ما هي سحابة أورت؟

هذه المقالة هي الجزء 14 من 18 في سلسلة دليلك لفهم أهم الأجرام والظواهر الفلكية

منذ آلاف السنين، راقب علماء الفلك المذنبات وهي تسافر بالقرب من الأرض وتضيء سماء الليل. مع الوقت، أدت هذه الملاحظات إلى عدد من المفارقات. على سبيل المثال، من أين أتت كل هذه المذنبات؟ وإذا تبخرت مادة سطحها مع اقترابها من الشمس (وبالتالي تشكلت هالاتها الشهيرة)، فلا بد أنها تشكلت بعيدًا، حيث كان من الممكن أن تكون موجودة هناك لمعظم فترات حياتها.

بمرور الوقت، أدت هذه الملاحظات إلى نظرية مفادها أنه بعيدًا عن الشمس والكواكب، توجد سحابة كبيرة من المواد الجليدية والصخور حيث تأتي معظم هذه المذنبات منها وتُعرف باسم «سحابة أورت-Oort Cloud» وتحيط بالنظام الشمسي. قد يكون هناك المليارات، بل التريليونات من الأجسام فيها، وبعضها كبير جدًا لدرجة أنها تعتبر كواكب قزمة.

عندما تتفاعل الأجسام الموجودة فيها مع النجوم العابرة والسحب الجزيئية والجاذبية من المجرة، فقد يجدون أنفسهم ينزلقون إلى الداخل نحو الشمس، أو يتم إلقائهم تمامًا خارج النظام الشمسي إلى مناطق بعيدة من الفضاء. على الرغم من أن نظرية وجود سحابة أورت تم اقتراحها لأول مرة في عام 1950م، إلا أن كونها بعيدة تجعل من الصعب على العلماء التعرف على الأشياء بداخلها.

ما هي سحابة أورت؟

سحابة أورت هي سحابة هائلة كروية الشكل تقريبًا من الأجسام الجليدية الصغيرة التي يُستدل عليها بأنها تدور حول الشمس على مسافة تزيد عادةً عن 1000 مرة عن مدار نبتون، الذي يعتبر أبعد كوكب رئيسي معروف. تم تسمية سحابة أورت على اسم عالم الفلك الهولندي “يان أورت”، الذي أثبت وجودها، وتتألف من أجسام يقل قطرها عن 100 كيلومتر (60 ميلاً) وربما يصل هذا العدد إلى التريليونات، بكتلة إجمالية تقدر بـ 10-100 ضعف كتلة الأرض. على الرغم من أنها بعيدة جدًا بحيث لا يمكن رؤيتها مباشرة، يُعتقد أنها مصدر معظم المذنبات طويلة الأمد، تلك التي تستغرق أكثر من 200 عام (وعادة ما تكون أطول بكثير) لتدور حول الشمس، التي تم رصدها تاريخيًا. تأتي معظم المذنبات قصيرة المدى، والتي تستغرق وقتًا أقل لإكمال مدارها، من مصدر آخر وهو حزام كايبر.

بداية النظرية

اقترح عالم الفلك الإستوني «إرنست جي أوبيك-Ernest J. Öpik» في عام 1932م احتمال وجود خزان بعيد من المذنبات، بحجة أن المذنبات تحترق بسرعة نسبيًا نتيجة لمرورها عبر النظام الشمسي الداخلي، فلا بد من وجود مصدر للمذنبات الجديدة، والذي يجدد بثبات الإمداد المستمر للمذنبات.

على الرغم من أن هذه المذنبات لم تكن موجودة في النظام الشمسي الداخلي من قبل، إلا أنه من الصعب تمييزها عن المذنبات طويلة الأمد الأقدم، لأنه بحلول الوقت الذي يتم فيه ملاحظتها لأول مرة، كانت مداراتها بالفعل مضطربة بسبب الجاذبية من قبل الكواكب الخارجية. وفي عام 1950م، نجح أورت في حساب المدارات الأصلية لـ19 مذنباً. أظهرت حساباته أن 10 منها كانت حديثة وقادمة من نفس المسافة الكبيرة جدًا وبالتالي يجب وجود ما يشبه الخزان البعيد للمذنبات.

بنية سحابة أورت

تمتد السحابة من 2,000 إلى 5,000 وحدة فلكية (0.03 و0.08 سنة ضوئية) إلى 50,000 وحدة فلكية (0.79 سنة ضوئية) من الشمس، على الرغم من أن بعض التقديرات تضع الحافة الخارجية على مسافة 100,000 و200,000 وحدة فلكية (1.58 و3.16 سنة ضوئية). يُعتقد أن السحابة تتكون من منطقتين، سحابة أورت الخارجية الكروية من 20,000 إلى 50,000 وحدة فلكية (0.32 إلى 0.79 سنة ضوئية)، وسحابة أورت الداخلية (أو التلال) على شكل قرص من 2,000 إلى 20,000 وحدة فلكية (0.03 – 0.32 سنة ضوئية).

قد تحتوي سحابة أورت الخارجية على تريليونات الأجسام التي يزيد حجمها عن كيلومتر واحد (0.62 ميل)، والمليارات التي يبلغ قطرها 20 كيلومترًا (12 ميلًا). كتلته الإجمالية غير معروفة، ولكن إذا افتراضنا أن مذنب هالي هو تمثيل نموذجي لأجسام سحابة أورت الخارجية، فإن كتلته مجتمعة تبلغ حوالي 3 × 1025 كجم (6.6 × 1025 رطلاً)، أو خمسة كواكب أرضية.

قدرت التقديرات السابقة كتلة السحابة بما يصل إلى 380 كتلة أرضية. لكن المعرفة المحسنة لتوزيع حجم المذنبات طويلة الأمد أدت إلى تقديرات أقل. في غضون ذلك، لم يتم بعد تحديد كتلة سحابة أورت الداخلية. تعرف محتويات كل من حزام كايبر وسحابة أورت «بالأجرام وراء نبتونية-Trans-Neptunian object». لأن الأجسام في كلتا المنطقتين لها مدارات بعيدة عن الشمس أكثر من مدار نبتون.

محتويات السحابة

بناءً على تحليلات المذنبات السابقة. تتكون الغالبية العظمى من أجسام السحابة من مواد متطايرة جليدية، مثل الماء والميثان والإيثان وأول أكسيد الكربون وسيانيد الهيدروجين والأمونيا. كما أن ظهور الكويكبات التي يعتقد أنها نشأت من سحابة أورت. قد حفز أيضًا البحث النظري الذي يشير إلى أن أجسام سحابة أورت تتكون من 1-2٪ كويكبات.

تشكلت الأجسام في بداية النظام الشمسي. وهي أجزاء نقية من الحياة المبكرة للسحابة. مما يعني أن هذه المذنبات توفر نظرة ثاقبة على البيئة التي تطورت فيها الأرض في وقت مبكر. بينما جذبت الجاذبية أجزاء أخرى من الغبار والجليد معًا لتكوين أجرام سماوية أكبر، ولكن واجهت أجسام سحابة أورت نتيجة مختلفة. حيث دفعتهم الجاذبية من الكواكب الأخرى، عمالقة الغاز بشكل أساسي مثل المشتري، إلى النظام الشمسي الخارجي، حيث استقروا.

أجسام سحابة أورت في حالة تغير مستمر. لا يقتصر الأمر على طرد بعض أجسامها بشكل دائم من النظام من خلال التفاعل مع الجيران العابرين. بل قد تلتقط الشمس أيضًا الأجسام من الأغلفة الدوارة المحيطة بالنجوم الأخرى.

حدد العلماء أيضًا العديد من الكواكب القزمة التي يعتقدون أنها جزء من هذه المجموعة البعيدة. أكبرها هو «سيدنا-Sedna»، والذي يعتقد أنه يبلغ ثلاثة أرباع حجم بلوتو. يقع سيدنا على بعد 8 مليارات ميل (13 مليار كيلومتر) من الأرض ويدور حول الشمس كل 10,500 سنة تقريبًا. تشمل الأجسام الأخرى «2006 SQ372» و«2008 KV42» و«2000 CR105» و«2012 VP113». وهي مذنبات يتراوح حجمها بين 30 إلى 155 ميلاً (50 إلى 250 كم). أحدث إضافة إلى هذا الحشد هو «2015 TG387»، الملقب «بـ The Goblin»، والذي تم وصفه لأول مرة في بحث نشر في 2018م.

كيف تكونت السحابة؟

يعتقد أن سحابة أورت هي بقايا «القرص الكوكبي الأولى-protoplanetary disc» الأصلي الذي تشكل حول الشمس منذ حوالي 4.6 مليار سنة. الفرضية الأكثر قبولًا على نطاق واسع هي أن أجسام سحابة أورت قد اندمجت في البداية بالقرب من الشمس كجزء من نفس العملية التي شكلت الكواكب والكواكب الصغيرة، لكن تفاعل الجاذبية هذا مع عمالقة الغاز الشباب مثل المشتري دفعهم إلى شكل إهليلجي طويل للغاية.

تشير الأبحاث الحديثة التي أجرتها وكالة ناسا إلى أن عددًا كبيرًا من أجسام سحابة أورت هي نتاج تبادل المواد بين الشمس والنجوم الشقيقة أثناء تشكلها وانجرافها بعيدًا. يقترح أيضًا أن العديد وربما غالبية أجسام سحابة أورت لم تتشكل بالقرب من الشمس.

المصادر

ما أنواع الثقوب السوداء؟

هذه المقالة هي الجزء 6 من 10 في سلسلة رحلة إلى أعتم أجسام الكون، "الثقوب السوداء"

على الرغم من ظلامها وغموضها وصعوبة رصدها، تمكن العلماء من كشف عدة أسرار حول «الثقوب السوداء-Black holes». فصنفوها بحسب كتلتها إلى ثلاثة أنواع رئيسة، هي: الثقوب السوداء النجمية، ومتوسطة الكتلة، وفائقة الكتلة. فما الفرق بين أنواع الثقوب السوداء هذه؟ كيف يتشكل كل منها؟ وما خواصها؟

صورة توضح تسلسل كتل الأجسام الفلكية بالنسبة إلى كتلة الشمس

الثقوب السوداء النجمية

تشكلها

كما يشير اسمها، تعدُّ «الثقوب السوداء النجمية-Stellar black holes» مرحلةً متأخرةً من حياة النجوم. وتتشكل عندما ينفذ وقود النجم، ولا يعود قادرًا على القيام بعملية الاندماج النووي، فينهار على نفسه بفعل جاذبيته الكبيرة.  ففي حين تشكّل النواة الناجية من هذا الانهيار نجمًا نيوترونيًا أو قزمًا أبيض إذا كانت كتلته لا تزيد عن 3 أضعاف كتلة الشمس، تنهار النجوم الأثقل على نفسها دون توقف، مشكلةً ثقبًا أسود. [1]

خواصها

تتوزع هكذا ثقوب في أنحاء الكون، وعادةً ما تتراوح كتلتها بين 10 و 24 ضعف كتلة الشمس. ولأنها تتشكل من انهيار نجوم منفردة، تكون الثقوب السوداء النجمية صغيرةً مقارنة بقريناتها. لكنها تكون كثيفة جدًا؛ فأحدها يحوي أكثر من ثلاثة أضعاف كتلة الشمس في حيز لا يتجاوز قطر مدينة. ونتيجةً لذلك، تمتاز الثقوب السوداء النجمية بجاذبية قوية تجذب الأجسام المحيطة وتجعلها تدور حولها، وتبتلع ما يقربها من غاز وغبار.

وتكون الثقوب السوداء النجمية صعبة الرصد. وغالبًا ما يرصدها الفلكيون عندما يقترب منها نجم بما يكفي ليبتلع الثقب الأسود بعضًا من مادة النجم. حيث تصدر المادة أثناء ذلك أشعةً سينية قابلة للرصد.

أما عددها فيقدر بنحو 10 مليون إلى 10 مليار ثقب في مجرة درب التبانة وحدها. وقد قدر ذلك اعتمادًا على عدد النجوم الثقيلة بما يكفي لتتحول إلى ثقوب سوداء نجمية. [2]

الثقوب السوداء متوسطة الكتلة

لطالما اعتقد العلماء أن الثقوب السوداء تكون إما كبيرة جدًا أو صغيرة. في حين تظهر الدراسات الحديثة إمكانية وجود ثقوب سوداء ذات حجم متوسط. وتسمى «الثقوب السوداء متوسطة الكتلة-Intermediate-mass black holes»، واختصارًا: IMBHs.

[3]

تشكلها

يعتقد العلماء أن الثقوب السوداء متوسطة الكتلة تتشكل في قلب «العناقيد النجمية-Stellar clusters». فنتيجةً لازدحامها، تتصادم عدة نجوم بشكل متسلسل وتلتحم لتشكل نجومًا هائلة الكتلة، والتي بدورها تنهار على نفسها مشكلةً ثقبًا أسود متوسط. كما يُعتقد أن هذه العناقيد تشق طريقها إلى مركز المجرة، حيث تتجمع الثقوب السوداء المتوسطة وتندمج مشكلةً ثقبًا أسود فائق الكتلة. [2]

خواصها

بما أن اكتشافها لا يزال حديثًا نسبيًا؛ لا تزال الدراسات جارية لكشف خواص هذه الثقوب. فيما اقترحت إحداها أن الIMBHs توجد في مراكز المجرات القزمة (أي الصغيرة جدًا). حيث وجد باحثون 10 مجرات قزمة تطلق أشعة سينية من مركزها، وتشير شدتها إلى وجود ثقوب سوداء تتراوح كتلتها بين 36,000 و 316,000 أضعاف كتلة الشمس. [3]

الثقوب السوداء فائقة الكتلة

في حين تنتشر الثقوب السوداء النجمية في الكون، تسيطر قريناتها فائقة الكتلة عليه.

تشكلها

يقترح العلماء أربعة طرق ممكنة لتشكل «الثقوب السوداء فائقة الكتلة- Supermassive black holes»:

أولًا: يمكن أن تتشكل نتيجة اندماج عدة ثقوب سوداء صغيرة معًا.
ثانيًا: قد تتشكل من انهيار سحابات ضخمة من الغاز على نفسها والتحامها بسرعة.
ثالثًا: يمكن أن تتشكل نتيجة انهيار عنقود نجمي -أي مجموعة من النجوم- على نفسه.
رابعًا: قد تنشأ من عناقيد كبيرة من «المادة المظلمة-Dark matter». والأخير هو الخيار الأكثر غموضًا، لا سيما أننا لا نعلم حتى الآن طبيعة المادة المظلمة. [4]

خواصها

تتراوح كتلة هكذا ثقوب سوداء بين ملايين و بضعة مليارات كتل شمسية. ويعتقد أنها توجد في مركز كل مجرة، كما في مجرتنا درب التبانة. وغالبًا ما يرصدها العلماء بمشاهدة تأثيرها الجذبوي الهائل على النجوم المحيطة بها. [2]

وكما أننا ما توقعنا يومًا وجود ثقوب سوداء متوسطة، قد تفاجئنا هذه العماليق الداكنة مجددًا، وتحبطنا في كل مرة نعتقد أننا قاربنا كشف أصغر غموضها.

المصادر

[1] NASA_1
[2] NASA_2
[3] NASA_3
[4] Space

ما هو أفق الحدث؟

هذه المقالة هي الجزء 5 من 10 في سلسلة رحلة إلى أعتم أجسام الكون، "الثقوب السوداء"

تتعرف الثقوب السوداء -أحد أكثر مواضيع الفيزياء الفلكية غموضًا- بمفهومين الأساسيين: «المتفردة-Singularity» و«أفق الحدث-Event horizon». وفي حين تنهار قوانين الفيزياء التي نعرفها عند المتفردة، يجعل الثاني الثقب الأسود أسودًا، ويحمي المتفردة من فضولنا العلمي. فما هو أفق الحدث؟ ماذا يحدث قربه؟ وبما يتعلق حجمه؟

مفهوم أفق الحدث

يرتبط مفهوم أفق الحدث ب«سرعة إفلات-Escape velocity» الأجسام، وهي السرعة اللازمة ليفلت جسم ما من جاذبية جسم آخر. وفي حالة الثقب الأسود، كلما اقترب جسم ما منه، تأثر بجاذبيته أكثر، فاحتاج لقيمة أكبر من السرعة ليهرب منه. ومع اعتبار هذا التزايد التدريجي، يكون أفق الحدث حدًا من الثقب الأسود تبلغ عنده سرعة الإفلات مقدارًا أكبر من سرعة الضوء. وبما أنه يستحيل لأي شيء في الكون -بحسب النسبية الخاصة لأينشتاين- أن يتحرك أسرع من الضوء، نعتبره نقطة اللاعودة من الثقب الأسود. ويشير الاسم هذا بشكل أو بآخر إلى استحالة رؤية أي شيء يحدث خلفه. ذلك لأن الضوء الذي يدخله لا يغادره أبدًا، وكذلك أي شيء آخر. [1]

ماذا يحدث عند الاقتراب منه؟

بسبب «تأثير دوبلر-Doppler effect»، يبدو الجسم المقترب من أفق الحدث مائلًا للأحمر. كما يبدو باهتًا، لأن جاذبية الثقب الأسود تشتت الضوء المنعكس عن الجسم المرصود. أما عندما يبلغ أفق حدثه، فتختفي صورته نهائيًا ويغدو لا مرئيًا لأن الضوء لا يعود قادرًا على الهرب من جاذبية الثقب. [2]

ماذا يوجد خلف أفق الحدث؟

خلفه، وفي مركز الثقب الأسود، تقبع المتفردة. تلك النقطة التي انهار فيها الثقب الأسود، وبلغت كثافتها قيمةً لا منتهية. كما أن نسيج الزمان-المكان ينحني حول المتفردة بزاويةٍ قدرها لا نهاية، متأثرًا بجاذبيتها وجاعلًا قوانين الفيزياء التي نعرفها تنهار. وفي هذه الحالة، يحمي أفق الحدث المتفردة، ويفصلنا -أبدًا- عنها وعن قوانينها الفيزيائية. [3]

حجمه

يعتمد حجم أفق حدث ثقب أسود ما على كتلة هذا الثقب. مثلًا، إذا جُعلت الأرض ثقبًا أسودًا -بطريقةٍ ما- فإن قطر أفق حدثه لن يتجاوز ال 17.4 ميليمترًا. أما إذا حُولت الشمس إلى ثقب أسود، فسيبلغ قطره حوالي الستة كيلومترات، أي ما يعادل مساحة قرية أو بلدة صغيرة. [1]

بينما تكون الثقوب السوداء فائقة الكتلة أكبر بكثير. مثلًا، الثقب الأسود «Sagittarius A» الواقع في مركز مجرة درب التبانة كتلته أكبر من كتلة الشمس ب 4.3 مليون مرة، وقطره يبلغ 12.7 مليون كيلومترًا. [4]

الثقوب السوداء الدوارة

سابقًا، اعتقد العلماء أن جميع الثقوب السوداء لا تدور حول نفسها، واعتبروا متفرداتها نقاطًا منفردة. أما الآن فيميز العلماء نوعين من الثقوب السوداء: دوارة: «ثقوب كير السوداء-Kerr black holes»، وغير دوارة: «ثقوب شوارزشايلد السوداء-Schwarzchild black holes».

تدور ثقوب كير السوداء حول نفسها لأن النجوم التي تشكلت منها كان تدور في الأساس، ولأن المادة التي تبتلعها دارت حولها حلزونيًا قبل أن تسقط فيه. ويقترح بعض الباحثين أن متفردات هكذا ثقوب هي حلقات رفيعة بشكل لانهائي. ويكون أفق حدثها متطاول الشكل كالأرض، أي مضغوط عند الأقطاب، ومنتفخ عند خط الاستواء. [5]

أفق حدث ثقب أسود دوار

على عكس ثقوب شوارزشايلد، يمكن فصل أفق حدث ثقب كير الأسود إلى أفقين خارجي وداخلي. يتصرف الأفق الخارجي كنقطة اللاعودة للثقب الأسود، أي كأفق كلي لثقب أسود غير دوار. أما الأفق الداخلي فيعرف باسم «أفق كوشي-Cauchy horizon». حيث يتصف أفق كوشي بالغرابة الشديدة، فخلفه، لا يسبق السبب نتيجته دائمًا، بل ويمكن ألا يؤثر الماضي في المستقبل، فيكون السفر عبر الزمن ممكنًا. [5]

وفي جميع الأحوال، لا يمكننا أن ننكر -وبأي شكل- أن ما يخفيه هذا الأفق يتجاوز حدود مخيلتنا، وعلومنا أيضًا.

المصادر

[1] Space
[2] Science Alert
[3] NASA
[4] NASA_2
[5] Science Direct

ما هو المذنّب؟

هذه المقالة هي الجزء 11 من 18 في سلسلة دليلك لفهم أهم الأجرام والظواهر الفلكية

المذنبات عبارة عن أجسام جليدية تتكون من الغازات المتجمدة والصخور والغبار المتبقية من تكوين النظام الشمسي منذ حوالي 4.6 مليار سنة. تدور المذنبات حول الشمس في مدارات بيضاوية ويمكن أن تستغرق مئات الآلاف من السنين حتى تكمل دورانها حول الشمس. في هذا المقال سنعرف معًا ما هو المذنب

شكل يخطف الأنفاس

عندما يقترب المذنّب من الشمس، فإنه يسخن بسرعة كبيرة مما يتسبب في تحول الجليد الصلب مباشرة إلى غاز بدون المرور بالحالة السائلة عبر عملية تسمى «التسامي-sublimate»، وذلك جنبًا إلى جنب مع جزيئات الغبار المحبوسة ويتشكل غشاء ساطع متدفق حول نواة المذنب يعرف باسم «الذؤابة-coma». تأتي كلمة مذنب من الكلمة اليونانية «كوميتيس-kometes»، والتي تعني “طويل الشعر”. في الواقع، فإن ظهور الذؤابة الساطعة هو اختبار الرصد القياسي لمعرفة ما إذا كان الجسم المكتشف حديثًا مذنبًا أو كويكبًا.  يحتوي الغاز على بخار الماء وأول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكربون والمواد الشحيحة الأخرى، ويتحول في النهاية إلى ذيل المذنب المميز.

وفقًا لوكالة ناسا، اعتبارًا من سبتمبر 2021م، فإن العدد الحالي للمذنبات المعروفة هو 3743. على الرغم من أنه يُعتقد أن هناك مليارات أخرى تدور حول الشمس وراء نبتون في حزام كايبر وسحابة أورت البعيدة وراء بلوتو.

من حين لآخر، يخترق مذنب النظام الشمسي الداخلي. بعض المذنبات تفعل ذلك بانتظام والبعض الآخر تقعل ذلك مرة واحدة فقط كل بضعة قرون. كثير من الناس لم يروا مذنبًا من قبل، لكن أولئك الذين شاهدوه لن ينسوا بسهولة المشهد السماوي الرائع.

مم يتكون المذنّب؟

يتكون المذنب بشكل أساسي من نواة وذؤابة و«الغلاف الهيدروجيني-hydrogen envelope» وذيول من الغبار والبلازما. يحلل العلماء هذه المكونات للتعرف على حجم وموقع هذه الأجسام الجليدية، وفقًا لوكالة الفضاء الأوروبية.

مكونات المذنب

النواة

النواة هي اللب الصلب للمذنب وتتكون من جزيئات مجمدة بما في ذلك الماء وأول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكربون والميثان والأمونيا بالإضافة إلى جزيئات عضوية وغير عضوية أخرى مثل الغبار. وفقًا لوكالة الفضاء الأوروبية «ESA»، يبلغ قطر نواة المذنب عادةً حوالي 10 كيلومترات أو أقل.

الذؤابة

عندما يقترب المذنب من الشمس، يبدأ الجليد الموجود على سطح النواة بالتحول إلى غاز، مكونًا سحابة حول المذنب تعرف باسم الذؤابة. وفقًا لموقع «howstuffworks.com»، غالبًا ما تكون الذؤابة أكبر بـ 1000 مرة من النواة.

الغلاف الهيدروجيني

يحيط بالذؤابة غلاف هيدروجيني يمكن أن يصل طوله إلى 6.2 مليون ميل (10 ملايين كيلومتر) وهو مصنوع من ذرات الهيدروجين وفقًا لوكالة الفضاء الأوروبية. وكلما اقتراب المذنب من الشمس، كبر غلاف الهيدروجين.

الذيول

هناك نوعان رئيسيان من ذيول المذنب، الغبار والغاز. تتشكل ذيول المذنب بواسطة ضوء الشمس والرياح الشمسية، ودائمًا ما تتجه بعيدًا عن الشمس وفقًا لجامعة سوينبرن للتكنولوجيا.

وفقًا لوكالة ناسا، فإن ذيول المذنب تصبح أطول مع اقتراب المذنب من الشمس ويمكن أن يصل طوله إلى ملايين الأميال. يتشكل ذيل الغبار عندما تدفع الرياح الشمسية جزيئات صغيرة في الذؤابة إلى مسار منحني ممدود. في حين أن الذيل الأيوني يتكون من جزيئات غاز مشحونة كهربائيًا.

يمكننا أن نرى عددًا من المذنبات بالعين المجردة عندما تمر بالقرب من الشمس لأن الذؤابة الخاصة بها وذيولها تعكس ضوء الشمس أو حتى تتوهج بسبب الطاقة التي تمتصها من الشمس. ومع ذلك، فإن معظم المذنبات صغيرة جدًا أو باهتة جدًا بحيث لا يمكن رؤيتها بدون تلسكوب.

تترك المذنبات وراءها أثرًا من الحطام الذي يمكن أن يؤدي إلى زخات الشهب على الأرض. على سبيل المثال، تحدث زخات شهب البرشاويات كل عام بين 9 و13 أغسطس عندما تمر الأرض عبر مدار المذنب «Swift-Tuttle».

أنواع المذنبات

يصنف علماء الفلك المذنبات بناءً على فترات مداراتها حول الشمس إلى:

المذنبات طويلة الأمد

«المذنبات طويلة الأمد-Long-period comets» لها فترات مدارية أطول من 200 سنة. بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما تميل مداراتها إلى مسار الشمس مما يشير إلى أنها، مثل المذنبات قصيرة المدى من نوع هالي، تنشأ في الغلاف الكروي للأجسام الجليدية المعروفة باسم سحابة أورت.

مذنبات قصير الأمد

يُعرف المذنب الذي تقل مدته المدارية عن 200 عام باسم «مذنب قصير الأمد-short-period comet» أو «مذنب دوري-periodic comet» ويعتقد أنها تنشأ من حزام كايبر خارج مدار نبتون. تنقسم هذه المذنبات الآن إلى «مذنبات عائلة المشتري-Jupiter-family comets» بفترات تقل عن 20 عامًا ومدارات لا تمتد إلى ما بعد المشتري، و«مذنبات من نوع هالي-Halley-type comets» بفترات تتراوح من 20 إلى 200 عام ومدارات شديدة الانحدار.

أنواع أخرى

هناك أيضًا المذنبات ذات الظهور الفردي الغير مرتبطة بالشمس التي تدور في المدارات التي تخرجها من النظام الشمسي. كما تصطدم بعض المذنبات التي تسمى «راعي الشمس-sun-grazers» مباشرة بالشمس أو تقترب منها لدرجة أنها تتفكك وتتبخر.

تسمية المذنبات

تسمى المذنبات عمومًا باسم مكتشفها. على سبيل المثال، حصل المذنب «Shoemaker-Levy 9» على اسمه لأنه كان تاسع مذنب قصير المدى اكتشفه يوجين وكارولين شوميكر وديفيد ليفي. أثبتت المركبات الفضائية فعاليتها في اكتشاف المذنبات أيضًا، لذا فإن أسماء العديد من المذنبات تتضمن أسماء بعثات مثل «SOHO»أو «WISE».

الفرق بين الكويكبات والمذنبات والنيازك

الكويكبات

هذه هي البقايا الصخرية والخالية من الهواء من تكون الكواكب في نظامنا الشمسي. يدور معظمهم حول شمسنا في حزام الكويكبات بين المريخ والمشتري ويتراوح حجمهم من حجم السيارات إلى الكواكب القزمة.

المذنبات

المذنبات عبارة عن كرات ثلجية في الفضاء تتكون في الغالب من الجليد والغبار والتي تشكلت خلال ولادة النظام الشمسي قبل 4.6 مليار سنة. تمتلك معظم المذنبات مدارات مستقرة في الامتدادات الخارجية للنظام الشمسي بعد كوكب نبتون. توجد المذنبات عمومًا فقط في المناطق البعيدة للنظام الشمسي في منطقتين تدعى حزام كايبر وسحابة أورت.

النيازك والشهب والأحجار النيزكية

«النيازك-Meteoroids» هي كويكبات صغيرة أو فتات المذنبات وأحيانًا الكواكب. ويتراوح حجمها من حبة رمل إلى صخور بعرض 3 أقدام (1 متر). عندما تتصادم النيازك مع الغلاف الجوي للكوكب، فإنها تتحول إلى «شهب-Meteors». إذا نجت تلك النيازك من الغلاف الجوي وضربت سطح الكوكب، فإن بقاياها تسمى «الأحجار النيزكية-Meteorites».

المصادر

ما هو خسوف القمر؟

هذه المقالة هي الجزء 16 من 18 في سلسلة دليلك لفهم أهم الأجرام والظواهر الفلكية

بعض الحضارات فسرت هذه الظاهرة على أنها شيء مخيف جالب للشر، بينما فسرتها بعض الحضارات الأخرى على أنها ظاهرة لا يجب الخوف أو الحذر منها بل استقبالها بكل حفاوة. ثم جاء العلم فيما بعد بالطبع لتوضيح أسباب هذه الظاهرة وهدم أية خرافات متعلقة بها. فما هو خسوف القمر؟ وما هي أنواعه؟

كيف يحدث خسوف القمر؟

يتحرك القمر في مدار حول الأرض وفي الوقت نفسه تدور الأرض حول الشمس. في بعض الأحيان تتحرك الأرض بين الشمس والقمر وعندما يحدث هذا، تحجب الأرض ضوء الشمس الذي ينعكس عادة بواسطة القمر (ضوء الشمس هذا هو ما يجعل القمر يضيء). بدلاً من أن ينعكس الضوء من على سطح القمر، يسقط ظل الأرض على القمر، هذا هو «خسوف القمر-lunar eclipse». ويحدث هذا فقط عندما يكتمل القمر ويكون بدرًا. ونظرًا لأن مدار القمر حول الأرض يقع في مستوى مختلف قليلاً عن مدار الأرض حول الشمس، فإن المحاذاة المثالية لهذه الظاهرة لا تحدث دائمًا عندما يكون القمر مكتمل، ولكنها تحدث في حالات معينة.

الأنواع

«الخسوف الكلي للقمر-Total lunar eclipse»

يحدث حين يسقط «ظل الأرض الكامل-umbra» على القمر. لن يختفي القمر تمامًا، لكنه سيُلقى في ظلام رهيب يجعل من السهل تفويته إذا لم تكن تبحث عن الكسوف. لكن بعض ضوء الشمس الذي يمر عبر الغلاف الجوي للأرض يكون مبعثرًا ومنكسرًا أو منحنيًا، ويعاد تركيزه على القمر، مما يمنحه توهجًا خافتًا حتى خلال العملية برمتها. إذا كنت تقف على القمر وتنظر إلى الشمس، فسترى القرص الأسود للأرض يحجب الشمس بأكملها، لكنك سترى أيضًا حلقة من الضوء المنعكس يتوهج حول حواف الأرض. هذا هو الضوء الذي يقع على سطح القمر خلال الخسوف الكلي للقمر.

يتطور الخسوف الكلي للقمر بمرور الوقت، وعادةً ما يستغرق ذلك بضع ساعات للحدث بأكمله. وإليك كيفية عملها: تلقي الأرض ظلين يسقطان على القمر أثناء خسوف القمر. وهما «الظل-umbra» هو ظل كامل ومظلم و«شبه الظل-penumbra» هو ظل خارجي جزئي. ثم يمر القمر عبر هذه الظلال على مراحل. المراحل الأولية والنهائية، عندما يكون القمر في شبه الظل، ليست ملحوظة جدًا، لذا فإن أفضل جزء من الكسوف يكون خلال منتصف الحدث.

«الخسوف الجزئي للقمر-Partial lunar eclipse»

بعض حالات الخسوف تكون جزئية فقط. ولكن حتى الخسوف الكلي للقمر يمر بمرحلة خسوف جزئي. خلال هذا النوع، لا تكون الشمس والأرض والقمر مصطفين بشكل مثالي تمامًا، ويبدو كأن ظل الأرض يأخذ قضمة من القمر. وفقًا لوكالة ناسا، فإن ما يراه الناس على كوكب الأرض أثناء هذه الظاهرة يعتمد على كيفية اصطفاف الشمس والأرض والقمر.

«خسوف شبه الظل للقمر-Penumbral lunar eclipse»

هذا هو أقل الأنواع إثارة للاهتمام، لأن القمر في «شبه الظل-Penumbra» الخارجي الخافت للأرض. ما لم تكن مراقب سماء متمرس، فمن المحتمل ألا تلاحظ التأثير، حيث يكون القمر مظللًا بطبقة رقيقة من ظل الأرض. وقال “آلان ماكروبرت” كبير المحررين في مجلة سكاي آند تلسكوب، في بيان له أن الجزء الخارجي من شبه الظل للأرض شاحب لدرجة أنك لن تلاحظ أي شيء حتى تصل حافة القمر إلى منتصف الطريق على الأقل.

وفقًا لخبير الكسوف “فريد إسبيناك” فإن حوالي 35 ٪ من جميع الحالات هي خسوف شبه الظل القمر. و30٪ عبارة عن الخسوف الجزئي، حيث يبدو وكأن قضمة قد أخذت من القمر. ونسبة الـ 35٪ الأخيرة هي للخسوف الكلي للقمر، وهو حدث طبيعي جميل.

لماذا يظهر القمر في الكسوف الكلي باللون الأحمر؟

أثناء هذه الظاهرة، سترى ظل الأرض يزحف على وجه القمر. سيظهر الظل داكنًا، مثل قضمة مأخوذة من بسكويت، حتى يغطي الظل القمر بالكامل. بعد ذلك، خلال الوقت الكلي للخسوف، غالبًا ما يتغير الظل على وجه القمر فجأة. بدلًا من الظلام القاتم، يبدو باللون الأحمر. ينبع السبب من الهواء الذي نتنفسه. حيث أنه أثناء هذه الظاهرة، تقع الأرض مباشرة بين الشمس والقمر، مما يتسبب في إلقاء الأرض بظلالها على القمر. إذا لم يكن للأرض غلاف جوي، كان القمر سيظهر باللون الأسود، وربما حتى غير مرئي عندما يكون القمر بالكامل داخل ظل الأرض. ولكن بفضل الغلاف الجوي للأرض، فإن ما يحدث في الواقع هو أكثر دقة وجمالًا.

يمتد الغلاف الجوي للأرض حوالي 50 ميلاً (80 كم) فوق سطح الأرض. وعندما يكون القمر مغمورًا في ظل الأرض بالكامل، يشكل الغلاف الجوي حلقة دائرية حول الأرض تمر عبرها أشعة الشمس. يتكون ضوء الشمس من مجموعة من الترددات. عندما يمر ضوء الشمس عبر غلافنا الجوي، يتم تصفية الجزء الأخضر إلى البنفسجي من طيف الضوء بشكل أساسي. هذا التأثير نفسه، بالمناسبة، هو ما يجعل سمائنا زرقاء خلال النهار. وفي الوقت نفسه، فإن الجزء الأحمر من الطيف هو الأقل تأثراً.

علاوة على ذلك، عندما دخل هذا الضوء الأحمر الغلاف الجوي لأول مرة، كان منحنيًا و«منكسرًا-refracted» نحو سطح الأرض. هذا الضوء ينحني مرة أخرى عندما يخرج على الجانب الآخر من الأرض. يرسل هذا الانحناء المزدوج الضوء الأحمر إلى القمر أثناء الخسوف الكلي للقمر. اعتمادًا على ظروف الغلاف الجوي في وقت هذه الظاهرة (يمكن للغبار والرطوبة ودرجة الحرارة وما إلى ذلك أن تحدث فرقًا)، سيضيء الضوء الناجي من الغلاف الجوي القمر بلون يتراوح من اللون النحاسي إلى الأحمر الغامق.

كيفية المشاهدة

تعد هذه الظاهرة واحدة من الأحداث السماوية التي يمكن مراقبتها بسهولة. ما عليك سوى الخروج والبحث والاستمتاع. لا تحتاج إلى تلسكوب أو أي معدات خاصة أخرى. ومع ذلك، فإن المنظار أو التلسكوب الصغير يبرز تفاصيل سطح القمر ويجعل مراقبة القمر مثيرة للاهتمام أثناء هذه الظاهرة.

المصادر

ما هي متفردة الثقب الأسود؟

هذه المقالة هي الجزء 4 من 10 في سلسلة رحلة إلى أعتم أجسام الكون، "الثقوب السوداء"

ما هي متفردة الثقب الأسود؟

لكي نفهم مفهوم «المتفردة-singularity»، لا بد من تخيل مقدار هائل من الجاذبية، يضغطك إلى نقطة لا متناهية الصغر، بحيث لا يجعلك تشغل -حرفيًا- أيّ حجم يذكر. قد يبدو لك الأمر مستحيلًا، وهو بالفعل كذلك! ومتفردات كهذه، والتي يعتقد أنها موجودة داخل الثقوب السوداء وفي بداية الانفجار العظيم، لا تمثل شيئًا فيزيائيًا. بل يظهر مفهومها في الرياضيات ليخبرنا أن نظرياتنا الفيزيائية تنهار، وأننا نحتاج لتبديلها بنظريات أفضل.

تحديدًا، ما هي المتفردة؟

يمكن أن تحدث المتفردات في أي مكان، وهي شائعة بشكل كبير في الرياضيات التي يستخدمها الفيزيائيون ليعبروا عن نظرياتهم. وبشكل مبسط، يمكن القول أن المتفردات هي نقاط تسلك الرياضيات فيها سلوكًا “شاذًا”، غالبًا بإنتاجها أرقامًا كبيرةً لا منتهية، أو بأن يصبح التابع غير معرف في نقطة ما أو غير قابل للاشتقاق عندها. وكمثال على المتفردات في الرياضيات نأخذ العملية 1/X. فعمليًا، كلما أخذت معادلة ما القيمة السابقة، وسعت قيمة X إلى الصفر، تسعى قيمة المعادلة إلى اللانهاية. فنقول أن التابع السابق غير معرف عند الصفر، أي يملك متفردة عند الصفر. ويمكن حل غالبية هذه المتفردات بالإشارة إلى أنها تنقص عاملًا مفقودًا يجب إضافته إلى معادلتها. أو إلى استحالة الوصول إلى قيمتها الفعلية، وكأن نقول أن المتفردات غير “حقيقية”. [1]

الخط البياني للتابع 1/X

متفردة الجاذبية

ولكن بعض المتفردات في الفيزياء لا تحل بهذه البساطة. ومن أشهرها «متفردات الجاذبية-gravitational singularities»، أي القيم اللامنتهية التي تظهر في نظرية النسبية العامة لأينشتاين، أفضل نظرية حالية لوصف الجاذبية. في النسبية العامة، يوجد نوعان رئيسيان من المتفردات، هما «متفردة الإحداثيات-coordinate singularity»، و«المتفردة الحقيقية-Real singularity». تحدث متفردات الإحداثيات عندما تظهر لا نهاية في جملة إحداثيات معينة، وتختفي عند اختيار جملة أخرى، فتكون ظاهرية فقط.

*جملة الإحداثيات: في هذه الحالة تبين الاحداثيات المستخدمة للتعبير عن الزمان والمكان. [2]

مثلًا، طبق الفيزيائي «كارل شوارزشايلد-Karl Schwarzschild» قوانين النسبية العامة على نظام بسيط لكتلة كروية، مثل النجوم. فوجد أن حلول المعادلات تضمنت متفردتين: إحداهما في مركز الكرة، والأخرى على بعد معين من مركزها. وتعرف المسافة الثانية اليوم ب «نصف قطر شوارزشايلد-Schwarzschild radius» وتتعلق بكتلة الجسم. لعدة سنوات اعتقد الفيزيائيون أن كلا المتفردتين تمثل انهيارًا لقوانين الفيزياء، ولكنهم لم يبالوا للثانية طالما كان نصف قطر الكتلة الكروية أكبر من نصف قطر شوارزشايلد.

ولكن ما الذي يحدث لو تقلص جسم ما لأقل من نصف قطر شوارزشايلد الخاص به؟ عندها ستقع المتفردة الثانية خارج الجسم، ويعني أن النسبية العامة ستنهار في مكان لا يجب أن تنهار فيه. ولم تطل المعضلة حتى اكتشف العلماء أن متفردة نصف قطر شوارزشايلد هي متفردة إحداثيات لا أكثر. ومجرد تغيير في نظام الإحداثيات المستخدم يزيل المتفردة، ويحمي النسبية العامة من الانهيار. [3]

أين تحدث متفردات الجاذبية؟

بقيت المتفردة المتمركزة داخل مركز الجسم بينما أزيلت قرينتها. لأنك إن ضغطت جسمًا ما لأقل من نصف قطر شوارزشايلد الخاص به، تصبح جاذبيته شديدةً لدرجة أنه ينهار على نفسه باستمرار إلى نقطة لا متناهية الصغر. ولعقود من الزمن، تناقش الفيزيائيون حول إمكانية حدوث انهيار في اللانهاية كهذا، أو وجود قوة تمنع هكذا انهيار. ففي حين تحافظ «الأقزام البيضاء-white dwarfs» و«النجوم النيوترونية-neutron stars» على نفسها من الانهيار، أي جسم كتلته أكبر من 6 أضعاف كتلة الشمس سيملك مقدارًا هائلًا من الجاذبية. وتتغلب جاذبيته على كل قوى الطبيعة فينهار في نقطة لا منتهية، تشكل متفردةً حقيقة. [4]

ما هي المتفردة المجردة؟

إن التعريف السابق ذكره هو التعريف الفعلي لماهية «الثقب الأسود-black hole». فهو نقطة كثافتها لا متناهية، تحاط بأفق حدث يقع عند نصف قطر شوارزشايلد. حيث “يحمي” أفق الحدث المتفردة داخل الثقب، مانعًا المراقبين الخارجيين من رؤيتها إلا إذا عبروا أفق الحدث. اعتقد الفيزيائيون سابقًا أنه في النسبية العامة، تحاط جميع المتفردات بآفاق حدث. وعرف المفهوم السابق باسم «فرضية الرقابة الكونية-the Cosmic Censorship Hypothesis». وسموها كذلك لأنهم اعتقدوا بوجود عملية ما في الكون “تكون رقيبة” على المتفردات وتمنعها من أن تكون مرئية. ثم أظهرت المحاكاة الحاسوبية إمكانية وجود «متفردات مجردة-naked singularities». حيث تكون المتفردة المجردة عبارةً عن متفردة بدون أفق حدث، مما يجعلها قابلة للرصد من العالم الخارجي. ولكن يبقى وجود هكذا متفردات موضع جدل العلماء حتى اليوم. [5]

ما الذي يوجد في مركز الثقب الأسود؟   

ولأنها تعتبر متفردات رياضية، لا أحد يعلم حقًا ماذا يوجد في مركز الثقوب السوداء. ولكي نعلم ذلك، نحتاج إلى نظرية أخرى غير نظرية النسبية العامة، لأنها تنهار في المتفردة. وتحديدًا، نحتاج إلى نظرية كم للجاذبية، أي نظرية تصف سلوك الجاذبية القوية على مقاييس صغيرة جدًا. توجد بعض الفرضيات التي تعدل أو تستبدل نظرية النسبية العامة كليًا محاولةً وصف متفردة الثقب الأسود. ومنها فرضية «نجوم بلانك-Planck stars»، وهي حالة افتراضية لمادة شديدة الانضغاط. و«نجوم الطاقة المظلمة-dark energy stars»، وهي حالة افتراضية لطاقة الفراغ، تبدو وتتصرف كثقب أسود. وحتى يومنا هذا، تبقى  هذه الأفكار مجرد افتراضات لن تجيب عنها إلا نظرية كم الجاذبية المنتظرة. [6]

ما هي متفردة الانفجار العظيم؟

تعتبر «نظرية الانفجار العظيم-The Big Bang theory» والتي تفترض صحة النسبية العامة، النموذج الكوني الحديث لتاريخ كوننا. كما تتضمن متفردة تقع في الماضي البعيد، منذ حوالي 13.77 مليار سنة. فبحسب هذه النظرية، كان الكون بأكمله منضغطًا في نقطة لا متناهية الصغر تشكل ما يعرف بمتفردة الانفجار العظيم. [7]

ويعلم الفيزيائيون اليوم أن الاستنتاج السابق خاطئ. فرغم نجاحها الكبير في وصف تاريخ كوننا، إلا أنه وكما في الثقوب السوداء، يخبرنا وجود متفردة في الانفجار العظيم -مرة أخرى- أن نظرية النسبية العامة غير مكتملة، وتحتاج للتحديث.

المصادر

The Basque Center of Applied Mathematics [1]
The Stanford Encyclopedia of Philosophy [2]
[3] the University of California
Universe Today [4]
ScientificAmerican [5]
Physics of the Universe[6]
The Astrophysics Data System[7]

ما هو كسوف الشمس؟

هذه المقالة هي الجزء 15 من 18 في سلسلة دليلك لفهم أهم الأجرام والظواهر الفلكية

يعد كسوف الشمس أحد أكثر العروض السماوية دراماتيكية في الطبيعة، ويحدث عندما تصطف الأرض والقمر والشمس في نفس المستوى ويمر القمر بين الأرض والشمس، ويغطي جزئيًا أو كليًا أقرب نجم لنا. في هذا المقال سنتحدث عن كسوف الشمس.

كيف يحدث الكسوف

يحدث عندما يكون القمر بين الأرض والشمس، والقمر يلقي بظلاله على الأرض. يمكن أن يحدث كسوف الشمس فقط في مرحلة المحاق (New moon)، عندما يمر القمر مباشرة بين الشمس والأرض وتسقط ظلاله على سطح الأرض. ولكن ما إذا كان هذا الاصطفاف ينتج كسوفًا كليًا أو جزئيًا أو حلقيًا للشمس يعتمد على عدة عوامل، كل ذلك سوف يتم توضيحه في المقال. منذ أن تشكل القمر منذ حوالي 4.5 مليار سنة، كان يبتعد تدريجيًا عن الأرض (بحوالي 1.6 بوصة، أو 4 سنتيمترات في السنة). يقع القمر الآن على مسافًة مثالية ليظهر في سمائنا بنفس حجم الشمس تمامًا، وبالتالي يستطيع حجبها. لكن هذا ليس صحيحًا دائمًا.

أنواع الكسوف الشمسي

الكسوف الكلي للشمس (Total solar eclipse)

إن قطر الشمس يبلغ 864000 ميل. أي أنه أكبر بـ 400 مرة من قطر قمرنا الضئيل، الذي يبلغ قياسه حوالي 2160 ميلًا فقط. لكن القمر أقرب إلى الأرض بحوالي 400 مرة من الشمس (تختلف النسبة لأن كلا المدارين بيضاوي الشكل)، ونتيجة لذلك، عندما تتقاطع المستويات المدارية وتصطف المسافات بشكل مثالي، يمكن أن يظهر المحاق وكأنه يمحي قرص الشمس تمامًا. في المتوسط، يحدث الكسوف الكلي في مكان ما على الأرض كل 18 شهرًا تقريبًا.

يوجد في الواقع نوعان من الظلال: الظل (umbra) هو ذلك الجزء من الظل حيث يتم حجب كل ضوء الشمس. يأخذ الظل شكل مخروط نحيل مظلم. وهو محاط بالظل المشعشع (penumbra)، وهو ظل أفتح على شكل قمع يحجب عنه ضوء الشمس جزئيًا. خلال الكسوف الكلي للشمس، يلقي القمر ظله (umbra) على سطح الأرض. أولئك الذين حالفهم الحظ في وجودهم في المسار المباشر لمنطقة الظل، سوف يرون قرص الشمس يتضاءل إلى هلال بينما يندفع ظل القمر الداكن نحوهم عبر المناظر الطبيعية.

خلال فترة الكلية (totality) القصيرة، عندما تكون الشمس مغطاة بالكامل، يتم الكشف عن الهالة (corona) الجميلة، وهي الغلاف الجوي الخارجي الضعيف للشمس. قد تستمر الكلية لمدة 7 دقائق و 31 ثانية، على الرغم من أن معظم الكسوف الكلي عادة ما يكون أقصر من ذلك بكثير. تعتمد القدرة على مشاهدته بشدة على موقعك ووجود سماء صافية (أو على الأقل غيوم غير مكتملة).

الكسوف الجزئي للشمس (Partial solar eclipse)

يحدث عندما يمر القمر بشكل مباشر تقريبًا بين الشمس والأرض وعندما يكون الشخص الذي يراقب الكسوف في منطقة شبه الظل. في هذه الحالة، يظل جزء من الشمس دائمًا مرئيًا أثناء الكسوف. يعتمد مقدار ما يبقى مرئيًا من الشمس على ظروف محددة. على عكس الكسوف الكلي للشمس، لا يحجب الكسوف الجزئي ضوء الشمس تمامًا، لذلك لا يصبح الوضع مظلمًا بالخارج كما هو الحال أثناء كسوف كلي.

الكسوف الجزئي للشمس

كسوف الشمس الحلقي (Annular solar eclipse)

الكسوف الحلقي، رغم أنه مشهد نادر ومدهش، يختلف كثيرًا عن الكسوف الكلي. ستظلم السماء إلى حد ما، وسوف يكون المشهد نوعًا من الشفق المزيف الغريب حيث أن جزئًا كبيرًا من الشمس لا يزال يظهر. الكسوف الحلقي هو نوع فرعي من الكسوف الجزئي، وليس كليًا. أقصى مدة للكسوف الحلقي هي 12 دقيقة و 30 ثانية.

ومع ذلك، فإنه يشبه الكسوف الكلي حيث يبدو أن القمر يمر مركزيًا عبر الشمس. الفرق هو أن القمر أصغر من أن يغطي قرص الشمس بالكامل. نظرًا لأن القمر يدور حول الأرض في مدار بيضاوي الشكل، يمكن أن تختلف المسافة بين القمر والأرض من 221،457 ميلاً إلى 252712 ميلاً. لكن مخروط الظل المظلم لظل القمر (umbra) يمكن أن يمتد لمسافة لا تزيد عن 235.700 ميل. هذا أقل من متوسط ​​مسافة القمر من الأرض. لذلك إذا كان القمر على مسافة أكبر، فإن طرف الظل (umbra) لا يصل إلى الأرض. خلال مثل هذا الكسوف، يصل ما يسمى بال (antumbra)، وهو استمرار نظري للظل، إلى الأرض ويمكن لأي شخص موجود بداخله أن ينظر إلى ما وراء جانبي الظل ويرى حلقة النار (ring of fire) حول القمر.

ببساطة شديدة نشهد كسوفًا كليًا وحلقيًا لأن المسافة بين الأرض والقمر تختلف. عندما يكون القمر قريبًا من الأرض، يظهر بحجم الشمس ونرى كسوفًا كليًا للشمس. عندما يكون بعيدًا، يبدو أصغر من الشمس ونرى كسوفًا حلقيًا.

الكسوف الشمسي الهجين (Hybrid solar eclipses)

هو نوع من كسوف الشمس الذي يشبه كسوف الشمس الحلقي أو الكسوف الكلي للشمس، اعتمادًا على موقع المراقب على طول مسار الكسوف المركزي. أثناء الكسوف الشمسي الهجين، يجلب انحناء الأرض بعض أجزاء مسار الكسوف إلى ظل القمر (umbra)، وهو الجزء الأكثر قتامة من ظله الذي يخلق كسوفًا كليًا للشمس، بينما تظل المناطق الأخرى خارج نطاق الظل، مما يتسبب في حدوث كسوف حلقي.

الكسوف الشمسي الهجين

كيفية التنبؤ بالكسوف

بالطبع لا يحدث عند كل محاق. وذلك لأن مدار القمر مائل بما يزيد قليلاً عن 5 درجات بالنسبة إلى مدار الأرض حول الشمس. لهذا السبب، عادة ما يمر ظل القمر إما فوق الأرض أو تحتها، لذلك لا يحدث كسوف للشمس. لكن كقاعدة عامة. يحدث على الأقل مرتين كل عام (وأحيانًا ما يصل إلى خمس مرات في السنة). فإن القمر الجديد سيحاذي نفسه تمامًا بطريقة لإحداث كسوف الشمس. تسمى نقطة المحاذاة هذه العقدة (node). اعتمادًا على مدى اقتراب القمر الجديد من العقدة، ستحدد ما إذا كان الكسوفًا مركزيًا أم جزئيًا. وبالطبع، فإن مسافة القمر من الأرض وبدرجة أقل، مسافة الأرض عن الشمس ستحدد في النهاية ما إذا كان الكسوف المركزي كليًا أم حلقيًا أم هجينًا.

ولا تحدث هذه الاصطفافات بشكل عشوائي، لأنه بعد فترة زمنية محددة سيتكرر الكسوف نفسه أو يعود. تُعرف هذه الفترة الزمنية بدورة ساروس (Saros cycle)، وهي معروفة منذ زمن علماء الفلك الكلديون الأوائل منذ حوالي 28 قرنًا. تعني كلمة Saros التكرار وهي تساوي 18 عامًا أو 11 يومًا وثلث (أو يوم أقل أو أكثر اعتمادًا على عدد السنوات الكبيسة التي تدخلت). بعد هذا الفاصل الزمني، تكون المواضع النسبية للشمس والقمر بالنسبة للعقدة هي نفسها تقريبًا كما كانت من قبل. يتسبب ثلث اليوم في الفترة الفاصلة في إزاحة مسار كل خسوف لسلسلة في خط الطول بمقدار ثلث الطريق حول الأرض إلى الغرب بالنسبة إلى سابقتها. على سبيل المثال، في 29 مارس 2006، اجتاح كسوف كلي أجزاء من غرب وشمال إفريقيا ثم عبر جنوب آسيا. وبعد دورة ساروس واحدة. في 8 أبريل 2024. سيتكرر هذا الكسوف، باستثناء بدلاً من إفريقيا وآسيا، سوف يحدث في شمال المكسيك ووسط وشرق الولايات المتحدة والمقاطعات البحرية لكندا.

كسوف الشمس ونظرية النسبية

اعتقد نيوتن أن الجاذبية كانت قوة بين جسمين، لكن نظرية أينشتاين للنسبية العامة لعام 1915م اعتمدت على فكرة أن الجاذبية تسبب انحناء الزمكان. وهذا يعني أن الأجسام الضخمة مثل النجوم تتسبب في انحناء مسار الضوء أثناء مروره بها. والشمس تعتبر جسم ضخم، وفقًا لنظرية أينشتاين، من شأنه أن يحني الضوء من النجوم البعيدة أثناء مروره أمامها. وعادةً ما تكون الشمس شديدة السطوع بحيث لا تلاحظ هذا الضوء. ولكن في الدقائق المظلمة القليلة من حدوث كسوف كلي، يمكنك رؤية النجوم بالقرب من الشمس.

منذ ما يزيد قليلاً عن 100 عام، قام رجل يدعى” آرثر إدينجتون” بإعداد رحلة استكشافية إلى موقعين. ذهب أحد الفريقين إلى جزيرة برينسيبي الواقعة في غرب إفريقيا، وذهب الآخر إلى سوبرال بالبرازيل. أتاح ذلك التقاط صور للكسوف من موقعين قياسات مقارنة لمواقع النجوم لإثبات صحة نظرية أينشتاين.

مشاهدته بالعين المجردة ضار

وفقًا للخبراء، يمكن أن يؤدي مشاهدة الشمس بالعين المجردة أثناء الكسوف إلى حرق شبكية العين، مما يؤدي إلى إتلاف الصور التي يمكن لدماغك مشاهدتها. يمكن أن تسبب هذه الظاهرة، المعروفة باسم “عمى الكسوف”، ضعفًا مؤقتًا أو دائمًا في الرؤية، وفي أسوأ السيناريوهات يمكن أن تؤدي إلى العمى القانوني (إذا كنت أعمى قانونيًا، فإن رؤيتك تكون 20/200 أو أقل في عينك الطبيعية. أو أن مجال رؤيتك أقل من 20 درجة. هذا يعني أنه إذا كان جسم ما على بعد 200 قدم، فعليك الوقوف على بعد 20 قدمًا من أجل رؤيته بوضوح. لكن يمكن لأي شخص يتمتع برؤية طبيعية أن يقف على بعد 200 قدم ويرى هذا الشيء تمامًا.)، مما يؤدي إلى فقدان كبير في الرؤية.

لا توجد أعراض فورية أو ألم مرتبط بالضرر، حيث لا تحتوي شبكية العين على أي مستقبلات للألم، لذلك من الصعب في ذلك الوقت معرفة ما إذا كنت مصابًا بالفعل بعمى الكسوف. إذا نظرت إلى الشمس بدون حماية، فقد تلاحظ على الفور تأثيرًا رائعًا أو وهجًا بالطريقة التي قد تلاحظها من أي جسم لامع  ولكن هذا لا يعني بالضرورة تلف شبكية العين. تبدأ الأعراض عمومًا في الظهور بعد 12 ساعة من مشاهدة الكسوف، عندما يستيقظ الناس في الصباح ويلاحظون أن رؤيتهم قد تغيرت ولا يمكنهم رؤية الوجوه في المرآة، ولا يمكنهم قراءة الصحيفة أو شاشة الهاتف الذكي، ويواجهون مشكلة في النظر إلى لافتات الطرق.

المصادر

اختبار مساق رحلة بين الألغاز الكونية

هذه المقالة هي الجزء 9 من 9 في سلسلة رحلة بين 8 ألغاز كونية مذهلة!

املأ الاستمارة من فضلك في نهاية الاختبار، فستساعدنا في استخراج شهادة بإتمامك قراءة مقالات المساق.

هذا المساق متاح للأعضاء المسجلين فقط، سجل عضوية في موقعنا وسيتاح لك إكمال الاختبار للحصول على شهادة.


كيف تتشكل الثقوب السوداء؟

هذه المقالة هي الجزء 3 من 10 في سلسلة رحلة إلى أعتم أجسام الكون، "الثقوب السوداء"

تعرف «الثقوب السوداء-Black holes» بأنها مناطق من نسيج الزمان-المكان تكون جاذبيتها عالية لدرجة حتى الضوء لا يستطيع الفرار منها. ولعل أكثر خواصها أهمية وإثارةً للانتباه –وهو الجاذبية الهائلة- يعود إلى الطريقة العنيفة التي تشكلت بها. ولاسيما أن أعظم العلم يختبئ في البدايات، فكيف تتشكل الثقوب السوداء؟

لا تتشكل الثقوب السوداء من تلقاء ذاتها، بل يمكن اعتبارها مرحلةً متأخرةً أو مصيرًا محتملًا للنجوم فائقة الكتلة. فهي ببساطة ما تؤول إليه بعض النجوم بعد موتها.

كيف تموت النجوم؟

يتحدد مصير النجوم منذ ولادتها. حيث تنشأ النجوم عند دوران سحابة عملاقة من الغاز حول نفسها، فينضغط الغاز وتزداد سرعة دورانه تباعًا. يؤمن الضغط والحرارة هذان البيئة لحدوث تفاعلات الاندماج النووي التي تحدث على ثلاث مراحل. وتتحول فيها نواتا ذرتي هيدروجين (البروتون حيث لا تحتوي نواته على نيوترون) إلى ذرة «ديتريوم-Deuterium»، لتندمج الأخيرة مع بروتون آخر معطيةً ذرة هيليوم-3. وأخيرًا تندمج ذرة الهيليوم-3 مع بروتون وتعطي ذرة هيليوم-4 مكونة من بروتونين اثنين ونيوترونين. وتكون كتلة نواة الهيليوم الناتجة أصغر بقليل من مجموع كتل الجسيمات التي تكونها. أما فرق الكتلة هذا فيتحول إلى طاقة تنطلق بشكل أشعة كهرومغناطيسية تنبعث خارج النجم. [1]

التوازن الهيدروستاتيكي

يصحب إطلاق الأشعة الكهرومغناطيسية الناتجة عن التفاعلات النووية ضغط متجه نحو الخارج، في حين تؤثر الجاذبية في كل نقطة من الشمس محاولة ضغطها نحو الداخل. وأما التوازن بين هاتين القوتين المتعاكستين فيسمى «التوازن الهيدروستاتيكي-Hydrostatic equilibrium» وهو حالة ترافق النجوم طيلة حياتها، ويؤدي غيابه إلى انهيارها على نفسها بفعل الجاذبية. [2]

والآن لنتخيل أن وقود النجم من الهيدروجين (أو أي عنصر آخر كانت تجري عليه التفاعلات سابقًا) نفذ، وكانت درجة حرارته لا تكفي لحدوث تفاعلات الاندماج النووي على  ذرات أثقل منه. في هذه الحالة ينعدم التوازن الهيدروستاتيكي بسبب انعدام الضغط المتجه خارج النجم. في حين لا تتأثر قوة الجاذبية، بل تصبح مسيطرةً على حالة النجم، وهنا يموت النجم منكمشًا على نفسه. [3]

مصير النجوم وحد تشاندراسيخار

يعتمد مصير النجم بعد موته على الحالة التي سيتوقف عندها عن الانهيار. وبما أن انهيار النجم يحدث بفعل الجاذبية، والتي تتحدد شدتها بحسب كتلة النجم، فإن مصير النجم بأكمله متوقف على كتلته. وهنا يأتي مفهوم «حد تشاندراسيخار-Chandrasekhar limit» ليتوقع لنا مصير النجم بناءً على كتلته، حيث يساوي هذا الحد حوالي 1.4 كتلة شمسية. ويضعنا ذلك أمام احتمالين، إما أن تكون كتلة النجم أقل من هذا الحد أو أكبر منه. [4]

1.أقل من حد تشاندراسيخار

في أثناء انهيار النجم، تعمل الجاذبية على ضغط مادته بشدة لتجعل الذرات متراصةً فوق بعضها. وهنا يأتي دور «مبدأ باولي للاستبعاد-Pauli principle of exclusion» أحد أهم مبادئ ميكانيكا الكم. فيمنع هذا المبدأ الجسيمات مثل الالكترونات من التواجد في الحالة الكمية نفسها. [5]

تتعرف الحالة الكمية للإلكترونات بأربعة عناصر هي مستواه الطاقي الرئيسي في الذرة (العدد الكمي الرئيسي n)، ومستواه الطاقي الثانوي (العدد الكمي المداري l)، وتوجه مداره في الفراغ (عدده الكمي المغناطيسي m)، وحركته المغزلية وجهتها (عدده الكمي المغزلي s). [6]

وفي حين تعمل الجاذبية بضغطها جميع الذرات إلى نفس النقطة على جعل جميع الكترونات النجم في نفس الحالة الكمية مخالفةً مبدأ باولي، تقاومها قوة تعرف باسم «قوة تنكس الالكترونات-Electron degeneracy pressure». وتوقف هذه القوة انهيار النجم فيتشكل ما يسمى «القزم الأبيض-White dwarf».
[7]

تكون هذه القوة كافية لردع قوة الجاذبية في حال كانت كتلة النجم أقل أو مساوية لحد تشاندراسيخار. ولكن في حال كان أكبر من ذلك، تفشل قوة تنكس الالكترونات ويستمر الانهيار. [4]

2. أكبر من حد تشاندراسيخار

في هذه الحالة، يستمر النجم بالانهيار على نفسه، مجبرًا الالكترونات والبروتونات على الانصهار والتحول إلى نيوترونات، فتصبح مادته ذات كثافة فائقة. وهنا يأتي دور مبدأ باولي بالاستبعاد مرة أخرى. ولكن بدلًا من تطبيقه على الالكترونات نطبقه على النيوترونات، حيث ينشأ ما يعرفه الفلكيون باسم «قوة تنكس النيوترونات- Neutrons degeneracy pressure». وكسابقتها، توقف هذه القوة النجم عن الانهيار، ويصبح اسمه نجمًا نيوترونيًا.

وكما في الحالة السابقة، تكون هذه القوة غير كافية لردع قوة الجاذبية في حالة كانت كتلة النجم أكبر ن 3 أضعاف كتلة الشمس. [8]

تشكل الثقوب السوداء

في حالة كانت كتلة النجم أكبر من 3 أضعاف كتلة الشمس، فليس هناك قوة في الطبيعة، ولا أي قوة كمية، ولا ضغط تنكس كمي في الكون قادر على إيقاف الانهيار الذي سيستمر موصلًا المادة إلى حالة من أغرب ما رصده الإنسان في الكون، أو ما نعرفه باسم الثقوب السوداء. ففي حالة الثقوب السوداء، تكون كثافة المادة عالية لدرجة أنها تدفع منطقتها من نسيج الزمان -المكان إلى ما وراء هذا النسيج، مبعدةً إياه عن أنظار باقي الكون. [9]

وحتى هذه اللحظة، لا زال بالإمكان اعتبار الثقوب السوداء أحد ألغاز كوننا، ورغم أن ما نعرفه عنها ليس بقليل، لكنه بالتأكيد لا يرنو للإحاطة بغموضها وكشف ما تخفيه وراءها.

المصادر:

[1] CERN
[2] Harvard CFA
[3] The National Radio Astronomy Observatory
[4] NASA
[5] ScienceDirect
[6] ScienceDirect_2
[7] Western Michigan university
[8] NASA_2
[9] space

من هو يوهانس كبلير؟ وما هي إنجازاته؟

لم تعلم والدة يوهانس كبلير أن رضيعها الهزيل المريض، سيلمع اسمه في علم الفلك والرياضيات لمدة خمس قرون. وسيسطر التاريخ اسمه كأحد أهم علماء القرن السادس عشر.

طفولته

ولد يوهانس كبلير في مدينة فورتمبيرغ الألمانية في 27 ديسمبر عام 1571م. انحدر من أسرة فقيرة، كان والده جنديًا، وقد غادر المنزل للمرة الأخيرة عندما كان يوهانس في الخامسة من العمر. عاش كبلير مع والدته في نزل جده، والتحق بالمدرسة المحلية في سن مبكر.

كان المجتمع العلمي آنذاك راضخًا تحت سيطرة الحكم الكنسي. وكنوع من تعزيز الولاء للسلطة الكنسية، كان يتم إعطاء منح دراسية لأبناء الطبقة المعدمة، ليتسنى لهم  الحصول على التعليم الجامعي، الذي عُدَّ في تلك الفترة بمثابة بريق النور الذي سينتشلهم من نفق الفقر والعوز المظلم. إذ كان يتم تعيين الحاصلين على شهادة التعليم الجامعي في ميادين عديدة: كالتعليم في المدارس أوالتوظيف في الحكومة أو حتى التعيين كوزراء.

شبابه

التحق كبلير بجامعة توبنعن في عام 1589م، وأراد أن يصبح عالم لاهوت. لكن حياته لم تسر كما خطط لها إذ حالت النجوم وشغفه بالفلك والحساب دون ذلك.
أدرك كبلير على الرغم من تدينه أن كوبرنيكوس قد أصاب بنظريته حول مركزية الشمس، التي اضطر أن يتراجع عنها خوفًا من حكم الكنيسة. دفع الفضول كبلير إلى السعي والبحث حول صحة نظرية كوبرنيكوس رياضيًا. إلى أن استطاع في النهاية إثبات صحتها عن طريق ثلاثة قوانين، عرفت فيما بعد باسم قوانين كبلير.

قوانين كبلير

وهي ثلاثة قوانين عُنيت بدراسة حركة الكواكب.

القانون الأول : مدار كل كوكب عبارة عن قطع ناقص تقع الشمس في إحدى بؤرتيه

تدور الكواكب حول الشمس بحركة غير دائرية، بل على شكل قطع ناقص تقع الشمس بإحدى بؤرتيه. والقطع الناقص هو الشكل الذي نحصل عليه إذا قطعنا جسمًا اسطوانيًا بشكل مائل.

القانون الثاني: الخط الواصل بين كوكب والشمس يقطع مساحات متساوية خلال أزمنة متساوية

القانون الثاني

تختلف سرعة الكواكب في دورانها حول الشمس تبعًا لبعدها عنها. فإذا كانت قريبة منها، فإنها تدور بسرعة أكبر، وكلما زاد بعدها كلما قلت سرعتها في الدوران. حيث تتساوى مساحة المثلثين المتشكلين بين الشمس وقوس المسافات المغطاة من كوكبين في نفس الوقت.
ولفهم القانون الثاني: يمكننا أن نتخيل بأن كوكبًا ما يستغرق مدة قدرها يوم للانتقال من نقطة معينة إلى نقطة أخرى. وليكن من النقطة “أ” إلى النقطة “ب”، إن الخطوط من الشمس إلى النقاط “أ” و”ب”، تشكل مع مدار الكوكب مساحة مثلثية. وهي ذات المساحة التي سيتم رسمها كل يوم بغض النظر عن موقع الكوكب على المسار الإهليلجي. وبالاستناد إلى القانون الأول فمن المنطقي أن يكون الكوكب على مسافات مختلفة من الشمس عند مناطق مختلفة في ذلك المدار. لذلك يجب على الكوكب التحرك على نحو أسرع، كلما اقترب من الشمس. وذلك حتى يقطع نفس المساحة التي قطعها في المناطق الأخرى، البعيدة عن الشمس بشكل متساوٍ.

القانون الثالث: مربع الفترة المدارية لكوكب يتناسب مع مكعب نصف المحور الرئيسي لمداره

وكان القانون الثالث وليس التفاحة هو الذي ساعد نيوتين على اكتشاف قانون الجاذبية.

يوهانس كبلير والرياضيات

قام كبلير بحساب اللوغاريتمات بطرق حسابية أبسط وأدق عن سابقيه. حيث كانت تلك الحسابات تستغرق وقتا طويلًا لإتمامها. كما أنشأ جداول دائمة يمكن أن تتنبأ بمواقع الكواكب، وقد ثبتتْ صحتها بعد وفاته. وقد وضع علاوة على ذلك أول دليلٍ على كيفية عمل الخوارزميات في عام 1624م.

كبلير والبصريات

علم كبلير أن العدسات في أعيننا تعكس الصور. وهذا يعني أن خيال الصور على شبكية العين يكون رأسًا على عقب. هذا ما دفعه لاستنتاج أن الصورة المقلوبة الواقعة على الشبكية يتم تصحيحها من قبل أدمغتنا. وبالإضافة إلى ذلك ساهم كبلير في تعديل تليسكوب غاليليو وذلك باستخدام العدسات المحدبة.

المد والجزر وعلاقة كبلير بذلك

اختلف كبلير مع غاليليو حول سبب المد والجزر على الأرض. فقد اعتقد غاليليو أن حدوث المد والجزر مرتبط بدوران الأرض. بينما رأى كبلير بأن للقمر علاقة بهذه الظاهرة، وقد كانت تخميناته في موضعها الصحيح.

كبلير وصراعه مع تهمة السحر

اتهمت والدة كبلير بالسحر. وأمضى كبلير وقتًا طويلًا يدافع عن  والدته وسمعتها، وبعد ست سنوات استطاع كبلير إثبات براءة والدته، التي توفيت بعد ذلك ببضعة أشهر فقط.

وفاته

توفي كبلير في مدينة ريغنسبورغ عن عمر يناهز 58 عامًا. تاركًا خلفه مجموعة من القوانين التي ساهمت بإحداث ثورة  في علم الفلك. كما مكنت  علماء عصرنا هذا من اكتشاف كواكب جديدة، يمكن أن تكون صالحة للعيش البشري في المستقبل البعيد ككوكب Kepler 22b.

المصادر
nasa
mathshistory
britannica

الشفق القطبي، ألوان السماء الرائعة

هذه المقالة هي الجزء 6 من 18 في سلسلة دليلك لفهم أهم الأجرام والظواهر الفلكية

الشفق القطبي، ظاهرة مضيئة في الغلاف الجوي العلوي للأرض تحدث بشكل أساسي في خطوط العرض العالية لنصفي الكرة الأرضية؛ يسمى الشفق القطبي في نصف الكرة الشمالي باسم (aurora borealis) أو (aurora polaris) أو الأضواء الشمالية (northern lights)، وفي نصف الكرة الجنوبي يطلق عليها اسم (aurora australis) أو الأضواء الجنوبية (southern lights). في هذا المقال سوف نتعرف على الشفق القطبي، ألوان السماء الرائعة.

تفسير الظاهرة

يبدأ النشاط الذي يخلق الشفق القطبي من الشمس. لأنها عبارة عن كرة من الغازات فائقة السخونة تتكون من جزيئات مشحونة كهربائيًا تسمى الأيونات. هذه الأيونات، التي تتدفق باستمرار من سطح الشمس، تسمى الرياح الشمسية (solar wind). عندما تقترب الرياح الشمسية من الأرض، فإنها تلتقي بالمجال المغناطيسي للأرض. فبدون هذا المجال المغناطيسي الذي يحمي الكوكب، فإن الرياح الشمسية ستدفع الغلاف الجوي الهش للأرض، وتقضي على الحياة بأكملها. حيث يحجب الغلاف المغناطيسي معظم الرياح الشمسية، وتواصل الأيونات، التي يتم دفعها للسفر حول الكوكب، الذهاب لمسافات أبعد في النظام الشمسي. يمكن مشاهدة الفيديو الذي يشرح هذه العملية عبر هذا الرابط

على الرغم من أن الغلاف المغناطيسي يحجب معظم الرياح الشمسية، إلا أن بعض الأيونات تصبح محاصرة لفترة وجيزة في مناطق احتجاز على شكل حلقة حول الكوكب. تتمركز هذه المناطق، في منطقة من الغلاف الجوي تسمى الأيونوسفير، حول القطبين المغناطيسيين للأرض. تحدد الأقطاب المغناطيسية الأرضية المحور المائل للحقل المغناطيسي للأرض. وهي تقع على بعد حوالي 1300 كيلومتر (800 ميل) من القطبين الجغرافيين، لكنها تتحرك ببطء.

في الأيونوسفير، تتصادم أيونات الرياح الشمسية مع ذرات الأكسجين والنيتروجين من الغلاف الجوي للأرض. تتسبب الطاقة المنبعثة خلال هذه الاصطدامات في ظهور هالة ملونة متوهجة حول القطبين تسمى الشفق القطبي. يحدث معظم الشفق القطبي على ارتفاع 97-1000 كيلومتر (60-620 ميلًا) فوق سطح الأرض. ويحدث الشفق القطبي الأكثر نشاطًا عندما تكون الرياح الشمسية في أقوى حالاتها. عادة ما تكون الرياح الشمسية ثابتة إلى حد ما، لكن الطقس الشمسي، أي تبادل سخونة وبرودة أجزاء مختلفة من الشمس، يمكن أن يتغير يوميًا.

كيفية قياس الطقس الشمسي

غالبًا ما يقاس الطقس الشمسي بالبقع الشمسية. البقع الشمسية والتي هي أبرد جزء من الشمس وتظهر على شكل نقاط داكنة على سطحها الأبيض الساخن. وترتبط الانفجارات الشمسية (Solar flare) والانبعاثات الكتلية الإكليلية (coronal mass ejections) بالبقع الشمسية. حيث أن الانفجارات الشمسية والانبعاثات الكتلية الإكليلية هي انفجارات مفاجئة وإضافية للطاقة في الرياح الشمسية. يتم تتبع نشاط البقع الشمسية على مدار 11 عامًا. ويكون الشفق القطبي الساطع والمتسق أكثر وضوحًا خلال ذروة نشاط البقع الشمسية. وقد يحدث بعض النشاط المتزايد في الرياح الشمسية خلال كل اعتدال شمسي (equinox). تعرف هذه التقلبات المنتظمة بالعواصف المغناطيسية (magnetic storms). يمكن أن تؤدي العواصف المغناطيسية إلى ظهور الشفق القطبي في خطوط العرض الوسطى خلال فترة الاعتدال الربيعي والخريفي. يمكن أن تتداخل العواصف المغناطيسية والشفق القطبي النشط أحيانًا مع الاتصالات. حيث يمكنهم تعطيل إشارات الراديو والرادار، كما يمكن للعواصف المغناطيسية الشديدة أن تعطل أقمار الاتصالات.

تاريخ الشفق القطبي

على الرغم من أن عالم الفلك الإيطالي جاليليو جاليلي هو من صاغ اسم الشفق القطبي (aurora borealis) في عام 1619م. نسبة إلى أورورا (Aurora) إلهة الفجر الرومانية وبورياس (Boreas) إله الرياح الشمالية اليوناني. فقد كان أول تسجيل محتمل للأضواء الشمالية في رسمة كهف قديمة عمرها 30000 عام في فرنسا. منذ ذلك الوقت، تعجبت الحضارات في جميع أنحاء العالم من هذه الظاهرة السماوية، ونُسبت جميع أنواع الأساطير إلى هذه الأضواء الراقصة. وتشير إحدى أساطير الإنويت في أمريكا الشمالية إلى أن الأضواء الشمالية هي أرواح تلعب الكرة برأس حيوان الفظ، بينما اعتقد الفايكنج أن هذه الظاهرة كانت ضوءًا ينعكس من درع الفالكيري (العذارى الخارقات اللواتي يجلبن المحاربين إلى الحياة الآخرة).

وقد ذكر علماء الفلك الأوائل أيضًا الأضواء الشمالية في سجلاتهم. حيث سجل عالم فلك ملكي في عهد ملك بابل نبوخذ نصر الثاني تقريره عن هذه الظاهرة على لوح يرجع تاريخه إلى عام 567 قبل الميلاد، بينما لاحظ تقرير صيني من عام 193 قبل الميلاد ظاهرة الشفق القطبي، وفقًا لوكالة ناسا. لم يتم وضع النظريات العلمية حول الأضواء الشمالية حتى مطلع القرن العشرين. عندما اقترح العالم النرويجي كريستيان بيركلاند أن الإلكترونات المنبعثة من البقع الشمسية تنتج أضواء الغلاف الجوي بعد اصطدامها بالمجال المغناطيسي للأرض. أثبتت النظرية في النهاية أنها صحيحة، ولكن بعد فترة طويلة من وفاة بيركلاند.

ألوان الشفق

تختلف ألوان الشفق القطبي اعتمادًا على الارتفاع ونوع الذرات المعنية. إذا اصطدمت الأيونات بذرات الأكسجين عاليًا في الغلاف الجوي، ينتج عن التفاعل توهج أحمر، وهو شفق قطبي غير معتاد. إن اللون الأكثر شيوعًا هو اللون الأخضر المائل للأصفر، والذي يحدث عندما تصطدم الأيونات بالأكسجين على ارتفاعات منخفضة. وينتج الضوء المحمر والمزرق الذي يظهر غالبًا في الحواف السفلية للشفق عن طريق تصادم الأيونات بذرات النيتروجين. كما يمكن أن تنتج الأيونات التي تصطدم بذرات الهيدروجين والهيليوم شفقًا أزرق وأرجوانيًا، على الرغم من أن أعيننا نادرًا ما تكتشف هذا الجزء من الطيف الكهرومغناطيسي.

هل تحدث هذه الظاهرة على كواكب أخرى؟

بالإضافة إلى الأرض، فإن الكواكب الأخرى في النظام الشمسي التي لها أغلفة جوية ومجالات مغناطيسية كبيرة، مثل كوكب المشتري وزحل وأورانوس ونبتون، تظهر نشاطًا شفقيًا على نطاق واسع. كما تم رصد الشفق القطبي على قمر المشتري آيو (Io)، حيث يتم إنتاجها من خلال تفاعل الغلاف الجوي لآيو مع المجال المغناطيسي القوي للمشتري.

أماكن ووقت مشاهدتها

أفضل مكان لمشاهدة الأضواء الشمالية

أفضل مكان لمشاهدة الأضواء الشمالية هو أي وجهة في المنطقة الشفقية، وهي المنطقة الواقعة ضمن نصف قطر يبلغ حوالي 1.550 ميلاً (2500 كيلومتر) من القطب الشمالي، وفقًا لمرصد ترومسو الجيوفيزيائي. هذا هو المكان الذي يحدث فيه الشفق القطبي بشكل متكرر، على الرغم من أن الظاهرة يمكن أن تزحف جنوبًا خلال العواصف الشمسية القوية بشكل خاص. عندما تكون داخل المنطقة، من الأفضل أن تكون بعيدًا عن أضواء المدينة قدر الإمكان لزيادة الرؤية. لكن من الصعب جدًا الوصول إلى وسط البرية في القطب الشمالي، حتى مع وجود مرشد، لذلك من الأفضل أن تذهب إلى وجهة ذات بنية تحتية قوية مثل فيربانكس في ألاسكا ويلونايف في كندا وسفالبارد في النرويج ومنتزه Abisko الوطني في السويد وروفانيمي في فنلندا وإلى حد كبير في أي مكان في أيسلندا.

أفضل وقت لمشاهدة الأضواء الشمالية

أفضل وقت في السنة لمشاهدة الأضواء الشمالية فهو بين سبتمبر وأبريل، عندما تصبح السماء مظلمة بما يكفي لرؤية الشفق القطبي لأن المناطق الشمالية تشهد شمس منتصف الليل (midnight sun)، وهي ظاهرة تحدث في الصيف وتؤدي إلى 24 ساعة من ضوء النهار. تحدث معظم الأحداث عادة بين الساعة 9 مساءً و 3 صباحًا، وفقًا للمعهد الجيوفيزيائي بجامعة ألاسكا فيربانكس. ضع في اعتبارك مراحل القمر، حيث قد يملأ القمر الكامل الساطع سماء الليل بالضوء. وتحقق من تنبؤات الطقس المحلية أيضًا، لأنك لن تكون قادرًا على مشاهدة الشفق القطبي من خلال السحب.

المصادر

الثقوب السوداء: أكثر الأجرام ظلامًا في الكون

هذه المقالة هي الجزء 2 من 10 في سلسلة رحلة إلى أعتم أجسام الكون، "الثقوب السوداء"

تعرف «الثقوب السوداء-Black Holes» بأنها أجرام فلكية جاذبيتها هائلة جدًا، بحيث لا يمكن لأي شيء في الكون أن يفلت منها، ولا حتى الضوء. يسمى “سطحها” «أفق الحدث-Event Horizon»، ويمثل الحد الذي تتجاوز «سرعة الإفلات-Escape Velocity» فيه سرعة الضوء، أي على الجسم أن يتحرك أسرع من الضوء –وذلك مستحيل- كي يستطيع الإفلات من جاذبيتها. فأي مادةٍ أو إشعاع يصل ذلك الحد؛ يسقط فيها بلا عودة. [1]

من اكتشف الثقوب السوداء؟  

كانت سنة 1916 عام سعد الفيزيائي «كارل شوارزشايلد-Karl Schwarzschild». حيث اكتشف الثقوب السوداء صدفةً بينما كان يعمل على مسألة تتعلق بنظرية النسبية العامة لأينشتاين. فقد حاول شوارزشايلد دراسة قوة الجاذبية لجسم كروي منفرد ومتناسق، مثل الشمس في ضوء النسبية. لكن دراسته هذه انتهت إلى نتيجة غير مألوفة: لقد اختلفت الأمور كليًا عند نصف قطر معين، يسمى اليوم «نصف قطر شوارزشايلد-Schwarzschild radius».  وعرفت الثقوب السوداء حينها بأنها أجسام فلكية تحقق خاصية شوارزشايلد هذه. ثم توصل الباحثون لاحقًا لما يجعل طول شوارزشايلد مميزًا جدًا: إذا ضغطت كمية معينة من المادة في حيز أصغر من ذلك الطول، فستتغلب قوة جاذبيتها على كل القوى التي نعرفها، ولن يتمكن أي شيء من الهرب منها.

في البداية رفض الفيزيائيون فكرته، وافترضوا عدم إمكانية حدوث ذلك في الطبيعة. ثم في ثلاثينيات القرن الماضي؛ تبين أن الطبيعة تسمح للثقوب السوداء وقطرها الغريب بالوجود. فقد وضح الفيزيائي الهندي «صابرحمنيان تشاندراسيخار-Subrahmanyan Chandrasekhar» أنه إذا تجاوزت كثافة المادة حدًا معينًا، فلن تغلب قوة في الكون جاذبية هذه المادة، مما يتوافق كليًا مع فكرة شوارزشايلد. [2]

ما الذي يحدث داخل الثقب الأسود؟

ليست الثقوب السوداء بفضاء فارغ أبدًا، بل تحوي أطنانًا من المادة التي سحقت عند دخوله. حيث ينتهي المطاف بأي مادة تدخله إلى نقطة صغيرة لا متناهية في مركزه تدعى «المتفردة-Singularity». ومهما أبدى الجسم الساقط من مقاومة، ومهما يكن اتجاه سقوطه، فسينتهي في المتفردة خلال مدة وجيزة؛ بسبب قوة جذبها الهائلة.

لا يعلم الفيزيائيون طبيعتها على وجه التحديد، فعندها تنهار كل قوانين الفيزياء.  [3]

كيف يتأكد العلماء من وجود الثقوب السوداء؟

يعلم الفيزيائيون أن الثقوب السوداء موجودة، رغم عدم قدرتهم على رصدها مباشرةً أو رؤيتها، فمعظم أدلتهم غير مباشرة. مثلًا؛  رصد فريق من الباحثين أمواج سينية قوية تأتي من نظام «سيغنس إكس-1- Cygnus X-1» الذي يبعد عنا 6000 سنة ضوئية. ثم وجدوا أن النظام مكون من جسم كثيف معتم –ثقب أسود- يسحب الغلاف الجوي لجسم آخر قربه. لم ير الباحثون الثقب الأسود ذاته، ولكنه فيما يحاول ابتلاع الغلاف الجوي، ارتفعت حرارة الغاز فأطلق أمواج سينية قابلة للرصد وعلمنا أن الثقب موجود. [4]

صورة توضح ابتلاع الثقب الأسود سيغنس إكس-أ لمجاوره
حقوق الصورة: ESO

ما هي أحجام الثقوب السوداء؟

يمكن أن تكون الثقوب السوداء صغيرة أو كبيرة، ولكن أصغرها (بحجم الذرة) له كتلة هائلة (كتلة جبل). أما الثقب الأسود في سيغنس إكس-1 فهو أقرب ثقب أسود إلينا، وكتلته تعادل 20 ضعف كتلة الشمس، وهي كتلة متوسطة نوعًا ما مقارنة بباقي الثقوب السوداء في الكون. فيما قدر العلماء وجود 10 مليون ثقب أسود على الأقل في مجرتنا. وكغيرها من المجرات في الكون؛ يحتل ثقب أسود عملاق مركزها، ويسمى «القوس-أ-Sagittarius-A». تكون الثقوب السوداء العملاق أثقل بملايين المرات من الشمس، ومئات المليارات أحيانًا. وتصل هذه الثقوب لأحجام هائلة؛ نتيجة ابتلاعها كل ما يحيط بها من مادة، واندماجها مع ثقوب سوداء أصغر منها. [5]

ماذا يحدث لو سقطت داخل ثقب أسود؟

من حسن الحظ أن أقرب ثقب أسود يبعد عنا آلاف السنين الضوئية. فتأثيرهم على الاجسام البعيدة لا يخالف تأثير أي جسم ثقيل آخر في الكون. أما إذا بدلت الشمس بثقب أسود له نفس كتلتها، لن يتغير مدار الأرض أبدًا، لأن قوة الجاذبية بقيت نفسها. لكنك إن اقتربت من ثقب أسود عادي، فستكون قوة جاذبيته قوية لدرجة تجعل جسمك يمتط ويتحول إلى خيط رفيع من الجسيمات قبل أن تصل إلى أفق الحدث حتى، في حدث يسمى «تأثير السباجيتي-spaghettification».
[1]
وفي كل الأحوال؛ من المستبعد أن تصل إلى ثقب أسود، فلما القلق؟

المصادر

[1] NASA
[2] ScienceFocus
[3] NASA_2
[4] NASA_3
[5] California Institute of Technology

الأقزام البنية ليست نجوم أو كواكب، فما هي؟

هذه المقالة هي الجزء 17 من 18 في سلسلة دليلك لفهم أهم الأجرام والظواهر الفلكية

إن مقدار الكتلة التي يولد بها النجم هو ما يحدد مصيره. النجوم هي أجسام ولدت بكتل كبيرة، وبالتالي فإنها تمتلك جاذبية ذاتية قوية، بحيث ينضغط النجم على نفسه مما يخلق درجات حرارة داخلية عالية. تثير درجات الحرارة المرتفعة تفاعلات الاندماج النووي الحراريداخل النجم، وهي التي تمكن النجوم من التألق. من ناحية أخرى، تمتلك الكواكب كتلًا أصغر بكثير وبالتالي تكون جاذبيتها أضعف ولا يدث لها اندماج داخلي. وإنهم يلمعون بشكل رئيسي من الضوء المنعكس من نجومهم. يقع تصنيف الأقزام البنية في مكان ما بين كتل الكواكب العملاقة مثل زحل والمشتري، وبين أصغر النجوم.

يمكننا التحدث عن تحديد كتل القزم البني  باستخدام أجزاء من كتلة شمسنا، لكن علماء الفلك يستخدمون عادةً كتلة كوكب المشتري كمقياس نموذجي. تعتبر قيمة 13 ضعف كتلة المشتري هي الحد الأعلى للكواكب الغازية العملاقة. إذا كانت كتلة الكوكب الغازي أكبر من 13 ضعف كتلة كوكب المشتري، فيمكن أن يحدث احتراق نووي حراري (اندماج) للديوتيريوم، وهو عنصر نادر من بقايا الانفجار العظيم، في داخل الجسم. الديوتيريوم هو اسم آخر للهيدروجين الثقيل، وهو نظير للهيدروجين تحتوي نواته على على نيوترون متصل ببروتون. القيمة التي تزيد عن 80 ضعف كتلة كوكب المشتري هي الحد الأدنى لحرق الهيدروجين العادي، وهي العملية التي يمكن للنجوم من خلالها أن تتألق، وبالتالي لتمكين جسم ما من التأهل ليكون نجمًا كاملاً. وهكذا يُعرَّف القزم البني عادةً بأنه أي جسم يقع في نطاق كتلة 13 و 80 من كتلة المشتري.

الاكتشاف

تم افتراض وجود الأقزام البنية لأول مرة في عام 1963م من قبل عالم الفلك الأمريكي “شيف كومار” الذي أطلق عليها اسم الأقزام السوداء. ثم اقترحت عالمة الفلك الأمريكية “جيل تارتر” اسم القزم البني في عام 1975م. على الرغم من أن الأقزام البنية ليست بنية اللون حيث أن لونها يميل إلى اللون البرتقالي أو الأحمر، إلا أن الاسم عالق لأنه كان يُعتقد أن هذه الأجسام تحتوي على غبار، وقد وصف اسم القزم الأحمر الأكثر دقة نوعًا مختلفًا من النجوم. من أجل التمييز بين الأقزام البنية والنجوم التي لها نفس درجة الحرارة، يمكن للمرء أن يبحث في أطيافها عن دليل على الليثيوم (الذي تدمره النجوم عندما يبدأ اندماج الهيدروجين). بدلاً من ذلك، يمكن للمرء أن يبحث عن أجسام (خافتة) أقل من درجة حرارة النجم الصغرى. في عام 1995م، أتت كلتا الطريقتين ثمارها.

مركز القزم الغريب

قد يكون من المغري تصنيف الأقزام البنية على أنها مجرد مجموعة غريبة من الكواكب الكبيرة جدًا. بعد كل شيء، تبرد الكواكب أيضًا بشكل مطرد مع تقدم العمر وليس لديها مصادر جديدة للطاقة لإبقاء نيرانها مشتعلة لمليارات أو تريليونات السنين. لكن معظم الأقزام البنية تلعب لعبة خاصة. يتطلب الأمر حدًا معينًا من الكتلة (حوالي 80 ضعف كتلة المشتري) للوصول إلى درجات الحرارة المحمومة والضغط في قلب الجسم اللازمة لدمج الهيدروجين إلى الهيليوم، وهو ما يتطلبه الأمر لجعل نفسك نجمًا. لكن هناك حد أقل بكثير، حوالي 13 ضعف كتلة كوكب المشتري، حيث يمكن أن يحدث نوع مختلف من الاندماج.

في هذه الظروف الأكثر برودة ، يمكن أن يصطدم الديوتيريوم (وهو مجرد بروتون واحد ونيوترون واحد ملتصقان معًا في نواة) ببروتون طائش، مما يؤدي إلى تحويل الديوتيريوم إلى هيليوم 3 وإطلاق قدر ضئيل من الطاقة. تمر النجوم المناسبة بمرحلة قصيرة من احتراق الديوتيريوم أثناء تسخينها، لكن الأقزام البنية يمكنها الاستمرار في العملية لفترة أطول، حيث لا تنتقل أبدًا إلى اندماج الهيدروجين الكامل. ومع ذلك، فهي لا تدوم إلى الأبد. تستهلك أكبر الأقزام البنية كل ما لديها من الديوتيريوم في بضعة ملايين من السنين القصيرة. والسبب في ذلك هو أن الأجزاء الداخلية لهذه الأقزام لا يتم فصلها بدقة إلى طبقات مستقلة.

لذلك، فإن أي ديوتيريوم في أي مكان في قزم بني كبير سيجد نفسه في نهاية المطاف مسحوبًا إلى هلاكه في وسط القزم البني ويتحول إلى الهيليوم -3. (في جسم ذي طبقات، قد يكمن بعض الديوتيريوم في مكان آخر دون أن يتم استهلاكه). أما بالنسبة للأقزام البنية الأصغر فإنها تبرد بسرعة، وتنخفض درجات الحرارة الداخلية إلى ما دون الحد اللازم للحفاظ على التفاعلات. لذلك، في كلتا الحالتين، يتم استهلاك الديوتيريوم بسرعة في هذه الأشياء.

لماذا لا يتم تصنيفها كنجوم؟

إن الأقزام البنية صغيرة. قد تعتقد أن كتلة تساوي 50 ضعف كتلة كوكب المشتري أكبر بكثير من كوكب المشتري، لكن بدلاً من ذلك، الأقزام البنية تقاوم التوقعات وترفض أن تكون أكبر من كوكب غازي عملاق نموذجي. تتمكن النجوم من منع نفسها من الانكماش كثيرًا عبر الاندماج القوي الذي يحدث في قلبها. تتنافس تلك الطاقات المنبعثة باستمرار مع سحق الجاذبية الداخلي، في محاولة لإعادة توسيع الطبقات الخارجية للنجم. ولكن، كما نعلم، لا تتمتع الأقزام البنية بهذه الميزة (على الأقل، ليس على المدى الطويل). وعلى عكس الكواكب، ليس لديهم نوى صخرية لدعم أنفسهم. بدلاً من ذلك، كل ما تبقى هو القوة الكمومية الغريبة المعروفة باسم ضغط الانحلال (degeneracy pressure)، والتي تجعلها تستطيع ضغط الكثير من الجسيمات في حجم صغير جدًا. في هذه الحالة، يتم دعم الأقزام البنية بالكامل بواسطة ضغط الانحلال، لذا فهم أقل حجم ممكن لكتلتهم.

مصدر الضوء

على عكس النجوم، لا تتوهج الأقزام البنية من حرارة التفاعلات النووية المستعرة في قلوبهم. لكن ضوءها وحرارتها هم مجرد بقايا من تكوينها الأولي. وُلدت الأجسام من سحب الغاز والغبار المنهارة، وأطلق هذا الانهيار التثقالي كمية هائلة من الطاقة. لكن الطاقة حُبست في المادة المتساقطة، وظلت محبوسة بالداخل لعشرات الملايين من السنين، وذلك على الرغم من أن الحرارة تشع ببطء بعيدًا في الفضاء على شكل ضوء فاتر. ومع هروب هذه الحرارة، يستمر القزم البني في الإظلام، وينزلق من اللون الأحمر الناري إلى اللون الأرجواني المرقط إلى الأشعة تحت الحمراء غير المرئية. وكلما زادت الكتلة عند ولادة الجسم، زادت الحرارة التي يمكن أن يحبسها، وبالتال تطول مدة قدرته على محاكاة النجم المناسب. لكن المصير النهائي هو نفسه لكل قزم بني، بغض النظر عن بدايته.

المصادر

لغز الطاقة المظلمة: ما تفسيراته المحتملة؟

هذه المقالة هي الجزء 1 من 9 في سلسلة رحلة بين 8 ألغاز كونية مذهلة!

تعتبر «الطاقة المظلمة-Dark Energy» إحدى الظواهر غير المفسرة في الكون. فهي المسؤولة عن زيادة سرعة توسعه، ومنعه من الانكماش على نفسه. ورغم أنها تشكل حوالي ثلاثة أرباع الكون، إلا أننا حتى الآن لا نعرف طبيعتها والسر وراءها. وقد تعتقد أن لهذه الطاقة علاقة ب«المادة المظلمة-Dark Matter». ولكن في الحقيقة، لا يربط بين اللغزين سوى كلمة “مظلمة”، إشارةً لأننا لا نعلم عن كليهما شيئًا. فما الذي دفعنا للاعتقاد بوجود هكذا طاقة غامضة؟ وما تفسيراتها المحتملة؟ 

ما هي الطاقة المظلمة؟

من الصعب الإجابة عن هذا السؤال، فطبيعتها لا تزال مجهولة. ولكننا نعلم يقينًا أنها مهمة، فقد قدر العلماء أنها تشكل 68% من كوننا، واعتمدت تقديراتهم هذه على مقدار تأثيرها في توسع الكون. بينما شكلت المادة المظلمة حوالي 27% من الكون. أما ال 5% المتبقية فهي كل ذرة في الأرض وعليها، وكل جسم رصدناه وقد نرصده خارجها. وكأننا نقول أن ما ندعوها مادةً عاديةً أقل شيوعًا من أن تكون كذلك! [1]

وقد تشرح قصة اكتشاف الطاقة المظلمة ما نعرفه عنها:

اكتشاف الطاقة المظلمة

مهد اكتشاف توسع الكون الطريق أمام الطاقة المظلمة، ولا معنى لها من دونه:

توسع الكون

في عام 1929؛ اكتشف الفلكي الأمريكي «إدوين هابل-Edwin Hubble» أن الكون يتوسع. كما لاحظ أنه كلما كانت المجرة أبعد عن الأرض؛ كلما تحركت أسرع بعيدًا عنها. لكن ذلك لا يعني أن الأرض هي مركز الكون، بل أن كل شيء في الفضاء يبتعد عن كل شيء بمعدل ثابت سمي «ثابت هابل-Hubble Constant».
[2]

وفي مطلع تسعينيات القرن الماضي، تأكد العلماء من توسع الكون. فكان أمامهم احتمالين: إما أن الكون فيه مادة جاذبيتها كافية لجعله ينكمش على نفسه في حدث «الانكماش العظيم-The Big Crunch». أو أن مقدار المادة في الكون أقل بقليل من ذلك؛ فيستمر بالتوسع دون توقف، وحتى في هذه الحالة؛ ستبطؤ الجاذبية من سرعة توسعه. لكن لم يتمكن العلماء من رصد هذا التباطؤ، رغم تأكدهم من وجوب حدوثه نظريًا، فالكون يحوي مادة تكفي جاذبيتها لينكمش. [3]

صورة توضح حدث الانكماش العظيم

الكون يتسارع

ثم حدثت المفاجأة عام 1998. حين عمل فريقان مستقلان من الفلكيين على حساب المسافات بين النجوم عن طريق تحليل صور «مستعر أعظم-Supernova» بعيد جدًا. وعند قياسهم ضوء المستعر الأعظم؛ لاحظوا أنه أخفت مما ينبغي، مما يعني أن الضوء سافر لمسافات أبعد مما توقعوا، وأن الكون يتوسع أسرع من ذي قبل!

لم يتوقع أحد ذلك، كما لم يتمكن أحد من شرحه، ولكن الجميع كان متيقنًا من وجود سبب وراءه. ثم حاول الباحثون تفسيره بشتى الطرق. اعتمدوا في بعضها على نماذج نظرية أينشتاين للجاذبية، وعلى تدفق غامض من الطاقة في بعضها الآخر. فيما اقترح آخرون أن نظرية أينشتاين خاطئة ولا بد من الإتيان بنظرية جديدة تزيل الغموض عن التوسع.

ولا يعلم الباحثون حتى الآن ما هو التفسير الصحيح، ومهما يكن فقد أطلقوا عليه اسم الطاقة المظلمة. [4] إليك أبرز التفسيرات المحتملة للطاقة المظلمة:  

التفسيرات المحتملة

الطاقة المظلمة سمة من سمات الفضاء

يقترح بعض العلماء أن الطاقة المظلمة ليست سوى سمة من سمات الفضاء. فقد كان «ألبرت أينشتاين-Elbert Einstein» أول من لاحظ أن الفضاء الفارغ كيان بحد ذاته، وهي سمة من سمات الفضاء المميزة التي نقترب من فهمها شيئًا فشيئًا. كما وضح احتمالية تولد المزيد من الفضاء تباعًا. ثم جاء أحد نماذج نظرية أينشتاين للجاذبية، تحديدًا النموذج الذي يتضمن «الثابت الكوني-The cosmological Constant»، ليتوقع أن “الفضاء الفارغ” يملك طاقته الخاصة. حيث افترض أن هذه الطاقة هي سمة من سمات الفضاء ذاته لا تفترق عنه. وبما أنها سمة له؛ لا بد لنسبتها أن تبقى ثابتة.

والآن لنجمع توقعات أينشتاين سويةً. إذا بدأ المزيد من الفضاء بالوجود، على الطاقة هذه أن تزداد لتبقى نسبتها ثابتة في الفضاء. وكنتيجة لذلك، قد تزيد هذه الطاقة من سرعة توسع الكون أكثر فأكثر.

ولكن للأسف؛ لا أحد يرى سببًا لوجود ثابت كوني كهذا، أو لأخذه هذه القيمة بالتحديد والتي تسبب تسريع توسع الكون. [5]

تفسير الكم للطاقة المظلمة

قدمت ميكانيكا الكم شرحها الخاص للطاقة المظلمة مقترحةً مصدرًا للطاقة الغامضة هذه، واعتمدت فيه على «نظرية الكم للمادة-The quantum theory of matter». ففي هذه النظرية؛ يكون الفضاء ممتلئًا بأزواج من الجسيمات الافتراضية، التي تفني بعضها باستمرار، وتتولد نتيجة اهتزاز حقول الطاقة. قد يبدو ذلك مقنعًا، ولكن عندما حسب العلماء مقدار الطاقة التي سيمتلكها الفضاء في نموذج نظرية الكم هذا، وجدوا أنه أكبر ب 120 10 (1 متبوع ب 120 صفرًا) مرة من مقدار الطاقة الفعلي. [6]

من النادر أن يحصل العلماء على إجابة خاطئة لهذه الدرجة، لذلك يستمر الغموض.

الطاقة المظلمة كنوع جديد من الطاقات الديناميكية

فيما يقترح علماء آخرون أن الطاقة المظلمة نوع جديد من الطاقة أو حقول الطاقة الديناميكية. طاقة تملأ الكون ولكن تأثيرها على توسعه معاكس تمامًا لتأثير المادة والطاقة العاديتان. ويدعوها بعضهم «الجوهر-Quintessence»، نسبةً إلى العنصر الخامس من عناصر المادة عند الإغريق. وحتى لو كان الجوهر صحيحًا، لن يحل من الغموض شيئًا. بل على العكس، سيضع أمامنا تساؤلات جديدة عن طبيعته أو السبب وراء وجوده، وكأننا حللنا اللغز بلغز آخر. [7]

خطأ ما في نظرية أينشتاين

أما الاحتمال الأخير فيقترح أن نظرية أينشتاين للجاذبية خاطئة. ويطلب نظرية جديدة تفسر هذا التوسع المتسارع. قد يحل ذلك لغز الطاقة المظلمة، ولكنه أيضًا يؤثر على فهمنا لتأثير المادة العادية في المجرات والعناقيد المجرية. ولو افترضنا أننا بحاجة لنظرية كهذه، كيف لها أن تكون؟ وكيف سيمكنها وصف حركة الأجسام في مجموعتنا الشمسية بشكل صحيح كما فعل أينشتاين، وأن توفق ذلك مع تسارع توسع الكون في الوقت ذاته؟ لربما يوجد نظرية كهذه، ولكننا لم نتوصل لها بعد. [8]

إن السؤال حول طبيعة الطاقة المظلمة يتطلب –كما يبدو- بيانات أضخم بكثير من التي أوصلتنا لاكتشافها، وربما زمنًا أطول.

المصادر

[1] CERN
[2] Hubble Space Telescope website
[3] NASA
[4] Scientific American
[5] Harvard university
[6] DeGruyter
[7] Princeton University
[8] NASA_2

ما هو حزام كايبر؟

هذه المقالة هي الجزء 12 من 18 في سلسلة دليلك لفهم أهم الأجرام والظواهر الفلكية

حزام كايبر (Kuiper Belt) هو منطقة على شكل قرص من الأجسام الجليدية. والتي تقع خارج مدار نبتون على بعد مليارات الكيلومترات من شمسنا. تبدأ الحافة الداخلية للحزام عند مدار نبتون، على بعد حوالي 30 وحدة فلكية (AU) من الشمس. (الوحدة الفلكية هي المسافة من الأرض إلى الشمس). تمتد الحافة الخارجية نحو الخارج إلى ما يقرب من 1000 وحدة فلكية، مع وجود بعض الأجسام في مدارات تتجاوز ذلك.

هناك أجزاء من الصخور والجليد والمذنبات والكواكب القزمة في حزام كايبر. إلى جانب بلوتو ومجموعة من المذنبات، هناك أجسام أخرى مثيرة للاهتمام في حزام كويبر مثل إيريس وماكيماك وهوميا. وهي عبارة عن كواكب قزمة مثل بلوتو. إن أجسام حزام كايبر كلها صغيرة لأنها ربما تكون قد اجتمعت لتشكيل كوكب لو لم يكن نبتون موجودًا هناك. بدلاً من ذلك. أثارت جاذبية نبتون هذه المنطقة من الفضاء بشكل كبير. وذلك لدرجة أن الأجسام الصغيرة الجليدية هناك لم تكن قادرة على الاندماج في كوكب كبير.

الاكتشاف

تكهن عالم الفلك الأيرلندي “كينيث إيدجوورث” في عام 1943م. أن توزيع الأجسام الصغيرة في النظام الشمسي لم يكن مقيدًا بالمسافة الحالية لبلوتو. طور عالم الفلك “جيرارد كايبر” حجة أقوى في عام 1951م. من خلال تحليل التوزيع الكتلي للأجسام اللازمة للاندماج في الكواكب أثناء تكوين النظام الشمسي. أثبت كايبر أن كمية كبيرة متبقية من الأجسام الجليدية الصغيرة عبارة عن أنوية مذنبات غير نشطة. ولكنها يجب أن تقع في المنطقة ما بعد نبتون.

قبل ذلك بعام، اقترح عالم الفلك الهولندي يان أورت وجود خزان كروي أبعد بكثير للأجسام الجليدية، يسمى الآن سحابة أورت. والتي تتجدد منها المذنبات باستمرار. هذا المصدر البعيد يفسر بشكل مناسب أصل المذنبات طويلة المدى التي لها فترات تزيد عن 200 عام. لاحظ كايبر أن المذنبات ذات الفترات القصيرة جدًا (20 عامًا أو أقل). والتي تدور جميعها في نفس اتجاه جميع الكواكب حول الشمس وقريبة من مستوى النظام الشمسي، تتطلب مصدرًا أقرب وأكثر تسطيحًا. أصبح هذا التفسير، الذي أعيد ذكره بوضوح في عام 1988م من قبل عالم الفلك الأمريكي “مارتن دنكان” وزملاؤه. أفضل حجة لوجود حزام كايبر حتى اكتشافه المباشر.

في عام 1992م. اكتشف عالم الفلك الأمريكي “ديفيد جيويت” وطالبة الدراسات العليا “جين لو” ((15760) 1992 QB1). والذي كان يعتبر أول جسم من أجسام حزام كايبر. يبلغ قطر الجسم حوالي 200-250 كم (125-155 ميلاً)، حسب تقدير سطوعه. ويتحرك في مدار دائري تقريبًا في مستوى النظام الكوكبي على مسافة 44 وحدة فلكية (6.6 مليار كم). يقع هذا خارج مدار بلوتو، الذي يبلغ متوسط نصف قطره 39.5 وحدة فلكية (5.9 مليار كيلومتر ). نبه اكتشاف QB1 عام 1992م علماء الفلك إلى جدوى اكتشاف أجسام حزام كايبر الأخرى. وفي غضون 20 عامًا تم اكتشاف حوالي 1500 جسم في نطاق حزام كايبر.

كيف تكون حزام كايبر؟

عندما تشكل النظام الشمسي، تماسك الكثير من الغازات والغبار والصخور معًا لتشكيل الشمس والكواكب. ثم جرفت الكواكب معظم الحطام المتبقي في الشمس أو خارج النظام الشمسي. لكن الأجسام الموجودة على حافة النظام الشمسي كانت بعيدة بما يكفي لتجنب قوى الجاذبية للكواكب الأكبر مثل المشتري. وبالتالي تمكنت من البقاء في مكانها لأنها تدور ببطء حول الشمس. يحتوي حزام كايبر وشريكته، سحابة أورت الأكثر بعدًا على بقايا من بداية النظام الشمسي ويمكنهما تقديم رؤى قيمة حول ولادته.

وفقًا لنموذج نيس (Nice model). أحد النماذج المقترحة لتشكيل النظام الشمسي. ربما يكون الحزام قد تشكل بالقرب من الشمس، بالقرب من المكان الذي يدور فيه نبتون الآن. في هذا النموذج، انخرطت الكواكب في رقصة متقنة، حيث قام نبتون وأورانوس بتغيير أماكنهما والتحرك إلى الخارج بعيدًا عن الشمس. مع تحرك الكواكب بعيدًا عن الشمس. ربما تكون جاذبيتها قد حملت معها العديد من أجسام حزام كايبر، مما أدى إلى رعاية الأجسام الصغيرة أثناء هجرة الكوكبين. نتيجة لذلك. تم نقل العديد من أجسام حزام كايبر من المنطقة التي نشأت فيها إلى الجزء الأكثر برودة من النظام الشمسي.

ويقع الجزء الأكثر ازدحامًا في الحزام بين 42 و 48 ضعف مسافة الأرض من الشمس. يظل مدار الأجسام في هذه المنطقة مستقرًا في معظم الأحيان. وذلك على الرغم من أن بعض الأجسام قد تغير مسارها قليلاً في بعض الأحيان عندما تنجرف بالقرب من نبتون. يقدر العلماء أن آلاف الأجسام التي يزيد قطرها عن 100 كيلومتر تسافر حول الشمس داخل هذا الحزام. وهي تسافر جنبًا إلى جنب مع تريليونات الأجسام الأصغر. والعديد منها عبارة عن مذنبات قصيرة الأمد. تحتوي المنطقة أيضًا على العديد من الكواكب القزمة. وهي عوالم مستديرة كبيرة جدًا بحيث لا يمكن اعتبارها كويكبات ولكنها صغيرة جدًا بحيث لا يمكن اعتبارها كوكبًا.

بلوتو وحزام كايبر

بناءً على تقديرات السطوع. تقترب أحجام أجسام حزام كايبر المعروفة الأكبر حجمًا من حجم أكبر أقمار بلوتو، شارون. والذي يبلغ قطره 1،208 كيلومتر أو تتجاوزها. يبدو أن واحدة من أجسام الحزام التي تسمى أيريس لديها ضعف ذلك القطر، أي أصغر قليلاً من بلوتو نفسه.

نظرًا لأن العديد من أجسام حزام كايبر مثل أيريس كانت بحجم بلوتو تقريبًا. بدءًا من التسعينيات. تساءل علماء الفلك عما إذا كان يجب اعتبار بلوتو كوكبًا أو كواحد من أكبر الأجسام في حزام كايبر. تم إثبات أن بلوتو كان أحد الكواكب القزمة التي تم اكتشافها قبل 62 عامًا قبل اكتشاف (1992 QB1) بعام. وفي عام 2006م صوت الاتحاد الفلكي الدولي لتصنيف بلوتو وإيريس على أنهما كواكب قزمة.

لماذا هو مهم؟

أحد أهم جوانب حزام كايبر هو وجهة النظر التي يقدمها في تكوين نظامنا الشمسي. من خلال دراسة حزام كايبر، قد يتمكن العلماء من فهم كيفية تشكل الكواكب والكواكب المصغرة. والتي تعتبر اللبنات الأساسية للكواكب، بشكل أفضل. أرسلت المركبة الفضائية نيو هورايزونز (New Horizons) بيانات حول جسم حزام كايبر القديم أروكوث (2014 MU69). قال العلماء إنه مثلما تكشف الأحافير عن تكوين الحياة على الأرض. فإن أجسامًا مثل أروكوث تُظهر كيف تشكلت الكواكب في الفضاء.

يعد حزام كايبر مصدرًا غنيًا لمعرفة المزيد عن الأجسام في نظامنا الشمسي. حتى الآن، تم فهرسة أكثر من 2000 من أجسام حزام كايبر. يعتقد الباحثون أن هذه ليست سوى جزء صغير من العدد الإجمالي للأشياء التي يعتقد العلماء أنها موجودة هناك. في الواقع. يقدر علماء الفلك أن هناك مئات الآلاف من الأجسام في المنطقة التي يزيد عرضها عن 100 كيلومتر أو أكبر. حزام كايبر منطقة ما زلنا في بداية استكشافها وفهمنا لا يزال يتطور. جاءت أفضل المعلومات من البعثات الأخيرة، لذلك لا زال هناك الكثير لاكتشافه وتعلمه.

المصادر

Exit mobile version