ملخص رواية “مريمة ” للكاتبة رضوى عاشور

ملخص رواية “مريمة ” الجزء الثاني من ثلاثية غرناطة للكاتبة رضوى عاشور


“ لكل شيء في هذه الدنيا علامة قد لا يفهمها الإنسان أبدًا وقد يفهمها بعد حين”
رضوى عاشور، ثلاثية غرناطة

رأت مريمة في منامها جسمًا متوهجًا حسبته القمر ولكنه كان كبيرًا ومضيئًا ولم يكن القمر، فما لبثت أن ذهبت إلى عرافة البلدة التي بشرتها بخير قادم للبلاد، انتشر خبر رؤيا مريمة بين النساء يتداولنه عند الفرن ومضخات المياه كما لو أن اليأس الذي يعشنه جعلهن يتعلقن برؤيا مريمة كتعلق الغريق بالقشة.
تزوج هاشم بن مريمة وحسن عائشة ابنة سليمة وما تبقى من ذكراها وأنجبا طفلًا يسمى علي، وفي يوم رأت مريمة سليمة في المنام وهي تحمل ابنتها عائشة وهي وليدة وتذهب وبعدها ماتت عائشة وهجر هاشم البيت إلى الجبال بسبب معاملة حسن القاسية له وتكفلت مريمة برعاية علي.
أثناء عودتها رأت علي يلعب مع الصغار فأقبل عليها فرحًا فأعطته الحلوى التي قد اشترتها له سابقًا فأخبرها الطفل بوجود رجل غريب في بيتهم يدعى نعيم، فتفاجأت بعودة نعيم الذي سافر مع القس الذي كان يعمل عنده منذ زمن بعيد وعندما دخلت المنزل رأت رجل غريب رث الهيئة يجلس مع حسن وبعد سؤاله عن سعد وسليمة تأكدت أنه هو نعيم وأخذت علي وخرجت خشية أن يحكي حسن أمامه كيف مات سعد حزنًا وكمدًا بعدما رأى سليمة تحترق وسط النار.

لم تكن عودة نعيم سهلة فقد عاد بعدما قتل القشتاليون زوجته وهي تحمل في بطنها طفلهما وحرقوا منزله، رجع نعيم وقد احترق قلبه على ما أصابه وجد غرناطة غير غرناطة التي يعرفها ولم تكن تلك البيازين التي عهدها قبل سفره، أخذ نعيم علي في جولة في البلدة واشترى له الحلوى وحصانًا خشبيًا وظل يناديه بهلال ذلك الاسم الذي كان سيطلقه على ابنه عندما يولد.

بعد أن أتم علي السابعة زاد قلق جده حسن بسبب ما يتعلمه الفتى في المدرسة ورأى ضرورة تعليم الفتى العربية وإطلاعه على السر وتعليمه قراءة القرآن، لكنه خشي أن يلحقه بتلك الحلقات التي يجريها الفقهاء سرا وآثر أن يظل بعيدا هو وعائلته عن المشاكل وقرر تعليم الفتى بنفسه، كان علي يتعلم بسرعة ما يلقيه عليه جده ويستمتع بالتعلم واخفاء السر عن جدته ونعيم.

قرر حسن الرجوع إلى بيت عين الدمع متعللًا بأن الجو في البيازين أصبح خانقًا وجو عين الدمع ألطف بكثير، وعندما وصلوا وأثناء انشغال مريمة بالتنظيف ونعيم بجمع الثمار من على الشجر نادى حسن على علي وأعطاه مفاتيح السرداب المكدس فيه تلك الكتب التي ظلت مخفية عن عيون القشتاليين لسنوات وأمره بالنزول إلى السرداب ورؤية ما فيه، ظن علي أنه سيجد كنزا مخبأ بالأسفل ولكن لم يجد غير الكتب فأصابته الخيبة حتى قصة تلك الكتب لم تبدد إحساسه بالخيبة.

لم يمر الكثير من الوقت حتى أفصح حسن عن رغبته في العودة إلى بيت البيازين لأنه يريد الموت هناك وما إن وصلوا حتى مرض حسن وظل يهذي ويخلط بين مريمة وسليمة وبين علي وسعد حتى مات، وقبل أن يمر أربعون يوم على موت حسن فتبعه نعيم ومات وهو الآخر بدون أن يمرض حتى.

عندما بلغ علي الثالثة عشر عرض جارهم إرناندو بن عامر على مريمة أن يعمل علي لديه في الحانوت ويتعلم حرفة صناعة المشغولات الخشبية مع ابنه خوسية فحسمت مريمة أمرها وطلبت من إرناندو أن يقبل بابن صديقة لها تدعى فضة يكبر علي بعامين فوافق، وعندما أصبح الصبح انطلق علي وخوسية وابن فضة إلى حانوت إرناندو والذي سلمهم إلى كهل أسمر يدعى صديق ليعلمهم الحرفة، أحب علي عمله كثيرًا وأتقنه وارتفعت مكانته أيضًا عندما علم العمال في الحانوت أن علي يستطيع قراءة وكتابة العربية تلك اللغة التي حكم عليها الفناء في بلاد يحكمها غرباء، فأصبح علي محط اهتمام الجميع واستعانوا به لقراءة الخطابات التي تأتيهم من أقارب أو أحباب أو قراءة حجة منزل أو كتاب قديم.

ظلت الأمور هادئة حتى سار موكب القضاة في المدينة يحظرون على الناس استخدام اللغة العربية في الكتابة والتخاطب أو حتى الاحتفاظ بألقاب عربية كما أمروا بترك أبواب الدور مفتوحة أيام الأعياد ويوم الجمعة ليضمنوا التزام الناس بالأوامر، كما أنهم أمروا بأن على نساء غرناطة التخلي عن ملابسهم التي تغطي كل الجسد وارتداء ملابس مثل القشتاليين.

وفي يوم انطلق علي إلى عمله كالعادة وجد الجنود يطوقون البيازين ولم يعلم أهل البيازين السبب حتى علموا بأمر اندلاع الثورة في البشرات وأن الثوار عينوا حاكم في الثانية والعشرين من عمره كان يسكن البيازين يدعى محمد بن أمية فعم الفرح الأهالي ووزعوا الحلوى.

أوجعت ثورة البشرات القشتاليين كثيرا فمروا بالبيوت يفتشونها ويسرقون منها وقتلوا أكثر من مائة من وجهاء البيازين الذين قبضوا عليهم قبل عام من الثورة بلا سبب صريح، ولم يمر الكثير من الوقت حتى أتى الخبر بالهزيمة والأسر الجماعي لأهالي البشرات، رأى علي النساء يبعن في ساحة باب الرملة عاريات أو شبه عاريات ورأى الرجال مقهورين مكبلين بالقيود والخيبات.

أصاب مريمة المرض وظلت راقدة في الفراش لا تقو على الحركة وانقطعت عنها الأخبار التي كانت تتبادلها مع الجارات، حتى أتت لها فضة تخبرها بهروب ابنها من البلدة بعد صدور قرار الترحيل لكل رجال البيازين من يزيد عمره على أربعة عشر عامًا ويقل عن الستين ولا يبق في البلاد إلا من ترى فيه السلطات مصلحة أو يحمل تصريح من السلطات بالبقاء، وأخبرتها أن إرناندو استطاع أن يستخرج لنفسه ولابنه ولعلي تصريحات بالبقاء.

لم تستطع مريمة البقاء في الفراش أكثر وعادت إلى جلستها المفضلة أمام البيت لتستعلم عن الأخبار، وأتى إلى البيازين بعض الأرامل من البشرات يحملن صغارهن ناجيات من بطش القشتاليين، يحكين عن المجازر التي حدثت في البشرات والخراب الذي لحق البلاد وعن مقتل محمد بن أمية على يد حراسه الخونة وعين الثوار مكانه ملكا يدعى عبد الله.

وفي يوم أتى علي بخبر الأوامر التي صدرت بترحيل الأهالي من غرناطة إلى قرطبة وأن على الجميع التجمع في ساحات الكنائس الأقرب إليهم، فصرحت مريمة أنها لن تترك البيازين مهما حدث، فانتظر علي نومها وجهز كل شيء وانتظر الفجر ثم أيقظها وأطعمها وأقنعها أن السلطات تريد رؤيتها حتى يقتنعوا بعدم قدرتها على الرحيل فيتركونها، ولكن وضعها علي أمام الأمر الواقع أنهم مجبرون جميعًا على الرحيل وتحركوا بعيدًا عن غرناطة وسط بكاء الشيوخ ونحيب النساء، سمح لهم الجنود بالتوقف في منتصف الطريق للراحة وقضاء الحاجة، مضت الأيام الثلاثة الأولى بسلام حتى فقدت مريمة قدرتها على المشي فحملها علي على ظهره وظلت تسكب الدموع دون توقف وفي الليلة الرابعة أصابتها الحمى ثم ماتت في العراء، حسم علي أمره على الهرب واستطاع قتل الحارس والسطو على حصانه والابتعاد عن مسار القافلة واسمى حصانه الجديد حجاب.

ظل في طريقه يمر بالجبال الوعرة والقرى القفر حتى رأى من بعيد خضرة يانعة وطيف امرأة أسكنته كوخها وظل عندها حتى الشتاء وعندما هل الربيع نوى الرحيل واتجه إلى غرناطة شاهد عمائرها من بعيد ولكن آثر أن يظل بعيدا فمكث في قرية قريبة مهجورة وتعرف على رجل يدعى روبرت البطل آنس وحشته مدة عامين حتى حسم علي أمره واتجه إلى غرناطة.

عند وصوله التقى بخوسية بن إرناندو والذي ساعده واستخرج له أوراقا تمكنه من البقاء وورقة تنص على أن علي يعمل لدى خوسية، وأسر له أيضًا أنه يمكن أن يعيد له بيت البيازين ولكن على شرط أن يوقع له على صكوك بيع بيت البيازين وبيت عين الدمع وأن يسكن في الأول بإيجار زهيد فوافق علي على مضد ولكنه شرط أن يأخذ الكتب التي تركها جده في بيت عين الدمع ووافق خوسية، رجع علي ليعيش في بيته في البيازين ويعمل عند خوسية حتى وقعت مشاجرة بينه وبين أحد النصارى الذين سكنوا البلاد ووقف أمام القاضي الذي أخبره بأن أباه قاطع طريق ولكنهم لم يجدوا في سلوك علي أي شيء يستدعي الشك لذلك سيحتجزونه بعض الوقت ثم يفرجون عنه كإجراء احترازي، استمر بعض الوقت هذا إلى ثلاث سنوات وخمسة أشهر وأربعة أيام.

وبعد خروجه وجد علي خوسية قد استولى على البيت وطرده من العمل، ولكنه هدد خوسية بالقتل فأعاد له مفتاح البيت وزارته الخالة فضة وعلم منها كيف وجدوا عبد الله في غرناطة ومثلوا بجثته فوضعوا جثته على بغلة في موكب كبير يحيط به الطبل والزمر ووراءه أسرى البشرات في صفوف وبعدها قطعوا رأسه وعلقوا جثته لأشهر عديدة.

علم علي من أحد الشباب الذين عمل معهم في حانوت خوسيه أن خوسية يدبر له مكيدة وسوف يلقي إليه تهمة الهرطقة والكفر، فلم يجد علي بد من الهرب ولكن قبل هروبه جمع الكتب ووضعها في صندوق جدته مريمة وأمسك الفأس وحفر في الفناء ودفن فيه الصندوق وحمل أغراضه وغادر البيت دون أن يلتفت وراءه.

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص رواية “غرناطة” للكاتبة رضوى عاشور

ملخص رواية “غرناطة” أولى روايات ثلاثية غرناطة للكاتبة رضوى عاشور

“والقلب في بيت القلب يعتصر كأنما تقبضه يد الموت ويموت”
رضوى عاشور، ثلاثية غرناطة

يرى أبو جعفر من بعيد فتاة عارية تهرول في اتجاهه وهو في طريقه إلى حانوته وكان سواد الليل لا يزال قابعًا على المدينة والشارع مهجور والحوانيت مغلقة فظن أبو جعفر في بادئ الأمر أنها رؤيا من رؤى الخيال ولكن سرعان ما تبددت شكوكه باقتراب الفتاه منه فخلع ملفه الصوف ولف جسدها به ولكن الفتاة لم تعره أي اهتمام ومضت في طريقها كالمحمومة.

كان أبو جعفر أحد سكان البيازين يعمل وراقًا ويمتلك حانوت في حارة الوراقين لنسخ الكتب وكتابة الوثائق وغيرها من الأعمال الورقية، وصل أبو جعفر إلى حانوته بعد حادثة الفتاة واجمًا يلتهمه الصمت حتى أنه لم يلق التحية على نعيم ذلك الفتى الذي وجده وهو صغير وتكفل به وأعطاه عملا في الحانوت، وظل مطرق الرأس غارق في أفكاره حتى انقضى النهار وذكرى تلك الفتاة لم تفارقه بل كانت تثير في نفسه خوفًا واضطرابًا.

في اليوم التالي سمع أبو جعفر خبر غرق موسى بن أبي غسان في نهر شنيل فراودته ذكرى الفتاة من جديد وظل في حيرته أيامًا معدودة حتى أتى له نعيم بخبر اكتشافهم لجثة فتاة عارية غارقة في نهر شنيل، فأدرك أبو جعفر أنها كانت إشارة صادقة على مُر الأيام القادمة.

ظلت غرناطة والبيازين في اضطراب ثلاث ليال متوالية بسبب خبر غرق موسى بن أبي غسان، وتعددت الأقاويل حول موته ولكن وصل لأهل البلاد خبر اختلاف موسى بن أبي غسان مع ملك البلاد أبو عبد الله محمد الصغير حول أمر القشتاليين ورغبتهم في البلاد فأراد موسى بن أبي غسان القتال ولكن أبو عبد الله أراد المعاهدة وتسليم البلاد للقشتاليين فخرج موسى بن أبي غسان غاضبًا من المجلس وبعدها أتى خبر غرقه.


انقسم أهل البلاد حول مؤيد ومعارض للمعاهدة فظن بعضهم أنها تحفظ حقوقهم والبعض الآخر رأى أن لا خير في بلاد يحكمها غرباء، مرت الأيام ثقيلة بطيئة على الأهالي وفي يوم قام أبو جعفر من نومة مفزوعًا على صوت أحد حراس الحمراء يركض في الطرقات ويصرخ بكلام غير مفهوم والذي أيقظ أبو جعفر أيقظ سعد أيضًا وهو فتى من مالقة تركها بعد أن قضى عليها الحصار وأتى إلى البيازين بحثا عن عمل وحياة جديدة فعند وصوله التقى أبي منصور صاحب حمام البلدة فأرسله إلى أبي جعفر ليجد عملًا عنده فكفله أبو جعفر هو الآخر، استيقظ سعد ولم يستطع النوم من جديد وظل يفكر في ذلك الصوت الذي أيقظه حتى الضحى، رأى سعد جنودًا قشتاليين يرفعون صليبًا فضيًا كبيرًا فوق برج الحراسة ثم رفعوا علم قشتالة وصاحوا بلغة أعجمية لم يفهم منها سوى اسمي فرديناند وإيزابيلا وأطلقوا الطلقات احتفالًا، فركض سعد كالممسوس صائحًا “دخلوا الحمراء رأيتهم”.

كان أمر المعاهدة السرية بين أبي عبد الله والقشتاليين قد افتضح، فقد سلمهم مفاتيح البلاد مقابل ثلاثين ألف جنية قشتالي وضمان حقه الأبدي في أملاكه، عاش الأهالي والمرارة في حلوقهم تقضي عليهم الأفكار المُرة حول مصيرهم وهم يرون الهجرة الجماعية للأشراف وعلية القوم وهرج ومرج في البلاد وتنصر الأمراء المفاجئ.

في يوليو 1499 وصل الكاردينال خيمينيث البلاد وحاول التودد إلى الأهالي وأغدق عليهم الكثير من العطايا وأمر المنادي أن ينادي في الناس أن الكاردينال خيمينيث سوف يفرج عن حامد الثغري وهو أحد أشجع الفرسان الذين حاولوا الدفاع عن البلاد بعد المعاهدة ولكن لم يحالفه الحظ وألقوا القبض عليه وأكمل المنادي أن من يريد رؤيته عليه التوجه إلى ساحة مسجد البيازين الذي حولوه إلى كنيسة سان سيلفادور، تجمع الناس في باحة المسجد وعلى رأسهم أبو جعفر بصحبة سعد، ظهر الكاردينال وجلس في الرواق على كرسيه الفخم وأشار للحراس فأتوا برجل شديد النحول بملابس رثة مقيد اليدين والقدمين مطأطئ الرأس، فبدأت الهمهمات تتعالى والصدمة بادية على الأهالي، فأمر الكاردينال بفك قيوده وأمره بأن يقص على الناس ما رآه في الحلم ليلة أمس فتكلم الرجل بصوت متهدج ثقيل وقال أنه رأي هاتف يخبره أن الله يريده أن يتنصر ساد الصمت وجفل الناس ونظر سعد إلى أبي جعفر فوجد دموع غزيرة تغرق جبينه فحاول أن يحثه على الرحيل ولكنه أبى وبعد قليل أتى الحراس بحامد الثغري مرة أخرى بعد أن لبس ثوبًا حريريًا واغتسل، اتجه إلى الكاردينال وبدأت طقوس تعميده.

لم يفق الأهالي بعد من واقعة حامد الثغري حتى انتشر خبر أن القشتاليين يجمعون كل الكتب من المساجد والمدارس ويأخذوها إلى مكان غير معلوم، استمر الأمر طوال إسبوع حاول خلاله أيضا الأهالي الحفاظ على ما تبقى لديهم من كتب وخبأوها في أماكن بعيدة مثل الكهوف أو البيوت المهجورة وسراديب المنازل كما أخذ أبو جعفر كل الكتب التي بحوزته وخبأها في سرداب بيته في عين الدمع.

وفي يوم دخل نعيم مهرولًا على أبي جعفر صائحًا أنهم يكدسون الكتب في ساحة باب الرملة وسيحرقونها، لبس أبو جعفر مركوبة وانطلق وراء نعيم وتبعته حفيدته سليمة، اجتمع الناس في ساحة باب الرملة صامتين يشاهدون العربات التي تحمل الكتب وفوقها الحراس يلقون بالكتب والمصاحف الكبيرة على الأرض لتشكل كومة ضخمة ثم قاموا بحرقها جميعًا، كان أبو جعفر مصعوقًا من المشهد يتمزق قلبه على تراثهم الذي أصبح رمادًا.

هام أبو جعفر على وجهه مفطور القلب حزين وعقله متوقف عن التفكير ولم يعد إلى البيت إلا في نهاية اليوم ورقد في فراشة ومات، أرقد موت أبي جعفر سليمة في الفراش تعاني الحمى أيامًا كثيرة وعندما تعافت أخبرتهم أنها ستذهب لتعيش في بيت عين الدمع وإن لم يأتوا معاها ستذهب بفردها فلم يكن أمامهم سوى إطاعتها، وما إن وصلت حتى نزلت إلى السرداب وأعادت ترتيب المكان وإعداد قائمة بأسماء كل الكتب الموجودة.

توالت المصيبة تلو الأخرى على رأس أهل غرناطة فبدأت الأمور بحادثة في ساحة البنود التي تتفرع منها الطرقات حيث كانت فتاة تسير بمفردها اعترض طريقها شابان قشتاليان حاولت الهرب منهما لكنهما لحقا بها وما إن صرخت الفتاة حتى أوسعوها ضربًا وسمع الصراخ أربعة من شباب غرناطة تعرفوا على الشابين أحدهم مفوض الشرطة والآخر خادم الكاردينال فاشتبك معهما شابان وأخذ الشابان الآخران الفتاة إلى أقرب بيت، هرب مفوض الشرطة فتبعه أحد الشباب وكاد يمسك به حتى ألقى أحد على رأس مفوض الشرطة حجرًا من النافذة فمات، أفزعت الحادثة الأهالي وأغلقوا أبواب المدينة واتجه عدد من الشباب لمحاصرة قصر الكاردينال حتى تفاوض معهم الكونت تانديا وأمرهم بالعودة ووعدهم أن يأتي إليهم للمفاوضة وهددهم بإبادتهم عن آخرهم لو ظلوا على موقفهم.

وقبل طلوع الفجر نادى المنادي أن مسجد البيازين رجع مسجدًا مرة أخرى وأن من حقهم الصلاة فيه فاتجه الجميع لصلاة الفجر وبعد الصلاة بدأت المناقشات وانتهت قرب الظهر بتعيين أربعين شخص ليكونوا الحكومة المفوضة من الأهالي، وبالفعل أتى الكونت تانديا بصحبة الأسقف تالافيرا كبير الأساقفة وأعلن أنه سينقل زوجته وأولاده ليعيشوا في البيازين ليضمن الأمان للأهالي بشرط أن يعودوا إلى أعمالهم ويفتحوا الأبواب، فقبل الأهالي ولكن طالب القشتاليين بقاتل مفوض الشرطة فوعدهم القاضي بتسليمه وحدث بالفعل ولكنهم قبضوا على ثلاثة غيره وتدلت أجساد الشباب الأربعة من المشانق أمام أعين الناس، وكان واضحًا أن الضربة القادمة ستكون من حظ حكومة الأربعين فهربوا إلى جبال البشرات.

بعد موت أبو جعفر طلب سعد من أبي منصور أن يطلب له يد سليمة ووافقت وتم العرس وسط صخب الأهالي وفرحتهم، ظلت سليمة تلح على سعد أن يحكي لها عن أهله وحياته في مالقة فظل يحكي لها على مدار ثلاث ليال متواصلة، شرع يحكي عن أبيه صانع الحرير وأمه وأخته التي تصغره بأربع سنوات، حكى لها عن حصار مالقة وسقوطها وكيف كان القشتاليون يقصفون المدينة بكرات اللهب والرخام والمدافع اللمباردية وصوتها المفزع الذي يهز القلوب ويميتها واقتحامهم للمدينة وتوزيع الأجراس والصلبان على المساجد ومنعهم للآذان والصلاة، وكيف عاشوا في قحط وجوع لأيام عديدة وعندما أمر الملكين الكاثوليكيين بتوزيع حصص القمح على الأهالي كان جده قد مات جوعًا وكمدًا، حكى لها كيف سرق القشتاليون الأهالي في صورة فدية يجمعونها منهم وبعدما أخذوا كل ممتلكاتهم أخبروهم أن الفدية لم تكتمل وسيأخذون باقيتها عبيدًا منهم وأغلبهم من النساء وكانت أم سعد واحدة منهن.

تزوج حسن أخو سليمة وحفيد أبي جعفر من مريمة تلك الفتاة التي شاهدها مع أبيها في الخان يعزفون، كان أبيها يعمل منشدًا قبل دخول القشتاليون فبعد دخولهم منعوا الإنشاد نهائيًا فعمل أبوها عازفا هو وأولاده، تزوجها حسن وانتقلت مريمة إلى بيت أبي جعفر هي وصندوقها الخشبي المميز، مرت الأيام وظلت أم حسن تتبرم وتشتكي من مريمة وإهمالها العمل في البيت وجلوسها المستمر مع سليمة التي تعلمها الكتابة أو تجلسن متجاورات سليمة تقرأ ومريمة تطرز الملابس لوليدها ووليد سليمة.

كانت الحياة تمر في بيت أبي جعفر صعبة ولكنها تمر حتى وضعت سليمة مولودها فصدر أمر من الملكين الكاثوليكيين بالتنصر القسري لكافة الأهالي ومن يرفض يجبر على الرحيل من البلاد، فكان رأي حسن أنه لابد من الرحيل وبيع بيت عين الدمع فرفضت أم جعفر رفضًا قاطعًا على ترك بيتها، فقالت مريمة أن لا فائدة من الرحيل وأن الله أعلم ما في القلوب ولن يضيرهم شيء إذا تغيرت أسماؤهم أو حملوا ورقة تشهد بتنصرهم.

وقف ما تبقى من الأهالي الغير قادرين على الرحيل يتلقون قطرات التعميد الجماعي، ولكن لم يقتصر الأمر على تغيير الأسماء فقط كما قالت مريمة ولكن كانت تغير كامل لحياة وعادات وتقاليد وشرائع، وصل بهم الأمر لمنع ارتداء الملابس العربية وغطاء الرأس ولا يجوز لأي متنصر بيع أو شراء أي ممتلكات أو حتى إيواء شخص من أصل عربي، كما أمروهم بتسليم أي كتب أو مخططات يمتلكونها، ويحظر عليهم الإرث على الطريقة الإسلامية.

اتجهت سليمة لعلم الأعشاب وصناعة الأدوية والخلطات الشافية التي جعلتها محط اهتمام كل أهل البلدة وأهملت زوجها مما أساءه كثيرا فقرر سعد الرحيل وخصوصًا بعدما ضاقت عليه الحياة عندما أمر القشتاليون بإغلاق جميع الحمامات ومن ضمنها حمام أبو منصور الذي عمل فيه سعد بعد موت أبو جعفر، فقرر سعد الرحيل مع أصدقاء له للعمل مع المقاومة وانتقل للعيش معهم في الجبال.

كانت مريمة بسرعة بديهتها وحلها للأزمات بخفة وشكل غير تقليدي ومساعدتها للجيران والمعارف مصدر بهجة واطمئنان للكثيرين عادا زوجها الذي كان يخاف أن تجلب تصرفاتها تلك المشاكل للعائلة، علمت مريمة أولادها كما أراد حسن في المنزل يتحدثون العربية ويعيشون كما عاش أباؤهم أما في الخارج يتحدثون القشتالية ويتصرفون مثلهم، تواصلت الفجائع التي يقوم بها القشتاليون فشهدت البلاد الكثير من عمليات الإعدام شنقًا وحرقًا دون التفريق بين رجل أو إمرأة أو حتى طفل، حتى وصل الأمر بأن أحدهم انتزع طفل من أحضان أمه وأطعمه لكلبة أمام عينيها ومن ثم قام بقتلها هي الأخرى برصاصة أسكنت صراخها الحارق.

كان الوضع صعب أيضًا مع سعد فقد تم القبض عليه وقضى فترة طويلة في السجن يتعرض لكافة أنواع التعذيب وعندما انتهت فترة عذابه خرج منها يمشي على عكازين ويرتدي عباءة الخطائين وممنوع من العمل كذلك، فقرر سعد الرجوع للبيت ولكن ما إن فتحت أم حسن الباب ورأته حتى بدأت في النحيب الذي راعه كثيرا، وعلم بعد ذلك سببه، وأن رجال ديوان التحقيق قد أخذوا سليمة محمولة في قفة بعد أن فتشوا غرفتها وسجلوا كل ما وجدوه من أعشاب وقدور وأوراق فعلم سعد أنهم يتهمونها بممارسة السحر.

فعلًا تمت محاكمة سليمة بتهمة ممارسة السحر ويوم المحاكمة ساقوها مقيدة إلى ساحة باب الرملة وكانت تغالب نفسها لتمشي على قدميها المتورمتين جراء التعذيب، وقفت سليمة أمام قاضيها الذي حكم عليها بالإعدام حرقًا أمام أعين الجميع، وتحت وطأة نظرات الفرح في أعين القشتاليين والفزع في أعين أهلها دفعها الحراس إلى النار.

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص رواية الحرام للكاتب يوسف إدريس

ملخص  رواية الحرام للكاتب يوسف إدريس

“لابد لكل خطيئة من خاطئة ولكل جريمة من فاعل”
يوسف إدريس، رواية الحرام
تدور أحداث الرواية  في إحدى بقاع الريف المصري شمال الدلتا في أربعينيات القرن العشرين، تبدأ الأحداث بالعثور على جثة طفل حديث الولادة تحت شجرة الصفصاف الواقعة بجانب ترعة القرية بواسطة الغفير عبد المطلب الذي ارتبك كثيرًا واضطرب تفكيره بعد أن وجد جثة الصغير ففكر في إلقائها في الترعة حتى يهرب من المسؤولية ولكن لم يحالفه الحظ فبدأ أهل العزبة بالظهور واحدًا تلو الآخر وعُرف بأمر الصغير في جميع أرجاء التفتيش وبعد فحصه جيدا تبين أنه مات مخنوقًا، ووصل الخبر إلى المأمور فكري أفندي والذي سرعان ما اتجه إلى المكان الذي وجدوا فيه الصغير، هاله المنظر ودارت به الأرض فلم يكن من المعتاد على أهل العزبة مثل هذه الحادثة التي أثرت فيهم جميعًا وزرعت الشك في قلوبهم  فمثالية أهل العزبة وعدم وقوعهم في أخطاء مثل هذه لم تكن سوى ظاهريًا فقط.
تزاحمت الأفكار في رأس فكري أفندي والشكوك وراودته الكثير من الأسئلة وكان أهمها بالتأكيد من هي أم الطفل وقاتلته، وبعد تفكير طويل من فكري أفندي توصل إلى أن الأم يجب أن تكون من عمال الترحيلة (الغرابوة) فمن غير الممكن من وجهة نظره أن يرتكب مثل هذه الجريمة أهل التفتيش وبدأ بالفعل البحث عن أم الصغير بين نساء الترحيلة.
وعمال الترحيلة أو كما يسميهم أهل التفتيش (الغرابوة) ضحية الظلم الاجتماعي والفقر والحق المهدور، هم مجموعة من الفقراء معدمي الحال ليسوا من قاطني التفتيش ولكن هم من قرى فقيرة بعيدة عن العزبة يأتي بهم فكري أفندي كل عام في موسم القطن، يعملوا في الأرض ويحصلوا على يومية بسيطة بالكاد تكفيهم، دائمًا ما كانت معاملة أهل التفتيش للترحيلة في منتهى القسوة والاحتقار بسبب أنهم غرباء عن العزبة وبسبب فقرهم الشديد وهيأتهم الرثة، وصلت بهم قسوة المعاملة لتحذير أطفالهم من الاقتراب من أطفال الترحيلة حتى لا يصابوا بالأمراض.
يسرد الكاتب حكاية واحدة من ضمن كثير من المآسي التي يعاني منها هؤلاء المساكين والتي تزامنت بدورها مع حكاية لندة بنت باشكاتب العزبة مسيحة أفندي الذي انتابه الشك في ابنته بمجرد معرفة أمر جثة الصغير لأن لندة قد تجاوزت سن الزواج بفترة تحت وطأة العادات والتقاليد فراودته الشكوك حولها إلا أنها لم تكن أم الطفل ولكنها كانت خاطئة بدورها فقد تورطت في علاقة غير مشروعة مع أحمد سلطان موظف التفتيش وفاجأت الجميع بهروبها معه وزواجهما، أما عن المأساة فكانت حكاية إمرأة فقيرة تدعى عزيزة وزوجها عبد الله الأسرة معدمة الحال التي تعيش في فقر مدقع اعتمادها الأساسي للمعيشة على مواسم الترحيلات فيذهبوا معا ويتنقلوا من عزبة إلى أخرى للحصول على اليومية التي لا تكاد تكفيهم هم وأطفالهم، واستمر حالهم شبه المستقر هذا إلى أن مرض عبد الله بالبلهارسيا وتمكنت منه حتى أصبح غير قادر على العمل نهائيًا، حملت عزيزة على عاتقها عبء الأسرة بالكامل ولم تترك زوجها في محنته حتى رفضت أن تذهب مع العمال وآثرت أن تبقى لترعى زوجها وأطفالها، كانت تعمل عند أهل القرية وتهلك نفسها بالعمل كل يوم حتى تعود بشيء لأطفالها في النهاية، استمر الحال صعبًا لا يحتمل فترة طويلة كانت عزيزة خلالها صامدة قوية لا تشتكي، حتى أسر لها زوجها برغبته في تناول البطاطا ولأنه مريض فكانت طلباته مجابة، احتارت عزيزة من أين تأتي بطلبه حتى تذكرت تلك الأرض التي تملكها أسرة في القرية وكانت مزروعة بالبطاطا فأخدت الفأس وذهبت إليها علَّها تجد جذر بطاطا منسي هنا أو هناك وبينما هي تعمل في الأرض بحثًا عن طلبها حتى فاجأها أحد أصحاب الأرض والمعروف عنه الشدة وحدة الطباع، فنهرها بشدة لتواجدها في أرضه ولكن ما إن قصت عليه سبب وجودها حتى تعاطف معها وأخذ منها الفأس وبدأ يبحث بعينه الخبيرة عن مكان معين وأعمل فيه الفأس وأخرج منه حبة بطاطا كبيرة سرت بها عزيزة، وبينما كانت تستدير لتذهب إلى زوجها لم تنتبه لوجود حفرة خلفها فزلت قدمها ووقعت في الحفرة، فنزل صاحب الأرض إلى الحفرة بحجة مساعدتها ولكنه كان ينوي على شيء آخر فقاومته هي في بادئ الأمر لكن سرعان ما استسلمت في النهاية بسبب ضعف نفسها ورغبتها مبررة عدم صراخها بحرصها على تجنب الفضيحة.
رجعت عزيزة إلى زوجها بالبطاطا التي أسعدته كثيرا وأكل منها هو والصغار، وعادت عزيزة لحياتها الشاقة التي أنستها الحادثة ولكن كان للقدر رأي آخر، ومع مرور الوقت أحست عزيزة بأعراض تشبه أعراض الحمل وسرعان ما تبددت شكوكها وأصبحت متأكدة من الكارثة التي وضعت نفسها فيها، فأنَّى لها أن تأتي بطفل وزوجها مريض! حاولت عزيزة باستماتة التخلص من الجنين لكنه أبى أن يستجيب، وكان هذا معاد مجيء فكري أفندي لأخذ العمال من أجل جمع الدودة فأصر زوجها على أن تذهب معهم وهي كذلك كانت لا ترى مفر من الذهاب.
ظلت محتفظة بسرها حتى أنها انعزلت عن الناس وعاشت معاناتها في إخفاء أمر صغيرها حتى جاء وقت الولادة فانتحت جانبًا تحت شجرة الصفصاف بعيدًا عن عمال الترحيلة ووضعت الطفل وغابت عن الوعي من شدة التعب وعندما أفاقت وجدت يدها على فم الصغير حيث أنها كانت تحاول أن تهدأ من صراخه حتى لا يسمعه أحد فمات الصغير مخنوقًا، تركته عزيزة ورجعت إلى فراشها وفي اليوم التالي ذهبت إلى العمل وكانت قوية صامدة ثابتة لدرجة أن فكري أفندي لم يكتشف أمرها أثناء المسح الذي أجراه للعثور على الفاعلة.
ظنت عزيزة أنها تخلصت من سرها الخبيث الذي كان يضنيها وأصبحت أكثر انطلاقًا وحيوية ولكن فاجأتها حمى النفاس التي أرقدتها في الفراش مريضة تهذي حتى كُشف أمرها وعلم به فكري أفندي وكل من في العزبة، فتشابكت خيوط قصة عزيزة ولندة فكلتاهما وقعت في الخطيئة ولكن لأسباب مختلفة، فعزيزة كانت ضحية الفقر وضيق الحال والظلم الاجتماعي أما لندة التي كانت تعيش ميسورة الحال فقد كانت ضحية العادات والتقاليد المتوارثة التي أضعفتها وساقتها في الطريق الخاطئة، فالخطيئة ليست مقصورة فقط على الفقراء ومعدمي الحال ولكن يمكن لأي أحد أن يقع فيها.
وكان الغريب في الأمر أن أظهر فكري أفندي الكثير من التعاطف تجاه عزيزة بعدما كان ساخطًا عليها وعلى فعلتها، أمر بإقامة عشة تحجب عنها أشعة الشمس الحارقة في مكان استقرار عمال الترحيلة وأمر كذلك بصرف يوميتها بشكل طبيعي، وكذلك تعاطف معها أهل القرية بعدما كانت محط أنظارهم على أنها مذنبة وخاطئة، تحولت مشاعرهم تجاهها إلى تعاطف وشفقة وحاولوا التخفيف عنها ومساعدتها حتى ماتت بسبب الحمى التي أصابتها، أمر فكري أفندي بإرسال جثمان عزيزة إلى قريتها حتى لا تسبب له المشاكل وكف أهل العزبة وعمال الترحيلة عن الخوض في حكايتها وانتهى موسم القطن ورجع الغرابوة إلى قراهم، وفي العام التالي عندما عادوا في موسم القطن كانت علاقتهم قد تحسنت كثيرًا مع أهل التفتيش ولم يبق من عزيزة وحكايتها سوى شجرة الصفصاف.
للمزيد من (ملخصات الكتب)

“شجرة الموت” ثمارها حلوة المذاق قد تتسبب في قتلك

 

“شجرة الموت” ثمارها حلوة المذاق قد تتسبب في قتلك

في عام 1999، كادت شجرة الموت أن تتسبب في قتل  أخصائية الأشعة نيكولا ستريكلاند حيث ذهبت هي وصديقتها في عطلة إلى جزيرة توباغو الكاريبية الجنة الأسترالية التي تتميز بشواطئها الرائعة،ذهبت نيكولا في أول يوم إلى الشاطئ للبحث عن الأصداف والشعاب المرجانية فتحولت العطلة إلى كابوس رهيب، حيث وجدتا  بعض الثمار الخضراء الصغيرة ذات الرائحة الحلوة منتشرة بين جوز الهند والمانجو على الشاطئ فأكلتا منها وسرعان ما تحولت النكهة الحلوة إلى ألم وحرقة في الحلق وفقدان القدرة على البلع.

تنتمي تلك الثمار إلى شجر  المنشينيل (Hippomane mancinella) ويطلق عليها أحيانًا تفاحة الشاطئ أو الجوافة السامة، تنمو في المناطق المدارية في جنوب أمريكا الشمالية ومناطق في البحر الكاريبي وأجزاء من شمال أمريكا الجنوبية، تحمل الشجرة لقب آخر بالإسبانية وهو (arbol de la muerte) والذي يعني شجرة الموت.

طبقًا لدراسات أُجريت في معهد فلوريدا للعلوم الغذائية والزراعية صُنفت شجرة المنشينيل من أخطر الأشجار في العالم فهي شديدة السمية بكل أجزائها وقد يكون التعامل مع أي جزء من هذه الشجرة أو تناولها قاتلًا، تنتمي شجرة المنشينيل إلى جنس الفربيون (Euphorbia genus) والذي يشمل أيضا أشجار (poinsettia) التي تُستخدم في زينة عيد الميلاد، تُنتج الشجرة عصارة لزجة منتشرة في جميع أجزائها في اللحاء والأوراق وحتى الثمار تسبب تلك العصارة تقرحات شديدة تشبه الحروق إذا لامست الجلد، وذلك لأن العصارة تحتوي على مواد شديدة السُمية أخطرها مادة ال (phorbol) وهي مادة عضوية تنتمي إلى الإسترات، ولأنها شديدة الذوبان في الماء فمن الخطر الشديد أن تقف تحت المنشينيل عندما تمطر لأن ماء المطر يختلط بمادة ال(phorbol) ويسبب  حروق وتقرحات في الجلد.

لذلك يتم تمييز هذه الأشجار في بعض المناطق برسم صليب أحمر أو دوائر حمراء بالطلاء كعلامة تحذير واضحة، فلا يمكن التخلص من هذه الأشجار لأن ذلك سوف يخل بالنظام البيئي فهي مصدات ممتازة للرياح وتحمي الشواطئ من التآكل كما أن الدخان الناتج عن حرقها يسبب التهاب في العين وقد يصل الأمر إلى العمى المؤقت، ومع ذلك يستخدم الكاريبيون خشب المنشينيل بعد قطعه بعناية وتجفيفه في الشمس للتخلص من المواد السامة في صناعة الأثاث.

لكن التهديد الحقيقي هو تناول ثمارها الصغيرة المستديرة، فتناولها يؤدي إلى حدوث تقرحات في الفم والحلق وفقدان القدرة على البلع وقد يصل الأمر إلى الشعور بالاختناق كما أنها تسبب القيء الشديد والإسهال فيتعرض الجسم للجفاف لذلك فإن هذه الثمار قاتلة، لحسن الحظ عاشت نيكولا هي وصديقتها لأنهما أكلتا كمية صغيرة جدًا منها.

 

المصدر: ScienceAlert

كيف يؤثر الاحتباس الحراري على أحجام الطيور؟

كيف يؤثر الاحتباس الحراري على أحجام الطيور؟

 

الاحتباس الحراري هو ارتفاع تدريجي في درجات الحرارة السطحية للأرض بسبب زيادة نسبة ثنائي أكسيد الكربون والميثان وبعض الغازات الأخرى في الجو، وأدت هذه الظاهرة إلى الكثير من التغيرات المناخية مثل هبوط الأمطار غير الطبيعي وهبوب العواصف وغيرها، وكان السبب الأساسي في تلك الظاهرة النشاطات البشرية والتغيرات التي يحدثها الإنسان في بيئة الأرض.

مع ارتفاع مؤشرات الاحتباس الحراري في الفترة الأخيرة ركز الباحثون على الطرق التي سيؤثر بها الاحتباس الحراري على صحتنا وصحة الكائنات الحية الأخرى من حولنا، من ضمن هذه التغيرات زيادة مقاومة الكائنات الدقيقة للعلاجات الحالية، وأصبحت بعض أنواع الأسماك السامة أكثر سُمية نتيجة لارتفاع درجة حرارة المياة وارتفاع نسب الإصابة بالملاريا وغيرها الكثير من التأثيرات الخطيرة على الكوكب.

نُشر بحث جديد في مجلة  Ecology Letters  لـ(بنيامين وينجر-Benjamin Winger) الحاصل على الدكتوراه من قسم علم البيئة والبيولوجيا التطورية في جامعة ميشيغان، يتتبع فيه هو وفريقه تأثير الاحتباس الحراري على الطيور، لاحظ وينجر وزملاؤه أن ارتفاع درجات الحرارة العالمية يؤدي إلى انخفاض في أحجام الحيوانات والطيور، ولإثبات صحة نظريتهم قام الفريق بفحص وتحليل أكثر من 70,716 طائرًا نافقًا حصل عليها الفريق من المتحف الميداني للتاريخ الطبيعي في شيكاغو، ويمثل هذا العدد أكثر من 52 نوع من الطيور ويشمل أنواع عديدة من العصافير، تمكن العلماء من متابعة التغيرات في أحجام الطيور خلال 38 سنة مضت وحتى عام 2016.

قام العلماء بقياس وتحليل عظام الساق السفلية وطول الجناح وكتلة الجسم للطيور، لاحظوا نقص في طول عظام الساق يصل إلى 2.4% وزيادة في طول الجناح تصل إلى 1.3% مع انخفاض كتلة الجسم، مع العلم أن درجات الحرارة ارتفعت بمقدار 1.8 درجة فهرنهايت على مدار مدة الدراسة.

وبذلك استطاع الفريق تحديد العلاقة بين أحجام الطيور واختلاف درجات الحرارة، فكلما ارتفعت درجة الحرارة انخفض حجم الجسم، وأشار الفريق أيضًا أنهم بحاجة لمزيد من التحليل للآليات التي تشرح النتائج التي توصلوا إليها، ووضحوا أن تلك التغيرات في الحجم وطول الجناح ناجمة عن ظاهرة تسمى (اللدونة التطورية – Developmental plasticity ).

 

المصدر: Medical news today

ملخص رواية بداية ونهاية لنجيب محفوظ

ملخص رواية بداية ونهاية لنجيب محفوظ

 

“ إن من يستسلم للأقدار يشجعها على التمادي في طغيانها” نجيب محفوظ، بداية ونهاية

رواية بداية ونهاية عبارة عن ملحمة كاملة تضم عذابات النفس البشرية، أحداث الرواية تبدأ خلال فترة الحرب العالمية الثانية حين كانت الفروق بين طبقات المجتمع المصري كبيرة جِدًّا، تدور أحداث الرواية حول أسرة بسيطة من الطبقة المتوسطة مكونة من الأب والذي كان يعمل موظفًا صغيرًا في وزارة المعارف والأم وبنت وتدعى نفيسة وثلاثة أبناء (حسن، حسين، حسنين) تصف الرواية الصراع بين تلك الأسرة والظروف الاجتماعية الرهيبة التي واجهتهم بعد موت الأب المفاجئ وانعدام دخل الأسرة بسبب البيروقراطية المصرية المعتادة التي تسببت في تأخر صرف معاش الأب لشهور عديدة وصعوبة المعيشة.

أدركت الأم حجم المشكلة الكبيرة التي تواجهها الأسرة وخاصة أن الأخ الأكبر (حسن) لم يكن ليتحمل مسؤولية إعالة الأسرة بعد والده، بدأت الأم بمواجهة الأبناء بما ينتظرهم من صعاب وحثهم على التعاون من أجل الحفاظ على الأسرة، وصلت بهم صعوبة العيش للتخلي عن معظم أساسيات الحياة وبيع أثاث المنزل والانتقال من مسكنهم المريح إلى مسكن آخر أقل في التكلفة، واضطرت نفيسة للعمل في الخياطة تنتقل من بيت لبيت كي تحصل في نهاية اليوم على مبلغ زهيد يساعد في نفقات الأسرة.

ومع تغير أحوال الأسرة بشكل مفاجئ بدأ كل فرد من الأسرة التأقلم مع الوضع الراهن، اتجه حسن إلى طريق البلطجة والمخدرات بإرادته واستسلمت نفيسة ليأسها وضعفها وسلكت طريق خاطئة. أكمل حسين المدرسة وحصل على البكالوريا واضطر إلى التخلي عن حقه في التعليم العالي حتى يساعد أسرته ويتيح الفرصة لأخيه الأصغر حسنين لإكمال تعليمه وحصل على وظيفة بمرتب زهيد في طنطا، أما حسنين أكمل دراسته والتحق بالكلية الحربية بمساعدة حسن الذي وفر له مصاريف الكلية من أمواله مشكوكة المصدر.

تخرج حسنين من الكلية وبدأت أحوال الأسرة تتحسن ويجود الزمان ببضع لحظات من السعادة لتلك الأسرة البائسة، قرر حسنين الفرار من الماضي وانتقل بإسرته من الحي إلى بيت جديد في مكان بعيد عن الحارة والتخلص من خطيبته إبنة فريد أفندي الذي كان المعين الوحيد لهم بعد وفاة الوالد ظنًا منه أنه يستحق أخرى أكثر ثقافة وثراء، وبدأ في السخط على سلوك حسن ووضعه المثير للشك والريبة وفكر أنه يمثل خطر على صورته ومكانته الحالية وهدده كي يترك طريقه المشين وأن يحصل على عمل شريف ولكن حسن رفض فتمنى حسنين أن يتخلص من أخيه إلى الأبد.

تنتهي الأحداث باكتشاف حسنين سلوك نفيسة المخل بعدما استدعاه الضابط في القسم لاستلامها بعد القبض عليها في بيت مشبوه خرج معاها من القسم وهو يفكر كيف يتخلص منها ولكن نفيسه لم تترك له الفرصة للتفكير فأقرت له عن رغبتها في الانتحار حتى لا يقتلها ويفقد مستقبله وكذلك لأنها لم تعد تتحمل حياتها فسمح لها بإلقاء نفسها في النيل بعد ما أوصلها بسيارة أجرة وهو يظن أن بانتحارها يتخلص من عبء قتلها انتقامًا للشرف والحفاظ على الوظيفة والمكانة الاجتماعية، ولكن مع انتحارها اصطدم بحقيقته المرة واكتشف أنه هو الأولى بالانتحار لقسوته في حكمه على إخوته لأنه بدونهم ما كان في مكانته تلك، وأدرك أنه لم يعد له قيمة في تلك الحياة التي أرادها وقرر معاقبة نفسة بالانتحار وألقى بنفسه هو الآخر في النيل.

 

مصدر الصورة : The guardian

للمزيد من (ملخصات الكتب)

Exit mobile version