يوصف المصاب بعسر الكتابة دائمًا بالـ «الكسولي» أو بالـ «البطيء» ينتج عن هذا العسر ضعف الكتابة اليدويّة، أو ضعف التهجئة، أو كليهما لدى شخص ذي ذكاء متوسّط أو أعلى من المتوسّط. ولم يرد هذا العسر كاضطراب في الصحة العقلية، ولا يعد اضطرابًا، ولكنه بالأحرى صعوبة تعلم دماغية الأساس، ويظن أنها جينية كذلك.
يقول أحدهم: “الكتابة! يا إلهي، هذه حتمًا أسوأ المهام. يصعب عليّ حقًا تذكر كل علامات الترقيم هذه، ولا أستطيع تمييز الاختلافات بين الـb والـd، والـ p، والـq في الإنجليزية، والحاء والخاء والجيم في العربية! وبالتأكيد أخطأ تهجئتها. والأشرّ من ذلك أنه يجب أن أفكر في كيفية الكتابة بينما يكون عقلي منشغلا فيما سيكتب. أحيانًا أرجو أن يكتفي المعلم ببضع جمل، فلا تؤلمني يداي. ولكن كالعادة، يصيح بي المعلم غير راضٍ عن جملي البسيطة المتقطعة. لا يفهمني المعلم أبدًا، ولا يفهم كم أعاني لإنتاج هذه الجمل التي لا تعجبه. والحقيقة، أني لا أفهمني كذلك، أحيانًا أريد أن أجعل الكلمة تبدو صحيحة، ولكنها لسبب ما لا تبدو كذلك بعد أن أنهي كتابتي…” [1].
يحدثنا صديقنا بغضب شديد عن «عسر الكتابة». ويسمى عسر الكتابة (بالإنجليزيّة: Dysgraphia). يوصف المصاب بعسر الكتابة دائمًا بالـ «الكسولي» أو بالـ «البطيء» وينتج عن هذا العسر ضعف الكتابة اليدويّة، أو ضعف التهجئة، أو كليهما لدى شخص ذي ذكاء متوسّط أو أعلى من المتوسّط. ولم يرد هذا العسر كاضطراب في الصحة العقلية، ولا يعد اضطرابًا، ولكنه بالأحرى صعوبة تعلم دماغية الأساس، ويظن أنها جينية كذلك. [2] [1]
هناك عدة علامات تنبأ عن وجود عسر الكتابة، وهي تنقسم لثلاثة أقسام [3][2] :
محتويات المقال :
قبل أن نتناول أسباب عسر الكتابة، يجب أن نفهم ماهية الكتابة كعملية ديناميكية. الكتابة اليدوية عملية معقدة يشترك فيها العديد من العوامل في آن واحد. أولها المهارات الحركية المضبوطة بشكل معين في اليد، والذاكرة لتخزين الكلمات وشكلها وطريقة رسمها، بالإضافة إلى مهارة تحليلية لفهم معناها. لذلك فإن أي خلل في إحدى هذه العوامل يؤدي إلى عسر في العملية ككل.
يمكن أن يعاني الأطفال ذوو عسر الكتابة من مشاكل في الترميز الإملائي (بالإنجليزية: Orthographic Coding)، وهو القدرة على تخزين الكلمات المكتوبة بالذاكرة العاملة أو تشكيل ذاكرة دائمة من الكلمات المكتوبة. قد يعانون أيضًا من مشاكل في تنظيم حركات تتابعيّة للأصابع. كما يحتمل أن يتطور لدى البالغين عسر الكتابة المكتسب (بالإنجليزية: Acquired Dysgraphia)، والمُسمّى أيضًا اللاكتابية (بالإنجليزية: Agraphia)؛ إثر إصابة دماغيّة أو جلطة، أي أنه حدث مفاجئ، ولم يتطور منذ الطفولة، على عكس عسر الكتابة الذي نناقشه والذي يُكتشف منذ الطفولة. ويعتقد كذلك أن الأطفال المصابين بعسر الكتابة يصابون به كنتيجة لإصابتهم بقصور الانتباه وفرط الحركة [3] [2].
يُعتقد أن الخط السيئ علامة على عسر الكتابة، لكن ليس ذلك بضروري. فقد يكون خط الطالب منمقًا وهو مصاب بعسر الكتابة. لأن –وكما ذكرنا سابقًا- عسر الكتابة هو خلل في عامل أو أكثر من عوامل عملية الكتابة. ولتشخيص سليم، يتم تشخيص هذا العسر من قبل طبيب نفسي متخصص في صعوبات التعلم، أو بمساعدة المهنيين والمتخصصين التربويين والمعلمين كذلك. إذ يُستدل على عسر الكتابة من التقارير المدرسية، والواجبات الكتابية، بالإضافة إلى تفاصيل نمو الطالب المصاب.
بعد ذلك يجري الطبيب أو المختص اختبارات عسر الكتابة، وتتضمن قسمًا للكتابة مثل نسخ جمل أو الإجابة على أسئلة كتابية موجزة، بالإضافة إلى مكون حركي دقيق يختبر ردود أفعال الفرد وسرعة حركته. وخلال كل ذلك يعمل اختصاصيو التشخيص على فهم كل من جودة الكتابة وإلى أي مدى ينظم المريض الأفكار وينقلها، بالإضافة إلى عملية الكتابة في حد ذاتها وفيما إذا كانت الكتابة مؤلمة أم لا [4] [3].
ليس هناك علاج دوائي أو نفسي لهذا العسر، ولكن يجد بعض الأشخاص الذين بدأوا رحلة العلاج مبكرًا بعض الطرق التي تمكنهم من التعايش مع هذا العسر. ويتلقى المصابون بعسر الكتابة تدريبًا متخصصًا في كل المهارات التي تساعد في عملية الكتابة. فمثلًا، يتلقى المصابون العلاج المهني (بالإنجليزيّة: Occupational Therapy) ليساعدهم في تعلّم أوضاع للكتابة مناسبة لليد والجسم. بالإضافة إلى تدريب بدني لتحسين قوّة اليد وتقوية عضلاتها، وبناء مهارات حركيّة قد تجعل الكتابة أقلّ إجهادًا أو ألمًا وتخفف تقلصات العضلات [3].
تعد هذه الاستراتيجية فعالة جدًا في عملية الكتابة، إذ يشعر الطالب أنه مُحفّزٌ لإنهاء أول مهمة وللانتقال لأخرى. وتسمى هذه الاستراتيجية بالإنجليزية (POWER) [5]، حيث تمثل أول حرف من اسم كل مرحلة، وهي كالآتي:
أي حضّر. يعد العصف الذهني مفيدًا للطلاب، إذ يوجههم حول الهدف. وبالطبع، لا تتطلب هذه المرحلة عملًا كتابيًا شاقًا. فيمكنهم مثلًا رسم أفكارهم في خريطة ذهنية، أو في صورة رموز دودلية. وهذا التنظيم البصري يضاهي التنظيم الكتابي التقليدي. بل وكذلك يساعدهم في تحديد العلاقات بين المفاهيم؛ مما يساعد بدوره في تحسين مهاراتهم في شرح نقاط التواصل والالتقاء بسهولة ومرونة ويسر.
ويمكنكم مساعدتهم بالحصول على هذه الخرائط الذهنية من هذه المواقع:
أي حدد. يحدد الطالب من بين تلك الأفكار ما يريد العمل عليه؛ فلا يتشتت بين الكتابة والتفكير. فيقرر خطة سير مناقشة هذه الأفكار وترتيبها. وكماذكرنا، يمكن أن تساعدهم الخرائط الذهنية على معرفة بداية الحلقة وآخرها. وباستخدام الصور الرمزية، يمكن أن تساعدهم بصورة لساندوتش هامبورجر مثلًا. فيكون الخبز من أعلى هو مقدمة عن المفهوم، أما عن المحتوى في المنتصف فهو البرجر والخس والجبن وهي شرح المفهوم والأمثلة التي تدعمه، ثم الخبز في آخر الساندوتش هو الخاتمة. ولمساعدة الطالب في تحديد خطة سير عملية الكتابة، دعه يخط أفكاره في صورة هذا الشكل.
أي اكتب. وهنا تأتي مرحلة الكتابة الفعلية. ويمكن للمعلم أن يمنح الطلاب المصابين وقتًا أطول في إنهاء المهمة الكتابية.
أي عدّل. وهذه مرحلة التعديل وإيجاد الأخطاء. وهنا يركّز الطالب على ما فاته، إذا أضاف أو حذف حرفًا أو كلمة أو جملة، أو إذا ما تهجى كلمة بطريقة خاطئة.
أي راجع. ينقل ما كتبه وراجعه في نسخته النهائية المعدلة.
قد يحتاج الطالب المصاب بعسر الكتابة إلى:
ونهاية، وكما قال جوردن شيرمان، الرئيس الأسبق للجمعية العالمية لعسر القراءة، وأستاذ علم الأعصاب بكلية الطب في جامعة هارفرد: «أدمغتنا مختلفة، وكل دماغ يعالج المعلومات بطريقة مختلفة كذلك». وهذا هو سبب الاختلافات في التعلم. قد ينتج عن ذلك أن يواجه بعض الطلاب صعوبات في الصف الدراسي، لأنه ليس هناك ما يُسمى العقل الكامل والمثالي. فالتسليم بأن كل فرد يعالج المعلومات بشكل مختلف هو المفتاح لفهم الاختلافات الأساسية في التعلم. يوؤكد شيرمان أن الاختلافات في التعلم ليست إعاقات، بل إن بيئة التعلم الخاصة بالفرد هي التي تجعل من الاختلافات في التعلم «صعوبات».
ويودعنا صديقنا قائلًا: «أعلم أن تفكيري مختلف عن الآخرين. في كثير من الأحيان، يضعني وجود نمط تفكير مختلف في تحدٍ وهو بالتأكيد ما يضطرني إلى العمل بجدية أكبر. وفي أحيان أخرى، يكون الاختلاف مثل الحصول على هدية. العمل مع الالكترونيات هو واحدة من العديد من الهدايا الرائعة، وهذه هديتي…».
المصادر:
توصل باحثون إلى اكتشاف رائد يمكن أن يحدث ثورة في عالم التكنولوجيا القابلة للارتداء. لقد…
مع تصاعد التوترات حول نهر النيل، الذي يشكل شريان حياة بالغ الأهمية لملايين البشر في…
من المتوقع أن تشهد البشرية في السنوات القليلة المقبلة تطورات كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي.…
مقاومة المضادات الحيوية، التي تمثل تهديدًا صحيًا عالميًا متزايدًا، لها سبب مفاجئ وهي التربة. حيث…
في عالم الفلسفة الإسلامية، تم التغاضي عن مفهوم رائع لعدة قرون. لقد كانت الأحادية (monism)،…
من خلال إعادة التفكير في افتراضاتنا حول الحياة خارج الأرض، يتحدانا عالمان للنظر في إمكانية…