Ad
هذه المقالة هي الجزء 2 من 18 في سلسلة مقدمة في التدريس للبالغين

أتذكر في مرحلتي الإعدادية حديثي مع مدرس الجغرافيا شاكية له أني لا أفهم الفيزياء. أجابني بأنها ليست غلطتي، بل هي غلطة المعلم. فهو الذي لم يستطع ضبط برج إرساله على دوائر الاستقبال في عقلي. فأخطأ تشفير رسالته وتداخلت مع عدة ترددات أخرى، فلم تدخل عقلي.

بعيدًا عن مساعدة معلم الجغرافيا لي في فهم طريقة عمل الراديو! إلا أنه قد لفت نظري وجود العديد من أساليب التعلم قد يمتلكها طلاب في الصف ذاته، وعلى المعلم –كمهارة أساسية-أن يبني مادته العلمية على هذه الأساليب ليجعل وصول معلومته أسهل وأكثر ثباتًا. فما هي أساليب التعلم؟ وكيف يستطيع المعلم أن يستخدمها؟

طوّر عالم النفس التربوي والتر بورك باربي (Walter Burke Barbe)  وزملاؤه نموذج الـ (VAK)، مختصر لـ: (Visual-Auditory-Kinesthetic) عام 1979. وفي عام 1987، عمل التربوي النيوزيلندي نيل فلمنج (Neil Fleming) على تطوير النموذج ليصبح نموذج الـ VARK، اختصارًا لـ ((Visual-Auditory-Reading & writing-Kinesthetic).

يعرّف كورنت نموذج التعلّم (VARK) أو أساليب التعلم الحسية بأنها الأنماط العامة التي تعطي اتجاهًا عامًا لسلوك التعلم [1]. يستند هذا النموذج على الدراسات النفسية حول الطريقة الصحيحة التي يجب أن يوظفها الطالب في اكتساب المعرفة [3]. وتتحدد أساليب التعلم في الأفراد متأثرة بالتجارب الحياتية في مرحلة الطفولة والخلفية الثقافية للفرد. فقد بيّنت صفا ناشر سعيد، مدرسة اللغة الإنجليزية بمانشستر، المملكة المتحدة، في بحثها بعنوان «العلاقة بين الثقافة الأم وأساليب التعلم» كيف تلعب الثقافة التي أحاطت بالفرد دورًا هامًا في تحديد نمط الفرد في تحصيل المعلومات، كما تساعد الاستراتيجيات التي استخدمت في تدريسه في مرحلة الطفولة في توجيه نمط التعلم لاحقًا في حياة الفرد. [5]

وتصنف أساليب التعلم الحسية وأنواع المتعلمين لأربعة أنواع: المتعلم البصري، السمعي، القراءة والكتابة، والمتعلم الحركي. نشرحها باستفاضة في السطور الآتية.

المتعلم البصري

(بالإنجليزية: Visual، ورمزه: V). وهو ذلك الطالب الذي تسمعه يقول “هل من الممكن أن تكتب هذا على السبورة؟”. يفضّل المتعلم البصري المشاهدة على القراءة، والقراءة عن السمع، ويميلون لفهم الأشياء عندما تصاحب المعلومات محفزات بصرية مثل: الصور، والصور المتحركة، والفيديو، والرسومات البيانية والتوضيحية، والألوان، والإشارات اليدوية. إذ إنهم يتعلمون من خلال التصور العقلي (Mental Imaging/visualization) [2]. لذا؛ فقد تربكهم التعليمات الشفهية إذا لم تكن مدعمة بصور ورموز معبرة. فإذا كان دارسًا للأدب، فإنه يفضل مشاهدة الفيلم عن قراءته. وإن كان دارسًا للعلم التطبيقي، فهو يميل لمشاهدة التجارب بدلًا من سماع تعليمات شفهية عن كيفية عملها. فتراه رسّامًا بارعًا ومصممًا مُفصّلًا.

كيف تدرّس للمتعلم البصري؟

  1. إذا كنت تدرس له التاريخ مثلًا، حاول أن تستخدم الخطوط زمنية، وأن ترسم رموزًا تعبيرية عن القصة.
  2. وإن كنت تدرس له الرياضيات، فعليك استخدام السبورة والأقلام ملونة، كما عليك أن تمنحه وقتًا لاستيعاب المكتوب.
  3. وإن كانت محاضرة نظرية، فيفضل استخدام الخرائط الذهنية لتوضيح العلاقات بين الكلمات المفتاحية .
  4. زوّد الطلاب بما تعلمه مكتوبًا، سواء أكان في كتاب أو في ورق خارجي.
  5. يفضل أن تمنحهم وقتًا لرسم/كتابة ما تعلموه بأنفسهم.

المتعلم السمعي

(بالإنجليزية: Auditory، ورمزه: A). وهو ذلك الطالب الذي تسمعه يسألك عما كتبت بالفعل على السبورة قائلًا: “هل من الممكن أن تعيد ذلك ثانية؟”. فرغم أنه يستطيع قراته بسهولة، ولكته يحب أن يسمعها من معلمه. وهو من تراه لا ينظر لك، وإذا سألته عما كنت تقول، لأجابك بكل حرف نطقته، وكأنه كان في قمة تركيزه.

يفضل هذا المتعلم أن يسمع المعلومات بشكل شفهي. فهو عكس سابقه، يفضل السمع على القراءة أو المشاهدة. كما يفضل هذا النوع أن تقدم إليه المعلومات بشكل مجزأ، بحيث يقسمها ويرتبها، ويركب أجزاء الأحجية حتى يصل للمعنى الأخير[2]. يجد المتعلم السمعي نفسه في المحادثات والتفاعل في الأنشطة التي تتضمن تعبيرًا شفهيُا عما تعلمه. لذا؛ تراه متحدثًا لبقًا وفصيحًا، ذو استخدام مميز لمفردات اللغة.

كيف تدرّس للمتعلم السمعي؟

  1. خاطبه بالاسم.
  2. إذا قررت أن تختبر ما حصّله، فالأفضل أن يجيب بأسئلة شفهية.
  3. شجعه على المشاركة في مناقشات جماعية، كلعبة مسرحية، أو عمل خطابات منفردة.

القراءة والكتابة

(بالإنجليزية: Reading & writing، ورمزه: R). يفضل هذا النوع من المتعلمين المعلومات المكتوبة. فقد لا يحتاجون للمعلم إلا لفك التشابك؛ إذ أنهم يتذكرون ما يتعلموه من الكتب والمقالات. وإن كانوا في الصف فإنك تراهم ذوي الملحوظات المفصلة. كما يميلون للقراءة الإضافية لفهم ما يريدون، فيطلعون على الأبحاث المنشورة ويستخدمون محركات البحث بكثرة لللإجابة عن أسئلتهم.

كيف تدرس المتعلم من نوع القراءة والكتابة؟

  1. زودهم بالكتب والمواد العلمية التي تدعم ما شرحت.
  2. إذا أردت اختبار ما تعلموه، فاطلب منهم أن يكتبوا ملخصًا لما شرحت، أو إجابة بعض الأسئلة على الورق.
  3. ادعم أسلوب تعلمهم وفضولهم بتوصيتهم بالمزيد من المصادر للقراءة.

الحركي

 (بالإنجليزية: Kinesthetic، ورمزه: K). هذا هو الطالب صاحب مقولة “هل من الممكن أن أجرب؟”. وهو الطالب المليء بالطاقة، كثير الحركة. يميل هذا المتعلم للتجربة العملية. فهو يتذكر فقط إن لمس الشيء وأحسه أو جربه.  لذلك فإنهم يحبون التفاعل مع الأشياء الملموسة من أنابيب اختبار، ومجسمات، وغيرها من الملموسات في الصف.

كيف تدرّس المتعلم الحركي؟

حاول إجراء بعض الأنشطة التي تعتمد على الحركة في الصف. علاوة على إعطاء المعلومات شفهيًا، اطلب منه أن يساعدك في تجربة النشاط. للمحافظة على مستوى تركيزهم، حاول الفصل باستراحات صغيرة بين كل نقطة وأخرى.

بعد مناقشة أساليب التعلم، يبقى السؤال: كيف يمكن للمعلم أن يعرف أساليب التعلم الخاصة بكل طالب؟

كيف يمكن للمعلم أن يعرف أساليب التعلم الخاصة بكل طالب؟

بجانب الملاحظة، هناك اختبار يمكن للمعلم أن يجريه المعلم في أول مقابلة بينه وبين طلابه لمعرفة الأسلوب المفضل السائد لكل طالب؛ ليبدأ في تطويع شرح مادته بما يناسبهم، وذلك للحصول على أفضل نتيجة ممكنة. ويمكنك الحصول هذا الاختبار من هنا. ويمكنك تحميله بصيغة الـ PDF من هنا. كما يمكنك الحصول عليه باللغة العربية من هنا.

وختاما، يستخدم المتعلمون كل الأساليب لفهم وتحصيل وتذكر المعلومات، إذ لا يوجد أسلوب أو تفضيل واحد فقط يعتمد عليه الطالب، وأحياناً لا يتم اعتماد النمط نفسه دائماً لبعض المهام، إذ يفضل المتعلم أسلوباً واحداً لتعلم مهمة واحدة ومجموعة أخرى لمهمة أخرى. وستكون المحصلة النهائية لهذا الاستخدام الشامل لكل الأساليب صفًا مشاركًا متجاوبًا متذكرًا ومطبقًا للمادة المقدمة. ومن المهم أن نذكر، أن كل طالب لهو كون مستقل بذاته، بطريقة تفكير وتحليل مختلفة عن أقرانه. ولكن الأمر كله يكمن في أن معرفة نمط الطالب يسهّل ويسرع وتيرة تعلمه. فمعرفة كيف تعلّمه لهو بنفس أهمية ما تعلمه. [5]

  • المصادر:
  1. Language-Learning-Styles-and-Strategies-Oxford.doc (live.com)
  2. Measurement learning methods, SA.
  3. HRB
  4. أساليب التعلم
  5. The Relation Between Culture and Learning Styles

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


علم الإنسان فكر علم نفس تعليم حياة

User Avatar

إيمان البحيري

مدرس ومحاضر لغة إنجليزية بمدينة زويل، شغوفة بالتدريس، واللغات، والتصوير الفوتوغرافي.


عدد مقالات الكاتب : 20
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق