ذلك الطالب كثير الحركة، لا يطيق جلسة الصف الطويلة. وإذا مرت أمامه فراشة يتبعها ببصره ويتشتت ذهنه عما كان يركز عليه. تحتاج دومًا للفت انتباهه وتذكيره بالمعلومات والمهام لأنه حتمًا سينسى. يوسَم غالبًا بالـ”اللعبي” لأنه لا يركز أبدًا على الكتاب، ويوصف كثيرًا بـ”الفاشل” لأن أداءه يخذله ويخذل معلميه وذويه. أيذكرك ذلك بأحدهم؟
يشخَّص هذا الطالب بقصور الانتباه وفرط الحركة (بالإنجليزية: Attention-Deficit / Hyperactivity Disorder، واختصاره: ADHD) ويسمى أيضًا «اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط»، وهو اضطراب عصبي سلوكي يترافق بالسهو، وفرط الحركة، والسلوك الاندفاعي. وإذا ترِك الاضطراب دون علاج، يمكنه التسبّب بآثار جانبيّة على الأداء الأكاديميّ، والنجاح المهنيّ، والعلاقات، والنموّ الاجتماعيّ العاطفيّ على المدى البعيد.
وفقًا للدليل التشخيصي والإحصائي الخامس للاضطرابات النفسيّة تبلغ نسبة الأطفال المشخّصين باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط في سنّ التمدرس حوالي (5%). علمًا أن هذا الاضطراب أكثرُ شيوعًا عند الفتيان منه عند الفتيات [1][3][4]. يشخَّص قصور الانتباه مع فرط الحركة عامة في مرحلة مبكرة من الحياة؛ إذ يظهر جليًّا في المشاكل السلوكية في المدرسة، وفي صعوبة فهم المواد، أو صعوبة إنجاز المهامّ، أو في التشتت بسهولة من قبل الآخرين.
محتويات المقال :
تنقسم الأعراض إلى قسمين، أعراض قصور الانتباه، وأعراض فرط الحركة. ويشَّك في إصابة الطالب بهذا الاضطراب عند ظهور هذه الأعراض بإفراط بالغ مقارنة بزملائه في نفس المرحلة العمرية، بحيث يحدِث له إعاقة حقيقية، ولا يشخَّص به إلا بظهور هذه السلوكيّات في سياقَين أو أكثر، مثل المدرسة، وداخل الصف الدراسي، وبالمنزل. [2][3]
يتساءل كثيرون عن سبب المشاكل المرتبطة بالانتباه، والصعوبات المتعلّقة بالاندفاع والتململ. لا يزال اختصاصيّو الصحة يبحثون عن سبب قصور الانتباه وفرط الحركة. إذ إن قصور الانتباه وفرط الحركة ليس وليد العوامل الاجتماعية أو طرق تنشئة الطفل فقط؛ بل يبدو أن معظم الأسباب المثبتة حتى الآن تندرج ضمن مجالات علم الأعصاب وعلم الوراثة. بالإضافة إلى ما سبق، يمكن للعوامل البيئيّة التأثير على حدّة الاضطراب.
تميل الأبحاث عن الأسباب إلى التركيز على الأطفال الأصغر سنًّا. من ناحيةٍ جينية، يعاني (25%) من أقارب الطفل المصاب بقصور الانتباه وفرط الحركة من هذا الاضطراب أيضًا؛ ما يعني أن الجينات تلعب دورًا هامًّا في تطوّره [5]. وقد وجدت دراسة أنّ الأطفال المصابين بقصور الانتباه وفرط الحركة يظهِرون انكماشًا بمعدّل (3% – 4%) في مناطق هامّة من الدماغ (الفصّ الجبهيّ، والمادّة الرماديّة المؤقّتة، ونواة المذنبات، والمخيخ) مقارنةً بالأطفال غير المصابين بالاضطراب. تؤدّي هذه المناطق دورًا محوريًّا في مهارات حل المشكلات، والتخطيط للمستقبل، والتحّكم بالاندفاعات، وفهم سلوك الآخرين.
يمكن للعوامل البيئيّة الإسهام في تطوّر قصور الانتباه وفرط الحركة. فقد ظهر ارتباط بين تدخين السجائر والكحول في فترة الحمل، وخطر الإصابة بقصور الانتباه وفرط الحركة. كما تسهم معدلات الرصاص العالية في المباني القديمة والتعرّض للرصاص من مصادر المياه في تطور الاضطراب. ويشير المنظّرون الاجتماعيّون والأطبّاء أحيانًا إلى اضطراب قصور الانتباه وفرط الحركة باعتباره وباء العصر الحديث؛ ما يعني ضمنًا أنّ نمط الحياة السريع والاستهلاكيّ الذي يُغرقنا في عالم من المراسلات الفوريّة، وألعاب الفيديو، والبرامج التلفزيونيّة يؤدّي دورًا في تطوّر الاضطراب.
يمكن معالجة قصور الانتباه وفرط الحركة بنجاح عن طريق العلاج النفسيّ والعلاج الدوائيّ بعد التشخيص. يوفّر العلاج النفسيّ المهارات اللازمة لمساعدة الطالب على توجيه نفسه نحو مهامّه، والتعرّف على سلوكياته بشكل أفضل حتى يتحكم بها بفعالية. إذ يساعد العلاج المعرفيّ السلوكيّ في معرفة التحيّز السلبي في التفكير الذي يقلّل من الدافعيّة، ويفاقم سلوكيّات التجنّب. كما يساعد في زيادة السلوكيّات التكيّفيّة ويركز على ضبط الانفعالات، والتحكم فيها، وإدارة الضغط. أمّا التدريب على تأمل اليقظة الذهنيّة فبإمكانه تحسين الانتباه المتواصل أثناء المهام، والقدرة على التعامل مع المشاكل. وفي الوقت نفسه، يساعد العلاج الدوائيّ على تعزيز التركيز، وقمع التململ، وتحسين التطوّر الناتج عن المهارات الاجتماعية التي يتعلمها أثناء جلسات العلاج النفسي.
هناك العديد من الأنظمة التي قد تتبناها المؤسسات العلمية للتعامل مع طلابها من المصابين بقصور الانتباه وفرط الحركة. ولكننا سنحاول عكس هذه التطبيقات على نطاق الفصل الدراسي لنساعد المعلم في استخدامها قدر ما يستطيع.
وتذكر دائمًا أن إشراك الطالب في عملية التغلب على صعوبة التعلم ببناء العادات يجعل من عملية العلاج أكثر فاعلية، ومن العملية التعليمية أكثر كفاءة.
المصادر:
عندما يتعلق الأمر بحماية بشرتنا من التأثيرات القاسية لأشعة الشمس، فإن استخدام واقي الشمس أمر…
اكتشف فريق من علماء الآثار 13 مومياء قديمة. وتتميز هذه المومياوات بألسنة وأظافر ذهبية،وتم العثور…
ركز العلماء على الخرسانة الرومانية القديمة كمصدر غير متوقع للإلهام في سعيهم لإنشاء منازل صالحة…
من المعروف أن الجاذبية الصغرى تغير العضلات والعظام وجهاز المناعة والإدراك، ولكن لا يُعرف سوى…
الويب 3.0، الذي يشار إليه غالبًا باسم "الويب اللامركزي"، هو الإصدار التالي للإنترنت. وهو يقوم…
لطالما فتنت المستعرات العظمى علماء الفلك بانفجاراتها القوية التي تضيء الكون. ولكن ما الذي يسبب…