سلسلة العمارة الإسلامية: مدارس الأقصى

سنتابع في هذا المقال التعرف على العناصر المكونة للحرم القدسيّ الشريف، وبالتحديد؛ مدارس الأقصى الشريف، كم عددها؟ وما هي؟

المدرسة الختنية

أُنشئت المدرسة الختنية في عهد صلاح الدين الأيوبي عام 1191 م بجوار الجدار الشمالي للمسجد القبلي. سميت على اسم الشيخ الختني الذي كان يُدرِّس فيها العلوم الإسلامية. شهد هيكل المدرسة العديد من التعديلات عبر الزمن، واليوم ، لم يتبقَّ سوى عددٍ قليلٍ من الأقواس والنوافذ من المبنى الأصلي للمدرسة [1][2].

الشكل 1: المدرسة الختنية

المدرسة الفخرية

أسسها القاضي فخر الدين محمد بن فضل الله عام 1329-1330 م، في العصر المملوكي. استُخدمت في البداية كمدرسة إسلامية، ثم تم استخدامها لاحقًا كمسكنٍ للمتصوّفين. هدم الاحتلال الاسرائيلي أجزاء من هذه المدرسة، ولم يتبقَّ منها سوى ثلاث غرفٍ فقط ومصلى صغير. يرتكز هيكل المدرسة على ثلاثة ثأعمدة حجرية وتعلوه ثلاث قبابٍ جميلة أضيفت خلال العصر العثماني. يحتوي المبنى أيضًا على محرابٍ من القرميد الأحمر يُشير إلى اتجاه القبلة [1][2].

الشكل 2: المدرسة الفخرية

المدرسة الدوادارية

تعود للعصر المملوكي، وقد أنشأها الأمير علم الدين أبو موسى سنجر الدوادار الصالحي بالقرب من باب العتم في المسجد الأقصى عام 1295 م. كانت مركزًا لتعليم المذهب الشافعي، وكانت أيضًا بمثابة تكية. احتفظت بوظيفتها خلال العصر العثماني، و خلال الانتداب البريطاني. في مرحلة معينة، كانت مخصصة حصريًا لتعليم الفتيات. واليوم تخدم المدرسة ذوي الاحتياجات الخاصة وتسمى المدرسة البكرية، وهي مبنىً مكوّنٌ من طابقين ذو مدخلٍ مزيَّن بالمقرنصات [1][2][3].

المدرسة التنكزية

تعود للفترة المملوكية كذلك، وسميت المدرسة التنكزية على اسم مؤسسها الذي أصبح لاحقاً أمير الشام الأمير سيف الدين تنكز النصري الذي بناها عام 1328 م. تقع بين باب السلسلة وحائط البراق في المسجد الأقصى. وقد كانت في سنواتها الأولى مدرسةً للحديث والسنة. وفي وقت لاحق ، استخدمها المماليك كمحكمة، ثمّ اعتمدها العثمانيون كمحكمة شرعية، وفي الأيام الأولى للانتداب البريطاني، اتخذها الحاج أمين الحسيني، مفتي القدس، مكاناً لإقامته. استأنف المبنى بعد ذلك وظيفته كمدرسة، لكنه تعرّض للاحتلال لاحقًا في عام 1969 م من قبل الاحتلال الاسرائيلي وتحوّل إلى موقع لشرطة الحدود يستخدم “للمراقبة والإشراف” على المسجد الأقصى [1][2][4].

المدرسة الفارسية

سميت على اسم الأمير المملوكي فارس التكي بن الأمير قطلو بن عبد الله الذي كلف ببنائها عام 1352 م. تقع على قمة الممر الشمالي للمسجد الأقصى ويؤدي درج إلى مدخلها. تتميز المدرسة بفناء بالإضافة إلى درج آخر يؤدي إلى المدرسة الأمينية المجاورة. اليوم، يسكن المدرسة عدد قليل من العائلات من القدس [1][2].

المدرسة الأمينية

بناها أمين الدين عبد الله عام 1330م خلال العصر المملوكي. تم دفن عدد من علماء المسلمين فيها. اليوم ، يتداخل جزء من المبنى مع المدرسة الفارسية وجزء يستخدم كمنزل [2].

المدرسة الأشرفية

يقع نصف هذا المبنى داخل مجمع المسجد الأقصى، بينما يقع النصف الآخر خارجه، في الجهة الغربية بين المدرسة العثمانية شمالاً ومئذنة باب السلسلة جنوباً. تعتبر هذه المدرسة الجوهرة المعمارية الثالثة للمسجد الأقصى بعد المسجد القبلي وقبة الصخرة [1][2] حيث تم تزيين بوابة المدخل الرئيسية باستخدام عناصر تزيينية عدّة كالأبلق، والمقرنصات ، والخزف متعدد الألوان ، وأفاريز مزيّنة بنقوش الخطّ العربي [5]. قام الأمير الحسن الظاهري ببناء هذه المدرسة كهدية للملك ظاهر خوشقدم عام 1426م خلال العصر المملوكي. توفي الملك قبل اكتمال بنائها وتم إهداؤها بعد ذلك للسلطان الأشرف قايتباي الذي عيَّنَ فيها علماءَ ومعلمين. ولما زارها السلطان لم يتأثر ببنائها وأمر بإعادة بنائها عام 1470 م. تتكون المدرسة من مبنى مؤلف من طابقين. مدخلها مزين بالقرميد الأحمر والأبيض. كان يتردد عليها تاريخيا أتباع المذهب الحنبلي. كما تضم قبرين. وهي اليوم موطن مدرسة الأقصى الشرعية للبنات وكذلك دائرة مخطوطات الوقف الإسلامي. كما تسكن بعض العائلات المقدسية أجزاء منها. خضع المبنى للترميم عام 2000 م. [1]

الشكل 3: المدرسة الأشرفية

المدرسة الملكية

نسبةً للأمير المملوكي الحاج الجوكندار الملكي، بناها عام 1340م في عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون. وهي هيكلٌ من طابقين مع مدخل مزيّنٍ بشكلٍ جميلٍ يُفضي إلى قاعةٍ متصلةٍ بفناءٍ داخليّ مركزيّ. أكبر غرفها تطل على فناء المسجد الأقصى. ويتم استخدامها حاليًا كمسكنٍ لبعض العائلات المقدسية [1][2].

المدرسة الجاولية

بناها علم الدين سنجر بن عبد الله الجاولي، حاكم القدس المملوكي في عهد الملك الناصر بن قلاوون 1312-1320م. وهي مبنى من طابقين بفناء مفتوح محاط بعدد من الغرف. في العصر العثماني، كانت بمثابة مجلس المدينة وكذلك مبنى حكومياً. اليوم ، تشكل جزءًا من المدرسة العمرية.

المدرسة الخاتونية

سُمّيت على اسم موقفتها عصمة الدين خاتون زوجة صلاح الدين الأيوبي، وبنيت في القرن الثالث عشر الميلادي بالتزامن مع العصر المملوكي. تطل بعض نوافذها على باحات المسجد الأقصى. في البداية تم تدريس القرآن والفقه فيها. وقد تم دفن العديد من الشخصيات الإسلامية والفلسطينية ذات الأهمية التاريخية فيها [1][2].

المدرسة الأسعردية

أمر مجد الدين عبد الغني بن سيف الدين أبو بكر يوسف الأسعردي ببناء هذه المدرسة عام 1385 م. وتم إعلانها رسميًا وقفًا بعد 10 سنوات. يقع مدخلها في الممر الشمالي للمسجد الأقصى وتتكون من مبنى مؤلف من طابقين وفناء مفتوح. كما تحتوي على ثلاث قبابٍ جميلة ومسجدٍ مطلٍّ على فناء المسجد الأقصى. واليوم ، يستخدم المبنى كمسكن [1][2].

المدرسة الأرغونية

بدأ بناء هذه المدرسة من قبل الأمير المملوكي أرغون الكامل عام 1356م ، وأكملها ركن الدين بيبرس. يمكن العثور عليها بين باب القطّانين وباب الحديد في الطرف الغربي للمسجد الأقصى. وهو مبنى من طابقين بواجهة جميلة من الآجر الأحمر والأبيض. ملامح المدخل والنقش الذي يحمل اسم المؤسس. يضم قبرين – أحدهما للأمير أراجون والآخر للملك الهاشمي الحسين بن علي. اليوم ، يتم استخدام الجزء الأكبر منه كسكن [1][2].

المدرسة الباسطية

يمكن العثور عليها شمال المسجد الأقصى بجوار المدرسة الدوادارية. أقامها القاضي زين الدين عبد الباسط خليل الدمشقي – الذي كان أمين الصندوق العام وقائد الجيش في عهد الملك المملوكي المؤيد سيف الدين شيخ المملوكي – خلال الأعوام 1412-1421م. أساسها منسوب إلى شيخ الإسلام شمس الدين محمد الهراوي. وقد كانت مكانًا لتعليم المذهب الشافعي الفقه والحديث والقرآن للأيتام. ووظيفتها في الوقت الحالي سكنية [1][2][6].

المدرسة المنجكية

تقع على الحائط الغربي للمسجد الأقصى، يسار باب الناظر. يُنسب بناءها إلى سيف الدين منجك اليوسفي الناصري ، الذي أعلنه أيضًا وقفاً في القرن الرابع عشر الميلادي في العصر المملوكي. تتكون من طابقين وتضم العديد من الغرف [1][2]. بدأت وظيفتها كمدرسة عند بنائها، وتم تحويلها إلى منزل في أواخر العهد العثماني. كما كانت بمثابة مأوى للأجانب الذين زاروا القدس، وخلال فترة الانتداب البريطاني، أصبحت مدرسة ابتدائية، وقام المجلس الإسلامي الأعلى بتجديدها لاحقًا لاستخدامها كمقر رئيسي لمديرية أوقاف القدس [7].

المدرسة العثمانية

تقع عند باب المطهرة بجانب المدرسة الأشرفية. سميت على اسم السيدة أصفهان شاه خاتون بنت محمود العثمانية التي أسستها عام 1436 م. يمكن العثور على قبرها على الجانب الأيسر من مدخل المدرسة. يتميز مدخل المبنى بأنه مملوكي الطراز، ويتكون المبنى من طابقين. تحتوي المدرسة على عدد من الغرف وفناء صغير مفتوح يطل على المسجد الأقصى. تم ترميم المبنى من قبل المجلس الإسلامي الأعلى ، ولكن تعرض لاحقًا لأضرار بسبب الحفريات الإسرائيلية. واحتجزت السلطات الإسرائيلية المصلى في المدرسة بحجة استخدامه لتهوية النفق الذي يُحفَر تحت المسجد الأقصى [1][2][8].

المصادر

  1. haramalaqsa.com – aqsa en jordan final/pdf
  2. masjidalaqsa.net – schools
  3. .islamiclandmarks – palestine masjid al aqsa – madressa al duwaidaryah
  4. .islamiclandmarks – palestine masjid al-aqsa – madressa al tankaziyah
  5. islamiclandmarks. – palestine masjid al aqsa – madressa al ashrafiyah
  6. islamiclandmarks – palestine masjid al-aqsa – madressa al basitiyah
  7. islamiclandmarks.com – palestine masjid al-aqsa – madressa al manjakiyah
  8. islamiclandmarks – palestine masjid al aqsa – madressa al uthmaniya

طاقة ذكية تغذي مدن المستقبل

هذه المقالة هي الجزء 12 من 18 في سلسلة كيف ستغير المدن الذكية من شكل عالمنا؟

يتزايد الطلب حاليًا على إمدادات الطاقة بسبب النمو المستمر للدول في جميع أنحاء العالم، ونتيجة قيام المدن بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية. وتنعكس آثارها بشكل كبير على المدن لارتباطها الوثيق مع أغلب المجالات الأخرى مثل النقل والتصنيع. بالتالي تبرز ضرورة تطوير مجال الطاقة، والتحول من الطاقة التقليدية إلى الطاقة الذكية.

ما هي الطاقة الذكية؟

يشير مصطلح «الطاقة الذكية – Smart energy» إلى استخدام التقنيات المتقدمة والأنظمة الذكية لتحسين إنتاج الطاقة، وتوزيعها، واستهلاكها. وينطوي على تكامل مختلف مصادر الطاقة، بما في ذلك الطاقة المتجددة، واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ICT لإدارة أنظمة الطاقة بشكل أكثر كفاءةً.[1]

تجمع أنظمة الطاقة الذكية بين أنواع مختلفة من «موارد الطاقة الموزعة- DERs»، و«إدارة جانب الطلب- DSM»، وتقنيات تحويل الطاقة بهدف توفير المرونة في أنظمة الطاقة.[1] وتضمّ موارد الطاقة الموزّعة وحدات لتوليد الطاقة على نطاق صغير، وتقع عادةً بالقرب من نقطة الاستهلاك مثل الألواح الشمسية، أو توربينات الرياح. ويعتبر إدارة جانب الطلب عنصرًا رئيسيًا في نظام الطاقة لأنه يدير استهلاك الطاقة للحدّ من ذروة الطلب، وتحسين كفاءتها.[2]

الجوانب الرئيسية للطاقة الذكية

تشمل الطاقة الذكية عدّة جوانب رئيسية ومنها:

  • إنتاج الطاقة، يمكن لأنظمة الطاقة الذكية استعمال مصادر الطاقة المتجدّدة مثل الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح لتوليد الكهرباء. كما تستطيع استعمال الشبكات الصغيرة لتحسين إنتاج الطاقة.[3]
  • نقل الطاقة، تُستخدم أجهزة الاستشعار، وتقنيات اتّصال متطوّرة لمراقبة نقل الطاقة. من أجل تحديد المشاكل المحتملة قبل أن تتحوّل إلى مشاكل كبيرة، مما يساعد على تقليل هدر الطاقة.[4]
  • تخزين الطاقة، تخزّن تقنيات ذكية الطاقة الزائدة مثل البطّاريات، أو «الحذافة- Flywheel» بهدف تحريرها عند الحاجة. يساعد ذلك في تحقيق التوازن بين العرض والطلب على الطاقة، وتقليل الحاجة إلى محطّات توليد الطاقة القائمة على الوقود.[3]
  • استهلاك الطاقة، يستخدم تحليل البيانات، وتعلم الآلة لتحسين استهلاك الطاقة في المنازل والشركات والمباني العامة، ويساعد على الحد من هدر الطاقة.[5]
  • ذكاء الطاقة، يحلّل الذكاء الاصطناعي AI بيانات الطاقة من أجل وضع التنبؤات حول احتياجات الطاقة في المستقبل.[3]

الشبكات الذكية Smart grids

تعد «الشبكة الذكية- Smart grid» شبكةً كهربائيةً متقدّمةً، تعتمد على تقنيات الاتصالات الرقمية للكشف عن التغييرات في أنماط استخدام الكهرباء، من ثم الاستجابة لهذه التغييرات. ويعتبر نظام الشبكة الذكية نظامًا متكاملًا. يتيح توليد، وتوزيع، واستهلاك الطاقة بكفاءة، ويتكامل عمله مع التقنيات الذكية مثل شبكات الاستشعار، وإنترنت الأشياء IoT. بهدف تمكين تبادل المعلومات وتحسين الاتّصال بين المكوّنات، ومراقبة تدفّق الكهرباء والتحكّم بها، ويشمل كذلك مصادر الطاقة المتجددة.[6]

الشبكة الذكية كنظام لتوليد وتوزيع واستهلاك الكهرباء.

أنظمة لإدارة الطاقة المنزلية الذكية

تحظى أنظمة إدارة الطاقة المنزلية الذكية بشعبية متزايدة بسبب بحث الناس عن سبل للحد من استهلاك الطاقة، وتوفير المال عن طريق خفض الفواتير. وفيما يلي بعض الأمثلة عن هذه الأنظمة:

  • مقاييس (عدّادات) الطاقة المنزلية، وهي أجهزة تراقب وتتعقّب استعمال الطاقة لحظةً بلحظة. وتزوّد أصحاب المنازل بمعلومات مفصّلة عن استهلاكهم للطاقة، وتساعدهم على تحديد الأجهزة التي يمكن تقليل ساعات عملها.[7]
  • منظِّمات الحرارة الذكية، وهي أجهزة تضبط درجة الحرارة تلقائيًا في المنزل الذكي على أساس تفضيلات، وعادات مالكي المنزل. تستطيع المنظمات أيضًا تعلم جدول مواعيد الأفراد، فتعدل درجات الحرارة وفقًا لذلك.[8]
  • أنظمة إنارة ذكية، يمكن تشغيل الأضواء وإطفاؤها تلقائيًا على أساس تفضيلات سكان المنزل. كما يمكن ضبط سطوع الضوء على أساس الوقت من اليوم، وكمّية الضوء الطبيعي في الغرفة مما يساعد على خفض استهلاك الكهرباء.[8]
  • أجهزة تخزين الطاقة، تستطيع هذه الأجهزة تخزين الطاقة الزائدة التي تولّدها الألواح الشمسية مثلًا من ثم يستخدمها السكان في وقت لاحق. فتساعد الأفراد على التقليل من اعتمادهم على الشبكة الكهربائية، وتوفّر المال.[9]

كيف تفيد الطاقة الذكية المدن الذكية؟

تفيد الطاقة الذكية مدن المستقبل بعدة مجالات ومنها:

  • فوائد بيئية، تساعد على الحد من انبعاثات الكربون، والتخفيف من تغيُّر المناخ. على سبيل المثال؛ تقوم البلديات البولندية بتوزيع الحرارة المتولّدة من مصادر الطاقة المتجددة، لتقليل الانبعاثات الضارّة من منشآت التدفئة.[10]
  • تجارة الطاقة بين الأقران، يمكن «لسلسلة الكتل- Blockchain» تمكين تجارة الطاقة بين الأقران، مما يسمح للأفراد والشركات بشراء وبيع الطاقة مباشرةً بعضهم لبعض. يساعد ذلك على خفض تكاليف الطاقة، وزيادة استعمال مصادر الطاقة المتجددة.[11]
  • المركبات الكهربائية EV، تدعم أنظمة الطاقة الذكية المركبات الكهربائية من خلال نشر الهياكل الأساسية لشحن المركبات، واستخدام تقنيات الشحن الذكي ونقل المركبات إلى الشبكة V2G. وتنتج المركبات الإلكترونية انبعاثات أقل مقارنةً بالمركبات التي تعمل بمحرّك الاحتراق الداخلي. نتيجةً لذلك تحد من مستوى الضوضاء، والتلوث، إضافةً إلى توفيرها خدمات النقل.[12]
  • فوائد اقتصادية، تعزّز حلول الطاقة الذكية القدرة التنافسية الاقتصادية للمدن من خلال جذب أعمال تجارية واستثمارات جديدة. كما تخلق وظائفًا حديثةً في مجالات مثل التركيب، والصيانة، والتشغيل.[13]

مناطق الطاقة الصفرية

إن «مناطق الطاقة الصفرية- Net Zero energy districts» هي المناطق الحضرية التي تكون فيها كمّيّة الطاقة المستهلكة أقلَّ أو مساويةً لكمية الطاقة المتجدّدة المتولّدة فيها على مدى فترة محددة، وعادةً ما تكون سنةً. وتضمّ مجموعةً من المباني والبنى التحتية التي تُنتج بشكل جماعي كمّيةً من الطاقة، من ثم تستهلكها خلال فترة زمنية معنية. وتعتمد عمومًا على مصادر الطاقة المتجددة. وتنطوي على استخدام أنظمة الطاقة الذكية المختلفة مثل الشبكات الذكية، وتقنيات تخزين الطاقة.[14]

بسبب ذلك توفّر هذه المناطق العديد من الفوائد، مثل زيادة استقلالية الطاقة، وتحسين مرونتها، وبيئة قليلة التلوث، علاوةً على انخفاض سعر الكهرباء للسكّان والشركات. بالرغم من ذلك، لا تخلو من التحدّيات بسبب عوامل مثل ارتفاع التكاليف الأوّلية للتنفيذ، والتعقيدات التقنية، والحواجز التنظيمية، والحاجة إلى التعاون بين أصحاب المصلحة.[14]

نفّذت العديد من المدن في جميع أنحاء العالم خطّطًا لتطوير مناطق الطاقة الصفرية. على سبيل المثال؛ منطقة Bo01 في malmö في دولة سويد، والتي تعتمد على مصادر الطاقة المتجددة وأنظمة الطاقة الذكية.[15] كذلك المركز الوطني الغربي National western center في دنفر عاصمة ولاية كولورادو في أمريكا. وهو عبارة عن حرم بمساحة 100 هكتار، ويخضع لعملية إعادة تطوير كبرى لكي يصبح منطقة طاقة صفرية. فيضمّ الحرم مباني ذات كفاءة في استهلاك الطاقة، إضافةً إلى تقنيات توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، وأنظمة تخزين الطاقة.[14]

تحديات مستقبلية

من المهم وضع معايير واستراتيجيات دولية توافقية لضمان نجاح نظم الطاقة الذكية. إذ يتطلّب تنفيذ أنظمتها تخطيطًا دقيقًا، وتنسيقًا حذرًا. فقد تواجه المدن عدة تحدّيات لأن أنظمة الطاقة الذكية هي أنظمة معقّدة، تتطلّب تقنيات وهياكل أساسيةً متطورةً للعمل بفعالية. كما تحتاج التحوّل إلى الرقمنة، التي قد تشكّل تحديًا للبنية التحتية الحالية ومقدمي الطاقة التقليدية. نتيجةً لذلك يعدّ تنفيذ هذه الأنظمة وإدارتها أمرًا صعبًا بعض الشيء. [15]

قد يشكّل ضمان أمن البيانات والنظم، وخصوصيتها تحديًا كبيرًا لأن هذه النظم تعتمد على التقنيات الرقمية والربط الإلكتروني، لذلك تكون معرضةً للهجمات السيبرانية.[16] إضافةً إلى ذلك تطرح القدرة على تحمّل التكاليف تحديًا حقيقيًا لمعظم المدن. فيجب ضمان تفوّق فوائد هذه النظم على تكلفتها، وكذلك وضعها في متناول جميع المستعملين بأسعار مناسبة ومحمولة.

في نهاية المطاف، قد تحدث الطاقة الذكية ثورةً في طريقة تفكيرنا واستخدامنا للطاقة، فهي تخلق مسارًا جديدًا نحو مستقبل أكثر نظافةً، واخضرارًا واستدامةً.

المصادر

  1. MDPI
  2. IEEE
  3. Semantic scholar
  4. Semantic scholar
  5. Frontiers
  6. Semantic scholar
  7. IEEE
  8. Semantic scholar
  9. IEEE
  10. MDPI
  11. Research Gate
  12. Research Gate
  13. Research Gate
  14. MDPI
  15. Semantic scholar
  16. Research Gate

عناصر المسجد الأقصى (سُبُل الماء والمصاطب)

تعرفنا في مقالات سابقة على الحرم القدسيّ الشريف وقبابه وأبوابه، وسنتابع في هذا المقال التعرف على عناصر المسجد الأقصى المكوّنة له.

سُبُل الماء والآبار

يوجد داخل المسجد الأقصى 32 مصدرا للمياه: بركتان، وصهريجان، وثمانية سُبُل (وهي مصادر مياه عامة تهدف إلى خدمة الناس مجانا)، وسبعة وعشرون بئرًا بناها المسلمون لتوفير مصادر المياه الجارية لأجل الوضوء والاغتسال والشرب وري النباتات والأشجار داخل المجمع [1].

سبيل الكأس

الكأس نافورةُ وضوءٍ عام بنائها غير معروفٍ بدقة، إلا أن ا السلطان الأيوبي العادل أبو بكر بن أيوب قد قام بتوسيعها عام 1193م [2]. وهو حوضٌ دائري محاط بسياج حديدي مزخرف محاط بمقاعد حجرية. يحتوي على نافورة مركزية وعدد من الصنابير الجانبية المستخدمة في الوضوء. تم تجديد الكأس مرّتين، الأولى من قبل السلطان المملوكي قايتباي والثانية من قبل الأمير تنكز الناصري في 1327 م [1].

الشكل 1: سبيل الكأس

سبيل قايتباي

بنى السلطان سيف الدين إينال هذا السبيل عام 1456 م.
نظرًا لبقاء البئر فقط من هيكله الأصلي، أعاد السلطان المملوكي قايتباي بناءه وأضاف مبنى ملونًا من القرميد والرخام، تعلوه قبة فوق رقبةٍ مثمنة الشكل مزينة بزخارف إسلامية.
تم تجديد السبيل مرة أخرى من قبل السلطان العثماني عبد الحميد الثاني في عام 1882-1883 م. ويتكون اليوم من طابقين؛ يوجد بئر في الطابق الأرضي وخزان يستخدم لتخزين المياه في الطابق الثاني [1].

الشكل 2: سبيل قايتباي

سبيل شعلان

تم بناء نافورة الشعلان من قبل السلطان الأيوبي المعظم عيسى واستخدم كخزان مياه في الحرم الشريف خلال معظم القرن الثالث عشر حتى القرن الخامس عشر الميلادي. يقع أسفل درج القناطر الشمالية الغربية المؤدي إلى منصة قبة الصخرة [2]. سمي على اسم عائلة شعلان التي كانت تعمل لتوفير المياه لهذا السبيل.

الشكل 3: سبيل شعلان

سبيل ابراهيم الرومي

المعروف أيضًا باسم سبيل البصيري وسبيل باب الناظر، لكن وفقًا لنقوش الأساسات خاصته، فمن قام بتجديده هو إبراهيم الرومي في العصر المملوكي، في عهد السلطان الأشرف سيف الدين برسباي، السلطان المملوكي التاسع لمصر [2].
وهو يلبي احتياجات القادمين من باب الناظر وباب الغوانمة [3].

الشكل 4: سبيل البصيري

سبيل النارنج (سبيل قاسم باشا) وبِركة النارنج

يقع سبيل قاسم باشا (سبيل النارنج) على الجانب الجنوبي الغربي من المسجد الأقصى بالقرب من بوابة السلسلة. بناه أمير القدس قاسم باشا عام 1527 ميلادي في عهد السلطان العثمانيّ سليمان القانوني، وهو سبيل مثمن الشكل يحتوي على 16 صنبور تعلوه مظلّة خشبية [1].

في عشرينيات القرن الماضي من قبل المجلس الإسلامي الأعلى. أعيد بناء القبة أثناء الترميم، وغطيت بألواح الرصاص التي منحتها مظهراً مدبباً. وفي عام 1998، تم استبدال صفائح الرصاص بحجارةٍ منحوتةٍ بدقة [4].

أما بركة النارنج، فتقع في الفناء الغربي للمسجد الأقصى بين منصة سبيل قاسم باشا ومنصة سبيل قايتباي. قام السلطان المملوكي قايتباي بتجديدها في عام 1483 م عندما بنى مدرسة الأشرفية. تحتوي البركة مربعة الشكل في وسطها على نافورة ذات أرضية رخامية، وهي غير مستخدمة اليوم. قامت لجنة إعادة إعمار الأقصى بتجديد البركة وتحويلها إلى نافورة وضوء بإضافة 24 صنبورًا على ثلاثة من جوانبها. يتم تزويدها بالمياه من خزان سبيل قاسم باشا الواقع بقربها [1].

الشكل 5: سبيل وبركة النارنج

سبيل السلطان سليمان

يقع سبيل السلطان سليمان المعروف أيضا باسم سبيل باب العتم مباشرةً داخل باب العتم، ويواجه إيوان السلطان محمود، المعروف أيضًا باسم قبة عشاق النبي. وهي نافورة قائمة بذاتها وتتم تغذيتها بالماء عبر قناة مائية [5].
997 م قامت لجنة التراث الإسلامي بالتنسيق مع مديرية الوقف الإسلامي باستكمالها بنافورة وضوء تقع بين السبيل
وقبة عشاق النبي [1].

الشكل 6: سبيل السلطان سليمان

سبيل باب المغاربة

عبارة عن هيكل مربع بسيط مبني حول صهريج قديم يقع مباشرة أمام باب المغاربة. في الداخل، توجد ثلاثة أحواض أمام ثلاث نوافذ متطابقة تتمركز في ثلاثة جدران مستطيلة. لم يعد السبيل مستخدماً اليوم، ومع ذلك، تشير وقفية القرن الثامن عشر (وثيقة الوقف) إلى أنه كان يدفع لناقلٍ للماء لملء الأحواض يوميًا [2].

الشكل 7: سبيل باب المغاربة

سبيل مصطفى آغا

المعروف أيضا باسم سبيل البديري أو سبيل الشيخ بدير، تم بناؤه من قبل مصطفى آغا وعثمان بيك الفقاري في عام 1740 م داخل الحرم الشريف. وهو سبيل قائم بذاته بأقواسٍ من ثلاثة جوانب وجدار مغلق في الجانب الرابع [2].

الشكل 8: سبيل مصطفى آغا

صهريج الملك عيسى المعظم

أمر الملك عيسى المعظم ببناء الصهريج في عام 1210م بعد إقامة القبة النحوية 1207م مباشرة. يتكون الصهريج من ثلاثة ممرات تفصل بينها أقسام مبنية ومغطاة بأقبية متداخلة.
ولها ثلاثة مداخل على جانبها الجنوبي. تم نقش عام بناء الصهريج واسم مؤسسه على الباب الأوسط. خلال عهد السلطان المملوكي المنصور قلاوون، تم استخدام جزء من الصهريج كغرفة تخزين للمسجد الأقصى، بينما تم استخدام الجزء الآخر كمسجد من قبل الحنابلة. عانى الصهريج لاحقًا من الإهمال ويستخدمه اليوم قسم البستنة في الأقصى [1].

الشكل 9: صهريج الملك عيسى المعظم

الآبار

يوجد 27 بئرا في حرم المسجد الأقصى. معظمها غني بالمياه ويزود مختلف هياكل المياه المستخدمة للوضوء والشرب والري [1].

المصاطب

المصطبة عبارة عن مساحة مسطحة مصنوعة من الحجر ترتفع قليلاً عن سطح الأرض. تتكوّن عادةً في المسجد الأقصى من بضع درجاتٍ ومحرابٍ منحوتٍ يشير إلى القبلة. يوجد 26 منصة في المسجد الأقصى وفي الماضي كانت هذه المنابر مخصصة للصلاة وكذلك التجمعات العلمية والوعظية لأتباع المدارس الفكرية الأربعة السائدة في الفقه الإسلامي: المالكي والشافعي والحنبلي والحنفي. من بين 26 مصطبة تم بناء اثنتين فقط مؤخرًا بينما يعود تاريخ معظمها إلى العصرَين المملوكي والعثماني. واليوم، لا تزال الكثير منها تعمل كمراكز لتعلم علوم الدين [6].

المصادر

  1. haramalaqsa.com – aqsa en jordan final/pdf
  2. madainproject.com – fountains of Al Aqsa
  3. madainproject.com – fountain of ibrahim rumi
  4. madainproject.com – fountain of qasim pasha
  5. madainproject.com – sebil sultan suleiman
  6. masjidalaqsa.net – platforms

المدن الذكية بين الفوائد والمخاطر

هذه المقالة هي الجزء 17 من 18 في سلسلة كيف ستغير المدن الذكية من شكل عالمنا؟

يعد النمو السريع للمدن المصدر الأساسي للقضايا الحضرية، بسبب الضغط الإضافي على البنية التحتية، والموارد الطبيعية. نتيجةً لذلك تشكّل التنمية المستدامة للمدن، وتوفير الموارد الكافية للمواطنين تحدّيًا حقيقيًا للحكومات. بالتالي تسعى المدن اليوم لإدخال نهج جديدة وإنشاء مدن خضراء، ومدن مستدامة، ومدن خالية من الكربون، ومدن ذكية من أجل إحداث ثورة في استخدام الموارد الطبيعية ومعالجة مشاكل التحضر. وتدمج المدينة الذكية أحدث التقنيات للتغلّب على التحديات الحضرية، وتحقيق التنمية، وتحسين نوعية حياة المواطنين. ورغم الفوائد الكثيرة التي تقدّمها إلّا أنها لا تخلو من مخاطر يجب إدارتها لتحقيق الفائدة القصوى. لنتعرف سويًا على فوائد ومخاطر المدن الذكية.

مفهوم المدينة الذكية

أدخل مفهوم المدينة الذكية لأوّل مرّة في تسعينيات القرن ال20 ويتغير تعريفها باستمرار منذ ذلك الحين. وبالرغم من عدم وجود تعريف شامل وواضح لها، إلّا أنها تشترك في خصائص محددة. وتعد العوامل التقنية، والبشرية، والمؤسّساتية من مكوّناتها الأساسية.[1] ويقصد بالعامل المؤسّساتي أنظمة الحكم والسياسات والتنظيمات.

العوامل الأساسية للمدن الذكية

حدد باحثون وجود نوعين من المدن الذكية، أحدهما يعتمد على كثافة البنية التحتية الموجهة نحو التقنيات الذكية مثل سول في كوريا الجنوبية، وسانتا ندير (شنت أندر) في إسبانيا. والنوع الآخر هو مدينة موجهة للمواطن مثل مونتريال في كندا، وأمستردام في هولندا.[2]

وتشترك المدن الذكية عمومًا في سمات رئيسية مثل إدماج التقنية الرقمية في المناطق الحضرية، وإشراك السكان في صنع السياسات. إضافةً إلى التركيز على الاستدامة البيئية، والاعتماد على تنظيم المشاريع ورأس المال البشري لتحقيق التنمية الحضرية.[3]

نهج تطوير المدن الذكية

يجري حاليًا تنفيذ 250 مشورعًا لتنمية المدن الذكية في 178 مدينة في جميع أنحاء العالم.[4] ويوجد نهجان رئيسيان لتطوير المدن الذكية، وهما إما تطوير مدن ذكية جديدة، أو تحويل مدن تقليدية. يتلخص النهج الأول في إنشاء مدينة ذكية جديدة من الصفر على أرض خالية، ومن أشهر الأمثلة على ذلك سونغدو في كوريا الجنوبية، ومصدر في الإمارات العربية المتحدة. على سبيل المثال؛ لا يوجد في سونغدو صناديق قمامة لمخلفات الطعام، أو شاحنات لنقلها على الطرق، إذ تنقل جميع نفايات الطعام من المطابخ مباشرةً إلى مركز معالجة نفايات الطعام دون ترك أي آثار غير صديقة للبيئة. أما مدينة مصدر فتعتمد على موارد طبيعية كالشمس، والرياح لتوليد الطاقة. [5][6][7]

بينما يُعتمد النهج الثاني بشكل أكثر، ويتمثّل بترقية مدينة تقليدية قائمة وتحويلها إلى مدينة ذكية، مثل سنغافورة، وبرشلونة. على سبيل المثال؛ وضعت برشلونة أجهزة استشعار تحت سطح الطرق لإظهار أماكن وقوف السيارات الفارغة للسائقين عبر تطبيق على الهاتف. وطوّرت سنغافورة منصّةً تضمّ جميع الخدمات الحكومية المقدّمة من إدارات مختلفة في تطبيق واحد على الهاتف.[5][6][7]

فوائد وإيجابيات كثيرة

تقدّم المدن الذكية فوائد ومزايا متنوعةً ومنها:

  • تتيح البيانات الآنية المجموعة عن طريق شبكات الاستشعار اتّخاذ قرارات مستنيرة وأكثر فعاليةً.
  • تساعد أدوات التعاون مثل تطبيقات الهاتف المحمول، وبوابات الإنترنت المواطنين على تقديم آرائهم مباشرةً إلى الحكومة، مما يحسن مشاركتهم في اتّخاذ القرارات.
  • تعزّز تقنيات أخرى الأمن، مثل كاميرات المراقبة، والتعرُّف على لوحات أرقام السيارات، وأجهزة الكشف عن الطلقات، فتوفر مكانًا أكثر أمانًا للمجتمعات المحلّية.
  • ترصد أجهزة الاستشعار نوعية الهواء والماء، وتجمع الأجهزة الذكية النفايات مما يقلّل من الآثار الضارّة على البيئة.[5][6][7]
  • تساعد الطائرات بدون طيار في الاستجابة للكوارث الطبيعية.
  • يدخل كل من تعلم الآلة والخوارزميات في تطوير التنقل الذكي وصناعة المركبات ذاتية القيادة.
  • يطوّر الذكاء الاصطناعي AI والروبوتات الرعاية الصحية الذكية في المدن.

أضرار التقنيات الذكية

تتيح التقنيات المتقدّمة فرصًا رائعةً، لكن قد يطرح إدماجها في النظام الحضري مخاطر وقضايا جديدةً، مثل عدم المساواة في الوصول إلى البيانات. ويشكّل ارتفاع تكاليف التقنيات، وتنفيذها، وصيانتها مشكلةً، فضلًا عن لزوم وجود أشخاص ذوي خبرة ومؤهلين للتعامل معها. كذلك قد تشكّل الهجمات السيبرانية المحتملة، وانتهاك خصوصية الأفراد أخطارًا أمنيةً شديدةً.[8]

نتيجةً لكل ذلك، قد يشكّل تحويل نظام حضري راسخ إلى مدينة ذكية تغييرًا معقّدًا وجوهريًا. بالتالي تتطلّب معالجة هذه المسألة وضع خطط قوية تتضمّن إطارًا صارمًا لإدارة المخاطر. بالطبع ستكفل دراسة المخاطر وإدارتها في مرحلة التخطيط مرونة المدن الذكية للأجل الطويل.[8][9]

تصنيف مخاطر المدن الذكية

كتب الخبراء أوراقًا بحثيةً هائلةً حول فوائد المدن الذكية، بالرغم من ذلك لم يقدّموا دراسات شاملةً وفعليةً بشأن المخاطر التي تواجهها. لذلك لم يحدّد الباحثون هذه المخاطر لفهمها ودراستها على نحو تفصيلي.[10] وقام باحثون بمراجعة العديد من الدراسات لتحديد نشوء وتصنيفات المخاطر الناشئة على مدى العقدين الماضيين، وجمعوا 85 دراسةً متعلقةً بمخاطر المدن الذكية لتحليلهم. من ثم حددوا وجود 3 أنواع للمخاطر، وهي مخاطر تقنية، وتنظيمية، واجتماعية.

بيّنت الدراسة أن المخاطر التقنية هي الموضوع الأكثر بحثًا. على سبيل المثال؛ فشل النظام، أو اختراق البيانات، أو الهجمات السيبرانية.[11] في حين كانت المخاطر الاجتماعية المجال الأقلّ دراسةً، مثل فقدان الخصوصية نتيجة المراقبة المستمرة، أو عدم المساواة في حال لم تتاح التقنيات لجميع المواطنين. علاوةً على ذلك، وجدت بعض المخاطر التي تنتمي إلى أكثر من مجال واحد، لذلك صُنّفت في أقسام متداخلة. مثل مخاطر المسؤولية الاجتماعية للشركات، ومخاطر التحوّل الرقمي، والمخاطر الاجتماعية-التقنية. من بين هذه الفئات كانت المخاطر الاجتماعية-التقنية هي الموضوع الأكثر تكرارًا، ومن الأمثلة عليها طرد العمال وفقدانهم لوظائفهم بسبب الأتمتة.

يمكن اكتشاف التحدّيات الفنية والتقنية أثناء التنفيذ، لكن تستغرق التأثيرات الاجتماعية وقتًا أطول لكي تظهر في المجتمعات. بسبب ذلك لم تبرز المخاطر الاجتماعية بعد كمسألة حرجة على مدى فترات طويلة. بالتالي لم تدرس بنفس التواتر الذي درست به المخاطر التقنية، لكن هذا لا يعني أن لها أهميةً تقلُّ عن غيرها من المخاطر.[12]

الدراسات المتعلقة بالمخاطر

نشر أول مقال عن مخاطر المدن الذكية عام 2000، من ثم لم تنشر أي ورقة بحثية حول هذا الموضوع بين عامي 2000-2010. ولم يهتم سوى عدد قليل من العلماء بالمخاطر المرتبطة بالمدن الذكية حتى عام 2010. ويرجح سبب ذلك إلى أن ظهور آثار أي تغيُّر في النظام الحضري يستغرق وقتًا طويلًا.[13] إضافةً إلى ذلك، فإن تاريخ إنشاء مجال المدن الذكية كمجال علمي جديد يعود إلى عام 2009، لذلك تأجّلت دراسة المجالات التابعة له مثل إدارة المخاطر.[14]

تمتلك المملكة المتحدة UK أكبر عدد من الدراسات المتعلّقة بالمخاطر. وهي نتيجة متوقعة لأنها تمتلك أيضًا أكبر عدد من المدن الذكية بين البلدان الأوروبية.[15]

تمتلك إيطاليا أكبر عدد من الأبحاث حول المخاطر الاجتماعية إضافةً إلى المملكة المتحدة UK. لأن المواطنين الإيطاليين يشاركون بنشاط في إدارة المدن، وعمليات صنع القرار. أيضًا لأنهم يستعملون تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ICT لتحسين نوعية حياة السكان، وحل المشاكل الاجتماعية. كما نفّذت الحكومة برامج مختلفةً للحد من الأضرار الاجتماعية في مدنهم.[15]

سيف ذو حدين

رأينا في مقالات سابقة كيف تُحدث المدن الذكية ثورةً في أسلوب حياتنا، بما تجلبه معها من مزايا وفوائد لا تعد ولا تحصى. من ناحية أخرى ترتبط بها مخاطر، وتحديات، ومشكلات أخلاقية تنغص مستقبل تطبيقاتها. فيظهر لدينا تساؤل؛ هل ينبغي علينا أن نحتضن المدن الذكية، أو نرفضها؟

الجواب ليس بسيطًا، فبين الفوائد والمخاطر التي يجب النظر فيها هناك نقطة واضحة وهي أننا لا نملك ترف تجاهل إمكانات تطبيقات المدن الذكية. بالتالي يتعيّن علينا أن نجد سبلًا للتخفيف من للأضرار وتعظيم الإيجابيات.

في نهاية المطاف، يعد الفرد منطلق المدن الذكية، وغايتها. فلا تستطيع أي مدينة النجاح دون وجود أفراد واعيين، ومسؤولين يدركون أهمية النقاش، والتفاعل، والثقة، والشفافية لضمان استخدام بياناتنا بشكل مسؤول، وحماية خصوصيتنا. بذلك نستطيع أن نجعل مدينتنا مستدامةً، وصالحةً للعيش. ويمكنها أن تساعدنا بدورها في بناء مستقبل أفضل لنا ولأولادنا من بعدنا.

المصادر

  1. Research Gate
  2. IEEE
  3. Science direct
  4. Science direct
  5. Research Gate
  6. Research Gate
  7. Science direct
  8. George Mason university
  9. Science direct
  10. Science direct
  11. Semantic scholar
  12. Research Gate
  13. Semantic scholar
  14. Research Gate
  15. Science direct

سلسلة العمارة الإسلامية: أبواب المسجد الأقصى

تعرّفنا في مقالات سابقة على العناصر المعمارية الأساسية للحرم القدسيّ الشريف، وعلى قبابه الثلاث عشرة، وفي هذا المقال، سنتعرّف على أبواب المسجد الأقصى التي تؤدي إلى داخل الحرم القدسيّ الشريف.

هناك 16 باباً مؤدياً إلى المسجد الأقصى، 11 منها مفتوح بينما الخمسة المتبقون مغلقون حاليًا، وهي:

الأبواب المفتوحة

باب الأسباط

تم بناء باب الأسباط عام 1213م في الفترة الأيوبية. وهي بوابة مقوسة بارتفاع أربعة أمتار تقع على الجانب الشمالي الشرقي من المسجد الأقصى. تم تجديده عدة مرات ؛ آخر مرة كانت في عهد السلطان العثماني سليمان القانوني. [1]

تسمى هذه البوابة أيضًا «باب مريم العذراء» بسبب موقعها القريب من كنيسة القديسة حنة (أو سانت آنا) حيث يُعتقَد أنه مكان مهد السيدة مريم العذراء. [2]

الشكل 1: باب الأسباط

باب حِطّة

باب حطّة هو إحدى أقدم البوابات داخل الحرم القدسي الشريف؛ ويقع في الممر الشمالي للمسجد بين باب الأسباط وباب العتم. لا يزال العام الدقيق الذي بني فيه الباب غير معروف، إلا أنه قد تم تجديده خلال العهدين الأيوبي والعثماني. وهي بوابة بسيطة تعلوها شماعات حجرية كانت تستخدم لحمل مصابيح النار في الماضي. [1] وهو واحد من ثلاثة أبواب في الأقصى تسمح قوات الأمن الإسرائيلية بإبقائها مفتوحة لصلاة الفجر والمغرب والعشاء. [2]

الشكل 2: باب حطة

باب العتم

يقع باب العتم في الجزء الشمالي من الأقصى؛ تم تجديده آخر مرة في 1213 ميلادية من قبل الملك الأيوبي المعظم شرف الدين عيسى. تُعرف هذه البوابة بأسماء عدّة مثل باب العتم وباب فيصل (تكريما لزيارة الملك فيصل الهاشمي للمسجد الأقصى عام1930 م)، باب شرف الأنبياء (نسبةً لحيّ شرف الأنبياء الذي تقود إليه البوابة) وباب الدودادرية (بسبب موقعه القريب من مدرسة الدودادرية). [1][2]

الشكل 3: باب العتم

باب الغوانمة

يقع الباب في الجزء الشمالي الغربي من المسجد الأقصى وتم تجديده آخر مرة عام 1308 م . وهي بوابة صغيرة نسبيًا سميت على اسم حي الغوانمة (حارة بني غانم) في البلدة القديمة الذي تقود إليه. في الماضي، كانت البوابة تسمى بوابة الخليل نسبةً للنبي إبراهيم الخليل عليه السلام. وقد قامت مديرية الأوقاف الإسلامية بتجديد هذه البوابة بعد أن أحرقها متطرف إسرائيلي في عام 1998م. [1][2]

الشكل 4: باب الغوانمة

باب الناظر

يقع باب الناظر في الممر الغربي للمسجد الأقصى جنوب باب الغوانمة. تم تجديده في 1203م من قبل الملك الأيوبي المعظم شرف الدين عيسى [1].

وهي بوابة ضخمة مع مدخل بارتفاع 4.5 متر. أخذت البوابة اسمها من وظيفة ناظر الحرمين الشريفين (المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي) خلال العصر المملوكي حيث يُعتقد أن منزل الناظر كان قريبًا من هذه البوابة ولهذا السبب سميت باسمه [3]. وكان يسمى هذا الباب في الماضي باب ميخائيل، ، وباب الحبس (بسبب قرب سجن عثماني منه)، وباب المجلس (نسبةً للمجلس الإسلامي الأعلى) [1].

الشكل 5: باب الناظر

باب الحديد

يقع باب الحديد في الممر الغربي للمسجد الأقصى بين باب الناظر وباب القطّانين؛ تم تجديده آخر مرة في 1354-1357 م في عهد الأمير أرغون الكاملي والذي يعني اسمه باللغة التركية الحديد. [1][2]

الشكل 6: باب الحديد

باب القطّانين

بناه السلطان المملوكي محمد بن قلاوون في عام 1336 م، في الجزء الغربي من المسجد الأقصى بين باب الحديد وباب المطهرة. ويؤدي الباب إلى سوق القطن في مدينة القدس القديمة، حيث يستمد اسمه منها. تعتبر هذه البوابة إحدى أجمل بوابات المسجد الأقصى بزينتها المكونة من الزخارف الإسلامية والمقرنصات. [1][2]

الشكل 7: باب القطّانين

باب المطهرة

يقع على بعد بضعة أمتار إلى الجنوب من باب القطانين. تقع هذه البوابة في الممر الغربي للحرم الشريف بالقرب من باب القطّانين القريب من قبة الصخرة. إنها البوابة الوحيدة للأقصى التي لا تؤدي إلى أحد أحياء البلدة القديمة، ولكن إلى منطقة وضوء بناها السلطان الأيوبي العادل أبو بكر أيوب بدلاً من ذلك. تم تجديد البوابة وبِركة الوضوء آخر مرة في عام 1267 م. [1][2]

الشكل 8: باب المطهَرة

باب السلسلة

باب السلسلة الذي تمّ بناؤه في العهد الأيوبي هو أحد المداخل الرئيسية للمسجد الأقصى؛ ويقع في الجزء الجنوبي من الجدار الغربي للحرم القدسي الشريف. الباب مرتفع نسبيًا ويعلوه قرميد مزخرف. كما قام الأيوبيون بتجديده عام 1200 م . يحتوي على باب خشبي مزدوج بفتحة صغيرة تسمح لشخص واحد بالمرور عند إغلاق الباب المزدوج. [1][2]

كما يوجد بجانب باب السلسلة باب آخر مشابه له يدعى باب السلام أو باب السكينة، وهو مغلق حالياً. [4]

الشكل 9: باب السلسلة

باب المغاربة

يقع في حائط المسجد الأقصى الغربي (حائط البراق). تم تجديده آخر مرة في عام 1313 م. يؤدي الباب إلى حي المغاربة الذي هدمته قوات الاحتلال الإسرائيلي في عام 1967م لبناء “ساحة حائط المبكى” من أجل خلق مساحة أكبر لليهود للصلاة أمام حائط البراق. مفاتيح باب المغاربة موجودة مع السلطات الإسرائيلية منذ احتلالها القدس الشرقية عام 1967م. كما تمنع القوات الإسرائيلية المسلمين من استخدام هذه البوابة “لأسباب أمنية”. [1][2]

الشكل 10: باب المغاربة

الأبواب المغلقة

باب الرحمة

باب الرحمة (الباب الذهبي) هو باب تاريخي قديم منحوت داخل الجدار الشرقي للأقصى. يتكون من بوابتين، واحدة إلى الجنوب (الرحمة) والأخرى إلى الشمال (التوبة). سمي باب الرحمة نسبةً لاسم مقبرة الرحمة التي تقع أمامه وحيث دفن رفاق النبي محمد (ص) الشداد بن أوس وعبادة بن الصامت [1][2].

يقول الخبراء إن هذا الباب ربما تم بناؤه خلال العصر الأموي وأن الإمام الغزالي، العالم والفيلسوف الإسلامي البارز، كتب كتابه الشهير إحياء العلوم الدينية أثناء إقامته في غرفة تقع فوق البوابة. وهذا الباب مغلق حاليا ؛ تم إغلاقه من قبل صلاح الدين بعد غزو القدس لحماية المدينة من الغارات المستقبلية [1].

الشكل 11: باب الرحمة

باب الجنائز

هو أحد الأبواب الخفية للأقصى، ويقع على جداره الشرقي. ينبع اسمه من حقيقة استخدامه من قبل المسلمين لتنفيذ الجنازات في مقبرة الرحمة. اليوم، الباب مغلق بشكل دائم [1][2].

الشكل 12: باب الجنائز

الباب الثلاثي

أمر الخليفة الفاطمي الظاهر لإعزاز دين الله ببناء الباب الثلاثي في عام 1034م. ويقع في وسط الجدار الجنوبي للمسجد الأقصى. ويتكون من ثلاثة مداخل تطل على القصور الأموية خارج السور الجنوبي للمسجد الأقصى ويؤدي إلى السور الغربي للمسجد المرواني. أغلق صلاح الدين هذه الأبواب لحماية المدينة من الغارات المستقبلية [1].

الشكل 13: الباب الثلاثي

الباب المزدوج

يقع هذا الباب إلى الغرب من الباب الثلاثي (بوابة خلدة) ؛ استخدمه الخلفاء الأمويون عندما زاروا الأقصى حيث يربط المسجد القِبليَّ بقصورهم الواقعة خارج السور الجنوبي للأقصى. اليوم، البوابة مغلقة بشكل دائم وتم تحويل الممر الداخلي المتصل بها إلى مسجد يسمى «الأقصى القديم» [1].

الشكل 14: الباب المزدوج

الباب المفرد

أعاد بناءه الخليفة الفاطمي الظاهر لإعزاز دين الله في عام 1034 ميلادي، ويوجد في الجدار الجنوبي للمسجد الأقصى شرق الباب الثلاثي، وهو مغلقٌ بشكلٍ دائم [1]

الشكل 15: صورة تظهر مواقع الأبواب في الحرم القدسي الشريف

المصادر

  1. haramalaqsa.com – aqsa en jordan final/pdf
  2. madainproject.com – gates of al aqsa mosque
  3. madainproject.com – council gate
  4. madainproject.com – tranquility gate

ماذا يقصد بالمدينة السياحية الذكية؟

هذه المقالة هي الجزء 10 من 18 في سلسلة كيف ستغير المدن الذكية من شكل عالمنا؟

تغيرت طرق بناء المدن العالمية مع النمو المتفجّر للتقنية، وانعكس ذلك بدوره على السياحة. وبدأت العديد من الدول بالفعل بتطوير وتأسيس مدن سياحية ذكية؛ على سبيل المثال: مدينة أمستردام، وسنغافورة، وبرشلونة، ونيويورك، وسول. فما هي المدينة السياحيّة الذكيّة، وكيف تغيّر شكل السياحة حول العالم؟

ما هي المدينة السياحيّة الذكيّة؟

تستخدم المدن الذكية التقنيات الذكية والإنترنت لتحسين جودة حياة الأفراد، وتحقيق الاستدامة، والتنمية الاقتصادية، وإدارة الموارد بكفاءة. ويختلف تعريف السياحة الذكية اعتمادًا على سياق الدراسات، ووجهات نظر أصحاب المصلحة. لكن عمومًا تعد «المدينة السياحية الذكية- Smart tourism city» جزءًا من المفهوم الأوسع للمدن الذكية، وتجمع بين مبادئ المدن الذكية، والاحتياجات والخصائص المحدّدة للوجهات السياحيّة. وتهدف إلى تعزيز التجربة السياحيّة، وجذب الزوّار، وتحسين نوعيّة الحياة لكل من السيّاح والمواطنين على حد سواء.[1]

تأثير كوفيد-19 على السياحة

تواجه المدن السياحيّة مشكلات وقضايا ناجمةً عن أزمات وأوضاع غير مسبوقة. بسبب ذلك تسعى باستمرار إلى صنع طرائق من أجل التكيُّف والتصدّي للمخاطر المحتملة، مثل الإرهاب، والكوارث الطبيعية، والأمراض المعدية. على الرغم من ذلك أحدث فيروس كورونا (COVID-19) أزمةً غير مسبوقة من قبل.[2] إذ أحدثت السياحة سابقًا آثارًا اقتصاديةً هائلةً، واعتبرت وسيلةً لتخفيف حدّة الفقر في بعض البلدان النامية.

لكنّ حظر السفر بالكامل تقريبًا في أعقاب إعلان الوباء من قبل منظمة الصحة العالمية تسببّ في تلاشي الازدهار الاقتصاديّ الناشئ عن السياحة.[3] نتيجةً لذلك بدأت الجهات المعنية بإيجاد حلول بديلة لمواجهة الواقع الحالي، مثل الجمع بين المدن الذكيّة والسياحة الذكيّة لتشكيل نظام بيئيّ سياحيّ ذكيّ. يسبب الجمع آثارًا اقتصاديةً يمكن أن تنتشر على نطاق واسع إقليميًّا وصناعيًّا. وقد تصنع المدن حلًا لإعادة فتح السياحة والاقتصاد عن طريق تأمين القدرة التنافسيّة كمدينة سياحية ذكية.[4]

على سبيل المثال؛ يمكن استعمال الروبوتات لتقليل الاتصال البشريّ بين الزبائن (السيّاح)، والموظفين (المواطنين)، بالتالي يساهم ذلك في الحد من انتشار الفيروس.[5] كذلك يمكن أن يزيد الواقع الافتراضيّ رغبات وتوقعات المسافرين المحتملين لزيارة الوجهة بالعالم الواقعيّ.[6]

كيف تختلف المدينة السياحية الذكية عن المدينة السياحية التقليدية؟

تختلف المدينة السياحية الذكية عن المدينة السياحية العادية في أنها تستعمل التقنيات الحديثة لتحسين كفاءة وإدارة الأعمال السياحية، وتعزيز تجربة الزوّار. وتستطيع جذب المزيد من السياح، وتعزيز النمو الاقتصادي في نفس الوقت. وفيما يلي بعض الميزات التي تمنحها:

  • التوصيات ذات الطابع الشخصي، إذ تستخدم المدن «البيانات الضخمة- Big data»، وخوارزميات الذكاء الاصطناعي لتقديم اقتراحات متعلقة بخطط السياحة الذاتية للأفراد. وتقدم أيضًا توصيات أكثر فعاليةً وعمليةً، مما يساعد السياح وخاصةً من يخطط رحلته بنفسه على التخطيط بشكل أفضل، والاستفادة من الوقت إلى أقصى حد في المدينة.[7]
  • مراقبة مستمرة، تستعمل المدن تقنيات مثل أجهزة الاستشعار و«إنترنت الأشياء- IoT » لمراقبة التدفّقات السياحية، من ثم يمكن تعديل الخدمات وفقًا لذلك. على سبيل المثال؛ تكشف المستشعرات الاكتظاظ في الأماكن السياحية الرائجة، ويمكن بعدها إعادة توجيه الزوار إلى المناطق الأقل ازدحامًا.[8]
  • «الواقع المعزز– Augmented reality » قد تستفيد المدن من الواقع المعزز لتعزيز تجربة الزوار. على سبيل المثال؛ تستخدم مدينة قرطاجنة في كولومبيا إنترنت الأشياء IoT والواقع المعزز لتزويد السياح بمعلومات حول المتاحف، والمعالم الأثرية، وغيرها من المواقع المثيرة للاهتمام في المدينة.[9]
  • تكامل وسائل التواصل الاجتماعي، تعد وسائل التواصل الاجتماعي عنصرًا مهمًا للسياحة الذكية، حيث توفّر منصّةً لتلبية احتياجات جميع أصحاب المصلحة بما في ذلك السياح، والوجهات السياحية، والزوار المحتملين.[10] على سبيل المثال: اقتارح زيارة مطعم ما بعد رؤية صورة لوجباته عبر تطبيق فيسبوك.
  • الاستدامة، تستطيع المدن السياحيّة الذكيّة استخدام التقنيات لتحسين تنمية الاستدامة. على سبيل المثال؛ يمكن استعمال تقنيات ذكية لتحقيق الاستخدام الأمثل للموارد مثل الطاقة، والمياه، والنقل.[8]

ما هي المؤشرات الأساسية المستخدمة لتقييم القدرة التنافسية للمدينة السياحية الذكية؟

يقيّم الاتّحاد الأوروبي EU سنويًا عواصم السياحة الذكية المتميزة اعتمادًا على 4 فئات، وهي: إمكانية الوصول، والاستدامة، والرقمنة، والتراث الثقافي والإبداع. وتعكس هذه الفئات العناصر الأساسية التي يتطلّب وجودها في المدينة السياحة الذكية.[11] يمكن أن تضع جهات أخرى عناصر مختلفةً لتقييم المدينة السياحية الذكية، فمثلًا؛ أجرت منظمة سول السياحية تقييمًا لـ 12 مدينةً وفقًا لـ5 فئات، وهي: الجذب، وإمكانية الوصول، والاستعداد للرقمنة، والاستدامة، والشراكة التعاونية.[12]

تُعتمد بشكل عام بعض المؤشّرات الأولية لتقييم القدرة التنافسية للمدن السياحية، ومنها:

  • البنية التحتية الحضرية، وتشمل جودة وتوافر النقل، وشبكات الاتّصالات، وغيرها من البنية التحتية المادية الداعمة للأنشطة السياحية. ويجب أن تمتلك المدن عمومًا بنية تحتية كافية لكل الأشخاص بغضّ النظر عن العمر، أو الجنسية، أو القدرة البدنية.
  • التنمية الاقتصادية للسياحة، وتشمل مستوى الاستثمار في الأعمال ذات الصلة بالسياحة، وعدد السياح، والإيرادات، التي تحققها الأنشطة السياحية.
  • الدعم التقني، يتضمّن توافر واعتماد التقنيات الرقمية مثل الأجهزة الذكية، وتحليل البيانات، لتعزيز التجربة السياحية.[13][14]
  • الاستدامة البيئية، تتضمّن النظر في العوامل البيئية مثل نوعية الهواء، وإدارة النفايات، وكفاءة الطاقة من أجل تطوير وإدارة الوجهات السياحية المقصودة.
  • القدرة الإقليمية على الابتكار، وتشمل قدرة الوجهة السياحية على تشجيع الابتكار، واعتماد تقنيات جديدة باستمرار لتعزيز التجربة السياحة وهياكلها الأساسية.[13]

ويمكن تقسيم هذه المؤشّرات الأولية إلى مؤشّرات ثانويّة مثل عدد مستخدمي الهواتف المحمولة، والإنترنت في المناطق الحضرية. والتي بدورها يمكن استخدامها لإجراء تقييم كميّ للقدرة التنافسيّة للمدن السياحية. إضافةً إلى ذلك، قد تختلف المؤشّرات المحددة ونتائجها تبعًا لسياق التقييم وأهدافه.[14]

تحديّات وصعاب تواجه السياحة الذكية

قد يشكل تطبيق السياحة الذكية في المدن تحديات بسبب عوامل مختلفة، ومنها:

  • الخصوصية، يثير جمع، وتحليل البيانات مخاوف تتعلّق بالخصوصية لدى السياح، والسكان المحلّيين على حدّ سواء.
  • جودة البيانات ودقّتها، قد تتأثّر جودة البيانات التي تجمع بسبب عوامل متنوعة مثل الطقس، والاتصالات الشبكية، والكوارث الطبيعية.
  • المورّدون، قد تعتمد المدن على بائع واحد فيما يتعلق بهياكلها الأساسية للسياحة الذكية، الأمر الذي يمكن أن يحد من قدرتها على الابتكار والتكيُّف. [15]
  • نقص البنية التحتية، قد يشكل تنفيذ ممارسات السياحة الذكية في المناطق النائية تحديًا بسبب نقص البنية التحتية، والوعي لدى المواطنين.
  • النجاح والوعي، يعتمد نجاح المدينة السياحية الذكية على تعليم وتوعية السياح والسكان المحليين بالتقنيات المستخدمة.[16]
  • التكلفة، تطبيق التقنيات الذكية يكلّف مبالغ كثيرةً، وقد تكافح المدن لتبرير هذه التكلفة.[17]

دبي كمدينة سياحية ذكية

تعد دبي مدينةً سياحيةً ذكيةً، تدعم التقنيات الحديثة وتمزجها مع العمل، والترفيه، والسفر. وتيسّر طرقًا جديدةً لإدارة التدفّقات السياحية من أجل تقديم خدمات أفضل، ونماذج إعلانية مبتكرة، ومشاريع تعاونية جديدة. فمثلًا طوّرت دبي تطبيقًا يقدّم خدمات متعلقة بالسياحة والخدمات الجغرافية، التي تشجع الزوار على السفر حول المدينة، وتقليل الجهد والوقت اللازم لتنظيم الرحلات. ويوفر التطبيق إمكانية الوصول إلى ميزات مثل دليل السفر التفصيلي، ومسارات السفر، وشعبيّة النقاط الهامة، وساعات فتح وعمل الوجهات وأماكنها. علاوةً على ذلك، يزوّد التطبيق المستخدمين بالخرائط المفصلة، والملاحية، وأيضًا طريقة الوصول إلى الموقع بواسطة النقل العام. نتيجةً لذلك، يوفر التطبيق معلومات غنيةً ومتعمقةً عن الوجهات المقصودة.[18]

المتاحف الذكية

نفذت بعض الدول مثل إسبانيا وبولندا تقنيات المتحف الذكيّ لتحسين تجربة الزوار، وتطوير السياحة. حيث توفر هذه التقنيات طرقًا جديدةً للتفاعل مع الأعمال الفنية المعروضة، وزيادة فهمهم وتقديرهم للمتحف. مثلًا يطرح المتحف تطبيقًا على الهاتف يوفر للقادمين معلومات يوميةً عن المتحف كساعات العمل، والأحداث، والمعارض المقبلة. وقد يطبق المتحف أيضًا الواقع الافتراضي، إذ يمكن إنشاء جولة افتراضية تسمح للقادمين استكشاف المتحف، وتوفر تجربةً فريدةً حيث تعرض الأعمال الفنية في سياقات مختلفة.[19]

تتنافس المدن كل سنة على جذب المزيد من السياح، وتسعى إلى جعل رحلة الأفراد زيارةً مثيرةً، وممتعةً، وغريبةً. فهل تحلم بزيارة مكان ما حول العالم في أحد الأيام؟

المصادر

  1. Semantic scholar
  2. Springer link
  3. ResearchGate
  4. MDPI
  5. Science Direct
  6. Science Direct
  7. Taylor & Francis
  8. Semantic scholar
  9. Semantic Scholar
  10. Longdom
  11. European capital of smart tourism
  12. springer link
  13. ACM
  14. Semantic Scholar
  15. Semantic scholar
  16. IEEE
  17. semantic scholar
  18. ResearchGate
  19. MDPI

ماذا يقصد بالخرسانة الشفافة؟

إذا نظرت إلى أحياء مدينتك سترى الخرسانة في كل مكان من حولك، فهي مادّة البناء الأساسية لمعظم المنشآت الآن. لكنها لم تكن كذلك في بداية الأمر، فقد بدت ثوريةً للغاية قبل الميلاد في معبد «البانثيون-Pantheon» عندما بناه الرومان. منذ ذلك الحين وإلى اليوم يستمرّ تطوّر الخرسانة لتواكب التغيُّرات المستمرّة في صناعة البناء. ويطوّر العلماء اليوم مواد بناء غريبةً وغير متوقّعة من قبل، مثل الأسمنت الصالح للأكل، والخرسانة الشفافة. وتحدِّث الخرسانة الشفافة ثورةً في صناعة الإنشاءات، وعلى الرغم من أنها مادة جديدة نسبيًا إلا أنها تكتسب شعبيةً واسعةً. ويرجّح أن تستخدم في المزيد من التطبيقات مع استمرار تطوّرها.

ما هي الخرسانة الشفافة

تعد «الخرسانة الشفافة- Translucent concrete» نوعًا من أنواع الخرسانة التي تسمح بمرور الضوء من خلالها مع الحفاظ على الخصوصية، وذلك بفعل الألياف البصرية المدمجة بها. تعرف أيضًا باسم الخرسانة شبه الشفافة، أو الخرسانة الناقلة للضوء.[1]

تُدعى الألياف البصرية أيضًا باسم «الألياف الضوئية-Fiber optic» وهي عبارة عن ألياف رقيقة ومرنة. تصنع من الزجاج أو البلاستيك لنقل البيانات عبر مساحات طويلة، وتنقل الإشارات الضوئية وتحوّلها إلى إشارات كهربائية في نهاية الاستقبال. لا يتعدّى سمكها سمك الشعرة، وتُجمّع عادةً العديد من الألياف في حزم مع بعضها. وتستخدم على نطاق واسع في الاتصالات السلكية واللاسلكية، والإنترنت، والمعدات الطبية، وأجهزة الاستشعار. مثلًا تستخدم مستشعرات الألياف البصرية لمراقبة السلامة الإنشائية للجسور والبنى التحتية الأخرى.[2]

خرسانة شفافة Translucent concreteفي الظلام.

ترتَّب الألياف البصرية في جميع أنحاء الخرسانة مما يسمح للضوء بالانتقال عبرها من طرف إلى آخر. فيظهر نمط معيّن من الضوء على سطح الجدار اعتمادًا على بنية الألياف المتواجدة فيه.[1]

متى بدأت فكرة الخرسانة الشفافة لأوّل مرة؟

يعود تاريخ الخرسانة الشفافة إلى أوائل القرن ال20، لكنها اكتسبت اهتمامًا كبيرًا في السنوات الأخيرة كمادة بناء مستدامة. ذكر مفهوم الخرسانة شبه الشفافة لأوّل مرّة في براءة اختراع قدّمها الألماني Paul Liese في مكتب الولايات المتحدة لبراءات الاختراع عام 1922. وتعلّقت براءة الاختراع بألواح أو كتل شفافة للجدران والأسقف الخرسانية. طوّر لاحقًا «جيمس هيل- James N.Hill » طريقةً لإنشاء لوح شفاف عام 1965.ثم استمرّت صناعتها بالتطوّر، حتى وصلت إلى نتيجة اليوم.[3]

صناعة الخرسانة الشفافة

تتشابه عملية صنع الخرسانة الشفافة مع الخرسانة العادية، مع فارق انتشار الألياف البصرية في جميع أنحاء الخليط. وتصنع عادةً من الأسمنت، والرمل، والماء، والركام، والملدّنات، والألياف البصرية الناقلة للضوء. يزداد انتقال الضوء بازدياد حجم الألياف POF «بولي ميثل ميثاكريليت-Poly methyl methacrylate» وقطرها. وتنتج الشركات الخرسانة الشفافة بإضافة (1-5)% من الألياف البصرية، ويستخدم ركام ناعم فيها بدلًا من ركام خشن. [1][4]

عندما يصطدم الضوء الطبيعي أو الاصطناعي بالألياف ينتقل من خلال الخرسانة، مما يجعلها مشعةً. وتوضع الألياف بعناية باليد إما طبقةً بطبقة، أو بشكل فردي ومبعثرة وذلك بالاعتماد على مظهر المنتج النهائي.[5]

فوائد عديدة في صناعة البناء

تجلب الخرسانة الشفافة عدّة فوائد على صناعة البناء والتشييد، ومنها:

  • الجمالية، يمكن استخدامها كميزة معمارية لخلق منظر جمالي مريح وفريد للمبنى. وقد تستعمل في الديكور الداخلي لأجزاء محدّدة من الفراغات.
  • الرصد الإنشائي، يمكن دمج الألياف الضوئية في الخرسانة للكشف عن الإجهاد الإنشائي، ويؤدّي ذلك إلى الكشف المبكّر عن المشاكل المحتملة.[6]
  • انخفاض الوزن، الخرسانة الشفافة أخفّ من الخرسانة العادية، والذي يؤثّر بدوره على الوزن الذاتي للهيكل، مثلًا تنخفض قيمة الحمولة الميتة. ويقصد بالحمولة الميتة في الإنشاء: الأحمال التي تكون ثابتةً نسبيًا مع مرور الوقت، بما في ذلك وزن الهيكل الإنشائي، والجدران، والأبواب.
  • تحسين مقاومة الانضغاط الأولية بنسبة تتراوح بين 10-15% بعد 28 يومًا، في حال استخدام مزيج الألياف البصرية بنسبة 3%. بينما تنخفض مقاومة الانضغاط تدريجيًا مع زيادة الألياف البصرية في المزيج.[4] ويقصد بمقاومة الانضغاط قدرة المادة على مقاومة القوى الضاغطة محوريًا.

تأثيرات على البيئة

تمتلك الخرسانة الشفافة العديد من التأثيرات البيئية التي تجعل منها مادّة بناء مستدامة. إذ تقلّل استهلاك الطاقة لأنها تسمح بمرور الضوء الطبيعي من خلالها، نتيجةً لذلك تقلّ الحاجة إلى استعمال الإنارة الاصطناعية خلال أوقات النهار. وتُصنع من ملاط يتطلّب كمّية مياه أقلّ، ويُنتج نفايات أقل أيضًا. بسبب ذلك ينخفض انبعاث الكربون، وتتحسّن نوعية الهواء بسبب الملوثات الأقل نسبيًا. مما يخلق بيئةً صحيةً أكثر داخل المبنى.[7]

تحديات ومساوئ

تعتبر الخرسانة الشفافة تقنيةً جديدةً نسبيًا، ولا يزال هنالك الكثير من البحوث والتجارب التي يجب القيام بها لفهم كامل خصائصها وتطبيقاتها. وتواجه العديد من الصعوبات والعوائق ومنها:

  • العثور على المواد الصحيحة. يجرّب الباحثون العديد من المواد التي تسمح للضوء بالمرور من الخرسانة، وتحافظ على السلامة الهيكلية لها في نفس الوقت. ويعمل الباحثون اليوم على تطوير الخليط باستخدام مواد نانوية وزجاج بليكسي Plexiglass.
  • الحفاظ على الخصائص الميكانيكية، إذ يمكن أن تتغيّر بإضافة الألياف. على سبيل المثال؛ تمتلك الخرسانة الشفافة مقاومة انضغاط أقل من الخرسانة التقليدية، والتي قد تحد من استخداماتها في تطبيقات معينة.[8]
  • امتصاص الرطوبة، يمكن للخرسانة الشفافة امتصاص الرطوبة، وقد يؤدي ذلك إلى تغيير اللون وغيرها من المشكلات مع مرور الوقت.
  • التكلفة، تتطلب الخرسانة الشفافة تكلفة أعلى لصنعها، بسبب سعر الألياف البصرية المرتفع، وعملية التصنيع الإضافية.
  • التوافر المحدود، لأنها غير متاحة على نطاق واسع، مما يجعل من الصعب الحصول عليها لبعض المشاريع.[6]
  • قيود على التصميم. على سبيل المثال؛ قد تكون كمية الضوء التي تمرّ محدودةً، ويختلف مظهر الخرسانة اعتمادًا على زاوية ورود الضوء. لذلك يجب على المعماريين أخذ هذه العوامل بالحسبان أثناء تصميم المشروع.[8]

مسجد العزيز في أبو ظبي

يحتوي مسجد العزيز في أبو ظبي على عناصر بارزة من الكتابة العربية، تمثّل تهجئة 99 اسمًا للّه من القرآن. وتضيء الكتابة على الواجهة البالغ مساحتها 515 متر مربع في الظلام بفعل الخرسانة الشفافة. حيث تمكّنت الشركة الألمانية LUCEM من تحديد موقع الألياف الضوئية وفقًا للرسومات التي قدّمها المعماريون والخطّاط العربي.

مسجد العزيز في أبو ظبي.

وصبغوا الخرسانة بذات لون الألواح الحجرية المستعملة في أماكن أخرى من واجهة المسجد، حتى تصبح الواجهة متناسقةً. كما صبغوا الألواح الشفافة بالرمل، من أجل منحهم الملمس الصحيح. على الرغم من أن الواجهة تبدو وكأنها مضاءة من داخل المبنى، لكن يتحقق التأثير بالحقيقة بفضل نظام المصابيح المثبّتة داخل تجويف الجدار.[9]

جزء من الكتابة على واجهة مسجد العزيز في أبو ظبي.

مصرف العاصمة في الأردن

سعى مصممو «مصرف العاصمة- capital bank» إلى تغيير النهج التقليدي للمصارف، وإنشاء تجربة تجارية فيه. فاستعاضوا عن طاولات الخدمة وأماكن الانتظار التقليدية بمكاتب فردية، وأماكن استقبال مخصّصة لتلبية احتياجات العملاء. ودمجوا الطبيعة في التصميم عن طريق وضع المكاتب حول فراغ داخلي متأثر بالحدائق اليابانية. أما بالنسبة للمظهر الخارجي، فعادةً ما تتطلب المصارف وجود خصوصية للعملاء، لذلك توضع الفتحات الزجاجية في الحد الأدنى. واختار المهندسون الحجر للإكساء، لكي يتناسب مظهر المصرف مع العمارة المحلية في المنطقة. بينما استخدمت الخرسانة الشفافة لإكساء واجهة الدرج بارتفاع 14م من أجل استكمال فكرة الطبيعة التي تتدفّق عبر الأضواء والظلال. واستخدمت كذلك خرسانة عادية لتغطية الأجزاء غير الشفافة من الواجهة، والتي صنعت بذات الخليط السابق للحفاظ على السطح النهائي متماثلًا ومتناسبًا أيضًا مع لون الحجر المستعمل في باقي أنحاء المبنى.[10]

Capital bank في عمان الأردن.

استخدامات متنوعة في التصميم الداخلي والديكور

تدخل اليوم الخرسانة الشفافة في التصميم الداخلي بكثرة. على سبيل المثال كنيسة St. Andreas في ألمانيا. وفي ردهة Hansa carrée في هامبورغ، ألمانيا. وتنار بألوان مختلفة من للخلف، فيخلق ذلك مظهرًا فريدًا ومميزًا.[11]

كنيسة St. Andreas في ألمانيا.
ردهة Hansa carrée في هامبورغ، ألمانيا.
ردهة Hansa carrée في هامبورغ، ألمانيا.

وصنعت كذلك نجمة متعددة الألوان على الأرض كمشروع فني مشترك في مدينة آوغسبورغ الألمانية.[11]

نجمة من الخرسانة الشفافة في مدينة آوغسبورغ الألمانية.
نجمة من الخرسانة الشفافة في مدينة آوغسبورغ الألمانية.

يبدأ كل ابتكار بفكرة، ونطوّر اليوم ما بدأ به أسلافنا منذ أكثر من ألفي عام. فإلى أين ستقودنا أفكارنا لاحقًا في المستقبل البعيد؟

المصادر

  1. iJRASET
  2. National Library of medicine
  3. Semantic scholar
  4. Research Gate
  5. LUCEM
  6. Research Gate
  7. Research Gate
  8. Semantic scholar
  9. Archdaily
  10. Archdaily
  11. LUCEM

سلسلة العمارة الإسلامية: قباب الحرم القدسي الشريف

تعرّفنا في مقالٍ سابق على عناصر الحرَم الشريف والمسجد الأقصى الرئيسية، وفي هذا المقال سنتابع الحديث عن أحد أنواع العناصر العديدة المكوّنة له، ألا وهي قباب الحرم القدسي الشريف.

القباب

يحتوي الحرم القدسيّ الشريف على ثلاث عشرةَ قبّةٍ، تعرّفنا في مقالاتٍ سابقة على أكبر قبّتين منها، قبّة الصخرة وقبّة السّلسلة، أمّا القباب الإحدى عشرة المتبقيّة فهي:

قبة المعراج

عبارةٌ عن هيكلٍ مثمّن الشّكل يحملُهُ ثلاثون عموداً من الرّخام [1]، يقع مدخله في جهته الشمالية، ويوجد فيه محرابٌ يشير إلى اتجاه القبلة، وما يميّز هذه القبّة وجود قبّةٍ أصغر حجماً أعلى القبة الأساسية والتي يبدو شكلها كالتاج [2].

لا يزال عام بناء القبة واسم مؤسسها غير معروفَين ؛ تم تجديدها من قبل الأمير عز الدين عثمان بن علي الزنجبيلي، محافظ القدس، في عهد الملك الأيوبي العادل في عام 1200 م [2]، وخلال الترميم الأخير الذي خضعَت له، تم استبدال صفائح الرصاص التي كانت تغطيها بألواحٍ حجرية [1].

الشكل 1: قبة المعراج

قبة النبيّ

قبّةٌ يحملها هيكلٌ مثمّنُ الشّكل تقع شمال غرب قبّة الصخرة [2]، ويُعتَقَد أنّ بناءها قد تمّ في المكان الذي صلّى به النبيّ محمد (ص) إماماً بالأنبياء والملائكة في ليلة الإسراء والمعراج [3].

القبة، المغطاة بصفائح الرصاص، ذات شكل نصف بيضوي. يعلوها فانوس يحمل أعلاهُ هلالًا. ولها وهي مقسمة إلى أضلاع لتعزيزها. وتحملها ثمانية أعمدة رخامية فوق قاعدة مثمّنة الشّكل، ويجمع بين كلّ عمودَين قوسٌ مدبّب مزيّنٌ بحجارةٍ حمراء وسوداء وبيضاء، ويعلو كلٌّ منها تاجٌ مزخرف [4].

تحت القبة، مُصلّى مصنوعٌ من الحجارة الملونة. ويحاط بجدارٍ حجريٍّ منخفض من جميع الجوانب، باستثناء مدخل صغير من جانب واحد. هناك مساحة محدودة للغاية داخل المصلّى، حيث يمكن لشخص واحد فقط أن يصلّي فيه في كل مرة [4].

أمر محمد بك، حاكم غزة والقدس في عهد السلطان العثماني سليمان القانوني، ببناء المُصلّى، بينما أمر السلطان عبد المجيد ببناء القبة [2].

الشكل 2: قبة النبيّ
الشكل 3: مصلّى قبة النبيّ [4]

قبة سليمان

تقع هذه القبة في الجزء الشمالي من الحرم الشريف، ويُعتَقَد أنها قد بُنِيت اللمرة الأولى في الفترة الأموية [2]، وبالتحديد في عهد سليمان بن عبد الملك (715-717م)، الخلفية الأمويّ السابع، لكنّ المنشأة الحالية تعود للفترة الأيوبية وبالتحديد لبداية القرن الحادي عشر الميلادي [3] حيث تمّ ترميمها في تلك الفترة [2].

القبة مثمنة الشكل وتستند إلى 24 عمودًا من الرخام؛ وبداخلها صخرة صغيرة يُعتقد أنها قطعة مأخوذة من صخرة الإسراء المقدسة، ولهذا السبب كانت محمية بسياج حديدي في الماضي.
وللقبة محرابٌ يشير إلى القبلة ومدخل صغير في الشمال. اليوم، يستخدم المبنى كمقر للدعاة الإناث في مديرية أوقاف القدس [2].

الشكل 4: قبة سليمان

قبة موسى

بناها الملك الأيوبي نجم الدين بن الملك الكامل عام 1249-1250 ميلادي كمكان للعبادة وملاذ لرجال الدين والأئمة [2]، وهي غرفة مربعة كبيرة؛ طولها وعرضها يساويان ستة أمتار، مبنيّةٌ على مصطبة في منتصف الساحة الغربية للحرم القدسي الشريف. تحتوي على ست نوافذ، وتعلوها قبة، و لها مدخل شمالي. وفي الماضي، كانت تسمى أيضًا قبة الشجرة ؛ لوجود شجرة نخيل ضخمة بجانبها [5].

يقول بعض المؤرخين إنها سميت قبة موسى نسبةً للنبي موسى (ع)، بينما يقول آخرون أنّ تسميتها نسبةٌ لشيخ كان يؤدي الصلاة فيها. [2]

الشكل 5: قبة موسى

قبة الخضر

قبة الخضر، هي قبة قائمة بذاتها تقع بالقرب من الحافة الشمالية الغربية من مصطبة قبة الصخرة. بنيت في الأصل في القرن العاشر الميلادي وتم تجديدها على نطاق واسع خلال العهد العثماني في القرن السادس عشر [3]. وهي مرفوعةٌ على ستّة أعمدةٍ رخامية [2]، يوجد تحت الهيكل قاعة مستطيلة (زاوية الخضر) مسقوفة بقبوة اسطوانيّة على مستوى ساحة الحرم [3] يوجد فيها محرابٌ مبنيٌّ من الحجر الأحمر [2].

الشكل 6: قبة الخضر

قبة يوسف آغا

بنى يوسف آغا، حاكم القدس في عهد السلطان العثماني محمد الرابع، هذه القبة غرب المسجد القبلي في عام 1681 م. وهي منشأة مربعة الشكل تعلوها قبة صغيرة. وتستخدم اليوم كمكتب استعلاماتٍ للمسجد الأقصى.

الشكل 7: قبة يوسف آغا [3]

قبة يوسف

تم بناء القبة في عام 1191م من قبل الملك الأيوبي يوسف بن أيوب الذي اشتهر بلقب صلاح الدين. تم تجديده في عام 1681 م في عهد السلطان العثماني محمد الرابع، ونُسب اسمه إلى مؤسسه يوسف بن أيوب، وفي مرحلة لاحقة نُسب إلى مُجدِّده الوالي العثماني علي بن يوسف آغا.
هيكل القبة مفتوح من جميع الجوانب، باستثناء الجانب الجنوبي المغلق بجدار. يعتمد على عمودين حجريين ويحتوي على نقشين. [3]

الشكل 8: قبة يوسف [3]

قبة الأرواح

قبة صغيرة تقع في فناء قبة الصخرة. وتستند إلى ثمانية أعمدة رخامية متصلة بثمانية أقواس تحمل طبلة القبة.
يُعتَقَد أنّه قد تمّ بناء القبة خلال القرن السادس عشر الميلادي وتسمى «قبة الأرواح» بسبب موقعها القريب من «بئر الأرواح» الذي يقع تحت قبة الصخرة [2].

الشكل 9: قبة الأرواح

قبة الخليلي

أمر محمد بك حافظ، حاكم القدس العثماني، ببناء هذه القبة في عام 1700 م. تقع القبة إلى الشمال الغربي من قبة الصخرة وتتكون من غرفتين، إحداهما في الطابق الأرضي والأخرى في الطابق السفلي تحت الأرض. تُعرف هذه القبة أيضًا باسم «قبة الشيخ الخليلي» على اسم شيخ صوفي كان يؤدي الصلاة هناك. وتستخدم القبة اليوم كمكتب للجنة الصندوق الهاشمي لترميم المسجد الأقصى وقبة الصخرة [2].

الشكل 10: قبة الخليلي

قبة عشّاق النبيّ

لترك معلم تذكاري داخل المسجد الأقصى، بنى السلطان العثماني محمود الثاني هذه القبة في الجزء الشمالي من الحرم في عام 1808 م. القبة مصنوعة من مبنى مربع مفتوح من جميع الجوانب وتعلوه قبة صغيرة. يقوم المبنى على أربعة أعمدة حجرية مبنية على منصة أعلى بنصف متر من بقية أراضي الأقصى.
كما أنها معروفة باسم «قبة عشاق النبي» لأن الشيوخ الصوفيين كانوا يجتمعون تحتها للصلاة وذكرِ الله. [2]

وهو آخر مبنى تذكاري يقيمه سلطان عثماني في منطقة الحرم بعد مشاريع السلطان سليمان الكبرى في القرن السادس عشر [3].

الشكل 11: قبة عشّاق النبيّ

القبة النحويّة

أنشأها الملك شرف الدين أبو المنصور عيسى الأيوبي عام 1207م [3]، وخصصها لتدريس النحو وقواعد اللغة العربية [2].

في عام 1213 م أضاف قبة فوقها. يتكون المبنى من غرفتين وممر في المنتصف تعلوه قبتان: تقع القبة الفضية الكبرى فوق الغرفة الغربية، وتقع القبة الصغرى فوق الغرفة الشرقية، بينما سقف الردهة مسطح، ويقع مدخل القبة على جانبها الشمالي ويحيط به عمودان من الرّخام.

ظلت المنشأة مدرسة للغة العربية وقواعد النحو والصرف حتى القرن السابع عشر الميلادي، ولعبت دورًا كبيرًا في المشهد الثقافي والفكري في القدس. خلال القرن الماضي [2]، وتحوّلت إلى مكتبة أثناء الاحتلال البريطاني [3]، تم استخدام القبة كمكتبة للمجلس الأعلى الإسلامي وكمكتب معماري لترميم وإعادة بناء قبة الصخرة. وهي اليوم مكتب القائم بأعمال قاضي القضاة ورئيس مجلس الوقف الإسلامي ومقر لمحكمة الاستئناف الشرعية في القدس [2]

الشكل 12: القبة والمدرسة النحويّة

لقراءة المزيد عن الحرم الشّريف تابع المقال: المسجد الأقصى والحرم الشريف؛ تاريخه، وعناصره المعماريّة

المصادر

  1. madainproject.com – dome of the ascension
  2. haramalaqsa.com – aqsa en jordan final/pdf
  3. madainproject.com – domes of haram al sharif
  4. madainproject.com – dome of the prophet
  5. madainproject.com – dome of malik ashraf musa

كيف تتعامل المدن الذكية مع الكوارث الطبيعية؟

هذه المقالة هي الجزء 14 من 18 في سلسلة كيف ستغير المدن الذكية من شكل عالمنا؟

تجلب الكوارث الطبيعية عواقب مدمرة على المدن وسكانها، وازداد في السنوات الأخيرة تواتر الكوارث الطبيعية وشدّتها. بالتالي تحتاج المدن إلى أن تكون أكثر استعدادًا للتصدّي لهذه المخاطر. وبرزت «المدن الذكية-Smart cities» كحل محتمل لتعزيز قدرة البنى التحتية على الصمود أمام الكوارث الطبيعية. إذ تستطيع المدن الذكية توقّع الكوارث عن طريق التقنيات الحديثة مثل أجهزة الاستشعار، وتحليل البيانات، والذكاء الاصطناعي. وتساعد هذه التقنيات المدن على التكيُّف مع آثار التغيّر المناخي، وإدارة الموارد المائية.

كيف تتنبأ المدن الذكية بوقوع الكوارث الطبيعية؟

تعمل تقنيات المدن الذكية مع بعضها لتوقّع حدوث الكوارث الطبيعية، وتعتمد غالبًا على إنترنت الأشياء IoT، و«البيانات الضخمة-Big data». ويمكن استخدام هذه التقنيات بعدّة طرق ومنها:

  • حصاد البيانات: ينشر إنترنت الأشياء أجهزة استشعار في جميع أرجاء المدينة، لجمع البيانات. ويمكن الاستفادة منها لرصد العوامل البيئية المختلفة مثل درجة الحرارة، والرطوبة، وجودة الهواء. على سبيل المثال؛ نفّذت لوس أنجلوس نظامًا للإنذار المبكِّر بالزلازل، يعتمد على المستشعرات للكشف عن النشاط الزلزالي، وتنبيه وحدات الطوارئ والمواطنين.
  • تجميع البيانات ومعالجتها الأولية: تجمع مجموعة البيانات القادمة من مصادر مختلفة، بهدف تكوين صورة شاملة عن الوضع الحالي. من ثم تُنقّى وتُصفّى لإزالة أي معلومة غير ذات صلة، أو مكرّرة.
  • تقنيات الشبكة الدلالية Semantic web: وهي امتداد للشبكة العالمية WWW، وتهدف إلى إعطاء معنىً للبيانات الخام المحيطة بنا من خلال إظهار العلاقات بين المفاهيم. تستعمل عادةً لتوضيح البيانات المجمّعة، وتحسِّن من قدرتنا على فهمها.
  • تحليل البيانات الضخمة BDA: يساعد ذلك في تحليل الأنماط والشذوذ التي قد تشير إلى بداية كارثة ما.[1][2] يوجد نوعان من التحليل: التحليل غير المباشر، والتحليل الآني. يستخدم التحليل الآني عند الحاجة إلى اتّخاذ إجراء فوري على أساس البيانات المجمّعة، وغالبًا ما يستعمل في تطبيقات التحكّم المصرفية وأنظمة الحجز. ويستخدم التحليل غير المباشر عندما لا تحتاج البيانات أن تحلل آنيًا، أو عندما تكون مجموعة البيانات كبيرةً جدًا لتحلل بسرعة. يساعد التحليل الآني في الكشف عن الكوارث المحتملة أثناء حدوثها، بينما يحدّد التحليل غير المباشر الأنماط والاتّجاهات التي قد تشير إلى احتمال وقوع كوارث في المستقبل.[3]

على سبيل المثال؛ توضع مستشعرات في غابة ما لمراقبة وجمع البيانات، وعند تحليل البيانات قد تشير التغيُّرات في درجات الحرارة أو مستويات الرطوبة إلى احتمالية نشوب حريق هائل. من ثم ترسل الأجهزة الذكية إنذارًا فوريًا إلى السلطات المسؤولة لأخذ الاحتياطات اللازمة.

تعامل المدن الذكية مع الكوارث الطبيعية.

استجابة المدن الذكية للكوارث الطبيعية

تساعد تقنيات المدن الذكية في إدارة آثار الكوارث الطبيعية من خلال توفير المعلومات اللازمة بسرعات فائقة، وتمكين الاتّصال الفعّال بين مختلف الجهات، وتقليص الزمن اللازم للاستجابة. ترصد شبكات الاستشعار اللاسلكية WSNs وتراقب عن بعد المناطق الحرجة، وساحات المعارك، أو المناطق المعرضة للبراكين، والفيضانات. نتيجةً لذلك تتوفّر لدى الجهات المسؤولة المعلومات اللازمة لتقييم الأضرار واتّخاذ القرارات المناسبة. وتوفر “البيئة الافتراضية التعاونية” منصّةً للتواصل والتعاون الآني بين أوائل المستجيبين للكوارث، وأصحاب القرارات. وتجمّع “نظم محاكاة موزعة لإدارة الكوارث والاستجابة لها” بين شبكات الاستشعار اللاسلكية وتقنيات البيئة الافتراضية التعاونية. من أجل ضمان السلامة والأمن العامَّين، فتدرب أوائل المستجيبين على استخدام أحدث تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ICT. نتيجةً لذلك يتحسَّن أداء بعثات الكشف والبحث والإنقاذ.[4] أدَّت كذلك وسائل التواصل الاجتماعي في زلزال نيبال عام 2015 دورًا فعّالًا في نشر المعلومات، وتنسيق جهود فرق التطوّع والإنقاذ.

ترافق الكوارث الطبيعية في أغلب الأحيان انقطاعات في التيّار الكهربائي. وهنا يأتي دور «الشبكات الذكية-Smart Grid» لتأمين الطاقة، وضمان بقاء عمل البنية التحتية الحيوية كالمستشفيات وخدمات الطوارئ.

تلعب كذلك تطبيقات الذكاء الاصطناعي AI دورًا مهمًا في الاستجابة للكوارث، فتساعد على تَتبُّع المواقع، ورسم الخرائط، والتحليل الجغرافي المكاني. وتستفاد الجهات المعنية من الروبوتات، والمركبات ذاتية القيادة، وتعلم الآلة لتعزيز إدارة الأضرار. على سبيل المثال؛ يحلِّل الذكاء الاصطناعي صور الأقمار الصناعية لمساعدة الحكومات على اتّخاذ إجراءات سريعة وفعّالة.[5]

تعتبر الاتصالات اللاسلكية العمود الفقري لأنظمة الرعاية الصحية الذكية في الاستجابة للكوارث. فيزوِّد الأطباء المرضى بالتشخيص، والعلاج، والعديد من الخدمات الصحية سواءً كانوا داخل المستشفيات أو خارجها. بشرط أن تجهز وحدات الرعاية الصحية بتقنيات متقدّمة. يلزم أيضًا وجود وحدة للاستجابة السريعة من أجل التعامل مع المرضى والاستفسارات التي تنشأ عادةً أثناء الكوارث.[6]

الرعاية الصحية الذكية في الكوارث.

طائرات بدون طيار

يوفّر نظام «الإنقاذ الذكي-Auto-FRD» استجابةً سريعةً للحالات الحرجة في المدن. ويتألّف النظام من 3 أقسام رئيسية: شبكة الاستشعار، وطائرات بدون طيار، ومركز القيادة. فتنتشر الطائرات تلقائيًا إلى موقع معيّن عند تلقّي إشارة تنبيه من المستشعرات، من ثم تزوّد مركز القيادة بالنتائج.[7] يمكن للطائرات بدون طيار المساعدة في مهامّ البحث والإنقاذ بطرق عديدة ومنها:

  • المراقبة الجوية المستمرّة، تستطيع هذه الطائرات توفير مراقبة جوية مستمرة حتى 100 متر فوق سطح الأرض.مما يساعد على تحديد موقع الضحايا وتقييم الوضع الراهن.
  • التزويد بفيديو عالي الدقة وصور، تلتقط الطائرات صورًا جويةً وحراريةً، وفيديو عالي الدقة لمنطقة الكارثة.
  • معلومات رادارية، تستخدم الطائرات رادار استكشاف باطن الأرض للكشف عن الناجين المحتملين المدفونين تحت الأنقاض. بالتالي تحديد أماكن الضحايا، ومحاولة إنقاذهم.
  • نموذج ثلاثي الأبعاد للمنطقة المرغوبة، تنشئ هذه الطائرات نموذج ثلاثي الأبعاد لمنطقة الكارثة بدقة عالية أو منخفضة حسب الرغبة.[8]
  • الكشف التلقائي عن البشر الذين تقطّعت بهم السبل. يمكن تزويد الطائرات بتقنيات معالجة الصور وتتبّع خوارزميات الشبكات العصبية المعقّدة، للكشف التلقائي عن البشر المفقودين إثر الفيضانات وغيرها من المخاطر.[9]
  • الهبوط الذاتي على أهداف متحرّكة، يمكن أن يساعد ذلك على تقديم أدوات الطوارئ للضحايا المحتاجين.[10]

على سبيل المثال؛ استخدمت الكاريبي طائرات بدون طيار لتقييم الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية بعد حصول كارثة، وحدّدت الأماكن المحتاجة إلى مساعدات.

تقدم الطائرات بدون طيار مساعدات أثناء الكوارث الطبيعية.

على الرغم من فوائد الطائرات بدون طيار إلا أنها تمتلك آثارًا سلبيةً أيضًا. فقد تشكّل خطرًا على سلامة فرق الإنقاذ والمدنيين إذا تعطّلت أو تحطّمت. يمكن استخدامها من قبل جهات معادية لأغراض خبيثة كالتجسّس أو إيصال حمولات ضارّة. يتطّلب إجمالًا استخدام الطائرات ذاتية القيادة النظر بعناية في المخاطر والفوائد المحتملة. ويساعد التدريب والصيانة والتنظيم على تخفيف المخاطر، وضمان الاستخدام الآمن والفعّال في أوقات الطوارئ.[4]

تحديات تعيق المدن الذكية

على الرغم من جميع التطوّرات لا يمكن للتقنيات الذكية توقّع الأخطار والتهديدات بشكل كامل في الكوارث الطبيعية. ويطرح إدخال تقنيات المدن الذكية في الكوارث عدّة تحدّيات، وفيما يلي بعض هذه التحدّيات:

  • تحديات الحفاظ على الاتصالات الشبكية. تعتمد المدن الذكية على شبكات الاستشعار اللاسلكية WSN المنتشرة في كل مكان، لكنها قد تتلف في بعض الكوارث أو يضعف اتصالها. يمكن كذلك أن تتعطل الاتصالات والإنترنت، وقد ينعدم الاتصال بأجهزة إنترنت الأشياء. مما يجعل من الصعب نقل المعلومات اللحظية.[11]
  • تحديات اقتصادية، يتطلّب تطوير البنية التحتية للمدينة الذكية استثمارات كبيرة، والتي تعيق المدن ذات الموارد المحدودة.
  • تحديات إدارية، تتطلب إدارة هياكل المدن الذكية مهارات ومعارف متخصّصة وأشخاص ذوي خبرة، والتي لا تكون متاحةً بسهولة في جميع المدن. زيادةً على ذلك، تحتاج هذه الهياكل دمج مختلف التخصّصات والتقنيات العلمية، مما يشكّل عائقًا إضافيًا.
  • مصيدة التكنولوجيا، قد تصبح تقنيات المدن الذكية قديمةً بسرعة، بسبب التطورات السريعة. ولكي تواكب المدن أحدث التطورات تحتاج أن تستمرّ في الاستثمار في التقنيات الجديدة.
  • تحديات ثقافية، قد لا يتقبّل جميع المواطنين تقنيات المدن الذكية بسهولة، ولا سيما أولئك الذين يقاومون التغيّر، أو لا يلمّون بالتقنيات الحديثة.[12]

مخاطر الفيضانات

أصبحت الفيضانات إحدى الكوارث الطبيعية الكبرى المؤثرة على سلامة الحياة البشرية، والبناء الاقتصادي، والتنمية المستدامة. لذلك أجريت العديد من الدراسات التي حلّلت أنماط التوزيع المكاني والزماني لمخاطر الفيضانات العالمية، والعوامل المؤثّرة عليها. وكشفت النتائج ازدياد خطر الفيضانات على الصعيد العالمي خلال الفترة الممتدّة بين 2005-2020. وحدّد الخبراء أماكن تركّز الخطر بشكل رئيسي، وهي شرق وجنوب آسيا، وأوروبا الوسطى والغربية. واعتبروا سنغافورة من أكثر الدول تعرّضًا للتهديد.[13]

دايجون، كوريا الجنوبية

استحدثت دراسة تدعى “نظام الإنذار الذكي للتصدي للفيضانات” تقنية محاكاة للتنبؤ بالفيضانات في مدينة دايجون في كوريا الجنوبية. إضافةً إلى ذلك، صنع الخبراء نظامًا مساعدًا يوفّر المعلومات اللازمة لتحديد طريقة وزمن الإجلاء. وربطوا النظام مع خدمة التنقل الذكي لمعرفة حالة الطرق وتنظيم النقل. كما طوّروا نظامًا سريعًا من أجل نقل الحالات المستعجلة لتقليل الأضرار التي تلحق بالمواطنين.[14]

بوغوتا، كولومبيا

اقترحت ورقة علمية بعنوان “بنية الاتصال لنموذج التنبؤ بالفيضانات” تطوير وتنفيذ بنية ذكية لصنع القرار عند مواجهة الأمطار الغزيرة والتهديدات المحتملة للفيضان. يعمل النظام على أساس جمع وتحليل بيانات عن مستوى المياه، والتدفّق، والضغط، ودرجة الحموضة، والرطوبة، ودرجة الحرارة في الأمطار التي تهطل على حي مينو تودي ديوس في مدينة بوغوتا في كولومبيا. ويهدف النظام إلى توليد إنذارات مبكّرة واتخاذ قرارات حاسمة في حالات الخطر.[15]

منشأة متكاملة في أورلاندو، فلوريدا، أمريكا

تحوي مدينة أورلاندو منشأةً متكاملةً تسمّى «مركز عمليات أورلاندو- OOC»، أنشأها العمدة عام 2001 بعد إعصار عام 1997. وتربط المنشأة عمل كل من شبكات الألياف الضوئية، وكاميرات المراقبة، وخدمات النقل، والشرطة، والمطافئ، وذلك في حوادث الطرق، والجرائم، والكوارث. ويدير المركز أزمات الطوارئ الخاصّة، إضافةً إلى حالات الكوارث الطبيعية واسعة النطاق.[16]

ضرورة التعاون لمستقبل أفضل

لا تحترم الكوارث الطبيعية الحدود الوطنية، ويمكن أن يكون لتأثيراتها تداعيات عالمية. لذلك تظهر ضرورة التعاون العالمي، كما تساعد المبادرات الدولية على تبادل المعارف والموارد بين الدول. وقد نفّذت بعض الدول بالفعل خططًا جديدةً للتعامل مع الكوارث الطبيعية. وتعتبر اليابان، وسنغافورة، وهولندا من بين الدول الرائدة في هذا المجال. وفي نهاية المطاف، يرتبط نجاح هذه التقنيات بمدى التعاون الحاصل بين الحكومات، والقطاع الخاص، والمواطنين، وبدون ثقة المواطنين لا يمكن لهذه الأنظمة النجاح.

المصادر

  1. Semanticsholar
  2. wiley online library
  3. back4app
  4. ResearchGate
  5. MDPI
  6. Readcube
  7. semanticsholar
  8. IEEE
  9. ResearchGate
  10. ResearchGate
  11. ResearchGate
  12. semanticsholar
  13. MDPI
  14. semanticsholar
  15. IEEE
  16. Semanticsholar

المسجد الأقصى والحرم الشّريف؛ تاريخه، وعناصره المعمارية

يعتبر المسجد الأقصى ، الواقع في القدس القديمة، ثالث أقدس مسجد في الإسلام بعد المسجد الحرام في مكة المكرمة والمسجد النبوي في المدينة المنورة [1][2]، وتعدّ عمارة المسجد مزيجاً من الطرز المعمارية البيزنطية والأموية والعباسية والفاطمية، مما يعكس الفترات المختلفة لبنائه وتجديده [3][4]، وفي هذا المقال، سنتعرف على تاريخ بناء المسجد الأقصى وعناصره المعمارية.

تاريخ المسجد الأقصى

عهد الخلفاء الراشدين

كان أول مسجد تم بناؤه في الموقع في عهد عمر بن الخطّاب عبارة عن هيكل بدائي مبني من دعامات خشبية. تم تشييده عام 636/637 م بعد دخول القوات الإسلامية لمدينة القدس.

الفترة الأموية

خلال العصر الأموي، تم تشييد مبنى جديد موقع مسجد عمر. بادر عبد الملك بن مروان بمشروع المسجد الذي كان قد شُيّد قبل حوالي سبعين عامًا. تم الانتهاء من بناء أول مسجد أموي في الموقع في عهد الوليد ابن عبد الملك بن مروان.

الفترة العباسية

تم تجديد المسجد الأقصى بشكل كبير في عهد الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور لأول مرة. وبعد ذلك، تم تجديد المدخل الرئيسي على نطاق واسع من قبل الخليفة المأمون ثم المهدي من بعده.

الفترة الفاطميّة

تم تنفيذ إعادة بناء أخرى خلال الفترة الفاطمية في القرن الحادي عشر.

بالإضافة للعديد من المباني والإضافات التي تمّ بناؤها خلال الفترتين الأيوبية والمملوكية.

الفترة العثمانية

اهتم العثمانيون كثيرًا بالمسجد القبلي، وخاصة السلطان سليمان القانوني الذي أجرى تجديدًا شاملاً للمبنى، وكذلك السلطان محمود الثاني، والسلطان عبد العزيز، والسلطان عبد الحميد الثاني الذي قام بتأثيث المسجد بالسجاد وزوده بفوانيس جديدة.

العصر الحديث

خلال فترة الانتداب البريطاني، قام المجلس الإسلامي الأعلى ببعض أعمال الترميم في عامي 1922 و 1924 م. تم إجراء أعمال الترميم الأولى في القرن العشرين في عام 1922م، عندما كلف المجلس الإسلامي الأعلى بقيادة أمين الحسيني (مفتي القدس) المهندس التركي أحمد كمال الدين بك بترميم المسجد الأقصى والآثار في محيطه. كما كلف المجلس مهندسين معماريين بريطانيين وخبراء هندسة المصريين ومسؤولين محليين للمساهمة والإشراف على الإصلاحات والإضافات التي تم تنفيذها في 1924-1925 بواسطة كمال الدين.

وقد قامت السلطات الأردنية ببعض أعمال الترميم في أعوام 1952 و 1959 و 1964 م.

وفي عام 1969، كان لا بد من القيام بأعمال ترميم واسعة النطاق، بسبب الأضرار الناجمة عن هجوم حرقٍ متعمَّد. بدأ برنامج الترميم الشامل للقبة المتضررة ولوحاتها، وتم استبدال الغطاء الخارجي المصنوع من الألمنيوم المضلع بالرصاص ليطابق الغطاء الأصلي. تم إبراز الزخارف المرسومة للجزء الداخلي للقبة التي تعود إلى القرن الرابع عشر، والتي كان يُعتقد أنها فُقِدت بشكل لا يمكن إصلاحه، وأعيد بناؤها بالكامل باستخدام تقنية trateggio، وهي طريقة تستخدم الخطوط العمودية الدقيقة للتمييز بين المناطق التي أعيد بناؤها عن تلك الأصلية [5].

بنية المسجد الأقصى

الشكل 1: رسم منظوري يُظهِر الحرم الشريف، ويظهر المسجد الأقصى يمين الصورة، وقبة الصخرة مقابله.

يتألف حرم المسجد الأقصى من العديد من المباني والمكوّنات من مساجد وقباب ومآذن ومدارس وبوّابات وسُبُل ماء وغيرها، ومنها:

المساجد

المسجد القِبليّ

المسجد القبلي المعروف بالمسجد الأقصى، هو أول مبنى شيده المسلمون على الإطلاق في مجمع المسجد الأقصى. عندما دخل المسلمون القدس لأول مرة في عام 638م، كان الموقع مقفرًا حتى قام الخليفة عمر بن الخطاب ومرافقوه بإخراج التراب منه وبنوا عليه مسجداً بسيطًا في الجزء الجنوبي منه بعد مناقشة أفضل موقع لذلك.

لكن المسجد القبلي، كما نعرفه اليوم، بُني لأول مرة من قبل الخليفة الأموي الوليد الذي تابع بناءه بعد وفاة والده عبد الملك بن مروان. ثمّ خضع لأعمال الترميم في الفترتين العباسية والفاطمية.

في العصر الأموي، كان الجامع القبلي يتألف من 15 مجازاً، أوسعها هو الموجود في المنتصف وكان المبنى مغطى بسقف من القرميد وتعلوه قبة في نهاية المجاز الأوسط.
تمّ استخدام المسجد القِبلي كمقرٍّ للصليبيين أثناء احتلالهم للقدس، وبعد تحرير الخليفة الأيوبي صلاح الدين للقدس والمسجد الأقصى عام 1187م . أمر بتجديد المبنى وإعادته إلى حالته السابقة. كما قام بتركيب المنبر الخشبي الذي أمر نور الدين محمود زنكي -ملك مملوكي من السلالة الزنكية- بصنعه في حلب في سورية وأن يوضع بجوار المحراب الرئيسي في المسجد القبلي. [6]

الشكل 2: حرم الصلاة في المسجد القِبليّ -والذي يعرف أيضاً بالمسجد الأقصى
الشكل 3: مسقط المسجد القِبلي وتظهر فيه: A- المدخل، B- درج للأجزاء الواقعة تحت الأرض، C- الدرج المؤدي إلى “مهد المسيح”، 1- قاعة الصّلاة (الحرم)، 2- نافورة، 3- البوابة الشرقية، 4- محراب زكريّا، 5- مسجد الأربعين شهيد، 6- مسجد عمر، 7- المحراب، 8- المنبر، 9- جامع النساء، 10- المتحف الإسلامي، 11- قبة يوسف [6]

مسجد عمر

يقع مسجد عمر في الركن الجنوبي الشرقي من المسجد الأقصى ويعتبر جزءًا منه، وهو مبنى مستطيل الشكل له مدخلان أحدهما في المسجد القبلي والآخر يطل على باحات الأقصى. ويستخدَم جزءٌ من المسجد اليوم كعيادة طوارئ. [6]

مسجد الأربعين شهيد

غرفة فسيحة تقع في الجزء الشمالي من مسجد عمر، حيث يوجد أحد مدخليه. [6]

الشكل 4: إحدى جلسات الذّكر داخل مسجد الأربعين شهيد

المسجد الأقصى القديم

يقع المسجد الأقصى القديم تحت المجاز المركزي للمسجد القبلي؛ وهو مبنى خطي يمتد من الشمال إلى الجنوب. يمكن الوصول إليه باستخدام درج قديم يقع أمام الممر الخارجي للمسجد القبلي المكون من 18 درجة. ينتهي مبنى الأقصى القديم بباب آخر يسمى «باب النبي» أو «الباب المزدوج». المسجد عبارة عن قبو مسقوف بقبوة اسطوانية يتكون من ثلاثة أقواس أسطوانية تميل نحو الجنوب بسبب الطبيعة الجغرافية لموقع المسجد الأقصى؛ كان في الأصل بمثابة ممر للخلفاء الأمويين الذين يربطون قصورهم بالأقصى، حيث تم بناء القصور بجوار جداره الجنوبي. ومع ذلك، فإن مبنى المسجد القديم الذي تم ترميمه وإعادة افتتاحه من قبل لجنة الأقصى لإعادة إعمار الأماكن المقدسة في عام 1998م هو مبنى أموي. يستضيف المبنى اليوم مكتبة المسجد الأقصى المسماة «المكتبة الختنية» [6].

الشكل 5: مصلى الأقصى القديم

المسجد المرواني

المسجد المرواني أو القبو الشرقي هي قاعة ضخمة تحت الأرض في الركن الجنوبي الشرقي من المسجد الأقصى. في الأصل كانت تلة شديدة الانحدار، وتم رفع هذه المنطقة من خلال هياكل مختلفة لتكون على نفس مستوى الفناء الشمالي للمسجد الأقصى، حيث أراد المسلمون بناء المسجد القبلي على أسس صلبة. ورغم أن عام البناء المحدد لا يزال غير معروف، فقد تم التأكد من أن المسجد المرواني قد شيد قبل المسجد القبلي [6].

يتكون المسجد من 16 مجازاً تمتدّ على مساحة واسعة، مما يجعله أكبر هيكل منشأ داخل حرم الأقصى مع القدرة على استيعاب أكثر من 6000 مصلي في وقت واحد. يمكن الوصول إليه باستخدام درج حجري متصل ببوابتين ضخمتين إلى الشمال الشرقي من المسجد القبلي. واللتان قد بنيتا بعد تجديد المسجد للسماح لأعداد كبيرة من المصلين والزوار بالدخول والخروج دون أي عوائق، ولتحسين نظام التهوية لأن المبنى يفتقر إلى عدد كاف من النوافذ. [6]

الشكل 6: بوابتا المسجد المرواني من الخارج
الشكل 7: حرم الصلاة في المسجد المرواني

جامع النساء

يعود للفترة الأيوبية ويمتد من الجدار الغربي للأقصى إلى ركنه الجنوبي الغربي.

خلال العقود الثلاثة الماضية تم تقسيم المبنى إلى ثلاثة أقسام:
(1) القسم الجنوبي الغربي، الذي يستخدم كقاعة جنوبية للمتحف الإسلامي.
(2) القسم المركزي، الذي كان بمثابة المكتبة الرئيسية للأقصى قبل نقله إلى المسجد الأقصى القديم.
(3) القسم الشرقي المجاور للمسجد القبلي ويستخدم كمستودع للوقف الإسلامي. [6]

الشكل 8: جامع النساء

جامع المغاربة

يقع هذا المسجد القديم في الجزء الجنوبي الغربي من المسجد الأقصى بجوار باب المغاربة (الجدار الغربي).
تم بناؤه خلال القرن الثالث عشر الميلادي ويعود لالعصر الأيوبي؛ ومع ذلك، فإن عام البناء المحدد واسم مؤسسه لا يزالان غير معروفين.
كان المسجد في الماضي مخصصًا لأتباع مدرسة المالكي للفقه. وهو يستخدم الآن كقاعة غربية للمتحف الإسلامي حيث يتم عرض عدد من القطع التاريخية الإسلامية والآثار. [6]

مسجد البُراق

تم بناء مسجد البراق بجوار حائط البراق. يطلق عليه هذا الاسم بسبب خاتم مسمَّر على جداره يعتقد المسلمون أن النبي محمد (ص) استخدمه لربط البراق الذي نقله من مكة إلى القدس في رحلة ليلة «الإسراء والمعراج» . تقع البوابة الرئيسية لمسجد البراق في الحائط الغربي للأقصى، ولكنها مغلقة بشكل دائم.
ومع ذلك، لا يزال المسجد مفتوحًا للصلاة حيث يمكن للمصلين استخدام مدخل آخر يقع في الممر الغربي للأقصى. [6]

الشكل 9: مسجد البراق الشريف

مهد عيسى

مسجد مهد عيسى (يشار إليه أيضًا باسم «مسجد المسيح») هو قبة صغيرة بنيت في عهد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني في عام 1898 م، وتقع بجوار منتصف درج في الزاوية الجنوبية الشرقية من المصلى المرواني. تتكون من قبة مبنية على أربعة أعمدة حجرية تم بناؤها فوق حوض حجري يسمى «مهد عيسى»، ربما تم بناؤه خلال العصر العباسي أو الفاطمي. على الرغم من اسم المسجد، لا يوجد دليل في التقاليد الإسلامية يضع المسيح في هذا الموقع. وعلاوة على ذلك، فقد أصدر رجال الدين المسيحيون في القدس بيانا أعلنوا فيه أن المسيحيين ليس لديهم أي آثار أو أماكن مقدسة في أي مكان داخل المسجد الأقصى. [6]

الشكل 10: مهد عيسى

القباب

قبة الصخرة

الشكل 11: قبة الصخرة وقبة السلسلة

بنيت قبة الصخرة بأمر من الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بين عامي 688 – 691 م [7]. وتعدّ من أولى المباني الإسلامية على الإطلاق. بنيت لتكون نقطة محورية دينية لحلفاء الخليفة الأموي. إذ إن منطقة الحجاز (مكة المكرمة والكعبة المشرفة) آنذاك لم تكن تحت سيطرة الدولة الأموية. [8]

إن بنية المنشأة وقبتها التي نراها اليوم لا تزال محافظةً على شكلها الأصلي. حيث تتميز بمسقط مثمن الشكل. يسقف مركزه بقبة ذات قطر 20 م تقريبًا، مرفوعة على رقبة محمولة على 4 دعامات و12 عمود[9]. تحتوي هذه الدائرة في مركزها على الصخرة المشرفة [8]. ويحيط بالدائرة رواق مثمن الشكل مؤلف من 8 دعامات و16 عمود. وتشكل الجدران الخارجية شكلًا مثمنًا بطول 18م وبارتفاع 11م لكلّ جدار. بينما تشكّل الجدران الخارجية مع الرواق الداخلي ومع أعمدة القبة ممرين يدوران حول الصخرة المشرفة. [9] تحتوي كل من الرقبة التي تحمل القبة والجدران الخارجية على نوافذ عدّة.

تحتوي كل من الجدران الخارجية الأربعة المواجهة للجهات الرئيسية الأربع (شمال، جنوب، شرق، غرب) على باب. وتغطى الواجهات الخارجية بألواح من الرخام في الأسفل وبلاطات خزفية من الأعلى. تعود هذه البلاطات لعهد السلطان العثماني سليمان القانوني، الذي أمر باستبدال الفسيفساء الزجاجية الأصلية في الفترة الواقعة بين عامي 1545و 1552م. كما جددت الألواح الرخامية عدة مرات. [10]

قبة السلسلة

تعتبر قبة السلسلة منشأة مشابهة لقبة الصخرة، غير أنها أصغر حجمًا. تقع شرق قبة الصخرة مباشرةً، وتتميز بمسقط مشابه مثمن الشكل، مسقوف بقبة، ومفتوح الجوانب. [11] بنيت من قبل الأمويين، وحولت إلى كنيسة صغيرة أثناء الحملات الصليبية. ثم أعاد الأيوبيون تحويلها إلى مصلى. ورممت من قبل الممالي العثمانيين. ورممت حديثًا من قبل المملكة الأردنية الهاشمية. ويذكر أنّ قطر قبة السلسلة 14م. [12]

بالإضافة إلى العديد من القباب الموجودة داخل الحرم الشريف مثل قبّة المعراج وقبة سليمان وقبة موسى وقبة يوسف آغا والكثير غيرها.

المآذن

مئذنة باب الغوانمة

قام القاضي الأيوبي شرف الدين بن عبد الرحمن بن الصاحب ببناء مئذنة بوابة بني غانم في 1297 ميلادية في عهد السلطان حسام الدين لجين. وهي مئذنة مربعة المسقط تقع بالقرب من بوابة بني غانم وتعتبر الأكثر تزيينًا من بين مآذن الأقصى. وهي أعلى مئذنة داخل الأقصى بارتفاعٍ يساوي 38.5 مترًا، ويوجد بداخلها درجٌ مكوّنٌ من 120 درجة.

أدى النفق الغربي الذي حفرته قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى إضعاف أساسات المئذنة، مما تطلب تجديدها في عام 2001م. [6]

الشكل 12: مئذنة باب الغوانمة

مئذنة باب المغاربة

قام القاضي المملوكي شرف الدين بن فخر الدين الخليلي ببناء مئذنة باب المغاربة في عام 1278 م بجوار باب المغاربة. المئذنة التي يبلغ ارتفاعها 23 مترًا هي أقصر مئذنة داخل المسجد الأقصى وتنتصب بدون أي تكون لها أيّ أساسات. تضرر الجزء العلوي من المئذنة في الزلزال الذي ضرب القدس عام 1922 ميلادية وتم إصلاحه من قبل المجلس الأعلى الإسلامي الذي أكمله بقبة، تمّت تغطتيها لاحقًا بصفائح من الرصاص من قبل الصندوق الهاشمي لترميم المسجد الأقصى وقبة الصخرة. [6]

الشكل 12: مئذنة باب المغاربة بواسطة المصور معتز توفيق اغبارية – عمل شخصي

مئذنة باب الأسباط/ مئذنة الصلاحية

تم بناء مئذنة باب الأسباط لأول مرة من قبل محافظ القدس سيف الدين قطلو باشا خلال عهد السلطان المملوكي الأشرف شعبان بجوار باب الأسباط، كما تسمّى المئذنة الصلاحية لوقوعها في جهة المدرسة الصلاحية الواقعة خارج الحرم الشريف [13]. كانت مئذنة مربعة الشكل حتى أمر العثمانيون بإعادة بنائها في عام 1599م في عهد السلطان محمد الثالث، مما يجعلها المئذنة الوحيدة ذات الشكل الأسطواني داخل الحرم الشريف. تم تجديد مئذنة االأسباط مرتين، الأولى في عام 1927م بعد تعرضها لأضرار بسبب زلزال، ثم في عام 1967م بعد تعرضها لأضرار بسبب الغارات الإسرائيلية.
أعادت لجنة المسجد الأقصى بناء المئذنة وغطت قبتها بألواح من الرصاص. [6]

الشكل 13: مئذنة باب الأسباط بواسطة المصور معتز توفيق اغبارية – عمل شخصي

مئذنة باب السلسلة

قام الأميرسيف الدين تنكز الناصري الحاكم المملوكي على الشام ببناء هذه المئذنة فوق الممر الشمالي للأقصى عام 1329 م بجوار باب السلسلة.
يمكن الوصول إلى المئذنة ذات المسقط المربع من خلال مدرسة الأشرفية باستخدام درج 80 درجة. وهي مبنية على قاعدة مربعة وتعلوها شرفة مغطاة على مجموعة من الأعمدة الحجرية. تم ترميم المئذنة من قبل المجلس الإسلامي الأعلى في عام 1922م بعد أن تضررت بسبب زلزال.

منعت القوات الإسرائيلية المسلمين من دخول واستخدام هذه المئذنة “لحماية المصلين اليهود” عند حائط البراق («الحائط الغربي»)، الذي تطل عليه المئذنة. [6]

الشكل 14: مئذنة باب السلسلة بواسطة المصور معتز توفيق اغبارية – عمل شخصي

حائط البراق

يمثل حائط البراق الجزء الجنوبي الغربي من جدار المسجد الأقصى، ويبلغ طوله حوالي 50 مترًا وارتفاعه حوالي 20 مترًا. وهو جزء من المسجد الأقصى ويعتبر من الممتلكات الإسلامية حيث أنه وفقًا لما ذُكر في التقاليد الإسلامية، فهو الجدار الذي ربط فيه النبي محمد (ص) البراقَ قبل أن يصعد إلى الجنة في رحلته من مكة إلى القدس (الإسراء والمعراج).
يطلق عليه الإسرائيليون اسم «حائط المبكى» أو «الحائط الغربي» أو «الكوتل»، ويدعون أنه الجزء المتبقي من هيكل سليمان.
في عام 1930، أكدت لجنة التحقيق البريطانية لتحديد الحقوق والمطالبات للمسلمين واليهود فيما يتعلق بحائط البراق أن الجدار ومعظم المنطقة المحيطة به تشكل ممتلكات للوقف الإسلامي.

تم إنشاء الساحة الواقعة اليوم أمام الجدار بعد الغزو الإسرائيلي للمدينة عام 1967م وشمل ذلك هدم حيي المغاربة بأكمله، مما جعل المئات من أبناء الحيّ بدون مأوى. [6]

الشكل 14: حائط البراق

لقراءة المزيد عن الحرم القدسي الشريف، تابع المقال: سلسلة العمارة الإسلامية: قباب الحرم القدسي الشريف

المصادر

  1. zamzam.com – history of al Aqsa
  2. middleeasteye.net – palestine al-Aqsa
  3. usnews.com – where is al aqsa mosque and why is it so important in Islam
  4. britannica.com – Al Aqsa Mosque
  5. madainproject.com – al aqsa mosque
  6. haramalaqsa.com
  7. Dome of the Rock (BiblePlaces.com)
  8. The Dome of the Rock (Qubbat al-Sakhra) – Smarthistory
  9. Dome of the Rock – Madain Project (en)
  10. Dome of the Rock – Discover Islamic Art – Virtual Museum
  11. Dictionary of Islamic Architecture (pdf)
  12. Dome of the Chain – Madain Project (en)
  13. alqudsgateway.ps

كيف تغير المركبات ذاتية القيادة مستقبل التنقل في المدن؟

هذه المقالة هي الجزء 11 من 18 في سلسلة كيف ستغير المدن الذكية من شكل عالمنا؟

يتطور تعريف المدينة الذكية باستمرار مع الأيام إلا أن بعض النقاط أصبحت واضحةً وثابتةً. فتسخِّر المدن الذكية التقنيات الحديثة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ICT لتحقيق الاستدامة، والتنمية، وتحسين نوعية حياة الأفراد. وتمثّل إدارة المرور والتنقل إحدى أهم الجوانب التي تركّز المدن عليها، إذ تقدّم خدمات أفضل للسكان بمساعدة الحسّاسات وانترنت الأشياء IoT. على سبيل المثال؛ تخفّف إشارات المرور الذكية الازدحام في ساعات الذروة، ويساعد كذلك الوقوف الذكي على إيجاد مواقف خالية للسيارات. ويستطيع الأفراد تتبّع مواقع الحافلات ومواعيد وصولها من خلال تطبيقات الهاتف المحمول.[1] تهتم اليوم الصناعات الذكية بتطوير المركبات ذاتية القيادة، ويعتقد الخبراء أنها ستصبح مستقبل التنقل الذكي، وركيزةً أساسيةً فيه. لأنها ستغيّر أسلوب حياتنا، ومفهومنا عن التنقل بشكل ثوريّ.

ما هي المركبات ذاتية القيادة؟

يقصد «بالمركبات ذاتية القيادة- an Autonomous vehicles» أي سيارة أو حافلة أو شاحنة أو مركبة أخرى، تستطيع القيادة من النقطة أ إلى النقطة ب دون تدخّل بشري، إضافةً إلى قدرتها على أداء جميع وظائف القيادة الضرورية. تُجهَّز هذه المركبات بأجهزة استشعار مختلفة لإدراك البيئة المحيطة. فتجمع البيانات، ومن ثم يعالجها حاسوب مُدمج في المركبة، لكي تستطيع التحرّك بشكل مستقل. [2]

تعتبر القيادة الذاتية واحدةً من أهم الابتكارات في العقود الأولى من القرن ال21، بسبب قدرتها على إحداث نقلة نوعية في نظام التنقل ضمن المناطق الحضرية وخارجها. وقد تسارع تطوير التقنيات المتعلّقة بالقيادة الذاتية خلال العقد الماضي بفضل إدخال الذكاء الاصطناعي AI في أنظمة القيادة. نتيجةً لذلك أصبحت المركبات أكثر “ذكاءً”، وقادرةً على الركن بنفسها -التموضع بجانب الطريق-، وتغيير سرعتها أو اتّجاه سفرها، والاستجابة للعقبات والتنبّؤ بها أثناء القيادة. [3]

مستويات المركبات ذاتية القيادة

تصنِّف SAE international -المعروفة سابقًا بجمعية مهندسي السيارات- المركبات ذاتية القيادة إلى 6 مستويات من الأتمتة المحدّدة والمتّفق عليها دوليًا. وتزداد استقلالية المركبة مع ازدياد المستوى.

  1. المستوى 0: يؤدي السائق جميع مهام القيادة، ولا تسيطر السيارة على عملية القيادة.
  2. المستوى 1: تُجهّز المركبة بنظام مساعد للسائق DAS. والذي يساعد السائق جزئيًا في ضبط السرعة، أو كبح الانحراف، أو الإيقاف الطارئ.
  3. المستوى 2: تجهّز المركبة بمزايا أكثر تقدّمًا بحيث يشرف DAS على التوجيه والتسارع والكبح في الظروف السهلة ضمن ظروف الرؤية الجيدة في النهار. لكن يجب على السائق الإشراف الكامل على القيادة، وأداء جميع مهام القيادة المعقّدة تقريبًا.
  4. المستوى 3: يستطيع النظام أداء جميع أجزاء مهام القيادة في بعض الظروف المثالية. لكن يجب على السائق أن يكون مستعدًا لاستعادة السيطرة عندما يطلب النظام منه ذلك. بعبارة أخرى، يجب على السائق أن يكون جاهزًا للانتقال الآمن بين القيادة الذاتية والقيادة البشرية في غضون ثوان قليلة. بسبب ذلك لا يسمح للسائق بالنوم أو إمالة مقعد القيادة بالكامل.
  5. المستوى 4: يمكن للمركبة أداء جميع عمليات القيادة بشكل مستقل في ظروف معينة. لا يلزم في هذا المستوى الجهوزية (اليقظة) من السائق في الشروط المعيّنة في المستوى السابق.
  6. المستوى 5: تتعاون في هذا المستوى التقنيات الحديثة مع المركبة. نتيجةً لذلك تستطيع القيادة في كل أحوال الطقس والإضاءة، وفي أي نوع من أنواع الطرق سواء داخل المدينة أو على الطرق السريعة، دون أي حاجة للتدخل البشري أو المراقبة. وستتمكن المركبات من الاتصال مع المركبات الأخرى والبنى التحتية من أجل الحصول على أحدث المعلومات عن حالة الطريق مقدّمًا (من ثوان إلى دقائق قليلة).[4][5][6]
مستويات المركبات ذاتية القيادة.

كيف تعمل القيادة الذاتية؟

تعد القيادة الذاتية مهمةً معقدةً تتطلّب دمج مجموعة متنوعة من التقنيات الذكية، لخلق رؤية بزاوية 360 درجة من محيط السيارة. من ثم تستخدم المركبة هذه المعلومات لاتّخاذ قرارات حول كيفية السير بأمان. وتحتاج المركبة إلى توافر:

  • أجهزة الاستشعار: تضمّ المركبة مجموعةً من الكاميرات وأجهزة استشعار المدى مثل radar وlidar، إذ توفر معلومات حول البيئة المحيطة بالمركبة مثل مواقع المركبات الأخرى والمشاة وحالة الطريق وغيرها من المعلومات.[7] يكشف الرادار عن سرعة ومسافة الأجسام. بينما ينشئ الليدار نموذجًا ثلاثي الأبعاد من محيط السيارة، ويستعمل للكشف عن الأجسام التي يصعب رؤيتها بالكاميرات أو الرادار مثل الأجسام الصغيرة أو المحجوبة جزئيًا.
  • اندماج المستشعر: يقصد بذلك عملية دمج البيانات من مجموعة المستشعرات. يساعد ذلك باكتشاف الأجسام والتنبؤ بالحركة للحصول على صورة شاملة عن محيط المركبة.[8]
  • التنبؤ بالحركة: وهو ضروري لمعرفة الحركة المستقبلية للأجسام المتواجدة في محيط المركبة.
  • تعلم الآلة: تستخدم المركبات خوارزميات تعلم الآلة لتحليل البيانات، واتّخاذ القرارات الحاسمة.
  • أنظمة التحكم: ترسل أنظمة التحكّم إشارات للمشغلات مثل عجلة القيادة، والمكابح، ومسرع السرعة لكي تخبرهم كيف يحرّكون المركبة وفقًا لقرار الخوارزمية.

تعتمد المركبات عمومًا على نظام تحديد المواقع الجغرافية GPS لتحديد موقعها، وتوجّهها. كما تستعمل خرائط عالية الدقة للتنقل في الطرق.[7]

صور الكاميرا الأمامية المجمعة في يوم صافي، وفي وقت الليل، وفي يوم ماطر، وفي موقع بناء.

هل بدأت المركبات ذاتية القيادة في الانتشار؟

يجري حاليًا تطوير المركبات ذاتية القيادة وستمر بعدّة خطوات حتى تصبح موثوقةً ومتاحةً تجاريًا في معظم الأسواق. ويتوقع الخبراء أنها ستتبع منحنى S وفقًا «لقانون روجر-Roger’s law» كما في الصورة.[9]

نمط التوزيع المتوقع للمركبات ذاتية القيادة وفقًا ل Roger’s law.

من الضروري أن ندرك مدى تعقيد إدارة مركبة ما على الطرق العامّة، بسبب كثرة التفاعلات مع أشياء غير متوقعة في أغلب الأحيان، مثل المشاة، وراكبي الدراجات، والحيوانات. وقد تفرض هذه المركبات تكاليفًا إضافيةً مرتفعةً بسبب الحوادث، أو حالات التأخير الممكنة لمستخدمي الطريق الآخرين. نتيجةً لذلك ستتمتع المركبات ذات المستوى 5 بمعايير اختبار أعلى من الابتكارات التقنية الأخرى. مما يؤدي إلى تأخير طرحها في السوق للحصول الموافقات اللازمة. في حال أثبتت هذه التقنية أنها غير موثوقة أو خطيرة، ستطلب الولايات القضائية اختبارات إضافية، وأذونات، ولوائح. مما سيؤدي إلى تفاوت في معدّلات التنفيذ والطرح في السوق وهو أمر متوقع أيضًا.[10]

وتشير التقديرات إلى أن طرح مركبات المستوى 5 سيبدأ عام 2030. ومن المرجّح أن يستغرق تشبّع السوق عدّة عقود، وقد يستمر بعض سائقي السيارات في اختيار المركبات التقليدية، بسبب تفضيلهم الشخصي، وانخفاض تكلفة الشراء.

يوضح الجدول تقدير التوقيت لإدخال السيارات ذاتية القيادة وانتشارها في السوق.

لكن يبقى تداول المركبات مرتبطًا بالأفراد حتى بعد التشبّع بالأسواق. لذلك قد تتسارع أو تتباطأ عملية الانتشار، وربما لن يتماثل انتشارها في كل البلدان أو القارات. ويتوقع بعض الخبراء أن يتأخر الانتشار إلى ما بعد عام 2040 بسبب التحديات التقنية والسياسية والاجتماعية. [11]

فوائد القيادة الذاتية في المدن الذكية

يعد النقل جزءًا أساسيًا من حياة الإنسان، ويؤثر على التعليم والعمل ووقت الفراغ والخدمات. وتجلب المركبات ذاتية القيادة فوائد كثيرة، ومنها:

  • السلامة، يتوقع الباحثون ارتفاع معدلات سلامة السائقين والمشاة، وانخفاض عدد الحوادث.[12]
  • تقليل الازدحام المروري والوقت اللازم للسفر، يعود الفضل بذلك إلى توحيد سرعة السفر لجميع مستخدمي الطرق مع زيادة سرعة عبور التقاطعات. حيث يمكن للمركبات الاتصال مع بعضها البعض، ومع البنية التحتية في الوقت نفسه. علاوةً على ذلك، تختار المركبات أفضل المسارات للرحلة من خلال التقنيات السحابية وإنترنت الأشياء.[13]
  • خفض الانبعاثات، حيث يقل استهلاك الوقود، والانبعاثات السامة في الغلاف الجوي للمدن الذكية، وتتحسن جودة الهواء.[14][15]
  • إمكانية الوصول، تتوفر خيارات تنقل أسهل وأفضل لمن لا يستطيع القيادة كالمسنين، وذوي الاحتياجات الخاصة. وتستطيع السيارات أيضًا الدخول إلى مناطق غير مخدومة، ولا تصلها وسائل النقل العام عادةً.[12][16]

تحديات وعوائق

ستغيّر القيادة الذاتية البيئة الحضرية، وستكون هذه التغييرات لا رجعة فيها. نتيجةً لذلك يجب علينا معرفة عواقب التطبيق لنتجنّبها، فنحصل على أقصى فائدة ونتغلب على التحديات. ونذكر بعض تلك التحديات:

  • تحديات تقنية، يلزم تطوير وربط عمل العديد من التقنيات، فلكي تتمكن السيارات من التعامل مع أي حالة مرورية يلزم الملايين من الكيلومترات التجريبية للقيادة في الحالات الخطرة كتساقط الثلوج أو الأمطار الغزيرة.[17]
  • مخاوف أخلاقية، ترتبط بوجود نقاط ضعف في أمن الفضاء الإلكتروني، مما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على المستوى الأمني للمدن.[12]
  • آثار سلبية على صحة الإنسان، بسبب نمط الحياة الخامل، فقد يعطي السكان أولويةً للقيادة الذاتية من أجل قضاء رحلاتهم القصيرة عوضًا عن المشي أو ركوب الدراجة.[18]
  • عقبات اقتصادية، بسبب كلفة الشراء المرتفعة، على الأقل في السنوات الأولى من الانتشار. وتدرس المدن الذكية إدخال الحافلات ذاتية القيادة في خدمة النقل العام، بالتالي تحل مشكلة عدم قدرة تحمّل تكلفة امتلاك مركبة خاصة.[19]
  • عدم تقبّل وثقة الناس لفكرة القيادة الذاتية.

تأثير المركبات ذاتية القيادة على التخطيط العمراني

التحضر

يعتقد الخبراء أن إدخال القيادة الذاتية في التنقل الذكي قد يؤدي إلى زيادة أهمية المناطق السكنية في الضواحي. والتي يكون سعرها عادةً أخفض في السوق عن تلك المتواجدة في المركز. حيث تسهّل المركبات ذاتية القيادة إمكانية الوصول للمناطق التي تعذر الوصول إليها سابقًا. مما يؤدي في نهاية المطاف إلى ازدياد الزحف العمراني للمدن، وانخفاض كثافة البناء. إضافةً إلى ذلك، تنعكس الآثار كذلك على المناطق الريفية، بفضل تحسُّن النقل العام والخاص على حدّ سواء.[20][21]

توضح الصورة تأثير المركبات ذاتية القيادة على كثافة البناء، بينما تشير الأسهم الحمراء إلى امكانية الوصول.
توضح الصورة تأثير القيادة الذاتية على نظام النقل الحضري.

البنية التحتية للطرق

تؤثر المركبات ذاتية القيادة على استعمال الحيّز المكاني للطرق، والبنية المادية لها. مثلًا ستقضي القيادة الذاتية على الخلاف الحالي بين سائقي المركبات والمشاة. ويتوقع الخبراء أن يتوسّع الحيّز المخصص للمشاة مع إمكانية إزالة الفصل المادي بين السيارات والمشاة. علاوةً على ذلك سيقل عرض الممرات، وستلتغي أماكن وقوف السيارات على طول الرصيف.[21]

توضح الصورة التحول المفترض لمقطع الطريق بعد انتشار القيادة الذاتية.
صورة لافتراض مسار أكثر كفاءة بفضل تطوير القيادة الذاتية.

المستوى المحلي

تؤثر القيادة الذاتية على التنمية السكنية وسط المدينة والضواحي على حد سواء. إذ مع انتشارها الكامل سيكون من الممكن تحرير العديد من الساحات المستخدمة من قبل السيارات حاليًا. والتي سيعاد تكييفها، وإعادة استخدامها لوظائف أخرى.[21]

على سبيل المثال؛ توجد عادةً مساحات لوقوف السيارات بالقرب من المنازل الخاصة، وستقل الحاجة إليها عند انتشار المركبات ذاتية القيادة. نتيجةً لذلك يمكننا تحويل مواقف السيارات المجاورة للمنازل إلى ممرات للمشاة أو للدراجات. يساعد كذلك إلغاء المرآب الخاص على توسُّع المنزل، فيستطيع المالك استغلال المساحة لوظائف أخرى.[22]

تأثير المركبات ذاتية القيادة على الضواحي ذات الكثافة المنخفضة.

أما بالنسبة للمباني السكنية متعددة الطوابق، فيمكن الاستغناء عن المواقف الموجودة تحت الأرض. ونستطيع بدل ذلك بناء مواقف كبيرة مستقلة تقع في أماكن خارجية يسهل الوصول إليها. إذ سيتمكن مالك السيارة الاتّصال مباشرةً بسيارته عن طريق تطبيق مثبت على هاتفه المحمول لتأتي إليه من موقفها.[22]

تأثير المركبات ذاتية القيادة على المناطق السكنية عالية الكثافة.

نظرة مستقبلية

سيكون إدخال القيادة الذاتية إلى التنقل الذكي بطيئًا وتدريجيًا. ولا شكّ من أنه سيحدث ثورةً جذريةً على طريقة حياتنا، وسيغير أيضًا التخطيط العمراني للمدن. لكن في نهاية المطاف سيتعلق نجاحه بالفرد ومدى تقبله للتقنية. فدعنا نتخيل لبرهة أنك تمتلك سيارةً ذاتية القيادة، فهل ستثق بقراراتها وتدعها تأخذك في رحلاتك، أم أنك تفضل القيادة بنفسك؟

المصادر

  1. MDPI
  2. IEEE
  3. IEEE
  4. Springer
  5. ResearchGate
  6. ResearchGate
  7. arXiv
  8. arXiv
  9. Semanticsholar
  10. ResearchGate
  11. IEEE
  12. arXiv
  13. MDPI
  14. MDPI
  15. Semanticsholar
  16. MDPI
  17. IEEE
  18. Science direct
  19. MDPI
  20. ResearchGate
  21. ResearchGate
  22. Science direct

سلسلة العمارة الإسلامية: قصر الأخيضر

اشتهر العباسيون باهتمامهم بالعلوم والفنون والعمارة، وبنائهم لمدنٍ جديدةٍ وجوامعَ وقصور، أشهرها قصر الأخيضر، وفي هذا المقال، سنستكشف الخلفية التاريخية لقصر الأخيضر وعناصره المعمارية، بالإضافة إلى أهميته وتأثيره على العمارة الإسلامية والعمارة في الغرب.

تاريخ وموقع قصر الأخيضر

قصر الأخيضر موقعٌ تاريخي مهمٌّ يقع في محافظة كربلاء ، العراق. وقد شيّد بين عامي 774 و 775م على يد عيسى بن موسى ، ابن شقيق الخليفة العباسي السفاح [1] [2]، وهوعبارة عن هيكل كبير مستطيل الشكل يتميز بأسلوب دفاعي فريد ويتمثل الابتكار المعماري العباسي في نمط بناء أفنيته ومساكنه ومسجده بالإضافة إلى كونه نقطة مهمة على الطرق التجارية [1] وكان القصر يتألف من مجمع سكني محصن يحتوي على قاعات وأفنية وشقق سكنية ومسجد. [3]

بنية القصر

الشكل 1: مسقط قصر الأخيضر [4]

كما نرى في المسقط فإنّ القصر يتألف من كتلتين داخل السّور وهما قصرٌ وملحق به، ويقع المدخل الرئيسي للقصر في الجهة الشمالية، تليه قاعة كبيرة تفضي إلى الفناء المركزي، والذي يحاط ببيوتٍ (مجموعات من الغرف تمثّل كلّ مجموعةٍ منها مسكناً واحداً، أو بيتاً) كما في القصور الأموية، بالإضافة لقاعة العرش التي تقع في الجهة الجنوبية من الفناء، ويظهر في المسقط وجود أبراجٍ متصلة بسور المجمّع بالإضافة إلى أبراجٍ على الجدار الخارجي للقصر.

ويتمّ الوصول إلى الطابق العلوي بواسطة منحدرات (رامبات) توجد بزاوية قائمة على جانبي البوابة، بالإضافة إلى وجود اسطبل يمين المدخل الرئيسي من الجهة الغربية. [4]

الابتكارات المعمارية في قصر الأخيضر

تمّ بناء أوّل قبة مقسّمة إلى أخاديد في قصر الأخيضر، والتي تمّ تبنّيها لاحقاً وبناؤها في جامع القيروان الكبير [1][3]
. وشوهدت الأقواس المدببة التي استُخدِمت في مقدمة القصر في وقت لاحق في المسجد الأقصى والمباني العباسية الأخرى [3] مثل مقياس النيل ومسجد ابن طولون في القاهرة. كما أصبحت المحاريب المصمتة من العناصر الأساسية للتزيين والزخرفة في العمارة الإسلامية بعد أن تمّ استخدامها في قصر الأخيضر [3] وتم تطوير التقنية الدفاعية للقصر، والمعروفة باسم chemin de ronde، وهو ممشى جداري أو ممرٌّ محميٌّ مرتفع خلف سور القصر من الاعلى، وتم بناؤها على طول الأسوار الخارجية بالإضافة إلى استخدام مرامي السهام في سور القصر [3]، وهي شقوق طولية كان يتمّ إطلاق الأسهم منها مع توفير الحماية لرامي السهام الذي يقف خلفها.

الشكل 2: البوابة الشمالية (الرئيسية) لقصر الأخيضر وتظهر في الصورة المحاريب المصمتة على جانبي البوابة بالإضافة إلى شقوق رمي السهام والأبراج نصف الدائرية
الشكل 3: استخدام الأقواس المدببة في عناصر القصر المختلفة ويظهر في الصورة الممر الدفاعي “chemin de ronde”

الأقواس المدببة

كان قصر الأخيضر أول مبنى استُخدم فيه القوس المدبب بشكل منتظم [5]. يتمتع القوس المدبب بميزة معمارية كبيرة من حيث أنه يقوم بتركيز الحمولات المرتكزة عليه على نقطة عمودية، بحيث يمكن دعم المزيد من وزن المبنى من الخارج، عادةً باستخدام الدعامات أو الأكتاف [6] وهي هياكل معمارية مبني على أو بارزة من الجدران وتعمل على دعم أو تقوية الجدار بدلاً من الجدران والأعمدة الداخلية. و قد مكّن القوس المدبب من تقليل الحمولات الجانبية على الأساسات وسمح ببناء مبانٍ أكثر ارتفاعًا [8] . ويعتبر القوس المدبب أيضًا أقوى من الأقواس الدائرية رومانية المنشأ والتي كانت تستخدم سابقًا [8] . أثر استخدام الأقواس المدببة في قصر الأخيضر على تطور العمارة الإسلامية وتم اعتمادها لاحقًا في المباني الأخرى، مثل المسجد الأقصى [5] [6] [8] . أصبح القوس المدبب سمة مميزة للمباني الإسلامية ثمّ انتقل وتمّ استخدامه في العمارة القوطية في أوروبا [7] [8]، حيث استخدمت العمارة القوطية القوس المدبب لإنشاء مبانٍ أطول وأكثر رشاقة، مع تحميل ثقل المبنى على الأقواس المدببة والقبوات المتصالبة. [7]

المصادر

  1. muslimheritage.com – the palaces of ukhaidir
  2. muslimheritage.com – ukhaidir palace
  3. fairbd.net – abbasid architecture through its iconic monuments
  4. Dictionary of Islamic Architecture
  5. muslimheritage.com – the pointed arch
  6. classroom.synonym.com – the evolution of islamic arches
  7. mei.edu – How islamic architecture shaped europe
  8. latimes – Newsletter: Essential Arts: What Europe’s Gothic architecture took from Islamic design
  9. lumenlearning.com – gothic architecture

7 تقنيات تغزو المدن الذكية فما هي؟

هذه المقالة هي الجزء 2 من 18 في سلسلة كيف ستغير المدن الذكية من شكل عالمنا؟

تستخدم المدن الذكية التقنيات المتطورة والابتكارات الحديثة، وتدمج البنية التحتية المادية مع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ICT وموارد المعرفة. يهدف ذلك إلى تعزيز التقدّم الاقتصادي، وتحسين نوعية حياة الأفراد، وضمان الاستدامة. فتعتمد المدن الذكية على مجموعة من الأدوات والتقنيات لكي تحقق أهدافها الأساسية، وتتصدى لمختلف التحديات التي تواجهها في نفس الوقت كالنمو السكاني والتلوث والازدحام. فما أمثلة تقنيات المدن الذكية؟

تقنيات المدن الذكية

تعد تقنيات المدن الذكية مصطلحًا واسعًا يشمل مجموعةً متنوعةً من التقنيات والاستراتيجيات القائمة على البيانات. تهدف المدن الذكية إلى تحسين نوعية حياة المواطنين، وجعل العمليات الحضرية أكثر كفاءة.[1] تسعى تقنيات المدن الذكية إلى تحقيق التكامل بين البنى التحتية المتقدّمة والتقنيات الحديثة لزيادة “ذكاء” المدن. قد يكون مصطلح “ذكاء” المدن غريب بعض الشيء لكنه المقصود ومرتبط بالذكاء الاصطناعي وهذا ما سنراه.

تضم هذه التقنيات العديد من الأنظمة والابتكارات مثل البرمجيات التطبيقية، ونظام تحديد المواقع GPS، وسلسلة الكتل Blockchain. عمومًا ينبغي على المدن الذكية ربط هذه النظم والأدوات ببعضها، وجمع عملها ونتائجها، لتوفير خدمات فعّالة للمواطنين. وهذا هو المقصود بـ “ذكاء المدن”.[2]

1. تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ICT

تشمل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ICT أي جهاز اتصال أو تطبيق يعمل على جمع المعلومات ومعالجتها وتخزينها واسترجاعها ونشرها. بما في ذلك الراديو، والتلفاز، والهاتف المحمول، والبرمجيات، وأنظمة الاتصالات القائمة على الأقمار الصناعية، وغيرها الكثير. تساهم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تطوير العديد من المجالات كالتعليم، والرعاية الصحية، والأعمال التجارية، وتعتبر أساس النمو والتنمية. [3]

تطبق المدن الذكية ICT في مجال الحوكمة الإلكترونية. حيث يمكن للمواطنين استعمال الانترنت للوصول إلى خدمات حكومية أو خدمات القطّاع الخاص. مما يقلل الحاجة للذهاب إلى المكاتب والفروع، فيخفف الازدحام في الدوائر الحكومية، ويسهل تنفيذ الأعمال على المواطنين. على سبيل المثال؛ استعمال ICT لتجديد رخصة القيادة وتسجيل الأعمال التجارية.[4]

2. المستشعرات

المستشعرات هي أجهزة تكشف وتستجيب وتقيس المؤثرات الفيزيائية مثل الضوء، والصوت، ودرجة الحرارة، والضغط، والحركة. وتحوِّل البيانات إلى إشارات يمكن قراءتها من قبل مراقب أو أداة، وتعتمد المدن الذكية عليها عادةً لجمع البيانات. تعمل المستشعرات في مراقبة حركة المرور، ومستوى الضوضاء، والحالة الفيزيائية للطرق والجسور والمباني، وذلك من أجل الكشف عن الأعطال في الوقت المناسب ومعالجتها.

تضم أجهزة الاستشعار العديد من الأنواع ومنها المستشعرات الحرارية التي تقيس درجات الحرارة، وتستعمل عادةً في أجهزة إنذار الحرائق. وكذلك المستشعرات اللاسلكية التي تستطيع التواصل لاسلكيًا مع أجهزة أخرى مثل الهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب ويشاع استخدامها في انترنت الأشياء.[5][6] تكشف أجهزة استشعار إشغال المباني عن وجود أو عدم وجود أشخاص في غرفة أو مبنى ما، وتستعمل غالبًا في أنظمة التشغيل الآلي التي تتحكم في الإضاءة وأنظمة التدفئة والتكييف والتهوية. وتكشف المستشعرات الموجودة في الكاميرات أيضًا عن الحركة في المباني وتستعمل لأغراض أمنية.[7]

صورة توضح عمل المستشعرات اللاسلكية

3. البيانات الضخمة Big data

تشير البيانات الضخمة إلى مجموعات البيانات الكبيرة أو المعقدة التي لا نستطيع التعامل معها بواسطة البرمجيات التقليدية. وتتسم البيانات الضخمة ب3 قيم:

  • الحجم، تولد التجارة الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي كميات كبيرة من البيانات.
  • التنوع، تتخذ البيانات العديد من الأشكال المختلفة مثل البيانات المنظمة في قواعد البيانات التقليدية، والبيانات غير المنظمة من المستشعرات ووسائل التواصل الاجتماعي كالصور والمستندات ومقاطع الفيديو.
  • السرعة، تتولد بيانات جديدة بوتيرة سريعة. [8]

تعتمد المدن على البيانات الضخمة وتربطها مع تقنيات المدن الذكية الأخرى التي تجمع وتعالج وتحلل هذه البيانات. وذلك من أجل اتخاذ القرارات ووضع الخطط المستقبلية بشكل أفضل. [9]

4. تحليل البيانات Data analytics

يقصد بتحليل البيانات عملية فحص مجموعات ضخمة ومعقدة من البيانات. بهدف الكشف عن الأنماط الخفية، والعلاقات المتبادلة، وتوجه السوق، وتفضيلات العملاء، وغيرها من المعلومات التجارية المفيدة. [10] يرتكز تحليل البيانات على اتباع الأساليب الإحصائية والحسابية لدراسة البيانات واستخلاص النتائج المستخدمة لاتخاذ القرارات الحاسمة.[11]

يقسم تحليل البيانات إلى عدّة فئات رئيسية. ومنها:

  • التحليلات الوصفية، تركز على تلخيص وتصور ما حدث في الماضي. وتستخدم لتحديد الاتجاهات والأنماط والعلاقات.
  • التحليلات التشخيصية، تهدف إلى تحديد أسباب حدوث الأنماط المعينة، وتساعد في معرفة الأسباب الجذرية للمشاكل، أو لفهم العوامل المساهمة في النجاح.
  • التحليلات التنبؤية، تعتمد التحليلات التنبؤية على النماذج الإحصائية للتنبؤ بما سيحدث في المستقبل. تتنبأ هذه التحليلات بالطلبات، وتحدد المخاطر، أو تتخذ قرارات بشأن الاستثمارات المستقبلية.
  • التحليلات الإرشادية، تحدد هذه التحليلات أفضل مسار للعمل لتحقيق النتائج المرجوة. [12]

يعتبر تحليل البيانات من أبرز تقنيات المدن الذكية، فمن خلال فهم الماضي والحاضر بوسعنا إنشاء مستقبل أفضل. ويتداخل كذلك في عدّة سياقات مثل الذكاء الاصطناعي. ,تُعرَّف الشبكات العصبية الاصطناعية ANNs على أنها نوع من خوارزميات تعلم الآلة المعتمدة على تحليل البيانات. إذ استُمد تصميم الشبكات العصبية من بنية الدماغ البشري. ويمكن تدريبها للتعرف على الأنماط في مجموعات البيانات، ويستفاد منها في تطبيقات كثيرة مثل التنبؤ بشدة الحوادث.[11]

5. الذكاء الاصطناعي AI

يختلف تعريف الذكاء الاصطناعي تبعًا لمجال الدراسة. لكن عمومًا هو فرع من أفرع الحاسوب يهتم ببناء آلات ذكية قادرة على أداء المهام التي تتطلب عادةً الذكاء البشري مثل اتخاذ القرار، وترجمة اللغات، والتعرف على الكلام. [13] تعرِّف المدن الذكية الذكاء الاصطناعي على أنه الذكاء الذي يظهره كيان اصطناعي بحيث يكون قادرًا على إدراك محيطه ويتخذ إجراءات تقلل من التدخل البشري، وتحقق أهدافه بنجاح في نفس الوقت.

يعمل الذكاء الاصطناعي مع تقنيات المدن الذكية الأخرى في المنزل الذكي لكي يطوّر حياة السكان. على سبيل المثال؛ يقوم بأتمتة المهام كالتحكم بالإضاءة، ودرجات الحرارة. إضافةً إلى ذلك، يدمج الذكاء الاصطناعي نظام التعرف على الوجه في نموذج المنزل الذكي. يساعد ذلك في تحديد إذا ما كان الشخص الموجود في المنزل مقيمًا أو شخصًا غير معروف. من ثم يرسل نظام الإخطار الآلي -الذي يستخدم نظام تلغرام بوت- إشعار إلى صاحب المنزل في حالة دخول شخص مجهول إلى المنزل. كما يوفر التطبيق خيارات إضافية للمستخدم من أجل اتخاذ مزيد من الإجراءات الوقائية كإبلاغ الشرطة مثلًا أو إغلاق الأبواب. [14]

6. تعلم الآلة Machine Learning

يعد تعلم الآلة مجالًا سريع النمو، يتقاطع مع علوم الحاسوب والإحصاء، وهو فرع من فروع الذكاء الاصطناعي يركز على تمكين أجهزة الحاسوب من تحسين أدائها تلقائيًا من خلال الخبرة. يحدث ذلك عادةً عن طريق دراسة وبناء خوارزميات التعلم المعتمدة على تحليل البيانات، وبناء نماذج لتمثيل العلاقات بين البيانات المدخلة والمخرجات المطلوبة.[15]

يستعمل تعلم الآلة بطرق مختلفة لتعزيز تطبيقات المدن الذكية، على سبيل المثال؛ يساعد في تحقيق الأمن السيبراني. حيث يتزايد خطر التهديدات الإلكترونية مع نمو شبكات المدن الذكية، ويكشف تعلم الآلة عن تهديدات الأمن السيبراني ويمكن أن يحدد الشذوذ ويمنع الهجمات الإلكترونية بفاعلية في الوقت المناسب. مما يحافظ على أجهزة انترنت الأشياء والبنية التحتية آمنة. [16]

7. انترنت الأشياء IoT

يعد انترنت الأشياء IoT من أهم تقنيات المدن الذكية، والركيزة الأساسية لمجالاتها ال8 الذكية، وهي: الحوكمة، والرعاية الصحية، والبيئة، والاقتصاد، والصناعة، والتنقل، المعيشة والبنية التحتية، والطاقة. ,يشير IoT إلى شبكة عملاقة تربط الأشياء والأشخاص بالانترنت وببعضها البعض وتسمح بجمع وتبادل ومعالجة البيانات. يهدف عمومًا إلى تحديد المواقع، والتتبع، والمراقبة، والتعرف الذكي، والإدارة، إضافةً إلى ربط الأجهزة الذكية ببعضها مثل المستشعرات.[17]

انترنت الأشياء IoT

تطور تقنيات المدن الذكية

تحقق المدن الاستفادة القصوى من التقنيات الذكية عندما يتكامل عملها. ويتنامى اليوم تطوير تقنيات المدن الذكية بسرعة مذهلة، فالأدوات المذكورة سابقًا ليست إلا جزءًا من الكثير من التقنيات. وستؤثر بشكل جذري على أسلوب حياتنا ومدننا في المستقبل. وتعد هذه التقنيات والأدوات حصيلة تقدّم البشرية. فمن مدينة أوروك السومرية أول مدينة في العالم المبنية باللبن إلى المدن الذكية اليوم، ومن التطبيق الذي تقرأ منه هذه المقالة إلى الروبوت الذي يجري العمليات الجراحية، يمكنك تخيل حجم هذا التطور.

المصادر

  1. Semanticsholar
  2. IGI global
  3. ResearchGate
  4. semanticscholar
  5. ResearchGate
  6. semanticsholar
  7. MDPI
  8. SAGE
  9. Cornell University
  10. semanticsholar
  11. ResearchGate
  12. National Library of medicine
  13. IJCMAS
  14. IEEE
  15. MDPI
  16. National library of medicine
  17. ResearchGate

كيف تطور نماذج الذكاء الاصطناعي AI المنزل الذكي؟

هذه المقالة هي الجزء 7 من 18 في سلسلة كيف ستغير المدن الذكية من شكل عالمنا؟

تعد المباني الذكية ببداية عصر جديد من المفاهيم المعمارية. إذ تدمج عمل أجهزة الاستشعار، والبيانات الضخمة، وانترنت الأشياء IoT، والذكاء الاصطناعي AI لكي تحسّن نوعية حياة الأفراد. يعمل الذكاء الاصطناعي في المنزل الذكي لكي يسهّل الوظائف المنزلية ويريح السكان ويخفّض استهلاك الطاقة.

دمج الذكاء الاصطناعي في المنزل الذكي

المنزل الذكي هو مسكن مجهّز بأحدث التقنيات التي تسمح بالتشغيل الآلي عن بعد لإدارة مختلف المعدات والوظائف المنزلية. ويعطي التخطيط الاستراتيجي في المدن الذكية أولوية عليا لتطوير المنازل الذكية.[1] يستخدم مصطلح الذكاء الاصطناعي AI لوصف مجموعة من الأنظمة المحوسبة التي تنفذ وظائف عادةً ما يقوم بها البشر. كما أنها تصل إلى مستويات شبيهة بالإنسان من حيث الاستشعار، والمنطق، والتفاعل، والتعلم وقد تقترب أو حتى تتجاوز الذكاء البشري.[2]

في الوقت الحالي يطور الذكاء الاصطناعي تكنولوجيا المنزل الذكي، ويأخذها إلى مستوى جديد تمامًا. فيستطيع إنشاء نموذج سلوكي من البيانات التي جمعتهما الأجهزة الذكية. أو بعبارة أخرى، يستطيع الذكاء الاصطناعي عمل الوظائف المنزلية بشكل آلي وفقًا لتفضيلات أصحاب المساكن.[3]

أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في المنزل الذكي

تجعل الأجهزة والأنظمة المتعددة من المنزل الذكي بيئةً مثاليةً لاختبار برامج الذكاء الاصطناعي. فتستطيع نماذج الذكاء الاصطناعي تخصيص التجارب، أي تضبط الأجهزة حسب حاجة الأفراد لأنها تتعلم من السلوك البشري. بالتالي تحقق تجربة حياة هادئة وممتعة وخاصة لكل مالك منزل ذكي.

يدير الذكاء الاصطناعي الوظائف في المنزل بآلية مبتكرة لزيادة السلامة والراحة والكفاءة. ويمتلك القدرة على أتمتة مهام متعددة، مثل تغيير مستويات الإضاءة، والألوان، ودرجات الحرارة والرطوبة. ويعتمد بذلك بالطبع على تفضيلات المستخدم.[4]

يستعمل الذكاء الاصطناعي كذلك في التصميم الذكي للحفاظ على الطاقة بمساعدة خوارزميات تعلم الآلة. فيقوم بجمع البيانات من أجهزة الاستشعار، من ثم يقيّمها لكي يطور لاحقًا أنظمة لإدارة الطاقة خاصة بكل مالك منزل.

تغييرات معمارية

لكي يحوّل الخبراء المنزل العادي إلى منزل ذكي يجب عليهم دمج حلول التكنولوجيا العالية -مثل خطوط نقل البيانات وشبكات الاستشعار- في المساحة المعمارية المبنية سابقًا أو التي تبنى حاليًا. ولايزال يتعيّن على المعماريين القيام بعمل مكثّف فيما يتعلق بتعديلات التصميم المعماري حتى يستوعب متطلبات نمط الحياة الجديدة. فقد يتغير الحجم، والشكل، والعلاقة بين الفراغات. بالطبع يساعد الذكاء الاصطناعي المعماريين في عمليات التصميم كثيرًا. فتخلق النماذج الأولية الافتراضية المزيد من الإمكانيات والحلول لترتيب الغرف والمساحات في المنازل الذكية.[5]

ما هي مجالات الذكاء الاصطناعي في المنزل الذكي؟

يساعد الذكاء الاصطناعي المنزل الذكي في إدارة الأنظمة التالية:

  • الخدمات الأساسية كالكهرباء، والماء، والتكييف.
  • السلامة العامة مثل كشف التسلسل، والإنذارات، وإغلاق النوافذ والأبواب.
  • الأجهزة الإلكترونية والراحة مثل التلفاز، والبراد، والغسالة، وتزود عادةً بخاصية للتحكم بها عبر الانترنت.
  • الصيانة العامة مثل فحص أداء الأجهزة المنزلية، وتقديم إشعارات بشأن الأخطاء، والرصد، والإدارة العامة.
  • الطاقة كالتحكم في مصادر الطاقة البديلة.[2]
مجالات تطبيق الذكاء الاصطناعي في المباني الذكية

كيف تحافظ نماذج الذكاء الاصطناعي على الأمن في المنزل الذكي؟

تضع العديد من الدراسات الاعتبارات الأمنية كعامل رئيسي عند تصميم المنازل الذكية. وتضم أجهزة الإنذار الذكية، وأجهزة الاستشعار، والأقفال الذكية، والكاميرات، وغيرها الكثير. فتحمي التكنولوجيا الحديثة حياة الناس وأعمالهم ومنازلهم عن طريق نشر نظام حماية فعّال لمراقبتهم.[6]

تصدر معظم الأنظمة الأمنية الشائعة إنذارًا فقط بعد الاختراق عند حدوث اقتحام ما أو حريق أو تسرّب غاز أول أكسيد الكربون. بذلك يتلقّى الفرد تحذيرًا حالما يفوت الأوان على فعل شيء. لكن يطوّر الباحثون أنظمة وأقفالًا ذكية وأجهزة استشعار تعمل معًا في المنزل الذكي لإرسال التحذيرات في الوقت المناسب. وتعمل هذه التطبيقات مع البنية التحتية الموجودة، ويمكن استعمالها من أي جهاز محمول مما يسهّل عمليات الرصد. على سبيل المثال؛ ترسل التطبيقات إنذارًا إذا تركت بابًا أو نافذةً غير مقفلة أو حتى مفتوحة جزئيًا مما يبقي الدخلاء خارجًا. يستفيد كذلك الآباء من أجهزة استشعار الحركة في المنزل لمعرفة أن أطفالهم لا يقعون في ورطة.[7]

نظام التحكم الصوتي

يستطيع سكان المنزل الذكي التحكم بالأضواء، والستائر، وأقفال الأبواب والنوافذ في منازلهم باستخدام أصواتهم فقط. بل قد يتحكموا بها سويًا ببساطة من خلال عبارة واحدة مثل “أنا في المنزل” أو “تركت المنزل”.

تؤثّر الإضاءة في الأماكن المغلقة على رفاهية ومزاج وسلوك الناس، لذلك ركز عليها الخبراء أثناء تصميم المنازل. ويحتاج الفرد للتحكم الصوتي في الضوء إلى: الانترنت، ومساعد صوتي، ونظام منزلي ذكي متصل.[8]

التحكم الصوتي للضوء في نظام المنزل الذكي

المراقبة عن بعد والمراقبة بالفيديو

ازداد باطّراد عدد المنازل المزودة بكاميرات عالية الدقة خلال العقدين الماضيين. والتي تساعد على المراقبة وكشف التغييرات وغيرها. غالبًا ما تحتاج خوارزميات الذكاء الاصطناعي إلى معرفة ما يجب البحث عنه والتعرف عليه أو فهمه مسبقًا. على سبيل المثال؛ يمكن للآباء مراقبة منازلهم أثناء عملهم، فيتلقوا إشعارًا على الهاتف عندما يصل الأطفال من المدرسة. كما يمكنهم اختلاس النظر للتحقق من قيام أطفالهم بالواجبات المنزلية، أو إدارة الأدوية في حال وجدت. تعد أيضًا كاميرات الأبواب الأمامية التي تنقل الصوت والصورة في الاتجاهين وسيلةً رائعةً للتواصل حتى لو كان المالك خارج المنزل يستطيع التحدث من خلال تطبيق على الهاتف. [9]

تحديات وعوائق

يشكل بناء المنازل الذكية تحديًا، كما يواجه تطبيق الذكاء الاصطناعي في المنزل الذكي العديد من الصعوبات التي تحتاج إلى دراسة وتدخّل. ومنها:

  • التكلفة المرتفعة.
  • قد يشكل جمع البيانات تهديدًا على الأفراد من عدّة نواحي مثل انتهاك الخصوصية، أو الجرائم المرتبطة بتسريب البيانات.
  • يعد الحصول على الموافقات وقابلية تبادل المعلومات بين الأنظمة والأجهزة المتنوعة من الصعوبات الكبيرة التي تواجهها المنازل الذكية. تتواجد اليوم الكثير من الشركات المصنعة التي تطوّر الأجهزة والتقنيات الذكية، ويضم المنزل أجهزة متنوعة من مصادر مختلفة. بسبب ذلك يصبح من الصعب دمج آليات وأساليب عملها مع بعضها البعض.
  • يعتبر إعداد وصيانة نماذج الذكاء الاصطناعي مرهقًا لأصحاب المنازل والمحترفين أيضًا بسبب تعقيدها.
  • يحتاج المستخدمون إلى توضيح كبير بشأن كيفية إدارة منظمات الحرارة، والتحكم في استخدام الطاقة عمومًا.[10]

توضع الآن معايير وبروتوكلات صناعية لمعالجة هذه التحديات، لضمان مستوىً عالٍ من التوافق والتشغيل المتبادل بين النظم المنزلية. وأصبحت هذه الجهود ممكنة بفضل التقدّم السريع للذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة. في نهاية المطاف لن تستحوذ التقنيات المنزلية الذكية على اهتمام الجمهور إلا إذا رأى المشتري الجوانب الإيجابية، وقبل بعض المخاطر.[1]

مستقبل الذكاء الاصطناعي AI في المنزل الذكي

لايزال الذكاء الاصطناعي في طور النمو، لكنه يمتلك القدرة على إحداث ثورة في الطريقة التي نعيش بها في منازلنا. فيستطيع المنزل الذكي تغيير سلوكه كرد فعل على ما يحيط به. ويمكننا أن نتوقع رؤية المزيد من السبل المبتكرة والمتطورة لاستعمال الذكاء الاصطناعي من أجل تحسين جودة حياتنا. برأيك كيف سيتصرف منزلك الذكي المستقبلي؟

المصادر

  1. Science direct
  2. MDPI
  3. Science direct
  4. ResearchGate
  5. ResearchGate
  6. ResearchGate
  7. MDPI
  8. science direct
  9. MDPI
  10. Science direct

سلسلة العمارة الإسلامية: جامع القيروان الكبير

يعد جامع القيروان الكبير أو جامع عقبة بن نافع، الواقع في مدينة القيروان في تونس، من أقدم المعالم الإسلامية وأكثرها أهمية في العالم. يمتاز بتاريخٍ غنيٍّ يمتد لأكثر من 13 قرنًا، كان بمثابة مركزٍ للعبادة والتعلم والثقافة لأجيال من المسلمين. وقد جذبت عمارته الرائعة وتصميمه المعقد الزوار من جميع أنحاء العالم. في هذا المقال سوف نستكشف تاريخ وأهمية جامع القيروان الكبير.

بناء جامع القيروان

بدأ بناء جامع القيروان الكبير عام 670 م، بعد أمر من القائد العربي عقبة بن نافع الذي أسس مدينة القيروان كقاعدة عسكرية [1]. بنِي المسجد في موقع كنيسة مسيحية سابقة. وقد كان الهدف منه أن يكون رمزًا لقوة الإسلام المتنامية في شمال إفريقيا. خضع المسجد على مرّ القرون للعديد من التجديدات والتوسّعات، أضاف كلٌّ منها إلى أهميته المعمارية والثقافية [2].

بعد التجديدات التي أجراها حسن بن النعمان في عام 703م، والتوسعات في عهد الحاكم بشر بن صفوان722 – 728م، وتجديد آخر في عهد يزيد بن حاتم في عام 772م، أعيد بناء المسجد بالكامل من قبل الأمير الأغالبي زيادة الله الأول عام 836م، وعندها اتخذ أبعاده الحالية [3].

بنية جامع القيروان

يشغل المسجد مساحة تزيد عن 9000 متر مربع [2] ، وينقسم إلى صحنٍ -ذو بعدي 67×52 م- وحرم، وهو محاطٌ من الجهاتِ الأربع برواقٍ ذي صفوفٍ مزدوجة من الأقواس تتخذ شكل حدوة حصان. يُدعَم الرّواق بأعمدة من أنواعٍ مختلفة من الرخام والغرانيت أو من الرخام السماقي. والتي أعيد استخدامها من الآثار الرومانية أو المسيحية المبكرة أو البيزنطية خاصة من قرطاج. يمكن الوصول إلى الفناء من خلال ستة مداخل جانبية تعود إلى القرنين التاسع والثالث عشر [1].

بينما يتألف الحرم من 17 مجازاً طوليّاً و 8 مجازات عرضيّة [3]. يتقاطع المجاز المركزي الطولي مع العرضي بزاوية قائمة أمام المحراب مشكّلةً شكلًا مربّعاً. يوجد هذا الشكل أيضًا في مسجدين عراقيين في سامراء (حوالي 847 م). وقد اعتمِد في العديد من مساجد شمال إفريقيا والأندلس [1].

ترتفع فوق هذا المربع قبة مخددة مثبتة على حنيات منحوتة من الحجر. زيِّنت بزخارف وردية متعرجة ومتعددة الأوراق مستوحاة من الزخارف الأموية. يشكل العدد الكبير من الأعمدة والتيجان القديمة في قاعة الصلاة وفي الرواق حول الفناء أكبر عددٍ من التيجان الرومانية والبيزنطية في أي نصب أو متحف إسلامي [3].

الشكل 1: مسقط جامع القيروان الكبير
الشكل 2: صورة جوية للجامع


مئذنة الجامع

يبلغ ارتفاع المئذنة، التي تحتل وسط الواجهة الشمالية للجامع، 31.5 مترًا. وترتكز على قاعدة مربعة طولها 10.7 مترًا من كل جانب. تقع داخل حدود الجامع ولا يمكن الوصول بشكل مباشر إليها من الخارج. وتتكوّن من ثلاثة مستويات متدرجة، آخرها تعلوه قبة صغيرة مضلعة بنِيت على الأرجح في وقت متأخر عن بقية البرج. يعلو الطابقين الأول والثاني شرافاتٌ مستديرة تتخلّلها شقوقٌ لإطلاق السهام. فقد كانت المئذنة بمثابة برج مراقبة بالإضافة إلى وظيفتها في الدعوة للصلاة [1].

الشكل 3: مئذنة الجامع

قباب الجامع

للمسجد عدة قباب ، أكبرها قبتان، إحداهما تقع فوق المحراب وتقع الثانية فوق مدخل قاعة الصلاة من جهة الفناء. ترتكز قبة المحراب على أسطوانة مثمنة الأضلاع ذات جوانب مقعرة قليلاً. وترتفع عن قاعدة مربعة مزينة في كل وجه من وجوهها الثلاثة الجنوبية، والشرقية، والغربية بخمس محاريب مسطحة، تعلوها خمسة أقواس نصف دائرية. هذه القبة ، التي يعود بناؤها إلى النصف الأول من القرن التاسع (نحو 836 م) ، هي واحدة من أقدم القباب وأكثرها شهرة في العالم الإسلامي الغربي [1].

الشكل 4: قبّتا الجامع اللتان تعلوان حرم الصلاة

أهمية جامع القيروان

بالإضافة إلى أهميته المعمارية ، يعد الجامع الكبير بالقيروان مركزًا ثقافيًا ودينيًا مهمًا. كان بمثابة مركز للتعليم الإسلامي لعدة قرون، حيث يحتوي مكتبة تضمّ آلاف المخطوطات النادرة[3]. كما يعد المسجد موطنًا لعدد من القطع الأثرية الدينية المهمة، بما في ذلك أقدم نسخة متبقية من القرآن في شمال إفريقيا [2]. اليوم ، ما يزال المسجد يمثل موقعًا مهمًا للحج للمسلمين من جميع أنحاء العالم. إذ يأتون للصلاة والتأمل في التاريخ الغني وفي الأهمية الثقافية لهذا النصب الرائع.

المصادر

  1. “Great Mosque of Kairouan.” The Madain Project.
  2.  “Great Mosque of Kairouan.” Atlas Obscura.
  3. “Great Mosque of Kairouan.” Museum With No Frontiers.
Exit mobile version