الجمرة الخبيثة، سلاح بيولوجي بدأ بالحيوان

الجمرة الخبيثة، سلاح بيولوجي بدأ بالحيوان

الإرهاب البيولوجي هو استخدام متعمد للسلالات المسببة للأمراض من الميكروبات من أجل نشر الأمراض المميتة على نطاق واسع قصد استهداف منطقة ما.

استخدم الإنسان السموم منذ القدم في عمليات الإغتيال، حيث تم إستخدام طرق بدائية جدا مثل المواد البرازية وجثث الحيوانات لإستعمالها في تلويث منابع المياه.

إضافة إلى أن تأسيس علم الأحياء الدقيقة من قبل لويس باستور وروبرت كوخ قدم آفاقا جديدة للمهتمين بالأسلحة البيولوجية لأنه سمح باختيار العوامل وتصميمها على أساس عقلاني

العوامل المستخدمة

تصنف العوامل المستخدمة كأسلحة بيولوجية في 3 فئات:

الفئة أ

العوامل ذات الأولوية العالية، وتشمل الكائنات الحية التي تشكل خطرا على الأمن القومي لأنها تنتشر بسهولة ولها تأثير كبير على ، الصحة العامة، وتؤدي إلى معدل وفايات عالية ، وتشمل الجمرة الخبيثة anthrax والجدري smallpox…

الفئة ب:

ثاني أعلى عوامل من حيث الأولوية، تشمل مايمكن نشره بإعتدال ونتائجها أكثر إعتدالا وتتطلب تحسينات معينة لفترة، مثل “السالمونيلا – salmonella” و”الإشريكية القولونية – e-coli”.

الفئة ج:

تشمل مسببات الأمراض الناشئة التي يمكن هندستها للنشر على نطاق واسع في المستقبل بسبب وفرتها وسهولة إنتاجها ونشرها، مثل “فيروس هانتا -orthohantavirus”..

طريقة الهجوم:

تعتمد طريقة الهجوم على نوع السلاح المستخدم، فمن أجل زيادة الضحايا يمكن نشره عبر الهواء في مناطق مغلقة وغرف محصورة كالمتاجر وقاعات السينيما، وكذلك يمكن تلويث الطعام ومصادر المياه

الجمرة الخبيثة:

الجمرة الخبيثة هي مرض خطير ومعد يصيب الحيوانات بسبب “عصيات الجمرة الخبيثة -bacillus anthracis “، على الرغم من أن الجمرة الخبيثة تؤثر كثيرا على حيوانات الرعي إلا أن العدوى يمكن أن تنتقل للإنسان عن طريق تناول اللحوم أو التعامل مع الصوف ،والجلد والعظام، وجثث الحيوانات المصابة.

تظهر الجمرة الخبيثة في البشر على شكل عدوى جلدية، أو رئوية، أو معوية، والأكثر إنتشارا هي الجمرة الخبيثة الجلدية، تظهر على الجلد على شكل بثور صغيرة تتطور لتصبح حويصلات كبيرة بها مركز نخر أسود، في أكثر من 90% من الحالات تبقى العصيات داخل قرح الجلد، وقد تقل إلى إلى أقرب عقدة لمفاوية ، ونادرا ما تغزو العصيات مجرى الدم مسببة تسمم الدم ونزيفا داخليا وأحيانا إلتهاب السحايا، ينتقل الشكل الرئوي للجمر الخبيثة عن طريق استنشاقها مسببا الموت جراء إلتهاب رئوي حاد، كما يسبب الشكل المعوي إلتهابا معويا وإسهالا شديدين.

يشار إلى أن العالم والطبيب الألماني “روبرت كوخ”، كان أول من تعرف إلى البكتيريا المسببة للمرض، عام 1875 بينما استطاع العالم لويس باستور سنة 1881 أن يعطور لقاحاً مضاداً لتلك البكتيريا، اختبره على مجموعة من المواشي بعد أن حقنها بالبكتيريا المسببة للجمرة الخبيثة، واستطاعت العيش، ومن بعدها اختبره على العديد من الأمراض البكتيرية الأخرى، لكن المثير للأمر الاعتقاد بأن مرض الجمرة الخبيثة ليس وليد تلك الفترة، بل عرف في الحضارات القديمة بأسماء مختلفة بين المواشي، ومربيها، ومخالطيها.

الجمرة الخبيثة كسلاح بيولوجي:

تملك البكتيريا المسببة للجمرة الخبيثة مميزات تجعلها مناسبة تماما لاستخدامها كسلاح بيولوجي، فهي متوافرة بكثرة كما أنها صغيرة بما يكفي لتستقر بسهولة في رئة المضيف كما تملك فترة حضانة قصيرة، ولا تتطلب كمية صغيرة لإحداث ضرر كبير. يمكن إنتاج كمية كبيرة من هذا السلاح البيولوجي بتكلفة رخيصة، إلا أن الضرر الذي يحدثه يقارب ضرر سلاح نووي وربما يتجاوزه. يمكن تحويل الجمرة الخبيثة إلى مسحوق أو ساهل مما يسمح إستخدامها في العديد من أنواع الأسلحة ( كالصواريخ القاذفات والمدفعيات …).

استخدمت عدة دول الجمرة الخبيثة كسلاح بيولوجي فقد طور الإتحاد السوفييتي السابق أكبر برنامجا للأسلحة البيولوجية في العالم، والذي أستمر ل20 عاما بعد تاريخ توقيعه لاتفاقية حظر تطوير وتخزين الأسلحة البيولوجية عام 1972 ,كما يعتقد أن مالا يقل عن 44 دولة لديها برامج أسلحة بيولوجية.

المصادر: ( الجمرة الخبيثة، سلاح بيولوجي بدأ بالحيوان )

BRITANNICA

NCBI

المزيد:

لماذا تستمر الميكروبات في خلق الجائحات؟

لماذا تستمر الميكروبات في خلق الجائحات؟

لماذا تستمر الميكروبات في خلق الجائحات؟

رغم تحقيق نجاحات في احتواء وحصار الأمراض المعدية في القرن العشرين، إلا أن الأوبئة الجديدة تستمر في الظهور والتفشي، مما دفع بعض العلماء لمحاولة تحليل أسباب ظهورها وتحديد الإجراءات المطلوبة للتصدي لها.

التكيف والتغير الميكروبي:

الميكروبات والفيروسات ليست دائما سيئة ولا تنحصر علاقتنا بها على العداء، يحمل البشر الأصحاء عددا أكبر من الخلايا الميكروبية في أجسادهم، كما أنها تعيش في كل مكان في البيئة تقريبًا ، معظم الميكروبات التي تعيش لدى البشر لا تسبب لهم الأذية، ورغم أنها تبدو عديمة القيمة، إلا أنها مهمة جدا في النظام البيئي البشري.

من الواضح أن بعض الميكروبات ممرضة لنا،. وهذا التفاعل بين يتم تحديده من خلال البيئة والعوامل الوراثية والفيزيائية والبيئية بينها وبين المضيف.

في أواخر القرن ال19 عندما تم تأسيس نظرية الجراثيم، في ظل إقتناع العلماء بأن الأمراض ناتجة عن خلايا ميكروبية ثابتة أحادية الشكل، حينها رفضوا التغيرات التي ظهرت على الميكروبات في أطباق المستعمرات الميكروبية بإعتبارها مجرد ملوثات مصدرها الجو، أما الآن أصبح أصبحت تلك التغيرات بديهية فقد أصبح من المعلوم أن الميكروبات تملك إمكانات تطورية هائلة، بحيث تخضع بإستمرار لتحولات جينية تسمح لها بتجاوز الجهاز المناعي البشري. طورت العديد من الميكروبات آلية تسمح بتبادل ودمج مادة وراثية جديدة بمورثاتها، فأصبح النقل الأفقي للحمض النووي (RNA, DNA) مع التقدم التكنلوجي أمرا رائجا، وقد يكون مسؤؤلا عن ظهور العديد من الأمراض الوبائية الجديدة، وهذا يشمل الجينات المسؤولة عن الإمراضية، أو الجينات التي توفر التكيف مع المضيف أو البيئة.

تتميز فيروسات الحمض النووي الريبي RNA بالتحول بمعدلات عالية جدا، مما يسمح لها بالتكيف مع البيئة الخارجية بما في ذلك الأدوية، ولأن الميكروبات تتكاثر بسرعة (بمعدل مرة كل 10 دقائق) حتى الطفرات النادرة تتراكم بسرعة، إضافة إلى أن الميكروبات تستطيع الإحساس بالتغير في البيئة المحيطة ثم التكيف معه.

تمتلك الميكروبات إستراتيجيات وآليات متنوعة وكثيرة للبقاء على قيد الحياة، تستخدم بعض الميكروبات مستقبلات الخلايا المضيفة من أجل الدخول إليها، كما تقوم غيرها بإستغلال البروتينات الخاصة بالخلية لتلبية إحتياجاتها، وتقوم الأخرى بتغيير محددات المستضد بأخرى جديدة، أو تثبيط المناعة، أو الإختباء داخل الخلايا، كما تلجأ بعض الميكروبات إلى التنكر بإستخدام محددات الذات الخاصة بالجسم المضيف لكي لا يتم التعرف عليها من طرف الخلايا المناعية ولا يتم مهاجمتها.

وللأسف فإن الإمكانات التي تملكها الميكروبات تمكنها من تطوير مقاومة ضد اللقاحات العلاجية والأدوية المضادة، بحيث تمنع العلاج من تثبيط العامل الممرض، فعلى سبيل المثال فإن التغير السريع المنتظم في المحددات السطحية لفيروس نقص المناعة البشرية تقف حائلا دون تطوير لقاح فعال ضده.

تحمل الإنسان للعدوى:

تؤثر خصائص الجسم في قدرة الميكروب على إمراضه عن طريق تطوير حواجز ودفاعات فيزيائية وخلوية وجزيئية تحميه من الإصابة بالعدوى، فمثلا تعمل البكتيريا المعوية على إفؤاز مواد مضادة تمنع تمو البكتيريا الأخرى الممرضة، فعند استخدام المضادات الحيوية أو عند تقليل حموضة المعدة عن طريق الأدوية المختلفة تضعف هذه الآلية ويصبح الجسم عرضة للأمراض. يمكن أن يتعرض الجسم للعدوى من خلال حدوث خللأو ضعف في آلايات الدفاع الطبيعية نتيجة عوامل: ضعف المناعة، الوراثة وسوء التغذية.

مصادر:

ncbi
edx
edx

المزيد: كيف ساهمت التحولات التاريخية في ظهور أوبئة؟

Exit mobile version