ما هو كسوف الشمس؟

هذه المقالة هي الجزء 15 من 18 في سلسلة دليلك لفهم أهم الأجرام والظواهر الفلكية

يعد كسوف الشمس أحد أكثر العروض السماوية دراماتيكية في الطبيعة، ويحدث عندما تصطف الأرض والقمر والشمس في نفس المستوى ويمر القمر بين الأرض والشمس، ويغطي جزئيًا أو كليًا أقرب نجم لنا. في هذا المقال سنتحدث عن كسوف الشمس.

كيف يحدث الكسوف

يحدث عندما يكون القمر بين الأرض والشمس، والقمر يلقي بظلاله على الأرض. يمكن أن يحدث كسوف الشمس فقط في مرحلة المحاق (New moon)، عندما يمر القمر مباشرة بين الشمس والأرض وتسقط ظلاله على سطح الأرض. ولكن ما إذا كان هذا الاصطفاف ينتج كسوفًا كليًا أو جزئيًا أو حلقيًا للشمس يعتمد على عدة عوامل، كل ذلك سوف يتم توضيحه في المقال. منذ أن تشكل القمر منذ حوالي 4.5 مليار سنة، كان يبتعد تدريجيًا عن الأرض (بحوالي 1.6 بوصة، أو 4 سنتيمترات في السنة). يقع القمر الآن على مسافًة مثالية ليظهر في سمائنا بنفس حجم الشمس تمامًا، وبالتالي يستطيع حجبها. لكن هذا ليس صحيحًا دائمًا.

أنواع الكسوف الشمسي

الكسوف الكلي للشمس (Total solar eclipse)

إن قطر الشمس يبلغ 864000 ميل. أي أنه أكبر بـ 400 مرة من قطر قمرنا الضئيل، الذي يبلغ قياسه حوالي 2160 ميلًا فقط. لكن القمر أقرب إلى الأرض بحوالي 400 مرة من الشمس (تختلف النسبة لأن كلا المدارين بيضاوي الشكل)، ونتيجة لذلك، عندما تتقاطع المستويات المدارية وتصطف المسافات بشكل مثالي، يمكن أن يظهر المحاق وكأنه يمحي قرص الشمس تمامًا. في المتوسط، يحدث الكسوف الكلي في مكان ما على الأرض كل 18 شهرًا تقريبًا.

يوجد في الواقع نوعان من الظلال: الظل (umbra) هو ذلك الجزء من الظل حيث يتم حجب كل ضوء الشمس. يأخذ الظل شكل مخروط نحيل مظلم. وهو محاط بالظل المشعشع (penumbra)، وهو ظل أفتح على شكل قمع يحجب عنه ضوء الشمس جزئيًا. خلال الكسوف الكلي للشمس، يلقي القمر ظله (umbra) على سطح الأرض. أولئك الذين حالفهم الحظ في وجودهم في المسار المباشر لمنطقة الظل، سوف يرون قرص الشمس يتضاءل إلى هلال بينما يندفع ظل القمر الداكن نحوهم عبر المناظر الطبيعية.

خلال فترة الكلية (totality) القصيرة، عندما تكون الشمس مغطاة بالكامل، يتم الكشف عن الهالة (corona) الجميلة، وهي الغلاف الجوي الخارجي الضعيف للشمس. قد تستمر الكلية لمدة 7 دقائق و 31 ثانية، على الرغم من أن معظم الكسوف الكلي عادة ما يكون أقصر من ذلك بكثير. تعتمد القدرة على مشاهدته بشدة على موقعك ووجود سماء صافية (أو على الأقل غيوم غير مكتملة).

الكسوف الجزئي للشمس (Partial solar eclipse)

يحدث عندما يمر القمر بشكل مباشر تقريبًا بين الشمس والأرض وعندما يكون الشخص الذي يراقب الكسوف في منطقة شبه الظل. في هذه الحالة، يظل جزء من الشمس دائمًا مرئيًا أثناء الكسوف. يعتمد مقدار ما يبقى مرئيًا من الشمس على ظروف محددة. على عكس الكسوف الكلي للشمس، لا يحجب الكسوف الجزئي ضوء الشمس تمامًا، لذلك لا يصبح الوضع مظلمًا بالخارج كما هو الحال أثناء كسوف كلي.

الكسوف الجزئي للشمس

كسوف الشمس الحلقي (Annular solar eclipse)

الكسوف الحلقي، رغم أنه مشهد نادر ومدهش، يختلف كثيرًا عن الكسوف الكلي. ستظلم السماء إلى حد ما، وسوف يكون المشهد نوعًا من الشفق المزيف الغريب حيث أن جزئًا كبيرًا من الشمس لا يزال يظهر. الكسوف الحلقي هو نوع فرعي من الكسوف الجزئي، وليس كليًا. أقصى مدة للكسوف الحلقي هي 12 دقيقة و 30 ثانية.

ومع ذلك، فإنه يشبه الكسوف الكلي حيث يبدو أن القمر يمر مركزيًا عبر الشمس. الفرق هو أن القمر أصغر من أن يغطي قرص الشمس بالكامل. نظرًا لأن القمر يدور حول الأرض في مدار بيضاوي الشكل، يمكن أن تختلف المسافة بين القمر والأرض من 221،457 ميلاً إلى 252712 ميلاً. لكن مخروط الظل المظلم لظل القمر (umbra) يمكن أن يمتد لمسافة لا تزيد عن 235.700 ميل. هذا أقل من متوسط ​​مسافة القمر من الأرض. لذلك إذا كان القمر على مسافة أكبر، فإن طرف الظل (umbra) لا يصل إلى الأرض. خلال مثل هذا الكسوف، يصل ما يسمى بال (antumbra)، وهو استمرار نظري للظل، إلى الأرض ويمكن لأي شخص موجود بداخله أن ينظر إلى ما وراء جانبي الظل ويرى حلقة النار (ring of fire) حول القمر.

ببساطة شديدة نشهد كسوفًا كليًا وحلقيًا لأن المسافة بين الأرض والقمر تختلف. عندما يكون القمر قريبًا من الأرض، يظهر بحجم الشمس ونرى كسوفًا كليًا للشمس. عندما يكون بعيدًا، يبدو أصغر من الشمس ونرى كسوفًا حلقيًا.

الكسوف الشمسي الهجين (Hybrid solar eclipses)

هو نوع من كسوف الشمس الذي يشبه كسوف الشمس الحلقي أو الكسوف الكلي للشمس، اعتمادًا على موقع المراقب على طول مسار الكسوف المركزي. أثناء الكسوف الشمسي الهجين، يجلب انحناء الأرض بعض أجزاء مسار الكسوف إلى ظل القمر (umbra)، وهو الجزء الأكثر قتامة من ظله الذي يخلق كسوفًا كليًا للشمس، بينما تظل المناطق الأخرى خارج نطاق الظل، مما يتسبب في حدوث كسوف حلقي.

الكسوف الشمسي الهجين

كيفية التنبؤ بالكسوف

بالطبع لا يحدث عند كل محاق. وذلك لأن مدار القمر مائل بما يزيد قليلاً عن 5 درجات بالنسبة إلى مدار الأرض حول الشمس. لهذا السبب، عادة ما يمر ظل القمر إما فوق الأرض أو تحتها، لذلك لا يحدث كسوف للشمس. لكن كقاعدة عامة. يحدث على الأقل مرتين كل عام (وأحيانًا ما يصل إلى خمس مرات في السنة). فإن القمر الجديد سيحاذي نفسه تمامًا بطريقة لإحداث كسوف الشمس. تسمى نقطة المحاذاة هذه العقدة (node). اعتمادًا على مدى اقتراب القمر الجديد من العقدة، ستحدد ما إذا كان الكسوفًا مركزيًا أم جزئيًا. وبالطبع، فإن مسافة القمر من الأرض وبدرجة أقل، مسافة الأرض عن الشمس ستحدد في النهاية ما إذا كان الكسوف المركزي كليًا أم حلقيًا أم هجينًا.

ولا تحدث هذه الاصطفافات بشكل عشوائي، لأنه بعد فترة زمنية محددة سيتكرر الكسوف نفسه أو يعود. تُعرف هذه الفترة الزمنية بدورة ساروس (Saros cycle)، وهي معروفة منذ زمن علماء الفلك الكلديون الأوائل منذ حوالي 28 قرنًا. تعني كلمة Saros التكرار وهي تساوي 18 عامًا أو 11 يومًا وثلث (أو يوم أقل أو أكثر اعتمادًا على عدد السنوات الكبيسة التي تدخلت). بعد هذا الفاصل الزمني، تكون المواضع النسبية للشمس والقمر بالنسبة للعقدة هي نفسها تقريبًا كما كانت من قبل. يتسبب ثلث اليوم في الفترة الفاصلة في إزاحة مسار كل خسوف لسلسلة في خط الطول بمقدار ثلث الطريق حول الأرض إلى الغرب بالنسبة إلى سابقتها. على سبيل المثال، في 29 مارس 2006، اجتاح كسوف كلي أجزاء من غرب وشمال إفريقيا ثم عبر جنوب آسيا. وبعد دورة ساروس واحدة. في 8 أبريل 2024. سيتكرر هذا الكسوف، باستثناء بدلاً من إفريقيا وآسيا، سوف يحدث في شمال المكسيك ووسط وشرق الولايات المتحدة والمقاطعات البحرية لكندا.

كسوف الشمس ونظرية النسبية

اعتقد نيوتن أن الجاذبية كانت قوة بين جسمين، لكن نظرية أينشتاين للنسبية العامة لعام 1915م اعتمدت على فكرة أن الجاذبية تسبب انحناء الزمكان. وهذا يعني أن الأجسام الضخمة مثل النجوم تتسبب في انحناء مسار الضوء أثناء مروره بها. والشمس تعتبر جسم ضخم، وفقًا لنظرية أينشتاين، من شأنه أن يحني الضوء من النجوم البعيدة أثناء مروره أمامها. وعادةً ما تكون الشمس شديدة السطوع بحيث لا تلاحظ هذا الضوء. ولكن في الدقائق المظلمة القليلة من حدوث كسوف كلي، يمكنك رؤية النجوم بالقرب من الشمس.

منذ ما يزيد قليلاً عن 100 عام، قام رجل يدعى” آرثر إدينجتون” بإعداد رحلة استكشافية إلى موقعين. ذهب أحد الفريقين إلى جزيرة برينسيبي الواقعة في غرب إفريقيا، وذهب الآخر إلى سوبرال بالبرازيل. أتاح ذلك التقاط صور للكسوف من موقعين قياسات مقارنة لمواقع النجوم لإثبات صحة نظرية أينشتاين.

مشاهدته بالعين المجردة ضار

وفقًا للخبراء، يمكن أن يؤدي مشاهدة الشمس بالعين المجردة أثناء الكسوف إلى حرق شبكية العين، مما يؤدي إلى إتلاف الصور التي يمكن لدماغك مشاهدتها. يمكن أن تسبب هذه الظاهرة، المعروفة باسم “عمى الكسوف”، ضعفًا مؤقتًا أو دائمًا في الرؤية، وفي أسوأ السيناريوهات يمكن أن تؤدي إلى العمى القانوني (إذا كنت أعمى قانونيًا، فإن رؤيتك تكون 20/200 أو أقل في عينك الطبيعية. أو أن مجال رؤيتك أقل من 20 درجة. هذا يعني أنه إذا كان جسم ما على بعد 200 قدم، فعليك الوقوف على بعد 20 قدمًا من أجل رؤيته بوضوح. لكن يمكن لأي شخص يتمتع برؤية طبيعية أن يقف على بعد 200 قدم ويرى هذا الشيء تمامًا.)، مما يؤدي إلى فقدان كبير في الرؤية.

لا توجد أعراض فورية أو ألم مرتبط بالضرر، حيث لا تحتوي شبكية العين على أي مستقبلات للألم، لذلك من الصعب في ذلك الوقت معرفة ما إذا كنت مصابًا بالفعل بعمى الكسوف. إذا نظرت إلى الشمس بدون حماية، فقد تلاحظ على الفور تأثيرًا رائعًا أو وهجًا بالطريقة التي قد تلاحظها من أي جسم لامع  ولكن هذا لا يعني بالضرورة تلف شبكية العين. تبدأ الأعراض عمومًا في الظهور بعد 12 ساعة من مشاهدة الكسوف، عندما يستيقظ الناس في الصباح ويلاحظون أن رؤيتهم قد تغيرت ولا يمكنهم رؤية الوجوه في المرآة، ولا يمكنهم قراءة الصحيفة أو شاشة الهاتف الذكي، ويواجهون مشكلة في النظر إلى لافتات الطرق.

المصادر

ما دور القمر في تطور الحياة على الأرض؟

ما دور القمر في تطور الحياة على الأرض؟

تعكس حركة المحيط بمدها وجزرها جوهر الحياة ذاتها، حيث يمثل تدفق المياه فيها الطبيعة الدورية التي تحكم الكون، وكل ذلك تشهد عليه حتى أكثر الشواطئ انعزالاً، فهل تكون الحياة نفسها محض صدفة أنتجت المد والجزر؟ إذا كان ذلك صحيحاً؛ فهل يكون القمر مسؤولاً عن أصل الحياة على الأرض؟ وماذا سيحدث لو لم يكن موجوداً؟ أو بمعنى أدق ما دور القمر في تطور الحياة على الأرض؟

تشكل القمر

بحسب النظرية، اصطدم كوكب بحجم المريخ بالأرض منذ حوالي 4.5 مليار سنة؛ مما أدى لتسريع دوران الأرض فأصبح طول اليوم 12 ساعة فقط. أما الحطام الناتج فنُثر في مدار الأرض القريب والتحم مشكلاً القمر. وبعد عدة ألاف من السنين؛ بدأت الأرض بالتبرد إلى أن ظهرت الحياة بعد حوالي 700 مليون سنة؛ أي منذ 3.8  مليار سنة.

المد والجزر

تقوم جاذبية القمر بشد الأرض، لاسيما قسمها الأقرب إليه. وترتفع القشرة الأرضية قليلاً (سنتيمترات معدودة) بسبب قوة الشد هذه مما يسبب حدوث ظاهرة «المد والجزر-Tides» في البحيرات والأنهار والمحيطات وغيرها.

يحدث «المد-High Tide» وهو ارتفاع مستوى مياه المحيط عندما يدور القمر حول الأرض ويسحب خلفه المياه، بينما على جانب الأرض المقابل له تكون الجاذبية أقل من أي جزء آخر من الأرض فتُترك مياه المحيطات وراءً ويحدث «الجزر-Low tide».

للقمر التأثير الأكبر على حركة المد والجزر بسبب قربه الشديد من الأرض. تؤثر الشمس أيضاً بقوة جذب كبيرة على الأرض تبقيها في مدار ثابت حولها، كما تسحب هذه القوة مياه المحيطات نحوها. لكن الفرق في الشد بين الجانب المقابل والمعاكس للشمس يكون ضئيلاً، حيث تساهم الشمس بحوالي ثلث ارتفاع المد فقط.

تأثيره في التنوع الحيوي

تشكلت المحيطات على الأرض منذ حوالي أربعة مليارات سنة، أي عندما كان القمر أقرب بمرتين مما هو عليه الآن، وبالتالي كانت قوة المد والجزر أكبر بكثير.

يعتقد العلماء أن تدفق المد والجزر ساهم في نقل الحرارة من المنطقة الاستوائية إلى القطبين، وأنه زاد حدة التقلبات المناخية في العصر الجليدي و«الفترات بين الجليدية-Interglacial». أثر ذلك في تشكل التكتلات الجليدية التي أدت لهجرة الأنواع النباتية والحيوانية وبالتالي إغناء التنوع الحيوي. كما نوه الباحثون أنه بدون المد والجزر القمري لكانت البيئة البحرية فقيرة جداً بالأنواع الحيوانية.

ولكن هل يكون القمر مسؤولاً عن الحياة ذاتها؟

دورالقمر في نشأة الحياة

من جهة، قد تكون الحياة تشكلت حول فوهات المياه الحارة في المحيطات، وعندها يكاد ينعدم دور المد والجزر في ذلك. أما إذا تشكلت ضمن مياه المد والجزر يكون لقمرنا دور رئيسي في ذلك.

تشكل الحموض النووية الريبية الDNA والRNA أساسيات الحياة التي نعرفها. وهي غالباً أخذت وتطورت من مجموعة كبيرة متنوعة من جزيئات «الحموض النووية الأولية-protonucleic acids»، ولكن لأجل أن تتطور منها يجب أولاً أن تكون قادرة على الاستنساخ. الأمر الذي يتضمن تنظيم عملية النسخ عن طريق تجمع الجزيئات وتفككها دورياً.

وبما أن اليوم الأرضي كان حوالي 12 ساعة في ذلك الوقت؛ وفر ذلك مد وجزر أسرع وذو نطاق أوسع، حيث غطت المياه الأرض الحارة فتبخرت وزاد تركيز الملوحة عند الجزر. أمنت هذه البيئة المالحة مكاناً مناسباً للحموض النووية الأولية لترتبط وتتجمع في جزيئات خيطية.

أما عند حدوث المد؛ فستتفكك هذه الجزيئات نتيجة انخفاض تركيز الملح، ويعتقد أن آلية الاستنساخ هذه أسهمت في تشكيل الDNA من الحموض النووية الأولية.

تأثيره على حياتنا اليوم

طول اليوم

دارت الأرض بشكل أسرع في المراحل الأولى من عمرها، ولكن بفضل جاذبية القمر؛ تباطأ دوران الأرض تدريجياً مع ابتعاده في مدارات أعلى وأعلى فحصلنا على يوم طوله 24 ساعة.

أما بدونه فستهب الرياح بسرعة 100 متر في الساعة، وسيصبح طول اليوم حوالي 8 ساعات، مما سيؤثر على أنماط نوم واستيقاظ وحياة الأحياء.

الفصول المستقرة

يعتقد أن الاصطدام العنيف الذي شكّل القمر أمال محور الأرض 23.5 درجة مما تسبب في حدوث ظاهرة الفصول الأربعة. كما أن وجود القمر يساعد في الحفاظ على استقرار هذا الميلان فيتغير بحوالي 3 درجات فقط كل 41000 سنة.

بدون وجوده؛ لاستمر محور الأرض بالتذبذب بين 0 و 80 درجة عبر العصور. وما كان للحياة أن تتكون تحت هذه الظروف المناخية القاسية إلا إن كانت بكتيريا وأشكال الحياة الأولية فقط.

ضوء القمر

يعكس القمر ضوء الشمس مثلما تفعل الكواكب. ورغم تبيان دراسات إحصائية دقيقة عدم وجود أية علاقة بين البدر والسلوكيات الغريبة، إلا أن ضوءه يسهل الرؤية على البشر والحيوانات، وقد سجلت الدراسات تغيرات في معدل نجاح عمليات الافتراس عند الحيوانات المفترسة بسبب الضوء المضاف.

أطوار القمر

لطالما ألهم القمر وأطواره المتغيرة القصص والأساطير والأغاني والقصائد وحتى الكلمات مثل كلمة «Month»  الانكليزية والتي تعني شهر. كما استعين به لتحديد الوقت في التقويم القمري.

ويجدر الذكر أن القمر ذاته لا يتغير، وإنما المقدار الذي نراه منه عند النظر من الأرض هو ما يتغير خلال دورة تتكرر كل شهر.

تأثير القمر في النهضة العلمية

أحدث القمر ثورة علمية حقيقية. فرؤية غاليليو لسطح القمر الخشن عن طريق تلسكوبه زعزع الإيمان السائد عن كمال السماء. كما أن الأحجار القمرية المجلوبة في مهمات «أبولو-Apollo» أزاحت الستار عن أصل الفوهات القمرية وكذلك الموجودة على عطارد والزهرة والمريخ. بالإضافة لأهمية ذلك في معرفة كيفية تشكله.

وأخيراً؛ إذا كان القمر جزءاً أساسياً من عملية تطور الأحياء على كوكبنا، ربما يجدر بنا الأخذ بوجود قمر مماثل كمعيار في بحثنا عن حياة أخرى في الكون…

المصادر:
ScientificAmerican
LPI

لماذا يصعب الهبوط على القمر؟

لماذا يصعب الهبوط على القمر؟

قبل الإجابة عن هذا السؤال، يلزمنا أن نذكر بأن أكثر من ثلث محاولات الهبوط على القمر باءت بالفشل.

من بين هذه المحاولات، نذكر المهمة الهندية في السنة الماضية، حيث فقدت المؤسسة الهندية لأبحاث الفضاء (ISRO) الإتصال بالمركبة الفضائية فيكرام خلال محاولة للهبوط عند القطب الجنوبي للقمر.

كانت الهند على وشك أن تصبح الدولة الرابعة التي تهبط بنجاح على القمر، لكن لا تزال الوكالة الفضائية تحاول جاهدة إحياء الإتصالات مع مركبة فيكرام التي شوهدت من مدار قمري. وتستمر سلسلة الهبوط غير السعيدة، عندما فشلت مهمة “بيريشيت” الإسرائيلية بالهبوط على سطح القمر في أبريل من العام المنصرم.

بالرغم من نجاح البشر في الهبوط على سطح القمر قبل نصف قرن بفضل بعثات أبولو، إلا أن عمليات الهبوط لا تزال شاقة. وكما قالت صحفية العلوم الفضائية ليزا غروسمان من خلال تغريدة لها على تويتر أنه من بين 30 محاولة للهبوط من قبل وكالات وشركات فضائية في جميع أنحاء العالم، انتهى أكثر من ثلثها بالفشل.

قد نتسآل الآن لماذا قد يصعب الهبوط على القمر؟

قالت مهندسة الفضاء الجوي أليسيا دواير سيانسيولو من مركز لانغلي للأبحاث التابع لناسا في هامبتون بفرجينيا، لموقع لايف ساينس- LiveScience:

«لا يوجد حدث معين وحيد مسؤول عن المحاولات العديدة الفاشلة، فلكي ينجح الهبوط على القمر يجب إجراء عدة عمليات بالترتيب الصحيح. وإذا لم يتم احترام ترتيب إحدى تلك العمليات ستبدأ المشاكل ».

أولا، هناك مهمة الوصول إلى المدار القمري، والتي ليست بالأمر الهين. فقد كانت مركبة Saturn V التابعة لبرنامج أبولو مهيأة بما يكفي من الوقود لتصل برواد الفضاء إلى القمر في غضون ثلاثة أيام فقط. ولتوفير تكاليف الوقود، استخدمت بعثة تشاندرايان-2 التابعة للمؤسسة الهندية للبحوث الفضائية، والتي حملت فيكرام، مسار غير مباشر واستغرقت أكثر من شهر للوصول إلى القمر.

وما أن تصل المركبة الفضائية إلى المدار القمري، تظل على إتصال بالأرض باستخدام شبكة ناسا لمراقبة الفضاء العميق، والتي تتألف من ثلاثة مرافق في مختلف أنحاء الكرة الأرضية مزودة بهوائيات ضخمة تظل على اتصال بمسابير روبوتية بعيدة في الفضاء. وربما كان انقطاع الإتصالات من بين أسباب متاعب فيكرام، حيث فقدت الوكالة اتصالها بالمركبة عندما كانت على ارتفاع 1.2 ميل (كيلومتران) فقط فوق سطح القمر.

وفقا لصحيفة تايمز الإسرائيلية، هناك مجال صغير للخطأ عندما يتجه المسبار لنقطة هبوطه بسرعة الصواريخ. ويبدو أن أداة إرسال البيانات الخاطئة أدت إلى توقف محركات مسبار بيريشيت الإسرائيلي.

يستطيع المهندسون على كوكب الأرض الإعتماد على النظام العالمي لتحديد المواقع (GPS) للمساعدة في توجيه المركبات المستقلة ذاتيا، ولكن لا توجد أنظمة مماثلة على الأجرام السماوية الأخرى.

تقول دوير سيانيولو التي تعمل ضمن فريق تصميم الأقمار الصناعية في ناسا:

«تقوم الوكالة بتصميم أجهزة يمكن أن توضع على الهيكل السفلي للمركبة لمسح التضاريس بحثا عن الصخور والحفر وغيرها من المخاطر وإجراء تصحيحات للمسار، ويمكن استخدامها على متن مركبة فضائية خاصة وكذلك على البعثات المقبلة لناسا. وستختبر هذه التكنولوجيا خلال عملية هبوط مركبة ناسا Mars Rover 2020 المرتقب إطلاقها هذا العام. ومن المقرر أن تهبط على الكوكب الأحمر في فبراير 2021.»

إن جميع الرحلات القمرية الفاشلة كانت غير مكوَّنة من طاقم، مما يشير إلى أنه من الجيد تولي شخص لمهمة القيادة عندما تظهر المشاكل. حيث ساعدت ردود الفعل البشرية على الهبوط بنجاح في مهمة أبولو، بعد أن لمح نيل أرمسترونغ تضاريس صخرية في نقطة الهبوط، تمكن من السيطرة على مركبة أبولو 11 وطار بها بحثا عن نقطة هبوط أكثر أمانا.

المصدر: هنا

الهند تطلق مركبة تشاندرايان-2 الفضائية بنجاح!

الهند تطلق مركبة تشاندرايان-2 الفضائية بنجاح!

في عام 2008 أطلقت الهند مركبة تشاندرايان-1 كأول مهمة فضائية لها لاستكشاف سطح القمر، وها هي الآن، وبعد مرور أحد عشر عامًا، تستكمل ما بدأته، وتطلق مركبة تشاندرايان-2 الفضائية بنجاح في يوم الاثنين الموافق 22 يوليو، فيما يعتبر حدث تاريخي للهند وشعبها، فإذا سار كل شئ على ما يرام، ستهبط مركبة تشاندرايان-2 في القطب الجنوبي للقمر، لتصبح الهند رابع دولة تتمكن من الهبوط على سطح القمر بعد روسيا والولايات المتحدة الأمريكية والصين.

استخدمت الهند لإطلاق مهمتها صاروخ قليل التكلفة يمسى GSLV Mk III، وعلى الرغم من أن الإقلاع تأخر لمدة ثمانية أيام عن موعده الأصلي، بسبب عطل في الصاروخ، إلا أن الصاروخ تمكن من وضع مركبة تشاندرايان-2 في مدار أفضل من المتوقع، وقد عقّب سيفان رئيس منظمة أبحاث الفضاء الهندية على هذا النجاح قائلًا: “أصدقائي الأعزاء، اليوم هو يوم تاريخي لتكنولوجيا الفضاء والعلوم في الهند. إنها بداية رحلة تاريخية للهند نحو القمر والهبوط في مكان بالقرب من القطب الجنوبي، لإجراء التجارب العلمية، واستكشاف المجهول.”

إذا سارت الأمور وفقًأ للخطة، فستصل المركبة الفضائية إلى مدار القمر في السادس من سبتمبر، بعد رحلة طويلة في الفضاء ستستغرق 7 أسابيع، لتضع مركبة هبوط ومركبة جوالة، مصممة للحركة في التضاريس الوعرة، بالقرب من القطب الجنوبي للقمر، وجدير بالذكر أن الهند هي أول دولة تحاول الهبوط في القطب الجنوبي للقمر، حيث تبذل الهند جهدًا كبيرًا لاستكشاف هذا الجزء من القمر، حيث يعتقد أنه يحتوي على كميات كبيرة من الماء المتجمد.

 

تاريخ طويل من العمل

كما ذكرنا في بداية المقال، فإن أول مهمة فضائية للهند، كانت مهمة تشاندرايان-1، وقد تكونت من مركبة مدارية ومركبة هبوط، والتي اصطدمت بشدة بالقطب الجنوبي للقمر، وقد تمكنت المركبتين -التي تكونت منهما المهمة- من رصد دلائل على وجود ماء متجمد، وهو ما دفع الهند لاستكمال استكشافها، واطلاق مهمة تشاندرايان-2.

لم يكن من المفترض أن تنتظر الهند لمدة 11 عام لإرسال مهمة تشاندرايان-2، فقد كان من المفترض أن تنطلق المهمة في عام 2013، حيث بدأت المهمة بالاشتراك مع روسيا، لكن الأمور تغيرت بعد فشل مهمة Phobos-Grunt الروسية، حيث عجزت المركبة عن الخروج من مدار الأرض، فقررت روسيا إجراء مراجعة شاملة لمعدات المهمة، ومما أسفر عن تأخيرات كبيرة بالنسبة لمهمة تشاندرايان-2، حيث صرح المسؤولون الروس أنهم لن يتمكنوا من إطلاق مهمة تشاندرايان-2 حتى إذا تأخر الإطلاق لعام 2015، لذلك قررت الهند قطع الشراكة مع روسيا، وأن تعتمد على علمائها لتجهيز المهمة. وقد بلغت تكلفة مهمة تشاندرايان-2 10 مليار روبية، وهو ما يعادل 145 مليون دولار بأسعار الصرف الحالية.

 

التجهيز التقني للمهمة

سوف تستقر مركبة تشاندرايان-2 في مدار دائري، على بعد 62 ميلًا (100 كيلومتر) فوق سطح القمر. ثم سينفصل عنها مركبة الهبوط والمركبة الجوالة، حيث ستهبط المركبتين في سهل بين الفوهتين Manzinus C وSimpelius N، على بعد حوالي 70 درجة جنوب خط الاستواء القمري.

وقد أُطلِقَ على مركبة الهبوط اسم Vikram، نسبة لـ Vikram Sarabhai، الأب الروحي لبرنامج الفضاء الهندي. والمركبة الجوالة تسمى Pragyan، والتي تعني الحكمة في اللغة السنسكريتية، أما بالنسبة لتشاندرايان، فهو يعني عربة القمر في اللغة السنسكريتية.

وستكون المركبة الجوالة Pragyan ذات الست عجلات، والتي تعمل بالطاقة الشمسية قادرة على السفر لمسافة تصل إلى 1640 قدم (500 متر) على سطح القمر، وستتواصل مع مركبة الهبوط فقط، والتي بدورها ستبث المعلومات إلى مركبة تشاندرايان-2، ومنها ستنتقل المعلومات مباشرةً إلى شبكة الفضاء السحيق الهندية هنا على الأرض.

جميع المركبات الثلاث تحمل معدات علمية، حيث تحمل مركبة المدار ثمانية أجهزة علمية، بما في ذلك الكاميرات وأجهزة الطيف المتعددة، وتحمل Vikram أربعة أجهزة وتحمل Pragyan اثنين، وقد طور العلماء الهنود كل هذه المعدات، باستثناء جهاز واحد من وكالة ناسا يدعى مصفوفة الليزر العكسي.

صممت مصفوفة الليزر العكسي لمساعدة الباحثين في تحديد موقع المركبة الفضائية على سطح القمر وحساب المسافة من الأرض إلى القمر على وجه التحديد.

وقد صممت المركبة المدارية تشاندرايان-2 للعمل لمدة سنة أرضية واحدة، على النقيض من ذلك، فإن المركبتين Vikram و Pragya من المتوقع يعملا على السطح لمدة نصف يوم قمري فقط، أي ما يعادل حوالي 14 يومًا من أيام الأرض؛ حيث من المحتمل ألا تتحمل المركبتين الليلة القمرية الطويلة والباردة.

البيانات التي ستجمعها هذه المهمة ستمكن العلماء من فهم القمر بشكل أفضل، وإرسال المزيد من المهمات في المستقبل، فالهند ليست الوحيدة التي تراقب المنطقة الجنوبية للقمر الغنية بالموارد، فعلى سبيل المثال، تخطط ناسا لإرسال رواد الفضاء هناك في عام 2024، وبناء قاعدة دائمة على سطح القمر على مدار السنوات القادمة.

المصدر: Space.com

Exit mobile version