ناقشنا في مقالنا السابق التقييمات وأنواعها. وبالطبع، يتبع التقييم تعليقات، أو ما يُسمى بالتغذية الراجعة، من جانب المعلم يوجهها للطالب ليعملوا سويًا على تحسين نقاط الضعف وصقل نقاط القوة والمهارات. تأخذ هذه التعليقات أشكالًا وأساليب عدة، مثل التعليقات الشفوية، والمكتوبة، والرسمية، وغير الرسمية، والوصفية، والتقييمية، وآراء الزملاء، والتقييم الذاتي.
وتلعب تغذية المعلم الراجعة دورًا كبيرًا في التواصل بين المعلم والطالب وتشكيل التفاعل بينهم وعلاقتهم؛ إذ أن فهم أنواع التغذية الراجعة المختلفة وكيفية إعطائها بفعالية هو أمر بالغ الأهمية لما فيه من النقد البناء وقيمة النمو الشخصي والتعليمي. لذلك، فإن لكل نوع وطريقة دور وخصائص معينة.
محتويات المقال :
التغذية الراجعة هي أداة تواصل مهمة تقدم معلومات أو انتقادات حول أفعال الطالب أو سلوكه. يساعد في تحسين الأداء، وتعزيز اتخاذ القرارات حول ما سيتم بعد ذلك، والحفاظ على الاتصال الفعال. وتتخذ التغذية الراجعة أشكالًا عدة: شفوية، أو مكتوبة، أو بالإشارة الجسدية حتى. وتكون إيجابية، وسلبية، ورسمية، وغير رسمية.
من المعروف أن التغذية الراجعة جزء مهم من عملية التعلم. خاصة عندما تقترن بالممارسة المتعمدة في تطبيق شفهي أو مشروع جماعي أو غيره. يمكن أن تساعد التغذية الراجعة الطلاب على قضاء وقتهم في إتقان الجوانب التي يحتاجون إلى التركيز عليها بدلاً من ممارسة ما يعرفونه بالفعل. تعمل التغذية الراجعة الفعالة كخريطة لتوجيه الطلاب من خلال السماح لهم بمعرفة مكانهم الآن وما يجب العمل عليه للوصول إلى هدفهم. وإذا لم يكن هناك تغذية راجعة بناءة وشاملة للما والكيف، قد يحمل الطلاب مفاهيم خاطئة لم يدركوا أنها كانت لديهم أثناء تعلم المادة ويسيرون بلا هدف نحو الهدف دون التأكد من كيفية الوصول إلى هناك. [1]
على التغذية الراجعة الفعالة:
وبمعنى أوسع، تتعلق هذه الجوانب بالتفكير في الهدف الذي يتجه إليه الطالب، وما يفعله الطالب الآن، وما هي الخطوة التالية. أي تكون شاملة للما والكيف والمتى.[1]
كأي معلومة، عند تقديم الملاحظات، من المهم التأكد من أنها محددة ومرتبطة بأهداف محددة بوضوح أو نتائج التعلم. تعطي التغذية الراجعة المستهدفة الطلاب فكرة عما فعلوه بشكل جيد وكيف يمكنهم تحسينه فيما يتعلق بمعايير التعلم المذكورة في المادة. يساعد ربط التعليقات بأهداف محددة وقابلة للتحقيق والقياس في تزويد الطلاب بفهم للنتائج المرجوة والأهداف الفرعية كذلك [6]. بالإضافة إلى أنه لا ينبغي أن تكون الأهداف صعبة جدًا أو سهلة جدًا، حتى وإن كانت مقسمة لأهداف أصغر؛ فالأهداف التي تمثل تحديًا كبيرًا يمكن أن تثبط عزيمة الطلاب وتجعلهم يشعرون بعدم القدرة على النجاح والتحقيق، في حين أن الأهداف السهلة للغاية قد لا تدفع الطلاب بشكل مناسب إلى التحسن وتزودهم أيضًا بتوقعات غير واقعية للنجاح.
تتضمن التعليقات المستهدفة أيضًا تحديد أولويات التعليقات – بمعنى، من المهم عدم إرباك الطلاب بالكثير من التعليقات. فمثلًا في مادة الكتابة الأكاديمية، أظهرت الأبحاث أنه حتى الحد الأدنى من التعليقات على كتابات الطلاب يمكن أن يؤدي إلى تحسين المسودة الثانية، خاصة في المراحل المبكرة، لأنها تتيح للطلاب معرفة ما إذا كانوا على المسار الصحيح وما إذا كان القراء يفهمون رسالتهم. لتنفيذ ذلك، يمكنك التفكير في إعداد مراحل رئيسية لتقسيم مشروع أو ورقة بحثية للفصل وتقديم تعليقات للطلاب بشكل مستمر طوال مدة العمل. [2]
يمكن أن تساعد التعليقات التي توضح مدى تقدم الطالب من خلال تزويد الطلاب بمعلومات حول مدى تحسنهم والجوانب التي يجب عليهم توجيه المزيد من الاهتمام إليها. أظهرت الدراسات أن التغذية الراجعة التكوينية الموجهة نحو التطبيق والتي تركز على الإنجازات هي أكثر فعالية من التغذية الراجعة التلخيصية والتي تتمثل في درجات الحروف (ج: جيد، م: ممتاز)، وتؤدي أيضًا إلى زيادة الاهتمام بمواد الفصل الدراسي [6]. قد تكون إحدى الاستراتيجيات التي يجب مراعاتها هي تقديم تعليقات محددة على عمل الطلاب دون درجة حرف أو رقم؛ يميل الطلاب إلى التركيز على مثل هذه الملاحظات، وقد أظهرت الدراسات أن الجمع في تقديم كل من الملاحظات والدرجات ينفي في الواقع فوائد الملاحظات المقدمة. [2][3][5]
لن يكون مجرد تقديم التعليقات المستهدفة فعالاً إذا لم يُمنح الطلاب أيضًا الفرصة للتدرب على هذه الملاحظات ووضعها موضع التنفيذ. تساعد التعليقات المستهدفة في توجيه جهود الطلاب للتركيز على كيفية المضي قدمًا نحو الخطوات اللاحقة، لكن الممارسة تسمح للطلاب بالتعلم فعليًا من الملاحظات من خلال تطبيقها. وبخلاف ذلك، هناك احتمال ألا يستوعب الطلاب التعليقات فعليًا حتى لو تلقوها عن طيب خاطر. تتمثل بعض الطرق لربط التطبيق بالملاحظات المستهدفة في الحصول على سلسلة من المهام ذات الصلة حيث يُطلب من الطلاب دمج التعليقات في كل مهمة لاحقة، أو إنشاء أهداف فرعية ضمن المشاريع حيث يتلقى الطلاب تعليقات على المسودات التقريبية طوال عملية الكتابة مثلًا، ويتم إعطاؤهم على وجه التحديد فرصة الهدف هو معالجة التعليقات في المسودات النهائية. بغض النظر عن طبيعة المهمة، فإن الجزء الأساسي هو منح الطلاب الفرصة لتنفيذ الملاحظات التي يتم تقديمها لهم في الواجبات الصفية ذات الصلة. [2][3]
ومن المهم أيضًا أن تكون التعليقات في الوقت المناسب. بشكل عام، غالبًا ما تكون التغذية الراجعة الفورية والتغذية الراجعة المتكررة هي الأفضل حتى يكون الطلاب على المسار الصحيح لتحقيق أهدافهم، ولكن قد لا يتم بالضرورة تقديم التغذية الراجعة في الوقت المناسب على الفور. ويعتمد توقيت التغذية الراجعة إلى حد كبير على أهداف التعلم. فتكون التغذية الراجعة الفورية أفضل عندما يكتسب الطلاب معرفة جديدة، ولكن التغذية الراجعة المتأخرة قليلاً يمكن أن تكون مفيدة بالفعل عندما يطبق الطلاب المعرفة المكتسبة.
وبشكل خاص، إذا كان الهدف التعليمي للمهمة هو تمكين الطلاب ليس فقط من إتقان مهارة ما ولكن أيضًا التعرف على أخطائهم، فإن التغذية الراجعة المتأخرة ستكون الأكثر ملاءمة؛ لأنها تتيح للطلاب التفكير في أخطائهم والحصول على فرصة لاكتشاف أخطائهم عوضًا عن الاعتماد على المعلم ليعطيهم ملاحظاته.
قد تتضمن التعليقات الفورية في مواد مثل العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، أسئلة مفاهيمية داخل الفصل حيث يمكن للطلاب أن يعرفوا على الفور ما إذا كانوا قد فهموا الدرس الجديد الذي تعلموه للتو، بينما التعليقات المتأخرة قد تتضمن مجموعة مشكلات حيث يتعين عليهم تطبيق هذه المفاهيم المكتسبة والانتظار قبل تلقي التغذية الراجعة من المعلم.
بينما تتضمن التغذية الراجعة الفورية في المواد غير المتعلقة بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات مناقشة داخل الصف، حيث يمكن للطلاب سماع التعليقات والتعقيبات حول أفكارهم في الوقت الفعلي. في حين أن مثال التعليقات المتأخرة سيكون على مقالٍ مثلًا، أو عن مناظرة باللغة الثانية، حيث يتعين على الطلاب تطبيق ما تعلموه في الفصل لاحقًا ولا يتلقون تعليقات على ما قدموه على الفور. [2][3]
كمعلم، قد لا يكون لديك دائمًا الوقت الكافي لتقديم الملاحظات بالطريقة التي تريدها. تقدّم الاستراتيجيات التالية بعض الاقتراحات حول كيفية الاستمرار في تزويد الطلاب بملاحظات مفيدة بفاعلية.
قد تلاحظ أخطاء شائعة أو مفاهيم خاطئة متكررة أثناء تصحيح الاختبارات أو أثناء المناقشات، أو ترى أن العديد من الطلاب يطرحون سؤالاً مماثلاً. إذا لاحظت هذه الأخطاء الشائعة، فيمكنك بعد ذلك توجيهها إلى الصف بأكمله. يمكن أن يكون لهذا فائدة إضافية تتمثل في تقليل شعور الطلاب بالوحدة، حيث قد لا يدرك البعض أن الخطأ الذي ارتكبوه هو خطأ شائع بين أقرانهم.
كما ذكرنا سابقًا، قد يكون من المفيد تقديم الحد الأدنى من الملاحظات حول النسخة الأولية لتوجيه الطلاب في الاتجاه الصحيح. في كثير من الأحيان، قد لا يكون من الضروري تقديم تعليقات حول جميع الجوانب المهمة، وقد يؤدي القيام بذلك إلى إرباك الطلاب بالملاحظات. بدلًا من ذلك، فكر في ما هو الأكثر أهمية لتقديم التعليقات عليه في هذا الوقت – قد تفكر في تقديم تعليقات تحت معيار واحد في المرة الواحدة، مثل خطوة واحدة لصياغة حجة أو خطوة واحدة لحل المشكلة. تأكد من فهم الطلاب بشأن النواحي والمعايير التي قمت بها/لم تقدم تعليقات عليها.
تبدو العديد من استراتيجيات التغذية الراجعة أكثر جدوى للفصول الصغيرة، ولكن هذه الطريقة مفيدة بشكل خاص في فصول المحاضرات الكبيرة. قد يكون من الصعب بشكل خاص في الفصول الدراسية الكبيرة الحصول على صورة شاملة جيدة عن فهم الطلاب؛ لذا فإن التعليقات في الوقت الفعلي من خلال الأسئلة واستطلاعات الرأي قد تسمح لك بالتواصل مع الأغلبيات في الصف [5]. فمثلًا، إذا لاحظت وجود نسبة كبيرة من الإجابات غير الصحيحة، يمكنك التفكير في كيفية تقديم المادة بطريقة مختلفة، أو مطالبة الطلاب بمناقشة المشكلة معًا قبل إعادة اختيار الإجابة. تشمل الخيارات الأخرى للتعليقات الجماعية في الوقت الفعلي تطبيقات الاختيار الخارجية [4] – تطبيقات ذلك النوع من الأسئلة الأكثر استخدامًا في الجامعة هي Poll Everywhere، وSocrative، وSli.do.
قد لا يكون من الممكن لوجستيًا بالنسبة لك تقديم الملاحظات لطلابك بقدر ما تريد. ولكن ماذا عن إشراك الطلاب في العملية التعليمية لأكثر من مجرد التطبيق؟ فمثلًا، يمكن للطلاب أن يقدموا لبعضهم البعض تعليقات فورية وغير رسمية داخل الفصل باستخدام أسلوب فكر، ناقش، شارك (بالإنجليزية: Think-Pair-Share)، حيث يكون لدى كل طالب الوقت الكافي للتعامل أولاً مع المفهوم أو المشكلة بشكل فردي. ثم يُطلب منه شرح/تطبيق المفهوم أو المشكلة في عمل صديقه وهو المطلوب في المستويات العليا من هرم بلوم.
فيكون كذلك كنهج حل المشكلات لبعضهم البعض. يسمح استخدام تعليقات الزملاء للطلاب بالتعلم من بعضهم البعض، بينما يمنعك أيضًا من الشعور بالإرهاق من الاضطرار المستمر إلى تقديم التعليقات كمدرس أو إعادة ما شرحته بالفعل. يمكن أن تكون تعليقات الزملاء ذات قيمة مثل تعليقات المعلم، وذلك فقط عندما يحيط المعلم الطلاب بشأن الغرض من تعليقات الزملاء وكيف يمكنهم المشاركة فيها بفعالية [6]. تتمثل إحدى طرق إنشاء تعليقات زملاء ناجحة، خاصة بالنسبة للمهام الأكثر أهمية، في تزويد الطلاب بنموذج تقييم (بالإنجليزية: Rubric)، ومثال يتم تقييمه بناءً على نموذج التقييم. يوضح هذا للطلاب ما الذي يجب عليهم البحث عنه عند إجراء تعليقات الزملاء، وما الذي يشكل نتيجة نهائية ناجحة أو غير ناجحة.
من خلال التفكير في كيفية تطبيق التعليقات التي تلقوها، يستطيع الطلاب التفاعل بشكل نشط مع التعليقات وربطها بعملهم. على سبيل المثال، إذا كان لدى الطلاب مشروع فصل دراسي مقسم إلى خطوات، يمكنك أن تطلب من الطلاب كتابة بضع جمل حول كيفية استخدامهم للتعليقات التي تلقوها وكيف أثرت على المهمة اللاحقة.
إن السؤال القديم حول اختلاف أعداد أبناء الحيوانات بين الأنواع، قد أذهل العلماء وعشاق الحيوانات…
تقترح العديد من الفلسفات أن المعاناة سيئة. فالهدف النهائي للبوذية، على سبيل المثال، كما يتضح…
لطالما كانت الثقوب السوداء مصدرًا للغموض بالنسبة للفيزيائيين. ولكن ماذا لو كان فهمنا للثقوب السوداء…
توفر الصحراء الكبرى، وهي إحدى أكثر المناطق جرداء على وجه الأرض، مادة مغذية مهمة لقاع…
في اكتشاف رائد، توصل الباحثون في جامعة بوردو ومختبر الدفع النفاث التابع لناسا إلى اكتشاف…
يتعرض عالم العملات المشفرة لانتقادات بسبب سجله البيئي، لا سيما بالمقارنة مع الاستثمارات التقليدية التي…