ما العلاقة بين الثناء وتطوير النرجسية لدي الأطفال؟

من منا لا يحب أن يُشعر ابنه بأنه مُميز، مانحًا إياه جرعات الثناء من حين لآخر، من أجل أن يشعر بالثقة ويستزيد بها؟ يبدأ ذلك غالبًا وقت الثناء والمدح حينما يقوم صغيرك بعمل جيد، حيث يشعر بالتميز، وربما يشعر بأنه أفضل من الآخرين. وقد يتوقع الثناء الدائم ولا يرضى عنه بديلًا! قد يسعى لنجاحه الشخصي فقط راجيًا المعاملة الاستثنائية، ولا تتحقق سعادته إلا بالوصول لتلك الدرجة من التشبع بإحساس التميز. يأتي الثناء ثماره، لكن هل من وجه آخر للثناء والمدح يمكن أن يرتد على شخصية طفلك بالطابع النرجسي؟  هنا يمكنت أن نطرح سؤالًا، ما العلاقة بين الثناء وتطوير النرجسية لدي الأطفال؟

ما هو الثناء؟

الثناء هو رد فعل يقوم به المُربي ليخبر الطفل بأنه راض عن الطريقة التي يتصرف بها، فهو صورة من صور التشجيع على الجهد المبذول من قٍبل الطفل، ويمكن أن يبدأ في أي عُمر، فهو يعزز السلوك المرغوب. يغذي الثناء ثقة طفلك، فإذا كنت تظهر لطفلك كيفية التفكير والحديث بشكل إيجابي عن نفسه. فإنك تساعد طفلك أن يتعلم كيف يعرف نفسه، وكيف يشعر بالفخر بنفسه.[1]

يمكنك أن تثني على الأطفال من مختلف الأعمار لأشياء مختلفة. قد تثني على طفل أصغر سنًا لقيامه بفعل ما أو توقفه عن القيام بفعل ما عندما يطلب منه ذلك. يمكنك الثناء على طفل في سن المراهقة عند إيفائه بعهده معك، أو للقيام بفعل ما دون أن يتم تذكيره به.

استخدام الثناء والتشجيع والمكافآت لتغيير السلوك

من الأرجح أن يكرر الأطفال سلوكهم الذي يكسب الثناء أو التشجيع. وهذا يعني أنه يمكنك استخدام الثناء والتشجيع لتغيير السلوك الصعب والاستعاضة عنه بالسلوك المرغوب فيه.

الخطوة الأولى هي مراقبة الأوقات التي يتصرف فيها طفلك بطرق إيجابية، أو التي يبذل فيها جهدًا. عندما ترى هذا، على الفور الفت انتباه طفلك وأخبره بما تحب فعله بالضبط. حتى يود تكراره بنفس الطريقة. يمكنك الثناء في كل مرة ترى فيها نفس السلوك أو الجهد. حتى تقلل الثناء عندما يصبح عادة أو عندما يُكرر. يمكنك أيضًا استخدام التشجيع قبل أن يفعل طفلك شيئًا. خاصة إذا كان طفلك متوترًا بخصوص القيام بفعل ما، مثل قولك “أعرف أنك متوتر بشأن اختباراتك، لكني أعلم أنك اجتهدت، وأنك بذلت قصارى جهدك.”

ويحتاج بعض الأطفال، ولا سيما الأطفال الأقل ثقة في أنفسهم من غيرهم، إلى تشجيع أكثر. وعندما يتركز الثناء على الجهود المبذولة، فمن الأرجح أن يرى الأطفال أن المحاولة الجادة أمر جيد في حد ذاته. كما أنهم أكثر عرضة لمواصلة المحاولة والتفاؤل عندما يواجهون التحديات.[3]

أنواع الثناء

هناك عدة أنماط من الثناء، يمكننا طرحهم في القالبين التاليين:

الثناء الشخصي

هو نمط يسلط الضوء على قدرات الأطفال الطبيعية، مثل الذكاء والمواهب والقدرات، فهو نوع يُستخدم للتعبير عن المودة والتلطف والمداعبة، فالطفل يُدرك فعلا قدراته في الشيء الذي تمدحه عليه. وعلى الرغم من أن هذا النوع من الثناء ينصب على شيء موجود بالفعل، إلا أنه يجب أن تكون حذرًا مع هذا النوع، خاصة إذا كان الطفل لديه الاستعداد لممارسة موهبة ما، لكنه يفتقر قليلًا إلى مهارات الممارسة الفعلية للموهبة تلك. فقد يشعر حينها بالنقص أو العجز, وقد يعتقد بأنه لا يستطيع تطوير المهارات المنتظرة منه. ويمكن أن يجعل الثناء الشخصي الطفل أقل استعداد لتجربة أشياء جديدة، كما يمكنها أن تمنع الأطفال من التطور عقليًا، لاكتفاءه بما لديه.[2]

الثناء الوصفي

وهناك نمطًا من الثناء وهو الثناء القائم على الجهد المبذول من الأطفال، فالطفل هو المتحكم في الممارسة والإتقان والإتمام. وهذا النوع أكثر تمكينًا وفعالية من الثناء الشخصي. وهو ما يُسمى بالثناء الوصفي وهو عندما تخبر طفلك بالضبط ما تحبه. وهذا يساعد طفلك على فهم بالضبط ما قد فعله بشكل جيد. كما أنه أكثر أصالة من الثناء المطلق -غير المحدد- فالأفضل قول ” الطريقة التى رتبت بها غرفتك جيدة” من قول ” أنت ولد جيد“.

العبارة الأولى (محددة) فهي تُثني على شيء محدد قام به الطفل ومن المتوقع تكراره. أما العبارة الثانية فهو ثناء غير محدد (مطلق) لا يعزز أي قدرة أو تنبه الطفل لما هو مطلوب منه تكراره. فيمكنك جعل الثناء على أساس الجهد أكثر قوة من خلال التركيز على قيمة محددة. فهذا النمط من المديح يخبر الأطفال بوضوح ما فعلوه بشكل جيد، وسيذكرهم بالطريقة المُثلى للأداء في ذلك الموقف.

كيف تقدم الثناء؟

  • عندما تطمئن لسلوك طفلك تجاه أمر ما، اعطه بعض الكلمات التشجيعية بشكل مستمر حول ذاك السلوك، فالأشياء الصغيرة التى تقولها باستمرار، يمكن أن تتراكم بمرور الوقت ليكون لها تأثير كبير على طفلك.
  • ابحث عن طرق غير شفهية للثناء عاى طفلك أو تشجيعه، عن طريق إيماءات الوجه، وبإشارات اليد، والابتسام، وغيرها من الطرق القوية التي تظهر لطفلك أنك منبهر بسلوكه أو جهوده.
  • فاجيء طفلك كمكافأة للسلوك الجيد، مثل أن تفاجأه بالجلوس معه أو اللعب معه بشكل غير متوقع وبشكل مرح.
  • لا تقلل من أي مجهود يُبذلن، وابحث عن التغييرات الإيجابية والنجاحات مهما كانت بسيطة، بدلًا من انتظار شيئًا جديدًا من طفلك حتى تقدم له تشجيعًا.
  • حاول أن تُثني أكثر من أن تنتقد، وكن مرشدًا، فاننتقد مرة مقابل 4 مرات تشجيعية.
  • اثنوا على أطفالكم وشجعوهم على الشعور بالحماس والاعتزاز بما يقومون به فكل مجهود يستحق.
  • حاول أن تجعل ثناءك مناسب للسلوك. فطفلك لا يصدق المديح إذا كان مديحك مبالغ فيه.
  • استخدم اسلوب الثناء والمكافآت بطرق مناسبة للعمر. [4]

 ومع ذلك يمكن أن يأخذ الإفراط في استخدام الثناء إلى أخذ شخصية الطفل إلى منحى سلبي آخر يُسمى اضطراب الشخصية النرجسية. فما هو اضطراب الشخصية النرجسية وإلى أي مدى تؤثر المعاملات الأبوية في تطوره؟

ما هو اضطراب الشخصية النرجسية؟

يرتبط اضطراب الشخصية بحب الشخص – الطفل – الهائل لنفسه وإعجابه بنفسه وأهميته ومتطلباته ورغباته ورفاهه. إذ يعتقد الطفل أنه متفوق ويستحق أن يعامل معاملة أفضل من أي شخص آخر، مع تجاهله التام لمشاعر الآخرين. فالشخصية النرجسية تسبب للشخص إحساسًا مفرطًا بالأهمية، أو حاجة قوية للإعجاب، أو استحقاقًا للمعاملة الخاصة. [5]

في دراسة قيّمت حوال 565 طفلًا هولنديًا تتراوح أعمارهم بين 7 أعوام و12 عامًا حسب مسببات النرجسية مثل التفوق والرضا عن الذات، وتساءل الدراسون عن الكيفية التى يتلقون بها المديح والثناء ومعلومات حول المعاملات عمومًا.

وقد ألقت العديد من الدراسات الضوء على أن المبالغة في تقدير الأطفال والإفراط في تغذيتهم بالمديح يمكن أن يسهم في تنمية النرجسية. فقد وجدت دراسة أن الأطفال الذين يخبرهم آباؤهم باستمرار أنهم متفوقون عن غيرهم، بغض النظر عما يحققونه من تقدم أو تطور، قد سجلوا قياسات نرجسية عالية مقارنة بالأطفال الذين يتلقون نظرة واقعية عن أنفسهم. ذلك لأن المبالغة في الثناء على الأطفال يمكن أن تدفعهم إلى الاعتقاد بأنهم أشخاص مميزون يستحقون الثناء والمعاملة الخاصة (المميزة) طوال الوقت.

ونصحت الدراسة بأنه ينبغي على الوالدين أن يكونا دافئين ومحبين، لكن لا ينبغي أن يقدما الثناء الشامل المطلق للطفل. فالمطلوب هو تحسين الأداء مع الثناء على الجهد المبذول.[6]

التأثير الأبوي على السمات النرجسية

كانت هناك نظريتان متنافستان حول التأثير الأبوي على السمات النرجسية. أحدهما يشير إلى أن النرجسية تتطور كآلية دفاع لمواجهة الافتقار إلى الدفء الأبوي والمودة. بينما ترى الأخرى أنها نتيجة لكثرة الثناء. فنظرية التعلم الاجتماعي تُشير إلى أن النرجسية تتطور عندما يعتقد الآباء أن أطفالهم أكثر أهمية من الآخرين، وأكثر استحقاقًا.[7]

في الدراسة السابق الإشارة إليها، كان الهدف هو قياس مدى احترام الأطفال لذواتهم، وتقييم المودة التي يعيشونها مع والديهم، بينما استكمل الوالدان استبيانات تهدف إلى تقييم المبالغة في التقدير لتقييم مدى حنان الوالدين تجاه أطفالهم. وأشار مؤلفو الدراسة إلى أن الاستبيان تضمن بنودًا مثل، “طفلى أكثر خصوصية من الآخرين” و”طفلي مثال عظيم يُحتذى به”.

ثم طلب الباحثون من الآباء تقييم مدى ذكاء طفلهم، وقارنوه بمعدل الذكاء الحقيقي للطفل. كما اختبروا مدى تقدير الآباء لمستوى طفلهم الفعلي. ثم قُدمت قائمة طويلة من الموضوعات المختلفة التى من الممكن أن يلم بها طفل في الثامنة من عُمره، مُدرجين بعض الموضوعات المتقدمة، مع بعض الموضوعات غير الموجودة. فلاحظ الدارسون أن الآباء المغالين ادعوا إلمام أطفالهم بجميع المواضيع، بما فيها المتقدمة وغير المدرجة.

وجد الدراسون أن هناك علاقة كبيرة بين المبالغة في تقدير الوالدين والسمات النرجسية في أطفالهم. مشيرون إلى أنه من الجيد أن يعلم الآباء أنهم لا يواجهون خطر خلق النرجسية في شخصيات أطفالهم بين عشية وضحاها. بل هي روابط صغيرة تتضافر ثم تظهر بمرور الوقت. يلعب الثناء المبالغ دورًا هامًا في تطويرها، لكنه ليس السبب الوحيد. آملين في أن تساعد مثل تلك النتائج في تدريب الأبوين على الاعتدال في استخدام الثناء كتدخل إيجابي في توجيه تدريب الأبوة والأمومة. [8]

المصادر

[1] understood
[2] understood
[3]babybonus
[4]parentingforbrain
[5]kqed
[6]ncbi
[7]pnas
[8]forbes

مقدمة حول اضطرابات الشخصية

هذه المقالة هي الجزء 3 من 19 في سلسلة رحلة بين أشهر الاضطرابات النفسية

أشهر 10 اضطرابات نفسية: مقدمة حول اضطرابات الشخصية

تتكون شخصية الإنسان من طريقة تفكيره، وشعوره، وتصرفه الّتي تجعل منه شخصًا مختلفًا عن الآخرين. وتتأثر شخصية الفرد بالخبرات والبيئة المحيطة ومواقف الحياة والخصائص الموروثة. اضطراب الشخصية هو نمط من التفكير والشعور والتصرف ينحرف عن توقعات الثقافة السائدة، ويكون هذا النمط جامد وغير صحي. ويجب أن يسبب الضيق أو مشاكل وقيود كبيرة في العلاقات والأنشطة الاجتماعية والعمل والمدرسة. وتختلف هذه المشاكل حسب نوع الاضطراب فقد تكون في شكل انعدام الثقة والشك بشكل دائم في الآخرين لدى الأشخاص المصابون “باضطراب الشخصية الارتيابية” مثلًا وقد تصل إلى ارتكاب الجرائم الخطيرة من دون حتى الشعور بالندم على هذه الأفعال لدى المصابون “باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع-Antisocial personality disorder”.

عرف علم النفس اضطرابات الشخصية في وقت حديث، ولكن أغلب هذه المعرفة مبني على عمل الطبيب الألماني كيرت شنايدر الّذي عُرفت أبحاثه في ما يعرف “بالاعتلال النفسي- psychopathy” في ذلك الوقت. ونشر شنايدر أول دراسة عن الموضوع في عام 1923. في الوقت الحالي يتضمن DSM5-الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية الإصدار الخامس 10 أنواع معروفة من اضطرابات الشخصية.

على الرغم من أن الكثير من الاضطرابات النفسية تعتبر “غير منسجمة مع الأنا-egodystonic”، إلا أن هذه الفئة من الاضطرابات لا تعتبر كذلك بل تعتبر “منسجمة مع الأنا-egosyntonic” في معظم الأحيان.

يشير مصطلح غير منسجم مع الأنا إلى أن المريض مُدرك لوجود الخلل. ويشعر بأن هذه السلوكيات بغيضة أو مؤلمة أو غير مقبولة أو غير متوافقة مع مفهوم الذات لديه. هذا هو الحال لدى مرضى اضطراب ثنائي القطب أو الاكتئاب مثلا. ولكن الحال يختلف بالنسبة لمعظم أنواع اضطرابات الشخصية التي غالبًا ما تكون منسجمة مع الأنا. فلا يشعر الشخص بوجود الخلل، بل تكون تصرفاته بالنسبة إليه طبيعية لأنها تتوافق مع قيمه وطرق تفكيره. وتتفق مع شخصيته ومعتقداته الأساسية، وقد يلوم الآخرين على التحديات الّتي تواجهه.

ما مدى شيوع اضطرابات الشخصية؟

تعد اضطرابات الشخصية من أكثر الاضطرابات النفسية شيوعًا. وغالبًا ما تحدث جنبًا إلى جنب مع العديد من الحالات الأخرى مثل تعاطي المخدرات واضطرابات المزاج كالاكتئاب واضطراب ثنائي القطب، واضطرابات القلق.

تشير التقديرات إلى أن 10% إلى 13% من سكان العالم يعانون من شكل من أشكال اضطراب الشخصية. تبدأ معظم هذه الاضطرابات في سنوات المراهقة عندما تتطور الشخصية وتنضج. نتيجة لذلك، فإن معظم الأشخاص الذين تم تشخيصهم هم فوق سن 18 عامًا. وهناك أنواع عديدة من اضطرابات الشخصية الّتي قد تصبح أقل وضوحًا خلال منتصف العمر. ويعاني العديد من السجناء من اضطراب في الشخصية يمكن تشخيصه.

ما هي أنواع اضطرابات الشخصية الموجودة؟ وكيف يتم تشخيصها؟

مثلما ذكرنا سابقًا إن DSM5 يتضمن 10 أنواع من اضطرابات الشخصية، جُمّعت هذه الأنواع في ثلاث مجموعات:

1. المجموعة الأولى والتي تشمل: اضطراب الشخصية المرتابة-Paranoid personality، واضطراب الشخصية الانعزالية- Schizoid personality، واضطراب الشخصية الفصامية-Schizotypal personality.

2. المجموعة الثانية والتي تشمل: اضطراب الشخصية النرجسية-Narcissistic personality disorder، واضطراب الشخصية الهستيرية-Histrionic Personality Disorder، واضطراب الشخصية المعادية للمجتمع-Antisocial personality disorder، واضطراب الشخصية الحدية-Borderline personality disorder .

3. المجموعة الثالثة والتي تشمل: اضطراب الشخصية التجنُّبية-Avoidant personality disorder، واضطراب الشخصية الاعتمادية-disorder Dependent personality، واضطراب الشخصية الوسواسية-Obsessive compulsive personality disorder.

لكل اضطراب مجموعته الخاصة من الصفات ومعايير التشخيص، وللحصول على تشخيص محدد يجب أن تستوفي بعض هذه الصفات والمعايير إلا أنه في كثير من الأحيان تكون هذه الصفات متداخلة بحيث يستوفي الشخص معايير نوع أو أكثر من أنواع الاضطرابات، فيسمى هذا باضطراب الشخصية المختلطة. من الممكن أيضًا الحصول على تشخيص دون تلبية المعايير الكاملة لنوع معين، ويُعرف هذا باسم اضطراب الشخصية غير المحدد (PD-NOS).

بسبب هذا التداخل في صفات اضطرابات الشخصية اقترح الباحثون نموذجًا بُعديًا حديثًا وُضع في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية في إصداره الأخير الخامس، ولايهدف هذا النموذج لمعرفة ماإذا كان المريض مصاب بنوع محدد أم لا، بل يهدف لاستكشاف وجود أي صفة من صفات كل الأنواع وتحديد كمية وجود هذه الخاصية. على الرغم من أن هذا النموذج البعدي يلاقي استحسانًا من الوسط العلمي إلا أنه لازال لا يعتمد عليه إلا في حالات خاصة لأنه مايزال العمل جاريًا عليه وربما يكون هذا النموذج نقلة في تاريخ تشخيص وعلاج الاضطرابات النفسية مستقبلًا.

قد يحصل مجموعة كبيرة من الأشخاص على نفس التشخيص على الرغم من كون شخصياتهم مختلفة جدًا وتجاربهم فردية، وبالتالي ستكون تجربة الفرد في التعايش مع اضطراب الشخصية فريدة بالنسبة له.

ما الذي يسبب اضطرابات الشخصية؟

في الماضي اعتقد البعض أن الأشخاص المصابون هم مجرد كسالى أو حتى أشرار، ولكن الأبحاث الجديدة بدأت في استكشاف الأسباب المحتملة مثل العوامل الوراثية والبيئية والبيولوجية.

بدأ الباحثون في تحديد بعض العوامل الوراثية المحتملة. على سبيل المثال حدد مجموعة باحثون خللًا في جين معين قد يكون عاملاً في اضطراب الشخصية الوسواسية، و يستكشف باحثون آخرون الروابط الجينية للعدوان والقلق والخوف، وهي سمات يمكن أن تلعب دورًا في اضطرابات الشخصية، وعلى الرغم من أنه لم يتم تحديد خلل في جين محدد مسؤول على حدوث اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع إلا أنه هناك دراسات على التوأم والمتبنيين تشير إلى أنه من يملكون أقارب مصابون يكونون أكثر عرضة للإصابة.

هناك كذلك دراسات تربط بين العوامل البيئية ومعدلات الإصابة باضطرابات الشخصية. على سبيل المثال الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدية لديهم معدلات أعلى في نسبة حدوث الصدمات الجنسية في مرحلة الطفولة، وفي دراسة أخرى شملت 793 من الأمهات وأطفالهم سأل الباحثون الأمهات عما إذا كانوا يصرخون على أطفالهم ويخبرونهم أنهم لا يحبونهم أو يهددون بطردهم، كان الأطفال الذين عانوا من مثل هذه الإساءة اللفظية أكثر عرضة بثلاث مرات من الأطفال الآخرين لاضطرابات الشخصية الحدية أو النرجسية أو اضطراب الشخصية الوسواسية في مرحلة البلوغ.

إقرأ أيضًا: الوسواس القهري والشخصية الوسواسية القهرية: اضطرابان مختلفان وتشابه مزعوم.

مصادر أشهر 10 اضطرابات نفسية: مقدمة حول اضطرابات الشخصية

  1. mayoclinic.org
  2. psychiatry.org
  3. clevelandclinic.org
  4. mind.org.uk
  5. apa.org

أساليب السيطرة القسرية

أساليب السيطرة القسرية

يمكن أن تُعيق الحقائق الخفية للإيذاء النفسي الضحايا وتجعل من الصعب عليهم المغادرة من العلاقات السامة. إذ يوجد سؤال مهم يتبادر إلى أذهاننا، لماذا ضحية ما لا تترك تلك العلاقة التي تأذيها؟ وقد تبدو الإجابة واضحة وهي الإبلاغ عن الشخص المؤذي وترك العلاقة مثلًا، لكن الوضع أكثر تعقيدًا.

توجد العديد من التفسيرات لسبب عدم ترك بعض الضحايا لمعتديهم، وأكثر تلك الأسباب شيوعًا هو الخوف.

على الرغم من اختلاف التعريفات، يوصف الخوف بأنه عاطفة غير سارة وتكون قوية بسبب التوقع أو الإدراك بالخطر. يمكن أن يتراوح الخوف مثل معظم المشاعر من البسيط إلى الشديد. قد يكون الخوف حقيقًا أو يُنظر إليه على أنه حقيقي. بغض النظر عن تصور الضحية، فالخوف عاطفة قوية يمكن أن تؤثر علينا جسديًا وعاطفيًا. عندما تتخذ الضحية قرارًا بترك تلك العلاقة المؤذية. يمكن أن تكون الفترة أثناء ذلك القرار وبعده أكثر خطورة من الإذاء نفسه. في هذا المقال ستتعرف على السبب وراء صعوبة التخلي بسهولة والهرب من الشخص الذي يستخدم سلوك السيطرة القسرية وستتعرف على أساليب السيطرة القسرية.

ما هي السيطرة القسرية؟
السيطرة القسرية هي مسار استراتيجي للسلوك القمعي قائم على النوع الاجتماعي من خلال حرمان الفرد من حقوقه وحرياته وإقامة نظام للسيطرة على الحياة الشخصية.

إذ أن 60٪ إلى 80٪ من جميع النساء اللواتي تعرضن للإيذاء يتعرضن لسيطرة قسرية تتجاوز الإساءة الجسدية. ترتبط السيطرة القسرية ارتباطًا وثيقًا بالقتل. حيث قُتل 3200 جندي أمريكي في المعارك بين عامي 2000 و 2006 ولكن خلال نفس الفترة، قُتِل أكثر من ثلاثة أضعاف عدد النساء على يد أزواجهن أو أصدقائهن.

تُقتل امرأة كل 16 ساعة في الولايات المتحدة على يد شريك حالي أو سابق.

دور اضطراب الشخصية النرجسية (NPD)


‏ تشير بعض الأدلة إلى أن اضطراب الشخصية النرجسية والسيطرة القسرية شائعة بين مرتكبي العنف الأسري. غالبًا ما يوصف الأفراد المصابون بـاضطراب الشخصية النرجسية بأنهم أنانيون ومتلاعبون…

كيف تعرفهم؟

حب الذات، الانشغال بأوهام النجاح غير المحدود أو القوة أو التألق أو الجمال أو الحب المثالي،‏ الاعتقاد بأن المرء خاص ولا يمكن فهمه أو الارتباط به إلا من قبل أشخاص أو مؤسسات خاصة. كذلك لديهم حاجة للإعجاب المفرط من قبل الأخرين، وإحساس بالاستحقاق (معاملة خاصة)، و‏ استغلال الآخرين.

إضافة إلى قلة التعاطف، و‏الاعتقاد بأن المرء منهم موضع حسد، وسلوكيات أو مواقف متعجرفة أو متعالية.

دعنا في هذا المقال نذكر لك 12 من أساليب السيطرة القسرية يستخدمها من يتبعون ذلك السلوك.

عزلك عن أي داعم لك

يحاول الشريك المسيطر عزلك عن الأصدقاء والعائلة أو الحد من التواصل معهم حتى لا تتلقى الدعم المحتاج إليه ومن الأساليب التي يستخدمها:

  • اقتراح حسابات مشتركة على الهاتف ووسائل التواصل الاجتماعي.
  • نقلك بعيدًا عن عائلتك لتصعيب زيارتهم عليك.
  • مراقبة جميع مكالماتك الهاتفية مع عائلتك ومنع محاولة تدخل أي شخص.
  • اقناعك أن عائلتك تكرهك ولا تريد التحدث معك.

مراقبة نشاطك على مدار اليوم


يحاولون الحضور معك ومراقبتك بكل مكان، يفعلون ذلك باستخدام أساليب كثيرة عن طريق توصيل الأسلاك بمنزلك بالكاميرات أو أجهزة التسجيل في كل مكان.

حرمانك من حريتك واستقلالك

يحاول الشخص الممارس للسيطرة القسرية تقييد حريتك، أمثلة:

  • عدم السماح لك بالذهاب إلى العمل أو المدرسة.
  • تقييد وصولك إلى وسائل المواصلات.
  • مطاردة كل حركاتك عندما تكون خارج المنزل.
  • أخذ هاتفك وتغيير جميع كلمات المرور الخاصة بك.

هو الصواب!


يجبر المعتدي الضحية على الاعتراف أنه دائمًا على حق من خلال التلاعب والكذب وإقناع الضحية بشتى الطرق أنها على خطأ.

استخدام الإهانة


الإهانة والشتائم والانتقادات المتكررة كلها أشكال من سلوك البلطجة يستخدمهم المعتدي وللتوضيح لك بأنك غير مهم ولديك قصور.

الحجر على أموالك


يتحكم بشؤونك المالية وهو وسيلة لتقييد حريتك وقدرتك على ترك العلاقة. من الوسائل المستخدمة:

  • وضع ميزانية صارمة لا تكاد تغطي ضرورياتك مثل الطعام أو الملابس.
  • تقييد وصولك إلى الحسابات المصرفية كاخفاء الموارد المالية أو التحكم ببطاقة ائتمانك أو ‏ مراقبة صارمة لما تنفقه.

التمييز


بغض النظر عن نوع العلاقة بينك وبين شريكك، قد يحاول شريكك التمييز بين من يعمل كرجل وامرأة في العلاقة. بتبرير أن المرأة هي ربة المنزل وأم بينما هو المعيل. بتلك الحجة، قد يرغمك على الاهتمام بجميع أعمال التنظيف والطهي ورعاية الأطفال.

سلاحه أطفالك!


إذا كان لديك أطفال سواء مع المعتدي أو مع شخص آخر، فقد يحاول تسليح الأطفال ضدك بإخبارهم أنك والد سيئ أو التقليل من شأنك أمامهم. يمكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث فجوة بينك وبين أطفالك، وقد يجعلك تشعر بالعجز.

التحكم في جوانب صحتك وجسمك


سيتحكمون في مقدار ما تأكله أو نومك أو الوقت الذي تقضيه في الحمام أو حساب السعرات الحرارية بعد كل وجبة أو الالتزام بنظام تمرين صارم. قد يتحكمون أيضًا في الأدوية التي يُسمح لك بتناولها وما إذا كنت ستذهب للحصول على رعاية طبية أم لا. ستشعر كما لو كنت تمشي دائمًا على قشر البيض وأن جسمك لم يعد ملكك.

الاتهامات بالغيرة


يدعي الغيرة من مقدار الوقت الذي تقضيه مع عائلتك وأصدقائك سواء أثناء الاتصال أو عدم الاتصال، وهو وسيلة لهم للتخلص التدريجي من اتصالك بالعالم الخارجي وتقليله. قد يفعلون ذلك أيضًا في محاولة لجعلك تشعر بالذنب.

تنظيم علاقتك الجنسية


قد يطالب المعتدون بعدد مرات ممارسة الجنس كل أسبوع وأنواع الأنشطة التي تمارسها. قد يطلبون أيضًا التقاط صور أو مقاطع فيديو جنسية لك أو رفض ارتداء الواقي الذكري.

تهديد أطفالك أو حيواناتك الأليفة


إذا لم تنجح التهديدات الجسدية أو العاطفية أو المالية بالشكل المطلوب، فقد يحاول المعتدي استخدام التهديدات ضد الآخرين في محاولة للسيطرة عليك. قد يكون أطفالك أو حيواناتك الأليفة في خطر، مثل:

  • ال‏تهديد بالاتصال بالخدمات الاجتماعية واخبارهم إنك تهمل أو تسيء إلى أطفالك.
  • تخويفك من خلال التهديد باتخاذ قرارات مهمة بشأن أطفالك دون موافقتك.
  • تهديد بخطف أطفالك أو التخلص من حيوانك الأليف.

‏كيف تخرج؟


السيطرة القسرية هي شكل خبيث من العنف المنزلي الذي يوقعك في موقف شبيه بالرهائن. بغض النظر عن التاريخ مع الشخص الذي أساء إليك حتى لو تضمن بعض اللحظات السعيدة، فأنت لا تستحق هذه المعاملة.

بعد أن تعرفت على أساليب السيطرة القسرية، يمكن أن يكون الخروج من علاقة مسيئة أمرًا معقدًا، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأطفال. لكن بقليل من التخطيط، يمكنك الخروج بأمان من الموقف.

ماذا تفعل؟

  • حافظ على التواصل مع أنظمة الدعم الخاصة بك كلما أمكن ذلك.
  • ‏يجب عليك أيضًا التأكد من أن العائلة والأصدقاء لديهم جميع معلومات الاتصال الخاصة بك.
  • ‏اتصل بالخط الساخن للعنف المنزلي بانتظام.
  • ‏تتبع مكان أقرب هاتف عمومي لديك.
  • ‏إذا كان لديك أطفال، فعلم أطفالك تحديد مكان آمن مثل منزل صديق أو مكتبة، حيث يمكنهم الذهاب للحصول على المساعدة وكيفية الاتصال بالشرطة.
  • ‏ ضع خطة أمان، وعند اتخاذ قرار بالمغادرة، يجب أن يكون لدى الضحايا خطة بشأن المكان الذي يذهبون إليه ومن سيبقون معه مع الاعتراف بأن الفترة الأولية للانفصال قد تكون الأكثر خطورة من حيث محاولة المعتدي التصالح من خلال القانون أو السلوك غير القانوني.
  • ‏أخيرًا، رقم الطوارئ المحلي حل من الحلول إذا كنت بمأزق. إذا لم تتمكن من الاتصال أو إرسال رسالة نصية إليه، فحاول الوصول إلى منزل أحد الجيران…

تجريم الرقابة القسرية


‏ بينما يتعرض الضحايا للسيطرة القسرية إلا أن القليل من عناصر السيطرة القسرية تعتبر إجرامية. لذلك، فإن تحديد حالات السيطرة القسرية واتهامها جنائياً ومقاضاة مرتكبيها أمر لا يطعن فيه.

لكن جرّمت أيرلندا وإنجلترا واسكتلندا وويلز وفرنسا السيطرة القسرية، لكن الولايات المتحدة لم تفعل ذلك. أصبحت ولاية نيويورك الأولى في البلاد التي تقدم تشريعًا يجرم السيطرة القسرية.

المصادر

Exit mobile version