ملخص كتاب مغامرة العقل الأولى للكاتب فراس السواح

ملخص كتاب مغامرة العقل الأولى للكاتب فراس السواح

اعتبر الكاتب الأساطير أنها نتاج محاولات الإنسان المتتابعة في كشف حقيقة العالم والحياة وإدراك البدايات وسعيه الدائم لفهم كل ما يدور حوله، فالفكر الإنساني لا يقف عند إطار معين ولا تعيقه حدود الزمان والمكان.

في القرن الثامن عشر كانت الأساطير تتهاوى أمام الفلسفة والدين وتبلور المناهج العلمية، فدنت مكانة الأسطورة إلى مرتبة الحكاية الشعبية أو الخرافة لأن ما تحتويه يتنافى تمامًا مع التفكير العلمي الحديث، ولكن مع بداية القرن التاسع عشر والذي جلب معه ثورة فنية وجمالية أعادت للأسطورة مكانتها كشكل فني من أشكال الفلكلور الشعبي، واعتبرت الأسطورة في ذلك الوقت أصلًا للفن والدين والتاريخ ولم تقف عند ذلك فقط بل إنها أثرت في العلوم الإنسانية كذلك بسبب احتوائها على رموز كامنة ومعان عميقة، كما ظهر في هذا القرن فرع جديد من العلوم وسمي بالميثولوجيا والذي يعني بدراسة علم الأساطير.

أما مع نهاية القرن التاسع عشر ظهرت مدارس عدة تهدف إلى تقديم نظريات شاملة متكاملة في تفسير الأساطير وبيان بواعثها، فاعتبروا الأسطورة أيضًا فنًا أدبيًا وحكمة وتراكم لنتاج الفكر الإنساني في مجال الأدب فهي تأخذ شكل حكاية لتعبر عن الطابع الفني والفكري والأدبي لشعب من الشعوب، كما أن الأساطير ارتبطت بالظواهر الطبيعية والكثير منها يرتبط بالقمر والشمس والماء وغيرها، فجاءت مفسرة للأسباب الكامنة وراء الكثير من هذه الظواهر.

حاول الكثير من العلماء دراسة الأساطير من اتجاهات مختلفة فرأى عالم الأنثروبولوجيا مالينوفيسكي أن الأسطورة تنتمي للعالم الواقعي وتهدف إلى تحقيق غاية علمية ولا علاقة لها بالبواعث النفسية، أما عالم النفس الشهير سيجموند فرويد فرأى تشابهًا في آلية عمل الحلم والأسطورة فهما نتاج للعمليات النفسية اللاشعورية، ففي الأسطورة كما في الحلم تقع الأحداث حرة خارج قيود الزمان والمكان وتعبر عن الرغبات المكبوتة، وهذا ما اتفق معه فيه تلميذه يونغ أن الأسطورة نتاج اللاشعور ولكن اختلف معه أن الأسطورة كالحلم.

ثم جاء فراس السواح ليضع الفروق الجوهرية بين الحكايات الشعبية والأساطير، فاعتبر الأسطورة نظام فكري متكامل يستوعب قلق الإنسان وتوقه الأبدي لكشف الغوامض، والأسطورة حكاية مقدسة يلعب دورها الآلهة وأنصاف الآلهة تنتقل من جيل إلى جيل بالرواية الشفهية بجانب حفظها مكتوبة على ألواح فخارية حفظت في المعابد ومكتبات الملوك، أما الحكايات الشعبية هي كالخرافة لا تحمل طابع القداسة ويلعب دورها بشر عاديين ولا تتطرق إلى موضوعات الحياة والقضايا المصيرية ولكنها تقف عند حدود الأمور الدنيوية العادية.

ثم ينتقل فراس السواح إلى أساطير الشرق القديم والتعريف بالأسطورة في سوريا وبلاد الرافدين، مع عرض لنص تلك الأساطير الحقيقي معتمدًا على أكثر من ترجمة لضمان الوصول إلى فهم متكامل للأسطورة.

سفر البداية

يقول الكاتب أن مسألة بدء العالم والحياة وخلق الإنسان هي أولى المسائل التي ألحت على العقل البشري لذلك لا نجد شعبًا من الشعوب إلا ولديه أساطيره الخاصة التي تفسر نشأة الكون والحياة.

تبدأ كل أساطير التكوين في منطقة سوريا وبلاد الرافدين بحالة من السكون والعماء المائي فلا تمايز ولا تشكل فيه فقط حالة هدوء شاملة وكأنه العدم، وفي لحظة معينة يذوب كل هذا السكون وسط صخب ناتج عن ولادة آلهة جديدة وينبثق الكون من لجة العماء فتبدأ الآلهة في خلق العالم ووضع أسس للكون والحياة ويبدأ الزمن الذي نعرفه الآن.

وكان لابد من تكرار دوري لفعل الخلق الأول في كل عام، ففي كل سنة يُخلق العالم من جديد وذلك يحدث بمساعدة البشر عن طريق قيامهم ببعض الطقوس التي تشد أزر الآلهة ضد القوى التي تتصدى لحركة الكون، ويمكن اعتبار هذا تفسيرًا للاحتفالات الدينية في رأس السنة والتي بدأت في بابل وما زالت موجودة حتى يومنا هذا.

وقد ذكر الكاتب النصوص التي تذكر بداية الخلق عند السومريين، وذكر كذلك الملحمة البابلية الشهيرة التي تمثل خلق الكون والتي تسمى ” الإينوما إيليش” مع ذكر نصوص أخرى في التكوين، كما ذكر التكوين الكنعاني الذي وجدت الألواح الخاصة به في مدينة أوغاريت على الساحل السوري، وأخيرا التكوين التوراتي معتمدًا على ما كتبه العبرانيون عن أنفسهم في التوراة باعتباره تاريخًا.

سفر الطوفان

بعد خلق البشر على الأرض بمدة قصيرة أدرك الآلهة أن البشر لم يحققوا الغاية الأساسية من خلقهم وعاثوا في الأرض مفسدين وخالفوا أمر الآلهة، فتقرر بعض الآلهة إفناء حياة البشر مع الحفاظ على ما أنجزه الإنسان على الأرض عن طريق إنقاذ مجموعة صالحة من البشر لتبني مدن ومجتمعات جديدة بعد انتهاء الدمار.

تختار الآلهة واحدا من البشر ويكون أصلحهم وتوكل إليه مهمة إعمار الأرض بعد الدمار ويكون هو المنقذ لمجموعة من البشر الصالحين والحيوانات وكل ما يلزم لتعود الحياة مرة أخرى، وتعتبر هذه الخطوط العريضة التي تتشابه فيها أساطير الطوفان السومرية والبابلية والعبرانية.

أساطير الدمار

تروي أساطير الدمار أحداث لا تقل رهبة عن أحداث الطوفان ولكن هذه الأحداث لم تكن دمارًا شاملًا وإنما كانت دمار جزئي يتوقف عند نقطة معينة قبل أن يقضي على الحياة، واعتبر الكاتب هذه الأساطير نوع من أنواع التعبير عن طاقات البشر التدميرية الكامنة، أو أنها كانت تبريرًا وتعليلًا لكوارث حقيقية حدثت بالفعل وجاءت الأسطورة تروي تساؤلات البشر.

ذكر الكاتب الكثير من الأساطير ومنها الأسطورة البابلية التي تحكي انتشار الطاعون في البلاد والذي كان سببًا فيه الإله (إيرا) إله الطاعون والأوبئة الفتاكة، كما جاءت الأسطورة التوراتية معبرة عن محاولات موسى في إقناع فرعون أن يسمح له ولشعبه بالخروج من أرض مصر ولكن تذهب محاولاته هباءًا، فيشكيه موسى إلى ربه يهوه فيلقي يهوه بالأهوال على رأس فرعون وشعبة فتمتلأ الآبار بالدماء وتنتشر الأمراض والأوبئة وتموت الحيوانات وتخرب الأرض والمزروعات.

سفر التنين

كما علمنا من الأجزاء السابقة أن قبل الخلق كان هناك حالة من العماء المائي والسكون وبعد الخلق أصبح الكون في حالة من الفوضى والصخب، فظلت الآلهة القديمة في حالة حرب لتعيد للكون سكونه البدئي، وتفعل ذلك بمساعدة بعض الكائنات الخارقة ورأى الكاتب أن اتباع المنطق الفرويدي يوصلنا إلى أن تلك الكائنات تمثل قوى اللاشعور الفردي التي تناقض دائمًا الوضع الحضاري للإنسان وتقتحم عالم الشعور.

نقش سومري يظهر فيه شكل التنين

سفر الفردوس المفقود

طالما كانت الفردوس هي الأمل البعيد للبشر النور الذي يشع في نهاية نفق الحياة الشاقة وتعبير سلبي لدى كل الشعوب عن رغبة في التعبير لم تخرج إلى حيز الفعل.

فمثلًا الجنة السومرية قد مثلت بأرض نقية خضراء خاصة في أسطورة “دلمون” التي تحدثنا عن أرض دلمون المكان الطاهر النظيف حيث لا تنعق الغربان، المكان الذي يعيش فيه إله الماء العظيم عند السومريين الإله ” إنكي” وزوجته ” ننخرساج” التي تمثل الأرض الأم، وهنا تتشابه الأسطورة السومرية مع الفردوس التوراتي حيث عاش آدم وحواء وجاءت الأسطورة البابلية مشابهه لهم وبالأخص مع الجنة السومرية ففي الأساطير البابلية اعتبرت دلمون مكانًا للخالدين، لذلك فإن دلمون تعتبر الجنة السومرية البابلية.

سفر قابيل و هابيل

بما إن المجتمع السوري القديم كان يقدس الزراعة بشكل كبير فنرى في النصوص السومرية الثلاثة التي ذكرها الكاتب والتي تحكي التنازع بين المزارع والراعي تكون دائمًا الغلبة للمزارع على الراعي.

وكذلك يسير النص التوراتي على خطى النصوص السومرية فيذكر حكاية ابني آدم وحواء قايين والذي اشتغل بالزراعة وهابيل الذي اشتغل بالرعي، فقاما بتقديم قربانًا للرب فقدم هابيل ذبائح وقدم قايين ثمار الأرض التي يزرعها فتقبل الرب هابيل ولم يتقبل قايين، فدفعت به الغيرة إلى قتل أخيه.

في النص التوراتي تظن في البداية أن الغلبة للراعي على المزارع ولكن بعد ذلك ترى مصير المزارع المفجع، وقد فسرها الكاتب أن اليهود كانوا قوم رعاة قبل استقرارهم وانشغالهم بالزراعة وبناء المدن لذلك فهم يكنون احترامًا لتاريخهم الرعوي.

سفر العالم الأسفل

إن دورة الحياة والموت والبعث كانت الفكرة المركزية في الدين والأسطورة ويتمركز حولها لاشعور الإنسان في الماضي والحاضر، فنجد من خلال الرموز في الأساطير القديمة أن الموت لم يكن أبدًا مرحلة نهائية ولكنه اعتبر دومًا بمثابة عبور الإنسان من حالة إلى حالة أخرى تختلف كثيرًا عن الحالة التي ألفاها على الأرض، وبالتالي فلم يكن خوف الإنسان الكامن من الموت خوفًا من الفناء ولكنه كان خوفًا من المجهول.

كان العالم السفلي في سوريا وبلاد الرافدين عبارة عن عالم يقع تحت عالمنا وأطلق السومريون عليه اسم “كور”، حيث تمضي إلى هذا العالم أرواح جميع الموتى دون تمييز بين الصالح والفاسد والغني والفقر ويحتفظ الكل بمكانته التي كانت على الأرض فالأمير يظل أميرًا والعبد يظل عبدًا.

وهذا العالم يقع خلف سبعة جدران وله سبعة بوابات حصينة عليها حراس غلاظ شداد ويُقاد القادم عبر البوابات السبعة بعد أن يُنادى باسمه حتى تسمعه أرشكيجال (إلهة العالم السفلي) وعند كل بوابة يتخلى عن شيء من متاعه وملبسة إلى أن يصل أمام أرشكيجال عاريًا.

نزول الإله أوتو (إله الشمس) للعالم السفلي

سفر الإله الميت

بعد خلق العالم تتخذ الآلهة الكبيرة من السماء مسكنًا لها وتبتعد عن البشر وصخبهم مفسحة المكان للآلهة الأصغر التي تلقى الاحترام والتبجيل من البشر مثل آلهة الخصوبة والظواهر الكونية ولا يلجأ البشر إلى الآلهة الكبيرة إلا في حالة الأخطار العظيمة مثل الأوبئة أو العواصف والأعاصير.

كانت من أكثر الظواهر الطبيعية المحيرة بالنسبة للبشر هي فكرة اخضرار الطبيعة وازدهارها في وقت من السنة ويبوسها في الوقت الآخر، وقد غلبت على أساطير الشرق القديم فكرة موت الطبيعة وانبعاثها من جديد وكأن الموت هو الوجه الآخر للحياة، وتتجدد الطبيعة بموت إله وتضحيته بنفسه من أجل استمرار الحياة، وتعتبر حياة الإنسان على الأرض نوع من الخلاص يحمله الإله الميت لبني البشر.

هجرة الإله الميت

كثيرا ما تتشابه الأساطير في جوهرها من مكان إلى مكان فكلها في الأصل تعبير عن دوافع دفينة واحدة، فنجد أن أسطورة الأم الكبرى أو الروح الإخصابية الكونية وحبيبها المفقود الذي تبحث عنه في كل مكان انتقلت من سوريا وبلاد الرافدين إلى بقية أنحاء العالم، فمثلًا تتشابه الأسطورة المصرية ” إيزيس وأوزوريس” مع أساطير أخرى في سوريا وبابل، ونجد أن بلاد الإغريق عندهم نفس الأسطورة ممثلة في أسطورة ” أفروديت وأدونيس” وغيرها من الأساطير التي تسير على نفس المنوال.

إيزيس وأوزوريس

السيد المسيح ( آخر المخلصين)

كان قلة من اليهود يتوقعون ظهور المهدي المنتظر أو المسيح لينقذ الشعب من اضطهاد الرومان ويبني ملكوت الرب على الأرض، وعندما صلب المسيح رأوا أنه غادرهم لأن البشر ليسوا مؤهلين للدخول في ملكوت الرب بعد.

وقد واجهت المسيحية الكثير من الصعاب قبل انتشارها ولكنها انتشرت بصورة واسعة في البداية لدى أفراد الجاليات اليهودية في الإمبراطورية الرومانية ثم بعد ذلك انتشرت بين أفراد من غير اليهود، وكان المسيح بمثابة الإله الميت الذي ذكر في الأساطير، فقد ولد من أم عذراء وجاء مبشرًا لرسالة جديدة ثم عانى وتألم ومات في سبيل خلاص البشرية.

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص رواية “العمى” للكاتب جوزيه ساراماغو

ملخص رواية “العمى” للكاتب جوزيه ساراماغو

“المعجزة الوحيدة التي نستطيع تحقيقها هي أن نستمر في العيش ، نحافظ على هشاشة الحياة من يوم إلى آخر” جوزيه ساراماغو، رواية العمى

تبدأ الحكاية عند إحدى إشارات المرور في أحد شوارع المدينة عندما أضاءت الشارة منبهة السيارات للعبور حدثت جلبة شديدة بسبب عدم تحرك سيارة واحدة في الأمام، ظن الناس في البداية أن هناك عطل ما في السيارة ولكن كان السبب أغرب من ذلك بكثير فقد عمى صاحب السيارة بدون أي مقدمات ولكن كان هذا العمى مختلفًا فقد كان عمى لونه أبيض وكأنه سقط في بحر حليبي لا يرى شيئًا سوى البياض، عرض أحد المارة مساعدته وأوصله لبيته ثم سرق سيارته وهرب.

ذهب الرجل مع زوجته لطبيب العيون ليرى أين المشكلة، دخلوا العيادة فوجدوا فيها مرضى آخرين في انتظار مقابلة الطبيب، كهل ذو عين معصوبة وفتاة ترتدي نظارة سوداء وطفل صغير مع أمه، دخل الأعمى مع زوجته إلى الطبيب وبعد الفحص لم يجد أي مشكلة في عينيه فقد بدتا سليمتين تمامًا فأمره الطبيب بإجراء بعض التحاليل لمعرفة ما سبب هذه الحالة الغريبة.

رجع الطبيب إلى بيته في حيرة تامة فلم يمر عليه حالة كهذه من قبل ويكاد يجزم أنها لم تمر على أحد من زملائه أيضًا، حكى لزوجته ما حدث وذهب ليراجع بعض المراجع عله يجد ما يفيد ولكن وبدون مقدمات وجد نفسه يسبح في بحر حليبي، قد أصابه العمى هو الآخر.

أحس الطبيب بخطورة الأمر وفكر أن يكون عمى هذا الرجل معديًا، حاول أن يكلم الجهات المسؤولة لينبههم بقدوم جائحة في الطريق ولكن لم يستمع إليه أحد، حتى وجدوا المزيد من الحالات فأخبروه أن يحضر نفسه سوف تنقله سيارة إسعاف مع الآخرين، وعند حضور السيارة ادعت زوجته بأن العمى أصابها هي الأخرى حتى تكون مع زوجها.

تم نقلهم إلى مبنى قديم ومتهالك كان يستخدم كمستشفى للأمراض العقلية سابقًا وأرشدهم إلى الغرف الجنود عبر مكبرات الصوت ووعدوهم بتقديم الطعام بانتظام كل يوم وأمروهم بالالتزام التام وعدم محاولة الخروج والاهتمام بنظافة المكان لأنها مسؤوليتهم الخاصة.

تم وضع العميان في جناح والمخالطين لهم في الجناح المقابل، كانت الغرفة الأولى من جناح العميان تضم الطبيب والأعمى الأول وسارق السيارة الذي عمى هو الآخر بعد سرقته تلك والفتاة ذات النظارة السوداء والطفل الصغير وموظف استقبال عيادة الطبيب.

حاولت زوجة الطبيب المساعدة في تنظيم الأمور قليلًا في الغرفة مع إخفاء أمر قدرتها على الإبصار عن الجميع إلا زوجها، ولم يمر يومان حتى وصل المزيد من المصابين وبعد أيام أصبح كل المخالطين عميان والتقى الأعمى الأول بزوجته وجمع شملهم من جديد.

مع مرور الوقت ازداد عدد العميان واكتظ المكان بالبشر وأصبحت حصص الطعام لا تكفي الجميع، كما أصبحت دورات المياه أقذر مكان على وجه الأرض وملأت الرائحة أرجاء المبني، وكانت زوجة الطبيب دائمًا ما تخبرهم بضرورة الحفاظ على ما تبقى لهم من إنسانيتهم في هذا المكان البائس، مع كثرة الأعداد كان صعب على الجنرال وجنوده السيطرة على الوضع وأصدر أوامر واضحة أن من يقترب من البوابات فسوف يقتل وبالفعل قتلوا مجموعة من العميان وأمروا الباقيين بدفنهم في حديقة المبنى، ومن ضمن الوافدين الجديدين على الغرفة الأولى كان الكهل الذي كان في عيادة الطبيب وصل ومعه راديو صغير يعمل بالحجارة سمعوا منه أخبار العالم الخارجي والتي كانت سيئة جدًا، كما حكى لهم الكهل كيف كانت الكارثة عندما عمى أول سائق نقل عام وأول طيار وكيف تحطمت الطائرة ومات كل من فيها، وزيادة الأعداد وكيف لم تستطع الحكومة احتواء الموقف وانتشرت الفوضى.

وفي يوم خرج مجموعة من الغرفة الأولى لإحضار الطعام ولكنهم لم يستطيعوا الوصول إليه فقد وجدوا عائق في طريقهم، مجموعة من العميان تسد عليهم الطريق مسلحين بهراوات ومع أحدهم مسدس يهدد به كل من يحتج، استولوا على حصص الطعام وغرفة كاملة لهم.

رجع مندوبو الغرفة الأولى وفي يأس أخبروا الجميع بما حدث، ثم وصلتهم الأوامر لو أنهم يريدون الطعام فإن عليهم الدفع وجمع كل ما معهم من أوراق نقدية ونفائس وتقديمها لهم مقابل الطعام، امتثل الجميع للأوامر وذهب الطبيب والأعمى الأول لاستلام حصص الطعام، فسلموهم ثلاثة صناديق فقط من الطعام حاول الطبيب الاعتراض ولكنهم هددوه بالمسدس فأخذ الصناديق ورجع في حزن.

لم يكتف هؤلاء من الأموال والمقتنيات فأصدروا الأوامر في غير احتشام أنهم يريدون النساء وعلى كل غرفة أن تمتثل للأوامر وإلا فلا طعام، أو يكون مصيرهم كمصير تلك المجموعة من العميان التي أعلنت العصيان فكان جزاؤها الموت، في خزي وأسى امتثلت جميع الغرف للأوامر واستلموا الطعام، وقامت زوجة الطبيب بعدها بقتل قائدهم باستخدام مقص كان معها قصاصًا لما حدث لهن، وظل هؤلاء المجرمين مختبئين في غرفتهم خوفًا من أن ينال أحدهم ما ناله القائد.

بعد أيام لم يصل فيها الطعام ولا سمع فيها صوت الجنزال عبر المكبر، نشب حريق هائل في غرفة المجرمين أشعلته إحدى الفتيات اللاتي تعرضن للاغتصاب، لم يقدروا على السيطرة على الحريق فنشب في أرجاء المكان وهرب من هرب من العميان والآخرين لاقوا حتفهم في النيران، قادت زوجة الطبيب زوجها والطفل الصغير والفتاة ذات النظارة السوداء والكهل والأعمى الأول وزوجته للخارج بعد أن علموا بأمر قدرة زوجة الطبيب على الرؤية، استطاعوا الخروج من البوابة ولم يجدوا أحدًا من الجنود في الخارج، فقرروا الذهاب لبيت كل واحد منهم بالترتيب الأقرب فالأبعد ولكن كان عليهم أن يستريحوا ويأكلوا أولًا.

هبت زوجة الطبيب للاستطلاع فوجدت كل الحوانيت فارغة ويقطنها البشر فسألت أحدهم وأخبرها أن المدينة كلها أصابها العمى ولم يعرف أي أحد بيته أو مكانة فقرروا السكن في أول مكان يقابلهم حتى لو كان حانوت.

رجعت زوجة الطبيب لمجموعاتها وأخبرتهم بما عرفت وبدأوا في التحرك بعد أن وجدت لهم بعض الطعام وناموا قليلا في أحد الحوانيت، مروا على بيوتهم جميعًا ولكنها كانت فارغة أو مسكونة فقرروا البقاء معًا والذهاب لبيت الطبيب الذي صمد أمام محاولات اقتحامه وظل على حالته الأولى، وفي أثناء طريقهم لبيت الطبيب رأت زوجته مدى الحال السيئة التي وصلت لها المدينة فالقاذورات تملأ المكان والجثث من البشر والحيوانات ملقاه على الطريق ولا طعام يكفي أحد وحال الناس يرثى لها وقد تخلوا عن معظم صفات الحياء والإنسانية في سبيل مواكبة الأزمة.

مكثوا في بيت الطبيب فترة كانت خلالها زوجته تعتني بهم وتنظم شؤونهم حتى تكل وتخور قواها، وكانوا يتدبرون الطعام بشق الأنفس ولا ماء للشرب أو النظافة فاعتمدوا على ماء المطر وتأقلموا على الروائح المنبعثة من الشارع بفعل القاذورات.

وفي يوم من تلك الأيام صرخ الأعمى الأول “أنا أرى، أنا أرى”، عاد له بصره بدون مقدمات كما ذهب منه بدون مقدمات، قرر الأعمى الأول بعد أن صار بصيرا أن يرجع هو وزوجته إلى بيتهم ووافقته الفتاة ذات النظارة السوداء بعد أن عاد لها بصرها هي الأخرى ورجعت إلى بيتها ورافقها الكهل، أما الطبيب وزوجته فظلوا في بيتهم مع الطفل الصغير الذي لا يعرف عنوانه ولا يعرف أين أمه، استعاد الطبيب هو الآخر بصره وتعالت صيحات الفرح في الشارع بسبب استعادتهم لبصرهم جميعًا وذهب وباء العمى فجأة كما اجتاح المدينة فجأة.

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص رواية “شجرة البؤس” للأديب طه حسين

ملخص رواية “شجرة البؤس” للأديب طه حسين

“لكأن للبؤس شجرة تضرب بجذورها في أرواحنا تتغذى على أيامنا وتمتص حيويتنا وآمالنا ثم تطرح ثمارها من حسك وشوك نلوكها مرغمين فلا مفر من قدرنا المرسوم”
طه حسين، رواية شجرة البؤس

تدور أحداث الرواية في أحد الأقاليم المصرية وتروي حكاية الصديقين التاجرين على وعبد الرحمن، فالأول كان تاجرًا من سكان الأقاليم أما الثاني فهو تاجر يعيش في القاهرة جمعتهما ظروف العمل وأصبحا صديقين حميمين وتربط بينهما علاقة مصاهرة فقد تزوج خالد ابن علي من نفيسة بنت عبد الرحمن تلك الفتاة البائسة صاحبة الوجه الدميم الذي كان سببًا في أن تكون حياتها مأساة برغم من رغد العيش في بيت والدها إلا أنها لم تسلم من مضايقات من قريب وبعيد حتى أصبحت ترى نفسها وكأنها الشيطان.

تم الزواج بأمر من شيخ الإقليم الذي يبجله ويعظمه كُلًا من عبد الرحمن وعلي وابنه خالد فبمجرد أن أمر بالزواج وباركه وافق جميع الأطراف دون نقاش ومجادلة، حتى خالد لم يعترض على الزواج ولم يعترض على زوجته في البداية، وبالرغم من عدم موافقة أم خالد ورفضها لتلك العروس بشعة المنظر لابنها إلا أنها خضعت إلى أمر زوجها ولكنها هددته بأنه بهذا الزواج يزرع بذرة شجرة البؤس في عقر داره، ولم تتحمل هي تلك الزيجة ورقدت في الفراش مريضة ثم وافتها المنية بعد الزواج بأيام قليلة.

عاش خالد سعيدًا مع زوجته في البداية لا يعبأ بشكلها وكانت هي نعم الزوجة والصاحبة والسكن ورزق منها بفتاة صغيرة كانت معجزة الخالق في جمالها ووجهها المشرق مثل الصباح وأسماها سميحة، ولكن منذ ولدت هذه الطفلة ورأى جمالها أدرك مدى قبح زوجته فأصبح لا يكف عن مضايقتها ومقارنتها بابنتها فقد غلبته نفسه الأمارة بالسوء ولم يستطع منع نفسه من إيذاءها، وكانت نفيسة في ذلك الوقت تحمل في جوفها طفلة ثانية وعندما ولدت كان للطفلة نصيب من حظ أمها البائس ودمامة شكلها، وزادت مضايقات خالد لزوجته ومقارنة بناته ببعضهن وبأمهم مما كسر قلب نفيسة وآلمها كثيرًا حتى ألم بها المرض ورقدت في الفراش لا تدري بأي أرض هي ولا تعي ما يحدث حولها، فطلب عبد الرحمن من خالد أن يردها إليه هي وبناتها حتى يعتني بهن وحتى ترتاح نفيسة قليلًا.

ظلت نفيسة مقيمة عند والدها فترة طويلة حتى نسيها أبو خالد أو كاد ينساها لولا رؤيته لولده يعيش عيشة الأعزب ويرثى لحاله، أما هو فقد اتخذ لنفسه الكثير من الزوجات ورزق بالكثير من الأبناء وكبرت عائلته وأصبح ماله بالكاد يكفي تلك البطون الجائعة، بل أصبح ماله لا يكفي لسداد ديونه واستنكر عليه الشيخ فعلته وأصبح حديث أهل المدينة جميعًا، أما خالد فقد انشغل بعمله الجديد ككاتب في المحكمة الشرعية.

كان معظم راتب خالد يذهب لوالده ليساعده على إعالة أسرته الكبيرة، أما عبد الرحمن فقد كانت تجارته تعرضت للكساد وصعبت عليه الحال وما زاد الأمر سوءًا زيارة الشيخ وأصحابه التي كلفته معظم ثروته لإرضاء الشيخ فكل ليله كانت تقام حلقات الذكر وتذبح الذبائح حتى كانت آخر ليلة للشيخ عند عبد الرحمن انقضت وذهب معها آخر جزء من ثروته ولم يبق له إلا الدار التي يسكنها.

بعد ذهاب الشيخ بأيام قليلة مات عبد الرحمن تاركًا زوجته وابنته في رعاية خالد وأبيه، انتقلتا من القاهرة للمدينة للعيش في بيت أبو خالد حتى لحقت أم نفيسة بزوجها وتركت نفيسة وحيدة يشتد عليها مرضها حتى أصبحت لا تعي شيئا ولا تعرف حتى بناتها.

بعد أيام من موت عبد الرحمن مات الشيخ وهو يصلي بأصفيائه بعد أن أوصى خالد أن يتزوج من ابنة مسعود ذلك التاجر الثري الذي يعيش في المدينة ولأن مسعود يثق في الشيخ ثقة عمياء فقد وهب ابنته إلى خالد دون تردد، وتولى ابراهيم ابن الشيخ مكانه من بعده ولقب هو الآخر بالشيخ وأصبح الآمر الناهي صاحب الكلمة والمشورة المباركة كما كان والده، وأول عمل له أنه هم بتنفيذ وصايا والده ومنها أمر زواج خالد من منى بنت مسعود، وكان أبو خالد مغتاظًا من هذا الزواج وفي قرارة نفسه كان لا يريده أن يتم ولكن أمر الشيخ نافذ فأما العروس فقد كان يريدها لنفسه وأما ثروة مسعود فستذهب كلها لخالد دون أن يستفيد هو منها، وكانت نفسه غالبة عليه وامتلأ قلبه بالشر والحقد على ولده حتى اتخذ خالد دارًا منفصله وبعيده عن دار والده وعاش فيها هانئ البال مع زوجته التي رزقته الكثير من الصبية الصغار.

استمرت حياة خالد مستقرة وهادئة حتى أمره الشيخ بالعمل في الدائرة السنية والانتقال من مدينة إلى مدينة أخرى لغرض في نفس الشيخ وذلك لأن تلك المدينة استعصت علىه فلم يكن له مريدين فيها ولا أتباع فأراد أن يكون هناك دار تابعه له في البلدة حتى يستطيع الذهاب إليها في أي وقت.

انتقل خالد إلى عمله الجديد وسكن في دار رحبة مع منى وأولاده في استقرار حتى علم بأن مرض نفيسة قد اشتد عليها فاقترحت منى أن تنتقل نفيسة وبناتها إلى بيتهم حتى تستطيع رعايتها، عاملت منى البنات ونفيسة على أحسن ما يرام حتى تزوجت سميحة تلك الفتاة ذات الوجه الجميل من رجل ثري له أولاد من زوجة أخرى وعاشت معه حياة شقية تعيسة لا تخلو من الصعاب وظلت جلنار في بيت أبيها تكابد عناء العمل في المنزل ورعاية الصغار ولكن كانت تشغل به نفسها عما تراه من أخواتها من نفور وبغض لوجهها.

بعد أن رزقت منى بطفلتها الأولى تغيرت نظرتها إلى جلنار وتغيرت معاملتها لها وتركت عليها أعمال المنزل كلها فأصبحت كالخادمة في بيت أبيها وتحطمت أحلامها بالزواج بعد أن خطب سالم ابن عمها والذي كانت تكن له مشاعر طيبة أختها من أبيها ولم يخطبها هي، كانت الصدمة قوية عليها حطمت قلبها ولم تنته نوائبها عند هذا الحد ولكن ساء الوضع بوفاة والدتها، فقد أصبحت وحيدة كليًا تعمل خادمة في بيت أبيها بوجه بشع وروح ضائعة وقلب مكسور.

وكان خالد حريصًا على أن يعلم أولاده ويلحقهم بالمدارس التي حرم هو منها ويلبسهم أزياء على الموضة ولكن بسبب كثرة عدد أبناؤه ضاقت عليه الحال وأصبح يجاهد ليحافظ على ما تبقى من منزله حتى كبر الأولاد وسافر منهم من سافر وتزوج من تزوج، وبقيت جلنار المسكينة وحيدة تعاني في بيت أبيها وكأنها ثمرة من شجرة البؤس التي زرعها أباه عندما زوجه من نفيسة.

مرت الأيام ثقيلة على روح جلنار تتحمل فيها مضايقات منى وبناتها ولا تعترض على قدرها المحتوم حتى مات خالد وامتلأ البيت بالحزن ولم تتحمل جلنار وفاة والدها فدخلت غرفتها ولزمتها أيامًا لم تخرج منها إلا إلى جوار والدها في تلك الدار التي لا يعرف أهلها تحاسدًا ولا تباغضًا والتي لا لغو فيها ولا تأثيم.

ملخص رواية “بداية ونهاية” لنجيب محفوظ

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص كتاب “خرافة التقدم والتخلف” للكاتب جلال أمين

ملخص كتاب “خرافة التقدم والتخلف” للكاتب جلال أمين

خرافة التقدم والتخلف:

يسلط الكاتب الضوء على وجود الكثير من الخرافات، التي يعتبرها الكثيرون مسلمات ولا خطأ، فيها كخرافة أن مستقبل أي أمة حتمًا يجب أن يكون أفضل من ماضيها، على اعتبار أن التقدم يسير كخط صاعد دائمًا، أو كسلم كل درجة فيه أعلى من سابقتها، لكن قياسًا على الواقع هذا لا يحدث مطلقًا، فكل أمة تمر بمراحل تبادلية بين التقدم والتأخر، فكانت نظرة اليونانيين إلى التاريخ عمومًا، على أنه دورات من التقدم والتأخر، وكذلك رأى ابن خلدون، أن تطور التاريخ يمثل بشكل دائري، نقطة البداية هي نفسها نقطة النهاية.

ومقصد الكاتب من فكرة التقدم ليس التقدم الجزئي في أشياء بعينها، ولكن التقدم الشامل الذي يضم جميع الجوانب، بمعنى لو أن أمة معينة متقدمة عسكريًا واقتصاديًا مثلًا، فعند النظر للوهلة الأولى تحسبها متقدمة في جميع المجالات، ولكن عند النظر بشكل مفصل أكثر، قد تجد أن التقدم العسكري والاقتصادي لهذه الأمة كان على حساب الحياة الاجتماعية مثلًا، أو العلاقات السياسية أو حتى على المستوى الأخلاقي.

ومن ضمن النتائج السلبية للمفهوم الخاطئ للتقدم، خلق بعض الظواهر والمسميات مثل ظاهرة عقدة الخواجة التي تجتاح المجتمع المصري مثلًا، وهي الشعور بالدونية مقارنة بأي شيء أوروبي أو أمريكي، ولا تعتبر عقدة الخواجة مفهوم عريق، فلا يزيد عمر هذه الظاهرة عن مائة عام تقريبًا، أي منذ أن بدأ العالم يصبح قرية صغيرة، وأصبح الناس على علم بما يحدث في كل مكان، جعلت هذه الظاهرة فئة كبيرة من المجتمع المصري على اقتناع تام، بأن أي شيء أوروبي أو أمريكي هو أفضل من نظيرة المصري، حتى ولو لم يكن كذلك، وجعلت لديهم ميل شديد إلى تشبيه كل شيء جميل في حياتهم أنه أجنبي، على اعتبار أن هذا التشبيه يرفع مكانة الشيء، ويتشابه هذا التصرف مع قول ابن خلدون أن المغلوب دائمًا مولع بتقليد الغالب.

كما أثار الكاتب الشك حول الكثير من المفاهيم وأعاد النظر إليها بشكل مختلف مثل:

التنمية الاقتصادية:

رفض الكاتب تقسيم الرفاهية الإنسانية إلى أجزاء مثل رفاهية اقتصادية ورفاهية ثقافية ورفاهية سياسية وهكذا، فيعتبر هذا التقسيم تقسيم خاطئ فالإنسان كائن لا يمكن تجزئته حتى على مستوى التحليل النفسي بغرض فهمه مثلًا، ووضح كيف تتعارض أهداف الاستعمار مع التنمة الاقتصادية للبلاد المستعمَرة، كما أنه ذكر مراحل تطور شعارات التنمية الاقتصادية من بداية الخمسينات وحتى فترة التسعينات.

التنمية الإنسانية:

أظهر الكاتب اعتراضه على قرارات ومفاهيم ابتدعها الأمم المتحدة في مجال التنمية الإنسانية، مثل برنامج هيئة الأمم المتحدة للإنماء، الذي رتب الدول من حيث تقدمها أو تأخرها في مضمار التنمية الإنسانية، بناء على ثلاثة مؤشرات وهم متوسط دخل الفرد والعمر المتوقع لدى الوفاة، وحالة التعليم دون النظر للكثير من العوامل الأخرى التي قد تغير الترتيب بصورة واضحة، كما أنها قارنت بين الدول الأوروبية والعربية مقارنة باهتة سطحية، فمثلًا ربطت بين نسبةإنتاج واستهلاك الصحف في الدول الأوروبية والعربية، والوضع النسبي للمعرفة، فتدني نسبة استهلاك وإنتاج الصحف في الدول النامية، يدل على تدهور حالة الثقافة والمعرفية فيها، دون النظر إلى جوانب أخرى.

كما أثار مصطلح تمكين المرأة الكثير من الجلبة، فيعبر المصطلح عن إزالة القهر والصعوبات التي تتعرض لها المرأة في حياتها، وإعطاءها فرص العمل في جميع المجالات، ولكن هل من الصحيح أن تتساوى المرأة بالرجل مساواة مطلقة، دون مراعاة الفروق الجسدية والصحية للجنسين، كما أن فكرة تمكين المرأة لم تحررها من كل قيودها كما هو متوقع، ولكن كما حررتها من بعض القيود فقد قيدتها بأخرى، فمثلًا قد سبب تمكين المرأة ارتفاع نسب الانفصال، وفي معظم الأحيان تصبح المرأة هي المسؤولة عن مراعاة الأطفال، وتكون مضطرة للعمل حتى تستطيع مراعاتهم، كما أن هذا المصطلح يختلف تنفيذه في الدول الأوروبية عن العربية، فلا شك أن المرأة العربية تتعرض لبعض صور القهر، ومن حقها المطالبة بحريتها، ولكن هذا لا يعني تحررها غير اللائق والمعارض مع عادات وتقاليد المجتمع الذي تعيش فيه.

الحرية:

كذلك ألقى الكاتب الضوء على إعادة صياغة مفهوم الحرية، في كتاب (التنمية حرية) للكاتب (أماريتا سن)، حيث عبر فيه أن الاحتياجات والرغبات الإنسانية كلها تقع تحت وطأة مفهوم الحرية، ولكن كان للكاتب رأي آخر، فقد رأى أنه من غير الصحيح إنساب احتياجات ورغبات الإنسان إلى مفهوم الحرية، فهناك احتياجات ضرورية لا يستطيع الإنسان الاستغناء عنها، مثل المأكل والملبس والمأوى وغيرها، أما الرغبات فهي شعور الإنسان باحتياجه لامتلاك شيء معين، دون أن يكون ضروريًا جدًا فلديه الحرية في الحصول عليه أو تركه.

الديموقراطية:

يقول الكاتب، أن تدهور الديموقراطية يصاحبه الترويج المستمر لازدهارها، فنحن لا نعيش في أبهى عصور الديموقراطية كما تزعم الكثير من الجهات، ولكنها شعارات ظاهرية لا أكثر، ويمكن أن نرى هذا بعد العولمة فأصبح العالم مرتبط ببعضه ارتباطًا وثيقًا، فما يحدث في أقصى نقطة في الشرق يمكن أن يؤثر على أقصى نقطة في الغرب، وبناءًا على ذلك سيطر أصحاب النفوذ والشركات المرموقة، على قرارات دول العالم الثالث ليحققوا أقصى درجات الاستفادة والأمان لأنفسهم.

حقوق الإنسان:

يوضح الكاتب الفارق الجوهري بين حقوق الإنسان وحاجات الانسان، فكما أشرنا مسبقًا أن الحاجات واضحة، مثل المأكل والملبس والمأوى وكل ضروريات الحياة، أما الحقوق عبارة عن اعتراف جماعة معينة من الناس، سواء كانت أمة أو قبيلة أو حتى أسرة بوجوب تلبية رغبة أو حاجة معينة، فنستطيع الجزم بأن الحقوق يمكن أن تكون على مدى أوسع أو أضيق من الحاجات، فقد تكون لديك حاجة ماسة لفعل شيء معين، لكنه ليس من ضمن الحقوق التي تتمتع بها، أو أن يكون لك حقوق في شيء معين وأنت لا تحتاجه.

الإرهاب:

يعد مصطلح مثل الإرهاب من أكثر المصطلحات الغامضة، التي تسبب التوجس والخيفة في النفوس دون الإشارة إلى سبب بعينه، ولكن يظن الكاتب أنه لا يمكن تبين فوائد الإرهاب من الوهلة الأولى، ولكن عند التمعن في النظر فقد ترى الكثير من الفوائد لهذا المصطلح، فالخوف الذي يسببه للناس يلهيهم عن المعارضة، ويجعلهم أكثر سهولة للانقياد، ويضعف قدرتهم على التفكير أو حتى استيعاب البديهيات، ويجعل لديهم قبولًا أكثر للأوامر، والتنازل عن الكثير من حقوقهم وحريتهم في سبيل الحصول على الأمان، حتى أن فكرة الإرهاب تعتبر حجة مقنعة، لاستيلاء دولة على أخرى مثلًا بما أنها تسبب لها تهديدًا.

إصلاح أم تحديث؟

وفي النهاية وضح الكاتب الفرق بين مفهومي الإصلاح والتحديث، ورفض فكرة أنهما مصطلحين مترادفين، ونسب هذه الفكرة إلى الاعتقاد الراسخ، أن التاريخ الإنساني في تقدم مستمر، وأن الأحداث دائمًا ما تسير نحو الأفضل، فمصطلح الحداثة مثلًا كأن تفرض أمه على غيرها، أن تغير عاداتها وتقاليدها ودينها ولغتها الأم بحجة السير نحو الحداثة والتطور، أما الإصلاح فيشمل تغيير المعوقات أمام تقدم تلك الدول، ولحاقها بالدول المتقدمة.

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص رواية “مزرعة الحيوان” للكاتب جورج أورويل

ملخص رواية “مزرعة الحيوان” للكاتب جورج أورويل

“إن الثورة هي رسالتي لكم أيها الرفاق، وإن كنت لا أستطيع أن أتنبأ لكم بموعدها، فقد تتحقق بعد إسبوع أو بعد مائة عام، لكنني واثق تمامًا من حتمية مسيرتها ثقتي في وجود القش الذي أدوسه بأقدامي، فإن العدل لابد أن يسود.” جورج أورويل، رواية مزرعة الحيوان

مزرعة السيد جونز

تدور الأحداث في مزرعة القصر، التي يمتلكها السيد جونز ذلك المزارع قاسي الطباع، في ليلة من الليالي الغير معتادة في المزرعة تجمعت الحيوانات في الحظيرة، لتستمع إلى الخطاب الذي سيلقيه عليهم العجوز ميجر ويحكي فيه الحلم الذي رآه في الليلة الماضية، العجوز ميجر هو أكبر الخنازير سننًا في المزرعة وأكثرهم حكمة، لفت العجوز ميجر نظر الحيوانات إلى حياتهم البائسة في مزرعة السيد جونز، وجهودهم المبذولة لإرضاء السيد أو خوفًا من عقابه، فهتف فيهم بضرورة تغيير الوضع الراهن وضرورة إشعال الثورة وتحقيق المساواة بين الحيوانات، ثم قص عليهم حلمه الذي ظهرت فيه الأرض خالية من الإنسان، والذي ألهمه لتذكر أغنية “حيوانات إنجلترا” وبدأ يغنيها ببراعة أشعلت الحماسة في نفوس الحيوانات.

ثلاث ليال بعد هذه الليلة وتوفي العجوز ميجر، ولكن ظل كلامه يتردد في ذهن الحيوانات، وبما أن الخنازير أذكى الحيوانات في المزرعة فبدأوا بوضع مفاهيم للثورة، وظلوا يعرضونها في اجتماعات سرية تقام كل يوم في الحظيرة، وقد تولى ثلاثة خنازير المهمة وهم نابوليون وسنوبول وسكويلر الذي كان أكثرهم فصاحة والأكثر براعة في إلقاء الخطب الرنانة.

اندلاع الثورة

أعد الثلاثة نظامًا فلسفيًا أطلقوا عليه اسم “الحيوانية” وحاولوا إقناع الحيوانات به في الاجتماعات السرية، واجهوا صعوبة في البداية بسبب لا مبالاة الحيوانات، أو ولاءها للسيد جونز ولكنهم اقتنعوا في النهاية وسلموا مصيرهم للخنازير وكانت الاجتماعات دائمًا تنتهي بأغنية حيوانات إنجلترا.

جاءت الليلة الحاسمة عندما نسي السيد جونز إطعام الحيوانات في المزرعة، وأهملهم العمال أيضًا، لم تستطع الحيوانات الصمود وأحدثت جلبة شديدة في أرجاء المزرعة أفاق معها السيد جونز من ثمالته، ونزل هو وعمال المزرعة وانهالوا بالسياط على الحيوانات، لم تتحمل تلك الحيوانات الجائعة الضربات، وانقضت على الرجال بالركل والنطح حتى فروا جميعًا من المزرعة ومعهم زوجة السيد جونز، وأصبحت المزرعة والبيت ملكًا للحيوانات وبدأت الاحتفالات، دمر الحيوانات كل شيء يذكرهم بالسيد جونز وقرروا أن يظل البيت على حاله.

ما بعد الثورة

في اليوم التالي أعلنت الخنازير أنهم تعلموا القراءة والكتابة من خلال بعض كتب التهجئة التي ألقاها السيد جونز، ثم اتجه سنوبول إلى السور الذي كتب عليه اسم مزرعة القصر وغير الاسم إلى “مزرعة الحيوان” ثم أبلغوا الجمع أنهم اختصروا مبادئ الحيوانية في سبع وصايا كتبها سنوبول أيضًا على الجدار وكانت تنص على:

  • كل من يسير على قدمين هو عدو.
  • كل من يسير على أربعة أقدام وكل طائر هو صديق.
  • يمنع على الحيوانات ارتداء الملابس.
  • يمنع على الحيوانات النوم فوق سرير.
  • يمنع على الحيوانات شرب الخمر.
  • يمنع على الحيوان قتل حيوان آخر.
  • كل الحيوانات متساوية.

بدأت الحيوانات تهتم بالمزرعة وتكد في العمل على الرغم من صعوبته، واستعنالهم للأدوات التي صُنعت من أجل الإنسان وغير مناسبة للحيوانات، ولكن كُوفئت الحيوانات في النهاية بغلة أوفر بكثير مما توقعوا، وكانت مهمة الخنازير هي الإشراف على العمل وإلقاء الأوامر فقط، واتخذوا لأنفسهم مكانًا في المزرعة وجعلوه مقرًا لقيادتهم، ثم بدأت الحيوانات في تعلم القراءة والكتابة ولكنها لم تكمل ما بدأته، ولم يتعلم منها سوى الكلاب ولكنها لم تحفظ إلا الوصايا السبع، كما تعلمت العنزة موريل وكانت أفضلهم والحمار بنيامين كان يقرأ كما يقرأ أي خنزير آخر، ولكنه لم يقرأ إطلاقا بحجة أنه لا يوجد ما يستحق القراءة.

كان نابوليون يرى أن الاهتمام بالجيل الجديد هو الأهم فأخذ الجراء التي وضعتهم الكلبتان بعد فطامها، ووضعها تحت سقيفة لا يمكن لأحد الوصول إليها إلا هو، وأخفاها لدرجة أن الحيوانات نسيت وجودها.

خصص الخنازير لأنفسهم حليب الأبقار ومحصول التفاح بحجة أنهم يحتاجون للغذاء الجيد لإدارة المزرعة، واتخاذ القرارات وأقنعهم بذلك سكويلر بكلامه المنظم المقنع، والذي دائمًا ما ينتهي بتحذيرهم من عودة السيد جونز، كانت الخلافات بين سنوبول ونابوليون تزداد كل فترة، وكان آخرها عندما فكر سنوبول في بناء طاحونة هواء على التلة في المزرعة، وبدأ في رسم تصاميم مشروعه ثم اجتمعت الحيوانات في الحظيرة بعد انتهاء التصاميم، ليشرح لهم سنوبول فوائد المشروع فاكتفى نابوليون بتعليق مقتضب على فشل هذا المشروع، وبعد أن أنهى سنوبول كلامه وبدأت الحيوانات في الاقتناع، صرخ نابوليون فجأة فدخل الحظيرة مجموعة من الكلاب الشرسة طاردت سنوبول حتى خرج من المزرعة، ووقعت الحيوانات في حالة ذهول، علموا بعد ذلك أن تلك هي الكلاب التي أخذها نابوليون من قبل.

النظام الجديد

أعلن نابوليون نفسه ملكًا وأخبرهم أنه سيتم تشكيل لجنة من الخنازير تحت رئاسته، ستتولى رعاية المزرعة وسيتم إعلام الحيوانات بالقرارات المُتخذه في اجتماعاتهم السرية ولا مزيد من النقاشات العمومية، حاول أربعة خنازير الاعتراض ولكن الكلاب أسكتتهم، وبعد مرور ثلاثة أسابيع على طرد سنوبول أعلمهم نابوليون أن بناء الطاحونة سيتم ويجب مضاعفة الجهد المبذول، علت الدهشة وجوه الحيوانات ولكن تولى سكويلر إقناعهم بأن نابليون لم يكن معارضًا لفكرة بناء الطاحونة وأنها كانت فكرته والتصاميم كانت خاصته ولكن سنوبول سرقها منه.

شرعت الحيوانات في العمل كالعبيد ولكنهم كانوا سعداء بالتضحية، وكانوا ينظرون إلى الطاحونة على أنها أمل وغاية يجب تحقيقها، وكان أكثرهم اجتهادًا هو الحصان بوكسر الذي دائما ما يردد “سوف أعمل بجد” و”نابوليون لا يخطئ أبدأ” وعندما خارت قواه أعطاه نابوليون لذابح الحيوانات ليستفيد منه وتولى سكويلر إقناع الحيوانات بأن بوكسر قد أُرسل إلى المستشفى وأنه رأه يحتضر بنفسه وإقتنعت الحيوانات بالرغم من أنها رأت العربة التي أخذت بوسكر وقرأت لهم العنزة موريل ما كتب عليها، وبالرغم من كل المجهود الذي تبذله الحيوانات لبناء الطاحونة قلت حصص الطعام وجاعت الحيوانات قليلًا ولكنها ما زالت راضية.

ثم أعلن نابوليون أن المزرعة ستقيم علاقات تجارية مع البشر للحصول على متطلبات الطاحونة في مقابل جزء من المحصول والبيض، وكذلك أقنعهم سكويلر بأهمية المعاملات التجارية مع البشر وحاول إقناعهم أن هذا ضروري، وليس انتهاكًا لأي وصية من الوصايا السبع، انتقلت الخنازير للعيش في بيت المزرعة والنوم على الأسرة، واستعمال مرافق المنزل مع تغيير نص الوصية التي تمنع ذلك لصالحهم، وكالعادة لم تعترض الحيوانات لأن سكويلر أقنعهم أن الخنازير تحتاج مكان هادئ لإدارة المزرعة.

الرجوع لنقطة البداية

وفي شهر نوفمبر هبت عاصفة قوية، تسببت في تحطيم الطاحونة ولكن نابوليون أعلن أن من حطمها هو سنوبول، وأصبحت كل كارثة تحدث في المزرعة بسبب سنوبول، وأقنعهم نابوليون أنه خطر عليهم بالرغم من أن أحدًا منهم لم يره وأن عليهم الحذر.

أعلن سكويلر أن الدجاجات يجب أن توفر أربعمائة بيضة في الأسبوع، وذلك لمقايضتها ببعض الحبوب والدقيق للمزرعة، لكن الدجاجات اعترضت، على هذه الكمية الكبيرة وأعلنت التمرد فمنع عنها نابوليون حصص الطعام، لم يصمد الدجاج إلا خمسة أيام فقط واستسلم وفي أثناء ذلك نفقت تسع دجاجات، وبعد ذلك خرج نابوليون محاطًا بكلابه التي تزمجر، وقام بإعدام الخنازير التي اعترضت من قبل وبعض الدجاج والحيوانات التي أثارت المشاكل، وتم منع إنشاد أغنية “حيوانات إنجلترا” التي تعبر عن الثورة.

وظلت حالة الحيوانات بائسة والطعام قليل، ولكن كان دائمًا سكويلر يلقي عليهم إحصائيات بأرقام خيالية لما حققوه من إنجازات لا يراها إلا الخنازير، ولم يعد نابوليون يظهر وإذا ظهر يظهر وسط حراسة مشددة ويكرر على مسامعهم اسم سنوبول والخطر الذي يسببه.

استمرت الخنازير في قمع الحيوانات وإقناعهم أن هذا لصالحهم، واستمروا في مخالفة الوصايا السبع فشربوا الخمر ولم يكتفوا بذلك بل بدأوا بتصنيعه، وزرعوا جزءًا من الأرض شعير وخصصوها للخنازير فقط، وتم رفع عدد البيض الذي يجب على الدجاج تسليمه إلى ستمائة بيضة في الإسبوع، ومنعوا إضاءة المصابيح في الإسطبل والمربط، وزادت الخطب والشعارات الرنانة وارتفع صوت الخراف تنشد “الخير في ذوات الأربع، والشر في ذوات الاثنين”.

أعلن نابوليون أن المزرعة ستصبح جمهورية وهو رئيسها، ومرت سنوات عديدة مات فيها معظم من عاصروا الثورة وأصبحت الخنازير أكثر سمنة، وامتلأت المزرعة بأجيال جديدة لا تعرف شيئًا عن العصيان ولا عن الثورة، وأصبحت المزرعة أكثر ازدهارًا وثراء دون أن تصبح الحيوانات نفسها ثرية، فقط الخنازير والكلاب أصبحوا كذلك، معللين أنهم يحتاجون المال والراحة لإدارة المزرعة.

وفجأة شاهدت الحيوانات سكويلر وباقي الخنازير تمشي على قوائمها الخلفية، وكذلك نابوليون ثم بدأت الخراف في الهتاف ” الخير في الأقدام الأربعة، والخير الأكثر في القدمين”، واستبدلت الوصايا السبع بوصيه واحدة وهي ” جميع الحيوانات متساوية لكن بعضها أكثر مساواة من غيرها”.

وبدأت الخنازير تشرف على الأعمال بالسياط وارتدوا الثياب، ثم جاء مجموعة من مندوبي المزارعين المجاورين لإجراء جولات تفتيشية لجميع أرجاء المزرعة، وأقيمت الاحتفالات في منزل المزرعة احتفالًا بالزوار، وبدل نابوليون اسم المزرعة من مزرعة الحيوان إلى مزرعة القصر كما كان من قبل، وحتى مظهر الخنازير تغير وأصبح من المستحيل التمييز بينهم وبين البشر الجالسين معهم.

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص رواية “يوتوبيا” للكاتب المصري أحمد خالد توفيق

ملخص رواية “يوتوبيا” للكاتب أحمد خالد توفيق

تعتبر “يوتوبيا” واحدة من أشهر روايات الدكتور أحمد خالد توفيق صدرت عام 2008 وتُرجمت إلى عدة لغات، تدور أحداث الرواية في المستقبل الذي تخيله الكاتب بعد تحليله للظروف الاقتصادية والسياسية التي تمر بها مصر، فتزداد الأمور سوءًا وتتسع الفروق بين طبقات المجتمع المصري حتى تتلاشى الطبقة الوسطى تمامًا وتختفي الأنظمة الحاكمة، وينقسم المجتمع إلى طبقتين إحداهما تضم الأثرياء وأصحاب النفوذ الذين رأوا أن لا حياة لهم ما لم ينعزلوا في مدينة لها أسوار عالية أسموها “يوتوبيا” ، والأخرى من الفقراء المقهورين المحظور عليهم دخول يوتوبيا الأغنياء.

“في (يوتوبيا) حيث يتوارى الموت خلف الأسلاك الشائكة، فلا يصير إلا لعبة يحلم بها المراهقون.” أحمد خالد توفيق، رواية يوتوبيا

نشأة يوتوبيا

في أوائل القرن الحادي والعشرين أصبح أكثر من 35 مليون مصري تحت خط الفقر وارتفعت نسبة البطالة بصورة مرعبة وزادت معدلات الجريمة والعنف، وزادت الفروق الطبقية حتى تلاشت الطبقة الوسطى تمامًا، وأي مجتمع بلا طبقة وسطى هو مجتمع مؤهل للانفجار فتحول المجتمع المصري إلى قطبين وشعبين، طبقة ثرية أدركت أنه لا حياة لها ما لم تنعزل بالكامل وطبقة فقيرة محظور عليها دخول يوتوبيا الأغنياء.

عزل الأثرياء أنفسهم في مدينة ذات أسوار عالية وأبواب محصنة وحراسة دائمة من جنود المارينز المتقاعدين، تختلف الحياة داخل يوتوبيا كثيرًا عن خارجها، كل جزء فيها مخطط له بدقة وعناية حتى أماكن العبادة المساجد والكنائس والمعابد اليهودية التي لم يعد يستخدمها إلا الكبار أما جيل الشباب فلا يعترف بهذه الأمور، وهناك مناطق القصور التي يمتلكها كبار الشخصيات في يوتوبيا ومن ضمنها قصر مراد بك ملك الدواء، ثم المطار الداخلي الذي يعد فرصتهم الذهبية للهرب إذا حدث هجوم غير متوقع من طبقة الفقراء خارج الأسوار أو كما يسمونهم ” الأغيار”، كانت الحياة مرفهة في يوتوبيا لدرجة تبعث على الملل كل ما تطلبه تجده لا يوجد شيء ناقص ولا شيء ممنوع فلجأ الشباب لتعاطي العقاقير المخدرة طوال الوقت لتبديد هذا الملل وأحيانًا كانوا يتصرفون تصرفات غريبة مثل جلسات تحضير الأرواح أو الذهاب في رحلات الصيد.

رحلات الصيد في يوتوبيا كانت مختلفة، لم يكن هؤلاء الشباب يصطادون السمك مثلًا ولكن كانت فريستهم الأغيار!، فيخرج الواحد منهم من أسوار المدينة قاصدًا مكان معيشتهم ثم يقوم باصطياد واحد منهم ويرجع به إلى يوتوبيا بالطائرة ليسلي وقته ثم يقتله ويأخذ منه تذكارًا والذي يكون عبارة عن جزء منه يده أو قدمه ويقوم بتحنيطها والاحتفاظ بها، فعندما تخترق آخر حدود التعقل يمتدد التعقل ليضم لنفسه حدودًا أخرى يسيطر عليها بالرتابة والمال.

رحلة صيد

وكذلك كانت حياة ابن مراد بك ملك الدواء منتهى الرتابة والملل وسأم الترف، ولكن الفرق بينه وبين أقرانه أنه كان محبًا للقراءة يقرأ كل ما يقع تحت يده لذلك كان هو المثقف بينهم، وبسبب تلك الحياة المضجرة قرر ابن مراد بك الذهاب في رحلة للصيد هو وصديقته جيرمنال، وبدا له صيد البشر ليس غريبًا فقد قرأ عنه من قبل في الكتب، مثل صيد قبائل البوشمن الذي كان يعد نشاطًا رياضيًا مسموحًا به في القرن الماضي، وفي عام 1870 انقرض آخر البوشمن بسبب كثرة الصيد.

عزم على الأمر وقرر الذهاب وفي الحادية عشرة مساءًا كان هو وجيرمنال عند مكان وصول السيارات التي تنقل العمال من الأغيار الذين يعملون في يوتوبيا إلى مناطقهم العشوائية، وكان يحمل شطيرة في يده استدرج بها أحدهم بعيدًا ثم قامت جيرمنال بضربه على رأسه وأخذ هو ثيابه وكذلك فعلت جيرمنال مع إحدى النساء، ركبا في السيارة وانطلقت في طريقها حتى توقفت ونزل منها هو وصديقته.

كان المكان عبارة عن خليط من الروائح العجيبة والأصوات والمشاهد الغير مألوفة بالنسبة له، وعربات تحمل أنواع مختلفة من السلع مأكولات وعطور وفاكهة وكلها كريهة ورخيصة الثمن، وبائعي الأعشاب والوصفات الطبية الغير معروفة فلم يعد لديهم عناية طبية لأن مراد بك يحتكر كل الدواء في السوق ويجعل أسعاره خيالية بالنسبة لهم فأصبح الحصول على الدواء ترف من حق الأغنياء فقط، كما رأى قفص خشبي عليه أكوام من جلود الدجاج والأرجل والرؤوس والأجنحة يشتريها الناس لأنها الطريقة الوحيدة لتناول الدجاج بالنسبة لهم، وعربات أخرى تحمل أكوام من الثياب المتسخة المستعملة ومع ذلك ينكب عليها الشارين، خرج هو وصديقته من منطقة السوق ودخلا منطقة أخرى تعج بالعشش الصفيح أو المصنوعة من أعواد البامبو وتقف على بابها نساء بشعات المنظر متسخات الثياب مهنتهم ممارسة البغاء للحصول على المال.

فخطرت بباله فكرة الحصول على إحداهن كتذكار لأنه أسهل وآمن أكثر من الحصول على رجل، ولكن اختياره كان خاطئًا فقد وقع اختياره على سمية التي كان عمها السرجاني بلطجي المنطقة والذي يراقبها باستمرار، وعندما اختلى بها ابن مراد بك وضربها على عنقها فهوت على الأرض فاقدة الوعي واقتربت جيرمنال لينفذا المهمة فوجدا نفسيهما محاصرين بعشرات الرجال من رجال السرجاني وصاح أحدهم ” إنهما ليسا منا!.. هذان من يوتوبيا”.

كاد رجال السرجاني أن يفتكوا بهما لولا ظهور جابر في الوقت المناسب ذلك الشاب الذي يبلغ من العمر 30 عامًا ويحب القراءة ويكره العنف ويعيش بين الأغيار، فاستطاع احتواء الموقف وإقناع السرجاني ورجاله بأنهما من الأغيار بعد أن أعطاهم الفلوجستين الذي كان يحمله ابن مراد بك والفلوجستين هو العقار المخدر الأقوى في ذلك الوقت وكأي شيء موجود في ذلك الوقت احتكرته يوتوبيا لنفسها، انشغل الرجال بالفلوجستين وأخذهما جابر وانطلق إلى عشته التي يعيش فيها مع أخته الوحيدة صفية، كوخ غريب من قطع الخشب وأجزاء مفككة من هيكل سيارة وصحف وكومة كبيرة من الكتب.

عالم الأغيار

استطاع جابر إيواءهما لعدة أيام، أراهما خلالها تفاصيل المكان الذي يعيش فيه وقبل خروجهم من العشة كان جابر قد لطخ وجوههم بالشحم والبسهم ثياب رثة حتى يكونوا مثلهم، أراهما كم البؤس والقذارة التي تحيط بهم وافتقادهم لأدنى حقوقهم كبشر، فقد وصل بهم الأمر لمطاردة الكلاب والقطط في الشوارع لأكلها وأكل الدجاج النافق من المزارع في يوتوبيا، حتى شبكة الصرف الصحي لم تعد موجودة وأصبح المكان كله عبارة عن دورة مياة عمومية، ولكنه لم يحك لهما عن مترو الأنفاق الذي أغلقته الحكومة منذ زمن ولكنه يستطيع الدخول إليه خلسة هو وأصدقاؤه واعتبره عالمه الخاص، حكى لهما عن صديقه عزوز الذي ظفر به ثلاثة من يوتوبيا وقتلوه عندما لم يقدروا على اختطافه وقطعوا يده ثم أتت طائرات المارينز وحلقت فوق الخرائب وأخذتهم بعد اشتباكات مع الأهالي وإطلاق النار عليهم ورحلت الطائرة مخلفة وراءها الجثث وعاصفة من الحقد الأعمى.

بعد مرور عدة أيام على وجودهم عند جابر شاع خبرهم بين الناس وأصبح وجودهم خطرًا عليهم وعلى جابر أيضًا، فقرر جابر أن عليهما العودة إلى يوتوبيا، أعد جابر كل شيء وأخبرهما أن يستعدا للرحيل وأنه سيغيب ساعتين فقط ثم يعود لأخذهما، وفي أثناء غيابه انقض ابن مراد بك على صفية وقام باغتصابها بالرغم من مقاومتها العنيفة ومعرفته التامة بأنها مصابة بالدرن، ولكنه كان يحمل بداخله مشاعر الاحتقار والازدراء للأغيار لم تتغير حتى بعد مساعدة جابر له هو وصديقته، صعب أن تنتزع مشاعر يوتوبيا من أنفس ساكنيها، ولم يكتف بذلك بل هددها أنها لو تكلمت سوف يقتل أخاها فآثرت هي الصمت.

عاد جابر ليأخذهما وشعر بأن أخته شاحبة وغريبة ولكنها لم تتكلم وهو لم يسأل، وانطلق هو وابن مراد بك وصديقته إلى مكان يوجد به سيارات تحمل العمال إلى يوتوبيا، ولكن ابن مراد بك راودته الكثير من الأسئلة ومشاعر الشك فكيف سيدخلون إلى يوتوبيا بدون تصريحات وهو لا يستطيع الاتصال بوالده ليأخذهما بالطائرة فقد سُرق هاتفه، ولكن جابر أنزلهم في منتصف الطريق وشقوا طريقهم في الصحراء حتى وصلوا إلى تلة وقف خلفها رجلان دفع لهما جابر مبلغ زهيد وأقنعهما أن هذين الإثنين من الأغيار ويريدان أن يجربا حظهما في السرقة داخل المدينة، فقام الرجلان بالحفر حتى ظهر باب من الحديد يقود إلى نفق من الأنفاق التي بناها الأغيار ليستطيعوا الوصول إلى يوتوبيا، نزل ابن مراد بك وصديقته وجابر إلى النفق وأوصلهما جابر إلى الطرف الآخر من النفق وودعهما وقبل صعودهما ورحيله باغته ابن مراد بك بحجر على رأسه فسقط على الأرض وقام بقتله وقطع يده وأخذها كتذكار.

اندلاع الثورة

عاد هو وصديقته إلى البيت ووسط احتفالات من أصدقائهما بعودتهما أظهر التذكار وأخذ يتفاخر به أمامهم، وبعد فترة انتشر خبر تعطل الطائرات والسيارات في المدينة بأكملها، فقد هاجم الأغيار قافلة هائلة تحمل البايرول (مادة كيميائية بديلة للبترول فلم يعد البترول مستخدمًا) ليوتوبيا عبر الصحراء وقاموا بإفراغ الخزانات وملؤها بمياه الصرف الصحي، فأدى ذلك لتعطيل وسائل المواصلات في يوتوبيا وأصبح كل من فيها محاصرين.

ثم وصلت الأخبار أن الأغيار يتقدمون عبر الصحراء في تجمعات منتظمة وفي حالة شديدة من الغضب بسبب ما حدث لجابر واخته واقتربوا من بوابات يوتوبيا، وكان المارينز يحرسون البوابات بأسلحتهم الثقيلة مستعدين لإطلاق النار، فهرع ابن مراد بك إلى السور ورأى الحشد الكبير من الأغيار رأى الجميع السرجاني وسمية وصفية وباقي الأهالي فانتزع البندقية الآلية من يد جندي المارينز بجواره وصوبها نحوهم وبدأ في إطلاق النار.

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص كتاب شربة الحاج داود لأحمد خالد توفيق

ملخص رواية “الطنطورية” للكاتبة رضوى عاشور

ملخص رواية “الطنطورية” للكاتبة رضوى عاشور

“إن الحكاية صعبة. لا تُحكى. متشعبة. ثقيلة. كم من حرب تتحمل حكاية واحدة؟ كم من مجزرة؟ ثم كيف أربط الأشياء الصغيرة على أهميتها بأهوال عشناها جميعًا؟” رضوى عاشور، رواية الطنطورية

كان بحر الطنطورة حاضرًا بقوة في حياة رقية يؤثر فيها بأمواجه وصوته الهادر ورائحته التي تملأ أرجاء الطنطورة، صديق طفولتها تجمع فيه ذكرياتها السعيدة فيحفظها وتبث فيه حزنها فتنساه، كانت الأمور مستقرة في القرية حتى جاء قرار التقسيم فكان خط الساحل من جنوب عكا إلى جنوب يافا والطنطورة يدخلون بعد التقسيم في نطاق دولة اليهود، فاضطرب الأهالي وزادت اجتماعات الرجال لكي يتدبروا أمرهم فيما هو قادم وزادت الأمور سوءًا بعد تلك الاشتباكات التي نشبت بين العمال اليهود والعرب في مصفاة النفط بعد أن ألقى اليهود قنبلة من سيارة مسرعة على أهالي مسالمين فقتلوا وجرحوا كثيرين، ثار العمال الفلسطينيون فانقضوا بالعصي والسكاكين على العمال اليهود، وردًا على ما فعلوا هجم اليهود على بلد الشيخ وعلى حي من مشارفها يسكنه عمال في المصفاة من إجزم وعين غزال وقرى أخرى مع زوجاتهم وأولادهم ودخلوا عليهم بالبلطات والسكاكين والقنابل والبنادق وخلفوا وراءهم الكثير من الجثث والخراب.

بعد أسابيع قليلة من تلك الحادثة وصل القرية لاجئون من قيسارية التي سقطت في أيدي اليهود وأرغم أهاليها على تركها، فاستضاف أهل الطنطورة اللاجئين وكان من نصيب أسرة رقية من الضيوف أرملة لها طفلين صغيرين طفل في الرابعة يسمى عبد الرحمن وصبية في عمر رقية تقريبًا تسمى وصال وأصبحتا صديقتان مقربتان، وتغيرت الأحوال في القرية وبدأ الرجال في تنظيم أنفسهم لمواجهة الخطر وشرعوا في شراء سلاح وشكلوا لجنة لتنظيم حراسة البلد وبدأوا بالتدرب على استخدام السلاح والتصويب فوق الأسطح، حتى أن الكلام تغير في القرية فأصبح ذكر أسماء العصابات الصهيونية وزعمائها أمرًا عاديًا بين نساء القرية فعرفن من هم الهاجاناة ومن شتيرن ومن إتسل ومن هو بن جوريون، وبعد فترة قصيرة وصلهم خبر وقوع محمد الحنيطي قائد حامية حيفا ورفاقه في كمين وهم عائدون من لبنان بشاحنتين من السلاح وبعد إسبوعين من الخبر سقطت حيفا، وساءت الأمور وعاد أخواها من حيفا مكان عملهما مشيًا على الأقدام عبر الأحراش والسكك الجبلية الملتفة، وخرج كل من في حيفا إلى الميناء جماعة لمغادرة البلد، وبعد سقوط حيفا التي كانت عاصمة القضاء استشهد عبد القادر الحسيني أثناء سقوط القسطل وفي اليوم التالي من سقوطها هاجم اليهود دير ياسين وذبحوا من ذبحوا من أهلها ثم سقطت عكا وبعدها صفد.

وفي يوم من أيام الجمعة كان مختلفًا عن بقيتها ساد في البلدة حالة صمت رهيبة غير طبيعية استغربتها رقية كثيرًا وتساءلت عن السبب ولكن لم يجيبها أحد، وفي مساء ذلك اليوم تأكد الخبر وأصبح واقعًا وبيانًا مكتوبًا وقع عليه زعماء اليهود وأعلنه بن جوريون والبيان يكون نافذًا بدءًا من الدقيقة الأولى بعد منتصف الليل فينتهي الحكم البريطاني على فلسطين ويغدو البلد دولة اليهود ويصير اسمها إسرائيل.

ارتبك الأهالي وأصبحت الأخبار كثيرة تأتي من كل حدب وصوب والجميع يتحدثون ويتناقلون الأخبار عما تفعله الجيوش العربية فهذا يقول عبرت مصر رفح والعوجا وذاك يقول دخلت سوريا من جنوب بحيرة طبريا واللبنانيون عند رأس الناقورة وجيش الأردن عبر جسر دامية وغيرها من الأخبار التي احتموا وأخفوا خوفهم خلفها والتي اعتبروها تبشر بالخيرات.

وفي يوم أيقظت أم رقية ابنتها في منتصف الليل وأمرتها أن توقظ وصال وأخيها وأن تستعد للرحيل ووقفوا جميعًا أمام البيت وأغلقت أمها الباب بمفتاح كبير أدارته في القفل سبع مرات ووضعته في صدرها وتحركوا جميعًا إلى بيت جارهم أبي جميل وفور وصولهم أمرتهم أم وصال بأن يأكلوا فلا يعلموا ما سيحدث في اليوم التالي وظلوا جميعًا مستيقظين يفزعهم صوت القصف الذي يصم الآذان وفور طلوع الفجر دخل عليهم المنزل ثلاثة رجال مسلحون وساقوهم إلى الخارج مهددين لهم بأعقاب البنادق وإطلاق الرصاص فوق رؤوسهم، وفي الطريق رأت رقية الكثير من الجثث الملقاة بعضها لجيرانها ومعارفها والبعض الآخر لا تعرفه.

ساقوهم إلى الشاطئ وقسموهم إلى مجموعات الرجال في جهة والنساء والأطفال في جهة أخرى وشرعت المجندات في تفتيش النساء وأخذ كل ما معهن من حلي وأي ممتلكات أخرى ثم أخذوهم باتجاه المقبرة حيث كانت شاحنات في الانتظار لحملهم وطلبوا منهم الصعود تحت تهديد السلاح وقبل صعود رقية للشاحنة صرخت وأمسكت بذراع أمها عندما رأت أبيها وأخويها جثثًاهامدة على بعد أمتار قليلة منها وسط مجموعة من الجثث الأخرى لشباب ورجال البلدة.

أخذتهم الشاحنات إلى الفريديس على بعد أربعة كيلو مترات من الطنطورة وتم تسليمهم بالعدد المكتوب في الأوراق إلى مختار الفريديس وتم توزيعهم على بيوت الأهالي، وبعد أربعة أسابيع استلمهم الصليب الأحمر ونقولهم شرقًا إلى أرض قفر في المثلث واستلمهم ضباط أردنيون وحملتهم الباصات إلى طولكوم وأنزلوهم في مدرسة قرب سكة حديد الحجاز وأثناء إقامتهم هناك قصفهم اليهود مرة أخرى واستشهد منهم الكثير ثم تم نقلهم إلى دير المسكوبية في الخليل وخلال كل هذه الفترة كانت رقية لا تتكلم وكأنها فقدت القدرة على النطق.

وبعد ستة أشهر تفرق الجميع فذهب كل واحد إلى أهل أو معارف له فأعلنت أم رقية أنهم سيذهبون إلى صيدا عند عم رقية الذي كان قد سافر قبل فترة من الطنطورة وافترقت عنهم أم وصال ووصال وأخيها وذهبوا إلى جنين، أما رقية وأمها سلكتا الطريق إلى صيدا وعندما وصلتا إلى بيت عمها نطقت أول كلامها منذ أن تركت الطنطورة وهمست لعمها أن أبيها وأخويها قد قتلوا ورأتهم بأم عينها ولكن أمها ترفض التصديق وتقول إن زوجها في الأسر وابنيها هربا إلى مصر.

طلب عم رقية يدها إلى ابنه أمين وتمت الزيجة، كان أمين طبيبًا يعمل في وكالة الغوث وأنجبت منه رقيه ثلاثة أولاد، ثم انتقلت للعيش مع زوجها في بيروت لأن أمين بدأ العمل مع الهلال الأحمر الفلسطيني، بدأت رقية تزور نساء المخيم الذي يقطنه الفلسطينيون وفي أثناء زيارتها المتكررة علمت أن كل النساء حملن معهن مفتاح دارهن تمامًا كما فعلت أمها دون سابق اتفاق بينهن.

كان عم رقية أبو الأمين يكره الذهاب إلى المخيم ولا يطيق فكرة أنه لاجئ حتى أنه رفض إدراج أسمه وأسماء عائلته في كشوفات وكالة الغوث، ولكن بعد أن أعلن عبد الناصر تنحيه تمامًا ونهائيًا عن منصبه غادر المخيم مكانه بعد أن كان على أطراف المدينة وأصبح في المركز واستتب وكلما حاصره الجيش أو أطلق النار تصدر أكثر وأصبح أكثر تمركزا، حينها كان أبو الأمين كثير التردد على المخيم وأصبح له شهرة وكلمة مسموعة فيه يدرب الشباب ويعطي الأوامر هنا وهناك وأصبح يصطحب صادق حفيده الأكبر وألحقه بفريق الأشبال ويحث حسن حفيده الأوسط على رسم خريطة للبلاد حتى يعرفها أكثر وكان دائمًا ما يحكي لهم عن رسام الكاريكاتير المشهور ناجي العلي وعن معرفته الشخصية به.

عاشت رقية مع زوجها وأولادها في بيروت حتى كبر الأولاد وأصبحوا على دراية أكبر بالقضية ولكنهم تعرضوا للكثير من المضايقات بسبب أصلهم الفلسطيني فكانوا يوصفون بأنهم عصابات قاتلة، وبعد سنوات طويلة فاجأتها زيارة من ذلك الفتى الصغير الذي عاش عندهم هو وأخته وصال والذي لم يعد صغيرًا بالمرة بعد أن أتم دراسته الجامعية وأصبح يعمل في مركز الأبحاث بييروت، فعادت إليها الذكريات مؤلمة توقظ في قلبها نارًا حارقة، وأصبحت أكثر عزلة وانكماش فاقترح عليها زوجها والأولاد أن تكمل دراستها في المنزل وقد فعلت وأول ما قرأته كان قصة قصيرة لغسان كنفاني بعنوان “أرض البرتقال الحزين” وتأثرت بها كثيرًا ولكن ظل سطر واحد منها متعلق في ذهنها يقول ” وعندما وصلنا صيدا في العصر، صرنا لاجئين”.

وفي يوم من أيام شهر تموز كان شديد الحرارة وصلها خبر اغتيال غسان كنفاني الذي غادر البيت وركب سيارته وأدار المفتاح فانفجرت فيه السيارة هو وابنة أخته، وبعد 11 يوم من اغتيال غسان كنفاني جاءها خبر محاولة اغتيال أنيس صايغ في مركز الأبحاث الفلسطيني.

انشغلت رقية بأعمالها في المخيم تعطي دروسًا في محو الأمية للكبار ودروس تقوية للصغار وطباعة البيانات وتعرفت على الجميع وصار لها شعبية بين نساء المخيم وكل واحدة منهن شرعت تحكي لها حكايتها وكيف أخرجوهم من بلادهم قسرًا والرعب والعذاب الذي عشنه، وكيف كان اليهود يمنعونهم من رعاية الأرض أو حصاد المحصول وكيف قاومهم الأهالي وانقضوا عليهم بالأسلحة والعصي والسكاكين ففر اليهود هاربين وتركوا وراءهم أكياس القمح الذي حصدوه من أراضي البلدة وثلاثة مدافع رشاشة وسبع آلات كبيرة لحصد القمح، وعندما ذهب الشباب إلى أماكن تمركز اليهود في القرية وجدوا الكثير من الصناديق التي تحتوي على ممتلكات أهل القرية من ثياب ومفارش حتى الغرابيل لم يتركوها.

قرر الشباب البقاء لتأمين القرية حتى جاء عسكر جيش الإنقاذ وقالوا أنهم سيتكفلون بحماية البلدة وطلبوا منهم الإخلاء، ووقعت معارك بين جيش الإنقاذ واليهود حتى انسحب جيش الإنقاذ وهاجم اليهود القرى المجاورة وشردوا أهلها إلى لبنان واعتقلوا الكثير من الرجال وعندما أفرجوا عنهم ربطوا أعينهم ثم أنزلوهم عند نقطة الحدود مع لبنان وقالوا اركضوا ومن ينظر إلى الوراء يُقتل، ومجرد أن بدأوا بالركض أطلق عليهم اليهود النار ومات معظمهم ومن عاش حكى الحكاية.

مرض أبو الأمين وانقطع عن الذهاب إلى المخيم والمظاهرات ولازم الفراش وانتقلت رقية إلى بيت عمها لترعاه، اشتعلت المظاهرات في صيدا وكان على رأسها معروف سعيد والدكتور نزية البزري نائب صيدا في البرلمان وانتهت تلك المظاهرات برصاصة أصابت معروف سعيد وراح ضحيتها، اشتد الغضب بأهل صيدا وأقاموا جنازة كبيرة لتشييع جثمانه وأقيمت جنازات رمزية في بيروت والبلدان المجاورة، وأخذ أبو الأمين يحكي لهم عن معروف سعيد الذي كان يدرس في مدرسة البرج في حيفا ويشاركهم في المقاومة المسلحة، ويعمل مع الشباب في الجنوب لمنع تصدير الخضراوات والفواكة عبر الحدود الفلسطينية اللبنانية إلى المستوطنين وسلطات الاحتلال البريطاني، يحكي أبو الأمين وهو يبكي وبعدها رحل وكان في رحيله رحمة فلم يكن ليتحمل هول الأيام القادمة فكيف كان سيتحمل حصار تل الزعتر وتحالف سوريا مع الكتائب وأن جماعة عرفات وأمل يقتلون الأهالي في الجنوب وجماعة أمل تحاصر المخيمات.

اندلعت الحرب في لبنان وتمنت رقية لو يسافر أولادها بعيدًا عن الخراب وبالفعل سافر صادق للعمل في الخليج وحسن للدراسة في مصر وظلت هي وزوجها وعبد الرحمن الصغير في بيروت، وفي يوم جاء أمين لها ببنت صغيرة تسمى مريم أنقذوها من تحت الأنقاض بعد أن دُمر بيتها تحت القصف وفقدت كل أهلها وهي الوحيدة التي نجت، فأحبتها رقية كثيرًا.

كانت الحرب تتبعها حرب ثم حرب أخرى وهكذا، وتوالت النكبات فمثلا عام 1975 اختطفت الكتائب 300 مسلم وقتلت سبعين آخرين فردت الحركة الوطنية بالاستيلاء على منطقة الفنادق وبعدها سادت الفوضى وكثرت عمليات النهب والشغب والاعتقالات الجماعية، وقبل ذلك كان قد قُتل 63 من العمال السوريين وأُجبر الآلاف منهم على الرحيل وبعدها حصار تل الزعتر وجسر الباشا وأحياء في الصفيح ثم الاجتياح الإسرائيلي عام 1978.

كانت رقية تحتفظ دائمًا بحقيبة صغيرة يمكن حملها على عجل عند اشتداد القصف فتأخذها مسرعة وتأخذ مريم وأم الأمين وتسرع إلى الملجأ، استمر القصف اليومي طوال شهرين وفي نهاية الشهر الثالث رحلت المقاومة عن بيروت وظنت رقية أن الحرب انتهب بالهزيمة واحتلت لبنان، ولكن لم تطل المدة حتى جاءهم خبر انفجار بيت الكتائب في الأشرفية وموت بشير الجميل وبعدها بيوم واحد استيقظوا على قصف شديد علموا بعده أن القوات الإسرائيلية تتقدم لاحتلال بيروت الغربية وحاصرت مخيمي صبرا وشاتيلا من جديد والأحياء المناهضة لهما، ثم دخلوا المستشفى العام يبحثون عن المخربين ولكنهم لم يجدوا أحد فأكلوا وشربوا من كافتيريا المستشفى دون استئذان ووزعوا الحلوى على الأطفال وسمحوا لهم باللعب قرب حواجز التفتيش فقد احتلوا البلاد وحققوا ما أرادوا ولا حاجة لمزيد من العنف والقتل والآن الوجه الآخر لهم: شوكولاتة وبونبون وابتسامة بالكلوروفيل “وجئنا لنحميكم”.

ولكن جاء العنف من طريق آخر، سمعت رقية صوت القصف فاتجهت إلى الملجأ هي ومريم وأم الأمين ولكن كان القصف مختلف فكانت القذائف تضئ السماء وكأنها الظهيرة ولا أثر لدخان أو غبار وعندما انتهى القصف رجعوا إلى بيوتهم، وفي وقت متأخر من الليل سمعت رقية طرق شديد على الباب ففتحت الباب فزعة فوجدت هنية تلك الممرضة التي أتى بها أمين لترعى أمه ولكنها كانت في حال يرثى لها بثياب ممزقة تحمل صغيرها بين يديها وطفلتها معلقة على ظهرها بأقمطة من القماش، وحكت لرقية عما حدث لهم في ملجأ أبو ياسر حين دخل عليهم مسلحون من الكتائب يتحدثون العربية وأخرجوهم من الملجأ وأوقفوا الرجال في صفوف بمحازاة الحائط والنساء والأطفال في صفوف أخرى وساقوهم بعيدا أثناء ذلك أطلقوا النيران على كل الرجال عند الحائط وهي استطاعت أن تركض مبتعدة ومتحاشية كل الطلقات التي انهمرت عليها حتى وصلت إلى المستشفى فضمدوا جراحها ثم انطلقت إلى بيت رقية.

ثم وصلهم الأخبار أن تلك القنابل الضوئية أطلقتها القوات الإسرائيلية لتسهل على الكتائب اللبنانية الدخول وأن الكتائب ورجال سعد حداد يدخلون البيوت ويقتلون الناس بالبلطات والسكاكين ويغتصبون البنات ويهدمون البيوت على رؤوس أصحابها بالجرافات.

أما ما حدث في مستشفى عكا كان الفاجعة الكبرى، قامت الكتائب بمحاصرة المستشفى وأخرجوا الأطباء والعاملين فيها وأوقفوا الأجانب في صف والعرب في صف آخر وكانت معاملتهم للأجانب لطيفة نسبيا، ثم ساقوا العرب إلى المدينة الرياضية وقتلوا العض والبعض الآخر قد اختفوا ولم يُسمع عنهم أي أخبار وقاموا باختطاف ممرضتين إحداهما فلسطينية والأخرة لبنانية وتناوبوا على اغتصابهما حتى الموت، ثم رحلوا عن المستشفى بعدما أخلوها كاملة حتى قسم الأطفال، وفي اليوم التالي وجدت ممرضة طفلًا مقتولا في حديقة المستشفى وعندما عادت إلى صبرا وجدت أطفالا مقتولين تعرفت عليهم ممن كانوا في المستشفى ومن بينهم طفل مشلول قتل ببلطة، وشهد عدد من الناس أنهم وجدوا في ملجأ مغلق جنوب غرب المخيم في حي عِرسال جثثُا مكومة على بعضها بينها جثث رضع وأطفال غير مكتملة النمو ويعتقد أنهم المواليد الذين كانوا في المستشفى، وكان أمين من ضمن المفقودين في حادث المستشفى.

رغم كل هذا تمسكت رقية بحياتها في لبنان على الرغم من وجود تسريبات في الجرائد عن خطط لتقليص عدد الفلسطينيين في لبنان من نصف مليون إلى خمسين ألف، وكثرت المنشورات التي تلقى على المخيم تتوعد وتهدد والاعتقالات اليومية وعمليات القتل والخطف والجثث المشوهة التي يجدونها بالقرب من عين الحلوة وصيدا، والمنشورات التي تطالب الغرباء الإرهابيين الذين قهروا لبنان وتسببوا في خرابه بالرحيل، ويسمون الفلسطينيين بالقتلة والجراثيم والقمامة ويرددون أن إسرائيل جاءت لتخلصهم منهم وأن لبنان وإسرائيل سيكتسبان قوة بالعمل معًا، ويقولون ستجتمع الحضارتان.

بعد أربع سنوات قررت رقية الانتقال مع مريم لتعيش مع ابنها صادق في أبوظبي ولكن رغم عيشها المنعم هناك كان دائمًا بداخلها حنين لبلدها الطنطورة وأهلها حتى قابلت أبي محمد في أبوظبي شيخ من الطنطورة فتوثقت بينهم علاقة ود وأصبح بينهم زيارات متعددة حكى لها فيها عن المعاناة التي عاشها وما فعله معهم الجنود الإسرائيليين وكيف حشروهم في الشاحنات وحبسوهم كل 30 في غرفة ضيقة لا تتسع لهم إلا وهم واقفين ولا طعام فقط إهانات وضرب، وأجبروهم على العمل بالسخرة في هدم بيوت أهاليهم، وكيف جاءوا بشاحنات تحمل مئات الرجال وكان واضحًا أنهم لم يتناولوا شربة ماء منذ أيام فأنزلوهم على صنبور ماء واحد فتدافعوا عليه وأطلق عليهم اليهود النار فمات منهم من مات وعرفوا بعد ذلك أنهم أسرى من اللد والرملة.

كانت رقية تحب رسومات ناجي العلي وكانت تتابعها كل يوم في جريدة بيروت بل وتقصها وتحتفظ بها، وكانت الرسومات تتضمن شخصية واحدة ثابته لفتى في العاشرة من عمره يسمى حنظلة في ثوبه رقعة وشعره مشعث يقول عنه ناجي العلي أنه كأشواك القنفذ المستنفرة للدفاع عن النفس، توقفت رقية عند رسمة لناجي العلي نُشرت في جريدة السفير بتاريخ 16/9/1982، حنظلة يتطلع إلى مقبرة جماعية عليها صلبان تمتد على مدى النظر حتى خط الأفق حيث تلتقي مع سماء سوداء كل صليب منها كأنه إنسان مصلوب تشير يده للجندي الإسرائيلي في أقصى يسار اللوحة وكأن ناجي توقع المجزرة قبل يوم من وقوعها، وطوال ثلاثة أيام تلت لم تحمل الجريدة رسمة لناجي العلي وكأنه التزم الحداد لثلاثة أيام، وفي يوم 22/9/1982 نشرت الجريدة في المكان المعتاد رسمة له عبارة عن العلم اللبناني يقطعه شريط بالطول كُتب عليه كلمة “النهاية ” وتحت العلم كومة من الجثث الدامية وحنظلة يتطلع، كانت رقية ترى أن رسوماته في غاية الأهمية ما داموا يخشونها إلى حد قتله.

وبعد سنوات كثيرة قضتها رقية في أبوظبي قررت السفر مع مريم إلى الإسكندرية لتدرس مريم الطب وبعد اسبوع من وصولهم شاهدت على التلفاز توقيع اتفاقية أوسلو فسرت المرارة في حلقها وتحطم قلبها من الحزن وفي نفس المكان وعبر نفس التلفاز شاهدت أخبار مجزرة الخليل ثم وقائع اجتياح إسرائيلي جديد لجنوب لبنان ومذبحة قانا وتتابع جنازة الشهداء في صمت.

بعد أن أتمت مريم دراستها وسافرت مع أخيها عبد الرحمن إلى فرنسا قررت رقية الرجوع إلى صيدا مهما كلف الأمر ولو كان بيدها لرجعت للطنطورة، تولى صادق الأمر ودبر لها شقة، بالرغم من سوء الأحوال في المخيم سُمح لهم بالذهاب للحدود الفلسطينية لمقابلة ذويهم وأقربائهم ولكن من خلف الأسلاك الشائكة وذهبت معهم رقية، رأت الناس خلف الأسلاك وتعالت الصيحات والزغاريد وكانت المفاجأة الكبرى عندما وجدت ابنها حسن الذي لم تره من سنين لأنه ممنوع من دخول لبنان خلف الأسلاك هو وزوجته وأولاده ويحمل بنت صغيرة لم تكن قد رأتها حتى هذه اللحظة أسماها رقية وحملها إليها فوق الأسلاك التقطتها رقية ونظرت إليها بحب ثم سحبت مفتاح دارهم الذي علقته في رقبتها كما كانت تفعل أمها ووضعته على الصغيرة وأعادتها إلى أبيها صائحة ” مفتاح دارنا يا حسن، هديتي إلى رقية الصغيرة”.

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص رواية ثلاثية غرناطة

ملخص “المعطف” لنيقولاي غوغول

ملخص “المعطف” لنيقولاي غوغول

يعمل أكاكي أكاكيفيتش في إحدى الدوائر الحكومية القابعة في سان بطرسبرج، كان ينتمي لفئة بسيطة عرفت بالمستشارين الفخريين والتي كانت موضع سخرية وتهكم من قبل الكتاب، كان أكاكي هادئ الطباع صامت معظم الوقت يعمل بجد ويحب عمله في نسخ الوثائق المهمة، كان العمل عزائه الوحيد عن حياته البائسة وبالرغم من عدم اختلاطه بزملائه في العمل فإنهم لا يتركوه وشأنه أبدًا، كانوا يتضاحكون ويرددون النكات حوله وبدون أدنى اهتمام بمشاعره وكان يقابل تلك السخافات بالصمت ولكن أحيانًا تكون تلك المضايقات لا تطاق مصحوبة بهزة في كوعه مثلًا تعيقه عن عمله فيرد عليها بعبارات مقتضبة مثل ” دعني وشأني، لماذا تعذبني؟ “.

لم ينل أكاكي أي اهتمام من أي أحد حتى من البوابين والعمال في المكتب يمر وكأنه شبح لا أحد يراه ولا أحد يهتم به، لم يكن يعير ملابسه أدنى اهتمام فكانت دائمًا غريبة المظهر ولونها غير معروف وفيه ظلال ملطخة بأصباغ حمراء ودائمًا ما يوجد شيء ملتصق بها حفنة من القش مثلًا أو قطعة خيط.

كان الشتاء في بطرسبرج قارصًا لا يحتمل يحتمي منه الناس داخل معاطفهم السميكة المبطنة، وكالعادة كان معطف أكاكي النكتة الدائمة في المكتب فقد حرم من مكانة المعطف وأصبح في مكانة أدنى، وعندما حل الشتاء هذه المرة بدأ أكاكي يشعر بآلام مبرحة في ظهره وكتفيه فقام بفحص المعطف جيدًا ووجد أنه في موضعين أو ثلاثة على الظهر قد اهترأ تمامًا وأصبح رقيقًا وشفافًا وتمزقت بطانته إلى قطع، فأدرك أن من الضروري الذهاب للخياط بتروفيتش ليعيد ترقيع المعطف.

عندما رأى بتروفيتش المعطف أخبره أن لا فائدة من الترقيع لأن المعطف سيتمزق إذا لامسته الإبرة وعرض ضرورة أن يقتني أكاكي معطف جديد، وقع الخبر على أكاكي كالصاعقة لأنه لا يمتلك نقود كافية لخياطة معطف جديد ولا يمكن إصلاح القديم كما لا يمكن قضاء شتاء بطرسبرج بدون معطف سوف يتجمد من البرد.

بعد تفكير طويل وقرر أخيرًا أن يخفض مصروفه اليومي لمدة سنة على الأقل وأن يتوقف عن شرب الشاي ويعيش بدون شمعة ويحاول خفض نفقاته لأكبر قدر ممكن حتى أنه قرر أن يعيش بدون مأكل طوال فترات المساء، وأفرغ كل مدخراته ليجمع المبلغ المطلوب، كان هذا الحرمان ثقيلًا عليه ولكنه سرعان ما تأقلم معه وشغل نفسه وملأ أفكاره بالمعطف الجديد.

بدأ بتروفيتش بخياطة المعطف وكان أكاكي يمر عليه كل شهر ليطمئن إلى أين وصل في خياطته، وذهب مع بتروفيتش وفتشوا كل محلات القماش في بطرسبرج حتى وجدوا قماش جيد جدًا وبسعر مناسب، وسارت الأمور على أحسن ما يرام فقد منحه المدير علاوة قدرها ستين روبلًا كاملة، وبعد ثلاثة أشهر استطاع أكاكي أن يوفر ثمانين روبلًا أخرى فتمكن من أن يبتاع قماش من النوع الخام للبطانة وفراء قطة من أجل الياقة.

وأخيرًا انتهى بتروفيتش من خياطة المعطف وأحضره إلى أكاكي في يوم كان أكثر الأيام ظفرًا في حياته بأكملها، أحضر بتروفيتش المعطف في الصباح الباكر قبل أن يغادر أكاكي إلى عمله فكانت فرصة لارتدائه قبل الذهاب إلى المكتب، وعند وصوله سلمه إلى البواب ليضعه في مكان آمن.

انتشر خبر معطف أكاكي أكاكيفيتش الجديد في المكتب فتدافع الجميع إلى الردهة ليروا المعطف وغمروا أكاكي بالتهاني والمجاملات التي كان يرد عليها بالابتسام، ثم قام أحد الموظفين وكان مساعد لكبير الكتبة بدعوة كل من في المكتب وعلى رأسهم أكاكي إلى منزله في المساء لأنه سيقيم حفلًا صغيرًا، حاول أكاكي التهرب ولكنه لم يفلح كما أنه وجدها فرصة جيدة لارتداء معطفه الجديد في المساء مرة أخرى.

وصل إلى الحفل وخلع معطفه وعلقه بعناية، فور دخوله توالت عليه التحيات والتهاني ثم ذهب كل واحد إلى شأنه، لم يتأقلم أكاكي مع الحفل فظل يراقب الأشخاص من بعيد وحاول الذهاب ولكن صاحب البيت منعه، فظل إلى وقت متأخر في الحفل ثم قرر الذهاب أخيرًا وفي أثناء عبوره أحد شوارع بطرسبرج المقفرة التي يجب أن يعبرها حتى يعود لمنزله وجد أمامه رجلين ضرباه ضربًا مبرحًا وسرقا معطفه الجديد، فقد أكاكي الوعي لبضع دقائق وعندما أفاق ووجد معطفه اختفى ظل يصرخ ويركض في الشارع حتى وصل إلى الشرطي وبدأ يصرخ فيه بأنفاس متقطعة يلومه على إهماله.

ركض أكاكي إلى المنزل وهو في حالة مروعة للغاية وأخذ يطرق على الباب بطريقة هيستيرية أفزعت صاحبة البيت التي هرعت إلى الباب ووجدته في حالة انهيار، أخبرها بما حدث معه فنصحته أن يذهب إلى مفتش الشرطة لأن الظابط لن يستطيع فعل الكثير، فذهب أكاكي لمقابلة مفتش الشرطة واستطاع مقابلته بعد الكثير من المحاولات ولكن لم يظفر بشيء ورجع يجر أذيال الخيبة.

وصل أكاكي في صباح اليوم التالي إلى مكتبه في معطفه القديم يعلو وجهه الشحوب والحزن، مست قصة سرقة المعطف قلوب الكثير من العاملين في المكتب وقرروا جمع التبرعات لمساعدته ولكن لم يجمعوا إلا مبلغ قليل جدًا، ونصحه أحد زملاؤه أن يذهب إلى شخص مهم ليقوم بتحريك الأمور بصورة أسرع، كان هذا الرجل المهم طيبًا في أعماقه ولكن منذ ترقيته إلى رتبه جنرال فقد صوابه تمامًا فأصبح مشوشًا وانحرف عن الطريق السوي.

ذهب أكاكي لمقابلته وبعد عناء وانتظار استطاع أخيرًا أن يراه وما أن بدأ يسرد سبب مجيئه حتى نهره الرجل بشده وأهانه وصرخ فيه لدرجة أفزعته فوقع أرضًا وقام الخدم بإخراجه وقام هو بجرجرة نفسه إلى المنزل فلم يكن قادرًا على الحركة أو النطق بكلمة واحدة، ألقى بنفسه على الفراش وكل أجزاء جسمه متورمة وتؤلمه وفي اليوم التالي أصابته حمى شديدة فأحضرت له صاحبة البيت الطبيب الذي أخبرها أنها النهاية وأنها يجيب أن تبتاع له تابوت من الصنوبر.

لازمت الحمى أكاكي لفترة وانتابته حاله من الهذيان وظهرت أمام عينيه رؤى غريبة فكان يصرخ ويسب ويلعن ودائما كان السباب واللعنات مسبوقًا بعبارة ” يا صاحب السعادة ” حتى فارق أكاكي أكاكيفيتش الحياة وحيدًا لا أحد يحزن عليه ويرثى لموته ومات في هدوء مثلما عاش، بعدما فاز ببعض اللحظات السعيدة مع صديق مر على حياته لفترة وجيزة في صورة معطف.

بعد موت أكاكي بدأت تنتشر شائعات في بطرسبرج عن شبح على هيئة كاتب من كتبة الحكومة ظهر في المدينة يبحث عن معطف مفقود ويقوم بنزع شتى أنواع المعاطف من فوق أكتاف أصحابها.

شعر الرجل المهم بالأسى بعد ما فعله مع اكاكي فأرسل في طلبه ولكن وصله خبر موته، فعاد لرشده وأصبح أكثر رفقًا مع من يعملون لديه ومع العامة ولكن ظلت صورة أكاكي أكاكيفيتش الشاحبة الحزينة تطارده، فقرر أن يذهب لزيارة سيدة من معارفه عله يجد ما يشغله عن التفكير وأن لا يذهب إلى البيت مباشرة وفي الطريق وأثناء استغراقه في التفكير شعر فجأة بأن قوة عنيفة تشده من الخلف وعندما استدار فاق رعبه الحدود عندما تعرف على وجه أكاكي الشاحب كالثلج كوجه رجل ميت، فتح أكاكي فمه الذي كانت تفوح منه رائحة القبور وقال بصوت خافت ” أخيرًا وجدتك، والآن أطبقت عليك من ياقتك! إن ضالتي معطفك “

ولم يستغرق الأمر طويلًا حتى أخذ شبح أكاكي المعطف واختفى تاركًا الرجل بلا معطف في حالة من الفزع، وانتهت قصص سرقة المعاطف من على أكتاف الناس في سان بطرسبرج.

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص كتاب “الإرهاب” للكاتب فرج فودة

ملخص كتاب “الإرهاب” للكاتب فرج فودة

يتحدث الكاتب الدكتور فرج فودة عن الإرهاب بشكل مفصل في فترة الثمانينات فقد شهدت مصر في هذه الفترة الكثير من عمليات العنف تحت اسم الدين، وكيف تتعامل معظم وسائل الإعلام مع قضايا الاغتيال المتعددة التي حدثت في ذلك الوقت على سبيل المثال قضية اغتيال حسن أبو باشا الذي شغل منصب وزير الداخلية في الفترة ( 1982-1984)، بعد الحادث بدأ الإعلام ينفي قيام المنظمات الدينية المتطرفة باغتيال أبو باشا وحولوا أدلة الاتهام إلى أدلة للبراءة فظنوا أن ظهور الجناة باللحية ولبسهم الجلباب دليل نفي لأن عملية اغتيال لوزير الداخلية تحتاج إلى تخطيط جيد ولا يعقل أن ينفذ الجناة هذه العملية بسمات تكشف عن هويتهم.

كما حلل طريقة التنفيذ نفسها ووضح أن معظم العمليات التي تقوم بها تلك الجماعات غير مخطط لها تخطيط دقيق من الأساس وسمى اسلوبهم في التنفيذ بأسلوب قصعة الثريد حيث يتنافس الجميع على الصيد، والدليل على ذلك أنه كان بإمكانهم تنفيذ تلك العملية بعيدًا عن بيت أبو باشا حيث الحراسة الكثيفة، فمثلًا لو كانوا نفذوها في أحد شوارع القاهرة المزدحمة أو بعيدًا عن بيته ببضع مترات لجنبوا أنفسهم عناء الاشتباك مع القوات الأمنية ولكان الأمر أسهل بكثير.

الإرهاب حسب الطلب:

يرى الكاتب أن مصطلح الإرهاب في مصر يصنف إلى إرهاب مشروع وإرهاب غير مشروع أو إرهاب مستحب وإرهاب غير مستحب، فلو كان من تعرض للاغتيال شخص مكروه فيعتبر قاتله شهيد أما إذا كان شخص محبوب فيعتبر قاتله إرهابي.

وعرض الكاتب رأيه في اغتيال الملحق الإداري الإسرائيلي آنذاك وأن تلك الحادثة تعتبر عمل إرهابي لأنها أضرت بأمن وسلطة مصر ولو أن كل فئة قررت أن تصفي حسابها مع الأخرى بنفس الأسلوب لعمت الفوضى، وكذلك ما فعله سليمان خاطر عند قتله لمجموعة من السياح الإسرائيليين وكيف اعتبرت معظم الصحف أنه عمل بطولي ولو أنهم ناقشوا الأمر بهدوء لوجدوا أنه قاتل وليس بطل فما ذنب الأطفال والنساء والشيوخ وكيف يوصف قاتلهم بالبطل!

الشائعات والطلقات:

دائما ما يتعزز الإرهاب بإطلاق الشائعات حتى لو كانت غير منطقية وصعبة التصديق يكفي أن يكون لها صدى كبير يشغل الجميع ويعطيهم مبررات كاذبة يريحوا بها أنفسهم، مثل ما حدث قبل اغتيال أبو باشا فظهرت شائعة أنه رمى بالمصحف على الأرض فصدقها وتأثر بها كل فئات المجتمع من البسطاء حتى أصحاب المستوى العلمي المرتفع.

والشائعات التي أطلقت في حق عميد كلية الطب جامعة القاهرة أنه نزع النقاب عن طالبة من طالبات الكلية وسببت تلك الشائعة الكثير من المشاكل حتى بعد أن نفت الطالبة نفسها هذا الخبر، كما أنهم أشاعوا أن نفس الكلية دعت فرقة موسيقية مصرية تقوم بتمزيق المصحف والرقص فوقه على المسرح أثناء الغناء مما اضطر إدارة الكلية إلى إقامة الحفل تحت حراسة مشددة.

كما حكى الكاتب عن تجربة شخصية حدثت معه أثناء فترة الانتخابات عندما وجد أن عشرات الآلاف من المنشورات يتم توزيعها من جهة غير معلومة تحمل عبارات متناقضة وغير لائقة بجانب اسمه وصورته.

وكان أكثرها إثارة للسخرية شائعة أن الولايات المتحدة أرسلت شحنة من الدجاج المسمم إلى الدول النامية، وأن الدجاج يحتوي على مادة تسمى (بي سي بي) وهي مادة يظهر أثرها بعد عشر سنوات من تناولها، فاعتمدوا على إثارة الفزع واستهداف الفئة البسيطة من المجتمع المصري واختاروا اسم يشغلهم ويضع أمامهم الكثير من الاحتمالات كما أنهم ذكروا فترة زمنية كبيرة لتثبيت تلك الشكوك فمن يتذكر ما أكله من شهر مثلًا، وغيرها الكثير من الأمثلة يسردها الكاتب بالتفصيل.

التعذيب والإرهاب:

غالبا ما يتم ربط ظهور الإرهاب بالتعذيب، وكثيرا ما ذكر أن الإرهاب السياسي كان نتيجة مباشرة للتعذيب في سجون عبد الناصر وأن فكرة تنظيم التكفير والهجرة قد لمعت في ذهن شكري مصطفى بسبب التعذيب وتحت جلدات السياط، وأن سيد قطب كتب معظم كتابه الشهير في هذه السجون.

رأى الكاتب أن الإرهاب السياسي الديني قد بدأ مع نشأة الإخوان المسلمين حين كانت تتم بينهم البيعة على المصحف والمسدس، وأن نشأة الإرهاب مرتبطة بعقيدة التنظيم نفسه وليس بالمناخ السياسي السائد وأن ظاهرة التطرف العنيف الذي يستخدم الشعارات الدينية زورًا وتناميه الملحوظ بسبب تهاون الدولة في مواجهته وتخاذلها في التصدي لمثل هذه العناصر.

الإرهاب والمعادلة الجديدة:

قسم الكاتب اتجاهات الحركة الإسلامية إلى ثلاثة تيارات أولها تيار يتبنى منطق الثورة كطريقة لتغيير نظام الحكم بالقوة وذلك يتمثل في الجهاد، أما التيار الثاني يهتم بتجميع الثروات وهدفه هو السيطرة على الاقتصاد القومي، والثالث تيار سماه بالتيار التقليدي وهو تيار الإخوان المسلمين.

في البداية كان الكاتب يرى أن التيار الأول أكثر خطرًا والثاني أكثر نجاحًا والثالث أكثر تأثيرًا وكل تيار له خصائصه وأساليبه، وكان يظن أن هذه الاختلافات تمثل عائق لوحدة عملهم وتجعل التنسيق بينهم غير ممكن، ولكنه اكتشف خطأ تلك الأفكار وأن تلك التيارات تقوم بالتنسيق فيما بينها بصورة دقيقة وتأجل الاختلافات والتناقضات أو تتجاوز عنها إلى ما بعد وصولهم للهدف المطلوب.

الإرهاب وعجز المنطق:

يطرح الكاتب قضية مناداة تلك الجماعات بالدولة الإسلامية وأنهم يملكون نظرية حكم إسلامية متكاملة يتبعون فيها القرآن والسنة، يرى الكاتب أن الإسلام أعز وأعم وأن الله ترك أمور السياسة والحكم باجتهاد المسلمين لأن العصور تتغير وأن الإسلام لو كان مشتمل على نصوص ثابتة ومحددة بهذا الشأن فإنه يفرض الثبات على شيء متغير من الأساس.

كيف نواجه مشكلة الإرهاب؟

يرى الكاتب أن هناك ثلاث وسائل لمواجهة الإرهاب على المدى القصير وثلاث أخرى على المدى الطويل.

سبل الحل على المدى القصير:

الديموقراطية:
وصف الكاتب الوضع الديموقراطي السائد في مصر بالسماح الديموقراطي حيث تقوم الجهات العليا بتمرير الديموقراطية بما تراه ملائمًا لفئات المجتمع المختلفة، ولكن لا مفر الآن أن تتسع الديموقراطية للجميع دون قيد والانتقال إلى مرحلة المناخ الديموقراطي حيث يتمتع الجميع بحقهم في تكوين أحزاب أو إصدار صحف وغيرها من الحقوق اللازمة للتعبير عن الرأي والاعتراض بصورة حضارية، ولو حدث ذلك لكان أفضل بكثير ويمحي الكثير من الحجج التي يتبعها هؤلاء وفي صالح الدولة على عكس ما تتوقع الحكومة.

سيادة القانون:
يقول الكاتب أن في الدول الديكتاتورية يهاب الناس السلطة أما في الدول الديمقراطية يهاب الناس القانون، أما نحن في مصر فلم نرتق إلى مستوى خوف القانون واحترامه والتمسك به والدفاع عنه، وظاهرة الإرهاب ترجع جذورها وجزء كبير من أسبابها إلى أسلوب تعاملنا مع القانون.

كما وضح أن معظم القوانين التي تصدر في مصر لا يتم تطبيقها هي فقط تصدر من أجل إبراء الذمة ومع ذلك تصدر معها هالة إعلامية ضخمة، وبالتالي لا يجد المواطنون حرج من التحايل على القانون واختراق ثغراته وليس الامتثال لأحكامه.

الإعلام:
يرى الكاتب أن الخط الإعلامي الوحيد والثابت آنذاك أغلبه يستهدف تهيئة الرأي العام لقبول تحويل مصر لدولة دينية ويؤكد على أننا من دفعنا الإرهابيين لتلك الطريق حين لم نستمع لمطالبهم ويخلق لهم الكثير من المبررات، وذكر الكاتب بعض الأمثلة ممثلة في مانشيتات نشرت في بعض الجرائد المصرية في ذلك الوقت وذكر حالات الرشوة لبعض الصحفيين لكتابة فقط ما يدور في رأس هؤلاء لتعزيز أفكارهم وترسيخها عند
المواطنين واستخدام الكثير من الشائعات لدعم أفكارهم تلك.

سبل الحل على المدى الطويل:

تتوازى هذه الحلول مع حلول المدي القصير وتنحصر في ثلاث مجالات: التعليم، المشكلة الاقتصادية، الوحدة الوطنية.

يعتقد الكاتب أن بعض برامج التعليم في ذلك الوقت كانت أحد أسباب ظهور جيل لا يحسن استعمال عقله فتصيبه محدودية التفكير والنظر إلى الحقائق من جانب واحد فقط، أما بالنسبة للمشكلة الاقتصادية فهي سبب أساسي فلن تجد مثلًا ظهور عناصر إرهابية من الأماكن التي تتمتع بمستوى مادي مرتفع وإنما تظهر من أعماق المناطق الفقيرة المطحونة في مصر.
أما الثالث فهو الوحدة الوطنية التي يتخذها الإرهابيون مدخلًا للكثير من عملياتهم الدنيئة، فيجب تعزيز روح الوحدة الوطنية لدى المواطنين وأن نضع حلول للخلل الذي ينتاب سلوكنا الاجتماعي ونظرتنا إلى حرية العقائد.

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص “حلم رجل مضحك” للكاتب فيودور دوستويفسكي

ملخص “حلم رجل مضحك” فيودور دوستويفسكي

“أصبحت فجأة لا أغضب من الناس بل ما عدت ألاحظ وجودهم” فيودور دستوفيسكي، حلم رجل مضحك

تبدأ القصة بشعور طاغي يسيطر على البطل بأن لا شيء مهم في الحياة لا شيء يستدعي الاهتمام أو التفكير لم يعد لديه شغف تجاه أي شيء حتى أنه توقف عن التفكير وأصبح شخص فارغ صامت يثير ضحك كل من حوله، هادئ لدرجة أن الناس لا يلاحظوا وجوده أحيانًا وكان هذا يغضبه في الماضي وتسيطر عليه التعاسة ولكن الآن وصل إلى حالة من عدم الاكتراث ولم يعد يهمه ما يحدث حوله، وصل به الحال لأنه قرر الانتحار وبرغم سوء حالته المادية فقد اشترى مسدس رائع لينفذ قراره ولكنه ظل متردد لفترة طويلة ومع كل يوم جديد يضع المسدس أمامه ولا يقدر على التنفيذ وفي ليلة بعينها قد عزم الأمر على أخذ تلك الخطوة وفي طريق عودته للمنزل أوقفته فتاة صغيرة في ثياب رثة مبللة من المطر وحذاء مثقوب تطلب منه المساعدة لأن والدتها تحتضر ولكنه نهرها بشدة ورفض مساعدتها ومضى في طريقه.

وعندما وصل لشقته الفقيرة جلس إلى الطاولة ووضع أمامه المسدس لينفذ ما عزم عليه، ولكن عصفت في رأسه الكثير من الأفكار حول ما فعله مع تلك الفتاة المسكينة واعتصر قلبه من الحزن عندما تذكر كيف نهرها ولماذا لم يساعدها فبالرغم من فقدانه الرغبة في الحياة فهو ما زال يستطيع الشعور بالحزن ومرة أخرى يفكر أنه لا يهتم بشيء وأنه بعد قليل سيصبح شيء من الماضي سيصبح غير موجود فلماذا كل هذا الحزن واللوم المؤلم.

ظل على هذه الحالة من عذاب النفس والتبرير حتى غلبه النوم واستغرق في حلم غريب غير الكثير من مفاهيمه وعدل بعدها عن فكرة الانتحار بل أنه عزم الأمر على أن يبحث عن تلك الفتاة ويساعدها.

يبدأ الحلم بأنه قام بالانتحار عن طريق تصويب فوهة المسدس إلى قلبه بدلُا من عقله كما كان يريد وتناثرت الدماء في كل مكان، رأى جيرانه يقومون بوضعه في صندوق ودفنه ومر بعض الوقت حتى فتح الصندوق ووجد نفسه في عالم آخر يشبه الأرض ولكنه ليس التي عهدها وشمس تشبه شمسنا ولكنها ليست هي وجد سكان مختلفين وجوههم مشرقة نقية تنم عن الحكمة والهدوء والرزانة وتخيل أنها الأرض قبل أن تلطخها الخطيئة ويعيش عليها بشر لم يعرفوا معنى الخطيئة بعد، أخذوه إلى بيوتهم واعتنوا به وأحاطوه بكل الحب والدفء وأحس هو الآخر بحبه لهم ورأى أن ما يعرفه هؤلاء البشر غير ما نعرفه وتطلعاتهم أيضا مختلفة لا تعذبهم الرغبات ولا يضنيهم الفضول ومحاولات معرفة الحياة هم فقط يعيشون بسلام.

لا يعرفوا معنى كلمتي حسد وخصومات، لم يعرفوا الأمراض كان شيوخهم يموتون بهدوء محاطين بالجميع، أدرك وهو معهم أنه لم يكره الأرض التي كان يعيش عليها مسبقًا كما كان يظن ولم يكره هؤلاء الذين ضحكوا منه أو جعلوا حياته جحيمًا ولكنها كانت نوبات غضب تعتريه من وقت لآخر.

مع كل هذا الوقت الذي قضاه في هذا المكان بدأ يؤثر فيهم هو الآخر فبدأوا بتعلم الكذب على سبيل المزاح والدعابة وسرعان ما أعجبتهم تلك اللذة التي شعروا بها والتي ولدت لديهم الشعور بالغيرة ثم القسوة، وحدث أول حادثة قتل بينهم أصابت داخلهم الذعر فافترقوا عن بعضهم وظهرت التحالفات الواحد ضد الآخر، ثم تطور الأمر إلى أنهم بدأوا يتحدثون بلغات مختلفة وعرفوا معنى الاكتئاب وظهرت لديهم مفاهيم مثل الأخوة والإنسانية والشرف وعندما شاعت بينهم الجرائم اخترعوا العدالة وأقاموا المحاكم وصنعوا المقصلة لتنفيذ الأحكام.

حاول أن يصلح ما أفسده ويقنعهم بأنهم كانوا قبل هذا سعداء أنقياء ولكن لا جدوى، رفضوا تصديقه وسموا ما يتحدث عنه بالخرافة والحلم وابتعدوا عنه وظنوه مجنونا وأخبروه أنهم وجدوا الطريق وأن البحث عن الحقيقة هو الأهم ويضمن لهم الوعي بالحياة والسعادة ويمنحهم الحكمة.

ظهرت مشاعر الأنانية والنرجسية لدى كل منهم وأصبح كل واحد فيهم يسعى لإذلال الآخر والخفض من شأنه ثم ظهرت العبودية فأصبح القوي منهم يستعبد الضعيف قسرا، ثم ظهرت فئة من الصالحين بذلوا كل الجهد لإقناع القوم بأنهم يسيروا نحو الطريق الخاطئة ولكن لم يسمع لهم أحد، اندلعت الحروب وظهرت ديانات غريبة من العدم وحملت وجوههم علامات العذاب والمعاناة.

كان يشعر بالألم والشفقة عليهم فقد أحب العذاب لنفسه ولكن ليس لهم، نفذ الحزن إلى قلبه وتوسل إليهم كي يصلبوه أو يعذبوه جراء فعلته تلك لكنهم اعتبروه خطرا عليهم وأمروا بوضعه في بيت المجانين فأحس بالحسرة والألم وأن قلبه ينقبض بقوة في هذه اللحظة استيقظ من نومه، فوجد نفسه في غرفته على الكرسي كما هو والهدوء يعم المكان.

استيقظ من الحلم وهو شخص آخر تدور في رأسه الكثير من الأسئلة وأدرك الكثير من الحقائق من أهمها أن عليه أن يحب الآخرين كما يحب نفسه ورفض فكرة أن الوعي بالحياة فوق الحياة نفسها وأن معرفة قوانين السعادة أعلى درجات السعادة ورأى وجوب محاربة هذه الأفكار بالتحديد لأن ما يتعلق بالحياة أو السعادة أبسط من تلك الأفكار المعقدة التي لا تجلب سوى التعاسة والاكتئاب.

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص كتاب “شربة الحاج داود” للكاتب أحمد خالد توفيق

ملخص كتاب “شربة الحاج داود” للكاتب أحمد خالد توفيق

يحتوي الكتاب على مجموعة من المقالات المتنوعة للدكتور أحمد خالد توفيق، مقالات تتحدث عن العلم وشبه العلم وبعض الخواطر الشخصية، يشرح فيها عقلية الناس وكيفية تعاملهم مع العلم والطب والأحداث العلمية التي تطرأ عليهم من حين لآخر، ويوضح مساوئ الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في تضليل الناس وتهويل بعض الأمور ونشر الأخبار الغير صحيحة، وطرق الدولة العقيمة في التعامل مع الكوارث الصحية مثل انتشار وباء معين مثلًا وتهاونهم في اتخاذ الإجراءات اللازمة، كما يعطينا بعض الأمثلة على جهل الكثير من الناس واستعمالهم بعض الوصفات الشعبية مثل شربة الحاج داود التي تعالج جميع الأمراض تقريبًا حتى أنها تقضي على الأورام الخبيثة وتصديقهم للوهم الذي ينسجه الكثير من مدعي العلم والمعرفة ، وسرد الكاتب تاريخ طب المناطق الحارة واستخدام الأوبئة في الحروب وغيرها الكثير من المعلومات ممثلة في مجموعة من المقالات الشيقة.

ينقسم الكتاب إلى ثلاثة أجزاء وكل جزء يندرج تحته مجموعة من المقالات:

الجزء الأول، حكايات طبية:
يشرح الكاتب خطورة تهاون الطبيب في فحص وتشخيص المريض أو مبالغة المريض في شعوره بالمرض أو وهمه بأنه مريض ووصف الكاتب هذه الحالة بمصطلح الباثوفيليا ومعناه حب المرض، يصعب على الكثير من الناس وحتى الأطباء أن يصدقوا أن هناك من يحب المرض ولكنها حقيقة فبعض الأشخاص يتظاهرون بالمرض في سبيل نيل بعض الشفقة ممن حولهم وأن يكونوا محط الأنظار وموضع اهتمام أو أن يتخذوا المرض كحجة لإسقاط بعض المسؤوليات من عليهم.

كما أن هناك بعض الناس لديهم عشق هستيري للأدوية حتى أنهم يمكن أن يفتعلوا مشاجرة مع الطبيب إذا لم يضع لهم قائمة طويلة من المستخلصات الطبية، ويصل الأمر ببعض الناس أن يتعاطوا أدوية مضادة للأكسدة أو أدوية الكبد والوصفات العشبية فقط ليتجنبوا الأمراض، ويرى الكاتب أن الباثوفيليا دليل على عدم النضج وأن الأشخاص المصابين بالباثوفيليا يتمتعون بجعل حياة من حولهم جحيمًا.

يبدأ هذا الجزء بمقال المرح مع الحميات النزفية:

يسرد الكاتب بعض الحقائق والحكايات عن الحميات النزفية بداية من الحمى الصفراء وحتى حمى لاسا التي انتشرت في غرب إفريقيا، وكيف سببت الحميات النزفية الرعب للبشر في سبعينيات القرن العشرين، كما ذكر بعض الأطباء ودورهم في اكتشاف ودراسة بعض أنواع تلك الحميات مثل والتر ريد الذي اهتم بوباء الحمى الصفراء وطارده في أحراش كوبا وأنيرو كونتية الباسل الذي أفنى حياته في دراسة حمى اللاسا.

خواطر قلاعية:
يتحدث الكاتب عن الحمى القلاعية التي تصيب الماشية ويسببها فيروس يسمى بيكورنا، وكانت تسمى الحمى القلاعية باسم داء الفم والحافر ويذكر الأزمة الاقتصادية التي سببتها في مصر وقت ذروتها وحالة الكساد التي أصابت الجزارين في ذلك الوقت.

وفاة فيروس:
يسرد الكاتب بشكل ساخر سوء الأحوال الاقتصادية والصحية في مصر وتدهور الحالة الصحية للمصريين، وأن فيروس كورونا الذي انتشر وقتها وكان يعرف باسم المتلازمة التنفسية الخاصة بالشرق الأوسط الناجمة عن فيروس كورونا (MERS-CO)، وأن ذلك الفيروس لن يكون هو أكبر المشاكل التي تواجه الشعب المصري لأن أحواله الصحية متداعية من البداية معلقًا أن هذا الفيروس سيصاب بالتسمم ويموت بسبب ما سيجده من ملوثات وأمراض في أجسام المصريين.

حكايات النوم:

يتحدث الكاتب في هذا المقال عن النوم والعادات الغريبة لبعض الناس للتخلص من الأرق، وكثرة تعاطي الحبوب المنومة التي تحتوي على مادة الميلاتونين التي تضبط إيقاعات النوم ولكن يصحو الشخص من نومه بعض تعاطي هذه الحبوب في حالة تامة من الإنهاك الجسدي، وكيف كان أساتذة اليوجا الهنود يشربون كوب من بولهم لأنه يحتوي على كمية هائلة من الميلاتونين بهدف ضبط نومهم والوصل لحالة يسمونها النيرفانا، كما ذكر إحدى التجارب التي أجراها السوفييت على أسرى الحرب والتي كانت نتائجها مروعة.

عن طب المناطق الحارة:

في هذا المقال عرف الكاتب طب المناطق الحارة أو طب الأمراض المتوطنة هو الطب الذي يتعامل مع الأمراض التي تسود المناطق الاستوائية وهذا المصطلح ليس منتشر كثيرًا في مجتمعنا، ولأن المناطق الاستوائية تتميز بجوها الحار وقلة الرعاية بها فقد انتشرت فيها الكثير من الأمراض الغريبة وكان على الطبيب المتخصص في طب المناطق الحارة التعامل مع أمراض مثل الملاريا والإيبولا والكورو (Kuru) وغيرها، وبما أن حركة الطيران جعلت العالم صغير جدا فأصبح من السهل انتشار هذه الأمراض في أماكن أخرى غير المناطق الاستوائية.

ومعظم الاكتشافات في طب المناطق الحارة كانت على يد أطباء بريطانيين، فعندما أرسلت بريطانيا جنودها لاحتلال العالم وانتشروا في رقعة واسعة من إفريقيا وجبال الهند وجزر الكاريبي بدأ الجنود بالشعور بأعراض غريبة مثل انتفاخ البطن أو ظهور دم في القيء أو الإصابة بالعمى المفاجئ أو النوم للأبد، لذا رأت بريطانيا ضرورة إرسال أطباء لفهم ما يحدث.

وذكر بعض الأطباء وحكايتهم المثيرة عن اكتشاف الكثير من تلك الأمراض مثل باتريك مانسون الذي درس الكثير من الحالات المصابة بداء الفيل واكتشف سبب انتقال المرض عن طريق لدغات البعوض المتكررة، والطبيب دونالد روس الذي ركز دراسته على الملاريا ووصل فيها لاكتشافات مهمة وأن المرض ينتقل أيضًا بسبب البعوض وأكمل من بعده السنيور جراسي الذي استطاع تحديد البعوضة التي تنقل الملاريا بصورة دقيقة وهي بعوضة الأنوفيليس بالتأكيد.

ثم ذكر دور الطبيب الأمريكي والتر ريد في اكتشاف الحمى الصفراء، وديفيد بروس الذي اكتشف البكتيريا المسببة لحمى مالطة وهي بكتيريا البروسيلا الشهيرة التي سميت على اسمه كما أنه اكتشف الطفيل المسبب لمرض النوم والذي ينتقل بواسطة ذبابة التسي تسي، والطبيب الفرنسي يرسين الذي اكتشف السبب الرئيسي لمرض الطاعون.

الأوبئة في ساحة الحروب:

ذكر الكاتب بعض الأوبئة التي استخدمت قديمًا كسلاح في الحروب وكان أقدم مثال استخدام التتار جثث الأشخاص المصابين بالطاعون كقذائف عند نفاذ مقذوفاتهم أثناء حصارهم لميناء كافا ( فيودوسيا، بأوكرانيا)، واللورد جيفري أمهيرست الحاكم البريطاني الذي كان يحارب الهنود والفرنسيين معًا ورأى ضرورة التخلص من الهنود لأنه اعتبرهم فئة متدنية غير جديرة بالاحترام ولا الحرب فأرسل إليهم بعض المفروشات والأغطية الملوثة بداء الجدري الذي كان مميتًا وقتها، وكرر الجيش البريطاني هذه الحادثة مع الأمريكين.

وفي الحرب العالمية الأولى استخدم الألمان جرثومة الجمرة الخبيثة مع الجيش الروسي، كما استخدم الإسرائيليون بكتيريا التيفود لتسميم مصادر المياة في عكا الفلسطينية.

ذكريات الطاعون:

يذكر الكاتب تاريخ الطاعون من بداية ظهور المرض وحتى انتهاءه على يد يرسين الذي اكتشف البكتيريا المسببة للمرض وبعد أعوام من اكتشافه استطاعوا الوصول إلى لقاح موفق، وقبل هذا كان الطاعون يودي بحياة الكثيرين وكان مصدر تهديد حقيقي للبشرية لذلك سمي بالموت الأسود.

الجزء الثاني، علم الفودوو:

يضم هذا الجزء مجموعة من المقالات يشير فيها الكاتب ساخرا إلى مسألة إرهاب الناس من موضوع معين عن طريق استخدام المصطلحات العلمية المعقدة التي تقوي الحجة وتجعل الكلام منطقيًا أمام الناس فيسهل تصديقه والعمل به وغالبًا ما يكون جملة هذا المنتج أو هذا التصرف يسبب السرطان متصدرة تلك الحجج الوهمية.

وكيف يعرض الإعلام الكثير من الأخبار العلمية الخاطئة والتي تتلاعب بعقول الكثيرين وعرض أخبار عن الاكتشافات الجديدة من وقت لآخر دون وجود شرح مفصل ومنطقي، ورأى الكاتب ضرورة تنمية العقلية النقدية لدى الناس فلا يجب أن نصدق كل شيء، كما عرض الكاتب علامات العالم المزيف السبع التي ذكرها العالم الأمريكي روبرت بارك في كتابه “الفودوو العلمي” وهذه العلامات تشمل:

أن يقدم الباحث أعماله مباشرة إلى وسائل الإعلام والصحافة دون عرضها على المحافل العلمية أولًا.

أن يزعم الباحث أن هناك مؤسسات كبرى تحاول سرقة أعماله واعتماده الكامل على نظرية المؤامرة.

أن العالم أجرى أبحاثه منفردًا دون التواصل مع مؤسسات بحثية كبرى.

اعتماد الكاتب على أدلة شفهية لتدعيم كلامه.

يغير الباحث بعض المفاهيم وقوانين الطبيعة حتى تتناسب مع أبحاثه.

النتائج التي يدعيها ثابته لا تتغير مع الوقت.

الرجوع للتقاليد والأفكار القديمة وادعاءه أنه يطور فكرة قديمة كانت موجودة مسبقًا.

الجزء الثالث، بعيدًا عن الطب:

يضم مجموعة من المقالات الفلسفية والخواطر الشخصية للكاتب، فيبدأ بمقال عنوانه أنت وقطة شرودنجر:
يتحدث فيه عن القرارات التي يتخذها الإنسان وكيفية تأثيرها في مجرى حياته وكيف لتصرف بسيط أن يغير حياتك بالكامل.

حتى يغادروا البيت:
يوضح التطور الذي تشهده صناعة السينما مع مرور الوقت، واستخدامهم عنصر الإبهار لحث الناس على الخروج ومشاهدة الأفلام والعروض في دار السينما بدلًا من مشاهدتها في المنزل.

لا تكن ساذجا:
يذكر الكاتب بعض الشائعات التي انتشرت في المجتمع وكيف صنعها مجموعة من البشر وصدقها آخرون حتى أصبحت شبه حقيقة عند بعض الناس.

جورج الوحيد:
يقول الكاتب أن البشر يتميزون بالتفرد واختلاف الشخصية وأن لكل إنسان نسخة واحدة فقط ولا أحد يشبه الآخر، كما ذكر رحلة العالم داروين إلى الإكوادور وانبهاره بكل أشكال الحياة التي توجد على جزيرة جالاباجوس.

المتلصص وسيد القراصنة:

مقالان يتحدث فيهم الكاتب عن بعض أنواع القرصنة، في الأول يتحدث عن قراصنة الكومبيوتر وبداية الأمر في الإعلام وفي السينما ويحكي قصة حدثت معه شخصيًا، وفي المقال الثاني يتحدث فيه عن قرصنة الأفلام الحديثة وتأثيرها على صناعة السينما.

في مصر لا تكن… المهم أن تبدو:

يسخر الكاتب من انتشار حمى المظاهر التي أصابت المجتمع المصري بداية من الأشخاص العاديين وحتى أنها وصلت لمؤسسات الدولة فلا يهم كفاءة العمل ولكن يهم أن يكون المظهر العام مبهر.

اختبار “رورشاخ” ألعاب حواة أم علم محترف؟

من الأساليب التي انتشرت في التحليل النفسي أن يضع المحلل النفسي أمامك بطاقة عليها صورة لبقعة حبر متناثرة ثم يسألك عما ترى وعادة ما تكون الأسئلة لها اجابات منطقية ومعروفة لدي المحلل النفسي، فيحاول الكاتب في المقال أن يحلل هذا الاختبار ويبين هل هو خرافة ولعب بعقول الناس أم أنه قائم على أساس علمي.

فتنة انفلونزا الخنازير وامرح مع انفلونزا الخنازير:

يضم المقالان معلومات عن وباء انفلونزا الخنازير من بداية انتشاره وطريقة تعامل الدولة مع الوباء وتهاونها في اتخاذ الإجراءات اللازمة للسيطرة على الكارثة.

ويستكمل حديثه عن تقصير الدولة في مثل هذه الحالات في مقال بعنوان “تعرف ما سيحدث؟” وينتقل في هذا المقال إلى الماضي ليوضح أثر الأوبئة على المجتمعات ويحكي كيف تعامل عمر بن الخطاب مع الأمراض الوبائية.

هبوط حاد:
يحلل فيه الكاتب وضعية الطبيب المصري التي تعتبر مأساة ويتحدث عن وفاة العديد من الأطباء في المستشفيات بسبب العدوى أو انهيارهم بسبب الضغط النفسي والجسدي وقلة الإمكانيات، وحتى عدم حصولهم على مقابل مادي مجزي.

وأخيرًا، الأستاذ مزروع هو الحل:
يذكر فيه الكاتب أستاذه للغة العربية في المرحلة الثانوية الأستاذ محمد مزروع ويحكي بعض ذكرياته معه، وكيف أثر هذا الأستاذ في شخصية طلابه وغير الكثير من مفاهيمهم، ووضع مقارنة بين التعليم قديمًا وحديثًا وكيف تحول التعليم إلى تجارة بعدما كان رسالة يؤديها المعلم، ويرى الكاتب أن الاهتمام بالتعليم وتحسين المنظمة العلمية هو الحل لمعظم المشاكل السابقة.

للمزيد من ملخصات الكتب

كيف يتواصل نحل العسل؟

كيف يتواصل نحل العسل؟

السلوك الاجتماعي للنحل بمثابة مثال نموذجي للتواصل الحيواني ومن أكثر السلوكيات إثارة للعجب في الطبيعة، طريقة التواصل لدى النحل لها الكثير من المزايا من أهمها القدرة على جمع أكبر عدد من النحل في وقت قصير عند وجود مصدر من مصادر الغذاء، فتستطيع النحلة الاستكشافية التي تذهب أولًا بحثًا عن الغذاء تحديد مكان الرحيق لزميلاتها ومواصفاته بصورة دقيقة تمامًا من حيث المسافة التي يبعدها عن الخلية واتجاهه بالنسبة للشمس وحتى تحدد درجة تركيزه وجودته ونوع الزهور.

يتميز نحل العسل بأسلوب مميز في التواصل عن طريق حركات نمطية لها دلالات معينة، في عام 1973 حصل العالم النمساوي كارل فون فريش على جائزة نوبل بسبب أبحاثه حول نمط تواصل نحل العسل والذي عرف برقصة نحل العسل، كانت أبحاث كارل فون بداية لدخول العلماء إلى عالم النحل ودراسته بشكل مفصل أكثر، وتنقسم رقصة نحل العسل إلى نمطين وهما الرقص الدائري والرقص الاهتزازي.

الرقص الدائري:

يتم استخدام هذا النوع من الرقص إذا كان مصدر الرحيق على بعد أقل من 100 متر من الخلية، فتقوم النخلة الاستكشافية بتوزيع عينات الرحيق التي جمعتها على باقي الأفراد وتبدأ بالرقص في دائرة صغيرة وتغير اتجاهها بين الحين والآخر. لا يعطي هذا النوع من الرقص معلومات اتجاهية فيطير الأفراد في جميع الاتجاهات بحثا عن المصدر معتمدين على الرائحة التي تعرفوا عليها مسبقا من النحلة الاستكشافية، كما أنها تترك رائحة مميزة خاصة بها على الزهور من غدة تسمى ناسانوف يعرفها ويميزها باقي الأفراد بسهولة مما يساعدهم على إيجاد المكان بصورة أسرع.

الرقص الاهتزازي:

يستخدم هذا النوع إذا كان مصدر الرحيق أبعد من 100 متر، وهو عبارة عن حركات تذبذبية يقوم بها النحل على شكل الرقم 8 أو نمط منجلي، وتتضمن هذه الرقصة معلومات عن الاتجاه والطاقة المطلوبة للوصول إلى مكان الرحيق وتشير إلى استهلاك الطاقة أو المسافة من خلال المدة الزمنية التي يستغرقها في إنشاء دائرة واحدة، على سبيل المثال قد ترقص النحلة وترسم من 5 إلى 9 دوائر في 15 ثانية لمصدر غذائي على بعد 200 متر، في حين أنها قد ترسم من 4 إلى 5 دوائر في 15 ثانية لمصدر غذائي على بعد 2000 متر وهكذا.

أما بالنسبة للاتجاه فتحدده النحلة بالنسبة لاتجاه الشمس، فمثلا إذا هزت النحلة رأسها بزاوية 60 درجة إلى أعلى وفي اتجاه اليسار فهذا يعني أن المصدر الغذائي يوجد عند زاوية 60 درجة في اتجاه اليسار بالنسبة لاتجاه الشمس، والنحل لديه القدرة على تحديد مكان الشمس بالرغم من وجود السحب بسبب حساسية أعينها المركبة للأشعة فوق البنفسجية التي تخترق السحب،كما يستخدم النحل هذه اللغة في حالة التحذير من المبيدات أو أي مهددات أخرى للخلية.

المصادر:

Frontiers

Mybeeline

Bee Health

مشروع نادي قراءة الأكاديمية بوست

مشروع نادي قراءة الأكاديمية بوست

يقول نجيب محفوظ أن ” قارئ الحرف هو المتعلم وقارئ الكتب هو المثقف” فتعتبر القراءة من أهم وسائل التعلم وأكثرها متعة، تزيل القراءة حواجز الزمان والمكان وتتيح للقارئ الاطلاع على الثقافات المختلفة وتفتح له آفاق أوسع وأشمل، وبالإضافة للمعلومات التي يتلقاها القارئ فإن القراءة تساعده على اكتساب لغة جديدة أو تحسين لغته الأم واكتسابه مفردات أكثر يستطيع من خلالها التعبير عن نفسه أو عما حوله بشكل أدق، كما تستخدم القراءة في العلاج النفسي تحت مسمى (الببليوثيرابيا -Bibliotherapy) ونشرت الكثير من الدراسات حول استخدام القراءة في العلاج النفسي وتأثيرها الإيجابي على نفسية المرضى وتغيير نمط سلوكهم إلى نمط أكثر اتزانًا وتغيير أفكارهم السلبية، فكان لها دور في علاج الأفراد الإنطوائيين مثلًا، كما أن معظم مراكز التأهيل النفسي والإصلاح تحتوي على جزء خاص بالكتب يستخدم كجزء من استراتيجيتها المتبعه لتأهيل الأفراد، كما أنها تستخدم لدعم الطلاب الموهوبين وتنمية مواهبهم.

كما تساعد القراءة على اكتساب مهارات كثيرة من أهمها مهارة التفكير، فأكدت الكثير من الدراسات قدرة القراءة على تنمية المهارات الفكرية لدى القراء واتساع مداركهم وتغيير طريقة نظرتهم للكثير من الأمور التي كانت مألوفة بالنسبة لهم، كما أن القراءة تنمي مهارة التفكير النقدي وتطور قدرة القراء على التحليل الموضوعي للحقائق وتفسير البيانات واستخلاص النتائج بصورة منطقية وسليمة، وتقويم الأحكام والحجج.

وتعتبر القراءة النقدية من أهم مهارات التفكير النقدي وتساعد القارئ على استنتاج هدف الكاتب من النص المقروء والتمييز بين الحقائق والآراء، وتمكين القارئ من التمييز بين المنطقي والغير منطقي فيما يقرأه، واستطاعته على معرفة مدى تحيز الكاتب لأفكاره، كما أنه يتعلم مهارة انتقاء الحقائق والآراء السليمة، فالقراءة ليست فقط وسيلة من وسائل الامتاع أو استغلال وقت الفراغ ولكنها تعمل على بناء العقل والتفكير من جديد وتبني شخص مختلف تماما عن ذلك الذي كنت تظن أنه أنت.

وتعتبر نوادي القراءة من أهم الطرق للتشجيع على القراءة فقررت الأكاديمية بوست أن تقوم بدورها هي الأخرى وإقامة نادي القراءة الخاص بها كمبادرة منها على نشر الوعي بأهمية القراءة وما تعود به بالنفع على جميع الفئات العمرية وتتمركز أهدافه حول الآتي:

أهداف مشروع نادي قراءة الأكاديمية بوست :

تشجيع أعضاء النادي على القراءة الفعالة وإعطاءهم فرصة على استغلال وقت فراغهم فيما يفيد.
تناول جوانب مختلفة في الحياة والعمل والنفس البشرية من خلال قراءة الكتب.
تنمية مهارات التفكير النقدي لدى الأعضاء.
الحث على روح النقاش الحضارية والبناءة واكتساب الأعضاء مهارة الحوار.
اتاحة فرصة للأعضاء لتبادل الأفكار ووجهات النظر بصورة منظمة حتى يتمكنوا من الوصول إلى الاستفادة القصوى من المناقشة.
العمل على تطوير قدرات الأعضاء على التواصل.
مساعدة الأعضاء على اكتساب مهارة التعليم الذاتي من خلال القراءة.
مساعدة كل عضو على إيجاد شغفه وتنمية ميوله.
تنمية مهارة التحليل والتلخيص لدى الأعضاء.

للاطلاع على بعض ملخصات كتب

ملخص “ثلاثية غرناطة” للكاتبة رضوى عاشور

ملخص “ثلاثية غرناطة” للكاتبة رضوى عاشور

تعد ثلاثية غرناطة من أهم وأشهر أعمال الكاتبة والناقدة الشهيرة رضوى عاشور، درست رضوى عاشور في جامعة القاهرة وحصلت منها على ماجيستير في الأدب المقارن ثم انتقلت إلى جامعة ماساتشوستس للحصول على الدكتوراه، ثم عملت أستاذة جامعية في جامعة عين شمس ولها الكثير من الأعمال اللامعة في مجال الرواية مثل الطنطورية وقطعة من أوربا وفرج وأثقل من رضوى وتقارير السيدة راء ورأيت النخيل وسراج والطريق إلى الخيمة الأخرى (دراسة في أعمال غسان كنفاني) وغيرها الكثير من الروايات الفريدة من نوعها.

تضم الثلاثية ثلاث روايات مرتبطة ارتباطًا وثيقًا ببعضها البعض تبدأ برواية غرناطة التي تم نشرها عام 1994 وحازت على جائزة أفضل الكتب في مجال الرواية لعام 1994 من معرض القاهرة الدولي للكتاب.

وتمر برواية مريمة التي نشرت عام 1995 في كتاب واحد مع الجزء الأخير من الثلاثية رواية الرحيل، حصلت الثلاثية على الجائزة الأولى للمعرض الأول لكتاب المرأة العربية عام 1995، تروي الكاتبة في الثلاثية عن سقوط الأندلس في القرن الخامس عشر الميلادي، تعدد فيها الكاتبة المأساة التي عاشها أهل البلاد بعد أن سلمها ملكهم أبي عبد الله الصغير للقشتاليين، بداية من التسليم وحتى صدور أمر الترحيل الجماعي للأهالي خارج البلاد.

استطاعت رضوى عاشور دمج الخيال بالواقع فدمجت حياة عائلة أبي جعفر الخيالية مع الأحداث التاريخية والوقائع التي حدثت في تلك الحقبة لتضيف على التاريخ الصامت فيض من المشاعر الجامحة التي تعيشها تلك العائلة في ظل الظروف القاسية تحت حكم القشتاليين، وتتابع الأحداث مع أجيال تلك العائلة بداية من الأجداد وحتى أحفاد الأحفاد، بداية من السقوط وحتى الرحيل.

تصف الكاتبة الحياة القاسية التي عاشها أهل البلاد بعد سقوطها محاولين التمسك بدينهم وعاداتهم وتقاليدهم ولغتهم الأم، فُحكم عليهم بالتنصر الإجباري ولكنهم استطاعوا معايشة الوضع وإقامة شعائرهم في الخفاء بعيدًا عن عيون القشتاليين، وكذلك كان القشتاليون ينفذون الأحكام على من يخالف قوانينهم بمنتهى القسوة سواء بالحرق أو الشنق أمام أعين الناس.

حاولوا طمس كل ما يتعلق بحياتهم السابقة وإجبارهم على حياة جديدة غريبة عليهم محاولين سلخهم من جلودهم وأرواحهم، وصفت انتهاكهم لحرمات البيوت وعدم تفريقهم في العقاب بين رجل أو امرأة أو حتى طفل صغير فالكل ينال العقاب والكل مذنب، وفي النهاية أجبروهم على الرحيل عن بلادهم وترك دورهم وحياتهم وأرواحهم خلفهم ولا أمل في الرجوع.

ملخص رواية “غرناطة”

ملخص رواية “مريمة”

ملخص رواية “الرحيل”

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص رواية “الرحيل” للكاتبة رضوى عاشور

ملخص رواية “الرحيل” الجزء الأخير من ثلاثية غرناطة للكاتبة رضوى عاشور

“كل شيء في هذه الحياة مقدر، وكل خطوة نخطوها مكتوبة في اللوح المحفوظ”
رضوى عاشور، ثلاثية غرناطة

خرج علي من غرناطة قاصدًا عمته التي تعيش في بالنسية ولكن عند وصوله علم بأمر رحيلها إلى الجعفرية فاتجه إلى هناك ولكن وجدها قد رحلت هي وعائلتها إلى فاس فاقترح عليه شيخ القرية عمر الشاطبي بالبقاء معهم فوافق، وعاش بينهم يزرع الأرض ويعلم الصغار اللغة العربية، تمر الأيام طبيعية على أهل القرية حتى يأتي الصيف ويأتي معه المحققون ليتأكدوا من تنفيذ الأوامر والقاء الأوامر الجديدة على مسامع الأهالي وفي أثناء الزيارة يتخذ أهالي القرية كل الاحتياطات اللازمة فيخفون الكتب والمصاحف والملابس العربية وتتوقف دروس الصغار ويمنع ذبح الأغنام وتتأجل الأعراس وحفلات الطهور، يحذرون الأطفال من الكلام ويتملكهم الرعب حتى تنتهي الزيارة بسلام.

وفي يوم أخبر وكيل القرية الأهالي أن الدوق صاحب الأرض التي يزرعونها سيأتي مع عائلته ليمكث في القرية بعض الوقت، ومع كل البغض والكراهية التي يكنها أهل القرية للدوق إلا أنهم لم يمتلكوا سوى الترحيب به، وعند وصوله طلب كبار القرية للحضور عنده وأعلمهم بأنه يريد زيادة الضرائب على الأهالي، وعندما علم الأهالي بتلك الأوامر تملكهم الغضب فهم بالفعل يدفعون ضرائب كثيرة ويدفعون إيجار ويعملون يوم في الشهر بدون مقابل يسمونه يوم السخرة ويدفعون جزء للملك وجزء للكنيسة، اعترض أهل الجعفرية وامتنعوا عن العمل وتجمهروا أمام قصر الدوق، فخرج الدوق إليهم وسمع مطالبهم وأذعن لها ورحل عن القرية وبعد أربعة أيام داهم القرية مائة جندي اقتحموا حرمة البيوت وأشاعوا الفوضى وذهبوا من القرية مخلفين وراءهم ثلاثة قتلى وعشرات المجروحين واقتادوا الكثير من الشباب إلى السجن.

كانت الأيام بعد تلك الواقعة تمر ثقيلة على أهل القرية حتى أخبرهم عمر الشاطبي أن فرنسا تعد العدة لغزو البلاد وطرد القشتاليون منها وأن أهل البلاد لديهم النية لمساعدة الفرنسيين حتى يتخلصوا من تلك المأساة التي يعيشونها، وذات صباح نزل القرية مبعوثون من الدولة يحملون دفاتر كبيرة يحصون فيها أسماء كل القاطنين بالقرية، فتوجس أهل القرية خشية أن تكون الأنباء قد تسربت عن نيتهم لمعاونة الفرنسيين، أحصى موظفو الدولة أسماء العائلات وعدد أفرادها وجمعوا كل الأسلحة التي وجدوها مع الأهالي من لم يجدوا لديه سلاح كتبوا أمام اسمه أنه لا يمتلك، وسألوا عن الحوامل من النساء وسجلوا في القوائم الأجنة في البطون ثم غادروا.

ضحك أهل القرية واحتلفوا عندما علموا أن ذلك التعداد لم يكن إلا لفرض المزيد من الضرائب عليهم، فهم لم يعطوا الموظفين المعلومات الصحيحة عن عدد الشباب أو الاعمار حتى لم يسلموهم كل الأسلحة.

اجتمع عمر الشاطبي مع ستة وستين من فقهاء ووجهاء بالنسية وحددوا خمسة مفوضين يتحدثون باسمهم وأعطوا مبعوث الملك الفرنسي مقدارا من الذهب إسهاما في الحملة واختاروا الشباب الذين سيذهبون معهم للقتال ومن ضمنهم كان علي.

مرت الأيام والأهالي منتظرين قدوم الحملة ولكنها لم تأتي ثم علموا بعد ذلك أن مبعوث الملك الفرنسي لم يرجع مرة أخرى وأن السلطات قبضت على بعض الرجال الذين حضروا الاجتماع مع عمر الشاطبي الذي مات كمدا بعد وصول الخبر إليه، ثم صدر قرار الترحيل إلى الشواطئ المغربية لكل أهل الجعفرية بعد موت عمر الشاطبي بعام واحد ومصادرة الدور والأرض.

تم تنفيذ قرار الترحيل ورحل علي مع أهل الجعفرية وانتظر معهم على الشاطئ حتى تأتي السفينة التي ستحملهم جميعا، وفي أثناء انتظاره غفا لبعض الوقت ورأي جدته مريمة في المنام وعندما استيقظ حسم أمره وأدار ظهره للبحر وركض مبتعدًا عن الجمع وهو يتمتم ” لا وحشة في قبر مريمة”.

للمزيد من ملخصات الكتب

Exit mobile version