مقدمة عن ثورة الحواسيب الكمية

مقدمة عن ثورة الحواسيب الكمية

لمحة فيزيائية بسيطة

في فيزياء الكم كل جسيم لديه طبيعة موجية، والطبيعة الموجية للإلكترون تختار حالة طاقة معينة له من عدة حالات داخل النواة. ويمكن أن ينتقل الإلكترون بين الحالات المختلفة من خلال امتصاص أو انبعاث فوتونات الضوء.

ماذا نستفيد من هذا الشيء في الحوسبة؟ حسناً، نظام كمي مع الحالات المنفصلة يجعل بالإمكان اختيار حالتين لتكون واحدة منهم هي 0 والأخرى 1، ومعاملتهم كحالات البيت الواحد الذي يأخذ قيميتين فقط، ولكن الفرق أنه سيحمل القيمتين معاً. ويمكنك الانتقال بالبيت بين هذه الحالات من خلال تطبيق الضوء ذا التردد المناسب للانتقال. وبذلك يمكن تشكيل العناصر الأساسية للحوسبة مع وجودهم في عدة حالات في نفس الوقت.

تتحكم وتخزن أجهزة الكمبيوتر الحالية المعلومات بالتمثيل الثنائي 0 أو 1. ولكن الحواسيب الكمومية تستفيد من ظواهر ميكانيك الكم للتحكم بالمعلومات. فهي تستخدم ما يسمى بال  «البيت الكمي – qubit» الذي يحمل القيمتين 0 و1 معاً في نفس الوقت.

تعتمد الحواسيب الكمومية على ثلاث خصائص من العالم الكمي للتحكم بال qubits وهي:

«التراكب – Superposition»

ويشير إلى مزيج من الحالات التي بالعادة تكون منفصلة وبشكل مستقل. فحسب نظرية الكم يكون الجسيم في جميع الحالات معاً عندما لا يكون مراقب أو حتى في أكثر من مكان، أي qubit يكون 0 و1 في نفس الوقت. عند نهاية العملية الحسابية سوف نقوم بالقياس لنختار واحدة من هذه الحالات، ولكن خلال العملية، الحالة لا تكون محددة.

«التشابك – Entanglement»

وهو ظاهرة كمية تعبر عن تصرف لم نره أبداً من قبل. تتصرف الجسيمات الكمية المتشابكة كنظام لا يمكن تفسيره بالمنطق الطبيعي، حيث تتفاعل مع بعضها لإنتاج ارتباط بين حالاتهم. أي أن تشابك جسيمان كلن منهم يبقى في وضع التراكب حتى يُقاسوا، ولكن في نفس الحظة التي تعرف فيها حالة واحد منهم ستعرف حالة الأخر. وبالتالي في الحاسوب يمكن أن يكون qubit متشابك مع أخر أو مع مجموعة الداخلة في عملية حسابية.

مثال شهير:

إذا كان هناك جسيمان كميان متشابكان أحدهم يدور بعكس الأخر دائما عند المراقبة ولكن عند عدم المراقبة يكون كلاً منهم يدور بالاتجاهين معاً والأخر بعكسه أي يمين-يسار ويسار-يمين في نفس الوقت. لنتصور أنه أخذنا الجسيم الأول لنهاية الكون والأخر في بدايته. تخيل أنه بمجرد أن تراقب وتعرف حالة واحد منهم سيستجيب الجسيم الأخر بنفس الحظة وتصبح حالته بعكس دوران الأول فإذا كان يدور يمين فالأخر يمكن أن نتأكد أنه يدور يسار.

«التداخل – Interference»

يمكن للجسيم أن يعبر في مساره الخاص أو يتداخل مع مسارات أخرى جديدة أو مع مساره أيضاً وظهر ذلك في تجربة الشق المزدوج.

عندما تكون البيتات في حالات التراكب، فهذا يعطينا مجال أوسع بكثير من الاحتمالات من البيتات العادية. والتشابك يسمح ل qubits أن تستمر في هذه حالات خلال العمليات الحسابية، ولكن الحالة النهائية تعتمد على حالة بقية ال qubits الداخلة في هذه العملية. فاذا أردنا تمثيل جسيمات كمية مرتبطا ببعضها بحيث كل جسيم يرتبط بالتالي ويدور عكسه، مع خصائص التراكب والتشابك، فمن المستحيل تمثيله على الحواسيب الحالية فهو يتطلب قدر ضخم من الموارد، ولكن على الحواسيب الكمومية فهذا أمر سهل ولا يتطلع إلا عدة qubits.

الحساب الكمي

هناك عدة طرق مختلفة تستخدم فيها الأنظمة الكمومية الخصائص الكمية للحساب. دعنا نتحرى نوعًا واحدًا من الخوارزميات المصممة للأجهزة الكمومية الحالية، والتي تستخدم الحوسبة الكمية للعثور على الحل الأفضل من بين العديد من الحلول الممكنة.

يمكن استخدام هذه الخوارزمية لمحاكاة جزيء عن طريق تحديد أقل حالة طاقة بين أطوال الروابط الجزيئية المختلفة. من أجل كل طول رابطة، تُمثل أجزاء من حالة الطاقة على معالج كمومي. بعد ذلك، تُقاس جوانب الحالة الكمومية وربطها بالطاقة في الجزيء، من أجل التكوين الإلكتروني المحدد.

يؤدي تكرار هذه العملية من أجل مباعدات مختلفة بين الذرات في النهاية إلى طول الرابطة بأقل حالة طاقة، والتي تمثل التكوين الجزيئي المتوازن.

ويوجد خوارزميات أخرى مثل  «خوارزمية غروفي- Grover’s algorithm» لتطبيق بحث أسرع، «خوارزمية شزر –Shor’s algorithm» التي أثبتت أنه يمكن للحواسيب الكمومية الكبيرة يوماً ما من كسر أنظمة حماية الحواسيب المعتمدة على RSA، وهي وسيلة منشرة للحماية، تستخدم على سبيل المثال في الأيميل والمواقع المالية، وهذا ما يثير مخاوف البنوك وخبراء الأمن من أمكانية الحاسوب الكمي في المستقبل من فك تشفير البيانات بسهولة.

 الكمبيوتر الكمي هو جهاز يستغل طبيعة الموجة والتراكب والتشابك لإجراء عمليات حسابية تتضمن خصائص رياضية جماعية أو محاكاة أنظمة الكم بشكل أكثر كفاءة مما يمكنك فعله بأي كمبيوتر تقليدي. ويمكن الاستفادة في محاكاة العالم الكمي وأمور الفضاء والكيمياء والبحوث النانوية. ولكن ما يزل هناك شوط كبير لنقطعه ويحرز الباحثون تقدمًا واضحًا، وإن كان بطيئًا. ربما في غضون 10 سنوات أو 20 عامًا، سنصل إلى حاسوب كمومي متكامل.

مصادر:
forbes
IBM
scientificamerican

مواضيع أخرى: هل حقا الديب ويب مكان للجريمة؟

ما هو مبدأ أرخميدس ؟ وما هي قصة اكتشافه ؟

تاريخ الفيزياء الكلاسيكية، ما هو مبدأ أرخميدس ؟ وما هي قصة اكتشافه ؟

يعتبر أرخميدس واحداً من أهم علماء الفيزياء في العصور القديمة، فمن هو أرخميدس ؟ وما هي قصة التاج الذي أودى بحياة صانعه وكان السبب في اكتشاف أحد أهم المبادئ في فيزياء الموائع؟

المولد

ولد أرخميدس في سيراكيوز على الساحل الشرقي لجزيرة صقلية في عام 287 قبل الميلاد، سافر أرخميدس إلى الإسكندرية لتلقي التعليم ثم عاد إلى سيراكيوز ليكرس حياته في البحث والعلم والمعرفة. استطاع أرخميدس الإسهام في اكتشاف العديد من القوانين الفيزيائية ومن أهم تلك القوانين قانون الطفو أو ما يعرف باسم ” مبدأ أرخميدس “.

كيف استطاع أرخميدس اكتشاف مبدأه؟

في إحدى الأيام أمر ملك المدينة صائغه بأن يصنع له تاجًا من الذهب الخالص، وشرع الصائغ بصنع التاج وانتهى من صناعته وأرسله للملك، تسلل الشك إلى قلب الملك وبدأ يظن بأن الصائغ قد غشه وسرقه، فاستدعى الملك أرخميدس وكلفه بمهمة الكشف عن إذا ما كان التاج مصنوعًا من الذهب الخالص أم لا.

واجه أرخميدس في بادئ الأمر صعوبات عدة، فلم يكن العلماء في ذلك الوقت على دراية بمبادئ التحليل الكيميائي، وذات يوم بينما كان أرخميدس في حوض الاستحمام وجد أن الماء يرفع رجليه كلما حاول أن يدفع رجليه نحو الأسفل، وأن هناك قدرًا من الماء يزاح نتيجةً لذلك.

انطلق أرخميدس صارخاً وجدتها، أخرج التاج ووزنه ووضعه في الماء، وفي نفس الإناء وضع أرخميدس كتلة من الذهب الخالص لها نفس وزن الجسم الأول، لاحظ أرخميدس أن كتلة السائل التي أزاحها التاج تختلف عن كتلة السائل التي أزاحتها قطعة الذهب الخالص، ويعود ذلك إلى اختلاف كثافة كل من الجسمين وبالتالي اختلاف دفع الماء على كتلة كل منهما.

كشف خداع الصائغ

وبهذا استطاع أرخميدس أن يتسبب في إنهاء حياة الصائغ للأبد وذلك عندما كشف للملك أن شكوكه كانت في موضعها وأن التاج ليس مصنوغًا من الذهب الخالص، وأن يضع لنا أحد أهم المبادئ الفيزيائية المستخدمة إلى يومنا هذا وهو مبدأ أرخميدس والذي ينص على أنه “عند غمر جسم ما كلياً أو جزئياً في سائل لا يذوب فيه ولا يتفاعل معه؛ فإن السائل يدفع الجسم بقوة تدعى (دافعة أرخميدس)، وهذه القوة تساوي وزن السائل الذي يزيحه الجسم عند غمره”.

ويمكن تبسيط هذا المبدأ بالقول بأنه وعند وضع جسم ما في سائل لا يمكن للجسم أن يتفاعل معه؛ فإن السائل سيؤثر على الجسم بقوة تتجه نحو الأعلى وهذه القوة تدعى”دافعة أرخميدس” وهي مساوية لثقل كمية السائل الذي يزيحه الجسم.

مبدأ الطفو

يفسر مبدأ أرخميدس في الطفو العديد من التساؤلات أهمها: لماذا لا تغرق السفن المصنوعة من الحديد بينما تغرق المسامير الحديدية؟

بما أن السفينة مصنوعة من مادة كثافتها أكبر من كثافة الماء، كالحديد مثلاً، فإنه باستطاعتها الطفو في حال كان لها شكل مناسب بحيث تستطيع أن تحتفظ بحجم كافٍ من الهواء فوق سطحها، وبالتالي فإن معدل كثافة السفينة، متضمنة الحديد والهواء، سوف تصبح أقل من كثافة السائل وبالتالي فإنها تطفو.

اكتشافات أخرى

لم تقتصر اكتشافات أرخميدس على مبدأ الطفو فحسب، بل كان له أثر كبير في العديد من المبادئ والاكتشافات والاختراعات منها مبدأ الرافعة والبكرة المركبة والمسمار الهيدروليكي لرفع الماء من مستوى أدنى إلى مستوى أعلى، ومن أهم آلات الحرب المنسوبة إليه المنجنيق ونظام المرآة التي تعمل على تركيز أشعة الشمس على قوارب الغزاة وإشعالها والتي تم استخدامها إبان الاجتياح الروماني لصقلية. كما ستستخدم في قياس كتلة الفراغ في تجربة فيزيائية طموحة.

وفي عام 212 قبل الميلاد وبينما كان أرخميدس منشغلاً بحسابته أقدم جندي روماني على قتله، يقال بأنه كان مستغرقًا بحسابته لدرجة أنه طلب من قاتله ‪ألا يزعجه!

المصادر:
NASA
sciencing

اقرأ أيضًا عن كوبرنيكوس وتعرف على مساهماته

ما يجب أن تعرفه عن فيزياء الجسيمات ، النموذج المعياري

ما يجب أن تعرفه عن فيزياء الجسيمات ، النموذج المعياري

فيزياء الجسيمات هو فرع في علم الفيزياء يندرج ضمن فيزياء الطاقة العالية، تهتم فيزياء الجسيمات بدراسة الجسيمات مادون الذرية وخصائصها والقوى التي تحكمها، كل الإكتشافات العلمية في هذا المجال تم تجميعها في نموذج موحد يعرف بالنموذج المعياري لفيزياء الجسيمات.

النموذج المعياري:

تم تطوير النموذج المعياري في بداية سبعينيات القرن العشرين بناءً على نظريات وتجارب الاف الفيزيائيين التي بدأت من ثلاثيات القرن العشرين، نجح هذا النموذج في تفسير نتائج كل تجارب فيزياء الجسيمات، كما أنه توقع نتائج بعض التجارب، يعتبر النموذج المعياري أقرب ماتوصل إليه علماء الفيزياء إلى نظرية كل شئ.
في هذا النموذج تم تقسيم الجسيمات إلى جزئين أساسيين جسيمات مكونه للمادة وجسيمات حاملة للقوى.

جسيمات المادة:

تسمى الجسيمات المكونة للمادة بالفيرميونات وتنقسم إلى نوعين «كواركات-quarks» و «لبتونات-leptons» كلا النوعين يحتوي على 6 جسيمات كل ثنائي من هذه الجسيمات ينتمي إلى «جيل-Generation»، تنتمي الجسيمات اﻷخف إلى الجيل الأول وتكون مستقرة، أما الجسيمات من الجيل الثاني والثالث تكون أثقل وتتحلل بسرعة إلى جسيمات أخف.

في حالة الكوراركات ينتمي «كوارك أعلى-Up quark» و «كوارك أسفل-Down quark» إلى الجيل اﻷول ، ينتمي «كوارك غريب-strange quark» و «كوارك ساحر-charm quark» إلى الجيل الثاني و يتتمي«كوارك قمة-Top quark» و «كوارك قاع-Buttom quark» إلى الجيل الثالث، للكواركات خاصية مهمة تعرف ب «لون-colour» ليس لونا فعليا وإنما إسم لهذه الخاصية وحسب.

في حالة اللبتونات ينتمي «إلكترون-Electron» و «نيوترينو الإلكترون-electron neutrino» إلى الجيل اﻷول ، ينتمي «ميوون-Muon» و «نيوترينو الميوون-muon neutrino» إلى الجيل الثاني وينتمي «تاو-Tau» و «نيوترينو التاو-tau neutrino» إلى الجيل الثالث، لكل من الإلكترون والميوون والتاو شحنة كهربائية وكتلة معتبرة أما النيوترينوات فهي عديمة الشحنة وذات كتلة مهملة مع العلم أن كتل النيوترينوات غير معروفة ليومنا هذا.

تنتمي المادة المضادة إلى هذا التصنيف أيضا إذ أن لكل كوارك مضادا له يحتوي شحنة معاكسة و لونا مضادا، و لكل لبتون لبتون مضاد أيضا يحتوي على شحنة معاكسه له فمثلا مضاد الالكترون يعرف بالبوزيترون له نفس خصائص الإلكترون فيما عدا الشحنة، شحنة البوزيترون موجبة وشحنة اﻹلكترون سالبة.

الجسيمات الحاملة القوى:

تتحكم في الكون أربعة قوى أساسية هي الجاذبية، الكهرومغناطيسية، القوة النووية القوية القوية والقوة النووي الضعيفة، الجاذبة والكهرومغناطيسية لديهما مدى لانهائي أي أنهما يؤثران على بعد مسافات هائلة أما القوى النووية القوية الضعيفة فيؤثران في المجال مادون الذري فقط، كما أن هذه القوى ليست متساوية إذ أن الجاذبية أضعف بكثير من بقية القوى وتأثيرها مهمل في المجال مادون الذري تأتي القوة الكهرومغناطيسية ثم القوة النووية الضعيفة ثم القوية.

ضمن النموذج المعياري القوى لاتنتقل عبر الفضاء وإنما توجد جسيمات تقوم بنقل القوى فكل القوة من القوى الأساسية لديها جسيمات خاصة بها تعرف هذه الجسيمات ب «بوزونات-Bosons»، كل من القوة الكهرومغناطيسية النووية القوية الضعيفة تتبع هذا النموذج ماعدى الجاذبية.

البوزون المسؤول عن القوة النووية القوية يعرف ب «غلوون-gluon» وهو المسؤول عن ربط الكواركات داخل نواة الذرة وتكويين البروتونات والنيترونات.
القوة النووية الضعيفة هي المسؤولة عن التحلل اﻹشعاعي كتحول البروتون إلى نيترون والعكس البوزونات المسؤولة عن هذا التصرف هما «بوزون دابليو-W boson» و «بوزون زي-Z boson» البوزونZ عديم الشحنة أما البوزون W فيوجد منه نوعاد أحدهما موجب الشحنة واﻷخر سالب الشحنة +W و -W أي أنه يوجد 3 بوزنات مسؤولة عن القوة النووية الضعيفة، القوة الكهرومغناطيسية في النموذج المعياري يتم نقلها عن طريق جسيمات عديمة الكتلة تعرف بالفوتونات

النموذج المعياري لفيزياء الجسيمات

النظريات المكونة للنموذج المعياري:

يتكون النموذج المعياري من نظريتين أساسيتين كلاهما نظريتان كموميات أي أنهما يتبعان قوانين فيزياء الكم، نظرية «quantum chromodynamics» تختصر QCD وهي نظرية كمية تشرح تفاعلات القوة النووية القوية، النظرية الثانية هي نظرية موحدة تجمع بين القوة النووية الضعيفة والكهرومغناطيسية في قوة موحدة تعرف ب «الكهروضعيفة-Electroweak force theory».

الهيغز بوزون:

في 4 يوليو 2012 تم الإعلان أن تجربتين داخل «مصادم الهدرونات الكبير-LHC” Large Hidron Collider”» بسويسرا عن إكتشاف جسيم جديد تم توقعه سابقا بنظرات مطروحة داخل النموذج المعياري سمي هذا الجسم ب «بوزون هيغز-higgs boson» نسبة إلى عالم الفيزياء بيتر هيغز أحد العلماء الذين ساهمو في تطوير النظرية التي أدت إلى إكتشافه، هذا الجسيم هو المسؤل عن التفاعلات التي تعطي الكتلة للجسيمات اﻷساسية، تم منح جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2013 ل «فرانسوا إنجلرت-François Englert » و «بيتر هيغز-Peter Higgs» بسبب إكتشاتهم النظرية التي ساعدت على فهم الالية التي تعطي للجسيمات كتلتها مما أدى لإكتشاف الهيغز بوزون.

نقائص النموذج المعياري:

على الرغم من كل ماقدمه هذا النموذج الذي يعتبر من أهم ما أنتجه العقل البشري في سبيل سبر أغوار الكون إلى أنه مازال ناقصا إذ أنه لم يوحد القوة النووي القوية مع القوة الكهروضعيفة إذ أن هذا التوحيد سيقود إلى نظرية توحد كل قوى الموذج المعياري في نظرية واحدة «Grand Unified Theory» تشرح كل التفاعلات، لكن أكبر عائق في فيزياء الجسيمات والفيزياء عامة كان ومازال تضمين قوة الجاذبية في فيزياء الكم ﻷن نظرية النسبية العامة التي تصف قوى الجاذبية نظرية غير كمية كما أنه قد ثبت أن تكميم الجاذبية هو أصعب مشكلة في الفيزياء ولم يتم حلها لحد الان، كما أنه لايتوقع كتل الجسيمات اﻷولية ولا يتوقع وجود المادة المظلمة، أي أن اﻷمر سيتطلب نظرية أعمق لشرح كل هذا.

المصادر

لماذا لا تستخدم الولايات المتحدة النظام المتري؟

النظام المتري هو نظام للقياس عشري، بدأ في فرنسا خلال الثورة الفرنسية، حاولت بعدها أن تنشره إلى جميع دول العالم كنظام موحد للقياس، تطور هذا النظام مع مرور الوقت حتى ظهر النظام العالمي للوحدات، والذي كثيراً ما يتم إطلاق أحدهما كمرادف للآخر رغم عدم تطابقهما التام، يستخدم حالياً هذا النظام في دول العالم ما عدا الولايات المتحدة وليبريا، ترى لماذا لا تستخدم الولايات المتحدة النظام المتري؟

أمريكا بعد حرب الاستقلال

عقب حرب الاستقلال لم يكن للولايات المتحدة نظام قياس معياري، وكان بعض التجار يستغل هذا الأمر لصالحه، فالبوشل وهو مكيال للحبوب 32 رطلاً في ولاية نيو جيرسي ولكن في ولاية كونيتيكت 28 رطلاً فقط فكان التاجر يشتري الشوفان من ولاية نيو جيرسي ويبيعه في ولاية كونيتيكت ، انتبه جورج واشنطن لهذا الأمر واعتبر البحث عن نظام موحد للأوزان والقياس أمر بالغ الأهمية، فكلف وزيره خارجيته توماس جيفرسون لتطوير نظام موحد للقياس، كان جيفرسون يحمل تقديراً لفرنسا لمساعدتها أمريكا في الفوز بحرب الاستقلال، ويرى أن استخدام النظام المتري سيكون صفعة للبريطانيين، ولكنه كان بحاجة إلى عالم فرنسي خبير له القدرة على إقناع الكونجرس الأمريكي بالنظام المتري.

جوزيف دومبي

سافر العالم الفرنسي جوزيف دومبي من باريس إلى الولايات المتحدة الأمريكية كمحاولة لإقناع الكونجرس باعتماد النظام المتري، وكان دومبي يحمل معياريين للنظام المتري، قضيباً طوله متراً واحداً وأسطوانة نحاسية وزنها كيلوجراماً واحداً، لكن لسوء حظه تعرض لعاصفة أجبرت سفيتنته على انحراف مسارها ليسقط أسيراً في قبضة قراصنة الكاريبي، ثم مات في السجن بعد فترة وجيزة.
أرسلت فرنسا مبعوثاً جديداً لتعزيز النظام المتري، في عهد وزير الخارجية الأمريكي إدموند راندلوف، ولكن لسوء الحظ لم يكن هذا الوزير مهتم بالأمر على عكس توماس جيفرسون.

الكونجرس الأمريكي

في عام 1875 وقعت الولايات المتحدة على معاهدة المتر والتي أنشأت المكتب للأوزان والمقاييس وحددت النظام المتري كنظام للتجارة الدولية، ولكن الكونجرس الأمريكي لم يمرر قانون التحويل المتري حتى عام 1975، وعندما مرره جعل عملية استخدام النظام المتري اختيارية ، فرفض الكثير من الناس القانون لعدم رغبتهم في تعلم نظام جديد، فقد رفض سائقو السيارات فكرة لافتات إظهار المسافات على الطريق بالكيلومتر، ورفض مراقبو الأرصاد الجوية رصد درجات الحرارة بدرجات السيلزيوس، ورفص الزبائن شراء الدواجن بالكيلوجرام .
وفي عام 1982 حل الرئيس الأمريكي رونالد ريجان المجلس المعين للإشراف على تطبيق النظام المتري لانعدام جدواه، وأصدر الكونجرس الأمريكي تعديدلات جديدة تؤكد استمرار العمل بنظام القياس الأمريكي .

لماذا لا تستخدم الولايات المتحدة النظام المتري؟ ، قد يكون سوء الحظ الذي أوقع جوزيف دومبي في قبضة قراصنة الكاريبي ثم موته في نفس السنة، ولكن الكونجرس الأمريكي يتحمل المسؤولية الكبرى، فرفضه النظام المتري كنظام إجباري للولايات المتحدة؛ خوفاً من غضب الناخبين هو ما جعل أمريكا لليوم تستخدم نظام عتيق لفظه العالم.
اعتماد الولايات المتحدة على نظام مختلف عن باقي دول العالم، أدى إلى كوراث ففي عام 1999 تدمرت مركبة فضائية متجهة إلى المريخ، تقدر قيمتها 125 مليون دولار لوكالة ناسا بسبب اختلاف في وحدات القياس، وهناك خوف متزايد من الآباء الأمريكيين عند إعطاء جرعات الأدوية لأبنائهم فمع اختلاف وحدات القياس قد يؤدي إلى إعطائهم جرعات زائدة تؤدي لمشاكل خطيرة، وكذلك يدرس الطلبة الأمريكيين نظامين مختلفين في القياس مما يزيد من صعوبة التعلم.

المصادر

Sciencealert

Vox

Astro

لماذا عُدل تعريف بعض وحدات النظام العالمي للقياس؟

ظهرت الكثير من المشاكل والحوادث عبر الزمن لعدم استخدام نظام موحد للقياس بين دول العالم، ومع تطور العلوم أصبح العالم بحاجة ماسة إلى توحيد أنظمة القياس في نظام موحد، بعدما فشلت عمليات ربط أنظمة القياس التقليدية ببعضها البعض، فكان النظام العالمي للوحدات، فما هي وحدات هذا النظام؟ و لماذا عُدل تعريف بعض وحدات النظام العالمي للقياس؟

تاريخ النظام العالمي لوحدات القياس

بدأت اللبنة الأولى لهذا النظام مع نهاية الثورة الفرنسية، فكانت البداية بوحدتين هما المتر لقياس الطول والكيلوجرام لقياس الكتلة.
عام 1832 قام عالم الرياضيات الألماني كارل فريدريش جاوس بتطوير نظام القياس، وبمساعدة العالم ويبر تمت إضافة وحدات لقياس الطاقة الكهربية.
عام 1874 قام العالمان ماكسويل وتومسون باقتراح السنتيمتر للطول والجرام للكتلة والثانية للزمن.
عام 1880 اعتمد الأوم لقياس المقاومة الكهربائية، والفولت لقياس فرق الجهد الكهربائي والأمبير لقياس شدة التيار
عام 1954 اعتمد الكلفن كوحدة لقياس درجة الحرارة و الشمعة لقياس شدة الضوء.
عام 1971 اكتمل النظام العالمي لوحدات القياس حيث ظهرت وحدة المول كوحدة قياس كمية المادة في الكيمياء.

ويرمز للنظالم العالمي لوحدات القياس بالرمز SI وهو عبارة عن الأحرف الأولى من المصطلح لهذا النظام باللغة الفرنسية Système International d’Unités.

في 16 نوفمبر 2018 قرر المؤتمر العالمي السادس والعشرون للأوزان والمقاييس إعادة تعريف أربع وحدات أساسية وهي الكيلوجرام والأمبير والكلفن والمول، على أن يبدأ التعامل مع التعريفات الجديدة ابتداء من 20 مايو 2019.

وحدات القياس الأساسية:

المتر

هو المسافة التي يقطعها الضوء في الفراغ في زمن قدره 1/299,792,458 من الثانية.

الكيلوجرام

قبل 2019 كان يعرف بأنه كتلة مطابقة لكتلة نموذج دولي محفوظ في المكتب الدولي للأوزان والمقاييس بفرنسا، هذا النموذج عبارة عن أسطوانة صغيرة مصممة من البلاتين بنسبة 90% والإيريديوم بنسبة 10%.
تم تعديل هذا التعريف إلى تعريف جديد يستند إلى التيار الكهربي والجهد الكهربي باستخدام أداة تسمى توازن كيبل، تولد تيار كهربي في ملف لإنتاج حقل مغناطيسي قوي بما يكفي لتحقيق توازن كتلته 1 كيلوجرام.

الثانية

وهي تساوي مدة 9 192 631 770 دورة من الإشعاع الصادر عند الإنتقال بين مستويين من الطاقة لذرة سيزيوم Cs133 .

الأمبير

وكان تعريفه قبل 2019 كمية الشحنة الكهربائية المارة في دائرة كهربائية لكل وحدة من الزمن، بحيث يمر فيها واحد كولوم في الثانية لكن التعريف الجديد اعتمد على ثابت شحنة الإلكترون.

الكلفن

اعتمد في عام 1967-1968 تعريف الكلفن على أنه 1/273.16 من درجة الحرارة الديناميكية لنقطة الماء الثلاثية، واعتمد في التعريف الجديد على المقاييس الكمومية للحركة الذرية ومرتبط بثابت بولتزمان وثابت بلانك وتواتر السيزيوم.

المول

كان تعريفه كمية المادة الموجودة في نظام ما، يحتوي على عدد من الجسيمات مساو لعدد الذرات في 0.012 كيلوغرام من مادة الكربون 12، واعتمد التعريف الجديد على قيمة محسنة من ثابت أفوجادرو.

الشمعة

وهي شدة الإضاءة التي تنبعث من مصدر ضوئي أحادي اللون باتجاه معين عند تردد مقداره 12^10 × 540.

لماذا عُدل تعريف بعض وحدات النظام العالمي للقياس؟

بالنسبة للمواطن العادي قد لا يشعر بشئ تغير في حياته اليومية، ولكننا في عصر صارت الدقة شيئاً مهماً وحيوياً وخاصة في مجال البحوث العلمية على سبيل المثال شركات الأدوية حيث تقيس الكتلة على مستوى المليجرام فباستخدام التعريفات الجديدة يمكنهم تصميم الأدوية ودراستها على نحو أدق ونسبة خطأ أقل.

المصادر:

Bipm

Nist

Thoughtco

ما هي ظاهرة دوبلر ؟ وما هي تطبيقاتها ؟

ماهي ظاهرة دوبلر ؟ وما هي تطبيقاتها ؟


من منا لم يتعكر صفوه بسبب مخالفة سرعة التقطتها له رادارات تحديد سرعة المركبات؟ ومن منا لم يراوده الفضول حول معرفة شكل طفله الذي أوشك على الوصول؟ كم مرة راودتنا الأسئلة حول الآلية المتبعة لقياس بعد النجوم والأجرام السماوية عن كوكبنا؟ ومن منا لم يسمع الدوي القوي المفاجئ لسيارات الإطفاء في يوم من الأيام؟ كم تردد على مسامعنا مصطلح “اختراق جدار الصوت”وكم من مرة تساءلنا ماذا يعني هذا المصطلح؟ يؤول الفضل بالإجابة عن جميع الأسئلة السابقة لظاهرة دوبلر! فلتلك الظاهرة بصمة واضحة في تفسير جميع التساؤلات التي طرحناها مسبقًا.


ظاهرة دوبلر

هي ظاهرة اكتشفها العالم النمساوي “كريستيان اندرياس دوبلر” والذي وجد أن أطوال “الأمواج الظاهرية” في تغير مستمر وسبب هذا التغير هو الحركة النسبية بين المصدر والمستقبل وتعرف الأمواج بأنها اضطراب يتم ضمن وسط ما ويرافق هذا الاضطراب انتقال للطاقة ضمن هذا الوسط.

اكتشاف ظاهرة دوبلر والتحقق منها تجربيًا

استطاع العالم دوبلر اكتشاف ظاهرته عن طريق تجربة قام بها في محطة القطار عمدت التجربة على وضع فرقة من الموسيقيين في القطار وطلب دوبلر منهم عزف النغمة ذاتها، وعلى رصيف المحطة وقفت فرقة أخرى من الموسيقيين البارعين بدراسة “طبقات الصوت” وذلك من أجل تسجيل النغمة التي سيسمعونها عند اقتراب القطار منهم ومن ثم ابتعاده فجاءت تسجيلات الموسيقيين مطابقة لتوقعات دوبلر حيث أجمعت جميع الكتابات على أن النغمة كانت أعلى عند مرور القطار ثم أخفض عندما أخذ القطار بالابتعاد، ويعود السبب إلى انضغاط الموجات الصوتية الصادرة عن المعزوفة، حيث عمل هذا الانضغاط على إنشاء نغمات عالية استطاع الراصدين سماعها عند مرور القطار.

وصف ظاهرة دوبلر

بداية ً لكي نستطيع فهم الظاهرة يجب أن نعلم بأن لكل موجة طول وسرعة وتواتر (تردد)، وأن هذه المقادير تختلف من موجة إلى أخرى، ويعرف “الطول الموجي” بأنه المسافة بين قمتين متناظرتين من موجتين متتاليتين، بينما نعرف “التردد” بأنه كمية الأمواج المنبثقة خلال وحدة الزمن، والتناسب بين طول الموجة وترددها هو تناسب عكسي أي إنه إذا زاد طول الموجة قل ترددها والعكس صحيح. واﻷن لنفترض أن منبعًا صوتيًا قادم نحونا (سيارة إطفاء مثلًا) ولأن سرعة حركة المنبع أبطأ من سرعة الصوت فإن التواتر يزداد أمام المصدر الصوتي (اتجاه حركة السيارة) ويقل خلفه (عكس جهة حركة السيارة)، الأمر الذي يؤدي إلى حدوث انضغاط للأمواج الصوتية الواقعة أمام المصدر الصوتي وتخلخل للأمواج التي تقع خلف المصدر الصوتي، وهذا يفسر لنا لماذا نتلقى الأصوات بترددات عالية وبحدة كبيرة في بادىء الأمر إلى أن يجتازنا المنبع فنسمعها بترددات أخفض وبحدة أقل.

حاجز الصوت

نحن نعلم بأن سرعة الصوت تساوي تقريبا 343 متر في الثانية فإذا استطاع جسم أن يتحرك بسرعة أكبر من تلك السرعة المذكورة سابقًا فإنه سيسبق الأمواج الناتجة عنه أي أنه سيخترق جدار الصوت، ويمكن ملاحظة تلك الظاهرة بالنسبة للطائرات الحربية التي تتحرك بسرعة تفوق سرعة الصوت. فإذا كان هناك طائرة تتحرك نحو مستقبل فإنه لا يستطيع سماع دويها إلا بعد أن تصبح فوقه ليبدأ بسماع الدوي على شكل انفجار يتلاشى شيئًا فشيئًا وذلك نتيجة انبثاق التواتر دفعة واحدة وبسرعة من مقدمة المصدر. إن ظاهرة دوبلر ليست حكراً على الأمواج الصوتية فحسب بل تشمل جميع الأمواج ومن ضمنها الأمواج الضوئية، ولكن آلية رصد تأثير الظاهر على تلك الأمواج تكون أصعب ويؤول السبب للسرعة العالية للضوء والتي  تقدر تقريباً بـ 300 ألف كيلومتر في الثانية مقارنة مع سرعة الأمواج الصوتية. 

دوبلر والضوء

تطور هذا المفهوم ليشمل الضوء أيضًا فقد تمت دراسة الأجرام السماوية وأطيافها من قبل العلماء ومن رواد هذه الدراسات الفلكي “إدوين هابل” الذي وجد أن النجوم والأجرام السماوية التي تقترب من الأرض (وهي هنا المستقبل) الطول الموجي الخاص بها ينحاز إلى اللون البنفسجي بسبب نقصانه وكذلك اﻷجرام التي تبتعد عن الأرض فإن طولها الموجي ينحاز إلى اللون الأحمر وذلك بسبب ازياد طولها الموجي. وهي ظاهرة بالغة الأهمية في علم الفلك، بل وأصبحت مقياسًا لتحديد سرعات النجوم وأبعادها عنا، ويرجع الفضل لاكتشاف تمدد الكون إلى تلك الظاهرة.

تطبيقات الظاهرة

كما تحدثنا في المقال سابقًا فأن ظاهرة دوبلر تدخل في العديد من الجوانب الحياتية المهمة نستعرض منها:
1-كاميرات تحديد سرعة المركبات التي تمت برمجتها وفقًا لظاهرة دوبلر والتي تستخدمها شرطة المرور.
2-  بعض الرادارات ورادارات الطائرات حيث تستطيع تلك الرادارات رصد الأجسام الساكنة والمتحركة بواسطة ظاهرة دوبلر .
3-دراسة الأجرام السماوية والنجوم وحركة الكواكب.
4-أجهزة الملاحة وقياس أعماق البحار. 
5-في الطب: جهاز دوبلر الذي يستخدم الأمواج فوق الصوتية في تصوير الأجنة وتشخيص الأمراض وغيرها من الأمور الطبية.
ونختم بالقول بأن ظاهرة دوبلر شأنها كشأن أي ظاهرة فيزيائية أخرى جاءت لتثبت لنا بأن الفيزياء ليست حفنة من القوانين المملة عديمة المتعة والمنفعة بل أنها شيفرات تفتح لنا أبواب لا تمتلك باقي العلوم الأخرى مفاتيح لها.

المصادر

1- BBC
2- NASA
3- jneurosci
4- scitation

ما أهمية وحدات القياس في حياتنا؟

يمكننا تعريف وحدة القياس على أنها كمية محددة من مقدار فيزيائي ما كالكتلة أو الحجم أو المسافة، ويتم استخدام هذا المقدار لقياس كميات أكبر أو أصغر من المقدار ذاته، ويفترض أن يكون هذا المقدار موحداً بين قطاع عريض من البشر إن لم يكن البشر جميعاً، ولكن ما أهمية وحدات القياس في حياتنا؟ .

وحدات القياس عبر التاريخ

تطورت وحدات القياس مع تطور الإنسان، فبدأت باستخدام الحجارة والأوعية، وكانت أدوات غير دقيقة لكن مع مرور الوقت بدأت تزداد دقة وتوحد بعض الوحدات على مناطق شاسعة من العالم ومن أمثلة وحدات القياس القديمة:
الذراع الملكي المصري وقد تم تطويره منذ 3000 سنة قبل الميلاد، وكما هو واضح من اسمه اعتمد على طول الذراع لقياس المسافات حيث يكون طول الذراع من الكوع وحتى أطراف الأصابع.
استخدم البابليون وحدة المينا لقياس الأوزان، وللسوائل كانوا يستخدمون وحدة سيلا.
استخدم الإغريق وحدة الإصبع لقياس الأطوال واستخدموا وحدة الطالن لقياس الأوزان.

حوادث نتجت عن أخطاء في وحدات القياس

قد تكمن الإجابة على سؤال ما أهمية وحدات القياس في حياتنا؟ ، هي باستعراض بعض الحوادث التي نجمت عن أخطاء في وحدات القياس، عبر التاريخ وإلى عصرنا الحالي.

أبحرت سفينة حربية سويدية في 10 أغسطس 1628 تدعي فاسا لتغرق بعد أقل من واحد ميل بحري في رحلتها الأولى، تم انتشالها عام 1961 حيث وضعت في متحف مؤقت ثم نقلت إلى متحف يحمل اسمها في ستوكهولم، وبعد دراسة تبين أن سبب غرقها هو خطأ صغير عند بناء السفينة حيث انحرف مركز ثقلها، نتج الخطأ من استعمال مسطرتين واحدة هولندية وأخرى سويدية.
في 23 يوليو 1983 انطلقت طائرة بوينج كندية كانت تحمل على متنها 61 راكباً متجهة من مونتريال إلي إدمونتون ليكتشف قائدها بعد فترة نقصاً في الوقود، وتمكنت من الهبوط الاضطراري في قاعدة جوية مهجورة، كان أحد أسباب هذا النقص نتج من إلتباس في وحدات القياس المترية والبريطانية.

في 23 سبتمبر عام 1999 فقدت ناسا الاتصال مع مسبار مناخ المريخ المداري عندما دخل مدار المريخ ، وبعد التحقيق اكتشف أن سبب الخطأ هو اختلاف في وحدات القياس، حيث كان فريق شركة لوكهيد مارتن الذي ساعد في بناء وتطوير المركبة استخدم وحدات قياس بريطانية ، بينما اعتمد فريق وكالة الفضاء الأمريكية على النظام المتري، فكانت أنظمة التحكم بالدفع في المركبة تحسب بوحدة الباوند، بينما الأنظمة الخاصة بحساب المسار تأخذ هذه البيانات مفترضة أنها بالنيوتن وهذا ما سبب في تناقض الحسابات.

أنطمة وحدات القياس الحديثة

1ـ نظام الوحدات البريطاني الإمبراطوري: بدأ في بريطانيا عام 1824 وقد تم تعديله مع مرور الوقت وفي هذا النظام يقاس الطول بوحدات البوصة والقدم واليارده والكتلة بوحدات الأونصة والرطل والطن.
2ـ نظام وحدات القياس العرفية الأمريكية: يعتبر هذا النظام تطويراً على النظام البريطاني حيث يتشابه في أجزاء ويختلف في أجزاء أخرى فيقاس الطول بوحدات الفلنغ والميل والفرسخ والكتلة بوحدات الحبة والدرام والطن.
3ـ النظام المتري: بدأ في فرنسا بعد الثورة الفرنسية وتم استخدام مصطلح متر لأول مرة عام 1790، تطور هذا النظام مع مرور الوقت ليتحول في النهاية إلى النظام الدولي للوحدات SI.
4ـ نظام الوحدات الدولي SI: هو النظام الأكثر انتشارا في العالم ويستخدم في جميع أنحاء العالم الآن باستثناء الولايات المتحدة وبريطانيا، يحتوي هذا النظام على وحدات أساسية سبع هي المتر والكيلوجرام و الثانية والأمبير والكلفن والشمعة والمول.

في 16 نوفمبر من عام 2018 تم إجراء تعديلات في تعريف أربع وحدات أساسية تابعة لنظام الوحدات الدولي وبدأ العمل بالتعريف الجديد في 20 مايو 2019.

المصادر

Nasa

Nist

Thoughtco

هل من الممكن أننا نعيش بالفعل في عالم افتراضي؟

يقول الفيلسوف «نيك بوستروم-Nick Bostrom» من جامعة أوكسفورد أن البشرية مرت أو ستمر بإحدى السيناريوهات التي يفرض إحداها أننا نعيش بالفعل في محاكاة!
ففي السيناريو الأول، يفترض البروفيسور أن الحضارة البشرية وجميع الحضارات الأخرى الموجودة وغير المكتشفة ستنقرض قبل أن تتمكن من بناء أجهزة تحاكي الواقع الذي تعيش فيه، فقد تنقرض بسبب الاحتباس الحراري مثلًا، أو بسبب جائحة أو كوكب مدمر للأرض أو غير ذلك، أما الثاني، فيفترض أن الحضارات قد تصل إلى المستوى الذي يمكنها من بناء أجهزة محاكاة للواقع، ولكن لن تقوم بذلك لسبب معين، قد يكون أخلاقي أو اقتصادي أو غير ذلك، والسيناريو الثالث وهو الأخطر، يفترض أننا سوف نصل الى المرحلة التي تمكننا من بناء هذه الأجهزة، وبالتالي هذا يؤدي الى أننا نعيش بالفعل في محاكاة!


في كتاب نشره «ريزوان فيرك-Rizwan Virk» عام 2019 والذي يدعى ب «The Simulation Hypothesis» أو فرضية المحاكاة، يقوم الكاتب فيه بإزالة الغطاء عن النظرية التي تحدث بها بوستروم ومدى قدرتنا التكنولوجية التي قد تمكننا من الوصول لما دعاه «نقطة المحاكاة-Simulation point» والتي نستطيع عندها بناء محاكاة لكل شيء موجود ضمن هذا الكون.

قبل أن نبدأ بطرح الأفكار، لنسأل أنفسنا هذا السؤال، هل من الممكن حقًا أن نكون الآن في عالم افتراضي؟

هناك العديد من الظواهر التي يمكن تفسيرها عن طريق فرضية المحاكاة بشكل أفضل من الفرضيات الفيزيائية، فمثلًا، عند محاكاة الأجسام المحيطة الموجودة بلعبة مثلًا، تقوم اللعبة بخلق-render الأجسام الموجودة أمام اللاعب فقط بهدف استمثال موارد الحاسوب، وهذا يتوافق مع المشاهدات الموجودة في الفيزياء الكمومية.

ما هي الأمثلة الموجودة في الفيزياء الكمومية والتي تعد دليلًُا على ذلك؟

لنفرض وجود نجم يبعد عنا مليارات السنين الضوئية، يبث هذا النجم أشعة ضوئية قد تعترضها إحدى المجرات “أو أي جسم كوني جاذبيته عالية” عند محاولتها الوصول الى كوكب الأرض، بالتالي بحسب نسبية آينشتاين العامة، فإن شعاع الضوء سينحرف على يمين أو يسار الجسم الكوني بسبب جاذبية الجسم الكوني المرتفعة، وبحسب ميكانيكا الكم، فإن هذا الضوء سيصل الى الأرض من الطريق الأول، أو الثاني، أو الطريقين معًا! ولن يتحدد هذا الطريق إلا في حال قرر مراقب ما موجود على الأرض النظر للضوء عند وصوله، عندها سيجد أنه سلك إحدى الطرق فقط وليس جميعها، ذلك أنه قبل أن يقوم المراقب بملاحظة هذا الضوء، قام الضوء بعبور جميع المسارات الممكنة بسبب سلوكه الموجي، ولكن عند تعرضه للمراقبة، سلك سلوك جسيم وأتى من طريق واحد فقط!

تعد هذه التجربة محاكاة لتجربة شهيرة قام بها العالم الأميركي جون ويلر والتي استبدل فيها النجم بمصدر ضوئي، ووضع بدل المجرة حائط ذو شقين وأمام الحائط بمسافة معينة قام بوضع شاشة لرصد الضوء المنعكس عليها.
عند عدم وجود مراقب لهذه الفوتونات وجد أنها تعبر من الشق الأول أو الثاني او كليهما لتشكل على الشاشة نمطا متداخلا يدل على سلوكها الموجي، ولكن عند وضع راصد عند الشقين يسلك الضوء سلوك جسيم ليعبر من احدى الشقين فقط!

صورة توضيحية لتجربة جون ويلر

في حال كنا نعيش بعالم افتراضي وكان هذا العالم مطابق للواقع، أليس من الأفضل اذًا عدم التفكير بهذا الموضوع نهائيًا؟

بحسب ريزوان فيرك، هناك العديد من الناس التي تفضل عدم معرفة الحقيقة، ولكن من الضروري أن ندرك أي نوع من الشخصيات الموجودة نحن.
لنشبه الموضوع بلعبة فيديو، هنالك شخصيات رئيسية تتبع قواعد معية للوصول لهدف معين، في حال استطعنا أن ندرك أننا شخصية رئيسية، فقد نحصل على Hints أو دلائل لاستكشاف هذا العالم بشكل أفضل والحصول على معلومات أكثر، ولكن في حال كنا شخصيات ثانوية، فهذا يعد أمرًا مرعبًا، مالهدف من المحاكاة، ومن يقوم بهذه المحاكاة، وهل جميع الشخصيات المحيطة شخصيات ثانوية أم أن هناك شخصيات مميزة عن الأخرى.

اذًا، كم من الوقت سنستغرق حتى نتمكن من بناء عالم افتراضي متكامل؟

يقول ريزوان فيرك أن البشرية عليها أن تمر بعشرة مراحل لتصل لما يسمى ب “نقطة المحاكاة” حيث يقدر أننا في المرحلة الخامسة تقريبًا بوجود الواقع الافتراضي والواقع المعزز، وتمثل المرحلة التالية بناء شخصيات افتراضية بدون الاستعانة بالنظارات الخاصة بالواقع المعزز، وقد بدأنا بهذه المرحلة بالفعل، ولكن هناك عائق بسيط أمام هذه المرحلة، هو أنه في فلم المصفوفة أو the matrix، استطاعت الشخصيات الدخول إلى العالم الافتراضي عن طريق أداة موصولة بالنخاع الشوكي، وهو الذي يشكل واجهة تخاطب بين المصفوفة والعقل البشري، ولكن الأبحاث البيولوجية مازالت في مراحل مبكرة في دمج الآلة مع العقل البشري وتحتاج عدة عقود حتى نتمكن من بناء واجهة تخاطبية كاملة مع الآلة.

Vox

Interesting Engineering

Nick Bostrom Paper

ماهو الاندماج النووي المحفز بالميوونات ؟

ماهو الاندماج النووي المحفز بالميوونات ؟

بعد أكثر من 70 سنة من البحوث العلمية حول الاندماج النووي لم نتمكن إلى يومنا هذا من إنشاء مفاعل اندماج نووي قادر على إنتاج الطاقة مثل مفاعلات الانشطار النووي، تعود صعوبة اﻷمر إلى الشروط اللازمة لتحقيق الاندماج النووي والحفاظ عليه لمدة طويلة، يتطلب تحقيق الإندماج النووي توفير درجات حرارة مهولة كحرارة قلب الشمس، لذلك فالاندماج النووي الذي يستخدمه البشر حاليا هو اندماج غير متحكم به فيما يعرف بالقنابل الهيدروجينية، وكل مفاعلات الاندماج النووي في مخابر البحث تتطلب طاقة أكبر لتحقيق الاندماج من الطاقة التي تنتجها.

ماهو الاندماج النووي؟

تتكون الذرة من نواة موجبة الشحنة وحولها سحابة إلكترونات سالبة الشحنة، تتسبب هذه الشحن في حقول كهرومغناطيسية وعند محاولة دمج نواتين تتسبب القوى الكهرومغناطيسية في تنافر النواتان ﻷن كلاهما موجب الشحنة، يحث الاندماج النووي عند تعريض الذرات لدرجات حرارة عالية كالتي في قلب الشمس، تحت هذه الظروف تتحول النادة إلى بلازما (تفقد الذرات الإلكترونات وتبقى اﻷنوية وحدها) فتتحرك أنوية الذرات بسرعات كبيرة فعند تصادمها تتغلب على قوي التنافر الكهرومعناطيسية وتندمج لتشكل نواة واحدة مع إنتاج كمية مهولة من الطاقة.

رسم توضيحي لتفاعل اندماج نووي

الاندماج النووي في الطبيعة:

يحدث الاندماج النووي في الطبيعة داخل النجوم بسبب كتلة النجم الهائلة التي تتسبب في الجاذبية المذهلة للنجم ينضغط النجم تحت تاثير جاذبيته ممايتسبب في ظروف متطرقة من الحراة والضغط داخله مما يتسبب في دمج أنوية الهيدروجين داخله، ينتج الاندماج داخل النجم طاقه هائلة تمنع النجم من الانضغاط أكثر على نفسه، يواصل النجم في دمج الهيدروجين لهيليوم لملايير السنين إلى أن ينتهي الهيدروجين فينضغط النجم أكثر ليدمج الهيليوم إلى كربون وهكذا إلى أن يتحول قلب النجم الى حديد فينفجر فيما يعرف ب«Supernova» سوبر نوفا ﻷن الحديد لايمكن دمجه ﻷنه لاينتج أي طاقة، الحديد أشبه برماد النار الذي لايمكن حرقه.

الاندماج النووي داخل نجم

هل من طريقة أخرى:

بما أن الاندماج النووي صعب التحقيق و بعد 70 سنه من البحوث مازلنا لم نتمكن من تصنيع مفاعل نووي لإنتاج الطاقة فهل من طريقة أخري لاتتطلب هذه الظروف المتطرفة التي يصعب انشاؤها والتحكم فيها. لحسن الحظ توجد طريقة تم إكتشافها سنة 1953 تعرف ب يتم فيها استخدام جسيمات دون ذرية معروفة بالميوونات «-μ» لتحفيز تفاعل الإندماج.

ماهي الميوونات؟

الميوونات هي جسيمات دون ذرية تنتمي لعائلة اللبتونات، الميوون له نفس خصائص الالكترون لكنه أثقل منه ب 207 مرة، عمر الميوونات قصير جدا إذ ان نصف عمر الميوون 2.2 ميكروثانية، يتحلل الميوون إلى إلكترون ونيوترينوين، لكن بسبب السرعة الكبيرة التي يسافر بها الميوون يأخذ مدة أطول للتحلل.
يتم إنتاج الميوونات في مسرعات الجسيمات عن طريق صدم البروتونات بسرعات عالية أحد نتائج هذا الإصطدام هو جسيمات باي«-π» تتحلل هذه اﻷخيرة إلى ميوونات بعد مدة قصيرة.

رسم توضيحي لتحلل الميوون

كيف يمكن إستعمال الميوونات لتحفيز الاندماج؟

لنأخذ الديتريوم D (نظير هيدروجين يحتوي على بروتون ونيترون) والتريتيوم T (نظير هيدروجين يحتوي على بروتون ونيترون) كوقود نووي ﻷنه سهل لتحقيق الاندماج، جزيئات الهيدروجين في الفقرة التالية متكونة من ذرة ديتريوم وذرة تريتيومDT أو ذرتي ديتريوم DD.

تتكون جزيئات الهيدروجين من ذرتي هيدروجين كل ذرة يدور حولها إلكترون بسبب حركة الالكترونين حول ذرتي الهيدروجين داخل جزئ الهيدروجين تتغير المسافة بين نواتي الهيدروجين فتقترب وتبتعد لكن هناك إحتمال ان تصطدم النواتان وتندمجا لكن هذا الإحتمال شبه معدوم ﻷن المسافة بين النواة ومدار الالكترون كبيرة جدا على مقياس ذري، وهنا يأتي دور الميونات.

ﻷن الميوون له نفس خصائص الإلكترون إذا قمنا بحقن الوقود النووي بالميوونات ستأخذ الميوونات مكان الالكترون لتكون ذرات تدور حولها ميوونات ولأن الميوون أثقل من الإلكترون ب207 مرة فسوف تتكون ذرات أصغر 207 مرة من الذرات العادية إذا كونت هذه الذرات جزيئات فسيزيد إحتمال دمج نواتي الهيدروجين، بعد اندماج النواتين ينتقل الميوون لذرة أخرى ويتسبب في تفاعل اندماج آخر لكنه في الاخير يلتصق بالذرة بعد الاندماج ولا ينتقل لذرة أخرى يسمى هذا التفاعل «Muon-Catalyzed Fusion» ويمكن أن يحدث في درجة حرارة الغرفة أو في درجات حرارة منخفضة جدا.

إحتمالات إلتصاق الميوون بالذرة الناتجة عن الاندماج في مختلف حالات الاندماج

تم تحقيق هذا التفاعل بالصدفة عام 1956 من طرف الفيزيائي Luis Alvarez و فريقه، ليحصل فيما بعد على جائزة نوبل سنة 1968

هل يعتبر ال«Muon-Catalyzed Fusion» مصدر للطاقة؟

يعتبر الاندماج مصدر مغري للطاقة حيث ينتج كمية كبيرة من الطاقة دون أن يترك أي مخلفات خطيرة مثل الانشطار النووي لكن التكنولوجيا الحالية لاتسمع باستعمال .. كمصدر للطاقة ﻷن إنتاج ميوون واحد يتطلب حولي 10 جيجا إلكترون فولط، يمكن لهذا الميوون ان يتسبب في 100 عملية إندماج منتجا حولي 2 جيجا إلكترون فولط قبل أن يلتصق بالذرة الناتجة عن الاندماج، مما يعني أن الطاقة اللازمة ﻹنتاج الميوون أكثر من الطاقة التي ينتجها.
أحد الحلول الممكنة هي إيجاد طريقة لنزع الميوون بعد إلتصاقه عن طريق رفع درجة حراحرة الوقود النووي أو إستعمال بديل أثقل من الميوون، على كل حال سيأخذ اﻷمر الكثير من البحث والموارد قبل أن يكون هذا التفاعل مصدر للطاقة.

المصادر:

هل يمكن لمفاعل انشطار نووي أن يظهر طبيعياً ؟

هل يمكن لمفاعل انشطار نووي أن يظهر طبيعياً ؟

في قلب كل نجم في الكون يتم دمج الذرات الخفيفة إلى ذرات أثقل في مايعرف بالاندماج النووي، فالشمس مثلا تقوم حالياً بتحويل أطنان من الهيدروجين إلى هيليوم عن طريق الاندماج مما ينتج كميات مهولة من الطاقة وهو مايعطي للشمس ضوءها وحرارتها، هنا على اﻷرض تمكن البشر من تحقيق الإندماج النووي لكن مازال أمامنا شوط طويل ﻹستخدام الإندماج النووي كمصدر للطاقة، لكننا نعلم أن مفاعلات الاندماج النووي موجودة منذ أن وجدت النجوم وبالتالي فهي موجودة في الطبيعة منذ ملايين السنين، لكن ماذا عن مفاعلات الانشطار النووي التي يتم استخدامها حاليا ﻹنتاج الطاقة الكهربائية هل يمكن أن تنتج طبيعياً؟

ماهو الانشطار النووي؟

يحدث الانشطار النووي عندما تتحلل نواة ذرة مشعة مثل اليورانيوم أو البلوتونيوم إلى ذرات أخف مع بعض النيوترونات السريعة نتيجة للطاقة الناتجة عن التحلل، إذا تم تخفيف سرعة هذه النيترونات عن طريق «moderator» عادة مايتم استخدام الماء أو الجرافيت أحياناً، إن اصطدام هذه النيوترونات بأنوية ذرات أخرى سيؤثر على إستقرارها ويؤدي إلى انشطارها، سيؤدي هذا إلى تفاعل تسلسلي، إذا تم التحكم به ستؤدي النيوترونات الناتجة من الانشطارات السابقة في المتوسط إلى انشطار عدد مماثل من الذرات ويتم إنتاج كمية كبيرة من الطاقة، يبقى اﻷمر على هذه الحالة لمدة طويلة إلى أن تنتهي الذرات القابلة للانشطار.

تفاعل تسلسلي

إذا لم يتم استخدام «moderator» للتحكم بسرعة النيوترونات والتحكم بسرعة التفاعل، سيخرج التفاعل عن السيطرة وهكذا يتم تصنيع القنابل النووية، لكن اليورانيوم الموجه لصناعة اﻷسلحة يحتوي عى كمية كبيرة من اليورانيوم-235 أكثر من %80 نسبة إلى اليورانيوم-238 أما اليورانيوم الموجه للاستخدام في المفاعلات النووية يحتوي على %3 فقط من اليورانيوم-235.

كيف يعمل المفاعل النووي؟

توجد عدة أنواع وتصميمات مختلفة لمفاعلات الانشطار النووي، المفاعل في الفقرة التالية يعرف ب «boiling water reactor».

يتم وضع أعمدة وقود نووي داخل غرفة المفاعل في غالب اﻷحوال يكون الوقود عبارة عن يورانيوم تمت معالجته ، يتم غمر غرفة المفاعل بالماء لاستخدامه كـ «moderator» وأيضا كمبرد «coolant» لتبريد المفاعل، كما توجد أيضا أعمدة التحكم التي تكون مصنوعة من مادة تمتص النيوترونات مثل الفضة، اﻹيريديوم أو الكادميوم، يتم استخدام أعمدة التحكم لإيقاف تشغيل المفاعل أو التحكم في التفاعل فعند إدخال أعمدة التحكم لغرفة المفاعل تقوم بامتصاص النيترونات وإبطاء التفاعل أو إيقافه.

عند ارتفاع درجة حرارة الماء نتيجة التفاعل النووي في قلب المفاعل يتبخر الماء، فيتم ضغط البخار وتحويله إلى عنفة المولد التي سيقوم البخار بتدويرها وإنتاج الطاقة الكهربائية، ويتم ضخ كمية من الماء لقلب المفاعل لتعويض الماء المتبخر.

رسم توضيحي لمفاعل نووي

نظرياً، هل يمكن للطبيعة أن تنتج مفاعل انشطار نووي؟

اقترح الكيميائي و عالم الفيزياء النووية Paul Kuroda في عام 1956، أنه تحت شروط معينة يمكن أن تتحقق عملية الانشطار النووي و أن تستمر دون أي تدخل بشري، ولكن لظهور هذا التفاعل طبيعياً لابد من تحقق أربعة شروط:

  • لابد من وجود طبقة من اليورانيوم الخام تحتوي على كمية كبيرة من اليورانيوم، ولابد أن تكون سماكتها على الأقل ثلثي متر مما يسمح للتحلل الطبيعي لليورانيوم-238 بالتسبب في إنشطار اليورانيوم-235.
  • لابد أن تحتوي طبقة اليورانيوم على كمية معتبرة من اليورانيوم-235.
  • لابد من وجود «moderator» ﻹبطاء النيورترونات والحفاظ على على إستمرارية التفاعل.
  • لابد من وجود كمية قليلة من المواد التي يإمكانها إمتصاص النيوترونات كالفضة و اﻹيريديوم أو عدم تواجدها حتى لايتم إيقاف التفاعل عن طريق إمتصاص النيترونات.

من المستحيل أن يظهر مفاعل نووي طبيعي في الوقت الحاضر ﻷن نسبة اليورانيوم-235 في الطبيعة قليلة جداً ولاتسمح لتفاعل انشطار تسلسلي بالحدوث.

اليورانيوم في الطبيعة:

لليورانيوم 3 نظائر في الطبيعة U235 ،U238 وU234 ، يعتبر اليورانيوم-235 اﻷكثر قابلية للإنقسام إذا تم قصفه بنيوترون، يشكل هذا اليورانيوم %0.720 من كل اليورانيوم الموجود على الأرض، ويعد اليورانيوم-238 اﻷكثر إنتشاراً على اﻷرض بنسبة %99.275، أما اليورانيوم-234 فهو نادر جداً ولايشكل سوى %0.006 من كل اليورانيوم في القشرة اﻷرضية، يتم رفع نسبة اليورانيوم-235 إلى %3 المستخرج ﻷغراض الطاقة النووية لزيادة فعالية المفاعل النووي.

إن نسب نظائر اليورانيوم ليست ثابتة، ﻷن اليورانيوم مشع ويتحلل طبيعياً، أي أن نسب اليورانيوم في الماضي كانت مختلفة عن النسب التي نلاحظها اليوم، عند تكون اﻷرض قبل حوالي 4 مليار سنة كانت نسبة اليورانيوم-235 في الطبيعة هي 30%، أي أكثر مما هي عليه الآن، وبسبب تحلل اليورانيوم-235 قلت نسبته عبر الزمن، فقبل حوالي 2 مليار سنة كانت نسبة اليورانيوم-235 %3.6، نفس النسبة المستخدمة في المفاعلات النووية اليوم ﻹنتاج الطاقة الكهربائية.

إنطلاقاً من الشروط المذكورة في الفقرة السابقة وطبيعة اليورانيوم يمكن الإستنتاج أنه من الممكن نظرياً تواجد مفاعل إنشطار نووي طبيعي عمره 2 مليار سنة أو أكثر عندما كانت الشروط مناسبة لظهور هذا التفاعل.

المفاجأة:

في ماي 1972 لاحظ عمال في محطة معالجة لليورانيوم في فرنسا أثناء قيامهم بأحد القياسات الروتينية لنسب نظائر اليورانيوم في اليورانيوم الخام القادم من منطقة أوسلو بالغابون أحد مستعمرات فرنسا سابقاً، أن نسبة اليورانيوم-235 في العينات ليست النسبة المعتادة %0.720 وإنما %0.717، هذا اﻷمر أثار قلقهم وكان لابد من فحص مصدر العينات في الغابون، قد يبدو لك الفرق بين النسبتين فرقاً صغير جداً ولا يدعو للقلق لكن المشكلة أن كل عينات اليورانيوم في العالم نسبة اليورانيوم-235 متساوية كما أن الفرق بين النسبتين يعني أن هناك حولي 200 كيلوغرام مفقودة من اليورانيوم-235، فكان لابد من التحقيق في الموضوع إن كان طبيعيا أم أن الكمية المفقودة تمت سرقتها ﻷنها تكفي لصناعة حوالي 6 قنابل نووية.

لم يطل اﻷمر إلى أن تمكن العلماء من معرفة أن اﻷمر طبيعي وخصوصاً بعد إيجاد فضلات الإنشطار النووي في المناجم مثل السيزيوم والزينون، وهو مايثبت نظرية Paul Kuroda، كما تم إكتشاف 16 مفاعل إنشطار نووي طبيعي في أوكلو، وتم اكتشاف المفاعل السابع عشر فيBangombé حوالي 30 كلم جنوب أوكلو.

بسبب وجود طبقات يورانيوم تحتوي على كمية مناسبة من اليورانيوم-235 تحلل اليورانيوم-238 يتسبب في انشطار اليورانيوم-235 كمان أن اليورانيوم يوجد في صخور تسمح للماء بالتغلغل داخلها وتشكل أنهار تحت اﻷرض ، يلعب الماء دور ال«moderator» بإبطاء النيترونات والحفاظ على التفاعل التسلسلي لمدة معتبرة، بعد مدة من الانشطار النووي المستمر، ترتفع درجة الحرارة ويتبخر الماء مما يؤدي لتوقف التفاعل بسبب عدم وجود «moderator»، بعد توقف التفاعل تنخفض درجة الحرارة ويتجمع الماء مرة أخرى ويبدأ التفاعل من جديد، يجزم العلماء أنه على اﻷرجح أن التفاعل يدوم نصف ساعة، ثم يتوقف لمدة الساعتين والنصف ليبدأ من جديد.

رسم تخطيطي لمنطقة تواجد مفاعل انشطار نووي طبيعي بأوكلو، الغابون

عمر هذا المفاعل النووي حوالي 2 مليار سنة كما أنه بقي مستمراً لمدة مليون سنة دون أن ينصهر أو يتسبب في كارثة بيئية بسبب مخلفات التفاعل المشعة، كما أن متوسط الطاقة التي كان ينتجها المفاعل أثناء إنشغاله حوالي 100 كيلو واط، كمية الطاقة هذه قليلة جداً مقارنة بما تنتجه المفاعلات التجارية التي صنعها البشر إذ أن أقلها إنتاجا للطاقة يمكن أن ينتج 500 ميجا واط.

للأسف الشديد فقد تم إستخراج اليورانيوم من هذه المواقع عن آخره، نظراً لغناها بكميات كبيرة من اليورانيوم الخام، لكن على الأقل أتيحت للعلماء فرصة فحص العينات ودراستها، كما أنه من الغريب جداً أنه لم يتم اكتشاف أي مفاعلات طبيعية أخرى غير هذه في أي مكان في العالم ليومنا هذا.

ماذا يمكن أن نتعلم من هذا الاكتشاف؟

قبل هذا الاكتشاف اعتقدنا طويلاً أن مفاعلات الانشطار النووي تم تصنيعها من قبل البشر إذ أن أول تفاعل تسلسلي لانشطار نووي تم القيام به من طرف الفيزيائي إنيريكو فيرمي وفريقه سنه 1942، لكن الطبيعة فاجئتنا بأن الانشطار النووي أنتج طبيعياً قبل ملياري سنة، كما يمكننا أيضاً أن نتعلم كيفية التخلص من مخلفات الطاقة النووية دون التسبب في كارثة بيئية ﻷن مفاعلات أوكلو استمرت في العمل لمدة مليون سنة دون ترك أثر سلبي على البيئة في المنطقة بسبب المخلفات النووية الخطيرة التي ينتجها الانشطار النووي.

المصادر:

تاريخ الجاذبية

تاريخ الجاذبية

هناك أربعة قوانين فيزيائية أساسية تحكم الكون، الجاذبية، والكهرومغناطيسية، والقوة النووية الضعيفة، والقوة النووية القوية. ومع أن الجاذبية هي الأكثر ضعفًا بينها، إلا أنها قد شكلت عالمنا، فمن دوران الكواكب في مداراتها في الفضاء، إلى ثبات أقدامنا على الأرض، يمكن أن نرى تأثيرها في كل مكان، وعلى مدار عدة قرون تغير مفهومها ليصبح على ما هو عليه اليوم. يعرض المقال بعض الخطوط الرئيسية في تاريخ تطور فهمنا للجاذبية.

العالم الإغريقي اليوناني

اعتقد الفيلسوف اليوناني أرسطو أنه لا وجود لتأثير أو حركة دون سبب، وأن العناصر الثقيلة تنجذب للأرض بفعل <<انجذاب داخلي-Inner Gravitas>> أو <<ثقالة-Heaviness>> تدفعها للتحرك باتجاه الأسفل دون تأثير قوة خارجية، إنما بتأثير طبيعتها الداخلية.

في القرن السادس، قام العالم البيزنطي الإسكندري << جون فيلوبنوس-John Philoponus>> بتقديم <<نظرية الزخم-Theory of Impetus>> التي تنص بأن الحركة المستمرة تعتمد على قوة مسببة تتقلص بفعل الزمن، والتي جاءت كتعديل لنظرية أرسطو حول أن استمرارية الحركة يتطلب تطبيق قوة ثابتة مستمرة.

ابن سينا

العالم الإسلامي

في القرن الحادي عشر اقام العالم الفارسي ابن سينا بنشر نظرية الزخم الخاصة به، والتي جاءت في كتاب الشفاء، وبعكس فيلوبنوس ، الذي اعتقد بأن القوة المؤثرة على الأجسام ستتناقص حتى في الفراغ، أظهرها ابن سينا على أنها مستمرة في الأصل، وتحتاج لقوة خارجية كمقاومة الهواء لتشتيتها. قام ابن سينا بالتمييز بين القوة والميل، وجادل في أن الجسم قد كسب ميلًا عندما يتحرك بعكس اتجاه حركته الطبيعية، واستنتج أن استمرارية الحركة معتمدة على الميل المنقول إلى الجسم، وأن الجسم سيبقى في حالة حركة حتى يفقد ميله.

في القرن نفسه، اقترح العالم الفارسي البيروني أن ثقل الأجسام ذات الثقالة لديها كتلة، ووزن، وجاذبية، كالأرض تمامًا. وقام بنقد أرسطو وابن سينا لعرضهما الأجسام ذات الثقالة كفاقدة لتلك الخصائص. في القرن الثاني عشر افترح العالم الخازيني أن الجاذبية هي جسم يتغير اعتمادُا على المسافة من مركز الكون (يقصد بها الأرض). 

وقدم أبوبكر الخازني تفسيراً لتسارع جاذبية الأجسام الساقطة. وافترض أنه يمكن تسريع سقوط الأجسام من خلال تراكم الزيادات المتتالية للقوة مع الزيادات المتتالية للسرعة، والتي تخالف نظرية أرسطو التي تنص بأن أن القوة الثابتة تنتج حركة موحدة-كان ذلك في القرن الثاني عشر-وفي ذات القرن اقترح العالم العربي ابن باجه أن كل قوة هي رد فعل لقوة ما، لكنه لم يحدد ضرورة تساوي تلك القوتين ولا اتجاههما (كما جاء في قانون نيوتن الثالث في ما بعد) [1].

جاليليو جاليلي

توضيح لتجربة جاليلي

<<كان جاليلو جاليلي-Galileo Galilei>> أول من تحدى نظرية أرسطو، وتعتبر تجربته الشهيرة التي أجرها من برج بيزا المائل، أولى التجارب العلمبة المضبوطة، واهتم جاليلو جاليلي بمعدلات سقوط الأجسام، واعتقد أنه بدون وجود مقاومة للهواء ستسقط بمعدل يتناسب وكثافتها، وهذا يخالف رأي أرسطو القائل بأن الأجسام الأثقل ستسقط بسرعة أكبر لأن طبيعتها ترجع للأرض، وقرر القيام بتجربة للتأكد من صحة ادعائه، ووجد بعدها أن الأجسام الأثقل تأخذ زمنًا أقل للوصول إلى الأرض، ولكن بفارق بسيط تسببه مقاومة الهواء، وبدون هذا الفارق ستسقط الأجسام بنفس السرعة تقريبًا. [2][3].

نيوتن

مستخدما اقتراح <<روبرت هوك- Robert Hooke >> الذي نص بوجود قوة جاذبية تعتمد على مقلوب مربع المسافة، نشر نيوتن “Philosophiæ Naturalis Principia Mathematica” الذي جاء فيه <<قانون التربيع العكسي للجاذبية الكونية- Inverse Square Law of Universal Gravitation >>، والذي ينص على أن القوة المطبقة على الكواكب يجب أن تتناسب مع عكس مربع المسافة من المركزين لكل كوكبين. استخدم نتيوتن نظريته في حساب قوة الجاذبية، وذلك باستخدام القوة اللازمة لابقاء القمر في مداره من الأرض، ولكن الرقم الذي وصل إليه لم يكن دقيقًا، نظرًا لأن المسافة من سطح الأرض لمركزها لم يعرف بعد أنذاك.  

ادعى نيوتن بأن الجاذبية هي قوة كونية، وأن جاذبية الشمس هي ما يبقي الكواكب في المجموعة الشمسبة في مداراتها، واليوم، جميع الحسابات المتعلقة بمدارات الكواكب والأقمار الإصطناعية تتبع الخطوات رسمها نيوتن [4].

أينشتاين

أتى أينشتاين في النسبية الخاصة بأن جميع القوانين الفيزيائية هي نفسها لكل المراقبين غير المتسارعين، وأن سرعة الضوء في الفراغ هي نفسها بغض النظر عن سرعة المراقب، وكنتيجة لذلك، وجد أن الزمان والمكان متشابكين فيما يعرف بالزمكان، والأحداث التي تظهر في وقت معين لمراقب ما، يمكن أن تحدث في وقت مختلف لمراقب آخر، وذلك ما يدعى بـ<<نظرية الارتباط العامة-General Theory of Relativity>>. 

أثناء عمل أينشتاين على نظرية الإرتباط، لاحظ أن الأجسام الثقيلة تسبب تشوهًا في الزمكان، تخيل وضع جسم كبير في وسط ترامبولين، سيقوم الجسم بسحب غلاف الترامبولين المحيط به باتجاه الأسفل، وإذا كانت هناك أجسام أخرى صغيرة عليه، فستندفع باتجاه الجسم الكبير-بنفس الكيفية تجذب الكواكب الصخور في الفضاء [5]. 

نسيج الزمكان والأرض

بناءً على التجارب والملاحظات، فإن وصف آينشتاين للجاذبية يفسر العديد من التأثيرات التي لا يمكن تفسيرها بقانون نيوتن؛ كالإختلافات الدقيقة في مدارات عطارد والكواكب الأخرى. تتنبأ النسبية العامة أيضًا بتأثيرات جديدة للجاذبية، مثل <<موجات الجاذبية-Gravitational Waves>>، و<<عدسة الجاذبية-Gravitational Lensing>> وتأثير الجاذبية على الوقت المعروف باسم <<تمدد الزمن الثقالي-Gravitational Time Dilation>>. تم تأكيد العديد من هذه التنبؤات عن طريق التجربة أو الملاحظة، وكان آخرها موجات الجاذبية [6].

  • المصادر:

[1] History of Gravitational Theory

[2] GALILEO’S EXPERIMENT

[3] Was Galileo Wrong?

[4] Newton’s theory of “Universal Gravitation”

[5] Theory General Relativity

[6] Introduction to Genera Relativity

كيف قام الأخوان رايت بأول عملية طيران ناجحة في التاريخ؟

كيف قام الأخوان رايت بأول عملية طيران ناجحة في التاريخ؟

عندما تم سجن «ديدالوس-Daedalus» مع ابنه «Icarus-إيكاروس» في القلعة لإخفاء سر المتاهة الخاصة به، قام ديدالوس بصنع أجنحة من الريش والشمع ليتمكنا من الهرب، وقبيل الانطلاق، حذر الأب ابنه ألا يحلق عاليًا بها كي لاتذيب الشمس أجنحته فيسقط، ولكن بعدما انطلق رأى الحرية ونسي نصيحة والده وحلق عاليًا، فذابت أجنحته ووقع في البحر.

بالتفكير مليًا في هذه الأسطورة اليونانية، نجد أن اليونان جعلوا ديدالوس وابنه يهربان عن طريق بناء أجنحة، نعم، لقد كان الطيران أعجوبة عند القدماء وقوة خارقة بالنسبة لهم استخدموها في الأساطير، ذلك أن أعظم العقول في تلك الفترة أقرت بأن الأمر مستحيل فيزيائيا، إلى أن قام «الأخوان رايت-Wright brothers» ببناء أول نموذج ناجح لطائرة وتمكنا من إقلاعها باستخدام قوى آيروديناميكية.

ولكن، ماهي القوى الآيروديناميكية؟

تنحدر هذه الكلمة من أصل يوناني وتتألف من شقين، الأول «هو ἀήρ-ايرو» بمعنى هواء والثاني هو «δυναμική-دايناميك» بمعنى قوة وتهتم بشكل عام بدراسة حركة الهواء واحتكاكه مع المواد الصلبة، ويعد هذا العلم أحد فروع ميكانيك الموائع.

ولكن كيف تمكن الأخوان رايت من القيام بذلك؟ كيف استطاعا تسخير تلك القوة لصالحهما؟

اعتمد الأخوان رايت على فكرة أساسية وهي قانون نيوتن الأول، بحسب نيوتن، يظل الجسم الساكن ساكنا، والجسم المتحرك متحركا ما لم تؤثر عليه قوة خارجية، أي أنه لكي تحلق الطائرة في الهواء، يجب ان تتغلب هذه القوة الآيروديناميكية على وزن الطائرة الذي يقوم بسحبها للأسفل باتجاه مركز الأرض.

بشكل عام، تؤثر على الطائرة أثناء الحركة أربع قوى أساسية:

قوة الدفع الأمامي – Thrust:

تمثل قوة الدفع الخاصة بالمحركات، تكون جهة هذه القوة باتجاه حركة الجسم “غالبًا” وتوجد بشكل أساسي للتغلب على قوة الدفع الخلفي أو المقاومة.

قوة السحب الخلفي- Drag:

تنشأ هذه القوة بسبب مجموعة عوامل منها سرعة الطائرة، كثافة الهواء، شكل الجسم والزاوية التي يصنعها مع اتجاه الحركة، يتم التغلب على هذه القوة باستخدام قوة الدفع الأمامي.

وزن الطائرة – Weight:

يتناسب طردا مع كتلة الجسم، أي أنه كلما ازدادت الكتلة الخاصة بالجسم، ازدادت قوة الرفع المطلوبة للتغلب على الوزن.

قوة الرفع – Lift:

وهي محور دراستنا هذه، هناك العديد من التفسيرات لهذه القوة، منها ماهو صحيح ومنها ماهو مغلوط سنبدأ بمعلومات عامة عن هذه القوة.


تنشأ هذه القوة بسبب حركة الطائرة في الهواء وتتولد عند مراكز الضغط في الأجنحة التي تأخذ شكل ال «airfoil» “كما في الشكل الموضح بلأسفل” ذلك أنه عند حركة الجسم في الهواء، تستطيع جزيئات الهواء الانتقال بسهولة حول الجسم لضعف الارتباط بينها على عكس الأجسام الصلبة.

“مقطع عرضي بجناح الطائرة”، كيف قام الأخوان رايت بأول عملية طيران ناجحة في التاريخ؟


وبما أن الجزيئات تتحرك فهناك سرعة خاصة بهذه الجزيئات تختلف بين بعضها البعض وتؤثر بها على الجسم بقيم مختلفة، انطلاقا من هذه المعلومات، توجد فرضيتين لتفسير قوة الرفع.

تفسير الظاهرة حسب برنولي:


تتعلق فرضية برنولي بضغط الهواء على الجسم، حيث قام برنولي بربط سرعة الهواء بالضغط الخاص به، أي أنه عندما تتغير السرعة الخاصة بالهواء، تتغير قيمة الضغط عنده والعكس صحيح بالتالي عندما تتغير سرعة الهواء المحيطة بالجسم، تتغير قيم الضغط المحيطه به وبتجميع قيم الضغط التي تؤثر على الجسم ينتج لدينا قوة تكون المركبة العمودية فيها على اتجاه الحركة هي قوة الرفع، أما المركبة الأفقية فهي مضافة الى قوة السحب المقاوم للحركة.

حسب نيوتن


تقوم فرضية نيوتن على جمع قيم السرعة لجزيئات الهواء المحيطة التي تؤثر على الجسم، ينتج عن ذلك محصلة اتجاه حركة جزيئات الغاز الكلي، وبحسب قانون نيوتن الثالث، ينتج لدينا رد فعل يعاكس حركة الجزيئات، تكون المركبة العمودية على اتجاه الحركة في رد الفعل هي قوة الرفع أما المركبة الأفقية فتمثل قوة السحب المقاوم للحركة.

اذًا، ما هو التفسير الصحيح؟


كل من فرضية نيوتن وفرضية برنولي صحيحتان، ولكن اعتمد نيوتن على مبدأ انحفاظ كمية الحركة، بينما اعتمد برنولي على مبدأ انحفاظ الضغط. ويجب التنويه هنا الى أن فرضية نيوتن أو فرضية برنولي تشير الى المجتمعات التي تدعم هذه الفكرة وليس الأشخاص بحد ذاتهم، ذلك أن زمن برنولي ونيوتن سبق عصر الطيران بكثير.

بالخلاصة، لا يوجد إجماع كلي بين الفيزيائيين على الأسباب التي تؤدي لخلق قوة الرفع، حيث أنه على الرغم من استطاعتنا تصميم طائرات متكاملة واستمثالها للعمليات التجارية أو العسكرية، وقياس هذه القوى ضمن أنفاق هوائية بدقة عالية، إلا أنه لايوجد تفسير موحد كامل ودقيق لسبب نشوء هذه القوة

المصادر:

Scientific American, NASA

اقرأ أيضا من الأكاديمية:

الطباعة ثلاثية الأبعاد، نماءٌ وازدهار أم خراب ودمار؟

هل من الممكن أن يشيخ الطفل قبل والديه؟

هل من الممكن أن يشيخ الطفل قبل والديه؟ بشكل عام، هل يمر الوقت على الجميع بنفس النسبة؟ ما علاقة هذه الأسئلة بالتمدد الزمني المذكور في نسبية آينشتاين؟

نظرية النسبية العامة:

عندما تتاح لك حرية اختيار مكان سكنك، حاول أن تسكن في مكان منخفض قدر الإمكان لأنك ستشيخ أبطأ بالمقارنة مع إقامتك في مكان مرتفع!

هل من الممكن أن يشيخ الطفل قبل والديه؟

هذا ما تحدث به آينشتاين في ورقته البحثية التي نشرها عام 1907 عن النسبية العامة، والتي تنص على أن الأجسام التي تتعرض لمقادير مختلفة من الجاذبية، يحدث فرق في التوقيت بينها، بمعنى آخر، يمر الوقت بشكل أسرع على السكان في الطوابق المرتفعة عن سطح الأرض مقارنة بجيرانهم في الطوابق الأدنى.

النسبية الخاصة وتجربة التوأم:
ماذا لو حدث الأمر وكنت قاطناً بالفعل في طابق مرتفع، هل فقدت فرصتك في تعديل فرق التوقيت مع جيرانك في الطوابق الأدنى؟ بحسب النسبية الخاصة، لا!

لتوضيح الطريقة سنبدأ بالمثال التقليدي الذي أصبح ملازماً لهذه النظرية والذي يدعى «مفارقة التوأم-twin paradox» حيث يقوم أحد التوائم بالسفر لنجم بسرعة قريبة من سرعة الضوء ليعود ويجد أخاه يكبره بعدة سنوات! ذلك بسبب أن الوقت يمر بشكل أبطأ على الأجسام التي تتحرك بسرعة قريبة من سرعة الضوء مقارنةً بالأجسام الأخرى، وهذا ما حدث في تجربة التوأم.

التمدد الزمني وعلاقته بالنسبيتين:
كلا النسبيتين، العامة والخاصة تتحدث عن مفهوم واحد يدعى «تمدد الزمن-time dialtion» وقد لوحظ تأثيره بشكل عملي في عدة تجارب منها تجربة«هيفلي-كيتنغ Hafele–Keating experiment» والتي قام فيها العالمان «Joseph Hafele and Richard Keating» بتسيير طائرتين تحملان أجهزة قياس توقيت دقيقة «cesium atomic clocks» باتجاهين مختلفين، حيث أتمت الطائرتان دورتان كاملتان حول الكرة الأرضية، وبعد المقارنة مع جهاز توقيت مرجعي موجود على الأرض، وجد فرق في التوقيت بين الأجهزة، الأمر الذي يؤكد مفهوم التمدد الزمني.

إذاً هل أصبح من الممكن السفر عبر الزمن باستخدام طريقة هيفلي-كيتنغ؟
على الرغم من السرعة العالية للطائرات وارتفاعها عن الأرض، فإن فرق التوقيت بين الساعتين يعد متناهياً في الصغر، ذلك أن الأمر يتطلب مرور مئات الملايين من السنين في نفس الظروف للحصول على فرق توقيت بين الساعتين مقداره ثانية واحدة! بالتالي يتطلب الحصول على فرق ملحوظ السفر بسرعة قريبة من الضوء بحسب النسبية الخاصة، أو الجلوس في مكان ذو جاذبية مرتفعة للغاية، حسب النسبية العامة.

ماذا لو أردت ملاحظة أثر النسبية بنفسي، هل سيتطلب الأمر مني الحصول على طائرتين كما في تجربة هيفلي-كيتينغ؟

بفضل العديد من التحسينات على أجهزة التوقيت، يمكن إجراء تجارب مماثلة لتجربة هيفلي-كيتينغ ضمن المختبر، حيث أجرى باحثون من «المعهد الوطني للمعايير والتقنية-National Institute of Standards and Technology» تجربة استطاعوا من خلالها تسجيل فرق في التوقيت بين جسمين يبلغ فرق الإرتفاع بينهما ثلث متر، أو أحدهما يتحرك بسرعة أقل من 10m/s بالنسبة للآخر وذلك بفضل «أجهزة توقيت ذرية-ضوئية عالية الدقة-high-precision optical atomic clocks».

أخيراً يمكن القول أن النظرية النسبية فتحت لنا أبواباً لم نكن لنتخيل وجودها أصلاً، فقد تنبأت بوجود «الثقوب السوداء-black holes» على الرغم من عدم وجود أي دليل مادي عنها في تلك الفترة، كما أنها افترضت وجود «ثقوب دودية-wormholes» التي تسمح بالإنتقال بشكل مختصر في نسيج الزمكان، وعلى وجه الخصوص اقترحت طرق للإنتقال عبر الزمن، فعلى الرغم من الأثر الصغير الذي نلاحظه من تطبيقاتها في وقتنا الحالي، إلا أنها لازالت محور اهتمام الدراسات الحالية والمستقبلية.

المصادر:

The Vintage News
Scientific American 1
Scientific American 2

اقرأ أيضا:
رصد أكبر انفجار في تاريخ الكون منذ الانفجار العظيم!

شركة Virgin Orbit تفشل في عملية إطلاق صاروخها الأول

شركة VIRGIN ORBIT تفشل في عملية إطلاق صاروخها الأول:
تعد شركة Virgin Orbit جزءا من مجموعة Orbit Group البريطانية والتي تأسست من طرف ريتشارد برانسون. وكانت الشركة قد خططت لإرسال أول صاروخ لها للمدار يوم 25 مايو خلال مهمة سميت Launch Demo، لكن حدث خطأ ما بعد انفصال الصاروخ عن الطائرة الحاملة له والتي تسمى ب Cosmic Girl.

https://twitter.com/Virgin_Orbit/status/1265001333817356288
اقلاع الطائرة Cosmic Girl

وغرد ممثلو الشركة على منصة تويتر: “لقد تم تحرير الصاروخ من الطائرة وانتهت المهمة في وقت قصير بعد الإطلاق. الطائرة وطاقمها بخير وهم عائدون إلى القاعدة.”

https://twitter.com/Virgin_Orbit/status/1265008105714155520
شركة VIRGIN ORBIT تفشل في عملية إطلاق صاروخها الأول

لقد سبق للطائرة وصاروخها LauncherOne التحليق في السماء عدة مرات خلال اختبارات أخرى، وقد أطلقت الطائرة صاروخا مرة واحدة من قبل أثناء اختبار السقوط غير المزود بالطاقة في يوليو من العام الماضي.

أقلعت الطائرة من ميناء في جنوب كاليفورنيا مع صاروخ طوله 21 مترا محشورا تحت جناح الطائرة وحلقت غريا لتتجه للجنوب الغربي ثم نحو نقطة الإسقاط. بعد حوالي 50 دقيقة، وصلت الطائرة إلى المنطقة المحددة وأطلقت الصاروخ. كان من المفترض أن يشغل الصاروخ محركه المسمى نيوتن 3 ويحترق لمدة ثلاث دقائق لكن واجهه عطب ما في هذه المرحلة. وجاء في تغريدة للشركة بعد الإطلاق:

” حافظ الصاروخ على ثباته بعد تحريره من الطائرة وأشعلنا محرك المرحلة الأولى (نيوتن 3). لقد حدث عطب ما في المرحلة الأولى من العملية وسنتعلم المزيد عما حدث بعد تحليل مهندسينا الكم الهائل من البيانات التي حصلنا عليها اليوم.”

حساب Virgin Orbit على تويتر
شركة VIRGIN ORBIT تفشل في عملية إطلاق صاروخها الأول

ويذكر أن الشركة لم تخاطر بوضع القمر الصناعي التشغيلي على متن الطائرة نظرا لأن هذا النوع من الإطلاق يحتمل نسبة 50 في المائة من الفشل. وأكد الرئيس التنفيذي لشركة Virgin Orbit، دان هارت، أن الاختبار لم يساهم في مشكلة النفايات الفضائية المتزايدة على الأرض. كما أضاف أن هدف العاملين على المشروع لم يكن منحصرا فقط على إنجاح الصاروخ لوصول المدار الأرضي المنخفض بل جمع أكبر قدر من البيانات حول أنظمة الطائرة Cosmic Girl وصاروخها LauncherOne لتقييمها وتعديلها حسب الحاجة للمضي قدما.

وصرح هارت:

“نتعامل مع البيانات كمنتج، وكلما حصلنا على المزيد منها، تزداد قيمة الرحلة.”

دان هارت, الرئيس التنفيذي لشركة Virgin Orbit

وأفاد هارت أيضا أن إستراتيجية الإطلاق الجوي التي اعتمدتها الشركة تمنحها فرصة كبيرة للنجاح مشددا على أن هذا النظام يوفر المرونة والقدرة على الحركة والاستجابة.

لقد سبق لشركة Virgin Orbit أن اكتسبت العديد من الزبناء بما في ذلك وكالة ناسا، القوات الجوية الأمريكية، والقوات الجوية الملكية للمملكة المتحدة. وأضاف هارت أن الصفقات المبرمة تمثل مئات الملايين من الدولارات التجارية. ومن غير الواضح متى ستكون الشركة جاهزة لبدء مهامها التشغيلية لكنها قد تباشر قريبا في رحلة تجريبية أخرى.

المصادر:

Space.com
Virgin Orbit Twitter
The Guardian

مواضيع من الأكاديمية بوست قد تهمك:


هل يجب البحث عن كائنات فضائية تتنفس الهيدروجين؟
مالذي يربط أهرامات الجيزة وجزر النخيل بدبي بالفضاء؟
لماذا يصعب الهبوط على القمر؟

كيف تم اكتشاف الأشعة السينية ؟

كيف اكتشفت الأشعة السينية ؟

قبل أكثر من خمسين عامًا فتحت الأشعة السينية (X-ray) الباب أمام عالم جديد تمامًا، كما نعلم يمر الضوء العادي من خلال الزجاج، ولكن عندما أعلن «فيلهلم كونراد رونتجن-Wilhelm Conrad Röntgen» اكتشاف طريقة لرؤية المواد المعتمة مثل الخشب والمعادن والجسد البشري أحدث ثورة في الطب التشخيصي وبشر بعصر الفيزياء الحديثة.

في نوفمبر عام 1895، أثناء تجربة تدفق التيار الكهربائي في أنبوب زجاجي مفرغ جزئيًا (أنبوب أشعة الكاثود)، وكان أنبوب الكاثود الخاص به مغطى بورق أسود كثيف. لاحظ رونتجن أن قطعة قريبة من البلاتينوسيانيد الباريوم أعطت الضوء عندما كان الأنبوب قيد التشغيل. افترض أنه عندما ضربت أشعة الكاثود (الإلكترونات) الجدار الزجاجي للأنبوب، تسببت في تشكيل أشعاعاً غير معروف ارتطم بالمادة الكيميائية وسبب التوهج. رغم عدم معرفته بصحة ملاحضاته إلا انه كان مقتنعًا بالفعل بأنه اكتشف شيئًا مذهلًا واستمر بإجراء بعض التجارب الأخرى.
حيث وضع كتابًا وألواحًا معدنية بين الأنبوب والشاشة، ومرت هذه الأشعة الجديدة بسهولة من خلالهم. المعادن الوحيدة التي أوقفت تلك الأشعة كانت البلاتين والرصاص، ولمعرفته البسيطة عن هذا الضوء الغامض، فقد أطلق عليه رونتجن اسم الأشعة السينية (أشعة اكس).

التطور الأكثر روعة حدث عندما وضع يده بين الأنبوب والشاشة، حيث استوعبت العظام كمية أكثر من هذه الأشعة مقارنة باللحم في يده، وعلى الشاشة الفلورسنت رأى مخططًا ليده بالعظام التي بداخلها بشكل واضح كظلٍ أكثر كثافة.
وفي 22 ديسمبر عام 1895، استبدل الشاشة بلوحة فوتوجرافية، وطلب من زوجته وضع يدها بين اللوحة والأنبوب، ثم شرع في تطوير هذه اللوحة ليخرج أول صورة شعاعية في العالم، صورة يد زوجته تظهر فيها بوضوح العظام والخاتم في إصبعها.

ترك اكتشاف رونتجن انطباعًا مذهلًا لدى عامة الناس وسرعان ما انتشرت قصة الأشعة التي كشفت العظام في جسم الإنسان في الصحف والمجلات.

وفي أمريكا، بنى «توماس إديسون-Thomas Edison» جهاز فلوروسكوب، وهو جهاز يشبه إلى حد ما جهاز المنظار المجسم، إلا أنه كان مزودًا بشاشة يمكن أن تتوهج في وجود الأشعة السينية. الآن أي شيء يوضع بين الفلوروسكوب والأنبوب سيظهر كظل للأشعة السينية على الشاشة.

في مايو 1896، ذهب إديسون مع «دالي-Dally» إلى معرض الرابطة الوطنية للضوء الكهربائي في مدينة نيويورك لإظهار منظار الفلوروسكوب. اصطفَ المئات للحصول على فرصة الوقوف أمام شاشة الفلورسنت لرؤية عظامهم، ووصفها البعض بصورة “الأشباح” وكانت الأكثر جاذبية في المعرض.
أدرك الأطباء أهمية هذه الصورة فلم يستغرقوا وقتًا طويلًا حتى وجدوا أنها يمكن أن تكون أحد أهم وسائل التشخيص التي تم ابتكارها على الإطلاق. أعطتهم صور اليد فكرة عبقرية تمكنهم من رؤية الأشياء التي كانوا يلجأوا إلى تخمينها سابقًا.

ومثل العديد من العلماء العظماء الآخرين، فتح رونتجن الباب أمام عالم النشاط الإشعاعي. فقد حفز هذا الاكتشاف الفرنسي «هنري بيكوريل-Henri Becquerel» للتحقيق في الخصائص الإشعاعية للمواد المختلفة، عندما بحث هنري بيكريل في الأشعة السينية المكتشفة حديثًا في عام 1896، أدى إلى دراسات حول كيفية تأثر أملاح اليورانيوم بالضوء. بالصدفة، اكتشف أن أملاح اليورانيوم تبعث تلقائيًا إشعاعًا يمكن تسجيله على لوحة فوتوغرافية. أوضحت دراسات أخرى أن هذا الإشعاع كان شيئًا جديدًا وليس إشعاعًا بالأشعة السينية لقد اكتشف ظاهرة جديدة، النشاط الإشعاعي.
ولا ننسى دور مدام ماري كوري، حيث نجحت ماري وبيير كوري في عزل أملاح الراديوم المشعة في مختبرهما في باريس. في عام 1898، اكتشفوا وجود عناصر الراديوم والبولونيوم، وبذلك تم منحهم جائزة نوبل مع العالم هنري لتحقيقاتهم الرائدة في النشاط الإشعاعي.

وقد قام الدكتور «ويليام كوليدج-William Coolidge» وغيره الكثير بتطوير أنابيب الأشعة السينية. في عام 1916، حصل كوليدج على براءة اختراع لأنبوب الأشعة السينية القادر على إنتاج كميات عالية من الإشعاع وأصبح أنبوب Coolidge النموذج الأولي لأنبوب الأشعة السينية الحديثة.

تعتبر الأشعة السينية جزء مهم من علم المعادن، كما تستخدم في المصانع لفحص المسبوكات، وكذلك في المستشفيات للمساعدة في إنقاذ الأرواح.

الآفاق العلمية الجديدة التي سببتها هذه الاكتشافات جعلت من المستحيل ممكناً وقادتنا إلى اختراعات عظيمة وعوالم علمية لم يتم اكتشافها بعد فالوقت وأبحاثنا المضنية فقط ما يمكّننا من الوصول إليها.

المصادر:

todayinsci

NASA

Nobel Prize 

Nobel Prize

اقرأ ايضاً: ما هي ظاهرة تعذيب الحيوانات وما أسبابها ؟

Exit mobile version