ما هو أرق الكورونا وماهي أسبابه؟

ما هو أرق الكورونا وماهي أسبابه؟

الحصول على قسط جيد من الراحة ليلًا في ظل الظروف المرهقة أمر صعب، وقد يكون النوم الجيد أثناء جائحة الكورونا المستمرة أمرًا مستحيلًا في بعض الليالي القاسية، ومن المعروف أن مشاكل النوم ليست جديدة، فعلى سبيل المثال أكثر من ثلث الأمريكيين لم يحصلوا على قسط كافٍ من النوم بشكل منتظم لسنوات. إن قلة النوم الجيد مشكلة منتشرة لدرجة أن مركز السيطرة على الأمراض قد أطلق عليها وباء الصحة العامة، ولكن ساهمت الجائحة في تفاقم هذه المشكلة فمع التوتر والحزن والقلق من فيروس كورونا، وتأثيره على الحياة اليومية يُبلغ الناس عن مشاكل نوم أكثر من أي وقت مضى حيث أبلغ حوالي أربعة من كل عشرة أشخاص عن مشاكل في النوم أثناء الوباء هذا ما جعل خبراء النوم يطلقون على مشاكل النوم خلال الجائحة [1] «بأرق كورونا-coronasomnia».

ما هو أرق الكورونا وماهي أسبابه؟

يتميز أرق الكورونا بزيادة مشاكل النوم أثناء الوباء بالإضافة إلى أعراض القلق والاكتئاب والتوتر. في حين أن الأرق التقليدي غالبًا ما يرتبط بالقلق والاكتئاب يختلف أرق الكورونا عنه بأنه دائمًا ماكان مرتبط بأسباب ساهمت في رفع مستويات التوتر خلال الجائحة ومن ثم ظهور هذه المشكلة، وبدأت أعراض أرق الكورةنا أو اشتدت أثناء الجائحة.

لقد قلبت الجائحة تقريبًا كل جانب من جوانب حياتنا اليومية. تكيف الآباء والأطفال مع التعليم عن بعد بينما انتقل ملايين العمال إلى العمل عن بعد أو تم إجازتهم أو فقدوا وظائفهم بالكامل. فقد الناس أحباءهم وعانوا من المرض. هناك حالة مستمرة من عدم اليقين بشأن الأمن الوظيفي، والصحة، ومتى ستعود الأمور إلى طبيعتها. مع الكثير من التغييرات دفعة واحدة، فلا عجب أن يواجه الناس صعوبة في النوم.

زيادة الضغط

تؤثر أحداث الحياة الكبيرة المجهدة مثل الكوارث الطبيعية والهجمات الإرهابية على الصحة النفسية، وتخلق مشاكل في النوم يمكن أن تستمر لأشهر بعد ذلك. يمكن اعتبار جائحة عالمي كحدث من هذا القبيل.

يزيد التوتر من مستويات الكورتيزول، وهو هرمون يعمل عكسياً مع الميلاتونين هرمون النوم. في الطبيعي يرتفع الكورتيزول في الصباح الباكر لتنشيط جسمك طوال اليوم، وينخفض ​​مساءً حيث يبدأ إنتاج الميلاتونين اللذي يعدك للنوم، وبالتالي عندما تظل مستويات الكورتيزول لديك مرتفعة نتيجة التوتر يتم تعطيل إنتاج الميلاتونين، وكذلك تتعرقل راحة نومك.

يمكن أيضًا أن يقلل التواجد في المنزل طوال اليوم من دافعك للنوم نظرًا لأنك تحصل على قدر أقل من التعرض للضوء الطبيعي اللذي يعتبر المنظم الرئيسي لدورة النوم والاستيقاظ لديك. فقدان الروتين اليومي بسبب إرشادات التباعد الاجتماعي اختفت العديد من أجزاء الحياة الطبيعية من ممارسة الهوايات إلى المناسبات الاجتماعية بين عشية وضحاها. يزيد فقدان هذه الأنشطة من إحساسنا بالعزلة الاجتماعية، ويمكن أن يؤثر سلبًا على الصحة العقلية. تخدم الأنشطة العادية أيضًا وظيفة مهمة فيما يتعلق بنومنا. كانت التنقلات والوجبات وفصول التمارين الرياضية والأحداث الاجتماعية كلها علامات زمنية ساعدت في تعزيز إيقاعاتنا اليومية، ومن ثم دورة النوم والاستيقاظ.

بالنسبة لبعض الناس ساهمت هذه التغييرات في انخفاض جودة النوم على الرغم من قضاء المزيد من الوقت في السرير، وقد كانت هذه الأعراض أكثر وضوحًا للأشخاص الذين يعانون من ارتفاع معدلات الاكتئاب والقلق والتوتر. بدون روتين يومي من الصعب أن يظل إيقاعك اليومي على المسار الصحيح، وعندما يتعطل إيقاع الساعة البيولوجية لا يتأثر النوم فقط بل تتأثر مجموعة من الوظائف البيولوجية بما في ذلك الهضم والشهية والاستجابة المناعية وغير ذلك. نتيجة لذلك يصبح قلة النوم والقلق الناجمين عن أرق الكورونا دورة تحقق ذاتها، فعندما يحصل الناس على قسط أقل من النوم تزيد مستويات التوتر لديهم، ويزيد من سوء الحالة المزاجية وبالتالي تتفاقم مشاكل النوم أكثر، ويمكن أيضًا أن يقلل الحرمان من النوم دافعك لممارسة الرياضة ويزيد من شهيتك للأطعمة غير الصحية، ويمكن أن تؤدي هذه التغييرات بعد ذلك إلى زيادة الوزن مما يزيد من خطر الإصابة باضطرابات النوم.

إذا تُرك اضطراب النوم المزمن دون رادع، فقد يؤدي إلى عواقب صحية طويلة المدى مثل: أمراض القلب والأوعية الدموية، والسمنة، والاكتئاب، وحتى السكتة الدماغية.

زيادة استهلاك وسائل الإعلام

في محاولة لمواكبة أحدث المعلومات حول الجائحة زاد الناس بشكل كبير من استهلاكهم لوسائل الإعلام أثناء الوباء، ويعتمدون الآن على مجموعة أكبر من مصادر الأخبار. في جميع الجوانب تقريبًا أدت هذه السلوكيات إلى زيادة مستويات الاضطراب العقلية، وارتبط قضاء المزيد من الوقت المستغرق في وسائل الإعلام، وكذلك التحقق من الأخبار بشكل متكرر بمستويات أعلى من القلق. كلما زاد بحث الشخص عن أنواع مختلفة من الوسائط مثل التلفزيون أو وسائل التواصل الاجتماعي زادت أعراض الخوف لديه. المشكلة هي أن الناس زادوا من استهلاكهم للوسائط ليلًا بالقرب من وقت النوم. نتيجة لذلك يقضي الأشخاص أيضًا وقتًا أطول مع أجهزتهم الإلكترونية، والبث المباشر ومشاهدة الأخبار. ترتبط زيادة وقت الشاشة بنوم أقصر وأقل راحة، فالمزيد من وقت الشاشة يعني المزيد من التعرض للضوء الأزرق، ويفسر دماغك الضوء الأزرق بشكل مشابه لضوء الشمس. يؤدي التعرض لهذا الضوء في الليل إلى ارتفاع مستويات الكورتيزول اللذي يعاكس في عمله الميلاتونين كما تحدثنا سابقًا. بمعنى آخر تشعر بمزيد من اليقظة والتوتر بدلاً من الاسترخاء والاستعداد للنوم. [1]

أعراض أرق الكورونا

تشمل أعراض أرق الكورونا ما يلي:

1. أعراض الأرق مثل صعوبة السقوط والاستمرار في النوم.

2. زيادة مستويات التوتر.

3. زيادة أعراض القلق والاكتئاب.

4. أعراض الحرمان من النوم مثل زيادة النعاس أثناء النهار، وضعف التركيز، وسوء الحالة المزاجية.

طوال جائحة كورونا وثقت دراسات مختلفة زيادة معدلات الأرق واضطرابات الصحة العقلية. ويقدر الخبراء أن عدد الأشخاص الذين يعانون من أي شكل من أشكال الأرق قد زاد بنسبة 37% عن ما قبل الجائحة. في الوقت نفسه أبلغ أربعة من كل عشرة أشخاص عن عرض واحد على الأقل من أعراض الصحة العقلية أثناء الوباء. مقارنة بعام 2019 تضاعف عدد الأشخاص الذين يعانون من أعراض القلق ثلاث مرات، وأما بالنسبة للاكتئاب فقد تضاعف أربع مرات [1]، وارتفعت معدلات الأرق في الصين من 14.6% إلى 20% خلال فترة الإغلاق القصوى، ووفقًا لدراسة نُشرت في الأكاديمية الأمريكية لطب النوم كان هناك 2.77 مليون عملية بحث على جوجل عن الأرق في الولايات المتحدة خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2020_ بزيادة قدرها 58% عن نفس المدة في السنوات الثلاث السابقة. [2]

من هم الأكثر عرضة لخطر الإصابة بأرق الكورونا؟

يمكن لأي شخص أن تظهر عليه أعراض أرق الكورونا، ولكن هناك مجموعات معينة من الناس معرضون لخطر متزايد بما في ذلك: المرضى المصابون بفيروس كورونا، والعاملون في الخطوط الأمامية، ومقدمو الرعاية الصحية بدون أجر، والنساء، والشباب.

من المرجح أن يبلغ مرضى كورونا عن مشاكل النوم بسبب أعراض المرض التي تجعل الراحة صعبة مثل: التنفس والسعال. حيث أبلغ 75٪ من المرضى عن مشاكل في النوم. [1]

العاملون الطبيون في الخطوط الأمامية

لا سيما أولئك الذين يعملون مباشرة مع مرضى كورونا لديهم معدلات أعلى بكثير من سوء نوعية النوم، والأرق، والقلق، والاكتئاب، والنوم المضطرب. هؤلاء الأفراد معرضون بشكل أكبر للإصابة بالعدوى، وبالتالي زاد القلق بشأن العدوى فضلًا عن مستويات أعلى من الإجهاد المرتبط بالعمل بسبب نقص الإمدادات، وأبلغ ما يصل إلى 80% من هؤلاء العاملين في المجال الطبي عن اضطراب النوم، وكانت النساء العاملات أكثر عرضة بنسبة 40% من العمال الذكور للإصابة بالأرق. [1]

هذا بالنسبة للأشخاص المعرضون لخطر الإصابة بأرق الكورونا، ولكن يبقى السؤال هل الأرق من أعراض مرض كوفيد -19؟

على الرغم من أن بعض الناجين من فيروس كورونا اللذين يعانون من أعراض طويلة الأمد يعانون من الأرق؛ إلّا أنّ مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) لا يُدرج اضطراب النوم هذا كعرض شائع للإصابة بكورونا، ولكن جعل الإجهاد المرتبط بالجائحة هو السبب الأكثر احتمالية للأرق لدى هؤلاء الأفراد. [2]

5 نصائح لمكافحة أرق الكورونا

هناك عدد من النصائح اللتي يمكنك من خلالها تحسين تجربة نومك مثل:

1. الاستراحة من الأخبار

على الرغم من أنه من الجيد البقاء على اطلاع بالأخبار، ولكن حاول تجنب الإفراط في الأخبار والعادات السيئة الأخرى هذا مهم بشكل خاص في المساء.

2. الالتزام بجدول زمني ثابت

كما ذكرنا سابقًا، فإن الكثير من التوتر يأتي من تغيير روتيننا اليومي رأسا على عقب. لكن يمكننا الحصول على بعض الراحة من خلال إنشاء جدول يومي وروتين والالتزام به. حاول الحفاظ على وقت نوم ثابت ووقت يقظة ثابت بغض النظر عن يوم الأسبوع.

3. تخطي القيلولة

يمكن أن تكون القيلولة طريقة جيدة لاستعادة بعض الطاقة خاصة إذا كنت تعمل من المنزل، ويمكن أن تنزلق بسهولة من مساحة المكتب إلى الأريكة أو السرير، ولكن تذكر أن قيلولة قصيرة أو قيلولة قصيرة في وقت مبكر من بعد الظهر يمكن أن تكون مفيدة لبعض الناس، ولكن القيلولة الطويلة والقيلولة في وقت لاحق من المساء يمكن أن تعطل النوم.

4. تجنب قلق الساعة

أنت تعرف الشعور عندما تستيقظ في منتصف الليل، وتتحقق من ساعتك ثم تشرع في القلق بشأن الحاجة إلى النوم مرة أخرى؛ لكن هذا التوتر يبقيك مستيقظًا بدلاً من ذلك. إن محاولة عدم الضغط في هذا الموقف أسهل قولًا من فعلها، ولكن هناك خيارات من حيث الاسترخاء يمكن أن تجعل الأمر أسهل. يمكن لتقنيات الاسترخاء مثل التأمل، والتخيل الموجه، والاسترخاء التدريجي للعضلات أن تساعدك على النوم. [2]

5. ممارسة التمارين الرياضية كل يوم

تساهم التمارين اليومية في الحصول على نوم أكثر راحة. التمرين أيضًا وسيلة رائعة للتخلص من التوتر والقلق. حاول إنهاء التمرين قبل النوم بساعة واحدة على الأقل. تعمل التمارين القوية على تنشيط الجسم وتسخينه لذا اترك وقتًا كافيًا لتهدأ قبل النوم. [1]

أما إذا استمرت مشاكل نومك فحاول التحدث لطبيب مختص في هذا الأمر؛ حيث يمكنه تقديم توصيات إضافية مثل العلاج السلوكي المعرفي للأرق، وهو علاج مثبت للأرق، وبالنسبة لأولئك الذين لا يزالون يمارسون التباعد الاجتماعي تُظهر الدراسات أن العلاج المعرفي السلوكي فعال بنفس القدر حتى عند تقديمه عن طريق التطبيب عن بعد. [1]

إقرأ أيضًا: تأثير جائحة كورونا على الصحة النفسية

مصادر ماهو أرق الكورونا وماهي أسبابه؟

1. Sleepfoundation

2. Clevelandclinic

كيف أثرت جائحة كورونا على التجارب السريرية؟

كيف أثرت جائحة كورونا على التجارب السريرية؟

نحتاج لعشرات السنوات ومليار دولار أو أكثر لإيصال دواء جديد من المختبر لخزانة الأدوية الخاصة بك. لا يرجع السبب في هذا التعقيد لاختبار سلامة وفعالية الدواء فقط، بل يرجع أيضًا للترتيبات الإدارية وتنسيق الأعمال الورقية، وكذلك في وصول المتطوعين إلى موقع الدراسة ليتم اختبار الدواء عليهم، فغالبًا مايضطرون إلى السفر لمسافات بعيدة مرارًا وتكرارًا.

سعى الباحثون لعدة سنوات لتحسين التجارب السريرية وتسريعها، فعلى سبيل المثال سعت مبادرة تعديل التجارب السريرية (CTTI) للقيام بالإصلاحات التي من شأنها أن تجعل التجارب السريرية أكثر ذكاءً وسرعة، ويسهل وصول المرضى إليها دون التضحية بالجودة. ساهمت جائحة كورونا والمخاطر التي فرضتها في دفع عجلة تغيير التجارب السريرية للأمام. [1]

قبل أن نتعرف على هذه التغييرات دعونا نفهم ماهي «التجارب السريرية-clinical trials»؟

ماهي «التجارب السريرية-clinical trials»؟

هي دراسات بحثية تُجرى على الأشخاص بهدف تقييم التدخل الطبي أو الجراحي أو السلوكي.

إنها الطريقة الأساسية التي يكتشف بها الباحثون ما إذا كان العلاج الجديد آمنًا وفعالًا عند الأشخاص؛ سواء كان هذا العلاج دواء، أو نظام غذائي جديد، أو جهاز طبي (مثل جهاز تنظيم ضربات القلب)، وهي الطريقة التي تمت بها دراسة فعالية لقاحات كورونا على سبيل المثال.

غالبًا ما تختبر التجارب السريرية فعَالية وسلامة الدواء الجديد مقارنة بالدواء القياسي المستخدم من قبل، وقد تختبر التجارب السريرية طُرقًا لاكتشاف المرض، أو طُرقًا لمنع حدوث مشكلة صحية.

من الممكن أن تبحث التجربة السريرية أيضًا في كيفية تحسين حياة الأشخاص الذين يعانون من مرض يهدد الحياة أو مشكلة صحية مزمنة، وأحيانًا تدرس التجارب السريرية دور مقدمي الرعاية أو مجموعات الدعم.

قبل أن توافق إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) على بدء تجربة سريرية، يُجرِي العلماء اختبارات ودراسات معملية على الحيوانات لاختبار سلامة وفعالية العلاج الجديد. إذا أظهرت هذه الدراسات نتائج إيجابية، فإن إدارة الغذاء والدواء (FDA) تمنح الموافقة على التدخل ليتم اختباره على البشر. [2]

كيف أثرت جائحة كورونا على التجارب السريرية المعتادة؟

تهدُف التجارب السريرية لتحقيق هدفين رئيسيين:

1. حماية المشاركين وعدم تعريضهم لمخاطر غير ضرورية.
2. جمع بيانات عالية الدقة للإجابة على سؤال البحث.

يتطلب القيام بتجربة سريرية العديد من المهام التي لا نعلم ما إذا كانت تساهم حقًا في تحقيق أيًا من هذه الأهداف. تُكلّفنا هذه المهام العديد من المال والوقت.

سلّطت جائحة كورونا الضوء على حاجتنا للتجارب السريرية السريعة والكبيرة والصارمة، فوجدنا أنفسنا في مواجهة مرض لا نملك أي فكرة عن كيفية علاجه.

هذا ما جعل الباحثون ينجحون في إجراء تجارب سريرية سريعة متعددة المراكز مع آلاف المرضى المصابين بفيروس كورونا، وبدأت بعض من هذه التجارب في غضون أسبوع – من مجرد فكرة إلى تسجيل المرضى. هذه سرعة لم يسبق لها مثيل! [1]

كيف جعلت جائحة كورونا التجارب السريرية الافتراضية واقعًا؟

يتم جمع بيانات المشاركين في التجارب السريرية الافتراضية من خلال الهاتف، والإنترنت، وأجهزة المراقبة عن بعد التي يحمِلها المريض، ويمكن لهذا النوع من الدراسات أن يُقدّم العديد من الفوائد لشركات الأدوية بما في ذلك توفير التكاليف.

أجرت شركة Pfizer أول دراسة سريرية افتراضية في عام 2011، والتي تابعت حالة المشاركين باستخدام الهواتف المحمولة والإنترنت. [4] هناك أيضًا دراسة نُشرت في 2019؛ تمت فيها متابعة المرضى عن طريق الهاتف بعد إعطاء المتطوعين أدوية مانعة للتخثر، فقد تم شحن وإرسال هذه الأدوية للمرضى، ومن ثم تمت متابعتهم بالهاتف. [1]

يدعم العديد من الباحثين فكرة أن التجارب السريرية الافتراضية هي المستقبل، ولكن يبدو أن جائحة كورونا جعلت هذا المستقبل حاضرًا، ففي كثيرٍ من الأحيان كان الوضع الافتراضي الطريقة الوحيدة لإكمال دراسة جارية؛ خوفًا من نقل العدوى للمشاركين مثلًا، فطرحت هذه الجائحة في الكثير من الأحيان أسئلة مهمة مثل ما الذي نستطيع فعله وفحصه عن بعد؟ وبالتالي كانت العديد من الفحوصات تُجرى عن بعد. [3]

لقد كانت التجارب السريرية الافتراضية جزء مهم ساعد الباحثون في البحث عن العلاج المناسب لفيروس كورونا؛ على سبيل المثال أُجريت تجربة سريرية افتراضية لمعرفة ما إذا كان بإمكان عقار الهيدروكسي كلوروكين حماية الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بفيروس كورونا، وضمت التجربة أكثر من 800 شخص أُرسِلت لهم الأدوية، وتمت مراقبة صحتهم عن بعد.

والآن بعد أن دفع الوباء المراكز الطبية إلى إنشاء التكنولوجيا التي تشتد الحاجة إليها، وبعد أن أَجبر الوباء إدارة الغذاء والدواء على إصدار إرشادات للتجارب الافتراضية أثناء الجائحة، أصبح من الصعب تخيل عودة البحوث السريرية إلى ما كانت عليه من قبل، وعلى الرغم من التطور الملحوظ الذي حدث في استخدام هذا النوع من التجارب إلا أنه لازالت هناك العديد من المشاكل التي يتوجب دراستها وحلها. [1]

ما هي التغييرات الأخرى التي يمكن أن تجعل البحث أكثر كفاءةً وأقل إرهاقًا؟

إصلاح مجالس المراجعة الداخلية وإعادة تنظيمها تعتبر من الخطوات المهمة لدفع التجارب السريرية للأمام. فعلى سبيل المثال في تجربة سريرية لدراسة الأدوية التي تُنظّمها إدارة الغذاء والدواء (FDA) والسلطات التنظيمية الأخرى في مرضى القلب، وتُجرَى هذه التجربة في 1000 موقع سريري مختلف في 37 دولة، وكان لكل موقع «مجلس استعراض مؤسساتي-IRB» خاص به.

يقوم مجلس IRB بمراجعة أسلوب البحث، والطرق المستخدمة به أخلاقيًا لتضمن أن يكون البحث أخلاقي. يتكون هذا المجلس من عدة أشخاص يصل عددهم إلى 10 أشخاص يراجعون فيه البروتوكول الخاص بالدراسة، ومِن ثم يقررون مشاركتهم في هذه الدراسة من عدمه، ولكن لا يمكن لهذه المجالس المحلية تغيير البروتوكول؛ كل ما يمكنهم فعله هو إجراء تغييرات طفيفة على نماذج الموافقة المحلية، وبالتالي يقترح باحثو هذه الدراسة أن يتم تقليص عدد الأشخاص في IRBs في الدراسات القادمة، لأنه إذا كان مثلًا كل IRB يتكون من 10 أشخاص في الدراسة السابقة، فما قيمة أن يقوم 10000 شخص بمراجعة بروتوكول لا يمكنهم تغييره؟! [1]

في الخاتمة نعلم أنه بسبب الإجراءات المرهقة وغير الفعالة، والقوى العاملة، والموارد الأخرى التي تتطلبها التجارب السريرية لدينا عدد قليل من التجارب السريرية، عدد أصغر من أن يُجيب على عدة أسئلة مهمة، وبالتالي إذا قمنا بتبسيط البنية التحتية البحثية يمكننا تحقيق الكثير لدفع العلوم الطبية ورعاية المرضى إلى الأمام.

لا شك أن البحث السريري مشروع عالي المخاطر، ومنظم للغاية، والتغيير في نظام مثل هذا صعب، ولكن أبرزت جائحة كورونا الحاجة إلى التغيير بل استطاعت أيضًا جعل هذا التغيير واقعًا.

إقرأ أيضًا: تأثير جائحة كورونا على الصحة النفسية.

مصادر كيف أثرت جائحة كورونا على التجارب السريرية؟:

[1]. Scientific American
[2]. NIH
[3]. clinicaltrialsarena
[4]. Pfizer

تأثير جائحة كورونا على مقاومة المضادات الحيوية

تأثير جائحة كورونا على مقاومة المضادات الحيوية

في 20 نوفمبر 2020 حَذّرت منظّمة الصّحة العالمية من خطورة ارتفاع مقاومة المُضادات الحيوية، وصرّحت بأنّ خطورتها لا تقل عن خطورة جائحة الكورونا. [1]

لنتعرف على كيفية مُساهمة الجائحة في ارتفاع مقاومة المضادات الحيوية دعونا أولًا نُوضح كيفية حدوث هذه المقاومة.

ماهي المضادات الحيوية؟

المضادات الحيوية عبارة عن أدوية تُستخدم للوقاية من عدوى الالتهابات البكتيرية وعلاجها عن طريق قتل البكتيريا أو تثبيط نُموها. تُعتبر المضادات الحيوية حجر الأساس لعلاج عدة أمراض لذلك تُستَهلك بكميات كبيرة. على سبيل المثال تُصرف حوالي 150 مليون وصفة مضادات حيوية سنويًا في أمريكا. [3]

ماهي مقاومة المضادات الحيوية؟

البكتيريا كائنات حية تتطور بمرور الوقت وظيفتها الأساسية هي النمو والتكاثر والانتشار بسرعة وكفاءة. لذلك تتكيف هذه الميكروبات مع بيئتها وتتغير بطرق تضمن بقائها على قيد الحياة.

يمكن أن تُحدِث البكتيريا تغييرات جينية تُمَكّنها من مقاومة الظروف التي تتعارض مع تكاثرها ونموها، ولذلك عند تعرّضها للمضادات الحيوية بكثرة يحدث تغير في جيناتها وتُصبح مُقاوِمة للمضادات الحيوية. يُمكن للبكتيريا كذلك تمرير هذه الجينات للبكتيريا الأخرى. [2]

تُعتبر مقاومة المضادات الحيوية أحد أهم المشاكل الصحية في عصرنا الحالي. يموت حوالي 700 ألف شخص سنويًا بسببها، وقد يرتفع هذا الرقم إلى 10 ملايين بحلول عام 2050. [1]

ماهي أسباب مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية؟

كما ذكرنا سابقًا كُثرة تعرّض البكتيريا للمضادات يُمكِّنها من مقاومتها. لذلك استخدام الكثير من المضادات الحيوية دون داعٍ يُعتبر سبب رئيسي في تفاقم المشكلة. على سبيل المثال يُقدّر مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) أن حوالي 47 مليون وصفة للمضادات الحيوية تُصرف كل عام للعدوى التي لا تحتاج إلى مضادات حيوية مثل نزلات البرد والإنفلونزا في الولايات المتحدة. [2]

العلاقة بين جائحة الكورونا وزيادة مقاومة المضادات الحيوية.

على الرغم من عدم قدرة المضادات الحيوية على علاج العدوى الفيروسية إلا أنه هناك ارتفاع في استخدامها خلال الجائحة، ففي دراسة لمنظمة الصحة العالمية شملت 9 بلدان وعدة مناطق في أوروبا تُشير إلى أن 79-96٪ ممن تناولوا المضادات الحيوية خلال الجائحة لم يصابوا بفيروس كورونا ولكن اعتقدوا أنها ستحميهم من الإصابة علمًا بأن المضادات الحيوية لا تُعالج ولا تحمي من العدوى الفيروسية. تُشير الدراسة أيضًا إلى أنه 75% من المصابين بفيروس كورونا تلقّوا المضادات الحيوية في حين أن 15% من المصابين فقط كانوا في حاجة إليها.

في بداية الجائحة كانت تُوصف المضادات الحيوية للمصابين بفيروس كورونا خوفًا من الإصابة بعدوى بكتيرية بسبب انخفاض المناعة، ولكن في الوقت الحالي نتيجة ارتفاع مقاومة المضادات الحيوية اتجهت بعض الدول لتقييد استخدامها ووصفها فقط للمرضى المصابين بعدوى بكتيرية مؤكدة مختبرياً، ولكن مايزال العديد من المصابين بفيروس كورونا يتلقونها بدون الحاجة إليها. [4]

وبالتالي سوء استخدام المضادات الحيوية هو ما جعل جائحة الكورونا تُساهم في تفاقم هذه المشكلة.

كيف تُساعد في التقليل من مقاومة المضادات الحيوية خلال جائحة كورونا؟

1.لا تَستخدِم المضاد الحيوي للوقاية من فيروس كورونا.
2.إذا كُنت مريض لا تستخدم المضاد الحيوي إلا في حالة وصفه من طبيب مختص، وتجنب الضغط على طبيبك ليصف لك المضاد.
3.إذا قرر طبيبك أن المضادات الحيوية هي أفضل علاج عندما تكون مريضًا فتذكر:
• أن تأخذ المضاد تمامًا كما يخبرك طبيبك.
• لا تُشارك المضاد الحيوي الخاص بك مع الآخرين، ولا تحتفظ به لوقت آخر.
• لا تتناول المضادات الحيوية الموصوفة لشخص آخر هذا قد يؤخر علاجك، أو يجعلك أكثر مرضًا، أو يسبب لك آثارًا جانبية.
• تحدّث مع طبيبك والصيدلي إذا كانت لديك أسئلة حول المضادات الحيوية. [2]
في النهاية تذكر أنه يمكن لمقاومة المضادات الحيوية أن تُؤثّر على أي شخص في أي مرحلة من مراحل الحياة، وكذلك تُهدّد هذه المشكلة جودة الرعاية الصحية التي نعتمد عليها. إجراءات مثل استبدال المفاصل، وزرع الأعضاء، وعلاج السرطان تحتمل فيها الإصابة بعدوى بكتيرية، ولن يتمكن المرضى من تلقيها إذا لم تتوفر المضادات الحيوية الفعالة.

لذلك يجب أن نُقيّد استخدام المضادات الحيوية لننعم برعاية صحية جيدة لأطول فترة ممكنة.

مصادر:

[1] livemint

[2] CDC

[3] Webmd

[4] WHO

اقرأ أيضا: تأثير جائحة كورونا على الصحة النفسية.

Exit mobile version