ملخص كتاب النسوية وفلسفة العلم د. يمنى طريف الخولي

في مطالع ثمانينات القرن العشرين ظهرت فلسفة العلم النسوية في العالم الغربي وتتطورت حتى عصرنا هذا، وباتت من ملامح المشهد الفكري كتيار يُمثل إضافة حقيقية لفلسفة العلوم، ونظريات المعرفة العلمية (الإبستمولوجيا) والمنهج العلمي (الميثودولوجيا). جاءت فلسفة العلم النسوية لترفض التفسير الذكوري المطروح للعلم بنواتجه السلبية، وتحاول تفعيل مجالات وقيم مختلفة خاصة بالأنثى، جرى تهميشها بحكم السيطرة الذكورية، في حين أنها يجب أن يفسح لها المجال لتقوم بدور أكبر لإحداث توازن منشود في مسار الحضارة والفكر. وقبل أن نستكمل اسهامات النسوية، لنتعرف معًا عنها أولًا.

ما هي النسوية؟

حركة سياسية تهدف إلى غايات اجتماعية، تتمثل في حقوق المرأة وإثبات ذاتها ودورها. فهي نشأت لتضم كل جهد عملي أونظري لتحدي ومواجهة ونقد النظام البطريركي (الأبوي) في المجتمع الغربي القائم على علاقات اجتماعية تكون فيها المرأة ذات وضع أدنى وخاضعة لصالح الرجل، وتفرض عليها قيود تمنع عنها إمكانيات النماء.

ظهر مصطلح (النسوية-Feminism) في نهايات القرن التاسع تحديدًا عام 1895، إلا أن كانت للنسوية جذور منذ مراحل سحيقة من التاريخ الأنثروبولوجي العصر الأمومي، فكانت المرأة هي المؤسسة الاجتماعية، وتميزت بذلك الحضارة المصرية القديمة فشاركت المرأة في النشاط الاقتصادي والمشاغل العامة بل والحكم، فاقتصرت وراثة العرش في عصر ما قبل الأسرات على فرع الأمهات، حتى تم الاعتراف بحقهم في الحكم فتولت الملكة (مريت نيت) عرش مصر كأول امرأة في التاريخ تتولى الحكم، وحكمت مصر عشرين عامًا. أمّا إذا بحثنا في التاريخ الغربي البادىء من الإغريق، نجد أنه يقر بدونية المرأة، فأكد أرسطو على أن الأنوثة نقص وتشوه، وأن المرأة امرأة لأنها ينقصها أن تكون رجلًا، وبالتالي الرجل هو الأرقى ويجب أن يكون الحاكم، حتى أن العلم التجريبي حين اشتد ساعده إبان العصر الحديث انضم إلى تلك المسيرة الجائرة خصوصًا عن طريق البولوجيا وعلم النفس ومثال على ذلك علم الكرانيولوجي أي علم الجمجمة وقياس أحجامها، حيث أجريت أبحاث الذكاء والقدرات الذهنية على حجم المخ، واستنتجوا قلة معدل الذكاء عند النساء لصغر أحجام أدمغتهم.

بشائر ظهور النسوية

جاءت بشائر ظهور النسوية في المجتمع الغربي من متغيرات الواقع الأوروبي على مشارف القرن التاسع عشر، وسبقها أيضًا بعض الحركات النسوية على يد الكاتبة (ماري ولستونكرفت) في صدور كتاب باسم دفاعًا عن  حقوق المرأة، وجاءت بنتها من بعدها لتأكد أن المرأة إذا تلقت التعليم نفسه الذي يتلقاه الرجل لكانت مساوية له. وانطلاقًا من الثورة الصناعية واكتشاف الماكينات ظهرت المرأة في المصنع كقوة عمل منافسة للرجل، إلا أنها كانت تحصل على راتب أقل، وشاركت في الثورة الفرنسية للمطالبة بالمساواة، مثلما شاركت المرأة المصرية في ثورة 1919 كعلامات بارزة في التاريخ النسوي.

النسوية الليبرالية

لم تكن الليبرالية في حد ذاتها فلسفة نسوية، فكانت آراء (جون لوك) الأرب الروحي لليبرالية تتوجه لخضوع المرأة لزوجها بأنه شيء مطلق لا علاقة له بالمتغيرات الاجتماعية، وسبقه في الرأي (جان جاك رسو) الذي أراد أن تكون المرأة بغيًا وراهبة في آن واحد وقلص دورها في الجنس والإنجاب، وبحث عن المساواة في عالم الذكور فقط. ولكن علينا الاعتراف أن نضج الليبرالية في القرن التاسع عشر فتح الأبواب للحركة النسوية بما فعلته من تقويض السلطة البطريركية، وظهر على إثرها الفيلسوف (جون ستيورات مل) ليكون بلا جدال أبرز رائد فلسفي للنسوية لصدوره كتاب (استبعاد النساء) الذي يمكن اعتباره مانفستو الحركة النسوية، ويُعد مل الليبرالي الوحيد الذي شرع في تطبيق مبادىء الليبرالية على النساء، ليطالب بحقوقهن في التعليم والمساواة أمام القانون. ولايمكن فصل مل عن زوجته هارييت تيلور مل النسوية التي طالبت بحق النساء في التصويت، فمثل الثنائي تطبيقًا لحقوق المرأة في تيار الليبرالية.

النسوية الاشتراكية

قامت الاشتراكية من أجل إعادة توزيع الثروة والسلطة في المجتع، والنضال من أجل المساوة والعدالة الاجتماعية. ولم يفتها التأكيد على أن أن قهر المرأة بؤس خلفته الرأسمالية، فكان الاشتراكي الفرنسي الرائد (شارل فورييه) أول من استخدم وضع النساء في المجتمع مقياسًا لتقدمه وتقدم المجتمع، وهذا ما طوره (ماركس) في مخطوطات عام 1884، حين أعلن أن تقويم مسألة تطور الإنسان ككل يتأتي من تقويم تطور علاقة المرأة بالرجل، واتبعه رفيقه  (فريدريك إنجلز) في اعتبار النسوية موضوعًا رئيسيًا وأخرج في العام نفسه مؤلفه الثاقب (أصل الأسرة والملكية الخاصة والدولة)، وأيضًا المفكرة الماركسية (روزا لوكسمبورج) التي أكدت على تحرر النساء بالتطور الاقتصادي.

الموجة النسوية الأولى

كانت الحركة النسوية في منتصف القرن التاسع عشر على أشدها، ففي أمريكا عام 1848 عقد مؤتمر (سينيكا فولز) للمرأة وحضره 40 رجلًا و250 امرأة، وبذلك يُعد المؤتمر الأول للحقوق المرأة وظل يُعقد سنويًا حتى نشوب الحرب الأهلية عام 1861، وفي عام 1855 تأسس الاتحاد النسائي الوطني بأمريكا، وفي عام 1869 تأسست جمعية المرأة الأمريكية للحقوق السياسية ثم اندمجت مع الجمعية الوطنية الوطنية لحقوق المرأة عام 1890، ويعد ما بين 1880 و1910 أكثر مراحل النسوية توهجًا، واقتحمت النساء مجال التعليم العالي والبحث العلمي، وأنشئت أول كلية للبنات في إنجلترا، وجرى اعتماد مصطلح النسوية وكانت (كلارا زاتكين) من أبرز نساء الحركة في تلك الأونة. واعتمد 8 مارس عيدًا عالميًا للمرأة.

أمّا عن المشرق العربي، ففرضت النسوية وجودها خصوصًا في مصر وتونس والشام وعلا وطيس النقاش حول إصلاح حال المرأة، إلا أن المرأة العربية كانت تتمتع في ذلك الوقت بحقوق تجاهد من أجلها المرأة الغربية، مثل التصرف بأموالها وحقها في أولادها، ولا يمنع أنها كانت تعاني من أمور أخرى مثل الطلاق الجزافي، وتعدد الزوجات، وظهر في الشرق حركات مناهضة تطالب بحق المرأة في التعليم فألقى (بطرس البستاني) خطابه عن تعليم النساء وأخرج (رفاعة الطهطاوي) كتابه المرشد الأمين في تعليم البنين وأشار أن تعليم الفتاة أهم من تعليم الفتى، وافتتح الخديو (إسماعيل) المدرسة السنية لتعليم البنات، وبلغت النسوية ذروتها في كتابي (قاسم أمين) تحرير المرأة والمرأة الجديدة.

الموجة النسوية الثانية

كانت وليدة أيدولوجية ظروف اقتصادية واجتماعية معينة مثل زوال الاستعمار ومناهضة التميز العنصري، خاصة في مرحلة ما بعد الحداثة التي ارتفعت فيها النسوية إلى مستوى النظرية والفلسفة الصريحة والسؤال الإبستمولوجي وفلسفة العلم. ساعدت التكنولوجيا تخفيف عبء الأعمال المنزلية لدى النساء، وساعد التطور الصحي على صحة المرأة فلم تعد بحاجة لإنجاب 15 طفلًا ليعش منهم 7، وأصبح من الممكن الاكتفاء بطفل واحد مع وسائل منع الحمل وتوافر إمكانيات تنظيم الحياة، فتحققت المزيد لفرص النساء خارج إطار دورها الأنثوي.

النسوية الراديكالية

أرادت نسوية القرن العشرين أن تكون أعمق وأشمل من الليبرالية والاشتراكية، فأرادت أن تكوت راديكالية أي جذرية، فاتفقت على مواجهة قضية قهر المرأة، وانقسمت إلى راديكالية تحررية نادت بالقضاء على الأسرة لعدم وجود مساواة فيها، ورأت أن إنجاب الأطفال باب من العبودية لها، كانت أبرزهن (شولاميت فايرستون) التي تطلعت إلى تحرير المرأة من الحمل والإنجاب بالتقنيات الحديثة مستعينة بالخيال العلمي، ورأت التحرريات المتطرفة استبدال المركزية الأنثوية بالمركزية الذكورية، ودافعن عن الجنسية المثلية.

والقسم الآخر من الراديكالية هو الراديكالية المثقفة ذات طابع أكاديمي رصين فرضت نفسها على برامج الدراسة في جامعات شتى، وهدفت إلى رؤية ثقافية حضارية، عبرت عن ذلك في الفنون والأدب والموسيقى وعلم النفس والاقتصاد النسوي، وظهرت الفلسفة النسوية عام 1970 كمنهاج لإعادة تأريخ الفلسفة برؤيات أنثوية متكاملة.

الفلسفة الأم للنسوية المعاصرة وظهور الفلسفة النسوية

إذا ذكرت الفلسفة النسوية فيجب أن نذكر الفيلسوفة الوجودية (سيمون دي بوفوار) وكتابها (الجنس الثاني) لعام 1948 الذي يمكن اعتباراه إنجيل الحركة النسوية بأسرها، لما ذكرته من قضايا المرأة، وفتحت فيه بابًا لميلاد مفهوم (الجنوسة-gender) ليشير إلى عدم الفوارق البيولوجية، فهي لم تستخدم مصطلح الجنوسة ولكنها دخلت في تحليلات تثبت أن البولوجيا ليست قدرًا محتومًا، لتصل بأنه لا يوجد فوارق نوعية حادة بين الجنسين، مع ضرورة النظر إلى الوقائع السيكولوجية، ودعت النساء ليناضلن من أجل حقوقهن ككيانات بشرية كاملة وليس كجنس ثان.

وظهر تيار (النسوية الفينومينولوجية) فتاولت منهاج فلسفي يعتمد إلى تحليل الخبرة الحية والعينية للنساء التي تميز بها، ووعيهن بجنسهن وجنوستهن، وظهرت أيضا الفلسفة الفرنسية المحدثة بنظريات (جاك لاكان) حول أصول الفروق بين الجنسين حتى جعلتها من أسس الوعي والهوية الأنثوية، ولعل بفضل الفيلسوفة (لوسي إيرجاري)، التي استفادت من لاكان وجعلت مفهوم الخيالية جوهر العقلانية، وأردت التحرر من هيمنة المنطق الذكوري. ومع الثمانينات وصلت النسوية إلى فروع الفلسفة الشاقة، وهي الميتافيزيقا والإبستمولوجيا والميثودولوجيا وفلسفة العلوم.

نشأة فلسفة العلم النسوية

نشأت فلسفة العلم النسوية على أساس تفسير ظاهرة العلم الغربي في سياق الجنوسة وتأثيرها على مفرداته ومشاريعه، كمعالجة نقدية جذرية. وبدأت تظهر الإسهامات النسوية في الدوريات والمجلات الفلسفية، فتشاركت الفيلسوفة الأمريكية (ساندرا هاردنج) مع (ميريل هينتيكا) بتجميع الإسهامات في مجلد بعنوان (اكتشاف الواقع: المنظورات النسوية للإبستمولوجيا والميتافيزيقا والميثودولوجيا وفلسفة العلم) وصدر عام 1983، ليعد العام عام الميلاد الرسمي لفلسفة العلم النسوية. وكانت أهداف النسوية:

-النساء قادرات على ممارسة العلم، عن طريق إعادة قراءة تاريخ العلم، والتنقيب عن دور المرأة فيه، مثل دور (روزاليندا فرانكلين) التي كان لها دور حاسم في اكتشاف التركيب المزدوج للشفرة الوراثية، ولم يُعترف بدروها فيه.

-إزاحة العقبات التي تعوق النساء عن الإسهام في العلم

-تصحيح المعلومات الخاطئة عن بيولوجيا المرأة

-نقد قيم العلم وأهدافه ومعاييره ومحركاته ومنهاجه وممارسته

وطبقًا لـ (ساندرا هاردنج) تشكلت فلسفة العلم من التقاء وتجادل ثلاث مقاربات نسوية، وهي التجربية النسوية والموقف النسوي وما بعد الحداثة.

فلسفة العلم تفتح الباب للنسوية

كانت فلسفة (توماس كون) بكل ما فيها من تفسير تاريخ العلم من مفهوم الثورة وأن العلم ليس نسقًا واحدًا، مقدمة ضرورية لفلسفة العلم النسوية، ومع انفتاح الأفق التاريخي، والحضاري والاجتماعي والإنساني الشامل أمام فلسفة العلم، وفتح الباب على مصراعيه أمام الفلسفة النسوية للعلم، للنظر إلى العلم كإحدى بنيات المجتمع البطريركي، وبالتالي نقد الذكورية السائدة فيه. وبدا العلم الحديث أكثر من أي بنية أخرى استحقاقًا للمعاجة النسوية.

الإبستمولوجيا النسوية

الإبستمولوجيا هي نظرية المعرفة، وأحد الفروع الثلاثة الأساسية للفلسفة (المعرفة، الوجود، القيمة)، وتبحث الإبستمولوجيا النسوية عن الأسئلة الأساسية، أي شروط المعرفة ومصادرها وتضيف إليها تأثير دور الجنوسة في عملية المعرفة. وكان أحد المعالم البارزة لميلاد الإبستمولوجيا النسوية الصريحة مقال نشرته (لورين كود)  في مجلة ما وراء الفلسفة لعام 1981 تطرح فيه سؤال: هل جنس العارف مهم من الناحية الإبستمولوجية؟ الإجابة التقليدية هي النفي طبعًا، لكن (كود) تقدمت بإجابة نسوية مختلفة تمامًا، أن العملية المعرفية من المنظور النسوي تؤدي إلى الحرية والمسئولية والفضائل المتصلة بالإخلاص والشجاعة، والأفكار النمطية عن المرأة تعوق هذه العملية الإيجابية، لأنها تصب المرأة في قالب ينكر عليها المسؤولية الفعالة، قد يكون بسبب أنهن يقدمن عقلًا يلعب فيه الشعور دورًا أكبر. إن الشعور مصدر من مصادر الفهم، وبالمثل نتيجة من نواتج الفهم، إنه يتوشج في العملية المعرفية من رأسها إلى أخمص قدميها. ومثال على ذلك (بربارة ماك كلينتوك) الحائزة على جائزة نوبل لأبحاثها في جينات نبات الذرة، مصورة أنها كانت تشعر أن الكروموسومات أصدقاء لها.

الميثودولوجيا النسوية

تتفق المثودولوجيا النسوية مع النظرة المحدثة للمنهج العلمي التي ترى أسبقية الفرض على الملاحظة، وبالتالي خلق الفرض العلمي بإبداع، وليس مجرد تعميم الوقائع المستقرأة من الواقع، ولكنها تتحدث عن طريق الانصات إلى الطبيعة كصديق يحكي لك عن نفسه ومع الانصات يغدو العلم حوارًا مع الطبيعة بدلًا من كونه محكمة تفتيش. وتكشف عن واقع المماراسات العلمية والتنظيمات الاجتماعية وتوزيع السلطة والجوائز والمنح في المجتمع العلمي وعلاقات الباحثين، على أساس أن كل هذا يسهم في تشكيل النظرية العلمية.

فلسفة العلم فلسفة للبيئة

نعود إلى العلم بقيمه الذكورية، التي أفصح عنها فرانسيس بيكون وتمثلت للنظر إلى الطبيعة كآخر يمكن استغلاله وغزوه والسيطرة عليه، فحين أن النسوية ارتبطت بالحركة الخضراء والاتجاهات العديدة للمحافظة على البيئة، وصيغ مصطلح النسوية والبيئة ليعبر عن العلاقة الحميمة بين الطرفين. وساهمت في صياغته عالمة الفيزياء الهندية (فاندانا شيفا) وأوضحت التماثلات بين اختزالية العلم الغربي وبين التطور الرأسمالي، من حيث أن كلا الطرفين يشتركان في الاستغلال، العلم يستغل الطبيعة ويحيلها إلى طرف والرأسمالية تستغل المرأة وتحيلها إلى طرف سلبي.

فلسفة العلم ضد الاستعمارية

سادت مركزية الحضارة الغربية بفضل المد الاستعماري، وقهرت ثالثوث الأطراف: المرأة والطبيعة وشعوب العالم الثالث، وجاءت فلسفة العلم النسوية ترفض التراتب الهرمي في العلم والحضارة نازعة تقويض مركزية العالم الذكوري، وتحريرًا للمرأة والبيئة. والتقت النسوية العربية في موجتها الثانية مع المجتمعات المتحررة من الاستعمار في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، والتقت في الخلاص من قهر الرجل الأبيض. وظهر في مجتمعنا العربي نساء مقاومات أمثال شفيقة محمد أول شهيدة في ثورة 1919 وجميلة أبوحريد وسناء المحيدلي وغيرهن...

وأخيرًا لقد قامت النسوية كي لا تظل المرأة آخر بالنسبة للرجل، وسارت قدمًا حتى وصلت إلى فلسفة العلم الشاملة.

تحميل الكتاب

انظر أيضًا

ملخص كتاب “شربة الحاج داود” للكاتب أحمد خالد توفيق

ملخص كتاب “شربة الحاج داود” للكاتب أحمد خالد توفيق

يحتوي الكتاب على مجموعة من المقالات المتنوعة للدكتور أحمد خالد توفيق، مقالات تتحدث عن العلم وشبه العلم وبعض الخواطر الشخصية، يشرح فيها عقلية الناس وكيفية تعاملهم مع العلم والطب والأحداث العلمية التي تطرأ عليهم من حين لآخر، ويوضح مساوئ الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في تضليل الناس وتهويل بعض الأمور ونشر الأخبار الغير صحيحة، وطرق الدولة العقيمة في التعامل مع الكوارث الصحية مثل انتشار وباء معين مثلًا وتهاونهم في اتخاذ الإجراءات اللازمة، كما يعطينا بعض الأمثلة على جهل الكثير من الناس واستعمالهم بعض الوصفات الشعبية مثل شربة الحاج داود التي تعالج جميع الأمراض تقريبًا حتى أنها تقضي على الأورام الخبيثة وتصديقهم للوهم الذي ينسجه الكثير من مدعي العلم والمعرفة ، وسرد الكاتب تاريخ طب المناطق الحارة واستخدام الأوبئة في الحروب وغيرها الكثير من المعلومات ممثلة في مجموعة من المقالات الشيقة.

ينقسم الكتاب إلى ثلاثة أجزاء وكل جزء يندرج تحته مجموعة من المقالات:

الجزء الأول، حكايات طبية:
يشرح الكاتب خطورة تهاون الطبيب في فحص وتشخيص المريض أو مبالغة المريض في شعوره بالمرض أو وهمه بأنه مريض ووصف الكاتب هذه الحالة بمصطلح الباثوفيليا ومعناه حب المرض، يصعب على الكثير من الناس وحتى الأطباء أن يصدقوا أن هناك من يحب المرض ولكنها حقيقة فبعض الأشخاص يتظاهرون بالمرض في سبيل نيل بعض الشفقة ممن حولهم وأن يكونوا محط الأنظار وموضع اهتمام أو أن يتخذوا المرض كحجة لإسقاط بعض المسؤوليات من عليهم.

كما أن هناك بعض الناس لديهم عشق هستيري للأدوية حتى أنهم يمكن أن يفتعلوا مشاجرة مع الطبيب إذا لم يضع لهم قائمة طويلة من المستخلصات الطبية، ويصل الأمر ببعض الناس أن يتعاطوا أدوية مضادة للأكسدة أو أدوية الكبد والوصفات العشبية فقط ليتجنبوا الأمراض، ويرى الكاتب أن الباثوفيليا دليل على عدم النضج وأن الأشخاص المصابين بالباثوفيليا يتمتعون بجعل حياة من حولهم جحيمًا.

يبدأ هذا الجزء بمقال المرح مع الحميات النزفية:

يسرد الكاتب بعض الحقائق والحكايات عن الحميات النزفية بداية من الحمى الصفراء وحتى حمى لاسا التي انتشرت في غرب إفريقيا، وكيف سببت الحميات النزفية الرعب للبشر في سبعينيات القرن العشرين، كما ذكر بعض الأطباء ودورهم في اكتشاف ودراسة بعض أنواع تلك الحميات مثل والتر ريد الذي اهتم بوباء الحمى الصفراء وطارده في أحراش كوبا وأنيرو كونتية الباسل الذي أفنى حياته في دراسة حمى اللاسا.

خواطر قلاعية:
يتحدث الكاتب عن الحمى القلاعية التي تصيب الماشية ويسببها فيروس يسمى بيكورنا، وكانت تسمى الحمى القلاعية باسم داء الفم والحافر ويذكر الأزمة الاقتصادية التي سببتها في مصر وقت ذروتها وحالة الكساد التي أصابت الجزارين في ذلك الوقت.

وفاة فيروس:
يسرد الكاتب بشكل ساخر سوء الأحوال الاقتصادية والصحية في مصر وتدهور الحالة الصحية للمصريين، وأن فيروس كورونا الذي انتشر وقتها وكان يعرف باسم المتلازمة التنفسية الخاصة بالشرق الأوسط الناجمة عن فيروس كورونا (MERS-CO)، وأن ذلك الفيروس لن يكون هو أكبر المشاكل التي تواجه الشعب المصري لأن أحواله الصحية متداعية من البداية معلقًا أن هذا الفيروس سيصاب بالتسمم ويموت بسبب ما سيجده من ملوثات وأمراض في أجسام المصريين.

حكايات النوم:

يتحدث الكاتب في هذا المقال عن النوم والعادات الغريبة لبعض الناس للتخلص من الأرق، وكثرة تعاطي الحبوب المنومة التي تحتوي على مادة الميلاتونين التي تضبط إيقاعات النوم ولكن يصحو الشخص من نومه بعض تعاطي هذه الحبوب في حالة تامة من الإنهاك الجسدي، وكيف كان أساتذة اليوجا الهنود يشربون كوب من بولهم لأنه يحتوي على كمية هائلة من الميلاتونين بهدف ضبط نومهم والوصل لحالة يسمونها النيرفانا، كما ذكر إحدى التجارب التي أجراها السوفييت على أسرى الحرب والتي كانت نتائجها مروعة.

عن طب المناطق الحارة:

في هذا المقال عرف الكاتب طب المناطق الحارة أو طب الأمراض المتوطنة هو الطب الذي يتعامل مع الأمراض التي تسود المناطق الاستوائية وهذا المصطلح ليس منتشر كثيرًا في مجتمعنا، ولأن المناطق الاستوائية تتميز بجوها الحار وقلة الرعاية بها فقد انتشرت فيها الكثير من الأمراض الغريبة وكان على الطبيب المتخصص في طب المناطق الحارة التعامل مع أمراض مثل الملاريا والإيبولا والكورو (Kuru) وغيرها، وبما أن حركة الطيران جعلت العالم صغير جدا فأصبح من السهل انتشار هذه الأمراض في أماكن أخرى غير المناطق الاستوائية.

ومعظم الاكتشافات في طب المناطق الحارة كانت على يد أطباء بريطانيين، فعندما أرسلت بريطانيا جنودها لاحتلال العالم وانتشروا في رقعة واسعة من إفريقيا وجبال الهند وجزر الكاريبي بدأ الجنود بالشعور بأعراض غريبة مثل انتفاخ البطن أو ظهور دم في القيء أو الإصابة بالعمى المفاجئ أو النوم للأبد، لذا رأت بريطانيا ضرورة إرسال أطباء لفهم ما يحدث.

وذكر بعض الأطباء وحكايتهم المثيرة عن اكتشاف الكثير من تلك الأمراض مثل باتريك مانسون الذي درس الكثير من الحالات المصابة بداء الفيل واكتشف سبب انتقال المرض عن طريق لدغات البعوض المتكررة، والطبيب دونالد روس الذي ركز دراسته على الملاريا ووصل فيها لاكتشافات مهمة وأن المرض ينتقل أيضًا بسبب البعوض وأكمل من بعده السنيور جراسي الذي استطاع تحديد البعوضة التي تنقل الملاريا بصورة دقيقة وهي بعوضة الأنوفيليس بالتأكيد.

ثم ذكر دور الطبيب الأمريكي والتر ريد في اكتشاف الحمى الصفراء، وديفيد بروس الذي اكتشف البكتيريا المسببة لحمى مالطة وهي بكتيريا البروسيلا الشهيرة التي سميت على اسمه كما أنه اكتشف الطفيل المسبب لمرض النوم والذي ينتقل بواسطة ذبابة التسي تسي، والطبيب الفرنسي يرسين الذي اكتشف السبب الرئيسي لمرض الطاعون.

الأوبئة في ساحة الحروب:

ذكر الكاتب بعض الأوبئة التي استخدمت قديمًا كسلاح في الحروب وكان أقدم مثال استخدام التتار جثث الأشخاص المصابين بالطاعون كقذائف عند نفاذ مقذوفاتهم أثناء حصارهم لميناء كافا ( فيودوسيا، بأوكرانيا)، واللورد جيفري أمهيرست الحاكم البريطاني الذي كان يحارب الهنود والفرنسيين معًا ورأى ضرورة التخلص من الهنود لأنه اعتبرهم فئة متدنية غير جديرة بالاحترام ولا الحرب فأرسل إليهم بعض المفروشات والأغطية الملوثة بداء الجدري الذي كان مميتًا وقتها، وكرر الجيش البريطاني هذه الحادثة مع الأمريكين.

وفي الحرب العالمية الأولى استخدم الألمان جرثومة الجمرة الخبيثة مع الجيش الروسي، كما استخدم الإسرائيليون بكتيريا التيفود لتسميم مصادر المياة في عكا الفلسطينية.

ذكريات الطاعون:

يذكر الكاتب تاريخ الطاعون من بداية ظهور المرض وحتى انتهاءه على يد يرسين الذي اكتشف البكتيريا المسببة للمرض وبعد أعوام من اكتشافه استطاعوا الوصول إلى لقاح موفق، وقبل هذا كان الطاعون يودي بحياة الكثيرين وكان مصدر تهديد حقيقي للبشرية لذلك سمي بالموت الأسود.

الجزء الثاني، علم الفودوو:

يضم هذا الجزء مجموعة من المقالات يشير فيها الكاتب ساخرا إلى مسألة إرهاب الناس من موضوع معين عن طريق استخدام المصطلحات العلمية المعقدة التي تقوي الحجة وتجعل الكلام منطقيًا أمام الناس فيسهل تصديقه والعمل به وغالبًا ما يكون جملة هذا المنتج أو هذا التصرف يسبب السرطان متصدرة تلك الحجج الوهمية.

وكيف يعرض الإعلام الكثير من الأخبار العلمية الخاطئة والتي تتلاعب بعقول الكثيرين وعرض أخبار عن الاكتشافات الجديدة من وقت لآخر دون وجود شرح مفصل ومنطقي، ورأى الكاتب ضرورة تنمية العقلية النقدية لدى الناس فلا يجب أن نصدق كل شيء، كما عرض الكاتب علامات العالم المزيف السبع التي ذكرها العالم الأمريكي روبرت بارك في كتابه “الفودوو العلمي” وهذه العلامات تشمل:

أن يقدم الباحث أعماله مباشرة إلى وسائل الإعلام والصحافة دون عرضها على المحافل العلمية أولًا.

أن يزعم الباحث أن هناك مؤسسات كبرى تحاول سرقة أعماله واعتماده الكامل على نظرية المؤامرة.

أن العالم أجرى أبحاثه منفردًا دون التواصل مع مؤسسات بحثية كبرى.

اعتماد الكاتب على أدلة شفهية لتدعيم كلامه.

يغير الباحث بعض المفاهيم وقوانين الطبيعة حتى تتناسب مع أبحاثه.

النتائج التي يدعيها ثابته لا تتغير مع الوقت.

الرجوع للتقاليد والأفكار القديمة وادعاءه أنه يطور فكرة قديمة كانت موجودة مسبقًا.

الجزء الثالث، بعيدًا عن الطب:

يضم مجموعة من المقالات الفلسفية والخواطر الشخصية للكاتب، فيبدأ بمقال عنوانه أنت وقطة شرودنجر:
يتحدث فيه عن القرارات التي يتخذها الإنسان وكيفية تأثيرها في مجرى حياته وكيف لتصرف بسيط أن يغير حياتك بالكامل.

حتى يغادروا البيت:
يوضح التطور الذي تشهده صناعة السينما مع مرور الوقت، واستخدامهم عنصر الإبهار لحث الناس على الخروج ومشاهدة الأفلام والعروض في دار السينما بدلًا من مشاهدتها في المنزل.

لا تكن ساذجا:
يذكر الكاتب بعض الشائعات التي انتشرت في المجتمع وكيف صنعها مجموعة من البشر وصدقها آخرون حتى أصبحت شبه حقيقة عند بعض الناس.

جورج الوحيد:
يقول الكاتب أن البشر يتميزون بالتفرد واختلاف الشخصية وأن لكل إنسان نسخة واحدة فقط ولا أحد يشبه الآخر، كما ذكر رحلة العالم داروين إلى الإكوادور وانبهاره بكل أشكال الحياة التي توجد على جزيرة جالاباجوس.

المتلصص وسيد القراصنة:

مقالان يتحدث فيهم الكاتب عن بعض أنواع القرصنة، في الأول يتحدث عن قراصنة الكومبيوتر وبداية الأمر في الإعلام وفي السينما ويحكي قصة حدثت معه شخصيًا، وفي المقال الثاني يتحدث فيه عن قرصنة الأفلام الحديثة وتأثيرها على صناعة السينما.

في مصر لا تكن… المهم أن تبدو:

يسخر الكاتب من انتشار حمى المظاهر التي أصابت المجتمع المصري بداية من الأشخاص العاديين وحتى أنها وصلت لمؤسسات الدولة فلا يهم كفاءة العمل ولكن يهم أن يكون المظهر العام مبهر.

اختبار “رورشاخ” ألعاب حواة أم علم محترف؟

من الأساليب التي انتشرت في التحليل النفسي أن يضع المحلل النفسي أمامك بطاقة عليها صورة لبقعة حبر متناثرة ثم يسألك عما ترى وعادة ما تكون الأسئلة لها اجابات منطقية ومعروفة لدي المحلل النفسي، فيحاول الكاتب في المقال أن يحلل هذا الاختبار ويبين هل هو خرافة ولعب بعقول الناس أم أنه قائم على أساس علمي.

فتنة انفلونزا الخنازير وامرح مع انفلونزا الخنازير:

يضم المقالان معلومات عن وباء انفلونزا الخنازير من بداية انتشاره وطريقة تعامل الدولة مع الوباء وتهاونها في اتخاذ الإجراءات اللازمة للسيطرة على الكارثة.

ويستكمل حديثه عن تقصير الدولة في مثل هذه الحالات في مقال بعنوان “تعرف ما سيحدث؟” وينتقل في هذا المقال إلى الماضي ليوضح أثر الأوبئة على المجتمعات ويحكي كيف تعامل عمر بن الخطاب مع الأمراض الوبائية.

هبوط حاد:
يحلل فيه الكاتب وضعية الطبيب المصري التي تعتبر مأساة ويتحدث عن وفاة العديد من الأطباء في المستشفيات بسبب العدوى أو انهيارهم بسبب الضغط النفسي والجسدي وقلة الإمكانيات، وحتى عدم حصولهم على مقابل مادي مجزي.

وأخيرًا، الأستاذ مزروع هو الحل:
يذكر فيه الكاتب أستاذه للغة العربية في المرحلة الثانوية الأستاذ محمد مزروع ويحكي بعض ذكرياته معه، وكيف أثر هذا الأستاذ في شخصية طلابه وغير الكثير من مفاهيمهم، ووضع مقارنة بين التعليم قديمًا وحديثًا وكيف تحول التعليم إلى تجارة بعدما كان رسالة يؤديها المعلم، ويرى الكاتب أن الاهتمام بالتعليم وتحسين المنظمة العلمية هو الحل لمعظم المشاكل السابقة.

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص كتاب: علم المنطق، لمحمد مهران

لا شك أن كتب التعريف بعلم المنطق كثيرة ومتنوعة، ولعل كتاب علم المنطق للدكتور محمد مهران من أبسطها وأكثرها اختصارًا، وارتأينا لهذا السبب أن نقدم لكم ملخصًا يوضح أهم ما جاء في هذا الكتاب، ليكون مدخلًا يعرف القارئ بعلم المنطق في دقائق قليلة.

ما هو علم المنطق؟

يرجع أصل كلمة المنطق إلى النطق، ولا يعني هذا أن المنطق يُعنى باللفظ نفسه، إنما يهتم بالمعنى الذي يكون في أذهاننا عند النطق، وكيفية عصم أذهاننا من التفكير-ومن ثم النطق- بشكل غير صحيح ومتسق. بغض النظر عن ماهية الموضوع أو العلم الذي نتناوله في حديثنا.

يعد أرسطو أول من تكلم بعلم المنطق، واستطاع التمييز بين العلوم نفسها والطريقة التي تمكننا من التفكيرفي هذه العلوم والوصول إليها بشكل صحيح. وبناء على هذا صنف المنطق علمًا قائمًا بذاته.
أما العرب فعاملوا المنطق معاملة العلم والأداة في آن واحد. فقد وصف ابن سينا المنطق بالآلة التي تحمي الفكر من الضلال، أما الفارابي فسماه رئيس العلوم.

ماذا نعني بالمنطق الصوري؟

عندما نرى مجموعة من الكراسي المختلفة في اللون ومادة الصنع والحجم لا يمنعنا ذلك من نطلق عليها جميعًا إسم (كرسي). فما الذي اشتركت فيه تلك الكراسي وجعلها جميعًا تستحق هذا الإسم؟ إنها الصورة. صورة الكرسي، أو العلاقة بين أجزائه. والتي تشترك فيها كراسي العالم جميعًا.

وكذلك الجملة، فإن الجمل جميعًا على اختلاف معانيها لها صور وعلاقات بين أجزائها، والمنطق يهتم على وجه الخصوص في الجمل التي تحتمل الصدق والكذب، وتسمى (القضايا).
فجملة: (الأسرة نواة المجتمع)، تعتبر قضية.
وأجزاؤها هي:
-الأسرة: ونسميها موضوع القضية.
-نواة المجتمع: ونسميها محمول القضية.
-ما يربط بينهما: كلمة هي.

وهكذا فإن لهذه لقضية صورة، تشترك فيها مع قضايا أخرى باختلاف المضمون مثل: (الشمس طالعة) و(القوم غاضبون)، وتسمى هذه الصورة بالحملية.

أما صورة الاستدلال، فيمكن توضيحها بمثال:
” إذا رأيت الإشارة الحمراء يجب أن أوقف السيارة. وبما أني أرى الإشارة الحمراء الآن، وجب علي إيقاف السيارة” .

نلاحظ هنا وجود قضية أولى تدل على شرط وقاعدة مرورية معروفة لدينا قد اختبرناها، ولنسمها: (ك)، وقضية ثانية تدل على واقعة أنك ترى الضوء الأحمر في الوقت الحاضر، ولنسمها: (ق)
فما الذي ينقصنا للتأكد من وجوب الوقوف الآن؟ إنه صدق رؤيتك للضوء الأحمر.
فالصورة هنا كالتالي:
إذا كانت (ق) ، كانت (ك).
و(ق) صادقة.
إذًا (ك) صادقة.

وقد تحمل هذه الصورة حجج أخرى تتعلق بأي موضوع آخر غير المرور والسيارات، لذا فالمنطق لا يهمه الموضوع.
كما أن الصور التي تربط بين القضايا كثيرة ولا تقتصر على ما ذكرناه، ومهمة المنطق دراسة الشروط التي ترتبط فيها تلك الصور.
وليس المنطق العلم الوحيد الذي يدرس الصور والأمور المشتركة بين الأشياء، بل إن العلوم كلها تحتوي صورية، ولكن بدرجة أقل، ويمكننا القول، كلما ابتعد العلم عن الماديات كلما زادات عموميته وكان صوريًا، فيكون المنطق على قمة هرم الصورية، يليه الرياضيات. وهكذا إلى آخره.

هل المنطق علمٌ أم فن؟

من جانب، يمكننا اعتبار المنطق علمًا لأنه يضع لنا القواعد لدراسة باقي العلوم، ومن جانب آخر، يمكننا اعتباره فنًا لأنه يشكل أداة وإرشادات في تعاملنا مع أمور الحياة.

وقد نعني بالفن: المهارة في فعل شيء ما، أو: معرفة طريقة فعل شيء ما.
فإذا أخذنا بالمعنى الثان، بإمكاننا اعتبار المنطق فنًا.

لكن أرسطو اعتبر أن على الفنان إحداث التغيير في شيء ما ليكون فنانًا.
وتتضح هذه القضية في مثال الفرق بين العالم والتطبيقي، فالأول يضع القواعد، والثاني يستخدمها في إحداث التغيير.
ولما كان المنطق يضع القواعد ولا يحدث بذاته التغيير، فعله يكون علمًا أكثر منه فنًا.

علاقة المنطق باللغة

إن اللغة ما هي إلا ألفاظ وجمل بينها روابط، ولما كانت الجمل الخبرية هي القابلة للتكذيب والتصديق، فإنها كانت محل اهتمام المنطق.
وإنا نستخدم اللغة في التعبير عما يدور في ذهننا من أفكار. وكما نحتاج قواعد تقينا الخطأ في تركيب اللغة، ونسميها علم النحو، نحتاج إلى قواعد تقينا الخطأ في تركيب الفكر الذي نعبر عنه باللغة، ونسميها علم المنطق.

أما من الناحية التاريخية، فقد ربط السوفسطائيون بين المنطق واللغة ليسهل عليهم استخدام الجدل في إقناع خصومهم بحججهم. ويعتبر البعض أن أرسطو أقام تصنيفاته المنطقية بناء على دراسته للغة اليونانية. وكان لهذا الأثر على موقف العرب من قيمة المنطق، فقد ذهب فريق اللغويين منهم إلى أن المنطق بني على قواعد اللغة اليونانية، فلا قيمة له في لغة أخرى، بينما ذهب فريق المنطقيين إلى أن المنطق يهتم في المقولات ولا شأن له في اللغة، معللين ذلك بمثال أن أربعة زائد أربعة ستساوي ثمانية في جميع اللغات.

كما ذهب المناطقة إلى أن المنطق علم قائم بذاته ولا يحتاج النحو لتحقيق أهدافه، وبدورهم أنكر اللغويون حاجة النحو إلى علم المنطق.
لكن فريقًا توفيقيًا كان له الدور في حل هذا الإشكال إلى حد كبير، وانتشارعلم المنطق من بعدها عند العرب.
إذ أصر هذا الفريق على أن المنطق يهتم بالعقل، بينما النحو مجاله اللغة. وأن لكل منهما دوره الذي لا غنى عنه. وما تزال الدراسات والكتب التي تربط بين المنطق واللغة منتشرة إلى يومنا هذا، وممن ذهبوا إلى التفسير المنطقي للغة الفيلسوف الإنجليزي بيرتراند راسل

علاقة المنطق بعلم النفس

ذهب البعض إلى أن المنطق جزء من علم النفس معللين ذلك أن علم النفس يشمل التفكير كله بينما يعنى علم المنطق بالتفكير السليم. لكن هذا الرأي لم يعد معقولًا نظرًا إلى أن علم المنطق لا يهتم بالموضوعات، إنما يعنى بصورها فقط.

ومما يربط علم النفس بالمنطق أننا وفي حياتنا اليومية عندما نفكر في شتى المسائل، ونصل الى استنتاجاتنا،يكون ذلك أحيانا بفعل عوامل نفسية لا منطقية، كالرغبات والعواطف. محاولين في بعض الأحيان إضفاء الطابع المنطقي إليها؛ لذا فمن المهم التمييز بين النتائج المتوصل إليها عبر عوامل نفسية وبين تلك الخاضعة للمنطق.
وذهب شيخ المناطقة المعاصرين بيرتراند راسل إلى أن عملية الاستدلال، وهي قلب العملية المنطقية، إنما هي عملية سيكولوجية في الأساس.

علاقة المنطق بالرياضيات

تأثر فلاسفة اليونان بالرياضيات أيما تأثر، وطالما وجد ارتباط وثيق بين منطق أرسطو والصورة الرياضية كما سنبين عند حديثنا عن تطور المنطق.

من أشهر الفلاسفة الذين أرجعوا الرياضيات إلى أصول منطقية الإنجليزي (برتراند راسل) والألماني (جوتلوب فريجه)، إذ رأى أصحاب هذا الاتجاه أن المنطق والرياضيات ليسا إلا شيئًا واحد في مراحل مختلفة، فكأنما المنطق هو الرياضيات في شبابه، والرياضيات هو المنطق في شيخوخته.
فنحن نبدأ من مقدمات منطقية ثم نصل بها إلى نتائج تنتمي إلى الرياضيات، دون حد فاصل واضح. كما أن المفاهيم الرياضية-العدد على سبيل المثال- ما هي إلا مفاهيم منطقية في الأصل. وكذلك القوانين الرياضية يمكن إرجاعها إلى بديهيات في علم المنطق.

أما أصحاب الاتجاه الآخر والمسمى بالاتجاه الحدسي، فيرون أن المنطق ما هو إلا تعميم كبير للرياضيات، وأنه بذلك جزء من الرياضيات لا أساسه.

مراحل تطور المنطق

يقسم الكاتب مراحل تطور المنطق إلى ثلاث مراحل:

-المنطق التقليدي.
-المنطق الحديث، او الاستقرائي.
-المنطق الرمزي أو الرياضي.

المنطق التقليدي

يعد الفيلسوف اليوناني أرسطو الذي يعرف بالمعلم الأول، أول من أقر بوضوح مبادئ المنطق التقليدي، لا يعني هذا أننا لا نستطيع أن نلمس بوادر المنطق عند سابقي أرسطو، كالسوفسطائيين وسقراط وأفلاطون، لكن الأمر أن أرسطو أول من نظر إلى الفكر كموضوع قائم بذاته، مستقل عن فروع المعرفة، بل طريقة للوصول إلى هذه المعارف.
وقد جمع تلامذة وشراح أرسطو دراساته عن المنطق وأطلقوا عليها اسم (الأورجانون) أي الآلة، أو (لوجيكا) أي المنطق.
مثلت هذه الأفكار قمة الفكر اليوناني، وظلت أفكار أرسطو وتلامذته ومن شرحوا منطقه وأضافوا عليه، مستبدة في الحضارة الغربية لقرون طويلة، وكانت الكنيسة قد تبنتها ووافقتها مع أفكارها واستخدمتها في الدفاع عن عقيدتها. وظلت المحاولات لتجاوز هذا المنطق تبوء بالفشل أو تلقى بالهجوم. حتى كانت أول محاولة ناجحة على يد الإنجليزي فرانسيس بيكون صاحب المنطق الاستقرائي، ومن بعده الفرنسي رينيه ديكارت صاحب المنهج الاستنباطي.

ولم يقف منطق أرسطو عند الحضارة الغربية، بل إن فلاسفة الحضارة العربية الإسلامية انكبوا على ترجمة ودراسة منطق أرسطو وشرحه وتلخيصه، ومنهم ابن سينا وابن رشد والفارابي. أما الفقهاء، فمنهم من تحمس لمنطق أرسطو واستخدمه في وضع الأقيسة الفقهية، وشجع دراسته واستخدامه في الدفاع عن العقيدة الإسلامية، أي استخدام السلاح ذاته الذي استخدمه ضدها خصومها.
ومنهم من وقف من الفلسفة عمومًا والمنطق خصوصًا موقفًا عدائيًا، ووجهوا إليه انتقادات شديدة، كابن تيمية والغزالي، ويُذكر الكاتب أن الموقف العدائي لأصحاب هذا الاتجاه قد لا يكون من المنطق نفسه، بل من الأبحاث المنطقية التي تكون أشبه في المجادلات السوفسطائية.
ولم تمنع هذه المواقف على أية حال المسلمين من الاستمرار في دراسة المنطق التقليدي وشرحه والإضافة عليه.

موضوعات المنطق التقليدي:

-الحدود: وهو لفظ يمكن أن يصبح طرفًا في قضية، فنخبر عنه، أو نخبر به. وقد يكون عدة ألفاظ، فإذا قلنا: والد أحمد مسنّ. أو: حسين هو والد أحمد.، فإن (والد أحمد) يعد طرفًا في القضية.

-القضايا: وهي استخدام الحدود في تأليف جملة مفيدة قابلة للتكذيب أو التصديق، كقولنا: السيارة أمام المنزل.

الاستدلال: استنتاج قضية من قضية أخرى أو أكثر من قضية، فإذا كان الاستدلال من قضية واحدة نسميه استدلالًا مباشرًاظ

أما الاستدلال على قضية(نتيجة) من قضيتين(مقدمتين)، فنسميه القياس، وهو جوهر المنطق التقليدي. ومثاله الأشهر:
كل إنسان فان
سقراط إنسان
إذًا، سقراط فان.

ويعتمد هذا النوع من المنطق على كون المقدمات صحيحة والتوصل من خلالها إلى نتائج صحيحة، وهذا ما أخذه عليه أصحاب المنطق الحديث، اذ رأوا أنه لا يضيف معلومات جديدة إنما يعتمد في نتائجه ليس إلا على المقدمات.

المنطق الاستقرائي، أو المنطق الحديث

بدأ المنهج الاستقرائي، وهو أساس المنهج العلمي التقليدي، في القرن السادس عشر. على يد الفيلسوف الإنجليزي فرانسيس بيكون ومن بعده الفيلسوف جون ستيورات ميل. ويعتمد هذا المنهج على ملاحظة جزيئات ظاهرة ما ومن ثم الوصول بهذه الملاحظات إلى تفسيرات عامة لهذه الظاهرة. أي أن الانتقال فيه يكون من الجزئي إلى الكلي. فيكون ترتيب الخطوات المتبعة في هذا المنهج:
-الملاحظة
-فرض الفروض
-التجربة
-صياغة القانون

إلا أن هذه الخطوات لا يمكن تطبيقها في جميع العلوم، فالعلوم التي يتعذر فيها إجراء التجارب يكتفى عندها بالملاحظة.
كما أن المنهج العلمي الاستقرائي التقليدي، لم يعد يلبي احتياجات العلم الحديث، مما تطلب إضافة بعض جوانب المنهج الاستنباطي، ليصبح المنهج العلمي المعاصر مزيجًا بين الاستقراء والاستنباط، فرغم أننا ما زلنا نستخدم الملاحظة والافتراض والتجارب، إلا أن الترتيب قد اختلف، فقد لا نبدأ بملاحظة الظواهر، وإنما نبدأ بالافتراض، ثم نحاول تحقيق افتراضنا بالملاحظة والتجربة، كما أن الافتراض في المنهج العلمي المعاصر قد لا يكون بناء على ما شاهدناه بأنفسنا، وإنما استنباط من قوانين علمية سابقة.

المنطق الرياضي أو الرمزي

ليس لمنطق الرياضي أو الرمزي، في حقيقة الأمر مناقضًا للمنطق الأرسطي التقليدي،إنما هو مكمل ومطور له.
إذ يعنى المنطق الرياضي بالصور والرموز، الشبيهة منها برموز الحساب والجبر، ذلك أنه يرى أن اللغة الطبيعية التي نستخدمها يعتريها الالتباس والغموض، فذهب إلى استخدام لغة الرموز باعتبارها أكثر دقة. فهو يعبر باستخدتم رموز مثل: (س، ص،..) للتعبير عن الحدود، لتصبح القضايا أكثر وضوحًا وعمومية. ومن وأهم خصائص المنطق الرياضي:

-أنه يستخدم الأسلوب الاستنباطي، فهو يذهب إلى استنباط القوانين من المبادئ المنطقية البديهية.

-اتسامه بالصورية الخالصة، فهو يستخدم الرموز ليركز على الصور دون الاهتمام بالموضوع أو المادة.

وكان الفيلسوف الألماني (لايبنتز) قد بشر في المنطق الرياضي في القرن السابع عشر، لكن واضعه الحقيقي هو مخترع الرياضيات البحتة (جورج بول) في القرن التاسع عشر.
أما الإنجاز الأكبر في المنطق الرياضي فهو كتاب العالمين (راسل) و(وايتهيد) المسمى:(principia mathmatica) أي المبادئ الرياضية. الذي يعتبر اليوم من معالم علم المنطق.

فوائد دراسة علم المنطق

يناقش الكاتب في هذا الفصل الفوائد التي تعود على دارس المنطق من دراسته. نلخصها في النقاط التالية:

-باعتبار المنطق علمًا، فإنه يعلمنا المبادئ التي يقوم عليها الاستدلال. وباعتباره فنًا، فإنه يساعدنا في حياتنا اليومية على البرهنة على الادعاءات التي نقدمها بصورة سليمة، بالإضافة إلى تمييز مدى اتساق وكفاية الأدلة التي نواجهها عند سماع أو قراءة أي رأي أو زعم أو معتقد.

-التفرقة بين النتائج المبنية على أسباب نفسية وعاطفية، والأخرى المبنية على حجج عقلية ومنطقية.

-الوعي بمدى غموض وتركيب اللغة، وبالتالي محاولة تجنب الأخطاء اللغوية بهدف تجنب الخطأ في التفكير.

-المعرفة بالمنطق تقود إلى معرفة المبادئ العملية مناهج البحث العلمي.

مشروع نادي قراءة الأكاديمية بوست

مشروع نادي قراءة الأكاديمية بوست

يقول نجيب محفوظ أن ” قارئ الحرف هو المتعلم وقارئ الكتب هو المثقف” فتعتبر القراءة من أهم وسائل التعلم وأكثرها متعة، تزيل القراءة حواجز الزمان والمكان وتتيح للقارئ الاطلاع على الثقافات المختلفة وتفتح له آفاق أوسع وأشمل، وبالإضافة للمعلومات التي يتلقاها القارئ فإن القراءة تساعده على اكتساب لغة جديدة أو تحسين لغته الأم واكتسابه مفردات أكثر يستطيع من خلالها التعبير عن نفسه أو عما حوله بشكل أدق، كما تستخدم القراءة في العلاج النفسي تحت مسمى (الببليوثيرابيا -Bibliotherapy) ونشرت الكثير من الدراسات حول استخدام القراءة في العلاج النفسي وتأثيرها الإيجابي على نفسية المرضى وتغيير نمط سلوكهم إلى نمط أكثر اتزانًا وتغيير أفكارهم السلبية، فكان لها دور في علاج الأفراد الإنطوائيين مثلًا، كما أن معظم مراكز التأهيل النفسي والإصلاح تحتوي على جزء خاص بالكتب يستخدم كجزء من استراتيجيتها المتبعه لتأهيل الأفراد، كما أنها تستخدم لدعم الطلاب الموهوبين وتنمية مواهبهم.

كما تساعد القراءة على اكتساب مهارات كثيرة من أهمها مهارة التفكير، فأكدت الكثير من الدراسات قدرة القراءة على تنمية المهارات الفكرية لدى القراء واتساع مداركهم وتغيير طريقة نظرتهم للكثير من الأمور التي كانت مألوفة بالنسبة لهم، كما أن القراءة تنمي مهارة التفكير النقدي وتطور قدرة القراء على التحليل الموضوعي للحقائق وتفسير البيانات واستخلاص النتائج بصورة منطقية وسليمة، وتقويم الأحكام والحجج.

وتعتبر القراءة النقدية من أهم مهارات التفكير النقدي وتساعد القارئ على استنتاج هدف الكاتب من النص المقروء والتمييز بين الحقائق والآراء، وتمكين القارئ من التمييز بين المنطقي والغير منطقي فيما يقرأه، واستطاعته على معرفة مدى تحيز الكاتب لأفكاره، كما أنه يتعلم مهارة انتقاء الحقائق والآراء السليمة، فالقراءة ليست فقط وسيلة من وسائل الامتاع أو استغلال وقت الفراغ ولكنها تعمل على بناء العقل والتفكير من جديد وتبني شخص مختلف تماما عن ذلك الذي كنت تظن أنه أنت.

وتعتبر نوادي القراءة من أهم الطرق للتشجيع على القراءة فقررت الأكاديمية بوست أن تقوم بدورها هي الأخرى وإقامة نادي القراءة الخاص بها كمبادرة منها على نشر الوعي بأهمية القراءة وما تعود به بالنفع على جميع الفئات العمرية وتتمركز أهدافه حول الآتي:

أهداف مشروع نادي قراءة الأكاديمية بوست :

تشجيع أعضاء النادي على القراءة الفعالة وإعطاءهم فرصة على استغلال وقت فراغهم فيما يفيد.
تناول جوانب مختلفة في الحياة والعمل والنفس البشرية من خلال قراءة الكتب.
تنمية مهارات التفكير النقدي لدى الأعضاء.
الحث على روح النقاش الحضارية والبناءة واكتساب الأعضاء مهارة الحوار.
اتاحة فرصة للأعضاء لتبادل الأفكار ووجهات النظر بصورة منظمة حتى يتمكنوا من الوصول إلى الاستفادة القصوى من المناقشة.
العمل على تطوير قدرات الأعضاء على التواصل.
مساعدة الأعضاء على اكتساب مهارة التعليم الذاتي من خلال القراءة.
مساعدة كل عضو على إيجاد شغفه وتنمية ميوله.
تنمية مهارة التحليل والتلخيص لدى الأعضاء.

للاطلاع على بعض ملخصات كتب

ملخص “ثلاثية غرناطة” للكاتبة رضوى عاشور

ملخص “ثلاثية غرناطة” للكاتبة رضوى عاشور

تعد ثلاثية غرناطة من أهم وأشهر أعمال الكاتبة والناقدة الشهيرة رضوى عاشور، درست رضوى عاشور في جامعة القاهرة وحصلت منها على ماجيستير في الأدب المقارن ثم انتقلت إلى جامعة ماساتشوستس للحصول على الدكتوراه، ثم عملت أستاذة جامعية في جامعة عين شمس ولها الكثير من الأعمال اللامعة في مجال الرواية مثل الطنطورية وقطعة من أوربا وفرج وأثقل من رضوى وتقارير السيدة راء ورأيت النخيل وسراج والطريق إلى الخيمة الأخرى (دراسة في أعمال غسان كنفاني) وغيرها الكثير من الروايات الفريدة من نوعها.

تضم الثلاثية ثلاث روايات مرتبطة ارتباطًا وثيقًا ببعضها البعض تبدأ برواية غرناطة التي تم نشرها عام 1994 وحازت على جائزة أفضل الكتب في مجال الرواية لعام 1994 من معرض القاهرة الدولي للكتاب.

وتمر برواية مريمة التي نشرت عام 1995 في كتاب واحد مع الجزء الأخير من الثلاثية رواية الرحيل، حصلت الثلاثية على الجائزة الأولى للمعرض الأول لكتاب المرأة العربية عام 1995، تروي الكاتبة في الثلاثية عن سقوط الأندلس في القرن الخامس عشر الميلادي، تعدد فيها الكاتبة المأساة التي عاشها أهل البلاد بعد أن سلمها ملكهم أبي عبد الله الصغير للقشتاليين، بداية من التسليم وحتى صدور أمر الترحيل الجماعي للأهالي خارج البلاد.

استطاعت رضوى عاشور دمج الخيال بالواقع فدمجت حياة عائلة أبي جعفر الخيالية مع الأحداث التاريخية والوقائع التي حدثت في تلك الحقبة لتضيف على التاريخ الصامت فيض من المشاعر الجامحة التي تعيشها تلك العائلة في ظل الظروف القاسية تحت حكم القشتاليين، وتتابع الأحداث مع أجيال تلك العائلة بداية من الأجداد وحتى أحفاد الأحفاد، بداية من السقوط وحتى الرحيل.

تصف الكاتبة الحياة القاسية التي عاشها أهل البلاد بعد سقوطها محاولين التمسك بدينهم وعاداتهم وتقاليدهم ولغتهم الأم، فُحكم عليهم بالتنصر الإجباري ولكنهم استطاعوا معايشة الوضع وإقامة شعائرهم في الخفاء بعيدًا عن عيون القشتاليين، وكذلك كان القشتاليون ينفذون الأحكام على من يخالف قوانينهم بمنتهى القسوة سواء بالحرق أو الشنق أمام أعين الناس.

حاولوا طمس كل ما يتعلق بحياتهم السابقة وإجبارهم على حياة جديدة غريبة عليهم محاولين سلخهم من جلودهم وأرواحهم، وصفت انتهاكهم لحرمات البيوت وعدم تفريقهم في العقاب بين رجل أو امرأة أو حتى طفل صغير فالكل ينال العقاب والكل مذنب، وفي النهاية أجبروهم على الرحيل عن بلادهم وترك دورهم وحياتهم وأرواحهم خلفهم ولا أمل في الرجوع.

ملخص رواية “غرناطة”

ملخص رواية “مريمة”

ملخص رواية “الرحيل”

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص رواية “الرحيل” للكاتبة رضوى عاشور

ملخص رواية “الرحيل” الجزء الأخير من ثلاثية غرناطة للكاتبة رضوى عاشور

“كل شيء في هذه الحياة مقدر، وكل خطوة نخطوها مكتوبة في اللوح المحفوظ”
رضوى عاشور، ثلاثية غرناطة

خرج علي من غرناطة قاصدًا عمته التي تعيش في بالنسية ولكن عند وصوله علم بأمر رحيلها إلى الجعفرية فاتجه إلى هناك ولكن وجدها قد رحلت هي وعائلتها إلى فاس فاقترح عليه شيخ القرية عمر الشاطبي بالبقاء معهم فوافق، وعاش بينهم يزرع الأرض ويعلم الصغار اللغة العربية، تمر الأيام طبيعية على أهل القرية حتى يأتي الصيف ويأتي معه المحققون ليتأكدوا من تنفيذ الأوامر والقاء الأوامر الجديدة على مسامع الأهالي وفي أثناء الزيارة يتخذ أهالي القرية كل الاحتياطات اللازمة فيخفون الكتب والمصاحف والملابس العربية وتتوقف دروس الصغار ويمنع ذبح الأغنام وتتأجل الأعراس وحفلات الطهور، يحذرون الأطفال من الكلام ويتملكهم الرعب حتى تنتهي الزيارة بسلام.

وفي يوم أخبر وكيل القرية الأهالي أن الدوق صاحب الأرض التي يزرعونها سيأتي مع عائلته ليمكث في القرية بعض الوقت، ومع كل البغض والكراهية التي يكنها أهل القرية للدوق إلا أنهم لم يمتلكوا سوى الترحيب به، وعند وصوله طلب كبار القرية للحضور عنده وأعلمهم بأنه يريد زيادة الضرائب على الأهالي، وعندما علم الأهالي بتلك الأوامر تملكهم الغضب فهم بالفعل يدفعون ضرائب كثيرة ويدفعون إيجار ويعملون يوم في الشهر بدون مقابل يسمونه يوم السخرة ويدفعون جزء للملك وجزء للكنيسة، اعترض أهل الجعفرية وامتنعوا عن العمل وتجمهروا أمام قصر الدوق، فخرج الدوق إليهم وسمع مطالبهم وأذعن لها ورحل عن القرية وبعد أربعة أيام داهم القرية مائة جندي اقتحموا حرمة البيوت وأشاعوا الفوضى وذهبوا من القرية مخلفين وراءهم ثلاثة قتلى وعشرات المجروحين واقتادوا الكثير من الشباب إلى السجن.

كانت الأيام بعد تلك الواقعة تمر ثقيلة على أهل القرية حتى أخبرهم عمر الشاطبي أن فرنسا تعد العدة لغزو البلاد وطرد القشتاليون منها وأن أهل البلاد لديهم النية لمساعدة الفرنسيين حتى يتخلصوا من تلك المأساة التي يعيشونها، وذات صباح نزل القرية مبعوثون من الدولة يحملون دفاتر كبيرة يحصون فيها أسماء كل القاطنين بالقرية، فتوجس أهل القرية خشية أن تكون الأنباء قد تسربت عن نيتهم لمعاونة الفرنسيين، أحصى موظفو الدولة أسماء العائلات وعدد أفرادها وجمعوا كل الأسلحة التي وجدوها مع الأهالي من لم يجدوا لديه سلاح كتبوا أمام اسمه أنه لا يمتلك، وسألوا عن الحوامل من النساء وسجلوا في القوائم الأجنة في البطون ثم غادروا.

ضحك أهل القرية واحتلفوا عندما علموا أن ذلك التعداد لم يكن إلا لفرض المزيد من الضرائب عليهم، فهم لم يعطوا الموظفين المعلومات الصحيحة عن عدد الشباب أو الاعمار حتى لم يسلموهم كل الأسلحة.

اجتمع عمر الشاطبي مع ستة وستين من فقهاء ووجهاء بالنسية وحددوا خمسة مفوضين يتحدثون باسمهم وأعطوا مبعوث الملك الفرنسي مقدارا من الذهب إسهاما في الحملة واختاروا الشباب الذين سيذهبون معهم للقتال ومن ضمنهم كان علي.

مرت الأيام والأهالي منتظرين قدوم الحملة ولكنها لم تأتي ثم علموا بعد ذلك أن مبعوث الملك الفرنسي لم يرجع مرة أخرى وأن السلطات قبضت على بعض الرجال الذين حضروا الاجتماع مع عمر الشاطبي الذي مات كمدا بعد وصول الخبر إليه، ثم صدر قرار الترحيل إلى الشواطئ المغربية لكل أهل الجعفرية بعد موت عمر الشاطبي بعام واحد ومصادرة الدور والأرض.

تم تنفيذ قرار الترحيل ورحل علي مع أهل الجعفرية وانتظر معهم على الشاطئ حتى تأتي السفينة التي ستحملهم جميعا، وفي أثناء انتظاره غفا لبعض الوقت ورأي جدته مريمة في المنام وعندما استيقظ حسم أمره وأدار ظهره للبحر وركض مبتعدًا عن الجمع وهو يتمتم ” لا وحشة في قبر مريمة”.

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص رواية “مريمة ” للكاتبة رضوى عاشور

ملخص رواية “مريمة ” الجزء الثاني من ثلاثية غرناطة للكاتبة رضوى عاشور


“ لكل شيء في هذه الدنيا علامة قد لا يفهمها الإنسان أبدًا وقد يفهمها بعد حين”
رضوى عاشور، ثلاثية غرناطة

رأت مريمة في منامها جسمًا متوهجًا حسبته القمر ولكنه كان كبيرًا ومضيئًا ولم يكن القمر، فما لبثت أن ذهبت إلى عرافة البلدة التي بشرتها بخير قادم للبلاد، انتشر خبر رؤيا مريمة بين النساء يتداولنه عند الفرن ومضخات المياه كما لو أن اليأس الذي يعشنه جعلهن يتعلقن برؤيا مريمة كتعلق الغريق بالقشة.
تزوج هاشم بن مريمة وحسن عائشة ابنة سليمة وما تبقى من ذكراها وأنجبا طفلًا يسمى علي، وفي يوم رأت مريمة سليمة في المنام وهي تحمل ابنتها عائشة وهي وليدة وتذهب وبعدها ماتت عائشة وهجر هاشم البيت إلى الجبال بسبب معاملة حسن القاسية له وتكفلت مريمة برعاية علي.
أثناء عودتها رأت علي يلعب مع الصغار فأقبل عليها فرحًا فأعطته الحلوى التي قد اشترتها له سابقًا فأخبرها الطفل بوجود رجل غريب في بيتهم يدعى نعيم، فتفاجأت بعودة نعيم الذي سافر مع القس الذي كان يعمل عنده منذ زمن بعيد وعندما دخلت المنزل رأت رجل غريب رث الهيئة يجلس مع حسن وبعد سؤاله عن سعد وسليمة تأكدت أنه هو نعيم وأخذت علي وخرجت خشية أن يحكي حسن أمامه كيف مات سعد حزنًا وكمدًا بعدما رأى سليمة تحترق وسط النار.

لم تكن عودة نعيم سهلة فقد عاد بعدما قتل القشتاليون زوجته وهي تحمل في بطنها طفلهما وحرقوا منزله، رجع نعيم وقد احترق قلبه على ما أصابه وجد غرناطة غير غرناطة التي يعرفها ولم تكن تلك البيازين التي عهدها قبل سفره، أخذ نعيم علي في جولة في البلدة واشترى له الحلوى وحصانًا خشبيًا وظل يناديه بهلال ذلك الاسم الذي كان سيطلقه على ابنه عندما يولد.

بعد أن أتم علي السابعة زاد قلق جده حسن بسبب ما يتعلمه الفتى في المدرسة ورأى ضرورة تعليم الفتى العربية وإطلاعه على السر وتعليمه قراءة القرآن، لكنه خشي أن يلحقه بتلك الحلقات التي يجريها الفقهاء سرا وآثر أن يظل بعيدا هو وعائلته عن المشاكل وقرر تعليم الفتى بنفسه، كان علي يتعلم بسرعة ما يلقيه عليه جده ويستمتع بالتعلم واخفاء السر عن جدته ونعيم.

قرر حسن الرجوع إلى بيت عين الدمع متعللًا بأن الجو في البيازين أصبح خانقًا وجو عين الدمع ألطف بكثير، وعندما وصلوا وأثناء انشغال مريمة بالتنظيف ونعيم بجمع الثمار من على الشجر نادى حسن على علي وأعطاه مفاتيح السرداب المكدس فيه تلك الكتب التي ظلت مخفية عن عيون القشتاليين لسنوات وأمره بالنزول إلى السرداب ورؤية ما فيه، ظن علي أنه سيجد كنزا مخبأ بالأسفل ولكن لم يجد غير الكتب فأصابته الخيبة حتى قصة تلك الكتب لم تبدد إحساسه بالخيبة.

لم يمر الكثير من الوقت حتى أفصح حسن عن رغبته في العودة إلى بيت البيازين لأنه يريد الموت هناك وما إن وصلوا حتى مرض حسن وظل يهذي ويخلط بين مريمة وسليمة وبين علي وسعد حتى مات، وقبل أن يمر أربعون يوم على موت حسن فتبعه نعيم ومات وهو الآخر بدون أن يمرض حتى.

عندما بلغ علي الثالثة عشر عرض جارهم إرناندو بن عامر على مريمة أن يعمل علي لديه في الحانوت ويتعلم حرفة صناعة المشغولات الخشبية مع ابنه خوسية فحسمت مريمة أمرها وطلبت من إرناندو أن يقبل بابن صديقة لها تدعى فضة يكبر علي بعامين فوافق، وعندما أصبح الصبح انطلق علي وخوسية وابن فضة إلى حانوت إرناندو والذي سلمهم إلى كهل أسمر يدعى صديق ليعلمهم الحرفة، أحب علي عمله كثيرًا وأتقنه وارتفعت مكانته أيضًا عندما علم العمال في الحانوت أن علي يستطيع قراءة وكتابة العربية تلك اللغة التي حكم عليها الفناء في بلاد يحكمها غرباء، فأصبح علي محط اهتمام الجميع واستعانوا به لقراءة الخطابات التي تأتيهم من أقارب أو أحباب أو قراءة حجة منزل أو كتاب قديم.

ظلت الأمور هادئة حتى سار موكب القضاة في المدينة يحظرون على الناس استخدام اللغة العربية في الكتابة والتخاطب أو حتى الاحتفاظ بألقاب عربية كما أمروا بترك أبواب الدور مفتوحة أيام الأعياد ويوم الجمعة ليضمنوا التزام الناس بالأوامر، كما أنهم أمروا بأن على نساء غرناطة التخلي عن ملابسهم التي تغطي كل الجسد وارتداء ملابس مثل القشتاليين.

وفي يوم انطلق علي إلى عمله كالعادة وجد الجنود يطوقون البيازين ولم يعلم أهل البيازين السبب حتى علموا بأمر اندلاع الثورة في البشرات وأن الثوار عينوا حاكم في الثانية والعشرين من عمره كان يسكن البيازين يدعى محمد بن أمية فعم الفرح الأهالي ووزعوا الحلوى.

أوجعت ثورة البشرات القشتاليين كثيرا فمروا بالبيوت يفتشونها ويسرقون منها وقتلوا أكثر من مائة من وجهاء البيازين الذين قبضوا عليهم قبل عام من الثورة بلا سبب صريح، ولم يمر الكثير من الوقت حتى أتى الخبر بالهزيمة والأسر الجماعي لأهالي البشرات، رأى علي النساء يبعن في ساحة باب الرملة عاريات أو شبه عاريات ورأى الرجال مقهورين مكبلين بالقيود والخيبات.

أصاب مريمة المرض وظلت راقدة في الفراش لا تقو على الحركة وانقطعت عنها الأخبار التي كانت تتبادلها مع الجارات، حتى أتت لها فضة تخبرها بهروب ابنها من البلدة بعد صدور قرار الترحيل لكل رجال البيازين من يزيد عمره على أربعة عشر عامًا ويقل عن الستين ولا يبق في البلاد إلا من ترى فيه السلطات مصلحة أو يحمل تصريح من السلطات بالبقاء، وأخبرتها أن إرناندو استطاع أن يستخرج لنفسه ولابنه ولعلي تصريحات بالبقاء.

لم تستطع مريمة البقاء في الفراش أكثر وعادت إلى جلستها المفضلة أمام البيت لتستعلم عن الأخبار، وأتى إلى البيازين بعض الأرامل من البشرات يحملن صغارهن ناجيات من بطش القشتاليين، يحكين عن المجازر التي حدثت في البشرات والخراب الذي لحق البلاد وعن مقتل محمد بن أمية على يد حراسه الخونة وعين الثوار مكانه ملكا يدعى عبد الله.

وفي يوم أتى علي بخبر الأوامر التي صدرت بترحيل الأهالي من غرناطة إلى قرطبة وأن على الجميع التجمع في ساحات الكنائس الأقرب إليهم، فصرحت مريمة أنها لن تترك البيازين مهما حدث، فانتظر علي نومها وجهز كل شيء وانتظر الفجر ثم أيقظها وأطعمها وأقنعها أن السلطات تريد رؤيتها حتى يقتنعوا بعدم قدرتها على الرحيل فيتركونها، ولكن وضعها علي أمام الأمر الواقع أنهم مجبرون جميعًا على الرحيل وتحركوا بعيدًا عن غرناطة وسط بكاء الشيوخ ونحيب النساء، سمح لهم الجنود بالتوقف في منتصف الطريق للراحة وقضاء الحاجة، مضت الأيام الثلاثة الأولى بسلام حتى فقدت مريمة قدرتها على المشي فحملها علي على ظهره وظلت تسكب الدموع دون توقف وفي الليلة الرابعة أصابتها الحمى ثم ماتت في العراء، حسم علي أمره على الهرب واستطاع قتل الحارس والسطو على حصانه والابتعاد عن مسار القافلة واسمى حصانه الجديد حجاب.

ظل في طريقه يمر بالجبال الوعرة والقرى القفر حتى رأى من بعيد خضرة يانعة وطيف امرأة أسكنته كوخها وظل عندها حتى الشتاء وعندما هل الربيع نوى الرحيل واتجه إلى غرناطة شاهد عمائرها من بعيد ولكن آثر أن يظل بعيدا فمكث في قرية قريبة مهجورة وتعرف على رجل يدعى روبرت البطل آنس وحشته مدة عامين حتى حسم علي أمره واتجه إلى غرناطة.

عند وصوله التقى بخوسية بن إرناندو والذي ساعده واستخرج له أوراقا تمكنه من البقاء وورقة تنص على أن علي يعمل لدى خوسية، وأسر له أيضًا أنه يمكن أن يعيد له بيت البيازين ولكن على شرط أن يوقع له على صكوك بيع بيت البيازين وبيت عين الدمع وأن يسكن في الأول بإيجار زهيد فوافق علي على مضد ولكنه شرط أن يأخذ الكتب التي تركها جده في بيت عين الدمع ووافق خوسية، رجع علي ليعيش في بيته في البيازين ويعمل عند خوسية حتى وقعت مشاجرة بينه وبين أحد النصارى الذين سكنوا البلاد ووقف أمام القاضي الذي أخبره بأن أباه قاطع طريق ولكنهم لم يجدوا في سلوك علي أي شيء يستدعي الشك لذلك سيحتجزونه بعض الوقت ثم يفرجون عنه كإجراء احترازي، استمر بعض الوقت هذا إلى ثلاث سنوات وخمسة أشهر وأربعة أيام.

وبعد خروجه وجد علي خوسية قد استولى على البيت وطرده من العمل، ولكنه هدد خوسية بالقتل فأعاد له مفتاح البيت وزارته الخالة فضة وعلم منها كيف وجدوا عبد الله في غرناطة ومثلوا بجثته فوضعوا جثته على بغلة في موكب كبير يحيط به الطبل والزمر ووراءه أسرى البشرات في صفوف وبعدها قطعوا رأسه وعلقوا جثته لأشهر عديدة.

علم علي من أحد الشباب الذين عمل معهم في حانوت خوسيه أن خوسية يدبر له مكيدة وسوف يلقي إليه تهمة الهرطقة والكفر، فلم يجد علي بد من الهرب ولكن قبل هروبه جمع الكتب ووضعها في صندوق جدته مريمة وأمسك الفأس وحفر في الفناء ودفن فيه الصندوق وحمل أغراضه وغادر البيت دون أن يلتفت وراءه.

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص رواية “غرناطة” للكاتبة رضوى عاشور

ملخص رواية “غرناطة” أولى روايات ثلاثية غرناطة للكاتبة رضوى عاشور

“والقلب في بيت القلب يعتصر كأنما تقبضه يد الموت ويموت”
رضوى عاشور، ثلاثية غرناطة

يرى أبو جعفر من بعيد فتاة عارية تهرول في اتجاهه وهو في طريقه إلى حانوته وكان سواد الليل لا يزال قابعًا على المدينة والشارع مهجور والحوانيت مغلقة فظن أبو جعفر في بادئ الأمر أنها رؤيا من رؤى الخيال ولكن سرعان ما تبددت شكوكه باقتراب الفتاه منه فخلع ملفه الصوف ولف جسدها به ولكن الفتاة لم تعره أي اهتمام ومضت في طريقها كالمحمومة.

كان أبو جعفر أحد سكان البيازين يعمل وراقًا ويمتلك حانوت في حارة الوراقين لنسخ الكتب وكتابة الوثائق وغيرها من الأعمال الورقية، وصل أبو جعفر إلى حانوته بعد حادثة الفتاة واجمًا يلتهمه الصمت حتى أنه لم يلق التحية على نعيم ذلك الفتى الذي وجده وهو صغير وتكفل به وأعطاه عملا في الحانوت، وظل مطرق الرأس غارق في أفكاره حتى انقضى النهار وذكرى تلك الفتاة لم تفارقه بل كانت تثير في نفسه خوفًا واضطرابًا.

في اليوم التالي سمع أبو جعفر خبر غرق موسى بن أبي غسان في نهر شنيل فراودته ذكرى الفتاة من جديد وظل في حيرته أيامًا معدودة حتى أتى له نعيم بخبر اكتشافهم لجثة فتاة عارية غارقة في نهر شنيل، فأدرك أبو جعفر أنها كانت إشارة صادقة على مُر الأيام القادمة.

ظلت غرناطة والبيازين في اضطراب ثلاث ليال متوالية بسبب خبر غرق موسى بن أبي غسان، وتعددت الأقاويل حول موته ولكن وصل لأهل البلاد خبر اختلاف موسى بن أبي غسان مع ملك البلاد أبو عبد الله محمد الصغير حول أمر القشتاليين ورغبتهم في البلاد فأراد موسى بن أبي غسان القتال ولكن أبو عبد الله أراد المعاهدة وتسليم البلاد للقشتاليين فخرج موسى بن أبي غسان غاضبًا من المجلس وبعدها أتى خبر غرقه.


انقسم أهل البلاد حول مؤيد ومعارض للمعاهدة فظن بعضهم أنها تحفظ حقوقهم والبعض الآخر رأى أن لا خير في بلاد يحكمها غرباء، مرت الأيام ثقيلة بطيئة على الأهالي وفي يوم قام أبو جعفر من نومة مفزوعًا على صوت أحد حراس الحمراء يركض في الطرقات ويصرخ بكلام غير مفهوم والذي أيقظ أبو جعفر أيقظ سعد أيضًا وهو فتى من مالقة تركها بعد أن قضى عليها الحصار وأتى إلى البيازين بحثا عن عمل وحياة جديدة فعند وصوله التقى أبي منصور صاحب حمام البلدة فأرسله إلى أبي جعفر ليجد عملًا عنده فكفله أبو جعفر هو الآخر، استيقظ سعد ولم يستطع النوم من جديد وظل يفكر في ذلك الصوت الذي أيقظه حتى الضحى، رأى سعد جنودًا قشتاليين يرفعون صليبًا فضيًا كبيرًا فوق برج الحراسة ثم رفعوا علم قشتالة وصاحوا بلغة أعجمية لم يفهم منها سوى اسمي فرديناند وإيزابيلا وأطلقوا الطلقات احتفالًا، فركض سعد كالممسوس صائحًا “دخلوا الحمراء رأيتهم”.

كان أمر المعاهدة السرية بين أبي عبد الله والقشتاليين قد افتضح، فقد سلمهم مفاتيح البلاد مقابل ثلاثين ألف جنية قشتالي وضمان حقه الأبدي في أملاكه، عاش الأهالي والمرارة في حلوقهم تقضي عليهم الأفكار المُرة حول مصيرهم وهم يرون الهجرة الجماعية للأشراف وعلية القوم وهرج ومرج في البلاد وتنصر الأمراء المفاجئ.

في يوليو 1499 وصل الكاردينال خيمينيث البلاد وحاول التودد إلى الأهالي وأغدق عليهم الكثير من العطايا وأمر المنادي أن ينادي في الناس أن الكاردينال خيمينيث سوف يفرج عن حامد الثغري وهو أحد أشجع الفرسان الذين حاولوا الدفاع عن البلاد بعد المعاهدة ولكن لم يحالفه الحظ وألقوا القبض عليه وأكمل المنادي أن من يريد رؤيته عليه التوجه إلى ساحة مسجد البيازين الذي حولوه إلى كنيسة سان سيلفادور، تجمع الناس في باحة المسجد وعلى رأسهم أبو جعفر بصحبة سعد، ظهر الكاردينال وجلس في الرواق على كرسيه الفخم وأشار للحراس فأتوا برجل شديد النحول بملابس رثة مقيد اليدين والقدمين مطأطئ الرأس، فبدأت الهمهمات تتعالى والصدمة بادية على الأهالي، فأمر الكاردينال بفك قيوده وأمره بأن يقص على الناس ما رآه في الحلم ليلة أمس فتكلم الرجل بصوت متهدج ثقيل وقال أنه رأي هاتف يخبره أن الله يريده أن يتنصر ساد الصمت وجفل الناس ونظر سعد إلى أبي جعفر فوجد دموع غزيرة تغرق جبينه فحاول أن يحثه على الرحيل ولكنه أبى وبعد قليل أتى الحراس بحامد الثغري مرة أخرى بعد أن لبس ثوبًا حريريًا واغتسل، اتجه إلى الكاردينال وبدأت طقوس تعميده.

لم يفق الأهالي بعد من واقعة حامد الثغري حتى انتشر خبر أن القشتاليين يجمعون كل الكتب من المساجد والمدارس ويأخذوها إلى مكان غير معلوم، استمر الأمر طوال إسبوع حاول خلاله أيضا الأهالي الحفاظ على ما تبقى لديهم من كتب وخبأوها في أماكن بعيدة مثل الكهوف أو البيوت المهجورة وسراديب المنازل كما أخذ أبو جعفر كل الكتب التي بحوزته وخبأها في سرداب بيته في عين الدمع.

وفي يوم دخل نعيم مهرولًا على أبي جعفر صائحًا أنهم يكدسون الكتب في ساحة باب الرملة وسيحرقونها، لبس أبو جعفر مركوبة وانطلق وراء نعيم وتبعته حفيدته سليمة، اجتمع الناس في ساحة باب الرملة صامتين يشاهدون العربات التي تحمل الكتب وفوقها الحراس يلقون بالكتب والمصاحف الكبيرة على الأرض لتشكل كومة ضخمة ثم قاموا بحرقها جميعًا، كان أبو جعفر مصعوقًا من المشهد يتمزق قلبه على تراثهم الذي أصبح رمادًا.

هام أبو جعفر على وجهه مفطور القلب حزين وعقله متوقف عن التفكير ولم يعد إلى البيت إلا في نهاية اليوم ورقد في فراشة ومات، أرقد موت أبي جعفر سليمة في الفراش تعاني الحمى أيامًا كثيرة وعندما تعافت أخبرتهم أنها ستذهب لتعيش في بيت عين الدمع وإن لم يأتوا معاها ستذهب بفردها فلم يكن أمامهم سوى إطاعتها، وما إن وصلت حتى نزلت إلى السرداب وأعادت ترتيب المكان وإعداد قائمة بأسماء كل الكتب الموجودة.

توالت المصيبة تلو الأخرى على رأس أهل غرناطة فبدأت الأمور بحادثة في ساحة البنود التي تتفرع منها الطرقات حيث كانت فتاة تسير بمفردها اعترض طريقها شابان قشتاليان حاولت الهرب منهما لكنهما لحقا بها وما إن صرخت الفتاة حتى أوسعوها ضربًا وسمع الصراخ أربعة من شباب غرناطة تعرفوا على الشابين أحدهم مفوض الشرطة والآخر خادم الكاردينال فاشتبك معهما شابان وأخذ الشابان الآخران الفتاة إلى أقرب بيت، هرب مفوض الشرطة فتبعه أحد الشباب وكاد يمسك به حتى ألقى أحد على رأس مفوض الشرطة حجرًا من النافذة فمات، أفزعت الحادثة الأهالي وأغلقوا أبواب المدينة واتجه عدد من الشباب لمحاصرة قصر الكاردينال حتى تفاوض معهم الكونت تانديا وأمرهم بالعودة ووعدهم أن يأتي إليهم للمفاوضة وهددهم بإبادتهم عن آخرهم لو ظلوا على موقفهم.

وقبل طلوع الفجر نادى المنادي أن مسجد البيازين رجع مسجدًا مرة أخرى وأن من حقهم الصلاة فيه فاتجه الجميع لصلاة الفجر وبعد الصلاة بدأت المناقشات وانتهت قرب الظهر بتعيين أربعين شخص ليكونوا الحكومة المفوضة من الأهالي، وبالفعل أتى الكونت تانديا بصحبة الأسقف تالافيرا كبير الأساقفة وأعلن أنه سينقل زوجته وأولاده ليعيشوا في البيازين ليضمن الأمان للأهالي بشرط أن يعودوا إلى أعمالهم ويفتحوا الأبواب، فقبل الأهالي ولكن طالب القشتاليين بقاتل مفوض الشرطة فوعدهم القاضي بتسليمه وحدث بالفعل ولكنهم قبضوا على ثلاثة غيره وتدلت أجساد الشباب الأربعة من المشانق أمام أعين الناس، وكان واضحًا أن الضربة القادمة ستكون من حظ حكومة الأربعين فهربوا إلى جبال البشرات.

بعد موت أبو جعفر طلب سعد من أبي منصور أن يطلب له يد سليمة ووافقت وتم العرس وسط صخب الأهالي وفرحتهم، ظلت سليمة تلح على سعد أن يحكي لها عن أهله وحياته في مالقة فظل يحكي لها على مدار ثلاث ليال متواصلة، شرع يحكي عن أبيه صانع الحرير وأمه وأخته التي تصغره بأربع سنوات، حكى لها عن حصار مالقة وسقوطها وكيف كان القشتاليون يقصفون المدينة بكرات اللهب والرخام والمدافع اللمباردية وصوتها المفزع الذي يهز القلوب ويميتها واقتحامهم للمدينة وتوزيع الأجراس والصلبان على المساجد ومنعهم للآذان والصلاة، وكيف عاشوا في قحط وجوع لأيام عديدة وعندما أمر الملكين الكاثوليكيين بتوزيع حصص القمح على الأهالي كان جده قد مات جوعًا وكمدًا، حكى لها كيف سرق القشتاليون الأهالي في صورة فدية يجمعونها منهم وبعدما أخذوا كل ممتلكاتهم أخبروهم أن الفدية لم تكتمل وسيأخذون باقيتها عبيدًا منهم وأغلبهم من النساء وكانت أم سعد واحدة منهن.

تزوج حسن أخو سليمة وحفيد أبي جعفر من مريمة تلك الفتاة التي شاهدها مع أبيها في الخان يعزفون، كان أبيها يعمل منشدًا قبل دخول القشتاليون فبعد دخولهم منعوا الإنشاد نهائيًا فعمل أبوها عازفا هو وأولاده، تزوجها حسن وانتقلت مريمة إلى بيت أبي جعفر هي وصندوقها الخشبي المميز، مرت الأيام وظلت أم حسن تتبرم وتشتكي من مريمة وإهمالها العمل في البيت وجلوسها المستمر مع سليمة التي تعلمها الكتابة أو تجلسن متجاورات سليمة تقرأ ومريمة تطرز الملابس لوليدها ووليد سليمة.

كانت الحياة تمر في بيت أبي جعفر صعبة ولكنها تمر حتى وضعت سليمة مولودها فصدر أمر من الملكين الكاثوليكيين بالتنصر القسري لكافة الأهالي ومن يرفض يجبر على الرحيل من البلاد، فكان رأي حسن أنه لابد من الرحيل وبيع بيت عين الدمع فرفضت أم جعفر رفضًا قاطعًا على ترك بيتها، فقالت مريمة أن لا فائدة من الرحيل وأن الله أعلم ما في القلوب ولن يضيرهم شيء إذا تغيرت أسماؤهم أو حملوا ورقة تشهد بتنصرهم.

وقف ما تبقى من الأهالي الغير قادرين على الرحيل يتلقون قطرات التعميد الجماعي، ولكن لم يقتصر الأمر على تغيير الأسماء فقط كما قالت مريمة ولكن كانت تغير كامل لحياة وعادات وتقاليد وشرائع، وصل بهم الأمر لمنع ارتداء الملابس العربية وغطاء الرأس ولا يجوز لأي متنصر بيع أو شراء أي ممتلكات أو حتى إيواء شخص من أصل عربي، كما أمروهم بتسليم أي كتب أو مخططات يمتلكونها، ويحظر عليهم الإرث على الطريقة الإسلامية.

اتجهت سليمة لعلم الأعشاب وصناعة الأدوية والخلطات الشافية التي جعلتها محط اهتمام كل أهل البلدة وأهملت زوجها مما أساءه كثيرا فقرر سعد الرحيل وخصوصًا بعدما ضاقت عليه الحياة عندما أمر القشتاليون بإغلاق جميع الحمامات ومن ضمنها حمام أبو منصور الذي عمل فيه سعد بعد موت أبو جعفر، فقرر سعد الرحيل مع أصدقاء له للعمل مع المقاومة وانتقل للعيش معهم في الجبال.

كانت مريمة بسرعة بديهتها وحلها للأزمات بخفة وشكل غير تقليدي ومساعدتها للجيران والمعارف مصدر بهجة واطمئنان للكثيرين عادا زوجها الذي كان يخاف أن تجلب تصرفاتها تلك المشاكل للعائلة، علمت مريمة أولادها كما أراد حسن في المنزل يتحدثون العربية ويعيشون كما عاش أباؤهم أما في الخارج يتحدثون القشتالية ويتصرفون مثلهم، تواصلت الفجائع التي يقوم بها القشتاليون فشهدت البلاد الكثير من عمليات الإعدام شنقًا وحرقًا دون التفريق بين رجل أو إمرأة أو حتى طفل، حتى وصل الأمر بأن أحدهم انتزع طفل من أحضان أمه وأطعمه لكلبة أمام عينيها ومن ثم قام بقتلها هي الأخرى برصاصة أسكنت صراخها الحارق.

كان الوضع صعب أيضًا مع سعد فقد تم القبض عليه وقضى فترة طويلة في السجن يتعرض لكافة أنواع التعذيب وعندما انتهت فترة عذابه خرج منها يمشي على عكازين ويرتدي عباءة الخطائين وممنوع من العمل كذلك، فقرر سعد الرجوع للبيت ولكن ما إن فتحت أم حسن الباب ورأته حتى بدأت في النحيب الذي راعه كثيرا، وعلم بعد ذلك سببه، وأن رجال ديوان التحقيق قد أخذوا سليمة محمولة في قفة بعد أن فتشوا غرفتها وسجلوا كل ما وجدوه من أعشاب وقدور وأوراق فعلم سعد أنهم يتهمونها بممارسة السحر.

فعلًا تمت محاكمة سليمة بتهمة ممارسة السحر ويوم المحاكمة ساقوها مقيدة إلى ساحة باب الرملة وكانت تغالب نفسها لتمشي على قدميها المتورمتين جراء التعذيب، وقفت سليمة أمام قاضيها الذي حكم عليها بالإعدام حرقًا أمام أعين الجميع، وتحت وطأة نظرات الفرح في أعين القشتاليين والفزع في أعين أهلها دفعها الحراس إلى النار.

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص رواية الحرام للكاتب يوسف إدريس

ملخص  رواية الحرام للكاتب يوسف إدريس

“لابد لكل خطيئة من خاطئة ولكل جريمة من فاعل”
يوسف إدريس، رواية الحرام
تدور أحداث الرواية  في إحدى بقاع الريف المصري شمال الدلتا في أربعينيات القرن العشرين، تبدأ الأحداث بالعثور على جثة طفل حديث الولادة تحت شجرة الصفصاف الواقعة بجانب ترعة القرية بواسطة الغفير عبد المطلب الذي ارتبك كثيرًا واضطرب تفكيره بعد أن وجد جثة الصغير ففكر في إلقائها في الترعة حتى يهرب من المسؤولية ولكن لم يحالفه الحظ فبدأ أهل العزبة بالظهور واحدًا تلو الآخر وعُرف بأمر الصغير في جميع أرجاء التفتيش وبعد فحصه جيدا تبين أنه مات مخنوقًا، ووصل الخبر إلى المأمور فكري أفندي والذي سرعان ما اتجه إلى المكان الذي وجدوا فيه الصغير، هاله المنظر ودارت به الأرض فلم يكن من المعتاد على أهل العزبة مثل هذه الحادثة التي أثرت فيهم جميعًا وزرعت الشك في قلوبهم  فمثالية أهل العزبة وعدم وقوعهم في أخطاء مثل هذه لم تكن سوى ظاهريًا فقط.
تزاحمت الأفكار في رأس فكري أفندي والشكوك وراودته الكثير من الأسئلة وكان أهمها بالتأكيد من هي أم الطفل وقاتلته، وبعد تفكير طويل من فكري أفندي توصل إلى أن الأم يجب أن تكون من عمال الترحيلة (الغرابوة) فمن غير الممكن من وجهة نظره أن يرتكب مثل هذه الجريمة أهل التفتيش وبدأ بالفعل البحث عن أم الصغير بين نساء الترحيلة.
وعمال الترحيلة أو كما يسميهم أهل التفتيش (الغرابوة) ضحية الظلم الاجتماعي والفقر والحق المهدور، هم مجموعة من الفقراء معدمي الحال ليسوا من قاطني التفتيش ولكن هم من قرى فقيرة بعيدة عن العزبة يأتي بهم فكري أفندي كل عام في موسم القطن، يعملوا في الأرض ويحصلوا على يومية بسيطة بالكاد تكفيهم، دائمًا ما كانت معاملة أهل التفتيش للترحيلة في منتهى القسوة والاحتقار بسبب أنهم غرباء عن العزبة وبسبب فقرهم الشديد وهيأتهم الرثة، وصلت بهم قسوة المعاملة لتحذير أطفالهم من الاقتراب من أطفال الترحيلة حتى لا يصابوا بالأمراض.
يسرد الكاتب حكاية واحدة من ضمن كثير من المآسي التي يعاني منها هؤلاء المساكين والتي تزامنت بدورها مع حكاية لندة بنت باشكاتب العزبة مسيحة أفندي الذي انتابه الشك في ابنته بمجرد معرفة أمر جثة الصغير لأن لندة قد تجاوزت سن الزواج بفترة تحت وطأة العادات والتقاليد فراودته الشكوك حولها إلا أنها لم تكن أم الطفل ولكنها كانت خاطئة بدورها فقد تورطت في علاقة غير مشروعة مع أحمد سلطان موظف التفتيش وفاجأت الجميع بهروبها معه وزواجهما، أما عن المأساة فكانت حكاية إمرأة فقيرة تدعى عزيزة وزوجها عبد الله الأسرة معدمة الحال التي تعيش في فقر مدقع اعتمادها الأساسي للمعيشة على مواسم الترحيلات فيذهبوا معا ويتنقلوا من عزبة إلى أخرى للحصول على اليومية التي لا تكاد تكفيهم هم وأطفالهم، واستمر حالهم شبه المستقر هذا إلى أن مرض عبد الله بالبلهارسيا وتمكنت منه حتى أصبح غير قادر على العمل نهائيًا، حملت عزيزة على عاتقها عبء الأسرة بالكامل ولم تترك زوجها في محنته حتى رفضت أن تذهب مع العمال وآثرت أن تبقى لترعى زوجها وأطفالها، كانت تعمل عند أهل القرية وتهلك نفسها بالعمل كل يوم حتى تعود بشيء لأطفالها في النهاية، استمر الحال صعبًا لا يحتمل فترة طويلة كانت عزيزة خلالها صامدة قوية لا تشتكي، حتى أسر لها زوجها برغبته في تناول البطاطا ولأنه مريض فكانت طلباته مجابة، احتارت عزيزة من أين تأتي بطلبه حتى تذكرت تلك الأرض التي تملكها أسرة في القرية وكانت مزروعة بالبطاطا فأخدت الفأس وذهبت إليها علَّها تجد جذر بطاطا منسي هنا أو هناك وبينما هي تعمل في الأرض بحثًا عن طلبها حتى فاجأها أحد أصحاب الأرض والمعروف عنه الشدة وحدة الطباع، فنهرها بشدة لتواجدها في أرضه ولكن ما إن قصت عليه سبب وجودها حتى تعاطف معها وأخذ منها الفأس وبدأ يبحث بعينه الخبيرة عن مكان معين وأعمل فيه الفأس وأخرج منه حبة بطاطا كبيرة سرت بها عزيزة، وبينما كانت تستدير لتذهب إلى زوجها لم تنتبه لوجود حفرة خلفها فزلت قدمها ووقعت في الحفرة، فنزل صاحب الأرض إلى الحفرة بحجة مساعدتها ولكنه كان ينوي على شيء آخر فقاومته هي في بادئ الأمر لكن سرعان ما استسلمت في النهاية بسبب ضعف نفسها ورغبتها مبررة عدم صراخها بحرصها على تجنب الفضيحة.
رجعت عزيزة إلى زوجها بالبطاطا التي أسعدته كثيرا وأكل منها هو والصغار، وعادت عزيزة لحياتها الشاقة التي أنستها الحادثة ولكن كان للقدر رأي آخر، ومع مرور الوقت أحست عزيزة بأعراض تشبه أعراض الحمل وسرعان ما تبددت شكوكها وأصبحت متأكدة من الكارثة التي وضعت نفسها فيها، فأنَّى لها أن تأتي بطفل وزوجها مريض! حاولت عزيزة باستماتة التخلص من الجنين لكنه أبى أن يستجيب، وكان هذا معاد مجيء فكري أفندي لأخذ العمال من أجل جمع الدودة فأصر زوجها على أن تذهب معهم وهي كذلك كانت لا ترى مفر من الذهاب.
ظلت محتفظة بسرها حتى أنها انعزلت عن الناس وعاشت معاناتها في إخفاء أمر صغيرها حتى جاء وقت الولادة فانتحت جانبًا تحت شجرة الصفصاف بعيدًا عن عمال الترحيلة ووضعت الطفل وغابت عن الوعي من شدة التعب وعندما أفاقت وجدت يدها على فم الصغير حيث أنها كانت تحاول أن تهدأ من صراخه حتى لا يسمعه أحد فمات الصغير مخنوقًا، تركته عزيزة ورجعت إلى فراشها وفي اليوم التالي ذهبت إلى العمل وكانت قوية صامدة ثابتة لدرجة أن فكري أفندي لم يكتشف أمرها أثناء المسح الذي أجراه للعثور على الفاعلة.
ظنت عزيزة أنها تخلصت من سرها الخبيث الذي كان يضنيها وأصبحت أكثر انطلاقًا وحيوية ولكن فاجأتها حمى النفاس التي أرقدتها في الفراش مريضة تهذي حتى كُشف أمرها وعلم به فكري أفندي وكل من في العزبة، فتشابكت خيوط قصة عزيزة ولندة فكلتاهما وقعت في الخطيئة ولكن لأسباب مختلفة، فعزيزة كانت ضحية الفقر وضيق الحال والظلم الاجتماعي أما لندة التي كانت تعيش ميسورة الحال فقد كانت ضحية العادات والتقاليد المتوارثة التي أضعفتها وساقتها في الطريق الخاطئة، فالخطيئة ليست مقصورة فقط على الفقراء ومعدمي الحال ولكن يمكن لأي أحد أن يقع فيها.
وكان الغريب في الأمر أن أظهر فكري أفندي الكثير من التعاطف تجاه عزيزة بعدما كان ساخطًا عليها وعلى فعلتها، أمر بإقامة عشة تحجب عنها أشعة الشمس الحارقة في مكان استقرار عمال الترحيلة وأمر كذلك بصرف يوميتها بشكل طبيعي، وكذلك تعاطف معها أهل القرية بعدما كانت محط أنظارهم على أنها مذنبة وخاطئة، تحولت مشاعرهم تجاهها إلى تعاطف وشفقة وحاولوا التخفيف عنها ومساعدتها حتى ماتت بسبب الحمى التي أصابتها، أمر فكري أفندي بإرسال جثمان عزيزة إلى قريتها حتى لا تسبب له المشاكل وكف أهل العزبة وعمال الترحيلة عن الخوض في حكايتها وانتهى موسم القطن ورجع الغرابوة إلى قراهم، وفي العام التالي عندما عادوا في موسم القطن كانت علاقتهم قد تحسنت كثيرًا مع أهل التفتيش ولم يبق من عزيزة وحكايتها سوى شجرة الصفصاف.
للمزيد من (ملخصات الكتب)

ملخص رواية بداية ونهاية لنجيب محفوظ

ملخص رواية بداية ونهاية لنجيب محفوظ

 

“ إن من يستسلم للأقدار يشجعها على التمادي في طغيانها” نجيب محفوظ، بداية ونهاية

رواية بداية ونهاية عبارة عن ملحمة كاملة تضم عذابات النفس البشرية، أحداث الرواية تبدأ خلال فترة الحرب العالمية الثانية حين كانت الفروق بين طبقات المجتمع المصري كبيرة جِدًّا، تدور أحداث الرواية حول أسرة بسيطة من الطبقة المتوسطة مكونة من الأب والذي كان يعمل موظفًا صغيرًا في وزارة المعارف والأم وبنت وتدعى نفيسة وثلاثة أبناء (حسن، حسين، حسنين) تصف الرواية الصراع بين تلك الأسرة والظروف الاجتماعية الرهيبة التي واجهتهم بعد موت الأب المفاجئ وانعدام دخل الأسرة بسبب البيروقراطية المصرية المعتادة التي تسببت في تأخر صرف معاش الأب لشهور عديدة وصعوبة المعيشة.

أدركت الأم حجم المشكلة الكبيرة التي تواجهها الأسرة وخاصة أن الأخ الأكبر (حسن) لم يكن ليتحمل مسؤولية إعالة الأسرة بعد والده، بدأت الأم بمواجهة الأبناء بما ينتظرهم من صعاب وحثهم على التعاون من أجل الحفاظ على الأسرة، وصلت بهم صعوبة العيش للتخلي عن معظم أساسيات الحياة وبيع أثاث المنزل والانتقال من مسكنهم المريح إلى مسكن آخر أقل في التكلفة، واضطرت نفيسة للعمل في الخياطة تنتقل من بيت لبيت كي تحصل في نهاية اليوم على مبلغ زهيد يساعد في نفقات الأسرة.

ومع تغير أحوال الأسرة بشكل مفاجئ بدأ كل فرد من الأسرة التأقلم مع الوضع الراهن، اتجه حسن إلى طريق البلطجة والمخدرات بإرادته واستسلمت نفيسة ليأسها وضعفها وسلكت طريق خاطئة. أكمل حسين المدرسة وحصل على البكالوريا واضطر إلى التخلي عن حقه في التعليم العالي حتى يساعد أسرته ويتيح الفرصة لأخيه الأصغر حسنين لإكمال تعليمه وحصل على وظيفة بمرتب زهيد في طنطا، أما حسنين أكمل دراسته والتحق بالكلية الحربية بمساعدة حسن الذي وفر له مصاريف الكلية من أمواله مشكوكة المصدر.

تخرج حسنين من الكلية وبدأت أحوال الأسرة تتحسن ويجود الزمان ببضع لحظات من السعادة لتلك الأسرة البائسة، قرر حسنين الفرار من الماضي وانتقل بإسرته من الحي إلى بيت جديد في مكان بعيد عن الحارة والتخلص من خطيبته إبنة فريد أفندي الذي كان المعين الوحيد لهم بعد وفاة الوالد ظنًا منه أنه يستحق أخرى أكثر ثقافة وثراء، وبدأ في السخط على سلوك حسن ووضعه المثير للشك والريبة وفكر أنه يمثل خطر على صورته ومكانته الحالية وهدده كي يترك طريقه المشين وأن يحصل على عمل شريف ولكن حسن رفض فتمنى حسنين أن يتخلص من أخيه إلى الأبد.

تنتهي الأحداث باكتشاف حسنين سلوك نفيسة المخل بعدما استدعاه الضابط في القسم لاستلامها بعد القبض عليها في بيت مشبوه خرج معاها من القسم وهو يفكر كيف يتخلص منها ولكن نفيسه لم تترك له الفرصة للتفكير فأقرت له عن رغبتها في الانتحار حتى لا يقتلها ويفقد مستقبله وكذلك لأنها لم تعد تتحمل حياتها فسمح لها بإلقاء نفسها في النيل بعد ما أوصلها بسيارة أجرة وهو يظن أن بانتحارها يتخلص من عبء قتلها انتقامًا للشرف والحفاظ على الوظيفة والمكانة الاجتماعية، ولكن مع انتحارها اصطدم بحقيقته المرة واكتشف أنه هو الأولى بالانتحار لقسوته في حكمه على إخوته لأنه بدونهم ما كان في مكانته تلك، وأدرك أنه لم يعد له قيمة في تلك الحياة التي أرادها وقرر معاقبة نفسة بالانتحار وألقى بنفسه هو الآخر في النيل.

 

مصدر الصورة : The guardian

للمزيد من (ملخصات الكتب)

ملخص رواية فهرنهايت 451 للكاتب الأمريكي راي برادبري

ملخص رواية ” فهرنهايت 451 ” للكاتب الأمريكي راي برادبري

الكاتب الأمريكي راي برادبري

نقدم لكم اليوم ملخص رواية ” فهرنهايت 451 ” للكاتب الأمريكي راي برادبري والرواية هي رواية عالمية تبدأ أحداثها وتدور حول مدينة يحكمها نظام سلطوي غريب يفرض نفسه ومبادئه على حياة سكان المدينة ويقلبها رأسًا على عقب، بداية من مفهوم رجال الإطفاء، ومرورًا بالإعلام، وحتى القراءة والتعلّم، مما يحيل حياة السكان إلى حياة يومية غريبة يتعجب القارئ حين يقرأ عنها.

 

يُحكم النظام السلطوي سيطرته عبر مراقبته للجميع، وعبر استخدام وسائل تقنية يستحيل الإفلات منها تقريبًا، فيوظف التكنولوجيا الحديثة لصالحه ولصالح سيطرته على السكان وأفكارهم وطريقة حياتهم، وحتى على اهتماماتهم اليومية. كُتبت الرواية بغرض الرد على الإرهاب الثقافي الذي مارسه السناتور الأمريكي جوزيف مكارثي على المثقفين الأمريكيين والتي عُرفت فيما بعد باسم ” المكارثية ” نسبة إليه لما تسببت فيه إدعاءاته ضد الكثير من الأفراد واتهامه لهم بالخيانة والجاسوسية لصالح الشيوعية والسوفييت.

بداية هادئة

إشعال الحرائق بدلا من إطفائها هي مهمة رجال الإطفاء في رواية فهرنهايت 451

تبدأ الرواية ببطلها “مونتاج” رجل الإطفاء في زمان غير محدد لكن يبدو أنه المستقبل. يقابل مونتاج جارته المراهقة ” كلاريس ” البريئة والحالمة والتي لا تلبث أن تقنعه بأهمية القراءة وما تصنعه فيها وفي عائلتها. ظهور شخصية كلاريس في الرواية كان ظهور محترف روائيًا، إذ كانت سببًا أساسيًا في إحداث التغيير الذي طرأ على البطل مونتاج بلطف بالغ، وتسببت في تمرده على النظام العام والذي كان يمنع القراءة. إذ استخدم النظام الحاكم أمثال مونتاج “الإطفائيين” لحرق الكتب وبيوت المثقفين تحديدًا باعتبارهم دعاة إرهاب وفرقة للمجتمع.

تنطلق التناقضات في الظهور من اللحظة الأولى عندما يفهم القارئ الدور الحقيقي لرجال إطفاء هذا الزمان. إذ أن مونتاج كرجل إطفاء لا يطفي الحرائق، بل يشعلها. كما تصبح الكتب والقراءة والمثقفين أعداء للشعب. تمر الأيام على مونتاج رتيبة مع زوجته ميلديرد المشغولة دائمًا بشاشات العرض العجيبة داخل منزلها، بل وتطالب زوجها بزيادتها كي تتابع كل شيء وتنشغل أكثر فأكثر، وفجأة تختفي كلاريس من حياة مونتاج!

أحداث عنيفة وتحولات في فهرنهايت 451

انطلقت صافرات الإنذار في محطة الإطفاء التي يعمل فيها مونتاج، فيذهب الفريق وبينهم مونتاج لإشعال النيران في البيت المذكور، وعند اقتحامهم للبيت، يجد الفريق الكثير من الكتب، فيجمعوها لإحراقها بالكامل. ينتهز مونتاج انشغال باقي أعضاء الفريق ويخبئ كتب بين ملابسه ليقرأها فيما بعد. لكن لم يمر اليوم بتلك البساطة، إذ فوجئ الفريق بمقاومة صاحبة المنزل ورغبتها في عدم الخروج من المنزل عند حرقه، بل وفضّلت أن تُحرق حية بين الكتب، وكان المشهد مؤثرًا بشدة في مونتاج!

عاد مونتاج للبيت بكتبه وصعب عليه النوم، فحاول الحديث مع زوجته ميلدريد، وروى لها ما حدث للمرأة، لكنها لم تبالي، وعندما سألها عن جارتهما كلاريس، أجابته بأنها قد صدمتها سيارة منذ اسبوع، فرحل أهلها عن المكان، مما زاد من تفكير مونتاج وصعّب عليه محاولاته للنوم. وعندما استيقظ مونتاج في الصباح، قرر ألا يذهب للعمل.

امرأة تفضل أن تحترق مع كتبها

لم تفارق صورة المرأة المحترقة مخيلة مونتاج، ودفعته للتساؤل عن ما تحمله تلك الكتب، وكيف تكون بتلك الخطورة؟ وكيف وصل بتلك المرأة إلى أن تفضّل الحرق مع كتبها على أن تعيش مثل مونتاج وزوجته؟ ما الذي جعل كلاريس بهذه السعادة والبراءة والخفة حين كان يناقشها؟ كيف يمكن أن تنتهي حياة من هي مثلها بهذا الشكل فجأة؟ كلاريس تستحق الحياة أكثر من كل من يحيطون بمونتاج! فلماذا هي؟ ولماذا كانت تقرأ بالأساس؟ هل تستحق الكتب كل هذا؟

الوجهين المتناقضين لرواية فهرنهايت :

الكابتن بيتي والبروفيسور فابر

علم كابتن بيتي قائد فريق الإطفاء بغياب مونتاج فقرر الذهاب إليه. وعند لقائهما في منزل مونتاج، بدا وكأن كابتن بيتي يشك في أن مونتاج يقرأ أو يخفي كتبًا! فأخذ الكابتن يحاضر مونتاج عن مخاطر الكتب وكيف أنها دمرت المجتمع وأثارت الفرقة والكراهية بين أفراده، وبينما يناقشه الكابتن بيتي، حاولت ميلدريد زوجة مونتاج أن تعدل من وضعية نومه، فوضعت يدها خلف مخدته لتفاجأ بالكتاب الذي يخفيه. لكنهما بقيا صامتين دون أن يبينا شيئًا للكابتن بيتي.

عند رحيل كابتن بيتي وميلدريد، أخرج مونتاج كل كتبه التي سرقها خلسة على مدار سنوات عمله كإطفائي، وبدأ في قراءتها. وبمرور الأيام، قرر مونتاج زيارة شخص خطر في ذهنه فجأة، وهو فابر، الأستاذ الجامعي المتقاعد العجوز والذي ناقشه في مرحلة ما من حياته عن الأفكار وأهميتها، فذهب على الفور إلى بيته.

طرق مونتاج باب بيت فابر، ثم انفتح الباب وولج إلى الداخل. اندهش فابر من وجود إطفائي في منزله، فالجميع يهابهم وتحديدًا أمثال فابر من المثقفين، ولكن ما لبث أن تحدث مونتاج وشرح له مشاعره والكتب التي بدأ في قراءتها وما تفعله فيه، فقرر فابر مساعدته وشرح له إمكانيات مقاومة ذلك النظام ومنحه سماعات أذن من اختراعه كي يبقى مع مونتاج طوال الوقت كبداية ويسمع ما يسمعه، وبالفعل، قرر مونتاج لبسها على الفور، ورحل من منزل فابر.

تمرد مونتاج

عاد مونتاج لمنزله، فقابل ميلدريد وأصدقائها وحاول أن يتبادل أطراف الحديث معهن، ولكنه صُدم من طريقتهن ومن ضحالة فهمهن للأحداث من حولهن، وبالرغم من تحذيرات فابر في سماعة الأذن، إلا أنه تجاهلها وأخذ يتحدث معهن إلى أن بكت إحداهن وخرجت من المنزل متهمةً مونتاج بالقسوة لقراءته بعض المقاطع الشعرية لهن.

وفور دخوله لمقر العمل، إنطلق الفريق لحرق إحدى البيوت، وإنطلق معهم، ليكتشف فجأة أنهم يتجهون إلى بيته هو، فيفهم أن ميلدريد زوجته قد أبلغت عنه. دخل مونتاج بصحبة الإطفائيين ليحرق منزله غرفة تلو الأخرى. بدأ بيتي يسخر من مونتاج واشتد الحديث بينهما ليوجه مونتاج سلاحه تجاه الكابتن بيتي ويطلق النيران ويقتله على الفور.

هجم الكلب الإلكتروني على مونتاج فجرح قدمه، ولكن نجح مونتاج في القضاء عليه بسلاحه، وهرب.

رحلة الهروب

انطلق مونتاج بين شوارع المدينة إلى منزل البروفيسور فابر، شاعرًا بأن المدينة كلها تراقبه وتنطلق خلفه. وفور وصوله إلى فابر، غيّر ملابسه كي لا تتمكن الكلاب الإلكترونية من تعقبه، ونصحه فابر بعبور النهر والسير بجواره من الجهة الأخرى ليصل إلى جماعة من المثقفين الخارجين على القانون، لربما أنقذوه.

وبالفعل انطلق مونتاج بعيدًا، وسار بقدمه المجروحة قدر استطاعته عابرًا شوارع المدينة المراقبة بكثافة ليختبئ في الظلام ويغوص في مياه النهر مبتعدًا عن الكلاب الإلكترونية والكاميرات المراقبة والناس في الشوارع. وبصعوبة وصل إلى البر الآخر من النهر.

ظلام وأمل يرسمهم راي برادبري

دوى انفجار قنبلة نووية على المدينة

طالت رحلة مونتاج حتى كاد يفقد الأمل، فالظلام دامس ولا يعرف أين يسير، هو فقط يتبع الاتجاه الذي نصحه به البروفيسور فابر لا أكثر، إلى أن رأى الضوء. مجموعة من الأشخاص يجتمعون حول النيران، لاحظوا وجود مونتاج خلفهم بسهولة، فنادوه بينهم وبدأوا في التعارف، ليكتشف مونتاج أنهم جميعًا مثقفون وأساتذة في كبرى الجامعات، وتعجب من مشاهدتهم للتلفاز، ولكن سرعان ما تبددت دهشته واستبدلها بدهشة أكبر، إذ كانوا يشاهدون لحظات القبض عليه وقتله والتي كانت تذيعها السلطات على مسامع سكان المدينة كانتصار يومي عادي في وجه كل الخارجين على القانون وعلى قواعد المجتمع.

استنتج مونتاج أن شرطة المدينة قد قبضت على شخص بريء وقتلته بدلًا منه، وأذاعت الخبر كي لا تخسر ثقة سكان المدينة وكي تشعرهم بالاستقرار، فما فعله مونتاج في فريق الإطفاء لربما كان صدمة يصعب على سكان المدينة تحملها.

غرابة المقاومة ونهاية غير متوقعة

عاد مونتاج بانتباهه للمثقفين المجتمعين، فأخبره قائدهم أن كل منهم قد حفظ كتابًا، وينتظر لحظة الأمان كي يكتبه مجددًا من ذاكرته ليبقى للبشرية من بعده. وفجأة سمعت المجموعة صوت عال لمرور الطائرات من فوقهم يتبعه انفجار هائل تجاه المدينة. فإذا بها قنبلة ذرية تُلقى على المدينة وتنسفها بالكامل، بكل ما فيها من سكان وذكريات ونظام وبيوت وكلاب ورجال إطفاء. مات الجميع. وحينها فقط، أدرك مونتاج أنه هو وجماعة المثقفين الوحيدين الناجين من ذلك الإنفجار، وأنهم سكان المدينة الجدد فوق الأنقاض.

يمكنك قراءة المزيد من ملخصات الكتب من هنا

ملخص رواية القضية فرانز كافكا

ملخص رواية القضية فرانز كافكا

يقدّمها نادي قراءة الأكاديمية بوست عن مناقشة في 29 أغسطس 2019، ملخص رواية القضية فرانز كافكا

بداية مُربكة للقضية

يستيقظ جوزيف ك ليجد من يأكل طعامه

رجل في الثلاثين من عمره يدعى جوزيف ك يستيقظ، فإذا برجلين يأكلان طعام إفطاره ويبلغاه أنه متهم بقضية، ثم يحاولان إبتزازه لأخذ الأموال منه وإجباره علي ارتداء ملابس معينة، فيأخذ للتحقيق في الغرفة المجاورة لغرفته. فيخبره مسؤول التحقيق أنه متهم بقضية، ولكن ك لا يعرف ماهية تلك القضية، حتى أن المسؤول نفسه لم يكن على علم بالقضية ولكنه أخبر بطل الرواية جوزيف ك بأنه يمكنه الذهاب لعمله مع ثلاثة رجال رافقوا المسؤول عن التحقيق أثناء دخوله لم يلحظهم جوزيف، لكنه أدرك بعد ذلك أنهم من موظفي البنك.

أيام ثقيلة

يقضي ك يومه ثم يعود لغرفته ويعتذر لجارته في الغرفة، ثم ينام وينتهي يومه الأول بعد الاتهام، وفي اليوم التالي يستيقظ ويذهب للعمل فيتلقي مكالمة بتحديد المحاكمة و أول جلسة ومكان المحكمة ولكن ينتهي الإتصال دون ساعة محددة للمحاكمة وهو ما أثار دهشة ك!

يستيقظ ك في اليوم الموعود ويذهب للمحكمة، ولا يدري توقيت المحاكمة، فيذهب للعنوان، وإذا به مبني في أفقر أحياء المدينة مليئ بسكان الفقراء!
يسأل ك: أين النجار؟ كحيلة منه كي لا يلفت انتباه السكان لقضيته الغريبة!
أخيرًا أجابه أحد السكان بأن النجار في الطابق التالي. يصعد ك ويطرق الباب فإذا بامرأة تغسل الملابس، فتأذن له بدخول الغرفة في الداخل، وفجأة يجد ك نفسه في قاعة المحكمة، لتبدأ المحاكمة بمجرد دخوله، ويتعجب من تلك الضجة ليبدأ بالدفاع عن نفسه باحتقار القضية والمحكمة، لتنتهي مرافعته فجأة كما بدأت ويذهب.

بعد الجلسة الأولى من القضية

يعود في اليوم التالي لا يجد المحكمة يتحدث مع المرأة غاسلة الملابس، ثم يصعد لسطح المبني يجد مكاتب الدواوين، فيدخل المكتب بجوار حارس المحكمة وبعد رؤية المتهمين الآخرين، يختنق ك من المكان ولا يقوي علي الحركة فيسقط وتتهاوي قواه ويخرجوه، ليعود لكامل نشاطه ويذهب لغرفته لينام بعد يوم بلا هدف ولا مكسب!

يستيقظ ك كعادته ليذهب للعمل، ولكن تؤثر القضية على مجري حياته، فيضعف أداؤه في البنك، وتضيق نفسه، إلى أن يأتي ضيف، (عمه) والذي عرف بالقضية، ويقلق علي شؤون العائلة فيأخذ ك لمحامي صديقه في زيارة مفاجئة وفورية، وعنده دخولهما على المحامي، يفاجأ العم بمرض المحامي، وبالرغم من هذا يتحدثون في القضية ويصدف وجود مدير ديوان المحكمة.

تحدث ضوضاء وترتفع الأصوات في النقاش فيخرج ك ولا يستمع لتلك المناقشة، فتنتهي بدون وجوده لينشغل بالممرضة ليني القائمة على العناية بالمحامي، وعندما يفرغ منها، وجد عمه ينهره ويتعجب من عدم إهتمامه بالقضية!

تمر الأيام

يحاول ك أن يهتم بعمله مرة أخرى ويتغلب على قلقه، فالأداء ضعيف وسلوكه غير مناسب لمنصبه، لكن القضية تعيقه عن ذلك، ولا يشعر بأي تقدّم بالتعامل مع هذا المحامي، حتى أنه لا يشعر بإهتمام المحامي من الأصل، ويقرر ك أنه سيوكل محامي آخر!
يذهب ك للمحامي ليخبره بقراره فيغضب المحامي، ويلجأ المحامي إلى حيلة ليوضح لجوزيف حسن معاملته له، فيأمر بإحضار متهم آخر في قضية أخري، ويأخذ في إذلاله، فيركع المتهم على الأرض، ويرجوه أن يخبره أسرار القضية، ولكن لم يتحقق مراد المحامي، بل يشمئز ك من الأحداث ويتأكد من صحة قراره.

مصور الديوان

يذهب ك لمصور الديوان- بتوصية من أحد عملاء البنك كان قد عرف بالقضية- فيصل للمصور ويفهم منه أنواع القضايا وكيفية الخروج منها (براءة وهمية، جرجرة، براءة حقيقية) فيدرك برائته و يدرك عدم قدرته على الحصول عليها، ليخرج من المرسم من باب آخر ليجد نفسه في الديوان والمتهمين أمامه ولكنه ينجح في الخروج من المكان ليعود لمنزله!

لقاء الكنيسة

في أحد الأيام يستيقظ ك ويذهب للعمل مبكرًا، إذ تم إبلاغه بوجود عميل إيطالي خاص يحتاج زيارة لكنيسة المدينة، فيتحدث مع العميل و مديره وتم تحديد اللقاء في الكنيسة، ثم يصل ك للكنيسة في الميعاد المحدد في جو شديد غائم شديد الأمطار والبرودة، فيدخل ك من باب الكنيسة الرئيسي!
ينتظر العميل الذي تأخر! ويحاول البحث عنه حول أبواب الكنيسة الأخري، لكنه لم يأت بعد، ثم يضطر للجلوس في أحد المقاعد ويتأمل رسومات الكنيسة.

يروي القس قصة الريفي والحارس رواية القضية فرانز كافكا

فجأة يصعد أحد القساوسة ليلقي موعظة، فيحاول ك أن ينهض ليغادر ويسمع صوت القس ينادي عليه، فيحاول عدم الالتفات، لكن يشير له القس بأن يقترب!

يسأله القس عن القضية، فيفاجأ ك بمعرفته لها، ثم يتحدثا عن القضية، فينزل القس من مكانه ويتجولا بالكنيسة والجو شديد البرودة مليئ بالأمطار يكسوه الظلام يكاد ك لا يري شئ ولا يشعر إلا بالقس الذي يلتصق به لكي لا يضل الطريق.

القس: سأخبرك قصة!
فلاح فقير لديه قضية و يريد دخول صرح العدالة و‏هناك حارس العدالة يقف بجوار الباب و يمنع دخوله فيتذلل الفلاح الريفي للدخول بكل السبل، ويدفع الرشوة ولكن يأبى الحارس أن يدخله، ويفقد الريفي الأمل في تخطي الحارس باعتباره أضعف الحراس فما باله ببقيتهم على الأبواب التالية!

ويظل‏ الريفي أمام باب العدالة والحارس واقف أمامه لتمر الأعوام ويقضي الريفي عمره و يتمني أن يجتاز ذلك الحارس باعتباره العقبة الوحيدة أمام العدالة إلي أن تنقضي حياته، ويبدأ في لفظ أنفاسه الأخيرة، فيقوم الحارس بإغلاق المدخل المصمم للريفي وحده للدخول، ليموت الريفي كالكلب!

يتناقش الراهب و ك فيمن خدع الآخر، الحارس أم الريفي أم غيرهم!

نهاية أغرب من الرواية

بعد عام يستيقظ ك ليجد حارسين أمامه فيرتدي ملابسه ويرافقانه ويشعر أنها النهاية فيتأمل ويفكر في القضية، ويعود بالأحداث ويشعر بمضي الوقت، إلى أن يصلوا إلي كهف خارج المدينة، فيزيلا ملابسه وتوضع رقبته بجوار صخرة ويتبادل الحارسان السكين التي توضع في قلب ك وتدور ليموت كالكلب!

إليك فيلم عن الرواية مترجم إلى الإنجليزية:

[embedyt] https://www.youtube.com/watch?v=SA9JTxfOgAk[/embedyt]

ملخص رواية “مئة عام من العزلة” لجابرييل جارسيا ماركيز

ملخص رواية “مئة عام من العزلة”

تعتبر مئة عام من العزلة أشهر مؤلفات الكاتب الحائز على نوبل جابرييل جارسيا ماركيز، مما يضعها في مكانة خاصة لدى القراء لما فيها من رمزية وأحداث وطريقة سرد بديعة وغنية اعتمادا على مدرسة الواقعية السحرية.

  • البداية

تبدأ أحداث الرواية بعائلتي بوينديا وآل إيغواران المختلطان بالتزاوج لينتج عن نسلهما طفل بذيل، مما يجعلها لعنة تخشاها أحد أبطال القصة الرئيسيين “أورسولا”. تزوجت أورسولا ابنة آل إيغواران من السيد خوسية أركاديو بوينديا سليل عائلة بوينديا، ووصل الزوجان إلى قرية “ماكوندو” الصغيرة المنعزلة لينجبا رغم المخاوف 3 أبناء، هم خوسية أركاديو وأورليانو وأمارانتا.

الغجر

يزور القرية من حين إلى آخر مجموعة من الغجر يتزعمهم “ملكياديس”، فيتحمس الأب “خوسية أركاديو بوينديا” لما يحضره معه ملكياديس ويسارع بشرائه أو بمبادلته، حتى أن نزواته المعرفية تلك قد كلفت العائلة الكثير لعدم قدرته على استغلال ما يجلبه ملكياديس معه في شيء مفيد، إذ أثار المغناطيس رهبة أهل القرية جميعا، كما أن قدرات العدسة المُجمعة قد أذهلت بوينديا بشكل خاص حتى سعى إلى أن يستخدمها كسلاح حربي، إلى أن فشل وركّز في غرفة الكيمياء داخل بيته محاولا خلط العناصر وفهم المزيد، ولكن لم تفز عائلته من محاولاته إلا بخسارة أورسولا ذهبها.

الطفلان

انجرف الطفلان مع أبيهما في نزواته المعرفية رغم اختلاف شخصياتهما، وكان أورليانو مميز بقدراته على التنبؤ، فأخبر أمه بقدوم زائر جديد للبيت، وهو ما حدث بالفعل بقدوم الطفلة “ربيكا” ليتبناها الثنائي وتصبح فرد جديد في الأسرة.

رحل خوسية أركاديو الإبن مع الغجر بشكل مفاجئ بعد أن هام بإحداهن، وغاب عن الأسرة لفترة، وعبث غيابه بعقل أورسولا التي قررت أن ترحل للبحث عنها، لتغيب لفترة طويلة أثارت قلق الأب إلى أن تعود أورسولا وفي رفقتها العديد من التجار للقرية بملابس جديدة ودون أن تخبر أحد بما فعلت أو رأت خارج القرية!

يقدم إلى القرية وافد جديد ممثل للحكومة، وهو القاضي ليفرض على بيوت القرية أن تستخدم الدهان الأزرق، مما أثار حنق الأب بوينديا ليتشاجر مع القاضي ويكاد يضربه، ليعود القاضي مرة أخرى بعد طرد بوينديا له محميًا بالجنود، فيسمح له بوينديا على ألا يفرض على أحد لون معين في دهان المنازل، فيتفق الطرفان في النهاية.

أحب أورليانو ابنة القاضي “ريميديوس” الصغيرة، وطلب من أبيه خطبتها، فهاج أبيه ورفض الأمر في البداية إلا أن أقنعته أورسولا، لكن استغل الأب رغبة أورسولا في تزويج ابنه أورليانو بريميديوس في تزويج ربيكا بالشاب الإيطالي الوسيم عازف الموسيقى بيترو كريسبي، فتتوعد أمارانتا ربيكا وتحيك لها الخدع وتصب عليها اللعنات لإيقاف زواجهما (ربيكا وبيترو كريسبي) فيفسد زواجهما بالفعل بعد سنوات من الانتظار.

تموت ريميديوس زوجة أورليانو نزفًا في الليل ويحزن الجميع فينشغل أورليانو بالحرب بين الليبراليين والمحافظين ليصبح قائد لقوات التمرد الليبرالية ويخوض عشرات الحروب ضدها حتى كاد أن يموت أمام فرقة الإعدام والتي تبدأ بها القصة بالأساس في شكل حدث رئيسي يتوقف عنده الزمن ليتذكر فيه أورليانو كل ما فات من أحداث، ليتدخل أخيه خوسيه أركاديو الفحل الذي عاد للقرية وتزوج من ربيكا المسكينة لينقذ الكولونيل أورليانو من الموت.

من البداية لم يحظ زواج ربيكا وأركاديو على موافقة أورسولا خوفًا من عودة لعنة الذيل لطفلهما المحتمل فتطردها أورسولا من بيتها، بينما يهيم بيترو كريسبي بحب أمارانتا التي لم تهتم به، فينتحر الوسيم الإيطالي في النهاية داخل محله.

 

  • لعنة الحب

تظهر شخصية العاهرة بيلار تيرنيرا لينجب منها كل أخ على حدة، فأنجب أورليانو منها ابنه خوسيه أورليانو وأنجب خوسية أركاديو منها أيضا ابنه اللقيط أركاديو الذي يتربى في بيت ربيكا منفيين من بيت أورسولا الجدة. ثم تحرق أمارانتا يدها ببرود في فرن العائلة ليستمر الحرق معها طوال حياتها وحتى مماتها وكأنها تأثرت بانتحار بيترو كريسبي بشكل ما فلم تحتمل الألم النفسي وحاولت استبداله بألم الحرق.

انطلق الكولونيل أورليانو في حروبه، وأنجب 17 ابن وابنه لم نعرف عنهم شيء وخاض 32 حرب خسرها في النهاية ضد المحافظين ليعود إلى القرية ويوقع الهدنة بعد أن فقد الهدف من تلك الحرب ولم يعد يعرف لها سببا، بل وكان يتعجب من رفاقه لوجود أسباب يحاربون من أجلها. إذ تسببت الحرب في فقده لأصدقائه ومخالفته لبعض مبادئه، فقرر التنحي عن الحرب والبقاء مع أورسولا في بيتها.

يموت الجد بوينديا بعد أن قضى آخر أيامه تحت شجرة الكستناء فتمطر السماء زهورا صغيرة في لحظة سحرية مميزة يتألم لها جزء منك أثناء قراءة الرواية وتترك انطباعها داخل القارئ بلا شك.

تتكرر لعنة الحب مع أبناء أركاديو ابن خوسية أركاديو والذي أنجبهم من سانتا صوفيا التي أرسلتها بيلار تيرنيرا عندما لم تطيق محبة أركاديو لها وهو ابنها من خوسية أركاديو، لتنجب سانتا صوفيا من أركاديو ثلاثة أبناء هم: خوسيه أركاديو سيغوندو وأورليانو الثاني وريميديوس الجميلة.

فيحب كل من خوسية أركاديو سيغوندو وأورليانو الثاني عاهرة جديدة اسمها بيترا كوتيس وكأن لعنة بيلار تيرنيرا تتجدد، بينما يثير جمال ونقاء ريميديوس الجميلة كل من يراه حتى انتحر شخصان بسبب جمالها ولا مبالاتها بهما وبحبهما لها لتنتهي نهاية غريبة ممسكة بطرفي ملاءة وطائرة بعيدا عن بيت أورسولا فينسدل عن قصتها الستار فجأة.

  • فساد الأسرة

لم تتوقع أورسولا يوما أن يظلم أبنائها أحدا، إلا أن خوسية أركاديو وأركاديو قد تعاونا على سرقة أراضي سكان ماكوندو وتخويفهم، ودافعت عن أهل القرية ضد ظلم أركاديو، ولكن بعد موت خوسية أركاديو وبعد عودة الكولونيل أورليانو واكتشافه لتلك السرقات يقرر إعادة الحق لأهله بعد حديث قصير مع ربيكا التي لم تمانع على الإطلاق.

انقلاب الأحوال

دخول شركة الموز إلى ماكوندو للاستفادة من ثرواتها الطبيعية، فينضم خوسية أركاديو سيغوندو للشركة، ويعمل كمراقب عمال، ثم يرث صفة تمرد الكولونيل أورليانو، فيثور مع العمال، إلى أن تقرر الشركة فتح النار على عمالها، وينتقل خبر موت 3 آلاف شخص في هذا اليوم عبر خوسيه أركاديو سيغوندو للعائلة بعد هروبه، ليبقى في بيت أورسولا وداخل غرفة الكيمياء دارسًا وقارئا لما فيها.

يحب أورليانو الثاني فيرناندا الأرستقراطية والتي تربت على أن تكون ملكة، رغم علاقته ببيترا كوتيس، فلم يلبث أن عاش مع فيرناندا قليلا ثم رحل عنها ليعيش مع بيترا كوتيس والتي كانت بمثابة تميمة الحظ، فاغتنى بشدة وفحش، حتى أن ذاع صيت غناه وحضر حفلاته القاصي والداني، لتبغض أورسولا غناه الفاحش وغير المستحق من وجهة نظرها وتعتبره بلاء على الأسرة، فكان يسخر منها ويدهن أعمدة المنزل بأوراق البنكنوت.

أنجب أورليانو الثاني من فيرناندا الأرستقراطية 3 أبناء، وهم: ميمي وخوسية أركاديو الثالث وأمارانتا أورسولا، وتسيطر فيرناندا على المنزل بعد كبر سن أورسولا وإصابتها بمشاكل في الإبصار وبعد وفاة أمارانتا وأورسولا، وتستمر العلاقات المتوترة بين فيرناندا وأورليانو الثاني الذي هجرها بسبب التزامها الزائد وأرستقراطيتها المرهقة بالنسبة له، لكنه عاد في النهاية إليها بعد أن وعدها بأن يموت في منزلها.

 

مصير مختلف

تقرر فيرناندا والتي تصبح أورسولا جديدة استئجار حارس لقتل عشيق ابنتها ميمي ذي الفراشات الصفراء بيبليانو الذي يتسلل إليها ليلًا وتنجح خطتها بالفعل ولكن بعد فوات الأوان، فقد أنجبت ميمي ابنها “أورليانو بيبليانو” بالفعل ليعيش مع فيرناندا في نفس البيت مخفيًا في غرفة الكيمياء مع خوسية أركاديو سيغوندو، فتقرر إرسال ابنها خوسية أركاديو الثالث إلى روما ليصبح البابا.

وفجأة تمطر سماء ماكوندو لقرابة الخمس سنوات، فتضيع ثروة أورليانو الثاني ويحاول في نهاية حياته أن يفي بوعده لإبنته أمارانتا أورسولا لتسافر إلى بروكسل لتستكمل دراستها، فيعود للعمل بكل جد واجتهاد في بيع تذاكر اليناصيب لينجح في مسعاه وتسافر أمارانتا لبروكسل بالفعل.

ثم يموت التوأم خوسية أركاديو سيغوندو وأورليانو الثاني في نفس اليوم، ولا يبقى في البيت إلا فيرناندا التي تعاني من مرض عضال مع الابن غير الشرعي لابنتها ميمي أورليانو بيبليانو في غرفة الكيمياء، وبعد غنى زوجها الفاحش لا تجد فيرناندا بعد هذا العمر إلا سلة طعام يومية لا تعلم مرسلها الحقيقي والتي كانت بيترا، وتموت فيرناندا في النهاية بعد توقف المطر ويعود ابنها خوسية أركاديو الثالث في روما ليقرأ رسائل أمه فلا يجب إلا أورليانو بيبليانو فيعرف حقيقته كابن غير شرعي لميمي.

 

كنوز العائلة

تركت العائلة خلفها كنزان، أحدهما عبارة عن لفافات ميلكياديس الغجري والتي لطالما حاول أفراد الأسرة على فك شفرتها لفهم محتواها في غرفة الكيمياء، ليحمل أورليانو بيبليانو عبء فكها وقراءتها بعد أن كوّن من سنوات عزلته في غرفة الكيمياء حصيلة معرفية ضخمة وهائلة.

والكنز الثاني هو من الذهب الذي أصرت أورسولا قبل موتها على عدم الإفصاح به بعدما رأت من غنى أورليانو الثاني الفاحش من بلاء على أسرتها وتكرارهم لنفس الأخطاء، فأخفته داخل بلاط غرفتها، ولم يكتشفه إلا ابن فيرناندا العائد من روما خوسية أركاديو الثالث، والذي لطالما كذب على الأسرة بشأن دراسته في روما، ليعود ويعبث مع رفاقه في منزل الأسرة بكنوزها، وفي يوم قرر طرد رفاقه، فعادوا إليه لينتقموا منه فأغرقوه في حوض الاستحمام وسرقوا الذهب.

 

  • نهاية رواية “مئة عام من العزلة”

تعود أمارانتا أورسولا من بروكسل متزوجة من جاستن، إلا أن علاقتها لم تستمر بسبب رغبة زوجها في العودة إلى بروكسل بعد أن أخطأ في تقدير رغبة زوجته في تحمل ماكوندو، فأحبها أورليانو بيبليانو، ورغم العلاقة غير الشرعية بينهما، أنجبا الطفل الأخير لعائلة بوينديا فأسماه أبيه “أورليانو”، وفي تطور درامي يكتشف الأب أورليانو بيبليانو شفرة أوراق ميكلياديس الغجري السنسكريتية بعد وفاة أمارانتا أورسولا نزفا من ولادتها، ويكتشف أن ابنه أوليانو له الذيل الملعون الذي خافت منه الجدة أورسولا طوال حياتها فيأكل الطفل النمل الذي هاجم القرية ودمرها.

وبينما يقف أورليانو بيبليانو ممسكا بأوراق ميلكياديس ليقرأها متأثرا بما حدث لزوجته وابنه وخواء قرية ماكوندو من السكان تقريبا لكثرة كوارثها، يكتشف أن أوراق ميلكياديس ما هي إلا نبوءة لكل ما حدث للعائلة طوال عقود وعلى مدار 7 أجيال تروي الأحداث بدقة وتتنبأ بها، كما تتنبأ في اللحظات الأخيرة بعاصفة هائلة تمحو القرية وبيت العائلة وكل من فيه، لتفنى عائلة بوينديا وأورسولا عن آخرها بعد “مئة عام من العزلة” !

 

وقد ناقش فريق عمل الأكاديمية بوست في أحد أندية القراءة الرواية.

Exit mobile version