ماذا يحدث عند اندماج الثقوب السوداء؟

هذه المقالة هي الجزء 8 من 10 في سلسلة رحلة إلى أعتم أجسام الكون، "الثقوب السوداء"

غالبًا ما تقطن الثقوب السوداء -كغيرها من الأجرام الفلكية- في تجمعات نجمية ومجرات. ف«الثقوب السوداء فائقة الكتلة-Supermassive black holes» مثلًا لا توجد إلا في مراكز المجرات الكبيرة كمجرة درب التبانة. كما أن بعضها يشكل أنظمة ثنائية مع نجوم عادية أو نيوترونية. لذا، فإن الثقوب السوداء تؤثر وتتأثر بغيرها، ويمكن أن تندمج مع نجم نيوتروني أو ثقب أسود آخر في ظروف مناسبة. فما الذي يحدث عند اندماج الثقوب السوداء مع النجوم النيوترونية؟ وماذا ينتج عن اندماج ثقبين أسودين فائقي الكتلة؟  

الثقوب السوداء والنجوم النيوترونية

ليست النجوم النيوترونية أو الثقوب السوداء بنادرةٍ في مجرة درب التبانة، فهما مصير كل نجم ثقيل بعد موته. وغالبًا ما توجد النجوم الثقيلة هذه في «أنظمة ثنائية-Binary systems»، يدور فيها كلا النجمين حول نقطة مشتركة بينهما.

اندماج الثقوب السوداء مع النجوم النيوترونية

في أثناء دوران الثقب الأسود والنجم النيوتروني حول بعضهما في نظام ثنائي ما، يطلقان «الأمواج الثقالية-Gravitational waves». وهي اضطرابات تحدث في نسيج المكان-الزمان نتيجة تغير تركيز الكتلة المفاجئ أو انتقاله.كما تزداد الأمواج الثقالية باقترابهما من بعضهما، إلى أن يندمجا سويةً مشكلين ثقبًا أسود أكبر، ومطلقين موجة جاذبية هائلة، نستطيع رصدها من الأرض. [1]

اندماج الثقوب السوداء مع بعضها

من الممكن أن يندمج ثقبان أسودان مع بعضها، ويحدث ذلك عندما يقتربان إلى درجة تسحب جاذبية كل منهما الآخرَ نحوها. يستمر الثقبان بالدوران نحو بعضهما، مصدرين أمواج جاذبية، إلى أن يندمجا في ثقب أسود أكبر. ورغم أننا لا نفهم كليًا كيفية حدوث ذلك، لكننا نعلم أنه يصدر طاقة هائلة، ويُحدث موجة جاذبية كبيرة في نسيج الكون. [2]

موجة GW150914

رصدت أول موجة جاذبية في مرصد «لايغو- LIGO» عام 2015 وسميت GW150914. وتبين أنها ناتجة عن اندماج ثقبين أسودين ثقيلين، يزن كل منهما حوالي 30 ضعف كتلة الشمس. كما ومنحت جائزة نوبل في الفيزياء عام 2017 لباحثي مركز لايغو المسؤولين عن الاكتشاف السابق تكريمًا لجهودهم، وهم الفيزيائيون «كيب ثورن-Kip Thorne» و«رينر ويس-Rainer Weiss» و «باري باريش-Barry Barish». [3]

اندماج ثقبين أسودين فائقي الكتلة

للثقوب السوداء فائقة الكتلة كتلٌ تتراوح بين ملايين إلى مليارات أضعاف كتلة الشمس. وتتوضع جميعها في مراكز المجرات الكبيرة في الكون. يمكن أن يندمج ثقبان أسودان فائقا الكتلة مع بعضهما عند اندماج مجرتين، فيدور كل منهما نحو الآخر إلى أن يندمجا مطلقين أمواج جاذبية هائلة. وتقترح المحاكاة الحاسوبية أن اندماجات الثقوب السوداء فائقة الكتلة، وعلى عكس الثقوب السوداء النجمية، تصدر إلى جانب الأمواج الثقالية أمواجًا ضوئية. حيث يصدر الغاز ذو الحرارة المرتفعة المحيط بالثقبين أشعة سينية في أثناء تساقط الثقبين نحو بعضهما. [4]

ويوضح الشكل التالي اندماج ثقب أسود فائق الكتلة مع قرينه:

حقوق الصورة: ESA

فنرى أن حياة الثقوب السوداء منذ ولادتها تضج بالعنف، فهل تكون ميتتها كذلك؟

المصادر:

[1] The Conversation
[2] Spacs
[3] LIGO
[4] ESA

ما أنواع الثقوب السوداء؟

هذه المقالة هي الجزء 6 من 10 في سلسلة رحلة إلى أعتم أجسام الكون، "الثقوب السوداء"

على الرغم من ظلامها وغموضها وصعوبة رصدها، تمكن العلماء من كشف عدة أسرار حول «الثقوب السوداء-Black holes». فصنفوها بحسب كتلتها إلى ثلاثة أنواع رئيسة، هي: الثقوب السوداء النجمية، ومتوسطة الكتلة، وفائقة الكتلة. فما الفرق بين أنواع الثقوب السوداء هذه؟ كيف يتشكل كل منها؟ وما خواصها؟

صورة توضح تسلسل كتل الأجسام الفلكية بالنسبة إلى كتلة الشمس

الثقوب السوداء النجمية

تشكلها

كما يشير اسمها، تعدُّ «الثقوب السوداء النجمية-Stellar black holes» مرحلةً متأخرةً من حياة النجوم. وتتشكل عندما ينفذ وقود النجم، ولا يعود قادرًا على القيام بعملية الاندماج النووي، فينهار على نفسه بفعل جاذبيته الكبيرة.  ففي حين تشكّل النواة الناجية من هذا الانهيار نجمًا نيوترونيًا أو قزمًا أبيض إذا كانت كتلته لا تزيد عن 3 أضعاف كتلة الشمس، تنهار النجوم الأثقل على نفسها دون توقف، مشكلةً ثقبًا أسود. [1]

خواصها

تتوزع هكذا ثقوب في أنحاء الكون، وعادةً ما تتراوح كتلتها بين 10 و 24 ضعف كتلة الشمس. ولأنها تتشكل من انهيار نجوم منفردة، تكون الثقوب السوداء النجمية صغيرةً مقارنة بقريناتها. لكنها تكون كثيفة جدًا؛ فأحدها يحوي أكثر من ثلاثة أضعاف كتلة الشمس في حيز لا يتجاوز قطر مدينة. ونتيجةً لذلك، تمتاز الثقوب السوداء النجمية بجاذبية قوية تجذب الأجسام المحيطة وتجعلها تدور حولها، وتبتلع ما يقربها من غاز وغبار.

وتكون الثقوب السوداء النجمية صعبة الرصد. وغالبًا ما يرصدها الفلكيون عندما يقترب منها نجم بما يكفي ليبتلع الثقب الأسود بعضًا من مادة النجم. حيث تصدر المادة أثناء ذلك أشعةً سينية قابلة للرصد.

أما عددها فيقدر بنحو 10 مليون إلى 10 مليار ثقب في مجرة درب التبانة وحدها. وقد قدر ذلك اعتمادًا على عدد النجوم الثقيلة بما يكفي لتتحول إلى ثقوب سوداء نجمية. [2]

الثقوب السوداء متوسطة الكتلة

لطالما اعتقد العلماء أن الثقوب السوداء تكون إما كبيرة جدًا أو صغيرة. في حين تظهر الدراسات الحديثة إمكانية وجود ثقوب سوداء ذات حجم متوسط. وتسمى «الثقوب السوداء متوسطة الكتلة-Intermediate-mass black holes»، واختصارًا: IMBHs.

[3]

تشكلها

يعتقد العلماء أن الثقوب السوداء متوسطة الكتلة تتشكل في قلب «العناقيد النجمية-Stellar clusters». فنتيجةً لازدحامها، تتصادم عدة نجوم بشكل متسلسل وتلتحم لتشكل نجومًا هائلة الكتلة، والتي بدورها تنهار على نفسها مشكلةً ثقبًا أسود متوسط. كما يُعتقد أن هذه العناقيد تشق طريقها إلى مركز المجرة، حيث تتجمع الثقوب السوداء المتوسطة وتندمج مشكلةً ثقبًا أسود فائق الكتلة. [2]

خواصها

بما أن اكتشافها لا يزال حديثًا نسبيًا؛ لا تزال الدراسات جارية لكشف خواص هذه الثقوب. فيما اقترحت إحداها أن الIMBHs توجد في مراكز المجرات القزمة (أي الصغيرة جدًا). حيث وجد باحثون 10 مجرات قزمة تطلق أشعة سينية من مركزها، وتشير شدتها إلى وجود ثقوب سوداء تتراوح كتلتها بين 36,000 و 316,000 أضعاف كتلة الشمس. [3]

الثقوب السوداء فائقة الكتلة

في حين تنتشر الثقوب السوداء النجمية في الكون، تسيطر قريناتها فائقة الكتلة عليه.

تشكلها

يقترح العلماء أربعة طرق ممكنة لتشكل «الثقوب السوداء فائقة الكتلة- Supermassive black holes»:

أولًا: يمكن أن تتشكل نتيجة اندماج عدة ثقوب سوداء صغيرة معًا.
ثانيًا: قد تتشكل من انهيار سحابات ضخمة من الغاز على نفسها والتحامها بسرعة.
ثالثًا: يمكن أن تتشكل نتيجة انهيار عنقود نجمي -أي مجموعة من النجوم- على نفسه.
رابعًا: قد تنشأ من عناقيد كبيرة من «المادة المظلمة-Dark matter». والأخير هو الخيار الأكثر غموضًا، لا سيما أننا لا نعلم حتى الآن طبيعة المادة المظلمة. [4]

خواصها

تتراوح كتلة هكذا ثقوب سوداء بين ملايين و بضعة مليارات كتل شمسية. ويعتقد أنها توجد في مركز كل مجرة، كما في مجرتنا درب التبانة. وغالبًا ما يرصدها العلماء بمشاهدة تأثيرها الجذبوي الهائل على النجوم المحيطة بها. [2]

وكما أننا ما توقعنا يومًا وجود ثقوب سوداء متوسطة، قد تفاجئنا هذه العماليق الداكنة مجددًا، وتحبطنا في كل مرة نعتقد أننا قاربنا كشف أصغر غموضها.

المصادر

[1] NASA_1
[2] NASA_2
[3] NASA_3
[4] Space

Exit mobile version