ما هو انقراض اللغات وكيف يحدث؟

إن الإنسان يحوز كينونته في شبكة علاقاته مع الآخرين، حيث أن الحديث عن الفرد هو حديث عن التخوم التي تضعه مع الآخرين. بذا، فأن أبرز ما يميز وجود الفرد الإنساني هو كونه يحمل هوية تصونها لغة ما. فكما أنه يستحيل مناقشة الإنسان خارج هويته، فالهوية نفسها لا يمكن اخضاعها للمناقشة في غياب لغة تصونها. ما يجعل من علاقة الفرد-الهوية-اللغة تبدو مقلقة هو أنه لا ضمان مع اللغة، فهي كأي عنصر من العناصر تمتثل لحكم الطبيعة. حيث تكون اللغة قابلة للزوال، التفكك والتحول. وفي هذا المقال سنسلط الضوء على ظاهرة انقراض اللغات.

ماذا نعني بانقراض اللغات؟

يبدو أن سردية الانقراض دخلت الفضاء النقاشي العام من باب التاريخ البيولوجي المادي؛ فالأبواب أمام الانقراضات الثقافية لا تنفتح إلا في سبيل المبالغة الإقصائية. ثمة تصورات عامة عن فناء الديناصورات وغيرها من الكائنات قدمها الإعلام العلمي، بيد أن انقراض لغة ما ليس من السهل تصوره. فهل يمكن أن يستيقظ المرء على خبر انقراض لغة ما؟ يحمل هذا السؤال نوع من التعقيد، فاللغات تموت بطرق مختلفة وبميتات متباينة. ففي عام 2008 توفيت السيدة ماري سميث في آلاسكا كآخر المتحدثين بلغة (إياك –  Eyak) في حين إن لغات أخرى (مثل اللاتينية والإغريقية القديمة) ماتت ميتة مغايرة1.

كما أن انقراض الديناصورات يعني موت آخر ديناصور؛ كذلك فأن انقراض لغة ما تعني موت آخر المتحدثين بها. تنقرض اللغة عندما تكف عن القول من خلال الآخرين، فهي تنسحب من المشهد اللغوي والتواصلي لصالح لغة أخرى2.

يعتقد بعض الناس ومن العلماء أيضًا بأن انقراض لغة ما هو حيقية من واقع الحياة على كوكب دائم التطور، بينما يرى آخرون أن ذلك لا يبرر سكوتنا عن فقداننا للغات، فيجب حمايتها لكونها تجعل منا بشرًا1.

أسباب وكيفية انقراض اللغات

  1. الهجرة:
    عندما تهاجر مجموعة لغوية إلى بلد آخر فثقافتها بالمجمل وتحديدًا لغتها تكون مهددة، ذلك لأن الدول تفرض لغتها أو على الأقل لا تعطي أولوية للغة المجموعة المهاجرة. كما أن إيجاد فرص العمل والدراسة يدفع بالمهاجرين إلى التركيز على لغة البلد الجديد، بالإضافة إلى التعاملات اليومية3.
  2. العولمة:
    إن الأقليات اللغوية لم تعد قادرة على الاعتماد الذاتي في توفير متطلبات الحياة اليومية؛ عليها الانخراط في النشاطات العالمية. الصيغة المعولمة لنظام العالم تفترض هيمنة لغات معينة، وعندما تصبح لغة ما مهيمنة فأن دائرة اهتمامات الأقليات اللغوية تغدو أضيق في إطار لغتها، وعليها بالتالي الاستسلام للغة المهيمنة. اللغة ليست كينونة جامدة، ما أن تكف عن الإنتاج الاصطلاحي يقتضي عليها فتح الباب أمام مفردات لغوية من اللغة المهيمنة. مع مرور الوقت تتعامل الأقلية اللغوية مع لغتها كلغة ثانوية إلى أن تختفي.
  3. الاضطهاد:
    إن الحروب والاضطهادات العرقية لا تشمل الاقصاء الفيزيائي وحسب، بل أنها موجهة بشكل ممنهج ضد الرأسمال الثقافي أيضًا. والعدواة بين المجموعات، لطالما تكون إقصائية، فمحو الهوية الخاصة دائما يصبح الهدف الرئيس، فالناس يعيشون داخل لغاتهم. في القرن العشرين ، تم إرسال العديد من الأطفال الأمريكيين الأصليين في كندا والولايات المتحدة إلى المدارس الداخلية ، حيث يُمنعون غالبًا من التحدث بلغتهم الأصلية. اليوم ، لا يزال العديد من الأمريكيين الناطقين باللغة الإنجليزية معاديين لغير الناطقين بالإنجليزية ، وخاصة الإسبان. لا يزال الاضطهاد الشديد يحدث أيضًا. في أغسطس الماضي ، ألقي القبض على عالم لغوي في الصين لمحاولته فتح مدارس تدرس لغته الأم ، الأويغور. لم يسمع عنه منذ ذلك الحين1.
  4. متوسط العمر:
    إن المورثات الثقافية (Memes) تحافظ على ديمومتها من خلال تمريرها بين الأجيال، واللغة من بين أكثر الميمات التي تحتاج إلى التمرير. عندما يتوقف الأطفال عن التحدث بلغتهم تكون تلك اللغة مهددة، وبعض اللغات في عالمنا الحالي موجودة فقط عند المسنين، ومع موتهم ستموت لغتهم بدورها2.

وتيرة الانقراض:

هناك أكثر من 7000 لغة على الأرض، ومع ذلك فإن نصف سكان العالم البالغ عددهم 7.6 مليار نسمة يتحدثون 24 لغة فقط و 95% يتحدثون 400 لغة فقط. هذا يترك خمسة بالمائة من سكان العالم منتشرين عبر 6600 لغة مختلفة ، المئات منها يتحدثها الآن أقل من عشرة أشخاص. (سيكر). وحسب بعض التقديرات، قد تختفي 80٪ من لغات العالم خلال القرن القادم2.

في فترة 1950-2010 دخلت 230 لغة إلى قائمة اللغات المنقرضة، هذا يعني أن حدث الانقراضات اللغوية شائع بشكل مخيف. والجدير بالذكر هو أن معظم هذه اللغات المنقرضة تعود إلى السكان الأصليين في الأمريكتين وأستراليا، لأسباب كولونيالية على الأغلب. ومن بين اللغات المنقرضة في الولايات المتحدة2:

  • إياك: انقرضت هذه اللغة في عام 2008.
  • يانا: كانت لغة شعب ياهي الأصليين في كاليفورنيا، انقرضت عام 1916.
  • تونيكا: 1930
  • تيلاموك وسويسلاو: انقرضتا في السبعينات القرن الماضي.

هناك موسوعات للغات المنقرضة ويمكن الإطلاع عليها (هنا) و (هنا).

انقراض اللغة العربية

مع أن اللغة العربية هي لغة الدين الإسلامي والدول العربية وهي أيضًا منتشرة في بلدان غير عربية فضلًا عن ثراء المكتبة العربية. بيد أن وجود أكثر من 422 مليون متحدث بالعربية لا يمنع من إحتمالية موت لغة الضاد. يرى بعض الباحثين إن ذلك محتمل جدًا في المستقبل القريب لأسباب مختلفة. فاللغة العربية الفصحى باتت لغة في المتحف الورقي، إذ أن اللهجات العامية هي المستخدمة بين الناس، وثمة هوة كبيرة بين العربية الفصحى واللهجات. وما يؤكد إنسحاب الفصحى من المشهد العربي اليومي هو أن الحديث بالفصحى يوحي بنوع من الاغتراب.

كما أن الذين يؤيدون فرضية انقراض اللغة العربية يأخذون عليها جمودها -حسب زعمهم- فهي لا تقدم إسهامات معرفية وعلمية في وقتنا الحاضر. ومن جهة أخرى، يرى البعض أن الفصحى باتت لغة خارجة عن السيطرة في الأوساط الأكاديمية والإعلامية أيضًا، إذ أن الأخطاء النحوية وغيرها متشرة بشكل رهيب في الكتب والخطابات. إذا ما أخذنا التطورات التكنولوجية والعلمية المتسارعة بعين الإعتبار، فكما أن الكثير من الوظائف والآلات الحالية ستنقرض، فاللغات أيضًا ومنها العربية قد تنقرض في المستقبل القريب، أو قد تموت ميتة هادئة كالأغريقية القديمة واللاتينية4.

ماذا نخسر من خسارة لغة؟

إن اللغات تعدو أن تكون أداة للتواصل ونقل المعارف، فهي أكثر من وسيط. للغات وظائف أخرى يمكن استثمارها كأحفورات ثقافية، حيث يمكنها أن تساعدنا في فهم التطور المعرفي والإدراكي. من جانب آخر فكل لغة هي فضاء معرفي وطريقة معينة في التفكير، فحتى اللغات الفقيرة معجميًا تقدم تأويلات معرفية للعالم. كذلك إن موت لغة ما لا يعني مجرد التوقف عن الحديث بها بل ضياع تراث أدبي وديني وغنائي أيضًا. إن السماح بانقراض اللغات لا يختلف عن الابادات الجماعية، بمجرد أن تموت لغة يموت معها شعبهًا معنويًا5.

حماية اللغات من الانقراض

يجاهد اللغويين لتوثيق وأرشفة اللغات المحتضرة، ذلك من خلال وضع القواميس وتسجيل وأرشفة التقاليد الشعبية كذلك ترجمتها. عملية الأرشفة ستساعد في الشعوب في تنشيط لغاتها مستقبلًا. لغة شيروكي مثلًا كانت مهددة بالانقراض، فقام باحث بإنشاء مدرسة لشعب شيروكي ودرس فيها إلى أن أصبحت لغة تدرس في جامعة محلية6..

اقرأ أيضًا نظرية وظائف اللغة

المصادر

  1. BBC
  2. ils Translations
  3. day translations
  4. hafryat
  5. seeker
  6. linguistic society

كيف أثر لسان العرب في الثقافة الإسبانية؟

هذه المقالة هي الجزء 13 من 14 في سلسلة تاريخ مغامرة العرب في بلاد الأندلس

لم يكن دور العرب في إسبانيا مقتصرًا على الحكم، فقد تأثر العرب وأثروا في الثقافة الإسبانية في شتى المجالات. بداية من تبادل الحبوب والزراعة، مرورًا بالشعر والأدب، والفن، والعمارة، وكذلك اللغة. كان تأثير اللغة العربية في اللغة الإسبانية الأشد ملاحظة. فكيف أثر لسان العرب في الثقافة الإسبانية؟

عاش العرب المسلمون في إسبانيا قرابة ال800 عام، بين سلمٍ وحرب، في تعاون تارة، وتناحر تارة أخرى. بداية من نزول طارق بن زياد في شبه الجزيرة الإيبيرية عام 711 م، ومن ثم عبدالرحمن الداخل وهو إحدى العلامات الفارقة، وصولًا للمورسكيين. أثرت تلك الأعوام بشكلٍ كبير على الثقافة الإسبانية والإسبانيين كافّة، وكانت لها دورٌ ملحوظ في الحضارة الإسبانية القائمة حتى يومنا هذا.

دور العرب في الحضارة الإسبانية

أثرت اللغة العربية بجمال رسم حروفها، وعذوبة كلماتها في اللغة الإسبانية، والأدباء الإسبانيين بشكلٍ كبير وعموم الناس كذلك. أدى ذلك إلى تحدثهم واتقانهم للعربية، بل وتفاخرهم بقدرتهم على كتابة أعمالهم الفنية بتلك اللغة، أو برسمها حتى ولو كانت بلغتهم الأم. سميت الكتابات الإسبانية بالحروف العربية المعتمدة على اللغة الرومانية الممزوجة بين اللغتين بـ”العجمية”. وأطلق على من يتحدثون العربية ويستخدمونها في كتاباتهم، وحياتهم بالمستعربين.

كان المستعربون ذوو مناصبٍ عالية في الدولة الإسلامية التي حكمت الأندلس، فبداية من الدولة الأموية التي استعانت بهم في إدارة شؤون البلاد. حتى طرد المورسكيون واستمرار الإسبان في نشر أعمالهم الأدبية بتلك الطريقة، والتي يحفظ بعضها في المكتبات حتى يومنا هذا. من أشهر الأمثلة على تلك الكتابات هي القصائد الجرشية، المكتوبة باللغة العربية. وانتشرت كذلك الخرجة، والخرجة هي خاتمة الموشح، وعادة ما تكتب بالعربية، أو العبرية، أو الرومانية. ظهرت الخرجة وانتشرت نتيجة لتمازج الثقافات والديانات، كما ظهر كذلك الزجل.

كان أحد التأثيرات الواضحة والهامة للعرب على إسبانيا ما حدث في العصور المظلمة لأوروبا، فقد شجع العرب المسلمين شتى مجالات العلم والفلسفة. أدى ذلك إلى ارتقاء شبه الجزيرة الإيبيرية، وجعلها منارة للعلم في أوروبا، برز حينها العلماء والأدباء، وتنافسوا فيما بينهم. وأعلت الدولة الإسلامية من شأن العلماء والأدباء، وشجعتهم للاستمرار والإبداع. حولت تلك الثورة الثقافية الأندلس، فعَرف الإسبان الصفر والجدير بالذكر أنهم ينطقونه كذلك sifir””. وتعلموا كذلك الجبر من كتاب العالم المسلم الخوارزمي في كتابه (المختصر في الجبر والمقابلة). كما راج الطب والكيمياء كذلك، نتيجة لاهتمام الدولة بتلك المجالات.

التأثير اللّغوي للعرب على الإسبان

المواقع الجغرافية والمعمار

أثر العرب بشكل كبير في اللغة الإسبانية، حيث أن ٨% من المفردات الإسبانية هي مفردات عربية الأصل. شملت تلك المفردات المئات والآلاف من المواقع الجغرافية والأماكن الأثرية التي أنشأها العرب وأطلقوا عليها تلك الأسماء العربية. أحد أشهر تلك المواقع هو «جبل طارق-Gibraltar» حيث نزل طارق بن زياد أول مرة. كما سميت بعض المدن بأسماء عربية، كمدينة سالم التي سمية كذلك نسبة لبنو سالم الذين قطنوها. كذلك مدينة سيدونيا التي سميت بالإسبانية «مدينة سيدونيا-Medina-Sidonia». وتلك المدينة الساحلية الساحرة، التي مازالت تحتفظ باسمها العربي «طريفة-Tarifa»، والتي سميت على اسم القائد العربي طريف بن مالك. ومدينة «طليطلة-Toledo» التي لازالت محتفظة باسمها حتى اليوم. ومن الجدير بالذكر أن أعلى جبل في وسط إسبانيا هو «قمة المنصور-Pico almanzour». سميت قمة المنصور نسبة إلى القائد المسلم المنصور بن أبي عامر، وهو أول من تسلق تلك القمة. كما كان هناك كلمات مركبة بين كلمة عربية وأخرى لاتينية مثل «وادي الذئاب-Guadalupe» فالشق الأول من الكلمة Guadal وهي جدول، والشق الثاني lupus الكلمة اللاتينية التي تعني الذئاب . وكذلك كلمات مستقلة، كـ«الضاحية أو الضيعة-aldea». ولا يخفى تأثير العرب على العمارة الإسبانية ليس فقط معماريًّا، بل ولغويًّا. فاستعمل الإسبان مثلًا مصطلح «فندق-Fonda»،و «القصر-alcázar».

الوظائف وبعض الكلمات العربية المستخدمة يوميًّا في الإسبانية

ستجد في الإسبانية العديد من الوظائف التي لمسماها أصل عربي، دلالة على التأثير العملي إضافة للتأثير اللغوي. فمثلًا «القاضي- alcalde» و«الفارس-alferez»، وهي وظائف لازالت محتفظة باسمها العربي. أما عن بعض الكلمات المستخدمة يوميًّا، فتأتي مثلًا كلمة «القطن-algodon». وبعض الفواكه كـ «الليمون-limon» وحى الـ«القهوة-cafe».  واستخدامهم كذلك لكلمة «السوق-azogue»، وكذلك الـ«معصرة الزيت-almazara».

التعبيرات العامة والأمثال الإسبانية ذات الأصل العربي

تأثر الإسبان كذلك بالتعبيرات والأمثال العربية، فنرى مثلا استخدامهم للتعبير عمن يحمل علمًا لا قيمة له كالحمار يحمل أسفارًا، بقولهم: “ass burdened with knowledge”. وتعبيرهم العامي في حديثهم “!Ojalá” وهو ما يعني “إن شاء الله”، ويستخدمونها كالعرب تمامًا. كما يستعمل الإسبان تعبير “تعامل كأنك في منزلك” عندما يقوم ضيفٌ بزيارتهم، تمامًا كما العرب.

واستخدم الإسبان حرف الجر “حتى” في كلامهم، ويكتب بالإسبانية “hasta” وله نفس الدلالة وهو من التأثير اللغوي الواضح للغة العربية. ومن السهل أن تلاحظ في تركيب الكلمة وجود حروف في بدايتها تشابه ألف ولام التعريف في العديد من الكلمات الإسبانية، وبالتأكيد أن لها أصلٌ عربي. كما ختمت العديد من الكلمات الإسبانية بالحرف “i” كما في الكلمات العربية، حتى أنهم أشاروا إلى عهد ألفونسو العاشر بقولهم «عصر ألفونسي- la era alfonsí».

وأخيرًا أثر المغاربة خاصةً، والعرب بشكلٍ عام في نطق بعض الحروف التي ميزت اللغة الإسبانية والبرتغالية عن مثيلاتها في أوروبا. لم يكن ذلك التأثير بالبسيط، فقد أبدع العرب في إيصال جمال حروفهم كتابةً، وصوتًا، وتركيبًا للجمل في شتى المجالات. وحتى يومنا هذا، فإن للعرب دورٌ كبير في الحضارة والثقافة الإسبانية لا يمكن إنكاره ليس التأثير اللغوي فقط بل العملي والثقافي كذلك.

المصادر:

  1. Research Gate

عائلة اللغات الأفريقية الآسيوية

هذه المقالة هي الجزء 5 من 8 في سلسلة العائلات اللغوية وأقسامها

عائلة اللغات الأفريقية الآسيوية

تعد عائلة اللغات الأفريقية الآسيوية (Afroasiatic Languages) من العائلات اللغوية الأساسية. وتقع هذه العائلة في الترتيب الرابع بين العائلات الأساسية من ناحية عدد المتحدثين. إذ ينطق بلغاتها ما يقارب 583 مليون شخصاً حول العالم. ويتجاوز عدد لغاتها 370 لغةً [1].

عائلة اللغات الأفريقية الآسيوية

تصنيف اللغات ضمن العائلة

تنتشر اللغات الأفريقية الآسيوية في شمال أفريقيا وشبه الجزيرة العربية والشرق الأوسط. ومما يساعد في انتشار هذه العائلة أنها تضم كلاً من اللغة العربية وهي لغة الدين الإسلامي، واللغة العبرية وهي لغة الدين اليهودي، واللغتين القبطية والسريانية وهما لغتا طائفتي الأقباط والسريان المسيحيتين [2].

في عام 1844، وجد العالم اللغوي الألماني ثيودور بنفي (Theodor Benfy) تشابهاً بين اللغات السامية والمصرية. وعليه، صنفها ضمن مجموعة أسماها عائلة اللغات السامية الحامية (Semito-Hamitic). والحامية هي نسبة إلى حام، ابن النبي نوح عليه السلام. كما يرجح أن تكون السامية أيضاً منسوبة لأخيه سام، ولكن لا يوجد دليل كافٍ على أصل هذا الاسم. لاحقاً، أطلق على هذه العائلة اسم العائلة الأفريقية الآسيوية تفادياً للحساسيات الثقافية من الاسم السابق [3].

أصل اللغات الأفريقية الآسيوية

لا يوجد إجماع على المكان الذي نشأت منه اللغة البدائية لهذه العائلة. ولكن يتفق أغلب الباحثين على أن الناطقين بها كانوا يعيشون في شمال شرق أفريقيا. فيقترح البعض أن أثيوبيا كانت موطن هذه اللغة السلف، في حين يرى آخرون أنها نشأت في السواحل الغربية للبحر الأحمر. أما عن تاريخها، فوجدت بعض الدراسات أن هذه اللغة الأصلية تعود إلى الألفية السادسة حتى الثامنة قبل الميلاد [2].

تتعقب أبحاث أخرى اللغة الأفريقية الآسيوية البدائية، وتقترح أنها كانت موجودة قبل 18,000 سنة، تحديداً في منطقة القرن الأفريقي. ومنها نشأت ثلاث لهجات مختلفة، والتي شكلت بدورها أصل اللغات البربرية والمصرية والسامية. مع الهجرة شمالاً وانتشار مختلف الناطقين، انتشرت هذه اللغات وتشعبت بمرور الوقت [3].

تشير الدراسات إلى وجود تشابه في تشكيل الكلمات والأصوات بين أفراد هذه العائلة. ومن أبرز التشابهات التشكيلية استخدام لواحق مع الكلمات للدلالة على الملكية، وهي سمة مشتركة بين كافة لغات العائلة [4].

المجموعات الفرعية للعائلة الأفريقية الآسيوية

تضم عائلة اللغات الأفريقية الآسيوية ست مجموعات فرعية أساسية. بدايةً مع المصرية (Egyptian)، وتتميز هذه المجموعة بأن جميع لغاتها قد انقرضت باستثناء اللغة القبطية. وحتى القبطية لم تعد تستخدم إلا في الصلوات لدى طائفة الأقباط المسيحية. ثم تأتي المجموعة بالسامية (Semitic)، وهي المجموعة الفرعية الوحيدة التي تنتشر خارج القارة الأفريقية. ومن بين لغات هذه المجموعة اللغة العربية واسعة الانتشار، واللغة العبرية، ولغات أخرى مهددة بالانقراض كاللغة الآرامية التي يتحدث بها عدد من سكان بلدة معلولا في سوريا. ثالثاً، توجد المجموعة الأمازيغية أو البربرية (Berber) والتي تنتشر في شمال وغرب أفريقيا. بعض من لغاتها اندثر مع الزمن، وبعضها لا يزال محكياً. أما المجموعة الرابعة فهي التشادية (Chadic)، ويتوزع ناطقوها في شمال نيجيريا وشمال الكاميرون والنيجر والتشاد. في أفريقيا أيضاً نجد المجموعتين الفرعيتين الخامسة والسادسة، وهما الكوشية (Cushitic) والأوموتية (Omotic). ويميل بعض الباحثين إلى تصنيفهما ضمن مجموعة واحدة [4] [5].

المجموعات الفرعية ضمن العائلة الأفريقية الآسيوية

المصادر

Ethnologue

Must Go

The Afro-Asiatic Language Family

Afroasiatic Languages

Sorosoro

Exit mobile version