كيف نتحكم في المفاعلات النووية؟

في حادثة تشيرنوبل، أدت تجربة روتينية إلى كارثة عالمية. وكان السبب في ذلك أخطاء فادحة في اتخاذ قرارات حول التحكم بالمفاعل النووي، حيث أدى قرار برفع كل أعمدة التحكم (التي تتحكم بدرجة الانشطار النووي) إلى إفلات السيطرة على التفاعلات في قلب المفاعل. فكيف يتم التحكم في المفاعلات النووية؟ وكيف نتأكد أن أحد المفاعلات لن يخرج عن السيطرة أثناء تشغيله؟

التحكم  في المفاعلات النووية

يتم التحكم في المفاعلات النووية عن طريق التحكم في «دفق النيوترونات-Neutron Flux» (كمية النيوترونات التي تخترق مساحة معينة في الثانية) داخله. ويحدث هذا بفضل قضبان التحكم التي يمكن رفعها أو تغطيسها في قلب المفاعل حسب الحاجة. فعندما نريد رفع قدرة المفاعل (كمية الكهرباء التي نريد إنتاجها) مثلًا، نرفع قضبان التحكم إلى أن نصل إلى القدرة المطلوبة ثم نعيد تغطيس جزء منها حتى لا تظل القدرة في ازدياد. وتحكم هذه العملية عدة عوامل تجعل التحكم في المفاعلات أكثر تعقيدًا مما يبدو عليه. ذاك أن التحكم في التفاعل التسلسلي الذي يحدث داخل المفاعل يستدعي حساب بعض المعاملات كمعامل التضاعف الفعال، الذي يحدد ما  إذا كان المفاعل تحت السيطرة أم لا. بالإضافة إلى هذا، فإن تقادم المفاعل النووي يسمم الوقود مما يؤدي إلى تأثيرات جانبية يجب التعامل معها ضمانا لاستمرار عمل المفاعل بشكل طبيعي [1].

التفاعل التسلسلي

في التفاعل التسلسلي، يدخل نيوترون مقذوف في تفاعل مع نواة انشطارية فتنقسم هذه النواة باعثة معها عدة نيوترونات جديدة (بين 2 و3). وتدخل هذه النيوترونات في عمليات انشطار جديدة. وهكذا، نجد أن نيوترونًا واحدًا قد يؤدي –نظريًا- إلى عدد لا نهائي من التفاعلات (انظر الشكل 1). وهنا يأتي دور أعمدة التحكم التي تمتص جزءا من هذه النيوترونات حتى لا يخرج التفاعل عن السيطرة. ويحدد عدد الأعمدة المغطوسة بالإضافة إلى مستوى التغطيس (طول الجزء المغطوس في قلب المفاعل) نسبة النيوترونات الممتصة [1].

الشكل 1: التفاعل التسلسلي داخل المفاعل النووي

معامل التضاعف الفعال

يحدد معامل التضاعف الفعال keff ما إذا كان عدد النيوترونات داخل قلب المفاعل يتزايد مع الزمن. ويمثل نسبة النيوترونات المنبعثة بين جيلين من التفاعل التسلسلي، أي  معدل النيوترونات المنبعثة بين انشطار والذي يليه. ويكون المفاعل في أحد من ثلاث حالات حسب قيمة Keff:

  • في حالة keff < 1، يتباطئ التفاعل التسلسلي، أي أن عدد النيوترونات المنبعث يتناقص من جيل لآخر. وتوصف هذه الحالة بأنها “دون حرجة”، حيث نحاول فيها إما إيقاف المفاعل أو خفض قدرته.
  • في حالة1 = keff ، يبقى عدد النيوترونات ثابتًا مع الزمن. أي أن نيوترونا واحدًا يَنتج عن عملية انشطار ما، ليُسهم في الانشطار الذي يليه. وهكذا يبقى عدد التفاعلات ثابتًا وتبقى معه قدرة المفاعل ثابتة أيضا، وهو ما يسمى بالحالة “الحرجة” للمفاعل.
  • أما في حالة keff > 1، فإن التفاعل التسلسلي يتسارع، حيث يظل عدد النيوترونات يتزايد أسِّيا من جيل لآخر. وفي هذه الحالة تتزايد قدرة المفاعل فيكون في حالة “فوق حرجة”.  وقد يؤدي استمرار هذا الوضع إلى خروج المفاعل عن السيطرة كما حدث في تشرينوبل.

ويمكن أن نصف حالة المفاعل بمعامل آخر هو «التفاعلية-Reactivity»، ويرمز له ب  ρ. ويكتب بدلالة keff كالتالي:

وحسب المعادلة فإن التفاعلية تكون منعدمة في الحالة الحرجة. بينما تكون موجبة في الحالة فوق الحرجة وسالبة في الحالة دون الحرجة [1]. وفي العادة، نستعمل التفاعلية في وصف تطور المفاعل وليس المعامل keff.

دورة حياة النيوترون

تبدأ حياة جيل من النيوترونات بانبعاثها من الانشطار النووي ثم تمر بمرحلة التباطؤ (يتم إبطاؤها حتى تصير حرارية) ومن تم تنتهي بامتصاصها في الانشطار الذي يليه. وخلال عبورها لهذه المراحل، يمكن أن تختفي بعض النوترونات وتظهر أخرى. فعند انبعاث نيوترون إثر انشطار نووي، فإنه إما يدخل في انشطار جديد فينتج جيلا جديدا من النيوترونات، أو يُفقَد من خلال امتصاصه من بعض المواد غير الانشطارية أو من خلال تسربه خارج قلب المفاعل. وهكذا، فإننا نبدأ بنيوترون حراري واحد تمتصه نواة انشطارية فينتج عنها عدة نيوترونات سريعة. تحاول هذه الأخيرة أن تتباطئ لتصير حرارية بدورها، فيُفقَد منها من فقِد عبر الشرود خارج قلب المفاعل أو عبر اقتناصه من قبل نواة غير انشطارية، ويتضاعف جزء منها بفضل الانشطار السريع -الذي ينشأ عن النيوترونات السريعة. وتشكل النسبة التي نجحت في أن تصير حرارية وتخلق انشطارًا نوويًا قيمة keff (انظر الشكل 2) [2].

الشكل 2: دورة حياة جيل من النيوترونات داخل قلب المفاعل

صيغة العوامل الستة

تحدد «صيغة العوامل الستة-six-factor formula» قيمة keff انطلاقا من ستة عوامل متضمنة في دورة حياة النيوترون. وتكتب المعادلة على الشكل التالي:

حيث يمثل η «معامل التكاثر-reproduction factor» الذي يعطي نسبة النيوترونات المنتجة بعد الانشطار الحراري (الرقم 1 في الشكل 2).

أما ε  فهو «معامل الانشطار السريع-fast fission factor»، ويَحسُب نسبة النيوترونات التي أُنتِجت عن طريق الانشطارات غير الحرارية أي تلك التي حصلت أثناء عملية إبطاء النيوترونات (الرقم 2 في الشكل 2).   

وبالنسبة ل p، فإنه يعبر عن احتمالية وصول النيوترونات إلى الحالة الحرارية دون أن يتم امتصاصها (الرقم 3 في الشكل 2)، ويسمى «احتمال الهروب الرنيني-resonance escape probability».

بينما يعطي «معامل الاستعمال الحراري-Thermal utilization factor f» احتمالية امتصاص النيوترونات الحرارية داخل الوقود (الرقم 4 في الشكل 2).

وأخيرا نجد PNL الذي يمثل احتمالية عدم تسرب النيوترونات خارج المفاعل. ويمكن كتابته على الشكل:

PNL =  PNLT* PNLF

حيث يمثل   PNLT احتمالية عدم التسرب بالنسبة للنيوترونات الحرارية و PNLF احتمالية عدم التسرب بالنسبة للنيوترونات السريعة. وتتعلق احتمالية عدم التسرب هذه بشكل المفاعل وتصميمه. ومن أجل التخلص من هذه التبعية، تم اعتماد ∞k الذي يمثل معامل التضاعف في وسط لا نهائي حيث لا وجود لأي تسربات. وهو ما يعرف أيضا ب « صيغة العوامل الأربعة- four-factor formula» [2]. 

ختامًا، نجد أن قيمة معامل التضاعف تلعب دورًا محوريًا في التحكم في المفاعل، حيث يتم رفع أو إنزال أعمدة التحكم حسب الحالة التي نريدها. لكن المؤسف في الأمر، أن معامل التضاعف لا يخضع فقط لمستوى إنزال أعمدة التحكم، بل إن تقادم المفاعل يسمم الوقود النووي، حيث تتراكم نواتج الانشطار النووي وتسبب تغيرات كبيرة في قيمة معامل التضاعف يجب أخذها بعين الاعتبار أثناء تشغيل المفاعل. وهذا ما سيكون موضوع المقال القادم.

المصادر

[1] Physique des Réacteurs Nucléaires

[2] Nuclear Reactor: Physics and Engineering

المادة المظلمة، أحد أكثر ألغاز الفضاء تعقيداً.

تعد المادة المظلمة أحد أعقد ألغاز الكون, فلماذا حصلت على هذا اللقب؟ و ما علاقتها ببداية تشكل الكون؟

ما هي المادة المظلمة؟

محاكاة للمادة المظلمة

يطلق على المادة المظلمة “The Dark Matter” العديد من المسميات الأخرى، مثل المادة المعتمة، أو المادة السوداء. وهي مادة فرضية تم إيجادها بشكل فرضي من قبل العلماء لتفسير جزء كبير من كتلة الكون. فقد تم الإستدلال عنها وعن خصائصها عن طريق دراسة آثار الجاذبية التي تظهر على المواد و العناصر المرئية في الكون، مثل الغبار الكوني، والسُدم، و غيرها. ووفقا ً لمعطيات فريق مرصد بلانك التابع لوكالة الفضاء الأوروبية “ESA” التي ظهرت في 21 مارس عام 2013. فإن المادة المظلمة تشكل ما نسبته 26.3% من مكونات الكون. و من الأسباب التي دفعت العلماء لوضع نظرية المادة المظلمة هو تفسير الكتلة الضخمة للكون. فبالنظر إلى كتلة الأجسام و المواد القابلة للرصد في الكون نجد أن كتلتها أقل بكثير من كتلة الكون الفعلية. فتم إسناد الفرق في الكتلة إلى المادة المظلمة. حيث أنها تشكل ما نسبته 84.5% من مجمل كتلة الكون، وذلك حسبما ورد عن فريق مرصد بلانك.

وتظهر في الصورة المرفقة توهج غاز موجود بالفضاء نتيجة لتأثره بقوة جاذبية كبيرة من عدد من المجرات و العناقيد المجرّية. و لكن عند حساب قوى الجاذبية الكلية المؤثرة عليها، فإننا نجد أنها تتجاوز المجموع النظري لكل مجرة على حدا. و بالتالي أسندت الجاذبية الزائدة إلى المادة المظلمة.

وقد صرح العلماء بأن المادة المظلمة تتكون بشكل أساسي من جسيمات دون ذرية غير محددة، ويجب الإشارة بأنه لا يمكن رصد المادة المظلمة بواسطة التلسكوبات، لأن المادة المظلمة لا تمتص و لا تبعث الضوء أو أي إشعاعات كهرومغناطيسية أخرى على أي مستوى هام. [1] [2]

المادة المظلمة، وبداية الكون.

في بدايات الكون الأولى بعد الانفجار العظيم، شكلت المادة المظلمة أحد اللبنات الأساسية في خلق الكون المعروف لنا حالياً. حيث أنها ساعدت في إضاءة النجوم الأولى منذ حوالي 20-100 مليون سنة بعد الانفجار العظيم. وذلك حسبما ورد عن العالم بيتر برجمان، والعالم ألكسندر كوسينكو من مجامعة كاليفورنيا، فقد أظهرا أن المادة المظلمة تحتوي على نيوترونات عقيمة. وإن هذه النيوترونات العقيمة عندما تضمحل تسرع من عملية خلق جزيئات الهيدروجين. و هذه العملية هي التي تساعد على إضاءة النجوم. وقد اتفق العلماء على أن النيوترونات العقيمة لها كتلة وقد تم معرفة ذلك من خلال قياس ذبذبات النيوترونات. وهذا ما قاد العلماء إلى افتراض وجود النيوترونات العقيمة موجودة داخل المادة المظلمة. حيث أن تلك النيوترونات لا تتفاعل بشكل مباشر، و لكنها تتفاعل من خلال خلطها مع النيوترونات العادية. وهذا ما يفسر ضخامة الكتلة المفقودة في الكون، و هذا ما أدى إلى ظهور فرضية المادة المظلمة بالتتابع.[1]

علماء افترضوا وجود المادة المظلمة.

اعتمد الكثير من العلماء على وجود المادة المظلمة في حساباتهم بشكل أساسي. فكان أول من افترض وجود المادة المظلمة كان عالم الفلك الهولندي “جان أورت-Jan Oort”. حيث استخدمها لحساب السرعات المدارية للنجوم في مجرة درب التبانة عام 1932. و بعدها استخدمها العالم الألماني “فريتز زفيكي-Fritz Zwicky” للحصول على تفسير مقبول للكتلة المفقودة المطلوبة نظرياً للسرعات المدارية للنجوم في المجرات. وقد استخدمت نظرية المادة المظلمة أيضاً من قبل العالمة الأمريكية “فيرا روبين-Vera Rubin” لحساب سرعة دوران المجرات حول نفسها. وعلى الرغم من اعتماد العلماء بشكل كبير على المادة المظلمة في الكثير من الحسابات الفلكية إلا أنه تم إيجاد العديد من الفرضيات الأخرى لتفسير الشذوذ الكبير والغير متوقع في حركة النجوم في المجرات بناءً على حسابات الجاذبية. مثل نظرية STVG والتي قام بصياغتها العالم “جون موفات-John Moffat” عام 2014 حيث استخدمت بنجاح في حسابات دوران المجرات حول نفسها، و أيضاً لتفسير ظاهرة عدسة الجاذبية.[1] [2]

المادة المظلمة، ونظرية بيرمان وكوسينكو.

جاءت نظرية بيرمان وكوسينكو مؤيدةً لنظرية المادة المظلمة. حيث تهتم نظرية بيرمان وكوسينكو بالظواهر الفلكية الغير مفسرة و منها المادة المظلمة.

حيث ينتج عن انفجار “مستعر أعظم-Supernova” شيءٌ يسمى بالبولسرات. وهي عبارة عن نجوم نيوترونية تدور بسرعة عالية جداً تصل أحيانا إلى مئات أو حتى آلاف الكيلومترات في الثانية الواحدة. مصدر هذه السرعات يبقى مجهولاً و لكن تتبع حركة البولسرات عن طريق النيوترونات العقيمة الموجودة في المادة المظلمة.[3] [1]

أنواع المادة المظلمة.

تنقسم المادة المظلمة إلى نوعين، المادة المظلمة الباريونية، و المادة المظلمة الغير باريونية.

المادة المظلمة الباريونية تشكل جزء صغير جدا من المادة المظلمة. حيث تتكون المادة المظلمة الباريونية من الباريونات فقط. وهي جزيئات ذرية مركبة عبارة عن جزيئات لا تحتوي على ذرة ثقيلة من البروتونات أو النيترونات أو مزيج من كليهما. توجد المادة المظلمة الباريونية في الأجسام فائقة الكثافة في الفضاء مثل الثقوب السوداء، والنجوم النيوترونية ،والأقزام البيضاء.

محاكاة للثقب الأسود

أما المادة المظلمة الغير باريونية فإنها تشكل الجزء الأكبر من المادة المظلمة الموجودة في الفضاء. ولا توجد الكثير من المعلومات عنها.[1]

المصادر

  1. Wikipedia
  2. NASA
  3. THE NATURE OF LIGHT DARK MATTER

ماهي أنواع المفاعلات النووية وكيف يتم تصنيفها؟

منذ اكتشاف الطاقة الهائلة التي تنتج عن الانشطار النووي، تسابقت القوى العضمى في تطوير مختلف أنواع المفاعلات لاستخلاص هذه الطاقة. وتعددت المفاعلات حسب الغرض من الاستخدام وحسب إمكانات الدول، فنجد مفاعلات تستعمل اليورانيوم الطبيعي في الدول الغنية به، بينما تنحو الدول التي تفتقر إليه إلى عملية التخصيب. ويمكن تصنيف المفاعلات حسب مكوناتها ومبدإ عملها. فعلى أي أساس تُصنّف المفاعلات النووية؟ وما هي أنواع كل صنف؟

تصنيفات المفاعلات النووية

 تنقسم المفاعلات إلى عدة أنواع رغم أن مبدأ العمل يبقى نفسه، ويتحدد نوع المفاعل حسب طاقة النيوترونات داخله و حسب نوع مكوناته (المثبط والمبرد والوقود النووي)، بالإضافة إلى طريقة تركيبته.

طاقة النيوترونات

يمكن تصنيف المفاعلات النووية إلى صنفين حسب طاقة النيوترونات المستعملة في إنتاج التفاعلات النووية. ف «المفاعلات السريعة-Fast Reactors»، تستخدم نيوترونات عالية السرعة (0.1MeV< E< 1MeV) من أجل تحفيز عملية الانشطار داخل المفاعل. بينما تحتاج « المفاعلات الحرارية-Thermal Reactors» نيوترونات حرارية (طاقتها أقل من 0.1eV) لإتمام التفاعل. لهذا، نجد أن المفاعلات السريعة لا تحتاج مثبطا لإبطاء النيوترونات عكس المفاعلات الحرارية. وتُستعمل االمفاعلات الحرارية عادة في إنتاج الطاقة الكهربائية. بينما يكثر استعمال المفاعلات السريعة في إنتاج الوقود النووي [1].

المثبط

بالنسبة للمثبط، فإن الشرط الذي يقوم على قابليته لإبطاء الإلكترونات بكفاءة، يحد من المواد التي يمكن اختيارها. إذ إنها لا تتعدى ثلاث مواد: الهيدروجين والكربون والبيريليوم. ويتم استخدام الماء كمثبط باعتباره غنيا بالهيدروجين وهو الأكثر انتشارا في المفاعلات النووية. أما الكربون فيُستخدم على شكل غرافيت. وبالنسبة للبيريليوم، فإنه يكون على شكل أوكسيد البيريليوم، وقد كان شائعا في المفاعلات القديمة، لكنه تراجع بسبب سُمِّيته و تكلفته الباهضة [2].

المُبرِّد

يحدد المُبرِّد -الذي ينقل الحرارة الناتجة عن الانشطار النووي خارج قلب المفاعل- عادة نوعَ المفاعل. ويكون المُبرِّد إما سائلًا أو غازًا، وتستخدم أغلب المفاعلات الماء كمُبرِّد نظرًا لقلة كلفته، لكننا نجد أيضا الماء الثقيل وغاز ثنائي أكسيد الكربون والهليوم غيرها. وفي بعض الأحيان، يكون المبرد هو نفسه المثبط كما في الماء. لكن في حالة كان المبرد غازا، فإن كثافته لا تسمح بإبطاء الإلكترونات، لذلك نستعين في بالغرافيت كمثبط [2].

الوقود النووي

يختلف الوقود النووي في المفاعلات النووية حسب نوع النظير المستعمل وحسب درجة التخصيب التي تتراوح عادة بين 3% و 4%، ولا تتعدى العناصر الطبيعية التي يمكن استخدامها كوقود عنصري اليورانيوم والثوريوم. أما اليورانيوم، فيحتوي على نظير «انشطاري -Fissile»-أي القابل للانشطار- هو اليورانيوم-235، وآخر « خصب-fertile» –أي يمكن تحويله إلى عنصر انشطاري- هو االيورانيوم-238. ويستخدم اليورانيوم الانشطاري مباشرة كوقود نووي، بينما تمتص نواة اليورانيوم الخصب نيوترونا لتتحول إلى البلوتونيوم-239 الانشطاري. بالنسبة للثوريوم، فإنه يعتبر أيضا وقودًا خصبًا، لذلك يتم تحويله لليورانيوم-233 الانشطاري [2].

تركيبة المفاعل

يمكن تصنيف المفاعلات حسب تركيبتها إذا كانت متجانسة أو غير متجانسة. ونقصد بهذا، ما إذا كان الوقود النووي والمبرد  يمتزجان معا ليشكلا خليطا متجانسًا، أم أن الوقود منفصل عن المبرد في وحدة خاصة به. وأغلب المفاعلات اليوم هي من النوع غير المتجانس، وذلك ضمانا لعدم تسرب الوقود النووي خارج قلب المفاعل. لكننا نجد أيضا المفاعلات المتجانسة كمفاعلات الملح المصهور على سبيل المثال، وهذا النوع من المفاعلات لا يستخدم لإنتاج الطاقة الكهربائية [1][2].

أنواع المفاعلات النووية

يمكن أن نقسم المفاعلات حسب أي من التصنيفات التي ذكرناها في الفقرة السابقة. وقد درج أهل الاختصاص على تصنيفها حسب نوع المبرد. فنجد: المفاعلات المبرَّدة بالغاز، وتلك المبرَّدة بالماء الثقيل، والمفاعلات المبرَّدة بالماء العادي، والمفاعلات المبرَّدة بالغرافيت، وأخيرًا المفاعلات السريعة.

المفاعلات المبرَّدة بالغاز

 يمثل صنف المفاعلات المبردة بالغاز أقدم جيل من المفاعلات، ويستخدم هذا النوع الغرافيت كمثبط وأحد الغازات كمبرد. ونجد في هذا الصنف ثلاثة أنواع: « المفاعل ماجنوس-MagnoxReactors» ونسخته المطورة «ا المفاعل المتقدم المبرد بالغاز-Advanced Gas-Cooled Reactor»، وأخيرا « المفاعل المرتفع الحرارة المبرد بالغاز – High Temperature Gas cooled Reactor».

المفاعل ماجنوس

يعتبر المفاعل ماجنوس من أقدم تصميمات المفاعلات. وقد بُنيَت أول منشأة نووية في العالم بهذا التصميم سنة 1956 في بريطانيا، وبلغت قدرتها 60MWe. وترجع تسمية المفاعل إلى سبيكة المغنيسيوم التي تغلف وقوده النووي. يتشكل هذا الأخير من اليورنيوم الطبيعي غير المخصب ويحيط به الغرافيت كمثبط. ويتم تبريد المفاعل بغاز ثنائي أكسيد الكربون (CO2)، حيث يقوم الغاز الساخن القادم من قلب المفاعل بتحويل الماء إلى بخار في محول حراري، ليحرك البخار عنفة (طوربين) لتوليد الكهرباء [1].

المفاعل المتقدم المبرد بالغاز

تم تطوير المفاعل المتقدم المبرد بالغاز كجيل محَسَّن من مفاعل ماجنوكس وذلك بهدف رفع مردودية المفاعل. فتم استبدال الوقود بثنائي أكسيد اليورانيوم المخصب (من 2.5% إلى 3.5%) الذي غُلِّف بالفولاذ المقاوم للصدإ بدل سبيكة المغنيسيوم. مما أدى إلى ارتفاع درجة الحرارة في قلب المفاعل إلى درجات قد تصل إلى 650°C، وبالتالي إلى زيادة الطاقة الحرارية المستخرجة من المفاعل. بالإضافة إلى هذا، فقد وُضِعت أداة جديدة للتحكم في سير الانشطار إلى جانب أعمدة التحكم، حيث أصبح من الممكن إلقاء مادة النيتروجين في المبرد من أجل إيقاف المفاعل [3][4].  

المفاعل المرتفع الحرارة المبرد بالغاز

يعتبر المفاعل المرتفع الحرارة المبرد بالغاز النسخة الأحدث من المفاعلات المبردة بالغاز. ويتميز بفاعليته التي تفوق بقية مفاعلات هذا الصنف، خصوصًا مع استبدال المثبط بغاز الهليوم الأكثر كفاءة. ويستعمل المفاعل الثوريوم واليورانيوم المخصب بالكامل كوقود نووي، حيث تم حشو كرات من الغرانيت (المثبط) بحبيبات صغيرة تحتوي الثوريوم-232 (الذي يستخدم كمنتج للوقود الانشطاري) واليورانيوم-235 [1].

مفاعلات الماء الخفيف

تمثِّل «مفاعلات الماء الخفيف-Light Water Reactor» الصنف الأكثر انتشارًا في العالم. ويشمل نوعين من المفاعلات: «مفاعلات الماء المضغوط-Pressurized Water Reactor» و«مفاعلات الماء المغلي-Boiling Water Reactor». ويستعمل كلا المفاعلان اليورانيوم المخصب (بنسبة 3.2%) كوقود نووي والماء العادي  (H2O) كمبرد ومثبط [3].

الشكل 1: مفاعل الماء المضغوط

ويختلف المفاعلان في طريقة استعمال الماء للتبريد. إذ يخضع الماء في مفاعلات الماء المضغوط  لضغط عال حتى يحافظ على حالته السائلة في ظل درجات الحرارة العالية في قلب المفاعل، ويحمل هذه الحرارة إلى مولد للبخار منفصل عنه. وهكذا، فإن القناة التي يسري فيها المبرد الرئيسي (الذي يمر بقلب المفاعل) منفصلة تمامًا عن قناة مولد البخار –والتي يتحول فيها الماء إلى بخار من أجل تحريك العنفة (انظر الشكل 1). بينما نجد أن مفاعلات الماء المغلي، لا تحتوي إلا على قناة واحدة، حيث يتحول الماء نفسه الذي يدخل قلب المفاعل إلى بخار لتحريك العنفة (انظر الشكل 2) [2].

الشكل 2: مفاعل الماء المغلي

يمكن أيضا أن نضيف إلى هذا التصنيف مفاعلات RBMK  بما أنها تُبرّد بالماء المغلي، لكنها عادة تُكوِّن صنفًا لوحدها. وقد طور الاتحاد السوفييتي هذا النوع من المفاعلات من أجل تصنيع البلوتونيوم لأغراض عسكرية قبل أن يتم تعديله لإنتاج الكهرباء. ويتكون قلب المفاعل من كتلة من الغرافيت المثبط تتخلله قضبان الوقود النووي، والتي تتكون بدورها من ثنائي أكسيد اليورانيوم المخصب. وقد تسبب هذا النوع من المفاعلات في حادثة تشيرنوبل الشهيرة  [4].

مفاعلات الماء الثقيل

تشبه مفاعلات الماء الثقيل -أو CANDU كما يطلق عليها أحيانًا- مفاعلات الماء المضغوط في طريقة العمل. وقد تم تطويرها من أجل تجنب تخصيب اليورانيوم، حيث تستعمل اليورانيوم الطبيعي كوقود. ولتعويض نسبة اليورانيوم المخصب، تستعمل هذه المفاعلات الماء الثقيل (D2O) ذي الكفاءة العالية في إبطاء النيوترونات، وبالتالي زيادة نسبة الانشطار في الوقود. أما من حيث التصميم، فإن أعمدة الوقود النووي تجمع على شكل أفقي داخل ما يسمى ب كالاندريا calandria على عكس الأعمدة العمودية في باقي المفاعلات. ويسمح هذا التصميم بإعادة شحن المفاعل بالوقود النووي دون حاجة لإزالة الأعمدة من قلب المفاعل (انظر الشكل 3)[4].

الشكل 3: مفاعل الماء الثقيل، ويمثل (1) الوقود النووي االمحاطة بالماء الثقيل (9) والمتضمن في الكالاندريا (2)، أما (3) فهي أعمدة التحكم، و يمكن تموين المفاعل أوتوماتيكيا بفضل (8). بالنسبة لبقية المفاعل فإنه يشبه مفاعل الماء المضغوط

المفاعلات السريعة

لا تزال المفاعلات السريعة في طور التخطيط والتطوير، ذاك أن كل مفاعلات هذا النوع واجهت مشاكل أثناء تشغيلها. ويُعد إنتاج الوقود النووي الهدف الرئيس لهذه المفاعلات. وقد تم الأخذ بعين الاعتبار أن تكون كمية المادة الانشطارية المنتجة أكبر من تلك المستهلكة. لهذا، فإن الوقود النووي سيكون غنيا بالبلوتونيوم الانشطاري الذي يحيط به اليورانيوم الخصب، حيث سيسهم البلوتونيوم في خلق نيوترونات يمتصها اليورانيوم الخصب ليتحول إلى البلوتونيوم بدوره. وبما أن هذه المفاعلات لا تملك مثبطا، فإن أفضل مبرد لها هو سائل الصوديوم نظرا لأنه موصل حراري ممتازقادر على منع ارتفاع درجة حرارة قلب المفاعل. ولأن الصديوم يصير مشعا عند تعرضه للنيوترونات، وجب التأكد من أنه لن يتسرب خارج المفاعل. لذلك فإن نظام التبريد فيه يتكون من دورتين منفصلتين كما في مفاعلات الماء المضغوط [1], [3], [4].

في النهاية، كانت هذه أهم أنواع المفاعلات المنتشرة في العالم. ورغم أننا تناولنا مكوناتها وطرق عملها، فلا يزال الجانب الفيزيائي يحتاج إلى مزيد من الشرح. لذلك، سنخصص المقالات القادمة لفيزياء المفاعلات النووية. 

المصادر

[1]  £An Introduction to the Concepts, Systems, and Applications of Nuclear Processes

[2] Nuclear Energy: Principles, Practices, and Prospects

[3] Nuclear Reactor Types

[4] Physique des Réacteurs Nucléaires

كيف تعمل المفاعلات النووية؟

ما نعرفه عن عمل المفاعلات النووية، هو أنها تُنتج الطاقة الكهربائية من خلال تفاعلات نووية. لكن ما الذي يحدث بالضبط داخل المفاعل النووي؟ هذا ما نحاول كشفه في هذا المقال.

مبادئ عمل المفاعلات النووية

تقوم المفاعلات النووية على عدة مبادئ فيزيائية من أجل القيام بدورها في إنتاج الطاقة الكهربائية. فتستغل الطاقة الناتجة عن الانشطار النووي، وتتحكم بها من خلال الإبقاء على استمرار عملية الانشطار ثابتة، فلا هي تتزايد فيحدث انفجار ولا هي تخمد فيخرج المفاعل عن العمل. و من أبرز الظواهر التي تتظافر من أجل النهوض بهذه المهمة، نجد الطاقة النووية الناتجة عن التفاعل التي هي أساس العمل كله، ثم التفاعل التسلسلي وإبطاء النيوترونات والتخصيب، التي تحافظ مجتمعة على إمدادات الطاقة النووية.

الطاقة النووية

تنتج الطاقة النووية التي تستخدم في المفاعلات النووية عن ظاهرة الانشطار النووي (انقسام نواة إلى نواتين أخف منها). وتحدِّد معادلة أينشتاين الشهيرة كمية الطاقة المحررة أثناء التفاعل، حيث تكتب على الشكل التالي:

الطاقة المحررة أثناء تفاعل نووي

وبعبارة أخرى، تساوي الطاقة الناتجة عن التفاعل ΔE فرق كتل المتفاعلات عن النواتج Δm. وتمثل الثابتة C سرعة الضوء في الفراغ [1].

وتساوي الطاقة الناتجة عن التفاعل النووي ما يعادل 200MeV. ولتخيل هذه الكمية الهائلة من الطاقة، فإن غراما واحدًا من اليورانيوم المنشطر يعادل طُنين من الفحم الحجري [1].

التفاعل التسلسلي

يحفِّز نيوترون ظاهرة الانشطار النووي عند اصطدامه بنواة اليورانيوم، فتنشطر هذه الأخيرة محرِّرة معها بضعة نيوترونات (2 أو 3)  تدخل بدورها في انشطارات جديدة، وهذا ما يدعى ب «التفاعل التسلسلي-Chain Reaction». ومن أن أجل ألا يخرج هذا التفاعل عن السيطرة في المفاعلات النووية، يتم التحكم به من خلال إدخال مواد تمتص النيوترونات الزائدة، فلا تسمح إلا ببقاء نيوترون واحد بعد كل تفاعل.  

ولوصف حالة التفاعل التسلسلي، نستعمل «معامل التضاعف الفعال-effective multiplication factor» الذي يحدد ما إذا كان عدد النيوترونات، بين كل انشطار والذي يليه، يتزايد أو يتناقص.  ويُعَرّف بالشكل التالي:

معامل التضاعف الفعال

حيث يمثل ni عدد النيوترونات في جيل ما، وni+1 عددها في الجيل الذي يليه [1].

إبطاء النيوترونات

بعد انبعاثها من التفاعل النووي، تكون النيوترونات سريعة جدا (20000km/s) بحيث لا تستطيع ذرات اليورانيوم التقاطها من أجل بدء تفاعل جديد. لهذا، يتم إبطاء هذه النيوترونات حتى تصير «نيوترونات حرارية-Thermal Neutrons» (تقل سرعتها عن 2km/s)، وذلك بإخضاعها لسلسلة من التشتتات تُفقدها طاقتها الحركية. وتتجلى ظاهرة «التشتت Scattering-»  في ارتطام النيوترون بالجسيمات التي تعترض طريقها مع الانزياح عن مساره في كل اصطدام. ويصحب هذا التصادم انتقال جزء من طاقة البروتون إلى الجسيم الذي يرتطم به [2].

وتُستعمل لإنجاز مهمة الإبطاء هذه الذرات الخفيفة، لأن كل تصادم للنيوترون معها يفقده كمية مهمة من الطاقة (على عكس الذرات الثقيلة)، فيكون عدد التصادمات اللازمة لجعل النيوترون حراريًا صغيرًا. وبالتالي تقل احتمالية امتصاصه بشكل كلي من قبل أحد الجسيمات التي يتفاعل معها. وتستعمل المفاعلات النووية الهيدروجين الموجود في الماء عادة من أجل إبطاء النيوترونات رغم أنه يمتص بشكل كلي عددا لابأس به منها. وفي بعض الأحيان، يتم استبداله بالديوتيريوم الموجود في الماء الثقيل رغم كلفته الباهضة. وقد تم استعمال الغرافيت (الكربون) أيضا كمثبط للنيوترونات في بعض المفاعلات. لكن تبقى كفاءة هذا الأخير أقل بكثير من سابقيه، حيث يحتاج نيوترون بطاقة 2MeV إلى 120 تصادما مع ذرات الغرافيت ليصبح حراريًا مقابل ما يقارب 30 تصادما مع الهيدروجين أو الديوتيريوم [3].

و يتم قياس قدرة الذرات على إبطاء النيوترونات (في حالة التشتت المرن) بواسطة «معامل التباطؤ- Slowing-down Parameter» ξ، الذي يحدد نسبة الطاقة (المتوسطة) المفقودة لكل اصطدام إلى الطاقة الكلية للنيوترون. ويعتبر الهيدروجين، حسب هذا المعامل، أفضل مثبط، حيث تبلغ النسبة  فيه 100%. مما يعني أن النيوترون يفقد كل طاقته خلال تصادم واحد فقط. وللذكر فقط، فالمعامل لا يأخذ بعين الاعتبار نسبة النيوترونات التي يمتصها الهيدروجين كليًا [4].

التخصيب

من بين جميع نظائر اليورانيوم، فإن اليورانيوم-235 هو وحده القادر على الانشطار داخل المفاعلات النووية. وللأسف لا تشكل نسبته سوى 0.7% من اليورانيوم الطبيعي، بينما تشكل  نسبة اليورانيوم-238 غير القادر على الانشطار حوالي 99.3%. وهنا يأتى دور عملية التخصيب التي تقوم على رفع نسبة اليورانيوم-235 مقارنة باليورانيوم-238. ويتم حساب نسبة التخصيب بقسمة عدد ذرات اليورانيوم-235 على العدد الكلي لذرات اليورانيوم في عينة ما [2].

 وتكون نسبة التخصيب في المفاعلات عادة بين 3% و5%. وقد تتعداها إلى 20% في بعض الأحيان. أما بالنسبة للقنابل النووية فتفوق نسبته 90%.

ولا يمكن للوقود النووي أن يُفَعِّل سلسلة الانشطار النووي حتى تفوق كتلة اليورانيوم-235، في حجم معين من هذا الوقود، ما يسمى ب «الكتلة الحرجة-Critical Mass». ذاك أن باقي مكونات الوقود النووي قد تمتص كل النيوترونات التي تغدي التفاعل التسلسلي في حالة كانت كتلة اليورانيوم-235 أقل من المطلوب. وبالتالي، تمنع المفاعل عن العمل [2].

مكونات المفاعلات النووية

تقوم المفاعلات النووية بتحويل طاقة الانشطار إلى طاقة كهربائية بفضل تركيبته المعقدة والتي تسمح بخروج الطاقة دون أي تسرب للمواد المشعة. وتتضمن هذه المكونات قلب المفاعل الذي يحوي الوقود النووي، وأعمدة التحكم التي تسيطر على التفاعل التسلسلي والمحولات الحرارية التي تعمل على نقل الطاقة إلى خارج قلب المفاعل.

قلب المفاعل

يتركز الوقود النووي في قلب المفاعل النووي. ويتم جمع هذا الوقود على شكل أقراص صغيرة من ثنائي أكسيد اليورانيوم (UO2) يتم ضغطها في أعمدة طويلة. ويتخلل هذه الأعمدة ما يسمى ب «المُبرِّد -Coolant»، وهو سائل يعمل كناقل للحرارة (عادة ما يتم استعمال الماء). بالإضافة إلى « المُثبِّط -Moderator»، الذي يقوم بإبطاء النيوترونات. ويحيط بقلب المفاعل وعاء مضغوط يحفظ المواد المشعة من التسرب خارجه [1].

أعمدة التحكم

تتحكم أعمدة التحكم (أو ذراع التحكم كمافي الشكل) في التفاعل التسلسي. ذاك أنها تحوي مواد تمتص النيوترونات الناتجة عن الانشطار النووي كالكاديوم والبورون. ويتم إدخال الأعمدة في قلب المفاعل أو رفعها حسب الطاقة المراد استخراجها. ففي حال تشغيل المفاعل، تُرفع مجموعة من الأعمدة من القلب، فيضل عدد النيوترونات يتزايد مع كل انشطار حتى تصل الطاقة إلى الحد المرغوب. ويكون المفاعل هنا في حالة «فوق حرجة-Supercritical» (keff >1). أما في الحال الطبيعي، فيكون المفاعل في الحالة «الحرجة-Critical» (keff = 1) حيث يظل عدد النيوترونات ثابتا بمرور الوقت. وفي حال أردنا إيقاف تشغيل المفاعل، نُنزل جميع الأعمدة إلى القلب. فيظل عدد النيوترونات يتناقص إلى أن ينعدم كليًا. ويصير المفاعل في حاالة  «دون حرجة-Subcritical»(keff <1) [1].

محولات حرارية

تقوم المحولات الحرارية بضمان تحويل الطاقة النووية إلى طاقة كهربائية. وتتضمن نظامين للتبريد: نظام التبريد الأساسي الذي يوجد داخل وعاء المفاعل النووي ونظام التبريد الثانوي، حيث يتحول السائل إلى بخار يعمل على تحريك توربين مرتبط بمولد كهربائي (انظر الشكل) [5].

داخل نظام التبريد الرئيسي، يتلامس السائل (الماء) مع الوقود النووي فترتفع درجة حرارته كثيرًا. وحتى لا يتبخر السائل يخضع نظام التبريد لضغط عال، ففي أغلب الأحيان، يكون المبرِّد هو نفسه المثبِّط، وهذا الأخير لا يستطيع إبطاء النيوترونات في الحالة الغازية. وتضمن إحدى المضخات حركة السائل داخل وعاء المفاعل [5].

بالنسبة لنظام التبريد الثانوي، فإنه يقوم باستقبال الحرارة من النظام الرئيسي، فيتحول الماء الذي يُضخ داخله إلى بخار. يقوم هذا الأخير بتحريك توربين مرتبط بمولد كهربائي، ثم يعود إلى الحالة السائلة بفضل مكثف للماء (انظر الشكل) [5].

آلية عمل مفاعل نووي

ختامًا، فإن عمل المفاعلات النووية أعقد من أن يغطيه مقال كهذا. ففيزياء المفاعلات النووية تشكل لوحدها فرعًا من فروع الفيزياء لها علماؤها ومختبراتها. لكننا نحاول قدر الجهد تسليط الضوء على ما يحدث داخل المفاعلات النووية. وفي المقال التالي سنركز على أنواع المفاعلات النووية الموجودة في العالم وكيفية تطورها.

المصادر

[1] Physique des Réacteurs Nucléaires

[2] Principes fondamentaux des réacteurs CANDU
[3] https://www.laradioactivite.com/site/pages/Moderateurs_Neutrons.htm

[4] The Physics of Nuclear Reactors

[5] https://www.irsn.fr

ما هو الحث الكهروستاتيكي؟

تفسر الكهرباء الساكنة الخصائص الكهربية للأجسام دون مرور أي تيار كهربي خلالها. والحث الكهروستاتيكي هو واحد من الظواهر الهامة التي تفسر العديد من السلوكيات الكهربية للأجسام وكيف تتأثر بالشحنات الخارجية. ومن أشهر الظواهر الحياتية التي تفسرها تلك الظاهرة هي الصعق الكهربائي بالبرق. فما هو الحث الكهروستاتيكي؟ وكيف يفسر ذلك النوع من الصواعق الكهربية؟

حركة الشحنات الكهربية

تتكون الأجسام الكبيرة من جسيمات صغيرة لها خواص كهربية حيث تنقسم تلك الجسيمات إلى جسيمات موجبة الشحنة وجسيمات سالبة الشحنة. والجسيمات المتشابهة في الشحنة تتنافر أما المختلفة في الشحنة تتجاذب. تسمى الأجسام التي تحتوي على شحنات سالبة أكثر من الموجبة بجسم سالب الشحنة، والعكس للأجسام الموجبة الشحنة.[1]

تفاعل الشحنات الكهربية

وتتحرك الشحنات الكهربية في أي جسم حركة تساعدها للوصول إلى حالة اتزان كهروستاتيكي. والاتزان الكهروستاتيكي هو أن تترتب الشحنات ترتيب ما بحيث يكون الجسم متعادل كهربيًا. ولكن يتغير ترتيب الشحنات مع اقتراب أي مؤثر كهربي خارجي في ظاهرة تسمى الحث الكهروستاتيكي.

الحث الكهروستاتيكي

تتغير توزيعة الشحنات في الأجسام عند اقتراب جسم مشحون بشحنة ما من الجسم. فمثلًا اقترب جسم سالب الشحنة من جسم متعادل، فتترتب شحنات الجسم بحيث تكون الجسيمات الموجبة فيه في اتجاه الجسم السالب.  ومعنى أن تكون ترتيب الشحنات الموجبة أكثر من السالبة في مكان ما في الجسم يترتب على التكوين الداخلي الجسم.[1]

الحث الكهروستاتيكي

تسمي الجسيمات المكونة للأجسام بالذرات وتتكون الأجسام بترتيب معين لتلك الذرات. وتحتوي الذرة على نواة موجبة وإلكترون سالب الشحنة، ولكن الإلكترون له حرية الحركة داخل الجسم. فعندما يقترب جسم سالب من الجسم المتعادل فتتنافر الإلكترونات وتبقى النوى كما هي فيكون مجموع الشحنات في تلك المنطقة موجب. أما إذا اقترب من الجسم المتعادل جسم موجب تنجذب الإلكترونات تجاه ذلك الجسم وتكون شحنة تلك المنطقة سالبة.[1]

الشحن بالحث الكهروستاتيكي

يمكن استغلال الحث الكهروستاتيكي لشحن جسم متعادل كهربيًا بشحنة أما موجبة أو سالبة. فمثلًا عند اقتراب جسم سالب من جسم متعادل فالشحنات الموجبة تتجمع تجاه الجسم السالب. فإذا وصل الجسم عندها بالأرض موجبة الشحنة فستمتص الشحنات السالبة التي نفرت في اتجاه واحد من الجسم، وسيصبح عنده الجسم مشحونًا بشحنة موجبة. تظهر الفكرة أوضح في سبب الصعق بالبرق مثلًا أو تطبيقات مماثلة لنفس الفكرة.[1]

الصعق الكهربائي بالبرق

يفقد الإنسان شحنته السالبة عندما يسير على الأرض موجبة الشحنة ويتحول جسمه لجسم موجب الشحنة. أما البرق فهو عبارة عن تفريغ كهربي للجسيمات سالبة الشحنة في السحب إلى الأرض موجبة الشحنة. ولكن عندما يكون جسم ما مشحون بشحنة موجبة، ولكنه أقرب للسحب من الأرض، كالإنسان في تلك الحالة، فإن التفريغ الكهربي يكون أقرب إلى أن يحدث بين السحب وذلك الجسم.[2]

وتلك هي فكرة صنع أجسام تمتص الصواعق، حيث توجد في معظم البيوت مثل تلك الأجسام بمقاومة عالية حتى إذا ضربت صاعقة المنزل يحمي ذلك الجسم المنزل من أي ضرر. وبالتالي أولى خطوات تجنب الصواعق هي الابتعاد عن الأشجار أو الاجسام المعزولة الطويلة نسبيًا.

المصادر

[1] Fundamentals of physics / David Halliday, Robert Resnick, Jearl Walker. —9 th ed. Section 23 (GAUSS’ LAW).

[2] The Lightning Discharge

حل لغز أويلر كميًا بعد 243 عامًا!

تبهرنا ميكانيكا الكم يومًا بعد يوم، فتحل لنا هذه المرة لغزًا منذ 243 عامًا! ففي عام 1779، طرح عالم الرياضيات السويسري الشهير ليونارد أويلر لغزًا يُسمى (36 ضابط لأويلر). ووضح أويلر بنفسه أنه من المستحيل حله ولكن بعد كل تلك الأعوام. استطاع باحثون حله ولكن ما هو هذا اللغز بالضبط؟ وكيف حُل لغز أويلر كميًا بعد 243 عامًا! هذا ما سنعرفه في السطور التالية من مقالنا.

ما لغز الـ 36 ضابط؟

احضر ورقة وقلم، وتخيل معي أنك تقود جيشًا من ستة أفواج وكل فوج يتضمن ستة ضباط من ست رتب مختلفة. فكيف يمكنك ترتيب الضباط في مربع 6×6 بحيث في كل صف وكل عمود في المربع ضابط واحد فقط من كل فوج ومن كل رتبة؟ بعد تجربتك في حل ذلك اللغز ستجد أنه من المستحيل أن لا تحصل عملية التكرار. على عكس لو جربت ذلك وأنت لديك خمسة أو سبعة أفواج من ضباط من خمس أو سبع رتب، فستجد أن ذلك له حل. ودعني أوضح لك عزيزي القارئ أن أويلر وهو صانع هذا اللغز، وضح أن ذلك الترتيب للستة ضباط مستحيل كما ذكرنا.

قد يذكرك لغز الـ 36 ضابطًا بالمربعات اللاتينية، والمربع اللاتيني هو مجموعة مربعة من الرموز (أرقام أو أحرف…) يظهر فيها كل رمز مرة واحدة فقط في كل صف وعمود أيضًا، وإذا دمجت مربعين لاتينيين من نفس الحجم برموز مختلفة. فسينتج عن ذلك مربع أويلر ويحتوي على أزواج من الرموز. بحيث يظهر كل رمز في الزوج مرة واحدة بالضبط في كل صف أو عمود. فقد تتذكر لعبة السودوكو والتي وجب أن لا تتكرر الرموز فيها. فهنالك العديد من الألغاز المماثلة التي شغلت الناس لأكثر من 2000 عام واستُخدمت هذه المربعات في الفن والتخطيط الحضري وللمتعة.

محاولات لحل اللغز، لكن دون جدوى

أدرك أويلر أن حل اللغز سيعطينا مربعًا لاتينيًا 6×6. فقد جاء الكثيرون بعد أويلر ولم يتمكنوا من حل ذلك اللغز. أيضًا، أثبت عالم الرياضيات الفرنسي «غاستون تاري-Gaston Tarry» أنه ليس هناك طريقة لترتيب 36 ضابطًا في مربع 6×6 دون تكرار. لكن في عام 1960، استخدم علماء الرياضيات الحواسيب؛ لإثبات وجود حلول لأي عدد من الأفواج والرتب الأكبر من اثنين وكان الرقم ستة مُستثنى وكان ذلك غريبًا بالنسبة لهم.

حل لغز ضباط أويلر بعد 243 عامًا!

مؤخرًا، نُشرت ورقة بحثية على الإنترنت وأُرسلت إلى Physical Review Letters. إذ أوضح فيها مجموعة من علماء فيزياء الكم من الهند وبولندا أنه من الممكن ترتيب 36 ضابطًا مع الإيفاء بمعايير أويلر ويمكن الحصول على مزيج كمي من الرتب والأفواج للضباط. فنتيجة ذلك سلسلة من التطويرات في الألغاز والمربعات اللاتينية وليست مجرد متعة ولعب. فعلينا أن نشير أن بداية العصر الجديد من اللغز الكمي عام 2016. حيث بدأ عندما كان لدى «جيمي فيكاري-Jamie Vicary» من جامعة كامبريدج وتلاميذه فكرة حول إمكانية أن تكون الإدخالات التي تظهر في المربعات اللاتينية كمية.

سحر ميكانيكا الكم

قد تبنى علماء الفيزياء النظرية والرياضيين المربعات اللاتينية الكمية. ففي عام 2021، ابتكر الفيزيائيان الفرنسيان «أيون نيتشيتا-Ion Nechita» و«جوردي بيلت-Jordi Pillet» نسخة كمية من سودوكو. فبدلًا من استخدام الأعداد الصحيحة من 0 لـ 9، تأتي لتحوي كل من الصفوف والأعمدة والمربعات الفرعية في السودوكو تسعة متجهات عمودية. ففي ميكانيكا الكم، يمكن للإلكترونات على سبيل المثال أن تكون في (تراكب) لحالات متعددة. فأيضًا مدخلات المربعات اللاتينية الكمية قد تكون في تلك الحالة (حالة التراكب). رياضيًا، تمثل الحالة الكمية بمتجه (له طول واتجاه) مثل السهم والتراكب هو ذلك السهم. فهكذا المدخلات في المربعات اللاتينية قد يكون للمدخل الواحد أكثر من قيمة.

ضباط أويلر كميين

في النسخة الكلاسيكية من اللغز، مطلوب إدخال ضابط من كل رتبة وفوج محددين جيدًا، وسنتصور أن الضباط الـ 36 على أنهم قطع شطرنج ملونة. فيمكن أن تكون رتبتهم ملكة أو ملكًا أو حصانًا (فارسًا) أو جنديًا (بيدقًا) أو قلعة (رخًا) أو غيرها من قطع الشطرنج المتنوعة وتمثل الأفواج الألوان كما بالصورة الأحمر أو البرتقالي أو الأصفر أو الأرجواني أو الأزرق أو الأخضر. فوجب ترتيب تلك القطع داخل مربع 6×6 ولا يحدث تكرار في أي صف أو عمود من فوج أو رتبة.

النسخة الكمية من لغز أويلر

لكن في النسخة الكمية، يتشكل الضباط من تراكبات الرتب والأفواج، كيف ذلك؟ يمكن أن يكون الضابط تراكبًا لملك أحمر وملكة برتقالية مثلًا، أي في الوقت ذاته، قد يكون الضابط شاغلًا لأكثر من رتبة أو فوج. كذلك يحمل الضباط مبدأ التشابك، أي إذا كان الملك الأحمر متشابكًا مع ملكة برتقالية، فحتى لو كان الملك والملكة في حالة تراكب لأفواج متعددة. فإن ملاحظة الملك الأحمر سيخبرك بأن الملكة برتقالية وبسبب غرابة طبيعة التشابك. يمكن أن يكون الضباط على طول كل خط عموديًا.

الآن بعد كل ذلك، كان على مؤلفي الورقة بناء مصفوفة 6×6 مليئة بضباط الكم بمساعدة الحاسوب، فتوصل الباحثون لحل شبه كلاسيكي أي ترتيب الـ 36 ضابطًا كلاسيكيًا مع تكرار عدد قليل من الرتب والأفواج في عمود أو صف. وطبقوا خوارزمية غيرت الترتيب نحو حل كمي وتعمل الخوارزمية مثل حل مكعب روبيك، إذ تصلح الصف الأول، ثم العمود الأول ومن ثم العمود الثاني وهكذا… وعندما كرروا الخوارزمية مرارًا وتكرارًا. في النهاية وصل الباحثون لنقطة يمكنهم فيها رؤية النمط وملء الإدخالات القليلة المتبقية يدويًا.

ما قد يثير الدهشة ونهايةً لمقالنا عزيزي القارئ، أن إحدى السمات المدهشة لهذا الحل وفقًا لأحد المؤلفين المشاركين وهو «سهيل رازر-Suhail Rather» وهو فيزيائي في المعهد الهندي للتكنولوجيا. أن المفاجأة هي المعاملات التي تظهر في مداخل المربع اللاتيني الكمي وكيف أن نسبة المعاملات التي استقرت عليها الخوارزمية كانت Φ أو 1.618 (النسبة الذهبية).

المصادر

  1. +plusmagazine
  2. arxiv
  3. quantamagazine

قوى العطالة وأثر الزلازل في المنشآت

عندما تنطلق الحافلة فجأةً، تتحرّك قدماك معها، لكنّ الجزء العلويّ من جسمك يميل للبقاء في موضعه الأصليّ -أي في موضعه قبل الانطلاق- ممّا يجعلك تسقط للوراء. تُعرَف هذه النزعة للاستمرار في البقاء في الوضع السابق بـ«العطالة أو القصور الذاتيّ-Inertia». إنّ ذلك الموقف الذي تواجهه في الحافلة يشبه كثيرًا ما تتعرّض له المنشآت عند حدوث الزلازل. فما هي قوى العطالة الزلزاليّة وأثر الزلازل في المنشآت؟

قوى العطالة في المنشآت

يسبّب الزلزال اهتزاز الأرض، فتتعرّض المنشآت لحركة في أساساتها. ومن القانون الأوّل لنيوتن في الحركة، يميل «سقف-Roof» المُنشأة للبقاء في موضعه الأصليّ، على الرغم من أنّ أساساته تتحرّك مع الأرض. ولكن بما أنّ الجدران والأعمدة متّصلة بالسقف، فإنّها تسحبه معها عندما تتحرّك. ونظرًا لكونها «مرنة-Flexible»، فإنّ حركة السقف تختلف عن حركة الأرض.

بالعودة إلى مثال وقوفك في الحافلة؛ عندما تنطلق الحافلة فجأةً، فإنّك تُدفَع للوراء. كما لو أنّ أحدًا طبّق قوّة على الجزء العلويّ من جسمك. وبالمِثل، عندما تتحرّك الأرض، يُدفَع المبنى للوراء، ويخضع السقف لقوّة تُسمّى قوّة العطالة.

إذا كان للسقف «الكتلة-(m) Mass» وتعرّض لـ«تسارع-(a) Acceleration»، تكون قوّة العطالة FI المؤثّرة فيه مساوية لحاصل ضرب الكتلة في التسارع؛ وذلك وفق القانون الثاني لنيوتن في الحركة. ويكون اتّجاه تلك القوة معاكسًا لاتّجاه التسارع.

من الواضح أنّ الزيادة في الكتلة تعني زيادةً في قوّة العطالة. ولذلك، تتحمّل الأبنيةُ الأخفّ اهتزازَ الزلازل بشكل أفضل.

تأثير العطالة في مبنىً عندما تهتزّ قاعدته
قوّة العطالة والحركة النسبيّة خلال المبنى

تأثير التشوّهات في المنشآت

تنتقل قوى العطالة المؤثّرة في السقف إلى الأرض عبر الأعمدة، ممّا يسبّب تولّد قوىً داخليّةً فيها. تخضع الأعمدة أثناء الزلزال لـ«حركة نسبيّة-Relative Movement» بين نهاياتها، وهي الانتقال u بين السقف والأرض. ولكنّها قد تُظهِر نزعةً للعودة إلى وضعها الرأسيّ المستقيم؛ أي أنّها تقاوم «التشوّهات-Deformations».

لا تحمل الأعمدة قوىً زلزاليّة أفقيّة في الوضع الرأسيّ المستقيم. ولكن عندما تُجبَر على الانحناء، فإنّها تطوّر «قوى داخليّة-Internal Forces». وتزداد هذه القوى الداخليّة بزيادة «الإزاحة-Displacement» الأفقيّة النسبيّة u بين نهايَتَي العمود. كما تزداد بزيادة صلابة العمود (أي كلما زاد حجمه). ولذلك، تسمّى هذه القوى بـ«قوى الصلابة-Stiffness Forces»، وهي تساوي حاصل ضرب صلابة العمود في الإزاحة النسبيّة بين نهايتَيه u.

الاهتزاز الأفقيّ والرأسيّ

يسبّب الزلزال اهتزازًا أرضيًا في الاتّجاهات الثلاثة (X,Y,Z) عشوائيًّا ذهابًا وإيابًا. تُصمّم كلّ المنشآت بشكلٍ أساسيّ لتحمل «حمولات الجاذبيّة-Gravity Loads». أي أنّها مُصمّمَة لتحمل قوّة مساوية للكتلة m (وتتضمّن: كتلة البناء ذاته، بالإضافة إلى كتلة الحمولات المفروضة عليه كالسكّان والأثاث وغيرها) مضروبةً في تسارع الجاذبيّة الأرضيّة g. إنّ التسارع الرأسيّ أثناء اهتزاز الأرض، إمّا أن يزيد من تسارع الجاذبيّة الأرضيّة أو يُنقِصَه. وبسبب استخدام عوامل الأمان في تصميم المنشآت لمقاومة حمولات الجاذبيّة (الحمولات الشاقوليّة)، تكون معظم المنشآت مناسِبةً لمقاومة الاهتزاز الرأسيّ. لكنّها -بشكلٍ عامّ- قد لا تكون قادرةً على تحمّل تأثيرات الاهتزازات الزلزاليّة الأفقيّة بأمان. لذلك، من الضروريّ ضمان كفاية المنشآت ضدّ التأثيرات الأفقيّة.

الاتّجاهات الرئيسيّة للمبنى

تدفّق قوى العطالة إلى أساسات المُنشأ

تتولّد قوى العطالة الأفقيّة في مستوى كتلة المُنشأة (تتوضّع هذه الكتلة عادةً عند مستويات أرضيّات الطوابق). تُنقَل قوى العطالة الجانبيّة بواسطة «بلاطة-Slab» الطابق إلى الجدران (إذ قد تكون الجدران مبنيّة من الخرسانة المسلّحة) أو الأعمدة، ثمّ إلى «الأساسات-Foundations»، وأخيرًا إلى «نظام التربة-Soil System» الذي يتموضع المبنى فوقه. ولذلك، يجب تصميم كلٍّ من هذه «العناصر الإنشائيّة-Structural Elements» و«الوصلات-Connections» بينها؛ بطريقة تساعد على نقل قوى العطالة عبرها بأمان.

تُعَدّ الجدران أو الأعمدة أهمّ العناصر في نقل قوى العطالة. ولكن في البناء التقليديّ، تلقى البلاطات و«الجيزان أو العوارض-Beams» اهتمامًا أكثر من الأعمدة والجدران أثناء التصميم والتشييد. هذا ما يؤدّي إلى نتائج كارثيّة عند حدوث زلزال، فالجدران عناصر رقيقة نسبيًّا، وضعيفة في مقاومة قوى العطالة الزلزاليّة الأفقيّة وفق اتّجاهها العرضيّ (أي وفق اتّجاه سماكتها). كما أنّ «الأعمدة الخرسانيّة المسلّحة-Reinforced Concrete Columns» المُصمّمَة والمبنيّة بشكلٍ سيّئ تكون خطيرةً جدًّا.

تدفّق قوى العطالة الزلزاليّة عبر كلّ المكوّنات الإنشائيّة

المصدر

Nicee.org: What are the Seismic Effects on Structures?

كيف يتم إنتاج المواد المشعة؟

بالإضافة إلى المواد المشعة الطبيعية، نحتاج إلى إنتاج مواد مشعة جديدة، تتأقلم مع طبيعة الاستخدام. فالمواد المشعة المستخدمة في المجال الطبي مثلًا، يجب أن تكون آمنة للمريض، بحيث لا تبقى في جسمه لمدة طويلة. لذلك، بدأنا في اللجوء إلى تقنيات جديدة لصناعتها كالمفاعلات النووية والمسرعات. فكيف تُنتَج المواد المشعة بهذه الوسائل؟

إنتاج المواد المشعة

يتم إنتاج المواد المشعة من خلال مبدإ بسيط يقوم على تعريض نواة مستقرة إلى دفق من الإشعاعات عالية الطاقة لتحفز تفاعلًا نوويا. يؤدي هذا التفاعل إلى تحويل النواة إلى أخرى مشعة -وهو ما يسمى بالتنشيط الإشعاعي- أو إلى ظهور نويات مشعة جديدة نتيجة للانشطار النووي. وتستعمل المُسرعات التنشيط الإشعاعي من أجل إنتاج المواد المشعة. بينما تَستخدِم المفاعلات النووية لذلك الانشطار النووي (في العادة).  

المفاعلات النووية

تُنتِج المفاعلات النووية المواد المشعة كنتيجة للانشطار النووي الذي يخضع له الوقود النووي في قلبها. وتُستخدم المفاعلات النووية كوسط مهيَّئ لتحفيز الانشطار النووي. حيث يبعث مصدر مشع نيوترونا يمتصه الوقود النووي (اليورانيوم أو البلوتونيوم) فينشطر هذا الأخير إلى نويات مشعة جديدة. ينشأ عن الانشطار أيضا نيوترونات ذات طاقة عالية، تدخل بدورها في عملية انشطار جديدة [1].

يمكن أيضا أن تَنتج المواد المشعة في المفاعلات النووية عن طريق «التنشيط النيوتروني -Neutron Activation» . في هذه الحالة، تقصف حزم من النيوترونات الناتجة عن الانشطار النووي النواة الهدف من أجل تحويلها إلى مادة مشعة [1].

المسرعات

تستخدم المسرعات التنشيط الإشعاعي كمحفز لإنتاج المواد المشعة. ولكل نوع معين من المسرعات، نجد نوعًا محددًا من التنشيط. فالمسرعات الدورانية (تتسارع الجسيمات فيه باتباع مسار لولبي حيث يتسارع الجسيم كلما ابتعد عن المركز)، تُنتِج البروتونات التي تنبعث بسرعات عالية لتقصف النواة الهدف، وهو ما يطلق عليه «التنشيط البروتوني-Proton Activation». بينما تًصدر المسرعات الخطية (في هذا النوع تسلك الجسيمات أثناء تسارعها مسارًا مستقيميًا) فوتونات تصدم النواة الهدف من أجل تحفيز التفاعل النووي، ويدعى هذا ب «التنشيط الفوتوني-Photon Activation» [1].

مسرع دوراني

وتختلف كمية المواد المشعة المصَنّعة حسب عدة عوامل نذكر منها: زمن القصف -أي الفترة الزمنية التي تتعرض لها النواة الهدف لحزمة الإشعاعات- وعدد النويات التي تتعرض للقصف، بالإضافة إلى احتمالية نشوء التفاعل بين الإشعاعات والنواة الهدف [2].

وتُستخدم المواد المشعة الناتجة عن التنشيط الإشعاعي أو الانشطار النووي عادة لأغراض طبية، حيث يتم حقن المريض بجرعة من هذه المواد بهدف التشخيص أو العلاج. لكن هذا لا ينفي الاستخدامات الأخرى لها (حتى إن الأمر وصل إلى استخدامها في اغتيالات سياسية) التي ستكون مدار المقالات القادمة.

المصادر

[1]  Nuclear Medicine Physics: A Handbook for Teachers and Students

[2] Handbook of Radiotherapy Physics

ما هي مصادر النشاط الإشعاعي؟

يتلقى الإنسان كل يوم جرعة معينة من النشاط الإشعاعي، والتي تختلف باختلاف المنطقة التي يقطنها وباختلاف نظام الحياة الذي يعيشه. ومنذ اكتشاف النشاط الإشعاعي، لاقت نسبة هذه الجرعة ارتفاعًا بسبب توسع تطبيقاته في كل المجالات. فكان لا بد من تحديد عتبات لا تتجاوزها هذه الجرعة لكل فرد ضمانًا لسلامته. فماهي مصادر النشاط الإشعاعي الذي نتعرض له كل يوم؟

مصادر النشاط الإشعاعي

تنشأ الجرعة الإشعاعية، التي يتعرض لها الأفراد من منشئين: طبيعي واصطناعي.  يضمُّ المصدر الطبيعي ما وُجد في الطبيعة من إشعاعات ومواد مشعة نشأت مع تكون العالم. ويشمل الاصطناعي ما عدا ذلك مما ابتدعه الإنسان لاستخدامه في المجالات الطبية والطاقية وغيرها.

المصادر الطبيعية

تشمل المصادر الطبيعية الإشعاعات الكونية القادمة من الفضاء والمواد المشعة الموجودة في الأرض بالإضافة إلى تلك الكائنة في جسم الإنسان، والتي تسمى أحيانًا مصدرًا داخليًا.

الإشعاعات الكونية

تأتي الإشعاعات الكونية من الفضاء الخارجي الذي يحيط كوكبنا. وتعتبر الشمس المصدر الرئيسي لهذه الإشعاعات الناتجة عن الانفجارات والاحتراقات التي تحدث داخل النجوم. ولحسن حظنا، فإن معظم هذه الإشعاعات لا تصل إلى سطح الأرض بفضل الغلاف الجوي الذي يعمل كدرع واق من هذه الأشعة. حيث يظل عدد الإشعاعات في تناقض أثناء اختراقها المجال الجوي للأرض إلى أن يصل إلى السطح. لهذا، نجد أن الجرعة التي يتعرض لها سكان المناطق المرتفعة أكبر من تلك التي يتعرض لها أولائك الذين يقطنون في أماكن منخفضة. وتُقَدّر الجرعة المتوسطة عند سطح البحر ب mSv0.2 في السنة لكل فرد، بينما تتجاوزها إلى 1mSv في السنة لكل فرد عند 3000 متر من الارتفاع [1] .

وهنا تظهر خطورة تضرر طبقة الأوزون التي شغلت العالم. فتناقص سمك طبقة الأوزن في بعض المناطق، يزيد من الجرعة الإشعاعية التي يتعرض لها السكان هناك. مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات السرطان، خصوصًا بالنسبة إلى من يقتضي عملهم المكوث تحت أشعة الشمس لفترة طويلة [2].

الإشعاعات الأرضية

تحتوي صخور الأرض، بشكل طبيعي، على مواد مشعة –تسمى «المواد المشعة المتكونة طبيعيًا-Naturally Occurring Radioactive Materials (NORM) ». وتعتبر فصيلة اليورانيوم (اليورانيوم والنويات المشعة الناتجة عن انحلاله) من أبرز هذه المواد. وتختلف نسبة هذه النويات حسب نوع الصخور، حيث تكون منخفضة في الحجر الرملي مقارنة بالجرافيت. و نجد هذه المواد المشعة أيضا في مواد البناء التي تستخدم في بناء المنازل. لذلك فهي تشكل نسبة من الجرعة الإشعاعية التي يتعرض لها الفرد على مدار اليوم [1].

الإشعاعات في جسم الإنسان

تنتج الإشعاعات الموجودة في جسم الإنسان عن المواد المشعة –الطبيعية- التي تدخل جسمه سواء عن طريق الابتلاع أو الاستنشاق. وتختلف جرعة هذه الإشعاعات حسب المنطقة التي يقطنها الفرد وحسب النظام الغدائي الذي يتبعه. ويساهم الرادون بالجزء الأكبر في هذه الجرعة، إذ يشكل أكثر من 50 بالمئة من الجرعة الكلية (التي تضم المصادر الطبيعية والاصطناعية). ويزيد خطورته، كونه غازا بدون رائحة أو لون، بالإضافة إلى تكونه من انحلال اليورانيوم والثوريوم اللذان يتركزان في مواد البناء. وللأسف فإن تركيزه يكون مرتفعا في المنازل (خصوصا الأقبية) مقارنة بالهواء الطلق. ويعتبر ثاني مسبب لسرطان الرئة بعد التدخين حسب وكالة حماية البيئة الأمريكية. لذلك، تقوم الجهات المسؤولة عادة بمراقبة تركيزالرادون دوريًا في مختلف المنشآت، للتأكد من عدم تجاوزها العتبات المسموح بها [1].

المصادر الاصطناعية

تشكل جرعة الإشعاع الاصطناعي جزءا لابأس به من الجرعة الكلية للنشاط الإشعاعي. ولا تزال نسبتها في تزايد بسبب التطور التكنولوجي الذي وسّع نطاق استغلال المواد المشعة، خصوصًا في المجال الطبي. ويمكن إجمال المصادر الاصطناعية في التالي:

الأشعة التشخيصية

نقصد بالأشعة التشخيصية الأشعة السينية (أشعة X) التي تستخدم في تشخيص الأمراض. و تفوق نسبة الجرعة الناتجة عنها 90 بالمئة من إجمالي جرعة النشاط الإشعاعي الاصطناعي [1].

الأشعة العلاجية

تستخدم الأشعة العلاجية في علاج مرضى السرطان. وحسب حالة كل مريض، تحدد الجرعة اللازمة لقتل كل الخلايا السرطانية. وتكون الجرعة عالية جدًا مقارنة بالجرعة التي يتلقاها المريض في التشخيص. لكن، نظرًا لقلة الأفراد الذين يتلقون هذا العلاج، تبقى جرعة هذه الإشعاعات أصغر بكثير من تلك المستخدمة في التشخيص [1].

استخدام النظائر المشعة

تستعمل النظائر المشعة (الشكل غير المستقر لعنصر ما) عادة في التشخيص والعلاج. حيث يتم إدخالها إلى الجسم –في حالة التشخيص- من أجل تقفي أثر بعض المواد الكيميائية في الجسم. فتتموضع في الجسم كما تتموضع نظائرها غير المشعة-المراد كشفها. ومن تم يمكن استنتاج تركيز المواد غير المشعة انطلاقًا من نظائرها المشعة. أما في حالة العلاج، فتتموضع النظائر المشعة قرب الخلايا السرطانية من أجل تدميرها [1].

النفايات المشعة

يتسرب جزء يسير من النفايات المشعة الناتجة عن المفاعلات النووية وغيرها إلى الطبيعة. وتساهم بذلك في زيادة الجرعة الإشعاعية التي يتعرض لها الأفراد في السنة. وتبقى نسبتها صغيرة مقارنة بباقي المصادر، نظرًا للجهود الجبارة التي تُبذل لمنع تسرب هذه النفايات [1].

تساقطات الغلاف الجوي

تنتشر الإشعاعات الناتجة عن تجارب الأسلحة النووية والحوادث النووية عبر الغلاف الجوي للأرض. ثم تتسرب بعدها إلى التربة والنباتات والإنسان. وتتساقط هذه الأشعة تدريجيًا من الغلاف الجوي على مدى سنوات. لذلك فإن عواقب أي حادث واسع النطاق تظل تلاحقنا على مدى أجيال، كما هو الحال بالنسبة لتشيرنوبل وفوكوشيما [1].

التعرض المهني للإشعاع

يتعرض العاملون في مجال الصناعة والطب والبحث العلمي إلى جرعة زائدة من النشاط الإشعاعي. ويُعتبر العاملون في المفاعلات النووية والأطباء أكثر المتعرضين للإشعاع. لذلك يتوجب عليهم ارتداء مقياس للجرعات، للتأكد من أن الجرعة التي يتلقونها لا تتخطى العتبة الموصى بها من قبل الجهات المختصة [1].

ختامًا، فإنه رغم تنوع مصادر النشاط الإشعاعي بين ما هو طبيعي واصطناعي، تبقى الجرعة التي نتلقاها كأفراد -في الأعم الغالب- في النطاق الطبيعي الذي لا يهدد سلامة صحتنا. لذلك لا داعي للقلق من هذه الجرعات، فهناك أسباب كثيرة للموت غير النشاط الإشعاعي!

المصادر

[1] An Introduction to Radiation Protection 6E

[2] Physics and Engineering of Radiation Detection

ما هي الشحنة الكهربية والمجال الكهربي ؟

يؤثر الجسم المشحون كهربيًا على جسم آخر مشحون كهربيًا بقوة تسمى القوة الكهربية. وينتقل تأثير القوة الكهربية للشحنة الكهربية عن طريق ما يسمى بالمجال الكهربي. فما هي طبيعة المجال الكهربي؟ وكيف يتأثر بالشحنة الكهربية؟

الشحنة الكهربية

تتواجد في الطبيعة العديد من الجسيمات الصغيرة المختلفة والتي يتكون منها الأجسام الأكبر التي نراها. وواحدة من الخصائص التي تميز تلك الجسيمات هي الشحنة الكهربية. والشحنة الكهربية أما أن تكون سالبة أو موجبة أو متعادلة كهربيًا. تتجاذب الجسيمات المتشابهة في الشحنة إلى بعضها البعض وتتنافر إذا كانت متشابهة في الشحنة. [1]

الشحنات المتشابهة تتنافر والمختلفة تتجاذب

تميل الأجسام لأن تكون متعادلة كهربيًا، أي عدد الشحنات الموجبة يساوي عدد الشحنات السالبة. وبالتالي عندما يحتوي جسم ما علي فيض من الشحنات السالبة فإنه يميل للانجذاب للأجسام التي تحتوي على فيض من الشحنات الموجبة. وتتم عملية التجاذب والتنافر عن طريق القوة الكهربية التي تنتقل بواسطة المجال الكهربي. [1] فما هو المجال الكهربي؟ وكيف تتأثر به الجسيمات المشحونة كهربيًا؟

المجال الكهربي

يمثل المجال الكهربي القوة الكهربية التي يؤثر بها جسم مشحون عل جسم مشحون آخر. وافترض العالم الإنجليزي «مايكل فاراداي – Michael Faraday » المجال الكهربي على إنه خطوط مستقيمة تخرج من الشحنة الكهربية لتنتشر في الفضاء حولها. والقوة كمية متجهة أي أنها تُعرف من خلال قيمتها واتجاهها، فمثلًا نقول الجسم “أ” يؤثر بقوة معينة في اتجاه الجسم “ب “. وبما أن المجال يعبر عن القوة الكهربية، فالمجال أيضًا كمية متجهة يتم التعبير عنه من خلال المقدار والاتجاه. تكون الشحنة الموجبة باعثة لخطوط المجال والشحنات السالبة مستقبلة لخطوط المجال. [1][2]

ينبعث المجال الكهربي من الشحنة الموجبة وتجذبه الشحنة السالبة

على رغم من تطور مفهوم المجال في الوقت الحالي إلا أن فرض فاراداي لخطوط المجال مازال يستخدم حتى الآن. ويستخدم هذا الفرض في تبسيط معظم الظواهر من حولنا، ومن أهم تلك الظواهر هي ظاهرة قفص فاراداي.

قفص فاراداي

اخترع فاراداي اعتمادًا على فرض المجال الكهربي قفص لا يتضرر ما بداخله من أي شحنات كهربية خارجية تؤثر على القفص. فعلى سبيل المثال، شخص ما يقف داخل القفص وتم التأثير على القفص بفرق جهد كبير فلن يتأثر الشخص داخل القفص بذلك الجهد. [2]

توضيح فكرة عمل قفص فاراداي

وتعتمد فكرة القفص على أن القفص مكون من معدن موصل للكهرباء عند تعرضه لفيض من الشحنات فإنها تتوزع بانتظام على كل القفص. والشحنات المُوزعة على القفص لكل منها مجال كهربي خاص بها. وجود الآن شحنتين في جهتين متقابلتين من القفص سيجعل محصلة المجال الكهربي بينهما داخل القفص تتلاشى. حدث ذلك لأنهما متساويين في المقدار، ولكنهما عكس بعضهما في الاتجاه. بتعميم تلك النتيجة على كل شحنات القفص لن نحصل على أي مجال كهربي داخل القفص. فعندما يضرب البرق السيارة وبداخلها أحد لا يتأثر الشخص بالبرق، فبنفس فكرة القفص لا يتأثر ما بداخل السيارة بالمجال الخارجي. وتستخدم أيضًا فكرة قفص فاراداي في حماية الأجهزة من أي إشارات خارجية غير مرغوب بها. [1] فبالرغم من بساطة فكرة المجال التي فرضها فاراداي ما كان وصل العالم لما هو عليه من أنظمة حماية. فبتلك الافتراضات البسيطة يتغير العالم.

المصادر

[1] Fundamentals of physics / David Halliday, Robert Resnick, Jearl Walker. —9 th ed. Section 22 (Electric Fields), Section 24 (Electric Potential)
[2] Michael Faraday: A Life From Beginning to End (Biographies of Inventors)

ما الفرق بين مقدار الزلزال وشِدّته والفرق بين مقياس ريختر ومقياس ميركالي المُعدّل؟

يكمن الفرق بين مقياس ريختر ومقياس ميركالي المُعدّل في أنّ مقياس ريختر يُستخدَم لتحديد مقدار الزلزال، أمّا مقياس ميركالي المعدّل فيُستخدَم لتحديد شدّة الزلزال. فما هذان المقياسان؟ وما الفرق بين مقدار الزلزال وشدّته؟

مقدار الزلزال

  • «مقدار أو قدر-Magnitude» الزلزال هو مقياسٌ كمّيّ للحجم الفعليّ للزلزال. لاحظ البروفيسور «تشارلز ريختر-Charles Richter» أنّ:
  1. عند المسافة ذاتها من المركز السطحيّ للزلزال، تزداد «السعة الموجيّة-Wave Amplitude» لمخطّطات الاهتزاز الأرضيّ للزلازل الأكبر عنها في حالة الزلازل الأصغر.
  2. بالنسبة لزلزال ما، تكون السعة الموجية للسجلّات الزلزالية عند مسافات أبعد أصغر منها عند مسافات أقرب.

دفع ذلك تشارلز ريختر إلى اقتراح مقياس مقدار الزلازل والمعروف باسمه؛ «مقياس ريختر-Richter Scale». ونحصل عليه من سجلّات أجهزة السيسموجراف. يتضمّن مقياس ريختر قياس سعة أكبر موجة مسجّلة على مسافة محدّدة من الزلزال تُسمّى «المسافة المركزية-Epicentral Distance». والمسافة المركزية هي المسافة من المركز السطحيّ للزلزال إلى النقطة المعتبرة من سطح الأرض. ويُسمّى هذا المقياس أيضًا «مقياس المقدار المحلّيّ-Local Magnitude Scale».

تشير زيادة قدر الزلزال (M) بمقدار 1 في مقياس ريختر إلى سعة موجة أكبر بـ 10 مرّات وإطلاق طاقة أكبر بحوالي 31 مرّة. على سبيل المثال؛ الطاقة المنبعثة من زلزال M7.7 أكبر بحوالي 31 مرّة من تلك المنبعثة من زلزال M6.7، وأكبر بحوالي 31×31=961 مرّة من تلك المنبعثة من زلزال M5.7.

القياس الأفضل لحجم الزلزال هو كمّيّة الطاقة المنبعثة منه. وقد أعطى ريختر العلاقة التالية لتقديرها:

حيث: E هي الطاقة المنبعثة مقدّرةً بوحدة erg، وM هو مقدار الزلزال (قدر ريختر).

كي نفهم الأمر بصورة أبسط، إنّ الطاقة المنبعثة من زلزال مقداره M6.3 مساوية للطاقة التي أُطلِقَت من القنبلة الذرّيّة الملقاة على «هيروشيما -Hiroshima» عام 1945 م. ولحسن الحظّ، يصرَف معظم تلك الطاقة في هيئة حرارة وفي تكسير الصخور. ولا يذهب إلّا جزء صغير منها إلى الموجات الزلزاليّة التي تنتقل مسافات كبيرة مسبّبة اهتزاز الأرض وتضرّر المنشآت. [1] [2]

متوسط حدوث الزلازل عالميًّا

متوسّط مرّات حدوثها سنويًّاالمقدارالمجموعة
18 وأعلى منهاشديدة جدًّا
187 – 7.9شديدة
1206 – 6.9قويّة
8005 – 5.9متوسّطة
6200 (تقديريًّا)4 – 4.9خفيفة
49000 (تقديريًّا)3 – 3.9صغيرة
M1-2 حوالي 8000/يوم، M2-3 حوالي 1000/يومأصغر من 3صغيرة جدًّا
  • إنّ مقاييس مقدار الزلازل غير محدودة بحدٍّ أعلى أو أدنى. [1] [2]

شِدّة الزلزال

هي مقياس نوعيّ للاهتزاز الفعليّ في موقع ما أثناء الزلزال، وتحدَّد بالأرقام الرومانية. وتوجد عدّة مقاييس للشدّة، وأكثرها شيوعًا «مقياس ميركالي المُعدّل-Modified Mercalli Intensity (MMI) Scale». يتراوح مقياس ميركالي المُعدل بين الدرجة I (لا يشعر الناس بأي حركة أرضيّة) والدرجة XII (حالة دمار شامل). وتعتمد مقاييس الشدّة على ثلاث سمات للاهتزاز: إحساس البشر والحيوانات به، وأداء المباني والمنشآت، والتغيّرات في البيئة المحيطة الطبيعيّة. إذ يطبَّق مقياس ميركالي المُعدّل بعد حدوث الزلزال بإجراء مسح للدمار، ولاستجابة الناس لشدّة اهتزاز الأرض. [1] [2]

الفرق الأساسيّ بين مقدار الزلزال وشدّة الزلزال أو الفرق بين مقياس ريختر ومقياس ميركالي المُعدّل

مقدار الزلزال مقياسٌ لحجمه. على سبيل المثال؛ يمكن قياس حجم الزلزال بكمّيّة طاقة التشوّه المنبعثة نتيجة انكسار الفالق. هذا يعني أنّ لمقدار زلزال ما قيمة واحدة. من ناحية أُخرى، تعتبر الشدّة مؤشّرًا لشّدة الاهتزاز المتولّد في موقع ما. من الواضح أنّ شدّة الاهتزاز بالقرب من المركز السطحيّ للزلزال أكبر بكثير منها في المواقع الأبعد. وبالتالي؛ أثناء نفس الزلزال ذي المقدار المعيَّن، تتعرّض مواقع مختلفة لمستويات مختلفة من الشدّة.

ولتوضيح هذا الفرق، نشبّه الزلزال بالمصباح الكهربائيّ. تكون الإضاءة في مكان قريب من مصباح 100 واط أشدّ منها في مكان بعيد عنه. بينما يطلق المصباح 100 واط من الطاقة، فإنّ شدّة الإضاءة في موقع ما تعتمد على القوّة الكهربائيّة للمصباح وبعدها عنه. حجم المصباح (100 واط) يشبه مقدار الزلزال، والإضاءة في مكان ما تشبه شدّة الاهتزاز في ذلك الموقع. [1]

تقلّ شدّة الإضاءة كلّما ابتعدنا عن المصدر الضوئيّ

المقدار والشدّة في التصميم الزلزاليّ

تصمَّم الأبنية والمنشآت لمقاومة مستويات معيّنة من شدّة الاهتزاز وليس اعتمادًا على مقدار الزلزال. ويعدّ «التسارع الأرضيّ الأعظميّPeak Ground Acceleration (PGA)» طريقة لتحديد شدّة اهتزاز الأرض. وهو التسارع الأعظميّ الذي تتعرّض له الأرض أثناء الاهتزاز.

وتتوفّر العلاقات التجريبيّة التقريبيّة بين شدّات مقياس ميركالي المُعدّل والتسارعات PGA التي يُحتمل التعرّض لها. وتُعطى PGA كنسبة من تسارع الجاذبيّة الأرضيّة g.

اعتمادًا على بيانات زلازل سابقة، قدّم العالمان «جوتنبرج-Gutenberg» وريختر علاقةً تقريبيّة بين المقدار المحلّي للزلزال ML والشدّة I0 عند منطقة المركز السطحيّ له.

ولاستخدام المعادلة السابقة تُستبدَل الأرقام الرومانيّة الدالّة على الشدّة بمقابلاتها من الأرقام العربيّة. [1]

المصادر
NICEE.org: What are Magnitude and Intensity? [1]

[2] Earthquakes: Causes and Measurements

ما هو النشاط الإشعاعي؟ وما هي أنواعه؟ وما هي العوامل التي تحدد درجة خطورته؟

تطلق جميع المواد –بما في ذلك أجسادنا- بضع إشعاعات في كل فترة زمنية معينة بشكل تلقائي. وهذا ما يُعرف بالنشاط الإشعاعي. وما يميز أجسامنا عن الأجسام المصنعة في مفاعل نووي هو درجة هذا النشاط، أي عدد الإشعاعات التي يبعثها في الساعة.وتعتبر أجسادنا مستقرة إشعاعيًا، نظرًا للمقدار الضئيل الذي تبعثه من الإشعاعات. وفي المقابل، تعتبر مادة اليود المشع – التي تستعمل في علاج سرطان الغدة الدرقية- نشطة إشعاعيًا. فكيف تم اكتشاف النشاط الإشعاعي؟ وماهو القانون الذي يحكمه؟ ومتى يجب أن نقلق من وجود هذا النشاط بجوارنا؟

اكتشاف النشاط الإشعاعي

كان اكتشاف النشاط الإشعاعي مصادفة نوعًا ما. حيث اكتشفه العالم الفرنسي «هنري بيكريل-Henri Becquerel» وهو يحاول معرفة مصدر الأشعة السينية. وقد قاده افتراضه أن مصدر هذه الأشعة هو إشعاعات الشمس إلى تعريض أحد أحجار اليورانيوم لأشعة الشمس، على أساس أن الحجر سيطلق بعدها حزمة من الأشعة السينية. نجحت التجربة ولاحظ هنري وجود آثار لإشعاعات منبعثة. وللتأكد أكثر من النتيجة، أعاد التجربة دون أن يُعرض الحجر لأشعة الشمس. فوجد أن الإشعاعات قد انبعثت مرة أخرى. وهذا يعني أن الحجر يبعث إشعاعات من تلقاء نفسه دون الحاجة إلى محفز. وكانت هذه هي ظاهرة النشاط الإشعاعي.

بعدها نجحت «ماري كوري-Marie Curie» وزوجها في عزل بعض المواد المشعة (الراديوم والبولونيوم)، فنال الثلاثة جائزة نوبل في الفيزياء سنة 1903. وللتحقق من طبيعة هذه الأشعة، قام العالم «رذرفورد-Rutherford» بتجربة أخرى. فاكتشف أن هناك ثلاثة أنواع من الأشعة هي: الأشعة α –التي تتميز بشحنتها وبثقلها- والأشعة β  -التي تتميز أيضا بشحنتها لكنها أخف من الأولى- وأخيرًا، أشعة γ -التي لا شحنة ولا كتلة لها [1].

تعريف النشاط الإشعاعي وقانونه

يُعَرف النشاط الإشعاعي على أنه احتمالية أن تبعث نواة ما إشعاعات بشكل تلقائي. ويحكم هذه الظاهرة قانون النشاط الإشعاعي، الذي يتنبأ بعدد الإشعاعات المنبعثة عند كل لحظة انطلاقا من عدد النوى (جمع نواة) المتواجدة عند بداية العملية. بعبارة أخرى، إذا علمنا مقدار النوى التي لدينا في اللحظة الصفر، فإننا نستطيع معرفة عدد النوى المتحللة (التي قامت بإصدار إشعاع) في أية لحظة [1]. ويمكن كتابة القانون كالتالي:

حيث يمثل الجزء الأول من المعادلة dN/dt ، التغير الذي يحصل لعدد النوى مع مرور الوقت. ويمثل N عدد النوى في اللحظة الزمنية t. أما λ فتمثل ثابت الانحلال الذي يميز كل عنصر على حدة. وتُعرَّف λ على أنها احتمالية الانحلال خلال ثانية واحدة. ويمكننا أن نلاحظ أن عدد النوى يتناقص مع الزمن انطلاقا من علامة السالب الموجودة بالمعادلة [1] .

أنواع الانحلال الإشعاعي

للحديث عن أنواع الانحلال الإشعاعي، نُذكِّر أولًا بأن الذرة تتكون من نواة تدور حولها إلكترونات. وأن النواة تتكون بدورها من عدد Z من البروتونات –ذات الشحنة الموجبة- ومن عدد N من النيوترونات –التي لا شحنة لها.

الانحلال α

في هذا الانحلال، تبعث نواة ثقيلة X نواة الهيليوم (الجسيم α) فتتحول إلى نواة جديدة Y حسب التفاعل الآتي:

ويمكن أن نلاحظ من خلال المعادلة أن العدد الإجمالي للنويات A (عدد البروتونات والنوترونات) ينحفظ خلال التفاعل أي أنه لا يتغير. وللذكر فقط، فإن عدد بروتونات النواة Z يجب أن يزيد على 80 حتى يتأتى لهذا التفاعل أن يحدث [1].

الانحلال β

بالنسبة للانحلال β، فإنه يحدث عادة للنوى التي لها فائض من النيوترونات على حساب البروتونات. حيث تنحو النواة في هذه الحالة إلى تحويل النيوترون إلى بروتون باعثة بذلك الجسيم β الذي ما هو إلا إلكترون [1]. وتكون المعادلة على الشكل التالي:

الانحلال +β

على عكس الانحلال β، فإن هذا التفاعل يُحوّل البروتون إلى نيوترون. وبالتالي فإن النواة تكون مثقلة بالبروتونات على حساب النيوترونات في هذه الحالة. وكما يشير الإسم، فإن الإشعاع المنبعث في هذا التفاعل هو +β (البوزيترون وهو الجسيم المضاد للإلكترون) [1]. وتلخص المعادلة التالية التفاعل الذي يحصل:

التقاط إلكترون

يتمثل تفاعل التقاط إلكترون في اقتناص النواة لأحد إلكترونات الذرة، والذي يدخل في تحويل البروتون إلى نيوترون. أي أن التفاعل هنا، على عكس الانحلال+β، يحتاج وسيطًا حتى يتم تحول البروتون إلى نيوترون. وكما هو متوقع، فإن النواة الناتجة عن هذا التفاعل هي نفسها التي قد تنتج عن الانحلال+β. ونتيجة لبقاء ثغرة مكان الإلكترون الذي تم امتصاصه، ينزل أحد إلكترونات المدارات العليا ليشغلها، مطلقًا بذلك إشعاعا يحمل فرق الطاقة بين المدارين [1].

الانحلال γ

على خلاف الأنواع الأولى من التفاعلات، فإن طبيعة النواة في الانحلال γ لا تتغير. لكنها تنتقل من حالة مثارة إلى حالة أكثر استقرارًا. وينبعث إشعاع γ حاملًا معه الطاقة التي فقدتها النواة أثناء التفاعل [1].

التحويل الداخلي

على غرار انحلال γ، لا تتغير طبيعة النواة في «التحويل الداخلي- Internal Conversion». و بدلًا من انبعاث الإشعاع γ، يمتص أحد إلكترونات الذرة هذا الإشعاع ويستغل طاقته للتحرر من الذرة فينطلق بعيدًا عنها. أما بالنسبة للثغرة التي يتركها الإلكترون الهارب، فيملؤها إلكترون من المدارات العليا مع انبعاث إشعاع يحمل فرق الطاقة بينهما كما بات معروفًا لدينا [1].

الإنشطار التلقائي

في ظاهرة الانشطار النووي، تنقسم نواة ثقيلة إلى نواتين أخف وزنًا. ويختص الانشطار التلقائي بكونه يحدث بشكل طبيعي دون الحاجة إلى محفز (كما يحدث في المفاعلات النووية مثلا) [1].

العوامل التي تحدد خطورة النشاط الإشعاعي

ليس كل ما هو مشع خطير بالضرورة. و تتوقف مدى خطورة مادة مشعة على ثلاثة عوامل رئيسية:

النشاط الإشعاعي للمادة

يحدد النشاط الإشعاعي عدد الإشعاعات المنبعثة في الثانية، وبالتالي عدد الإشعاعات التي يمكن أن يتعرض لها الجسم في مدة معينة. وهكذا، فكلما زاد النشاط الإشعاعي لمادة ما، زادت معه كمية الإشعاعات التي قد يتعرض لها الجسم وبالتالي خطورة المادة لمشعة [2].

طاقة الإشعاع المنبعث

تشكل طاقة الإشعاع المنبعث أثناء الانحلال الإشعاعي أهم عامل في تحديد مدى خطورته على الجسم. ذلك أن قدرة الاختراق لدى نوع معين من الإشعاع ترتبط بشكل رئيسي بطاقته. فكلما زادت الطاقة، زادت معها قدرة الإشعاع على اختراق المادة، وبالتالي قدرته على إلحاق الضرر بالخلايا الحية [2].

نوع الإشعاع

يحدد نوع الإشعاع درجة الحماية التي يجب اتخاذها من أجل منع الإشعاعات من الانتشار في محيطنا. وتعتبر أشعة γ الأشد قدرة على الاختراق، حيث تحتاج عدة سنتيمات من الرصاص لإيقافها. تليها أشعة β -التي تحبسها طبقة رقيقة من الألمنيوم. وفي النهاية، تأتي أشعة α، التي يمكن لمجرد ورقة أن توقفها. ورغم هذا، فلا يمكن أن نحكم  بأن الإشعاع α أقل خطورة من الإشعاع  γ بالنسبة لطاقة معينة. لأنه رغم عجزها عن اختراق المادة كما تفعل أشعة γ، فإن أثرها على الخلايا الحية أقوى بآلاف المرات من أشعة γ [2].

في الختام، إن النشاط الإشعاعي ظاهرة طبيعية تحيطنا من كل الجهات ولا مهرب منها. وكل ما يمكن فعله حيالها هو اتخاذ التدابير الاحتياطية للحماية منها، خصوصًا بالنسبة للعاملين في مجالات تعرضهم لجرعات كبيرة من الإشعاع.

المصادر

[1]       The Physics of Nuclear Reactors

[2]      Handbook of Radiotherapy Physics

ما هو التصوير بالموجات فوق الصوتية وكيف يعمل؟

هذه المقالة هي الجزء 5 من 8 في سلسلة دليلك لفهم أساسيات الهندسة الطبية

التصوير «بالأمواج فوق الصوتية – Ultrasounds» هو تقنية تصوير طبي تعتمد على الأمواج ذات التردد العالي والتي لا يمكن لأذن الإنسان سماعها. وينتج عنها صورة دقيقية للجسم الداخلي وتظهر تفاصيل الأنسجة بشكل دقيق. ويعد استخدام التصوير «بالأمواج فوق الصوتية – Ultrasounds» الخطوة الأولى في طريق تشخيص الحالة المرضية.

كيف تعمل تقنية التصوير «بالأمواج فوق الصوتية – Ultrasounds» ؟

تصدر الأمواج فوق الصوتية عن طريق محوّل يعرف باسم «المسبار – Probe». يحتوي المسبار على مصفوفة من الكريستالات البيزوإلكتورنية والتي تقوم بتحويل الجهد إلى أمواج فوق صوتية، والعكس صحيح. يرسل المسبار الأمواج ويستقبل ما ينعكس منها.
الكريستالات البيزوإلكترونية هي عبارة عن كريستالات تستقبل الجهد على طرفيها وتهتز لتولد أمواج فوق صوتية، وفي حال اهتزازها عند عدم وجود جهد على طرفيها تنعكس العملية ويولد الاهتزاز جهد كهربائي.
تعبر الأمواج فوق الصوتية نسيج الجسم، وتستمر في اختراقه حتى تصل إلى الحواجز الفاصلة بين النسيج، مثل الفواصل بين السوائل والنسيج الرخو أو النسيج الرخو والعظام.
عند وصول الأمواج إلى هذه الفواصل فإن جزء منها ينعكس ويرتد. بينما تستمر الأمواج الأخرى بعبور النسيج حتى تصطدم بحاجز آخر تنعكس عنه. باختلاف السرعة والاتجاه والمسافة التي تنتقل بها الأمواج الصوتية بعد ارتدادها، يستطيع الحاسوب ترجمتها إلى صورة ثنائية الأبعاد.
تعتمد شدة وشكل الموجات المنعكسة على قدرة الامتصاص الخاصة بالنسيج، فمثلًا عند مرور الأمواج عبر منطقة مملوءة بالسوائل فلا تنعكس إلا أمواج قليلة وباهتة. بينما تنعكس الأمواج عن الأنسجة الأكثر صلابة كالأورام بقوة ووضوح أكبر بسبب عدم قدرة النسيج على امتصاصها.
يستقبل المسبار الاهتزازات، وتقوم الكريستالات البيزوالكترونية بتحويلها إلى جهود كهربائية والتي يحولها الحاسوب بدوره إلى صورة.[1]

صورة توضح طريقة عمل التصوير بالأمواج فوق الصوتية

كيف يترجم الحاسوب الجهد الكهربي إلى صورة؟

تتعلق قيمة الجهد المتولد تتعلق بشدة الموجة المنعكسة، وبالتالي تتعلق بنوع النسيج الذي ارتدت عنه الأمواج. لذا، ينتج الجهد المنخفض عن اهتزازات ضعيفة ويظهر باللون الأسود. بينما ينتج الجهد المرتفع عن الاهتزازات القوية ويظهر باللون الأبيض. وتتدرج الألوان من الأسود إلى الأبيض بحسب زيادة أو نقصان شدة الموجة.

صورة بالأمواج فوق الصوتية لجنين في رحم الأم

ما هي تطبيقات التقنية؟

تتنوع استخدامات التصوير بالموجات فوق الصوتية ما بين التشخيص والعلاج ولكن الأكثر شيوعًا واستخدامًا هي وسائل التشخيص والكشف. في التشخيص، تستخدم هذه التقنية عادة لتصوير الأجنة في الرحم لمراقبة النمو والكشف عن الحالة الصحية بشكل دوري، كما تستخدم لفحص بعض مناطق الألم أو الأورام في جوف البطن.
تساعد هذه التقنية على كشف مكان الكتل وأيضًا تساعد في التمييز بين الكيس والورم، حيث أن الكيس عبارة عن انتفاخ ينتج عن تجمع السوائل بينما الورم هو منطقة معقدة من الأنسجة والخلايا الحية التي تنقسم بشكل غير طبيعي.
في العلاج، تستخدم التقنية في التحقق من وجود حصى بالكلى أو المرارة وتفتيتها وهذه تعد إحدى الاستخدامات العلاجية للأمواج فوق الصوتية. كما تستخدم في العلاج الطبيعي – الفيزيائي، للعضلات والأربطة وحتى المفاصل. [2]

هل تعد تقنية التصوير بالأمواج فوق الصوتية آمنة؟

تعتبر هذه التقنية من التقنيات الآمنة. إذ لا تنتج تقنية التصوير بالموجات فوق الصوتية إشعاعات مؤينة مثل الأشعة السينية. ومع ذلك، لوحظ أن حالات فرط الاستخدام قادرة على إحداث بعض التغيرات البيولوجية في الجسم ناتجة عن تسخين الجلد، الأمر الذي قد يؤدي إلى تشكل فقاعات تحوي على سوائل أو غازات. لذلك توصي « إدارة الغذاء والدواء الأميركية –FDA » بعدم الاستخدم إلا عند الحاجة الطبية.[3]


المراجع:
[1]- Radiology

[2]- Nibib
[3]- FDA

ما هي الكهرباء؟

يعد مفهوم الكهرباء واحدً من أعقد المفاهيم عبر الزمن وأهمها. إذ ساعدنا الفهم الأشمل للكهربية بتطوير علم الفيزياء بالكامل وتغير وجهة نظرنا عما يدور في كوننا. فما هي الكهرباء؟ وما سبب وجودها؟

تاريخ الكهرباء

تعرف الإنسان على الكهرباء من خلال سمك الرعاش، والذي اعتقد القدماء المصريين أنه يحمي باقي الأسماك. إلاّ أن أول الاستنتاجات العلمية للكهربية كانت بالصدفة عندما لاحظ الفيلسوف «طاليس – Thales» التجاذب بين المغنيتيت والكهرمان عند فركه بالحرير. [1]

وبقي الوضع كما هو حتى عام 1600م، عندما فسر العالم الإنجليزي «وليام جيلبيرت – William Gilbert» تلك الملاحظات تفسيرًا دقيقًا. جاءت تلك الملاحظات في كتابه «De Magnete» عندما وضح الفرق بين التجاذب الناتج عن مغناطيس والناتج عن الكهرباء الساكنة.

وكانت الطفرة في مجال الكهربية مع العالم «شارل أوغستان دي كولوم – Charles-Augustin de Coulomb» عام 1785م. إذ فسر كولوم الكهربية تفسيرًا عميقًا ووضع الخصائص التي تتصرف بها قوى الكهربية. [2] فما هو تفسير وجود الكهرباء إذن؟ وكيف تعمل؟

الشحنات الكهربية

يوجد في الطبيعة أنواع مختلفة من الجسيمات الصغيرة، وتختلف كل منها في خصائصها. فمثلًا يوجد جسيمات معينة تنجذب مع أحد أنواع الجسيمات، ولكنها تتنافر مع جسيمات أخرى. فإذا قسمنا الجسيمات إلى نوعين موجب وسالب، فالجسيم الموجب سيتنافر مع الجسيم الموجب مثله، ولكنه سينجذب إلى الجسيم السالب.

يصف قانون كولوم حركة وتفاعل تلك الجسيمات مع بعضها، وقد أوضح من خلاله أن التفاعل بين أي جسيمين مشحونين يضعف بزيادة تربيع المسافة بينهم (أي مقدار المسافة مضروب في نفسه). [2]

وتتكون كل المواد في الطبيعة من جسيمات تسمى ذرات، وتختلف كل مادة عن الأخرى في ترتيبهم وتوزيعهم. والذرة تتكون من جسيمين أساسيين هما:

  1. قلب الذرة وتسمى النواة ولها شحنة موجبة
  2. إلكترون سالب الشحنة يدور حول تلك النواة.

وتتكون المواد الصلبة من خلال ترتيب معين للذرات مكونة بحر من الإلكترونات على سطح المادة. وعند فرك الكهرمان بالحرير، تنتقل الإلكترونات السالبة إلى الحرير ويصبح الكهرمان موجب الشحنة (لاحتوائه على جسيمات موجبة أكثر من السالبة).
وبالتالي ينجذب الكهرمان بعد فركه مع المغنيتيت عند اقترابهما ليعوّض الشحنات السالبة التي فقدها. وتسمي حركة انتقال الشحنات تلك بالكهرباء الساكنة. ويمكنك ملاحظة الكهرباء الساكنة عند ظهور شرر عند خلع ملابسك المصنعة من البوليستر في غرفة مظلمة. [3]

البطاريات وتوليد التيار

هناك العديد من الطرق لتوليد التيار الكهربي، ولكن الفكرة الرئيسية في توليد التيار هي البطاريات. وقد صنع «أليساندرو فولتا – Alessandro Volta» أول بطارية في التاريخ. واعتمدت بطارية فولتا على وجود محلولين مختلفين في الشحنة مفصولين عن بعضهما بطبقة تمنع مرور الشحنات داخل البطارية. ويوجد سلك عند طرفي البطارية تنتقل من خلاله الشحنات. ويمثل تدفق الشحنات فيما يعرف باسم السلك التيار الكهربي، وتكون الكهرباء في تلك الحالة كهرباء متحركة. [4]

وتسمح المعادن بمرور التيار خلالها بشكل أفضل من غيرها من المواد. وبشكل عام يمكننا تقسيم المواد على حسب توصيلها للكهرباء لثلاثة أنواع:

  • موصلة
  • شبه موصلة
  • عازلة

فكلما كان سطح المادة يحوي إلكترونات حرة أكثر كان أفضل في توصيل التيار.  ويجتهد العلماء حاليًا في تطوير أشباه الموصلات للاستخدامات الكهربائية وذلك لتنوع خصائصها الكهربائية عن الموصلات. إذ تستخدم أشباه الموصلات في خلايا الطاقة الشمسية والإلكترونيات الحديثة. أما تطوير البطاريات فهو أمر لا يقل أهمية ونرى ذلك في الظهور الدوري لأنواع حديثة من البطاريات.  

المصادر:

  1. BioScience
  2. Histoire de l’Academie royale des sciences
  3. Fundamentals of physics / David Halliday, Robert Resnick, Jearl Walker. —9 th ed. Section 21 (Electric Charge).
  4. Volta’s Electrical Battery Inventio

ما هي لغات البرمجة الكمية؟

ما هي لغات البرمجة الكمية؟

تحدثنا عزيزي القارئ عن الصراع الكمي في مقالات سابقة ووضحنا شراسته. فتحدي IBM للحوسبة الكمية في 2021 خير مثال، الذي شارك فيه 3100 مشارك من 94 دولة عن تطبيقات الحواسيب الكمية باستخدام Qiskit. إذ لم يقتصر التحدي على الحوسبة الكمية وكيفية استخدام Qiskit. بل في أي شيء متعلق بالحوسبة الكمية في الصناعة وذلك بتطبيق تكنولوجيا الكم في المجالات العلمية مثل الكيمياء والتعلم الآلي وغيرها وساهم أكثر من 1293 مشارك في تقديم مشاركة واحدة على الأقل لها أثرها وشاركت دول عدة جديدة في المنافسة وكانت السعودية هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط. إذ حاز الدكتور إبراهيم المسلم على المركز الثاني عالميًا ونال المركز الأول «نافان بنشاشتابوسه-Naphan Bencgasattabuse» من كوريا الجنوبية. [1]

وكما للحوسبة التقليدية لغات برمجة تتعامل بها، أيضًا للحواسيب الكمية لغات. وهنا سيدور حديثنا حول ما هي لغات البرمجة الكمية؟ وكيف يمكنك ممارسة الحوسبة الكمية والتلاعب بالـ Quibts وبالتأكيد تبادر إلى ذهنك سؤال، ما الـ Qiskit؟ كل ذلك وأكثر سنجيب عنه في هذا المقال، فهيا بنا…

ما هو Qiskit؟

يمنح عملاقة التكنولوجيا مثل Google وIBM المستخدمون الذين لديهم شغف تعلم الحوسبة الكمية فرصة لمعرفة كيفية برمجة ومعالجة الدوائر الكمية. باستخدام لغات البرمجة الكمية ولتعلم فحص مفاهيم الحوسبة الكمية مثل التراكب والتشابك والتلاعب بالـ Qubits وإدارة الأجهزة الكمية والتحقق من الخوارزميات

فـ Qiskit هو SDK -مجموعة أدوات تطوير البرامج في حزمة واحدة قابلة للتثبيت- مفتوح المصدر للعمل على الحواسيب الكمية من IBM. إذ يُترجم لغات البرمجة الشائعة مثل Python للآلة الكمية وأي شخص خارج مختبرات IBM يمكنه استخدامه. إذ تعد أداة تعليمية ممتازة لتطوير فهمك عمليًا حول المفاهيم الكمية، يوجد كذلك Cirq وهو من شركة Google ومشابه لـ Qiskit.

لكن وجب التنبيه أنه على الأقل وجب أن تكون لديك خلفية جيدة حتى تستطع البدء فهو مناسب لفئات مثل الخبراء في مجالات الكيمياء والذكاء الاصطناعي والمطوريين الذين لديهم معرفة بالدوائر الكمية ويودون في اختبار مزايا الكم وخبراء ميكانيكا الكم. [4,3]

علاقات لغات البرمجة الكلاسيكية باللغات الكمية؟

كما نحن البشر نتحدث بلغات مختلفة فالحواسيب لها لغاتها. تتيح لغات البرمجة في الحواسيب التقليدية إعطاء تعليمات للحاسوب بلغة يفهمها. فلغة البرمجة الكمية هي تلك التي يمكن استخدامها لكتابة برامج الحاسوب الكمي. فنظرًا لأن التحكم في أي آلة يكون بواسطة جهاز كلاسيكي. فإن لغات البرمجة الكمية الحالية تتضمن هياكل تحكم كلاسيكية أيضًا وتسمح بعملها على البيانات الكلاسيكية والكمية فسنجد لغة Python من اللغات المستخدمة والأساسية وكذلك C وJavascript وغيرهم. [2]

ما هي البيئات التي تتيح لك ممارسة الحوسبة الكمية؟

كما ذكرنا فور معرفتك بالأساسيات البرمجية وتعلم اللغات الكلاسيكية؛ يمكنك البدء مباشرةً في بيئات ستوفر لك التعامل مثل Qiskit وCirq. وإليك في السطور الآتية بعض لغات البرمجة الكمية المهمة في تنمية تدريبك على الحوسبة الكمية بجانب اللغات الكلاسيكية.

أشهر لغات البرمجة في الحوسبة الكمية

هنالك نوعان من لغات البرمجة الكمية، الأول لغات البرمجة الأساسية وتتكون من تعليمات تُنفذ خطوة بخطوة وتشمل اللغات الأساسية في الحواسيب الكلاسيكية مثل Python وC وJavascript وPascal، وإليك ثلاثة من أشهر اللغات [5]:

لغة QCL

هي واحدة من أولى لغات البرمجة الكمية وتشبه لغة C وPascal من حيث بناء الجملة Syntax وأنواع البيانات. فهي لغة تحكم عالية المستوى ومستقلة عن بنية الحواسيب الكمية ويمكن للمبرمجين الجمع بين كود C كلاسيكي وكود كمي… [8]

لغة QMASM

نشأت QMASM كلغة لتعريف الدائرة الكمية ومع تطور الحساب الكمي، اعتُمدت اللغة كطريقة لتحديد الدوائر الكمية كمدخلات في الحاسوب الكمي. لوصف العمليات على الـ Qubits وهي منخفضة المستوى، فتستخدم لوصف الدوائر البسيطة نسبيًا وهنالك لغات أخرى عالية المستوى مثل لغات سنذكرهم في السطور القادمة. [6] التي بإمكانها التعامل مع مليارات من Qubits.

لغة Silq

نشرت في عام 2020 وهي لغة عالية المستوى من ETH Zurich في سويسرا وتُحدث باستمرار. نبع الاحتياج لتلك اللغة لملاحظة الباحثين أن كل لغات البرمجة السابقة منخفضة المستوى خاصة في التعامل مع الـ Quibts. ففي كل مرة وجب عليك التفكير في جميع القيم الناشئة من العملية التي تقوم بها وذلك يستغرق وقتًا وينتج عن ذلك بالتأكيد أخطاء. [7]

النوع الثاني هو لغات البرمجة الوظيفية وهي لا تعتمد على تنفيذ التعليمات خطوة بخطوة بل على الدوال الرياضية. أي يتم تحويل المخرجات باستخدام تحويلات رياضية وتعد أقل شيوعًا من اللغات الأساسية وإليك أشهر اللغات:

لغة QML

هي لغة تعريفية مصممة لوصف واجهة مستخدم البرنامج ونُشرت في عام 2007 وتشبه Haskell وتُستخدم لغة Javascript كلغة برمجة نصية في QML وقبل التعمق فيها وجب أن تكون كما ذكرنا مرارنا لديك خلفية برمجية [9] وفهم للغات الويب الأخرى مثل HTML وCSS…

لغتا QPL وQFC

هما لغتان من لغات البرمجة الكمية حددهما «بيتر سيلينجر-Peter Selinger» وتعمل كل منهم على البيانات الكمية والكلاسيكية. [10]

لغة Quipper

هي لغة شهيرة ذات مستوى عال، وتستخدم لوصف الدوائر عالية المستوى ومعالجتها وتحوي مكتبات واسعة من الدوال الكمية بما في ذلك مكتبات الأعداد الصحيحة الكمية وتحويل فورييه الكمي ومكتبات لتحليل دقيق للدوائر والعديد من المزايا. [11]

فيما تتميز لغة Twist؟

هناك عزيزي القارئ العديد من اللغات لكن تحدثنا عن الأحدث والأشهر ولنختم جزء اللغات بلغة Twist التي أثارت ضجة في عامنا هذا 2022، فما هي تلك اللغة وما المميز فيها؟

سعى علماء من علوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي CSAIL التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إلى إنشاء لغة خاصة بهم للحوسبة الكمية وتسمى (Twist). وتستطيع تلك اللغة أن تصف أجزاء البيانات المتشابكة في برامج الكم والتحقق منها. ويمكن للمبرمج الكلاسيكي فهمها وتستخدم اللغة مفهوم يسمى Purity أو النقاء ويفرض ذلك المفهوم عدم وجود التشابك وينتج عنه برامج أكثر سهولة والأخطاء أقل بكثير. فالمميز هنا أنه لطالما تطلبت برمجة الحواسيب الكمية فهم للتشابك ولكن تأتي Twist لتسهل الأمر على المبرمجين بفرضها عدم وجوده بمفهوم Purity. إضافة إلى أن اللغات البرمجية الكمية لا تزل تربط عمليات منخفضة المستوى معًا مستبعدة أحيانًا معايير مهمة مثل أنواع البيانات… لكن التحدي الذي تتخذه Twist حاليًا هو تسهيل البرمجة الكمية. نهاية فقد دعمت الجهود عليها جزئيًا من قبل MIT-IBM Waston AI lab والمؤسسة الوطنية للعلوم ومكتب البحوث البحرية. [12]

المصادر

  1. IBM
  2. quantiki
  3. .ibm
  4. quantumai
  5. aimultiple
  6. github
  7. sliq
  8. github
  9. qml
  10. liquisearch
  11. qcf
  12. researchgate
  13. mit
Exit mobile version