وكأنك قرأت: خلاصة القرن لكارل بوبر

وكأنك قرأت: خلاصة القرن لكارل بوبر

في كتابه خلاصة القرن، يبدأ بوبر في حوار معه، بطرح مشكلة النظام الشيوعي وفلسفة ماركس التي بدأ بانتقادها في مراهقته. ومن ثم يحلل انهيار الاتحاد السوفيتي والتجربة الشيوعية. ويتضمن الكتاب بعض من دراسات كارل بوبر حول دولة القانون ومشكلاتها المتعلقة بالحرية والمراقبة والتدخل. وكأنك قرأت خلاصة القرن لكارل بوبر حلقة من سلسلة وكأنك قرأت لتقديم أهم الكتب الفلسفية.

بوبر الفأر في فخ الشيوعية:

يروي بوبر بأنه كان يحلم دومًا بعالم يسود فيه السلام، خاصة في فترة مراهقته، حيث نظم قصيدة وآمن بأن الحق سينتصر والسلام سيتحقق، بحيث سيعود الجنود المحتلين إلى ديارهم. تأثر بوبر بخطابات تروتسكي بشكل خاص حول بناء عالم بلا عنف. ذات مرة ذهب إلى مقر الحزب الشيوعي وهناك التقى بأبناء الفيلسوف النمساوي رودولف إسلر (هانز، فريتي وجيرهارد) كان لهم مكانة بارزة في الحزب الشيوعي وعاملوه بلطف كما يروي. لم تمر فترة طويلة حتى بدأ بوبر يشك في الخطاب الشيوعي، خاصة بعد حادثة مقتل ستة شبان في مظاهرة للشيوعيين من قبل الشرطة في فيينا، شعر أنه يحمل جزء من مسؤولية قتلهم. قبل أن يبلغ السابعة عشرة من عمره وجد أنه من الضروري نقد أطروحة ماركس والشيوعية.

بوبر ينتقد ماركس:

اعتقد ماركس أنه الرأسمالية وصلت إلى مرحلة بحيث هي نفسها صارت أزمة، لا مجال لإصلاحها بل يجب تدميرها. كما وجد ماركس بأنه ظروف العمال تزداد سوءًأ, غير أنه لم يرد تجريم الرأسماليين شخصيًا لطالما هم ضحايا النظام. حذر ماركس من “الشيوعية المبتذلة”. رأى بوبر أن أطروحة ماركس بعيدة عن الواقعين، واقع الرأسمالية وواقع الحزب الشيوعي. فالحزب دعم الشيوعية المبتذلة، حيث أن الرأسماليين شخصيًا يتحملون المسؤولية ويحب القضاء عليهم. ومن جهة اخرى يرفض بوبر كون الرأسمالية غير قابلة للإصلاح، كانت هناك إصلاحات جذرية حتى في زمن ماركس، ويبدو له أن ماركس بالغ في تقدير الرأسمالية وما يجب فعله، فالرأسمالية التي وصفها ماركس لم تكن سوى خيال شيطاني. وفي سياق آخر رأى بوبر أن ماركس بالغ في الاعتماد على الاقتصاد كآلة تفسيرية شاملة، فعناصر أخرى مثل الدين والمؤسسات لها دور كبير في تحديد شكل المجتمعات.

إقرأ أيضًا مفهوم الإنسان عند ماركس

انحطاط الاتحاد السوفيتي:

وفقًا لبوبر فأن حقبة خروشوف كانت هي بداية انحطاط الاتحاد السوفيتي، حيث لم يأخذ قادة السوفييت الماركسية بجدية سوى كاداة لبقاء النظام، أي فكرة تدمير الدول الرأسمالية خاصة الولايات المتحدة وبريطانيا. يتحدث بوبر عن خروشوف ومحاولة القضاء على أمريكا من خلال الصواريخ النووية الهائلة التي ارسلها الروس إلى كوبا. كان العالم أمام كارثة عالمية غير أن الصواريخ لم تكن جاهزة كفاية لضرب أميركا، هكذا خسر السوفييت الرهان وأنهار النظام الشيوعي لأسباب عسكرية بحتة.

دولة القانون:

مع أن بوبر كان ليبراليًا، إلا أنه ينتقد بعض المبادئ الرئيسية في الدولة الليبرالية وأهمها السوق الحر وحرية التعبير. فلأجل بناء دولة القانون يجب أن تتدخل الدولة في السوق كما عليها مراقبة وسائل الإعلام. فالسوق الحر، بشكل أو بآخر يشجع السرقة والفساد، فضلًا عن التلاعب بآالية السوق. يرى بوبر أنه يتحتم وجود سوق حر دون تدخل الدولة. يضع بوبر قائمة من الأولويات لبناء دولة القانون:

  • السلام العالمي: أن تكون الأسلحة النووية بيد الشعوب المتحضرة لأجل تحطيمها والإحتفاظ بكمية قليلة فقط.
  • وضع حد للإنفجار السكاني.
  • التربية: يجب أن نربي الأطفال على اللاعنف، فهم غريزيًا ضد العنف، غير أن وسائل اللإعلام هي من تفسدهم لذلك ثمة حاجة للمراقبة من قبل الدولة. وفي حديثه عن الحرية يجد بوبر بأن الحرية المطلقة سخيفة لذلك يدعو إلى ضمان حرية الآخر، ذلك لأن الحرية المطلقة تكون تعسفية غالبًا بحيث تحرم الآخر من حريته. بذلك يتبنى مفهوم كانط للحرية “ما نحن في حاجة إليه هو مجتمع حيث حرية الفرد متعادلة مع حرية الآخرين، حريتي ليست متعادلة معك إلا عندما نرفض معًا استعمال العنف، أنا لا أضربك وأنت لا تضربني”. فالقاعدة في دولة القانون هي حمايتنا من الجريمة والعنف.

وفي حديثه عن دولة القانون، يدعو بوبر إلى التعاون مع الدين والمؤسسات الأخرى وخاصة التيارات غير المتشددة في الديانات المختلفة، ذلك لأنه يؤمن بأن الدين نفسه ليس مع العنف. كما يرى بأن الخطر الحقيقي يأتي اليوم من الوطنية، حيث هوية عرقية تدعي أنها الهوية الحقة، على الدولة حماية الأقليات وضمان حقوقهم لطالما أنه من المستحيل أن يكون لكل شعب دولة.

الكتب والديمقراطية:

في أثينا وابتداءً من عام 530 ق.م وجد أول سوق للكتب في التاريخ لبيع المخطوطات، خاصة الملحمتين الشهيرتين لهوميروس، الإلياذة والأوديسا. الذي أمر بتدوين قصائد هوميروس كان الطاغية بيزيسترات، كما هو من فتح المسارح. تحول الشعب الأثيني إلى شعب يقرأ هوميروس كأنجيل أثيني. بدأ الفلاسفة والكتاب مثل أناكساغوراس وهيرودوت يأتون إلى أثينا لنشر أعمالهم. فوفقًا لبوبر سوق الكتب يفسر الديمقراطية الأثينية في القرن الخامس قبل الميلادي، هما حدثان مرتبطان. يقارن بوبر بين اختراع جوتنبرغ لآلة الطباعة وبين إنشاء سوق الكتب في أثينا، فسوق الكتب هو عامل مهم في بناء مجتمع يوناني ديمقراطي متطور فكريًا وأدبيا، وأختراع جوتنبرغ أدى إلى ثورة ثقافية وإزدهار في الفنون، وحسب بوبر فأن اختراع آلة الطباعة مرتبط بثورتي الإصلاح في إنكلترا عام 1648 و1688.

الديمقراطية ليست حكم الشعب:

وفقًا لأفلاطون هناك ثلاثة أشكال رئيسية للسلطة:

الملكية: حكم رجل واحد

الأرستقراطية: حكم مجموعة من الأشخاص

الديمقراطية: حكم الشعب

كان يتسائل أفلاطون، إلى من يجب أن تعود قيادة الدولة؟ الأفضل حسب أفلاطون وحسب ماركس البروليتارية وقال هتلر أنا. يطرح بوبر المشكلة بشكل مختلف، هل توجد أشكال حكومة التي هي لأسباب أخلاقية جديرة بالعقاب؟ هل توجد أشكال حكومية تسمح لنا بالتخلص من الحكومة السيئة؟ هذه الأسئلة هي قاعدة الديمقراطيات.

يرفض بوبر أن تكون الديمقراطية سلطة بيد الشعب، ذلك غير ممكن، فهي بإختصار تساعدنا على التخلص من الدكتاتورية دون إراقة الدماء، سواء عن طريق الانتخابات أو البرلمان.

الحرية ودولة حد أدنى:

إن حماية الحرية مسؤولية مشتركة، نتشارك فيها جميعًأ، بمعنى أن حريتي عندما تبدأ يجب ألا تنهي حريتك, لذلك فأن الإسراف في الحرية يؤدي إلى التعسف والعنف. يعبر بوبر بشكل جميل عن ثنائية الحرية-الدولة بقوله: “نحن بحاجة إلى الحرية لمنع الدولة من التعسف في سلطتها ونحن بحاجة إلى الدولة لمنع تعسف الحرية”. يقترح بوبر وجود محكمة دستورية لمنع التعسف الناتج من الحرية.

كما يناقش بوبر آراء الفلاسفة هوبز، كانط، هامبلدنت وميل حول مفهومي الدولة والحرية. عند هوبز أن الإنسان من دولة سيكون ذئبًا لأخيه الإنسان. عند كانط الدولة عليها أن تضمن أكبر حرية ممكنة للفرد مع ضمان حرية الآخرين بنفس الدرجة. تبنى كل من ميل وهامبلدنت فكرة كانط، أي دولة حد أدنى. هذه الدولة مهمتنا الرئيسية هي الاعتراف بحقنا في الحرية والحياة ومساعدتنا على حماية حقوقنا. كما من مهمات الدولة الاهتمام بالفئات المستضعفة والشباب ومنع وسائل الاعلام من بث الاخبار الكاذبة.

الديمقراطية محكمة الشعب:

الديمقراطية هي النظام الأفضل بين الأشكال الأخرى للنظام، غير أن الديمقراطية ليست واضحة تمامًا. لطالما أن أغلبية الشعب تحدد الحكومة، فمن المحتمل أن تختار الأغلبية حكومة ديكتاتورية كما حدث مع هتلر. وفقًا لسقراط فالذي يحكم هو الذي يعرف نفسه والذي لا يعرف شيئًا، بمعنى أن اختيار الصحيح صعب جدًا. يقول بوبر أن الانتخابات التي يصوت فيها الشعب يجب أن تكون بمثابة معاقبة الحكومة المنتهية حكمها وليس إعطاء شرعية للحكومة الجديدة. فمن السهل جدا أن ينتخب الشعب حكومة دكتاتورية حيث الإنسان يصبح نصف إنسان. يحتار بوبر أمام مفارقة الانتخابات ويعترف بذلك. كما يحذرنا بوبر من الحكومة التي يشكلها اتلاف او كتلة من الاحزاب حيث لا أحد يتحمل المسؤولية، فوجود احزاب أقل يجعل من الحكومة تشعر بمسؤوليتها أكثر.

السلطة والمثقف:

المثقف يستطيع أن يفعل الكثير، فهم الذين يبدعون الأفكار ومن واجبهم أن يأتوا بما هو خير لمواجهة الأفكار الشريرة وخاصة التي تؤمن بها الجماعات المتطرفة. يأخذ بوبر على الفلاسفة الذين يستغلون الثغرات أو لأجل غايات شعبوية ويقومون بشيطنة النظام الغربي، الذي هو أفضل نظام في التاريخ. لا يعني بوبر بأنه نظام كامل، لكمنه يدعو المثقفين إلى قول الحقيقة وتغير ما يجب تغيره بدلًا من التمويه ونشر أفكار لا أصل لها.

مفهوم الإنسان عند ماركس

مفهوم الإنسان عند ماركس:

تمتلك الماركسية، كأي أيدولوجيا، ترسانة معرفية هائلة، غير أنها تعدو أن تكون تراكمات مفاهيمية في الكتب. في فترات طويلة جدًا سيطرت أنظمة قمعية على مساحات شاسعة من العالم تحت غطاء الماركسية وصور ماركس. لم يكن ماركس محظوظًا رغم كل هذا الاهتمام به، فتحول عند البعض إلى تجسيد شيطاني، وتم تفسير فلسفته من قبل البعض على أنها فلسفة مثالية وآخرون حملوه مسؤولية كل ما قامت به السلطات الشيوعية الاستبدادية. يقدم إريك فروم في كتابه “مفهوم الإنسان عند ماركس” تفسيرًا مغايرًا وموضوعيًا لأكثر المفاهيم تعرضًا للتشويه في فلسفة ماركس.

أسباب تزييف مفاهيم ماركس:

يتساءل فروم عن الأسباب التي دفعت المجتمع الغربي لتكوين صورة مزيفة لفلسفة ماركس رغم تظاهره بالموضوعية والصدق في البحث. مفهوم “المادية” على سبيل المثال من أكثر المفاهيم تعرضًا للتشويه. حيث يُعتقد بأن ماركس كان يؤمن أن الدافع السايكولوجي الأعظم في الإنسان هو ميله للكسب المالي دون إعطاء أي اعتبار للحاجات الروحية.

كما تم تفسير نقده للدين بوصفه نوعًا من العدمية الأخلاقية. راح هذا التفسير ليبين أن الماركسية هي فردوس من الأشخاص الذين تنازلوا عن فرديتهم وحريتهم ليعملوا مثل الروبوتات. يشير فروم إلى وجود بعض التناقض في هذه الرؤية الرأسمالية؛ حيث أن الرأسمالية تتهم تارة الماركسية بأنها مادية وتارة أخرى بأنها مثالية/غير واقعية.

يعرض فروم بعض الأسباب التي أدت إلى هذه الأزمة المعرفية دون ترتيب. أحدها الجهل وعدم العودة إلى كتابات ماركس وعدم ترجمة بعض من أعماله، خاصة (المخطوطات الفلسفية والاقتصادية). وسبب آخر هو أن الشيوعيين الروس قد طبقوا رؤيتهم المحتقرة للفردية والقيم الإنسانية تحت غطاء مفاهيم ماركس. تصور الروس –على حد قول فروم- أن الاشتراكية ليست مجتمعًا مختلفًا إنسانيًا عن الرأسمالية، بل شكلًا من الرأسمالية الذي تحصل فيه الطبقة العاملة على مكانة اجتماعية أرقى. كما كانت هناك أسباب غير عقلانية وراء ذلك التحريف، مثل العداء الثقافي المتجذر في العلاقة الروسية-الغربية.

مفهوم المادية:

إن المادية ببساطة هي المنهج الذي اعتمد عليه ماركس في تحليله للوجود الإنساني. جاءت مادية ماركس لمواجهة المثالية الألمانية والمادية البرجوازية الميكانيكية. فالمثالية المتمثلة بهيجل تفترض مقدمًا روحًا مطلقة أو مجردة، تتطور بحيث لا يكون الإنسان فيها سوى كتلة لحم تحمل هذه الروح. أما المادية البرجوازية فهي مادية استاتيكية جامدة، ترجع كل مظاهر الحياة الإنسانية الروحية والعاطفية إلى عمليات فسيولوجية في الجسم. حسنًا، ما هي مادية ماركس؟

مادية ماركس تتميز بطابع الصيرورة والديناميكية، بحيث تركز على علاقة الإنسان بالطبيعة. لفهم ذلك، يجب أن نفهم أنه لدى الإنسان غرائز ثابتة وأخرى نسبية، الأخيرة نابعة من تنظيم اجتماعي معين. أما الغرائز الثابتة هي التي تحتاج التركيز. يحتاج الإنسان إلى المأوى والطعام والجنس… إلخ، فيستدعي ذلك أن يقوم الإنسان بعملية الإنتاج، لإنتاج ما يحتاجه. وليس الإنتاج نفسه هو المهم، إنما إسلوب الإنتاج، لأنه يحدد كينونة الإنسان وأفكاره.

يقول ماركس: إن شروطًا اقتصادية محددة، كتلك الموجودة في الرأسمالية، تخلق كحافز رئيسي الرغبة في المال والملكية. بينما نجد أن أوضاعًا اقتصادية أخرى تولد رغبات معاكسة تمامًا، كالزهد واحتقار الثروة الدنيوية كما هو ملاحظ في كثير من الثقافات الشرقية.

مفهوم الوعي:

يعد مفهوم الوعي من المفاهيم المتشظية في تاريخ الفلسفة، وغالبًا ما يُنظر إلى الوعي ككيان مستقل ومتعال. لكن ماركس يضعه في سياق العملية الإنتاجية. فالوعي الإنساني الجمالي والقانوني والسياسي والأخلاقي يحدده أسلوب الإنتاج الذي يتبعه. إن إنتاج الأفكار متمازج بشكل مباشر مع الفعالية المادية ومع علاقات البشر المادية. لكن يجب أن نفهم أن الوجود الإنساني ليس بوجود سلبي، فالإنسان في علاقة إيجابية مع الطبيعة؛ أي الظروف الخارجية. يقول ماركس أن الإنسان هو من يصنع وجوده من خلال العمل، أي فعالية علاقتنا مع الطبيعة. إن توافق عملية تغيير الظروف مع الفعالية الإنسانية أو التغيير الذاتي لا يمكن تفسيره إلا بوصفه ممارسة ثورية.

اقرأ أيضًا كيف تنظر الفلسفة إلى مفهوم الوعي؟

مفهوم الاغتراب:

يؤكد ماركس دومًا على أصالة علاقة الإنسان بالطبيعة؛ أن الإنسان يحوز كينونته الفعالة من خلال تفاعله الإيجابي مع الطبيعة. إن الإنسان يصنع نفسه في تلك العلاقة في سياق التاريخ. إلا أن مفهوم الإنسان لا يمكن فهمه بمعزل عن إشكالية الاغتراب.

يقوم فروم بمقاربة مثيرة بين مفهوم الاغتراب عند ماركس ومفهوم الوثنية. تعني الوثنية عبادة الإنسان وخضوعه لشيء أو كيان قام هو نفسه بصنعه، عبادة التماثيل على سبيل الذكر. الإنسان حين يخلق شيئًا ما، فبدلًا من أن يمارس ذاته كفرد خالق، فإنه يكون في حالة تواصل مع ذاته عبر عبادة ذلك الشيء، أي الوثن.

وتمثل اللغة شكلًا من أشكال الاغتراب المعقدة عند ماركس. إن اللغة تحول الكلمة من علامة لغوية دالة إلى شيء قائم بذاته، فعندما أقول (أحبك) فهذه الكلمة تمتلك حياتها الخاصة، فحينئذ نهتم بفكرة الحب التي انبثقت من اللغة بدلًا من الاهتمام بحدث الحب نفسه. رغم الاعتبار العظيم للغة في فلسفة ماركس إلا أنه يحذرنا من خطر أن تكون بديلًا عن التجربة الحية.

كما أن الاغتراب قد يتجلى في مواضيع فنية وأدبية وفكرية، فيمكن أن نذعن لنص شعري أو لوحة فنية أومفهوم إلى حد الاغتراب عن ذواتنا.

لنفهم مفهوم الاغتراب علينا البحث في مسألة العمل، فتجربة العمل هي التجربة الأهم بالنسبة لماركس في تحقيق الانسان لذاته الفردية أو لذاته الكونية، أي تمثيله للنوع الإنساني. بيد أن تجربة العمل باتت تجربة مغرَّبة في عصر الرأسمالية. تحت شروط الإنتاج الرأسمالي يُقصى الإنسان عن قواه المبدعة كما أن الأشياء التي انتجها هي التي تتعالى عليه وتتحكم به.

ثمة سوء فهم شائع حتى بين الاشتراكيين، فلم يدعو ماركس إلى التساوي في الدخل أو أن يحصل العامل على أجر أعلى بل دعا إلى تحرير الإنسان من ذاك النوع من العمل الذي يدمر فرديته، والذي يحوله إلى شيء ويجعله عبدًا للأشياء.

العمل المغرِّب هو الذي ينزل بالإنسان إلى مستوى الآلة أو أقل، حيث يفقد الفرد رغبته في العمل ويشعره بالبؤس. ولأن العلاقة الانتاجية هي محرك تاريخ تحقيق الإنسان لذاته، فالاغتراب لا يكون واقعة طارئة في زمن العمل ومكانه بل يؤدي إلى اغتراب الإنسان عن ذاته وأخيه الإنسان وعن الطبيعة.

الاشتراكية والحرية:

الصورة الرسمية للاشتراكية في الفضاء العمومي العالمي هي صورة لمجموعة كبيرة من الأشخاص البائسين يعملون تحت مراقبة شديدة. ساهم الاعلام الرأسمالي في تقديم تلك الصورة، كما عملت سلطة ستالين على ترسيخها في مخيلة الناس. بيد أن الاشتراكية التي دعا ماركس إليها مختلفة عن تلك الصورة والتأويلات الشائعة. إذن ما هي الاشتراكية؟

الاشتراكية هي المجتمع الذي يعمل فيه الأفراد بطريقة مشتركة، لا تنافسية، بطريقة عقلانية وغير مغرَّبة. يقول الفيلسوف باول تيليش بأن الاشتراكية هي حركة احتجاج ضد تدمير الحب في الواقع الاجتماعي.

الحاجات في المجتمع الاشتراكي:

إن الاشتراكية وفقًا لماركس هي المجتمع الذي يلبي حاجات الفرد الإنسانية، لكن مفهومه للحاجات فيه بعض التحديد. ثمة حاجات زائفة وأخرى حقيقية، الحاجات الزائفة تؤدي إلى الاغتراب في حين الحاجات الحقيقية تؤدي إلى تحقيق الفرد لجوهره. ما يميز حقيقة الحاجة عن زيفها هو طبيعة الإنسان، بعكس المجتمع الرأسمالي الذي يخلق كمية هائلة من الحاجات الزائفة، فإن الاشتراكية هي تحقيق حاجات حقيقية وأصيلة.

هدف الاشتراكية:

إن هدف الإشتراكية هو الإنسان، إنها تهدف إلى خلق نمطًا من الإنتاج، ونظامًا للمجتمع، يصبح فيه بإمكان الإنسان قهر الاغتراب عن نتاجه، وعن عمله، وعن أخيه الإنسان، وعن ذاته وعن الطبيعة. والاشتراكية ترفع شعار التصالح والانسجام مع الطبيعة وليس السيطرة عليها واستغلالها لأجل فائدة أكبر كما هي حال الرأسمالية.

الحرية:

يتخيل الناس –ولهم مبرراتهم- المملكة الاشتراكية على أنها الجانب المقابل للحرية، أي استحالة الحرية. في حين أن الاشتراكية تهدف إلى مجتمع حر وإنسان حر. الحرية هنا هي أن يبني الأفراد علاقة عقلانية مع الطبيعة، وأن يتعاملوا مع ثرواتها بشكل مشترك، بدلًا من أن يكونوا محكومين بها كقوة عمياء. كتب ماركس في (رأس المال): “عهد مملكة الحرية لا يبدأ، حتى تنقضي المرحلة التي يكون فيها العمل القائم على قسر الضرورة والمنفعة الخارجية متطلبًا”.

10 مفاهيم اجتماعية يجب عليك معرفتها

علم الاجتماع هو علم يهتم بدراسة العلاقات الانسانية والتفاعل بين البشر، والمؤسسات. فهو علم مُعقد وبحره ضخم. يقوم بدراسة جوانب متعددة من المجتمع، كما أن علم الاجتماع يرتبط ارتباطًا وثيقًا بعلوم اجتماعية أخرى كعلوم السياسة والاقتصاد وعلم النفس، ويتقاطع معها في مجالات متعددة. في هذه المقالة سنتناول أهم 10 مفاهيم اجتماعية يجب عليك معرفتها .

10- التصنيف الاجتماعي

مفهوم الطبقة الاجتماعية

الطبقة الاجتماعية هي مجموعة من الأشخاص داخل المجتمع يمتلكون نفس الوضع الاجتماعي والاقتصادي. فهم  يتشاركون ظروفًا اقتصادية متشابهة على نطاق واسع.

أما عن التصنيف الطبقي الاجتماعي، فهو مفهوم يعني تمايز مجموعة سكانية ما إلى طبقات متراكبة هرميًا. ويتجلى ذلك في وجود طبقات اجتماعية عليا ودُنيا. ويتكون أساسها وجوهرها في التوزيع غير المتكافئ للحقوق والامتيازات والواجبات والمسؤوليات والقيم الاجتماعية و الحرمان والسلطة الاجتماعية والتأثيرات بين أفراد المجتمع. التصنيف الاجتماعي هو مصطلح أو مفهوم صاغه عالم الاجتماع والعالم الإنساني الشهير Pitirim A. Sorokin ويُعد أحد أكثر التعريفات شمولاً للطبقات الاجتماعية.

يركز تعريف سوروكين على التوزيع غير المتكافئ لجميع جوانب المكافآت أو الحقوق في المجتمع، وليس الجوانب المالية فقط. يمكن أن تأتي “المميزات” أيضًا في شكل المكانة (الاحترام والسمعة) ، وفرصة الحراك الاجتماعي والمكانة الاجتماعية والصلات الموروثة، وأشكال أخرى من الامتيازات والسلطة.

يمكن توريث الخصومات أيضًا، سواء ماليًا في شكل ديون عائلية أو اجتماعيًا من خلال أنظمة القمع والتمييز المختلفة. العرق والجنس والتوجه الجنسي والدين ومستوى التعليم والطبقة الاقتصادية، كل هذه الفروق وغيرها، يمكن أن تؤثر على “الكثير في الحياة” للشخص قبل ولادته.

يُعتبر موضوع التصنيف الطبقي الاجتماعي موضوع مُعقد للغاية. فهو ظاهرة وأصل العديد من القضايا الاجتماعية في جميع أنحاء العالم. كما أنه مجال دراسي رائع ومهم بالنسبة لطالب علم الاجتماع. يمكن لعلماء الاجتماع اكتساب العديد من الأفكار من الفحص الدقيق للطبقات الاجتماعية بأشكالها المتعددة. ويمكن استخدام هذه الأفكار لتشكيل استراتيجيات تقدمية ومبادئ توجيهية لصنع السياسات والتنظيم بهدف معالجة أسوأ حالات عدم المساواة الاجتماعية الحالية.

9- الحِراك الاجتماعي

يُشير الحِراك الاجتماعي إلى التحول في الوضع الاجتماعي للفرد من حالة إلى أخرى. يمكن أن يكون التحول إما أعلى أو أقل أو بين جيل واحد أو بين الأجيال، ولا يمكن بالضرورة تحديد ما إذا كان التغيير جيدًا أم سيئًا. وفقًا لسوروكين، لا يوجد مجتمعان متماثلان من حيث الحركة المسموح بها والهبوط، وأن سرعة الحِراك الاجتماعي يمكن أن تتغير من فترة زمنية إلى أخرى. ويعتمد  ذلك على مدى تطور المجتمع. يمكن أن يحدث مثل هذا التحول المجتمعي بمرور الوقت حيث ينتقل الأفراد من موقع إلى آخر بسبب التفاعلات الاجتماعية المختلفة. ويوفر التنقل بشكل أو بآخر فوائد للناس حيث تحفزهم عوامل مختلفة  في المجتمع  ويعملون للوصول إلى أدوار جديدة توفر لهم مستوى معيشيًا أفضل ومكافآت أكبر. يتنافس الناس ويتعاونون مع الآخرين في المجتمع للارتقاء في سلم الحراك الاجتماعي. كان الحِراك الاجتماعي أحد الموضوعات المهمة للتاريخ الاجتماعي خلال بداياته في الستينيات والسبعينيات. يستكشف المؤرخون الحراك الاجتماعي لسببين:

الأول: يريدون دراسة السؤال العام لتاريخ تكافؤ الفرص الاجتماعية.  فقد كانت مسألة ما إذا كانت المجتمعات الحديثة قد وسعت أو قللت من فرص الصعود الاجتماعي للرجال والنساء على حد سواء ، مسألة جذابة للمؤرخين. فالانفتاح المتزايد وتزايد أو تناقص فرص الحِراك الاجتماعي التصاعدي للرجال والنساء من الطبقات الدنيا والمهاجرين والأسرالفقيرة والمجموعات العرقية وتوسيع أو تقليص الوصول إلى قنوات الصعود الاجتماعي مثل التعليم والمهن في الأعمال التجارية أو البيروقراطية العامة والسياسة ودور الشبكات العائلية، كلها موضوعات محورية.

الثاني: يناقش المؤرخون تاريخ الحِراك الاجتماعي من منظور مقارن.

فالحِراك الاجتماعي يرتبط بقدرة الأفراد على نقل وضعهم الاجتماعي، ويُعتبر التعليم هو الآلية الرئيسية للحراك الاجتماعي لأنه يغير الوضع الاجتماعي للأفراد والجماعات من خلال قدر أكبر من الاستقرار المالي.

أنواع الحِراك الاجتماعي

كما ذكرنا يمكن أن يتخذ الحِراك الاجتماعي أشكالًا مختلفة، ويمكن للناس تجربة أنواع مختلفة من التنقل في مراحل مختلفة من حياتهم. أنواع الحركات مستقلة عن بعضها البعض ويمكن أن تتداخل في كثير من الأحيان. يُمييزها العلماء فقط لغرض التحليل والدراسة.

1- التنقل الأفقي

يحدث هذا عندما يغيرالشخص مهنته ولكن وضعه الاجتماعي العام يظل دون تغيير. على سبيل المثال، إذا انتقل الطبيب من ممارسة الطب إلى التدريس في كلية الطب، فقد تغيرت المهنة ولكن من المحتمل أن تظل مكانتهم ومكانتهم الاجتماعية كما هي. يصف سوروكين التنقل الأفقي بأنه تغيير في التحولات الدينية أو الإقليمية أو السياسية أو التحولات الأفقية الأخرى دون تغيير في الوضع الرأسي.

2- التنقل الرأسي

يشير هذا إلى تغيير في الوضع المهني أو السياسي أو الديني للشخص الذي يسبب تغييرًا في وضعه المجتمعي. ينتقل الفرد من طبقة اجتماعية إلى أخرى. يمكن أن يكون التنقل العمودي تصاعديًا أو تنازليًا. ينطوي التنقل الرأسي على انتقال الفرد من مجموعة في طبقة أدنى إلى طبقة أعلى أو إنشاء مجموعة مماثلة ذات موقع اجتماعي أعلى، بدلاً من أن تكون جنبًا إلى جنب مع مجموعتها الحالية. يحدث التنقل التنازلي، على سبيل المثال، عندما يتكبد رجل أعمال خسائر في عمله ويضطر إلى إعلان إفلاسه، مما يؤدي إلى الانتقال إلى طبقة أدنى من المجتمع.

3- الحركة التصاعدية

يحدث هذا عندما ينتقل الشخص من منصب أدنى في المجتمع إلى موقع أعلى. يمكن أن يشمل أيضًا الأشخاص الذين يشغلون مناصب أعلى في نفس المجموعة المجتمعية. ومع ذلك ، فإن الحركة التصاعدية، على الرغم من اعتبارها شيئًا جيدًا، يمكن أن تصبح عبئًا وتأتي أيضًا بتكلفة للأفراد. عندما يتحرك الشخص لأعلى، غالبًا ما يحتاج إلى ترك محيط مألوف خلفه مثل الأسرة والأماكن. قد يحتاجون أيضًا إلى تغيير طريقة تفكيرهم وسلوكهم. سيحتاج الفرد إلى التكيف مع البيئة الجديدة نتيجة لحركته التصاعدية واعتماد سلوكيات مختلفة للتكيف مع المجتمع الجديد.

4- الحركة الهبوطية

يحدث التنقل الهبوطي عندما ينتقل الشخص من منصب أعلى في المجتمع إلى منصب أدنى. يمكن أن يحدث عندما يتم القبض على شخص يقوم بعمل غير مشروع يمكن أن يؤدي إلى فقدان المركز الذي يشغله حاليًا. يمكن أن يكون التنقل الهابط مرهقًا للغاية بالنسبة للأشخاص الذين يواجهون تدهوراً سريعاً في وضعهم الاجتماعي. قد يجدون صعوبة في التكيف مع البيئة الجديدة، لأنها لا تشبه مستوى المعيشة الذي اعتادوا عليه. يعد التنقل إلى أسفل مثالاً على المدى الذي يقدر فيه المجتمع تكافؤ الفرص والبنية.

5- التنقل بين الأجيال

يحدث التنقل بين الأجيال عندما يتغير الوضع الاجتماعي من جيل إلى آخر. يمكن أن يكون التغيير لأعلى أو لأسفل. على سبيل المثال، كان الأب يعمل في مصنع بينما تلقى ابنه تعليمًا أتاح له أن يصبح محامياً أو طبيباً. يؤدي هذا التغيير المجتمعي أيضًا إلى تبني الجيل لطريقة جديدة للعيش والتفكير. يتأثر التنقل بين الأجيال بالاختلافات في تربية الوالدين وأنجالهم والتغيرات في السكان والتغيرات في المهنة.

6- التنقل بين أفراد الجيل الواحد

يحدث التغيير داخل الأجيال في الوضع المجتمعي خلال عمر جيل واحد. يمكن أن يشير أيضًا إلى تغيير في الموقف بين الأشقاء. إحدى الطرق هي عندما يصعد شخص ما سلم الشركة في حياته المهنية. على سبيل المثال، يبدأ الفرد حياته المهنية ككاتب وينتقل خلال حياته إلى منصب رفيع مثل مدير. قد يحقق أحد الأشقاء أيضًا مكانة أعلى في المجتمع من مكانة أخيه أو أخته.

8- الماركسية

الماركسية هي نظرية اجتماعية واقتصادية وسياسية للنضال المستمر. فهي مففهوم تحليلي يتعلق بالفلسفة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تدرس الطبيعة  الإشكالية للرأسمالية على الاقتصاد. ظهرت الماركسية لأول مرة في دائرة الضوء العام عام 1848 من خلال وثيقة  أطلق عليها اسم البيان الشيوعي، صاغها Karl Marx-كارل ماركس بمساعدة Friedrich Engels-فريدريك إنجلز، تهدف إلى فهم الأبعاد المخفية بشكل منهجي في المجال الاقتصادي.

تفترض النظرية الماركسية للصراع الطبقي أن الصراع الطبقي هو قانون تاريخي وعوامل تسرع التنمية الاقتصادية. وفقًا للماركسية ، يعمل قانون التاريخ جيدًا لكل مجتمع يتكون من طبقات اجتماعية ، يناضل من أجل دور أعلى في مجال الإنتاج. رأى ماركس أن كل مجتمع مقسم اجتماعيًا، بحيث يكون وجود أو غياب وسائل الإنتاج بمثابة أساس للفصل بين المجموعات. كان يعتقد أن هناك نوعين فقط من الطبقات في المجتمع الرأسمالي، البرجوازية (أصحاب الأعمال) الذين لديهم وسائل الإنتاج والبروليتاريا (العمال) الذين يحولون الموارد إلى منتجات. وبما أن البرجوازيين يحتكرون وسائل الإنتاج، فإنهم أكثر قوة اقتصاديًا وتأثيرًا سياسيًا من نظرائهم البروليتاريين. فالرأسمالية تسمح للبرجوازية باستغلال البروليتاريا.

إذًا، فتشير الماركسية إلى أن الصراعات الطبقية  خاصة بين البروليتاريا والبرجوازية هي نقيض غير متكافئ في الاقتصاد الرأسمالي، وستتوج  حتما بثورة بسبب الاستغلال المادي. وفقًا لهذا المفهوم، ستنخفض البرجوازية أولاً وتفقد قوتها السياسية، بينما سيزداد عدد العمال للاستيلاء على وسائل الإنتاج.

7- الرأسمالية

الرأسمالية وتسمى أيضًا اقتصاد السوق الحرأواقتصاد المؤسسة الحرة، وهي نظام اقتصادي قائم على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج. يضمن هذا النظام تجميع غالبية الأرباح في أيدي فئة مالك الأقلية التي تسمى البرجوازية. في حين أن الذين يعانون ويعملون هم الأغلبية من الطبقة العاملة، وتسمى البروليتاريا. تدعم الرأسمالية مؤسسات السوق الحرة والملكية الخاصة والعمل المأجور. تعتمد الطبقات البرجوازية على البروليتاريا لتحويل المواد الخام إلى مواد ذات قيمة اقتصادية باستخدام قوة عملهم. يجادل النقاد بأن النظام الرأسمالي يؤدي إلى استغلال الطبقة العاملة.

تعزى النظرية الرأسمالية الحديثة إلى أطروحة عالم الاقتصاد السياسي الاسكتلندي Adam Smith-آدم سميث، ويمكن وضع أصول الرأسمالية كنظام اقتصادي في القرن السادس عشر. فمن القرن السادس عشر إلى القرن الثامن عشر في إنجلترا أدى تصنيع المؤسسات الجماهيرية  – كصناعة القماش- إلى ظهور نظام استثمر فيه رأس المال المتراكم لزيادة الإنتاجية -لُب الرأسمالية-. ومع ذلك، لا يمكن القول بأن شخصًا واحدًا قد اخترع الرأسمالية، وأن الأنظمة الرأسمالية السابقة كانت موجودة منذ العصور القديمة.

6- الخيال الاجتماعي

التخيل أو الخيال الاجتماعي هو ممارسة القدرة على “التفكير في أنفسنا بعيدًا” عن الروتين المألوف في حياتنا اليومية للنظر إليها بعيون جديدة وناقدة. عرّف عالم الاجتماع C. Wright Mills-سي رايت ميلز، الذي ابتكر المفهوم، الخيال الاجتماعي بأنه “وعي حي للعلاقة بين التجربة والمجتمع الأوسع”.

فالخيال الاجتماعي هو القدرة على رؤية الأشياء اجتماعيًا وكيفية تفاعلها وتأثيرها على بعضها البعض. للحصول على خيال اجتماعي، يجب أن يكون الشخص قادرًا على الابتعاد عن الموقف والتفكير من وجهة نظر بديلة. هذه القدرة هي مركزية لتطوير المرء من  منظور اجتماعي على العالم .

من هذا المنطلق، يتيح لك استخدام الخيال الاجتماعي النظر إلى نفسك وثقافتك كطرف ثالث مراقب. الهدف ليس أن تكون نزيهًا وبعيدًا، بل أن ترى نفسك كجزء من أنظمة أكبر. فيسمح النظر في السياق الاجتماعي للأفراد بمساءلة المجتمع وتغييره بدلاً من مجرد العيش فيه. عندما نفهم السياقات التاريخية والاجتماعية، نكون أكثر استعدادًا للنظر في أفعالنا وأفعال مجتمعنا كنتيجة للأنظمة – التي يمكن تغييرها – وليس باعتبارها متأصلة في الإنسانية.

5- الحقيقة الاجتماعية

الحقيقة الاجتماعية هي نظرية طورها عالم الاجتماع Emile Durkheim-إميل دوركهايم لوصف كيف تتحكم القيم والثقافة والمعايير في تصرفات ومعتقدات الأفراد والمجتمع ككل.

فقد أوضح دوركهايم في كتابه “قواعد المنهج الاجتماعي” الحقائق الاجتماعية، وأصبح الكتاب أحد النصوص التأسيسية لعلم الاجتماع. عرّف دوركهايم علم الاجتماع على أنه دراسة الحقائق الاجتماعية، التي قال إنها تصرفات المجتمع. الحقائق الاجتماعية هي السبب الذي يجعل الناس داخل المجتمع يختارون القيام بنفس الأشياء الأساسية. على سبيل المثال،  أين يعيشون، وماذا يأكلون، وكيف يتفاعلون. فالمجتمع الذي ينتمون إليه يشكلهم للقيام بهذه الأشياء، ويجعلهم منتمون دائمًا لتلك الحقائق.

أمثلة على الحقائق الاجتماعية المشتركة

استخدم دوركهايم العديد من الأمثلة لإثبات نظريته في الحقائق الاجتماعية، منها:

الزواج: تميل المجموعات الاجتماعية إلى أن يكون لها نفس الأفكار والعادات تجاه الزواج، مثل السن المناسب للزواج والشكل الذي يجب أن يبدو عليه الاحتفال. المواقف التي تنتهك تلك الحقائق الاجتماعية، ينظر إليها المُنتمون لهذا المجتمع باشمئزاز.

اللغة: يميل الأشخاص الذين يعيشون في نفس المنطقة إلى التحدث بنفس اللغة. فيمكنهم تطوير لهجاتهم وتعابيرهم الخاصة ونقلها كذلك. عبر الاجيال والسنون، يمكن لهذه المعايير تحديد شخص ما على أنه ينتمي لمجتمع أو منطقة معينة.

الدين: تشكل الحقائق الاجتماعية كيف ننظر إلى الدين. المناطق المختلفة لها معاقل دينية مختلفة، حيث يعتبر الإيمان جزءًا أساسيًا من الحياة، وتعتبر الأديان الأخرى غريبة.

4- النظرية النسوية

تُعرَّف النظرية النسوية بأنها امتداد للحركة النسوية، وهي الإيمان بالمساواة بين الجنسين. من وجهة نظر اجتماعية أو فلسفية. فهي مسعى علمي يهدف إلى فهم طبيعة المساواة أو عدم المساواة بين الجنسين . فتتناول مجالات مثل التحليل النفسي والفلسفة والأنثروبولوجيا والبيولوجيا والأدب والتعليم والاقتصاد والعديد من المجالات الأخرى. تشمل مجالات التركيز الرئيسية في النظرية النسوية التمييز والإقصاء والسلطة القمع، باإضافة لأدوار الجنسين بشكل عام.

ظهرت النظرية النسوية لأول مرة في كتاب “دفاع عن حقوق المرأة” بقلم Mary Wollstonecraft-ماري ولستونكرافت. بهدف الإطاحة بالنظام الأبوي. تنظر إلى جميع القضايا الاجتماعية من منظور جنساني. على سبيل المثال. تقول النظرية النسوية أن النساء لم يولدن نساء، والتنشئة الاجتماعية تجعلهن يتصرفن بطريقة “أنثوية”. من خلال المكافآت والعقوبات الاجتماعية، يتم تعليمهم ما هي الطريقة المناسبة لتصرف جنسهم.

إن مصطلح “النسوية”  له استخدامات مختلفة وكثيرا ما تكون معانيه محل نزاع. على سبيل المثال، يستخدم بعض الكُتاب مصطلح “النسوية” للإشارة إلى حركة سياسية محددة تاريخيًا في الولايات المتحدة وأوروبا. بينما يستخدمه كتاب آخرون للإشارة إلى الاعتقاد بوجود مظالم ضد المرأة، على الرغم من عدم وجود إجماع على القائمة الدقيقة لهذه المظالم.

3-  مفهوم الوظيفية

النظرية الوظيفية في العلوم الاجتماعية تستند إلى فرضية أن جميع جوانب المجتمع – المؤسسات والأدوار والمعايير،إلخ..- تخدم غرضًا وأن جميعها لا غنى عنها لبقاء المجتمع على المدى الطويل. اكتسب هذا النهج مكانة بارزة في أعمال علماء الاجتماع في القرن التاسع عشر، وخاصة أولئك الذين نظروا إلى المجتمعات على أنها كائنات حية. جادل عالم الاجتماع الفرنسي إميل دوركهايم بأنه من الضروري فهم “احتياجات” الكائن الاجتماعي الذي تتوافق معه الظواهر الاجتماعية. واستخدم كتاب آخرون مفهوم الوظيفة ليعني العلاقات المتداخلة لأجزاء داخل النظام، أو الجانب التكيفي لظاهرة ما أو عواقبها التي يمكن ملاحظتها. في علم الاجتماع، الوظيفية تلبية الحاجة إلى طريقة التحليل. بينما تقدم بديلاً للنظرية التطورية وتحليل انتشار السمات في الانثروبولوجيا.

2- نظرية الإجهاد

تنص نظريات الإجهاد على أن بعض الظروف أو الضغوطات تزيد من احتمالية ارتكاب الجريمة. تؤدي هذه التوترات إلى مشاعر سلبية مثل الإحباط والغضب. تخلق هذه المشاعر ضغوطًا من أجل اتخاذ إجراءات تصحيحية ، والجريمة هي أحد الردود المحتملة. يمكن استخدام الجريمة لتقليل التوتر أو الهروب منه، أو السعي للانتقام من مصدر التوتر أو الأهداف ذات الصلة، أو تخفيف المشاعر السلبية. على سبيل المثال ، قد ينخرط الأفراد الذين يعانون من البطالة المزمنة  في السرقة أو بيع المخدرات للحصول على المال، أو الانتقام من الشخص الذي أطلق النار عليهم، أو تعاطي المخدرات غير المشروعة  في محاولة للشعور بالتحسن.

وضع عالم الاجتماع الأمريكي الشهير Robert King Merton-روبرت كينج ميرتون ركائز نظرية الإجهاد الاجتماعي. يشير مصطلح “الإجهاد” إلى التناقضات بين الأهداف المحددة ثقافيًا والوسائل المؤسسية المتاحة لتحقيق هذه الأهداف.

اقترح ميرتون تصنيفًا للانحراف يعتمد على معيارين:

1-  دوافع الشخص أو التزامه بالأهداف الثقافية

2- إيمان الإنسان بكيفية تحقيق أهدافه.

ووفقًا لميرتون، هناك خمسة أنواع من الانحراف بناءً على هذه المعايير: المطابقة، والابتكار، والطقوس والتراجع، والتمرد.

1- التغيير الاجتماعي

يمكن تعريف التغيير الاجتماعي على أنه الطريقة التي تتغير بها التفاعلات البشرية والعلاقات وأنماط السلوك والمعايير الثقافية بمرور الوقت.

ويعرّف علماء الاجتماع التغيير الاجتماعي على أنه تغييرات في التفاعلات والعلاقات البشرية التي تحول المؤسسات الثقافية والاجتماعية. هذه التغييرات والتحولات ليست بالضرورة جيدة أو سيئة، لكنها عميقة ظاهريًا.

تحدث هذه التغييرات بمرور الوقت وغالبًا ما يكون لها عواقب عميقة وطويلة الأجل على المجتمع. نتجت الأمثلة المعروفة عن مثل هذا التغيير من الحركات الاجتماعية في الحقوق المدنية ، وحقوق المرأة، وغيرها من الأمثلة.

إن التغيير الاجتماعي فريد من نوعه بالنسبة للبشر. نظرًا لبيولوجيتنا وقدرتنا على التكيف والتعلم والمرونة-خاصة مع تغير بيئتنا من حولنا- فنحن قادرون على إلهام التغيير الاجتماعي باستمرار، حتى لو تسببنا في ذلك في البداية. ومن ثم، النظام الاجتماعي المتغير.

تلك كانت هي بعض أهم 10 مفاهيم اجتماعية يجب عليك معرفتها

المصادر

springer
thoughtco
sciencedirect
onlinedegrees
snhu
thoughtco
socialsci
britannica
britannica

Exit mobile version