عن الفن القديم والفن الفارسي

هذه المقالة هي الجزء 7 من 9 في سلسلة مقدمة في تاريخ الفن القديم

عن الفن القديم والفن الفارسي

يعد الفن الفارسي من أقدم وأعرق الفنون القديمة. وكانت بلاد فارس (إيران الآن) واحدة من الدول التي غزاها المسلمون في القرن السابع، والتي تقع في جنوب غرب إيران الآن.

ظهر العصر الذهبي لـ الفن الفارسي خلال القرنين التاسع والعاشر، حين حكمت الإمبراطورية الساسانية في عام 651 وانتهى حكمها بالفتح الإسلامي لبلاد فارس.

أنشأ الفرس إمبراطورية هائلة تمتد من وادي السند إلى شمال اليونان، ومن آسيا الوسطى إلى مصر، وكانت أول إمبراطورية عرفت بالديانات واللغات والمنظمات السياسية المختلفة لمواطنيها.

تبادلت الثقافات ومجموعات الفنون بين تلك الدول على نطاقٍ واسع، وخصوصًا شمال إفريقيا مماأدى إلى خلق نوعٍ من الفن يُعرف بالفن الإسلامي، لكن لم يكن بالضرورة كل من شارك فيه مسلمين سواء من الدول أو الفنانين.

كان الفرس من أكثر تلك الدول نفوذاً بين تلك الدول الإسلامية بسبب خلفيتهم في الفن والعمارة.

أصبح تأثير إيران واضحًا في الأدب العربي، فقد تم نقل العديد من الأساطير والحكايات عبر إيران إلى العالم العربي، ومنه إلى أوروبا الغربية. وقد شمل هذا التأثير: الفن المرئي والعمارة والموسيقى والطب.

رُسمت لوحات الكتب –الممنمات- لشخصيات حيوانية لتصوير الإخلاص والغدر والشجاعة- والتي أدت لانتشار الخط الفارسي الذي أصبح دراسته أحد أكثر التخصصات المرغوبة حتى الآن.

سمات الفن الفارسي

بعد أن أصبحت فارس جزءًا من الإسلام، تطورت فنونها البصرية وفقًا للقواعد الإسلامية، ويعد أحد أهمها هو حظر تصوير الكائنات الحية ونحتها، مما أدى إلى انخفاض فوري في النحت الفارسي، وإجبار اللوحة الفنية على أن تصبح زخرفية أكثر.

مع ذلك، استمرت الأشغال المعدنية والفن الزخرفي والسيراميك والنسيج بالازدهار، بالإضافة إلى اعتبار الخط العربي والأزهار والتصاميم الهندسية أساس هذا الفن.

يمثل الشكل التالي التصاميم المستوحاة من الأزهار:

كُتبت وحفرت الكلمات بالخط العربي باعتبارها وسيلة الوحي الإلهي، فقد حفرت على الجدران وحول القباب وذلك باستخدام القواعد الهندسية. وطُبقت أصول الفن الفارسي بعدة أشكال:

الفسيفساء

استخدمت الفسيفساء والزخارف الأخرى على نطاق واسع في المساجد والمباني الأخرى، فكانت الأسطح الملونة بالأزرق والأحمر والأخضر المستخدمة في البلاط الخزفي، جزءًا من الهندسة المعمارية الفارسية.

التذهيب والخط

مثال على التذهيب الفارسي.

ومع منع رسم الأشكال الحية، طوّر أحد أشكال الفن الإسلامي الشعبي في بلاد فارس وهو ما يسمى بالتذهيب، وهو زخرفة المخطوطات والنصوص الدينية وخاصة القرآن.

الفن الفارسي والمغول

حين غزا المغول إيران تحت قيادة جنكيز خان، بدأت حقبة فنية جديدة بشكلٍ جديد، فقد شكلت هذه الحقبة العديد من السلالات طوال القرن الثالث عشر، وذلك بسبب تقسيم الإمبراطورية بين أبناء جنكيز خان.

نتيجة لذلك، ساهمت كل أسرة في الفن وساعدته على النمو مما أدى إلى ظهور العصر الذهبي للفن الفارسي وخصوصًا الرسم.

كانت الرسوم التوضيحية (Illustrations) والخط هي التخصصات الرئيسية التي انتشرت على نطاق واسع في زمن الفن الفارسي، بالإضافة إلى اللوحات التي مثلت ثقافة المغول، رغم وجود انتقادات ضد عرض الفرس كأشخاص مغوليين في ذلك الوقت.

التصوير والمنمنمات

حوالي عام 1150، ظهرت العديد من مدارس الفن الديني والتي تخصصت في تصوير المخطوطات من مختلف الأنواع، وكلها موضحة برسومات مصغرة.

مخطوطة من كتاب “عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات” للقزويني. دار الكتب والوئاثق القومية. مصر، القاهرة.

تطور هذا الشكل الفني ليصبح تقليدًا فنيًا مهمًا في إيران ليصبح اسمه (فن المنمنمات).

كان الفنان الفارسي بهزاد من أشهر رسامي المنمنمات، والذي أصبح رئيس أكاديمية (هيرات) للرسم والخط في نهاية القرن الخامس عشر. وقد تم تنفيذ لوحاته ذات المناظر الطبيعية بأسلوب واقعي باستخدام لوحة ألوانٍ غاية في الزهو واللمعان.

منمنمة للفنان كمال الدين بهزاد، 1488.

أصبحت حينها بغداد وهيرات وسمرقند وبخارى وتبريز مراكز الفنون الرئيسية.

تطور فن المنمنمات في بلاد فارس بشكل ملحوظ، وقد ارتبطت إيران بالصين من خلال التبادلات التجارية التي يشار إليها عادة باسم طريق الحرير، والذي كان فعالًا ليس فقط للتوسع في التجارة، ولكن في تبادل الأفكار الفنية أيضًا.

توسعت العلاقة أكثر بين الفنانين الصينيين والفرس بعد غزو المغول للصين وإيران.

أما الفنانين، فقد تعاونوا في تحسين فن المنمنمات وجعلوه فنًا شائعًا لزخرفة الكتب وصنع الصور لشخصيات أسطورية وعائلات ملكية، بالإضافة لمشاهد الصيد والمعارك والاحتفالات.

سمات المنمنمات

في المنمنمات الفارسية التقليدية، لا يتم تطبيق مبادئ المنظور، فالفنان يعتقد أن المنظور هو وهم بصري، ولكي يتمكن من الوصول إلى الوسط الإلهي عليه أن يمتنع عن مراعاة مبادئ المنظور.

ومن الخصائص الأخرى لهذا الفن، أنه يستخدم النقاط لإنشاء ظلال، كما هو الحال في بعض أعمال الانطباعيين، وفي فن البوب.ومع ذلك، لم تجد المنمنمات الفارسية مكانا في الهندسة المعمارية والديكور للمباني الدينية، فكان عالم الهندسة هو المصدر الرئيسي لإلهام الفنانين لتزيين المساجد ومدارس العلم الشرعي والأضرحة.

ومن أهم المميزات لهذا الفن أنه يتمتع بدقة عالية في التفاصيل. فقد كان الفنان الفارسي يتجنب
الفراغ في فنه لنجد أن كل جزء من العمل الفني يحمل تفاصيل مستقلة عن العمل بأكمله.

اقرأ أيضًا عن الفن الإسلامي والبيزنطي

المصادر:

mi.sanu
Visual arts
Theartist

الفن القديم والفن الآسيوي الفن الصيني والفن الياباني

هذه المقالة هي الجزء 6 من 9 في سلسلة مقدمة في تاريخ الفن القديم

الفن القديم والفن الآسيوي الفن الصيني والفن الياباني

أنجبت القارة الآسيوية الضخمة أنواعًا عديدة من الفنون التي تسبق أي شيء ينظر إليه في الغرب لكن يعتبر أهمها الفن الصيني والفن الياباني.

Dogū – 1000 BC – 400 BC One of several small Japanese statues in which human and animal are combined. Tokyo Museum, Japan.

كان للفن الصيني تأثيرًا كبيرًا على الفنون والحرف اليدوية الأخرى في دول شرق آسيا كالهند واليابان، وعلى الرغم
أن الأخيرة حققت شهرة عالمية في مجالات متنوعة كالخزف وطي الورق (الأوريغامي) والتصوير بالحبر
ونحت الخشب.

وقد تطور الفن الهندي -والذي تميز بطول العمر الاستثنائي- بشكل أكثر استقلالية عن الفن الصيني على الرغم من تأثره بشدة بالنحت اليوناني والفن الإسلامي الفارسي.

الفن الصيني

انتجت الصين فنًا متنوعًا على مدار آلاف السنين، وعلى الرغم من التطور المستمر للتقنيات والتغيرات الكثيرة
للخامات والأذواق بالإضافة لتأثير الأفكار الجانبية الفردية، يوجد بعض الصفات الكامنة في الفن الصيني والتي تجعل معرفته وتمييزه ممكنًا بشكل واضح، بغض الظر عن مكان وزمان إنتاجه.

وتشمل تلك الصفات الأساسية حب الطبيعة، والإيمان بالقدرة الأخلاقية والتربوية للفن، بالإضافة للإعجاب بالبساطة وتقدير كل ما تنجزه الفرشاة.

وقد لوحظ الولاء للعناصر والتصاميم المستخدمة بشكل كبير، كأوراق اللوتس والتنانين.

أثر الفن الصيني تأثيراً هائلاً على جيرانه في شرق آسيا، ولا يزال التقدير العالمي لإنجازاته، لكن الفرق المهم بين الصين والعديد من الثقافات القديمة الأخرى هو أن نسبة كبيرة من الفنانين الصينيين لم يكونوا محترفين، بل كانوا هواة.

طلاب الفيلسوف (كونفوشيوس) بمعرفتهم لمبادئه الرصينة مَن نشروا الشعر كرجال أدب، وكان الفن بالنسبة للصينيين عمومًا وسيلة لالتقاط وعرض النهج الفلسفي في الحياة، لذا غالباً ما كان الفن الذي أنتجوه ضئيلًا أو متقشفًا فنيًا قليلًا للعين الفنية الغربية.

كان الفن طوال تاريخ الصين يُقصد به التعبير عن الشخصية الجيدة للفنان وليس مجرد عرض لمهاراته الفنية العملية.

كانت الفنون الحقيقية الصينية هي الخط والرسم، وقد تمت طباعة النصوص لتوجيه الناس حول تاريخ الفن الصيني مع معلومات مفيدة لمزايا الفنانين السابقين، فأصبح شكل الفن موحدًا بطريقةٍ ما باتفاقياتٍ يجب الالتزام بها، وذلك حين نسخوا فنون القدماء للتعلم منها.

واحدة من أشهر النصائح حول الفن الأكثر شهرة وطويلة الأمد، هي القائمة المكونة من ست نقاط للناقد والمؤرخ في القرن السادس الميلادي (شي هي).

عند النظر في مزايا اللوحة ، يجب على المشاهد تقييم ما يلي (والنقطة الأولى هي الأكثر أهمية):

  1. صدى الروح وانعكاسها، أي وجود الحيوية في اللوحة.
  2. حركة العظام (الجسد)، أي طريقة استخدام الفرشاة.
  3. الاتصال بين الفنان والعنصر، وهو إتقان الأشياء لتأخذ شكلها.
  4. جدارة طريقة الكتابة، والتي تتعلق بوضع طبقات الألوان.
  5. التقسيم والتخطيط ، أي أهمية الترتيب.
  6. وراثة طباع الفن القديم، وذلك بنسخ النماذج الفنية القديمة.

وقد كانت هذه القواعد صارمة نسبيًا لإنشاء الفن وتقديره؛ للاعتقاد بأنه يجب أن يفيد المشاهد بطريقة أو بأخرى.

لكن هذا لا يعني أنه لم يكن هناك من تجاهل الاتفاقيات وخلق أعماله بطريقته الفريدة، كحال أي فن في العالم. فقد سُجلت حالات لفنانين رسموا على أنغام الموسيقى ولم يرمقوا حتى إلى اللوحة بنظرةٍ أثناء الرسم، ولشخص آخر لم يرسم إلا وهو في حالة سكر، وذلك باستخدام قبعته قبعته بدلاً من الفرشاة!

هناك أيضًا من استخدم أصابع يده وقدمه للرسم، حتى أن واحدًا قام برش حبر على الحرير على أرضية الاستوديو، وقام بجر مساعدٍ له فوقها!

التصوير الصيني

رسم الصينيون بمواد مختلفة العديد من الأشكال، وقد رسموا على الجدران والتوابيت والصناديق، وقاموا بتزيين لفائف الحرير المحمولة في اليد أو المعلقة على الجدران، بالإضافة لأغلفة الكتب، لكن كان على كل فنان أن يصنع أحباره الخاصة بشق الأنفس لعدم وجود إنتاجٍ تجاريٍ لها.

أما الموضوعات الأكثر شيوعًا للوحة الصينية هي الصور الشخصية (البورتريه) والمناظر الطبيعية. وقد تمتعت لوحات الوجوه بضبطٍ وإتقانٍ شديدين؛ لأن الشخص المرسوم عادةً ما كان عالمًا أو راهبًا أو مسؤولًا في المحكمة.

مما دعاهم لتصوير تلك الشخصيات الأخلاقية باحترام، لتخرج لنا النتيجة بتلميحات واضحة للعاطفة، أو معبرة بشدة عن السمات الشخصية بمهارة.

تفصيلة من لوحة جدارية في مقبر “هان” لامرأتين. 25-220 م. Zhengzhou, Henan province, China.

خُصص فرع كامل لرسم الشخصيات التاريخية في بعض المشاهد التعليمية من حياتهم، وذلك لإظهار السلوكيات الأخلاقية بشكلٍ واضحٍ في اللوحة.

بطبيعة الحال، كانت هناك لوحات أكثر واقعية يمكن رؤيتها في اللوحات الجدارية للمقابر، بالإضافة للوحات للحياة الأسرية الصينية والتي وضعت عادةً في حدائق البيوت.

أما المناظر الطبيعية، فقد كانت موجودة طوال فترة وجود الفنانين لكنها قد انطلقت عندما اهتم الفنانون أكثر بمكانة الإنسانية في الطبيعة.

عادةً ما قصد بلوحات المناظر الطبيعية التقاط موسم معين من السنة، ولا ينبغي أن تفاجئ عند رؤية هيمنة المياه والجبال على تلك اللوحات؛ فجملة “منظر طبيعي”  باللغة الصينية تترجم حرفيًا إلى “الجبال والمياه”.

وفقًا للإيمان بأهمية التفكير والتأمل في الطبيعة الهادئة، فنادرًا ما وجد أي شيء يزعج هدوء لوحات المناظر الطبيعية، كالعمال مثلًا والزراعيين.

كانت اللوحات التفصيلية لحيوان أو زهرة أو طائر مشهورة بشكل خاص، وأصبحت بعض الحيوانات رمزية لبعض الأفكار، فقد أشير إلى الزواج السعيد بزوج من بط الماندرين، ورسمت الغزلان إشارة للمال، حين دلت الأسماك على الخصوبة والوفرة.

نفس الشيء للنباتات، فالخيزران ينمو بشكل مستقيم وصحيح؛ كما ينبغي أن يكون عليه الباحث الجيد، ويمثل الصنوبر والسرو القدرة على التحمل، أما الخوخ فيعبر عن طول الدوام.

النحت الصيني

أما بالنسبة للنحت، فقد اتخذ معاييرًا أخرى لا تقل جمالًا عن سابقتها، لكن للأسف لم تنج أعمال كثيرة مه، لكن لا يزال من الممكن رؤية بعض الأمثلة الضخمة مثل تلك المقطوعة من الوجه الصخري في كهوف Longmen، ومعبد Fengxian بالقرب من لويانغ.

يوجد مثال آخر من أشهر ما أنجب النحت الصيني وبمقياس الحجم الطبيعي للإنسان، هو “جيش التيرا- كوتا”، وهو عبارة عن أكثر من 7000 محارب و 600 خيل، بالإضافة للعديد من العربات؛ وذلك لحراسة مقبرة الإمبراطور (تشين).

“Terracotta Army”

وما يميز تلك القطع الفنية هو المجهود الجبار المبذول لجعل كل شخصية فريدة على حدى، على الرغم من أنها مصنوعة جميعها من أجزاء مجمعة محدودة من الجسم والمصنوعة من قوالب، لكن تم إعطاء وهم أن الجيش لشخصيات حقيقية مكون بأفرادٍ مختلفين، بتعديلات ماهرة وبسيطة لكلٍ من الوجه والشعر.

الفن الياباني

جاء محو الأمية إلى اليابان عبر الصين، وتم اعتماد نظام الكتابة الصيني على الرغم من أنه تم تطوير أبجدية صوتية، وكما هو الحال في الصين، كانت النتيجة أن الرمزية المرتبطة بالنباتات والحيوانات وغيرها من الأشياء أثرت بشدة على محتوى ومعنى الفن الياباني والتصميم.

بعد القرن الرابع عشر، تطورت اللوحة اليابانية بطرق مختلفة، وأصبحت تلك الاختلافات واضحة حين عزلت اليابان نفسها عن العالم الخارجي (خلال القرنين 17 و 19).

تميل اللوحة اليابانية إلى أن تكون كلا الشيئين: أكثر تجريدية وأكثر طبيعية وواقعية من نظيرتها الصينية، ويميل النمط الياباني عمومًا إلى التقليل من الأساسيات بمحاولة لالتقاط الشكل والخصائص الأساسية لموضوع معين.

كما طور أسلوب الرسم المسمى “Ukiyo-e” والذي أصبح معروفًا للغربيين بشكل رئيسي من خلال المطبوعات المحفورة على الخشب في القرن التاسع عشر، طرقًا مميزة ومثيرة لاستخدام الخط واللون في المناظر الطبيعية والبورتريه وغيرها من الموضوعات.

Example for (Ukiyo-e). “The Great Wave off Kanagawa”, 1615–1868, color woodblock print.

تطور فن المناظر الطبيعية إلى مستوى عالٍ، حيث خلقت الترتيبات المصممة بعناية وَهم تم فيه التقاط جوهر الطبيعة. وقد تم عزل الزهور الفردية أو الأشجار وغيرها من النباتات والحيوانات وحتى الحشرات، بالطريقة نفسها؛ في سياق الرمزية المرتبطة بكل لوحة.

النحت الياباني

تعتبر اليابان خزانة لبعض أعظم المنحوتات في العالم، وكلها دينية تقريبًا، وتعتمد بشدة في البداية على نماذج من الفن الصيني.

ينقسم التاريخ الياباني قبل أن تأتي البوذية إلى ثلاثة عهود رئيسية، وبدأت من هذه الفترات في الغالب النحت الخزفي الصغير.

التصوير بالحبر – Zen-Ink Painting

اشتهر اليابانيون بطريقة التصوير والتلوين بالحبر الأسود، والتي تسمى Zen-Ink Painting. واعتمدت الطبقة المحاربة على ذلك النوع من الفن.

فقد تأسست أخلاقيات الساموراي (المحاربين) وبراعتهم على مبادئه، فكان يجب أن تكون ضربات الساموراي عفوية وفورية، دون أي تفكير يتداخل بين الهدف والفعل، وكان ذلك مضمون تلك التقنية الفنية.

وبحلول القرن الرابع عشر، سيطرت تلك التقنية على الفنون
في اليابان حيث هيمنت على الفن الآسيوي كله. وقد استخدم الحبر الصيني الأسود الخالص كالوسيط الرئيسي، وقد تم رسم المواضيع أيضًا من المرجع الصيني، كالمناظر الطبيعية
وفصول السنة والبورتريهات.

كانت تلك التقنية مرهفة الحس للغاية، وذلك أثناء إنشاءها ومشاهدتها، وهي تتطلب الكثير من الجمال والرؤية مباشرة، باعتبارها انعكاس عفوي حساس للطبيعة على الورق، وقد تم تحقيق ذلك من خلال تقنيات التأمل العديدة.

تميز فن الحبر الياباني بالاستخدام المتكرر للمواضيع الشائعة كالدينية، لكن من المهم أن نلاحظ هنا أنه على الرغم من أن اللوحات لشخصيات دينية، فإنها عادة ما تجعل الموضوع
إنسانيًا تمامًا وخاليًا من العديد من زخارف الدين.

لعل أكثرالموضوعات شهرة بتلك التقنية هي المناظر الطبيعية، لكن يكمن التميز هنا بأن الموقف الآسيوي عمومًا تجاه قوة الطبيعة قام بتشريب تلك اللوحات بروحانية معينة، غير شائعة في المناظر الطبيعية الغربية.

في كثير من الأحيان تم تصوير شخصيات أخرى من الطبيعة كالطيور والخيزران والأشجار، بنفس الجودة الروحية.

ما ذكرناه آنفاً هو ما ميّز الفن الصيني والياباني بحق.

اقرأ أيضًا عن الفن الفرعوني

المصادر:

Visual Arts cork
Ancient
Char.txa.cornell
Academic

الفن القديم والفن الروماني

هذه المقالة هي الجزء 5 من 9 في سلسلة مقدمة في تاريخ الفن القديم

سلسلة الفن القديم والفن الروماني

أصل الفن الروماني

كان الفن الروماني القديم واسعًا ومنتشرًا للغاية، فقد امتد إلى ما يقرب من 1000 عام بين ثلاث قارات، أوروبا وإفريقيا وآسيا. ويعود تاريخ الفن الروماني إلى عام 509 ق.م مع تأسيس الجمهورية الرومانية، واستمر حتى عام 330 م.

بدأ الفن الروماني بصب الكثير من الثقافات في مدينة روما باعتبارها بوتقة انصهار حضارية، ولم يكن لدى الرومان أي قلق بشأن التأثيرات الفنية الأخرى من ثقافات البحر المتوسط التي أحاطت بها وسبقتها.

من الشائع أن نرى التأثيرات اليونانية والمصرية والإتروسكانية -حضارة قديمة عاشت في إيطاليا- على جميع أشكال الفن الروماني.

عندما أدرك النقاد أن عدد كبير من أفضل القطع الرومانية كانت في الواقع نسخًا، أو على الأقل مستوحاة من الأصول القديمة التي فُقدت، بدأ تقدير الفن الروماني  -بعدما ازدهر جنبًا إلى جنب بجانب فنون العصور الوسطى وعصر النهضة– بالنزول.

على الرغم من أن روما ظلت لفترة طويلة مركزًا للفن الروماني، ظهرت حينها مراكز عديدة لإنتاج الفنون متبعة اتجاهات وأذواق خاصة بها، لا سيما في الإسكندرية وأنطاكية وأثينا.

نتيجة لذلك، جادل بعض النقاد في أمر عدم وجود شيء اسمه (الفن الروماني).

تطور الفن الروماني

من الجدير بالذكر أن القطع الفنية المنتمية للمدن التي غزاها الرومان سُلبت وتمت إعادة عرضها على الجمهور.

تم إنشاء المدارس الفنية في جميع أنحاء الإمبراطورية تحت تدريس الفنانين الأجانب، بالإضافة لنشر ورش العمل في كل مكان، وقد أصبح الفن متعلقًا بشكلٍ شخصي بالأفراد والأفكار، وذلك للزيادة الكبيرة لرعاة الفنون من الجهات الخاصة، بدلاً من رعاية الدولة.

يظهر ذلك جليًا في الأشكال النابضة بالحياة للأفراد في اللوحات والمنحوتات. وعلى غير عادة الحضارات السابقة، أصبح الفن متاحًا لجميع طبقات المجتمع وليس للأثرياء فقط.

العلاقة بين الفن الروماني واليوناني (الإغريقي)

كثيرًا ما اختلط علينا الأمر بين الفنين اليوناني والروماني؛ وذلك لأن الفن اليوناني أثّر تأثيرًا قويًا على الممارسات الفنية الرومانية، وعلى الرغم من غزو روما لليونان، فقد أخذت روما الكثير من التراث الثقافي والفني منها، معتمدةً عليها في إنتاج أكثر أعمالها شهرة.

كُلِّف العديد من الرومان بإصدار نسخ من الأعمال اليونانية الشهيرة تعود لعدة قرون سابقة؛ مما نراه الآن في إصداراتٍ رخاميةٍ رومانية، من تلك الأصول البرونزية اليونانية المفقودة، مثل تمثال “Doryphoros” للفنان (Polykleitos).

نسخة من تمثال “Doryphoros” من العصر الروماني للفنان (Polykleitos). متحف نابولي الأثري الوطني. المادة: الرخام. الارتفاع: 2.12 متر (6 أقدام و 11 بوصة).

ولم يؤمن الرومان -كما نفعل اليوم- أن نسخة العمل الفني تقل قيمة من العملي الأصلي، لكن رغم ذلك صُنعت النسخ في أغلب الأحيان بتغييرات بسيطة عليها، ولم تكن نسخًا مباشرة.

وقد تم إجراء تلك التغييرات على سبيل الدعابة، وذلك بتحويل العنصر الجاد و”البائس” في الفن اليوناني رأسًا على عقب.

لذا فالفنان الروماني لم يكن مجرد ناسخ، بل تكيف بطريقة واعية ورائعة مع الثقافات الأخرى، فتلك القدرة الإبداعية على التحويل وجمع العناصر وإضافة لمساتٍ من الفكاهة، هي ما جعلت الفن الروماني “رومانيًا”.

سمات الفن الروماني

أعتنق فنانو العصر الروماني الفن الكلاسيكي بشكلٍ مذهل، والذي أخذوه عن الفن اليوناني بفترتيه: الكلاسيكي والهيلينستي.

وتشمل تلك العناصر الكلاسيكية عدة خصائصٍ، منها:

  • الخطوط الناعمة والأقمشة الأنيقة
  • الأجسام العارية المثالية
  • الأشكال الطبيعية بشكلٍ مبهر، والنسب المتوازنة

والتي أتقنها الإغريق على مدار قرونٍ من الممارسات الشاقة.

وقد ولع معظم أباطرة الرومان بالفن الكلاسيكي، فقد تم صنع تمثال “Augustus of Primaporta” في نهاية حياة الإمبراطور “Augustus“، ورغم ذلك جسّده التمثال في فترة الشباب وأظهره بوسامة مثالية وجسم رياضيّ، وتم استخدام جميع سمات الفن الكلاسيكي عليه.

“Augustus of Primaporta”، القرن الأول الميلادي. متاحف الفاتيكان. حقوق ملكية الصورة: Steven Zucke.

وكان الإمبراطور “Hadrian” معروفًا باسم ” philhellene”، أي العاشق لكل ما هو يوناني! فقد بدأ في ارتداء “لحية الفيلسوف” اليونانية في ظهوره الرسمي أمام الشعب، والتي لم يكن سمع أحد بها من قبل هذا الوقت، وقام بتزيين قصره بالكثير من اللوحات اليونانية المشهورة.

لكن بعد ذلك، بدأت الإمبراطورية بالابتعاد عن التأثيرات الكلاسيكية السابقة والرجوع لفنون العصور القديمة، والذي نراه واضحًا في منحوتة (Chariot procession of Septimus Severus).

وقد شملت خصائص الفنون القديمة عدة أشياءٍ، أهمها:

  • الإظهار بواجهةٍ أمامية
  • صلابة الأقمشة والملابس وعدم انسيابها
  • الخطوط العميقة المحفورة؛ مما يجعل الشكل يبتعد عن الطبيعة
  • ظهور الأشخاص كمجموعات وقلة الفردية
Chariot procession of Septimus Severus، تعود لعام 203 ق.م. متحف القلعة، طرابلس، ليبيا.

وقد شمل الفن الروماني مجموعة واسعة من الوسائط والخامات، فقد تضمن أعمالًا من التصوير الجداري (الفريسكو) والفسيفساء والرخام، وأنتج الكثير من الأعمال الفضية والبرونزية وغيرها، بالإضافة لاستعماله الأحجارِ الكريمة.

وذلك بالإضافة لاهتمامهم بالفنٍ المصنوعٍ خصيصًا للمنازل، والذي قام ملّاكها بعرض الأعمال الفنية فيها للجمهورِ والزوار، بغرض العرض والتعليم.

أخذت الزخارف اهتمامًا كبيرًا في منازل ذلك العصر، وتم دمج جميع اللوحات الجدارية والفسيفساء والمنحوتات بسلاسة مع العناصر الفاخرة الصغيرة كالتماثيل البرونزية والأوعية الفضية.

أما بالنسبة للمواضيع التي استخدموها، فقد تراوحت بين عدةٍ شائعين:

  • تماثيل الأسلاف المهمة والمشهورة
  • المشاهد الأسطورية والتاريخية
  • الطبيعة الصامتة والمناظر الطبيعية

وقد أدى استخدام تلك الأفكار لخلق فكرة رئيسية عند الجمهور تعبر عن مدى وسع معرفتهم الفكرية، وكأنما نقعوا في الثقافة نقعًا.

النحت الروماني

صنع النحاتون الرومانيون نسخهم الشهيرة من روائع وأعمالٍ لا تقدر بثمن من اليونان القديمة؛ والتي كانت ستخسر تمامًا وجودها في الفن العالمي، وقد خُصصت مدارس لنسخ الأعمال اليونانية الأصلية الشهيرة، في أثينا وروما نفسها.

فضّل الرومان البرونز والرخام على أي شيء آخر على أعمالهم، وقد أنتجوا أيضًا نسخًا مصغرة من النسخ الأصلية اليونانية، والتي جُمعت من قبل عشاق الفن ووضعها في المنازل.

لكن بحلول منتصف القرن الأول الميلادي، بدأ الروم بالابتعاد عن جذورهم اليونانية فسعى الفنانون لالتقاط وإنشاء تأثيرات بصرية للضوء والظل من أجل واقعية أكبر.

نُحتت التماثيل النصفية باهتمامٍ أكبر بالتجاعيد والندوب لتحاكي الحقيقة، بالإضافة لجعلهم التماثيل الكبيرة أكثر ضخامة.

التصوير الجداري الروماني

كانت التصميمات الداخلية للمباني الرومانية بدميع أنواعها مزخرفة بألوان وتصاميم جريئة، والتي تراوحت بين تفاصيلٍ معقدة وواقعية إلى الأشكال الانطباعية. وقد وجدت في المباني العاملة والمناز والمعابد والمقابر، وصولًا للهيئات العسكرية.

تفصيلية من لوحة جدارية لحديقة في الهواء الطلق من غرفة الطعام من قصر “Livia” زوجة أوغسطس. قصر ماسيمو، روما، إيطاليا.

فضل رسامو الجدران الرومان ألوان الأرض الطبيعية، مثل الدرجات الداكنة من الألوان من الأحمر والأصفر والبني، وقد استخدمت الأصباغ الزرقاء والسوداء أيضًا في التصاميم البسيطة.

شملت موضوعات التصوير الجداري مشاهد من الأساطير والطبيعة، بالإضافة لاستخدامهم المنظور المعماري لإضفاء خداعٍ بصري، بالإضافة للنباتات والحيوانات.

قام الرومان بتصوير المناظر الطبيعية ومناظر كاملة للمدينة بتقنية البانوراما وبزاوية 360 درجة بشكلٍ مذهل، والتي نقلت المشاهد من حدود غرفته الصغيرة إلى عالمٍ لا حدود له من خيال الرسام.

من الأمثلة البارزة على ذلك، بيت ” Livia” في روما والذي يتضمن بانوراما لحديقة تم صنعها بشكل انطباعي، والذي يدور حول غرفةٍ واحدة بشكل كامل متجاهلًا الزوايا تمامًا.

أغراض الفن الروماني

تم استعمال الفن الروماني لعدة أغراض، منها: العسكري والديني والجنائزي. أما العسكري، فقد قامت الأعمال التذكارية ذات الوظيفة التعليمية والاحتفالية باحتلال مكانة كبيرة في فن ذلك العصر.

عبّرت الأقواس والأعمدة -مثل قوس تيتوس (Arco di Tito) وعمود تراجان (Trajan’s Column)- عن الانتصارات والحروب والحياة العسكرية عن طريق تصوير الأراضي الأجنبية وأعداء الدولة أحيانًا.

عمود تراجان أو “Trajan’s Column”. من أشهر المعالم الأثرية الرومانية، يرجع لعام 113 م . روما، إيطاليا.

ثم تم التعبير عن الفن الديني في العصر الروماني بشدة –كحال كل الفنون القديمة-. فقد صنعت تماثيل غاية في الجمال للعبادة تمثلت في آلهتهم: ك ڤينوس وجوبيتر.

شقت ديانات وآلهة من ثقافات أخرى طريقها للعاصمة الرومانية، كالإلهة المصرية “إيزيس” والإلهة الفارسية “ميثراس” حتى وصول المسيحية في نهاية المطاف.

جلبت كلًا من هذه الديانات مجموعاتها الفريدة من القطع الفنية إلى الثقافة الرومانية؛ لنشر عبادتها وتعليم أتباعهم.

أما بالنسبة للفن الجنائزي، فقد ترك الرومان وراءهم صورًا عرفتهم كأفراد معروفين بعد موتهم، وغالبًا ما أكدت الصور الجنائزية على السمات الفريدة للأشخاص، أو الآلهة المفضلة لديهم.

استخدم الفن الجنائزي الروماني العديد من الخامات وامتد على جميع الفترات، وقد تضمن عدة أشياء، منها:

  • التماثيل النصفية
  • نقوش على الحائط في المقابر جماعية للطبقة العاملة
  • والمقابر المزينة للعائلات العريقة

بالإضافة إلى ذلك، وجدت لوحات لوجوه الفيوم –والتي ذكرناها في مقالنا السابق- مرسومة على المومياوات والتوابيت، ولأن الموت قد مس جميع مستويات المجتمع، رجالًا ونساءً وأباطرة وعمالًا وأحرارًا-، سجل الفن الجنائزي تجارب متنوعة عديدة لمختلف الشعوب التي عاشت في الإمبراطورية الرومانية القديمة.

المصادر:
Ancient History
Khan Academy

الفن القديم والفن الهيلينستي – الفن اليوناني

هذه المقالة هي الجزء 4 من 9 في سلسلة مقدمة في تاريخ الفن القديم

الفن القديم والفن الهيلينستي – الفن اليوناني

أصل الفن الهيلينستي

بدأ الفن الهيلينستي اليوناني مع وفاة الإسكندر عام 323 قبل الميلاد واستمر حتى 31 قبل الميلاد. وقد نما الفن الهيلينستي من الأساس القوي للفن اليوناني المتميز بكلاسيكيته الآخاذة.

بدأ الفن الهيلينستي حين شن الإسكندر الأكبر حملاته على بلاد فارس والشرق الأدنى ومصر، وجلب بذلك الثقافة اليونانية إلى تلك الأراضي الشاسعة.

تم دمج التقاليد الفنية الإقليمية مع هذا التأثير اليوناني الجديد لإنتاج فنٍ مختلفٍ في الأسلوب حسب كل منطقة إلى أخرى، لذا سيكون من الصعب تعريف الفن الهلنستي وحده دون الإشارة إلى الفنون الإقليمية المؤثرة عليه.

لكن يمكن تلخيص مصطلح “الهيلينستية” بأنه الإعجاب بأفكار وأسلوب الحضارة اليونانية الكلاسيكية، ثم تقليدها وتطويرها لينتج لنا الفن الهيلينستي.

وعلى الرغم من أن الفن الكلاسيكي للعصر الذهبي لليونان -خصوصًا في أثينا- يحصل على كل المجد، إلا أن فن العصر الهيلينستي غني ومتنوع بشكل كبير. وهو العصر الذي ترجع له بعض أعظم المنحوتات في العالم، مثل: Venus de Milo و Winged Victory of Samothrace.

حينما ركز الفن اليوناني الكلاسيكي على المواضيع الدينية، اهتم الفن الهيلنستي بالتعبيرات الإنسانية بشكل أكبر ودون أي إهمال للشكل الخارجي.

فقد طوّرت تلك الكلاسيكية بواسطة عدة أشياء:

  • أوضاع ومشاهد تتسم بالدرامية أكثر.
  • الخطوط الظاهرة والكبيرة.
  • التباين العالي للظل والضوء.
  • إظهارضخم للعواطف والمشاعر الإنسانية.

وقد تطورت مثالية الفن الكلاسيكي خلال هذه الفترة حتى أصبحت على درجة عالية من الأشكال الحقيقية؛ نتيجة لجهود النحاتين العظماء في القرن الرابع أمثال (Praxitelis ، Skopas ، و Lysipos).

سمات الفن الهيلينستي

  • سعى الفنانون الهيلينستيون إلى نقل المشاعر الإنسانية من خلال أعمالهم.
  • استمر الاهتمام بالآلهة والمواضيع البطولية والأسطورية منذ بداية الفن اليوناني حتى ظهوره في الهيلنستي؛ بخلاف أنه تحول من الموضوعات الدينية إلى تعبيرات إنسانية أكثر درامية، واهتمامٍ بإظهارها بشكل مسرحي شديد.
  • إتاحة مجموعة جديدة كاملة من المواد، بعدما أخذ الموضوع الديني الصدارة لفترة كبيرة، كاستخدام الناس من جميع الأعمار والأعراق -خاصة الشعوب التي أدخلت حديثا- والتي أصبحت الموضوعات المفضلة للفنانين.
  • أظهر الفنانون اهتمامهم بتماثيل النساء العارية حتى أصبحت ذات شعبية كبيرة في الفن الهيلنستي، فقد اجتاحت تماثيل (فينوس) مختلف المواقف حينها.

والذي لا يزال يحظى بالإعجاب اليوم لتجسيده الجمال بنسبه المثالية؛ بداية من الخصر العالي، نزولًا إلى منعطف الساق الأنيق، حتى المنحنى المثالي لجذع الجسم.

ونرى تلك التماثيل الآن تزين قاعات العديد من المتاحف وأكاديميات الفنون في جميع أنحاء العالم.

Venus de Milo, Between 130 and 100 BC, 203 cm (80 in), Louvre Museum, Paris, France

وهبت التعبيرات الكلاسيكية المثالية الحياة للرخام البارد!

فقد أظهر مثلًا كلًا من تأرجح صندل أفروديت في تمثال “Aphrodite, Eros, and Pan” وابتسامتها التي تظهر روح الدعابة، مظاهر بسيطة وعبقرية تقوم بإحياء ذلك المشهد.

و يظهر هنا إله المراعي والصيد البري والغابات (بان) وهو يحاول إغواء (أفروديت) بشدة، حين تحاول هي صده بابتسامة، مؤرجحة صندلها استهزاء به.

APHRODITE, PAN, AND EROS, 6 meters, National Archeological Museum, Athens.

مظاهر تطور الفن الهيلينستي

Eros with the bow, 2nd century AD, 123 cm, Palazzo nuovo, Galleria.

الفن الهيلينستي متنوع بشكل غني بالموضوع وفي تطور الأسلوب، فقد تم إنشاؤه خلال عصر يتميز بإحساس قوي بالتاريخ. ولأول مرة، كانت هناك متاحف ومكتبات رائعة كالتي توجد في الإسكندرية وبيرجامون.

وقد قام الفنانون الهلنستيون بنسخ الأساليب السابقة بالإضافة إلى خلقهم ابتكارات رائعة، كأخذ تصوراتهم للآلهة بأشكالٍ جديدة.

فقد طوروا تمثال (ديونيسوس) إله الخمر والغزاة الأسطوريين للشرق – وهو من العناصر البارزة في الفن الهلنستي- وتمثال (هيرميس) إله التجارة. وقد تم تصوير (إيروس) إله الحب اليوناني كطفلٍ صغير.

كما خرجت التماثيل الهلنستية عن الصندوق المعروف وشملت أي شيء يمكن رؤيته من كل زاوية، فقد عكس التنوع المواضيع مجموعة متنوعة من الأفراد.

فكان هناك النساء والرجال والأطفال وكبار السن. بالإضافة إلى كشف الستار عن المشاعر وتجسيدها، كالعذاب أو اللطف أو الحكمة محفورة بشكل واضح على الوجوه.

“Boy with Goose,” 2nd century BCE

النحت في الفن الهيلنستي

واصل الفنانون تقديم أشكالهم باهتمام كبير بالتفاصيل، وعرضها على مقربة من الطبيعة قدر استطاعتهم خاصة في النحت، وقد تميز النحت في العصر الهيلنستي بعدة أشياء:

  • التخلي عن الأنماط السابقة بتجسيد مواضيعهم في “ذات” التماثيل فقط، لكنها تتميز بدخولها في الوسط البيئي
    وبقوة من خلال مشاهد درامية مساعدة، وذلك بواسطة وضع المنحوتات وسط الطبيعية المناسبة لسياقها.

فمثلًا تم وضع تمثال (Winged Victory of Samothrace) في ملاذ تم بناؤه على حافة جرف مع بركة مياه عاكسة لصورته، ووجود صخور كجزء من المنظر الطبيعي.

وهو مثال نادر على براعة حضور التمثال رغم أنه مادة جامدة، والفهم الفكري العميق من خلال تطبيق للتقنيات الجمالية الكلاسيكية.

لقد اختار النحاتون أن يزينوا شخصياتهم بـ “القماش” لثلاثة أسباب رئيسية:

Winged Victory of Samothrace”, 244 cm, Louvre, Paris, France”.
  1. إبراز الحركة المقترحة للشخصية.
  2. التأكيد على ملامح تشريحها النابض بالحياة.
  3. إظهار مهاراتهم في النحت.

وقد ظهر هذا الأسلوب المعروف باسم “الأقمشة الرطبة” لأول مرة خلال الفترة الكلاسيكية، وتم تبنيه وتطويره من قبل الفنانين الهيلنستيين.

ونرى ذلك في التطابق المثالي -في نفس التمثال- لثنيات القماش العميقة مع الجسم العاري تحتها؛ كاشفة عن الوجود البشري للإلهة وهي تقاوم الرياح والقوة الخارجية.

وتتجسد تلك الرياح الخيالية في التمثال نفسه بتشكيلها للقماش في ترابط مرن بين الأجسام المادية والمتخيلة، مخلدة بذلك حالة الفنان الإنسانية حينها في حجر.

  • استخدم النحاتون الديناميكية والأشكال الملتوية التعبيرية المبالغ فيها لتوضيح الحركة، لتبدو
    التماثيل إنسانية قدر الإمكان. وهو ما يظهر بشدة في تمثال Laocoön and His Sons.
  • قام الفنانون الهلنستيون بصياغة منحوتات مستوحاة من أوضاع بشرية حقيقية.

فبدلاً من تجسيد التماثيل بأوضاعٍ غير واقعية، تم تقديم شخصيات مثل (Venus de milo) بشكلٍ غير رسمي، من خلال استخدام توزيع واقعي للوزن والجسم على شكل حرف S، كأنها شخص يقف بشكلٍ طبيعي لا مبالغة فيه.

اهتم النحات الهيلنستي بالمظهر الخارجي الحقيقي بشكل كبير، لكنه سعى للتعبير من خلاله عن العالم الداخلي للمشهد، وتجسيد المواقف المجتاحة للعواطف والأفكار النفسية الداخلية.

التصوير في الفن الهيلنستي

وجوه الفيوم

كانت البلدان والمستعمرات في جميع أنحاء شرق البحر الأبيض المتوسط ​​معجبًا جدًا بالفن اليوناني، مما يظهر جليًا في اللوحات الشهيرة “وجوه الفيوم” الهلنستية والتي تعود لعام 50 قبل الميلاد.

من المحتمل أن تكون أفضل الأمثلة الباقية لللوحات الهيلنستية، هي لوحات وجوه الفيوم. وهي سلسلة كبيرة من اللوحات تم العثور عليها في الفيوم أكثر من أي مكان آخر في مصر.

وهي عبارة عن صور واقعية للغاية للرأس والكتف، رسمت من قبل فنانين مجهولين بأسلوب الفن اليوناني
من الفترة الهلنستية.

عُلّقت تلك اللوحات على المومياوات التي تعود للعصر القبطي، حيث تم ربطها بقماش الدفن المستخدم
لتغليف الجثث؛ بحيث تغطي وجه الشخص المتوفى.

وقد تم العثور حتى الآن على حتى الآن على حوالي 900 لوحة، والتي حافظت عليها الظروف الجافة في حالة جيدة للغاية، حتى أن الألوان المستخدمة فيها فقدت القليل فقط من بريقها الأصلي.

صوّرت تلك اللوحات الرأس أو الرأس والكتفين للشخص، ولقد شملت الموضوعات الرجال والنساء
والأطفال من جميع الأعمار.

وقد قال الفنان (علاء حجازي) -فنان مصري حاصل على بكالوريوس الفنون الجميلة عام 1986- معبرًا عن رأيه الشخصي عنها:

“إن التعبير المشترك -إلا بعض الإستثناءات- الظاهر على وجوه الفيوم هو نظرة المفارق للحياة، والوجه بكامله كأنه صورة لجواز سفر للحياة الأخرى، والعيون الحزينة. لكن هل بالفعل هذه الحالة الحقيقية لأصحاب تلك الوجوه؟ وهل كانوا يعرفوا انهم يُرسموا لتوضع وجوههم على التابوت، وأنها الصورة التي يريدوا أن يبعثوا عليها؟”

وقال مجيبًا تلك التساؤلات:

“كل ذلك ينفيه وجوه الأطفال القليلة الموجودة ضمن وجوه الفيوم، لأنه لا يعقل أن يخمن أحدهم أن ذلك الطفل سيموت ويبدأ الرسام في رسمه وهو حي ليوضع على التابوت بعد مماته.”

وأضاف: “أو أن ذلك كان طقس من طقوس التحنيط بتلك الفترة الزمنية، وأن الفنان كان يرسم الوجه مستعيناً بالمتوفي نفسه كموديل، إما ان يضع التعبير الأخير على وجه المتوفي، أو يبتكر له ليعبر عن الحالة وهذا هو الأرجح”.

تأثير الفن الهيلنستي على بقية العصور

The Veiled Virgin, by Italian sculptor Giovanni Strazza 1818–1875

أصبح الملوك الهلنستيون رعاة بارزين للفن، فقد كلفوا بالأعمال العامة للهندسة المعمارية والنحت، حتى خلّدت بجدارة واستفادت منها جميع الأجيال اللاحقة.

وتعد أكبر ميزة لهذا العصر هي التنوع الكبير، وقد ظلت التماثيل الهلنستية على مدار عدة قرون واحدة من أكثر الأنواع تأثيرا في الممارسة الفنية.

فطوال عصر النهضة، تم التركيز على تشريح تماثيلها من قبل الفنانين كـ (مايكل أنجلو)، وخلال عصر الباروك، أخذ (برنيني) الإلهام من حركتها الديناميكية.

أما في القرن التاسع عشر، استخدم (جيوفاني ستراتزا)  تقنية “الأقمشة الرطبة” في تمثاله The Veiled Virgin بمهارة كبيرة أظهرت جمال التقنية وبراعة الفنان.

اقرأ أيضًا عن الفن الفرعوني

المصادر:
Art History
Greek Landscapes
Classical Wisdom
Met Museum
My Modern Met
Visual-arts-cork

الفن القديم والفن الفرعوني

هذه المقالة هي الجزء 3 من 9 في سلسلة مقدمة في تاريخ الفن القديم

سلسلة الفن القديم والفن الفرعوني

بعد أن استقر الإنسان في الأرض، وقام بتعميرها زراعيًا واقتصاديًا وفنيًا، وابتعد عن الحياة البدائية،، بدأ يحول اهتمامه نحو الحياة الأخرى بشكل كبير، وهذا ما فعله بالضبط الفن الفرعوني.

أثناء ازدهار حضارة بلاد الرافدين، برزت حضارة أخرى بلغت إسهاماتها للحياة الأخرى ما يميزها عن غيرها، وتوثقه توثيقًا متقنًا بوسائل فن فاقت جميع ما سبقها من حضارات وفنون، فنشأت تلك الحضارة هي الفرعونية متميزة تميزًا ضخمًا.

التسلسل الزمني للفن الفرعوني

أصبح تاريخ الحضارة الفرعونية معروفًا من خلال فنه إلى حد كبير، فقد تطور الفن في مصر القديمة بشكلٍ ملحوظ خلال فترة ما قبل الأسرات (6000 ق.م – 3150 ق.م) من خلال الرسوم الصخرية والأعمال الخزفية.

لكن تم إدراكه بالكامل في فترة الأسرات المبكرة (حوالي 3150 – 2613 ق.م.) في لوح نارمر الشهير.

وكان ذلك أول أبواب الفن في الحضارة الفرعونية، فلوح نارمر من أشهر القطع الفنية في ذلك العصر، وهو طبق حجري تم عمله احتفالًا بالنصر لتوحيد مصر وهو الأمر المدوّن على وجهيه، والمنحوت فيهما مشاهد توحيد الملك نارمر لمصر العليا والسفلى بشكلٍ معقد.

وتتجلى أهميته في التركيبة الغريبة التي تتميز برؤوس أربعة ثيران –والتي ترمز للقوة- في أعلى كل جانب، وبتمثيل غاية في التوازن لشخصيات القصة.

ويعتبر هذا العمل تحفة فنية من عصر الأسرات المبكرة؛ مظهرًا بشكلٍ كبير مدى تقدم الفنانين المصريين في ذلك الوقت.

لوحة نارمر ، مصر ، ج. 3100 قبل الميلاد. يصوّر اللوح الملك نارمر وهو يغزو أعدائه ويُخضع الأرض. المتحف المصري، القاهرة.

وقد استمرت إسهاماتهم الفنية بعد هذا اللوح بهرم زوسر (هرم سقارة)، والذي عكس بطبيعة الحال المهارة المصرية في العمل في الحجر على الأعمال الفنية الضخمة.

وقد ازدهر الفن بشكل ملحوظ خلال عصر الدولة الوسطى (2040-1782 قبل الميلاد) والذي يعتبر عمومًا أهم مكان في الثقافة المصرية.

فقد بدأت صناعة التمثال الهائل الحجم، وهي نفس الفترة التي بني فيها معبد الكرنك العظيم في طيبة، مرورًا باستبدال مثالية تصورات المملكة القديمة للتماثيل واللوحات بأشكال واقعية، حتى ظهور فن الطبقات الدنيا أكثر من السابق، والذي كانت تحتكره نخبة المجتمع والطبقات العالية.

معبد الكرنك، أكبر معبد في العالم، مدينة الأقصر، مصر.

لكن حينما ظهرت المملكة الحديثة (1570 – 1069 ق.م) تم اعتبارها فورًا الفترة الأكثر شهرة من تاريخ مصر، وقد أنتجت بعض أروع وأشهر الأعمال الفنية: كتمثال نفرتيتي والقناع الذهبي لتوت عنخ آمون.

ويتميز فن المملكة الحديثة بجودة عالية في رؤيتهم الفنية وتقنياتها؛ وذلك لتفاعل الدولة المصرية مع الثقافات المجاورة، بما أن ذلك العصر هو عصر دخول الإمبراطورية إلى مصر.

سمات الفن الفرعوني

يحتاج أي عمل ببساطة إلى أن يكون جميلًا، ويحظى الفن المصري بإعجاب دائم بجماله بسبب القيمة التي قدمها المصريون القدماء في التماثل – Symmetry.

يعكس التوازن المثالي في الفن المصري القيمة الثقافية للإلهة (ماعت) -إلهة الحق والنظام والعدل- والذي كان نظامها أساسًا قويًا للحضارة المصرية.

فقد جعلت الكون مرتبًا من فوضى متماثلة، وكانت تلك الفوضى هي مفهوم الوحدة، لكنها جعلت الازدواجية -الليل والنهار، الإناث والذكور، الظلام والضوء- منظمة بدقة.

ويجب النظر إلى الفن المصري القديم من وجهة نظر المصريين القدماء لفهمه، فقد كانت التماثيل والصور دائمًا ما تتميز بأوضاع ثابتة إلى حد ما، تحيطها هالة العادات الرسمية، بالإضافة إلى ظهورها بشكل تجريدي.

وغالبًا ما أدت الطبيعة الغامضة للعديد من الفن المصري القديم إلى مقارنات غير عادلة  مع بقية الفنون اللاحقة ، كالفن اليوناني أو فن عصر النهضة.

لكن هذا لا يعني أن المصريين لم يكن لديهم شعور بالجمال. فقد كُتبت الهيروغليفية المصرية مثلًا مع أخذ علم الجمال في الاعتبار بشكل كبير وواضح.

وظيفة الفن الفرعوني

خدم  فن المصريين غرضًا مختلفًا تمامًا عن غرض هذه الثقافات، فقد تم إنشاؤه لغرض عملي، بينما كان الفن اللاحق مخصصًا للمتعة الجمالية.

فبينما نتعجب من الكنوز المتلألئة من قبر توت عنخ آمون، والنقوش البارزة في مقابر المملكة الحديثة ، والجمال الهادئ للتماثيل في الدولة القديمة، من الضروري أن نتذكر أن غالبية هذه الأعمال لم يُقصد منها أن يستمتع بها؛ بل صُممت لتفيد الآلهة أو المتوفيين.

فقد كان غرض التماثيل هو تجسيد المتلقي (الآلهة أو المتوفي) للظهور أمام الشعب وبالتالي استفادتهم من الطقوس المقدمة لهم.

تُظهر معظم
التماثيل بشكل أمامي ورسمي متجهة للأمام؛ لمواجهة الطقوس التي تُجرى أمامها. فالتماثيل -سواء كانت إلهية أو ملكية أو لأفراد من نخبة المجتمع- وفرت نوعًا من القنوات للروح للتفاعل مع العالم الأرضي.

معبد أبو سمبل، 230 كم جنوب غرب أسوان، مصر.

وقد أظهرت لوحات القبور مشاهد من حياة المرء على الأرض حتى تتذكرها الروح، أو مشاهد من الجنة يأمل المرء في بلوغها حتى يعرف كيفية الوصول إليها.

وعلى سبيل المثال، فقد صُممت حديقة تعود للأسرة الحادية عشرة لتحكي قصة رحلته صاحبها في الحياة وصولًا إلى الجنة.

فقد بنيت أعمدة الرواق على شكل أزهار اللوتس والتي ترمز إلى منزله في صعيد مصر، ويمثل حوض السباحة في الوسط  بحيرة (ليلي)، التي يتعين على الروح عبورها للوصول إلى الجنة.

وقد تم تزيين سور الحديقة البعيدة بمشاهد من الحياة الآخرة، لذا في كل مرة يجلس فيها في حديقته؛ستذكره كل تلك المشاهد بطبيعة الحياة باعتبارها رحلة قصيرة، والذي من المرجح أن يضفي عليه نظرة زاهدة للحياة عند مروره بأي ظروف قد تكون مزعجة!

السجلات

تم تسجيل مشاهد تروي قصصًا في مختلف مجالات الحياة بشكلٍ متوازٍ على الحائط يعرف باسم السجلات، وهذه السجلات تفصل المشاهد عن بعضها بخطوط أرضية.

ويوجد نوع آخر من المشاهد المدونة لا تحتوي على سجلات، وعادة ما تسجل مشاهد للقتال والصيد، وفي كثير من الأحيان تظهر الجيوش دون خطوط أرضية.

الخامات المستخدمة في الفن الفرعوني

كان من طبيعة حال الفن في تلك العصور أنه استخدم بواسطة مواد طبيعية ولكن معدة بطرق متقنة، وبالنسبة للحضارة الفرعونية، فقد مزج الفنانون الألوان المصنوعة من معادن طبيعية.

فقد صنعوا الأسود من الكربون، والأحمر والأصفر من أكاسيد الحديد، أما بالنسبة  للأزرق والأخضر فكانوا من من الأزوريت والملكيت، أما  الأبيض كان من الجبس.

يتم خلط المعادن مع المواد العضوية بنسب مختلفة، ثم يتم خلطها مع بياض البيض لجعلها لزجة بحيث تلتصق بالسطح، بالإضافة لمواد غير معروفة حتى يومنا الحالي.

تفاصيل من عرش( توت عنخ آمون) الذي يظهر مع زوجته (عنخ إست آمون) على اليمين. المتحف القومي للحضارة المصرية، القاهرة، مصر.

وكان الطلاء المصري متينًا لدرجة أن العديد من الأعمال ظلت حية بعد أكثر من 4000 عام، حتى الغير المحمية منها في المقابر!

أما بالنسبة للنحت بنوعيه البارز والغائر، فيتم تنعيم سطح الجدار وهو ممزوج بالجص، ثم يغطى بالرمل.

وفي البداية، يقوم أحد الفنانين بإنشاء نموذج مصغر للعمل الكبير بطريقة دقيقة، ثم يرسم الخطوط الأساسية عليه بتقنية الشبكة ويقوم بنقلها على الحائط بالنسب الجديدة.

ولن تواجه الفنان أية مشاكل مع النسب عند النقل؛ لأنه سيتمكن من نسخ الصورة بالنسب الصحيحة باستخدام العمل الأصغر كنموذج ومرجع.

وحينما ينتهي الفنان من نقل النسب الصحيحة، يُرسم المشهد على الحائط ثم يتم تحديده بالطلاء الأحمر.

وقبل أن يباشر العمل النهائي، يجب المرور على مرحلة الملاحظة والتصحيح، فسيتم إجراء تصحيحات على العمل بواسطة فنان أو مشرفٍ آخر، ثم عند التأكد من كل شيء فيها يتم طلاؤها باللون الأسود، وبمجرد انتهاء تلك المرحلة يبدأ الفنان في النحت والتلوين.

هل ما نراه في المتاحف هو كل شيء؟

إن معظم الأعمال التي نراها في المتاحف هي في الحقيقة نتاج ورش ملكية أو تعود ملكيتها لصفوة المجتمع؛ فتلك القطع تتناسب بشكل أفضل مع أفكارنا الحديثة عن الجمال!

ومع ذلك، فإن معظم أقبية المتاحف يوجد بها الآلاف من القطع الأخرى والمصممة للأشخاص ذوي المكانة المنخفضة – كالتماثيل الصغيرة والتمائم والتوابيت والأحجار- والتي يمكن التعرف عليها بشكلٍ كامل، ولكن نادرًا ما يتم عرضها.

تُظهر هذه القطع بشكل عام جودة أقل في المصنعية؛ بمشاكلٍ في النسب أو لسوء تنفيذها، والتي قليلًا ما يتم اعتبارها (فنًا) بالمعنى الحديث.

لكنها تخدم رغم ذلك نفس الوظيفة بالضبط المتمثلة في توفير المنفعة لأصحابها وبنفس درجة الفعالية، كتلك التي صُنعت للنخبة.

اقرأ أيضًا: الفن في مصر القديمة

المصادر:
Ancient History
Khan Academy

عن الفن القديم وفن بلاد الرافدين

هذه المقالة هي الجزء 2 من 9 في سلسلة مقدمة في تاريخ الفن القديم

فن بلاد الرافدين

بداية المدن والحضارة

حوالي 10000 قبل الميلاد، أرست بلاد الرافدين أعمدتها من قبل قبائل مجهولة من صيادي العصر الحجري القديم.

وبعد فترة قصيرة من العصر الحجري، سنة 7000 قبل الميلاد تقريبًا، تغيرت الثقافة من النمط البدائي شبه البدوي -والذي عُرف بالصيد وجمع المواد الغذائية- إلى نمط حياة أكثر استقرارًا، يعتمد على الزراعة وتربية الحيوانات المستأنسة.

فقد أودى تشكيل القرى والمدن إلى سلسلة من الأنشطة الجديدة، كالتجارة وبناء القوارب لنقل البضائع، بالإضافة إلى نمو المعتقدات الدينية والاحتفالات والطقوس الخاصة بها.

وهي الأمور التي أدت مباشرة إلى تحسينات بالإمداد الغذائي، وبالتالي ارتفاع عدد السكان، لتنشأ بذلك أول مدن حضارية في العالم مثل أور وأوروك وإيردو، تليهم فيما بعد نينوى ونيبور وآشور وبابل.

السومريين

عاش السومريون القدماء في الجزء الجنوبي من العراق الآن، ويقع معقل سومر بين نهري دجلة والفرات، فيما أطلق عليه اليونانيون فيما بعد بلاد ما بين النهرين.

امتهن السومريون العديد من المهن، فقد عملوا كمزارعين وتجار وبحارة، وتعترف ديانتهم بالعديد من الآلهة الذين تم وصف مآثرهم ومعاركهم في الأساطير العديدة، والتي من الواضح أنها كتبت للأجيال القادمة.

أوروك

تنتهي فترة ما قبل التاريخ ببداية مدينة أوروك مباشرةً. ولقد سيطرت على جنوب بلاد الرافدين، وعرفت بإتقان نظام الري والإدارة فيها.

بداية الكتابة

لقد كانوا مبدعين بشكل مميز بشكل يجعلهم مسؤولون عن تطوير الكتابة الأولى، ويكاد يكون من المستحيل تخيل فترة ما قبل الكتابة، ومع ذلك، قد تشعر بخيبة أمل عندما تعلم أن الكتابة لم يتم اختراعها لتسجيل القصص أو الشعر أو الصلوات؛ بل لحساب السلع الفائضة، كفائض الشعير والماشية، وجرار الزيت!

فقد نشأ أصل اللغة المكتوبة بدافع الضرورة الاقتصادية، وكان أداة للنخبة الحاكمة (الكهنوتية) التي كانت تتتبع الثروة الزراعية للمدن بشكل أساسي.

الأحرف المسمارية

يمكن كتابة تلك الأحرف إما أفقيًا أو رأسيًا، على الرغم من أن النظام الأفقي كان الأشمل. ويوجد عدد قليل جدًا من تلك الحروف التي ليس لها سوى معنًا واحدًا، فمن الممكن أن تمثل العلامات المسمارية كلمة كاملة أو فكرة أو رقمًا أو مقطعٍ لفظي.

ونتيجة لذلك، كتبت الكثير من اللغات بالأحرف المسمارية عبر تاريخ الشرق القديم بسبب هذه المرونة.

وقد مر فن بلاد الرافدين بعدة فترات، تغير وتطور بها تطورًا ملحوظًا، ويمكن أن نقسم تلك الفترات إلى:

الفترة المبكرة

كان الفخار الخزفي هو الوسيلة الرئيسية لفن العصر الحجري الحديث، خلال الفترة المبكرة في بلاد الرافدين – والذي امتلك جودة أعلى بكثير من أي نوع من الفخار اليوناني الذي تم إنتاجه-.

وقد ظهرت حينها التصميمات الهندسية و الزخارف النباتية والحيوانية؛ حينما بدأوا بزخرفة العديد من المعادن الثمينة لتنتج لنا أجمل القطع الأثرية والأعمال الفنية.

وحوالي عام 3200 قبل الميلاد في بابل تم اكتشاف أول طلاء أظافر على الإطلاق، عندما قام الرجال بتلوين أظافرهم بالكحل، وهي مستحضرات تجميل قديمة تحتوي على كبريتيد الرصاص.

كان المعبد الأبيض من أعظم الأماكن الأثرية في أوروك تلك الفترة، والذي يعود تاريخه إلى أواخر الألفية الرابعة قبل الميلاد.

منظر عام لموقع المعبد الأبيض الأثري في العراق. اكتشف بواسطة وليام كينيت لوفتوس عام 1849. ويعتقد أن الاسم العربي لبابل، العراق، مشتق من اسم أوروك.

الألفية الثالثة

تمثال من الديوريت بتكليف من جوديا الذي أعاد بناء معابد لاجاش العظيمة وأمر بصنع تماثيل لنفسه فيها.

ظهر التمثال
الميداني القائم بذاته من الحجر والخشب خلال الألفية الثالثة، إلى جانب التماثيل البرونزية والمجوهرات الشخصية البدائية. وكانت النقوش الطينية أو النقوش على الأسقف شكلًا فنيًا مشهورًا، كوسيلة تستخدمها الطبقات المتعلمة لرواية القصص.

وتضمنت سلسلة من الأضرحة بعض التماثيل البرونزية، وخلال هذه الفترة، ظهر فن الأسر الغنية من خلال شخصيات بشرية رائعة مجسمة بالحجم الطبيعي بالحجر والنحاس، و بعض من الأختام الأكثر جمالًا على الإطلاق.

وهو الأمر الذي يشير إلى وجود أفضل نحاتين في المنطقة، ومما يؤكد على ذلك عدد “تماثيل جوديا” الذي لا يحصى، والتي مازالت حتى الآن.

الألفية الثانية

سقطت سلالة أور الثالثة في عام 2003 قبل الميلاد، وكان شمال بلاد ما بين النهرين تحت سيطرة آشور، بينما سيطرت بابل على الجنوب.

كانت هذه هي الفترة التي طور فيها الآشوريين منحوتاتهم الحجرية؛ كما يتضح من التماثيل والنقوش الأثرية التي زينت قصور الملوك.

قوانين حمورابي

كانت قوانين حمورابي واحدة من أقدم وأكمل القوانين المكتوبة، التي أعلنها الملك البابلي حمورابي.

وهي مجموعة من 282 قانون للتعاملات التجارية والغرامات، وعقوبات للوفاء بمتطلبات العدالة. تم نقش تلك القوانين على أسطوانة حجرية سوداء ضخمة، تم نهبها من قبل الغزاة لكن اكتشفت أخيرًا في عام 1901.

الإمبراطورية الآشورية وسقوط بابل (934-539)

ظهر الآشوريون في القرن العاشر قبل الميلاد كقوة مهيمنة في الشرق الأدنى، فقاموا ببناء قصور ضخمة ومعابد في نينوى ونمرود؛ والتي كانت تحرس بواباتها الحجرية الأسود أو الثيران المجنحة.

إمبراطور بابل ومدينته الأسطورية

حدائق بابل المعلقة

شرع الملك البابلي (نبوخذ نصر الثاني) في جعل عاصمته ببلاد الرافدين واحدة من أكثر المدن روعة في العالم. ففي تلك الفترة، خصوصًا في أواخر القرنين السابع والسادس قبل الميلاد، قام بتزيين المدينة بالمعابد والقصور وبنى أهم ما فيها: بوابة عشتار، وحدائق بابل المعلقة.

تمثيل لحدائق بابل المعلقة، الحدائق الأسطورية التي زينت عاصمة الإمبراطورية البابلية. بواسطة فرديناند كناب، ١٨٨٦ م.

حينما أضاف الإمبراطور تلك الحدائق الواسعة إلى مدينته، انتشر صيتها في جميع أنحاء العالم القديم. تعد حدائق بابل واحدة من عجائب الدنيا السبع، وهي المعجزة الوحيدة التي يتنازع وجودها بين المؤرخين.

يزعم بعض العلماء أنها كانت في نينوى، عاصمة الإمبراطورية الآشورية، وبعضهم يتشبث بالكتّاب القدامى وينتظرون علم الآثار لتقديم دليل إيجابي، وما زال آخرون يعتقدون أنها مجرد نسج من الخيال القديم.

يتم وصف تلك المدرجات الحجرية العالية بأنها تشبه الجبال، والتي زرعت مع العديد من أنواع الأشجار الكبيرة والزهور. لكن لم تكن المدرجات قد خلقت فقط تأثيرًا جماليًا لطيفًا للنباتات المعلقة؛ ولكنها جعلت الري أسهل.

ويقال أن سبب إنشاء الحدائق هو لجعل زوجة الملك البابلي تشعر بالحنين إلى وطنها الأخضر المليء بالتلال، لكن للأسف لا توجد إشارة إلى ملكة بهذا الاسم في السجلات البابلية.

بوابة عشتار

بنيت بوابة عشتار 575 قبل الميلاد مع أبراجها الجميلة، وتصويرها في بلاطات من الحيوانات الحقيقية والخيالية. زينت تلك البوابة بالثيران والتنانين والأسود بطريقة غاية في الجمال.

وفي غضون قرن من الزمن ، تم نسيان الفن السومري والأكادي والبابلي والآشوري، حيث بدأ العالم في تجربة النحت اليوناني ، كما يتضح من التماثيل المعمارية في البارثينون، وكذلك التماثيل السامية للنحت اليوناني الكلاسيكي الرفيع.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر:

Khan Academy
Visual Art Cork
Metmuseum.org
Ancient History
History.com

عن الفن القديم وفن العصر الحجري

هذه المقالة هي الجزء 1 من 9 في سلسلة مقدمة في تاريخ الفن القديم

عن الفن القديم وفن العصر الحجري

منذ بداية الخلق والتاريخ، ومع بداية اختراع الكتابة واكتشاف أول مأوى للإنسان في العصر الحجري القديم، بدأت هناك رحلة الفن. فن أول إنسان وأول حضارات قامت على الأرض.

حين تشعبت البشرية، وجابت بقاع الأرض؛ بدأت الحضارات والشعوب المتفرقة في الازدهار، وقد تحضروا حينما أدركوا أن الجمال يقع في كل شيءٍ حولهم؛ بدءًا من افتراس النمور للماشية، حتى صيد الإنسان لها، وصولًا باختراعهم طرق للحماية من الوحوش، سواء أكانت سلاحًا أم سحرًا!

ومنذ بدء الزراعة واكتشافهم للأشياء، بداية من النار والمعادن وصولًا للحضارة والديمقراطية مرورًا بالقوانين والسلطة وطريقة الحكم، ومع ظهور العلماء والفلاسفة والفلكيين والأطباء، حيث غاص كل شيء في بحاره الجديدة، رأوا الجمال في كل شيء من نوع خاص، وقرر كلٌ بطريقته أن يوثق هذا الجمال.

فبين ما يقرب من 5000 ق.م. و 300 م، ازدهرت الحضارات المتقدمة عمومًا في بلاد ما بين النهرين ومصر واليونان وسومريا وأكاديا والمكسيك وروما واليابان والصين والهند.

وقد لعب الفن دورًا مهمًا في هذه المجتمعات من خلال توفير وسيلة لفرض النظام الديني والسياسي. فعلى سبيل المثال، تعبّر واحدة من أشهر الأعمال الفنية في بلاد ما بين النهرين القديمة عن ذلك، وهي (شريعة حمورابي)، والتي تسمى بمهد الحضارة.

وهي مجموعة من القوانين المنحوتة على الحجر وتزينها صورة الملك حمورابي، وإله بلاد الرافدين.

وعلى الرغم من أن الفن بدأ على يد سكان عصور ما قبل التاريخ، وصنعوه منذ ما يقارب 40000 عام مضت، إلا أنه يعتبر أساسًا لكل تاريخ الفن؛ حيث ساهمت تقنياته وأشكاله وموضوعاته بشكلٍ كبير في تعريف الفن في أيامنا هذه.

ولنعرف ما هي أشكال الفن القديم، يجب علينا البدء بأول أبناءه، والذي ما زال صامدًا حتى الآن بشكل يثير الدهشة، فن العصر الحجري.

العصر الحجري القديم (30000 ق.م. – 2500 ق.م.)

يتميز فن العصر الحجري – والذي يعرف باسم فن ما قبل التاريخ أيضًا- بالرسم في الكهوف ، ولعل أشهر ما يوجد منه حتى الآن، الرسومات الموجودة في كهف لاسكو في فرنسا.

ولا نستطيع أن ننسى تمثال “امرأة ويليندورف” أو المعروف باسم “Venus of wilindurf”. وهي قطعة أثرية يقع تاريخ صناعتها إلى ما بين 24000 و 22000 قبل الميلاد، مما يجعلها واحدة من أقدم وأشهر الأعمال الفنية الباقية.

“Venus of Willendorf – امرأة ويليندورف”. 22,000 – 24,000 ق.م . يبلغ طولها 11,1 سم. متحف الفن الطبيعي – فيينا. حقوق ملكية الصورة: Steven Zucker

لكن أقرب فن لما هو قبل التاريخ هو مختلف عن كل هذا تماما، فلا مكان هنا لتماثيل فينوس الشهيرة أو لوحات الكهوف الجميلة في لاسكو والتاميرا، فهي تشبه فننا الحديث بشكل كافٍ. بل نتحدث هنا عن الأشكال الأولى للتعبير الفني لما قبل التاريخ، وتحديداً ما يعرف بالكبسولات، وهي واحدة من أقدم أشكال الفن ما قبل التاريخ.

لكن الشكل الرئيسي لفن ما قبل التاريخ هو (الفن الصخري) والذي يشمل:

  • نقوش صخرية، وتُعرف باسم المنحوتات الصخرية أيضًا.
  • نقوش تتضمن علامات مرسومة أو مطلية، ورموز هندسية، وبصمات يدوية.

وقد استمر إنتاج الفن الصخري في جميع أنحاء العصر الحجري القديم، ويمكن رؤيته في أوروبا وآسيا وأفريقيا وأستراليا والأمريكيتين.

النحت في العصر الحجري

هناك أربع فئات رئيسية للنحت ما قبل التاريخ:

الأجسام البشرية البدائية:

تعرض هذه العناصر قدرًا ضئيلًا جدًا من الإبداع؛ لدرجة أن بعض الخبراء يشككون في إمكانية اعتبارها فنًا.

النحت البدائي:

ومن الأمثلة على ذلك: سمك السلمون “Abri du Poisson Prehistoric Cave”.والتمثال المعروف باسم “Venus of Laussel”، بالإضافة للتماثيل الطينية. ويشمل أيضًا فنًا مصغرًا مثل نقوش الحيوانات في Gobekli Tepe.

تماثيل فينوس:

تم إنتاج هذه التماثيل الصغيرة بشكل أساسي في هذا العصر (وهي شبيهة بالتمثال السابق للمرأة أعلاه)، ومعظمها يبلغ بضع بوصات فقط في الطول، وتتميز بأشكال إناث مع تكبير واضح للثديين والبطن والوركين والساقين.

ويرى الخبراء أنها أيقونات ذات طبيعة دينية أو أنها خارقة للطبيعة، على الرغم من أن أهميتها الثقافية لا تزال لغزًا حتى الآن.

المنحوتات التصويرية من الشخصيات والحيوانات البشرية:

وظهر هذا النوع لأول مرة في أوائل العصر الحجري القديم. وذلك مثل “Lion Man of Hohlenstein Stadel”.

لوحات كهوف العصر الحجري القديم

مع تقدم هذا المجتمع بما فيه الكفاية لقبول الطقوس والاحتفالات ذات الطبيعة شبه الدينية، تم تخصيص بعض الكهوف لجعلها كمعارض فنية. فقد بدأ الفنانون في إنشاء سلسلة من اللوحات للحيوانات ومشاهد الصيد، وغيرها من الرسوم التوضيحية لحياة ما قبل التاريخ، بالإضافة للصور الرمزية.

ومن بين أعظم الأمثلة على لوحات الكهوف: لوحات “الخيول” المنفذة بالفحم على الحجر الجيري، و “قاعة الثيران” في كهف لاسكو، والذي يحتوي على أكبر صور معروفة للماشية آنذاك.

بالإضافة لرسومات كهف ألتاميرا متعددة الألوان، في كانتابريا بإسبانيا، والتي وصفها علماء الحفريات وغيرها بأنها “كنيسة السيستين لفن ما قبل التاريخ”.

العصر الحجري الحديث

تشتهر هذه الفترة بفنونها وهندستها المعمارية الأثرية والمنحوتات البرونزية، وما يميز لوحات ذلك العصر هي خروجها من الكهوف إلى الهواء الطلق، بينما يظهر بشكل واضح الفن المحمول، كالأواني والحلي.

تتميز فترة العصر الحجري الحديث بتطور الزراعة وتربية الحيوانات، مما أدى إلى أسلوب حياة أكثر استقرارًا؛ مما حفز نمو الفنون والحرف.

ومع وجود مزيد من الاستقرار على شكل القرى والمجتمعات الصغيرة، تتبدل اللوحة الصخرية بفن أكثر قابلية للنقل، والذي يزداد تدريجيًا باستخدام المعادن. وذلك حين استُخدم النحاس لأول مرة في بلاد ما بين النهرين.

كما يبدأ تصميم أدوات جديدة تأخذ مكانها بقوة في الساحة، ونبدأ برؤية التماثيل الكبيرة القائمة بذاتها بالحجر والخشب، بالإضافة لظهور الفخار والمجوهرات البدائية والتصميمات الزخرفية على مجموعة متنوعة من القطع الأثرية.

المواد الفنية المستخدمة في العصر الحجري:

استخدم النحاتون في عصور ما قبل التاريخ كل أنواع المواد التي يمكنهم وضع أيديهم عليها ، بما في ذلك الأحجار مثل الكوارتزيت والإسيتيتيت والحجر الرملي والسربنتين والحجر الجيري ، بالإضافة إلى عاج الماموث وعظام الحيوانات وجرافات الرنة.

وقد استخدم رسامو العصر الحجري مجموعات متعددة من المواد لإنشاء الألوان. بما في ذلك ظلال مختلفة من مغرة الطين وثاني أكسيد المنغنيز والفحم. من الممكن تمامًا معرفتهم بالأصباغ المستمدة من استخدامهم لفن الجسم ، مثل طلاء الجسم والرسم على الوجه.

اقرأ أيضًا عن: فن بلاد الرافدين

المصادر:
Artsy
Art history timeline
Stone Age Art
Khan Academy

Exit mobile version