ما هو علم الجينوم المقارن؟

تعريف علم الجينوم المقارن

علم الجينوم المقارن هو مجال من مجالات البحث البيولوجي تتم فيه مقارنة السمات الجينية للكائنات المختلفة، تشمل السمات الجينية تسلسل الحمض النووي والجينات وترتيبها والتسلسلات التنظيمية وغيرها من المعالم الهيكلية الجينية.

في هذا الفرع من علوم الجينوم تتم مقارنة أجزاء كبيرة من التسلسلات الجينية المكتشفة من خلال دراسات ومشاريع الجينوم المختلفة وذلك من أجل دراسة أوجه التشابه والاختلاف البيولوجية والعلاقات التطورية بين الكائنات الحية. [1]

أدوات علم الجينوم المقارن

تعد الأساليب الحسابية من الطرق المهمة والضرورية في هذا المجال نظرًا للكم الهائل من البيانات التي تحتاج للمعالجة أثناء الدراسة. تم ابتكار العديد من الأساليب في هذا السياق وأهمها:

  • محاذاة التسلسل

تستخدم المحاذاة لالتقاط معلومات حول التسلسلات المتشابهة مثل الأصل التطوري المشترك أو البنية والوظيفة المشتركة. ويمكن استخدام هذا الأسلوب لتحليل التسلسلات الجينية والبروتينية.

  • إعادة تشكيل علاقات النشوء والتطور

يعد هذا الأسلوب من الأساليب الحسابية المتبعة في علم الجينوم المقارن. يستخدم لوصف العلاقات التطورية بالاعتماد على الأسلاف المشتركة. عادة ما يتم تمثيل العلاقات في شجرة تسمى شجرة النشوء والتطور.

صورة توضيحية لشجرة النشوء والتطور

تستخدم نظرية الاتحاد لتتبع إليلات الجين المدروس بشكل عكسي ضمن مجموعة جينات حتى الوصول إلى السلف المشترك لهذه المجموعة. إن التحليل القائم على هذه النظرية يحاول التنبؤ بمقدار الوقت بين ظهور طفرة وإليل معين أو توزيع جيني في المجموعة. هذه الفترة الزمنية تساوي المدة التي مضت على وجود أحدث سلف مشترك للمجموعة.

  • خرائط الجينوم

في رسم الخرائط الجينية، يعتبر عرض التركيب الجيني إحدى الطرق لرؤية ترتيب الجينات على الكروموسومات حيث يتم ذلك من خلال معالجة كميات كبيرة من البيانات الوراثية وعرضها من خلال نماذج برمجية متطورة. استخدمت دراسة حديثة هذه الطريقة لإعادة بناء 16 نمطًا موروثًا عبر سلالة الثدييات. أظهرت طريقة المعالجة والعرض كيف أعادت الكروموسومات ترتيب نفسها أثناء تطور الثدييات. وقد أعطت فكرة عن كيفية الحفاظ على مناطق مختارة من قبل الكروموسومات المرتبطة في كثير من الأحيان في التحكم بعمليات التنمية. يعد هذا الأسلوب مهمًّا جدا في دراسة الأمراض الوراثية التي تتعلق بترتيب الكروموسومات.

أدوات علم الجينوم المقارن

تتطور الأدوات الحسابية لتحليل الجينات بسرعة نتيجة التطور التكنولوجي من جهة ونتيجة توفر كم كبير من البيانات الجينية من جهة أخرى. توفِر متصفحات الجينوم على الإنترنت العديد من الأدوات المفيدة للتحقيق في التسلسل الجيني بسبب دمج جميع المعلومات البيولوجية القائمة على التسلسل في المناطق الجينومية[2]. ومن أهم هذه المتصفحات:

  • موقع UCSC:

هذا الموقع عبارة عن مشروع لجامعة كاليفورنيا. يحتوي هذا الموقع على التسلسل المرجعي ومجموعات من مسودات العمل لمجموعة كبيرة من الجينومات. يمكن زيارة الموقع من هنا.

  • مشروع Ensembl :

هو مشروع علمي لصالح المعهد الأوروبي للمعلوماتية الحيوية يشبه مشروع UCSC . يشكل موردًا مهمًا للبيانات لعلماء الوراثة وعلماء الأحياء الجزيئية. يمكن زيارة الموقع من هنا.

  • موقع MapView:

يوفر هذا الموقع بيانات كثيرة عن التنوع والتسلسل الجيني ويعرضها بشكل جيد. يمكن زيارة الموقع من هنا.

  • موقع VISTA:

عبارة عن مجموعة من قواعد البيانات والأدوات والخوادم التي تسمح بتحليلات الجينوميات المقارنة الشاملة. يمكن زيارة الموقع من هنا.

  • موقع BlueJay Genome:

أداة تصور مستقلة للعرض متعدد المقاييس للجينومات المشروحة والعناصر الجينومية الأخرى. يمكن زيارة الموقع من هنا.

مجالات تطبيق علم الجينوم المقارن

  • مجال الطب:

يستخدم علم الجينوم المقارن ضمن مجال الطب في العديد ومن أهمها تطوير اللقاحات. يتم استخدام نهج يعرَف باسم علم اللقاحات العكسي، يمَكِن الباحثين من اكتشاف المضادات المرشحة لتطوير اللقاح عن طريق تحليل جينوم أحد مسببات الأمراض والاستدلال إلى المضاد المناسب. يمكن أن يؤدي تطبيق نهج علم الجينوم المقارن من خلال تحليل جينومات العديد من مسببات الأمراض إلى تطوير لقاحات متعددة الحماية.

استخدم فريق من الباحثين مثل هذا النهج لابتكار لقاح شامل للمكورات العقدية من المجموعة ب، وهي مجموعة من البكتيريا المسؤولة عن عدوى الأطفال حديثي الولادة. 

  • علم الزراعة:

يعد مجال الزراعة من المجالات التي تحصد فائدة كبيرة من علم الجينوم المقارن. يعد تحديد مواقع الجينات المفيدة خطوة أساسية في تربية المحاصيل التي حسِّنت لزيادة الإنتاج، وفعالية التكلفة، والجودة، ومقاومة الأمراض. على سبيل المثال، كشفت دراسة واسعة للجينوم أجريت على 517 سلالة من الأرز عن 80 موقعًا مرتبطًا بعدة فئات من الأداء الزراعي، مثل وزن الحبوب ومحتوى الأميلوز وتحمل الجفاف.[3]  

  • مجال الأبحاث:

يفتح علم الجينوم المقارن أيضًا طرقًا جديدة في مجالات البحث الأخرى. ومن أهم المشاريع في مجال الأبحاث مشروع جينوم القرد الضخم. استخدم هذا المشروع طرقًا جينومية مقارنة للتحقيق في التباين الجيني بالإشارة إلى ستة أنواع من هذه القردة. [4]

المصادر:

[1]- National Human Genome Research Institute
[2]- National Library Of Medicine
[3]-University of Tennessee, Knoxville,Applications of comparative genomics and data science to
agricultural and clinical research agricultural and clinical research

[4]- National Library Of Medicine

أدلة التطور من الجينوم

هذه المقالة هي الجزء 10 من 13 في سلسلة مقدمة في نظرية التطور

في مقال اليوم نتعرف على أقوى خط من خطوط أدلة التطور، إذ سنتحدث عن أدلة التطور من الجينوم. الأدلة الجينومية هي نوع حديث نسبيًا من أنواع الأدلة على التطور، حيث أن كل ما سنذكره في مقال اليوم من أدلة لم يكن معروفًا قبل القرن الماضي. لقد تطورت علوم الجينوم بقوة وأصبحت ركيزة أساسية في علوم الطب والصحة والبيولوجيا. توقع الكثيرون أنها ستوجه ضربة قاضية لنظرية التطور، ولكنها على العكس، وجهت ضربة قاضية لكل ما يخالف التطور. لقد ظهرت جينات الأعضاء الضامرة بوضوح، بل وكيف ضمرت جينيًا. أصبح بالإمكان رسم شجرة التطور بواسطة الحواسيب من خلال تحليل تتابعات متعدد لجين معين ومعرفة رحلته التطورية عبر الكائنات الحية. والآن لنستعرض الأدلة، ولكن علينا أولًا أن نفهم بعض أساسيات علم «الأحياء الجزيئية-Molecular Biology».

ما هو ال DNA؟

قواعد الدنا النتيروجينية. حقوق الصورة: Medical News Today

تتكون كل الكائنات الحية التي تعيش على كوكبنا من خلايا، فالخلية هي الوحدة الأساسية لبناء الكائن الحي. وفي نواة الخلية، نجد جزيئات معقدة تُدعى «الحمض النووي الريبي منقوص الأوكسجين-Deoxyribonucleic acid» وهي ما نرمز له ب “DNA”.

ويتكون ال DNA من تسلسل حروف هي A,C,T,G وكل حرف منهم يرمز إلى مركب كيميائي، حيث أن:

• حرف A يرمز إلى «أدينين-Adenine»
• حرف C يرمز إلى «سيتوزين-Cytosine»
• حرف T يرمز إلى «ثيامين-Thymine»
• حرف G يرمز إلى «جوانين-Guanine»

وتُدعى هذه المركبات الأربعة ب «القواعد النيتروجينية-Nitrogenous bases». عند اتحاد القواعد النتيروجينية مع جزيء «سكر خماسي الكربون-Pentose sugar»، و«مجموعة فوسفات-Phosphate group» تكون «النيوكليوتيدات-Nucleotides»، وهي وحدة البناء الأساسية لل DNA.

ما هي الجينات؟ وكيف تعمل؟

الجين هو قطعة لها بداية ونهاية من شريط الDNA، بمعنى أدق، هو تسلسل محدد من الحروف A,C,T,G. يحمل هذا التسلسل الأوامر اللازمة لإنتاج بروتين محدد، كأنها حروف في كتيب تعليمات لتركيب أجزاء المروحة. وفقًا لترتيب تلك الحروف، تترتب الأجزاء معًا وينتج في النهاية مروحة تعمل بكفاءة. ولكن كيف تعمل الجينات؟

يتم نسخ تسلسل حروف الجين الموجودة على شريط الDNA إلى تسلسل حروف آخر يُسمى «RNA رسول-Messenger RNA» ويُرمز له ب”mRNA”. ينتقل جزيء الmRNA هذا من نواة الخلية إلى «الريبوسوم-Ribosome» (أحد العُضيّات الموجودة داخل الخلية)، ويعمل الريبوسوم كآلة لإنتاج البروتين، حيث يقوم بقراءة تسلسل حروف الmRNA. تعطي كل 3 حروف الأمر لاختيار أي نوع من أنواع «الأحماض الأمينية-Amino Acids» بالتحديد ليضعه الريبوسوم في السلسلة. على سبيل المثال، الحروف “CAA” تخبر الريبوسوم أن يختار «الجلوتامين-Glutamine» (أحد الأحماض الأمينية). وعند الانتهاء من قراءة الmRNA تكون عملية تكوين البروتين قد تمت، ويمكنك مشاهدة مقطع يوضح هذه العملية الرائعة من هنا. [1]

وبعد هذه المقدمة التمهيدية البسيطة، ننتقل إلى استعراض أدلة التطور من الجينوم.

وحدة الشيفرة الجينية

كما ذكرنا، تستخدم كل الكائنات الحية على الأرض الDNA لتشفير معلوماتها الوراثية. كما تستخدم نفس طريقة صنع البروتين، حيث تعطي نفس الثلاث حروف الأمر للريبوسوم لوضع نفس الحمض الأميني في سلسلة الأحماض الأمينية لصنع البروتين في كل الكائنات الحية، ولكن ما هو تفسير هذا؟

وقد يتساءل القارئ عما إن كان هذا يتطلب تفسيرًا أصلًا، ولكن صدق أو لا تصدق عزيزي القارئ، شيفرة الDNA ليست الشيفرة الوحيدة الممكنة.

أظهرت الأبحاث باستخدام برامج الحاسوب إمكانية تشفير المعلومات الوراثية بما يزيد عن مليون شيفرة جينية ممكنة غير الDNA. بل أن بعضها قد يؤدي وظيفته بشكل أفضل بكثير من الDNA، فلماذا تستخدم كل الكائنات نفس الشيفرة؟ [2] , [3]

لا يمكننا فهم هذا إلا في ضوء نظرية التطور من أصل مشترك. فنظرية التطور تخبرنا أن جميع هذه الكائنات ورثت شيفرتها الوراثية من نفس الكائن الأولي.

ولا يمكننا أن نفهم سر وحدة الشيفرة في ضوء فكرة الخلق الخاص. لو كانت كل الكائنات قد خُلقت بشكل منفصل لما كان هناك حاجة لتكون هناك شيفرة موحدة. بل على العكس، فوجود شيفرات مختلفة في الكائنات المختلفة كان ليمنع انتقال الفيروسات بين الحيوانات المختلفة، مثل إنفلونزا الخنازير، وإنفلونزا الطيور والكورونا التي تصيب البشر، وغيرها من الفيروسات.

نسبة التشابه الجيني بين الرئيسيات

لا تتشارك الكائنات نفس الشيفرة فحسب، بل تتشارك في كمية كبيرة من الجينات. وتختلف نسبة التشابه الجيني بين الكائنات وفقًا لقربها أو بعدها عن بعضها البعض تطوريًا.

تبلغ نسبة الاختلاف الجيني بين البشر نسبة ضئيلة تُقدر ب 0.1%، وتستخدم نسبة التشابه في معرفة الأنساب وتحديدها قضائيًا اليوم. أما بيننا وبين أولاد عمومتنا من الشيمبانزي وقرود البونوبو تبلغ نسبة التشابه حوالي 1.2%، بينما تصل إلى 1.6% بيننا وبين الغوريلا. والأهم من ذلك، هو أن كل من البشر والشيمبانزي والبونوبو يتشاركون نفس نسبة الاختلاف الجيني عن الغوريلا. أي أن الشيمبانزي والبونوبو أقرب إلى الإنسان منهم إلى الغوريلا.

وتختلف طرق حساب نسبة التشابه والاختلاف الجيني، وباختلاف الطريقة تختلف النسبة. حيث أنه بأخذ الجينوم الكامل بالحسبان، تُظهر النتائج أن هناك مناطق من الDNA قد حُذفت، أو تمت مضاعفتها مرات ومرات. أضيف بعضها في أماكن أخرى من الجينوم أيضًا. وعند الأخذ بكل هذه الاختلافات، قد تصل نسبة الاختلاف الجيني بين الإنسان والشيمبانزي إلى ما بين 4% و5%. ومهما اختلفت طرق الحساب فالنتيجة واحدة، وهي أن الإنسان والشيمبانزي والبونوبو أقرب إلى بعضهم منهم إلى الغوريلا أو أي من الرئيسيات الأخرى. وهذا يخبرنا بحقيقة مدهشة وبديهية في الأوساط العلمية اليوم، وهي أننا لسنا فقط أقارب القردة العليا، بل نحن منهم!

وتتيح لنا دراسة نسب التشابه الجيني بين الكائنات بناء شجرة عائلة تربط هذه الكائنات ببعضها البعض. والمفاجأة أن هذه الشجرة تطابق ما يخبرنا به كل من التشريح المقارن ودراسة الحفريات في ضوء نظرية التطور. [4]

حقوق الصورة: Human Origins


يعترض بعض المشككين قائلين أن التشابه الجيني لا يعني وحدة الأصل. لكن الواقع يقول أن الجينات لا تنتقل بين الكائنات الحية إلا بالتكاثر، فكون الكائنات تمتلك نفس الجينات يعني انحدارها من نفس الأصول. وكما تثق في تحليل الDNA الذي يخبرك إذا ما كان الطفل ابنك البيولوجي أم لا، عليك أن تثق بنتائج تلك الأبحاث التي تخبرك عن علاقتك التطورية بينك وبين أبناء عمومتك من الشيمبانزي والبونوبو وباقي الرئيسيات. علمًا بأن تحليل الDNA يتم بنفس الطرق التي قيست بها هذه النسب.

الكروموسوم 2

لدى الإنسان 23 زوجًا من الكروموسومات (46 كروموسوم)، بينما تمتلك القردة العليا الأخرى (الشيمبانزي، والأورانجوتان، والبونوبو، والغوريلا) 24 زوجًا (48 كروموسوم). غالبًا ما يلجأ المشككون لهذه المعلومة لدحض التطور، فيقولون إذا كان الإنسان من القردة العليا، فلماذا يختلف عنهم في عدد الكروموسومات؟

وتكمن الإجابة في أن تسلسل الDNA على الكروموسوم 2 لدى الإنسان متطابق تقريبًا مع كروموسومين منفصلين لدى الشيمبانزي. اقترح العلماء أن سبب اختلاف عدد الكروموسومات وفقًا لنظرية التطور هو أن الكروموسوم 2 عبارة عن كروموسومين مندمجين من كروموسومات القردة العليا، ولكن كيف نختبر هذه الفرضية؟

تُدعى أطراف الكروموسومات «تيلوميرات-Telomeres»، كما أن هناك منطقة تقع في منتصف الكروموسومات تُدعى «سنترومير-Centromere». يحتوي الكروموسوم الطبيعي على 2 تيلومير (نهايتين) وسنترومير واحد. فإذا كان الكروموسوم 2 في الإنسان عبارة عن اندماج في كروموسومين في القردة العليا، فعلينا أن نعثر على آثار لهذا الالتحام.

وجد العلماء آثار هذا الالتحام بالفعل، فقد أظهرت الأبحاث وجود بقايا تيلومير في منتصف الكروموسوم 2 (ناتج عن التحام تيلوميري الكروموسومين)، وبقايا سنترومير كذلك. هذا ما يثبت أن الكروموسوم 2 هو بالفعل عبارة عن اندماج كروموسومين من كروموسومات القردة العليا بشكل قاطع ولا يمكن تفسيره إلا باندماج كروموسومين. يدل هذا بما لا يدع مجال للشك على أصولنا المشتركة مع القردة العليا الأخرى. [5] , [6]

التحام الكروموسومين لتكوين كروموسوم 2. حقوق الصورة: Wikipedia

تكرار CMT1A الأقرب

على الكروموسوم 17 في الإنسان يقع جين PMP-22 الذي يشفر لإنتاج بروتين (Peripheral nerve protein-22)، محاطًا بنسختين من جين CMT1A، وهما «تكرار CMT1A الأقرب-Proximal CMT1A-REP»، و«تكرار CMT1A الأبعد-Destal CMT1A-REP».

ويؤدي «تعابُر الكروموسومات-Chromosome crossover» غير المتساوي، الناتج عن سوء اصطفاف التكرارين الأبعد والأقرب للجين CMT1A إلى مرضين عصبيين شائعين هما:
• Charcot-Marie-Tooth disease type (1A) (CMT1A)
• Hereditary Neuropathy with liability to Pressure Palsies (HNPP).

وبهذا نعتبر وجود نسختين من جين CMT1A خطأً وراثيًا، إذ يتسبب هذا التكرار غير الضروري بالإصابة بالأمراض العصبية، ولكن كيف يدل هذا على التطور؟

أظهرت تحاليل الDNA للرئيسيات امتلاكها جميعها لتكرار CMT1A الأبعد، ولكن فقط الإنسان والشيمبانزي وحدهما يمتلكان تكرار CMT1A الأقرب جنبًا إلى جنب مع التكرار الأبعد. أي أن هذا الخطأ الوراثي موجود فقط في الإنسان والشيمبانزي، ويمكننا تفسير هذا بحدوث عملية تضاعف للجين CMT1A في آخر سلف مشترك للإنسان والشيمبانزي.

لا يمكننا تفسير وجود هذا الخطأ لكل من الشيمبانزي والإنسان إلا وفق نظرية التطور. إذ ستتضاءل احتمالية حدوث نفس الخطأ لدى كل من النوعين بشكل منفصل دونًا عن بقية الرئيسيات التي أجريت عليها التحاليل. يصبح الأمر منطقيًا وفقًا لشجرة العائلة التطورية للقردة العليا. [7]

«الجينات الزائفة-Pseudogenes»

أثناء عملية التطور، تحدث طفرات لبعض الجينات متسببة في تعطيلها وتحويلها إلى جينات غير مشفرة للبروتين. تسمى هذه الجينات بالجينات الزائفة، لأنها لا تؤدي وظيفتها. تعتبر تلك الجينات الزائفة من أوضح الأمثلة على نظرية التطور، إذ لا يوجد ما يفسرها سوى النظرية. فهل من أمثلة؟

تنتج أجسام جميع الثدييات فيتامين C. إلا أن أجسام «الرئيسيات جافة الأنف-Haplorhini» (مجموعة تشمل قرود العالم القديم، وقرود العالم الجديد، والقرود العليا ومنها الإنسان) لا تستطيع صنع فيتامين C. تحصل الرئيسيات جافة الأنف علي فيتامين سي من غذائها، وفي حال عدم حصولها على الكميات الكافية، تُصاب بداء «الأسقربوط-Scurvy». يرجع هذا إلى عدم قدرتها على تصنيع إنزيم “l-gulono-gamma-lactone oxidase”، نظرًا لتعطل جين GULO المسئول عن إنتاج هذا الإنزيم.

المثير في الأمر هو أن جين GULO معطّل في جميع الرئيسيات جافة الأنف لنفس السبب، وهو فقدان «الإكسونات-Exons» (نطاقات مشفرة في الجينات) أرقام 1,2,3,5,6,8,11. وهو ما لا يمكننا فهمه إلا في ضوء انحدار الرئيسيات جافة الأنف من سلف مشترك.

ولا تصمد فكرة الخلق الخاص أو التصميم الذكي في محاولة تفسير الجينات الزائفة. فلا داعي لوجود جين GULO في تلك الأنواع إن كان معطلًا أصلًا. كما أنه لا داعي لأن يتم تعطيل الجين بفقدان نفس الإكسونات بين مختلف أنواع الرئيسيات جافة الأنف. إذ أن نفس الجين معطل في «خنزير غينيا-Guinea pig»، ولكن لأسباب مختلفة وهي فقدان الإكسون 5 وجزء من الإكسون 6. مما يعني أن هذا الجين قد تعطل لديه بشكل منفصل عن المسار التوري للرئيسيات جافة الأنف التي ينتمي إليها البشر. وبالتالي، لا يمكن تفسير تعطل جين GULO إلا في ضوء نظرية التطور من سلف مشترك. [8]

وكذلك حيوان «البلاتيبوس-Platypus»، الذي لا يمتلك معدة حقيقية، وعلى الرغم من ذلك، يمتلك جينين زائفين مرتبطين بصنع إنزيمات هضمية. [9]

وعلى الرغم من عدم امتلاك الحيتان البالينية للأسنان، فهي تمتلك جين MMP20 معطل يشفر لصنع بعض البروتينات التي تدخل في تركيبة الأسنان. وكما ذكرنا في الجزء الخاص بتطور الحيتانيات، تنمو لدى أجنة الحيتان البالينية براعم أسنان بالفعل. [10] كما تمتلك الطيور (وهي حيوانات بلا أسنان) جينات معطلة لتكوين أسنان! [11]

ووجود هذه الجينات الزائفة يعد من أقوى أدلة التطور من الجينوم، كما أنه دعم الأدلة التشريحية للتطور.

كيس المُح

نشترك نحن والزواحف والدجاج في امتلاكنا للبيض (البويضة في حالة إناث البشر). إلا أن الطيور (مثل الدجاج) لديها قشرة تحمي البيضة، كما تمتلك كيس المُح، والذي يقوم بتوفير الغذاء للجنين لمساعدته على النمو. ولكن بويضة الإنسان أصغر بكثير من بيض الدجاج، وليس فيها قشرة أو مُح حتى. ولكن تكون الأجنة البشرية كيس مح فارغ يختفي أثناء فترة الحمل، فهل من تفسير جيني؟

تمتلك كل الفقاريات التي تبيض بروتين Vitellogenin، مما يعني وجود جين يشفر لصنع هذا البروتين، فماذا تظهر الأبحاث؟

تظهر الأبحاث وجود قطع من DNA المُح في الجينوم البشري، مطابقة تماما للجينات الأصلية التي لدى الدجاج. ليس هذا وحسب، بل إنه عند مقارنة جينوم الإنسان بجينوم الدجاج يتضح أن هذه القطع محاطة بنفس الجينات لدى كل من الإنسان والدجاج. يعد هذا أحد أدلة التطور من الجينوم. [12] , [13]

جين NANOG

جين NANOG هو أحد «الجينات الزائفة المعالَجة-Processed pseudogenes». وهي جينات تنشأ نتيجة خطأ أثناء عملية نسخ حروف الDNA إلى mRNA. فبدلًا من أن تكتمل عملية إنتاج البروتين بشكل طبيعي، يُعاد بالخطأ نسخ الmRNA إلى الDNA لتكوين نسخة زائفة من الجين الأصلي في مكان آخر في الجينوم. هذا ما حدث مع NANOG، حيث نجد على الجينوم الخاص بنا 10 نسخ زائفة من هذا الجين بالإضافة إلى النسخة الأصلية التي تعمل. فكيف يكون هذا دليلًا على التطور؟

تكمن المفاجأة في أننا نتشارك 9 نسخ زائفة من جين NANOG مع أبناء عمومتنا من الشيمبانزي. بينما النسخة NANOGP8 حصرية لدى جينوم الإنسان. والأدهى، أن هذه النسخ ال 9 موجودة على جينوم الشيمبانزي في نفس الأماكن التي توجد فيها على جينوم الإنسان! إن احتمالية حدوث نفس الأخطاء 9 مرات في نفس المكان لدى النوعين بشكل منفصل احتمالية غاية في الضآلة. وأن تصدف هذه الاحتمالية شديدة الضآلة بين كائنين تصفهم نظرية التطور بالأقرابة يصعب الأمر على منكرين التطور. المشكلة لدى منكري التطور هو في إيجاد تفسير آخر خارج نظرية التطور لتلك الأدلة الحاسمة.

وهذا يعني أننا ورثنا 9 نسخ NANOG زائفة من آخر سلف مشترك بيننا وبين الشيمبانزي، أما عن النسخة المتبقية وهي NANOGP8، فهي وجدت في جينوم الإنسان بعد انفصاله عن الشيمبانزي، وهذا يعد أحد أقوى أدلة التطور من الجينوم. [14]

«سيتوكروم سي-Cytochrome C»

هناك جينات تتشاركها كل الكائنات الحية على اختلافها، لأنها تؤدي وظائف أساسية للغاية. جينات تتشاركها كل الكائنات ابتداء من أشكال الحياة وحيدة الخلية وحتى الإنسان، وتُعرف هذه الجينات ب «الجينات واسعة الانتشار-Ubiqitous genes».

وهذه الجينات ليس لها دخل بالصفات الخاصة بكل نوع، إذ أنها كما قلنا أعلاه، مسئولة عن وظائف أساسية للغاية تتشاركها معظم أشكال الحياة. ولا يُشترط أن تكون هذه الجينات بنفس تسلسل الحروف، إذ أن هناك عدد كبير من التسلسلات التي تؤدي نفس الوظيفة الحيوية الكيميائية.

والوراثة كما ذكرنا في أمثلة كثيرة أعلاه، تسمح بتمرير تسلسلات الجينات حتى وإن لم يكن لهذه التسلسلات فائدة وظيفية. وعلى هذا، فلا يمكننا تفسير وجود نفس التسلسل في هذه الجينات بين نوعين إلا بالوراثة؛ ذلك لأنهم لا يحتاجون نفس التسلسل إن كان كل منهم قد وجد بشكل منفصل كما يدعي المنكرون. يكفي وجود جين مكافئ يؤدي وظيفة مشابهة وهو أمر يحدث في الطبيعة بالفعل.

على سبيل المثال، نحن نعلم أن الإنسان والشيمبانزي متشابهين في كثير من الصفات. فيمكننا البناء على هذا، وتنبؤ استخدامهم لبروتينات متشابهة، بغض النظر عن ما إذا كانت تجمعهم علاقة وراثية أم لا. يصبح الأمر أكثر غرابة عندما نقارن بين تسلسلات جينية غير مؤثرة على خصائص أي من النوعين، فعلام نتحدث؟

نحن نتحدث عن بروتين «سيتوكروم سي-Cytochrome C»، وهو بروتين واسع الانتشار، إذ يوجد في كل أنواع الكائنات الحية بما في ذلك البكتيريا. وهو موجود في الميتوكندريا، حيث يقوم بنقل الإلكترونات في عملية أيض أساسية تُدعى ب «الفسفرة المؤكسدة-Oxidative phosphorylation».

ومما سبق يمكننا استنتاج أن امتلاك كل الكائنات لنفس تركيبة سيتوكروم سي شيء غير ضروري بالمرة، إذ يكفي فقط امتلاكها لبروتين مكافئ يؤدي نفس الوظيفة.

كما أظهرت الأبحاث أن سيتوكروم سي الخاص بالإنسان يعمل لدى الخميرة التي تم حذف نسخة سيتوكروم سي الخاصة بها. على الرغم من أن نسبة الاختلاف بين تركيبة السيتوكرومين تبلغ 40%.

في الواقع، سيتوكروم سي الخاص بالتونا (أسماك)، والحمام (طيور)، والأحصنة (ثدييات)، وذباب الفاكهة (حشرات)، والفئران (ثدييات)، جميعها تعمل في الخميرة التي تم حذف سيتوكروم سي الخاص بها!

علاوة على ذلك، أثبت تحليل جيني شامل لسيتوكروم سي أن أغلب الأحماض الأمينية الموجودة في تسلسل هذا البروتين غير ضرورية. وأنه فقط حوالي ثلث الأحماض الأمينية ال100 الموجودة في سيتوكروم سي كافية للقيام بوظيفته، وذلك لأن معظم الأحماض الأمينية في سيتوكروم سي هي أحماض «مفرطة التغيير-Hypervariable». والأحماض المفرطة التغيير يمكن استبدالها بعدد كبير من الأحماض الأمينية الأخرى التي ستكون قادرة على إتمام نفس الوظيفة.

تجربة هوبرت

والغريب في الأمر هو قيام الفيزيائي Hubert P. Yockey بحساب عدد تسلسلات الأحماض الأمينية الممكنة لتكوين البروتينات المكافئة لسيتوكروم سي، والقادرة على القيام بنفس تلك الوظيفة الأساسية. تبيّن أن عدد هذه التسلسلات الممكنة هو 10⁹³ × 2.316، وهو عدد مهول يزيد عن عدد الذرات في الكون المعروف بأكثر من بليون مرة! ومما سبق نستنتج أن تشابه تركيبة سيتوكروم سي بين الكائنات ليس ضروريًا على الإطلاق، فهل يخبرنا المنكرون سبب حدوثه إن كانت نظرية التطور خاطئة؟

ولكن العجيب هو أن الإنسان والشيمبانزي يتشاركون نفس تركيبة سيتوكروم سي، بلا أي اختلاف، واحتمالية حدوث هذا إذا أنكرنا العلاقة الوراثية بين الإنسان والشيمبانزي أقل من 10^-93 (1 من 10⁹³)، ويختلف كل من الإنسان والشيمبانزي عن باقي الثدييات الأخرى ب10 أحماض أمينية في تسلسل سيتوكروم سي فقط، وفرصة حدوث هذا إذا أنكرنا علاقتهم التطورية هي 10^-29 (1 من 10²⁹).

والخميرة أحد أبعد الكائنات «حقيقيات النوى-Eukaryotic» عن الإنسان، إلا أنها تختلف عنّا في تركيبة سيتوكروم سي ب51 حمض أميني فقط، وفرصة حدوث هذا دون وجود علاقة وراثية بيننا وبين الخميرة أقل من 10^-25 (1 من 10²⁵). [15]

ومن كل ما سبق نستنتج أن التشابه في تركيبة سيتوكروم سي بين الكائنات الحية إنما هو نتيجة انحدارها من أسلاف مشتركة بينها، وكلما كانت الكائنات أبعد في الشجرة التطورية عن بعضها البعض، كلما زادت الاختلافات في تركيبة بروتين سيتوكروم سي، وكل هذا يجعل من سيتوكروم سي أحد أقوى أدلة التطور من الجينوم.

تشفير DNA زائد عن الحاجة

كما هو الحال مع سيتوكروم سي، هناك جينات أخرى واسعة الانتشار. لا تحتاج الكائنات نفس التسلسل الجيني لإنتاج نفس البروتين، ولن نترك المثال السابق، فسنتحدث أيضًا عن الجين المسئول عن إنتاج بروتين سيتوكروم سي.

على الأقل، هناك ثلاث «كودونات-Codons» مختلفة يمكنها إعطاء الأمر للريبوسوم لاختيار نفس الحمض الأميني لوضعه في تسلسل البروتين. (الكودون هو الثلاث حروف من الDNA التي يقرأها الريبوسوم لاختيار الحمض الأميني). وهذا يعني أنه في حالة سيتوكروم سي، هناك حوالي 3¹⁰⁴ أو ما يزيد عن 10⁴⁶ تسلسل جيني مختلف يمكنهم إنتاج نفس البروتين بنفس تسلسل الأحماض الأمينية للقيام بنفس الوظيفة.

وبالتالي فاستخدام الكائنات المختلفة لنفس التسلسل لا يمكن تفسيره وفقًا لفكرة الخلق الخاص ولا التصميم الذكي لكل نوع بشكل منفرد. إذ يمكن لكل كائن أن يستخدم تسلسلًا جينيًا مختلفًا. والعجيب، والمتوقع وفق نظرية التطور، أننا عند فحص التسلسل الجيني المسئول عن إنتاج سيتوكروم سي لكل من الإنسان والشيمبانزي، نجد اختلافًا في 4 نيوكليوتيدات فقط (حوالي 1.2%)، على الرغم من وجود 10⁴⁶ تسلسل جيني ممكن.

في حالة سيتوكروم سي، سنجد أن التشابه في تسلسل الأحماض الأمينية غير ضروري! وكذلك في الجين المسئول عن تشفيره! مما يجعله دليلًا مزدوجًا من أدلة التطور من الجينوم. [15]

«الفيروسات القهقرية-Endogenous Retroviruses»

لا تستطيع الفيروسات التكاثر بذاتها، فعندما يُصاب الكائن بعدوى فيروسية، يقوم الفيروس بإدخال حمضه النووي إلى الحمض النووي الخاص بالخلية، فتقوم الخلية بصنع المزيد من الفيروسات من نفس النوع.

ولكن إذا أصاب الحمض النووي الفيروسي حيوانًا منويًا أو بويضة فسينتقل الحمض النووي الفيروسي إلى الأبناء. هذا لا يعني بالضرورة موت الإبن، إذ أن بعض الطفرات قد تحدث في الجين الفيروسي لتعطيله.

إذا فجينات الفيروسات القهقرية هي جينات موجودة في الجينوم الخاص بك، أتت إليك عندما أصيب أحد أسلافك بهذه الفيروسات ونقل جيناتها إليك على مدى أجيال. تعمل الفيروسات القهقرية كسجل تاريخي لك ولأسلافك من الكائنات الحية التي أصابتها من قبل.

يجب أن تكون الفيروسات القهقرية اختبارًا قويًا لنظرية التطور، أليس كذلك؟ فإذا كنا نحن والرئيسيات الأخرى انحدرنا من سلف مشترك فيجب أن نعثر على جينات فيروسات قهقرية من فيروسات أصابت أسلافهم قبل انفصال الرئيسيات عن بعضها البعض. كما يجب أن نعثر عليها في نفس المكان في الجينوم، إذ أن احتمالية أن يقوم الفيروس بإدخال الجين في نفس المكان على الجينوم لدى نوعين مختلفين دون افتراض وجود علاقة وراثية بينهما هي احتمالية غاية في الضآلة! تخيل أن تراكم عدد هائل من الاحتماليات شديدة الضآلة في كل الكائنات الحية لتفسير الأمر بالصدفة، يصبح تفسيرك مضحك للغاية بحق!

إن كان كل نوع من الرئيسيات قد خُلق بشكل خاص، فلا يجب أن تتشارك الرئيسيات جينات نفس الفيروسات في نفس الأماكن على الحمض النووي الخاص بها بالطبع. تسامحًا مع المنكرين، قد نعثر على نفس الفيروسات، ولكن ليس في نفس الأماكن أبدًا. إذ أن الفيروس عندما يصيب كائنًا ما، فهناك عدد كبير جدًا من الأماكن على الجينوم التي قد يُدخل حمضه النووي فيها. فقد أظهرت دراسات شاملة أن هناك ما يزيد عن 10 مليون مكان ممكن على الجينوم الخاص بالإنسان!

عند مقارنة الجينوم الخاص بالإنسان وذلك الخاص بالشيمبانزي، فاحتمالية عثورنا على جين فيروسي في نفس المكان بين النوعين، وأن يكون الجين عائدًا إلى نفس الفيروس، هي احتمالية أقل من 1 في 10 مليون.

قام العلماء بالبحث عن فيروس HERV-W لدى 12 نوع من الرئيسيات. ويمتلك الشيمبانزي من فيروس HERV-W عدد 208 نسخة، بينما يمتلك الإنسان 211 نسخة، فماذا وجدوا؟

أظهرت الدراسات أن الإنسان والشيمبانزي يتشاركون 205 نسخة من نفس هذا الفيروس في نفس المكان على جينوم كل منهما! [16] أنت الآن أمام دليل لا يدع مجال للشك أمام أي متخصص.

صورة توضيحية فقط وليست موضحة لأماكن الفيروسات، ولكنها لتبسيط الفكرة فقط. حقوق الصورة: Stated Clearly

إذا فقد ورث كل من الإنسان والشيمبانزي 205 نسخة من هذا الفيروس من آخر سلف مشترك لهما قبل انفصالهما. بينما ال 6 نسخ الحصرية لدى الإنسان وال 3 نسخ لدى الشيمبانزي، على الأرجح قد ظهرت بعد انفصال المسارات التطورية لكل منهما.

وهذا بحد ذاته كافٍ لتنحية فكرة الخلق الخاص أو التصميم الذكي. إذ أن احتمالية إصابة كلا النوعين بنفس الفيروس في نفس الأماكن على الجينوم بهذا العدد من النسخ بشكل منفصل هو احتمال ضئيل يبلغ 1 في 10¹⁴¹⁸ × 5.88. [17] وهذا يجعل من الفيروسات القهقرية دليلًا بالغ القوة من أدلة التطور من الجينوم.

جين ACYL3

نختتم كلامنا عن أدلة التطور من الجينوم بالحديث عن جين ACYL3 من باب التعديد وليس الإثبات، فما سبق أكثر من كاف. يعمل جين ACYL3 في كل الثدييات على كوكب الأرض (بما في ذلك الغوريلا والأورانجوتان) باستثناء نوعين فقط، وهما الإنسان والشيمبانزي. مما يعني تعطله في آخر سلف مشترك بين الإنسان والشيمبانزي، وهو ما يؤكده كون هذا الجين مُعطل لدى النوعين لنفس السبب بالضبط وهو حدوث طفرة أبدلت الجوانين بالأدينين. فبدلًا من أن يكون التسلسل هو TGG، والذي عند ترجمته يعطي الأمر للريبوسوم باختيار الحمض الأميني «تريبتوفان-Tryptophan»، جعلته الطفرة TGA، والذي عند ترجمته يعطي الأمر للريبوسوم بالتوقف ففسد الجين لدى هذين النوعين فقط. [18]

ولا يمكن تفسير تعطل الجين لدى نوعين فقط بنفس السبب إلا في ضوء نظرية التطور من سلف مشترك. وهو ما يجعله أحد أقوى وأبسط أدلة التطور من الجينوم.

قمنا في هذه السلسلة بسرد عدد كبير من أدلة التطور، وكلها كانت على سبيل المثال لا الحصر. فهناك عدد كبير من الأدلة التي لا يمكننا حصرها في سلسلة مقالات، بل أن هناك أدلة تظهر مع المزيد من الأبحاث يوميًا. فبعض الأدلة الواردة في هذا المقال مأخوذة من أبحاث لم يمر على نشرها 4 سنوات حتى، أي أن الأدلة في تزايد مع استمرار الأبحاث العلمية. فمجال التطور من أكثر المجالات التي تُنشر فيها الأبحاث العلمية. وبعد أن انتهينا من سرد أدلتنا، ننتقل في الجزء القادم إلى تفنيد دعاوى الخلقيين والرد عليهم بخصوص “التصميم الذكي”.

المصادر

[1] The Tech Genetics
[2] Livescience
[3] The Genetic Code: What Is It Good For? An Analysis of the Effects of
Selection Pressures on Genetic Codes, by Olivia P.Judson, Daniel Haydon
[4] Human Origins
[5] PNAS
[6] Springer
[7] Oxford
[8] Inactivation dates of the human and guinea pig vitamin C genes, by Marc Y. Lachapelle, Guy Drouin
[9] Bio med central
[10] Royal Society
[11] Bio med central
[12] PLOS
[13] Pubmed
[14] NCBI
[15] Talk Origins
[16] Pubmed
[17] Google.Docs
[18] PLOS

علم البيانات الجينية

هذه المقالة هي الجزء 14 من 17 في سلسلة مقدمة في علم البيانات وتطبيقاته

علم الجينوم هو أحد فروع علم الوراثة المتعلق بدراسة الجينوم، أي كامل المادة الوراثية داخل مختلف الكائنات الحية. وتتطابق الجينات بين كل الأفراد بنسبة ٩٩,٩٪ وتختلف في نسبة قليلة تجعل كل شخص فريدًا من نوعه. وجينات البشر تكون أقرب ما يمكن إلى حيوان الشمبانزي. علم البيانات الجينية هو علم يجمع بين البيولوجيا والإحصاء والكمبيوتر من أجل تمكين الباحثين من استخدام التقدم التكنولوجي في الكمبيوتر والإحصاء لاستكشاف المعلومات والوظائف الخاصة بالجينات.

حجم البيانات الجينية

قد تساعد الأبحاث الجينية في وجود من ٢ – ٤٠ إكسابايت من البيانات الجينية في العقد المقبل، وإكسابايت يساوي ١ مليون تيرابايت. وتصل كمية البيانات المتاحة حاليًا سنويا من ٢ – ٤٠ مليار جيجابايت، ويستغلها العلماء أفضل استغلال في الدراسة من أجل صحة الإنسان والأمراض. ولكن من الواجب أن يكون هناك أخلاقيات وقواعد تحكم للحفاظ على خصوصيات الأشخاص؛ حيث كل جين مرتبط بشخص يعبر عن العديد من الأشياء بالنسبة إليه. 

إذا أردت أن تتعلم علم البيانات الجينية، عليك بدراسة قوية في البيولوجيا والكمبيوتر والإحصاء. ولا يشترط أن تكون ملمًا بكل كبيرة وصغيرة في المجالات الثلاثة، ولكن على الأقل أن تكون حاصلًا على دراسة قوية في مجال منها وملمًا بما تحتاج إليه في مجال آخر، وبعدها قد تصل إلى راتب بمعدل ١١٠ ألف دولار سنويًا.

بداية علم البيانات الجينية

بدأ علم البيانات الجينية كمجال بحث ودراسة سنة ١٩٩٠م عن طريق الدمج بين:

  • استخلاص التسلسل الجيني من دراسة جينات الكائنات الحية. 
  • تحليل البيانات باستخدام الإحصاء والكمبيوتر في تحليل ورسم البيانات الجينية، وتتضمن الحصول على البيانات وتخزينها واستخدام الخوارزميات لتحليل البيانات الجينية للأشخاص. [2]

علم البيانات الجينية يُعتبر من البيانات الضخمة

كل خلية في جسم الإنسان تحتوي على نسختين من الجينات كاملة، يتكون جسم الإنسان من ترليونات الخلايا. البيانات الجينية لشخص واحد من الممكن أن تشكل ٢٠٠ جيجا بايت. وسنحتاج إلى تقريبًا ٤٠ إكسابايت لتخزين التسلسل الجيني عالميًا بحلول عام ٢٠٢٥م،  بما يعادل تقريبًا مليون قرص مدمج. ونظرًا لوجود هذا الكم الهائل من البيانات الجينية اعتبر هذا المجال من مجال البيانات الضخمة. 

كيف يدرس العلماء العلوم البيانات الجينية؟

يخترع العلماء أدوات تسهل دراسة الجينات اعتمادًا على التطور التكنولوجي في الكمبيوتر والإحصاء، من أهم هذه الأدوات:

  • أداة « aligners » لتحديد أين تقع كل قطعة من الترتيب الجيني للحمض النووي. 
  • أداة « Variant Callers » تتعرف على الأماكن المختلفة في التسلسل الجيني عن باقي التسلسلات الجينية العادية، هذه الاختلافات الجينية تختلف أحجامها فقد تكون حرف واحد من الحمض النووي في ما يعرف ب «single neuclotide polymorphism »، وقد تكون حروف متعددة وتعرف بإسم «Structural Variants». 

قد تكون هذه التغيرات بدون أخطار، وقد تكون سببًا لمشاكل وراثية نادرة كالسرطان أو أمراض أخرى شائعة. [1]

كيف يدير ويخزن الباحثون هذه الكمية الضخمة من البيانات؟

  1. استخدام برامج وأدوات الكمبيوتر والإحصاء. 
  2. اعتبار مراكز تحليل البيانات جزءًا أساسيًا من العمل. 
  3. دعم مالي كبير من المعاهد العلمية على سبيل المثال « NHGRI – المعهد الوطني لبحوث الجينوم البشري»، والذي بدوره يوفر أكثر من ١٢٥ مليون دولار سنويًا لدعم علم البيانات الجينية.
  4. جعل البيانات مفتوحة المصدر في المجتمع العلمي لتسهيل تحليل البيانات وتنظيم أفضل لها. 
  5. تقديم سُبل تعاون أفضل بين بعض المراكز الخاصة والتجارية والمعاهد الحكومية على سبيل المثال، المعهد الوطني للصحة بالولايات المتحدة من أجل توفير تخزين واستضافة البيانات بشكل أفضل وتعزيز الخصوصية. 

أخلاقيات مشاركة البيانات الجينية

  • معرفة المريض بمشاركة البيانات الجينية الخاصة به وإعطاءه معلومات واضحة عن  مدى درجة الخصوصية. 
  • عدم التعريف بالشخص مالك الجينات إلا في حالات الكشف عن المجرمين. 

كيف يتشارك الباحثون البيانات الجينية؟

يقسم العلماء مصادر البيانات الجينية إلى ٣ أنواع:

  1. مفتوحة المصدر: وهي النوع الأكثر انتشارًا، وتكون البيانات متاحة للعامة لأهداف بحثية. 
  2. تحتاج إلى تسجيل: يستطيع أن يصل إليها الباحثون، ولكن بعد تسجيل معلوماتهم وأعمالهم مع البيانات للموافقة. لذلك هي بين المفتوحه والمغلقة. 
  3. مغلقة المصدر: عرض الطلب على لجنة وقد توافق عليه لغرض البحث أو لا توافق، ولكن يظل الباحثون فقط هم الذين لديهم القدرة على الوصول إلى هذه البيانات. [1]

أهم المجالات المرتبطة بعلم البيانات الجينية

يحاول العلماء والباحثون اختراع أدوات تتعرف على الاختلافات في التسلسل الجيني وربطها بالمعلومات الطبية مثل:

  • اكتشاف عوامل خطورة لمرضٍ ما. 
  • استخدام جديد لدواء معين.
  • استخدم الباحثون الذكاء الاصطناعي لتطوير البيانات الجينية للأغراض الإكلينيكية.

فما هو الاختلاف الجيني؟

يمتلك كل شخص ٦ مليار جين ويوجد اختلافات بسيطة بين الأفراد، بعض الاختلافات من الممكن أن تكون عامل خطورة لمرض معين وبعضها يقلل خطر مرضٍ ما وهناك ما ليس لها تأثير. 

وتنقسم هذه الأمراض الجينية  إلى نوعين:

  •  نوع مرتبط بتغير جين واحد على سبيل المثال « Cystic Fibrosis – التليف الكيسي » وهو اضطراب وراثي يسبب تلفًا شديدًا في الرئتين والجهاز الهضمي والأعضاء الأخرى في الجسم. ويحدث بسبب اختلاف في الجين الذي يعمل على تشفر بروتين منظم الإيصالية عبر الغشاء في التليف الكيسي (CFTR)
https://www.genome.gov/Health/Genomics-and-Medicine/Polygenic-risk-scoresالتليف الكيسي جينيًا
  • نوع مرتبط باختلافات جينية كثيرة بالإضافة إلى عوامل بيئية مثل نظام الغذاء والنوم والضغط والتوتر والتدخين. وتصل هذه الاختلافات الجينية مثلًا إلى ٦٠ جين تقريبًا مختلف كما في الأشخاص المصابين بمرض تصلب الشريان التاجي. [3]
https://www.genome.gov/Health/Genomics-and-Medicine/Polygenic-risk-scores

«Polygenic Risk Score – درجة مخاطر الاختلافات الجينية المتعددة» 

يفحص العلماء كل الاختلافات الجينية في شخص ما ثم يسجلوا هذه المعلومات على الكمبيوتر، وباستخدام برامج الإحصاء والكمبيوتر المتقدمة يعملون على تقدير هذه الاختلافات إن كانت عامل مؤثر في مرض معين أم لا. 

وجود درجة اختلاف جيني ليس مؤكدًا على وجود مرض معين. فإذا افترضنا أن شخصًا لديه اختلاف جيني ولكنه يبلغ من العمر ٢٢ عامًا ويسير على نظام غذائي وصحي جيد،  وشخصًا آخر يبلغ من العمر ٦٠ عامًا ولا يمتلك نظامًا جيدًا في الغذاء والصحة ولديه اختلاف جيني، سيكون الشخص الثاني أكثر عرضة للمرض. ففي النهاية هي توضح علاقة ما وليست طريقة حسابات مؤكدة. [3]

مصادر

[1] National Human Genome Research Institute
[2] Springer link
[3] NHGRI

كيف تطور البشر من الأسماك؟

كيف تطور البشر من الأسماك؟

من المستحيل أن نحدد بيقين بنسبة 100٪ ما هي الأنواع الأحفورية التي تقول لنا من هم أسلافنا المباشرين. هذا لأنه كلما عدنا بالزمن، قلّت عدد السمات الفريدة التي نتشاركها مع أعضاء سلالتنا. غالبًا ما يكون هناك أكثر من نوع واحد يعيش في نفس الوقت يمكن أن يكون مرتبطًا بأي سلف معين. مع ذلك، يمكننا تتبع أسلاف البشرية بدرجة عالية من الثقة من خلال الحفريات. وصولاً إلى الحفريات الأولى المسجلة منذ ما يقرب من أربعة مليارات سنة. في مقالنا سنتحدث عن أبحاث جديدة أكدت كيف تطور البشر من الأسماك؟ إذ بينّت مدى التشابه الكبير بيننا وبين أسلافنا من الأسماك! فهيا بنا لنعرف ما الحكاية…

ما الذي كان يُعتقد عن تطور البشر إلى أسماك؟

قديمًا، أعتقد الناس أن الرئتين والأطراف هي ابتكارات رئيسة جاءت مع انتقال الفقاريات من الماء إلى اليابسة. لكن في الحقيقة، إن الأساس الجيني لتنفس الهواء وحركة الأطراف كان موجودًا في سلفنا من الأسماك قبل 50 مليون سنة. وذلك وفقًا للخرائط الأخيرة للجينوم من الأسماك البدائية التي أجرتها جامعة كوبنهاغن، ولكن الدراسة الجديدة تُغير فهمنا لتاريخنا التطوري.

كان الفهم الشائع أنه منذ حوالي 370 مليون سنة كانت هناك حيوانات بدائية تشبه السحالي عُرفت باسم «رباعيات الأرجل». وطبقًا لذلك الفهم، وضح العلماء أن أسلافنا من الأسماك خرجوا من الماء إلى اليابسة عن طريق تحول زعانفهم إلى أطراف وتحول التنفس تحت الماء إلى تنفس الهواء.

أبحاث جينومية حديثة.. تشير لمدى التشابه

أجرت جامعة كوبنهاغن بحثًا أشار إلى أن تطور الجينات للأسلاف ربما يكون قد ساهم في انتقال الفقاريات من الماء إلى الأرض. إذ يُعتبر الانتقال من الماء إلى الأرض معلمًا رئيسًا في تاريخنا التطوري، إن المفتاح لفهم كيفية حدوث هذا الانتقال هو الكشف عن متى وكيف تطورت الرئتان والأطراف. نحن الآن قادرون على إثبات أن الأساس الجيني وراء هذه الوظائف البيولوجية، قد حدث قبل ذلك بكثير قبل وصول الحيوانات الأولى إلى الشاطئ.

أسماك قديمة تملك مفتاح الإجابة

هنالك أسماك قديمة تملك المفتاح لشرح كيف يمكن لرباعيات الأرجل أن تنمو لها أطراف وتتتفس في الهواء. هناك أسماك «bichir». تعيش في المياه العذبة الضحلة في إفريقيا. تحمل هذه الأسماك سمات ربما كانت لدى أسلافنا الأوائل من الأسماك منذ أكثر من 420 مليون سنة. نفس تلك السمات موجودة في البشر، إذ وجد الباحثون أن الجينات اللازمة لتطور الرئيتين والأطراف قد ظهرت في هذه الأنواع البدائية.

يمكن للـ«bichir» أن يتحرك على الأرض باستخدام الزعانف الصدرية بطريقة مشابهة لرباعيات الأرجل. يعتقد الباحثون منذ عدة سنوات أن الزعانف الصدرية في «bichir» تمثل الزعانف التي كانت لدى الأسماك الأوائل.

خرائط الجينوم

أظهرت خرائط الجينوم الجديدة أن المفصّل الذي يربط عظم «الميتاتيريجيوم_Metapterygium» بالعظام الشعاعية في الزعنفة الصدرية في «bichir» يتشابه مع المفاصيل الزليليّة في البشر -هي المفاصل التي تربط بين عظام الذراع والساعد-.

حيث أن تسلسل الحمض النووي الذي يتحكم في تكوين مفاصلنا الزليلية موجودًا في الأسماك البدائية وفي الفقاريات الأرضية. إذ فُقد تسلسل الحمض النووي والمفصل الزليلي في مرحلة معينة في جميع الأسماك العظمية الشائعة- ما تُسمى بـ «Teleosts».

بالإضافة إلى ما ذكرناه، فإن أسماك «bichir» وبعض الأسماك البدائية لديها زوجان من الرئتين يشبهان تشريحنا. إذ كشفت الدراسة الجديدة أن الرئتين في كل من «bichir» والتمساح تعملان أيضًا بطريقة مشابهة ونفس مجموعة الجينات برئة الإنسان.

تنبؤ داروين

أوضحت دراسة أن أنسجة كل من الرئة والمثانة الهوائية -هي عبارة عن عضو مملوء بالغاز يجعل للأسماك قدرة على التحكم في طفوها- لمعظم الأسماك متشتبهة جينيًا، مما يؤكد أنها أعضاء متجانسة كما تنبأ داروين. إذ أنه بينما اقترح داروين أن المثانات الهوائية تحولت إلى رئتين. أشارت دراسة إلى أن المثانات الهوائية قد تطورت من الرئتين، وأن أسلافنا من الأسماك العظمية المبكرة كانوا لديهم رئات وظيفية بدائية.

حافظ التطور على وظائف الرئة الأكثر تكيفًا مع تنفس الهواء وأدي في النهاية إلى تطور فئة من رباعيات الأرجل، وقامت الفئة الأخرى من الأسماك بتعديل بنية الرئة والتطور مع المثانات الهوائية، مما أدى لتطور «Teleosts». فتسمح المثانات الهوائية لهذه الأسماك بالحفاظ على طفوها والعيش بشكل أفضل تحت الماء.

ليست الأطراف والرئتين فقط كذلك القلب!

تشترك الأسماك البدائية والبشر في وظيفة مشتركة وهي في الجهاز القلبي التنفسي:

المخروط الشرياني، وهي بنية في البطين الأيمن من قلبنا وتسمح للقلب بإيصال الاكسجين بكفاءة إلى الجسم كله، ووجدت أيضًا في «bichir».

اكتشف الباحثون عنصرًا وراثيًا وهو من المحتمل المتحكم في تطور المخروط الشرياني، وأظهرت التجارب المعدلة وراثيًا على الفئران عند إزالة الباحثون هذا العنصر الجيني، تموت الفئران المتحورة، وذلك بسبب البطين الأيمن الأصغر والأرق، مما أدى إلى عيوب خلقية في القلب وضعف وظائف القلب.


كيف نجت الأسماك برئتين؟

تنتمي الأكثرية من أنواع الأسماك الموجودة إلى الأسماك شعاعية الزعانف، وهي فئة فرعية من الأسماك العظمية. وتكون ذات خياشيم وزعانف ومثانة.

تُعرف المجموعات الأرضية من الفقاريات باسم «رباعيات الأرجل» كما ذكرنا. تشمل جميع الفقاريات التي انحدرت من الحيوانات الأولى التي تكيفت مع الحياة على وجه الأرض من خلال تطوير أربعة أطراف ورئتين، وذلك يعني جميع الثدييات والطيور والزواحف والبرمائيات.

فيرى الباحثون أن قدرة تنفس الهواء في الأسماك البدائية سمحت لهم بالبقاء في فترة الانقراض الجماعي الثاني 375-360 مليون سنة. في هذا الوقت، قد تسبب استنفاذ الأكسجين في محيطات الأرض في القضاء على غالبية الأنواع، بينما سمحت الرئتان للأسماك البقاء والهروب من الانقراض!

توضح لنا الدراسة من أين أتت أعضاء أجسامنا وكيف يتم فك شفرات وظائف الجينوم. بالتالي، فإن بعض الوظائف المتعلقة بالرئة والأطراف لم تتطور في الوقت الذي حدث فيه الانتقال من الماء إلى الأرض. لكن تم بواسطة بعض الآليات التنظيمة للجينات القديمة التي كانت موجودة في أسلافنا. ومن المثير للاهتمام أن الشفرات الجينية لا تزال موجوده في هذه الأسماك الأحفورية الحية والتي تتيح الفرصة لتتبع جذور هذه الجينات.

اقرأ أيضًا: حتى الرياضيات تؤكد نظرية التطور

Exit mobile version