ملخص رواية “لا تقتل عصفورًا ساخرًا” للكاتبة هاربر لي

ملخص رواية “لا تقتل عصفورًا ساخرًا” للكاتبة هاربر لي

صدرت رواية “لا تقتل عصفورًا ساخرًا”، للكاتبة الأمريكية هاربر لي عام 1960، فازت بجائزة البوليتزر، وأصبحت علامة في الأدب الأمريكي، بعدما حققت نجاحًا سريعًا فور صدورها، وحولت إلى فيلم يحمل نفس اسم الرواية “لا تقتل عصفورًا ساخرًا” عام 1962، وقد فاز بجائزة أوسكار.

طفولة صاخبة

تعيش سكاوت الصغيرة ذات الست سنوات مع أخيها جيم، ووالدها أتيكوس الذي كان يعمل بالمحاماة، في بلدة صغيرة تدعى مايكوم.

كان جيم وسكاوت يقضيان العطلة الصيفية يلعبان في فناء المنزل، ولا يتخطيان أبدًا المسافة التي يصلها صوت كالبورنيا طباختهم، والقائمة على رعايتهم بعد وفاة الأم، وفي أحد الصباحات الباكرة من الإجازة، التقيا “ديل” ذلك الفتى الصغير، الذي كان يقضي إجازته مع خالته الآنسة راشيل، والتي كانت تسكن في المنزل المجاور لمنزلهم.

استقبلا ديل، وشاركهم اللعب طوال الإجازة وتمثيل المسرحيات. كان منزل آل رادلي الذي يقبع عند المنعطف وراء منزل سكاوت، يلهب خيال ديل كما فعل مع كل أطفال البلدة. فقد دارت حوله الكثير من الأساطير عن تحول ابن آل رادلي إلى شبح حاقد. وظن أهل البلدة أنه يخرج ليلًا، ويتلصص على نوافذ الناس. كانوا يعزون أي حادثه غريبة تحدث في البلدة، لذلك الشبح من آل رادلي.

نبعت كل تلك الحكايات من انعزال المنزل وأهله عن البلدة. وهي نزعة لا يغفرها أهل مايكوم أبدًا. لم يكن السيد رادلي يذهب إلى الكنيسة، ولم تشارك السيدة رادلي جاراتها في حفلات الشاي وجلسات السمر. أما الإبن والذي أطلق عليه أهل البلد اسم بو رادلي، فقد اختفى داخل منزله ولم يكن يظهر للعامة. أصبح المنزل مصدر حيرة وخوف أطفال بلدة مايكوم.

توم روبنسون

مع بداية عام دراسي جديد، لم تكن سكاوت تعلم أنها بداية المتاعب، التي لا حصر لها مع الأطفال في المدرسة. إذ دعى أولئك الأطفال أتيكوس بمحب الزنوج، فلم تفهم سكاوت المعنى في البداية. لكنها أحست أنه لقب غير مستحب، بسبب الطريقة التي تلفظ بها الأطفال هذه الكلمات.

عندما سألت أبيها عن معناه، وعن السبب الذي جعل الأطفال يطلقون عليه محب الزنوج، أخبرها أنه تولى قضية رجل أسود البشرة، يدعى توم روبنسون، عامل بسيط يعيش في مستوطنة الزنوج، الواقعة خلف مقلب نفايات البلدة.

وأوصاها هي وأخيها أن يكونا صبورين على الكلام القبيح الذي سيسمعانه الفترة القادمة. ما عليهما سوى تجاهل هذا الكلام، والمضي في طريقهما. وعندما سألته سكاوت إذا كان سيربح القضية أم لا، فكان جوابه أن خسارته للقضية معلنة منذ مائة عام من توليه لها.

ولم تقتصر مشاجرات سكاوت مع أصدقائها في المدرسة فقط، ولكن امتدت للأقارب أيضًا. فقد نشبت مشاجرة كبيره بينها وبين قريبها فرانسيس، أثناء التجمع العائلي في عيد الميلاد، بسبب تطاوله أمامها على أتيكوس، وتصريحه بأنه يخزي أفراد العائلة. كانت نتيجة المشاجرة، أن لكمت سكاوت فرانسيس لكمة قوية في أسنانه.

ما قبل المحاكمة

مع اقتراب موعد محاكمة توم روبنسون، الذي اتُهم ظلمًا باغتصاب ابنه السيد يويل، الذي يقع منزله بجانب مقاطعة الزنوج، كثرت اجتماعات أتيكوس الغامضة مع رجال البلدة. وفي يوم، اضطر للخروج ليلًا حاملًا سلكًا كهربائيًا طويلًا، وفي نهايته مصباح. تبعه جيم وديل وسكاوت خلسة، حتى وصل إلى سجن مايكوم.

نصب السلك بين قضبان نافذة الطابق الثاني، وجلس مستندًا إلى الباب الأمامي يقرأ. وبعد دقائق توقفت مجموعة سيارات أمام السجن مباشرة، ووضع أتيكوس صحيفته بهدوء، وكأنه يتوقع وصولهم. ثم خرج مجموعة من الرجال وأحاطوا به، وسألوه عن توم روبنسون، وأمروه بالابتعاد عن الباب.

لم تتحمل سكاوت وانطلقت مسرعة باتجاه أبيها لتحميه. تبعها جيم وديل كذلك، وعندها رحل الرجال كما جاءوا، بعدما رأوا هؤلاء الأطفال. سمعوا صوتًا من نافذة السجن يسأل إذا رحل الرجال أم لا، فأجابه أتيكوس أن ينام ويأخذ قسطًا من الراحة. كان هذا صوت توم روبنسون.

المحاكمة

يوم المحاكمة كان مناسبة خاصة لأهالي مايكوم، فقد استعد معظم أهالي البلدة لمشاهدة المحاكمة، وكذلك جيم وسكاوت وديل قد قرروا الحضور متجاهلين أمر أتيكوس بالبقاء في المنزل، بدأ استجواب الشهود، وبعد الاستماع إلى السيد يويل وابنته ماييلا يويل المعنية بالحادثة، جاء دور توم ربنسون، بدأ يقص على الحاضرين ما حدث في ذلك اليوم، وكيف دعته الآنسة ماييلا إلى البيت ليصلح لها الأبواب التي تخلخلت مفصلاتها. استجاب لأمرها، فحص الباب وجده سليمًا وحركته طبيعية.

فجأة أغلقت ماييلا الباب، وحين أخبرها برغبته في الرحيل، انقضت عليه وضمته من خصره، وتطاولت حتى قبلته على جانب وجهه، وقد حاول التملص منها ولكن في هذه اللحظة وصل السيد يويل، وشرع في الصراخ على ابنته، مما دفع توم للركض بأقصى سرعته خوفًا مما سيلاقاه.

بعدما فرغ الشهود وانتهى أتيكوس من مرافعته، كانت كل الأدلة تشير إلى براءة توم روبنسون، وكان الأمر متروكًا لقرار هيئة المحلفين، والذين أدانوه جميعًا متجاهلين كل الأدلة التي تفيد برائته، ولكن لم يكن هناك أمل ببراءة زنجي في مثل هذه البلدة.

بعد صدور الحكم انهار جيم، لم يستوعب كيف لهم إن يدينوه بالرغم من كل الأدلة التي في صالحه، وفي هذه اللحظة أدرك برعم صغر سنه مدى بشاعة البشر.

ظهور بو رادلي

في اليوم التالي للمحاكمة، بدأت متاعب السيد يويل في الظهور، فقد توعد أتيكوس بالانتقام، بعدما كشف كذبه أمام أهل مايكوم جميعًا، وعندما قابله في الشارع، قام السيد يويل بالبصق في وجهه، وكان أتيكوس مهذبًا إلى حد اتفز السيد يويل كثيرًا.

وبعد أيام قليلة من المحاكمة حاول توم روبنسون الهرب من السجن، ولكنه لقى حتفه تحت وابل رصاص الحرس، فالبرغم من أن أتيكوس أخبره، بأن له فرصة جيده في الاستئناف، إلا أنه قد فقد الأمل كليًا، ورأى أن لون بشرته، قد حكم عليه بالإعدام قبل المحاكمة بكثير.

بدأت الأيام بعد تلك الحادثة، أن تعود لمسارها الطبيعي إلى حد ما، وبدأ العام الدراسي وعاد جيم وسكاوت إلى المدرسة، قررت سكاوت المشاركة، في العرض الذي سيقام في احتفال الهالوين هذه السنة.

في يوم الاحتفال لم يستطع أتيكوس مرافقتهما، وبعد انتهاء العرض وفي طريق العودة، سمعا صوت شخص ما يتبعهما، ركضا بأسرع ما يمكنها، ولكنه استطاع اللحاق بهما والاشتباك بجيم، كُسرت ذراع جيم وأُغشي عليه، ثم هجم على سكاوت وحطم زيها وحاول قتلها بسكين حادة، ولكن بو رادلي خرج من منزله في الوقت المناسب، واستطاع إنقاذها وحمل جيم إلى المنزل.

وعندما حضر محقق الشرطة، وذهب لتفحص مكان الحادث، وجد جثة السيد يويل ملقاه على الطريق، مطعونًا بسكين مطبخ بين أضلعه، كان يحاول قتلهما انتقامًا من أتيكوس، وكان ظهور بو رادلي في تلك الليلة العزاء الوحيد لسكاوت، وأخيرًا قد تبددت الأسطورة التي طالما شغلتها، ورأته أمامها حيًا.

اقرأ أيضًا ملخص رواية “هيا نشتر شاعرًا” لأفونسو كروش

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص رواية “الرسام تحت المجلى” للكاتب أفونسو كروش

ملخص رواية “الرسام تحت المجلى” للكاتب أفونسو كروش

الرسام تحت المجلى

“يمكن أن يُحفظ الماء في قوارير، لكن من المستحيل أن تُحفظ فيها القصص دون أن تفسد بسرعة، فالقصص لا تعيش إلا سائبة في الهواء الطلق كالحيوانات البرية، لتتمكن من العدو عارية”

أفونسو كروش، رواية الرسام تحت المجلى

صدرت رواية “الرسام تحت المجلى” للكاتب البرتغالي أفونسو كروش عام 2018، من دار مسكيلياني للنشر بترجمة من  مها عطفة، تناول فيها الكاتب حياة الرسام إيفان سورس، الذي عاش سابقًا في بيت جده، ليحول الكاتب تلك القصة العادية التي سمعها من جده وجدته إلى عمل فني رائع، حيث أضاف عليه تعديلاته الروائية المبتكرة، بعدما غير اسم الرسام إلى “جوزيف سورس”، مقسمًا الراوية إلى جزئين أساسيين، الأول كتاب الأعين المفتوحة، والثاني كتاب الأعين المغلقة.

كتاب الأعين المفتوحة

ولد جوزيف سورس في منزل كبير يمتلكه عقيد في الجيش يدعى العقيد مولر، حيث كان والداه يعملان لدى العقيد، فكان والده كبير الخدم أما والدته فهي المسؤولة عن كي الملابس، فور ولادته تنبأت القابلة أنه سيصبح فنانًا، مما أحزن الأم كثيرًا فقد كانت ترى أن الفنانين يعيشون في حزن دائم، لأنهم في كل مرة يرون العالم ينظرون إليه وكأنهم يرونه لأول مرة.

في اليوم التالي لولادة جوزيف، دخل العقيد مولر غرفة الأم حاملًا ابنه ويلهيلم، الذي لم يتم سنته الأولى بعد، وأخبرها أنه قرر أن يتلقى جوزيف تعليمه مع ويلهيلم على يد المعلم هافل كوبيكي، وعندما وصل الطفلان للسن التي تسمح لهما بالتعلم، بدأ هافل كوبيكي دروسه معهما، وكان دائمًا ما يقرأ عليهما النصوص الكلاسيكية القديمة غير مكترث بسنهما على الإطلاق، وكذلك لاحظ تقدم سورس في القراءة على ويلهيلم وبدايه ظهور علامات الرسام البارع عليه.

كان أسلوب سرد سورس للقصص يسر قلب كوبيكي كثيرًا، وخاصة طريقته في التعبير من خلال الرسوم، فكان سورس يمضي ساعات أمام الورق البني ممسكًا بقلمه ليخربش عليه بيوتًا وأزهارًا وسماوات، فيمكن القول أن أفكاره كانت عبارة عن رسوم.

وتعتبر الدائرة هي أول شيء خطه سورس على الورق، حيث اعتبر أنها أكثر الأشكال طبيعية، كما أنها قادرة على احتواء كل شيء، وفكر أن كل شيء يسير في دوائر بدءًا من الذكريات وانتهاءًا بالحكايات، وهكذا ظل سورس يرسم الدوائر الواحدة تلو الأخرى، حتى تلاشت طفولته ودخل في طور المراهقة.

استخدم سورس دفاتر رسم كثيرة، ولكنه كان يرسم بالأخص على اثنين منهما، دفتر أبيض وآخر أسود وكان يسميهما كتاب الأعين المفتوحة وكتاب الأعين المغمضة، كان يرسم في الأول العيون المفتوحة التي يراها، عيني والدته ووالده وعيني جارته فرانتيشكا وأعين العابرين في الشارع، أما الثاني فيرسم فيه عيونهم وهي مغمضة، ولم يكن والده راض عما يفعله ولكن سورس أصر على هوايته.

قانون التفرع

وكما كان سورس مولع برسم العيون، كان أيضًا يعشق الأشجار وخاصة جذوعها، ويرى أنها تستطيع مواصلة النمو إلى الأبد إن لم تتفرع إلى أغصان، وأسمى هذه النظرية “قانون أندرونيكوس فيما يتعلق بشجرة ديسقوريدس”، حيث سبق لذلك الفيلسوف أن ناقش تلك المسألة من قبل.

وهكذا اعتقد سورس أنه إذا تجنب أي شخص التفرع مع رغباته، فإن بإمكانه أن يصل إلى أماكن بعيدة جدًا في نفسه، وكان سورس يتجنب كل أشكال التفرع والرفاهية، فمثلًا كان يأكل فقط ما يحتاجه ليظل على قيد الحياة، ويحاول ألا يشعر أكثر من اللازم، وقرر أن يكرس نفسه لهوايته فقط.

ولكن لكل قاعدة شواذ، وقد كانت علاقته بفرانتيشكا جارته هي الجزء الشاذ في قانونه الخاص، وكانت سببًا في صراع داخلي مرير مع نفسه، فهي أكيد مدعاة للتفرع، ولكن قرر سورس أن يستمر في علاقته بها، ويقفز السور العالي بين بيتها وبيت العقيد مولر فقط ليراها ويستمع إليها وإلى تفاصيلها الغريبة، بغض النظر عن قانونه.

الاستعارات القاتلة

وفي أمسية من الأمسيات التي يستقبل فيها العقيد مولر صديق من أصدقائه، جلسا معًا ليتناقشا كالعادة في الكثير من الأمور بينما كان كبير الخدم يغفو بجانبهما، ليستيفظ فجأة على صوت العقيد مولر وهو يصرخ بصديقه ويشير إلى صدره قائلا “إن ما تحمله في صدرك، -وكان يقصد القلب- هو أشد الأسلحة فتكا على الإطلاق، إنه الحجر الذي قتل به قابيل هابيل”.

اضطرب كبير الخدم كثير، فقد كان غير قادر على فهم الاستعارات، وانتظر صديق العقيد مولر ليغادر ومن ثم أمسكه بقوة، وراح يفتشه باحثًا عن ذلك السلاح الذي تحدث عنه العقيد، وحاول الصديق جاهدًا أن يشرح له مقصد عبارة العقيد ولكن بلا فائدة فقد باغته كبير الخدم بضربة على رأسه أودت بحياته.

وبعد هذا الحادث حكم على والد سورس بالإعدام، ولكن العقيد مولر لم يتخل عن سورس ولا عن والدته وسمح لهما بالبقاء في المنزل، حاول سورس جاهدًا بعد فترة أن يستحضر صورة والده ولكنه لم يكن يراه إلا معلقًا من رقبته، ورأى أنه من المؤسف أن يلقى شخصان حتفهما بسبب صورة بلاغية، أما والدته فقد رفضت قبول وفاة زوجها، وكانت تحضر المائدة كل يوم واضعة طبقًا لشخص إضافي، وتضع ملابس زوجها على الكرسي المقابل.

عندما اندلعت الحرب

بعد فترة من وفاة والده التحق سورس بالجيش ليشارك في الحرب، كان يمضي وقته مستلقيًا في الخندق ينظر إلى السماء ويتذكر فرانتيشكا، أو يمضي وقته مع صديقه ماتيخ، كان سورس يكره القتل أما ماتيخ فكان يرى أن القتل من طبيعة الحياة، وفي الحرب لا يوجد أناس بل يوجد أعداء فقط.

وعندما يكون سورس مجبرًا على إطلاق النار، فإنه يوجه نحو فضاء مجهول، رافعًا سلاحه نحو الأعلى لكي تخطئ رصاصاته الهدف، حيث كان قانونه لكسب الحرب أن لا يقتل ولا يُقتل، وقبل بضعة شهور من انتهاء الحرب رجع سورس إلى بيته متشوقًا لرؤية فرانتيشكا، ولكن عندما وصل علم بأمر خطبتها من ويلهيلم، فجن جنونه وقضم أذنه فقطعها، ثم أخذ والدته وخرج من بيت العقيد مولر بلا رجعه.

الماضي لا يمضي أبدًا

عاش سورس مع والدته في بيت صغير استأجره، وكانت السنوات الأولى هي الأصعب، فقد حاول سورس جاهدًا ولم يترك عملًا إلا وعمل فيه، حتى اكتفى وقرر أن يدرس الرسم، فضاقت به الأحوال كثيرًا، مما دفعه إلى أن يضع والدته في مستشفى المجانين ليتخلص من عبء وجودها، حيث أنها أصبحت الآن تفرعًا يعيق قانونه الخاص.

وبعدما وضعها في مستشفى المجانين بفترة وصلته رسالة من صديقه القديم ماتيخ، يخبره فيها عن حياته في الولايات المتحدة ويدعوه للعمل معه، وبعد شهر وجد نفسه هناك دون أن يودع والدته التي لم يزرها قط منذ دخولها المستشفى، وبعد ما يناهز العام تلقى سورس رسالة من العقيد مولر يحثه فيها على القدوم لرؤية والدته، وكان رد فعل سورس أن مزق الرسالة وألقاها في القمامة منزعجًا.

واصل العقيد مولر بإرسال تلك الرسائل لسورس مصرًا على قدومه لرؤية والدته وعلى أخذها معه، لم يرد سورس على أي منها حتى جاءته الرسالة الأخيرة من العقيد يخبره بقدومه بنفسه ليأخذه إلى والدته، بعد تلك الرسالة بأيام قليلة قرأ سورس في الجريدة خبر كارثة سقوط منطاد قطع المحيط الأطلسي من ألمانيا للولايات المتحدة، وتوقفت عيناه عند قائمة الضحايا ليقرأ اسم “العقيد غوستاف مولر”.

وبعد تلك الحادثة بما يزيد عن سنتين قرر سورس الرجوع إلى والدته التي هجرها، بعدما ساءت أحواله الصحية وضعف بصره.

الحياة تسير في دوائر

عاد سورس لبلدته وظل لمدة شهر يبحث في ساحة المجانين، على أمل أن يجد المستشفى التي ترك فيها والدته، حتى علم من أحد المارة أن المستشفى قد هدمت، وقتل كل من فيها لأنهم جميعًا كانوا من اليهود.

بعد ذلك قرر سورس العودة إلى الولايات المتحدة خائبًا ولكنه وجد نفسه ممنوعًا من السفر، وحاول الحصول على جواز سفر مزيف عبر به إلى سويسرا وسُجن هناك فترة ثم أطلقوا سراحه من جديد ليجد نفسه في الشارع بلا مأوى.

استأنف سورس سفره قاصدًا لشبونة ليستقل من هناك عابرة المحيطات إلى أمريكا، ولكن الشرطة أرسلته إلى بيت اللاجئين لأن صلاحية جواز سفرة قد انتهت، وحين وصل إلى هناك علم بأمر ترحيله فقرر الهرب من الشرطي، واختبأ في محل تصوير لسيد يدعى كوستا والذي ساعده في الاختباء وأخذه لبيته.

افترش سورس المساحة تحت المجلى في مطبخ السيد كوستا وجعلها مخدع نومه، مختبئًا حتى لا يباغته رجال الشرطة، ومضت عليه الأيام تحت المجلى هاجرًا دفاتره، ونظره يضعف كل حين عن سابقه.

كتاب الأعين المغلقة

أصيب سورس باكتئاب شديد، وعبثا حاول السيد كوستا وزوجته الترفيه عنه، حتى قرر سورس أن يعود للرسم مرة أخرى فأحضر أخشابًا ودهنها بالأبيض وبدأ برسم لوحة لصلب المسيح، وبالرغم من الثناء الذي ناله من السيد كوستا وزوجته إلا أنه ظل غارقًا في تعاسته.

وفي اليوم التالي، أحضر له السيد كوستا كيس قماش، مملوءًا بآلاف الصور الملتقطة عنده في محل التصوير من أجل جواز السفر، ليستطيع سورس أن يواصل رسمه للعيون المغمضة والمفتوحة، وفي أثناء بحث سورس في تلك الصور وجد صورة والدته، لتخبره بأنها ما زالت على قيد الحياة ولم تلق حتفها في المشفى.

ذهب السيد كوستا في اليوم التالي قاصدًا بيت اللاجئين للبحث عن والدة سورس، وأصر على لقاء الحاخام والتحدث معه، فأخبره أنها مكثت في بيت اللاجئين لبعضة أسابيع ثم غادرت مع رجل ألماني بلا أذن، ساعدها في الحصول على تأشيرة الخروج إلى الولايات المتحدة.

منذ علم سورس بذلك الخبر، أخذت حالته في التحسن وأصبح قادرًا على الرؤية بصورة أفضل، ثم بدأ الشك في أسلوب قانون التفرع الذي كان يتبعه، ونمت بداخله رغبات دفينه لنمو شجرته بفروع وأوراق خضراء، وفكر في أنه يمكن أن يستلقي في يوم ما على أحد تلك الفروع مرتاحًا في آخر المساء.

ساعد السيد كوستا سورس في أن يحصل على جواز سفر جديد، وتأشيرة للولايات المتحدة، وأوصله إلى رصيف الميناء ليستقل العبارة، ثم تعانقا بحرارة، وسار سورس باتجاه القارب ملوحًا للسيد كوستا وفي عين كل منهما دمعة أو اثنتين.

للمزيد من ملخصات الكتب

اقرأ أيضًا:

ملخص رواية “هيا نشتر شاعرًا” للكاتب أفونسو كروش

ملخص كتاب نظرية المعرفة لزكي نجيب محمود

ملخص كتاب نظرية المعرفة لزكي نجيب محمود

يحاول زكي نجيب محمود في كتابه “نظرية المعرفة” أن يعرض أبرز مشاكل المعرفة وكيف تعاطى معها الفلاسفة على مر العصور على اختلاف مذاهبهم الفكرية، فقام بحصر مشاكل المعرفة في ثلاثة أسئلة رئيسية:
1- ما هي طبيعة المعرفة بصفة عامة، بغض النظر عن نوع الحقيقة المعروفة؟
2- ما هو المصدر الذي يستقي منه الإنسان معرفته؟
3- هل في مستطاع الإنسان أن يتناول بمعرفته كل شيء بغير تحديد؟ أم أن لوسعه حدودًا؟

وأفرد زكي نجيب محمود لكل سؤال منهم بابًا من الكتاب ليتحدث عنه سنناقشهم فيما يلي.

الباب الأول: طبيعة المعرفة

يناقش زكي نجيب محمود في هذا الباب السؤال الأول “ما هي طبيعة المعرفة بصفة عامة، بغض النظر عن نوع الحقيقة المعروفة؟”، فقام بتقسيمه إلى ثلاثة فصول.

طبيعة المعرفة عند الواقعيين

• الواقعية الساذجة

إذا قلنا “على المكتب مصباح مضيء” فكلمة “مكتب” تكوّن في ذهنك صورة للمكتب، وكلمة “مصباح” تكوّن صورة مصباح، وكلمة “مضيء” تشير إلى الضوء المنبعث من المصباح، وكلمة “على” تشير إلى العلاقة بين المكتب والمصباح.
فيخلصون إلى حقيقة أن العالم موجود بذاته بغض النظر عن وجودنا، والدليل على ذلك هو أنك حين توجّه بصرك للنظر إلى شيء ما، فهذا الشيء كان موجودًا سواء نظرت إليه أم لم تنظر، كونك توجّه نظرك إليه دليل على وجوده المستقل غير المحتاج إلى وجودك.

ومن هنا يرى أصحاب نظرية الواقعية الساذجة في المعرفة أن معرفة الشيء هي صورة مطابقة للشيء المعروف.

ولكن هناك مشكلة، وهي أنك أنه وفقًا لهذه النظرية فإن معرفتك بالمكتب الذي أمامك ليست بالضرورة هي حقيقة المكتب، فقد تلمس المكتب فتشعر بصلابته، ثم يأتي عالم ليخبرك أن المكتب ما هو إلا مجموعة من الذرات التي يتكون مُعظم كل ذرة منها من الفراغ، فهنا ما ترصده بحواسك ليس بالضرورة هو الحقيقة.

كما أن رصد الشيء يتغير بتغير موقع الراصد أو زمان الرصد، فإذا أحضرنا 10 رسامين وأجلسناهم حول منضدة وطلبنا من كل منهم أن يرسم ما يراه، فسيرسم كل منهم ما يراه من المنضدة من زاوية نظره، فينتج لدينا 10 رسومات مختلفة للشيء نفسه.

وبالتالي فنظرية الواقعية الساذجة في المعرفة بحاجة إلى تعديل يزيد من دقتها.

• الواقعية النقدية

تكمن مشكلة الواقعية الساذجة في أنها تلغي دور العقل البشري في المعرفة فتجعله مجرد متلقي لما يراه، إلا أن هذا ليس دقيقًا، فإذا رأيت برتقالة فأنت تعرف أنها برتقالة، ولكن كيف هذا؟

حدث هذا نتيجة لرؤيتك العديد من البرتقالات المختلفة في اللون والاستدارة والمذاق، إلا أن عقلك استطاع توحيد هذه الفروقات في صورة واحدة وقام بطرح الاختلافات ليسهل عليك التعرف على البرتقال متى رأيته.

فعندما ترى جسمًا مستديرًا ذا لون برتقالي وملمس معين تستطيع القول بأنه برتقالة، إلا أن هذه الصفات ليست على قدم المساواة، فبعضها صفات أولية، وهي صفات موجودة في الشيء بذاته. البعض الآخر صفات ثانوية وهي الصفات التي تنشأ من تفاعل الإنسان مع الشيء، فالبرتقالة مستديرة سواء نظرت إليها أم لم تنظر أو لمستها أم لم تلمسها، إذا فهذه صفة أولية.

لكن أشياء كلون البرتقالة ليست صفة أساسية في البرتقالة بذاتها، فلون البرتقالة لا يتكون إلا بعد سقوط الضوء عليها وانعكاسه إلى عينك، ومن ثم يتكون اللون في دماغك، كما أن طعم البرتقالة كذلك، فهو ينشأ عند اتصال البرتقالة بلسانك ليتكون الطعم في دماغك، وهذا يفسّر اختلاف طعم الأشياء وقت مرضك.

فبعض الصفات هي صفات ثانوية لا معنى لها إلا بوجود متلقي، فلا معنى للألوان بدون وجود عين ترى، ولا معنى للأصوات بدون وجود أذن تسمع، ولا معنى للحلاوة أو المرارة بدون لسان يتذوق.

وبالتالي فالواقعية النقدية ترى وعي الإنسان جزءًا من عملية المعرفة.

طبيعة المعرفة عند البراجماتيين

يرى البراجماتيون أن المعرفة هي الفكرة التي يترتب عليها فعل في الواقع العملي، فإذا لم يكن للفكرة فائدة عملية فإنها لا ترقى لأن تكون معرفة، ويمكن أن تكون لدينا فكرتين صحيحتين، ولكن واحدة فيهم أصح من الأخرى، وهذه الأصح هي الحقيقة التي تقدم أكبر إفادة لنا، أي أنني إن أخبرتك بوجود تنين خارج الكون لا يمكنني أن أراه أو أسمعه أو أتواصل معه، فإن هذه في نظر البراجماتيين ليست معرفة، فلا يترتب على علمي بأمر هذا التنين فعل أفعله.

طبيعة المعرفة عند المثاليين

المعرفة من منظور المثاليين مصدرها العقل، فهم لا يعترفون بوجود العالم الخارجي بشكل مستقل عن الإنسان – كما يرى الواقعيون والبراجماتيون -، فالعالم بالنسبة للمثاليين هو ما يدور في عقل الإنسان، مثال:

إذا رأيت شجرة في الطريق فكل ما تملكه هو صورة هذه الشجرة في ذهنك، وليس الشجرة نفسها.

فلا وجود إلا لما يدركه العقل، وأي شيء لا يدركه العقل مستحيل الوجود.

الباب الثاني: مصدر المعرفة

يجيب زكي نجيب محمود في هذا الباب عن السؤال الثاني، “ما هو المصدر الذي يستقي منه الإنسان معرفته؟”.

مصدر المعرفة عند التجريبيين

يرى التجريبيون أن مصدر المعرفة هي الحواس البشرية التي عن طريقها يختبر الإنسان العالم، فكل فكرة لا يمكن إرجاعها إلى حاسة من الحواس لا تعتبر حقيقية، كالسببية على سبيل المثال، إذ أنه لا يمكن إرجاع السببية إلى شيء تختبره الحواس، فكل ما نراه هو حوادث يرتبط بحدوثها حدوث حوادث أخرى، وليس هناك سبب حسّي لادعاء رابط سببي بينهما.

كذلك هو الحال مع الجوهر (الشيء مستقل عن صفاته)، والذات (الإنسان مستقل عن صفاته وحالاته)، إذ أن كل ما تراه هو الإنسان بحالاته أو الشيء بصفاته، ولا يمكنك إرجاع مفاهيم مثل الجوهر أو الذات إلى شيء مرصود بالحواس البشرية.

مصدر المعرفة عند العقليين

يخالف العقليون التجريبيون في تحديد مصدر المعرفة، فبينما يرى التجريبيون أن مصدر المعرفة هو الحواس فقط، يرى العقليون أن الحواس قد تخدع، وليس كل ما ترصده بحواسك يكون حقيقيًا، ولكن إن قلت “(أ) أكبر من (ب)، و(ب) أكبر من (ج)، إذن (أ) أكبر من (ج)”، فهذا لا يمكن أن يكون غير حقيقي، إذ أنه مستند على العقل وليس الحواس التي يمكنها خداعك، وبالتالي يرى العقليون أن مصدر المعرفة هو العقل.

مصدر المعرفة عند النقديين

بينما يكون مصدر المعرفة عند التجريبيين هو الحواس فقط، ومصدرها عند العقليين هو العقل، فمصدرها عند النقديين هو الحواس والعقل معًا، حيث وقف النقديون من المعرفة موقفًا بين الواقعيين والمثاليين، فلم ينكروا أن معرفة الإنسان قائمة على ما يدركه في العالم الخارجي، ولكن اعتبروا العقل البشري هو القالب الذي يستقبل ويترجم هذه المدركات الحسية لتكون ذات معنى، مثال:

إذا قُلنا “النار أحرقت الورقة” فنحن هنا نشير إلى مدركات حسية وهي النار والورقة، ولكننا أيضًا نشير إلى مبدأ من صنع العقل البشري (أو من فطرته إن صح التعبير) وهو السببية، فيرى النقديون أن رصد عملية الاحتراق (المدرك الحسي) ضروري للمعرفة، إلا أن هذا المدرك لم يكن ليكون ذو معنى إن لم تحكمه علاقة السببية (المنتج العقلي)، فالنار هي ما تسبب بإحراق الورقة.

فبينما أشياء مثل السببية والجوهر والذات ليست مدركات حسية، إلا أنها ضرورات لفهم المدركات الحسية وجعلها ذات معنى، فهي من الأشياء التي زُوّدت بها فطرة الإنسان لتفهم العالم الخارجي.

مصدر المعرفة عند المتصوفة

خلصنا إلى أن رؤية التجريبين للحواس كمصدر وحيد للمعرفة، وبينما يرى العقليون العقل المصدر الوحيد للمعرفة، ويجمع النقديون بين العقل والحواس كمصادر للمعرفة، نجد أن المتصوفة لهم مصدر مختلف للمعرفة وهو الحدس.

ويرتبون درجات المعرفة من الأعلى إلى الأسفل، حيث تكون الحواس أدناها، والعقل أوسطها، والحدس أعلاها.

وبينما يسعى المتكلمون والفلاسفة لإثبات وجود الله باستخدام حجج وبراهين عقلية، يرى المتصوفة أن الطريقة الوحيدة للوصول إلى الله تكون عن طريق الحدس.

فيقول زكي نجيب محمود في هذا الفصل:

“وبأنواع من رياضة النفس على تحررها من قيود الجسد ورغباته، يستطيع الإنسان – كما يقول المتصوفة – أن يسمو روحه حتى يشهد الحق (الله) شهودًا مباشرًا، بحيث لا تكون به حاجة إلى برهان عقلي على وجوده.”

الباب الثالث: إمكان المعرفة وحدودها

يناقش زكي نجيب محمود في هذا الباب السؤال الثالث وهو “هل في مستطاع الإنسان أن يتناول بمعرفته كل شيء بغير تحديد؟ أم أن لوسعه حدودًا؟”

الاعتقاديون والشُّكاك

يرى الاعتقاديون من أنصار المذهب التجريبي والمذهب العقلي أنه لا حدود للمعرفة التي يمكن للإنسان الحصول عليها، فما دامت المعرفة مصدرها هو العقل عند العقليين فلا يوجد شيء في العالم الخارجي يمكنه أن يضع حدًا لهذه المعرفة، وما دام مصدر المعرفة عند التجريبيين هو الحواس فلا شيء يعوق معرفة الإنسان إذا لم يكن هناك ما يعوق اتصال الحواس بالمحسوسات.

أما الشُّكاك فيرون استحالة أن يعرف الإنسان الحقيقة الموضوعية لأي شيء، فكل ما يعرفه الإنسان نسبي، وحتى إن أراد أن ينقل معرفته هذه إلى غيره فإنه ينقلها عن طريق الكلام، ولن تعبّر الألفاظ عن حقيقة الشيء.

وتجب هنا التفرقة بين الفيلسوف الشاك، وبين الفيلسوف الذي يتبع منهج الشك، فالأول يشك في إمكان حصول الإنسان على المعرفة، بينما يؤمن الثاني بإمكانية المعرفة ولكنه يحتاج إلى حذر وحرص للحصول على المعرفة اليقينية.

حدود المعرفة الممكنة عند النقديين والوضعيين

لما كانت الحواس هي الشرط اللازم للمعرفة عند النقديين كما ناقشنا أعلاه، كانت معرفة الإنسان ممكنة طالما هي في حدود المدركات الحسّية، إذ أن ما يجاوز هذه المدركات لا يمكن للإنسان معرفته (في رأيهم).

فإذا تساءل الإنسان عن محدودية المكان في الكون أم أنه لا نهائي وجد نفسه أمام تناقض، فلا يمكن للعقل تصور نهاية للمكان، إذ أن كل مكان هناك ما هو أبعد منه، وكذلك لا يمكنه تصور مكان لا نهائي، وهذا التناقض سببه هو أن الإنسان حاول أن يتناول بمعرفته ما وراء المدركات الحسّية.

ويوافق الوضعيون النقديين في رأيهم فيرون وجوب الوقوف بمحاولاتنا للمعرفة عند الظواهر التي يمكن أن نشاهدها ونجري التجارب عليها، أما أن نجاوز الطبيعة المنظورة إلى ما وراء الطبيعة الغيبي فتلك محاولة غير مشروعة.

للمزيد من ملخصات الكتب اضغط هنا.

للمزيد من المعلومات عن زكي نجيب محمود اضغط هنا

“تاريخ موجز للزمان” ملخص كتاب للعالم ستيفن هوكينج

“تاريخ موجز للزمان” ملخص كتاب للعالم ستيفن هوكينج

يعتبر كتاب “تاريخ موجز للزمان” من أشهر كتب شرح الفيزياء لغير المتخصصين، والذي أحدث ضجة كبيرة وقت صدوره، كتب مقدمته العالم كارل ساجان، ويعد كاتبه من أكثر الشخصيات الملهمة والمؤثرة على مستوى العالم، فضلاً عن إسهاماته المتميزة في عالم الفيزياء النظرية على الرغم من التحديات الجسدية التي واجهها معظم سنوات حياته.

يستعرض الكاتب بصورة مبسطة مسيرة النظريات الكبرى عن الزمان والكون ابتداءً من نظريات أرسطو وجاليليو وصولا إلى نيوتن وآينشتاين مضيفًا نظرياته ودراساته الخاصة، ومحاولًا الإجابة عن أكثر الأسئلة المحيرة عن أصل الكون ومحاولات العلماء لإيجاد نظرية موحدة لأهم نظريات القرن العشرين، وخاصة نظريتي النسبية وميكانيكا الكم مهتديًا بالعلم والخيال النشط الخلاق، وفي هذا الملخص نستعرض معكم أهم ما تناوله ستيفن هوكينج في فصول الكتاب آملين أن ننطلق معه في رحلته المثيرة في الكون والزمان.

الفصل الأول: صورتنا عن الكون

العالم نيكولاس كوبرنيكوس

تطورت نظرية البشر عن الكون وماهيته على مدار سنوات طويلة بدأت منذ عصر ما قبل الميلاد، حينما طرح أرسطو في كتابه “عن السماوات” حجتين قويتين عن كروية الأرض، وكانت حججه قائمة على ملاحظته لشكل ظل الأرض على القمر عند الخسوف، وكذلك تغير موقع النجم الشمالي بالنسبة للراصد بناء على تغير زمن الرصد، وقبل هذا كان الاعتقاد السائد هو ثبوت ومركزية الأرض لما حولها من كواكب وأجرام سماوية.

أثارت نظرية أرسطو جدلًا كبيراً حتى ظهرت نظرية العالم الشهير نيكولاس كوبرينكس لتدحض نظرية مركزية الأرض، حيث قدم كوبرينكس نموذج يوضح ثبات الشمس في المركز ودوران الأرض وباقي الكواكب حولها في مدارات محددة.

لم تؤخذ نظرية كوبرينكس على محمل الجد بل هوجم بشدة بسببها، حتى بدأ جاليليو برصد السماء ليلًا وملاحظة دوران توابع صغيرة حول المشترى وهو ما يتنافى مع فكرة مركزية الأرض ويدعم نظرية نيكولاس كوبرينكس.

وفي عام 1687 نشر إسحاق نيوتن مؤلفه الشهير “المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية” يطرح فيه نظرياته حول كيفية تحرك الأجسام في الزمان والمكان، ولم يكتف بذلك بل وضع أيضا الرياضيات المعقدة اللازمة لتحليل هذه التحركات، كما أنه وضع قانونًا للجاذبية الكونية، واستطاع التخلص من نموذجي بطليموس وكوبرنيكس وكذلك من فكرة أن للكون حد طبيعي وأنه لا متناه.

وبالرغم من كل تلك الدراسات والنظريات، كان الهدف النهائي للعلم هو محاولة إيجاد نظرية وحيدة تصف الكون كله، وحاول الكثير من العلماء بالفعل الوصول لمثل تلك النظرية ولكن الأمر كان معقدًا جدًا، وبدلًا من ذلك قسموا المشكلة إلى عدة أجزاء وابتكروا عددًا من النظريات الجزيئة تصف كل منها ظاهرة معينة في الكون، وفي يومنا هذا يصف العلماء الكون بنظريتين أساسيتين هما النسبية العامة وميكانيكا الكم، وهذا ما سيتطرق إليه الكاتب بالتفصيل في الفصول القادمة.

الفصل الثاني: الزمان والمكان

لم يكن جاليلو ينظر فقط إلى السماء ولكنه كان عالم رياضيات كذلك، يهتم بحركة الأجسام ذات الأوزان المختلفة، فقد استطاع أن يبرهن على زيف نظرية أرسطو التي توضح أن الحالة الطبيعية لأي جسم هي أن يكون ساكنا، وأنه لا يتحرك إلا إذا دفعته قوة أو دافع، وبناء على ذلك فإن الأجسام الثقيلة تسقط أسرع من الخفيفة، لكن ملاحظات جاليليو أثبتت أن عند إسقاط جسمين مختلفين في الوزن دون وجود مقاومة الهواء فإنهما يسقطان بالمعدل نفسه، وقد استخدم نيوتن قياسات جاليليو تلك أساسًا لقوانينه عن الحركة، ولكنه اختلف مع جاليليو في بعض أجزائها.

حيرت فكرة انتشار الضوء العلماء لسنوات طويلة، ولم تظهر نظرية ملائمة لتفسر الظاهرة حتى عام 1865 عندما استطاع العالم البريطاني جيمس ماكسويل توحيد النظريات الجزئية التي تصف قوى الكهرباء والمغناطيسية، وتنبأت نظريته أن موجات الراديو وأشعة الضوء ينبغي أن تنتقل بسرعة ثابتة، ولكن بنا أن نظرية نبتون كانت قد تخلصت من فكرة السكون المطلق للأشياء فكان لابد أن يذكر ما هو الشئ الذي تقاس هذه السرعة الثابتة بالنسبة له، وهكذا افترض العلماء وجود مادة تسمى “الأثير” توجد في كل مكان حتى في الفضاء الهاوي تنتقل من خلالها الموجات.

ولكن في عام 1905 نشرت ورقة بحثية لألبرت أينشتاين، بينت أن فكرة  وجود مادة الأثير لتوضيح ثبات سرعة الضوء غير ضرورية، بشرط أن يكون المرء على استعداد لنبذ فكرة الزمان المطلق، وحينها ظهرت نظرية النسبية كما أطلق عليها لاحقا والتي طورت بشكل ملحوظ أفكارنا عن المكان والزمان، وذكر الكاتب بإسهاب تفاصيل عن الدراسات التي أجراها أينشتاين بعد دحضه لفكرة وجود مادة الأثير، كما ذكر نشأة النظرية النسبية الخاصة والنظرية النسبية العامة، وطرح أينشتاين الثوري الذي يوضح اختلاف الجاذبية عن سائر القوى.

الفصل الثالث: الكون الممتد

ألهمت النجوم التي نراها في السماء الكثيرين للتساؤل عن ماهيتها، وكانت النجوم القريبة المرئية بالنسبة لنا تظهر وكأنها منتشرة عبر سماء الليل، ولكنها في الأصل تتركز في حزمة واحدة نسميها درب التبانة، وفي عام 1750 اقترح بعض العلماء تفسيرا لمظهر درب التبانة الذي يشبه اللولب، وذلك لأن معظم النجوم المرئية تقع في ترتيب وشكل واحد يشبه القرص.

أما صورتنا الحديثة عن الكون يرجع تاريخها إلى عام 1924 حينما اكتشف العالم إدوين هابل أن مجرتنا ليست الوحيدة في الكون، وإنما هناك الكثير من المجرات يقطع بينها قطع فسيحة من الفضاء الخاوي، وكان تحديد المسافة بيننا وبين تلك المجرات تحديًا لهابل فقد كانت بعيدة جدا وتبدو وكأنها ثابتة، فاضطر هابل لاستخدام وسائل غير مباشرة لقياس المسافة بيننا وبين تلك المجرات البعيدة، حيث إن اللمعان الظاهري لأي نجم يعتمد على عاملين، الأول هو قدر الضوء الذي يشع منه ويسمى بالضياء (الكمية الإجمالية للطاقة المنبعثة من نجم أو مجرة لكل وحدة زمنية)، والعامل الثاني هو بعد هذا النجم عنا، وبناء على ذلك فإذا أمكننا معرفة ضياء النجوم في المجرات البعيدة يمكننا حساب المسافة التي تبعدها عنا.

وفي السنوات التي تلت إثباتات هابل لوجود مجرات أخرى، استطاع رصد أطياف تلك المجرات وكان من المفاجئ أنه وجد أن كل المجرات تتحرك مبتعدة عنا، أي أن الكون في حالة تمدد مستمر، وكان هذا الاكتشاف إحدى الثورات الفكرية في القرن العشرين، وبالتالي تضعف فرضية أن الكون استاتيكي ثابت أمام اكتشافات إدوين هابل، ثم جاء الفزيائي الشهير أليكسندر فريدمان ليؤكد نظرية تمدد الكون وافترض أن الكون يبدو متماثلا في أي اتجاه ننظر إليه منه وأن هذا يظهر أيضا إذا راقبنا الكون من مكان آخر، ولذلك يتوقع ألا يكون الكون ثابتا، واستمرت بعد ذلك الأبحاث والدراسات من قبل الكثير من العلماء وكانت كلها تدعم فكرة تمدد الكون الدائم، وتثبت أيضا أن المسافة بين تلك المجرات كانت في يوم ما تساوي صفرا، وعندها كانت كثافة الكون وانحناء الزمكان لا متناهيان.

الفصل الرابع: مبدأ الريبة

كان مذهب الحتمية العلمية الذي حاجج به العالم الفرنسي الماركيز دي لابلاس هو الفرض العلمي القياسي حتى السنوات الأولى من القرن العشرين، حيث اقترح دي لابلاس أن الكون محتم بالكامل وينبغي وجود مجموعة من القوانين التي تسمح بالتنبؤ بأي شيء يحدث في الكون، ولكن سرعان ما تلاشى هذا الفرض أمام الحسابات التي قام بها العالمان لورد رايلي وسير جيمس جينيس، والتي نفت حتمية الكون وأثبتت أن أي جسم ساخن مثل النجوم يجب أن يشع طاقة، وفي عام 1900 اقترح العالم الألماني ماكس بلانك أن الضوء وأشعة إكس وباقي الموجات تبث من الأجسام الساخنة بطريقة ممنهجة وبقدر معين، وتكون في شكل حزمات من الطاقة أطلق عليها اسم “الكمات”، وكل كمة لها قدر معين من الطاقة يرتفع بارتفاع تردد الموجات، وهكذا كلما زاد التردد فإن بث كمة واحدة سيتطلب قدر كبير من الطاقة، لذلك فإن الإشعاع يقل عند الترددات العالية.

وفي عام 1926 قام العالم فرنر هايزنبرج بصياغة مبدأ الريبة، والذي يتوقع أنه إذا حاول المرء التنبؤ بموضع جسيم وسرعته في المستقبل فإنه يجب أن يتمكن من قياس سرعته وموضعه الحاليين، ويمكن فعل ذلك عن طريق تسليط ضوء على الجسم وعندها سوف تتشتت بعض موجات الضوء بواسطة الجسيم وسيدل ذلك على موضعه، ولكن حسب فرضية بلانك فلا يستطيع المرء استخدام قدرا اعتباطيا من الضوء، ولكن يجب أن يستخدم على الأقل كمة واحدة فقط لتجعل الجسيم يضطرب.

وبناء على تلك النظريات قام هايزنبرج وإروين شرودر وبو ديلاك بإعادة صياغة الميكانيكا في نظرية جديدة سميت بمكانيكا الكم، والتي أساسها هو مبدأ الريبة، حيث أن الجسيمات في هذه النظرية لم يعد لديها مواضع وسرعات منفصله واضحة، ولكنها بدلا من ذلك لديها حالة “كم”  وهي كود مكون من الموضع والسرعة، كما أنها لا تتنبأ بنتيجة واحدة محددة لمشاهدة ما ولكنها تتنبأ بعدد من النتائج الممكنة، كما تناول الفصل شرح مبسط لأهم مبادئ النظرية والمفارقات بينها وبين النظرية النسبية العامة لأينشتاين.

الفصل الخامس: الجسيمات الأولية وقوى الطبيعة

استمر الجدل بين العلماء على ماهية المادة، فكان أرسطو يعتقد أن أي مادة في الكون تتكون من أربعة عناصر أولية، التربة والهواء والماء والنار، وأن المادة يمكن تقسيمها إلى ما لا نهاية، أما ديميقريطس فقد توقع أن المادة مكونة من أجزاء أصغر منها أطلق عليها الذرات وافترض أنها لا يمكن تقسيمها لأجزاء أصغر منها، واستمر الجدل بين النظريتين لقرون دون الوصول لأي برهان حقيقي، حتى عام 1803 عندما استطاع جون دالتون التوصل لحقيقة أن المركبات الكيميائية ناتجة من اتحاد أجزاء صغيرة والتي افترض أنها ذرات ديميقريطس بنسب محددة، وفي عام 1905 قدم أينشتاين ورقة بحثية يوضح فيها أن الحركة البراونية (كالحركة العشوائية غير المنتظمة لجسيمات الغبار الصغيرة في أحد السوائل) يمكن تفسير حدوثها كنتيجة لاصطدام السائل بذرات الغبار.

وبرغم زعم ديميقريطس أن الذرات لا يمكن تقسيمها كان هناك بالفعل شكوك على أن الذرات يمكن أن تنقسم لأجزاء أصغر منها، وبالفعل استطاع العالم ج. تومسون اكتشاف جسيم من المادة له شحنة سالبة وأسماه إلكترون، وهذا الإلكترون له أقل من واحد من الألف من كتلة أخف الذرات، وفي عام 1911 استطاع العالم رذرفورد اكتشاف البنية الداخلية للذرات، وكان الاعتقاد في بادئ الأمر أن الذرات تتكون فقط من إلكترونات سالبة وبروتونات موجبة، ولكن تقدم جيمس شادويك  عام 1932 باكتشاف النيترونات متعادلة الشحنة، وكان السائد أن البروتونات والنيترونات هي الجسيمات الأولية للمواد إلا أن التجارب أثبتت وجود جسيمات أصغر سميت بالكواركات.

بعد ذلك بسنوات وبعد الاكتشاف السابق للخاصية الازدواجية للضوء (الموجة/الجسيم) استطاع العلماء توصيف كل شيء في الكون بما في ذلك الضوء والجاذبية، وذلك باعتبارات معينة لبعض الجسيمات اعتمادا على خاصية اللف المغزلي، أي أن تلك الجسيمات وكأنها تدور حول أحد المحاور، وعلى أساس ذلك تم تقسيم كل الجسيمات المعروفة إلى مجموعتين، جسيمات لها لف مغزلي يساوي ½ وجسيمات لفها المغزلي يساوي صفر أو 1 أو 2، وبالتالي تنشأ عنها قوى مختلفة وتخضع تلك الجسيمات لمبدأ الاستبعاد لبولي.

وبناء على ذلك بالإضافة لما طرحه العالم بول ديراك عام 1928، استطعنا فهم الإلكترونات والجسيمات الأخرى بصورة صحيحة، وتم التوصل إلى أن هناك بعض الجسيمات تحمل قوى معينة، وتم تقسيم تلك القوى إلى أربعة أنواع وذلك حسب شدتها والجسيمات التي تتفاعل معها.

النوع الأول هو قوة الجاذبية وتعتبر قوة شاملة أي أن كل الجسيمات الموجودة في الطبيعة تتأثر بها وذلك حسب كتلتها، وتعتبر قوة الجاذبية أضعف القوى الأربعة، وتتميز أنها تعمل على مسافات كبيرة، أما النوع الثاني فهو القوة الكهرومغناطيسية وهي تتفاعل مع الجسيمات المشحونة فقط مثل الإلكترونات والكواركات، وتعتبر أقوى من قوة الجاذبية بكثير.

النوع الثالث يسمى بالقوة النووية الضعيفة، وهي المسؤولة عن النشاط الإشعاعي وتعمل على كل الجسيمات ذات اللف المغزلي ½  مثل الفوتونات والجرافيتونات، والنوع الرابع والأخير هو القوة النووية القوية وهي المسؤولة عن ارتباط الكواركات معا في البروتونات والنيترونات.

وكالعادة حاول العلماء إيجاد نظرية موحدة تجمع بين القوى وأطلقوا عليها اسم النظرية الموحدة العظمى، والتي تجمع بين الثلاث قوى، النووية القوية والضعيفة والقوة الكهرومغناطيسية، حيث ترتكز على أن القوة النووية القوية تضعف في الطاقات المرتقعة، أما القوة الكهرومغناطيسية والقوة النووية الضعيفة فتصبح أقوى في الطاقات المرتفعة، وعند شدة طاقة معينة أطلقوا عليه طاقة التوحيد العظمى تتساوى الثلاث قوى، هكذا افترض العلماء أن الثلاث قوى أوجه مختلفة لقوة واحدة.

الفصل السادس: الثقوب السوداء

يعتبر مصطلح الثقوب السوداء حديثا جدا وقد صاغه العالم جون هويلر عام 1969، أما فكرة الثقوب السوداء فيرجع عمرها إلى مائتي عام على الأقل حينما وجدت نظرية ازدواجية الضوء، حيث يمكن النظر إليه على أنه موجة وجسيم معا، وبما أن الضوء يتكون من جسيمات فمن الطبيعي أن يتأثر بقوة الجاذبية، وأنه ينتقل بسرعة متناهية، وبناء على هذا الفرض كتب العالم جون ميشيل ورقته البحثية التي وضح فيها أن أي نجم له مقدار معين من الضخامة يكون له قوة جذب تحول دون انبعاث أي ضوء منه، بل إنها تعمل على جذب ذلك الضوء إلى داخل النجم، وبالرغم من أننا لا نرى تلك النجوم بسبب عتمتها إلا أننا نشعر بجاذبيتها، وهذه النجوم هي ما يطلق عليها الآن اسم الثقوب السوداء.

ولكي نتمكن  من فهم كيف تتكون الثقوب السوداء يجب أن نطلع على دورة حياة النجوم، حيث تتكون النجوم من كمية كبيرة من الغاز عادة ما يكون الهيدروجين، وبسبب قوة شد جاذبية تلك النجوم فهي تتقلص على نفسها للداخل، ولكن عند انكماشها فإن ذرات الغاز تتصادم ببعضها البعض مما يسبب ارتفاع درجة الحرارة، وبالتالي تتلاحم ذرات الهيدروجين وتعطي غاز الهيليوم، وتلك الحرارة المنبعثة هي ما تجعل النجم يلمع، بالإضافة إلى ذلك فإنها تسبب ارتفاع ضغط الغاز حتى يصبح الضغط كافيا للتوازن مع شد الجاذبية، وبالتالي يتوقف الغاز عن الانكماش وتظل النجوم مستقرة على حالتها زمنا طويلا.

ولكن في عام 1928 استطاع العالم سبرامنيان تشاندراسيخار التوصل لبعض الحسابات المهمة والتي تعطي تفسيرا أكبر لحياة النجوم، فكما ذكرنا سابقا أن النجوم تظل على حالها بفعل التوازن بين قوة شد جاذبيتها وقوى التنافر بين ذرات الغاز حسب مبدأ الاسبعاد لبولي، ولكن تشاندراسيخار تبين أن هناك حدا لذلك التنافر، بمعنى أنه عند وصول كثافة النجم إلى حد معين فإن التنافر سيكون أقل من شد الجاذبية، حيث أن نجما باردا تزيد كتلته عما يقرب من كتلة الشمس مرة ونصف لن يتمكن من الإبقاء على نفسه ضد قوة شد جاذبيته، ويعرف هذا المقدار من الكتلة بحد تشاندراسيخار، ثم طرح الكاتب في الفصل بعض الدراسات التي أجريت للبحث عن الثقوب السوداء ومحاولة فهمها بصورة أوضح وتفسير ما يحدث للضوء المنبعث منها أو المار بجانبها.

الفصل السابع: الثقوب السوداء ليست جد سوداء

ربما كان هذا الجزء من الصعب فهمه إلى حد ما حيث أنه نظري بحت دون مشاهدات أو دلائل مثبتة تفسر هذه النظريات، وما زالت الأبحاث والدراسات مستمرة حتى الآن عن الثقوب السوداء التي شغلت الكثير من العلماء وعلى رأسهم ستيفين هوكينغ، الذي حاول التوصل إلى تعريف منطقي يصف تلك الثقوب السوداء وبعد مناقشة أفكاره من صديقه  روجر بنروز وصلوا لتعريفها على أنها مجموعة من الأحداث التي لا يمكن الفرار منها، أي أن حد الثقب الأسود (أفق الحدث) يتكون من مسارات  أشعة الضوء في الزمكان (الزمان-المكان) التي أخفقت في الهروب بعيدأ عن الثقب الأسود، كما اكتشف أن مسارات تلك الأشعة لا يمكن أن يقترب أحدها من الآخر، ولذلك فإن مساحة أفق الحدث قد تبقى كما هي أو تزيد بمرور الزمن، ولكن لا يمكنها أن تقل.

كما تنبأ الكاتب بوجود ما يسمى بالثقوب السوداء البدائية، وهي ذات كتل صغيرة نسبيا وقد تكونت بفعل تقلص بعض مناطق الكون الغير منتظمة، ويفترض أن درجة حرارتها مرتفعة جدا وتبعث إشعاع بمعدل كبير في شكل أشعة إكس وجاما وهي أشعة ذات طول موجي قصير، وبالتالي يمكننا البحث عن الإشعاع الناتج عنها على الرغم من كونه ضعيف لأنها بعيدة جدا، إلا أن مجموع ما يصدر عنها جميعا قد يمكن الكشف عنه.

وتعتبر فرضية الإشعاع الناتج من الثقوب السوداء البدائية هي أول مثال لتنبؤ يعتمد بطريقة جوهرية على كلتا النظريتين، النسبية العامة وميكانيكا الكم، وذلك على الرغم من المعارضة التي لاقتها النظرية وقت نشرها، لأنها زعزعت فكرة راسخة لدى العلماء، فكيف يمكن لثقب أسود أن يشع أي شيء؟

الفصل الثامن؛ أصل ومصير الكون

“هل للكون حقيقة بداية ونهاية؟ وإذا كان الأمر كذلك، فكيف  تبدوان

كان لابد للكاتب قبل أن يفسر كيفية تأثير ميكانيكا الكم في أصل ومصير الكون أن يشرح تاريخ الكون المقبول بصفة عامة، والذي اعتمد على ما يعرف بنموذج الانفجار الكبير الساخن، يفترض هذا النموذج أنه إذا تمدد الكون فإن أي مادة فيه أو إشعاع يصبح أبرد، فعندما يتضاعف حجم الكون تنخفض حرارته إلى النصف، وهذا يكون له تأثير جوهري على ما فيه من مواد حيث إن نوع الجسيمات التي توجد في الكون يعتمد على درجة حرارته.

كما يفترض أن وقت الانفجار الكبير كان حجم الكون صفرا، أي أنه كان ساخنا على نحو لا متناه، وبعد الانفجار بثانية واحدة هبطت درجة الحرارة إلى عشرة آلاف مليون درجة، وكانت مادة الكون في ذلك الوقت تحتوي على فوتونات وإلكترونات وجسيمات صغيرة تدعى نيوترينو وهي جسيمات خفيفة جدا لا تتأثر إلا بالقوة الضعيفة والجاذبية، بالإضافة إلى مضادات الجسيمات وبعض البروتونات والنيترونات.

وباستمرار تمدد الكون وانخفاض درجة الحرارة تنخفض سرعة تكون الإلكترونات ومضاداتها، وبالتالي فإن معظم الإلكترونات ومضادات الإلكترونات  يفني أحدها الآخر ولا يتبقى إلا عدد قليل، أما جسيمات النيوترينو لا تفنى لأنها لا تتفاعل مع نفسها أو مع الجسيمات الأخرى إلا على نحو ضعيف، وهكذا يفترض العلماء أن تلك الجسيمات مازالت موجودة حتى الآن، وإذا تم رصدها فستخبرنا عن حالة الكون في المراحل المبكرة جدا من تكوينه.

وبعد الانفجار بمائة ثانية تصبح البروتونات والنيترونات غير قادرة على الهرب من جاذبية القوى النووية القوية، وتبدأ بالاتحاد معا وتكوين ذرات الديترويم (هيدروجين ثقيل)، ثم تتحد بعدها بالمزيد من البروتونات والنيترونات لتكون غاز الهيليوم وكميات صغيرة من الليثيوم والبرليوم.

وفي الورقة البحثية التي نشرها العالم جورج جاموف عام 1948 والتي تعرض صورة واضحة عن طور مبكر ساخن للكون، فقد تنبأ أن الإشعاع الناتج من أطوار الكون المبكرة الساخنة جدا لابد أن يكون موجودا حتى يومنا هذا، إلا أن حرارته تكون قد هبطت إلى درجات معدودة فقط فوق الصفر المطلق، وقد تم رصد هذا الإشعاع لاحقا بواسطة بنزياس وويلسون عام 1965.

أما بعد ساعات معدودة من الانفجار الكبير يستمر لكون في تمدده، وتتغير كثافته، ثم بعد ذلك تتكون المجرات والكواكب وباقي مكونات الكون التي نعرفها حتى الآن، ولم يكن شكل كوكب الأرض في الأطوار المبكرة من الكون كما نعرفه الآن، فقد كان ساخنا جدا وبلا أي غلاف جوي، وبمرور الوقت انخفضت درجة حرارته واكتسب غلافا جويا بفعل انبعاث الغازات من الصخور.

ولم تكن النظرية النسبية العامة بذاتها قادرة على تفسير هذه المراحل من الكون، وذلك لأنها تتنبأ بأن الكون بدأ بكثافة لا متناهية عند الانفجار الكبير، وبالتالي فإن النسبية العامة وكل القوانين الفيزيائية الأخرى تنهار عند متفردة الانفجار الكبير، ثم عرض الكاتب بعض الدراسات الشهيرة التي حاولت التنبؤ بالأشكال البدائية للكون، ولكن حتى نتنبأ بما ينبغي أن يكون الكون قد بدأ به، فإن المرء يحتاج إلى قوانين تصلح لبداية الزمان وبما أن كل قوانين العلم المعروفة تنهار عند متفردة البداية، فيمكن أن نفترض أن هناك قوانين جديدة تصلح للمتفردات.

الفصل التاسع: سهم الزمان

تغيرت آراؤنا عن طبيعة الزمان عبر السنين، وكذلك تغير اعتقادنا بأن الزمان مطلق، فبعد صياغة النظرية النسبية كان على العلماء نبذ فكرة أن الزمان مطلق والاقتناع بأنه نسبي، فلو افترضنا وجود ملاحظين في أماكن مختلفة فإن كل ملاحظ سيكون له الزمان الخاص به، أي أن الزمان أصبح مفهوم شخصي منسوب للملاحظ الذي يقيسه.

حاول الكاتب تفسير الزمان من خلال ثلاثة محاور أطلق على كل واحد منها اسم سهم الزمان، وبالتالي فإن هناك على الأقل ثلاثة أسهم مختلفة للزمان، أولا هناك سهم ديناميكي حراري ويعبر عن اتجاه الزمان الذي تزداد عنده الإنتروبيا (الاضطراب)، والثاني السهم النفسي للزمان والذي يعبر عن إحساسنا بمرور الزمن وتذكرنا الدائم للماضي وليس المستقبل، أما الثالث فهو السهم الكوني للزمان وذلك هو اتجاه الزمان الذي يتمدد فيه الكون بدلا من أن ينكمش.

ويخضع السهم الديناميكي الحراري للزمان للقانون الثاني للديناميكا الحرارية، أي أنه يوضح اتجاه الكون الدائم للإنتروبيا، بمعنى أن حالات الكون المضطربة أكثر من الحالات المنتظمة، وقد بينت الدراسات أن السهم النفسي للزمان في جوهره مماثل للسهم الديناميكي الحراري، أي أن السهمين يشيران إلى نفس الاتجاه، كما أن السهم الكوني كذلك يتفق مع السهم الديناميكي الحراري، فاتجاه الكون الدائم لحالة من الاضطراب يتمثل أيضا في تمدده الدائم، وهذا تفسير منطقي لأن الطور المنكمش من الكون غير ملائم لنمو كائنات ذكية لأنه ليس له سهم زمان ديناميكي حراري قوي.

الفصل العاشر: الثقوب الدودية والسفر عبر الزمن

ربما بدت فكرة السفر عبر الزمن خيالية، ولكن من المثير أن الكثير من العلماء قد ناقشوها وقدموا فيها أطروحات مميزة، ومن أشهر النظريات التي ناقشت السفر عبر الزمن  تلك التي طرحها العالم كيرت جودل الذي أمضى سنوات من العمل مع أينشتاين، ففي عام 1919 اكتشف جودل شكل جديد من الزمكان (المكان-الزمان) نتيجة لنظرية النسبية العامة، كما أنه صاغ مبرهنته لعدم الاكتمال التي تشبه نوعا ما مبدأ الريبة، وكان الزمكان الخاص به له خاصية عجيبة حيث يفترض أن الكون كله يدور، مما يرجح أنه إذا انطلق أحدهم بسفينة صاروخية ذات سرعة عالية فإنه يعود للأرض قبل أن ينطلق، وأزعج هذا الاكتشاف أينشتاين لأن النسبية العامة لا تسمح بالسفر عبر الزمن أصلا.

كما أن النسبية العامة تفترض أنه لا يمكن لأي جسم أن تصل سرعته إلى سرعة الضوء، وقد أثبت ذلك بالتجارب المعملية باستخدام معجلات الجسيمات، حيث اكتشفوا أن تلك الجسيمات عند تعجيلها تصل سرعتها إلى 99.99 من سرعة الضوء، ولكن مهما ازداد مقدار تعجيلها فلا تزيد سرعتها عن هذا الحد، ويبدو من هذه التجارب أنه من غير الوارد السفر السريع في الفضاء وكذلك السفر  عبر الزمن إلى الماضي.

وبالرغم من كل تلك التجارب المحبطة لفكرة السفر عبر الزمن، كان هناك أمل حينما ظهر افتراض وجود الثقوب الدودية التي تعتبر بمثابة جسور تصل بين منطقتين مسطحتين تقريبا من نسيج الزمكان وبينهما مسافة كبيرة، وهذا ما طرحه أينشتاين وروزن في ورقتهما البحثية عام 1935، ولكن كان هناك قصور في تلك النظرية حيث أن تلك الثقوب الدودية لا تبقى زمنًا كافيًا لأن تمر خلالها سفينة فضاء.

 وكان هناك بعض الأمل في قوانين ميكانيكا الكم التي استغلها الكثير من العلماء لمحاولة تفسير معضلة السفر عبر الزمن، وهناك الكثير من الأدلة التجريبية على إمكانية حدوث ذلك ومن أشهرها ما يسمى بتأثير كاسيمير، والذي افترض أن الزمكان يمكن أن ينحني بالطريقة التي تسمح بالسفر عبر الزمن، وهكذا فإننا نأمل مع تقدم العلم والتكنولوجيا أن نتمكن من السفر عبر الزمن يوما ما.

الفصل الحادي عشر: توحيد الفيزياء

كما ذكر في الفصول السابقة، كان من الصعب بناء نظرية موحدة لكل شيء في الكون، وقد انفق أينشتاين معظم سنواته الأخيرة في محاولة إيجادها ولكنه لم يستطع لأسباب كثيرة منها عدم إيمانه بحقيقة ميكانيكا الكم، ولكن بعد محاولات كثيرة استطاع العلماء توحيد القوى النووية القوية والضعيفة والقوة الكهرومغناطيسية في نظريات موحدة كبرى، ولم تكن تلك النظريات مرضية بشكل كبير حيث أنها لا تتضمن قوة الجاذبية.

وكانت الصعوبة الرئيسية في إيجاد نظرية توحد الجاذبية مع القوى الأخرى هي أن النسبية العامة نظرية كلاسيكية لا تتضمن مبدأ الريبة لميكانيكا الكم، وعند محاولة دمج النسبية العامة بمبدأ الريبة سيكون لدينا فقط كميتان يمكن تعديلها وهما شد الجاذبية وقيمة الثابت الكوني.

وفي ظل الكثير من النظريات التي طرحت في محاولات إيجاد النظرية الموحدة، ظهرت عام 1984 نظريات عرفت بنظريات الوتر، والتي افترضت أن الجسيمات لا تشغل نقطة واحدة في الزمكان وإنما هي أشياء لها بعد واحد فقط مثل وتر رفيع جدا يمكن إهمال سمكه، وقد تكون تلك الأوتار ذات طرفين فتسمى الأوتار المفتوحة أو متصلة بذاتها على شكل حلقة فتسمى الأوتار المغلقة، وأي نقطة تقع على هذه الأوتار يمكن وصفها برقمين أحدهما يعين الزمان والآخر يعين المكان، والأهم في هذه النظرية أن حساباتها تشمل جميع القوى وتوحدها في نظرية واحدة تسمى النظرية الفائقة.

ولكن نظريات الوتر لم تخل من القصور ووجود أجزاء كثيرة منها مبهمة وغير واضحة حتى الآن، وهكذا ما زال العلماء في عملية بحث دائم عن تلك النظرية الشاملة، والتي ما هي إلا الخطوة الأولى لفهمنا الكامل للأحداث من حولنا وكذلك فهم وجودنا نفسه.

ملخص رواية “هيا نشترِ شاعرًا” للكاتب أفونسو كروش

ملخص رواية “هيا نشترِ شاعرًا” للكاتب أفونسو كروش

“إن أبيات الشعر تحرر الأشياء. وإننا حينما ندرك شاعرية الحجر فإننا نحرره من تحجره، ننقذ كل شيء بالجمال، ننقذ كل شيء بالشعر. ننظر إلى جذع ميت فنبعث فيه الحياة”

من رواية “هيا نشتر شاعرًا”، لأفونسو كروش

ماذا لو اختفى الفن؟

إن التساؤل عن أهمية الأدب والفن قديم قدم نشأتهما، وقد تباينت الإجابات حوله ووُصف بأنه سؤال جوهري، وإذا بحثنا عن نشأة الفن فسنجد أنه وجد مع وجود الإنسان، فقد صنع الإنسان البدائي منحوتات جمالية ورسومات لحيونات على جدران الكهوف، والفن بمختلف أشكاله وسيلة للتعبير عن المشاعر وإثراء التجربة الإنسانية والترفيه والتقدير الثقافي.

إن العالم الذي ننتمي إليه الآن في طريقه لفقد صلته بالفن وقيم الجمال، كما يتجه إلى أن يكون مجتمع رقمي وصناعي جامد، يتموضع فيه الفن والجمال داخل دائرة النشاطات الترفيهيه غير النفعية، فماذا لو اختفى الفن فعلًا عن عالمنا كما توقع أفونسو كروش في روايته؟

هيا نشترِ شاعرًا

تُعتبر رواية “هيا نشترِ شاعرًا” أول عمل يترجم إلى اللغة العربية للكاتب البرتغالي أفونسو كروش، والتي صدرت من دار مسكيلياني للنشر، وظهر فيها الأسلوب المميز للكاتب الذي يعتمد على الرمزية والتشويق.

وكما هو حال كل كتابات أفونسو كروش، أثارت الرواية الكثير من الأسئلة الفلسفية الملحة، والتي تدور حول جدوى الفن والجمال وخاصة الشعر، يحتج من خلالها الكاتب على مجتمعاتنا الغارقة في الجشع والماديات بأسلوب ساخر، كما أنها احتوت على أبيات مستوحاه من شعراء كثيرين مثل بول سيلان ووالت وايتمان وبوكوفيسكي وغيرهم.

اختيار شاعر

تدور أحداث الرواية في عالم تخيلي قريب من عالمنا الذي نعيش فيه الآن، عالم رقمي جامد يُوصف فيه كل شيء بالأرقام حتى أسماء الأشخاص، فإذا أردت مثلًا أن تقول أنك تناولت السبانخ على الغداء فيجب عليك ذكر كم كيلو جرامًا أكلت، وكم سعر الكيلو وهكذا، تبدأ الأحداث عندما تحس الابنة بطلة الرواية برغبتها في شراء شاعر.

فقد كان الشعراء والرسامون والنحاتون يباعون في المتاجر كالحيوانات الأليفة، وهي قد عزمت الأمر على أن تشتري شاعرًا فالرسامين والنحاتين يسببون الكثير من الفوضى.

ذهبت الابنة مع والدها للمتجر الذي يعج بشعراء من كل الأصناف، قصار، طوال، وبنظارات وهم الأغلى، وقع في النهاية اختيارها على شاعر نحيف يرتدي سترة وسروالًا بنيًا ويمسك كتابًا تحت ذراعه، ولم تكن ملابسه برعاية أية ماركة مما يدل على انحطاط مستواها، فاشتروه بثمن معقول ونصحهم البائع بأن يشتروا له دفترًا بأوراق بيضاء كنوع من الترفيه.

انتقل الشاعر ليعيش تحت الدرج في بيت الأسرة، ومذ انتقل إلى هناك وقد تغيرت حياة الابنة بشكل ملحوظ، فقد كانت تلازم الشاعر معظم الوقت، تراقب تصرفاته وتستمع إلى استعاراته التي كانت تراها في البداية ترهات لا نفع منها، ولكنها سرعان ما انتبهت لها وأحبتها واندفعت لفهمها وتذوقها، وبحكم العادة توالى الضيوف والأصدقاء على البيت لرؤية الشاعر الجديد ليستمعوا لقصائده الغير مفيدة بالنسبة لهم.

كانت أحوال الأسرة على ما يرام، حتى عاد الأب إلى البيت حاملًا أخبار مرعبة، فقد كان المصنع الذي يعمل فيه يمر بضائقة مالية صعبة وأوشك على الإفلاس، لذلك طالب الأسرة بتقليل النفقات وشد الحزام، وكان الأب في حالة هياج معظم الوقت محمر الوجه وثائر، ولم يكن الشاعر يعي حجم الأزمة وكان كل ما يتسطيع فعله هو إلقاء القصائد والاستعارات التي أسقطها على الوضع الراهن، والتي لم يفهمها الأب مما أثار غضبه.

أما أخيها فلا يرى الشاعر ذي قيمة ويرى أنه لا يأتي من ورائه غير المشاكل، واستمر على نظرته تلك حتى ساعده الشاعر في نيل قلب محبوبته بجمله كتبها له على قطعة من الورق، أسرت الجملة قلب الفتاة بالرغم من خلوها من الدلالات الرقمية، فلا يحتاج التعبير عن مشاعر الحب والإعجاب إلى أرقام.

ازدادت الأمور المادية للأسرة سوءًا مما اضطر الأب لأن يسرح الشاعر، وخصوصًا بعدما صرح الشاعر بأن أصحاب البنوك والأسواق المالية سارقين، لذلك أخذ الأب وابنته الشاعر وتركوه في حديقة عامة تعج بالشعراء المنبوذين.

رحل الشاعر من المنزل ولكنه ترك أثرًا وبصمة في كل فرد من الأسرة، فقد بدأت الابنة تفهم جمال الاستعارات والمجاز، وأن ترى الأمور بطريقة مختلفة من نافذة مثل تلك النافذة التي رسمها الشاعر يومًا على الجدار وزعم أنها تطل على البحر.

وبفضل الشاعر استطاعت الأم أن تشعر بذاتها وترفض إهانة زوجها ومعاملته الوقحة لها، وذلك لأنها بدأت أن تولي مشاعرها اهتمامًا أكثر كما نصحها الشاعر باستعاراته الغريبة، لذلك فضلت الانفصال على أن يتم معاملتها كسلعة جامدة لا كإنسانة لها مشاعر.

أما الأب فقد استطاع أن يتخطى الأزمة وينقذ تجارته من الإفلاس بفضل الشاعر أيضًا، فعندما سألته ابنته من أين جاءته الفكرة التي أنقذت المصنع وتملص من الإجابة، قررت البحث في جيوب سترته ووجدت ورقة كُتب عليها اقتباس قاله الشاعر لوالدها من قبل، يتشابه مع الحل الذي أوجده لحل الأزمة، فاستنتجت أن الفكرة التي أنقذت المصنع لمعت في ذهن والدها بفضل ذلك الاقتباس، وهكذا يضع الشاعر بصمته مرة أخرى ليغير مصير الأسرة.

ولم تهجر الابنه الشاعر قط وإنما كانت تزوره دائمًا في الحديقة التي وضعوه فيها، والتي تعج بشعراء مهجورين مثله، وكانت تشاركه في قول الاستعارات والشعر ورؤية الحياة من تلك النافذة التي رُسمت يومًا على الجدار وكانت تطل على البحر.

ما يشبه الخاتمة

في هذا الجزء المنفصل عن الرواية، يوضح الكاتب أن العديد من الناس ينظرون للثقافة على أنها مصدر تهديد، حيث أنه إذا لم يكن للفن والثقافة أهمية فلم يكن ليقبل أحد على حرق مكتبة الإسكندرية أكثر من مرة، أو على تدمير بوذا باميان وآثار تدمر.

وإن الخيال والثقافة يبنيان كل ما نحن عليه، والخيال ليس هروبًا من القبح والمظالم الاجتماعية، وإنما هو تصميم لبناء بديل، هندسة فرضية لمجتمع أكثر انسجامًا مع توقعاتنا الإنسانية والأخلاقية.

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص رواية “آموك” للكاتب النمساوي ستيفان زفايغ

ملخص رواية “آموك” للكاتب النمساوي ستيفان زفايغ

يعد الكاتب «ستيفان زفايغ-Stefan Zweig» من أبرز كتاب أوروبا في بدايات قرن العشرين. ولد في النمسا في 28 نوفمبر من عام 1881 م وترجمت أعماله إلى العديد من اللغات. وتعد رواية آموك واحدة من أعماله المميزة. وهذا المقال هو ملخص رواية آموك.

ملخص رواية آموك

حادث غريب

“في شهر مارس سنة 1912 م وقعت حادثة غريبة أثناء إفراغ حمولة باخرة عابرة للمحيطات في ميناء نوبلى، ولئن استفاضت الصحف في الحديث عنها فقد غلب عليها الكثير من التزويق والإضافات الخيالية.”

في شهر مارس عام 1912 م وقعت حادثة غريبة أثناء إفراغ حمولة باخرة تدعي “أوسيانيا”. هكذا يتذكر الراوي تلك الحادثة بعد مرور عدة سنوات عليها، وبالرغم من أنه كان أحد ركاب هذه الباخرة إلا أنه لم يشهدها ولا يعرف ماذا حدث، ذلك لأن الحادثة قد وقعت في الليل عندما كان العمال مشغولين بتموين الباخرة بالفحم، وإنزال البضائع منها بينما كانت الباخرة متوقفة في إحدى الموانئ، وقد هبط معظم الركاب مبتعدين عن الضجيج يلوذون بالمقاهي لتمضية الوقت وكان الراوي من ضمنهم.

لكنه يتذكر تلك المحادثة الغريبة التي جرت بينه وبين أحد الركاب قبل الحادث مباشرة، والتي قد تنطوي على التفسير الحقيقي لذلك الحادث الغريب، لكنه لم يذكر أي شيء عن هذه المحادثة أثناء التحقيقات، ولكن، وبعد سنوات، مازلت تلك الحادثة متعلقة بذهنه وربما آن الأوان لحكايتها.

أوسيانيا

أوسيانيا تلك الباخرة التي ذهب بطل الرواية لحجز رحلة على متنها للعودة إلى وطنه، حيث كانت هذه الباخرة ستقلع من مدينة كالكوتا (وهي إحدى مدن الهند) قاصدة أوروبا، وحينما اتجه لوكالة الشحن البحرية بكالكوتا أعلمه الموظف بصعوبة تأجير غرفة له على متن الباخرة خصوصًا في ذلك الوقت، حيث موسم الأمطار وقد حجزت معظم الأماكن تقريبًا، ولكنه سيحاول أن يجد مكان له. في اليوم التالي يأتي الخبر السعيد؛ فقد وجد مكانًا في الباخرة وعلى الرغم من أنها مقصورة صغيرة وغير مريحة في الطابق السفلي وسط الباخرة، إلا أنه لم يتردد في تأكيد الحجز.

ليلة نجمية

مر حوالي ثلاثة أيام على انطلاق الباخرة. كانت المقصورة ضيقة جدًا بل أنها كانت تشبه القبر، ولكن اعتيادها بعد مرور تلك الأيام أصبح أكثر سهولة. أما تلك الليلة فكانت الغرفة لا تطاق، لذلك أستيقظ في منتصف الليل فقرر الصعود على متن الباخرة لأول مرة تقريبًا منذ بدأ الرحلة. لقد كانت السماء مدهشة وكان سطح الباخرة خاليًا، حيث كان الجميع مستغرق في النوم، لقد ظن ذلك لكنه لمح رجلًا جالسًا في الظلام يدخن سيجارة، وعلى الرغم من أنه قد رأى معظم الركاب وأصبحت وجوههم مألوفة إلا أنه لم ير ذلك الرجل من قبل.

بعدما ألقى عليه التحية رجاه الرجل إلا يخبر أحد أنه رآه. لأنه في حالة حداد ولا يود أن يختلط بأحد وانصرف بعد ذلك. في الليلة التالية لذلك اللقاء وتقريبًا في نفس الوقت يلتقي به مرة أخرى وهو يدخن غليونه، ولكنه في هذه المرة يخبره أنه لم يتحدث مع أحد منذ عشرة أيام وأنه يريد أن يروي لأحد ماحدث معه وهنا تبدأ القصة.

آموك

يبدأ قصته بكثير من الاضطراب، لقد كان طبيبًا مشهورًا تكتب عنه الصحف، ولكنه وقع ضحية عشقه لمرأة واسترضاء لها اختلس مالًا من صندوق المستشفى. تحطمت على أثر ذلك مسيرته المهنية، وحينما علم أن الحكومة الهولندية ستنتدب أطباء في مستعمراتها في الهند لم يتردد في الالتحاق، وعمل في إحدى القرى وذاع صيته.

كان يعيش في عزلة حتى ذلك اليوم الذي زارته امرأة إنجليزية. جاءت لتطلب منه أن يجري لها عملية إجهاض مقابل مبلغ مالي ولكنه رفض ذلك. لقد استفزته قوة شخصيتها واعتدادها بنفسها، فغالبًا ما تأتيه النساء خانعات في مثل ذلك الموقف، على عكسها. على أثر ذلك ترحل هي ولكنه يلحق بها، فيعلم أنها زوجة رجل أعمال ثري وأنه مسافر منذ خمسة أشهر وسوف يعود بعد وقت وشيك.

إلا أنه يشعر بالمسؤولية والقلق حيالها بل أنه يقر أنه قد أصابته حمى الآموك منذ رؤيتها.

يدعوه النائب المقيم إلى حفل سيقام في القصر الحكومي التابع للمستعمرة حينما ذهب الطبيب إليه طالبًا نقله، وأخبره أن ذلك الحفل سيحسن من حالته النفسية.

يلقاها مرة أخرى في الحفل وهي ترقص مع أحد الجنود، تتجاهل وجوده تمامًا. إلا أنها ألقت عليه التحية عند مغادرتها الحفل، لكنه تذكر أن يوم غد سيعود زوجها من أمريكا وأنه فوت فرصة إنقاذها.

في صباح اليوم التالي يكتب لها خطاب يعتذر فيه عن كل شيء ويقر بأنه سيساعدها إلا أن ذلك الخطاب تأخر في الوصول فقد ذهبت إلى قابلة لتخلصها من الجنين.

يذهب الطبيب إليها حيث كانت تحتضر وتطلب منه في رمقها الأخير أن يحفظ سرها، على أثر ذلك يزور في شهادته الطبية ويعقد اتفاقًا مع رئيسه يقتضي تزوير شهادة وفاتها ورحيله من البلاد في خلال أسبوع.

نهاية

فيما بعد يلتقي بعشيق تلك المرأة، الذي كان جنديًا واستطاع أن يؤمن لذلك الطبيب رحلة على متن السفينة تحت اسم مزيف، ولكنه علم بالصدفة أن زوجها قد نقل نعشها إلى تلك السفينة لدفنها في أوروبا، ولكنه أصر على حمايتها حتى النهاية هكذا يتمم حديثه ويمضي.

اختفى الرجل بعد ذلك وتناقلت الصحف عدة قصص منها أنه أثناء نقل إحدى النعوش سقط جسم ثقيل ساحبًا معه نعش إحدى أهم نساء المستعمرات الهولندية، وقصة أخرى تقول أن مجنونًا كان ينتظر في الزورق الذي كان ينتقل فيه النعش، وبالتزامن مع ذلك ظهر خبر غرق رجل أربعيني ولكن لم يربط أحد بينه وبين قصة النعش.

أقرأ أيضًا:

https://elakademiapost.com/ملخص-رواية-وبعد-لغيوم-ميسو

ملخص رواية “الغريب” للكاتب والفيلسوف الفرنسي ألبير كامو

ملخص رواية “الغريب” للكاتب والفيلسوف الفرنسي ألبير كامو

“في ذلك الليل الذي يفيض بالنجوم، أحسست للمرة الأولى برقة وعذوبة اللامبالاة، وأحسست أنني كنت سعيدًا في يوم من الأيام ولا زلت حتى الآن” ألبير كامو، رواية الغريب

رواية “الغريب” للكاتب الفرنسي ألبير كامو

تعتبر رواية الغريب أولى روايات الكاتب والفيلسوف الفرنسي ألبير كامو والتي نال على إثرها شهرة واسعة، تجلت فيها فلسفته الخاصة ومحاولاته لاكتشاف الإنسان وتجريده من كل ما هو لا إنساني، فجاء ميرسو بطل رواية الغريب ليمثل حقيقة البشر عندما يتخلصوا من كل الأقنعة الزائفة وينزعوا قشور المجتمع الباهتة، وظهر بهيئة المظلوم المتوحش الذي لا يبالي بأحد ويجهل تمامًا ماهية الكثير من المشاعر، بعدما ضاع من ضميره الإنساني، وفقد إنسانيته المتمثلة في مجموعة من المشاعر الإنسانية المعتادة، واتبع مبادئه الخاصة التي أوصلته بدورها إلى خشبة الإعدام.

الخطاب:

تبدأ حكاية ميرسو عندما تلقى خطابًا من دار المسنين التي أودع فيها والدته مسبقًا بعدما أصبح غير قادر على إعالتها، لإعلامه بوفاتها ووجوب حضوره لإتمام مراسم الدفن اللائقة، لذلك طلب إجازة من عمله واستعد للسفر، وكان يوم سفره شديد الحرارة وبسبب إرهاقه الشديد وحرارة الجو المرتفعة غفى ميرسو طوال الطريق حتى وصل إلى الدار، وفور وصوله اتجه إلى غرفة المدير ليسمح له برؤية الفقيدة، ولكن عندما أصبح أمام التابوت شعر فجأة بعدم رغبته في رؤيتها ورفض أن ينزع الحارس المسامير من غطاء التابوت.

جلس ميرسو أمام جثمانها وشعر برغبة شديدة في التدخين ولكنه كان مترددًا أن يدخن أمام والدته ثم أدرك أن ذلك ليس مهمًا على الإطلاق من وجهة نظره فقدم للحارس سيجارة ودخنا معًا، وبعدها عرض عليه الحارس قهوة باللبن فقبلها دون تردد وبعدما أنهى قهوته شعر برغبة في النوم فغفى على كرسيه، واستيقظ ميرسو ليجد أن أصدقاء والدته قد حضروا ليسهروا بجانب الجثمان حتى تتم مراسم الدفن، فسهر معهم في صمت.

أخبره الحارس أن كل أصدقاء والدته قد حضروا ما عدا السيد بريز أكثرهم قربًا منها والذي سمح له مدير الدار أن يحضر مراسم الدفن شرط ألا يسهر معهم حتى لا يصيبه مكروه بسبب المجهود الزائد، في الصباح انطلق الجميع لدفن السيدة وسار معهم في صمت يراقب العجوز بريز من بعيد وعندما سأله الحارس عن سن والدته فأجابه أنه لا يعلم، وبعد إتمام مراسم الدفن في هذا اليوم الكائظ رحل ميرسو على عجل دون أن يجثو على قبر والدته أو يبدو عليه أي حزن فقط كان صامتًا حتى أنه لم يبك.

عند استيقاظه في اليوم التالي قرر الذهاب للاستحمام في حمامات الميناء، وهناك رأى ماري زميلته السابقة في العمل فتجددت العلاقة بينهما وقررا الذهاب إلى السينما معًا في مساء ذلك اليوم، وعندما إرتديا ثيابهما ورأته ماري في ملابس الحداد سألته عن السبب فأجابها أن والدته دفنت في أمس ذلك اليوم، ففزعت ماري ورجعت إلى الخلف ولكنها وافقت على الذهاب معه إلى السينما على أية حال، وبعدما انتهى الفيلم الكوميدي الذي حضراه رجعت معه ماري إلى البيت.

وفي اليوم التالي بعد رجوعه من عمله قابل جاره العجوز سالامانو وكلبه الذي لم يفارقه منذ ثماني سنوات رغم خلافاتهما المتكررة، كما التقى بجاره ريمون على السلم وكان يقال عن ريمون أنه يكسب قوته من النساء وكان منبوذ من الجميع إلا أن ميرسو كان يتقبله فلم يجد سببًا يكرهه لأجله ولم يكن يهتم.

قتل بمحض الصدفة:

دعاه ريمون للعشاء فقبل ميرسو وأثناء تناول الطعام أخبره ريمون عن عشيقته السابقة التي خدعته وعن رغبته الملحة في الانتقام، وطلب منه أن يكتب خطابًا باسم ريمون ليستطيع أن يستدرجها إلى شقته وينفذ انتقامه، وقبل ميرسو كتابة ذلك الخطاب فلم يكن يرى مانعًا من ذلك ولم يشعر بأهمية ما يقوم به على الإطلاق، وفي نهاية الأسبوع حضرت ماري لتقضي العطلة مع ميرسو وفجأة سمعا أصوات مشاحنات من غرفة ريمون وصوت امرأة تصرخ بشدة جعلت الطابق يعج بالبشر، ثم حضر رجل الشرطة الذي أمر ريمون بالذهاب إلى قسم الشرطة في وقت لاحق ليدلي بأقواله، وطلب ريمون من ميرسو الذهاب معه ليشهد على خداع عشيقته فلم يمانع.

عند عودتهما وجدا سالامانو العجوز يبحث عن كلبه بلهفة واضحة بعدما ضاع منه، فشرعا يخففان عنه وأخبره ميرسو أن يذهب إلى مستودع الكلاب ويسأل هناك عن كلبه العزيز، وبعد فترة من صعود شقته تبعه العجوز وجلس معه لبعض الوقت يحكي له عن كلبه ويأمل أن يطمئنه ميرسو، وبرغم ضيق ميرسو بالعجوز الجالس في غرفته إلا أنه استمع له بسبب إشفاقه عليه وأنه لا يرغب في النوم.

في اليوم التالي دعاه ريمون لقضاء العطلة معه هو وصديقه ماسو على الشاطئ وأن يحضر ماري معه حتى لا تظل زوجة صديقه بمفردها، وفي يوم الأحد استعد كل من ماري وميرسو وانتظرا ريمون أسفل البناية، وعندما نزل أشار لميرسو أن ينظر باتجاه مجموعة من العرب يقفون في الزاوية وأخبره أن أحدهم هو شقيق عشيقته التي ضربها وأنه يضمر له الشر بكل تأكيد.

انطلق الجمع ووصلوا إلى الشاطئ حيث قابلوا صديق ريمون وزوجته، وبعد وجبة الغداء قرر الرجال الثلاثة التنزه على الشاطئ، وأثناء تلك النزهة وجدوا اثنين من هؤلاء العرب السابق ذكرهم وكان أحدهما هو غريم ريمون، اشتبكوا معًا في معركة أصيب فيها ريمون بجروح سطحية وهرب العربيان، ذهب ماسو مع ريمون للطبيب وضمدت جراحه ولكنه لم يهدأ.

قرر ريمون الخروج مرة أخرى ومعه مسدسه ينوي على شر فتبعه ميرسو وأقنعه ألا يفعل ذلك وأخذ منه المسدس ورجع معه إلى بيت صديقه، ولم يرغب ميرسو أن يدخل إلى البيت على الرغم من حرارة الجو المرتفعة وفضل أن يمشي على البحر، وأثناء سيره بغير هدى وجد نفسه أمام غريم ريمون الذي انتفض من مكانه وأظهر سكينه التي التمع نصلها في الشمس، فاهتاج ميرسو بسبب التماع نصل السكين والشمس الملتهبة فوق رأسه فلم يشعر بنفسه إلا بعد أن انطلقت رصاصة من المسدس واخترقت جسد العربي وحطمت هدوء الشاطئ وأتبعها بأربعة طلقات أخرى.

المحاكمة:

بعد إلقاء القبض على ميرسو عينت له المحكمة محام للدفاع عنه، استجوب عدة مرات حاول خلالها قاضي التحقيقات معرفة شخصيته ومعتقداته ولكن خاب أمله عندما أظهر الصليب لميرسو وأخبره الأخير بعدم إيمانه بالرب وأن هذا لا يهمه على أية حال، بعدها انهار القاضي أمام صلادة ميرسو وقرر إكمال التحقيق بعيدًا عن تلك النقطة الشائكة، واستمرت الاستجوابات فترة طويلة ثبت فيها ميرسو على أقواله وأصر أنه لم يبيت نية القتل وأن كل ذلك حدث بمحض الصدفة.

لم يكن ميرسو في البداية يعتبر نفسه مسجونًا فقد كان ينتظر ليعرف ماذا سيحدث له، ولكنه بدأ الإحساس بوحشة الزنزانة عندما تلقى خطابًا من ماري تخبره فيه أنهم لن يسمحوا لها بزيارته مرة أخرى لأنها ليست زوجته، وكانت ماري قد طلبت منه الزواج قبل الحادثة فوافقها معلقًا أن لا فرق لديه في ذلك وأنه لا يحبها لأنه لا يعرف ماهية الحب ولكنه مستعد من الزواج منها على أية حال ولكن لم تساعدهم الأحداث، لذلك أصبح السجن بالنسبة له عذابًا يمضي جل وقته في مشاهدة السماء ومعايشة خيالاته.

جاء يوم المحاكمة واقتادوا ميرسو إلى المحكمة ليحددوا مصيره، وبدأ الاستجواب وراح رئيس المحكمة يسأله في هدوء ووقار عن شخصيته ويعدد أمامه الوقائع والتهم الواقعة عليه وفي كل مرة كان ميرسو يجيب “نعم سيدي الرئيس” طبقًا لتعليمات المحامي، ثم حضر الشهود وكانوا من عرفهم ميرسو أو تعامل معهم قبل الحادثة بوقت قصير ومنهم مدير وحارس دار المسنين.

وعند استجواب الشهود تباينت الآراء حول ميرسو، وأوضح رئيس دار المسنين ثباته وجحوده يوم وفاة والدته وأنه لم يبك أبدا ولم يعرف سن أمه الحقيقي وأنه دخن مع الحارس وشرب قهوة باللبن أمام جثمان والدته، وتوالت الاتهامات لميرسو وهو في القفص يستمع وعندها فقط شعر برغبة شديدة في البكاء لأنه أحس لأول مرة كم أنه ممقوت من كل هؤلاء الناس، وحاول المحامي السيطرة على الوضع ولكن لا جدوى فقد أدان النائب العام ميرسو معتمدًا على قسوته مع والدته وأنه دفنها بقلب مجرم، وأن من يودع والدته في دار مسنين فقد قتلها معنويًا لذلك فهو قاتل له تاريخ في الإجرام.

لم يكن يعرف ميرسو هل هو يحاسب لأنه قتل رجلًا أم أنه لم يحزن لوفاة أمه، بعد الكثير من المناقشات أخذوا ميرسو إلى حجرة مجاورة حتى تتشاور اللجنة فيما بينها، ولكن كان قرار المحكمة أن يطيحوا رأسه في أحد الميادين العامة.

رفض ميرسو استقبال القس عدة مرات وتقوقع على نفسه في زنزانته تزوره الكثير من نوبات الهلع ويعتريه الشعور بالبرد في داخله يجعله يرتجف، ينتظر الفجر طوال الليل بقلب قلق وعين لا يزورها النوم لأنهم ينفذوا تلك العمليات في وقت الفجر دائمًا، وعندما لا يحدث شيء ولا يأتون لاصطحابه يكون قد فاز بيوم جديد على الأرض، وحينها أدرك أن الموت هو الحقيقة الوحيدة في هذه الحياة ولكن ذلك لم يمنع خوفه واصطكاك أسنانه الدائم دون أن يمكنه إيقافها.

كان يراوده الأمل في كثير من الأحيان في قبول الالتماس ويعيش خيالات سعيدة ولكنه سرعان ما يعود إلى ظلمة الزنزانة والخوف من لحظات الفجر وصوت وقع الأقدام، وفي يوم استيقظ فوجد القس أمامه ودارت بينهما مناقشة كان مفادها أن أمسك القس من ياقته بكل قوته ولعنه وصب عليه كل ما سكن أعماق قلبه، أخذ يصرخ بكل ما كان يشعر به ويتساءل ما الذي يجب أن يهمه في موت الآخرين أو في حب الأم، ما الذي يهمه في الإيمان بالرب أو الحياة التي تختارها طالما هناك قدر واحد فقط قد اختاره، وظل على صراخه حتى أوشك على الاختناق.

وأخيرًا استطاعوا انتزاع القس من يديه، وعندها ألقى بجسده على السرير واستيقظ كانت النجوم هناك في السماء تلتمع فوق رأسه، وعندها انطلقت الصفارات إيذانًا برحيله عن هذا العالم الذي لم يعد يهمه في شيء، وللمرة الأولى منذ زمن طويل تذكر والدته وأحس أنه مستعد لأن يبدأ الحياة من جديد، وكانت تلك الغصة الكبرى التي خلصته من الشر وأفرغته من الأمل، وشعر بعدها برقة وعذوبة اللامبالاة وأنه كان سعيدًا في يوم من الأيام ولا زال حتى الآن.

للمزيد من ملخصات الكتب

اقرأ أيضًأ ملخص رواية “العمى” لجوزيه ساراماغو

ملخص رواية وبعد لغيوم ميسو

رواية «وبعد-Et après)‏» للروائي الفرنسي«غيوم ميسو-Guillaume Musso» تعد من أولى الروايات التي تُرجمت إلى العربية والتي ترجمت أيضاً إلى أكثر من حوالي عشرين لغة وفي خريف عام 2008 عُرِض فيلم سينمائي مقتبس عن الرواية يحمل نفس الاسم.

“استسلم وغرق في الماء تفجرت طبلتي أذنيه وأسود كل شيء من حوله، وسط الظلمات الحالكة أدرك أن تلك نهايته لا ريب لأنه لم يعد هناك أي شيء، لا شيء سوى ذلك السواد البارد والمرعب، سواد ثم فجأة وميض”

أوز بري

في إحدى الأيام الدافئة لخريف عام 1972 في جزيرة نانتوكيت حيث بدأ كل شيء بحادثة نجاة ناثان من الغرق عندما كان يحاول إنقاذ صديقته مالوري التي وقعت في البحيرة أثناء لهوها مع الأوز البري، تهرع الفتاة لطلب المساعدة وينجو الفتي من الموت ينتقل بنا الكاتب إلى مدينة مانهاتن تلك المدينة التي أصبح فيها ناثان اليوم محام لامع في إحدى أشهر مكاتب المحاماة في المدينة، لدرجة أن آشلي جوردان الشريك الرئيسي في مكتب المحاماة يرشحه كشريك، ويقطن إحدى المباني الباذخة المطلة على حديقة سنترال ولكنه وحيدًا بعيًدا عن طفلته بوني وزوجته السابقة مالوري.

بعد يوم عادي يقضيه ناثان في مقابلة عملاء المكتب ومساعديه يعاوده ذلك الوخز في الصدر الذي يشعر به منذ فترة، تطلعه سكرتيرته آبي على جدول مواعيده وتخبره أنه على موعد مع طبيب يدعي غاريت غودريش وأنه صديق لاشلي جوردان، لم يسمع ناثان جوردان يتحدث عنه من قبل، ولكنه خمن أنه متورط في قضية تخص إحدى العمليات الجراحية الفاشلة غاريت غودريش رجل ربما يكون قد بلغ الستين من عمره إلا أنه يبدو فتى طويل القامة، يعبر الممر المؤدي إلى مكتب ناثان بثبات.

لا يدري ناثان لماذا شعر بأن ذلك الوجه مألوف لديه لكنه لا يعلم أين رأي ذلك الـ غاريت من قبل، لقد عاوده ذلك الوخز من جديد، يستفسر ناثان عن سبب زيارته له، فيخبره غاريت بأنه لا يريد منه شيء بل هو من يحتاجه و يخبره أنه لا يعرف آشلى جوردان من الأساس، وأنه مجرد ادعاء للوصول إليه، يسأله إن كان مهتم بالثقافة السلتية حينما يلمح تمثال فضي لأوزة فوق إحدى الرفوف فالنصوص السلتية القديمة هي التي تتناول أساطير عن تحول الموتى في العالم الآخر لإوز يتمتم غاريت، فيخبره ناثان أن عائلته وعائلة زوجته من أصل إيرلندي، فيقاطعه غاريت تقصد زوجتك السابقة!

في إحدى غرف الاجتماعات الشاغرة المجاورة لمكتب ناثان يبحث ناثان على الإنترنت حول ذلك الطبيب ويتأكد من أنه طبيب مشهور ليس مختل بل قطب من أقطاب الطب، وأن الصورة الموجودة على صفحات الإنترنت مطابقة للشخص الواقف في مكتبه الآن حينما عاد إليه استأنف غاريت حديثه عن الموت وضرورة ترتيب الأولويات، والاستعداد دائمًا لما هو قادم أزعج ذلك الحديث ناثان، فطلب منه مغادرة مكتبه.

لقد مر زمن طويل منذ غادر ناثان مكتبه في وقت مبكر فكان هو تقريباً أخر من يغادر المكتب وأول من يصله، حتى أنه كان يعمل في أيام الإجازات ولكن تلك المقابلة مع غاريت استهلكت قواه. جمع بعض الملفات وقرر أن يذهب لمراجعتها في منزله.

أجري ناثان مكالمة مع طليقته مالوري حول ترتيبات وصول ابنته في عطلة نهاية الأسبوع، بعد وقت قليل من هذه المكالمة تتصل به ابنته وتطلب منه أن يأتي يصطحبها يوم السبت لأنها خائفة من استقلال الطائرة وحدها يتردد في الموافقة حيث لديه في هذا اليوم اجتماع مهم وهو من حدد الميعاد، إلا إنه يستشعر القلق في صوتها فيوافق في النهاية. بعد انتهاء المكالمة يفاجئ ناثان بحارس العمارة يخبره أن هنالك رجل يريده يدعى غاريت ينتظره أمام المنزل غاريت مرة أخرى أمام منزله يطلب منه أن يأتي معه ويطلب من ناثان أن يثق به يوافقه ناثان على مضض ويستقلا سيارة أجرة حتى وصلا إلى إحدى أشهر أبراج مانهاتن «إمباير ستيت-Empire State building»

مبشر

لقد ظلا صامتين يراقبان حركة السير من الطابق الـ87 للبرج  همس غاريت لناثان أن ينظر لفتى يبدو في العشرين من عمره يرتدي سترة برتقالية يبدو عليه الإرهاق ويخبره بأنه يدعى كيفن ويليامسون وأن والده قد انتحر من فوق ذلك البرج  يسأله ناثان لماذا يخبره بذلك! “لأنه سيموت الآن” هكذا جاوبه غاريت لم يتوقع ناثان ذلك، ولكن كل شيء حدث بسرعة،  أخرج الفتى مسدس من معطفه وأطلق الرصاص على رأسه وانتهى الأمر.

يستيقظ ناثان متأخرًا لأنه لم يستطع النوم في تلك الليلة، صوت سيارات الإسعاف، حديثه مع غاريت كل ذلك ظل يدور في ذهنه طوال الليل يحاول أن يستأنف يومه ويذهب إلى مكتبه إلا أنه لا يستطيع أن يتجاهل ما حدث معه البارحة، ووسط اندهاش سكرتيرته آبي يترك المكتب رغم موعده مع آشلي يتجه إلى المستشفى الذي يعمل بها غاريت بعدما انتهي غاريت من إحدى عملياته والتي ألح على ناثان لحضورها، يحدثه عن عمله في الوحدات المسكنة التي يقبع فيها المرضى الذي عجز الطب عن شفائهم ولم يتبق لهم في الحياة سوى بضع أسابيع وأنه يعد هؤلاء المرضى إلى القفزة الكبيرة للعالم الآخر، وإنه له قدرة على استشعار الموت لذلك علم بإنتحار كيفن يرحل عنه ناثان في حالة عدم تصديق.

موت قريب

يقرر ناثان أن يأخذ إجازة من عمله  لتخصيص مزيد من الوقت لابنته بوني، ولأنه أيضاً لم يتجاوز آثار ذلك الحادث في الصباح التالي لزيارة غاريت يستيقظ مبكرًا، ويستقل المصعد وأثناء هبوطه تراوده ذكرى عن والدته تلك المرأة البسيطة التي كانت تعمل خادمة في تلك الشقة التي يسكنها هو الآن حينما كان منزل لعائلة زوجته لأن والد زوجته أيضا محاميًا شهيرًا فقد راهنه ناثان على قضية كانا كلاهما يعملان عليها، وربح ناثان القضية والشقة وابنته التي كانت عائلتها معارضة لزواجها منه و تذكر كيف كان يتجاهل أمه ويخجل من إنجليزيتها الركيكة بعدما حصل على منحة بإحدى المدارس المرموقة في مانهاتن، ولكن ما قضى على علاقتهما هي حادثة السرقة التي اتُهمت به!

كان ذلك في وقت يحتاج فيه ناثان لتسديد قسط الجامعة وبالفعل تم دفع القسط الجامعي بعد ذلك مما جعل ناثان يتأكد أن والدته سرقت ذلك السوار رغم أنه لم يحدثها عن ذلك قط، طوال زواجه لم يزرها وكان يرسل لها المال وحسب، وطالما ألحت عليه مالوري بزيارتها ولكن الوقت كان قد فات فقد تلقى خبر وفاتها من المستشفى فماتت وحيدة مصابة بالسرطان توجه ناثان إلى إحدى أكبر المستشفيات لطبيب كان سبق وأشرف على قضية له وبعد نهار طويل ومرهق من الفحوصات يطلب منه الطبيب أن يرتاح في إحدى الغرف بإنتظار النتيجة.

وقتها تستحضر ذاكرة ناثان زواجه كشريط سينمائي كيف تحدت مالوري عائلتها لتتزوجه، وكيف تُوج حبهما أخيرًا بالزواج وسعادتهما بابنتهما بوني، ومن ثم ابنهما سين ذلك ووفاته وعلى أثره انفصاله عن مالوري، وذلك اليوم الذي خرجت فيه مالوري لزيارة والديها تاركة بوني وسين ابنهما الرضيع معه وقد أكدت عليه أن يعطيه الرضعات في وقتها، حينما كان يعمل مجاورًا له في مكتبه، وبالفعل أعطاه الرضعة الأولى واتجه للنوم على أن يستيقظ باكرًا لكنه استيقظ متأخرًا في الصباح ليجد سين جثة مستلقيًا على بطنه. بعد تلك الحادثة أنهارت حياته الزوجية إلى أن انتهت بالطلاق منذ عدة أشهر.

بعد وقت من الإنتظار أخيرًا تأتيه النتيجة بأنه لا يُعاني من أي شيء خطير بل ما يعانيه بعض الإرهاق وحسب أكدت التحاليل والفحوصات أنه بخير، لن يموت اليوم أو حتى بعد عدة أيام، اتجه صوب المشفى الذي يعمل به غاريت إلا أنه لم يجده، فتخبره الممرضة في المستشفى إنه متواجد في الوحدات المسكنة يقابله ناثان، وفي نهاية لقائهما يخبره أنه عليه زيارة كانديس فتاة تعمل في إحدى المقاهي وأنها ستكون عما قريب ميتة.

يذهب ناثان إلى المقهى الذي تعمل فيه الفتاة، ويتضح أنها أم عزباء وتعيش مع والدها الذي خرج لتوه من السجن وابنها الرضيع، يحاول ناثان التواصل معها ويحاول عبثًا أن يحميها من الموت في إحدى الليالي التي يحاول ناثان الحديث مع هذه الفتاة في المقهى يأتيها خبر نقل والدها للمشفى، يذهب معها ناثان ويتلقيان خبر وفاة والدها إلا أن ناثان يصر على حمايتها فيقرر أن يمنحها مبلغ تستطيع من خلاله عيش حياة كريمة مع ابنها وبعد إلحاح ناثان تذهب معه إلي إحدى البنوك لتودع المال باسمها إلا أن البنك يتعرض لسطو مسلح وتموت كانديس.

هالة بيضاء

لقد كانت تلك المرة الثانية التي يزور فيها ناثان بيت غاريت فقد زاره من قبل ليستفسر عن كانديس إلا أنه يجد أن غاريت ليس في، منزله عبر أحد الأبواب يقتحم منزله ويتجه إلى مكتبة كانت تحتوى آلاف الملفات، وفوجئ أن أحد الملفات الموجودة يحمل اسمه . لقد كان غاريت ذلك الطبيب الذي أشرف على علاجه حينما غرق في البحيرة لقد نسي كل ما يخص هذا الحادث اختبر ناثان ما يسمى تجربة الاقتراب من الموت، وحينما وصل غاريت بعد قليل أكد له ذلك ولكنه يلمح على إحدى الملفات اسم زوجة غاريت فيقرأ في الملف إنها ماتت بالسرطان .

يتأكد ناثان أنه ميت لا محالة، ويأتي سفره إلى ابنته لكنه يصر على اصطحاب غاريت معه، حينما يصل كلاهما لبيت مالوري يفاجأ ناثان بتايلر يفتح له، ذلك الشاب المدلل الذي كان يحاول الزواج من مالوري من قبل بعدما قضى ناثان يومان من الإجازة مع ابنته بوني يصحبها لزيارة جديها

كما وعد مالوري أثناء إقامتهما في منزلهم، يستعير والد زوجته سيارة ناثان ويصدم طفل صغير تحت تأثير الكحول تحت تأثير إحساسه بالذنب يعترف له أنه هو المسئول عن ضياع السوار الذي اتُهمت أمه بسرقتها، وأنه من دفع قسطه الجامعي كتعويض عن ذلك الإتهام، يعود ناثان إلى مكان الحادث ويتحمل مسؤولية هذا الحادث، فقد ظن أنه سيموت وأن مالوري ستحتاج والدها، فهو على موعد قريب من الموت على أية حال.

ينجو الطفل من الموت وتسقط القضية عن ناثان، ويخبر والد مالوري كل شيء، ويحثها على العودة  إلى زوجها السابق، وبالفعل تعود مالوري لناثان ويلتم شمل العائلة لقد عاد كل شيء إلى سابق عهده، أنه الآن مع زوجته وابنته  فليأت الموت إذن. في الصباح التالي وعندما كانت تحضر مالوري الإفطار، رأى ناثان هالة من الضوء تحيط رأس مالوري  حاول إزالتها بيده لكن من دون جدوى، تلك الهالة التي يرها حول المقبلين على الموت!

إنها ستموت إذن لقد جئت لتخبرني إني سأفقدها وسأصبح مبشرًا. “لكن لماذا هكذا”! صرخ ناثان بغاريت، لكنه يدرك بأنه لا الفائدة من ذلك عليه أن يعود لزوجته هناك فهي وحيدة وتحتاجه.

ملخص رواية “ألف شمس ساطعة” للكاتب خالد حسيني

ملخص رواية “ألف شمس ساطعة” للكاتب خالد حسيني

“لسوف يرجع يوسف إلى كنعان، لا تحزن.

لسوف تصير العشش جنّات ورد، لا تحزن.

وإن جاء طوفان وأغرق كل ما هو حي فنوح دليلك في الطوفان، لا تحزن”

من غزليّات حافظ الشيرازي الواردة في رواية “ألف شمس ساطعة”.

نسج الكاتب خالد الحسيني أحداث الرواية في أفغانستان، ليسرد الكثير من الأحداث في التاريخ الأفغاني على مدار أربعة عقود تنتهي بسقوط طالبان وخروجها من البلاد، يصف من خلالها معاناة المرأة الأفغانية وينقل ببراعة مشاعر الأطفال والمراهقات في ظل تلك الأحداث على لسان امرأتين جمعهما القدر معًا.

كانت مريم ذات الخمس سنوات تعيش مع والدتها في كوخ صغير، أسكنهما والدها فيه بعيدًا عن زوجاته الأخريات في مكان ليس ببعيد عن مدينة هيرات حيث كانت مريم ابنه غير شرعية لجليل، كانت جميع أيامها تتشابه عدا يوم الخميس حين يزورها والدها، ليمتعها بالحكايات ويعلمها الصيد ويغدقها بحبه ويحكي لها عن هيرات مهد الحضارة الفارسية ووطن الكتاب والرسامين، كانت تثق به ثقة عمياء ولا تكترث لكلام والدتها عنه بل كانت تنتظره بفارغ الصبر وتحلم أن تذهب معه إلى السينما التي يمتلكها في هيرات.

عندما أصبح عمر مريم خمسة عشر عامًا وفي يوم ميلادها استطاعت أن تطلب من جليل أن يصطحبها معه إلى السينما، وبرغم رفض والدتها إلا أنه وعدها أن يذهبا معًا في اليوم التالي، انتظرت مريم مدة طويلة جدًا ولكنه لم يأت فقررت أن تذهب إليه بنفسها وتجاهلت توسلات والدتها وقطعت مسافة كبيرة حتى وصلت إلى بيته الفخم، ولكن لم يسمح لها بالدخول وظلت في انتظاره أمام باب المنزل ليلة كاملة، وفي الصباح أمر جليل السائق أن يصطحبها إلى منزلها وعندنا وصلت شاهدت جسد والدتها يتدلى من أعلى شجرة، لم تستطع أن تتخيل رحيل مريم عنها والآن أصبحت مريم وحيدة تمامًا فقد فقدت والدها في الليلة السابقة بعدما حدث وستلوم نفسها لسنوات طويلة لأنها تركت والدتها، ولم تجد مريم المواساة إلا من معلمها الملا فايز الله.

انتقلت مريم للعيش في منزل والدها الذي خذلها مرة أخرى عندما أجبرها على الزواج من صديقه رشيد صانع الأحذية الذي يكبرها بأعوام كثيرة، سافرت مريم مع رشيد لتعيش في كابول العاصمة في بيت صغير، كادت مريم أن تشعر ببعض الاطمئنان وخاصة عندما حملت بطفلها الأول، واهتمام رشيد الزائد بها لرغبته في ذلك الطفل، ولكن فقدت مريم الطفل وكذلك فقدت اهتمام رشيد ولم تر منه بعد ذلك سوى القسوة والضرب والإهانات لأتفه الأسباب، وذاقت مريم مرار العيش في سجنها الصغير مع رشيد.

وفي عام 1978 وبعد مقتل اليساري البارز مير أكبر خيبر، سمعت مريم لأول مرة لفظ شيوعي وشاهدت اندلاع الثورة في شوارع كابول والانقلاب ضد حكومة محمد داود خان، فانتشرت الطائرات الحربية في سماء المدينة واجتاحها دوي قصف شديد وخيوط دخان ملأت السماء، هاجمت الطائرات القصر الرئاسي وأحرقت الدبابات في محيطة فاستسلمت القوات الخاصة التابعة لداود خان وتم إعدامه في قصره الرئاسي من قبل الشيوعيين بعدما قتلوا عشرين فردًا من عائلته، وتولى الشيوعيون الحكم برئاسة نجيب الله.

وكان لمريم جارة اسمها فاريبا زوجة حكيم المدرس الوقور الذي كان يكرهه رشيد بشدة، رزقها الله طفلتها ليلى في نفس عام الثورة، ولكن لم تكن فاريبا أمًا حقيقية لليلى فقد كانت منعزلة طوال الوقت في غرفتها قلقة على والديها اللذان انضما للمجاهدين في الحرب ضد السوفييت، أما حكيم فكان الأقرب لها وقد حرص على تعليمها وذهابها إلى المدرسة لذلك كانت حياة ليلى تدور حول أبيها وصديقها طارق.

ساءت أحوال والدة ليلى بعدما علموا بوفاة أخويها أثناء الحرب، وفي نيسان عام 1988 وقع المجاهدون معاهدة سلام مع السوفييت وتقرر مغادرتهم للبلاد في كانون الثاني عام 1989 حيث تجمع الناس في شوارع كابول وكذلك ليلى وعائلتها وطارق لمشاهدة القوافل السوفييتية تغادر المدينة، ولكن لم يكن رحيل السوفييت عن البلاد نهاية النكبة ولكن كان بدايتها فلم يرض المجاهدون بحكم الشيوعيين للبلاد ونشبت الكثير من الصراعات بين النظام الحاكم والمجاهدين وفشل نجيب الله في توقيع معاهدة مع المجاهدين فاستسلم عام 1992 وتراجع عن الحكم وانتهت الحرب فعليًا ورجع المجاهدون إلى كابول.

تشكل مجلس للقادة وانتخبوا برهان الدين رباني رئيسًا والذي لم ترض له الجماعات الأخرى واعتبروا تعيينه بالواسطة والمحاباة للأقارب، تفاقمت المشاكل وقذفت الإهانات وانعقدت الاجتماعات الغاضبة، وفي الجبل عُبئت الذخيرة مجددًا بسرعة وتسلحت الجماعات المعارضة من المجاهدين، ولكن كانت الحرب مختلفة هذه المرة فقد كانت حرب بين المجاهدين بعضهم البعض يفتقدون فيها عدوًا مشتركًا، بدأت الصواريخ تمطر كابول وهرع الناس للاختباء وأصبح صوت الصفير الذي يسبق القصف عادة يومية ترعب الأهالي وتتعالى الصرخات وغيوم الدخان، تسرع الأيادي العارية في الحفر بين الأنقاض بجنون لتسحب ما تبقى من أم أو أب أو أخت.

لم يكن النوم يزور ليلى إلا بصعوبة مع كل تلك الصواريخ التي تحلق فوقها مشعة حتى أنه يمكن قراءة كتاب على ضوئها، وفي الصباح كانت أينما ذهبت ترى المجاهدين في كل مكان، كان القتال عنيفًا في كابول بين قوات الباشتون ومليشيات الهزاره، وقد سمعت ليلى أن قوات الباشتون كانت تهاجم بيوت الهازارات ويقتلون عائلات بأكملها، وأن الهزاره ينتقمون باختطاف المدنيين من الباشتون واغتصاب فتياتهم وقصف أحيائهم ويطلقون الرصاص على رؤوسهم ويعذبوهم بلا رحمة، ومنع حكيم ليلى في خضم كل تلك الأحداث من الذهاب إلى المدرسة وتولى تعليمها في المنزل، وكانت الفاجعة التي هزت ليلى هي إصابة صديقتها جيتي هي ومجموعة من الفتيات بصاروخ طائش أثناء عودتهم من المدرسة.

بدأت العائلات ترحل من أفغانستان فرارًا من الحرب الدامية التي اجتاحت البلاد، وكذلك قرر طارق صديق ليلى المقرب وحبيبها أن يرحل مع عائلته وعبثًا حاول إقناعها بالرحيل معه فلم ترد هي أن تترك عائلتها ولم تكن والدتها تريد أن تترك البلاد التي مات من أجلها أولادها، بعد رحيل طارق كانت الأيام تمر ثقيلة متشابهة على ليلى تحاول فيها إقناع والدتها بالرحيل ولكن يخيب أملها في كل مرة، حتى جاء اليوم الذي خرجت فيه ليلى عند بوابة البيت لتستتشق بعض الهواء حتى سمعت صوتًا غريبًا بالقرب من أذنها وشظايا الخشب في كل مكان وفتحة كبيرة في بوابة البيت سببها صاروخ المجاهدين الغادر.

بعد تلك الحادثة قررت فاريبا الرحيل فلم تكن مستعدة للتضحية بليلى هي الأخرى، وأثناء تجهيزاتهم للرحيل كانت ليلى تقوم بنقل بعض الصناديق خارج المنزل وفجأة سمعت صوت الصفير المرعب، نظرت إلى السماء وحمت عينيها بيد واحدة ثم سمعت صوت هدير غاصب وشيء حار يضربها من الخلف وسقطت على الأرض وكان آخر شيء رأته قبل أن تغيب عن الوعي قطعة مدماة من جسد أحمر يغلفه ضباب كثيف، استطاع رشيد إخراجها من تحت الأنقاض ونقلها إلى بيته حتى تعتني بها مريم.

عندما أفاقت ليلى كانت قد فقدت والديها وبيتها ولم يتبق لها سوى أمل إيجاد طارق، أمضت الأيام في بيت رشيد صامتة متعبة تحاول استعادة قواها للرحيل، ولكن كان لرشيد رأي آخر فقد استأجر أحدا ليخبرها أن طارق قد مات وبالتالي اختفى كل أمل لها في الحياة وعندما طلبها رشيد للزواج لم ترفض، كان رشيد يعاملها معاملة حسنة مقارنة بمعاملته لمريم حتى وضعت طفلتها الأولى والتي كرهها رشيد بشدة، فأصبحت معاملته لها أكثر قسوة وبدأ يكيل لها الإهانات والضرب.

كانت علاقة مريم وليلى متوترة في بداية الأمر ولكن سرعان ما تحسنت وأصبحتا صديقتين تعين كل منهما الأخرى على مر العيش في بيت رشيد، وفي عام 1994 تطورت الأحداث بين المجاهدين واشتد القتال وامتلأت الشوارع بالجثث وازداد القتل والنهب والاغتصاب، ومع كل تلك الأحداث وحياة رشيد التي لا تطاق قررت ليلى الرحيل مع ابنتها عزيزة ومريم، ولكن في يوم الرحيل وبعد ذهاب رشيد للعمل وانطلاقهما لموقف الباصات.

كان يجب عليهما العثور على أحد العائلات للسفر معها فقد كانت الحريات التي تمتعت بها النساء حتى عام 1992 في ظل حكم الشيوعيين قد اختفت، فمنذ سيطرة المجاهدين تغير اسم أفغانستان إلى الولاية الإسلامية الأفغانية وامتلأت المحاكم العليا برجال الدين الذين وضعوا قوانين على الشريعة الإسلامية الصارمة والتي تمنع سفر المرأة بدون قريب ذكر.

في النهاية وجدتا رجلًا تتوسمان فيه اللين وذهبتا إليه لطلب المساعدة ولكنه أبلغ قوات الأمن، ونقلتهما قوات الأمن إلى بيت رشيد الذي حبسهما لأيام دون طعام أو ماء بعد وصلة ضرب مبرح، عادت الحياة لطبيعتها في بيت رشيد ولكن كان أمل ليلى ومريم في الخروج مرة ثانية قد اختفى، وفي أيلول عام 1996 استيقظوا على صياح وصفير ومفرقعات نارية وموسيقى احتفالًا بدخول طالبان للبلاد، وكانت أول مرة تسمع مريم فيها بطالبان عام 1994 عندما استولوا على مدينة قندهار وأخبرها رشيد أنهم عصابات من شباب الباشتون الذين هربوا مع عائلاتهم إلى باكستان خلال الحرب مع السوفييت.

استولت طالبان على مدن جلال آباد وساروبي وصولا إلى كابول العاصمة، وكان لديهم شيئًا واحدًا لم يكن عند المجاهدين كانوا موحدين، خرج رشيد مع زوجاته لمشاهدة دخولهم للبلاد فشاهدوا رجلين يتدليان من بقايا بناء محطم كان أحدهما نجيب الله والآخر أخيه، قتله رجال طالبان بعدما عذبوه أربع ساعات متواصلة وربطوا ساقيه إلى شاحنة وجروه في الشوارع، وبدأ الرجال يعلنون القوانين الجديدة للبلاد من خلال إذاعتها في الراديو الذي أصبح يعرف بصوت الشريعة ومن خلال مكبرات صوت محملة على سيارات تجوب أنحاء البلاد أو قصاصات ورق مكتوبه.

وكانت تنص على وجوب صلاة المواطنين الخمس صلوات بالمسجد وإذا ضُبط أحدهم لا يصلي يجلد، على جميع الرجال تربية لحاهم بطول معين، ممنوع الغناء والرقص ولعب الشطرنج أو تربية الحيوانات، ممنوع اقتناء اللوحات المرسومة والتماثيل، وعلى غير المسلمين إجراء شعائرهم في سرية بعيدًا عن أعين المسلمين، ممنوع خروج النساء من المنزل وإذا خرجت يجيب وجود قريب ذكر ومن تسير بمفردها تجلد وتعود إلى بيتها، ممنوع على النساء التعلم والذهاب إلى المدارس.

ولم يكتفوا بذلك بل احتاجوا متحف كابول بالفؤوس وسحقوا التماثيل وأغلقوا الجامعات وحطموا شاشات التلفاز، أحرقوا الكتب جميعها ودمروا صالات السينما وحرقوا بكرات الأفلام، امتثل الجميع للأوامر ورشيد كذلك بل وكان سعيدًا بها، حتى جاء موعد ولادة ليلى لطفلها الثاني وعندما ذهبوا لمشفى السيدات الذي يكتظ بالنساء المتعبات فقد فصلوا مشافي النساء عن الرجال، كانت حالة ليلى تستدعي إجراء عملية قيصرية ولم يكن هناك مخدر في المشفى حيث كانت كل الأموال تذهب إلى مشافي الرجال واضطرت ليلى لتحمل ألم شق بطنها بدون مخدر حتى يخرج طفلها بأمان.

وفي عام 1999 أصبح عمر زلماي ابن ليلى عامان، كان يشبه والده إلى حد كبير يلاحقه أينما ذهب، وكان الوضع يتفاقم في بيت رشيد يزداد عنفه وكرهه لعزيزة وزادت الأمور سوءًا مع صعوبة الحالة المادية لرشيد وكثير من الناس في كابول بسبب الجفاف الذي ألم بالبلاد وجفاف نهر كابول، وفي عام 2000 كان الجفاف قد وصل لسنته الثالثة والأصعب، تحولت القرى إلى تجمعات من البدو تتنقل دائمًا بحثًا عن الماء والمراعي الخضراء لمواشيهم وعندما لم يجدوا نفقت الحيوانات فانتقلوا إلى كابول واستقروا على جانب تلة أرنينا في أحياء قذرة محشورين في أكواخ.

وساءت أحوال رشيد واضطروا إلى بيع كل شيء خاصة بعدما فقد رشيد محله لصنع الأحذية في حريق كبير ولم يجد عملًا بسهولة، خيم الجوع على المنزل واضطر رشيد للسرقة لإطعامهم ولم تكن أحوال الباقين في المدينة أفضل منهم، فقد سمعت مريم أن جارة لهم قد طحنت الخبز اليابس وخلطته مع سم الفئران وأطعمته لأبنائها السبعة وتركت الحصة الكبرى لنفسها.

قرر رشيد وضع عزيزة في الملجأ لتخفيف النفقات ووافقت ليلى مجبرة، ولم يكن رشيد يرافق ليلى كثيرًا لزيارة عزيزة وتضطر ليلى للخروج وحدها وتتحمل الضرب والإهانات من الرجال في الخارج، وفي يوم رافقهم رشيد وأوصلهم للبيت وذهب لعمله كبواب في الفندق، وبعدما رحل صدمت ليلى بطارق أمام بيت منزلها حكت له ليلى عن كل ما حدث معها وهي تبكي على ما أصابهما، وبعد رحيل طارق وعودة رشيد أخبره زلماي عن وجود طارق في المنزل صباح هذا اليوم، فاهتاج رشيد وانقض على ليلى وكاد يقتلها خنقًا حتى ضربته مريم بشيء صلب على رأسه عدة مرات حتى فارق الحياة.

طلبت مريم من ليلى الرحيل مع طارق والأولاد وظلت هي لتتلقى جزاء فعلتها، رحلت ليلى وتم محاكمة مريم وإعدامها رميًا بالرصاص، تزوجت ليلى من طارق وعاشا معا حياة بسيطة وهادئة بعيدًا عن كابول وظلمها، وشاهدا معًا أحداث 11 سبتمبر 2001 وانهيار البرجين الذي اهتز له العالم وشرعت القنوات الفضائية تتحدث عن أفغانستان وطالبان وأسامة بن لادن.

وفي عام 2002 أجبرت قوات الاتحاد الدولي طالبان على الانسحاب من العاصمة وأبعدتهم إلى الحدود مع باكستان وإلى الجبال، ووصلت قوات حفظ السلام إلى كابول وعين حامد كرزاي كرئيس مؤقت للبلاد، وحينئذ قررت ليلى العودة للوطن فقد كانت تريد أن تكون هناك عندما تصبح أفغانستان حرة، رجعت هي وطارق والأولاد لتجد كابول جديدة وتتنسم فيها الأمل وكانت تراودها ذكرى والديها ومريم كل يوم.

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص رواية هكذا كانت الوحدة للكاتب خوان خوسيه مياس.

تأملت حجم الأشياء كما لو كانت بانتظار أن ينبع من ذلك التأمل فكرة ما.. مفهوم ما .. أو ربما حكم ما يلخص معنى الحياة ! أو ربما اتجاه طريقها في حالة ما إذا كان ثمة طريق آخر لن يقودها إلى المقبرة.. لكن لم يحدث أي شيء”.

هكذا كانت الوحدة رواية للكاتب والقاص الإسباني «خوان خوسيه مياس – Juan José Millás». ولد خوان في عام 1946م بأسبانيا، درس الآداب والفلسفة في جامعة كوم بلوتس ويعتبر من أهم كتاب الأدب الاسباني المعاصر وحاز على العديد من الجوائز مثل جائزة «  نادال-Premio Nadal »عام 1990 عن روايته هكذا كانت الوحدة.

“فكرت والسماعة في يدها في أن هذه أفضل ساعة للرحيل عن ذلك العالم “.

حينما تلقت إلينا خبر وفاة والدتها عبر سماعة الهاتف من زوجها إنريكي كانت منهمكة في عملية إزالة الشعر عن ساقها اليمنى وبدلًا من البكاء والانهيار المصحوب لهذا الموقف تعلقت عينا إلينا بالساعة المعلقة في حجرة الصالون، الزمن يعبر بسرعة ستتوالى الأيام وستلحق بأمها.

 ألا يجعل ذلك موت أمها تأكيد لحدث مفروغ منه؟

على أي حال موت والدتها بالنسبة لها أمر حدث منذ زمن لطالما كانت علاقتها بوالدتها مضطربة كانتا دائمتا الشجار حتي إنها انقطعت عن زيارتها قبل وقت كبير من وفاتها، كان والدها يُرجع ذلك إلى كونهما متشابهتين كثيرًا من وجهة نظره على الأقل.

آلالام القولون وسيجارة

تمضي إلينا المراسم الجنائزية في حالة من اللامبالاة أو بالأحرى حالة من اللاوعي، ربما بسبب السيجارة التي دخنتها قبل مراسم الجنازة والتي تركتها تنام في سلام في تلك الليلة فطوال مراسم الجنازة كانت تمضي من اتجاه لآخر مشوشة.

بينما كانت تلاحظ زوجها إنريكي شديد التفاعل مع الآخرين لقد ورثت ابنتها مرسيدس تلك الصفة من والدها .

في الصباح التالي لمراسم الجنازة تستيقظ إلينا بحال أفضل بعدما عانت من نوبة الآلام قولون في وقت متأخر من ليلة الجنازة تذهب لتستحم وفجأة يتبدد ذلك الشعور ليحل مكانه شعور بالفراغ.

تذكرت وفاة والدها قبل ثماني سنوات لأول مرة تشعر بأنها يتيمة تحاول ألا تغرق في موجة بكاء تقرر بعدها أنها لن تذهب إلى مراسم الدفن كان على إنريكي خلق مئات الأعذار لإبنتها وأختها ليبرر غيابها.

بعد عدة أيام من انقضاء مراسم دفن والدتها تقضي إلينا نهار كان يمكن أن يصف بالجيد لولا مداهمة نوبة من نوبات الآلام القولون لها.

لقد خرجت في ذلك النهار وأخذت وجبة في إحدى المطاعم وتمشت في شوارع المدينة ولكنها شعرت بتوعك مُفاجئ انتهي بإغماء في إحدى مراحيض حضانة كانت الأقرب لها وقت حدوث ذلك.

حينما عادت إلى المنزل كانت أفضل لقد طلب لها العاملون في هذه الحضانة سيارة لتقلها، كان زوجها في المنزل يعد حقائبه عندما وصلت، “منذ متى وأنت تعمل في أيام الإجازات” تسأل إلينا فيجيب “أنه عليه حضور إحدى المؤتمرات المهمة”.

يثير ذلك شكوك إلينا فتغيبه الطويل عن البيت وسفرة متعللاً بالعمل حتى في أيام الإجازات وراءه شيء آخر.

تدرك إلينا جيدًا الهوة العميقة بينها وبين إنريكي لقد تغير كثيرًا منذ عرفته لقد تحول تقريباً من ذلك الشاب الطموح الذي أحبته إلي رجل لايهمه سوى جني الأموال وإجراء الصفقات التي تدر عليه الأرباح.

بالطبع هو فقط، لقد استثني إلينا من تلك الأعمال منذ زمن، فرصيدها تحت تصرفه تقريبًا.

على خلفية ذلك تتعاون إلينا مع إحدى مكاتب التحريات الخاصة لتأتيها الإجابة، نعم لقد كان يخونها زوجها لقد شاهده المحقق الخاص مع سكرتيرته في إحدى الفنادق بمدريد.

” فكرت إلينا أنها إذا رمت حجارة بداخل الدولاب لن تسمع له قرار عند ملامستها عمقه “.

يأتي يوم إفراغ شقة والدتها المتوفاة وتصر إلينا على عدم أخذ أي شيء من الأثاث، تتجول بالردهات وأخيرًا تقودها قدمها إلى غرفة والدتها حيث تجلس علي سرير والدتها تلمح بعض الرزم بجانب السرير، فتشرع في فحص هذه الرزم وتقرأ بعض الصفحات، إنها مذكرات أمها.

تسرع إلينا في إخفاء المذكرات بحالة من التوتر الشديد، تعود لبيتها  لتكمل القراءة، تقطع قرأتها طرقات الباب لم يكن إنريكي قد عاد بعد من السفر، وكذلك ليس من عادة مرسيدس ابنتها زيارتها في تلك الساعة المتأخرة في الحقيقة لا فتلك الساعة أو غيرها لو احتاجت شيء ستذهب مباشرة لأبيها.

فتحت الباب لقد كان خوان أخيها يحمل كرسي سرعان ما وضعه في إحدي زاويا الصالون وعلق على الحائط ساعة بنادول.

كان الكرسي والساعة في ذلك الوضع تمامًا في بيت والدتها و كثيرًا ما تشاجرت مع أمها على وضيعة تلك الساعة و الكرسي، رحل خوان بعد تناول الشاي ليترك إلينا وحيدة ولكن ليس تمامًا فقد كانت بصحبة الكرسي والساعة والمذكرات.

تتوالي التقارير الأسبوعية من وكالة التحقيق عن زوجها تقر التقارير بخاينته المستمرة وأعماله الغير قانونية .

فبدأت في تسميتها إلينا لا أعرف ماذا كانت لتسميني هيا لذلك أطلقت نفس الاسم على ابنتي الكبري”.

تتشبث إلينا بفكرة قرأتها في مذكرات والدتها وهي وجود  شبيه لكل إنسان أو قرين على الجانب الآخر من العالم يشعر ويتأثر به، يقرر نفس قراراته ويتألم حينما يتألم الآخر، وأننا مدينين لهذا الشخص الآخر الذي يشبهنا الذي لن نلقاه إلا في لحظتنا الاخيرة.

 أنقذت تلك الفكرة والدتها في طفولتها من الوحدة وإلينا أيضًا، ربما لذلك طلبت إلينا من المحقق الذي يراقب زوجها أن يتركه و يراقبها ربما أرادت أن تري نفسها من خلال شخص أخر كما فعلت والدتها ورأت نفسها من خلال قريناتها تلك.

قرأت في مذكرات والدتها وكان التاريخ في مذكراتها يشير إلى قبل وفاتها بعدة أيام أن ” إنه أخر يوم لي لقد زارتني قرينتي اليوم” لقد كانت هي من زارتها، لقد كانت إلينا نفسها.

“المقعد لكي أجلس عليه وأتخلص من هذا الخلط  والساعة لاقيس به مقدار التحول “.

إلينا تتلقى التقارير عنها تقرأها وهي في كرسي والدتها العتيق والساعة فوق رأسها تدق وتتبعها بمضي الوقت لقد طلبت من المحقق أن يكون ذاتيًا في تقريره عنها وقد كان.

لقد ذكر كل شيء إدمانها المخدرات الذي أصبح واضحًا على عينيها الغائرتين، استغلال زوجها المادي لها وبُعد ابنتها عنها، ولقد أكد ذلك البعد بينها وبين ابنتها أنها علمت بخبر حملها من أخيها خوان حينما التقته في إحدى المطاعم بناء على طلبها.

يطلب إنريكي مصاحبتها ليطلعها على أحد أعماله في بروكسل. لقد كانا كلاهما يعرفان تقريبًا إن تلك أخر عطلة لهما معاً، ولكن ما لفت نظر إلينا حقًا أنها لمحت امرأة تشبهها تعبر ردهة الفندق، إنريكي لم يرها لقد كانت قريناتها تُنبأها إن هذا الفصل في حياتها قد انتهى.

” قصصت شعري قصصته قصيرًا جدًا كفتاة صغيرة فكرت أنني كان يجب أن أقصه قبل أن أشغل شقتي الجديدة لأكمل التحول أنا إنسانة أخرى”.

تتقرر إلينا الانفصال عن إنريكي وتبدأ في استأجار شقة وتحاول البحث عن وظيفة، وبالطبع تنقل الكرسي والساعة للشقة الجديدة وتتلقى المزيد من التقارير الأسبوعية عن نفسها “لقد استأجرات شقة جديدة، ويبدو أنها تبحث عن وظيفة لقد شوهدت اليوم تذهب للتسوق وكانت تبدو بصحة جيدة وقل غوران عينيها “.

هكذا كانت تقرأ إلينا على كرسي والدتها في شرفة شقتها الجديدة التقرير الجديد عنها من محققها الخاص.

ملخص رواية “رادوبيس” للكاتب نجيب محفوظ

ملخص رواية “رادوبيس” للكاتب نجيب محفوظ

تعتبر الرواية واحدة من روايات الثلاثية التاريخية التي كتبها نجيب محفوظ والتي تضم رواية رادوبيس بالإضافة إلى روايتي عبث الأقدار وكفاح طيبة، وتميزت بأبعاد سياسية ألقت الضوء على الواقع المصري المعاصر من خلال صراع الملك مع السلطة الدينية وكيفية تعامله مع العصيان الشعبي الذي واجهه أثناء فترة حكمة وعلاقته بالجميلة رادوبيس.

تدور أحداث الرواية في مصر القديمة يوم الاحتفال بعيد النيل المقدس، كانت آبو عاصمة مصر تشهد جموع الشعب القادمين لمشاهدة موكب الملك والاحتفال بالعيد، تجمع الناس في الطريق الطويل الممتد بين قصر الملك ومعبد النيل وشق الجموع هودج رادوبيس الجميلة ليثير جلبة في أرجاء المكان ويلفت انتباه الجميع، كانت رادوبيس غانية صاحبة جمال فاتن يذيب القلوب تقيم في قصرها الأبيض الساحر في جزيرة بيجة بالقرب من العاصمة تستقبل فيه كبار القوم الذين يغدقونها بالهدايا الثمينة أملًا في نيل رضاها والنظر إلى وجهها المشرق.

مضت دقائق طويلة بعد وصول رادوبيس حتى بدأت طلائع الجيش تسير صفوفًا متراصة على أنغام الموسيقى الحربية، ثم ظهرت العجلة الفرعونية التي تحمل الملك الشاب تتقدم الموكب، تعالت الهتافات للملك وامتلأ الجو بالحماسة ولكن بين كل تلك الأصوات أفلت صوت يصيح ليحيي صاحب القداسة “خنوم حتب” وزير الملك ورددت خلفه عشرات الأصوات، أسرها الملك في نفسه وتحكم في غضبه ولم يبد على ملامحة أي تعبير.

تأثرت رادوبيس بما حدث ورجعت إلى قصرها مثقلة القلب تحمل معها صورة الملك في قلبها الذي لم يعرف الحب قبل رؤيته، وعند وصولها لحديقة القصر قررت أن تستحم في البركة عسى أن تتخلص من همومها وفي أثناء ذلك حلق نسر بالقرب من البركة واختطف صندلها الذهبي الثمين وطار بعيدًا وسط نظرات الدهشة والفزع من رادوبيس ووصيفاتها.

بعد انتهاء يوم الملك الطويل اختلى بصاحبيه سوفخاتب كبير الحجاب وطاهو رئيس الحراس، واستطاع حينها أن يعبر عن غضبه الشديد بسبب تلك الهتافات الغادرة، وكان الكهنة ثائرون على الملك الشاب لأنه يريد أن يأخذ بعض الأراضي المخصصة للمعابد والفائضة عن حاجتهم لبناء القصور والمقابر ليتمتع بحياة سعيدة عالية وتُمجد فترة حكمه في التاريخ ولكن رفض الكهنة كان صارمًا وحاولوا جاهدين أن يردوا الملك عن قراره بمساعدة خنوم حتب الذي يقف في صفهم ضد الملك، وفي أثناء حديث الملك الغاضب سقط على حجره صندل ذهبي ألقاه نسر من السماء وحلق مبتعدًا.

فحص الملك الصندل بعناية وعثر على صور فارس وسيم يقدم قلبه هدية على يديه المبسوطة نقشت على باطن الصندل، ومن النقش عرف سوفخاتب صاحبته وأخبر مولاه عن جمالها الأخاذ، أما طاهو فقد كان قلبه يخفق بشدة بسبب ولعه برادوبيس وحبه لها ورجاءه في رضاها عنه الذي لم ينله حتى الآن.

ذهب طاهو على الفور لتحذير رادوبيس وإعلامها بعزم الملك على زيارتها وحثها على السفر بعيدًا خوفًا من أن يتخذها الملك لنفسه ويحرم هو منها، ولكنها لم توله أي اهتمام وأعلنت عن رغبتها بلقاء الملك مما أثار حنق طاهو وغادر غاضبًا، وبعد رحيله ظلت رادوبيس مستيقظة مشغولة البال حتى غلبها النوم وفي اليوم التالي زارها الملك في قصرها ودار بينهما حديث قصير أسعد قلبها ووثق بينهما علاقة ستدوم طويلًا.

انتشر خبر علاقة الملك برادوبيس كالنار في الهشيم وثار حنق الشعب على الملك بسبب الثروة التي بددها تحت قدمي فاتنته، واستغل الكهنة الأمر لمصلحتهم وخطبوا في الناس ليشتعلوا غضبا ووصفوا الملك بالملك العابث، وتوترت العلاقة كثيرًا بين الملك وخنوم حتب وقلت اللقاءات التي تجمعهم فقرر خنوم حتب التحرك والذهاب إلى الملكه نيتوقريتس ليحثها على المساعدة ويعرض عليها التماسات الكهنة بشأن أراضي المعابد، مما دعاها للذهاب إلى الملك بنفسها لتعرضهم عليه وأن تترك كبريائها المجروح جانبًا بسبب رادوبيس وتقدم مصلحة البلاد أولًا ولكنها رُدت خائبة، وقرر الملك إعفاء خنوم حتب من منصبه وتعيين سوفخاتب مكانه.

ورأت نيتوقريتس أن لا تستسلم وتذهب إلى رادوبيس علها تستطيع أن تؤثر على الملك الشاب وترجعه عن قراره، ولكن رادوبيس أهانت الملكة إهانة بالغة ولم تلق الملكة من زيارتها سوى الألم والحسرة ورُدت خاسرة وانعزلت في مخدعها لا تلوي على شيء، أما رادوبيس فبدأت تفكر في حل ليتخلص الملك من أولئك الكهنة الذين يعكرون صفو حياتها مع حبيبها.

عرضت رادوبيس على الملك أن يحشد الجنود ليخرس الكهنة ويخلق علة وداع وهمي لحشدهم، فيرسل إلى ملك النوبة يطلب منه إرسال رسول برسالة كاذبة عن تمرد قبائل المعصايو التي عقد معها الملك صفقة سلام، الطعام الوفير لهم مقابل الأمان للقوافل التجارية، وعند ذلك يستطيع أن يحشد الجنود دون أن يثير حنق الشعب أو يلفت انتباه الكهنة، أعجب الملك بالفكرة ودهش بذكاء رادوبيس وسرعان ما أخبر بها صديقيه، وشرع في تنفيذها.

اختارت رادوبيس بنامون صبي المثال هنفر الذي شيد لها قصرها رسولًا يحمل رسالة الملك، كانت رادوبيس تثق به كثيرًا واستغلت ولعه بها وأقنعته بالذهاب وضمنت ولائه، ومضت الأيام ثقيلة في انتظار عودة بنامون الصغير من مهمته، وكان الملك صابرًا على خنوم حتب وزياراته المتعددة للأقاليم والتفاف الناس حوله حتى تتم خطته وينتقم لكرامته المهانة.

وبعد مدة ليست بقصيرة وصل بنامون لقصر رادوبيس ومعه رسول ملك النوبة بالرسالة الوهمية، وكان ذلك قبل عيد النيل بوقت قصير وهللت رادوبيس بعودة رسولها الأمين، وجاء يوم عيد النيل وكالعادة استقبلت آبو الوافدين للاحتفال ولكن هذه المرة كان الغضب يحتد في القلوب، ولم يأت الشعب للاحتفال ولكن أتى ثائرا على حاكمه، واشتبكت قوات الحرس مع بعض المتمردين وانتشرت الفوضى، وأمر الملك باجتماع عاجل مع سادة البلاد والكهنة وبدأ بتنفيذ خطته وإخبارهم بأمر الرسول وتمرد قبائل المعصايو الوهمي، فأثنى السادة على حشد الجنود والاستعداد للقتال، أما الكهنة فكان عندهم رأي آخر، فقام أحدهم في دهاء وأخبر الجميع أن قادة قبائل المعصايو جاءوا اليوم ليقدموا فروض الولاء والطاعة للحاكم ودخل الرجال القاعة وحييوا الملك ثم انصرفوا محطمين معهم خطة رادوبيس، أيقن الملك بالخيانة وظن بنامون واش لعين.

ازدادت اشتباكات الشعب مع القوات وارتفعت الهتافات الغاضبة ضد الملك والمطالبة بنيتوقريتس حاكمة للبلاد بدلًا عنه، قرر الملك الخروج لشعبه وحيدًا بعد أن قدمت له نيتوقريتس ولاءها، ارتدى زيه الحربي ووقف عند بوابة القصر وأمر الحراس بالانسحاب وانتظرهم في شموخ، عند دخول الجموع الغاضبة من بوابة القصر دهشوا للقاء الملك وحيدا يقف بين صاحبيه دون حماية، وتوقفوا لحظات صامتين إلا أن سهمًا غادرًا شق سحابة الصمت وأصاب الملك في مقتل فهوى ساقطًا بين أيدي طاهو وسوفخاتب الذين حملوه إلى داخل القصر تغمره دموع نيتوقريتس.

كان السهم نافذا وأدرك الملك نهايته فطلب منهم أن يرجعوه إلى رادوبيس ليموت بين يديها طالبًا من الملكة نيتوقريتس العفو والغفران فأمرتهم الملكة بتلبية طلبه، وعند وصوله لرادوبيس هالتها الصدمة واختنقت ببكاء مكتوم كاد أن يفجر قلبها من الحزن، وعندما لفظ الملك أنفاسه الأخيرة حضرت وصيفة نيتوقريتس لتعيد جثمان الملك إلى القصر وتم نقله رغم صرخات رادوبيس المتوسلة بأن يتركوه وكانت ذاهبة ورائه إلا أن طاهو أوقفها واعترف لها بخيانته للملك بسببها، فلم يطق فوز الملك بقلب رادوبيس الذي سعى له منذ زمن طويل فقرر الانتقام بالخيانة التي تسببت في موت الملك الشاب.

عندما رحل طاهو عن رادوبيس قررت بعدها إنهاء حياتها بالسم فلم يعد لوجودها في الحياة أهمية بعد كل ما حدث، ونقلتها وصيفتها لبلد أخرى حتى تستطيع دفنها بصورة لائقة لأنها كانت تعلم أنها لن تستطيع فعل ذلك في بلد لعن رادوبيس وجمالها إلى الأبد.

للمزيد من ملخصات الكتب

إقرأ أيضًا:

ملخص رواية بداية ونهاية لنجيب محفوظ

رحلة ابن فطومة ، ملخص رواية للكاتب نجيب محفوظ

ملخص كتاب تطور العقول الطريق إلى فهم الوعي للكاتب دانيال دينيت

ملخص كتاب تطور العقول الطريق إلى فهم الوعي للكاتب دانيال دينيت

“إن العقول هي الأرض المجهولة النهائية التي تتجاوز ما يمكن لأي علم أن يتوصل إليه” دانيال دينيت، كتاب تطور العقول.

يضم الكتاب خلاصة أبحاث وتأملات عدد من العلماء والفلاسفة عن فكر الإنسان ومحاولة تعريف العقل والوعي بشكل علمي، فيثير الكاتب دانيال دينيت الكثير من القضايا والأمور التي عدها البعض حقائق مسلم بها ولكن لا يلبث القارئ أن يتبين أنها ما زالت بحاجة إلى مزيد من البحث والنقاش، يعرض الكاتب أفكاره وخلاصة أبحاثة في ستة فصول يتناول كل واحد منها قضية معينة.

الفصل الأول: ما الذي يميز العقل البشري؟

يبدأ الفصل بعدة تساؤلات حول ماهية العقل وهل يمكننا معرفة ما يدور في عقل شخص آخر إذا لم يصرح هو بذلك؟ وهل يمكن للروبوتات أن تكون واعية إلى درجة شعورها بالألم؟ وهل يمكن أن يكون رأي رينيه ديكارت أن الحيوانات فيما عدا البشر هي “روبوتات بلا عقل” صحيحًا؟

يبدأ الكاتب بعرض أفكاره وإجاباته عن تلك التساؤلات أولا بالتفريق بين مصطلحي الأنطولوجيا والأبستمولوجيا، فالأول يعني علم الوجود أما الثاني فيدل على فلسفة أصل المعرفة، ويوضح أن إدراكنا لوجود الشيء مختلف تمامًا عن معرفتنا به، فمعرفتنا بامتلاكنا مخًا أمرًا بديهيًا كامتلاكنا طحالًا مثلًا، أما معرفتنا بالعقل والوعي فتختلف كثيرًا.

اعتبر الكاتب أن عقول البشر هي المعيار الذي يجب أن نبدأ منه إذا أردنا النظر في إشكالية صحة امتلاك الحيوانات للعقول، وإذا كان للحيوانات عقول فهل تشبه عقولنا أم لا، ووضح أن البشر كثيرًا ما يقعوا في أخطاء مثل وصف شيء بأنه عاقل وهو لا يمتلك عقل كعلاقة الصداقة التي تنشأ بين محبي النباتات ومزروعاتهم ومعاملتهم لها كأنها بشر تدرك ما يقولون أو أن يتجاهلوا شخصًا أو حيوانًا له عقل واعتباره غير واعي وغالبًا ما يترتب على هذه الأخطاء مشاكل أخلاقية خطيرة.

وإن امتلاك البشر للعقول أمر لا شك فيه ولكن ماذا عن العقول التي لا تتواصل؟ من الصعب جدا أن تعرف ما يفكر فيه أحد الأشخاص إذا لم يخبرك هو بذلك، وكذلك فهناك بعض الكيانات تمتلك عقولًا ولكنها لا تستطيع التعبير عما تفكر فيه بسبب افتقارها للمقدرة اللغوية ولكن ذلك لا ينفي امتلاكها للعقل، وبالدراسة وجد أن حتى من يمتلكون قدرة لغوية أحيانًا ما تقوم عقولهم بردات فعل أسرع من إدراكهم تحدث أوتوماتيكيًا لمواجهة بعض المواقف الخطيرة مثلا، لذلك افترض الكاتب أنه ثمة إمكانية أن بين تلك المخلوقات التي تنقصها اللغة يوجد منها من لا تمتلك عقل مطلقًا وإنما تكون مواجهتها للمواقف المتعددة في معيشتها تحدث أوتوماتيكيًا بدون وعي منها بذلك.

ثم عرض الكاتب المسار التطوري التاريخي للعقول وافترض أن العقول لم تكن دائمًا موجودة، وبما أننا نمتلك عقولًا فمعنى ذلك أننا تطورنا من كائنات ليس لها عقول تواجدت منذ أكثر من أربعة أو خمسة ملايين عام.

الفصل الثاني: القصدانية

تناول الكاتب في هذا الفصل تفسير معنى الموقف القصدي قياسًا على عمليات التطور التي حدثت منذ ملايين السنين، والموقف القصدي هو استراتيجية تفسير سلوك كيان ما سواء كان إنسان أو حيوان أو جماد ومعاملته على أنه عامل فعال عاقل يتحكم في اختيار أفعاله ومعتقداته، فمثلا لو نظرنا إلى الفيروسات فهي عبارة عن جزيئات كبيرة تتكون من أجزاء صغيرة تتفاعل معًا بصور معينة وتعطي بعض التأثيرات المذهلة كقدرة الفيروسات على نسخ نفسها لملايين النسخ دون عقل، حتى أن لها القدرة على ترميم وتطوير ذاتها لضمان بقائها ومع ذلك فإننا لا نعتبرها كائنات حية ومن وجهة نظر الكيمياء فهي مجرد بلورات.

وبالرغم من أن الفيروسات بلا عقل ولكن اعتبرها بعض العلماء المادة الأولى للكائنات الحية والأسلاف الأولية لكل كائن نعرفه الآن بما فيهم نحن البشر، مما يجعلنا نتشارك في سلف مشترك مع كل تلك الكائنات، كما أننا إذا نظرنا إلى عمل أجهزة جسم الإنسان المختلفة بدقة وتمعن فإننا نجد كل جهاز منها يشبه العقل، وتأثرها بعوامل أخرى وتأثيرها على بعضها البعض يشبه أعضاء الحس البدائية، وأفعالها تشبه الأفعال القصدية حيث أن لها تأثيرات ناتجة عن نظام عمل معين ومعلومات معينة ولها في عملها هذا هدف معين وتشبه في ذلك الفيروسات، وهكذا نستطيع إطلاق اسم “المنظومة القصدية” على أجهزة الجسم وكذلك على تلك الكيانات الصغيرة.

الفصل الثالث: الجسم وعقوله.

يوضح دانيال دينيت في هذا الفصل مبدأ الانتخاب الطبيعي، وكيف تتنافس الكائنات الحية على الموارد وبحثها عما تحتاج إليه في سبيل الحفاظ على وجودها، فالفيروسات مثلًا طورت من وسائل بسيطة نسبيًا للوصول إلى احتياجاتها، وبحثها عن تلك الاحتياجات لم يكن منظمًا أو مدروسًا بل كان عشوائيًا فهي في حالة بحث دائم عما هو أنسب للمحافظة على نفسها.

كما أن العمليات التطورية التي تنجتها الطبيعة في الكائنات الحية ليست دائمًا الأكثر كفاءة وإنما الأوفر في الطاقة، فالكثير من الطفرات التي تحدث في سبيل التطور تقوم فقط بإيقاف عمل چين معين دون إزالته فإزالة چين من الچينوم تتطلب الكثير من الطاقة، وتظل الچينات المعطلة موجودة في الچينوم ولكن لا يتم التعبير عنها، وقد يتاح استخدامها يومًا ما فقد يحدث وتتغير ظروف العالم لتجعل تلك الچينات القديمة هي الأفضل والأنسب.

ولا حاجة لوجود عقل أو وعي للكائنات حتى تتطور وتتبع مبدأ الانتخاب الطبيعي، فعلى سبيل المثال فإن النباتات ليس لها عقول ومع ذلك على مدار سنوات طويلة طورت الكثير من النباتات نفسها لحماية نفسها من آكلات العشب فكانت تطور بعض السموم كوسيلة دفاعية وبالمثل تطورت الأجهزة الهضمية لآكلات العشب لمقاومة تلك السموم، وكأن النباتات وآكلاتها عوامل عاقلة وفعالة مثل البشر.

تحدث تطورات الانتخاب الطبيعي بخطوات بطيئة جدًا حسب مقاييسنا، فقد كانت تستغرق تلك التغيرات ألوفًا من الأجيال، ولذلك يرى الكاتب أن بطء حدوث هذه التغيرات يمكن أن يخفي وراءه أفعال تعقلية وكأن لتلك النباتات مثلًا عقول تدير نشاطها بسرعة أبطأ بكثير من عقولنا فلا نلاحظها إلا بعد وقت طويل.

الفصل الرابع: كيف وصلت القصدانية لبؤرة الاهتمام؟

يطرح الكاتب في هذا الفصل إطارًا يضع فيه الخيارات المتنوعة لتصميم المخ وأسماه “برج التوليد والاختيار” وشبهه بالبرج ذي الطوابق، وكل طابق أو مرحلة منه تعطي علامات عن أوجه التقدم المهمة في القدرة الإدراكية للعقول.

وضع الكاتب في البداية التطور الدارويني بالانتخاب الطبيعي حيث تولد كائنات حية مطورة بطفرات مسبقة وعمليات تطويرية حدثت خلال ملايين من الدورات وفي فترة زمنية كبيرة، ووصفها الكاتب أنها عمليات اعتباطية تقريبًا، فعندما تتعرض تلك الكائنات للأخطار البيئية ينقرض منها البعض ويتبقى الأفضل بينهم والأكثر تكيفًا.

تكيف الكائنات الداروينية مع البيئة

بعد ذلك كانت الكائنات السكنرية نسبة إلى الفيلسوف “بورهوس فريدريك سكنير” الذي كان يتبع مذهب السلوكية، وهو مذهب معاصر في علم النفس يقتصر على دراسة السلوك دون النظر إلى الشعور أو الذهن ويعتمد على المنهج التجريبي، وكانت تلك الكائنات تتميز باللدونة، أي أنها اكتسبت الكثير من التغيرات أثناء معيشتها لتتكيف مع الأحداث المحيطة بها وتتخطى الأخطار وتحافظ على بقائها، وتتولد لديهم أفعال متنوعة يجربونها الواحد تلو الآخر ويستمرون على الأكثر نجاحًا منها، وكان سكنر لا يعتبر هذا التكيف مماثلًا للانتخاب الطبيعي وإنما امتداد له.

تكيف الكائنات السكنرية مع البيئة

ومع الثورة الإدراكية في سبعينيات القرن العشرين طرد مبدأ السلوكية من وضعه المهيمن في السيكولوجيا وفقد التكيف السكنري قدرته على التعبير، فعندما تترك البيئة لتلعب دورا في تشكيل العقل حتى وإن كان هذا الدور أعمى فهو دور انتخابي.

أما الكائنات البوبرية نسبة إلى الفيلسوف “السير كارل بوبر” الذي افترض أن الكثير من الكائنات السكنرية يظل باقيًا على قيد الحياة لأنها كانت محظوظة فقط، أما الكائنات البوبرية فهي بخلاف ذلك تظل باقية على قيد الحياة لأنها بارعة في التكيف، فتطورها ليس اعتباطيًا وإنما بناء على عوامل داخلية وخارجية دقيقة أدت لحدوث التغير المناسب معها.

تكيف الكائنات البوبرية مع البيئة

وأخيرا الكائنات الجريجورية نسبة لعالم النفس البريطاني “ريتشارد جريجوري” الذي اعتمد مصطلح الذكاء الحركي، فلاحظ جريجوري أن استخدام أداة مثل المقص مثلا يعزز من إمكانية الوصول لحركات جديدة لاستخدامه على نحو أسرع وأكثر أمانا، وكذلك أدرك علماء الأنثروبولوجيا أن استخدام الأدوات أمر مصاحب لزيادة الذكاء بصورة أساسية، كأفراد الشمبانزي التي تسعى في البرية وراء النمل الأبيض واستخدامها العصى لاصطياده من بيوته العميقة تحت الأرض، استخدام الشمبانزي للأداة كي تحصل على طعامها يعد علامة على الذكاء من اتجاهين، إدراكها لوجود أداة واستخدام الأداة للحصول على الطعام.

تكيف الكائنات الجريجورية مع البيئة

الفصل الخامس: خلق التفكير

يطرح الكاتب في هذا الفصل قضية قدرة الحيوانات على التفكير ومدى صحتها ويرى أن إحدى الخطوات المهمة نحو أن يصبح الكائن عاقلًا فعليًا هي أن يرتقي من منظومة قصدية من المرتبة الأولى إلى المرتبة الثانية وإلى الأعلى، فالمرتبة الأولى هي أن يمتلك الكائن اعتقادات ورغبات حول أشياء مختلفة أما الثانية هي أن يتكون اعتقادات وآراء حول اعتقادات موجودة مسبقًا، والمرتبة الثالثة أن تتولد الرغبة في شيء معين وهكذا مع كل مرتبة أعلى تضاف رغبة أو قدرة ما.

ولكن الكاتب يرى أن الانتقال من الأولى إلى الثانية هي الخطوة الأصعب، أما الانتقال إلى المراتب الأعلى فيكون سهلا حتى أنه يكاد يكون لا إراديًا، وبالرغم من أن فكرة القصدانية ذات المراتب العليا خطوة مهمة نحو التقدم في تمييز أنواع العقول إلا أنها لا تعتبر الحد الفاصل بين مهارة التفكير وعدم التفكير من الأساس، وعرض بعض الأمثلة لتوضيح وجهة نظره وكان أولها هو أمر “الاستعراض لصرف الانتباه” الذي تستخدمه الطيور ذات الأعشاش المنخفضة للدفاع عن صغارها، عندما يقترب كائن مفترس من العش تتحرك خلسة بعيدًا وتبدأ بإحداث جلبة ملفتة للنظر مما يؤدي لابتعاد الكائن المفترس عن العش في اتجاه الجلبة بصورة نمطية تاركًا وراءه الوليمة السهلة التي طرحت أمامه، كذلك الأرانب البرية التي يمكنها تقدير حجم الحيوان المفترس الذي يهاجمها وبالتالي تحدد مدى الخطر المهدد لها فإما أن تركض أو تتوقف عن الحركة تمامًا حتى لا يلاحظها الحيوان المفترس، وهذه التصرفات تكاد تكون أمرًا تلقائيًا وليس لأن الأرانب والطيور لها القدرة على التفكير، وكأن عقول هذه الكائنات مجهزة بقائمة كبيرة تشمل أنواع كثيرة من السلوك وردات الفعل مرتبطة بإشارات إدراكية لتضع رد الفعل المناسب في المواقف المختلفة، وهذه الحيوانات لا تحتاج إلى أن تعرف أكثر من ذلك.

الفصل السادس: عقولنا والعقول الأخرى

يضع الكاتب في هذا الفصل مقارنات بين العقل البشري وقدراته وبين عقول الحيوانات الأخرى، فقبل أن يتمكن أي كائن حي من التفكير كان هناك كائنات حية بلا عقل ولا تفكير ذات قصدانية فجة، تعتبر آلات تقوم بمتابعة مسارها في الحياة دون أدنى فكرة عما تقوم به أو حتى سببه، ومع مرور فترات زمنية طويلة وتغير الظروف تغيرت هذا الكائنات كاستجابة ملائمة لتلك الظروف، فأصبحت بعض هذه الكائنات قادرة على الصيد مثلًا ولكنها لا تفكر في أنها تصطاد فهي ليست بحاجة لأن تعرف وكأنها تقوم بتلك الأعمال تلقائيًا.

ولو اعتبرنا أن مثل هذه التصرفات بلا وعي هي قدرة على التفكير فيمكننا القول أن هذه الكائنات تفكر ولكنها لا تعرف أنها تفكر، أي تفكير بلا وعي، كما أن البشر أحيانًا يقومون بأعمال تلقائيًا بلا تفكير كتنظيف الأسنان بالفرشاة أو ربط الأحذية أو ممارسة السواقة، ولكن معظم هذه الأنشطة التي تقوم بها أمرها مختلف تمامًا وذلك لأننا نستطيع أن نفكر فيها بطرق لا تستطيع الكائنات الأخرى الوصول إليها، فقيادة سيارة مثلًا لا يمكن أن تصبح عمل نقوم به بسهولة وبلا تفكير إلا بعد مرور فترات طويلة من التدريب، حيث إن امخاخنا تحسن من نفسها عندما نتعلم لغتنا الخاصة ونتذكرها ونعيد التدريب عليها.

ثم عرض الكاتب بعض التجارب التي أجريت لتوضيح الاختلاف بين العقول البشرية وعقول باقي الكائنات، وكان أهمها تجربة أجريت في زمن الحرب العالمية الأولى قام بها عالم السيكولوجيا الألماني “ولفجانج كوهلر” على قرود الشمبانزي ليرى نوع المشاكل التي يمكن أن تحلها بالتفكير، وهل تستطيع الشمبانزي أن تحصل على الموز المعلق في قفصها باستخدام بعض الصناديق المكومة، ولكن كانت النتائج محبطة فلم تستطع معظم قرود الشمبانزي أن تحل المشكلة والبغض الآخر حلها بصعوبة كبيرة بعد عدد كبير من التجارب والمحاولات ومع وجود كل وسائل حل المشكلة مرئية وواضحة أمامها.

وبسبب هذه التجربة وردت للكاتب الكثير من التساؤلات أهمها، هل تستطيع الشمبانزي أن تستدعي داخل عقلها عناصر حل المشكلة إذا كانت غير مرئية أمامها مثل قدرة البشر على ذلك؟ والإجابة غير دقيقة ولا معروفة لأنها لا تزال تحت الدراسة، كما ذكر الكاتب التجارب التي أجريت لتفنيد أنواع العقول من العقول البدائية وحتى وصولنا إلى نوع الوعي الذي نتمتع به نحن البشر الذين يستخدمون اللغة، وهذا النوع من العقول فريد جدا وله قدرات كبيرة عن أي نوع آخر، ثم ناقش الكاتب العلاقة بين الألم والمعاناة والوعي، والتمييز بين الألم والمعاناة مثل معظم التمييزات غير العلمية في حياتنا اليومية وهو أمر غير واضح تمامًا، وأنهى الكاتب الكتاب بحشد كبير من الأسئلة كما بدأه تتزاحم في رأس كل من يقرأه.

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص كتاب “تنانين عدن: تأملات عن تطور ذكاء الإنسان” لكارل ساغان

ملخص كتاب “الوعي” لسوزان بلاكمور

اقرأ أيضًا “هل سيعتبر العلم الحديث الفيروسات كائنات حية؟”

ملخص رواية “انقطاعات الموت” للكاتب جوزيه ساراماغو

ملخص رواية “انقطاعات الموت” للكاتب جوزيه ساراماغو

تُعد راوية انقطاعات الموت رواية فلسفية موجعة يطرح فيها الكاتب أسئلة لا حصر لها عن علاقتنا بالزمن فنحن نموت دائمًا في النهاية، فماذا لو توقف الموت عن قتلنا؟ ما معنى الموت أصلًا؟ ولماذا نموت؟ في الرواية يتوقف الموت عن القتل ويصبح فيها منتهى آمال الناس وغايتهم، فهل من الممكن أن نمتن لما نخاف منه؟

تبدأ الأحداث في يوم من أغرب الأيام التي مرت على البشرية قاطبة، ففي ذلك اليوم لم يمت أحد!، أربع وعشرون ساعة دون أن تحدث حالة وفاة واحدة بمرض أو سقطة قاتلة أو حتى حالة انتحار، واستمر الوضع لعدة أيام متتالية وكأن الموت اختفى من البلاد وترك أرواح المتعبين والتعساء معلقة لا تتمنى إلا أن يعود الموت ويخلصها من عذابها.

باختفاء الموت بدأ الهلع والاضطراب يسري في جميع أنحاء البلدة وعَلت العناوين الرنانة والمرعبة صفحات الصحف اليومية، اهتزت الأجهزة المسؤولة في الدولة أمام تلك الظاهرة الفريدة من نوعها، فكيف للدولة أن تحل المشاكل المترتبة على اختفاء الموت؟ كيف تتحمل كل تلك النفقات؟ بدأت المشاكل تنهال على رأس الحكومة وكان بدايتها اعتراض مؤسسات التجارة الجنائزية على الوضع الراهن وتقدمهم بالشكاوى للحكومة، فقد فقدت تلك المؤسسات مادة تجارتها الأولية وأصبحوا أمام كارثة الإفلاس، حاولت الحكومة حل المشكلة عن طريق إلزام مربي الحيوانات الأليفة أن يقوموا بدفن وإحراق جثث حيواناتهم عندما تموت من خلال تلك المؤسسات، لم يكن الحل مرضيًا ولكنه كافيًا في الظروف الراهنة.

أما المستشفيات الخاصة والحكومية فقد بدأت تكتظ بالمرضى بعد أن توقفت العملية الدوارة المعهودة لمرضى يشفون ومرضى يموتون، ازدادت أعداد المرضى أصحاب الأمراض والحوادث الخطيرة التي كان من المفترض أن تودي بحياتهم، بدأت المستشفيات تضع المرضى في الممرات وبدأت تنفذ الأسرة ويسوء الوضع، وبناء على هذه الحالة المزرية أصدرت الحكومة أوامرها أن يتم نقل المرضى من هذا النوع إلى رعاية أسرهم بعد التأكد من انعدام الأمل في تحسنهم.

وبعد مرور عدة أشهر في تلك الأزمة جاء وقت السؤال الأقسى على الإطلاق “ماذا سيحدث للمسنين؟” فقد امتلأت دور المسنين عن آخرها وكادت تفيض، قررت الحكومة حل المشكلة عن طريق تصورات لبناء منشآت كبيرة يوضع فيها العجزة وكأنها مقابر للأحياء تلقى فيها الشيخوخة الوبيلة والمحتومة الرعاية مثلما يشاء الرب، لأنهم لا يدروا لمتى سيستمر هذا الوضع فأيامهم بلا نهاية.

كان وضع المرضى والعجزة المعلقة أرواحهم يفطر القلب فلا سبيل لخلاصهم سوى الموت، فكر أحد الأجداد الذي سأم من وضعه المحزن وأمر أهله أن ينقلوه خارج حدود البلاد حيث لا زال الموت موجودًا لتنال روحه الراحة، انصاعت الأسرة لأمر الجد وقاموا بنقله في الخفاء إلى خارج حدود البلدة وفاضت روحه إلى السماء ثم دفنوه أسفل شجرة وعادوا إلى بيتهم يلتهم الحزن قلبهم، وبرغم تكتمهم الشديد حول تلك العملية إلا أن جارهم قد علم بالأمر وسرعان ما انتشر الخبر في أرجاء البلاد كالنار في الهشيم، ولقت الأسرة أبشع الأوصاف والمسبات ونددت بهم كل الصحف ووصفوا تلك الحادثة بأنها انحطاط للقيم الأسرية.

بعد ثمان وأربعين ساعة من هذه الحادثة جرت ممارسات مماثلة على كل المناطق الحدودية للبلاد، فتزاحمت العربات والبغال وسيارات الإسعاف المزيفة تحمل الأجساد الهامدة لخارج حدود البلاد، مما أثار امتعاض البلدان المجاورة وأعلنوا المعارضة لانتهاك أراضيهم بهذا الشكل، واستجابت الحكومة لأوامر تلك البلدان بالرغم من أنها لم تكن تنظر بعين السوء لما يحدث، فذلك يخفف العبء عن عاتقها قليلًا.

انتشرت القوات على الحدود لتمنع مرور الجثث للبلدان المجاورة فلم تكن البلاد في حالة تسمح لها بدخول حرب مع أيا من تلك البلدان، وبعد مرور أيام من وجود القوات تلقت الحكومة تهديدًا من مؤسسة إجرامية تريد أن تنقل الراغبين في الموت لينالوا حقهم الطبيعي وهذا بالتأكيد يتم بمقابل مادي مغري جدًا، استجابت الحكومة لمطالب تلك المؤسسة بشرط عندما يحصد الموت الأرواح تعود الجثث وتدفن في البلاد وأن يظل الجنود في أماكنهم حتى لا يُثار غضب البلدان المجاورة، وكانت الحكومة متعاونة مع المؤسسة الإجرامية لدرجة أنها أرسلت بموظفين للعمل بدوام كامل لمصلحة تلك المؤسسة.

وفي تلك الفترة المشؤومة توالت عمليات الاستغلال والنهب، لم يكن كل شيء على هذا القدر من القذارة في تلك البلدة عندما كان هناك موت، أصبحت البلاد مقسمة بين الأمل في الحياة الدائمة والخوف من عدم الموت ففسدت الأرواح وتلطخ القليل المتبقي من مبادئ الزمن الغابر الحميدة.

وفي الجزء الأخير من الرواية يرمز الكاتب للموت بأنه كائن حي يستطيع أن يتواصل مع البشر ويراهم ويصدر أوامره لهم، ففي يوم كان هو نهاية تلك الأيام الغريبة التي مرت بها البلاد لسبعة أشهر وجد المدير العام للتلفزيون ذلك المغلف بنفسجي اللون على مكتبه، وعندما فتحه كاد قلبه يتوقف من الصدمة وأسرع بالتواصل مع الوزير الأول للبلاد وأطلعه على محتوى المغلف والذي هو رسالة من الموت تؤكد رجوعه من جديد.

أمر الوزير بإذاعة الخبر وأعلن حالة الطوارئ، ومع بداية اليوم الجديد كانت أكثر من مجزرة فخلال السبعة أشهر تراكم أكثر من ستين ألف محتضر فارقوا الحياة جميعًا في آن واحد تولى أمرهم مؤسسات التجارة الجنائزية التي كانت أسعد من استقبل خبر رجوع الموت، أما من رحبوا بالخلود في السابق فقد كانت صدمة عنيفة بالنسبة لهم لاع قلبهم بسببها، أما الصحف فكانت جميعها تحمل رسالة الموت مطبوعة وموقعة باسمه يعلن عن عودته ورجوع ميزان الحياة كما كان.

رجع الموت ولكن باستراتيجية عمل مختلفة فكان يبعث ذلك المغلف بنفسجي اللون إلى كل من انتهى دوره في هذه الحياة، بمجرد وصول المغلف إليه يكون أمامه أسبوعًا كاملًا حتى تقبض روحه، كانت هذه الاستراتيجية وبالا على الناس فأصبح الجميع في حالة من الخوف والقلق وأصبح اللون البنفسجي لونًا شيطانيًا بالنسبة لهم، وظنوا أن الموت ينتقم منهم بهذه الطريقة المخيفة لإنهاء حياتهم.

وفي إحدى المرات واجهت المنية صعوبة في إرسال المغلف لأحد البشر فكلما أرسلته عاد إليها مرة أخرى، فقررت أن تتحقق بنفسها أمر هذا البشري العنيد وعندما ذهبت إليه وجدته عازف بسيط، بل هو بسيط في كل شيء، شكله وملابسه وحتى بيته، وقعت المنية أسيرة عزفه وموسيقاه وفي كل مرة تجد نفسها عاجزة عن ممارسة سطوتها وقوتها أمامه، وكأن حدود الموت تنتهي أمام الفن.

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص رواية العمى لجوزيه ساراماغو

ملخص رواية “الحارس في حقل الشوفان” للكاتب جيروم سالنجر

ملخص رواية “الحارس في حقل الشوفان” للكاتب جيروم سالنجر.

“إن الإنسان الذي يسقط لا يسمح له أن يحس أو يسمع نفسه وهو يرتطم بالقاع، إنه يواصل السقوط فحسب” جيروم سالنجر، رواية الحارس في حقل الشوفان.

أثرت رواية الحارس في حقل الشوفان في الكثير الأجيال وقد أصبح “هولدن كولفليد” بطل الرواية رمزًا للتحدي والتمرد عند المراهقين، فقدت كانت الرواية غاضبة وثائرة على كل الزيف والخداع الذي يختلقه ويعيش فيه البشر.

تبدأ أحداث الرواية بتلقي هولدن خبر طرده من مدرسته، لم تكن هذه المرة الأولى التي يطرد فيها فقد طرد من عدة مدارس قبل ذلك بسبب إهماله لدروسه لأنه لم يكن يجد نفسه فيما يدرسه، لم يهتم كثيرًا بطرده من تلك المدرسة على الرغم من أنها واحدة من أفضل المدارس في المنطقة لكنه كان يرى أن كل ما يقال حول المدرسة ما هو إلا عرض زائف ورخيص فلم تكن مثالية مثلما وصفوها ولم يكن طلابها الأفضل بل كانوا مجرد مراهقين مزعجين ومزيفين.

كان هولدن يتشارك غرفته مع فتى من أشهر فتيان المدرسة يدعى ستراد ليتر، كان من النوع الرياضي مفتول العضلات وله جسم متناسق وشعبية هائلة بين الفتيات، لم يكن هولدن يكرهه ولكنه كان يمقت تقديسه لذاته وغروره، وفي يوم نشب شجار عنيف بينهما بسبب أن ستراد ليتر كان على موعد مع فتاة كان هولدن يعرفها من قبل وكان يكن لها مشاعر جيدة ولكنه لم يحدثها منذ مدة طويلة، فاشتعل غضبًا من استراد ليتر ولكنه جمح زمام نفسه، ثم طلب منه استراد ليتر أن يكتب له موضوعًا لمادة الإنجليزية التي كان هولدن بارعًا فيها، ووافق هولدن حتى يشغل نفسه عن الضيق الذي شعر به عندما علم بأمر الفتاة.

قرر هولدن أن يكتب الموضوع عن قفاز أخيه الصغير آلي الذي مات بسرطان الدم منذ فترة، وقد أثر موته كثيرًا في هولدن فقد كان أفضل صديق له وعند موته أصيب هولدن بنوبة عصبية قام فيها بتكسير زجاج جراج منزله بالكامل وجرح يده جرحًا بليغًا مازال يؤثر على حركة يديه حتى الآن، كان هولدن دائمًا ما يتذكر آلي في أوقاته التعيسة ويحادث طيفه عله يخفف عنه قليلا ويزيل عنه ببراءته وحشة العالم.

شرع هولدن في كتابة الموضوع واصفًا قفاز أخيه وكيف كان يكتب عليه الأشعار التي يحبها حتى يتسلى بها في وقت فراغه أثناء التدريب، وعندما عاد ستراد ليتر من موعده ورأى الموضوع سخر منه وأغضب هولدن كثيرًا حتى قام الأخير بتمزيق الموضوع وإلقاءه في القمامة، فانقض عليه استراد ليتر وأوسعه ضربًا حتى نزف أنفه.

قرر هولدن بعد المشاجرة أن يترك المدرسة ويذهب إلى نيويورك حيث يقيم والداه ولكنه لن يعود إلى المنزل، فلم يشأ العودة حتى يتلقى والده خبر طرده من المدرسة لذلك قرر المكوث في فندق حتى يحين موعد رجوعه الأساسي للبيت.

كان هولدن مشتت عاطفيًا وفكريًا يقتله الصراع الداخلي مع نفسه، كان يرى دائمًا في زملائه ومدرسيه صفات النفاق والنزيف والتصنع، كان يمقت الجميع عدا أخيه آلي وأخته الصغيرة فيب، بعد وصول هولدن إلى الفندق قرر الاتصال ببعض أصدقائه القدامى وقضاء بعض الوقت معهم على الرغم من كرهه لزيفهم إلا أنه مضطر للتعامل معهم فهو لا يفضل الوحدة، وبالفعل استجاب له الكثير منهم ولكنه في كل مرة كان يفسد الأمر بسبب انزعاجه من سلوكهم.

بعد قضاء بعض الوقت الذي لم يكن جيدًا على الإطلاق قرر هولدن أنه يريد رؤية أخته الصغيرة فيب والتي كانت تفتنه بجمالها وذكائها وأناقتها بالرغم من أنها طفلة، ولكن قرر رؤيتها دون علم والديه وتم الأمر بالفعل حيث استطاع دخول البيت في أثناء غياب والديه ورآها ودار بينهما حديث طويل سألته فيه فيب عما إذا كان يعرف ما يريد أو ما يحب حقًا.

وضع هذا السؤال هولدن في حيرة وحزن وللحظات لم يكن يعرف إجابة السؤال وشعر بأنه فارغ، ثم تمالك نفسه وأخبرها أنه يحب أن يكون حارس في حقل الشوفان الذي يقع على التلة يحمي الأطفال فيه من السقوط في الهاوية أثناء لعبهم، وكأنه بذلك الخاطر يتمسك ببراءة طفولته ورفضه للوقوع في هاوية عالم البالغين الزائف.

بعد انتهاء لقاءه مع أخته وإدراكه أن نقوده كادت أن تنفد، قرر المكوث عند أحد معلميه الذي كان يكن له الكثير من الود والاحترام، وعند وصوله دارت بينه وبين معلمه مناقشة حاول المعلم فيها إقناعه بأهمية العلم والمعرفة والتمسك بالأخلاق على الأقل حتى يستطيع التعبير عن ذاته، ولكن هولدن كان مرهق إلى حد الموت فتركه المعلم لينام على الأريكة وبالفعل استغرق هولدن في النوم بعد استلقاءه على الأريكة بلحظات ليستيقظ في منتصف الليل ويجد أستاذه يجلس بجانبه ويداعب خصلات شعره!، تملك هولدن الفزع والاشمئزاز وغادر بيت مضيفه وقضى ليلته في المحطة المركزية للبلدة.

وفي صباح اليوم التالي قرر هولدن عدم الرجوع للبيت والسفر بعيدًا جدًا حيث لا يرى أحدُا من معارفه هناك ولكنه كان يريد أن يرى فيب قبل رحيله، فبعث إليها في المدرسة ليخبرها بأمر سفره وضرورة مقابلته لها قبل الرحيل، وإذا به يفاجئ بها تحمل أمتعتها وتريد السفر معه، وبخها كثيرًا حتى بكت وقطعت دموعها قلبه فأذعن لها ورجع معها إلى البيت.

وفي نهاية حكاية هولدن كولفليد بعد ذهابه إلى المصحه النفسية ليستعيد شتات روحه ويستعد للذهاب إلى مدرسة جديدة وبعد انتهاءه من سرد كل ما حدث معه وأودى به إلى هذا المصير، كتب كولفليد:

“لا تروي ما حدث لك لأي كان، لأنك إن فعلت فستكون النتيجة افتقادك لكل هؤلاء الذين تحدثت عنهم”

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص كتاب “تنانين عدن: تأملات عن تطور ذكاء الإنسان ” لكارل ساغان

ملخص كتاب “تنانين عدن: تأملات عن تطور ذكاء الإنسان” لكارل ساغان

يقدم كارل ساغان في هذا الكتاب دراسة رائعة عن نظرية التطور والدور الهام الذي لعبته في تقدم علوم البيولوجيا، فيقول الكاتب في مقدمة كتابه أن مدة التطور أو التغيير الوراثي كانت طويلة جدًا في الماضي فتحول نوع إلى نوع آخر يستغرق مئات الألوف من السنين ولكن الآن عملية التطور لا تحتاج فترة طويلة فنحن نعيش في عالم يتغير بسرعة بالغة، وأضاف أنه برغم أننا أحيانًا نصنع هذه التغيرات بأنفسنا إلا أننا يجب أن ننتبه لها وإلا اندثرنا.

كما ناقش الكاتب مبدأ التطور بالانتقاء الطبيعي الذي لاحظه وكتب عنه تشارلز داروين وألفرد راسل في منتصف القرن التاسع عشر، فمن خلال الانتقاء الطبيعي ظهرت كائنات أكثر توافقًا مع البيئة عن طريق نمو أعضاء مركبة تخدم تغيير الحياة من حول هذه الكائنات وتقلل من خطر الفناء، وتابع الكاتب في شرح وجهة نظره في أجزاء مختلفة من نظرية التطور مقسمًا إياها في تسعة فصول.

الفصل الأول: التقويم الكوني

يرى الكاتب أنه بالرغم من أن هناك أزمانًا سبقتنا لا نعرف عنها الكثير لعدم وجود سجلات مكتوبة عنها إلا أننا نستطيع التعامل مع الماضي السحيق عن طريق دراسة الطبقات الجيولوجية مثلًا أو عن طريق دراسة الكواكب البعيدة ومجرة درب التبانة ومعرفة الوقت منذ حدوث الانفجار العظيم الذي قد يكون بداية الكون حقًا أو قد يكون انقطاعًا عن الحياة السابقة.

ثم ذكر الكاتب طريقة للتعبير عن التاريخ الكوني عن طريق ضغط 15 بليون سنة التي تعتبر عمر الكون وتمثيلها في سنة واحدة فقط وعرضها كما في الجداول الآتية.

الفصل الثاني: المخ والجينات

وضح كارل ساغان، أن مع التطور البيولوجي للكائنات الحية ازداد التركيب الجيني تعقيدًا، والكائنات الحية اليوم تحتوي على معلومات جينية مخزونة، أكثر بكثير من تلك الكائنات التي كانت تعيش من مائتي مليون سنة مثلًا، كما أن أبسط الكائنات الموجودة اليوم، لها تاريخًا تطوريًا مثل الكائنات الأكثر تعقيدًا، حتى وإن كانت كمية المعلومات الموجودة في أجسادها لا تزيد كثيرًا عن تلك التي كانت موجودة في أجدادها، ولكنها شاهدت تطورًا كبيرًا غير من تلك المعلومات على مدار سنوات طويلة.

ثم أعطى الكاتب لمحة بسيطة عن المادة الوراثية في الكائنات الحية، وتكونها من أحماض نووية تنقسم إلى نوعين (Deoxyribonucleic acid-DNA) و(Ribonucleic acid-RNA)
وذكر الكثير من التفاصيل للوحدات المكونة الأحماض النووية وتركيبها، ثم أضاف أنه من الممكن الحكم على تعقيد كائن حي بمجرد دراسة سلوكياته وكمية المعلومات الوراثية الموجودة في داخله.

وتطور الكائنات الحية على مدار السنوات السابقة كان بسبب حدوث طفرات في مادتها الوراثية وقد تحدث الطفرات بسبب تعرض الكائن الحي الإشعاع مثلًا أو الأشعة الكونية، وعلى الرغم من أن معظم تلك الطفرات يستطيع الجسم إصلاحها عن طريق نظام معين يدعى (Genetic repair mechanism) وهو عبارة عن مجموعة من الجزيئات هدفها الأساسي إصلاح أي خلل في المادة الوراثية، ولكن هناك طفرات مستعصية لا يستطيع النظام إصلاحها فتغير من الكائنات الحية لتستطيع مواكبة التغيرات الدائمة المحيطة بها.

وتحدث طفرة في كل عشرة أمشاج في الكائنات الحية الكبيرة وتحدث عشوائيًا وتكون بأكملها ضارة وتسبب صفات متنحية لا يظهر تأثيرها في الحال ولكن يظهر على المدى الطويل.

ثم طرح الكاتب تساؤلًا عن كمية المعلومات التي توجد في المخ وناقش فرضيتين مختلفتين واحدة تفترض أن أجزاء المخ متماثلة القدرات حيث يمكن لأي جزء من أجزاء المخ أن يحل محل أي جزء آخر ولا يمكن حصر لمكان الوظيفة، أما الثانية تفترض أن أجزاء المخ محددة الوظائف، أما رأي الكاتب أن الحقيقة تقع بين الفرضيتين فيمكن أن تكون هناك روابط عصبية بين وظائف المخ لضمان الجودة والحماية من الحوادث فعند وجود خلل في مكان ما يمكن أن يقوم جزء آخر بأداء وظيفة المكان التالف.

ثم ناقش العلاقة بين نسبة وزن المخ إلى وزن الجسم ونسبة ذكاء الكائنات الحية، فيولد الطفل البشري ونسبة وزن مخه إلى وزن جسمه حوالي 12% وخلال الثلاث سنوات الأولى من عمره يستمر المخ وخاصة جزء القشرة المخية في النمو، أما في سن السادسة فيكون وزن المخ البشري حوالي 90% من وزنه عند الراشدين، كما وضح أن وزن المخ عند الرجال أكبر من النساء ولكن لا اختلاف في نسبة الذكاء بين الجنسين ونسب ذلك إلى أن كتلة أجساد الرجال أكبر من النساء وبالتالي فإن نسبة وزن مخهم إلى جسدهم لا تختلف كثيرا عن النساء وبالتالي لا تختلف نسبة الذكاء.

ولكن تلك الفرضية لا تنطبق على الحيوانات الصغيرة جدًا لأن أداء بعض الوظائف الحيوية يتطلب حد أدنى من وزن المخ.

الفصل الثالث: المخ والمركبة

يطرح الكاتب في هذا الفصل بعض وجهات النظر فيما يتعلق بقضية تطور المخ والتي تشترك جميعها أن بعد كل خطوة تطورية تبقى الأجزاء القديمة كما هي لأنها مهمة لما تؤديه من وظائف لازمة للحياة أما الطبقات الجديدة المضافة تؤدي وظائف مختلفة لازمة لمواكبة تغيرات الكون.

كان بول ماكلين رئيس معمل تطور المخ والسلوك في المؤسسة الوطنية للصحة النفسية يلعب دورا أساسيا في تأكيد تلك النظرية، فقد كان ماكلين يجري تجاربه على العديد من الحيوانات واستطاع استنتاج ووصف نموذج جذاب لتكوين المخ أطلق عليه اسم المخ الثلاثي وشبهه بثلاث آلات حاسبة بيولوجية متصلة ببعضها البعض ولكن لكل منها ذكاء خاص ووظائف خاصه حتى إحساس خاص بالزمان والمكان، وكل واحد من هذه الأجزاء يمثل مرحلة تطورية معينة ويمتلك خريطة تشريحية خاصة.

وقد اعتبر ماكلين أن أقدم أجزاء المخ يتكون من النخاع الشوكي والبصلة (Medulla oblongata) والجسر الذي يتكون من المخ الخلفي والأوسط، والاتحاد بين النخاع الشوكي وهذين الجزئين يكون ما أسماه ماكلين بالشاسية العصبي الذي يحتوي على الآلية الأساسية للتكاثر وحفظ النوع وتنظيم الدورة الدموية والتنفس، ووصل في نهاية أبحاثه إلى أن مخ الأسماك والبرمائيات يتكون من هذه الأجزاء فقط.

وافترض وجود ثلاثة أنواع من الشاسية العصبي يوجد أقدمها حول المخ الأوسط ويتكون من أجزاء معينة تتشارك فيها الثدييات والزواحف وأغلب الظن أنه ظهر منذ مئات السنين وأسماه ماكلين (Reptile complex) أو (R complex) أو مركب “ز”.

وتتشابه فرضيات ماكلين مع نظرية إرنست هيكل عالم التشريح الألماني في القرن التاسع عشر، والتي وضح فيها أن نمو الجنين يصحبه إعادة تكرار للمراحل التطويرية التي مر بها، واستنتج من هذا أن الانتقاء الطبيعي يعمل على الأفراد البالغين وليس على البويضات والأجنة وأن أغلب التغيرات التطويرية تظهر بعد الولادة وأن التطور بالإضافة والاحتفاظ بالقديم يحدث لأن الوظيفة القديمة ما زال الجسم في حاجة إليها أو أنه ليس هناك طريقة للتخلص من الأجزاء القديمة دون أن يتأثر الجسم.

الفصل الرابع: تطور الإنسان

إن وقوع الحشرات والحيوانات ضئيلة الحجم من مكان مرتفع لا يسبب لها أي أذى أما إذا سقط الإنسان من فوق شجرة مثلا فقد يتسبب ذلك في قتله أو إصابته بعاهة لأن وزنة كبير، لذلك فإن الإنسان القديم ساكن الأشجار كان عليه الانتباه فأي خطأ في الانتقال من شجرة إلى أخرى قد يكون قاتلا.

نرى أن أجدادنا ساكني الأشجار كان لديهم عناصر مهمة اكتسبوها بالانتقاء التطوري فاكتسبوا الرشاقة والخفة وقوة الإبصار وتوافق اليد والبصر، وكل هذه الصفات تتطلب نموا كبيرا للمخ وخاصة القشرة المخية وبالتالي فإن ذكاء الإنسان الحالي يعزى إلى ملايين السنين التي عاشها أجدادنا فوق الشجر، لذلك افترض الكاتب أن خوف الأطفال الدائم من السقوط هو بقايا خوف أجدادنا من السقوط من أعالي الأشجار وحلمنا الليلي بالطيران اشتياق لتلك الأيام.

ثم عرض كارل ساغان بعض أنواع الأحياء التي ظهرت منذ ملايين السنين مثل كائنات الهومو هابيليس (أول إنسان حقيقي) وكان هذا النوع يسير على الأقدام ويصنع الأدوات أما الاسترالوبيثكيس اختلف قليلًا عن جنس الهومو هابيليس فلم يكن يعتمد على قدميه بشكل تام في السير وكان هناك نوعين من الاسترالوبيثكيس أحدهما قوي وأكثر طولًا ووزنًا وله أسنان تتناسب لطحن البقول، والثاني أكثر رشاقة ويمتلك أسنان حادة ويأكل اللحوم.

وفي النهاية أضاف الكاتب أن نمو الثقافة البشرية وتطور الخواص الفسيولوجية للإنسان متصاحبان منذ البداية، فكلما زادت قدرتنا على العدو والاتصال والقدرات اليدوية زادت القدرة على صنع الأدوات وتحسنت استراتيجيات الصيد والقدرة على الحياة، وكما قال عالم الأنثروبولوجيا الأمريكي شيروود شبورن ” أن من الأرجح اعتبار أن تكويننا ناتج عن ثقافتنا وليست ثقافتنا ناتجة عن تكويننا”.

الفصل الخامس: التجريد عند الحيوانات

كانت فكرة التجريد عند الحيوانات موضع اختلاف كبير بين العلماء، فقد اقتنع العالم جون لوك أن الحيوانات لا تجرد أما المطران بركلي رأى أنه إذا كانت جملة الحيوانات لا تجرد تستعمل لتمييز الحيوانات فإن العديد من الرجال سيصبحون في عداد الحيوانات.

أما الاعتقاد السائد أن الحيوانات ليست على جانب كبير من الذكاء قد تم نفيه بعد الكثير من الدراسات التي أجريت على الحيوانات لبيان مدى ذكائها واكتشفنا بعد هذه الدراسات أننا نخلط بين غياب القدرة على التعبير عن الذكاء وغياب الذكاء نفسه، فكما قال الفيلسوف مونتاني أن النقص الذي يمنع تواصلنا مع الحيوانات قد يكون عندنا وعندهم على حد سواء.

الفصل السادس: قصص من غشاوة عدن

هذا الفصل يطرح تساؤلات حول العلاقة بين الأحلام وتطور الإنسان، فقد رأى الكثير من العلماء والفلاسفة أن القدرة على فهم طبيعة الأحلام وأهميتها واحدة من أهم مميزات تطور الذكاء الإنساني.

ثم ناقش الكاتب فائدة النوم وأهميته للجسم وكيف أن الجسم يبدأ في إفراز كيميائيات عصبية تجبرنا على النوم وذلك في حالة عدم النوم لفترات طويلة، فيعتبر النوم فرصة للجسم لتنظيف وتنظيم المخ بعيدا عن مشاكل الحياة اليومية، واعتبر العلماء النوم خاصية اكتسبت بالتطور.

يتوقع العلماء أنه إذا لم توجد حاجة بيولوجية قوية للنوم فإن الانتقاء الطبيعي سينتج حيوانات لا تنام، فمعظم الحيوانات المعرضة للافتراس تكون في خطر أثناء نومها كمان كان الإنسان القديم في خطر أثناء نومه.

وإن النوم بأحلام أو بدون أحلام يعتمد على أسلوب حياة الحيوان وذلك وفقًا لدراسة أجرتها تروديت أليسون ودومينيك سيشتي في جامعة بيل، وكانت نتائج هذه الدراسة أن الحيوانات المفترسة تحلم أكثر من الفريسة التي عادة ما تنام نوم متقطع بلا أحلام.

الفصل السابع: محبون ومجانين

يقول كارل ساغان أن البشر والحيوانات لديهم قدرات كبيرة على المعرفة تفوق قدراتهم على التحليل، فلا يولد الإنسان وفي مخه أرشيف منظم للوجود وصنف الكاتب نوعين من المعرفة، المعرفة التي لا نعرف مصدرها والتي يطلق عليها باسم معرفة بديهية وهناك النوع الآخر والذي يسمى التفكير العقلاني الذي اكتسبه البشر بالتطور وعمره لا يزيد عن بعض مئات ألوف السنين.

ثم ناقش بعض التجارب التي أجريت عن ذكاء الشمبانزي، وكانت أول تجربه جادة من هذا النوع دراسة قام بها ألفرد راسل والاس في أندونيسيا عندما وضع طفل الأورانجوتان(رجل الغابة) مع طفل إنسان في نفس الظروف ووجده يتصرف مثله تماما.

وكنتيجة للتفكير في تلك التجارب اكتشف عالم النفس بياتريس روبرت جاردنر أن بلعوم الشمبانزي وحنجرتها لا يتناسبان للنطق الإنساني، فيقول جاردنر أن الشمبانزي قد تكون لها قدرات لغوية قادرة على التجريد ولكنها غير قادرة على التعبير عنها بسبب قيود على أدواتها التشريحية.

ثم وضع الكاتب مقارنة شيقة بين شقي المخ والمهام الوظيفية التي يقوم بها كل شق ودعم كلامه ببعض التجارب التي أجريت على أساس تم قطع الجسم الثفني الذي يصل بين شقي المخ، كانت تلك التجارب تجرى على مرضى الصرع لتقليل من النوبات التي يصابون بها، كان قطع الجسم الثفني يقلل عدد النوبات ولكنه يخل بعمل المخ ويكون له آثار جانبية غريبة على المرضى.

الفصل الثامن: تطور المخ في المستقبل

يرى الكاتب أن المجتمعات البشرية غير محبة للإبداع ودائمًا ما تواجه اقتراحات التغيير بالشك، وكانت الثقافات القديمة الحادة رافضة تماما للتغيير، كما أن التغيرات الاجتماعية والتكنولوجية الضخمة في القرون الأخيرة جعلت العالم يرتبك، فنحن لا نعيش في مجتمعات تقليدية ساكنة ولكن حكوماتنا تقاوم تلك التغيرات فنتصرف كأننا نعيش في هذه المجتمعات.

ثم بدأ الكاتب كالعادة يربط تلك الفكرة بالمخ والعقاقير الحالية المؤثرة في السلوك والمعدلة للمزاج والتي تعمل على مناطق معينة من مركب “ز” والجهاز الطرفي والقشرة المخية.

الفصل التاسع: قدرنا هو المعرفة

في هذا الفصل يتفكر الكاتب في البحث عن الذكاء خارج الكوكب، ويرى أن اقتراحات البعض أن وسيلة الحوار مع من هم خارج الكوكب ستكون التخاطر وهمًا ولا يوجد عليها أي دليل.

ويرى الكاتب أنه بمجرد نشأة حياة في بيئة مناسبة تتيح لها البقاء بلايين السنين فإن الكائنات الحية التي تعيش في تلك البيئة سيكون طريقها للتطور مختلف تمامًا عن طريقنا وذلك لاختلاف الظروف التي ستمر بها عن ظروفنا بالتأكيد، وأن أمخاخهم تختلف تشريحيًا وفسيولوجيًا وكيميائيًا وذلك لأن ماضيهم التطوري يختلف عنا وبالتالي سيتكون للمخلوقات خارج الأرض أجزاء مكتسبة بالتطور كما هو الحال مع الكائنات الأرضية.

ثم يوضح أهمية شغف المعرفة والسعي للوصول للحقائق وإطلاق العنان للتفكير ومحاولة كشف أسرار الطبيعة بالرغم من المعوقات التي سيلقاها المفكر في طريقه، وذكر مقوله برونوسكي في كتابه صعود الإنسان “نحن حضارة العلم وهذا يعني أن حضارتنا تلتحم فيها المعرفة والنزاهة وإن كلمة Science تعني المعرفة والمعرفة هي قدرنا”.

للمزيد من ملخصات الكتب

Exit mobile version