Ad
هذه المقالة هي الجزء 12 من 18 في سلسلة كيف ستغير المدن الذكية من شكل عالمنا؟

يتزايد الطلب حاليًا على إمدادات الطاقة بسبب النمو المستمر للدول في جميع أنحاء العالم، ونتيجة قيام المدن بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية. وتنعكس آثارها بشكل كبير على المدن لارتباطها الوثيق مع أغلب المجالات الأخرى مثل النقل والتصنيع. بالتالي تبرز ضرورة تطوير مجال الطاقة، والتحول من الطاقة التقليدية إلى الطاقة الذكية.

ما هي الطاقة الذكية؟

يشير مصطلح «الطاقة الذكية – Smart energy» إلى استخدام التقنيات المتقدمة والأنظمة الذكية لتحسين إنتاج الطاقة، وتوزيعها، واستهلاكها. وينطوي على تكامل مختلف مصادر الطاقة، بما في ذلك الطاقة المتجددة، واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ICT لإدارة أنظمة الطاقة بشكل أكثر كفاءةً.[1]

تجمع أنظمة الطاقة الذكية بين أنواع مختلفة من «موارد الطاقة الموزعة- DERs»، و«إدارة جانب الطلب- DSM»، وتقنيات تحويل الطاقة بهدف توفير المرونة في أنظمة الطاقة.[1] وتضمّ موارد الطاقة الموزّعة وحدات لتوليد الطاقة على نطاق صغير، وتقع عادةً بالقرب من نقطة الاستهلاك مثل الألواح الشمسية، أو توربينات الرياح. ويعتبر إدارة جانب الطلب عنصرًا رئيسيًا في نظام الطاقة لأنه يدير استهلاك الطاقة للحدّ من ذروة الطلب، وتحسين كفاءتها.[2]

الجوانب الرئيسية للطاقة الذكية

تشمل الطاقة الذكية عدّة جوانب رئيسية ومنها:

  • إنتاج الطاقة، يمكن لأنظمة الطاقة الذكية استعمال مصادر الطاقة المتجدّدة مثل الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح لتوليد الكهرباء. كما تستطيع استعمال الشبكات الصغيرة لتحسين إنتاج الطاقة.[3]
  • نقل الطاقة، تُستخدم أجهزة الاستشعار، وتقنيات اتّصال متطوّرة لمراقبة نقل الطاقة. من أجل تحديد المشاكل المحتملة قبل أن تتحوّل إلى مشاكل كبيرة، مما يساعد على تقليل هدر الطاقة.[4]
  • تخزين الطاقة، تخزّن تقنيات ذكية الطاقة الزائدة مثل البطّاريات، أو «الحذافة- Flywheel» بهدف تحريرها عند الحاجة. يساعد ذلك في تحقيق التوازن بين العرض والطلب على الطاقة، وتقليل الحاجة إلى محطّات توليد الطاقة القائمة على الوقود.[3]
  • استهلاك الطاقة، يستخدم تحليل البيانات، وتعلم الآلة لتحسين استهلاك الطاقة في المنازل والشركات والمباني العامة، ويساعد على الحد من هدر الطاقة.[5]
  • ذكاء الطاقة، يحلّل الذكاء الاصطناعي AI بيانات الطاقة من أجل وضع التنبؤات حول احتياجات الطاقة في المستقبل.[3]

الشبكات الذكية Smart grids

تعد «الشبكة الذكية- Smart grid» شبكةً كهربائيةً متقدّمةً، تعتمد على تقنيات الاتصالات الرقمية للكشف عن التغييرات في أنماط استخدام الكهرباء، من ثم الاستجابة لهذه التغييرات. ويعتبر نظام الشبكة الذكية نظامًا متكاملًا. يتيح توليد، وتوزيع، واستهلاك الطاقة بكفاءة، ويتكامل عمله مع التقنيات الذكية مثل شبكات الاستشعار، وإنترنت الأشياء IoT. بهدف تمكين تبادل المعلومات وتحسين الاتّصال بين المكوّنات، ومراقبة تدفّق الكهرباء والتحكّم بها، ويشمل كذلك مصادر الطاقة المتجددة.[6]

الشبكة الذكية كنظام لتوليد وتوزيع واستهلاك الكهرباء.

أنظمة لإدارة الطاقة المنزلية الذكية

تحظى أنظمة إدارة الطاقة المنزلية الذكية بشعبية متزايدة بسبب بحث الناس عن سبل للحد من استهلاك الطاقة، وتوفير المال عن طريق خفض الفواتير. وفيما يلي بعض الأمثلة عن هذه الأنظمة:

  • مقاييس (عدّادات) الطاقة المنزلية، وهي أجهزة تراقب وتتعقّب استعمال الطاقة لحظةً بلحظة. وتزوّد أصحاب المنازل بمعلومات مفصّلة عن استهلاكهم للطاقة، وتساعدهم على تحديد الأجهزة التي يمكن تقليل ساعات عملها.[7]
  • منظِّمات الحرارة الذكية، وهي أجهزة تضبط درجة الحرارة تلقائيًا في المنزل الذكي على أساس تفضيلات، وعادات مالكي المنزل. تستطيع المنظمات أيضًا تعلم جدول مواعيد الأفراد، فتعدل درجات الحرارة وفقًا لذلك.[8]
  • أنظمة إنارة ذكية، يمكن تشغيل الأضواء وإطفاؤها تلقائيًا على أساس تفضيلات سكان المنزل. كما يمكن ضبط سطوع الضوء على أساس الوقت من اليوم، وكمّية الضوء الطبيعي في الغرفة مما يساعد على خفض استهلاك الكهرباء.[8]
  • أجهزة تخزين الطاقة، تستطيع هذه الأجهزة تخزين الطاقة الزائدة التي تولّدها الألواح الشمسية مثلًا من ثم يستخدمها السكان في وقت لاحق. فتساعد الأفراد على التقليل من اعتمادهم على الشبكة الكهربائية، وتوفّر المال.[9]

كيف تفيد الطاقة الذكية المدن الذكية؟

تفيد الطاقة الذكية مدن المستقبل بعدة مجالات ومنها:

  • فوائد بيئية، تساعد على الحد من انبعاثات الكربون، والتخفيف من تغيُّر المناخ. على سبيل المثال؛ تقوم البلديات البولندية بتوزيع الحرارة المتولّدة من مصادر الطاقة المتجددة، لتقليل الانبعاثات الضارّة من منشآت التدفئة.[10]
  • تجارة الطاقة بين الأقران، يمكن «لسلسلة الكتل- Blockchain» تمكين تجارة الطاقة بين الأقران، مما يسمح للأفراد والشركات بشراء وبيع الطاقة مباشرةً بعضهم لبعض. يساعد ذلك على خفض تكاليف الطاقة، وزيادة استعمال مصادر الطاقة المتجددة.[11]
  • المركبات الكهربائية EV، تدعم أنظمة الطاقة الذكية المركبات الكهربائية من خلال نشر الهياكل الأساسية لشحن المركبات، واستخدام تقنيات الشحن الذكي ونقل المركبات إلى الشبكة V2G. وتنتج المركبات الإلكترونية انبعاثات أقل مقارنةً بالمركبات التي تعمل بمحرّك الاحتراق الداخلي. نتيجةً لذلك تحد من مستوى الضوضاء، والتلوث، إضافةً إلى توفيرها خدمات النقل.[12]
  • فوائد اقتصادية، تعزّز حلول الطاقة الذكية القدرة التنافسية الاقتصادية للمدن من خلال جذب أعمال تجارية واستثمارات جديدة. كما تخلق وظائفًا حديثةً في مجالات مثل التركيب، والصيانة، والتشغيل.[13]

مناطق الطاقة الصفرية

إن «مناطق الطاقة الصفرية- Net Zero energy districts» هي المناطق الحضرية التي تكون فيها كمّيّة الطاقة المستهلكة أقلَّ أو مساويةً لكمية الطاقة المتجدّدة المتولّدة فيها على مدى فترة محددة، وعادةً ما تكون سنةً. وتضمّ مجموعةً من المباني والبنى التحتية التي تُنتج بشكل جماعي كمّيةً من الطاقة، من ثم تستهلكها خلال فترة زمنية معنية. وتعتمد عمومًا على مصادر الطاقة المتجددة. وتنطوي على استخدام أنظمة الطاقة الذكية المختلفة مثل الشبكات الذكية، وتقنيات تخزين الطاقة.[14]

بسبب ذلك توفّر هذه المناطق العديد من الفوائد، مثل زيادة استقلالية الطاقة، وتحسين مرونتها، وبيئة قليلة التلوث، علاوةً على انخفاض سعر الكهرباء للسكّان والشركات. بالرغم من ذلك، لا تخلو من التحدّيات بسبب عوامل مثل ارتفاع التكاليف الأوّلية للتنفيذ، والتعقيدات التقنية، والحواجز التنظيمية، والحاجة إلى التعاون بين أصحاب المصلحة.[14]

نفّذت العديد من المدن في جميع أنحاء العالم خطّطًا لتطوير مناطق الطاقة الصفرية. على سبيل المثال؛ منطقة Bo01 في malmö في دولة سويد، والتي تعتمد على مصادر الطاقة المتجددة وأنظمة الطاقة الذكية.[15] كذلك المركز الوطني الغربي National western center في دنفر عاصمة ولاية كولورادو في أمريكا. وهو عبارة عن حرم بمساحة 100 هكتار، ويخضع لعملية إعادة تطوير كبرى لكي يصبح منطقة طاقة صفرية. فيضمّ الحرم مباني ذات كفاءة في استهلاك الطاقة، إضافةً إلى تقنيات توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، وأنظمة تخزين الطاقة.[14]

تحديات مستقبلية

من المهم وضع معايير واستراتيجيات دولية توافقية لضمان نجاح نظم الطاقة الذكية. إذ يتطلّب تنفيذ أنظمتها تخطيطًا دقيقًا، وتنسيقًا حذرًا. فقد تواجه المدن عدة تحدّيات لأن أنظمة الطاقة الذكية هي أنظمة معقّدة، تتطلّب تقنيات وهياكل أساسيةً متطورةً للعمل بفعالية. كما تحتاج التحوّل إلى الرقمنة، التي قد تشكّل تحديًا للبنية التحتية الحالية ومقدمي الطاقة التقليدية. نتيجةً لذلك يعدّ تنفيذ هذه الأنظمة وإدارتها أمرًا صعبًا بعض الشيء. [15]

قد يشكّل ضمان أمن البيانات والنظم، وخصوصيتها تحديًا كبيرًا لأن هذه النظم تعتمد على التقنيات الرقمية والربط الإلكتروني، لذلك تكون معرضةً للهجمات السيبرانية.[16] إضافةً إلى ذلك تطرح القدرة على تحمّل التكاليف تحديًا حقيقيًا لمعظم المدن. فيجب ضمان تفوّق فوائد هذه النظم على تكلفتها، وكذلك وضعها في متناول جميع المستعملين بأسعار مناسبة ومحمولة.

في نهاية المطاف، قد تحدث الطاقة الذكية ثورةً في طريقة تفكيرنا واستخدامنا للطاقة، فهي تخلق مسارًا جديدًا نحو مستقبل أكثر نظافةً، واخضرارًا واستدامةً.

المصادر

  1. MDPI
  2. IEEE
  3. Semantic scholar
  4. Semantic scholar
  5. Frontiers
  6. Semantic scholar
  7. IEEE
  8. Semantic scholar
  9. IEEE
  10. MDPI
  11. Research Gate
  12. Research Gate
  13. Research Gate
  14. MDPI
  15. Semantic scholar
  16. Research Gate

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


بيئة عمارة

User Avatar

Julie Youssef

مهندسة معمارية، أحب الرسم والقراءة


عدد مقالات الكاتب : 54
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق