مقدمة في الواقع الافتراضي في 4 أسئلة

هذه المقالة هي الجزء 1 من 9 في سلسلة ما هو الواقع الافتراضي وكيف سيشكل مستقبلنا؟

مقدمة في الواقع الافتراضي في 4 أسئلة

بعد إعلان مؤسس فيسبوك (مارك زوكربيرغ) عن اسم الشركة الجديد وشرحه للجيل الجديد من طرق التواصل الاجتماعي عبر الواقع الافتراضي، هل تساءلت ما هو الواقع الافتراضي وما هي تفاصيله؟ في هذا المقال سوف نأخذك في رحلة في هذا العالم لتتعرف عليه وتعلم ماهيته عبر مقدمة في الواقع الافتراضي من خلال 4 أسئلة ضرورية.

1. ما هو الواقع الافتراضي؟

الواقع الافتراضي هو عمليةُ محاكاةٍ لتجربة معينة أو إحساس معين ضمن عالم ثلاثي الأبعاد يتم توليده من قبل معالجات رسومية خاصة، يتفاعل معها المستخدم عن طريق حواسه، وبالتالي يعتمد عمل الواقع الافتراضي على حواس المستخدم وبشكل خاص على البصر والسمع. ويكون المستخدم وكأنه جزء من هذا العالم حيث يتفاعل مع عناصره كما يتفاعل مع عناصر العالم الحقيقي، مثلًا يمكنك القرع على الباب في العالم الافتراضي وتسمع صوت القرع وكأنه حقيقي.[1]

2. كيف يعمل؟

الصعوبة كانت تكمن بتوليد هذا العالم من وجهة نظر المستخدم، أي يجب معرفة كيف يقوم العقل البشري بمعالجة مختلف المدخلات التي يتلقاها من حواس الجسم لتوليد الإدراك، فمثلًا عندما تنظر إلى أي شيء في غرفتك تستطيع معرفته وتمييزه بناءًا على تفاعل سابق معه أو عندما تنظر إلى اتجاه ظل الأشياء تعلم من أي اتجاه يأتي الضوء.[2]

بالاعتماد على الفهم السابق لمنطق العقل في التحليل تم إنشاء بيئة افتراضية تفاعلية، ولكن كيف يصبح المستخدم جزءاً منها وكيف يتحكم بحركته وتفاعله معها؟

بما أن التجربة تعتمد على الحواس فيجب تحقيق عدّة متطلبات تقنية كي نصل إلى ربط كامل بين حواس المستخدم والعالم الافتراضي.

3. كيف يحاكي الواقع الافتراضي حواسنا البشرية؟

  • أولًا: مجال الرؤية. مجال الرؤية هو الزاوية التي يراها المستخدم من منظوره. فالعين الطبيعية تغطي زاوية تقدر بين 120 إلى 220 درجة. بينما توفر النظارات التي يستخدمها المستخدم حوالي 114 درجة كزاوية رؤية. ويتم العمل على زيادتها لكي تحقق نفس زاوية العين الطبيعية.[2]
  • ثانيًا: معدل الإطار. وهو معدل الحركة للرسوم في الثانية. وكما نعلم أنه مقياس مهم في عالم الألعاب. وبما أن العالم الافتراضي مبني على الرسوميات ويوجد به الكثير من العناصر التي تتحرك وتتفاعل مع عين المستخدم باستمرار، لذلك يجب توفير معدل إطار مناسب بشكل كافي لكي تظهر وكأن حركتها حقيقية. إذ تميز العين البشرية 30 إلى 60 إطار بالثانية. بينما الواقع الافتراضي يوفر بين 75 إلى 90 إطار بالثانية وأحيانا تصل إلى 120 إطار. يعطي زيادة عدد الإطارات انطباع أكثر واقعية للعناصر المتحركة.[2]
  • ثالثًا: المؤثرات الصوتية. هي عامل مهم وتعمل بشكل متكامل مع باقي العوامل التي ذكرناها لتوليد إدراك كامل للمجال ثلاثي الأبعاد، ولتحقيق ذلك يجب تحقيق عوامل مكانية، كمراعاة مكان قدوم الصوت، مثلًا الصوت القادم من جهة اليمين، يُسمع عن طريق الأذن اليمنى قبل الأذن اليسرى بفاصل زمني بسيط جداً قد لا ندركه بشكل فعلي ولكنه مهم جدا بالنسبة للدماغ.[2]
  • رابعًا: تتبع الحركة، تعتمد حركة المستخدم في الواقع الافتراضي على حركته في الواقع وليس على أزرار كما هو الحال في الألعاب الرقمية. ويتم تتبع حركة الجسم أو الرأس عن طريق حساسات تقوم بتجميع معلومات عن زاوية الحركة وإحداثيات الجسم ويتم معالجتها وتنفيذها بحذافيرها في العالم الافتراضي.[2]
  • خامسًا: الشعور باللمس، مؤخرًا تم الإعلان عن تطوير جلد اصطناعي لهذا الغرض، يرتديه المستخدم، يقوم هذا الجلد بنقل شعور لمس العناصر والأشياء بالعالم الافتراضي إلى جسده كما لو كانت واقعية.

4. ما هي تطبيقات الواقع الافتراضي؟

  • أولًا: ألعاب الفيديو. من أبرز استخدامات الواقع الافتراضي هي مجال ألعاب الفيديو. وأبرز هذه الألعاب هي Microsoft Flight Simulator والتي تعطيك شعور واقعي بالطيران وسبر بقاع العالم المختلفة. وقد أعلن مارك زوكربيرغ مؤخرًا أنه يتم العمل على تطبيق اللعبة المشهورة (GTA : San Andereas ) في العالم الافتراضي. بالتالي سيتسنى للمستخدمين خوض التجربة كما في اللعبة تمامًا.[3]
  • ثانيًا: اجتماعات العمل. حيث يتم عقد اجتماعات ضمن الواقع الافتراضي ويكون التفاعل متاح مع جميع الموجودين. لهذا أهمية كبيرة تساعد في تذليل العديد من العقبات بسبب بعد المسافات أو القيود المفروضة بسبب وباء كورونا.[3]
  • ثالثًا: التدريب الطبي. وهو من أهم المجالات التي سوف يدفع بها العالم الافتراضي خطوات للأمام. حيث سيتاح للأطباء حديثي التخرج والمتدربين على إجراء العمليات الجراحية الحساسة أو العمليات الإسعافية ضمن بيئة افتراضية مخصصة لذلك.[3]

    وكما هو الحال في جميع التقنيات الحديثة فهي سيف ذو حدين، ويعتمد ذلك على الطريقة التي يتم استخدامها بها.فالجانب الآخر لهذه التقنية قد يؤدي إلى إدمان عند بعض المستخدمين. إذ يقلل من تفاعل المستخدمين مع العالم الحقيقي، الأمر الذي قد يولد بعض الاضطرابات النفسية والاجتماعية. كما قد يسبب أضرار جسدية بسبب قلة الحركة. كما سيصبح عالم ممتلئ بالخداع، فالعالم الافتراضي يتيح لك أن تصبح ما تريد، وبالتالي قلة قليلة من الناس قد تتواجد ضمنه على حقيقتها.[4]من المتوقع ازدياد الاعتماد على هذه التقنية مع مرور الزمن، بل ويعتقد البعض أن حياتنا ما هي إلا محاكاة بالفعل، فهل ستكون كفؤً لتلبية متطلبات الإنسان المتزايدة أم أنها سوف تفشل مستقبلاً؟

المصادر:

[1] vrs
[2] softwaretestinghelp
[3] forbes
[4] forbes

تأثير فيرتر، كيف تنتشر عدوى الانتحار؟

الانتحار السبب الأكثر شيوعًا للوفاة من بعد الحوادث. ويجادل العديد من العلماء في كونه ظاهرة فردية أم اجتماعية. والحقيقة أن ظاهرة الانتحار تتأثر بكلا العوامل الفردية والاجتماعية. لكن يبقى السؤال عن دور الإعلام الذي يؤثر في كافة جوانب حياتنا، فكيف يكون تأثيره في الترويج لظاهرة مثل ظاهرة الانتحار؟

حقوق الصورة: medium

ما هو تأثير فيرتر؟

تأثير فيرتر هو محاكاة للانتحار بعد انتحار تم الترويج له إعلاميًا، ويؤدي لموجة انتحارات جماعية. يعود أصل المصطلح إلى رواية غوته أحزان الشاب فيرتر التي سميت تيمناً بما حدث بعد انتشار الكتاب من محاكاة للشباب لسلوك شخصية فيرتر.
أول من استخدم مصطلح التأثير هذا علميًا هو ديفيد فيلبس عام 1974، بعد قيامه بدراسة تعد من الدراسات الرائدة حول الانتحار بالمحاكاة. وأثبت أن للإعلام دور كبير في زيادة معدلات الانتحار، ولهذا السبب نشرت منظمة الصحة العالمية مبادئ توجيهية لتحدد لوسائل الإعلام الطريقة الصحيحة للإبلاغ عن الانتحارات حتى لا يكون لها نفس الأثر. [1]

أحزان الشاب فيرتر

عام 1774 نشر الأديب الألماني غوته روايته الرومانسية “أحزان الشاب فيرتر”، التي تروي عبر عدة رسائل كتبها بطل القصة فيرتر. وهو فنان شاب حساس وعاطفي في مقتبل العمر يعشق فتاةً لم تبادله الحب. فيرتر الذي لم يتمكن من إيقاف قلبه عن عشق الفتاة التي كانت مخطوبة لشخص آخر، طور صداقته معها ومع خطيبها. لكن تعلقه الشديد بها لم يمكنه من مواصلة حياته ولم يرَ سبيلًا سوى الانتحار. فقام بإطلاق النار على نفسه ومات تاركًا وراءه خطاب وداع وجد بعد وفاته. [1]

أول انتشار للظاهرة بعد نشر الكتاب:

بعد نشر الكتاب عام 1774 وشيوعه لوحظت أول ظاهرة للانتحار بالمحاكاة. فقام العديد من الشبان بمحاكاة سلوك فيرتر، في الملبس والتفكير، وانتهى الأمر بانتحار العديد منهم بنفس الطريقة. إطلاق النار على نفسهم عند المرور بعلاقات فاشلة كتعبير عن اليأس من الحياة.
أدى هذا الأمر لمنع الكتاب في العديد من البلدان ولأعوام عديدة. ومنها نشأ مفهوم “تأثير فيرتر” في الأدبيات المعاصرة لوصف حالات الانتحار بالمحاكاة بعد الترويج للانتحار إعلاميًا. [1]

الانتحار بالمحاكاة:

المحاكاة أو التقليد نوع من أنواع التعلم الاجتماعي ويعرف بأنه عبارة عن نسخ لسلوك آخر، ومحاكاةً لسلوكه بشكل مباشر أو غير مباشر. والانتحار سلوك قابل للمحاكاة كأي سلوك آخر يمكن محاكاته إذا تم تحفيز الفرد للقيام به. وفي غياب عوامل الحماية فإن الفئات الأكثر هشاشة عاطفيًا هي الأكثر عرضة لمخاطر عدوى الانتحار. وينتشر السلوك خلال نظام مدرسي أو مجتمع ما، أو من حيث موجة انتحار تعقب وفاة المشاهير. أبرز الأمثلة التي ألهمت الناس للانتحار هي حادثة انتحار الموسيقي الأميريكي كورت كوبين والموسيقي الياباني هايد. وتسمى هذه الموجة الانتحارية التي تلي الانتحار المحفز للبقية باسم “العنقود الانتحاري”. [2]

العوامل الديموغرافية والزمنية للانتشار:

بالرغم من أن معظم الأدلة على أن للإعلام دورًا كبيرًا في تشكيل الانتحارات العنقودية “تأثير فيرتر” غير مرضية تمامًا. فمن الصعب المعرفة إن كان المنتحر على دراية بقصة الانتحار المحفز وإن كان هذا ما ألهمه أم هي عوامل أخرى يصعب استنتاجها. لكن يبقى هناك العديد من الأدلة التي يمكن قبولها لرواج هذه الظاهرة. [3]
تحدث هذه الظاهرة غالبًا بعد أيام أو أسابيع من الترويج لخبر الانتحار كموت أحد المشاهير، وفي حالات نادرة قد تستمر أكثر من ذلك. وبحسب نظرية التأثيرات التفاضلية، يميل الأشخاص الذين يقومون بفعل المحاكاة لأن يكونوا من نفس عمر وجنس الشخص الذي قام بالفعل. [4]


معيار العمر في انتشار الظاهرة:

تستجيب الجماهير الشابة مثل المراهقين، والمتقدمين في السن أكثر في حالات الموجات الانتحارية. وتعد هاتان الفئتان الأكثر هشاشة وعرضة للانتحار بعد الترويج له. يميز التحليل البعدي للدراسات المستندة إلى متغير تابع يقيس مخاطر انتحار الشباب من (10 إلى 34 عام) وخطر الانتحار في منتصف العمر بين 35 و64عام، وخطر الانتحار لدى المسنين فوق 65 عام، وجدت أن الفئتين الأولى والأخيرة هم الأكثر عرضة لمحاكاة هذا السلوك. [3]

دور الإعلام في الترويج للانتحار:

تم تأطير التفسيرات في دور الإعلام في الترويج للانتحار من منظور نظرية التعلم الاجتماعي. فيتعلم العديد من الناس أن الانتحار هو وسيلة للتخلص من المشاكل ويقلدون هذا السلوك. وعلاوة على ذلك فإن وجود اضطراب نفسي لدى الشخص يزيد من مخاطر تقليده للسلوك عند سماعه للخبر.
هناك تفسيرات تدور حول عملية التعلم الخاصة بنظرية التعريف التفاضلي. فالناس الذين يشعرون بأنهم معنيون بالقصة وحادثة الانتحار، أو بإمكانهم تخيل نفسه في نفس الظروف يميلون أكثر لمحاكاة السلوك. وهناك مجموعة ثالثة من التفسيرات لا ترتبط بخصائص القصة تحديدًا، وإنما بالعوامل النفسية للجمهور، مثل ارتفاع معدلات الطلاق أو البطالة التي تؤثر على المزاج العام للجماهير وتحفزهم للهروب من واقعهم. [3]

تأثير “باباغينو” المضاد لتأثير فيرتر:

تأثير باباغينو هو التأثير الذي يعاكس تأثير فيرتر. وذلك بقيام وسائل الإعلام بتسليط الضوء على خبر الانتحار ولكن دون تجميله وتحميله المعاني العاطفية، بل بطرح حلول وجعل الخبر توعويًا أكثر من أن يكون محفزًا للانتحار. وباباغينو شخصية من أوبرا القرن الثامن عشر “الفلوت السحري”. عانى من حب من طرف واحد مثل فيرتر، وفكر بالانتحار حتى ساعدته شخصيات أخرى في القصة وقدمت له حلولًا بديلة عن الانتحار. أي حتى لو تضمن الخبر أفكار إيذاء النفس لكنه يمكن أن يكون توعويًا بدلًا من أن يكون تشجيعيًا. [4]
حددت المنظمات العالمية مثل منظمة الصحة العالمية، إرشادات لوسائل الإعلام في طريقة نشر الخبر، تؤكد الإرشادات هذه على اعتبارات مثل الحد من مقدار تغطية الخبر، وتجنب الإثارة في التغطية وحذف المعلومات التفصيلية عن طريقة الانتحار. وكما هو متوقع من نظرية التعلم الاجتماعي فكلما زادت التغطية للخبر كلما ارتفع معدل الانتحارات. [3]
تم تأكيد صحة تأثير باباغينو تجريبيًا لأول مرة عام 2010 من قبل مجموع نمساوية برئاسة توماس نيدركروتينثالر. وأشارت نتائج هذه الدراسة بشكل واضح إلى أن منع انتشار السلوك الانتحاري أمر ممكن وقابل للتطبيق من قبل الإعلام، وذلك عن طريق تقديم طرق لمواجهة أزمات كهذه، توعية حول الأمراض النفسية، أهمية مراجعة طبيب نفسي وما إلى هنالك من أمور تساعد الشخص الذي قد يفكر بالانتحار. [1]

الانتحار كان وما زال من أكثر المواضيع الشائكة والمعقدة، ولكنه من دون شك أكثرها خطرًا. وازدياد سرعة انتشار الخبر على وسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين، توعوي من جهة ولكنه قد يكون تحفيزيًأ من جهة أخرى. الأفضل للحفاظ على الصحة النفسية الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي في خضم انتشار خبر عن انتحار أحد المشاهير، والتحكم بما نتابع من أخبار في أي مكان. فالإعلام دائمًا شره لجذب المتابعين بشتى الطرق، حتى لو كانت هذه الطرق ضارة للمشاهد.

هل من الممكن أننا نعيش بالفعل في عالم افتراضي؟

يقول الفيلسوف «نيك بوستروم-Nick Bostrom» من جامعة أوكسفورد أن البشرية مرت أو ستمر بإحدى السيناريوهات التي يفرض إحداها أننا نعيش بالفعل في محاكاة!
ففي السيناريو الأول، يفترض البروفيسور أن الحضارة البشرية وجميع الحضارات الأخرى الموجودة وغير المكتشفة ستنقرض قبل أن تتمكن من بناء أجهزة تحاكي الواقع الذي تعيش فيه، فقد تنقرض بسبب الاحتباس الحراري مثلًا، أو بسبب جائحة أو كوكب مدمر للأرض أو غير ذلك، أما الثاني، فيفترض أن الحضارات قد تصل إلى المستوى الذي يمكنها من بناء أجهزة محاكاة للواقع، ولكن لن تقوم بذلك لسبب معين، قد يكون أخلاقي أو اقتصادي أو غير ذلك، والسيناريو الثالث وهو الأخطر، يفترض أننا سوف نصل الى المرحلة التي تمكننا من بناء هذه الأجهزة، وبالتالي هذا يؤدي الى أننا نعيش بالفعل في محاكاة!


في كتاب نشره «ريزوان فيرك-Rizwan Virk» عام 2019 والذي يدعى ب «The Simulation Hypothesis» أو فرضية المحاكاة، يقوم الكاتب فيه بإزالة الغطاء عن النظرية التي تحدث بها بوستروم ومدى قدرتنا التكنولوجية التي قد تمكننا من الوصول لما دعاه «نقطة المحاكاة-Simulation point» والتي نستطيع عندها بناء محاكاة لكل شيء موجود ضمن هذا الكون.

قبل أن نبدأ بطرح الأفكار، لنسأل أنفسنا هذا السؤال، هل من الممكن حقًا أن نكون الآن في عالم افتراضي؟

هناك العديد من الظواهر التي يمكن تفسيرها عن طريق فرضية المحاكاة بشكل أفضل من الفرضيات الفيزيائية، فمثلًا، عند محاكاة الأجسام المحيطة الموجودة بلعبة مثلًا، تقوم اللعبة بخلق-render الأجسام الموجودة أمام اللاعب فقط بهدف استمثال موارد الحاسوب، وهذا يتوافق مع المشاهدات الموجودة في الفيزياء الكمومية.

ما هي الأمثلة الموجودة في الفيزياء الكمومية والتي تعد دليلًُا على ذلك؟

لنفرض وجود نجم يبعد عنا مليارات السنين الضوئية، يبث هذا النجم أشعة ضوئية قد تعترضها إحدى المجرات “أو أي جسم كوني جاذبيته عالية” عند محاولتها الوصول الى كوكب الأرض، بالتالي بحسب نسبية آينشتاين العامة، فإن شعاع الضوء سينحرف على يمين أو يسار الجسم الكوني بسبب جاذبية الجسم الكوني المرتفعة، وبحسب ميكانيكا الكم، فإن هذا الضوء سيصل الى الأرض من الطريق الأول، أو الثاني، أو الطريقين معًا! ولن يتحدد هذا الطريق إلا في حال قرر مراقب ما موجود على الأرض النظر للضوء عند وصوله، عندها سيجد أنه سلك إحدى الطرق فقط وليس جميعها، ذلك أنه قبل أن يقوم المراقب بملاحظة هذا الضوء، قام الضوء بعبور جميع المسارات الممكنة بسبب سلوكه الموجي، ولكن عند تعرضه للمراقبة، سلك سلوك جسيم وأتى من طريق واحد فقط!

تعد هذه التجربة محاكاة لتجربة شهيرة قام بها العالم الأميركي جون ويلر والتي استبدل فيها النجم بمصدر ضوئي، ووضع بدل المجرة حائط ذو شقين وأمام الحائط بمسافة معينة قام بوضع شاشة لرصد الضوء المنعكس عليها.
عند عدم وجود مراقب لهذه الفوتونات وجد أنها تعبر من الشق الأول أو الثاني او كليهما لتشكل على الشاشة نمطا متداخلا يدل على سلوكها الموجي، ولكن عند وضع راصد عند الشقين يسلك الضوء سلوك جسيم ليعبر من احدى الشقين فقط!

صورة توضيحية لتجربة جون ويلر

في حال كنا نعيش بعالم افتراضي وكان هذا العالم مطابق للواقع، أليس من الأفضل اذًا عدم التفكير بهذا الموضوع نهائيًا؟

بحسب ريزوان فيرك، هناك العديد من الناس التي تفضل عدم معرفة الحقيقة، ولكن من الضروري أن ندرك أي نوع من الشخصيات الموجودة نحن.
لنشبه الموضوع بلعبة فيديو، هنالك شخصيات رئيسية تتبع قواعد معية للوصول لهدف معين، في حال استطعنا أن ندرك أننا شخصية رئيسية، فقد نحصل على Hints أو دلائل لاستكشاف هذا العالم بشكل أفضل والحصول على معلومات أكثر، ولكن في حال كنا شخصيات ثانوية، فهذا يعد أمرًا مرعبًا، مالهدف من المحاكاة، ومن يقوم بهذه المحاكاة، وهل جميع الشخصيات المحيطة شخصيات ثانوية أم أن هناك شخصيات مميزة عن الأخرى.

اذًا، كم من الوقت سنستغرق حتى نتمكن من بناء عالم افتراضي متكامل؟

يقول ريزوان فيرك أن البشرية عليها أن تمر بعشرة مراحل لتصل لما يسمى ب “نقطة المحاكاة” حيث يقدر أننا في المرحلة الخامسة تقريبًا بوجود الواقع الافتراضي والواقع المعزز، وتمثل المرحلة التالية بناء شخصيات افتراضية بدون الاستعانة بالنظارات الخاصة بالواقع المعزز، وقد بدأنا بهذه المرحلة بالفعل، ولكن هناك عائق بسيط أمام هذه المرحلة، هو أنه في فلم المصفوفة أو the matrix، استطاعت الشخصيات الدخول إلى العالم الافتراضي عن طريق أداة موصولة بالنخاع الشوكي، وهو الذي يشكل واجهة تخاطب بين المصفوفة والعقل البشري، ولكن الأبحاث البيولوجية مازالت في مراحل مبكرة في دمج الآلة مع العقل البشري وتحتاج عدة عقود حتى نتمكن من بناء واجهة تخاطبية كاملة مع الآلة.

Vox

Interesting Engineering

Nick Bostrom Paper

Exit mobile version