Ad

تخلص العالم من العبيد شيئًا فشيئًا، حتى أصبح العالم خالٍ من العبيد في العقد العشرين. لم تكن البداية مع دول العالم الجديد كما هو معتقد، فثقافة تحرير العبيد وجدت ما وجد العبيد. وكان لكل ثقافة طريقتها في تحرير العبيد، فمنهم من سمح للعبد بتحرير نفسه، ومنهم من شجعته القوانين أو التعاليم الدينية. كما تحرر بعض العبيد عن طريق ولادتهم لأحد الآباء الأحرار، برغم كون الآخر عبد. واستمرت ثقافة تحرير العبيد إلى أن أصبح العبيد شيئًا من التاريخ. ولكن هل حقًّا انتهت العبودية في العصر الحديث؟

أين نجد عبيد القرن الواحد والعشرين؟

بالرغم من التطور الذي شهده العالم مع مطلع القرن الواحد والعشرين، إلا أنّه وفقًا للإحصائيات التي ذكرتها منظمة العمل الدولي ومنظمة “Walk free” فإن العبودية لازالت تتسبب بأضرارٍ جسيمة لـ50 مليون شخص حول العالم، ربعهم من الأطفال. فتجد مثلًا العمل القسري في كوريا الشمالية، وبيوت الدعارة في أوروبا الشرقية. وكذلك تجنيد الأطفال لاستخدامهم في الحروب، في الدول المتضررة كالعراق وسوريا. [2،1]

وحسب منظمة العمل الدولي فإن دول جنوب آسيا هي الأعلى في نسب العبيد، حيث قدرت بحوالي 24 مليون شخص. وبالرغم من أنّ الدول الأكثر فقرًا هي الدول التي ينتشر فيها العبيد، إلا أن ذلك لا ينفي وجودهم في الدول الأكثر تقدّمًا. فهنالك عشرات الآلاف الذين يعملون في ظروف لا تختلف عن تلك التي يعمل بها العبيد، لتوفير الرفاهية والربح لأصحاب التجارات الكبيرة. [3]

ستجد العبيد حولك يعملون العمل الجبري في شتى مجالات الصناعة والتجارة في ظروف غير آمنة. كما هو حال العديد من العائلات الماكثة في جنوب آسيا. وتجد عشرات الآلاف من الهنديات اللاتي يعملن بالسخرة في قمائن الطوب مثلًا، نتيجة اقتراضهم بعض المال لمتطلبات الحياة، وعدم القدرة على سداده. [2،1]

وفي تايلاند يعمل العديد من الشبّان على قوارب صيد متهالكة، في أجواءٍ لا ترتقي إلى الآدمية بمقابل زهيد، أو حتى دون مقابل. وفقًا لوزارة الخارجية الأمريكية، فإن العبيد كذلك يتركزون في الصناعات التي تحتاج إلى غزارة في العمال، ولا تتطلب مهارات عالية. [3]

 ونجد كذلك من يشتغلون بالسخرة في المنازل دون مقابل. وأولئك الذين يتم استغلالهم جنسيًّا في بيع الهوى، أو حتى بالزواج القسري. وعلى سبيل الذكر لا الحصر قد  قامت داعش باستعباد الفتيات والنساء الأيزيديات وإجبارهم على الزواج، وتحويلهم لبضاعة تشترى في الأسواق.  وقد أفادت الحكومة الكردستانية أن الجماعات الإرهابية أسرت حوالي  ستة آلاف من الأيزيدين، لايزال نصفهم أسيرًا بحلول عام 2017م. [2]

هل اختلف مفهوم العبيد سابقًا عن مفهوم العبيد اليوم؟

إن خلا عالمنا من العبيد بصورتهم التقليدية، فإن ذلك لا ينفي استمرار العبودية، بيد أن مفهوم العبيد قد تغير عن ذي قبل. فلم يعد كما كان في تجارتهم عبر المحيط الأطلسي، وأصبح هنالك تعريف حديث للعبودية. فالعبودية اليوم هي: عملية استغلال الأفراد من قبل الآخرين، لتحقيق مكاسب شخصية أو تجارية، ويصاحب ذلك الإكراه أو الإجبار أو حتى الخداع للقيام بذلك. [1]

أصبحت العبودية في العصر الحديث تنقسم إلى عدة أقسام، فمثلًا عبيد الديون وهم أحد أحدث أشكال العبيد الذين يقعون في شباك أرباب العمل الجشعين. حيث يعرض صاحب العمل أن يدفع لذلك الفقير دينه أو يقرضه بعض المال الّلازم لمتطلبات الحياة كالزواج أو إجراءات الدفن وغيرها. بمقابل أن يعمل لديه مدة قد تستمر لعقود لسداد ذلك الدين، وقد يتطلب في بعض الأحيان عمل جيلٍ أو جيلين. [4،3]

من جهة أخرى تجد عبيد الجنس، وهو مفهوم يختلف عن الجواري عند العرب قديمًا اللاتي كنّ يعملن في ذلك بصورة مقبولة في ذلك الزمن. فعبيد الجنس هم أولئك الرجال أو النساء أو الفتيات الصغيرات اللائي يجبرن على العمل في الدعارة لغرض توفير متطلبات المعيشة. أو وعدهم بتأمين حياة آمنة بعد الهروب من دولهم القمعية أو الحروب التي دمرت بلادهم. [3]

وهنالك عبيد السخرة، يحدث ذلك للشعوب الفقيرة، فتقوم المصانع والمزارع باستغلال أولئك الفقراء في العمل لديها لتوفير الحد الأدنى من قوت يومهم. وتعد مصانع الشوكلاته والملابس الجاهزة مثالًا على ذلك، حيث تستغل الأطفال في أعمالٍ قاسية لتوفير الأيدي العاملة بأزهد الأثمان. [3]

ويعتبر الإتجار بالبشر أحد صور العبودية اليوم، حيث يتم استغلال الأشخاص لأغراض إجرامية كالسرقة، أو إكراههم على بيع أعضائهم. وتجد كذلك بعض العقوبات التي تقوم بها الأنظمة القمعية كتلك التي نجدها في كوريا الشمالية، والتي تجبر مرتكبي المخالفات بالعمل الجبري لمدى الحياة. [5]

كيف يمكننا التخلص من العبودية في العصر الحديث؟

تنص المادة 4 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه “لا يجوز استرقاق أحد أو استعباده، ويُحظر الرق والاتجار بالرقيق بجميع صورهما”.  وعلى الرغم من ذلك فإن العبودية لازالت جذورها متأصلة في العديد من المناطق حول العالم، وتمس الفئات الأكثر فقرًا واستضعافًا في الأرض. وليتم اجتثاث جذور العبودية يجب أولًا النظر إلى أسباب العبودية في القرن الواحد والعشرين. وتلك الأسباب تشير إلى محاربة الفقر والغلاء، وحماية حقوق الأقليات ومنع سبل التمييز العنصري. [4]

وقد قامت منظمة حقوق الإنسان بعمل حملة لتحرير عبيد العصر الحديث تحت عنوان “خمسين للحرية”، والتي تطالب فيها الدول والأفراد بالإنضمام إليها لمكافحة العبودية. كما حددت منظمة حقوق الإنسان الثاني من ديسمبر، ليصبح اليوم الدولي للرق. حيث تتركز جهود المنظمة في ذلك اليوم من أجل البحث عن حلولٍ لأولئك المستضعفين تحت مسميات عدة مفادها العبودية. [5]

المصادر:

  1. Antislavery.com
  2. CFR.org
  3. CFR.org
  4. OHCHR.com
  5. Slavery abolition day

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


علم الإنسان تاريخ

User Avatar

Yasmin Awad

طبيبة أسنان وصانعة محتوى


عدد مقالات الكاتب : 33
الملف الشخصي للكاتب :

شارك في الإعداد :
تدقيق لغوي : عثمان الحمداوي

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق