Ad
هذه المقالة هي الجزء 5 من 18 في سلسلة مقدمة في التدريس للبالغين

ذلك الطالب كثير الحركة، لا يطيق جلسة الصف الطويلة. وإذا مرت أمامه فراشة يتبعها ببصره ويتشتت ذهنه عما كان يركز عليه. تحتاج دومًا للفت انتباهه وتذكيره بالمعلومات والمهام لأنه حتمًا سينسى. يوسَم غالبًا بالـ”اللعبي” لأنه لا يركز أبدًا على الكتاب، ويوصف كثيرًا بـ”الفاشل” لأن أداءه يخذله ويخذل معلميه وذويه. أيذكرك ذلك بأحدهم؟

يشخَّص هذا الطالب بقصور الانتباه وفرط الحركة (بالإنجليزية: Attention-Deficit / Hyperactivity Disorder، واختصاره: ADHD) ويسمى أيضًا «اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط»، وهو اضطراب عصبي سلوكي يترافق بالسهو، وفرط الحركة، والسلوك الاندفاعي. وإذا ترِك الاضطراب دون علاج، يمكنه التسبّب بآثار جانبيّة على الأداء الأكاديميّ، والنجاح المهنيّ، والعلاقات، والنموّ الاجتماعيّ العاطفيّ على المدى البعيد.

وفقًا للدليل التشخيصي والإحصائي الخامس للاضطرابات النفسيّة تبلغ نسبة الأطفال المشخّصين باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط في سنّ التمدرس حوالي (5%). علمًا أن هذا الاضطراب أكثرُ شيوعًا عند الفتيان منه عند الفتيات [1][3][4]. يشخَّص قصور الانتباه مع فرط الحركة عامة في مرحلة مبكرة من الحياة؛ إذ يظهر جليًّا في المشاكل السلوكية في المدرسة، وفي صعوبة فهم المواد، أو صعوبة إنجاز المهامّ، أو في التشتت بسهولة من قبل الآخرين.

أعراض قصور الانتباه وفرط الحركة لدى البالغين

تنقسم الأعراض إلى قسمين، أعراض قصور الانتباه، وأعراض فرط الحركة. ويشَّك في إصابة الطالب بهذا الاضطراب عند ظهور هذه الأعراض بإفراط بالغ مقارنة بزملائه في نفس المرحلة العمرية، بحيث يحدِث له إعاقة حقيقية، ولا يشخَّص به إلا بظهور هذه السلوكيّات في سياقَين أو أكثر، مثل المدرسة، وداخل الصف الدراسي، وبالمنزل. [2][3]

أعراض قصور الانتباه

  • ارتكاب أخطاء جرّاء الاستهتار وإغفال التفاصيل.
  • صعوبة المحافظة على التركيز أثناء المهام والمحادثات.
  • سهولة التشتّت.
  • صعوبة اتّباع التعليمات.
  • صعوبة تنظيم المهام والأنشطة ونمطٌ متكرر من تجاوز المواعيد النهائيّة.
  • صعوبة فهم العمليات التي تتطلب اتباع خطوات معينة، كحل مسألة حسابية معقدة أو حل معادلة كيميائية ذات عدة تفاعلات.
  • تجنّب الأنشطة التي تتطلّب انتباهًا متواصلًا، أو رفضها، مثل: الواجبات المدرسية.
  • إضاعة الأشياء بشكل متكرّر.

أعراض فرط الحركة والاندفاع

  • الانخراط في القتال، والتلوّي، والخبط بشكل متكرّر.
  • صعوبة الثبات لفترة طويلة من الوقت والتململ المفرط، وترك المقعد مرارًا حين يكون البقاء جالسًا أمرا مطلوبًا.
  • صعوبة الانخراط في أنشطة ترفيهيّة.
  • التحدّث كثيرًا ومقاطعة الآخرين في أوقات غير مناسبة.
  • الإجابة على الأسئلة من دون تفكير.
  • صعوبة انتظار الدور.
  • مقاطعة الآخرين أو التطفّل عليهم.

أسباب قصور الانتباه وفرط الحركة

يتساءل كثيرون عن سبب المشاكل المرتبطة بالانتباه، والصعوبات المتعلّقة بالاندفاع والتململ. لا يزال اختصاصيّو الصحة يبحثون عن سبب قصور الانتباه وفرط الحركة. إذ إن قصور الانتباه وفرط الحركة ليس وليد العوامل الاجتماعية أو طرق تنشئة الطفل فقط؛ بل يبدو أن معظم الأسباب المثبتة حتى الآن تندرج ضمن مجالات علم الأعصاب وعلم الوراثة. بالإضافة إلى ما سبق، يمكن للعوامل البيئيّة التأثير على حدّة الاضطراب.

تميل الأبحاث عن الأسباب إلى التركيز على الأطفال الأصغر سنًّا. من ناحيةٍ جينية، يعاني (25%) من أقارب الطفل المصاب بقصور الانتباه وفرط الحركة من هذا الاضطراب أيضًا؛ ما يعني أن الجينات تلعب دورًا هامًّا في تطوّره [5]. وقد وجدت دراسة أنّ الأطفال المصابين بقصور الانتباه وفرط الحركة يظهِرون انكماشًا بمعدّل (3% – 4%) في مناطق هامّة من الدماغ (الفصّ الجبهيّ، والمادّة الرماديّة المؤقّتة، ونواة المذنبات، والمخيخ) مقارنةً بالأطفال غير المصابين بالاضطراب. تؤدّي هذه المناطق دورًا محوريًّا في مهارات حل المشكلات، والتخطيط للمستقبل، والتحّكم بالاندفاعات، وفهم سلوك الآخرين.

يمكن للعوامل البيئيّة الإسهام في تطوّر قصور الانتباه وفرط الحركة. فقد ظهر ارتباط بين تدخين السجائر والكحول في فترة الحمل، وخطر الإصابة بقصور الانتباه وفرط الحركة. كما تسهم معدلات الرصاص العالية في المباني القديمة والتعرّض للرصاص من مصادر المياه في تطور الاضطراب. ويشير المنظّرون الاجتماعيّون والأطبّاء أحيانًا إلى اضطراب قصور الانتباه وفرط الحركة باعتباره وباء العصر الحديث؛ ما يعني ضمنًا أنّ نمط الحياة السريع والاستهلاكيّ الذي يُغرقنا في عالم من المراسلات الفوريّة، وألعاب الفيديو، والبرامج التلفزيونيّة يؤدّي دورًا في تطوّر الاضطراب.

علاج قصور الانتباه وفرط الحركة

يمكن معالجة قصور الانتباه وفرط الحركة بنجاح عن طريق العلاج النفسيّ والعلاج الدوائيّ بعد التشخيص. يوفّر العلاج النفسيّ المهارات اللازمة لمساعدة الطالب على توجيه نفسه نحو مهامّه، والتعرّف على سلوكياته بشكل أفضل حتى يتحكم بها بفعالية. إذ يساعد العلاج المعرفيّ السلوكيّ في معرفة التحيّز السلبي في التفكير الذي يقلّل من الدافعيّة، ويفاقم سلوكيّات التجنّب. كما يساعد في زيادة السلوكيّات التكيّفيّة ويركز على ضبط الانفعالات، والتحكم فيها، وإدارة الضغط. أمّا التدريب على تأمل اليقظة الذهنيّة فبإمكانه تحسين الانتباه المتواصل أثناء المهام، والقدرة على التعامل مع المشاكل. وفي الوقت نفسه، يساعد العلاج الدوائيّ على تعزيز التركيز، وقمع التململ، وتحسين التطوّر الناتج عن المهارات الاجتماعية التي يتعلمها أثناء جلسات العلاج النفسي.

كيف للمعلم أن يتعامل مع الطالب المصاب بقصور الانتباه وفرط الحركة في الصف؟

هناك العديد من الأنظمة التي قد تتبناها المؤسسات العلمية للتعامل مع طلابها من المصابين بقصور الانتباه وفرط الحركة. ولكننا سنحاول عكس هذه التطبيقات على نطاق الفصل الدراسي لنساعد المعلم في استخدامها قدر ما يستطيع.

للتغلب على قصور الانتباه

  1. للتغلب على مشكلة قصور الانتباه، عليك أن تقلل المشتات في مجال بصره، فلا تجلسه أبدًا أمام/بجانب نافذة أو بجانب/أمام الباب.
  2. يمكن أن تساعده على وضع نظام لوني لأدواته. فإن كان ينسى دائمًا دفاتره، فلتتفقوا أن كل دفتر أخضر للصف، وكل أزرق هو دفتر للدراسة في البيت. وأي شيء مكتوب بقلم أحمر يعني أنه بحاجة للمراجعة، وكل ما هو مكتوب بقلم أسود فهو مفهوم جيدًا [6]. أو بناء نظام كودي عند المذاكرة وأخذ الملاحظات، فرمز النجمة (*) يعني مهم، ورمز علامة الاستفهام (؟) يعني أنه بحاجة لتوضيح، وهكذا.
  3. خلال تحضيرك للدرس، قسّم الشرح إلى وحدات. وامنحه فاصلًا صغيرًا بين سيل المعلومات المقدمة[7].
  4. لا تعط التعليمات دفعة واحدة أو وسط جملة مركبة.
    فبدلًا من أن تقول: “الآن يا طلاب أريدكم أن تفتحوا الصفحة 60 من الكتاب، ثم اقرأوا الفقرة الثالثة وأخبروني ماذا فهمتم قل: “افتحوا من الكتاب الصفحة 60.” واكتب رقم الصفحة على السبورة وضع الكتاب على صدرك على الصفحة المرادة. ثم قل: “اقرأوا الفقرة الثالثة” وأشر بيدك على مكان الفقرة وتابع الطلاب وتأكد أنهم قد وصلوا للفقرة. وامنحهم وقتًا ليطبقوا هذه التعليمات. وعليك الانتباه ألا تعطيهم سؤالًا عامًا طويل الإجابة، بل عليك أن تكون محددًا، وليكن مثلًا: “وأجيبوا عن السؤال التالي: عمن نتحدث في العبارة؟”، أو “ما هي المراحل المذكورة؟”. وتأكد أن السؤال مكتوب على السبورة ليرجعوا إليه في حالة نسيانه، لأنهم حتمًا سيسهون عنه. إن كان بالإمكان، شجعهم على الإجابة باستخدام الرسم مثلًا. ثم بعد ذلك حدد الزمن بما يتناسب مع المهمة المطلوبة: وليكن: “معك 3 دقائق”. وقبيل انتهاء الوقت، ذكرهم بالوقت الباقي.
    يتم تطبيق الشئ نفسه عند إجراء أي نشاط حركي. اشرح النشاط في صورة خطوات، وأجر محاولة تجريبية، ثم راجع التعليمات في صورة أسئلة: “كم دورا للفريق؟”، “كم من الوقت لديكم؟”، “هل عليكم تجميع الكرات الحمراء أم الخضراء؟”، “هل ستكتبون أم ستتحدثون؟”.
  5. إذا كانوا مدمنين على شاشات الهاتف، فستكون الأدوات التكنولوجية خير معين. إذ يمكنك استخدام المنصات التفاعلية مثل Padelt ليمكنهم كتابة إجابة السؤال على Padelt بدلًا من قوله بصوت عالٍ.
  6. امنح الطلاب وقتًا أطول في الاختبارات إن كان بينهم طالب مصاب بقصور الانتباه وفرط الحركة [7].
  7. علّق على التصرف والسلوك الإيجابي وشجعه. [7]
  8. ركّز دائمًا على مشاعرهم مثل: مشاكل الثقة بالنفس أو صعوبة ضبط بوصلة مشاعرهم. [7]
  9. أعط توجيهات كافية قبل الانتقال من نقطة لأخرى أو عند تغيير الروتين. كأن يقلب الصفحة، أو أن يغلق الكتاب، أو أن يترك القلم، أو أن يغير جلسته.
  10. إن كان سيعمل في مشروع طويل المدى، فعليك الإشراف مباشرةً على تقدمه مقدمًا أجوبة لأسئلته، وآذانًا مصغية لقلقه وشعوره.
  11. قدم له الخيارات: “أنقرأ أولًا أم نراجع التعريفات؟” أو “أتحبون أن يكون واجب تسلسل أحداث القصة رسمًا أم كتابة أم تسجيل فيديو؟”، أو “أتحبون أن تكون تجربة الكيمياء مشروعًا أو واجبًا منزليًا؟”
  12. الإدارة السلوكية للصف.
    في تجربة لهذا النهج، وجِد أنه يشجع السلوك الإيجابي للطالب، ويتم ذلك من خلال نظام مكافأة يعتمد على النقاط مثلًا [7]. فإن أتى إلى الصف في معاده له 5 نقاط، وإن أحضر أدواته كلها يستحق 10 نقاط، وإن استمع لزميله دون مقاطعة يأخذ 20 نقطة، وهكذا. ويتم جمع هذه النقاط في نهاية الصف ويستبدلها بهدية صغيرة.  لا تنس أن تجدد نوعية المكافآت باستمرار لتجنب شعور الطالب بالملل.
  13. إذا أعطيته واجبات، احرص ألا تكون متكررة أو طويلة، فأن تكون قصيرة وتشكل تحديًا صغيرًًا خير من أن تكون مكررة؛ وبالتالي غير مفيدة.
  14. عيّن معه صديق دراسة، ليساعده فيما ينقصه أو ليذكره بما نسيَ. [8]

للتغلب على مشكلة فرط الحركة

  1. بما أن هذا الطالب حركيّ وبصريّ بامتياز، فعليك أن تدعم كل ما تقول بصور أو بوسائل إيضاح أو بحركة تمثل الكلمة، كأن تفتح ذراعيك على وسعهما لتمثيل كلمة “كبير” مثلًا، وأن تريهم الأحجار حقيقةً ليفهموا أنواعها، وأن تريهم صورًا للتضاريس الجغرافية المختلفة ليفهموا الاختلاف بينها.
  2. كما عليك أن تشركه في الأنشطة التي تتطلب حركة، فلا تشرح له التجربة شفهيًا مثلًا، بل عليك إشراكه في القيام بها. كما عليك استخدام الألعاب الحركية والمسابقات والمنافسات السريعة.

وتذكر دائمًا أن إشراك الطالب في عملية التغلب على صعوبة التعلم ببناء العادات يجعل من عملية العلاج أكثر فاعلية، ومن العملية التعليمية أكثر كفاءة.

المصادر:

  1. Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders, Fifth Edition
  2. What’s ADHD (and What’s Not) in the Classroom
  3. ADHD Symptoms and Diagnosis
  4. Attention-Deficit/Hyperactivity Disorder, Adult
  5. Family-genetic and psychosocial risk factors in DSM-III attention deficit disorder. (Journal of the American Academy of Child and Adolescent Psychiatry)
  6. Q: “My Disorganized Teen Hates Checklists and Charts”
  7. ADHD in the Classroom: Helping Children Succeed in School
  8.  Simple School Strategies for Students With ADHD
  9. النموذج البديل لاضطرابات الشخصية كمنبئ باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة لدى المراهقين

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


غير مصنف علم الإنسان علم نفس تعليم

User Avatar

إيمان البحيري

مدرس ومحاضر لغة إنجليزية بمدينة زويل، شغوفة بالتدريس، واللغات، والتصوير الفوتوغرافي.


عدد مقالات الكاتب : 20
الملف الشخصي للكاتب :

شارك في الإعداد :
تدقيق علمي : abdalla taha

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق