في آسيا كالنهر الأصفر (Yellow River) ونهر يانجتسي (Yangtze River) ونهر ميكتونغ (Mekong River) [2].

اعتمد أحد الأبحاث على تحليل هذه العائلة وفق علم الوراثة العرقي. وفيه، جمع الباحثون قاعدة بياناتٍ تضمّ 180 مفردةً أساسية من 50 لغة صينية تبتية قديمة تعود إلى أكثر من ألف عامٍ، كاللغات الصينية القديمة، والبورمية القديمة، والتبتية القديمة، إضافة إلى لغات حديثة. ثم قاموا بتحديد الكلمات التي تعود إلى أصل مشترك. كما درسوا لفظ هذه الكلمات لتبيان ما هي الأصوات التي قد تكون مرتبطة ببعضها. ومن بين الصعوبات التي واجهها هذا البحث هو وجود كلماتٍ استعارتها اللغات من بعضها، ولم تكن هذه الحالات بالقليلة. لكنّ المعرفة الجيدة لتاريخ لغاتٍ محددة، واستخدام تقنيات طورت خصيصاً لاكتشاف تاريخ استعارة الكلمات، أدى إلى تجاوز تلك العقبة. وبالاعتماد على طرائق حاسوبية، استطاع فريق البحث استخلاص العلاقات المحتملة بين هذه اللغات، ومن ثم تقدير الفترة الزمنية التي نشأت فيها. فكانت النتيجة التي رجحتها تقديرات الباحثين أن اللغة السلف لعائلة اللغات الصينية التبتية ظهرت قبل حوالي 7200 سنة في شمال الصين، وكان يتحدثها مزارعو الدخن [4] [5].

المجموعات الفرعية للعائلة الصينية التبتية

يمكن تقسيم هذه العائلة إلى مجموعات فرعية، وبالعودة إلى روبرت شافير، توجد ثلاث تقسيمات أساسية ضمن هذه العائلة الأمّ. أولاً، هناك الفرع الصيني (Chinese)، ويشير إلى اللغة الصينية ذات الأهمية الكبيرة في العالم. ويعرّف بعض الباحثين مرحلتين لتطور هذه اللغة وهما اللغة الصينية القديمة، واللغة الصينية المتوسطة [2].

ثانياً، يوجد الفرع المسمى التبتي البورمي (Tibeto-Burman)، والذي يضم اللغات المحكية في منطقة واسعة تمتد من هضبة التبت في الشمال إلى شبه جزيرة مالايو في الجنوب، ومن شمالي باكستان في الغرب إلى شمال شرق فيتنام في الشرق [6].

ثم في كتاب “مقدمة إلى اللغات الصينية التبتية” التي نشر في عام 1966، تحدث شافير عن القسم الفرعي الثالث وهو لغات تاي-كاداي أو دايك (Tai/Daic). وتضم هذه اللغات التايلاندية (السيامية) واللاوية وغيرها من اللغات كتلك المحكية في فيتنام [7].

وأخيراً، يمكن الحديث عن مجموعة فرعية أخرى وهي المجموعة الأصغر وتدعى اللغات الكارينية (Karen) ويتحدثها حوالي 3 مليون شخصاً متواجدون في جنوبي بورما وغرب تايلاند [8].

بعض المجموعات الفرعية ضمن العائلة الصينية التبتية

المصادر

  1. Ethnologue
  2. The Sino-Tibetan Language Family
  3. Britannica
  4. Origin of Sino-Tibetan Language Family Revealed by New Research
  5. Dated language phylogenies shed light on the ancestry of Sino-Tibetan
  6. MustGo
  7. Tai languages
  8. Babbel Magazine
Exit mobile version