عن الفن القديم وفن العصر الحجري

هذه المقالة هي الجزء 1 من 9 في سلسلة مقدمة في تاريخ الفن القديم

عن الفن القديم وفن العصر الحجري

منذ بداية الخلق والتاريخ، ومع بداية اختراع الكتابة واكتشاف أول مأوى للإنسان في العصر الحجري القديم، بدأت هناك رحلة الفن. فن أول إنسان وأول حضارات قامت على الأرض.

حين تشعبت البشرية، وجابت بقاع الأرض؛ بدأت الحضارات والشعوب المتفرقة في الازدهار، وقد تحضروا حينما أدركوا أن الجمال يقع في كل شيءٍ حولهم؛ بدءًا من افتراس النمور للماشية، حتى صيد الإنسان لها، وصولًا باختراعهم طرق للحماية من الوحوش، سواء أكانت سلاحًا أم سحرًا!

ومنذ بدء الزراعة واكتشافهم للأشياء، بداية من النار والمعادن وصولًا للحضارة والديمقراطية مرورًا بالقوانين والسلطة وطريقة الحكم، ومع ظهور العلماء والفلاسفة والفلكيين والأطباء، حيث غاص كل شيء في بحاره الجديدة، رأوا الجمال في كل شيء من نوع خاص، وقرر كلٌ بطريقته أن يوثق هذا الجمال.

فبين ما يقرب من 5000 ق.م. و 300 م، ازدهرت الحضارات المتقدمة عمومًا في بلاد ما بين النهرين ومصر واليونان وسومريا وأكاديا والمكسيك وروما واليابان والصين والهند.

وقد لعب الفن دورًا مهمًا في هذه المجتمعات من خلال توفير وسيلة لفرض النظام الديني والسياسي. فعلى سبيل المثال، تعبّر واحدة من أشهر الأعمال الفنية في بلاد ما بين النهرين القديمة عن ذلك، وهي (شريعة حمورابي)، والتي تسمى بمهد الحضارة.

وهي مجموعة من القوانين المنحوتة على الحجر وتزينها صورة الملك حمورابي، وإله بلاد الرافدين.

وعلى الرغم من أن الفن بدأ على يد سكان عصور ما قبل التاريخ، وصنعوه منذ ما يقارب 40000 عام مضت، إلا أنه يعتبر أساسًا لكل تاريخ الفن؛ حيث ساهمت تقنياته وأشكاله وموضوعاته بشكلٍ كبير في تعريف الفن في أيامنا هذه.

ولنعرف ما هي أشكال الفن القديم، يجب علينا البدء بأول أبناءه، والذي ما زال صامدًا حتى الآن بشكل يثير الدهشة، فن العصر الحجري.

العصر الحجري القديم (30000 ق.م. – 2500 ق.م.)

يتميز فن العصر الحجري – والذي يعرف باسم فن ما قبل التاريخ أيضًا- بالرسم في الكهوف ، ولعل أشهر ما يوجد منه حتى الآن، الرسومات الموجودة في كهف لاسكو في فرنسا.

ولا نستطيع أن ننسى تمثال “امرأة ويليندورف” أو المعروف باسم “Venus of wilindurf”. وهي قطعة أثرية يقع تاريخ صناعتها إلى ما بين 24000 و 22000 قبل الميلاد، مما يجعلها واحدة من أقدم وأشهر الأعمال الفنية الباقية.

“Venus of Willendorf – امرأة ويليندورف”. 22,000 – 24,000 ق.م . يبلغ طولها 11,1 سم. متحف الفن الطبيعي – فيينا. حقوق ملكية الصورة: Steven Zucker

لكن أقرب فن لما هو قبل التاريخ هو مختلف عن كل هذا تماما، فلا مكان هنا لتماثيل فينوس الشهيرة أو لوحات الكهوف الجميلة في لاسكو والتاميرا، فهي تشبه فننا الحديث بشكل كافٍ. بل نتحدث هنا عن الأشكال الأولى للتعبير الفني لما قبل التاريخ، وتحديداً ما يعرف بالكبسولات، وهي واحدة من أقدم أشكال الفن ما قبل التاريخ.

لكن الشكل الرئيسي لفن ما قبل التاريخ هو (الفن الصخري) والذي يشمل:

  • نقوش صخرية، وتُعرف باسم المنحوتات الصخرية أيضًا.
  • نقوش تتضمن علامات مرسومة أو مطلية، ورموز هندسية، وبصمات يدوية.

وقد استمر إنتاج الفن الصخري في جميع أنحاء العصر الحجري القديم، ويمكن رؤيته في أوروبا وآسيا وأفريقيا وأستراليا والأمريكيتين.

النحت في العصر الحجري

هناك أربع فئات رئيسية للنحت ما قبل التاريخ:

الأجسام البشرية البدائية:

تعرض هذه العناصر قدرًا ضئيلًا جدًا من الإبداع؛ لدرجة أن بعض الخبراء يشككون في إمكانية اعتبارها فنًا.

النحت البدائي:

ومن الأمثلة على ذلك: سمك السلمون “Abri du Poisson Prehistoric Cave”.والتمثال المعروف باسم “Venus of Laussel”، بالإضافة للتماثيل الطينية. ويشمل أيضًا فنًا مصغرًا مثل نقوش الحيوانات في Gobekli Tepe.

تماثيل فينوس:

تم إنتاج هذه التماثيل الصغيرة بشكل أساسي في هذا العصر (وهي شبيهة بالتمثال السابق للمرأة أعلاه)، ومعظمها يبلغ بضع بوصات فقط في الطول، وتتميز بأشكال إناث مع تكبير واضح للثديين والبطن والوركين والساقين.

ويرى الخبراء أنها أيقونات ذات طبيعة دينية أو أنها خارقة للطبيعة، على الرغم من أن أهميتها الثقافية لا تزال لغزًا حتى الآن.

المنحوتات التصويرية من الشخصيات والحيوانات البشرية:

وظهر هذا النوع لأول مرة في أوائل العصر الحجري القديم. وذلك مثل “Lion Man of Hohlenstein Stadel”.

لوحات كهوف العصر الحجري القديم

مع تقدم هذا المجتمع بما فيه الكفاية لقبول الطقوس والاحتفالات ذات الطبيعة شبه الدينية، تم تخصيص بعض الكهوف لجعلها كمعارض فنية. فقد بدأ الفنانون في إنشاء سلسلة من اللوحات للحيوانات ومشاهد الصيد، وغيرها من الرسوم التوضيحية لحياة ما قبل التاريخ، بالإضافة للصور الرمزية.

ومن بين أعظم الأمثلة على لوحات الكهوف: لوحات “الخيول” المنفذة بالفحم على الحجر الجيري، و “قاعة الثيران” في كهف لاسكو، والذي يحتوي على أكبر صور معروفة للماشية آنذاك.

بالإضافة لرسومات كهف ألتاميرا متعددة الألوان، في كانتابريا بإسبانيا، والتي وصفها علماء الحفريات وغيرها بأنها “كنيسة السيستين لفن ما قبل التاريخ”.

العصر الحجري الحديث

تشتهر هذه الفترة بفنونها وهندستها المعمارية الأثرية والمنحوتات البرونزية، وما يميز لوحات ذلك العصر هي خروجها من الكهوف إلى الهواء الطلق، بينما يظهر بشكل واضح الفن المحمول، كالأواني والحلي.

تتميز فترة العصر الحجري الحديث بتطور الزراعة وتربية الحيوانات، مما أدى إلى أسلوب حياة أكثر استقرارًا؛ مما حفز نمو الفنون والحرف.

ومع وجود مزيد من الاستقرار على شكل القرى والمجتمعات الصغيرة، تتبدل اللوحة الصخرية بفن أكثر قابلية للنقل، والذي يزداد تدريجيًا باستخدام المعادن. وذلك حين استُخدم النحاس لأول مرة في بلاد ما بين النهرين.

كما يبدأ تصميم أدوات جديدة تأخذ مكانها بقوة في الساحة، ونبدأ برؤية التماثيل الكبيرة القائمة بذاتها بالحجر والخشب، بالإضافة لظهور الفخار والمجوهرات البدائية والتصميمات الزخرفية على مجموعة متنوعة من القطع الأثرية.

المواد الفنية المستخدمة في العصر الحجري:

استخدم النحاتون في عصور ما قبل التاريخ كل أنواع المواد التي يمكنهم وضع أيديهم عليها ، بما في ذلك الأحجار مثل الكوارتزيت والإسيتيتيت والحجر الرملي والسربنتين والحجر الجيري ، بالإضافة إلى عاج الماموث وعظام الحيوانات وجرافات الرنة.

وقد استخدم رسامو العصر الحجري مجموعات متعددة من المواد لإنشاء الألوان. بما في ذلك ظلال مختلفة من مغرة الطين وثاني أكسيد المنغنيز والفحم. من الممكن تمامًا معرفتهم بالأصباغ المستمدة من استخدامهم لفن الجسم ، مثل طلاء الجسم والرسم على الوجه.

اقرأ أيضًا عن: فن بلاد الرافدين

المصادر:
Artsy
Art history timeline
Stone Age Art
Khan Academy

كيف تصدى مصورو الحياة البرية للجرائم الواقعة فيها؟

كيف تصدى مصورو الحياة البرية للجرائم الواقعة فيها؟

في بداية القرن العشرين، كان عدد وحيد القرن في الحياة البرية لإفريقيا يبلغ نصف مليون تقريبًا. لكن اليوم، هناك أقل من 5000 وحيد قرنٍ فقط. ومنذ عام 2013، يقتل أكثر من 1000 واحدٍ سنويًا.

وغالبًا ما تنتهي قرونهم في السوق الصيني والفيتنامي، حيث تنظر النخبة المزدهرة إلى منتجات وحيد القرن باعتبارها دوائًا لجميع أنواع الأمراض، أو كزينة وحليّ.

ولم يقتصر الأمر على وحيد القرن فقط، فدائمًا ما كان يتم العثور على آكل النمل الحرشفي –وهو الثديي الوحيد ذو الغطاء القشري- مقدمًا في مطاعم جميع أنحاءِ شرقِ آسيا، كما يتم تربية الدببة الصفراوية لاستخدام عصارتها الصفراوية في الأدوية التقليدية.

وبينما تتحول زعانف القرش والسلاحف إلى حساء، يُحتجز أكثر من 6000 نمر في الأسر في الصين، حيث تنقع هياكلها العظمية في نبيذ الأرز لتباع أخيرًا إلى صفوة المجتمع!

صورة لنيل الدريدج لشبه وحيد القرن الأبيض معصوب العينين، والذي تم تخديره ونقله لحمايته من الصيادين.

موقف مصوري الحياة البرية

لقد شكل هذا الأمر تحديًا لبعض مصوري الحياة البرية الأكثر شهرة في العالم؛ فالحيوانات التي يقومون بتصوريها في حياتهم المهنية تعتبر على شفا الانقراض الآن.

وكرد فعلٍ على ما يحدث، تشكلت مجموعة باسم (مصورون ضد جرائم الحياة البرية) تتكون من عدد من المصورين المشهورين دولياً لصد هذه المسألة، ولمواجهة الدولة المرتبطة بالدرجة الأولى بهذه الزيادة المروعة في الصيد الجائر: الصين.

فقد تعاونت المجموعة على نشر كتاب باللغتين الإنجليزية والصينية الشمالية، يزيد من الوعي بالتجارة الغير مشروعة بالحيوانات في الصين.

ولقد شارك في تأسيس تلك المجموعة، المصورة (بريتا جاشينسكي – Britta Jaschinski)، وهي من أشهر مصوري الحياة البرية في العالم، كما تضم نخبة من المصورين كأمثال: (أدريان ستيرن – Adrian Steirn) و (برنت ستيرتون – Brent Stirton) و (بريان سكيري – Brian Skerry).

وتقول جاشينسكي:

“لقد تشكلت تلك المجموعة –جزئيًا- بسبب عدم الإقرار بجرائم الحياة البرية في المنشورات الغربية”.

وتضيف: “تم صيد ملايين الحيوانات وحصدها من البرية وبيعها في الصين لأغراضٍ عدة تراوحت بين الطعام، واقتنائها كحيواناتٍ أليفة، ولأجل الفضول السياحي بالطبع والهدايا التذكارية، بالإضافة لاستخدامها في الطب الصيني التقليدي”.

وبالإضافة إلى قولها بأن القضية لا تحصل على الاهتمام الذي تستحقها، تشير إلى أن الموضوع مزعج للغاية بالنسبة للكثير من الناس، لدرجة أن المجلات تخجل من نشر مثل هذه الصور؛ معللة بأنها “لا تباع بشكل جيد.”

حماية الحياة البرية بالوصول للجمهور المستهدف

قامت جاشينسكي وزملاؤها بتمويل ونشر مجموعة من الصور الفوتوغرافية الخاصة بهم، جنبًا إلى جنب مع التقارير المعاصرة حول القضايا الكامنة وراء جرائم الحياة البرية، منتجين بذلك كتابًا لمواجهة تلك المشكلة.

وتم نشر الكتاب في البداية باللغة الإنجليزية وبيعه بسرعة. لكن تقول جاشينسكي: “لقد أدركنا أننا بذلك لم نصل إلى الجمهور المستهدف حقًا!”.

فقامت المجموعة بترجمة الكتاب إلى اللغة الصينية الشمالية، وذلك من خلال العمل مع طابعة صينية تقع في لندن. وبعد شهور من التفاوض مع السلطات، ينتظر الكتاب توزيعه عبر البر الرئيسي الصيني، وسيتم إطلاقه في جميع أنحاء البلاد في شهري يوليو وأغسطس.

يعد هذا الكتاب الأول من نوعه الذي أُنشئ خصيصًا للجمهور الصيني، وهو يوجه بشكل صريح ضرورة إنهاء الطلب على منتجات الحياة البرية في الصين.

بالإضافة إلى أنه يستهدف نشاط المستهلك الصيني للحياة البرية، والذي يعد رأس التجارة في واحدة من أكبر الأسواق السوداء في العالم.

القيمة المادية للقرون والعاج

تعتبر تجارة الحيوانات البرية غير القانونية رابع أكبر تجارة إجرامية في العالم بعد تهريب المخدرات وتجارة الأسلحة النارية غير المشروعة والاتجار بالبشر.

وتشير جاشينسكي إلى أن سعر قرن وحيد القرن في السوق السوداء هو أكثر قيمة من حيث الوزن من الذهب أو الماس أو الكوكايين.

فوفقاً لدراسة أجرتها Science Advances، يُقدر أن يصل قرن وحيد القرن إلى 60 ألف دولار للرطل الواحد في السوق السوداء، وتقدر قيمة الصناعة غير المشروعة ككل بمبلغ 20 مليار دولار.

هل تم فرض الحظر على الصيد الجائر؟

في عام 2017، أعلنت السلطات الصينية أن كل تجارة العاج ومنتجاته ستصبح غير قانونية، لكن الحظر لم يُنفذ بطبيعة الحال.

فقرار حظرِ الاتجار بوحيد القرن والنمور موجود منذ عام 1993، لكن في أكتوبر 2018، أُثير قلق الصين من إعلان أنصار حماية البيئة بأن منتجات الحيوانات الأسيرة مرخصة “للاستخدام العلمي والطبي والثقافي”.

وتقول جاشينسكي في هذا الصدد:

“لقد عملت في جرائم الحياة البرية لمدة 25 عامًا، ولا أستطيع التفرقة بين جرائم الحياة البرية القانونية وغير القانونية!”.

مضيفة: “أصبحت الصين رائدة اقتصادية في العالم، لكن أردت أن أنظر إلى المعاملة المروعة للحيوانات والطبيعة فيها، وخاصة العلاقة بين الصيد الجائر والتجارة، بالإضافة إلى إساءة معاملة الحيوانات في الأسر.”

وفي حين أن الصور غالبًا ما تكون مروعة، إلا أنها تتمتع بجدارة فنية؛ فكل مصورٍ مشارك قد تعامل مع الموضوع من منظور مختلف، وبأسلوب جديد.

وفي مقدمة الكتاب، كتب (روز كيدمان كوكس – Roz Kidman Cox) رئيس لجنة تحكيم مصور الحياة البرية في متحف التاريخ الطبيعي:

“لقد بدأ البعض في تسليط الضوء على الظلم من خلال فن التصريح –وهي طريقة في إظهار الألم بشكلٍ صريح وواضح بدلًا من الاختباء منه- وخلق صور لا تنسى من خلال قوتها، فهو غضب معبّر عنه بشكل جميل. ويأخذ الآخرون هذا الجمال المفكك ليعيدوا تمثيله في ترتيب مؤلم، محولين بذلك الأدلةِ إلى فن. وقد يستخدمون أيقونات من الفن الكلاسيكي لإعطاء مؤلفاتهم صدى إنساني، كالصلب، وفراش الموت، وغنائم الحرب”.

 

المصدر: THE ART NEWSPAPER

 

 

سيناريو تحوّل كاليفورنيا إلى بحرٍ عظيم خلال ٤٥ يومًا، سيتكرر مرةً أخرى!

سيناريو تحوّل كاليفورنيا إلى بحرٍ عظيم خلال ٤٥ يومًا، سيتكرر مرةً أخرى!

وقعت عاصفة هائلة في القرن 19 في كاليفورنيا من خلال المحيط الهادئ، امتدت عبر جزء كبير وسط ولاية كاليفورنيا، ويبدو أن ذلك الفيضان سيتكرر مرة أخرى!

فلمدة 43 يومًا، من أواخر 1861 وحتى أواخر 1862، أمطرت السماء بغزارة وبدون توقف تقريبًا في وسط كاليفورنيا، وتحولت الأنهار التي تجرى في جبال (سييرا نيفادا) إلى سيولٍ كبيرةٍ اجتاحت مدن بأكملها.

سبب العاصفة

حدثت تلك العاصفة بسبب نهرٍ جوي، وهو تركيز كبير من بخار الماء من الممكن أن يتسبب في عواصف مدمرة.

تحمل تلك الأنهار الجوية قنوات مركزة من بخار الماء من المناطق الاستوائية حتى المكان الذي تنزل به العاصفة، والمثال الشهير على ذلك هو “Pineapple Express” ، حين يحمل التيار النفاث بخارًا من المياه القريبة من هاواي وصولًا إلى ساحل المحيط الهادئ الأمريكي، حيث يتسبب في عواصف شديدة.

إن تلك الأنهار الجوية القوية، قادرة على حمل أكثر من 10 أضعاف متوسط كمية المياه التي تمر عبر مصب نهر المسيسيبي، مما يفسر تلك الكمية الهائلة من الأمطار، والتي كانت تكفي لإغراق مساحات شاسعة من الولاية في عامٍ واحدٍ فقط.

وقالت لوسي جونزLucy Jones  من هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية (NPR) عام 2013، أن هذه العواصف لديها إمكانيات الأعاصير القوية أو حتى أكثر شدة منها، وذلك لأنها تستمر لأسابيع.

بداية الأحداث

بدأت القصة في 10 يناير 1862، وهو اليوم الموافق لانتخاب حاكم ولاية كاليفورنيا الجديد ليلاند ستانفوردLeland Stanford، اقتحم فيضان هائل السدود المحيطة بـ(ساكرامنتو) عاصمة كاليفورنيا، مغطيًا المدينة بمسافة 10 أقدام (3 أمتار) بالمياه المملوءة بالحطام.

هرعت الحكومة لنقل الحاكم على عجالة خلال عملية التنصيب، ولشدة الأمر فقد اضطروا لنقله بالقارب من قصر الحاكم إلى مقر الولاية، وحتى حينما عاد إلى القصر، كان عليه التسلق بصعوبة إلى نافذةٍ من الطابق الثاني للدخول.

وفي 22 يناير، تم نقل الهيئة التشريعية في كاليفورنيا إلى سان فرانسيسكو، حيث بقيت لمدة ستة أشهر حتى جفت العاصمة.

كانت الفيضانات شديدة لدرجة أن وادي وسط كاليفورنيا البالغ طوله 300 ميل وعرضه 20 ميلاً قد تحول إلى بحرٍ ضخم.

مما قيل في الكارثة

أثناء وقوع ذلك، كان عالم النبات ويليام هنري برويرWilliam Henry Brewer في المنطقة أثناء الفيضان، وقد وصف الدمار الذي لحق بالمكان بخطاباتٍ أرسلها إلى شقيقه، والتي نُشرت في كتابه كاليفورنيا صعودًا وهبوطًا 1860-1864.ومما قاله في تلك الخطابات:

طمرت آلاف المزارع بالكامل تحت الماء، وقد عانت الماشية من الجوع والغرق، أما بالنسبة للطرق في وسط الولاية فهي غير سالكة بالمرة؛ لذلك يتم قطع جميع الرسائل. حتى أن التلغراف لا يعمل بشكلٍ جيدٍ أيضًا.

وفي وادي (سكرامنتو)، دُفنت جميع قمم الأعمدة تحت الماء. وكان الوادي بأكمله عبارة عن بحيرةٍ عظيمةٍ تحيطها الجبال من جانب، وتلال الساحل على الجانب الآخر. وقد أبحرت البواخر بسرعة عبر تلك المزارع حاملين الأموال وما إلى ذلك، إلى التلال.

لقد طمر كل منزلٍ ومزرعةٍ تقريبًا في هذه المنطقة، ولم تر أمريكا من قبل مثل هذا الخراب بسبب الفيضانات كما حدث، ونادراً ما رأى العالم القديم ما يشبه ذلك.

تم تدمير منزل واحد من بين كل ثمانية منازل في مياه الفيضان، كما قُدِّر التدمير الحاصل إلى ما يصل لربع الممتلكات الخاضعة للضريبة في كاليفورنيا، والتي أفلست على إثرها الولاية.

أهلك الفيضان اقتصاد كاليفورنيا المزدهر، وغرق ما يقدر بنحو 200 ألف من الماشية، وهو ما يمثل ربع جميع الماشية في الولاية تقريبًا. وحولت الكارثة بطبيعة الحال اقتصاد كاليفورنيا كله نحو الزراعة.

كيف سيحدث هذا مرة أخرى؟

كل ما حدث لم يكن سيئًا كفاية، بل الأسوأ أنه من الممكن حدوثه ذلك مرةً أخرى!

فقد أظهرت الدراسات الجيولوجية أن فيضانًا كبيرًا يحدث في كاليفورنيا كل 100 إلى 200 عام، وقد طورت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية إسقاطًا يدعى (ARkStorm) لتقييم كيف يمكن أن تتعامل الولاية مع كارثة مثل تلك مرة أخرى.

وهذا الإسقاط عبارة عن مزيج من آخر عاصفتين كبيرتين حدثتا في عامي 1969 و 1986. ويمثل سيناريو (ARkStorm) ما يمكن أن يحدث إذا حدثت العاصفتان واحدة وراء الأخرى.

وقالت جونز عام 2011:

لدينا أدلة جيولوجية من رواسب الفيضانات، بأن العواصف الأكبر من عاصفة عام 1861، تحدث مرة واحدة كل 300 سنة، لذا فلدينا حتى الآن ستة عواصف حدثت خلال 1800 سنة في السجل الجيولوجي.

المصدر: Science Alert

 

Exit mobile version