ما هو حزام كايبر؟

هذه المقالة هي الجزء 12 من 18 في سلسلة دليلك لفهم أهم الأجرام والظواهر الفلكية

حزام كايبر (Kuiper Belt) هو منطقة على شكل قرص من الأجسام الجليدية. والتي تقع خارج مدار نبتون على بعد مليارات الكيلومترات من شمسنا. تبدأ الحافة الداخلية للحزام عند مدار نبتون، على بعد حوالي 30 وحدة فلكية (AU) من الشمس. (الوحدة الفلكية هي المسافة من الأرض إلى الشمس). تمتد الحافة الخارجية نحو الخارج إلى ما يقرب من 1000 وحدة فلكية، مع وجود بعض الأجسام في مدارات تتجاوز ذلك.

هناك أجزاء من الصخور والجليد والمذنبات والكواكب القزمة في حزام كايبر. إلى جانب بلوتو ومجموعة من المذنبات، هناك أجسام أخرى مثيرة للاهتمام في حزام كويبر مثل إيريس وماكيماك وهوميا. وهي عبارة عن كواكب قزمة مثل بلوتو. إن أجسام حزام كايبر كلها صغيرة لأنها ربما تكون قد اجتمعت لتشكيل كوكب لو لم يكن نبتون موجودًا هناك. بدلاً من ذلك. أثارت جاذبية نبتون هذه المنطقة من الفضاء بشكل كبير. وذلك لدرجة أن الأجسام الصغيرة الجليدية هناك لم تكن قادرة على الاندماج في كوكب كبير.

الاكتشاف

تكهن عالم الفلك الأيرلندي “كينيث إيدجوورث” في عام 1943م. أن توزيع الأجسام الصغيرة في النظام الشمسي لم يكن مقيدًا بالمسافة الحالية لبلوتو. طور عالم الفلك “جيرارد كايبر” حجة أقوى في عام 1951م. من خلال تحليل التوزيع الكتلي للأجسام اللازمة للاندماج في الكواكب أثناء تكوين النظام الشمسي. أثبت كايبر أن كمية كبيرة متبقية من الأجسام الجليدية الصغيرة عبارة عن أنوية مذنبات غير نشطة. ولكنها يجب أن تقع في المنطقة ما بعد نبتون.

قبل ذلك بعام، اقترح عالم الفلك الهولندي يان أورت وجود خزان كروي أبعد بكثير للأجسام الجليدية، يسمى الآن سحابة أورت. والتي تتجدد منها المذنبات باستمرار. هذا المصدر البعيد يفسر بشكل مناسب أصل المذنبات طويلة المدى التي لها فترات تزيد عن 200 عام. لاحظ كايبر أن المذنبات ذات الفترات القصيرة جدًا (20 عامًا أو أقل). والتي تدور جميعها في نفس اتجاه جميع الكواكب حول الشمس وقريبة من مستوى النظام الشمسي، تتطلب مصدرًا أقرب وأكثر تسطيحًا. أصبح هذا التفسير، الذي أعيد ذكره بوضوح في عام 1988م من قبل عالم الفلك الأمريكي “مارتن دنكان” وزملاؤه. أفضل حجة لوجود حزام كايبر حتى اكتشافه المباشر.

في عام 1992م. اكتشف عالم الفلك الأمريكي “ديفيد جيويت” وطالبة الدراسات العليا “جين لو” ((15760) 1992 QB1). والذي كان يعتبر أول جسم من أجسام حزام كايبر. يبلغ قطر الجسم حوالي 200-250 كم (125-155 ميلاً)، حسب تقدير سطوعه. ويتحرك في مدار دائري تقريبًا في مستوى النظام الكوكبي على مسافة 44 وحدة فلكية (6.6 مليار كم). يقع هذا خارج مدار بلوتو، الذي يبلغ متوسط نصف قطره 39.5 وحدة فلكية (5.9 مليار كيلومتر ). نبه اكتشاف QB1 عام 1992م علماء الفلك إلى جدوى اكتشاف أجسام حزام كايبر الأخرى. وفي غضون 20 عامًا تم اكتشاف حوالي 1500 جسم في نطاق حزام كايبر.

كيف تكون حزام كايبر؟

عندما تشكل النظام الشمسي، تماسك الكثير من الغازات والغبار والصخور معًا لتشكيل الشمس والكواكب. ثم جرفت الكواكب معظم الحطام المتبقي في الشمس أو خارج النظام الشمسي. لكن الأجسام الموجودة على حافة النظام الشمسي كانت بعيدة بما يكفي لتجنب قوى الجاذبية للكواكب الأكبر مثل المشتري. وبالتالي تمكنت من البقاء في مكانها لأنها تدور ببطء حول الشمس. يحتوي حزام كايبر وشريكته، سحابة أورت الأكثر بعدًا على بقايا من بداية النظام الشمسي ويمكنهما تقديم رؤى قيمة حول ولادته.

وفقًا لنموذج نيس (Nice model). أحد النماذج المقترحة لتشكيل النظام الشمسي. ربما يكون الحزام قد تشكل بالقرب من الشمس، بالقرب من المكان الذي يدور فيه نبتون الآن. في هذا النموذج، انخرطت الكواكب في رقصة متقنة، حيث قام نبتون وأورانوس بتغيير أماكنهما والتحرك إلى الخارج بعيدًا عن الشمس. مع تحرك الكواكب بعيدًا عن الشمس. ربما تكون جاذبيتها قد حملت معها العديد من أجسام حزام كايبر، مما أدى إلى رعاية الأجسام الصغيرة أثناء هجرة الكوكبين. نتيجة لذلك. تم نقل العديد من أجسام حزام كايبر من المنطقة التي نشأت فيها إلى الجزء الأكثر برودة من النظام الشمسي.

ويقع الجزء الأكثر ازدحامًا في الحزام بين 42 و 48 ضعف مسافة الأرض من الشمس. يظل مدار الأجسام في هذه المنطقة مستقرًا في معظم الأحيان. وذلك على الرغم من أن بعض الأجسام قد تغير مسارها قليلاً في بعض الأحيان عندما تنجرف بالقرب من نبتون. يقدر العلماء أن آلاف الأجسام التي يزيد قطرها عن 100 كيلومتر تسافر حول الشمس داخل هذا الحزام. وهي تسافر جنبًا إلى جنب مع تريليونات الأجسام الأصغر. والعديد منها عبارة عن مذنبات قصيرة الأمد. تحتوي المنطقة أيضًا على العديد من الكواكب القزمة. وهي عوالم مستديرة كبيرة جدًا بحيث لا يمكن اعتبارها كويكبات ولكنها صغيرة جدًا بحيث لا يمكن اعتبارها كوكبًا.

بلوتو وحزام كايبر

بناءً على تقديرات السطوع. تقترب أحجام أجسام حزام كايبر المعروفة الأكبر حجمًا من حجم أكبر أقمار بلوتو، شارون. والذي يبلغ قطره 1،208 كيلومتر أو تتجاوزها. يبدو أن واحدة من أجسام الحزام التي تسمى أيريس لديها ضعف ذلك القطر، أي أصغر قليلاً من بلوتو نفسه.

نظرًا لأن العديد من أجسام حزام كايبر مثل أيريس كانت بحجم بلوتو تقريبًا. بدءًا من التسعينيات. تساءل علماء الفلك عما إذا كان يجب اعتبار بلوتو كوكبًا أو كواحد من أكبر الأجسام في حزام كايبر. تم إثبات أن بلوتو كان أحد الكواكب القزمة التي تم اكتشافها قبل 62 عامًا قبل اكتشاف (1992 QB1) بعام. وفي عام 2006م صوت الاتحاد الفلكي الدولي لتصنيف بلوتو وإيريس على أنهما كواكب قزمة.

لماذا هو مهم؟

أحد أهم جوانب حزام كايبر هو وجهة النظر التي يقدمها في تكوين نظامنا الشمسي. من خلال دراسة حزام كايبر، قد يتمكن العلماء من فهم كيفية تشكل الكواكب والكواكب المصغرة. والتي تعتبر اللبنات الأساسية للكواكب، بشكل أفضل. أرسلت المركبة الفضائية نيو هورايزونز (New Horizons) بيانات حول جسم حزام كايبر القديم أروكوث (2014 MU69). قال العلماء إنه مثلما تكشف الأحافير عن تكوين الحياة على الأرض. فإن أجسامًا مثل أروكوث تُظهر كيف تشكلت الكواكب في الفضاء.

يعد حزام كايبر مصدرًا غنيًا لمعرفة المزيد عن الأجسام في نظامنا الشمسي. حتى الآن، تم فهرسة أكثر من 2000 من أجسام حزام كايبر. يعتقد الباحثون أن هذه ليست سوى جزء صغير من العدد الإجمالي للأشياء التي يعتقد العلماء أنها موجودة هناك. في الواقع. يقدر علماء الفلك أن هناك مئات الآلاف من الأجسام في المنطقة التي يزيد عرضها عن 100 كيلومتر أو أكبر. حزام كايبر منطقة ما زلنا في بداية استكشافها وفهمنا لا يزال يتطور. جاءت أفضل المعلومات من البعثات الأخيرة، لذلك لا زال هناك الكثير لاكتشافه وتعلمه.

المصادر

الأكوان المتعددة: لماذا يعتقد البعض بوجودها؟

هذه المقالة هي الجزء 2 من 9 في سلسلة رحلة بين 8 ألغاز كونية مذهلة!

تقترح فرضية «الأكوان المتعددة-Multiverse Hypothesis» أن كوننا –بما فيه من مجرات ونجوم- ليس الكون الوحيد. وتطرح احتمالية وجود أكوان أخرى مختلفة ومنفصلة تمامًا عن كوننا.  وبحسب هذه الفرضية؛ من الممكن وجود عدد لا نهائي من الأكوان، لكل منها قوانينه الفيزيائية الخاصة، ومجموعته من المجرات والنجوم (إن سمحت قوانينه بوجودها)، وحتى حضارته الذكية الخاصة التي اكتشفت -أو لم تكتشف بعد- وجود أكوان أخرى غير كونها. قد تبدو هذه الفرضية جامحة بشكل لا يصدق؛ فلماذا إذًا يعتقد بعض العلماء بها؟ [1]

الأدلة النظرية على الأكوان المتعددة

نظرية التضخم

يجد مفهوم الأكوان المتوازية مكانةً له في عدة مجالات فيزيائية وفلسفية أيضًا. لكن من المؤكد أن أبرز مثال يأتينا من «نظرية التضخم-Inflation Theory». تعنى نظرية التضخم بحال الكون بعد أقل من ثانية من تشكله. وبالتحديد؛ تصف حدثًا توسع فيه الكون جدًا في وقت ضئيل، “متضخمًا” ليصبح أضعاف حجمه السابق. ويعتقد العلماء أن حدث التضخم هذا انتهى منذ حوالي 14 مليار سنة. لكنه لم ينته في كل مكان في الوقت ذاته، فمن الممكن أنه انتهى في منطقة ما واستمر في الأخرى. [2]

وبالتالي؛ بينما انتهى التضخم في كوننا؛ من الممكن أنه استمر في مناطق بعيدة جدًا منه. بحيث ينتؤ كون مستقل من كل تضخم مستمر، وهكذا دواليك. ولفهم ذلك؛ تخيل أنك تنفخ بالونًا، وبسبب خطأ ما في تصنيعه كانت بعض المناطق منه أرقّ من غيرها. بينما توقف بالونك عن الانتفاخ بعد أن امتلأ هواءً؛ استمرت هذه المناطق الرقيقة منه بالانتفاخ، وبرزت كأنها بالون جديد ناتئ من بالونك الأساسي. والفرق هنا أن العملية لا نهائية في الأكوان المتعددة، فكل “نتوء” جديد سيحوي مناطق يستمر فيها الانتفاخ بعد ان يتوقف في غيرها، لنحصل على انتفاخات لا نهائية داخل انتفاخات أخرى.   

صورة توضح نشوء الأكوان المتعددة بالتضخم
حقوق الصورة: Express

وفي هذا السناريو من التضخم اللانهائي؛ كل كون جديد سيكون مستقلًا عن الكون الذي نشأ منه. ويكون له قوانينه الفيزيائية الخاصة، مجموعته من الجسيمات، ترتيبه من قوى الطبيعة، وقيمه وثوابته الخاصة. ربما يفسر ذلك لما لكوننا خواصه الحالية، وخاصةً تلك التي يصعب على الفيزياء النظرية شرحها، كالمادة المظلمة و«الثابت الكوني-Cosmological constant». فإذا كان هناك أكوان متعددة؛ سيكون هناك ثابت كوني مختلف لكل كون منها، وسيكون توزيع الثوابت عشوائيًا. ويكون ثابت كوننا ليس مميزًا ومحض صدفة لا أكثر. [1]

وجود حياة ذكية في الكون

يعتقد بعض العلماء أن أحد أهم الأدلة على الأكوان المتعددة هو وجودنا وتمكننا من طرح سؤال كهذا. فلطالما شعرنا وكأن كوننا معد مسبقًا ليحضن حياةً ذكية. وكأن كل القوانين والقوى مضبوطةٌ لتلائم وجودنا وتدعمه. وتبدو هذه السمات مميزة جدًا، من استقرار نواة الذرة وتوافر الكربون في الكون، إلى وجود الضوء وحياة النجوم الطويلة.  

ولكن كل ذلك يصبح “طبيعيًا” إذا ما افترضنا وجود عدد لانهائي من الكون. حيث تخبرنا الاحتمالات أنه لا بد من وجود كون من هذه الأكوان تجتمع فيه كل الشروط المناسبة لنشأة الحياة. وبالتالي هناك أيضًا عدد هائل من الأكوان التي لا تدعم الحياة، فلماذا وجدنا في هذا الكون بالتحديد؟ لأنه الوحيد الذي يسمح بذلك.

  ولا بد أن نذكر أن علماء الإحصاء اختلفوا معهم في ذلك، ولم يعتبروا وجود الأكوان المتعددة ضرورة لوجودنا.[3]

ميكانيك الكم

يعد «مبدأ التراكب-superposition» حجر الزاوية في ميكانيكا الكم. وينص أن الجسيم أو الكم يتواجد في حالتين و مكانين مختلفين في الوقت ذاته. ومثالًا على ذلك نرى الطبيعة المثنوية للضوء، فالضوء جسيم يدعى الفوتون وموجة كهرومغناطيسية في آن واحد. وأيضًا؛ يوجد الإلكترون هنا وهناك في الوقت ذاته، ولكننا عندما نرصده نجبره على اختيار مكان منهما. [4]

ويمهد هذا المبدأ لتجربة «قطة شرودينغر-Schrödinger’s cat»، وهي قطة محبوسة في صندوق مغلق، ومصيرها محكوم بأداة كمية قاتلة. وبما أن الأداة توجد في حالتين مختلفتين إلى أن نفتح الصندوق ونقوم بالرصد؛ فالقطة حية وميتة في آن واحد. [5]

وعوضًا عن افتراض أننا “نجبر” الكم على اختيار حالة أو مكان واحد عند رصدنا، يميل مؤيدو فرضية الأكوان المتعددة لتفسير أخر. حيث يعتقدون أنه لا حاجة للاختيار أصلًا! ففي اللحظة التي نرصد فيها الكم، ينقسم الواقع إلى نسختين: واحدة نرصده وقد اختار الحالة 1، وآخر نرصده وقد اختار 2. وكان الواقع يتكون من عدة طبقات متفرعة، كل منها يشكل كونًا من الأكوان المتعددة.  [6]

ولكن لا يزال العلماء متحفظين ومشككين في هذه الفرضية، فالأدلة حتى الآن غير مقنعة كفاية.

الأدلة المادية على الأكوان المتعددة

حاول عدة علماء إيجاد أدلة مادية رصينة تثبت وجود الأكوان المتعددة. مثلًا؛ لو حدث وكان كون ما قريب من كوننا بشكل كافي لالتحم معه مخلفًا أثرًا ما. قد يكون ذلك الأثر تشوهات في «إشعاع الخلفية الكونية الميكروي-cosmic microwave background radiation»* ، أو تصرفات غريبة للمجرات.  

في حين يبحث علماء أخرون في أنواع خاصة من الثقوب السوداء، والتي قد تكون آثارًا لقطع من كوننا انفصلت إلى داخل الكون الآخر في عملية تعرف ب«النفق الكمومي-Quantum tunneling». فإذا انفصلت مناطق من كوننا بهذه الطريقة؛ ستخلف وراءها “فقاعات” في كوننا والتي قد تتحول إلى ثقوب سوداء. [7]

*إشعاع الخلفية الكونية الميكروي: الإشعاع الذي أصدره كوننا عندما كان شديد الكثافة وأصغر بمليون مرة مما هو عليه الآن.

ولكن بحثهم هذا لم يثمر حتى الآن، ولا تزال فكرة الأكوان المتعددة افتراضًا فقط.

المصادر

[1] Nature

[2] NASA

[3] Scientific American

[4] Cornell University

[5] joint quantum institute

[6] space

[7] university College London

النجوم النيترونية، النجوم الغريبة

هذه المقالة هي الجزء 9 من 18 في سلسلة دليلك لفهم أهم الأجرام والظواهر الفلكية

ما هي النجوم النيترونية

عندما ينفجر نجم ضخم على شكل مستعر أعظم في نهاية حياته، يمكن أن ينهار قلبه لينتهي به المطاف كجسم صغير فائق الكثافة لا تزيد كتلته كثيرًا عن كتلة شمسنا. هذه النوى الصغيرة والكثيفة بشكل لا يصدق من النجوم المتفجرة هي نجوم نيوترونية. إنها من بين أكثر الأشياء غرابة في الكون. وتبلغ كتلة النجم النيوتروني النموذجي حوالي 1.4 مرة بحجم كتلة شمسنا، لكنها تصل إلى ما يقرب من كتلتين شمسيتين (solar mass).

ضع في اعتبارك الآن أن قطر شمسنا يبلغ حوالي 100 ضعف قطر الأرض. ولكن في النجم النيوتروني، يتم ضغط كل كتلته الكبيرة التي تصل إلى ضعف كتلة شمسنا في نجم صغير يبلغ عرضه حوالي 15 كم فقط، أو بحجم مدينة أرضية. لذلك ربما يمكنك أن ترى أن النجوم النيوترونية كثيفة جدًا جدًا. حيث يمكن أن تزن ملعقة كبيرة من مادة النجم النيوتروني أكثر من مليار طن (900 مليار كجم). هذا أكبر من وزن جبل إيفرست، أعلى جبل على وجه الأرض!

طريقة تكونها

طوال معظم حياتهم، تحافظ النجوم على توازن دقيق. حيث تحاول الجاذبية ضغط النجم بينما يسبب الضغط الداخلي للنجم دفع خارجي. والضغط الخارجي ناتج عن الاندماج النووي في قلب النجم. هذا الاحتراق الاندماجي هو العملية التي تتألق بها النجوم. في انفجار المستعر الأعظم، حيث تصبح للجاذبية فجأة وبشكل كارثي اليد العليا في الحرب التي تشنها مع الضغط الداخلي للنجم لملايين أو بلايين السنين. مع استنفاد الوقود النووي وإزالة الضغط الخارجي، تضغط الجاذبية فجأة على النجم نحو الداخل. وتنتقل موجة الصدمة إلى قلب النجم وترتد، وتفجر النجم بعيدًا. قد تستغرق هذه العملية برمتها بضع ثوانٍ.

لكن انتصار الجاذبية لم يكتمل بعد. فمع تطاير معظم النجم في الفضاء، يبقى اللب والذي قد يمتلك ضعف كتلة شمسنا فقط. تستمر الجاذبية في ضغطها، لدرجة أن الذرات تصبح مضغوطة جدًا ومتقاربة جدًا بحيث يتم دفع الإلكترونات بعنف إلى نواتها الأم، وتتحد مع البروتونات لتشكيل نيوترونات. وهكذا حصل النجم النيوتروني على اسمه من تركيبته. وما أوجدته الجاذبية هو مادة فائقة الكثافة وغنية بالنيوترونات، تسمى النيوترونيوم، في مجال بحجم المدينة.

خصائص النجوم النيترونية

وضع علماء الفلك نظرية لأول مرة حول وجود هذه الكيانات النجمية الغريبة في ثلاثينيات القرن الماضي، بعد وقت قصير من اكتشاف النيوترونات. لكن لم يكن لدى العلماء دليل جيد على وجود النجوم النيوترونية في الواقع حتى عام 1967م. حيث لاحظت طالبة دراسات عليا تُدعى جوسلين بيل في جامعة كامبريدج في إنجلترا نبضات غريبة في تلسكوبها اللاسلكي، وصلت بانتظام لدرجة أنها اعتقدت في البداية أنها قد تكون إشارة من حضارة فضائية، ووفقًا لجمعية الفيزياء الأمريكية. تبين أن الأنماط ليست دليل لحياة فضائية. بل بالأحرى الإشعاع المنبعث من النجوم النيوترونية سريعة الدوران.

المستعر الأعظم الذي يؤدي إلى نشوء نجم نيوتروني يضفي قدرًا كبيرًا من الطاقة على الجسم المضغوط، مما يجعله يدور حول محوره بين 0.1 و60 مرة في الثانية، وحتى 700 مرة في الثانية. وتنتج المجالات المغناطيسية الهائلة لهذه الكيانات أعمدة إشعاعية عالية الطاقة، والتي يمكن أن تجتاح الأرض مثل أشعة المنارة، مكونة ما يعرف باسم النجم النابض (Pulsar).

خصائص النجوم النيوترونية خارجة تمامًا عن هذا العالم. حيث أن ملعقة صغيرة واحدة من مادة النجوم النيوترونية يمكن أن تزن مليار طن. وإذا وقفت بطريقة ما على سطحها دون أن تموت، فستواجه قوة جاذبية أقوى بمقدار 2 مليار مرة مما تشعر به على الأرض.

قد يكون المجال المغناطيسي للنجم النيوتروني العادي أقوى بتريليونات المرات من المجال المغناطيسي للأرض. لكن بعض النجوم النيوترونية لديها مجالات مغناطيسية أكثر قوة، ألف مرة أو أكثر من متوسط النجم النيوتروني. وهذا يخلق شيئًا يعرف باسم النجم المغناطيسي (Magnetar).

يمكن للزلازل النجمية (Starquakes) على سطح نجم مغناطيسي، ما يعادل حركات القشرة الأرضية على الأرض التي تولد الزلازل، وإطلاق كميات هائلة من الطاقة. وفقًا لوكالة ناسا، في غضون عُشر من الثانية قد ينتج نجم مغناطيسي طاقة أكثر من التي بعثتها الشمس في آخر 100000 عام.

النجم المغناطيسي (Magnetar)

النجم المغناطيسي هو نوع غريب من النجوم النيوترونية، ميزته أنه يحتوي على مجال مغناطيسي فائق القوة. وهذا الحقل المغناطيسي أقوى بحوالي 1000 مرة من النجم النيوتروني العادي وحوالي تريليون مرة أقوى من الأرض. إذا كنت ستغامر بالقرب من نجم مغناطيسي يزيد عن 600 ميل (1000 كم)، فسوف تموت بسرعة كبيرة. سوف يدمر المجال المغناطيسي جسمك، وتتمزق الإلكترونات من ذراتك وتتحول إلى سحابة من الأيونات أحادية الذرة، أي ذرات مفردة بدون إلكترونات.

النجوم النابضة (Pulsar)

غالبًا ما تبدو النجوم النابضة من الأرض وكأنها نجوم تومض. يبدو أنهم يومضون بإيقاع منتظم. لكن الضوء الصادر عن النجوم النابضة لا يومض أو ينبض في الواقع، وهذه الأجسام ليست نجومًا في الواقع. فتشع النجوم النابضة حزمتين ثابتتين وضيقتين من الضوء في اتجاهين متعاكسين. وعلى الرغم من أن ضوء الحزمة ثابت، يبدو أن النجوم النابضة تومض لأنها تدور أيضًا. إنه نفس السبب الذي يجعل المنارة تبدو وكأنها تومض عندما يراها بحار على المحيط. عندما يدور النجم النابض، قد يكتسح شعاع الضوء الأرض، ثم يتأرجح بعيدًا عن الأنظار، ثم يتأرجح مرة أخرى. بالنسبة لعالم الفلك على الأرض، يدخل الضوء ويختفي مما يعطي الانطباع بأن النجم النابض يومض ويطفأ. السبب في أن شعاع ضوء النجم النابض يدور حوله مثل شعاع المنارة هو أن شعاع ضوء النجم النابض لا يتماشى عادةً مع محور دوران النجم النابض. في الواقع، النجوم النيوترونية هي حراس الوقت السماوي في الكون، ودقتها تضاهي دقة الساعات الذرية.

الكيلونوفا (kilonova)

مثل النجوم العادية، يمكن لنجمين نيوترونيين أن يدور أحدهما حول الآخر. إذا كانوا قريبين بدرجة كافية، فيمكنهم حتى أن يدوروا إلى الداخل مما يسبب هلاكهم في ظاهرة شديدة تعرف باسم كيلونوفا. وقد تسبب اصطدام نجمين نيوترونيين في سماع الموجات حول الكون في عام 2017. عندها اكتشف الباحثون موجات الجاذبية والضوء القادم من نفس الاصطدام الكوني. قدم البحث أيضًا أول دليل قوي على أن اصطدامات النجوم النيوترونية هي مصدر الكثير من الذهب والبلاتين والعناصر الثقيلة الأخرى في الكون. أطلق الاصطدام القوي كميات هائلة من الضوء وخلقت موجات جاذبية تموجت عبر الكون. لكن ما حدث للشيئين بعد تحطيمهما يظل لغزا.

النجوم النيترونية في مجرتنا

يقدر أن هناك أكثر من مائة مليون نجم نيوتروني في مجرتنا درب التبانة. ومع ذلك، سيكون الكثير منهم قديمًا وباردًا وبالتالي يصعب اكتشافه. يعتقد أن تصادمات النجوم النيوترونية العنيفة التي لا يمكن تصورها. والتي تم اكتشاف أحدها في عام 2017 بواسطة مراصد موجات الجاذبية LIGO والمسمى GW170817، هي المكان الذي يتم فيه تكوين العناصر الثقيلة مثل الذهب والبلاتين، حيث لا يعتقد أن المستعرات العظمى العادية تولد الضغوط المطلوبة ودرجات الحرارة.  يُعتقد أن النجوم النيوترونية، بما في ذلك النجوم المغناطيسية والنجوم النابضة، مسؤولة عن العديد من الظواهر غير المفهومة. بما في ذلك الاندفاعات الراديوية السريعة الغامضة (FRBs) وما يسمى بـ (Soft Gamma Repeaters (SGRs.

طرق الاستفادة منها

فكر الباحثون في استخدام نبضات النجوم النيوترونية المستقرة التي تشبه الساعة للمساعدة في التنقل باستخدام المركبات الفضائية، تمامًا مثل GPS التي تساعد في توجيه الناس على الأرض. تجربة على محطة الفضاء الدولية تسمى (SEXTANT) كانت قادرة على استخدام الإشارة من النجوم النابضة لحساب موقع محطة الفضاء الدولية في نطاق 10 أميال (16 كم).

يكتسب الباحثون أيضًا أدوات جديدة لدراسة ديناميكيات النجوم النيوترونية بشكل أفضل. باستخدام مرصد موجات الجاذبية بالليزر (LIGO)، تمكن الفيزيائيون من مراقبة موجات الجاذبية المنبعثة عندما يدور نجمان نيوترونيان حول بعضهما البعض ثم يصطدمان. قد تكون عمليات الاندماج القوية هذه مسؤولة عن صنع العديد من المعادن الثمينة التي لدينا على الأرض، بما في ذلك البلاتين والذهب والعناصر المشعة، مثل اليورانيوم.

المصادر

القزم الأبيض، نهاية النجوم منخفضة الكتلة

هذه المقالة هي الجزء 8 من 18 في سلسلة دليلك لفهم أهم الأجرام والظواهر الفلكية

ما هو القزم الأبيض؟

القزم الأبيض، هو أي فئة من النجوم الباهتة تمثل نقطة النهاية لتطور النجوم متوسطة ومنخفضة الكتلة. تتميز النجوم القزمية البيضاء، التي سميت بهذا الاسم بسبب اللون الأبيض للقلة الأولى التي تم اكتشافها، بأن كتلتلها تقترب من كتلة شمسنا تقريبًا ولكن بحجم لا يزيد عن حجم كوكبنا. صغر حجمها يجعل من الصعب العثور عليها ولا يمكن رؤيتها بالعين المجردة. ونظرًا لكتلتها الكبيرة وأبعادها الصغيرة، فإن هذه النجوم عبارة عن أجسام كثيفة ومضغوطة بمتوسط كثافة تقترب من 1000000 ضعف كثافة الماء. ينشأ الضوء الذي الخاص بها من الإطلاق البطيء والثابت لكميات هائلة من الطاقة المخزنة بعد مليارات السنين التي قضاها كمصدر للطاقة النووية.

كيف يولد القزم الأبيض؟

تعتمد كيفية تطور النجوم خلال حياتها على كتلتها. حيث أنه لن تصبح النجوم الأكثر ضخامة، التي تبلغ كتلتها ثمانية أضعاف كتلة الشمس أو أكثر، أقزامًا بيضاء. بدلاً من ذلك، في نهاية حياتهم، سوف ينفجرون في مستعر أعظم عنيف، تاركين وراءهم نجمًا نيوترونيًا أو ثقبًا أسود. ومع ذلك، فإن النجوم الأصغر ستأخذ مسارًا أكثر هدوءًا. أما النجوم ذات الكتلة المنخفضة إلى المتوسطة، مثل الشمس، سوف تتضخم في النهاية إلى عمالقة حمر. بعد ذلك، تلقي النجوم طبقاتها الخارجية في حلقة تعرف باسم السديم الكوكبي. واللب المتبقي سيكون قزمًا أبيض، قشرة نجم لا يحدث فيها اندماج هيدروجين.

تكون سديم كوكبي وقزم أبيض

هذا الإشعاع المستمر من القزم الأبيض، إلى جانب عدم وجود مصدر داخلي للطاقة، يعني أن القزم الأبيض يبدأ في البرودة. في نهاية المطاف، بعد مئات المليارات من السنين، سيبرد القزم الأبيض إلى درجات حرارة لا يعود مرئيًا عندها وسيصبح قزمًا أسود. مع هذه النطاقات الزمنية الطويلة للتبريد، ومع عمر الكون المقدّر حاليًا بـ 13.7 مليار سنة، حتى أقدم الأقزام البيضاء لا تزال تشع عند درجات حرارة تصل إلى بضعة آلاف كلفن، أما الأقزام السوداء فهي كيانات افتراضية.

النجوم الأصغر، مثل الأقزام الحمر، لا تصل إلى حالة العملاق الأحمر. إنهم ببساطة يحرقون كل الهيدروجين الخاص بهم، وينهون العملية كقزم أبيض خافت. ومع ذلك، فإن الأقزام الحمر تستغرق تريليونات السنين لاستهلاك وقودها. وهي فترة أطول بكثير من عمر الكون البالغ 13.8 مليار عام، لذلك لم تصبح الأقزام الحمراء أقزامًا بيضاء بعد.

مكونات القزم الأبيض

يتكون القزم الأبيض من نوى الهيليوم والكربون والأكسجين تسبح في بحر من الإلكترونات عالية الطاقة. الضغط المشترك للإلكترونات يجعل القزم الأبيض متماسكًا. مما يمنع المزيد من الانهيار نحو كيان أكثر غرابة مثل النجم النيوتروني أو الثقب الأسود.

خصائص فريدة

عندما ينفد وقود النجم، فإنه لم يعد يواجه ضغط خارجي من عملية الاندماج وينهار على نفسه داخليًا. وعلى الرغم أن الأقزام البيضاء تحتوي تقريبًا على نفس كتلة الشمس. لكن لها نصف قطر الأرض تقريبًا، وذلك وفقًا لموسوعة علم الفلك (Cosmos) من جامعة سوينبرن في أستراليا. وهذا يجعلها من بين أكثر الأجسام كثافة في الفضاء، حيث لا يمكن التغلب عليها إلا بالنجوم النيوترونية والثقوب السوداء. وفقًا لوكالة ناسا، فإن الجاذبية على سطح قزم أبيض تساوي 350 ألف ضعف الجاذبية على الأرض. وهذا يعني أن 150 رطلاً (68 كيلوجرامًا) على سطح الأرض قد تزن 50 مليون رطل (22.7 مليون كجم) على سطح قزم أبيض.

تصل الأقزام البيضاء إلى هذه الكثافة المذهلة لأنها انهارت بشدة بحيث تحطمت إلكتروناتها معًا، مكونة ما يسمى المادة المتحللة (degenerate matter). وستستمر النجوم السابقة في الانهيار حتى توفر الإلكترونات نفسها ما يكفي من قوة الضغط الخارجية لوقف السحق. وكلما زادت الكتلة، زادت قوة الجذب للداخل، وبالتالي فإن نصف قطر القزم الأبيض الأكثر كتلة أصغر من نظيره الأقل كتلة (كلما زادت كتلة القزم الأبيض، كلما صغر حجمه). تعني هذه الظروف أنه بعد فقدان الكثير من كتلته خلال مرحلة العملاق الأحمر، لا يمكن لأي قزم أبيض أن يتجاوز 1.4 مرة كتلة الشمس، يُعرف هذا بشكل مناسب باسم حد شاندراسيخار (Chandrasekhar limit) وهو الحد الأعلى النظري للكتلة التي يمكن أن يمتلكها القزم الأبيض ولا يزال قزمًا أبيض لأنه بعد هذه الكتلة، لم يعد ضغط الإلكترون قادرًا على دعم النجم وينهار إلى حالة أكثر كثافة – إما نجم نيوتروني أو ثقب أسود. يبلغ وزن أثقل قزم أبيض تمت ملاحظته حوالي 1.2 كتلة شمسية، بينما يزن الأخف وزنًا حوالي 0.15 كتلة شمسية فقط.

القزم الأبيض في نظام ثنائي

تتلاشى العديد من الأقزام البيضاء في غموض نسبي، وفي النهاية تشع كل طاقتها وتتحول إلى ما يسمى بالأقزام السوداء، لكن أولئك الذين يتشاركون في نظام مع النجوم المصاحبة قد يعانون من مصير مختلف.

إذا كان القزم الأبيض جزءًا من نظام ثنائي، فقد يتمكن من سحب مادة من رفيقه إلى سطحه. يمكن أن تؤدي زيادة كتلة القزم الأبيض إلى بعض النتائج المثيرة للاهتمام. أحد الاحتمالات هو أن الكتلة المضافة يمكن أن تتسبب في انهياره إلى نجم نيوتروني أكثر كثافة. أما النتيجة الأكثر إثارة هي تحوله إلى المستعر الأعظم من النوع 1a. فعندما يسحب القزم الأبيض المواد من النجم المرافق، تزداد درجة الحرارة، مما يؤدي في النهاية إلى رد فعل سريع يسبب انفجاره لمستعر أعظم عنيف يدمر القزم الأبيض. وتُعرف هذه العملية باسم النموذج الانحلال الفردي (single-degenerate model) للمستعر الأعظم من النوع 1a.

إذا كان الرفيق قزمًا أبيض آخر بدلاً من نجم نشط، فإنهما يندمجان معًا لبدء ما يشبه الألعاب النارية. تعرف هذه العملية باسم نموذج الانحلال المزدوج (double-degenerate model) للمستعر الأعظم من النوع 1a. وفي أحيان أخرى، قد يسحب القزم الأبيض ما يكفي من المواد من صاحبه ليشتعل لفترة وجيزة في مستعر، وهو انفجار أصغر بكثير. نظرًا لأن القزم الأبيض يظل سليمًا، ويمكنه تكرار العملية عدة مرات عندما يصل إلى تلك النقطة الحرجة، ويعيد الحياة إلى النجم المحتضر مرارًا وتكرارًا.

المصادر

لماذا تختلف وتتنوع أشكال المجرات ؟

هذه المقالة هي الجزء 4 من 18 في سلسلة دليلك لفهم أهم الأجرام والظواهر الفلكية

يعج كوننا بمليارات المجرات المختلفة، والتي غالبًا ما تزين سماءنا في شكل أضواء خافتة نحسبها نجومًا. بعض المجرات شبيه بمجرة درب التبانة، قرص أزرق منتفخ وأذرع لولبية على الأطراف. وبعضها الآخر يميل إلى البساطة ويتخذ شكل كرات حمراء. أما أكثرها تفردًا وجمالًا فتكون ما بين بين، عشوائيةً غير متناظرة. ولكن لما كل هذا التنوع؟ وما السر وراء أشكال المجرات المختلفة؟

تصنيف المجرات

يخبرنا شكل المجرة عن قصة حياتها وتطورها. وتصنف المجرات ضمن أربع مجموعات رئيسة حسب شكلها؛ هي: «المجرات الحلزونية أو اللولبية-Spiral galaxies»، و«المجرات البيضوية-Elliptical galaxies»، و«المجرات غير المنتظمة-Irregular galaxies»، و«المجرات العدسية أو المحدبة-Lenticular galaxies». [1]

وقد توصل العلماء إلى أشكال المجرات ثلاثية الأبعاد اعتمادًا على آلاف الصور ثنائية الأبعاد الملتقطة لها. وبالاستعانة ببعض الخواص الأخرى كلون المجرة وطبيعة حركتها. على سبيل المثال، يشير لون المجرة الأزرق لاحتوائها على عدد أكبر من النجوم الحديثة التي تكون أكثر حرارة. في حين يشير اللون الأحمر لاحتواء المجرة على عدد كبير من «الأقزام الحمراء-Red dwarfs» (مرحلة متأخرة من حياة النجوم) وبالتالي عمر تقديري أكبر.  [2]

المجرات اللولبية

بنيتها وخواصها

تشبه المجرات اللولبية البيضة المقلية: «انتفاخ-Bulge» في الوسط و«أذرع لولبية-Spiral arms» نحو الخارج. يتكون الانتفاخ من أعداد كبيرة من النجوم القديمة، مما يعطي الانتفاخ لونه الأقرب إلى الأصفر. أما الأذرع اللولبية فتتكون من عدد أقل من النجوم يقل تدريجيًا بالاتجاه نحو الخارج. ويشكل الغاز والغبار القسم الأكبر من منها، ويغلب عليها اللون الأزرق؛ لأن نجومها حديثة التشكل. ومن أمثلة المجرات اللولبية مجرة درب التبانة ومجرة المرأة المتسلسلة المعروفة ب «أندروميدا-Andromeda».

مجرة اندروميدا
حقوق الصورة: ESA/Hubble & NASA

كما تصنف المجرات اللولبية في ثلاث مجموعات فرعية هي: Sa و Sb و Sc، وتندرج مجرة درب التبانة في مجموعة Sb. تتميز مجرات المجموعة Sa بأذرع لولبية غير متمايزة بالكاد تُرى، بالإضافة إلى انتفاخات مركزية كبيرة. أما مجرات المجموعتين Sb وSc فلها أذرع لولبية سهلة التمييز وانتفاخات أصغر حجمًا. [3]

تصنيف المجرات اللولبية
حقوق الصورة: Space Facts

تشكلها

أما شكلها اللولبي فيعود لكيفية تشكلها. فبحسب النظرية؛ تتشكل المجرات اللولبية من سحب عملاقة من الهيدروجين. تتقارب فيها جزيئات الغاز من بعضها بفعل الجاذبية. فتزداد كثافة الغاز وقوة جاذبيته ويبدأ بالدوران. تزداد سرعة الدوران تباعًا لازدياد الكثافة إلى أن تنهار السحابة على نفسها مشكلةً قرصًا دوارًا من الغاز. تنشأ النجوم في مناطق تجمع الغاز لتدور حول مركز المجرة، مثلها مثل جزيئات الغاز والغبار الأخرى. فنرى أن طبيعتها الدوارة تعطيها شكلها اللولبي المميز. وقد سماها الفلكي الشهير «إدوين هابل-Edwin Hubble» المجرات المتأخرة؛ لأنه اعتقد أنها تشكلت في مرحلة متأخرة من تطور الكون. [4]

المجرات البيضوية

بنيتها وخواصها

تبدو هذه المجرات بيضوية الشكل دون أي قرص أو انتفاخ أو أذرع مميزة مع كميات أقل من الغاز والغبار. أما لونها فيميل للأحمر؛ فهي تجمعات من النجوم القديمة. تدور النجوم فيها بطريقة عشوائية أكثر من نظيرتها اللولبية، كما أنها أكبر حجمًا منها.

مجرة M87 البيضوية
حقوق الصورة: Canada-France-Hawaii TelescopeJ.-C. Cuillandre (CFHT), Coelum

تصنف المجرات البيضوية في ثمان مجموعات فرعية أولها E0 وأخرها E7. تكون مجرات المجموعة E7 أكثر استطالةً من غيرها، في حين تبدو المجرات E0 أقرب إلى الشكل الكروي. [5]

تصنيف المجرات البيضوية
حقوق الصورة: Space Facts

تشكل المجرات البيضاوية

في معظم الحالات؛ تتشكل المجرات البيضوية من اندماج مجرتين آخرتين. حيث تندمج مجرتان لهما الكتلة ذاتها تقريبًا، فتشد كل منها الأخرى بنفس القوة مشتتةً مدارات النجوم ومعطيةً المجرة شكلها البيضوي. كما يعتقد العلماء أن مجرة أندروميدا ستندمج مع مجرتنا بعد حوالي أربعة مليارات سنة، مشكلين مجرةً بيضوية عملاقة. [6]

وليس كل اندماج مجري يؤدي إلى تشكل مجرة بيضوية. فمجرتنا اللولبية درب التبانة قديمة وكبيرة الحجم، ولكنها لا تزال محافظة على شكل قرصها، لأنها تندمج مرارًا وتكرارًا مع مجرات أصغر منها، وتسحب الغبار والغاز المتناثرين في الكون. [7]

المجرات غير المنتظمة

بنيتها وخواصها

من أمثلتها سحابتي ماجلان الكبيرة والصغيرة. وكما يخبرنا اسمها؛ هي تجمعات من النجوم والغاز والغبار ذات شكل غير محدد أو منتظم. أما لونها فغالبًا ما يميل إلى الأزرق؛ لأنها تنتج عن اندماج مجرتين لولبيتين نجومهما حديثة.

سحابة ماجلان الكبيرة
حقوق الصورة: Carlos Fairbairn

تشكلها

باختصار؛ المجرات غير المنتظمة هي عملية اندماج غير مكتملة. حيث أن عمليات اندماج المجرات ليست فوريةً على الإطلاق، بل تستغرق مئات ملايين السنين على الأقل. لذلك تحصل عدة عمليات اندماج حاليًا في الكون دون أن نلاحظها، فلشدة بطئها نحسبها مجرة ثابتة لا مجرتين تندمجان. [8]

المجرات المحدبة

بنيتها وخواصها

تبدو المجرات المحدبة مزيجًا بين المجرات اللولبية والبيضوية، حيث تتكون من قرص دوّار بيضوي الشكل يشبه العدسة المحدبة، ولكن دون أذرع لولبية. كما أنها مجموعة أقل شيوعًا من غيرها. أما لونها فيميل للأحمر كالمجرات البيضوية؛ لأنها تجمعات من النجوم القديمة يتخللها كميات قليلة من الغاز والغبار.

مجرة; NGC 5866 المحدبة
حقوق الصورة: NASAESA, and The Hubble Heritage Team (STScI/AURA)

تشكلها

يعتقد العلماء أنها تتشكل عند نفاذ وقود مجرة لولبية، وتصبح غير قادرة على تكوين المزيد من النجوم، فتبدأ النجوم القديمة بالتفاعل مع بعضها البعض. وتطبق كل من النجوم قوة شد جاذبية على قرائنها، فتختفي الأذرع اللولبية ويبقى القرص الدوار الذي يصبح أكثر استطالة. [9]

وحتى الآن؛ لا يزال هناك الكثير لنتعلمه عن أشكال المجرات وخواصها. كما لا يزال تَشكّل المجرات وتطورها من أكبر الأسئلة المفتوحة في علم الفلك والفيزياء الفلكية.

المصادر:

[1] Hubble Space Telescope

[2] Oxford Academic

[3] Space

[4] Scientific American

[5] Space-2

[6] Oxford Academic-2

[7] California Institute of Technology

[8] NASA

[9] Astronomy & Astrophysics

ما هو المستعر الأعظم؟

هذه المقالة هي الجزء 7 من 18 في سلسلة دليلك لفهم أهم الأجرام والظواهر الفلكية

ما هو المستعر الأعظم وكيف يحدث؟

المستعر الأعظم (supernova) هو انفجار نجم. إنه أكبر انفجار يحدث في الفضاء. النجوم تشبه الناس نوعًا ما. يولدون ويعيشون حياة كاملة ثم يموتون. ولكن، هذا تبسيط مبالغ فيه. لأن النجوم عملاقة وهي أيضًا عبارة عن تفاعلات كيميائية. تمامًا مثل النار، ستحترق النجوم في النهاية من خلال إمداد الوقود الخاص بها. الفرق هو أنه عندما تستنفد النار وقودها، فإنها لا تنفجر إلى شيء ضعف حجمها الأصلي، ولا تنهار مرة أخرى على نفسها لتشكل مادة فائقة الكثافة. عندما يحترق النجم، يمكن أن تحدث أشياء كثيرة. لكن العامل الرئيسي هو أن القوى التي توازن هذا الجسم العملاق تصبح في حالة اختلال. إليك كيف تشرحها وكالة ناسا: النجوم الضخمة تحرق كميات هائلة من الوقود النووي في مراكزها. ينتج عن ذلك أطنان من الطاقة، لذا يصبح المركز ساخنًا جدًا. فتولد الحرارة ضغطًا هائلًا، كما أن الضغط الناتج عن الاحتراق النووي للنجم يمنع هذا النجم من الانهيار.

النجم في حالة توازن بين قوتين متعارضتين. تحاول جاذبية النجم أن تضغط على النجم في أصغر وأضيق مساحة ممكنة. لكن احتراق الوقود النووي في قلب النجم يخلق ضغطًا خارجيًا قويًا. هذا الدفع الخارجي يقاوم الضغط الداخلي للجاذبية. عندما ينفد وقود نجم ضخم، فإنه يبرد. يؤدي هذا إلى انخفاض الضغط، وبالتالي تفوز الجاذبية وينهار النجم فجأة. تخيل أن شيئًا ما له كتلة أكثر بمئة مرة من كتلة الأرض ينهار في 15 ثانية. يحدث الانهيار بسرعة كبيرة بحيث تخلق موجات صدمة هائلة تتسبب في انفجار الجزء الخارجي من النجم. الانفجار الناتج هو مستعر أعظم.

دور المستعر الأعظم في حفظ توازن الكون

كل هذه الطاقة المتفجرة تفعل بعض الأشياء. إنها تنثر اللبنات الأساسية للكون التي تشكل لب معظم النجوم مثل الهيدروجين والهيليوم والكربون. وتُشكل سحابة الحطام الناتجة سديمًا تحدثنا عنه مؤخرًا. وبالتالي، فإن المستعر الأعظم هو جزء من دائرة الحياة السماوية. لكن هذا الضغط الناتج عن انهيار النجم يتسبب أيضًا في أن يصبح اللب شديد الكثافة. يسمى قلب النجم الناتج بالقزم الأبيض. عادةً ما يكون حجم القزم الأبيض بحجم الأرض، وله نفس كتلة النجم في حجم أصغر بكثير، مما يجعله كثيفًا بشكل لا يصدق. لا ينبعث منه الضوء بفضل الاندماج، مثل معظم النجوم. بدلًا من ذلك، فإنه يعطي إشعاعًا حراريًا يمكن أن يكون مرئيًا للعلماء. إذا كان النجم كبيرًا بما يكفي، يمكن أن يحول هذا النواة فائقة الكثافة إلى ثقب أسود.

تاريخ المستعر الأعظم

تاريخيًا، من المعروف أنه تم تسجيل سبعة مستعرات عظمى فقط قبل أوائل القرن السابع عشر. أشهرها حدثت عام 1054م. وشوهدت في أحد قرون الثور الموجود في كوكبة الثور. تظهر بقايا هذا الانفجار اليوم على شكل سديم السرطان، الذي يتكون من مقذوفات متوهجة من الغازات التي تطير إلى الخارج بطريقة غير منتظمة ونجم نيوتروني نابض سريع الدوران، يسمى النجم النابض في المركز. تم تسجيل المستعر الأعظم لعام 1054م من قبل المراقبين الصينيين والكوريين. كما يمكن أن يكون قد رآه الهنود الأمريكيون الجنوبيون الغربيون، كما هو مقترح من قبل بعض اللوحات الصخرية المكتشفة في أريزونا ونيو مكسيكو. كان ساطعًا بدرجة كافية ليتم رؤيته خلال النهار، واستمر لمعانه الكبير لأسابيع. من المعروف أن المستعرات الأعظمية البارزة الأخرى قد لوحظت من الأرض في أعوام 185 و393 و1006 و1181 و1572 و1604.

شوهد الأقرب والأكثر سهولة في ملاحظته من بين مئات المستعرات الأعظمية التي تم تسجيلها منذ عام 1604م لأول مرة في صباح 24 فبراير 1987، بواسطة عالم الفلك الكندي “إيان ك.شيلتون” أثناء عمله في مرصد لاس كامباناس في تشيلي. تم تعيين هذا الجسم الخافت للغاية في السابق SN 1987A، وبلغت قوته 4.5 في غضون ساعات قليلة، وبالتالي أصبح مرئيًا بالعين المجردة. كان المستعر الأعظم الذي ظهر حديثًا يقع في سحابة ماجلان الكبيرة على مسافة حوالي 160 ألف سنة ضوئية. أصبح على الفور موضوع مراقبة مكثفة من قبل علماء الفلك في جميع أنحاء نصف الكرة الجنوبي وتمت مراقبته بواسطة تلسكوب هابل الفضائي. بلغ سطوع SN 1987A ذروته في مايو 1987م، وبلغت قوته حوالي 2.9، وانخفض ببطء في الأشهر التالية.

أنواع المستعر الأعظم

المستعرات العظمى من النوع الثاني

لنلقِ نظرة على النوع الثاني الأكثر إثارة أولاً. لكي ينفجر نجم على شكل مستعر أعظم من النوع الثاني، يجب أن يكون أكبر بعدة مرات من كتلة الشمس (تتراوح التقديرات من ثمانية إلى 15 كتلة شمسية). مثل الشمس، سينفد الهيدروجين ثم وقود الهيليوم في لبه. ومع ذلك، سيكون لديها كتلة وضغط كافيان لصهر الكربون. إليك ما سيحدث بعد ذلك. تتراكم العناصر الأثقل تدريجيًا في المركز على هيئة طبقات مثل طبقات البصل، حيث تصبح العناصر أخف في اتجاه الجزء الخارجي من النجم.

بمجرد أن يتجاوز قلب النجم كتلة معينة (حد Chandrasekhar)، يبدأ النجم في الانهيار (لهذا السبب، تُعرف هذه المستعرات الأعظمية أيضًا باسم supernovas الانهيار الأساسي). يسخن اللب ويصبح أكثر كثافة. في نهاية المطاف، يرتد الانفجار الداخلي عن القلب ويطرد المادة النجمية إلى الفضاء ويشكل المستعر الأعظم. وما يتبقى يشكل جسم فائق الكثافة يسمى النجم النيوتروني، وهو جسم بحجم المدينة يمكنه حشد كتلة الشمس في مساحة صغيرة.

هناك فئات فرعية من المستعرات الأعظمية من النوع الثاني، مصنفة بناءً على منحنيات الضوء الخاصة بها. ينخفض ​​ضوء المستعرات الأعظمية من النوع II-L بشكل ثابت بعد الانفجار، بينما يظل ضوء النوع II-P ثابتًا لبعض الوقت قبل أن يتلاشى. كلا النوعين لهما توقيع الهيدروجين في أطيافهما. يعتقد علماء الفلك أن النجوم التي تكون كتلتها أكبر بكثير من الشمس (حوالي 20 إلى 30 كتلة شمسية) قد لا تنفجر على شكل مستعر أعظم. وبدلاً من ذلك ينهاروا على أنفسهم ليشكلوا ثقوبًا سوداء.

النوع الأول من المستعرات الأعظمية

تفتقر المستعرات الأعظمية من النوع الأول إلى بصمة الهيدروجين في أطيافها الضوئية. يعتقد عمومًا أن المستعرات الأعظمية من النوع Ia تنشأ من النجوم القزمة البيضاء في نظام ثنائي قريب. عندما يتراكم غاز النجم المرافق على القزم الأبيض، يتم ضغط القزم الأبيض تدريجيًا وينطلق في النهاية تفاعلًا نوويًا سريعًا داخله يؤدي في النهاية إلى انفجار مستعر أعظم كارثي. يستخدم علماء الفلك المستعرات الأعظمية من النوع Ia كشموع معيارية (standard candles) لقياس المسافات الكونية، حيث يعتقد أنها تتوهج بنفس السطوع عند قممها.

تخضع المستعرات الأعظمية من النوع Ib و Ic أيضًا لانهيار النواة تمامًا كما تفعل المستعرات الأعظمية من النوع الثاني، لكنها فقدت معظم أغلفة الهيدروجين الخارجية. في عام 2014، اكتشف العلماء النجم المرافق الخافت الذي يصعب تحديد موقعه في مستعر أعظم من النوع Ib. استغرقت عملية البحث عقدين من الزمن، حيث كان النجم المرافق يلمع بشكل أكثر خفوتًا من المستعر الأعظم اللامع.

هل يحدث هذا غالبًا؟

نعم و لا. مع وجود بلايين من النجوم عبر مجرات لا حصر لها في كوننا، هناك احتمال كبير لوجود نجم يتحول إلى مستعر أعظم في مكان ما. إنها مجرد مسألة ما إذا كان يمكننا رؤيته. إنها بعض من ألمع الأشياء التي لاحظها البشر على الإطلاق في سماء الليل وغالبًا ما ترى في المجرات الأخرى. لكن من الصعب رؤية المستعرات الأعظمية في مجرتنا درب التبانة لأن الغبار يحجب رؤيتنا. في عام 1604م، اكتشف “يوهانس كيبلر” آخر مستعر أعظم تمت ملاحظته في مجرة درب التبانة. اكتشف تلسكوب شاندرا التابع لناسا بقايا مستعر أعظم حديث. انفجر في درب التبانة منذ أكثر من مائة عام.

من أشهر المستعرات الأعظمية التي لاحظها البشر هو تكوين سديم السرطان. في عام 1054م، لاحظ علماء الفلك الصينيون انفجارًا في السماء. ظل هذا المستعر الأعظم، المسمى SN 1054، مرئيًا لمدة عامين قبل أن يتلاشى فيما نعرفه الآن باسم سديم السرطان.

لماذا يدرس العلماء المستعر الأعظم؟

يحترق المستعر الأعظم لفترة قصيرة فقط من الزمن، لكنه يمكن أن يخبر العلماء كثيرًا عن الكون. أظهر أحد أنواع المستعرات الأعظمية للعلماء أننا نعيش في كون متوسع، عالم ينمو بمعدل متزايد باستمرار. قرر العلماء أيضًا أن المستعرات الأعظمية تلعب دورًا رئيسيًا في توزيع العناصر في جميع أنحاء الكون. عندما ينفجر النجم، فإنه يطلق العناصر والحطام في الفضاء. العديد من العناصر التي نجدها هنا على الأرض مصنوعة في لب النجوم. تنتقل هذه العناصر لتشكل نجومًا وكواكبًا جديدة وكل شيء آخر في الكون.

المصادر:

  1. Nasa
  2. space center
  3. britannica
  4. space

8 أشياء كانت لتحدث لو أن الأرض مسطحة

احتضنت الكرة الزرقاء الباهتة التي ندعوها الأرض عدة جماعات بشرية أنكرت كرويتها، فالاعتقاد بأن الأرض مسطحة قديم قدم الحضارة البشرية. لا سيما أن انحناء الأرض غير مرئي من أعلى جبال الأرض، بل يحتاج على الأقل ل 11000 متر من الارتفاع. وفي جميع الأحوال؛ تطورت التكنلوجيا بما يكفي وسمحت لنا بالسفر أبعد من ذلك لرؤية كرويتها. كما طورنا من العلوم ما يكفي لنعلم أن كوكبًا مسطحًا غير ممكن أساسًا. لكن الاعتقاد بتسطح الأرض لا يزال أشيع مما نتصور!

فيما يلي 8 أشياء كانت لتحدث لو أن الأرض مسطحة:

وداعًا للجاذبية التي نعرفها

بما أن  الأرض كروية؛ تشد الجاذبية جميع الأجسام بشكل متساوٍ نحو مركزها. ففي الحقيقة؛ قوة الجاذبية هي المسؤولة عن جعل كوكبنا كرويًا. وكون الأرض مسطحة يستلزم بالضرورة عدم وجود قوة الجاذبية التي نعرفها. لأنها بوجودها ستحول الأرض إلى كرةٍ من جديد.

إذاً؛ لن يكون للأرض المسطحة-إن وجدت- جاذبية على الإطلاق، لأن قرصًا صلبًا مسطحًا كالأرض ينافي قوانين الجاذبية التي نعرفها، ذلك وفقًا لحسابات عالم الرياضيات والفيزيائي «جيمس ماكسويل-James Maxwell» في خمسينيات القرن التاسع عشر. [1]

وحتى لو غضضنا النظر عن ذلك، واعتبرنا وجود الجاذبية ممكنًا على الأرض المسطحة، فستكون تجربتنا مختلفة تمامًا. حيث ستشد الجاذبية جميع الأجسام نحو مركز القرص، أي باتجاه القطب الشمالي. في هذه الحالة، سيصبح الشد أفقيًا وباتجاه المركز كلما ابتعدت عن القطب الشمالي، مما سيعيث فسادًا في العالم. كما سيصبح من السهل تحقيق أرقام قياسية جديدة في رياضة القفز الطويل، ما دمت توجه جسدك شمالًا قبل القفز. [2]

«توجه الجاذبية-Gravitroprism» هي حركة نمو النباتات استجابة للجاذبية الأرضية، فتنمو الجذور للأسفل والأغصان للأعلى. لو كانت الجاذبية موجهةً نحو القطب الشمالي في حالة الأرض المسطحة؛ لرأينا النباتات تنمو بشكل مختلف تمامًا.
حقوق الصورة: GettyImages

لن يكون هناك غلاف جوي

لن تستطيع الأرض المسطحة إبقاء طبقات الغاز المعروفة بالغلاف الجوي دون وجود الجاذبية التي تشدهم أساسًا. وبالتالي ستظلم السماء؛ لأن الضوء القادم من الشمس ينتثر عند مروره في الغلاف الجوي ملونًا سماءنا بالأزرق. وفي جميع الأحوال، سنموت اختناقًا قبل رؤية أي من ذلك. كما ستغلي المياه دون غلاف جوي يحميها. ولنفهم ذلك لا بد أن نبدأ بعملية الغليان ذاتها، حيث تغلي المياه عندما يصبح ضغط بخارها مساويًا للضغط الجوي. ولك أن تتخيل ما قد يحدث دون وجود غلاف أو ضغط جوي! والأكثر من ذلك؛ غالبًا ما ستتجمد أية مياه متبقية على الأرض دون وجود غلاف جوي يحافظ على استقرار درجات الحرارة. [3]

طقس غائم مع احتمال تساقط الأمطار

وبما أن الجاذبية تتجه نحو مركز القرص وهو القطب الشمالي في حالة الأرض المسطحة؛ ستهطل الأمطار باتجاه القطب أيضًا. ذلك لأن الأمطار تتساقط على الأرض بسبب الجاذبية وتتجه نحو مركزها. وسيصبح المطر أفقيًا أكثر كلما ابتعدت عن المركز. أما إذا أردت مشاهدة المطر يتساقط عموديًا كما نعهده على أرضنا الكروية، عليك السفر نحو مركز القرص!

 ولربما تتدفق مياه البحار والأنهار باتجاه القطب الشمالي، جاعلةً من حواف القرص أرضًا قاحلةً. [2]

الأمطار الأفقية.
حقوق الصورة: Blogspot

ما أسهل الضياع على الأرض المسطحة

من الواضح أن لا أقمار صناعية ستدور حول أرض مسطحة، فقد تواجه مشاكلًا في الدوران حول قرص مسطح. وبالتالي لن تعمل الأقمار الصناعية التي تعتمد عليها تكنلوجيا العالم، ومن أبرزها «نظام تحديد المواقع العالمي-Global Positioning System» المعروف اختصارًا بGPS .

فنحن نعتمد على أنظمة ملاحة الأقمار الصناعية العالمية في كل شيء تقريبًا، بدءًا من خدمة GPS على هاتفك، وإدارة معلومات السفر وغيرها. كما تستخدم خدمة GPS لتحديد مواقع المتصلين في حالات الطوارئ، فقد تنقذ الأقمار الصناعية حياتك!

من الصعب تخيل العالم دون خدمة تحديد المواقع التي سنضيع من دونها. ولكن من جهة أخرى؛ يمكن لقاطني الأرض المسطحة الاستدلال بالمطر الأفقي الذي يشير إلى الشمال! [4]

بعض الرحلات ستستمر للأبد

من المتوقع أن تأخذ الرحلات وقتًا أطول على الأرض المسطحة، فبالإضافة إلى تعطل أنظمة الملاحة العالمية؛ سنحتاج للسفر لمسافات أطول بكثير. فبحسب خرافة الأرض المسطحة؛ يقع القطب الشمالي في مركز الكوكب، بينما يشكل القطب الجنوبي حاجزًا جليديًا يحيط بحواف الأرض. كما أن هذا الحاجز يمنع الناس من السقوط عن الحافة.

وفي جميع الأحوال، لن تتمكن من الطيران حول العالم؛ بل عليك الطيران عبره، مما يزيد المسافة بشكل كبير. مثلًا؛ لكي تسافر من أستراليا (التي تقع على طرف الأرض المسطحة) إلى «محطة ماكموردو-McMurdo» في القطب الجنوبي (التي تقع على الجانب الآخر من الخريطة)؛ عليك الطيران عبر القطب الشمالي بأكمله بالإضافة إلى أمريكا الشمالية والجنوبية. [5]

خريطة الأرض المسطحة.
حقوق الصورة: livescience

لا مزيد من الشفق القطبي، وسنتحمّص على الأرض المسطحة

على أرضنا الكروية، تدور المعادن المنصهرة حول نواة الكوكب، مولدةً التيارات الكهربائية التي تشكل الغلاف المغناطيسي الذي يحمي الكوكب. حيث تنحني خطوط الحقل المغناطيسي المتولد حول الكوكب منطلقةً من قطب للآخر. أما على الأرض المسطحة، وبدون نواة صلبة لتولد الحقل الحامي للكوكب، لن نستطيع رؤية «الشفق القطبي-Aurora» لسببين؛ أولهما أنه لن يوجد شفق قطبي، والثاني أننا لن نوجد حينها.

يعرف الشفق القطبي أيضًا بأضواء الشمال، وهي ظاهرة خلّابة تحدث عند اصطدام الجسيمات المشحونة القادمة من الشمس بجزيئات الأوكسجين والنيتروجين في الغلاف المغناطيسي، فتطلق طاقةً على شكل أضواء في السماء. [6]

الشفق القطبي.
حقوق الصورة: sciencenews

وفي جميع الأحوال، لن نهتم بالشفق القطبي عندها، فبدون الغلاف المغناطيسي تصبح الأرض عرضةً للرياح والعواصف الشمسية. وستتعرض الأرض بما فيها من كائنات للإشعاعات الشمسية المميتة، متحولةً لبقعة قاحلة شبيهة بجارها المريخ. [7]

سماء ليلٍ واحدة لجميع البشر

تقسم الكرة الأرضية إلى نصفين شمالي وجنوبي، ويرى راصدو السماء في كل نصفٍ أجرامًا سماويةً مختلفة. في حين لا تقسم الأرض المسطحة أبدًا. بالتالي يصبح رصد السماء أسهل أينما كنت على الأرض، حيث لن تضطر للسفر إلى نصف كرة آخر لترصد بعض الأجرام السماوية على لائحتك الفلكية. أوليس ذلك أمرًا جيدًا؟

في هذه الحالة، لن نستطيع رؤية قسم كبير من السماء القابعة أسفل الأرض المسطحة، وسنفقد عدة اكتشافات علمية لم تكن لتتم لولا قدرتنا على رصد 360 درجة من الكون المنظور. لكننا قد نحل ذلك بإطلاق تلسكوبات فضائية تزودنا برؤية أوسع للكون. [8]

وداعًا للأعاصير على الأرض المسطحة

تسبب الأعاصير أضرارًا جسيمةً على الأرض سنويًا. ففي عام 2017 سبب إعصار «هارفي-Harvey» وحده خسائر تقدر ب 125 مليار دولار للولايات المتحدة الأمريكية. [9] والأعاصير هي عواصف استوائية أساسًا، اكتسبت طبيعة دوّارة مدمرة بفعل تأثير «كوريوليس-Coriolis». حيث يسبب تأثير كوريوليس دوران العواصف في نصف الكرة الشمالي بجهة دوران عقارب الساعة، بينما تدور عكسها في النصف الجنوبي. [10]

في حين لن يكون هناك تأثير كوريوليس على أرض مسطحة وثابتة، وبالتالي لن تتشكل أية أعاصير. ولنفس السبب لا تحدث أعاصير في المنطقة بين 5 درجات شمال وجنوب خط الاستواء؛ حيث ينعدم تأثير كوريوليس عند خط الاستواء. [11]

وما دمنا نتنفس على الأرض، ونسافر بسرعة مستخدمين GPS، ونرى الشفق القطبي والأمطار العمودية؛ يمكنك التأكد أن الأرض كروية. فلو كانت مسطحة لما كنا على قيد الحياة لنقر بذلك!

المصادر:

1– livescience

2- Colombia climate school

3- BBC Science focus

4- BBC News

5- Scientific American

6– NASA

7- NASA2

8- Space

9-NOAA

10- NASA3

11- NASA4

ما هو السديم؟

هذه المقالة هي الجزء 1 من 18 في سلسلة دليلك لفهم أهم الأجرام والظواهر الفلكية

ما هو السديم؟

السديم هو سحابة ضخمة من الغبار والغاز تحتل الفراغ بين النجوم وتعمل كمهد لميلاد النجوم الجديدة. نشأت جذور كلمة سديم من الكلمة اللاتينية (nebula)، والتي تعني ضباب وبخار ودخان. تتكون السدم من الغبار والعناصر الأساسية مثل الهيدروجين والغازات المتأينة الأخرى. تتشكل إما من خلال سحب من الغاز والغبار البينجمي (interstellar) البارد أو من خلال تداعيات المستعر الأعظم (supernova). على سبيل المثال، في سديم كارينا، تتآكل النجوم الشابة الساخنة وتُنحت الغيوم في هذا المشهد الخيالي عن طريق إرسال رياح نجمية كثيفة وإشعاع فوق بنفسجي حار. حيث يتم تمزيق المناطق منخفضة الكثافة في السديم بينما تقاوم الأجزاء الأكثر كثافة التعرية وتبقى كأعمدة سميكة.

من هو مكتشف السدم؟

كما هو الحال مع معظم الأشياء في السماء، يمكن للكثير من الناس المطالبة بلقب مكتشف السدم. قد يكون أول ذكر لها في عام 964 م من قبل عالم الفلك الفارسي “عبد الرحمن الصوفي”، الذي كتب عن مجرة المرأة المسلسلة، عندما استطاع ملاحظة وجود سحابة صغيرة مميزة في الفضاء. كما لاحظ علماء الفلك العرب والصينيون الأوائل نشوء سديم السرطان نتيجة انفجار مستعر أعظم عام 1054م. ولكن لم يتم ملاحظة السدم بشكل كبير حتى حلول القرن السابع عشر الذي صاحبه تقدم هائل في علم البصريات. وفي عام 1610م، اكتشف “نيكولاس كلود فابري دي بيريس” سديم الجبار، والذي تمت ملاحظته مرة أخرى بعد ذلك في عام 1618م من قبل “يوهان بابتيست سيسات”. وعلى الرغم من ذلك، فقد حصلنا على الملاحظات التفصيلية الأولى للسدم من قبل العالم الشهير “كريستيان هويجنز” في عام 1659.

بعد حوالي 50 عامًا، كتب “إدموند هالي” عن ستة سدم مختلفة. وبعد ذلك توافدت الأسماء الشهيرة على السدم على مر السنين. وقد ساعد “إدوين هابل” في تصنيفهم بناءً على أطياف الضوء التي تنتجها، واكتشف أيضًا أن جميعها تقريبًا مرتبطة بالنجوم وتضيء بضوء النجوم.

طريقة تكون النجوم في السدم:

تتكون السدم من الغبار والغازات، معظمها من الهيدروجين والهيليوم. وينتشر الغبار والغازات في السدم بشكل كبير، ولكن الجاذبية يمكن أن تبدأ ببطء في تجميع كتل الغبار والغاز معًا. كلما كبرت هذه الكتل، أصبحت جاذبيتها أقوى وأقوى. في نهاية المطاف، تصبح كتلة الغبار والغاز كبيرة جدًا بحيث تنهار بفعل جاذبيتها. يؤدي الانهيار إلى تسخين المادة الموجودة في مركز السحابة، وهذا اللب الساخن هو بداية تكون النجم.

أنواع السدم:

السديم الكوكبي (planetary nebula)

 وهو من فئة السدم اللامعة التي تقوم بتوسيع طبقات من الغازات المضيئة التي تطردها النجوم المحتضرة. عند رصدها عن طريق التلسكوب، نرى أنها تتمتع بمظهر مدمج دائري نسبيًا بدلاً من الأشكال الفوضوية غير المنتظمة للسدم الأخرى ومن هنا جاء اسمها بسبب تشابهها مع أقراص الكواكب عند رؤيتها بالأدوات الخاصة في أواخر القرن الثامن عشر، عندما تم اكتشاف السدم الكوكبية الأولى.

سديم هيليكس (Helix Nebula) من فئة السديم الكوكبي

السديم الانبعاثي (emission nebula)

في علم الفلك، يرتبط الضوء الساطع المنتشر أحيانًا بالنجوم التي تتجاوز درجة حرارتها 20000 كلفن. كانت عملية الإثارة اللازمة لتوفير الطاقة الضوئية وطاقة الراديو المرصودة في مثل هذه المناطق الغازية لغزًا فلكيًا لفترة طويلة. وقد وُجد أن الضوء فوق البنفسجي من النجم يؤين الهيدروجين القريب. من ثم تبعث ذرات الهيدروجين الضوء المرئي بعد إعادة اتحاد الإلكترونات والنوى وتنخفض الذرات إلى مستويات طاقة أقل.

جزء من سديم الوردة (Rosette Nebula) من فئة السديم الانبعاثي

سديم الانعكاس (reflection nebula)

هو عبارة عن سحابة بينجمية تكون عادةً سديمًا مظلمًا (أو سحابة جزيئية) ولكن غبارها يعكس الضوء القادم من نجم لامع قريب ليس ساخنًا بدرجة كافية لتأيين الهيدروجين الموجود في السحابة.

السديم المظلم (dark nebula)

هو عبارة عن سحابة من الغبار تحجب الضوء عن الأشياء الموجودة خلفها. إنها تشبه إلى حد كبير السدم الانعكاسية في التركيب ولكنها تبدو مختلفة في المقام الأول بسبب موضع مصدر الضوء. عادة ما تُرى السدم المظلمة جنبًا إلى جنب مع السدم الانبعاثية والانعكاسية. ومن المحتمل أن يكون سديم رأس الحصان في الجبار أشهر مثال على السديم المظلم. وهو عبارة عن منطقة مظلمة من الغبار على شكل رأس حصان تحجب الضوء من سديم انبعاثي أكبر بكثير خلفها.

سديم رأس الحصان (Horsehead Nebula) من فئة السديم المظلم

بقايا المستعر الأعظم (supernova remnant)

هي سحب من الغاز تتوسع بسرعة مئات أو حتى آلاف الكيلومترات في الثانية نشأت من انفجارات حديثة نسبيًا للنجوم الضخمة. إذا كانت بقايا المستعر الأعظم أصغر من بضعة آلاف من السنين، فقد يُفترض أن الغاز في السدم قد قذف في الغالب من النجم المتفجر. خلاف ذلك، سيتكون السديم أساسًا من غاز بين نجمي جرفته البقايا المتوسعة للأجسام القديمة.

بقايا مستعر أعظم

هل يمكن رؤية السدم بالعين المجردة؟

بعض السدم ساطعة بما يكفي لتراها بالعين المجردة. وسديم الجبار هو أحد تلك السدم المميزة، ويقع بين النجوم في السيف الخاص بشكل الجبار في كوكبة الجبار. ويمكن رؤية العديد من السدم من خلال التلسكوبات، اعتمادًا على عدد النجوم المحيطة بها والتي تلقي الضوء على غيوم الغبار التي تشكل السدم. ومع ذلك، غالبًا ما يكون من الصعب التفريق بين العناقيد النجمية والمجرات والسدم بسبب تركيبتها المتشابهة.

المصادر:

هل يوجد نمط ما في الكون أم أنه عشوائي تمامًا؟

هذه المقالة هي الجزء 3 من 9 في سلسلة رحلة بين 8 ألغاز كونية مذهلة!

تساءل علماء الكونيات لعقود من الزمن عما إذا كانت بنية كوننا كسوريّة – «الكسوريات-Fractals» – على المقياس الكبير. أي ما إذا كانت بنية الكون تبدو ذاتها مهما كبر مقياسنا؟ وبعد إتمام العلماء مسح شامل للمجرات توصلوا أخيرًا لما يبدو أنه إجابة: لا، ولكن بدرجة ما. ففي مطلع القرن العشرين؛ لاحظ الفلكيون أن كوننا واسع بشكل لا يصدق. وقد بدأ ذلك الفلكي الشهير «إدوين هابل-Edwin Hubble» عند اكتشافه المسافة الشاسعة التي تفصلنا عن مجرة «المرأة المتسلسلة-Andromeda»، أقرب المجرات إلى درب التبانة. كما رأى الفلكيون أن المجرات متناثرة قرب بعضها وبعيدة عن بعضها الآخر. لذلك ظهر السؤال التالي: هل يوجد نمط معين في توزيع تلك المجرات أم أن الكون عشوائي تمامًا؟

في البداية بدا التوزيع عشوائي كليًا. فقد رأى الفلكيون عناقيد مجرية عملاقة، يحتوي كل منها على آلاف المجرات. كذلك رأوا مجموعات أصغر من المجرات، ومجرات وحيدة أيضًا. واعتمادًا على عمليات الرصد هذه؛ جزم العلماء بغياب نمط شامل وأن الكون عشوائي.

تقبل الفلكيون ذلك بصدر رحب، فقد سبق وافترضوا فكرة تعرف باسم «المبدأ الكوني-The Cosmological Principle»، والتي تفترض أن الكون «متجانس-Homogeneous» تقريبًا (أي متماثل في جميع الأماكن)، وأنه «متماثل-Isotropic» (أي هو ذاته أينما نظرت من أي اتجاه). وحزمة من المجرات والعناقيد العشوائية تناسب ذلك المبدأ.

ولكن في أواخر سبعينيات القرن الماضي، أصبحت الدراسات الاستقصائية للمجرات معقدةً بما يكفي لتكشف عن بدايات نمط في توزيع المجرات في الكون. فإلى جانب العناقيد المجرية، وجدوا أيضًا خيوط رفيعة من المجرات، بالإضافة إلى فراغات شاسعة من اللا شيء. وقد سمى الفلكيون ذلك «الشبكة الكونية-The cosmic web». حيث يخالف هذا النمط المبدأ الكوني، لأنه يعني أن المناطق الواسعة من الكون لا تبدو مثل المناطق الأخرى منه. [1] ربما هناك المزيد لنعرفه!

كون داخل كون آخر

اقترح عالم الرياضيات «بينويت ماندلبروت-Benoit Mandelbrot» وأب «الكسوريات-Fractals» فرضية لحل مشكلة الكون العشوائي. بدايةً، غالبًا ما تكون الكسوريات عصية على التعريف الدقيق، ولكنها بسيطة بما يكفي على الحدس. فهي ببساطة أنماط تتكرر مهما كبّر أو صغّر مقياسك.

يجدر بالذكر أن ماندلبروت لم يبتكر مبدأ الكسوريات، فقد درسها علماء الرياضيات لعصور سبقته. لكنه هو من صاغ كلمة “كسوري” وأدخلها في دراساتنا الحديثة عن المبدأ. [2]

تحيط بنا الكسوريات في كل مكان، ويمكننا رؤيتها في الطبيعة. فإذا كبّرت ندفة ثلج ترى ندفات ثلج مصغّرة. وإذا كبّرت أغصان شجرة ما سترى أغصان أخرى مصغرة. أما رياضيات الكسوريات فمكنتنا من فهم بنى كثيرة متشابهة في الكون.

وضع ماندلبروت فرضية تنص على:

إذا كانت الكسوريات في كل مكان؛ فلربما يكون الكون بأكمله كسوري. ولربما ما رأيناه من بدايات نمط في توزع المجرات يكون بداية أعظم كسوري ممكن. وربما إن استطعنا القيام بدراسات استقصائية أكثر تعقيدًا؛ قد نجد شبكات كونية داخل شبكات كونية، تملأ كوننا إلى ما لا نهاية. [3]

كون متجانس

اكتشف الفلكيون المزيد عن الشبكة الكونية، وعرفوا المزيد حول تاريخ الانفجار العظيم، ثم أتوا بعدة طرق لشرح وجود أنماط على النطاق الواسع من الكون. توقعت هذه النظريات أن الكون لا يزال متجانسًا على المقاييس الكبيرة للكون، مقاييس أكبر بكثير مما رصده العلماء من قبل.

لم نتوصل إلى الاختبار النهائي لفكرة الكون التجزيئي من قبل، ولكن تقنيات هذا القرن مكنتنا من ذلك. حيث استطاعت عمليات المسح والاستقصاء الهائلة مسح مواقع ملايين المجرات، ورسم صورة للشبكة الكونية على مقاييس كبيرة لم تُرصد من قبل، مثل «مسح سلووان الرقمي للسماء-Sloan Digital Sky Survey».

إذا كانت فكرة الكون الكسوري صحيحة؛ لتمكننا من رؤية شبكتنا الكونية متضمّنة داخل شبكة كونية أكبر. أما إذا كانت خاطئة؛ ستتوقف الشبكة الكونية عن كونها كذلك عند نقطة ما، وسيبدو أي جزء عشوائي من الكون كأي جزء عشوائي آخر (إحصائيًا).

النتيجة أن الكون متجانس، ولكن على مقياس هائل. عليك أن تقطع 300 مليون سنة ضوئية قبل أن يبدو الكون متجانسًا. وبكل تأكيد؛ الكون ليس كسوري، لكن بعض أجزاء الشبكة الكونية لها صفات كسورية. مثلًا؛ تضم كتل المادة المظلمة المسماة «الهالات-Halos» بنىً متداخلة وفرعية، تحتوي فيها الهالات على هالات ثانوية، والثانوية على ثالثية وهكذا، والعكس صحيح.

الفراغات في كوننا ليست فارغة تمامًا، بل تحتوي على بعض المجرات القزمة الباهتة، والتي تتوزع بشكل مماثل للشبكة الكونية. ووفقًا للمحاكاة الحاسوبية؛ للفراغات الثانوية فهي شبكة كونية أيضًا. [4]

ومع أن كوننا ليس كسوري بحد ذاته، حيث لم تصمد فكرة ماندلبروت طويلًا، لكننا لا نزال قادرين على إيجاد الكسوريات أينما نظرنا!

المصادر

[1] Space
[2] Live Science
[3] Live Science2
[4] Space2

احجز رحلتك إلى القمر- السياحة الفضائية

منذ رحلة رجل الأعمال الأمريكي “دينيس تيتو” كأول سائح فضاء في العالم يوم 28 أبريل من عام 2001. اكتسبت السياحة الفضائية مكانة بارزة جديدة حيث أصبحت هناك فرص سياحية أكبر. فهل من الممكن أن نرى إعلان يقول “احجز رحلتك إلى القمر خلال هذا الصيف”. قد تراها أوهام لكن بالفعل هناك شركات توفر رحلات سياحية للفضاء الخارجي ولا يشترط أن تكون رائد فضائي.[1]

ما هي السياحة الفضائية وأنواعها؟

هي قطاع متخصص يسعى إلى منح السياح القدرة على أن يختبروا السفر إلى الفضاء لأغراض ترفيهية أو أو تعليمية أو تجارية.

هناك أربعة أنواع منها:

  • رحلات المقاتلات النفاثة عالية الارتفاع.
  • رحلات انعدام الجاذبية في الغلاف الجوي.
  • الرحلات دون المدارية قصيرة الأجل.
  • الرحلات المدارية الطويلة.[2]

الدوافع وراء السياحة الفضائية

أهم الأسباب التي قد تدفع شخص ما لتجربة سياحة الفضاء هي: رؤية الأرض من الفضاء، وتجربة انعدام الوزن، وتجربة سرعة الانطلاق المذهلة، وتجربة شعور جديد غير معتاد، والمساهمة العلمية. وفي الوقت الراهن، لا يتوفر للسياح سوى الرحلات الجوية عبر المقاتلة النفاثة عالية الارتفاع ورحلات انعدام الجاذبية الجوية .[2]

تاريخ السياحة الفضائية

إنها ليست في الواقع مفهومًا جديدًا أو حتى مفهومًا من القرن الحادي والعشرين. تصورت وكالة ناسا إمكانية إطلاق رحلات فضائية للأفراد العاديين في السبعينيات. وشملت التصاميم المبكرة لمكوك فضاء (يعود تاريخه إلى عام 1979) من شأنه أن يسع لما يصل إلى 74 راكبًا.[3]

في مطلع القرن، وضع بعض المليونيرات، بمن فيهم بيزوس وبرانسون نصب أعينهم بناء شركات الفضاء الخاصة بهم لتوفير الفرص السياحية. بينما ركزت وكالة ناسا على الأهداف الحكومية والبحثية. وبعد عقدين من الزمان، تطورت التكنولوجيا أخيرًا بحيث أطلقت الشركتان “Blue Origin” لبيزوس و”Virgin Galactic” لبرانسون رحلاتهما السياحية الأولى.[3]

تخوفات وشكوك

تمر صناعة السياحة الفضائية حاليًا بسباقها الخاص، ما تسبب في قلق الكثيرين بشأن سلامة إرسال المواطنين إلى الفضاء. وتنتشر في تاريخ الرحلات الفضائية العديد من الكوارث الوشيكة والكوارث المميتة، من أبولو 13 في عام 1970 إلى انفجار كولومبيا في عام 2003. تم تمويل هذه الرحلات وتطويرها وإطلاقها من قبل حكومات ومنظمات مثل وكالة ناسا. من ناحية أخرى، تقوم شركات خاصة بإدارة برامج للسياحة الفضائية وتطويرها وهو ما يزيد القلق بالطبع. [4]

أسعار المقاعد

كانت السياحة الفضائية في البداية مفهومًا يبعث على الأمل، وركز المفهوم على زيادة إمكانية وصول المواطنين العاديين إلى الفضاء. ومع ذلك، فإن صناعة السياحة الفضائية الحديثة تبدو مختلفة حيث تراوحت مبيعات التذاكر المبكرة من Virgin Galactic بين 200,000 دولار إلى 250,000 دولار وتصل إلى 500,000 دولار للرحلات المدارية. كما قامت شركة “Blue Origin” ببيع مقعد بسعر 28 مليون دولار في مزاد خيري. ومن الواضح أن هذه الأسعار لن تمكن أي شخص للاستمتاع بسياحة الفضاء خارج مجموعة محدودة جدًا من الأثرياء؛ وهو بالطبع واحدة من الانتقادات الرئيسية لها.[3][5] لكن قد تنخفض الأسعار كثيرًا مستقبلًا بالتأكيد.

المصادر

  1. britannica
  2. sciencedirect
  3. howstuffworks
  4. howstuffworks
  5. Space

ما هي زخات الشهب؟

هذه المقالة هي الجزء 13 من 18 في سلسلة دليلك لفهم أهم الأجرام والظواهر الفلكية

ما هي زخات الشهب؟

زخات الشهب، ارتفاع مؤقت في معدل مشاهدة الشهب، ناتج عن دخول عدد من النيازك في الغلاف الجوي للأرض في نفس المكان تقريبًا في السماء وفي نفس الوقت من العام، يسافرون في مسارات متوازية و لها أصل مشترك على ما يبدو. من المعروف أو يعتقد أن معظم زخات الشهب مرتبطة بالمذنبات النشطة أو غير النشطة، وأنها تمثل مرور الأرض عبر مدارات هذه المذنبات وتصادمها مع تيارات الحطام التي تركته وراءها وعادةً ما يكون في حجم حبيبات الرمل أو حجم الحصاة. تعود الزخات سنويًا، ولكن نظرًا لأن كثافات النيازك في الجداول (تسمى عادةً تيارات النيازك) ليست موحدة، حيث يمكن أن تختلف شدة الزخات بشكل كبير من سنة إلى أخرى.

من أين تأتي زخات الشهب؟

نرى العديد من زخات الشهب في أوقات محددة من العام بفضل مدار الأرض، والذي يأخذنا عبر بقع كثيفة من الغبار بينما ندور حول الشمس. هذه السحب من ذرات الغبار وحبيبات الصخور والجليد الصغيرة هي الحطام الذي أطلقته المذنبات والكويكبات التي عبرت طريقنا. في كل مرة تتأرجح إحدى هذه الكرات الكبيرة من الصخور والجليد بالقرب من الشمس فإنها تفقد القليل من مادتها على شكل تيار من الضباب، مما يؤدي إلى إطلاق الغبار والحصى المحاصر بالداخل.

ونظرًا لأن غالبية الشهب التي تُرى في زخات الشهب تأتي من نفس تيار الجسيمات، فيبدو كأنها تمطر جميعًا من أحد أركان السماء. عادة ما تأخذ زخات الشهب اسم الكوكبة التي يبدو أن الشهب تتساقط منها. على سبيل المثال، أثناء زخات البرشاويات (Perseid) في أغسطس، يبدو أن الشهب تنطلق من نقطة في كوكبة حامل رأس الغول (Perseus). وإذا كان هناك نجم لامع بالقرب من زخات الشهب، فقد تأخذ الزخات اسم النجم، على سبيل المثال: Eta (η) Aquarids. يستخدم علماء الفلك مصطلح المعدل السمتي في الساعة « Zenithal Hourly Rate (ZHR)» لوصف ذروة كثافة الشهب التي يمكن ملاحظتها في الساعة في ظل ظروف مثالية.

هل يمكن أن تلحق زخات الشهب الضرر؟

تحترق الغالبية العظمى من النيازك قبل ارتطامها بالأرض بوقت طويل، ولا تشكل أي تهديد للممتلكات أو الأشخاص. من حين لآخر، تنجو كمية صغيرة من المواد عند دخولها الغلاف الجوي للأرض وتنفجر فوق سطح الكوكب. إذا سقط جزء من نيزك على الأرض، فإنه يُعرف باسم حجر نيزكي. وهناك بعض التقارير كل عام عن وجود نيازك تلحق أضرارًا بالممتلكات، وقد تم الإبلاغ عن حالة وفاة واحدة بسبب حجر نيزكي.

أفضل زخات الشهب في العام

1. زخات شهب الرباعيات (Quadrantids)

تظهر بشكل عام بين 28 ديسمبر و6 يناير، وقد تشهد منطقة الرباعيات ذروة نشاط حادة في 3 يناير. وتتراوح المعدلات النموذجية بين 40 و100 في الساعة. وعندما تم التعرف على الزخة على أنها سنوية لأول مرة في عام 1839م، حدث هطول للشهب في كوكبة لم تعد معروفة تسمى Quadrans Muralis (Wall Quadrant). تم تقسيمها الآن بين هرقل والعواء (Boötes) والتنين (Draco). ولكن ليالي الشتاء الباردة في نصف الكرة الشمالي والشهب الباهتة تمنع هذه الزخة من أن تحظى بشعبية حقيقية.

2. زخات شهب القيثاريات (Lyrids)

تظهر من 16 إلى 25 أبريل وتبلغ ذروتها (من 10 إلى 15 في الساعة) في 21 أبريل، وتظهر الزخة بين كوكبة هرقل والقيثارة. تعود الملاحظات الصينية لهذه الزخة إلى 687 قبل الميلاد، مما يجعل القيثاريات أقدم زخات شهب مسجلة. تعرف الفلكيون على شهب القيثاريات على أنها زخة سنوية في عام 1839م وربطوها بمذنبها الأم (C \ 1861 G1) في عام 1867م. شهب القيثاريات ساطعة وسريعة إلى حد ما (30 ميلاً [48 كم] في الثانية).

3. زخات شهب إتا الدلويات (Eta Aquarids)

واحدة من زختي الشهب الناشئتين من مذنب هالي، وتحدث في الفترة من 19 أبريل إلى 28 مايو، وتصل إلى ذروتها (10 إلى 20 في الساعة) في 6 مايو. تقع الزخة بالقرب من المجمة على شكل حرف Y في كوكبة الدلو وتسمى الزخة على مسمى أحد هذه النجوم. تم اكتشاف الزخة في عام 1870م وتم ربطها بهالي في عام 1876م.

4. زخة شهب دلتا الدلويات (Southern Delta Aquarids)

كما يوحي الاسم، يمكن رؤيتها بشكل أفضل في نصف الكرة الجنوبي. ويمكن رؤية هذه الشهب بين 12 يوليو و19 أغسطس والذروة (من 15 إلى 20 في الساعة) بالقرب من 28 يوليو. النيازك متوسطة السرعة (27 ميلاً [43 كم] في الثانية) وتميل إلى أن تكون باهتة.

5. زخة شهب البرشاويات (Perseids)

هي أشهر زخات النيازك، فإنها لم تفشل أبدًا في تقديم عرض جيد وبفضل ذروة الزخة في أواخر الصيف فعادة ما يتم ملاحظتها على نطاق واسع. يمكن رؤيتها عمومًا من 17 يوليو إلى 24 أغسطس. أصبح أول وابل نيزكي مرتبط بمذنب (109P / Swift-Tuttle) في عام 1865م. تتنبأ نماذج من البرشاويات بانخفاض تدريجي في النشاط من الذروة في عام 2004م.

6. زخة شهب التنين (Draconids)

يحدث نشاط زخة شهب التنين بين 6 و 10 أكتوبر، وتبلغ ذروتها في 8 أكتوبر (إذا حدث على الإطلاق).

7. زخة شهب الجباريات (Orionids)

تنشأ من حطام مذنب هالي. تم اكتشافها في عام 1864م، ولم يتم ربط شهب الجباريات بهالي حتى عام 1911م. يمكن العثور على الشهب الجباريات بين 2 أكتوبر و7 نوفمبر وتبلغ ذروتها حوالي 25 في الساعة في 21 أكتوبر. هذه الشهب تتميز بسرعتها التي قد تصل إلى (42 ميلاً [67 كم] في الثانية).

8. زخة شهب الثوريات (Southern Taurids)

تُرى بين 1 أكتوبر و25 نوفمبر، هذه هي الأقوى من بين العديد من التيارات التي نشأت من مذنب إنكي. يحدث الحد الأقصى بين 3 و5 نوفمبر، ولكن هذه الزخة عادة ما تجلب معدل أقل من 15 نيزك بالساعة. تم التعرف على الزخة لأول مرة في عام 1869م وارتبطت بمذنب إنكي في عام 1940م. وتكون خافتة وبطيئة جدًا (19 ميلاً [30 كم] في الثانية) لأنها تقترب من الأرض من الخلف ويجب أن تلحق بالركب.

9. زخة شهب الأسديات (Leonids)

تصل شهب الأسديات بشكل عام بين 14 و21 نوفمبر، بمعدل ذروة في الساعة يتراوح بين 10 و15 نيزكًا في الساعة في 17 نوفمبر. نظرًا لأن الأرض تصطدم بالجسيمات التي تدور حولها بشكل مباشر تقريبًا، فإن شهب الأسديات تسافر أسرع من تلك الموجودة في أي زخة أخرى وتصل سرعتها إلى 45 ميلاً (71 كم) في الثانية.

10. زخة شهب التوأميات (Geminids)

تنشط بين 7 و17 ديسمبر وتبلغ ذروتها بالقرب من 13 ديسمبر، ومع معدلات نيزك نموذجية فإن كل ساعة يظهر حوالي 80 شهاب ولكن في بعض الأحيان قد يظهر أكثر من 100. ولأنها تتقاطع مع مدار الأرض بالقرب من الجانب المقابل للشمس مباشرة، فإن هذه الزخة هي واحدة من القلائل التي تظهر جيدًا قبل منتصف الليل. الجسد الأم لهذه الشهب هو كائن غريب تم تسميته 3200 Phaethon. ما يجعله مثيرًا للاهتمام هو أنه يبدو أنه كويكب بدلاً من مذنب. ويقترح علماء الكواكب أن العديد من الكويكبات التي تتقاطع مداراتها مع الأرض قد تكون في الواقع مذنبات مهترئة.

جدول يتضمن زخات الشهب الرئيسية https://www.britannica.com/science/meteor-shower

المصادر

  1. science alert
  2. britannica
  3. astronomy

12 ظاهرة فلكية غامضة تحدث في الكون

لا شكّ أن الكون غريبٌ. ولربما تسعفك نفسك في استيعاب مقدار الغرابة، فها أنت ذا كائنٌ حيّ يتراقص فوق فوق كرة زرقاء من الصخور المنصهرة. إلّا أن كوكبنا – بغرابته- لا يشكّل سوى قسم بسيط من الظواهر غير المألوفة التي تغزو كوننا. حتى أن علماء الفلك باتوا يدعونها مفاجآتٍ لا اكتشافات. بينما يقدّم المقال التالي اثني عشر ظاهرة غامضة في الفضاء.

إشاراتٌ راديويّة غامضة

رصد الباحثون إشارات راديوية فائقة القوة تستمر لعدة أجزاء من الثانية منذ عام 2007. سميت هذه الومضات الغامضة ب«انفجارات الراديو السريعة-Fast radio bursts»(FRBs)، وتبيّن أنها تأتي من على بعد مليارات السنين الضوئية. ولكنّها بالتأكيد ليست كائنات فضائية! فقد تمكن العلماء مؤخرًا من رصد FRBs متكررة، حيث ومضت ست مرات على التوالي. وكانت ثاني إشارة ملتقطة من هذا النوع حتى الآن، كما يعتقد أنها ستساعد في حل هذا اللغز. [1]

معكرونة نووية

تتشكل أقوى مادة في الكون من بقايا النجوم الميتة. ووفقًا لنماذج المحاكاة الحاسوبية؛ تتعرض البروتونات والنيوترونات في هذه الحالة لضغط هائل من الجاذبية، فتنضغط مشكلة مادةً أشبه بطبق من المعكرونة، والتي قد تنفجر إذا ما طبقت عليها قوة أكبر ب10 مليارات مرة من تلك التي تثني الفولاذ. [2]

حقوق الصورة: https://www.cosmos.esa.int/web/ulx-pulsars-workshop?hcb=1

حلقات هاوميا

يدور الكوكب القزم «هاوميا-Haumea» في «حزام كويبر- Kuiper belt» وراء كوكب نبتون، وهو جرم فلكي غير اعتياديّ أساسًا. فله شكل غريب مستطيل وقمران ويوم طوله أربع ساعات فقط، مما يجعله أسرع جسم في الدوران حول نفسه في المجموعة الشمسية. ثم تبيّن عام 2017 أن هاوميا أكثر غرابة مما ظننا. فعندما رصد الفلكيون عبوره أمام نجم في السماء تمكنوا من رؤية حلقات رفيعة تدور حوله، والتي تشكلت غالبًا نتيجة اصطدام عنيف حدث في الماضي. [3]

حلقات هاوميا
حقوق الصورة: https://earthsky.org/space/dwarf-planet-haumea-enigmatic-ring-new-insights/?hcb=1

قمرٌ له قمر

ما الذي قد يكون أفضل من القمر؟ بالتأكيد قمرٌ يدور حوله قمر آخر أو ما يسمى «قمر القمر-Moonmoon». لا زال وجود أنظمة كهذه نظريّ فقط. فحتى الآن لم يرصد العلماء شيء كهذا، رغم أن وجودها لا يتعارض مع أي من قوانين الكون. وكأن عدم وجودها ظاهرة غامضة بنفسه! [4]

حقوق الصورة: https://www.livescience.com/63819-moonmoons-could-exist.html?hcb=1

مجرة خالية من المادة المظلمة

يطلق مصطلح «المادة المظلمة-Dark matter» على المادة المجهولة التي تشكل 85% من المادة في الكون، وهي غريبة حقًا. لكن العلماء متأكدون من شيء واحد على الأقل، وهو وجودها في كل المجرات. إلا أن فريقًا من الفلكيين وفي أثناء دراستهم أحد المجرات وجدوا أنها بالكاد تحتوي مادةً مظلمة. فيما اقترح بحث آخر أن المجرة السابقة فيها مادة مظلمة! وفي جميع الأحوال أعطت هذه المفارقة مصداقيةً لأحد الفرضيات التي تزعم عدم وجود مادة مظلمة على الإطلاق. [5]

نجمٌ متخافت

انصدمت الفلكية «تابيثا بوياجيان-Tabetha Boyajian» من جامعة لويزيانا الأمريكية لدى رصدها النجم المسمى KIC 846285، حيث يخفت ضوؤه فجأةً لفترات زمنية متغيرة، وقد ينخفض سطوعه 22% في بعض الأحيان. اقترحت فرضيات عدة لتفسير هذه الظاهرة الغريبة ومنها وجود حضارة ذكية ما، بينما يعتقد العلماء حاليًا بوجود حلقة من الغبار تدور حول النجم وتسبب ذلك التعتيم. [6]

نجم KIC 846285
حقوق الصورة: https://www.theverge.com/2018/1/3/16843678/alien-megastructure-tabbys-star-kic-8462852-dust?hcb=1

كهربائية هايبريون العالية

تحتدم المنافسات بين أقمار المجموعة الشمسية حول لقب “أكثر الأقمار غرابةً”، فمن جهة نجد قمر المشتري «آيو-IO» ونشاطه البركاني الهائل، وقمر نبتون «تريتون-Triton» الذي ينف الغازات. لكن الأغرب شكلًا هو بالتأكيد قمر زحل «هايبريون-Hyperion»، فله شكل غير منتظم مليء بالحفر والفوهات البركانية، وكأنه حجرٌ اسفنجيّ. فيما وجد مسبار«كاسيني-Cassini» الذي زار نظام كوكب زحل بين عامي 2004 و 2017 أن هايبريون مشحون كهربائيًا، مع شعاع من الجسيمات المشحونة المتدفقة في الفضاء. [7]

القمر هايبريون
حقوق الصورة: https://solarsystem.nasa.gov/missions/cassini/science/saturn/?hcb=1

نيوترينو مُرشد

زار جسيم «نيوترينو-Neutrino» منفرد الأرض يوم 22 أيلول/سبتمبر عام 2017 ، إلا أن غرابته تعدت ذلك حتى. في حين يرصد الفيزيائيين في مرصد «آيسكيوب-IceCube» للنيوترينو جسيمات مشابهة مرة على الأقل شهريًا، لكن هذه النيوترينو تميز بكونه يحمل معلومات كافية عن مصدره، مما سمح للفلكيين برصد ذلك المصدر. وقد وجدوا أنه صدر عن اشتعال «بلازار-Blazar» (أي ابتلاع الثقب الأسود فائق الكتلة في مركز مجرتنا للمادة المحيطة به) وتوجه نجو الأرض منذ أربعة مليارات سنة. [8]

حقوق الصورة:https://www.eurekalert.org/pub_releases/2018-07/ded-bit070818.php?hcb=1

المجرة المستحاثة

تصنف المجرة المسماة DGSAT I ك«مجرة فائقة الانتشار-Ultradiffuse galaxy»، مما يعني أنها كبيرة بحجم درب التبانة لكن نجومها متباعدة بشكل يكاد يجعل المجرة غير مرئية. وفي حين تكون غالبية مجرات UDGs متجمعة في عناقيد مجرية، وجد العلماء مجرة DGSAT I الشبحية وحيدة في الفضاء. يخبرنا ذلك أنها تشكلت في مرحلة مختلفة جدًا من تطور كوننا، تقريبًا حوالي مليار سنة بعد الانفجار العظيم، ما يجعل المجرة الشبحية مستحاثة حيّة! [9]

مجرة DGSAT I
حقوق الصورة:https://www.space.com/anemic-galaxy-discovered.html?hcb=1

صورة كوازار حاسمة

تقوم الأجسام ذات الكتل الكبيرة بثني الضوء وفقًا لنسبية أينشتاين، فيشوه ذلك صورة الجسم الواقع خلفها. استغل الباحثون هذه الظاهرة واستعملوا تلسكوب هابل الفضائي ليرصدوا «كوازار-Quasar» من الكون المبكر. واستخدموه ليقدروا معدل توسع الكون. وجد العلماء أن الكون يتوسع الآن أسرع من ذي قبل، مما يتعارض مع قياسات أخرى. وقد دفع ذلك الفيزيائيين للتشكيك في صلاحية نظرياتهم أو أن شيئًا غريبًا يجري. [10]

صورة الكوازار
حقوق الصورة:https://phys.org/news/2019-01-astronomers-images-quasars-hubble-constant.html?hcb=1

سيل من الأشعة تحت الحمراء

تعرف النجوم النيوترونية بأنها أجسام شديدة الكثافة تتشكل بعد موت نجم عادي. وعادةً ما تطلق موجات راديو أو إشعاع أعلى طاقةً كالأشعة السينية مثلًا. لكن في أيلول/سبتمبر عام 2018 وجد الفلكيون سيلًا مستمرًا من الأشعة تحت الحمراء قادم من نجم نيوتروني يبعد عنا 800 سنة ضوئية، في ظاهرة تعد الأولى من نوعها. اقترح الباحثون أن الإشارة السابقة تولدت عن قرص من الغاز الذي يدور حول النجم، فيما لم يحل هذا اللغز نهائيًا بعد. [11]

شفق قطبي على كوكب مارق

تجول «الكواكب المارقة-Rogue planets» أو الكواكب بين النجمية مجرتنا، وهي كواكب طردت من نظامها النجمي بفعل قوى الجاذبية. وهنا نجد ظاهرة غامضة هي الشفق القطبي على هذه الكواكب، فهي لا تتبع لنجم معين لتسبب رياحه الشمسية حدو الشفق القطبي. فهناك صف من الكواكب المارقة التي تخرج عن المألوف، حيث يتضمن كواكب بحجم الأرض تسمى SIMP J01365663+0933473 وتبعد عنا 200 سنة ضوئية. تتميز هذه الكواكب بحقل مغناطيسي أقوى ب200 مرة من حقل المشتري المغناطيسي، وهي قوة كافية لتوليد ومضات من الشفق في غلافها الجوي والتي يمكن رصدها بموجات الراديو.

الشفق القطبي على قزم بني مارق
حقوق الصورة:https://skyandtelescope.org/astronomy-news/auroras-discovered-rogue-brown-dwarf/?hcb=1

وفي جميع الأحوال نعول على العلم فقط في حل هذه الألغاز وكشف الستار عن كل ظاهرة غامضة في كوننا.

المصادر:

[1]livescience

[2]livescience2

[3]space

[4]livescience3

[5]livescience4

[6]livescience5

[7]livescience6

[8]NASA

[9]livescience7

[10]livescience8

[11]livescience9

[12]livescience10

دوران الأرض: لماذا تدور الأرض حول نفسها؟

مع مرور كل يوم تكمل الأرض دورةً واحدة حول محورها، جاعلةً من شروق الشمس وغروبها حدثان رئيسان تتعين بهما حياتنا اليومية. دارت الأرض حول نفسها منذ تكونها قبل 4.6 مليار سنة، وستستمر في الدوران حتى نهاية العالم، غالبًا عندما تنتفخ الشمس مشكلةً عملاقًا أحمر وتبتلع كوكبنا المسكين. ولكن لماذا تدور الأرض في المقام الأول؟

تشكل الأرض

كانت المراحل الأولى من حياة مجموعتنا الشمسية أشبه برقصة كونية دار فيها الغاز والغبار باتساق حول نجمنا حديث الولادة. دفعت إشعاعات النجم الشاب غالبية الغاز بعيدًا مخلفة الغبار وفتات الصخر في الداخل، والتي بدورها التحمت مشكلةً كوكب الأرض. ومع ازدياد حجمه تابعت الصخور الكونية اصطدامها في الكوكب متحدةً معه، جاعلةً إياه يدور باتجاه الصدم. وبما أن كل الحطام دار حول الشمس في الاتجاه نفسه؛ أدارت التصادمات الأرض وكل أجرام المجموعة الشمسية في ذات الاتجاه. [1]

ولكن لما كانت المجموعة الشمسية تدور حول نفسها؟

تشكلت المجموعة الشمسية والشمس عندما انهارت سحابة ضخمة من الغاز والغبار على نفسها نتيجةً لقوة جاذبيتها. تكثّف معظم الغاز في الوسط مشكلًا الشمس، بينما كونت المادة المتبقية قرصًا ثانويًا شكل فيما بعد الكواكب وتوابعها. قبل الانهيار؛ كانت جزيئات الغاز والغبار تتحرك ف كل مكان، إلى أن وقع حدث فلكي مجاور. فقد أثارت جاذبية الحدث جزيئات الغاز والغبار وأدارتها في اتجاه معين، فدار القرص حول نفسه لأول مرة. وعندما بدأت السحابة الانهيار، ازدادت سرعة دورانها حول نفسها، تمامًا كما يدور متزلجو الجليد بشكل أسرع عنما يثنون أذرعهم وأرجلهم.

وبما أن الفضاء شبه خالٍ؛ لم توجد مادة كافية لتبطئ عملية الدوران تلك. ففي اللحظة التي يبدأ شيء ما في الدوران، سيستمر هكذا غالبًا دون أن يوقفه شيء. وفي حالتنا هذه كان للمجموعة الشمسية مقدار كبير مما نسميه «الزخم الزاوي-Angular momentum»، وهو كمية فيزيائية تصف نزعة الجسم للاستمرار في الدوران. وكنتيجة لكل ذلك دارت غالبية كواكب المجوعة الشمسية في نفس الاتجاه[2]

حالات شاذة

لكل قاعدةٍ استثناء! خالفت بعض الكواكب أقرانها ودارت في اتجاهات مختلفة. فكوكب الزهرة مثلًا يدور عكس كوكب الأرض وبقية الكواكب. أما أورانوس فمحور دورانه مائل بزاوية 90 درجة. وحتى الآن لم يتيقن العلماء من سبب تلك الحركات الغريبة، لكنهم يقترحون بعض الأفكار. بالنسبة لكوكب الزهرة؛ ربما عكس تصادم ما اتجاه دورانه. [3] أو ربما بدأت الزهرة دورانها كبقية الكواكب، ثم انقلب على مر الزمن نتيجة جاذبية الشمس التي شدت سحب الزهرة الكثيفة، بالإضافة إلى قوة الاحتكاك بين نواة الكوكب ووشاحه. [4] فيما اقترحت دراسة منشورة عام 2001 أنه من المحتمل أن جاذبية الشمس إلى جانب عوامل أخرى سببت تباطؤ دوران الزهرة ثم انعكاسه. [5] أما في حالة أورانوس فيعتقد العلماء أن تصادمًا ضخمًا ما حرف محور دورانه بذلك الشكل. [6]

الدوران سمة كوننا

وإذا ما غضضنا النظر عن تلك الحالات الشاذة نرى أن كل ما في الكون يدور في اتجاه محدد ما، وكأن الدوران سمة أساسية للأجسام في كوننا! فالكويكبات والنجوم وحتى المجرات تدور حول نفسها، حيث يستغرق نظامنا الشمسي 230 مليون سنة ليكمل دورة واحدة حول مركز درب التبانة. [7] كما أن النجوم النابضة من أسرع الأجسام في الكون، وهي أجسام كثيفة ودوارة تشكل ما تبقى من النجوم العملاقة. فبعض النجوم النابضة التي لا يتجاوز قطرها حجم مدينة تدور مئات الدورات في الثانية الواحدة. فيما سجل أسرع نجم نابض مكتشف حتى الآن 716 دورة في الثانية! [8]

كما يمكن للثقوب السوداء أن تدور أسرع من ذلك، حيث يدور الثقب الأسود المسمى GRS 1915+105 بين 920 و1150 مرة في الثانية.[9]

لكن الأجسام تتباطأ أيضًا، فعندما تشكلت الشمس، كانت تدور حول نفسها مرة كل أربعة أيام، بينما تستغرق الآن حوالي 25 يومًا لإكمال دورة كاملة. وذلك نتيجة تفاعل حقلها المغناطيسي مع الرياح الشمسية مما يبطئ دورانها. [10]

حتى أن سرعة دوران الأرض حول نفسها تتناقص مع الزمن، نتيجةً لجاذبية القمر التي تشد الأرض قليلًا وتبطؤها. وقد أظهر تحليل أجري عام 2016 أن دوران الأرض تباطأ بمقدار 1.78 ميلي ثانية خلال القرن الماضي. [11]

فلا تجزع إن تأخرت الشمس قليلًا في الشروق، إنها ألاعيب القمر!

المصادر

[1] space

[2] NASA

[3]Science

[4] Sciencedirect

[5] Nature

[6] ScientificAmerican

[7] NASA_2

[8] Science_2

[9] Astrophysical Journal

[10] The Royal Society

[11] The Royal Society_2

إلى أين تقودنا الثقوب السوداء؟

هذه المقالة هي الجزء 4 من 9 في سلسلة رحلة بين 8 ألغاز كونية مذهلة!

ها أنت ذا على وشك القفز داخل ثقب أسود. إذا اعتبرنا أنك وبطريقة ما استطعت البقاء على قيد الحياة، فما الذي ينتظرك هناك؟  أين سينتهي بك المطاف؟ وما القصص العجيبة التي سترويها للناس عند عودتك؟ ربما تكون أبسط إجابة على ذلك أن “لا أحد يعلم!” فالعلماء حتى الآن غير متيقنين من طبيعة الثقوب السوداء. كما أن عبور أفق حدث ثقب ما –إن لم يمزقك إربًا بسبب الجاذبية- يمنعك من إرسال أي رسالة للعالم الخارجي. فلا شيء يعود من ثقب أسود!

من المتوقع أن تكون الإجابة السابقة محبطةً ومؤلمةً بعض الشيء. فقد توقعت نظرية النسبية العامة لأينشتاين وجود الثقوب السوداء، عندما اعتبرت أن الجاذبية تؤثر في نسيج المكان-الزمان. ومنذ ذلك الوقت؛ عرفنا تشكل الثقوب السوداء بعد موت النجوم. حيث تموت النجوم هائلة الكتلة مخلفةً وراءها نواةً صغيرة وكثيفة من المادة. وإذا ما كانت كتلة هذه النواة أكبر من ثلاثة أضعاف كتلة الشمس أي «حد تشاندراسيخار-Chandrasekhar limit»؛ ستطغى الجاذبية وينهار النجم على نفسه في نقطة واحدة تدعى «المتفردة-Singularity».

ينتج عن كل ذلك ثقب أسود له قوة جاذبية هائلة، حتى أن الضوء لا يمكنه الهرب منه. أما «أفق الحدث-Event horizon» فهو حد من الثقب الأسود؛ وأي شيء يتجاوزه لا يستطيع العودة أبدًا. لا مهرب من أفق الحدث!

وبمجرد وصولك لأفق الحدث ستعمل قوى الجاذبية على تمزيقك لخيوط من الذرات فيما يعرف ب «تأثير السباجيتي-Spaghettification»، ثم ستعمل المتفردة على تحطيم ما تبقى منك. يبدو أن فكرة إمكانية الخروج من الثقب الأسود لمكان آخر أقرب إلى الخيال، فحتى لو قادك الثقب لمكان آخر؛ لن تصمد إلى ذلك الحين! [1]

ماذا عن الثقوب الدودية؟

منذ سنوات؛ درس العلماء احتمالية كون الثقوب السوداء ثقوبًا دوديةً تقودنا لمجرات أو عوالم أخرى. فقد حاول «ألبرت أينشتاين-Albert Einstein» بمساعدة «ناثان روزن-Nathan Rosen» وضع فرضية عن “جسور” تربط بين نقاط مختلفة من نسيج المكان-الزمان عام 1935. كما طرحت الفكرة مجددًا لافي الثمانينيات عندما قام الفيزيائي «كيب ثورن-Kip Thorne» بمناقشة إذا ما ستستطيع الأجسام عبور هذه الجسور. [2]

لكننا حتى الآن لم نرصد أي دليل على وجود هكذا جسور أو ثقوب دودية! فقد كتب ثورن في كتابه «The science of interstellar» عام 2014: “لا نرى أي أجسام يمكنها التحول لثقوب دودية في كوننا.” تكمن المشكلة في عدم قدرتنا على الاقتراب كفاية من الثقوب السوداء لنرى بأنفسنا، حتى أن أول صورة لثقب أسود التقطت مؤخرًا عام 2019.، أي بعد حوالي قرن من اقتراح فكرة الثقوب السوداء!

كما يعتقد «دوغلاس فينكبينر-Douglas Finkbeiner» وهو بروفيسور الفيزياء والفلك في جامعة هارفرد أننا حتى ولو اقتربنا؛ لن نستطيع رؤية رائد فضاء يسقط في الثقب الأسود. يمكننا فقط رؤيته يصبح باهتًا وأحمرًا مع اقترابه من أفق الحدث، نتيجةً لتأثير الانزياح نحو الأحمر بسبب الجاذبية. كما أنه وبمجرد سقوطه داخل الثقب؛ سيبقى محتجزًا فيه إلى الأبد. وكأن الثقوب السوداء تقود لنهاية الزمن! [3]

قد تقود الثقوب السوداء إلى ثقوب بيضاء

إذا قادتنا الثقوب السوداء لجزء آخر من المجرة أو إلى كون آخر؛ فلا بد من وجود شيء يقابلها في الجهة الأخرى. فهل يكون ذلك «ثقب أبيض-White hole»؟ وضع عالم الكونيات الروسي «إيغور نوفيكوف-Igor Novikov» فرضيته عام 1964، واقترح فيها أن الثقب الأسود يرتبط بثقب أبيض موجود في الماضي. وعلى عكس الثقوب السوداء؛ تسمح البيضاء للمادة والضوء بالخروج منها وتمنعها من الدخول. [4]

استمر العلماء بدراسة العلاقة المحتملة بين الثقوب السوداء والثقوب البيضاء. وفي دراسة نشرت في مجلة «Physical review D» عام 2014؛ ادعى الفيزيائيان «كارلو روفيلي-Carlo Rovelli»  و «هال م.هاغارد-Hal M. Haggard» أنه يوجد مقياس كلاسيكي متوافق مع معادلات أينشتاين تنهار فيه المادة داخل ثقب أسود ثم تنبثق من ثقب أبيض. أي أن كل المادة التي ابتلعها ثقب أسود ما يمكن أن تخرج من ثقب أبيض، كما أن الثقوب السوداء قد تتحول لبيضاء عندما تموت. وبعيدًا عن تدمير المعلومات التي تدخله؛ قد يتوقف انهيار الثقب الأسود، وقد يحدث نوع ما من الارتداد الكمي الذي سيسمح للمعلومات بالخروج. [5]

إشعاع هوكينج

تلقي الفكرة السابقة الضوء على مقترح عالم الكونيات الشهير ستيفن هوكينج، والذي ناقش في السبعينيات إمكانية إطلاق الثقوب السوداء جسيمات وإشعاع حراري فيما يعرف ب«إشعاع هوكينج-Hawking’s radiation». وبحسب هوكينج لا تدوم الثقوب السوداء إلى الأبد. فقد وجد أنها تفقد طاقتها نتيجة إطلاقها الإشعاع، وتتقلص تدريجيًا حتى تختفي. [6]

لكنه يقترح كذلك أن الإشعاع المنطلق عشوائي تمامًا ولا يتضمن أية معلومات عما سقط في الثقب. وكأن موت الثقب الأسود يمحي كمًا هائلًا من المعلومات. مما يعني أن فكرة هوكينج تتعارض مع نظرية الكم التي تشترط عدم ضياع أو تدمير المعلومات. قاد هذا التعارض لما يعرف بمفارقة معلومات الثقب الأسود، وحتى الآن لا نعرف إلام سيقود! [7]

فهل نعود لفكرة الثقوب البيضاء التي تشع معلومات محفوظة؟ ربما. في دراسة نشرت عام 2013 في مجلة «Physical Review Letters»؛ قام العالمان «خورخي بولين-Jorge Pullin» و«رودولفو غامبيني-Rodolfo Gambini» بتطبيق فكرة الجاذبية المكمّمة على ثقب أسود، ووجدوا أن الجاذبية ازدادت باتجاه المركز ثم تناقصت ملقيةً كل ما دخل الثقب في مكان آخر من الكون. أعطت نتائج الدراسة مصداقيةً أكبر لفكرة كون الثقوب السوداء بوابة. واعتبر العلماء أن المتفردة غير موجودة في الدراسة السابقة، وبالتالي لن يكون هناك حد فاصل يدمر كل المعلومات. [8]

قد لا تقودنا الثقوب السوداء لأي مكان

يعتقد العلماء أحمد المهيري و«دونالد مارلوف-Donald Marlof» و«جوزيف بولشينسكي-Joseph Polchinski» و«جيمس سولي-James Sully» أن هوكينج لم يكن مخطئًا تمامًا. فقد عملوا على فرضية تعرف باسم «جدار النار-AMPS Firewall». ووفقًا لحساباتهم؛ يمكن لميكانيك الكم أن تحول أفق الحدث إلى جدار عملاق من النار يحرق كل ما يلمسه بلمح البصر. وفي هذه الحالة؛ لا تقودنا الثقوب السوداء لأي مكان لأننا لا نستطيع دخولها حتى!

لكن هذا الادعاء يتعارض مع نظرية النسبية العامة؛ التي تقول أن الجسم الذي يعبر أفق الحدث يكون في حالة من السقوط الحر ويخضع لقوانين الكون المعروفة. وحتى لو لم يتعارض ذلك مع النسبية؛ فهو يقترح ضياع المعلومات، مما يخالف ميكانيك الكم. [9]

وفي جميع الأحوال؛ لا ننصحك بالاقتراب من ثقب أسود!

المصادر:

Space1 [1]

Space2 [2]

Space3 [3]

Space4 [4]

Physical Review D [5]

Nature [6]

Nature [7]

Physical Review Letters [8]

ScienceDirect [9]

ما دور القمر في تطور الحياة على الأرض؟

ما دور القمر في تطور الحياة على الأرض؟

تعكس حركة المحيط بمدها وجزرها جوهر الحياة ذاتها، حيث يمثل تدفق المياه فيها الطبيعة الدورية التي تحكم الكون، وكل ذلك تشهد عليه حتى أكثر الشواطئ انعزالاً، فهل تكون الحياة نفسها محض صدفة أنتجت المد والجزر؟ إذا كان ذلك صحيحاً؛ فهل يكون القمر مسؤولاً عن أصل الحياة على الأرض؟ وماذا سيحدث لو لم يكن موجوداً؟ أو بمعنى أدق ما دور القمر في تطور الحياة على الأرض؟

تشكل القمر

بحسب النظرية، اصطدم كوكب بحجم المريخ بالأرض منذ حوالي 4.5 مليار سنة؛ مما أدى لتسريع دوران الأرض فأصبح طول اليوم 12 ساعة فقط. أما الحطام الناتج فنُثر في مدار الأرض القريب والتحم مشكلاً القمر. وبعد عدة ألاف من السنين؛ بدأت الأرض بالتبرد إلى أن ظهرت الحياة بعد حوالي 700 مليون سنة؛ أي منذ 3.8  مليار سنة.

المد والجزر

تقوم جاذبية القمر بشد الأرض، لاسيما قسمها الأقرب إليه. وترتفع القشرة الأرضية قليلاً (سنتيمترات معدودة) بسبب قوة الشد هذه مما يسبب حدوث ظاهرة «المد والجزر-Tides» في البحيرات والأنهار والمحيطات وغيرها.

يحدث «المد-High Tide» وهو ارتفاع مستوى مياه المحيط عندما يدور القمر حول الأرض ويسحب خلفه المياه، بينما على جانب الأرض المقابل له تكون الجاذبية أقل من أي جزء آخر من الأرض فتُترك مياه المحيطات وراءً ويحدث «الجزر-Low tide».

للقمر التأثير الأكبر على حركة المد والجزر بسبب قربه الشديد من الأرض. تؤثر الشمس أيضاً بقوة جذب كبيرة على الأرض تبقيها في مدار ثابت حولها، كما تسحب هذه القوة مياه المحيطات نحوها. لكن الفرق في الشد بين الجانب المقابل والمعاكس للشمس يكون ضئيلاً، حيث تساهم الشمس بحوالي ثلث ارتفاع المد فقط.

تأثيره في التنوع الحيوي

تشكلت المحيطات على الأرض منذ حوالي أربعة مليارات سنة، أي عندما كان القمر أقرب بمرتين مما هو عليه الآن، وبالتالي كانت قوة المد والجزر أكبر بكثير.

يعتقد العلماء أن تدفق المد والجزر ساهم في نقل الحرارة من المنطقة الاستوائية إلى القطبين، وأنه زاد حدة التقلبات المناخية في العصر الجليدي و«الفترات بين الجليدية-Interglacial». أثر ذلك في تشكل التكتلات الجليدية التي أدت لهجرة الأنواع النباتية والحيوانية وبالتالي إغناء التنوع الحيوي. كما نوه الباحثون أنه بدون المد والجزر القمري لكانت البيئة البحرية فقيرة جداً بالأنواع الحيوانية.

ولكن هل يكون القمر مسؤولاً عن الحياة ذاتها؟

دورالقمر في نشأة الحياة

من جهة، قد تكون الحياة تشكلت حول فوهات المياه الحارة في المحيطات، وعندها يكاد ينعدم دور المد والجزر في ذلك. أما إذا تشكلت ضمن مياه المد والجزر يكون لقمرنا دور رئيسي في ذلك.

تشكل الحموض النووية الريبية الDNA والRNA أساسيات الحياة التي نعرفها. وهي غالباً أخذت وتطورت من مجموعة كبيرة متنوعة من جزيئات «الحموض النووية الأولية-protonucleic acids»، ولكن لأجل أن تتطور منها يجب أولاً أن تكون قادرة على الاستنساخ. الأمر الذي يتضمن تنظيم عملية النسخ عن طريق تجمع الجزيئات وتفككها دورياً.

وبما أن اليوم الأرضي كان حوالي 12 ساعة في ذلك الوقت؛ وفر ذلك مد وجزر أسرع وذو نطاق أوسع، حيث غطت المياه الأرض الحارة فتبخرت وزاد تركيز الملوحة عند الجزر. أمنت هذه البيئة المالحة مكاناً مناسباً للحموض النووية الأولية لترتبط وتتجمع في جزيئات خيطية.

أما عند حدوث المد؛ فستتفكك هذه الجزيئات نتيجة انخفاض تركيز الملح، ويعتقد أن آلية الاستنساخ هذه أسهمت في تشكيل الDNA من الحموض النووية الأولية.

تأثيره على حياتنا اليوم

طول اليوم

دارت الأرض بشكل أسرع في المراحل الأولى من عمرها، ولكن بفضل جاذبية القمر؛ تباطأ دوران الأرض تدريجياً مع ابتعاده في مدارات أعلى وأعلى فحصلنا على يوم طوله 24 ساعة.

أما بدونه فستهب الرياح بسرعة 100 متر في الساعة، وسيصبح طول اليوم حوالي 8 ساعات، مما سيؤثر على أنماط نوم واستيقاظ وحياة الأحياء.

الفصول المستقرة

يعتقد أن الاصطدام العنيف الذي شكّل القمر أمال محور الأرض 23.5 درجة مما تسبب في حدوث ظاهرة الفصول الأربعة. كما أن وجود القمر يساعد في الحفاظ على استقرار هذا الميلان فيتغير بحوالي 3 درجات فقط كل 41000 سنة.

بدون وجوده؛ لاستمر محور الأرض بالتذبذب بين 0 و 80 درجة عبر العصور. وما كان للحياة أن تتكون تحت هذه الظروف المناخية القاسية إلا إن كانت بكتيريا وأشكال الحياة الأولية فقط.

ضوء القمر

يعكس القمر ضوء الشمس مثلما تفعل الكواكب. ورغم تبيان دراسات إحصائية دقيقة عدم وجود أية علاقة بين البدر والسلوكيات الغريبة، إلا أن ضوءه يسهل الرؤية على البشر والحيوانات، وقد سجلت الدراسات تغيرات في معدل نجاح عمليات الافتراس عند الحيوانات المفترسة بسبب الضوء المضاف.

أطوار القمر

لطالما ألهم القمر وأطواره المتغيرة القصص والأساطير والأغاني والقصائد وحتى الكلمات مثل كلمة «Month»  الانكليزية والتي تعني شهر. كما استعين به لتحديد الوقت في التقويم القمري.

ويجدر الذكر أن القمر ذاته لا يتغير، وإنما المقدار الذي نراه منه عند النظر من الأرض هو ما يتغير خلال دورة تتكرر كل شهر.

تأثير القمر في النهضة العلمية

أحدث القمر ثورة علمية حقيقية. فرؤية غاليليو لسطح القمر الخشن عن طريق تلسكوبه زعزع الإيمان السائد عن كمال السماء. كما أن الأحجار القمرية المجلوبة في مهمات «أبولو-Apollo» أزاحت الستار عن أصل الفوهات القمرية وكذلك الموجودة على عطارد والزهرة والمريخ. بالإضافة لأهمية ذلك في معرفة كيفية تشكله.

وأخيراً؛ إذا كان القمر جزءاً أساسياً من عملية تطور الأحياء على كوكبنا، ربما يجدر بنا الأخذ بوجود قمر مماثل كمعيار في بحثنا عن حياة أخرى في الكون…

المصادر:
ScientificAmerican
LPI

Exit mobile version