Ad
هذه المقالة هي الجزء 7 من 18 في سلسلة مقدمة في التدريس للبالغين

حتمًا قابلت ذلك الصديق الذي لا يستطيع حساب ثمن الإفطار، ولا يستطيع حساب المتبقي. كما أنه لا يستطيع تقدير المسافات، فتكون له مسافة خمسة كيلوات “قريبة بالطبع!”، أو مسافة الخمسين متر غير مفهومة ومُتصوّرة. وبالتأكيد تعرف ذلك الطفل الذي يكره الحساب بشدة؛ لأنه يعاني بشدة في فهم المسائل الرياضية ويأخذ الكثير من الوقت لحلها، ولا أعني هنا القسمة المطولة على وجه الخصوص! بل يكون هذا نمطًا على البسيط من المسائل في هذه السن مثل معرفة أي رقم أكبر من الآخر. يعرّف الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية هذه الظاهرة باسم عسر الحساب (بالإنجليزية: Dyscalculia)، وهو ضعف عدديّ يصنّف ضمن صعوبات التعلم [1]. يؤثر عسر الحساب على القدرة على تعلم الحساب والرياضيات في شخص يتمتع بذكاء عادي. يٌشار إلى عسر الحساب كذلك بأسماء مثل: “صعوبة تعلم الحساب”، “القلق من الحساب”، “عسر قراءة الحساب”. [5] [2] [1]

أعراض عسر الحساب

على الرغم من أن عسر الحساب يظهر جليًا في مرحلة الطفولة، إلا أنه لا يُشخّص ويستمر للبلوغ. ويبقى السؤال: كيف نعرف أن الطفل يعاني من عسر الحساب؟ 

تتطور الأعراض في حدتها مع كل مرحلة عمرية ينتقل إليها الطفل.  [3][2]

في مرحلة الطفولة المبكرة:

  1. صعوبة في تعلم العد.
  2. صعوبة في ربط ما يمثله الرقم مع الرقم ذاته، فيكون الرقم فكرة مجرّدة. إذ لا يربط بين الرقم 5 و 5 تفاحات، أو 5 أقلام مثلا.
  3. صعوبة في تقدير الأكبر والأصغر، أو الأطول والأقصر. [5]

في مرحلة الدراسة الابتدائية:

  • صعوبة أداء العمليات الحسابية مثل: جمع الأرقام، أو طرحها، أو ضربها، أو قسمتها، أو عملها بطريقة خاطئة مؤدية لنتائج غير متسقة.
  • صعوبة تذكر روابط الأرقام المعروفة، حتى التي تعرّض لها مئات المرات مسبقًا، مثل: 3+2=5.
  • الحاجة المستمرة إلى الاعتماد على الأصابع عند الحساب، في السن الذي يتوقف أقرانه عن القيام بذلك.
  • صعوبة في أداء الحساب العقلي.
  • صعوبة في فهم قواعد الرياضيات، أو حفظ الحقائق والصيغ الرياضية مثل جدول الضرب.
  • صعوبة تذكر/إدراك أن 2+3 هي نفسها 3+2 أو أن 3/6 هي نفسها 1/2.
  • صعوبة في ترجمة الأرقام إلى قيمها المكانية، فلا يعرف أيهما أكبر: خمسمائة ألف أم مليونان.

في مرحلة الدراسة المتوسطة والثانوية:

  1. صعوبة قراءة الساعة ذات العقارب.
  2. صعوبة في فهم المعلومات في المخططات البيانية.
  3. صعوبة في تذكر طرق مختلفة لإيجاد الحل لنفس المطلوب، فلا يستطيع مثلًا ضرب طول ضلع المربع × 4 ليأتي بالمحيط، فتراه يجمع كل أطول أضلاع المربع، وهي الطريقة البدائية.
  4. صعوبة حل المعادلات والمسائل التي تتطلب خطوات متعددة.
  5. صعوبة تخيل الأوزان والأحجام في مواد بسيطة مثل السوائل.

عند البالغين:

  1. صعوبة تطبيق الحساب في الحياة العامة.
  2. بطء في أداء العمليات الحسابية الذهنية، وغالبًا ما ينتهي الأمر بأبسطها، كالجمع مثلًا.
  3. ضعف في مهارات الحساب العقلي.
  4. صعوبة تقدير المسافات بالأرقام.
  5. صعوبة تحديد الاتجاهات.

الأسباب

لا يعرف الباحثون بعد على وجه اليقين سبب عسر الحساب. ولكن كما هو الحال مع صعوبات التعلم الأخرى، يعتقَد أن مجموعة من العوامل الوراثية والبيئية تلعب دورًا مؤثرًا في الإصابة بهذا العسر. يواصل الخبراء محاولة إيجاد الفروق بين أولئك الذين تنشأ مشاكلهم مع الرياضيات من عسر في عمليات المعالجة الدماغية، وأولئك الذين ترتبط مشاكلهم بعوامل مثل سوء التدريس أو الفقر والحرمان. وقد يصاب شخص ما بعسر الحساب نتيجة إصابة في الدماغ أو سكتة دماغية. ينشأ هذا النوع من الاضطراب عادةً من تلف الفص الجداري للدماغ (بالإنجليزية: acalculia).[2]

وبالتأكيد يزيد القلق من الحساب من صعوبة التعلم هذه إن وجدت، ولكن لا يُشخص الشخص القَلِق من الحساب باضطراب عسر الحساب. وقد يكون القلق من الحساب خطرًا، بل من الممكن أن يؤدي إلى تجنّب الشخص لكل الأنشطة التي تتضمن مسائل حسابية/رياضية؛ إذ يحفّز هذا النوع من القلق المراكز الدماغية المسؤولة عن الشعور بالألم الجسدي والتهديد. [4] [2]

كيف للمعلم أن يتعامل مع المصابين بعسر الحساب؟

تتدرج حدة صعوبة التعلم هذه حسب السن. تختلف طرق التعامل مع المصاب بعسر الحساب داخل الصف وخارجه؛ إذ تتباين المرونة العقلية حسب التطور العمري. وهناك العديد من التطبيقات التي يستطيع المعلم استخدامها لتساعده في التغلب على هذا العسر.

في مرحلة الطفولة المبكرة

  • إحدى الأفكار العملية للمعلمين لمعالجة عسر الحساب هي استخدام أساليب التعلم الحسية، والتي تشرك حواسًا مختلفة لمساعدة الطلاب على فهم المفاهيم الرياضية. فمثلًا، يمكن أن يستخدم المعلم كرات الخزف أو الخرز أو المعدادية (الأباكوس) لمساعدة الطلاب على العد، وبذلك يساعدهم في تصور وفهم الأرقام والعمليات.
  • للعمليات الحسابية، أطلب منهم عد العصافير/القطط بالخارج، واطلب منهم كذلك استخدام أصابعهم في العد. وبينما هم يعدون، اسألهم كم عصفورًا حتى الآن؟ وإن طار عصفورًا، اسألهم: كم تبقى من العصافير على الشجرة؟ واطلب منهم استخدام الأصابع لعملية الطرح هذه. وهكذا.
  • تقسيم الموضوع/المفهوم في صورة وحدات مع التطبيق على كل وحدة لتثبيت المفهوم المطلوب.

في مرحلة الدراسة الابتدائية

  • ساعد الطالب على تصور الأشياء في سياق واقعي، فإذا كان الطفل يتعلم الكسور مثلًا، فالأفضل أن تمثلها بتقطيع تفاحة مثلًا، للنصف ثم للربع، ثم لثمانية قطع، ليفهم أن 4/8 هي نفسها 1/2.
  • وفي تعلم الهندسة مثلًا، فيمكنك أن تسألهم إيجاد الأشكال الهندسية التي يرونها حولهم، وفي الكتاب، أو في الغرفة، أو في بيوتهم.
  • إذا كان يتعلم العمليات الحسابية، فيمكن أن يؤدي هذه العمليات عمليًا في الأموال بشكل عام، ومصروفه الشخصي بشكل خاص.
  • التدرب على نفس نوع المسائل الحسابية مرات متكررة، مثل الجمع، والطرح، والضرب، والقسمة.

للمرحلة المتوسطة والثانوية

  • على المعلم تمثيل المعادلة الرياضية بشتى الطرق، فيكتبها ليتخيل الطلاب العلاقة بين العناصر، ويرسمها ليساعدهم في استيعاب المفاهيم التي تحتويها.
  • ربط هذه المفاهيم باهتماماتهم وتخيلاتهم عما حولهم.
  • تقسيم المعادلات لخطوات أصغر مع التأكد أنهم استوعبوها. بالإضافة إلى ضمان الانتقال السلس بين الخطوات. فلا يتفاجؤ بكونه في الخطوة الأخيرة بينما هو مازال مركّزًا فيما كان يجري في أول خطوة.

نصائح عامة:

  • استخدم الألعاب الإلكترونية في تيسير الحل والتطبيق لجعله شيقًا وحيويًا. ومن ضمن المواقع التي توفر مثل هذه الألعاب: Mathsframe، وadaptedmind، وmathgames
    يوفر موقع ماث جيمز، لوحة تحكم للمعلم ليتابع تطور طلابه، بالإضافة إلى الواجبات المنزلية.
  • على المعلم توفير وقت إضافي للطلاب لإكمال مهام الرياضيات، والسماح باستخدام التكنولوجيا المساعدة مثل الآلات الحاسبة أو برامج الرياضيات.
  • ننصح بتخصيص ألعاب مثل: «بينجو» حسب المرحلة الدراسية. فيمكن مثلا أن يلعبوا بينجو بالضرب والطرح لتعزيز السرعة، ويمكن أن يلعبوها بالجذور التربيعية والتكعيبية في المرحلة المتوسطة.
  • كما يمكن تخصيص لعبة مثل «بوم» لتطبيق مضاعفات الأعداد. في لعبة بوم، يقف الطلاب في دائرة ويصفقون على أيدي بعضهم بالدور وهم يعدون 1، 2، 3.. فإذا كانت اللعبة على مضاعفات العدد ثلاثة، فإن على من دوره العدد 3 أو مضاعفاته أن يقول «بوم»، هكذا: 1، 2، بوم، 4، 5، بوم

المصادر:

  1. The dyslexia Association
  2. Dyscalculia
  3. When 1 + 1 = 5: Dyscalculia and Working Memory
  4. When math hurts: Math anxiety predicts pain network anticipation of doing math
  5. Dyscalculia: A Specific Learning Disability Among Children
  6. Twinkle
  7. Dyscalculia.org
  8. Mathematics and Learning Disabilities
Eman Elbehiry
Author: Eman Elbehiry

مدرس ومحاضر لغة إنجليزية بمدينة زويل، شغوفة بالتدريس، واللغات، والتصوير الفوتوغرافي.

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


فكر علم رياضيات تعليم غير مصنف علم الإنسان

User Avatar

إيمان البحيري

مدرس ومحاضر لغة إنجليزية بمدينة زويل، شغوفة بالتدريس، واللغات، والتصوير الفوتوغرافي.


عدد مقالات الكاتب : 20
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *