ما دور الانتقاء الجنسي في عملية التطور؟

ما دور الانتقاء الجنسي في عملية التطور؟
هل يمكن اعتبار الأمر انتقاءًا طبيعيًا إن اختارت الأنثى ذكرًا لأن به صفات شكلية مناسبة لها فقط؟
إن هذا الشكل من الانتقاء الطبيعي يعرف باسم “الانتقاء الجنسي” أو “الانتخاب الجنسي”. ويعد الانتخاب الجنسي آلية مهمة من آليات الانتقاء الطبيعي، ولكن ماذا يعني بالضبط الانتخاب الجنسي ؟!

ماهو الانتخاب/ الانتقاء الجنسي ؟

هل انتبهنا يومًا إلى مدى الاختلاف الموجود بين الذكر والأنثى؟ لا أتحدث هنا عزيزي القارئ عن الانسان فقط، بل أقصد جميع الكائنات الحية. فإن نظرنا مثلًا إلى بعض أنواع الغزلان، ستجد أن الذكور تتمتع بجسد ضخم وقرون كبيرة الحجم.

وعلى العكس، نجد أن الإناث أصغر حجمًا، ولا تتمتع بقرون على الإطلاق. ويمكن للفرق أن يكون عظيمًا أكثر من ذلك؛ كبعض أنواع الرنة المنقرضة والتي تمتعت الذكور فيها بقرون عظيمة الحجم على عكس الإناث.

كذلك توجد بعض أنواع الطيور، على سبيل المثال الفصيلة المعروفة باسم «Long Tailed Widow birds»، والتي يتمتع فيها الذكور بمزيج رائع وملفت من الألوان. حيث يمتلك الذكور أكتافًا ملونة باللونين البرتقالي والأبيض. ومنقارًا أبيض مائل للزرقة، وذيل طويل جدًا لدرجة أنها لم تعد تستطيع الطيران بسببه.
بينما تتمتع الإناث بأجساد تتلون باللون الأسود فقط، ومنقارًا باللون الأبيض وذيل قصير.

ولكن، لماذا يحدث ذلك؟

ألا يجب أن تنجو الكائنات التي لا تتمتع بصفات ملفتة؟

لأنه ببساطة هذا الذيل الطويل جدًا والألوان الزاهية من الممكن أن تجذب الحيوانات المفترسة بسهولة. وبالتالي يصبح هذا خطرًا على الذكور من تلك الفصيلة. أليس من المفترض أن تكون هذه الصفات قد أدت إلى انقراض تلك الفصيلة منذ وقت طويل مضى؟ ألا يفترض أن توجد فقط الطيور التي تتمتع بألوان غير زاهية وذيول قصيرة (صفات غير ملفتة) على قيد الحياة اليوم؟ ببساطة، هذا هو الانتخاب الجنسي.

ما هي أنواع الانتخاب الجنسي ؟

يحدث الانتخاب الجنسي عندما تختار الإناث من فصيلة ما أن تتزاوج مع الذكور التي تتمتع بصفات ملفتة للنظر من نفس الفصيلة، لأن الإناث تميل إلى الظن أن هؤلاء الذكور يتمتعون بصفات أقوى وأكثر صحة، فإن استطاع هؤلاء الذكور النجاة مع تلك الصفات الملفتة للنظر، فلا بد أنهم يتمتعون بصحة وصفات قوية ومناسبة.
ويمكننا تطبيق تلك القاعدة على الغزال، فإناث الغزلان تختار الذكور التي تتمتع بقرون عظيمة الحجم، ولكن يمكن للأمر أن يتعقد أكثر من ذلك، فللانتخاب الجنسي نوعان:

النوع الأول يعرف باسم «الانتخاب الجنسي بين نفس أفراد النوع-Intersexual Selection»، وفي هذا النوع، تختار الإناث الذكور التي تتمتع بصفات ملفتة.

النوع الثاني كما في حالة الغزلان التي تحدثنا عنها، يمكن للذكور أن تستخدم القرون التي تتمتع بها في القتال حتى يفوز واحد منهم بالأنثى، وفي تلك الحالة يعرف الانتخاب الجنسي بــ«الانتخاب الجنسي بين نفس أفراد الجنسIntrasexual-Selection».
كما يظهر لنا، فيمكن في كثير من الأحيان أن يتداخل النوعان من الانتخاب الجنسي في نفس العملية.

يمكن مثلًا أن تختار أنثى في فصيلة ما أن تتزاوج مع ذكر معين وتحدث تلك العملية في إطار النوع الأول من الانتخاب الجنسي. أو أن تنتظر الذكور حتى تتشاجر بين بعضها البعض ثم ينتصر واحد منهم ويتحقق النوع الثاني.

يمكن أيضًا أن تختار الأنثى ذكرًا يتشاجر مع ذويه للفوز بها، ويتحقق النوعان معًا في نفس العملية.

في الحقيقة، فإن ذكور الزراف كذلك تتقاتل مع بعضها البعض باستخدام رقابها الطويلة. أفلا يمكن إذًا أن تكون رقاب الزراف الطويلة مجرد تكيف لعملية «Intrasexual Selection» ؟
ولكن لماذا يسري الأمر بتلك الطريقة؟

لم يجب على الذكور أن تتقاتل فيما بينها وأن تقوم الإناث بالاختيار بينهم فقط؟

يرجع ذلك إلى الوقت الذي يجب أن تستثمره الإناث وعدد الأبناء التي يمكنها أن تنجبه، فبما أن عدد الأجيال التي يمكن أن تربيها الأنثى محدود، وكذلك الوقت الذي تحتاجه الإناث للحمل والرضاعة، والمجهود الذي تضيعه في ذلك، كل ذلك محدود، وبالتالي تحاول الأنثى القيام بالاستثمار الأفضل واختيار الذكر الأصلح.
أما بالنسبة للذكور، فالوضع مختلف، فيمكن للذكر أن يتزاوج مع العديد من الإناث، وأن ينجب من كل أنثى العديد من الأبناء، وبالتالي تحاول الذكور الوصول إلى العدد الأكبر من الإناث، بينما تحاول الإناث الوصول إلى الى الذكر الأفضل والأصلح.

حسنًا، الأمور تسري هكذا طوال الوقت إذًا، صحيح؟

في الحقيقة لا، فهناك بعض الحالات التي يختار فيها الذكور الأنثى الأصلح للتزاوج. فعلى سبيل المثال، إن نظرنا إلى فصيلة “العنكبوت الأرملة”، فالذكور هم الذين يختارون الأنثى الأصلح للتزاوج. لأنه من الممكن أن يتم أكلهم أثناء عملية التزاوج، وبالتالي يقومون باختيار الأنثى الأكبر ذات البيض الأكبر حجمًا، لأن الإناث ذات البيض الأكبر تكون أقل جوعًا من غيرها.

وإن نظرنا لأنثى فصيلة “العنكبوت الأرملة“، سنجد أن الأنثى مميزة جدًا، ذات حجم كبير وتمتلك ألوان زاهية، بينما يكون الذكر بني اللون، صغير الحجم ويمكن ملاحظته بصعوبة. فبالتالي نجد أن الأمر صار العكس تمامًا عندما تحدثنا عن العناكب بدلًا من فصيلة الطيور السابق الحديث عنها.

وبالتالي، ومع ملاحظة درجة الغرابة والتعقيد التي قد تصل إليها. إلا أن «الانتخاب الجنسي-Sexual Selection» هو عملية مهمة وأساسية من عمليات التطور البيولوجي. وتظل طريقة قوية يمكنها إنتاج العديد من الصفات الرائعة كطول الذيل المبهر في بعض فصائل الطيور، أو الحجم الكبير للعنكبوت الأرملة.

الموت الأسود، كيف تتبعه علماء الآثار ؟

الموت الأسود، كيف تتبعه علماء الآثار ؟

كان الموت الأسود وباءًا عالميًا مدمرًا من الطاعون الدبلي، الذي ضرب أوروبا وآسيا الوسطى في منتصف القرن ال13، وصل الطاعون إلى أوروبا في 1347 عندما رست 12 سفينة في البحر الأسود في ميناء “ميسينا” الصقلي، فوجئ الناس المتجمعون على الأرصفة بموت معظم البحارة، وإصابة الأحياء بمرض خطير، أمرت سلطات “صقلية” على عجل بإخراج أسطول”سفن الموتى” من الميناء، لكن الأوان قد فات، فعلى مدى ال5 سنوات التالية قتل “الموت الأسود” أكثر من 20 مليون شخص في أوروبا -أي حوالي ثلث سكان القارة”-، فما هو الموت الأسود، وكيف تتبع علماء الآثار مخلفاته؟

كيف بدأ الطاعون ؟

حتى قبل وصول “سفن الموت” إلى ميناء “ميسينا”، كان العديد من الأوروبيين قد سمعوا شائعات عن وباء يشق طريقا مميتا عبر طرق التجارة في الشرقين الأدنى والأقصى، وفي أوائل أربعينيات القرن ال14 أصاب المرض الصين والهند وبلاد فارس وسوريا ومصر.

يُعتقد أن الطاعون قد نشأ في آسيا منذ أكثر من 2000 عام، ويرجح أنه إنتشر عن طريق السفن التجارية، على الرغم من أن الأبحاث الحديثة ذكرت أن العامل الممرض للموت الأسود، قد يكون موجودا في أوروبا منذ 3000 ق.م.

مصدر الموت الأسود

لمئات السنين ظل سبب تفشي الطاعون محاطا بالغموض والخرافات، لكن التطورات الدقيقة في المجاهر ساعدت أخيرا في الكشف عن العامل الحقيقي المسؤول عن المرض، إكتشف ألكسندر يرسين-alexanfre yersin البكتيريا المسؤولة عن الموت الأسود، وهي يرسينيا بيستيس-yersinia pestis.

يرسينيا بيستيس هي بكتيريا شديدة الخطورة تعمل على تعطيل الجهاز المناعي للمضيف عن طريق حقن السموم في الخلايا الدفاعية مثل الخلايا البلعمية- المكلفة باكتشاف العدوى- فبمجرد التخلص منها يمكن للبكتيريا أن تتكاثر دون معيقات.

تظهر صورة مجهرية لبكتيريا 
اليرسينيا الطاعونية المسببة للطاعون.

ما هي أعراض الموت الأسود ؟

تسبب بكتيريا يرسينا 3 أنواع من الطاعون في البشر:

– الطاعون الدبلي.
– الإلتهاب الرئوي.
– تسمم الدم.

بالرغم من غياب دليل الحمض النووي على وجود “يرسينا” كانت موجودة في ضحايا الموت الأسود، إلا أن شكل العدى غير مؤكد، ومن المحتمل أن الثلاثة أوبئة قد لعبت دورا سبب الطاعون الدبلي الحمى والتعب والرعشة والقيئ والصداع والدوار وعدم تحمل الضوء وآلام الظهر والأطراف، والقلق واللامبالات والهذيان، كما يسبب الدبل أيضا- تورم غدة أو أكثر من الغدد اللمفاوية، عادة في الفخذ أو الإبط-.

أما الطاعون الرئوي فيؤثر على الرئتين مسببا حمى وضعف وضيق التنفس وإمتلاء الرئتين بسوائل قد تؤدي للموت، أما طاعون تسمم الدم فتشمل أعراضه تعب وحمى ونزيف داخلي.

كيف تتبع العلماء الأثر المدمر للموت الأسود؟

تم الكشف عن الدمار الذي أحدثه الطاعون في إنجلترا، في العصور الوسطى، في دراسة أثرية مفصلة بمساعدة 10000 متطوع من علماء الآثار الهواة. شمل المتطوعون العائلات المحلية والطلاب ومالكي الأراضي، وأعضاء الجماعات المجتمعية، وحفروا أكثر من 2000 حفرة إختبار في 55 قرية في شرق إنجلترا، تحت إشراف علماء الآثار وقادة الفرق المحلية المدربين.

تم تجميع وتحليل البيانات حول القطع الفخارية المكسورة الموجودة في أكثر من 2000 حفرة، تبلغ مساحة كل منها 11 قدما ² (1 متر²) وعمقها يصل إلى 4 أقدام(1.2متر).

اقرأ أيضًا عن أثر الطاعون الأنطوني على الامبراطورية الرومانية

الفخار وعدد السكان:

أدارت الدراسة “كارينا لويس”- عالمة آثار في جلمعة لينكولن في المملكة المتحدة-، وقارنت البيانات حول أعداد القطع الفخارية التي يعود تاريخها لما قبل الموت الأسود بالأرقام التي تم العثور عليها بعده، وقد كشفت التغييرات طويلة المدى التي أحدثها الطاعون في السكان.تمكنت الدراسة الجديدة من معرفة كيفية تأثر المجتمعات بالطاعون بشكل عام، فقد إنخفض عدد سكان القرى(التي أقميت فيها الدراسة) بمعدل 45% بعد الطاعون.

وتشير الدراسات المعاصرة، إلى تفاوت معدل الوفيات في المناطق المختلفة، بين ثمني وثلثي السكان، ولربما كانت إنجلترا عام 1400 نصف ما كانت عليه قبل 100 عام، فبالتأكيد تشبب الطاعون في هجرة السكان والإختفاء التام لحوالي 1000 قرية.

عامة لم يكن تأثير الوباء بالسهل أبدا، فقد عقب ذلك على الفور توقف الحروب وتراجع مفاجئ في التجارة لفترة قصيرة، أما النتيجة التي دامت لفترة أكثر هي الانخفاض الكبير في مساحة الأرض المزروعة، وذلك راجع لوفاة العديد من العمال كما رافق كل تلك المشاكل الآثار النفسية التي تنجحت عن الإنشغال بالموت وظهرت في الشعر والنحت والرسم.

اقرأ تجربة الإنسان في مواجهة الأوبئة، وكيف أسقط الطاعون عصر أثينا الذهبي؟

المصادر:

BRITANNICA
NATIONAL GEOGRAPHIC
LIVE SCIENCE

لماذا يجب علينا فهم سلوك الحيوانات؟

لماذا يجب علينا فهم سلوك الحيوانات؟

يعد الإنسان تصنيفيًا من الحيوانات، لذلك يمكننا فهم أنفسنا بمستوى أعمق بالتعرف على سلوك الحيوان، وقبل التعمق في معرفة سلوك الحيوان يجب علينا فهم تطورهم أولًا.

تنتقل الصفات من الأنواع إلى ذريتهم بفعل التطور، والتي تتغير من جيل عبر جيل، فيؤدي إلى ظهور أنواع جديدة تعيش معنا على الأرض.

4 أسئلة عن سلوك الحيوان

بمجرد البحث عن معرفة سلوك الحيوان سيتبادر في ذهنك العديد من الأسئلة، فقد سبقنا (نيكولاس تينبرغن) عالم السلوك الحيواني ووضع عدة أسئلة مختلفة لدراسة السلوك.

  • ما الذي يدفع الفرد للإتيان بسلوك معين؟
  • كيف طور الفرد القدرة على تنمية هذا السلوك؟
  • كيف تطور هذا السلوك؟
  • ما هي وظيفة السلوك؟

نسنتج من الأسئلة السابقة أهمية فهم التطور والانتقاء الطبيعي للإجابة على تلك الأسئلة، فعلى سبيل المثال لماذا يعيش حيوان ما مع آخرين بدلًا أن يكون منعزلًا، ولماذا يختار أن يعيش مع رفقاء ذوي ألوان زاهية، ولماذا يشدو لمناداة قطيعه؟

يمكننا متابعة تلك السلوكيات من جيل إلى جيل مع النظر في التطور البيولوجي المؤدي  لنقل الصفات الوراثية إلى الأنسال عبر الجينات مع ملاحظة التغييرات التي ينتج منها على المدى البعيد ظهور أنواع جديدة، يعتمد التطور البيولوجي أن كل أشكال الحياة على الأرض تتشارك في سلف مشترك أدى إلى التنوع الهائل بين الحيوانات والنباتات التي نراها اليوم، فتضم الحيوانات وحدها عددًا كبيرًا يُقدر بأكثر من 67000 نوع من الفقاريات، مع وجود 1.3 مليون نوع من اللافقاريات منذ أن ظهر البشر، ومن المؤكد وجود العديد من غيرهم غير المكتشف.

تعتبر أشكال الحياة مرتبطة ببعضها، فيعتبر والدك سلفًا مشتركًا بينك وبين أخواتك، وأجدادك هم سلف مشترك بينك وبين أبناء عمومتك.

طبقًا لبعض الأنواع مثل الشامبانزي فقد عاش هذا السلف المشترك المنقرض وقت قصير يقدر بملايين السنين مقارنة بتاريخ الحياة.

للعثور على سلفنا المشترك مع بقية الرئيسيات يتطلب الأمر الرجوع عشرات الملايين من السنين، ومن المرجح عيش آخر سلف مشترك لجميع الثدييات منذ حوالي 160 مليون سنة.

نستنتج من تلك المصطلحات أن أبناء عمومتنا يشبهون أنواع من الكلاب والقطط مثل التي تعيش الآن، ولكنها ترتبط بعضها لبعض ارتباطًا وثيقًا أكثر من ارتباط أي منهما معنا. فيجب أن تتشابه الكائنات التي تتشارك في تاريخها التطوري، لذلك مع دراسة الخصائص الموروثة عبر الأنواع يمكننا إعادة بناء علاقتهم التطورية.

نطلق على تلك العلاقات (تطور السلالات)، وعند إعادة بناء الأنساب يجب توخي الحذر في النظر إلى الصفات الصحيحة، فليست كل الصفات المشتركة ناتجة من الوراثة، فمثلًا تبدو أسماك القرش والدلافين والإكتيوصورات المنقرضة متشابة جدًا، ولكنها ليست ناتجة من علاقة تطورية وثيقة، بل مجرد تكيفات مع البيئة البحرية.

تسمى الصفات المشتركة الناتجة من الوراثة بالمتجانسة، والصفات التي تطورت مستقلة بالمتشابهة. لذلك نحن نعلم أن الأنواع مرتبطة ببعضها بدرجات مختلفة، ولكن ما الذي يجعل الأنواع تتغير وتتباعد؟

عمليات التطور الرئيسية

هناك ثلاث عمليات رئسية تؤدي للتطور: الطفرة والإنحراف الوراثي والانتقاء الطبيعي.

الطفرة

تحدث الطفرات عندما تُنسخ المواد الجينية على نحو خاطىء أو تُتلف من العوامل البيئية، تكون الطفرات عشوائية ومعظمها لا يفعل شيئًا أو يؤثر سلبًا على الكائن الحي بتعطيل وظيفة بيولوجية هامة، لكن بعض الطفرات مفيدة، فتنتج منها صفات جديدة أو تُعدّل الصفات الموجودة، وهذا يخلق تباينًا في الأنواع حيث تُنقل الطفرات صفاتها. ويعتبر الطاووس أحد الأمثلة لأحدى الطفرات الضارة المسببة لفقدان التصبغ المعروفة باسم (اللوسية).

طفرة فقدان التصبغ

الانحراف الوراثي

عملية عشوائية تحدوث لوجود عنصر الحظ في التكاثر دائمًا، فإذا كان الفرد محظوظًا وترك الكثير من الأحفاد، فسيتشارك الجيل القادم في صفات غير متكافئة. يعد الإنحراف الوراثي مهمًا في الجماعات الصغيرة، فيمكن أن يؤدي الحظ الجيد أو السيء إلى انقراض الصفات، دون حملها أو إصلاحها.

الانتقاء الطبيعي

العملية النهائية للتطور هي الانتقاء الطبيعي، فعلى عكس الطفرات أو الانحراف الوراثي فهو عملية غير عشوائية تمامًا تعتمد على أن الصفات المختلفة تؤدي إلى نجاح تناسلي مختلف.

يشرح لنا الانتقاء الطبيعي كيفية تغير صفات مجموعة من الحيوانات لتناسب بيئتها وهو ما يسمى بالتكيف.

يسير منطق الانتقاء الطبيعى كالنحو التالي: يوجد تباين بين الأنواع وهذا يعني أن الأفراد تختلف في وظائف الأعضاء، والبنية، والسلوك. بعض من الاختلافات قابلة للوراثة، فالنسل يميل إلى أن يكون أكثر تشابهًا مع آبائهم عن غيرهم من أفراد المجتمع، يوجد تنافس بين الأفراد على الموارد، مثل الطعام أو المكان، وتكن بعض المتغيرات أفضل في المنافسة عن غيرها لذلك بمرور الوقت تزداد نسبة المتغيرات الناجحة بين الكائنات، تتغير البيئات ولذلك تتأثر الصفات بتغييرها فتميل نحو البقاء والتكاثر في البيئة الحالية.

إذا عُزلت مجموعتان من نفس النوع عن بعضهما لبعض، فستتباعد صفاتهما تدريجيًا، خاصة إذا كانت بيئتهما مختلفة.

اللياقة في سلوك الحيوان

وننتقل من العوامل الرئيسية في التطور إلى مصطلح اللياقة، تستخدم كلمة لياقة في التطور لوصف مدى جودة صفات فرد معين في توريثها لأحفاده، مقارنة بالآخرين، فهي تُعد نمط وراثي يُقاس بالمساهمة النسبية للفرد العادي في الجيل التالي.

ماذا يعني كل هذا بدراسة سلوك الحيوان؟ باختصار بفعل الانتقاء الطبيعي ستتصرف الحيوانات عامة لتحسين لياقتها، وإذا أرادنا فهمهم، فنحن بحاجة إلى التركيز على فهم  سلوكهم  لمساعدتهم في البقاء وترك أجيالًا منهم. وإذا أرادنا التأثير على سلوكهم، فنحن بحاجة إلى فهم بيئتهم الطبيعية وكيف يتفاعلون معها.

المصدر:
edx

اقرأ أيضًا: هل يتأثر الإنسان بظاهرة الانتقاء الطبيعي؟

كيف أثر الطاعون الأنطوني على الإمبراطورية الرومانية ؟

كيف أثر الطاعون الأنطوني على الإمبراطورية الرومانية ؟

تختبر جائحة كورونا إمكانات وقدرات عالمنا الحالي، لكنه كان واحد من الأوبئة الكثيرة والمختلفة التي سجلها تاريخ الأوبئة، وكان أحد هذه الأوبئة، “الطاعون الأنطوني”، أو “الطاعون الجاليني”(نسبة إلى الطبيب اليوناني جالينوس)، اندلع هذا الطاعون عام 165م في عهد “ماركوس أوريليوس”، واستمر في ظل حكم إبنه “كومودوس”، وكان أول وباء أصاب الإمبراطورية الرومانية في القرن الثاني الميلادي.

أعراض الطاعون الأنطوني

وصف الطبيب اليوناني “جالينوس”أعراض ومسار المرض، ومن الأعراض الأكثر إنتشارا، الحمى والقيئ والعطش وتورم الحلق والطفح الجلدي، وإسهال مسود يدل على وجود نزيف على مستوى الجهاز الهضمي، وسعال ذو رائحة نفس كريهة، عانى المصابون من المرض لمدة تصل إلى أسبوعين، توفي بعضهم، أما الناجون فقد طورت أجسادهم مناعة ضده.

متى ظهر؟

ظهر الوباء غالبا في الصين بقرابة عام 166م، وانتشر غربا عن طريق السفن التجارية المتجهة إلى روما.

قد تم آنذاك تداول أسطورتين تتحدثان عن أصل الطاعون، وتنسبه إلى عقاب إلهي، فالأولى تقول أن الجنرال الروماني قد فتح مقبرة مغلقة في “سلوقية” أثناء نهب المدينة مما آل إلى تفشي المرض، وقد كان المرض عقابا إلهيا لهم، أما الأسطورة الثانية فتقول أن جنديا من الرومان قد فتح النعش الذهبي الخاص بالآلهة “أبولو” في بابل مما سمح للطاعون بالفرار.

أما الطبيب اليوناني الذي شهد الطاعون، “جالينوس” فقد سعى لتشخيص، المرض بغرض تقديم مناهج علاجية له، وعلى الرغم من أن تقارير بعض الحالات السريرية التي عالجها جالينوس تقودنا إلى الإعتقاد بأن الطاعون ناجم عن الجدري، إلا أن التأكيد لازال غير موجود.

ضحايا الطاعون الأنطوني

قدر المؤرخ الروماني “ديو كاسيوس” 2000 حالة وفات يوميا في روما في ذروة تفشي المرض، ثم إرتفع إلى ما يقدر ب5000حالة في اليوم.

عند حلول المرض كان جيش روما يتكون من 28 فيلقا، بها 150000رجل، وتفشي المرض بينهم أدى إلى ضعف في القوة الدفاعية الخاصة بالإمبراطورية.

كان للطاعون دور في تقليل عدد المجندين ودافعي الضرائب والمرشحين للمناصب العامة وكذا رجال الأعمال والمزارعين، في وقت زادت فيه نفقات الحفاظ على الإمبراطورية والجيش اللازم لضمان أمنها.

تناقص عدد الإمدادات الغذائية وانخفضت الإيرادات الضريبية بإنخفاض إنتاج المزارع، وأعيقت الإقتصادات المحلية لتنقص عدد الحرفيين والقوى العاملة عموما، ولكن في المقابل زادت أجور الناجين من الموت، كل هذه الإنكماشات كانت تعني ضرائب أقل على الدولة في فترة مليئة بالضغوط.

تأثير الطاعون على روما

إتفق غالبية المؤرخين على أن التأثير الذي خلفه الطاعون كان شديدا، مما أثر على التجنيد العسكري، والإقتصاد الزراعي والحضري، وإستنزف خزينة الدولة.

قيل أن ضحايا الطاعون تقدر ب60-70 مليون، وهذا العدد يشمل ربع إلى ثلث سكان الإمبراطورية

أثر الطاعون الأنطوني على التقاليد الرومانية القديمة وترك بصمة على التعبير الفني، هذه الفترة إتسمت بأزمات صحية و إجتماعية وإقتصادية مهدت الطريق لدخول إمبراطورية القبائل البربرية المجاورة وتجنيد القوات البربرية في الجيش الروماني.

في الأونة الاخيرة إقترح”كايل هاربر”أن ” مفارقات التطور الإجتماعي وعدم القدر على التنبؤ المتأصل بالطبيعة عملت بشكل منسق لإحداث زوال روما”.

بعبارة أخرى فقد قدم تغير المناخ فرصة لإدخال أمراض أخرى أكثر كارثية بما في ذلك الطاعون الأنتوني، يقول هاربر بأن الطاعون الأنتوني كان الأول من ثلاثة أوبئة مدمرة بما في ذلك طاعون سيبريان (249-262) وطاعون جستنيان(541-542).

مصادر:

ANCIENT
PUBMED

سلسلة (التطور) – مقال (3): “هل يمكن للإنسان أن يتأثر بظاهرة الانتقاء الطبيعي ؟”

سلسلة (التطور) – مقال (3): “ههل يمكن للإنسان أن يتأثر بظاهرة الانتقاء الطبيعي ؟”

بعد حديثنا عن الانتقاء الطبيعي، ورأينا بأنفسنا الأدلة على وجوده، وكيف أنه يمكن أن تتطور رقاب الزرافات بواسطة الانتقاء الطبيعي.

ولكن ربما بدأت تتساءل عزيزي القارئ، هل يمكن للانتقاء الطبيعي أن يطور أعضاء وتراكيب معقدة، كالعين مثلًا، هل يمكن لأعيننا أن تكون قد تأثرت عن طريق الانتقاء الطبيعي ؟ أم أن الانتقاء الطبيعي لا يغير إلا تفاصيل بسيطة صغيرة ؟ وهل يمكن للإنسان أن يتأثر بظاهرة الانتقاء الطبيعي ؟

وفي الحقيقة، فإن الأجابة هي نعم !

يجب علينا إدراك أن الانتقاء الطبيعي يحدث دائمًا بخطوات صغيرة وبسيطة، وهذه الخطوات تكون دائمًا في مصلحة الكائن الحي.

كيف تطورت أعين الكائنات البدائية بمرور الزمن ؟

فيمكن مثلًا أن نتخيل نوعًا من الديدان البدائية، والتي لم تكن تتمتع بعيون معقدة ولكنها كانت تمتلك خلايا مسطحة تعمل «مستحثات ضوئية-photoreceptors». وتعرف مستحثات الضوء بأنها خلايا تستجيب لسقوط الضوء عليها، وبالتالي يمكنها التفريق بين الضوء والظلام فقط.

وبالتالي يمكن لهذه الدودة على الأقل أن تفرق بين الضوء والظلام، فيمكنها مثلًا أن تزحف حتى تشعر بالظلام، فمن المحتمل أن تكون الدودة قد زحفت حتى صارت تحت صخرة، وبالتالي فهي في أمان، وبالتالي يمكن لهذه المستحثات الضوئية أن تساعدها ولو بشكل بسيط على النجاة.

وبعد حدوث العديد من الخطوات بواسطة الانتقاء الطبيعي، يمكن لهذه المستحثات الضوئية المسطحة أن تتطور حتى تصبح مقعرة كالكوب الفارغ، وبالتالي عندما يسقط الضوء عليها من اتجاه معين، يمكن للدودة أن تحدد الاتجاه الذي سقط منه الضوء ويمكنها أن تحدد الاتجاه الذي ستزحف إليه. وهكذا تتطور الأمور أكثر وتتحسن لتساهم في نجاة الدودة.

وبالتالي فإنه مع الوقت، وحدوث التغيرات الطفيفة مع الوقت، يمكن أن يؤدي ذلك في النهاية إلى تطوير تراكيب معقدة.

هل تطورت عين الانسان بنفس الطريقة ؟

ولكن ماذا عنا ؟ هل نتطور ؟ هل يتعرض بنو الانسان إلى الانتقاء الطبيعي ؟ لأنه بمراقبة التقدم والرقي الذي وصل إليه الانسان، يصعب تصور أنه لا يزال هناك صراع على الحياة يمتد لأجيال ويمكن من خلاله حدوث الانتقاء الطبيعي.

حسنًا، لنتحاور معًا، هل يمكن لموضوع العين الذي تكلمنا عنه سابقًا أن تنطبق عليه كل شروط الانتقاء الطبيعي وبالتالي يمكننا إثبات أن الانسان لا زال يتعرض للانتقاء الطبيعي.

هل هناك تنوع ؟ نعم بالطبع. على سبيل المثال، إذا نظرت حولك، حتمًا ستجد أحدهم يضع نظارات. يمكن لهذا على الأقل أن يعد تنوعًا.

هل هناك توارث لتلك الصفة ؟ ضعف النظر الذي يستدعي بالضرورة ارتداء نظارة يكون متوارثًا، فتجد أشخاصًا يضعون النظارات وكان آباؤهم كذلك من واضعين النظارات.

ولكن هل هناك صفة الاختيار ؟ هل يعتبر ضعف النظر أو قوته بشكل ما ضروري أو مهم للنجاة في عصرنا الحالي ؟

ربما كانت صفة قوة النظر ضرورية ومهمة للبشر الذين عاشوا في مجتمعات تعتمد على الصيد بشكل أساسي في الحياة، فإن كنت تمتلك نظرًا أقوى زادت فرصتك في إتقان الصيد وبالتالي تزداد فرصتك في النجاة. ولكن في عصرنا الحالي، نحن لا نعتمد بشكل أساسي على الصيد في مجتمعاتنا هذه. وبالتالي لا يمكن أن تساهم صفة قوة النظر في النجاة في وقتنا هذا، ولكن في النهاية، “الانتقاء الطبيعي” هو قانون طبيعي، كالجاذبية الأرضية مثلًأ، يمكننا أن نتحايل عليه أو نمنعه في بعض الحالات، ولكن لا يمكننا أن نمنع حدوثه بشكل كامل، وفي الحقيقة فنحن لا زلنا في صراع على النجاة.

صراعنا الخاص على النجاة!

يمكننا أن نتحدث على سبيل المثال عن الأمراض، كالمالاريا مثلًا، فقد تسبب هذا المرض في حصد العديد من الأرواح في أفريقيا، وفي أوروبا والولايات المتحدة، تسبب بعض الأمراض في قتل الملايين من البشر، والإيدز مثلًا، يمكننا الحديث قليلًا عن الايدز.

يصاب الناس بالعديد من الفيروسات والبكتيريا، ولكن بعضهم يشتد عليه المرض أكثر من غيره، فهل تساهم جيناتنا في ذلك ؟ وهل للانتقاء الطبيعي دور في حدوث ذلك ؟

الإجابة هي نعم، يمكن لأنواع مختلفة من الجينات أن تغير قابلية تعرض الأفراد إلى الإصابة بالإيدز أكثر من غيرهم، ودراسة هذه الجينات يمكنها في المستقبل أن تمكننا من ابتكار أدوية لوقف أو الإبطاء من حدوث العدوى.

منذ الثمانينات، أصيب العديد من البشر بفيروس الايدز، ولكن لم يصب به كل من تعرض له، وقد حير ذلك الأمر العلماء لفترة من الزمن، وبدأوا يراقبون تلك الحالات، هل يمكن أن يمتلك البعض مناعة طبيعية تجاه الإيدز ؟

يمكننا فهم ذلك بسهولة إن فهمنا الطريقة التي يتعامل بها فيروس الإيدز مع خلايانا. وككل الفيروسات، لا يمكن لفيروس الإيدز أن يصنع نسخًا من نفسه بدون مساعدة من خلايا الإنسان، وبالتالي فهي تدخل إلى خلايا الإنسان وتستخدم الآلية الخاصة بها في الانقسام وتصنع نسخًا عديدة من نفسها وتنتشر في الجسم كله.

ولكن يمكن لفيروسات الإيدز أن تدخل إلى خلايا معينة فقط، فكيف يمكنها إذًا أن تجد الخلايا المناسبة ؟

يمكنها أن تفعل ذلك عن طريق بروتينات مخصصة لذلك تدعى المستقبلات، وهذه المستقبلات تكون موجودة على سطح الخلية لتتلقى المعلومات وتقوم بنقلها إلى داخل الخلية. ويقوم فيروس الإيدز بالإمساك بسطح الخلايا التي تحتوي على مستقبل يدعى CD4.

تعد الخلايا التي تحتوي على مستقبل CD4 جزءًا مهمًا من مناعة الجسم ضد كل الأمراض، وعندما يمسك فيروس الإيدز بها فإنه يدمرها تدريجيًا ويعيق الجهاز المناعي، ولذا سمي بمرض نقص المناعة.

ويتضح أيضًا أن مستقبلات CD4 ليست كافية، فهناك بروتين آخر يدعى CCR5 يعتبر مساعدًا للمستقبل CD 4 لأنه يعمل معه، ويعد هو الباب الذي يتيح دخول فيروس الإيدز لداخل الخلية.

اتضح أن الكثير ممن يمتلكون مناعة طبيعية ضد فيروس الإيدز توجد بداخلهم طفرة في بروتين CCR5 تدعى هذه الطفرة CCR5-delta32 ، وتؤدي هذه الطفرة إلى تكوين بروتين أصغر لا يصمد فوق سطح الخلية، وبالتالي لا تستطيع معظم أشكال فيروس الإيدز أن تصيب الخلايا بالعدوى إن لم يكن هناك بروتين CCR5 على سطح الخلية.

يمتلك الأفراد الذين عندهم نسختان من هذه الطفرة (حيث قاموا بتوارثها من الوالدين) مناعة كبيرة تجاه الإصابة بالإيدز. ويحدث ذلك الأمر لحوالي 1 بالمئة من القوقازيين( السلالة القوقازية من البشر).

بينما إذا امتلك الفرد نسخة واحدة من هذه الطفرة فإنها تعطيه بعض المناعة تجاه المرض، وتقوم بتخفيف آثار المرض إذا ما أصيب الفرد بالإيدز بالفعل. وهذا الأمر منتشر بنسبة أكبر عن سابقه حيث يمكن ملاحظته في عشرين بالمئة من السلالة القوقازية من البشر.

حسنًا، هناك أناس إذًا يتمتعون عن غيرهم بمقاومة ومناعة طبيعية ضد هذا المرض، ولكن هذه الطفرة توجد بنسبة كبيرة في شمالي أوروبا. على الرغم من انتشار الإيدز بشكل أكبر في أفريقيا، فإنه لا تزال الطفرة المسئولة عن المناعة ضد هذا الفيروس قليلة جدًا في أفريقيا، ويعتبر ذلك بسبب حداثة فيروس الإيدز نسبيًا بالنسبة للبشر، فالفيروس لم ينتقل للإنسان من القرود إلا قبل ثمانين عامًا فقط.

لماذا زاد متوسط طول قامة الانسان مؤخرًا ؟

ولكن ماذا عن صفاتنا الطبيعية الفسيولوجية بعيدًا عن الأمراض وغيره ؟ هل تأثرت هي الأخرى بالانتقاء الطبيعي ؟هل يمكن للإنسان أن يتأثر بظاهرة الانتقاء الطبيعي ؟ في صفاته الطبيعية؟ كطول قامة الإنسان مثلًا ؟ فما نعلمه أن الإنسان كان أقصر قامة قبل ألف عام، كيف يمكن لطول الإنسان أن يزداد في تلك الفترة ؟

حسنًا، لنراجع شروط الانتقاء الطبيعي مرة أخرى، هل هناك تنوع ؟ نعم بالطبع، هل هناك توارث لتلك الصفة ؟ نعم هناك توارث، ولكن هل يفيد ذلك نوعًا ما في بقاء الأفراد الأطول قامة؟

أذهل العلماء السرعة التي ازدادت بها أطوال قامات الهولنديين، فكان الهولنديون يتمتعون بقامة قصيرة نسبيًا قبل قرن من الزمان، ولكن ما لبثوا أن ازدادت أطوال قامتهم بشكل كبير.

افترض الباحثون في البداية أن السبب قد يرجع ربما إلى تحسن ظروف المعيشة، فالطعام الغني بالبروتينات والكربوهيدرات من الممكن أن يساهم في بنية أقوى وقامة أطول، ولكن من المستحيل أن يكون ذلك هو السبب الوحيد، فقد ارتفع مستوى المعيشة نسبيًا بالنسبة لأغلب سكان قارة أوروبا، فلما يزداد متوسط أطوال الهولنديين وحدهم ؟

بالإضافة إلى ذلك، فقد أثبتت دراسة أجريت عام 2000 ونشرت في مجلة Nature أن أصحاب القامة الأطول يميلون إلى إنجاب أبناء أكثر من ذوي القامات الأقصر، ما السر إذًا ؟

حسنًا، ربما يعود السبب إلى النساء، فربما تفضل النساء الرجل الأطول. لأنهن يعتقدن أنه أكثر صحة وقوة، وبالتالي يملك الرجال الأطول فرصة أكبر في الزواج والإنجاب أكثر من ذوي القامات القصيرة. ألا يمكن لهذا أن يكون السبب الحقيقي ؟ لو كان ذلك السبب حقًا، فإن هذا النوع من الانتقاء يطلق عليه الانتقاء الجنسي، وهو نوع خاص جدًا من الانتقاء الطبيعي، وسنتحدث عنه لاحقًا في المقال التالي.

المصدر

Coursera
genetics.thetech
Theguardian
انظر أيضًا الأدلة العملية على التطور

سلسلة (التطور) – مقال (2): الأدلة العملية على الانتقاء الطبيعي

سلسلة (التطور) – مقال (2): الأدلة العملية على الانتقاء الطبيعي

ما الذي يتطلبه الانتقاء الطبيعي ليحدث؟

تحدثنا في المقال السابق عن التطور البيولوجي، وآليه حدوثه بواسطة ما يعرف بالانتقاء أو الإنتخاب الطبيعي، وفي الحقيقة فالأمر بسيط جدًا كما أوضحنا، ما أن تتوفر الشروط الثلاثة التي تحدثنا عنها، ألا وهي: التنوع، والإختيار، وإمكانية توريث هذه الصفة، فإن الإنتخاب الطبيعي يحدث بالفعل وتتطور الكائنات. ولكن قد لا يزال الأمر غامضًا بعض الشئ، وبالتالي فسيكون من الأفضل، أن نقدم مثالًا لحدوث التطور بواسطة الانتقاء الطبيعي، مثال سهل يمكننا ملاحظته حولنا بسهولة، واحد من الأدلة العملية على الانتقاء الطبيعي.

حلزون الحدائق

من منا لا يعرف الحلزون ؟ هو ذلك الكائن الذي يمكنك ملاحظته يزحف على الجدار ببطء شديد في حديقة منزلك، أو ربما بالقرب من بعض البحيرات. وتعرف بعض تلك الأنواع ب”حلزون الحدائق”، ولعل أشهرها هو الحلزون المعروف «Capea Nemoralis».

ويتميز هذا النوع من الحلزون بتعدد ألوان الدرع الخارجي له، فيمكن أن يكون ورديًا، أصفرًا، أو حتى بنيًا، وبالتالي نكون قد حققنا الشرط الأول لحدوث الانتقاء الطبيعي، هل تتذكره ؟ إنه التنوع. لننتقل مباشرةً إلى الشرط الثالث، ألا وهو إمكانية توريث تلك الصفة أو إنتقالها عبر الأجيال، ويخبرنا علماء الأحياء أن هذه صفة لون الدرع الخارجي للحلزون يتم بالفعل توريثها للأجيال القادمة من كائن الحلزون، وبالتالي فتلك الصفة موجودة في جينات هذا الكائن، وهذه الجينات مسئولة عن ظهور تلك الصفة في كائن الحلزون.

هل يمكن أن يعد حلزون الحدائق مثالًا حيًا على التطور ؟

ويكون بذلك قد تحقق شرطان من الشروط الأساسية لحدوث التطور بواسطة الانتقاء الطبيعي، ولكن هل يتحقق الشرط الثالث في تلك الحالة؟ هل هناك سبب ما يمكن أن يتسبب في اختيار وإنتقاء لون معين من ألوان الحلزون دونًا عن غيرها من الألوان؟ هل يمكن أن يتحقق الشرط المتبقي ألا وهو الاختيار؟

يقودنا هذا إلى السؤال الأفضل في تلك الحالة، هل يمكن للون الدرع الخارجي للحلزون أن يتسبب في نجاته في بعض الظروف ؟ وهل يمكن أن تكون بعض الألوان أكثر أهمية من غيرها في مسألة حياة الحلزون أو موته ؟

هل يمكن للون الدرع الخارجي للحلزون أحيانًا أن يكون الفارق بين الحياة والموت؟

“بالطبع”. هكذا يجيبنا «Menno schilthuizen»، أستاذ البيولوجيا بجامعة ليدن، “لسببين، أولهما هي درجات الحرارة العالية، ففي موسم الصيف، يمكن للحلزون أن يقضي فترات طويلة فوق النباتات تحت أشعة الشمس والتي يمكن أن تتسبب في رفع درجة حرارته بشكل مضر له.

كذلك فإن الحلزون صاحب الدرع الخارجي ذو اللون الأصفر يمكنه مقاومة الحرارة بشكل أفضل، لأن درعه يقوم بعكس أشعة الشمس الضارة أكثر من نظيره صاحب الدرع ذو اللون البني. ويمكن لذلك أن يكون الفارق بين الحياة والموت للحلزون !”

ولكن، إن كان حقًا اللون الأصفر ذو فائدة عظيمة للحلزون ويمكنه أن يمنح الحلزون فرصة أكبر في الحياة، لم لا ينقرض الحلزون صاحب الدرع ذو اللون البني ؟ أو اللون الوردي؟ لما توجد هذه الأنواع من حلزونات الحدائق طالما أنها تتعرض لا تستطيع عكس حرارة الشمس أو أشعتها الضارة؟

يتبادر هذا السؤال تقريبًا إلى أذهان كل من يقرأون عن نظرية التطور، والسبب أن هذه الألوان أيضًا (البني والوردي) تعد ذات فائدة عظيمة للحلزون ويمكنها أحيانًا أن تنقذ حياته، السر هنا يكمن في كلمة واحدة ألا وهي ( التخفي )!

يتغذى طائر «السماني المغرد-The Song Thrush» على هذا النوع من الحلزونات، فإذا ما رأى هذا الطائر الحلزون فهو يصطاده على الفور ويأكله، وبعض الحلزونات ذات الألوان المميزة يمكنها أن تتخفى بطريقة أفضل من غيرها وبالتالي تتجنب تعرضها للاصطياد، ولكن يعتمد الأمر في النهاية على مكان وجود هذه الحلزونات. ففي الحقول مثلًا أو الأراضي الزراعية ذات الغطاء النباتي الأخضر والأصفر أحيانًا، تتمتع الحلزونات صاحبة الدروع الخارجية، ذات اللون الأصفر بفرصة أكبر في النجاة، بينما تتمتع الحلزونات بنية اللون والوردية بفرصة أكبر في النجاة داخل الغابات الكثيفة والتي تكثر فيها الألوان.

هل يحدث ذلك على بالفعل على أرض الواقع؟

حسنًا، ولكن هل يحدث ذلك بالفعل على أرض الواقع ؟ هل نتوقع أن نعثر على الحلزونات الصفراء بأعداد أكبر في العشب والأراضي الزراعية، بينما سنجد أن الحلزونات البنية والوردية توجد بأعداد كبيرة في الغابات ؟ هل يعتبر ضمن الأدلة العملية على الانتقاء الطبيعي؟

نعم، هذا ما يجب أن تجده بالفعل. وعندما تجد هذه الحلزونات عزيزي القارئ، فيمكنك ساعتها أن ترى الانتقاء الطبيعي يحدث أمام عينيك، لا يتطلب الأمر السفر لآلاف الأميال أو الإنتظار لملايين السنوات حتى ترى آثار الانتقاء الطبيعي، لربما تطلب الأمر التنقل بضع خطوات بين بيئتين مختلفتين والبحث عن بعض أفراد الحلزون لدقائق.

ولكن قد لا يتوفر لدى الجميع ذلك التنوع البيئي أو العديد من أفراد الحلزون ليلاحظ مدى الفرق بينهم، ولنوفر عليك عناء البحث، فقد قام مينو وزميله دكتور «ماورين فان دير زي- Maurijn Van Der Zee» بجامعة ليدن بالبحث بأنفسهم أمام أعيننا في المساق الممتع المقدم على منصة (Coursera) المعروف بـ( Evolution Today) والذي يمكنك مشاهدته بنفسك مجانًا على الموقع، بالبحث عن أفراد الحلزون في العشب وفي الغابات، وما وجدوه كان حقًا مذهلًا، ففي العشب كان أغلب أفراد الحلزون من النوع الأصفر، بينما في الغابات يظهر أفراد الحلزون البنية والوردية بشكل أكبر.

هل يظهر الانتقاء الطبيعي بذلك الوضوح فقط في حيوان الحلزون؟

لا يقتصر الأمر على الحلزون فقط، بل يمكنك مشاهدة أثار التطور، و الكثير من الأدلة العملية على الانتقاء الطبيعي في بيئتك، يمكنك ملاحظة الكائنات التي تغير سلوكها، وبنيتها الجسدية لتتكيف مع طبيعتها وتحافظ على بقائها. ففي المقال القادم، سنحاول عرض المزيد من الأمثلة الحية على الانتقاء الطبيعي والتطور كما أننا سنبين كيف استغل الإنسان هذه الظاهرة لصالحه وأنتج لنا العقاقير والمبيدات وغيرها من الأدوية التي اعتمدت على التطور والانتقاء الطبيعي.

المصادر

Coursera
Whyfiles
انظر أيضًا ما هو الانتقاء الطبيعي؟

سلسلة التطور : الانتقاء الطبيعي

سلسلة التطور : الانتقاء الطبيعي – المقال الأول

ما هو الانتقاء الطبيعي ؟

“الانتقاء الطبيعي” هو مصطلح تم كتابته لأول مرة بواسطة «تشارلز داروين-Charles Darwin» منذ أكثر من مائة وخمسين عامًا في كتابه المعروف «أصل الأنواع-The Origins of Species». وقد يبدو هذا المصطلح غريبًا أو معقدًا للوهلة الأولى ولكنه أبسط مما تتخيل!

يجب فقط أن تتوفر لديك ثلاثة شروط، فإن توفرت لديك هذه الشروط، يمكنك ساعتها أن تشهد على حدوث التطور بواسطة الإنتقاء الطبيعي. فببساطة، ستتطور صفة معينة عن طريق الإنتقاء الطبيعي إذا ما توفرت تلك الشروط.

التنوع

أولهم، التنوع، فإن أردنا لصفة معينة أن تتطور يجب أن تتوفر فيها صفة التنوع. بمعنى، أن توجد هذه الصفة في أفراد سلالة معينة بتنوع كبير، ولكن كيف يمكن أن يحدث هذا ؟ كيف يمكن لهذه الصفة أن تكون محددة وفي نفس الوقت متنوعة بشكل كبير؟

الأمر بسيط، على سبيل المثال، طول القامة بالنسبة للبشر، فالبشر يظهرون تنوعًا كبيرًا في أطوال قامتهم. أو الاختلافات التي يمكننا رؤيتها في أجنحة الحشرات. أو أطوال رقاب الزرافات. فهي صفات محددة ومعينة في كل سلالة، ولكنها تظهر تنوعًا كبيرًا في بعض الأحيان.

الانتقاء

الشرط الثاني الذي نحتاجه هو الإنتقاء، أو الإختيار. ماذا يعني ذلك الأمر إذًا؟

لنتحدث على سبيل المثال عن صفة ” أطوال رقاب الزرافات” وإن كانت صفة لا تظهر تنوعًا كبيرًا في عصرنا هذا. إن أتينا بزرافتين، أحدهما ذكر والآخرى أنثى، وأعطيناهم كل ما يريدون لكي يعيشوا ويتكاثروا، ولنقل مثلًا أنهم أنجبوا أربعة من الأبناء.

ومن ثم تكاثرت تلك الأبناء وأنجبوا أربعًا من الزرافات الصغيرة مرة أخرى، ثم أنجبت تلك الأجيال الجديدة أربعًا من الزرافات وهكذا .. فسنجد نفسنا عاجلًا أم آجلًا ننظر لمئات ومئات من الزرافات. ولكن ببساطة لا يحدث ذلك في الطبيعة. فلا تستطيع كل الزرافات الإنجاب، يجب أن يكون هناك شكل من أشكال “الإنتقاء”.

ببساطة، لا يوجد طعام كافي في البرية لإطعام كل تلك الزرافات، الطعام المتوفر في البيئة محدود ولا بد أن تتنافس الزرافات على ذلك الطعام، لابد وأن يقع بينهم (كما صاغه داروين) “صراع على الحياة”.

الزرافات تتغذى على أوراق الشجر الموجودة على أغصان الأشجار والشجيرات. وبالتالي فمن المتوقع أن تحصل الزرافات ذات الرقاب الطويلة على غذاء أكثر من نظيراتها التي تتمتع برقاب أقصر، حيث أن الزرافات ذات الرقاب الطويلة ستستطيع الوصول لأوراق الشجر بسهولة أكبر.

وبالتالي، يمكننا استنتاج أن الزرافات ذات الرقاب الطويلة ستتمتع بفرصة أكبر في العيش والنجاة من ” الصراع على الحياة”. فسيمكنهم الوصول للغذاء بطريقة أسهل. وهذا ما نطلق عليه “الإنتقاء”.

التوارث

آخر شرط يجب توافره لتكتمل تلك العملية هو إمكانية أن تنتقل هذه الصفة إلى الأجيال القادمة بنجاح. أي أن تورث تلك الصفة في أبناء السلالة.

في مثالنا هذا، ستتمكن الزرافة الأم ذات الرقبة الطويلة من أن تتغذى على طعام أكثر من نظيراتها ذوات الرقاب القصيرة، وستتمكن من أن تنتج حليبًا أكثر من نظيراتها وبالتالي ستتمكن من أن تلد أبناءًا أكثر من نظيراتها.

حسنًا قد يبدو ذلك كافيًا إذًا لاستمرار تلك الأجيال التي أنجبتها هذه الزرافة. ولكن ما يزال هناك شرط يجب أن يستوفى لحدوث التطور، وهو أن تنتقل صفة الرقبة الطويلة إلى الأجيال التي أنجبتها هذه الزرافة بنجاح. ويبدو ذلك ممكنًا جدًا في مثالنا هذا. ويمكننا استنتاج أن الزرافات ذات الرقاب الطويلة ستربي أجيالًا ذات رقاب طويلة كذلك، وستكون لتلك الأجيال فرصة أكبر في الحصول على الغذاء من نظيراتها ذات الرقاب القصيرة، وبالتالي سترتفع فرصها في النجاة والإستمرار في الحياة لفترة أطول.

هكذا، يحدث التطور!

مع الوقت، ستنتقل هذه الصفة وتورث إلى الأجيال القادمة، وسيوجد هناك أعداد أكبر من الزرافات ذات الرقاب الطويلة وستموت الزرافات ذات الرقاب القصيرة وتقل أعدادها شيئًا فشيئًا. ومع مرور الوقت سنلاحظ أن مستوى طول رقبة الزرافة قد ازداد، لأن أعداد الزرافات ذات الرقاب الطويلة قد ازداد كذلك. وهكذا، “تطورت” الزرافات ! بتلك الطريقة يحدث التطور البيولوجي عن طريق الإنتقاء الطبيعي. فالأمر بتلك البساطة: لا بد أن تتوفر ثلاثة شروط، إذا ما توفرت تلك الشروط، حدث التطور بواسطة الإنتقاء الطبيعي.

هل يوجد دليل علمي على هذه الظاهرة؟

ولكن يبقى السؤال، هل يوجد دليل علمي على وجود هذه الظاهرة؟ هل يمكننا رؤيتها بوضوح في البيئة المحيطة بنا ؟ أم هي مجرد تكهنات وافتراضات لما يمكن أن يكون قد حدث في الماضي ؟ في المقال التالي، سنستعرض معًا أدلة علمية وأمثلة على حدوث التطور. وستتفاجأ لمعرفة أن التطور قد يكون قريب منك جدًا. بل هو يحدث الآن داخل جسدك وربما لا تدري. ولا تحتاج لعشرات السنوات لتشهد عليه، فأحيانًا يحدث التطور في فترات قصيرة جدًا تتيح لنا جميعًا أن نشهد على حدوثه.

المصادر:
Coursera
Whyfiles

الانفلونزا الإسبانية أم الأوبئة الحديثة

الانفلونزا الإسبانية أم الأوبئة الحديثة

في خريف عام 1918، بلغت الحرب العالمية الأولى منتهاها، وكانت بوادر السلام تظهر في الأفق، انضم الأمريكيون للقتال، مما كان يبشر بغلبة الحلفاء على الألمان، عاش هؤلاء الرجال في ظروف الحرب القاسية وكانت اسوأ ما يمكن توقعه قبل أن تبدأ أعراض الانفلونزا بالانتشار، لكنها لم تكن مجرد انفلونزا عادية، ربما كان وباء انفلونزا هو أكثر الأوبئة خطورة في التاريخ، فقد تجاوز عدد ضحاياها عدد الحرب العالمية الأولى بعدد قتلى حوالي 50 مليون شخص حول العالم،

ما هي الانفلونزا؟

الأنفلونزا فيروس شديد العدوى، يستهدف خلايا الجهاز التنفسي، ينتقل عبد الرذاذ الذي ينتقل عند “سعال أو عطس أو كلام”الفرد المصاب، كما ينتقل عبر ملامسة الأسطح المصابة.

موسم الانفلونزا

في الولايات المتحدة، يمتد موسم الانفلونزا بشكل عام من أواخر الخريف إلى الربيع، في عام عادي يدخل أكثر من 200000 أمريكي إلى المستشفى بسبب مضاعفات الانفلونزا، وفقا ل “مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها” (CDC). يواجه الرضع والكبار الذي تجازوت أعمارهم ال65 سنة والنساء الحوامل والأشخاص ذوي الأمراض المزمنة كأمراض القلب والربو والسكري، خطرا أكبر للإصابة بالمضاعفات المرتبطة بالانفلونزا.

أعراض الانفلونزا الإسبانية

حدثت الموجة الأولى من الجائحة عام 1918 في الربيع، وكانت خفيفة بشكل عام، وعادة مايتعافى المصابون بالأعراض المعروفة، وعموما كان معدل الوفيات منخفضا.

في خريف نفس العام، ظهرت الموجة الثانية في معسكر “ديفينز” وهو معسكر لتدريب الجيش، فإشتدت الأعراض بقسوة، تحول لون جلد المصابين للون الأزرق وامتلأت رئتيهم بالسوائل مما يسبب الإختناق، بين سبتمبر ونوفمبر بلغت الموجة الثانية للوباء ذروتها، هذه الموجة هي الأشد فتكا، وهي المسؤولة عن معظم الوفيات؛ قتل الفيروس في ذلك العام حوالي 195000 أمريكي خلال شهر أكتوبر فقط وفي غضون عام واحد فقط انخفض متوسط العمري في أمريكا 12 عاما.

في خريف عام 1918 واجهت الولايات المتحدة أزمة نقص الممرضات المحترفات كما أصدر فرع “شيكاغو” للصليب الأحمر إعلانا لطلب المتطوعين وبدأ مسؤولوا الصحة ولجان الجمعية الأمريكية للصحة العامة بحملات توعوية وبرامج تثقيفية تضمنت إرتداء الأقنعة الواقية وتنظيم ساعات فتح وغلق المتاجر وكذا إغلاق دور السينما والتنقل سيرا بدلا من استخدام المواصلات العامة، انتشرت الجائحة على مستوى العالم على مسار ناقلات البشر على طول طرق التجارة وخطوط الشحن فاجتاحت أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا وافريقيا.

ما الذي تسبب بالانفلونزا الإسبانية؟

من غير المعروف بالضبط من أين جاءت سلالة الانفلونزا الاسبانية فقد لوحظت أول مرة في أوروبا وأمريكا ومناطق من آسيا قبل الانتشار.

على الرغم من أنها لم تنحصر في مكان واحد إلا أنها أصبحت معروفة باسم الانفلونزا الاسبانية عالميا حيث تضررت اسبانيا بشدة من المرض.

ولا يزال العلماء لا يعرفون على وجه اليقين من أين نشأت الإنفلونزا الإسبانية، على الرغم من أن النظريات تشير إلى فرنسا أو الصين أو بريطانيا أو الولايات المتحدة الأمريكية.

لماذا سميت الانفلونزا الاسبانية بهذا الاسم؟

بالطبع لم تنطق الجائحة من اسبانيا على الرغم من التغطية الاعلامية لها فخلال الحرب العالمية الأولى كانت اسبانيا دولة محايدة لديها وسائل اعلام حرة تغطي الجائحة حيث كانت أول من أبلغ عنها في مدريد في أواخر مايو من عام 1918 وفي الوقت نفسه، كان لدى دول الحلفاء ودول المركز مراقبين في زمن الحرب قاموا بالتستر على أخبار الأنفلونزا للحفاظ على الروح المعنوية عالية. نظرًا لأن مصادر الأخبار الإسبانية كانت الوحيدة التي أبلغت عن الأنفلونزا، اعتقد الكثيرون أنها نشأت هناك (في غضون ذلك، اعتقد الإسبان أن الفيروس جاء من فرنسا وأطلقوا عليه اسم “الأنفلونزا الفرنسية”).

محاربة الانفلونزا الاسبانية

عندما ظهرت الانفلونزا كان العلماء والأطباء غير متأكدين من سببها أو كيفية علاجها على عكس اليوم فلم تكن هنالك لقاحات فعالة أو أدوية مضادة للفيروسات إضافة الى أن الحرب العالمية قد خلفت عجزا في المنظومة الصحية الأمريكية ونقصا في عدد الأطباء وعمال الصحة.

كذلك نقص المستشفيات مما أوجب تحويل المباني لأخرى لمستشفيات لاستقبال المرضى. وفرض بعض المسؤولون الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي وارتداء الأقنعة وإغلاق الأماكن العامة وأوقفت المكاتب حضر الكتب وعلقت لافتات تمنع البصق

متطوعوا الصليب الأحمر

نهاية الانفلونزا الإسبانية

بحلول صيف 1919 إنتهت الجائحة فمن المصابين من مات ومنهم من طور مناعة ضد الفيروس.

بعد 90 عاما في عام 2008 أعلن الباحثون اكتشاف ما جعل الانفلونزا مميتة للغاية فقد مكنت 3 جينات فيروسية من إضعاف رئتي الضحية وأنابيب الشعب الهوائية وتمهيد الطريق للالتهاب الرئوي الميكروبي فمنذ عام 1918 كان هنالك العديد من الأوبئة الاخرى على الرغم من وجود أي جوائح قاتلة تسببت جائحة أخرى في الفترة من 1957 إلى 1958 في مقتل حوالي 2 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك حوالي 70،000 شخص في الولايات المتحدة، كما قتلت جائحة أخرى من 1968 إلى 1969 ما يقرب من مليون شخص ، بما في ذلك حوالي 34000 أمريكي.

لقي أكثر من 12000 أمريكي حتفهم خلال وباء H1N1 (أو “إنفلونزا الخنازير”) الذي حدث في الفترة من 2009 إلى 2010. ينتشر وباء فيروس كورونا الجديد لعام 2020 في جميع أنحاء العالم حيث تتسابق البلدان لإيجاد علاج لـ COVID-19 وتوفير مأوى للمواطنين في محاولة لتجنب انتشار المرض ، وهو مرض مميت بشكل خاص لأن العديد من حاملي المرض لا تظهر عليهم أعراض لعدة أيام قبل أن يدركوا أنهم مصابون

عدوى فيروسية أم جرعة زائدة من الأسبرين؟

يبدو الآن أن عدد قليل من الوفيات لم يكن بسبب الفيروس، إنما بسبب عقار يستخدم في علاجه، الأسبرين! نشرت الدكتورة”كارين ستاركو” مؤلفة واحدة من الأوراق البحثية التي ترتبط باستخدام الاسبرين بمتلازمة راي، مقالاً يشير إلى أن الجرعات الزائدة من “العقار المعجزة” الجديد حينها قد يكون مميتًا ما أثار شكوك الدكتور ستاركو هو أن كميات الأسبرين غير الآمنة اليوم كانت تستخدم في الماضي بشكل عادي، إضافة إلى صعوبة التمييز بين أعراض الانفلونزا وأعراض الجرعة الزائدة من الأسبرين، لكن تظل تلك الفرضية غريبة بعض الشيء نظرًا لعدد الضحايا الضخم.

المصادر
CDC
CDC
STANFORD

هل اكتشفنا السبب الحقيقي وراء انقراض وحيد القرن الصوفي ؟

السبب الحقيقي وراء انقراض وحيد القرن الصوفي

غالبًا ما كان يتم نسب انقراض حيوانات ما قبل التاريخ الضخمة كالماموث، أسد الكهف، وحيد القرن الصوفي إلى ظهور الإنسان البدائي حول الكرة الأرضية وممارسته للصيد الجائر.

على الرغم من أن الصيد الجائر أدى إلى انقراض بعض سلالات الحيوانات، ولكن اكتشفت دراسة حديثة نشرت بمجلة «Current Biology» أن انقراض وحيد القرن الصوفي ربما كان بسبب شئ آخر: التغيرات المناخية. وعن طريق دراسة تتابع الحمض النووي المستخرج من هياكل أربعة عشر من هذه الحيوانات العتيقة، وجد الباحثون أن أعداد أفراد وحيد القرن الصوفي ظلت مستقرة وثابتة حتى بضع ألاف من السنين مضت، قبل أن تختفي تمامًا هذه السلالة من سيبيريا، في الوقت الذي يعتقد فيه أن درجات الحرارة ارتفعت بشكل غير مناسب للكائنات التي اعتادت العيش في البرد.

فهل يمكن لهذا أن يكون السبب الحقيقي وراء انقراض وحيد القرن الصوفي ؟

هل ساهم الإنسان في انقراض وحيد القرن الصوفي ؟

يقول البروفسور «Love Dalén» : “اعتقد في الماضي أن البشر قد ظهروا في شمال شرق سيبيريا منذ أكثر من أربعة عشر أو خمسة عشر ألف سنة، وهو الوقت الذي انقرضت فيه سلالة وحيد القرن الصوفي.

لكن ظهرت العديد من الاكتشافات مؤخرًا والتي أثبتت أن الإنسان ظهر قبل تلك الحقبة بزمن طويل، أشهر تلك الاكتشافات قدر ظهور البشر في ذلك المكان بأنه تم منذ حوالي الثلاثين ألف عام.

بالتالي، لم يتزامن وقت انقراض وحيد القرن الصوفي كثيرًا مع الظهور الأول للبشر في تلك المنطقة. على العكس، يمكن القول أنه في تلك الفترة ربما ازدادت أعداد أفراد وحيد القرن بشكل طفيف.”

دراسة أجريت على الأحماض النووية لوحيد القرن الصوفي

ولمعرفة المزيد حول حجم السلالة واستقرارها في ذلك الوقت في سيبيريا، درس الباحثون الحمض النووي المستخرج من الأنسجة والعظام وعينات الشعر المأخوذة من أربعة عشر فردًا من تلك السلالة.

ومن خلال النظر إلى التنوع الجيني لأحماضهم النووية، استطاع الباحثون أن يقدروا أعداد أفراد تلك السلالة لعشرات الآلاف من السنين قبل انقراضها. تقول «Edana Lord»: “استمرت هذه السلالة في العيش باستقرار حتى بعد ظهور البشر في سيبيريا، وهو ما يعارض ما يجب أن نتوقع وجوده إن ظننا أن انقراض هذه السلالة كان بسبب صيد البشر لهم.”

كما أظهرت دراسة الأحماض النووية طفرات جينية ساعدت وحيد القرن الصوفي على التكيف على الأجواء الباردة. واحد من هذه الطفرات، وهو نوع من المستقبلات الموجودة في الجلد والمسئولة عن الإحساس بالسخونة والبرودة، تم ايجاده أيضًا في الماموث.

يمكن لهذه الطفرات أن تقترح أمرًا مهمًا، وهو أن وحيد القرن الصوفي، وهو الحيوان الذي اعتاد على العيش في البرد القارس الموجود في شمالي شرق سيبيريا، ربما انخفضت أعداد أفراده نتيجة لارتفاع درجات الحرارة الذي دام لمدة قصيرة، والتي تعرف باسم«Bølling-Allerød interstadial» ، والتي تزامنت مع انقراضهم في نهاية العصر الجليدي الأخير.

ماذا نستخلص من تلك الدراسة؟

تقول «Edana Lord»  :”يجعلنا ذلك نستبعد فكرة أن الانسان سيطر على كل شئ ما أن خرج إلى البيئة المحيطة به، وبدلًا من ذلك نقوم بالتركيز على دور الطقس في انقراض حيوانات ما قبل التاريخ الضخمة، وعلى الرغم من أنه لا يمكننا استبعاد تدخل الإنسان بالكامل، إلا أننا نقترح في الوقت الحالي أن انقراض وحيد القرن الصوفي ربما كان بسبب تقلبات الجو.”

المصادر
Sci-news
Sciencedaily

اقرأ أيضًا عن نجاح الهند في إنقاذ النمور البنغالية

هل سنتمكن من حرق الدهون بدون حمية وتمارين ؟

هل سنتمكن من حرق الدهون بدون حمية وتمارين ؟

في غمرة العديد من الحميات الغذائية والأنواع اللامتناهية من التمارين الرياضية الشاقة لا بُد وأنه قد جالت في خاطرك أمنية صغيرة تأمل فيها وجود علاج سحري قادر على حرق الدهون وإنقاص الوزن وتخليصك من عبء هذه الأنظمة المستحيلة، قد تبدو هذه الأمنية خيالية وصعبة المراد ولكن يسعدنا عزيزي القاريء أن نقدم لك بصيصا من أمل وإجابة إيجابية لسؤال هل سنتمكن من حرق الدهون بدون حمية وتمارين؟

بعض المعلومات التشريحية والحيوية

قبل البدء بالحديث عن العلاج المُنتظَر لا بُد أن نوضح لك عزيزي القاريء بعض المفاهيم والتركيبات الحيوية التي ستساعدك في فهم الدراسة، دعنا أولا نوضح الفرق بين أنواع الأنسجة الدهنية في الجسم والتي تقسم إلى:

– الأنسجة الدهنية البيضاء : والتي تتلخص وظيفتها في تخزين وتحرير الدهنيات التي تمد الجسم بالوقود خلال ساعات الإنقطاع عن الطعام.
– الأنسجة الدهنية البنية : والتي تتلخص وظيفتها في المحافظة على درجة حرارة حديثي الولادة عن طريق حرق الدهون الثلاثية في عدد وافر من عضيات المايتوكندريا وذلك لإنتاج الطاقة، تحدث هذه العملية بسبب تواجد الغشاء الداخلي للمايتوكندريا الحاوي على UCP1.

Uncoupling protein 1 او UCP1 يوجد في الأنسجة الدهنية البنية وتتلخص وظيفته بفك أكسدة الأحماض الأمينية في المايتوكندريا من اجل فسفرة جزي الطاقة ATP وبالتالي إطلاقه على شكل حرارة.

تنظم عملية انتاج الطاقة عن طريق افراز النورابينفرن Norepinephrine بعد اختبار المستقبلات الحسية في الجلد ومستقبلات الحرارة المركزية لدرجة حرارة منخفضة، النتيجة بشكل أساسي تكون بتكسير وحرق الدهون الثلاثية واستخدامها كمصدر للطاقة، تعد مستقبلات بيتا ١ وبيتا ٢ وبيتا ٣ الأدرينالينية من أهم هذه المستقبلات.

دراسة حديثة

اكتشف فريق بحث وطني كيفية تنشيط الأنسجة الدهنية البنية في جسم الانسان، وهذا لربما يقود لعلاج جديد لمرض السكري من النوع الثاني والمساهمة في حرق الدهون وإنقاص الوزن والتخفيف من السمنة، الدراسة هي نتاج التعاون بين Centre de recherche du Centre hospitalier universitaire de Sherbrooke (CRCHUS) و the Novo Nordisk Foundation Centre for Basic Metabolic Research في جامعة كوبنهاجن Copenhagen university وتم نشرها في Cell Metabolism.

الدهون البنية لها قدرة على انتاج الطاقة –عملية تدعى توليد الحرارة Thermogenesis – بعد تحفيزها عند تعرضها للحرارة الباردة او إشارات كيميائية. يملك الانسان ثقل قليل من هذه الدهون البنية وقد افترض العلماء منذ فترة طويلة ان إيجاد طرق بديلة لاستخدام الدواء كمحفز للدهون يساعد على تحسين عمليات الأيض وزيادة حرق الدهون وإنقاص الوزن.

تحفيز عملية توليد الحرارة Thermogenesis عن طريق الأنسجة الدهنية البنية brown adipose tissue (BAT) لطالما كان هدف جذاب لتحسين عمليات الأيض Metabolism.

الأدوية التي تستهدف مستقبلات بيتا ٣ الأدرينالينية أعتقد أنها وسيط غير مباشر في عملية توليد الحرارة في الأنسجة الدهنية البنية لكن النتائج كانت غير مرضية بشكلٍ كافٍ، فتناول محفزات مستقبلات بيتا ٣ الأدرينالينية كدواء mirabegron تزيد من توليد الحرارة في الأنسجة الدهنية البنية عندما تعطى بالحد الأعلى من الجرعة المسموحة. وهذا يقود الى ارتباط بمستقبلات بيتا ٢ وبيتا ١ الأدرينالينية وبالتالي التأثير على جهاز الدوران وتحلل انسجة الدهون البيضاء.

اكتشف العلماء الآن أن مستقبلات بيتا ٢ الأدرينالينية Beta2 adrenergic receptors في الأنسجة الدهنية البنية هي مسؤولة عن تنشيط عملية توليد الحرارة Thermogenesis.

يرى الدكتور دينيس بلوندين Denis Blondin من CRCHUS ان النتائج تفسر سبب فشل العديد من التجارب السريرية التي كانت قائمة على محاولة حث الأنسجة الدهنية البنية على حرق الطاقة.

” ظهر لنا أنه لربما كنا نسدد هدفا في المرمى الخاطيء. مقارنة بالقوارض، فالدهون البنية لدى الأنسان تنشط عن طريق تحفيز مستقبلات بيتا ٢ الأدرينالينية، وهي المستقبلات ذاتها المسؤولة عن إطلاق الدهون من الأنسجة الدهنية البيضاء”.

ترى الأستاذة المشاركة كاميلا شيل من CBMR أن لهذه النتائج تطبيقات علاجية :

” تنشيط الدهون البنية يساعد على حرق سعرات حرارية وحرق الدهون وبالتالي إنقاص الوزن، كما أنه يحسن حساسية الأنسولين وحتى أن له تأثير بتنظيم الشهية. بيناتنا تظهر مفتاح مجهول مهمته فك وفهم العديد من الرموز حول آلية عمل العمليات سابقة الذكر عند الانسان وهذا كله سيكون مكسب عظيم للذين يعانون السمنة والسكري من النوع ٢”.

المرحلة التالية من البحث ستبدأ في الخريف القادم، وستكون منصبة على إثبات صحة النتائج وذلك باستخدام أدوية ترتبط بمستقبلات بيتا ٢ الأدرينالينية في الدهون البنية. يوضح الاستاذ اندريه كاربنتير André Carpentier من CRCHUS :

” خطوتنا القادمة ستكون استخدام دواء يحفز بشكل خاص المستقبلات في الدهون البنية وتحديد الكمية المستخدمة لحرق الدهون والسعرات الحرارية عند الانسان. عندما ننهي هذه الخطوة، سنباشر دراستنا على مرضى السكري من النوع الثاني ونحدد فيما اذا كان هذا النهج فعال في تحسين السيطرة الأيضية لدى هؤلاء المرضى.”

اقرأ أيضًا عن اللياقة البدنية والسمنة، هل يمكن وجودهما معًا؟

المصادر
https://bit.ly/3a6G20f
https://bit.ly/3ic4Wye
https://bit.ly/2PGKYPO
https://bit.ly/2DACqI2

ماذا تعرف عن أمير الأطباء “ابن سينا”؟

ابن سينا (أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا)، طبيب إيراني مسلم، من مواليد 980 وتوفي عام 1037، إحتل مكانة مرموقة في تاريخ الطب، فقد كان إبن سينا هو من وضع حجر الأساس الذي بني عليه الطب الحديث اليوم، كما كانت له مساهمات فلسفية أيضا.

حياته وتعليمه:

وفقا لما ورد في سجلات تلميذه القديم” الجوزاني” فقد حفظ ابن سينا القرآن كاملا في سن العاشرة، ثم تولى دراسة المؤلفين الهينيليين بمفرده في ال 16 من عمره، واتقن اللغة العربية وآدابها الكلاسيكية، كرس وقته لدراسة الشريعة الإسلامية والفقه والفلسفة والمنطق والعلوم الطبيعية، في سن الثالثة عشرة بدأ دراسة العلوم الطبية، في سن الثامنة عشرة ، كان طبيباً راسخاً ، وقد اشتهرت سمعته في بلاده وخارجها. ونقل عنه قوله: “الطب ليس علمًا صعبًا وشائكًا مثل الرياضيات والميتافيزيقيا ، لذلك سرعان ما أحرز تقدمًا كبيرًا، أصبح طبيبا ممتازة وبدأت في علاج المرضى باستخدام العلاجات المعتمدة، فعندما مرض سلطان بخارى بمرض حير أطباء البلاط، تم استدعاء ابن سينا لعلاجه ووفق في ذلك، وامتنانا لجهوده، فتح له السلطان مكتبة “السمانيد” الملكية  وهي كنز دفين لابن سينا ​​الذي قرأ مخطوطاته النادرة وكتبه الفريدة مما زاد من معرفته.

بدأ ابن سينا الكتابة المهنية في عمر ال21، وكتب حوالي 240 عنوانا في العديد من المجالات، كالرياضيات والهندسة وعلم الفلك والموسيقى والشعر.

التأثير في الفلسفة والعلوم

أهم عمل لإبن سينا في الفلسفة والعلوم هو ” كتاب الشفاء” وهو موسوعة من أربعة أجزاء تغطي المنطق والفيزياء والرياضيات والميتافيزيقا، وبما أن العلم مساوٍ للحكمة، حاول ابن سينا وضع تصنيف موحد واسع للمعرفة.

مكانة طب ابن سينا في إيران والعالم الإسلامي والغربي

في تاريخ الطب الإسلامي، تتألق أسماء عشرات الأطباء البارزين ومئات الأعمال الطبية لكن ابن سينا وكتاباته حظت بمكانة محددة، منذ عصر ابن سينا ​​حتى الوقت الحاضر، تم عمل أكثر من التعليقات التوضيحية ومختصرات وترجمات بلغات مختلفة لكتابه في القانون، هذه الإحصائيات غير مسبوقة بالمقارنة مع أعمال الأطباء الإسلاميين الآخرين.

لم تنتشر شهرته العلمية في إيران والعالم الإسلامي فحسب، بل ذاع صيته في العالم بأسره، فلا يزال يعرف بأنه عالم عالمي في الطب على وجه الخصوص، وعقدت مؤتمرات ومهرجانات في بلدان مختلفة خلال الفترة بين 1937-2004 وكذلك نشرت حوالي 750 مقالا وكتبا عنه بلغات أوروبية مختلفة، خلال 1906- 2006 وكذا تشكيل شبكة تعليمية وشبكة عالمية لبنك بيانات العلوم الطبية لإبن سينا بعنوان “مراكز معرفة ابن سينا” (akc)

وعلى الرغم من أن كون طب ابن سينا قائم بشكل أساسي على “أبقراط” و”جالينوس” ولكن وفقا لوجهات نظر الباحثين في تاريخ الطب، كان لابن سينا أن يتخطى كلاهما في الطب النظري والعملي وأن كتابه في القانون يطغى على جميع الأعمال العلمية السابقة، فهوالكتاب الطبي الأكثر تأثيراً الذي كتبه طبيب مسلم على الإطلاق، إنها موسوعة طبية ذات مليون كلمة تمثل تلخيصًا للطب العربي بجذوره اليونانية ، تم تعديله بواسطة الملاحظات الشخصية لابن سينا. تمت ترجمة هذا الكتاب إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر بواسطة جيرارد الكريموني. أصبح الكتاب المدرسي للتعليم الطبي في أوروبا من القرن الثاني عشر إلى القرن السابع عشر.

يعود تاريخ تدريس القانون إلى عصر ابن سينا ​​نفسه. وفقًا لتلميذه وصديقه المقرب “أبو عبيد الجوزاني” ​​، كان الطلاب يجتمعون كل ليلة في منزل ابن سينا ليدرسوا كتابه.

تشير التعليقات التوضيحية والمختصرات والترجمات والمخطوطات المتكررة إلى أن كتاب قانون الطب قد تم استخدامه ككتاب مدرسي وأن المدرسين وطلاب العلوم الطبية كانوا يولون اهتمامًا لكلية الطب في عهد ابن سينا.

مر قانون ابن سينا ب15 طبعة لاتينية ونسخة عربية واحدة مقسم الى 5 كتب احتوت العلاجات الطبية مع 760 دواء مدرج وقد خدمت اسهاماته تاريخ علم الميكروبات لاحقا.

الكتب هي:

  • الكتاب الأول:
  • الجزء 1:
  • المعاهد الطبية: تعريف الطب ، مهمته ، علاقته بالفلسفة. العناصر والعصائر والمزاج. الأجهزة ووظائفها.
  • الجزء الثاني: أسباب وأعراض الأمراض.
  • الجزء 3: الحميات العامة والوقاية.
  • الجزء 4: المداواة العامة.
  • الكتاب الثاني: في الأدوية البسيطة وأفعالها.
  • الكتاب الثالث: أمراض المخ والعين والأذن والحنجرة وتجويف الفم والأعضاء التنفسية والقلب والثدي والمعدة والكبد والطحال والأمعاء والكلى والأعضاء التناسلية.
  • الكتاب الرابع:
  • الجزء الأول: الحمى.
  • الجزء 2: الأعراض والتشخيص.
  • الجزء الثالث: عن الرواسب.
  • الجزء الرابع: على الجروح.
  • الجزء الخامس: في الاضطرابات.
  • الجزء السادس: في السموم ومستحضرات التجميل.
  • الكتاب الخامس: في تركيب الأدوية.

طبعة 1593 للطبيب المسلم ابن سينا ​​كتاب القانون 
في الطب ، وهي أول طبعة عربية تُنشر في الغرب
مكتبة رينولدز التاريخية ، مكتبة ليستر هيل ، جامعة ألاباما في برمنغهام

وثق ابن سينا ​​في كتابه بشكل صحيح تشريح العين مع وصف حالات العيون مثل إعتام عدسة العين. وذكر أن مرض السل معدي. ووصف أعراض مرض السكري ، ووصف أنواع شلل الوجه. ووصف عدة اضطرابات نفسية منها ما يسمى باضطراب الحب الذي اعتبره اضطراب الوسواس الشبيه بالاكتئاب الشديد، ووصف مريضًا مصابًا بالوهن يعاني من الحمى، وسرعان ما استعاد صحته وقوته.

 تناول ثمانية فصول في التشريح العصبي الوظيفي للعمود الفقري بما في ذلك بنية الفقرات وأجزاء العمود الفقري المختلفة والميكانيكا الحيوية.كتب مؤلفون آخرون عن مساهمات ابن سينا ​​في طب الفترة المحيطة بالولادة، بما في ذلك ربط الرضع ، وأماكن نومهم ، والاستحمام والتغذية بالإضافة إلى أسباب التشوه.،في الألفية التي ولد فيها عام 1980، نُشرت العديد من المقالات تكريما له بعدة لغات، تكريما لهذا الطبيب العظيم.

منذ النصف الثاني من القرن الثاني عشر عندما تُرجم قانون ابن سينا ​​إلى اللاتينية في طليطلة في إسبانيا ، سيطر طب ابن سينا ​​تدريجياً على جو الطب الغربي. منذ ذلك الحين ، تُرجمت معظم الأعمال الطبية لابن سينا ​​إلى لغات مختلفة ، وكُتبت أيضًا مئات الأعمال العلمية والبحثية عن طبه

كانت شهرة ابن سينا ​​وهيمنته العلمية في الأراضي الغربية لدرجة أنه تم تسميته بأمير الأطباء

 على الرغم من الحركة المعادية للعربية الإسلامية في بداية القرن السادس عشر في بعض الدول الأوروبية والمواقف المتشددة لشخصيات مثل دافينتشي وباراسيلسوس ضد طب ابن سينا ​​، كان هناك حصن قوي حول ابن سينا ​​في الغرب لم يكن أبدًا. انهار، وحتى نفوذه استمر حتى النصف الأول من القرن الماضي في بعض الدول الغربية

طبعة من طبيب إيراني ابن سينا 
القانون في الطب
مكتبة رينولدز التاريخية – مكتبة ليستر هيل -جامعة ألاباما في برمنغهام

المصادر:

britannica

ncbi

هل عانى الفايكنج من انتشار الأوبئة أيضًا ؟

هل عانى الفايكنج من انتشار الأوبئة أيضًا ؟

الجدري في العصر الحديث انتشر الجدري في الماضي من شخص إلى الآخر عن طريق قطرات الرذاذ المحملة  بالفيروس، وقتل ما يقرب من ثلث المصابين به وترك ثلث آخر بعد أن أصابه بالعمى أو أصابه بندوب لم تختفي أبدًا. مات أكثر من 300 مليون شخص بسببه فقط في القرن العشرين قبل أن يتم القضاء عليه بشكل نهائي عام 1980 بعدما بذل العالم كله جهد كبير في الحصول على لقاح مناسب. ويعتبر أول مرض بشري في التاريخ يتم القضاء عليه بالكامل ! أما الآن، فقد قام فريق من العلماء حول العالم بترتيب الجينوم (التتابع الجيني الكامل) الخاص بسلالة جديدة من فيروس الجدري،  بعد استخراجها من أسنان جماجم محاربين الفايكنج من مواقع عديدة في شمال أوروبا. في نظرك، هل عانى الفايكنج من انتشار الأوبئة أيضًا ؟ كما نعاني نحن اليوم من انتشار وباء كوفيد 19 ؟

هل حقًا عانى الفايكنج من الجدري ؟

يقول البروفسور« Eske Willerslev »مؤلف الدراسة: “لقد اكتشفنا سلالات جديدة من الجدري في أسنان الهياكل العظمية للفايكنج ووجدنا أن تركيبهم الجيني مختلف عن الجدري الحديث الذي قضى عليه في القرن العشرين. وقد كنا نعلم بالفعل أن الفايكنج تنقلوا باستمرار في أوروبا وما بعدها، والآن نعلم أنهم كانوا مصابين بالجدري. وهذا يشبه ما حدث هذا العام حيث أدى تنقل الناس بسرعة إلى انتشار كوفيد 19 بشكل كبير حول العالم كما أدى الفايكنج إلى انتشار وباء الجدري بشكل كبير نتيجة تنقلهم. إلا أنهم كانوا يستعملون السفن بدلًا من الطائرات.

“تعد المعلومات الجينية التي استطعنا استخراجها من هذه الهياكل العظمية والتي يبلغ عمرها 1400 عام مهمة جدًا لأنها تساعدنا على معرفة التاريخ التطوري لفيروس الفاريولا الذي سبب الجدري.”

التصورات السابقة عن فيروس الجدري

في مطلع القرن العشرين، تم القضاء على الجدري في معظم أنحاء أوروبا والولايات المتحدة ولكن ظل موجودًا لفترة في أفريقيا، وآسيا، وأمريكا الجنوبية. وقامت منظمة الصحة العالمية ببدء برنامج للقضاء عليه عام 1967 عن طريق تتبع ما يحدث بين الناس من اتصال جسدي أو حملات للتوعية والتواصل مع الناس بخصوص هذا المرض. ولكن يرجع الفضل في القضاء على المرض بالكامل إلى المصل الذي تم اكتشافه عام 1980.

يعتقد المؤرخين أن الجدري ربما كان موجودًا منذ 10 آلاف عام قبل الميلاد ولكن لم يكن هناك دليل حتى الآن يؤكد أن المرض كان موجودًا قبل القرن السابع عشر. وتظل الطريقة التي أصاب بها الفيروس البشر لأول مرة غير معروفة حتى الآن ولكن يعتقد (بالضبط كفيروس كورونا) أن الفيروس انتقل من الحيوانات إلى البشر.

يقول بروفسور « Martin Sikora »من جامعة كوبنهاجن: “يظل التتابع الزمني الذي انتشر من خلاله الجدري غير واضح ولكن عن طريق ترتيب التتابع الجيني لأول سلالة من الفيروس القاتل، فقد أثبتنا ولأول مرة أن الجدري كان موجودًا في عصر الفايكنج.

ومع أننا لا ندرك ما إذا كانت هذه السلالة من الفيروس قاتلة وسببت موت أفراد الفايكنج الذين عثر في هياكلهم العظمية على سلالات الفيروس، إلا أننا ندرك أن هؤلاء الأفراد بالتأكيد ماتوا وكان فيروس الجدري في مجرى دمائهم. ومن المحتمل أيضًا أنه كانت هناك أوبئة أخرى قبل ذلك الوقت ولم يكتشف العلماء أدلة بعد على وجودها.” وجد فريق الباحثين فيروس الجدري في 11 موقع دفن يعود تاريخها إلى عصر الفايكنج في الدنمارك والنرويج وروسيا وكذلك المملكة المتحدة.

هل يتشابه الجدري في عصر الفايكنج مع الجدري في عصرنا ؟

يقول « Dr Lasse Vinner »، عالم فيروسات، :فهم التركيب الجيني لهذا الفيروس سيساعدنا في فهم تطوره وتطور الفيروسات الآخرى ويضيف الكثير إلى معرفتنا مما سيساعدنا على قتال الأمراض الفيروسية المنتشرة.

تظهر النسخة الأكثر قدمًا للفيروس أكثر تقاربًا من ناحية الجينات إلى مجموعة الفيروسات « poxviruses » والتي تصيب الحيوانات أمثال « camelpox » التي تصيب الجمال، و« taterapox » التي تصيب الجربوع. فلا تتشابه هذه النسخ القديمة كثيرًا مع النسخ الحديثة للفيروس التي تطور. نحن لا نعرف كيف تطور الفيروس في عصر الفايكنج ــ فيمكن أنه كان تركيبه الجيني مختلف كثيرًا عن السلالات الحديثة التي قتلت وشوهت مئات الملايين من البشر.”

يقول « Dr Terry Jones »:”يوجد هناك الكثير من الألغاز حول « poxviruses ». وعثورنا على فيروس الجدري المنتمي لتلك الجماعة من الفيروسات بتركيب جيني مختلف في عصر الفايكنج لهو حدث مميز حقًا. فلم يتوقع أحد أبدًا أن هذه السلالات من الجدري كانت موجودة. فقد اعتقدنا لمدة طويلة أن فيروس الجدري كان موجودًا في غربي أوروبا وجنوبها تقريبًا في عام 600م.

وقد أثبتنا كذلك أن الفيروس كان منتشر بشكل كبير في شمالي أوروبا. وقد اعتقد قديمًا أن الحملات الصليبية العائدة أو أحداث أخرى كانت هي السبب في جلب الجدري إلى أوروبا، ولكن لا يمكن لتلك النظريات أن تكون صحيحة. وعلى الرغم من أن قياسنا لتاريخ الأمراض يكون غامضًا في معظم الأحيان، فإن هذا الاكتشاف يجعل وجود الجدري أقدم بحوالي ألف عام.”

تقول « Dr Barbara Mühlemann »:”تمتلك تلك السلالات العتيقة من الفيروس أحماضًا نووية تختلف كثيرًا عن النسخ الأحدث . يوجد هناك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها أن يتطور الفيروس ويتحور لكي يصبح أكثر أو أقل خطرًا. ويعد هذا لمحة مهمة إلى الخطوات التي تطور بها فيروس فاريولا ليصل لشكله الحالي.”

بماذا يمكن أن تفيدنا تلك الدراسة ؟

ويضيف د/جونز: “معرفة الماضي تحمينا في الحاضر، عندما ينقرض حيوان أو نبات، فهو لا يعود مرة أخرى إلى الوجود، ولكن يمكن أن تحدث الطفرات ويمكن للفيروسات أن تتحور حول بقايا الحيوانات والتي تعتبر مستودع طبيعي لنشوء الفيروس مما يؤدي إلى ظهور « Zoonosis ».”

وتعرف ظاهرة  Zoonosis بأنها انتشار الأمراض المعدية نتيجة انتقال الكائن المسبب للمرض من الحيوان إلى الانسان.

ويلخص « Willerslev » قائلًا: “تم القضاء على الجدري ولكن يمكن أن تظهر سلالة جديدة من بقايا الحيوانات غدًا. فما نعرفه اليوم في 2020 عن الفيروسات والكائنات المسببة للأمراض والتي تؤثر على الانسان يعد نظرة خاطفة على الأوبئة التي أمرضت الناس على مر التاريخ.”

اعداد: طاهر إسماعيل

المصدر

Sciencedaily

Nytimes

انظر أيضًا

رحلة في تاريخ علم الميكروبات

رحلة في تاريخ علم الميكروبات

علم الأحياء الدقيقة، هو علم يختص بدراسة أشكال الحياة البسيطة، التي تشمل(البكتيريا، الفيروسات، الطحالب، الفطريات، وحيدات الخلية..) حيث يهتم بدراسة بنيتها ووظيفتها، وطرق استغلال نشاطها والسيطرة عليها تحتل الكائنات الدقيقة مكانة هامة في الحياة اليومية ودورا أساسيا في الأنظمة البيئية، فهي تتواجد بوفرة في الهواء والتربة والماء، كما تغطي الأسطح الداخلية والخارجية لجسم الإنسان، ورغم أنها كائنات لاترى بالعين المجردة إلا أنها تترك تترك آثارا واضحة على وجودها في بعض الأحيان بتأثير سلبي كتحلل المواد والآصابة بأمراض أو بشكل إيجابي كتخمر الخبر ونكهة الجبن بالاضافة الى دورها الفعال في النظام البيئي والئي يتمثل في تفكيك بقايا الكائنات الحيوانية والنباتية بعد موتها وتحويلها الى مواد أبسط يمكن للكائنات الأخرى الاستفادة منها.

كيف بدأ علم الميكوربيولوجي؟

بدأت الفيزياء في العصور القديمة، والرياضيات قبل ذلك حتى، ولكن التعرف على الكائنات الدقيقة بدأ منذ أواخر القرن ال19، فحتى ثمانينيات ذلك القرن، مازال الناس يؤمنون أن المرض ناجم عن الخطايا والروائح الكريهة والأرواح الشريرة، ورغم تواجد مفهوم العدوى آنذاك، إلا أنه لم ينسب لكائنات حية صغيرة. جالينوس (طبيب إغريقي من بيرغامون 129-216) إعتقد أن الأوبئة سببها الروائح التي نتجت من تحلل المواد العضوية فتكون أمراض مثل الكوليرا والكلاميديا والطاعون الدبلي، على الرغم من أن الفكرة خاطئة لكنها حفزت على تحسين الممارسات الصحية، وشجعت على بناء قنوات المياه العذبة و قنوات الصرف الصحي، مما وقى الرومان آنذاك من الأمراض التي تنقلها المياه.

تمت بالفعل مناقشة وجود كائنات حية دقيقة قبل عدة قرون من إكتشافها، كان العالم الروماني”ماركوس تيرينتيوس فارو” أول من عرف بإقتراح إمكانية إنتشار المرض بواسطة كائنات غير مرئية، ففي كتابه يحذر من السكن بالقرب من المستنقعات خشية الإصابة بأمراض بواسطة الكائنات الدقيقة التي تطفو في الهواء وفوق الماء، في 1020 إفترض إبن سينا أن السل وأمراض أخرى قد تكون معدية، وفي عام 1546 إقترح “جيروملامو فراكاستورو” أن الأوبئة ناجمة عن كائنات تشبه البذور يمكنها أن نتقل العدوى عن طريق الإتصال المباشر أو غير المباشر أو عن طريق مسافات طويلة أما أبقراط فقد كان يعتقد أن المرض ناتج عن إختلال في توازن الأخلاط(السوائل الحيوية) في الجسم وهم: الدم، والصفراء، والسوداء، والبلغم.

كل هذه الأفكار ظلت آنذاك مجرد فرضيات لإفتقارها للمجهر الذي يوفر ملاحظتها ووصفها بشكل دقيق، وكان روبرت هوك ( عالم انجليزي من القرن ال17) أول من استخدم العدسة لمراقبة الكائنات الدقيقة ( أو ما أسماه هو، الحبيبات الحيوانية) في عام 1676 كان أنتوني فان ليونهوك(1632-1723) من أوائل الأشخاص الذين اطلعوا على الكائنات المجهرية باستخدام مجهر من تصميمه الخاص. قضى ليونهوك معظم أوقات فراغه في ابتكار مجاهر بسيطة، فقد قام ببناء أكثر من 250 مجهرا صغيرا بإمكانه تكبير من 50-300 مرة، وكان أول شخص يصف البكتيريا ووحيدات الخلية بدقة، وبسبب اسهاماته غير العادية أعتبر “أبو علم الميكروبيولوجي” و “علم الأوليات”.

الجيل العفوي:

نشر الفيلسوف اليوناني أرسطو (384-322 قبل الميلاد) كتابات ذكرت كيفية نشوء بعض الكائنات الحية من خلال مواد غير حية ، من خلال ملاحظة بعض الظواهر منها :ظهور اليرقات في اللحوم المتعفنة وظهور البراغيث في الغبار. على هذا الأساس إفترض أرسطو أنه إذا كان للمادة غير الحية جوهر روحي أو حرارة فإن الكائنات الحية ستنشأ عليها طالما توفرت الظروف الملائمة، واستمرت هذه الفرضية لآلاف السنين. وعندما تم التسليم بوجود كائنات حية دقيقة، اعتقد معظم علماء العصر بإمكانية نشوء هذه الكائنات عن طريق ما يسمى بالتولد التلقائي، فعلى الرغم من غرابة هذه الفكرة، فنحن بحاجة إلى أن نتذكر أنهم كانوا يعرفون فقط ما يعرفونه، أي أن الفكرة إستنتاج مبنية على بعض الملاحظات أي تفتقر إلى المنهج التجريبي. وقد تنوعت آراء العلماء آنذاك بين معارضة وتقبل للفكرة.

العصر الذهبي:

لويس باستور

بدأ العصر الذهبي لعلم الأحياء الدقيقة بعمل “لويس باستور” و”روبرت كوخ” في معهد أبحاث خاص بهم وقد تلقى ذلك قبولاً من المجتمع العلمي في جميع أنحاء العالم. أخيراً وضع العالم الفرنسي”لويس باستور” مفهوم الجيل العفوي ضمن مجموعة من التجارب حيث قام بغلي المرق في قارورة ذات رقبة مستقيمة وتركها معرضة للهواء، فكانت النتيجة نمو الميكروبات، وفي جهة أخرى أعاد نفس التجربة باستعمال قارورة ذات عنق معقوف، يمنع دخول جزيئات الغبار من الهواء إلى القاروة فكانت النتيجة سلبية، أثبت باستور في تجربته أن الكائنات في الغبار هي التي تنمو في المرق، إضافة إلى تجربته التي جسد فيها فكرة “لازارو سبالانزاني” التي نصت أن غليان المرق يؤدي قطعاً إلى موت الكائنات الموجودة فيه وهذا مالايترك مجالاً للشك أن الكائنات أتت من الخارج، وبهذا أنهى باستور عام 1858 الجدل القائم حول فرضية الجيل التلقائي، كما وجد أن تخمير الفاكهة وإفساد النبيذ ناتج أيضا عن الميكروبات. اقترح باستور في عام 1862 أن التسخين المعتدل عند 62.8C° لمدة نصف ساعة كاف للقضاء على الكائنات المضرة دون تغيير طعم المنتج، وسميت العملية بالبسترة من حينها عرف باستور بإسم أبو علم الأحياء الدقيقة ووالد علم الجراثيم.

“روبرت كوخ”

في نفس الوقت الذي كان فيه باستور يقوم بتجاربه، كان في الجانب الآخر طبيب يدعى “روبرت كوخ”يعمل على اكتشاف بعض الأمراض الحيوانية الخطيرة مثل الجمرة الخبيثة،السل. فقدم أول دليل مباشر على دور البكتيريا في التسبب بالأمراض وفي عام 1876 أتقن تقنية عزل البكتيريا في مزارع نقية، كما قدم استخدام أوساط المزارع الصلبة عام1881 واستخدام الجيلاتين كعامل صلابة في 1882 وفي عام 1884 اقترح مسلمة كوخ وهي حجر أساس لنظرية الجرثومة ولاتزال تستخدم ليومنا هذا لإثبات مسببات الأمراض المسلمات الأربع لكوخ:

1. يمكن العثور على الكائن الحي المسبب للمرض في الأفراد المرضى لا الأصحاء.

2 .يمكن عزل الكائن الحي وتنميته في مزرعة نقية

3. يجب أن يسبب الكائن الحي المرض عندما يتم إدخاله إلى فرد سليم.

4. يجب استعادة الكائن الحي من الحيوان المصاب وإظهار أنه نفس الكائن الذي تم إدخاله.

أسست الجهود المشتركة لباستور وكوخ نظرية جرثومة المرض وهي تنص أن الكائنات الدقيقة هي سبب المرض وبدأ علم الميكروبيلوجي يساهم بشدة في تطور الكثير من نواحي الطب وخدمة الصحة مثل:

1. التطور في الطب والجراحة:

معرفة العلماء أن الميكروبات مسبب المرض حسن من المارسات الطبية بشكل واضح، فقد ساهمت تقنية المعقمات وكذا غسل البدين والحجر الصحي للمرضى بتحسين مستوى الطب وجعلت المستشفيات مكانا للعلاج بدلا عن الموت. ساهم الجراح الإنجليزي” اللورد جوزيف ليستر” بإبتكاره البارز وهو العلاج المطهر للوقاية من التهابات الجروح وعلاجها، بعد أن استنتج أن الميكروبات هي سبب الإلتهابات. في1867 طور نظاماً للجراحة المطهرة عن طريق منع الميكروبات من دخول الجروح عن طريق تطبيق “الفينول” على الضمادات الجراحية، كما ابتكر طريقة لتدميرها بواسطة رش غبار من “حمض الكربوليك”. بفضل هذه المساهمات التي يتم اعتمادها حتى الآن، أُعتبر “جوزيف ليستر” أب الجراحة المطهرة.

2. تطوير اللقاحات:

تم اكتشاف التعقيم قبل نظرية الجراثيم لكن لم يتم فهمه بالكامل حتى وقت باستور، في أواخر القرن ال18 استخدم الطبيب إدوارد جينر القيح من قشور الجدري لدى البقر لتلقيح الناس ضد الجدري. في وقت لاحق تم تحقيق أهمية “جينر” التجريبية من قبل باستور الذي طبق بعد ذلك هذا المبدأ على مرضى الجمرة الخبيثة، كما سار باستور نحو خدمة الانسانية عن طريق صنع لقاح لداء الكلب، عمل مبدأ العلاج الوقائي لداء الكلب بشكل كامل والذي وضع حجر الأساس لبرنامج التحصين الحديث لبعض الأمراض المروعة كالخناق والكزاز وشلل الأطفال …إلخ. اقترح “إيلي ميتشنيكوف”(1845-1916) نظرية بلعمية المناعة في 1883عندما اكتشف فعالية الكريات البيضاء في المناعة ضد الأمراض عن طريق ابتلاع مسبباتها الميكروبية

3. عصر البيولوجيا الجزيئية :

بحلول نهاية عام 1900 نما علم الميكروبات وأصبح متفردا كفرع في مجال علم الأحياء الأكثر شمولاً. وقد قدمت البساطة النسبية للميكروبات وعمرها القصير والتجانس الوراثي نموذج مثالي لأدوات لدراسة التعقيدات البيولوجية والكيميائية والفيزيولوجية المختلفة. فخطا مجال البيولوجيا خطوات كبيرة في فهم النظام الجيني وعملياته بفضل الميكروبات، لأنه طالما اعتاد العلماء على إجراء هذه الدراسات على الخلايا الحيوانية والنباتية التي تبدو في غاية التعقيد مقارنة بالميكروبات.

مصادر (رحلة في تاريخ علم الميكروبات):

Britannica

scientist cindy

microbe notes

bio libretexts

المزيد:

اللقاحات، إلى أين تعود أصولها؟ وهل شكل الجدري بداية عصرها؟

ما هي الطريقة التي اعتمدها المصريون القدماء للولادة؟ ولماذا؟

كان المصريون القدماء بارعين بالطب، وصنعوا الأدوية واخترعوا أدوات طبية كثيرة منها كُرسي الولادة ولكن ما هي الطريقة التي اعتمدها المصريون القدماء للولادة؟ ولماذا؟ ما هو كرسي الولادة وكيف يُستخدم ولم اختاروا وضع القرفصاء للولادة؟

برع المصريون القدماء بالطب ومن التخصصات التي برعوا فيها تخصص أمراض النساء والتوليد؛ حيث عُثر على برديات توضح تفاصيل لنوع الجنين وعلاج واختبارات لتأخر الإنجاب مثل بردية “كاهون” وبردية “برلين”. واهتم المصريون القدماء بالولادة ويظهر ذلك من خلال بعض اللوحات الحجرية التي توضح الطريقة التي اتبعوها في كيفية الولادة والتي تتخذ المرأة فيها وضع القرفصاء مرتكزة على ركبتيها ومباعدة بين ساقيها وأحياناً ممسكة بجذع نخلة لتحدث فراغ يسمع بوضع المولود.

تاريخ كرسي الولادة

أول ظهور لمثل هذا النوع من كرسي الولادة كان بالأسرة السادسة (2150-2323 ق.م) وظهر بشكل بسيط على هيئة قالبين من الطوب اللبن تضعهما المرأة تحت قدميها وتساعدها إمرأة آخرى بالوقوف أمامها لتلتقط المولود.

معبد حتحور، الدندرة، مصر
امرأه تلد وبجانبيها الآله حتحور والآله تويرت وهما آله الخصوبة والولادة
معبد كوم امبو، اسوان، مصر

تظهر هذه المرأة وهي تضع قالبين من الطوب وتتخذ وضع القرفصاء ثم تطور بعد ذلك وتم توصيل اللبنات بأُخريات وتمت إضافة صف من الطوب اللبن خلف ظهر المرأة بالإضافة إلى القالبين اللذين تحت قدميها وأصبح شكله يشبه المقعد الحديث إلى حد كبير وظهر كرسي الولادة في معابد مصرية كثيرة على شكل نقوش على جدرانها واتخذ اشكال مختلفة. وتوجد لوحات حجرية كثيرة مماثلة لكرسي الولادة مثل لوحة الولادة المقدسة للملك أمنتحتب الثالث الموجود بمعبد الأقصر بغرفة الولادة.

كرسي الولادة الذي يوجد بمتحف الدكتور نجيب محفوظ

ولم يقف تطور كرسي الولادة بعد ذلك عند هذا الحد حيث أصبح مريحاً أكثر واتخذ شكل الكرسي الطبيعي، ففي متحف “جاير أندرسون” بالقاهرة يوجد كرسي خشب بذراعين وأرجل يحتوي على مقعدة خشب مستطيلة ومفرغة على هيئة حدوة الفرس من المنتصف ليخرج منه الجنين، وأيضاً بمتحف الدكتور نجيب باشا محفوظ في القصر العيني بالقاهرة توجد نسخة من كرسي الولادة حيث اتخذ شكل الكرسي الكامل ذي الذراعين والأربع أرجل والظهر لكنه مفرغ بشكل بيضاوي من المقعدة حتى يتم وضع الجنين بسلام والجدير بالذكر أنه كان يستخدم حتي القرن التاسع عشر واتخذ أشكال مختلفة وأحجام مختلفة لتناسب أحجام الأمهات فيوجد منه من كان له مفصلات ليمكن طيه وإعادة فتحة وتثبيته لحظة الولادة.

لماذا أختار المصريون وضع القرفصاء بدلاً من وضع الإستلقاء للولادة؟

أثبتت الكثير من الدراسات الحديثة أن الأوضاع المستقيمة رأسيًا مثل وضعيات الوقوف والجلوس والقرفصاء هم الأفضل لوضع المولود ويرجع ذلك لعدة أسباب منها:

1-تُساعد الجاذبية في وضع القرفصة أو الوقف من تحرك الجنين من الرحم إلى أسفل الحوض لإتمام عملية الولادة.
2-يعمل وضع القرفصاء على توسيع حوض الأم أكثر لنزول الجنين بطريقة سريعة مع دفعات بسيطة منها.
3- يُقلل وضع القرفصاء من الآلام التي تُصي الأم بعد عملية الولادة منها آلام الظهر والذي يساعدها على التعافي أسرع بعد وضع المولود.

على العكس يكون وضع الإستلقاء؛ حيث يكون دون مساعدة الجاذبية وتضطر الأم للدفع لفترات طويلة حتى يتم نزول المولود، أيضا يتم التحميل أكثر على ظهر الأم في الولادة حيث تتحمّل فقرات الظهر وزن الجنين والدفعات ويزيد هذا من الآم مابعد الولادة. وكانت الأوضاع الرأسية هي الأكثر شيوعاً للولادة، لكنها انقرضت حديثاً لأنها متعبة جداً على الأم أثناء عملية الولادة.

مصادر مقال: “ما هي الطريقة التي اعتمدها المصريون القدماء للولادة؟ ولماذا؟”
NCBI
PubMed

ليست جميع الفيروسات سيئة، يمكن لبعضها حماية صحتنا

ليست جميع الفيروسات سيئة، يمكن لبعضها حماية صحتنا

عندما نتكلم عن الفيروسات دائما ما يتبادر إلى أذهاننا ما تسببه من أمراض خطيرة، هذا صحيح، فلطالما عُرفت الفيروسات بطبعها العدواني والممرض، فمعظمها لها علاقة ممرضة مع المضيف، يمكن أن يأخذ ذلك شكلَ نزلة برد، أو قد يصل إلى ماهو أسوأ من ذلك، لكن في الواقع ليست جميع الفيروسات خطرة على الانسان، على العكس، فبعضها مهم إلى درجة استحالة الحياة دونها.

يحمل الجسم البشري عدداً كبيراً من الميكروبات المعروفة باسم« الميكروبيوم-microbiome» والتي يفوق عددها عدد الخلايا والجراثيم البشرية معًا ب10 أضعاف.
ولقد مكنتنا التكنلوجيا الحديثة من فهم المزيد عن تعقيدات هذه المجتمعات الميكروبية، فبالإضافة إلى البكتيريا النافعة، نعلم الآن أن هناك فيروسات مفيدة موجودة في الأمعاء والجلد وكذلك الدم.
إن فهمنا لهذه الفيروسات مازال في بدايته، رغم ذلك فقد مكننا من اِمتلاك إمكانات هائلة تساعدنا على فهم الإلتهابات الفيروسية، وكذا كيفية مكافحة الأمراض الخطيرة، كما تساهم في تطوير الجينوم البشري والعلاجات الجينية.

العدوى الفيروسية النافعة:

يمكن أن تضمن بعض أنواع العدوى الفيروسية المبكرة تطورَ الجهاز المناعي البشري، فتحفيز الجهاز المناعي بواسطة الفيروسات بمستويات منحفضة، كافٍ لتطوير مقاومة للعدوى الأخرى.
على سبيل المثال، يمكن لفيروسات “الهربس” غير المصاحبة بأعراض، أن تساعد الخلايا المناعية في التعرف على الخلايا السرطانية والخلايا المصابة، وكذلك الأجسام الغريبة الأخرى.

وكمثال آخر، فيروس إلتهاب الكبد”gbv-c” غير الممرض وغير المصاحب بأعراض، فقد أثبت دراسات متعددة أن مرضى فيروس نقص المناعة البشرية المصابون بفيروس “gbv-c” يعيشون لفترة أطول ممن لا يعانون منه، فالفيروس يعمل على إبطاء تقدم المرض عن طريق كبح عمل المستقبلات الغشائية التي تسمح بمرور فيروس ال”HIV” إلى الخلية المضيفة، كما يشجع على إفراز بروتينات “الانترفيرون” و”السيتوكينات” التي تحفز الاستجابة المناعية.

آكلات البكتيريا :

وهناك فيروسات «العاثيات البكتيرية-bacteriophages» هي فيروسات تعتمد في دورة حياتها على مضيف بكتيري محدد، فهي من أكثر الكائنات شيوعا على سطح الأرض، وتتواجد منها المليارات في أمعاء الانسان، حيث تقوم بحمايتها ضد العدوى البكتيرية.
هذه الفيروسات ليست مهمّة فقط لصحة الانسان، يمكن أن تقدَّم كذلك كبديل فعّال عن المضادات الحيوية، بالنسبة للاشخاص المصابين بنوع متعدد المقاومة من البكتيريا.

ولأن الفيروسات كائناتٌ بسيطة، سهلة التعديل مقارنة بالكائنات الأخرى، فهي مفيدة جدًا في مجال البحث العلمي، ومن الأمثلة على ذلك:

الزراعة:

يمكن استخدامها في مجال الزراعة كبديل للعلاج الكيميائي ضد مسببات الأمراض النباتية، هذا ليس فقط أفضل للبيئة بل هو أكثر فعالية من الطرق التقليدية.

الطب:

سمحت المعرفة بآليات التكاثر الفيروسي بتعديل الفيروس لأغراض طبية مختلفة، وقد تمت دراسة العديد من الفيروسات المختلفة لتطبيقات تقنية النانو، فعلى سبيل المثال، تم تكييف قدرة الفيروسات على إدخال محتوياتها في سيتوبلازم وأنوية الخلايا المستهدفة للعلاج الجيني، لاِستخدامها في استنساخ الحمض النووي، من أجل توفير إمكانات لعلاج أمراض معينة.

حقيقةً لقد اعتاد علماء الفيروسات البحثَ حول الفيروساتِ الممرضةِ والمميتةِ فقط، (ومؤخرا فقط بدأت مجموعة صغيرة من الباحثين الجريئين في البحث حول الفيروسات الضرورية للحياة)، كما لازال الكثير من الناس لايدركون الدورَ الذي تلعبه الفيروسات في دعم الحياة على الأرض، فقد اعتادوا التركيز على الجانب السيئ منها فقط، ولو كانت إبادة جميع الفيروسات خيارًا متاحًا لاختاره الغالبية دون تفكير، يقول توني غولدبيرغ- عالِم الأوبئة في جامعة ويسكونسن ماديسون-: “إذا اختفت جميع الفيروسات فجأة ، فسيكون العالم مكانًا رائعًا لمدة يوم ونصف تقريبًا، ثم نموت جميعًا – هذه هي الحصيلة النهائية”

مصادر (ليست جميع الفيروسات سيئة، يمكن لبعضها حماية صحتنا):

the conversation

nanotech

micropia

NCBI

BBC

Exit mobile version