ما هي جدران القص وما وظيفتها الإنشائية؟

تحتوي المباني المقاومة للزلازل غالبًا على جدران خرسانية مسلحة تسمى جدران القص. تبدأ هذه الجدران بشكل عام من مستوى الأساس وتستمر لأعلى المبنى. وتعد أكثر العناصر فعالية في المباني متعددة الطوابق لمقاومة القوى الجانبية التي تسببها الزلازل والرياح. إنها العناصر الإنشائية الشاقولية التي يمكنها مقاومة قوى القص الجانبية وعزوم الانعطاف والحمولات الشاقولية المنقولة إليها من العناصر الأخرى. وتلعب دورًا رئيسيًا في تبديد الطاقة والصلابة والأداء الزلزالي للمباني العالية. ويمكن أن تصل سماكتها إلى 40 سم في المباني المرتفعة. وعادة ما توضع وفق الاتجاهين الطولي والعرضي للمسقط الأفقي للمبنى. [1] [3]

فوائد جدران القص

أظهرت المباني المصممة والمشيدة بشكل صحيح مع جدران القص أداءً جيدًا للغاية في الزلازل السابقة. إذ تتميز بالكفاءة، من حيث تكلفة البناء والفعالية في تقليل الأضرار الزلزالية التي تصيب العناصر الإنشائية وغير الإنشائية (مثل النوافذ الزجاجية ومحتويات المبنى).

تعطي جدران القص وفق اتجاهها الطولي مقاومة وصلابة كبيرتين للمباني، مما يقلل بشكل كبير من التأرجح الجانبي للمبنى ومن الأضرار التي تلحق به وبمحتوياته. [1]

شكل وتوزع جدران القص

يجب تزويد المبنى بجدران القص وفق اتجاهيه الطولي والعرضي. وإذا وضعت وفق اتجاه واحد فقط، فيجب استخدام شبكة مناسبة من الجيزان والأعمدة (تسمى الإطارات المقاومة للعزوم) وفق الاتجاه الآخر لمقاومة تأثيرات الزلازل القوية. [1]

يمكن أن تحتوي جدران القص على فتحات للأبواب أو النوافذ، ولكن يجب أن تكون صغيرة، وأن يكون توضعها متناظرًا في المبنى؛ وذلك لتكون مسارات نقل الحمولة قصيرة ومباشرة. وتجرى تحققات تصميمية خاصة للتأكد من أن المساحة الصافية للمقطع العرضي للجدار عند الفتحة كافية لتحمل القوة الزلزالية الأفقية. [1] [2]

يكون الأداء الزلزالي للمباني ذات جدران القص الحاوية على انقطاعات سيئًا، لذلك يجب تجنب هذه التصميمات في المباني المقاومة للزلازل. إذ تقدم جدران القص المستمرة على كامل ارتفاع المبنى مسارات حمولة مباشرة لقوى العطالة ليتم نقلها إلى الأساس. [2]

يجب أن تكون الجدران المسلحة متناظرة في المسقط الأفقي لتقليل الآثار السيئة للفتل في المباني. يمكن وضعها بشكل متناظر وفق اتجاه واحد أو في كلا الاتجاهين. وتكون أكثر فاعلية عند وضعها على طول المحيط الخارجي للمبنى؛ مثل هذا التصميم يزيد مقاومة المبنى للفتل. [1]

التصميم المطاوع

تمامًا مثل العوارض والأعمدة الخرسانية المسلحة، يكون أداء جدران القص أفضل إذا صممت لتكون مطاوعة. إذ تساعد النسب الهندسية الإجمالية للجدران وأنواع التسليح ومقداره والوصلات بينها وبين العناصر المتبقية في المبنى في تحسين مطاوعتها.

  • الشكل الهندسي للجدران: المقطع العرضي الشائع مستطيل (أحد بعدي المقطع العرضي أكبر بكثير من الآخر). تستخدم أيضًا المقاطع على شكل حرفي L و U. تعمل أيضًا نواة المصعد الخرسانية المسلحة رقيقة الجدران كجدران قص، ويجب الاستفادة منها لمقاومة قوى الزلزال.
  • قضبان التسليح في الجدران الخرسانية المسلحة: يجب وضع التسليح في شبكات من القضبان الفولاذية الشاقولية والأفقية المتباعدة بانتظام. يوضع التسليح الشاقولي والأفقي في الجدار في طبقتين متوازيتين داخلية وخارجية. كما يجب تثبيت التسليح الأفقي عند نهايات الجدران، وتوزيع التسليح الشاقولي بانتظام في المقطع العرضي للجدار.
  • العناصر الطرفية: في ظل تأثيرات الانقلاب الكبيرة التي تسببها القوى الزلزالية الأفقية، تتعرض حواف الجدران لإجهادات كبيرة من الضغط والشد. وللتأكد من أن سلوكها مطاوع، يجب تسليح الخرسانة في أطرافها بطريقة خاصة. تسمى نهاياتها بالعناصر الطرفية (الأعمدة المخفية)، ويشبه تسليحها الخاص تسليح الأعمدة في الإطارات الخرسانية المسلحة. تزداد أحيانًا سماكة جدار القص في العناصر الطرفية وعندئذٍ تسمى أجنحة. تتميز الجدران ذات العناصر الطرفية بمقاومة انعطاف أكبر وقدرة أكبر لتحمّل قوة القص الأفقية، وبالتالي فهي أقل عرضة للأضرار الزلزالية من الجدران التي لا تحتوي على عناصر طرفية.

تحمل هذه الجدران قوى زلزالية أفقية كبيرة، فتكون تأثيرات الانقلاب عليها كبيرة. لذلك يتطلب تصميم أساساتها اهتمامًا خاصًا. [1]

المصادر

[1] Why are Buildings with Shear Walls preferred in Seismic Regions?

[2] What Harms Load Paths in Buildings?

[3] SEISMIC BEHAVIOUR OF HIGH RISE BUILDING WITH COMPOSITE SHEAR WALL: AN OVERVIEW

ما هي فلسفة التصميم الزلزالي؟

هل يجب أن نتخلّى عن تصميم المباني المقاومة للزلازل؟ أم يجب أن نصممها؛ بحيث لا يحدث ضرر في أثناء الزلازل القوية؟ من الواضح أن النهج الأول يمكن أن يؤدي إلى كارثة كبيرة، والنهج الثاني مكلف للغاية. وبالتالي، يجب أن تقع فلسفة التصميم الزلزالي في مكان ما بين هاتين الحالتين. [1]

فلسفة التصميم الزلزالي

يمكن تلخيصها كالآتي:

  1. عند الاهتزاز الطفيف، يجب ألّا تتضرر العناصر الرئيسية للمبنى؛ والتي تحمل قوىً شاقولية وأفقية، أما أجزاء المبنى غير الحاملة؛ فقد تتعرض لأضرار يمكن إصلاحها.
  2. وعند الاهتزاز المتوسط، قد تتعرض العناصر الرئيسية لأضرار يمكن إصلاحها، أما الأجزاء الأخرى للمبنى فقد تتضرر لدرجة أنه قد يتعين استبدالها بعد الزلزال.
  3. وعند الاهتزاز القوي، قد تتعرض العناصر الرئيسية لأضرار شديدة (لا يمكن إصلاحها حتى)، ولكن يجب ألّا ينهار المبنى.
أهداف الأداء الزلزالي: الحصول على أضرار قليلة قابلة للإصلاح عند الاهتزاز الطفيف، ومنع الانهيار عند الاهتزاز القوي

فبعد الاهتزاز الطفيف، سيعمل المبنى بكل قوته خلال زمن قصير، وستكون تكاليف الإصلاح قليلة. وبعد اهتزاز متوسط، سيعمل المبنى بمجرد الانتهاء من إصلاح وتقوية العناصر الرئيسية المتضررة. أما بعد حدوث زلزال قوي، فقد يصبح المبنى معطلًا غير قابل للاستخدام مرة أخرى، ولكنه يجب أن يبقى قائمًا حتى يمكن إجلاء الأشخاص واستعادة الممتلكات.

يجب أخذ عواقب الضرر في الحسبان في فلسفة التصميم الزلزالي. على سبيل المثال؛ تلعب المباني المهمة مثل المستشفيات ومحطات الإطفاء، دورًا مهمًا في أنشطة ما بعد الزلزال، ويجب أن تعمل فور حدوثه. يجب ألّا تتعرض هذه المنشآت إلّا لأضرار قليلة جدًا، وأن تصمّم لتوفير مستوى حماية أعلى ضد الزلازل. يمكن أن يسبب انهيار السدود في أثناء الزلازل حدوث فيضانات، يمكن أن تكون بذاتها كارثة ثانوية. لذلك، يجب تصميم السدود (وبالمثل، محطات الطاقة النووية) لأجل مستويات كبيرة من الحركة الزلزالية. [1]

لا مفرّ من الأضرار الزلزالية

يتضمن تصميم المباني لمقاومة الزلازل التحكم في مستويات مقبولة من الأضرار والتكلفة. تحدث أنواع مختلفة من الأضرار تظهر بشكل رئيسي من خلال التشققات؛ خاصة في المباني الخرسانية والحجرية- في أثناء الزلازل. بعض هذه الشقوق مقبول (من حيث الحجم والموقع)، أما بعضها الآخر فغير مقبول. على سبيل المثال؛ في مبنى إطاري من الخرسانة المسلحة ذي جدران حجرية بين الأعمدة، تكون الشقوق بين الأعمدة والجدران الحجرية مقبولة، لكن الشقوق القطرية التي تمر عبر الأعمدة غير مقبولة.

تعرّضُ الشقوق القطرية في الأعمدة قدرة تحمّل الأحمال الشاقولية للخطر

لذلك، يهتم التصميم المقاوم للزلازل بضمان كون الأضرار الزلزالية من النوع المقبول، وكذلك أنها تحدث في الأماكن الصحيحة وبالكميات المناسبة. يشبه هذا النهج كثيرًا استخدام «الصمامات الكهربائية-Fuses» في المنازل؛ فلحماية الأسلاك والأجهزة الكهربائية بالكامل في المنزل، فإنك تضحّي ببعض الأجزاء الصغيرة من الدارة الكهربائية، والتي تسمى الصمامات. تستبدل هذه الصمامات بسهولة بعد زيادة التيار الكهربائي. وكذلك، لإنقاذ المبنى من الانهيار، فإنك ستسمح لبعض الأجزاء المحددة مسبقًا بالخضوع لنوعٍ ومستوى مقبولٍ من الضرر. [1]

المطاوعة

لنأخذ قضيبَين بنفس الطول ونفس المقطع العرضي، أحدهما مصنوع من مادة «مطاوعة-Ductile» والآخر من مادة «هشة-Brittle». الآن، شدّهما حتى ينكسرا! ستلاحظ أن القضيب المطاوع يستطيل بمقدار كبير قبل أن ينكسر، بينما ينكسر القضيب الهش فجأةً عند الوصول إلى مقاومته القصوى مع استطالة صغيرة نسبيًا. بالنسبة للمواد المستخدمة في التشييد؛ يعتبر الفولاذ مطاوعًا، أما حجر البناء والخرسانة مادتان هشتان. [2]

يعرّف المهندسون الخاصة التي تسمح للمادة بالانحناء للخلف والأمام بمقدار كبير، بـ«المطاوعة-Ductility». يجب تحديد الأشكال المقبولة للضرر والسلوك المرغوب للبناء في أثناء الزلزال. كما يجب تصميم وتشييد «المباني المقاومة للزلازل-Earthquake-Resistant Buildings»، ولا سيما عناصرها الرئيسية، لتكون مطاوِعةً. تتمتع هذه المباني بالقدرة على التأرجح ذهابًا وإيابًا في أثناء الزلزال، ومقاومة تأثيراته مع بعض الأضرار، ولكن دون الانهيار. تعتبر المطاوعة من أهم العوامل المؤثرة في أداء المبنى. وبالتالي، يسعى التصميم المقاوم للزلازل إلى التحديد المسبق للمواقع التي يحدث الضرر فيها، ثم تقديم تفاصيل تصميمية جيدة في هذه المواقع لضمان سلوكٍ مطاوِعٍ للمبنى. [1]

تصميم الأبنية لمقاومة الزلازل

تنتقل قوى العطالة الزلزالية المتولدة عند مستويات أرضيات الطوابق عبر الجيزان والأعمدة المختلفة إلى الأرض. يجب أن تكون مكونات البناء الصحيحة مطاوِعةً. يمكن أن يؤثر «فشل أو انهيار-Failure» العمود على استقرار المبنى بأكمله، أما فشل الجائز فيسبب تأثيرًا موضعيًا. لذلك، من الأفضل تصميم الجيزان لتكون حلقاتٍ مطاوِعةً أضعف من الأعمدة (يمكن تحقيق ذلك بتحديد الحجم المناسب للعناصر، وتزويدها بالكمية المناسبة من فولاذ التسليح). تسمى هذه الطريقة في تصميم المباني الخرسانية المسلحة؛ طريقة العمود القوي والجائز الضعيف. [2]

العمود القوي والجائز الضعيف

المصادر

[1] What is the Seismic Design Philosophy for Buildings?

[2] How to make Buildings ductile for Good Seismic Performance?

ما الفرق بين مقدار الزلزال وشِدّته والفرق بين مقياس ريختر ومقياس ميركالي المُعدّل؟

يكمن الفرق بين مقياس ريختر ومقياس ميركالي المُعدّل في أنّ مقياس ريختر يُستخدَم لتحديد مقدار الزلزال، أمّا مقياس ميركالي المعدّل فيُستخدَم لتحديد شدّة الزلزال. فما هذان المقياسان؟ وما الفرق بين مقدار الزلزال وشدّته؟

مقدار الزلزال

  • «مقدار أو قدر-Magnitude» الزلزال هو مقياسٌ كمّيّ للحجم الفعليّ للزلزال. لاحظ البروفيسور «تشارلز ريختر-Charles Richter» أنّ:
  1. عند المسافة ذاتها من المركز السطحيّ للزلزال، تزداد «السعة الموجيّة-Wave Amplitude» لمخطّطات الاهتزاز الأرضيّ للزلازل الأكبر عنها في حالة الزلازل الأصغر.
  2. بالنسبة لزلزال ما، تكون السعة الموجية للسجلّات الزلزالية عند مسافات أبعد أصغر منها عند مسافات أقرب.

دفع ذلك تشارلز ريختر إلى اقتراح مقياس مقدار الزلازل والمعروف باسمه؛ «مقياس ريختر-Richter Scale». ونحصل عليه من سجلّات أجهزة السيسموجراف. يتضمّن مقياس ريختر قياس سعة أكبر موجة مسجّلة على مسافة محدّدة من الزلزال تُسمّى «المسافة المركزية-Epicentral Distance». والمسافة المركزية هي المسافة من المركز السطحيّ للزلزال إلى النقطة المعتبرة من سطح الأرض. ويُسمّى هذا المقياس أيضًا «مقياس المقدار المحلّيّ-Local Magnitude Scale».

تشير زيادة قدر الزلزال (M) بمقدار 1 في مقياس ريختر إلى سعة موجة أكبر بـ 10 مرّات وإطلاق طاقة أكبر بحوالي 31 مرّة. على سبيل المثال؛ الطاقة المنبعثة من زلزال M7.7 أكبر بحوالي 31 مرّة من تلك المنبعثة من زلزال M6.7، وأكبر بحوالي 31×31=961 مرّة من تلك المنبعثة من زلزال M5.7.

القياس الأفضل لحجم الزلزال هو كمّيّة الطاقة المنبعثة منه. وقد أعطى ريختر العلاقة التالية لتقديرها:

حيث: E هي الطاقة المنبعثة مقدّرةً بوحدة erg، وM هو مقدار الزلزال (قدر ريختر).

كي نفهم الأمر بصورة أبسط، إنّ الطاقة المنبعثة من زلزال مقداره M6.3 مساوية للطاقة التي أُطلِقَت من القنبلة الذرّيّة الملقاة على «هيروشيما -Hiroshima» عام 1945 م. ولحسن الحظّ، يصرَف معظم تلك الطاقة في هيئة حرارة وفي تكسير الصخور. ولا يذهب إلّا جزء صغير منها إلى الموجات الزلزاليّة التي تنتقل مسافات كبيرة مسبّبة اهتزاز الأرض وتضرّر المنشآت. [1] [2]

متوسط حدوث الزلازل عالميًّا

متوسّط مرّات حدوثها سنويًّاالمقدارالمجموعة
18 وأعلى منهاشديدة جدًّا
187 – 7.9شديدة
1206 – 6.9قويّة
8005 – 5.9متوسّطة
6200 (تقديريًّا)4 – 4.9خفيفة
49000 (تقديريًّا)3 – 3.9صغيرة
M1-2 حوالي 8000/يوم، M2-3 حوالي 1000/يومأصغر من 3صغيرة جدًّا
  • إنّ مقاييس مقدار الزلازل غير محدودة بحدٍّ أعلى أو أدنى. [1] [2]

شِدّة الزلزال

هي مقياس نوعيّ للاهتزاز الفعليّ في موقع ما أثناء الزلزال، وتحدَّد بالأرقام الرومانية. وتوجد عدّة مقاييس للشدّة، وأكثرها شيوعًا «مقياس ميركالي المُعدّل-Modified Mercalli Intensity (MMI) Scale». يتراوح مقياس ميركالي المُعدل بين الدرجة I (لا يشعر الناس بأي حركة أرضيّة) والدرجة XII (حالة دمار شامل). وتعتمد مقاييس الشدّة على ثلاث سمات للاهتزاز: إحساس البشر والحيوانات به، وأداء المباني والمنشآت، والتغيّرات في البيئة المحيطة الطبيعيّة. إذ يطبَّق مقياس ميركالي المُعدّل بعد حدوث الزلزال بإجراء مسح للدمار، ولاستجابة الناس لشدّة اهتزاز الأرض. [1] [2]

الفرق الأساسيّ بين مقدار الزلزال وشدّة الزلزال أو الفرق بين مقياس ريختر ومقياس ميركالي المُعدّل

مقدار الزلزال مقياسٌ لحجمه. على سبيل المثال؛ يمكن قياس حجم الزلزال بكمّيّة طاقة التشوّه المنبعثة نتيجة انكسار الفالق. هذا يعني أنّ لمقدار زلزال ما قيمة واحدة. من ناحية أُخرى، تعتبر الشدّة مؤشّرًا لشّدة الاهتزاز المتولّد في موقع ما. من الواضح أنّ شدّة الاهتزاز بالقرب من المركز السطحيّ للزلزال أكبر بكثير منها في المواقع الأبعد. وبالتالي؛ أثناء نفس الزلزال ذي المقدار المعيَّن، تتعرّض مواقع مختلفة لمستويات مختلفة من الشدّة.

ولتوضيح هذا الفرق، نشبّه الزلزال بالمصباح الكهربائيّ. تكون الإضاءة في مكان قريب من مصباح 100 واط أشدّ منها في مكان بعيد عنه. بينما يطلق المصباح 100 واط من الطاقة، فإنّ شدّة الإضاءة في موقع ما تعتمد على القوّة الكهربائيّة للمصباح وبعدها عنه. حجم المصباح (100 واط) يشبه مقدار الزلزال، والإضاءة في مكان ما تشبه شدّة الاهتزاز في ذلك الموقع. [1]

تقلّ شدّة الإضاءة كلّما ابتعدنا عن المصدر الضوئيّ

المقدار والشدّة في التصميم الزلزاليّ

تصمَّم الأبنية والمنشآت لمقاومة مستويات معيّنة من شدّة الاهتزاز وليس اعتمادًا على مقدار الزلزال. ويعدّ «التسارع الأرضيّ الأعظميّPeak Ground Acceleration (PGA)» طريقة لتحديد شدّة اهتزاز الأرض. وهو التسارع الأعظميّ الذي تتعرّض له الأرض أثناء الاهتزاز.

وتتوفّر العلاقات التجريبيّة التقريبيّة بين شدّات مقياس ميركالي المُعدّل والتسارعات PGA التي يُحتمل التعرّض لها. وتُعطى PGA كنسبة من تسارع الجاذبيّة الأرضيّة g.

اعتمادًا على بيانات زلازل سابقة، قدّم العالمان «جوتنبرج-Gutenberg» وريختر علاقةً تقريبيّة بين المقدار المحلّي للزلزال ML والشدّة I0 عند منطقة المركز السطحيّ له.

ولاستخدام المعادلة السابقة تُستبدَل الأرقام الرومانيّة الدالّة على الشدّة بمقابلاتها من الأرقام العربيّة. [1]

المصادر
NICEE.org: What are Magnitude and Intensity? [1]

[2] Earthquakes: Causes and Measurements

مقدمة عن الموجات الزلزالية وكيفية قياسها بالسيسموجراف

مقدمة عن الموجات الزلزالية وكيفية قياسها بالسيسموجراف

أثناء الزلزال، تنتقل طاقة التشوّه الكبيرة المنطلقة في كلّ الاتّجاهات عبر طبقات الأرض في هيئة موجات زلزاليّة، منعكسةً ومنكسرةً عند كل سطح بينيّ. وتُسجّل تلك الموجات بواسطة جهاز يُسمّى «السيزموجراف-Seismograph».
[1]
فما أنواع هذه الموجات؟ وكيف يحدّد المركز السطحيّ للزلزال اعتمادًا على تسجيلات محطّات الرصد؟

أنواع الموجات الزلزالية

1- «موجات مرنة-Body Waves»

تنطلق من البؤرة، وتنتقل في كل الاتجاهات عبر جسم الأرض. وهي نوعان:

  • «موجات رئيسية-Primary Waves» أو P-waves: تخضع جسيمات المادّة -التي تنتقل هذه الموجات عبرها- لتشوّهات انضغاطية وتمدّدية وفق منحى انتقال الطاقة. وتعتمد سرعتها على خصائص مرونة المادّة من صلابة وكثافة وسهولة انضغاط. والموجات الرئيسية هي أسرع أنواع الموجات الزلزالية، لذلك تصل إلى أجهزة تسجيل الزلازل أوّلًا.
  • «موجات ثانوية-Secondary Waves» أو S-waves: وتسمّى أيضًا موجات القصّ. تهتزّ جسيمات المادة -في هذه الحالة- باتجاه عمودي على منحى انتقال الطاقة. تعتمد سرعتها على صلابة وكثافة المادة فقط، ولا تنتقل عبر السوائل. والموجات الثانوية أبطأ من الرئيسية P-waves، لذلك تصل إلى أجهزة تسجيل الزلازل بعدها.

على سبيل المثال؛ تبلغ سرعة P-waves في «الجرانيت-Granites» 4.8 كم/ثانية تقريبًا، وسرعة S-waves تساوي 3 كم/ثانية تقريبًا.

2– «موجات سطحية-Surface Waves»

لا تنتقل عبر جسم الأرض، بل وفق مسارات موازية تقريبًا لسطحها. والموجات السطحية أبطأ من الثانوية S-waves، وغالبًا ما تكون سبب الحركة الأرضية الأشدّ أثناء الزلزال. وهي نوعان:

  • «موجات لوف-Love Waves»: تسبّب موجات لوف حركات سطحية كالتي تحدثها الموجات الثانوية S-waves ولكن بدون حركة شاقولية.
  • «موجات ريلي-Rayleigh Waves»: تهز موجات ريلي جسيمات المادة في مسار إهليلجيّ في المستوي الرأسيّ، مع حركة أفقية وفق منحى انتقال الطاقة.

    تسبّب الموجات الثانوية S-waves -بالإضافة إلى تأثيرات موجات لوف- الضرر الأكبر للمنشآت بالتحريك الذي تحدثه على سطح الأرض في كِلا الاتجاهَين الأفقيّ والرأسيّ. عندما تصل الموجات الرئيسية P-waves والثانوية S-waves إلى السطح، تنعكس معظم طاقتها. ثمّ يعود بعض هذه الطاقة إلى السطح بسبب الانعكاسات عند طبقات مختلفة من التربة والصخور.

    يكون الاهتزاز أشدّ -بحوالي الضعف تقريبًا- على سطح الأرض منه في الأعماق الكبيرة. وغالبًا ما يكون هذا أساسًا في تصميم المنشآت المطمورة (المنشآت تحت سطح الأرض) وفق تسارعات أصغر من تلك التي فوق الأرض. [1] [2]
وصول الموجات الزلزالية إلى المنشأ
أنواع الموجات الزلزالية والحركات التي تسبّبها

ما هو السيسموجراف وكيف يعمل؟

جهازٌ يستخدَم لتسجيل اهتزازات الزلازل، و يعمل –منذ اختراعه- وفق مبدأ بسيط. عبارة عن قلم مثبّت في طرف «نوّاس أو بندول-Pendulum» بسيط متأرجح (كتلة معلّقة بخيط متدلٍّ من دعامة)، ومغناطيس محيط بالخيط لتوفير «التخامد-Damping» اللازم للتحكّم بسعة الاهتزاز. بالإضافة إلى ورقة رسم بيانيّ مثبّتة على أسطوانة تدور بسرعة ثابتة. يشكّل البندول والخيط والمغناطيس والدعامة مستشعرَ الجهاز، أمّا المُسجِّل فيتكوّن من الأسطوانة والقلم وورقة الرسم. ويتكون المؤقِّت من المحرّك الذي يدير الأسطوانة بسرعة لف ثابتة.

يَلزم جهاز سيسموجراف في كِلا الاتجاهَين المتعامدَين في المستوي الأفقي، بمعنى أنّنا نحتاج إلى جهاز باتجاه شمال-جنوب مثلًا، وآخر باتجاه شرق-غرب. أمّا لقياس الاهتزازات الرأسية فيُستبدَل البندول الخيطيّ بآخر نابضيّ يتأرجح حول نقطة ارتكاز.

تطوّرت هذه الأجهزة عبر الزمن، وأصبح استخدام الأجهزة الرقمية المُعتمِدة على الحواسيب أكثر شيوعًا اليوم. [1] [2]

السيسموجراف القديم
مخطّط اهتزازات الموجات الزلزالية مقابل الزمن. لاحظ أن الموجات الرئيسية P-waves تصل أوّلًا

تحديد موقع المركز السطحيّ للزلزال

من أجل تحديد المركز السطحي للزلزال، نحتاج إلى تسجيلات ثلاث محطّات رصد -على الأقلّ- تقع على مسافات مختلفة من المركز السطحيّ المُراد تحديده. كما نحتاج إلى معرفة الزمن الذي استغرقتْه الموجات الرئيسية P-waves والثانوية S-waves للانتقال عبر الأرض والوصول إلى كلّ محطّة رصد. جُمعَت هذه المعلومات عبر العقود الماضية، وهي متوفّرة في هيئة منحنيات مسافة-زمن.

يحسَب الفارق الزمنيّ بين وصول أوّل الموجات الثانوية S-waves ووصول أوّل الموجات الرئيسية P-waves، ثم تحدّد المسافة بين محطّة الرصد والمركز السطحي اعتمادًا على تلك المنحنيات.

وهكذا نرسم على الخريطة -من كلّ محطّة رصد- دائرة نصف قطرها مساوٍ للمسافة بين المحطّة والمركز السطحي. وتتقاطع الدوائر الثلاث في نقطة تحدّد موقع المركز السطحي للزلزال كما هو مبين في الصورة الأخيرة. [2]

المصادر

[1] How the ground shakes?
[2] Earthquakes: Causes and Measurements

Exit mobile version