Ad
هذه المقالة هي الجزء 9 من 18 في سلسلة كيف ستغير المدن الذكية من شكل عالمنا؟

تساعد المدن الذكية الحكومات في مواجهة تحدّيات المدن الرئيسية للوصول في نهاية المطاف إلى مفهوم الشعب الذكي، والاقتصاد الذكي. ولا يشمل مفهوم المدينة الذكية استخدام التقنيات الحديثة فحسب، لكنه يمتد ليشمل رأس المال البشري، والقضايا الاجتماعية، والبيئية، والاقتصادية. فكيف تحسن تقنيات المدن الذكية من الاقتصاد المحلي وتطوّره؟

التنمية الاقتصادية في المدن الذكية

تهدف المدن الذكية إلى دفع عجلة النمو الاقتصادي، وتحسين الاقتصاد المحلي عن طريق الاستفادة من الحلول القائمة على التقنيات المتطورة، والبيانات. وتسعى إلى تحقيق التنمية الاقتصادية بواسطة دمج التقنيات الذكية كالشبكات الذكية، وتعلم الآلة، والذكاء الاصطناعي في العديد من القطاعات مثل الطاقة، والنقل، والرعاية الصحية. بسبب ذلك تخلق فرصًا جديدةً للشركات، وتجذب الاستثمارات، وتحفّز النشاط الاقتصادي.[1]

دور الحلول الذكية في تطوير الاقتصاد

تلعب الحلول الذكية دورًا حاسمًا في تطوير اقتصاد المدن الذكية بطرق مختلفة. فتساعد المدن على إدارة مواردها بكفاءة أكبر، مما يؤدي إلى توفير التكاليف، وزيادة الإنتاجية. على سبيل المثال؛ نفّذت مدينة أمستردام شبكة طاقة ذكية أدت إلى تقليل هدر الكهرباء، وانخفاض تكلفتها مما عزّز النشاط الاقتصادي.[2]

يمكن لأنظمة النقل الذكية الحد من الازدحام المروري، وتحسين تدفّق السلع والأشخاص، بسبب ذلك يتعزّز النشاط الاقتصادي للمدينة. مثلًا، تحد إدارة حركة المرور الذكية في برشلونة من اختناقات المرور، وتحسن التنقل، وتقلّل من أوقات السفر.[3]

إضافةً إلى ذلك، تحسن الحلول الذكية نوعية حياة الأفراد، من خلال توفير خدمات أفضل مما قد يجذب أعمالًا، ومواهب جديدةً للمدينة. على سبيل المثال؛ طبّقت فيينا في النمسا أنظمة رعاية صحية ذكية، وحسنت الوصول إلى الرعاية الصحية، وساعدت على خفض تكاليف العلاج. أدى ذلك إلى تحسين حياة السكان، وجذب الأعمال التجارية إلى المدينة.[4]

كيف تجذب المدن الذكية الاستثمارات الجديدة؟

تجذب المدن الذكية الشركات الصغيرة والناشئة بعدّة طرق ومنها:

  • بنية تحتية متطوّرة، تقدّم المدن الذكية عادةً بنيةً تحتيةً أفضل من غيرها كالإنترنت عالي السرعة، وأنظمة النقل الذكية، وشبكات الطاقة الفعّالة. والتي تجذب بدورها الشركات المعتمدة على هذه الخدمات من أجل تحسين عملياتها، وتطوير خدمات ومنتجات مبتكرة، والوصول إلى قاعدة أوسع من العملاء. [5][6]
  • مراكز الابتكار، تعزز المدن الذكية الابتكار من خلال توفير بيئة ذكية داعمة للشركات الناشئة، وروّاد الأعمال المهتمين بتطوير واختبار تقنيات جديدة. على سبيل المثال؛ نفذت الحكومة في سنغافورة مبادرات مختلفة لدعم منظمي المشاريع مثل توفير التمويل، وبرامج الإرشاد. أدى ذلك إلى تطور نظام مزدهر ساهم في نمو الاقتصاد المحلي.[4]
  • الحوافز الحكومية، تستطيع الحكومة تقديم حوافز مثل الإعفاءات الضريبية، أو المنح للأعمال التجارية التي تستثمر في التقنيات الذكية.[5][7]
  • فرص التعاون والربط الشبكي، توفّر المدن الذكية فرصًا للتعاون بين الشركات الناشئة، والشركات الكبرى، وأصحاب المصلحة الآخرين. يمكن أن يؤدي ذلك إلى إقامة شراكات جديدة، وفرص استثمارية، وإمكانية تبادل المعلومات أو الحصول على توجيه.[5][6]
  • النمو الشامل، تهدف مبادرات المدن الذكية بشكل عام إلى معالجة أوجه عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية وتعزيز النمو الشامل. بسبب ذلك تستفاد الشركات الناشئة من خلال الوصول المتكافئ إلى الموارد، والخدمات، والفرص بصرف النظر عن حجم الشركة أو خلفيتها.[8]

وظائف جديدة للمواطنين

يهدّد الذكاء الاصطناعي AI اليوم وظائف كثيرين من السكان، لكن في نفس الوقت تنشئ مبادرات المدن الذكية أدوارًا وظيفيةً جديدةً. ومنها:

  • مدراء مشاريع، يشرف هؤلاء المتخصّصون على تطوير وتنفيذ مشاريع المدينة الذكية، ويضمنوا إكمالها في الوقت المحدّد، وضمن الميزانية المحسوبة.
  • محلّلو البيانات، تولِّد التقنيات كميات كبيرةً من البيانات. مما يخلق فرص عمل لمحللي البيانات الذين يساعدون على فهم هذه البيانات، من ثم يستخدمونها لاتّخاذ القرارات الحاسمة.
  • محترفو تقانة المعلومات IT، بلا شك تتطلّب التقنيات الذكية محترفي تقانة المعلومات من أجل تصميم، وتطوير، وصيانة الأجهزة والبرمجيات اللازمة.
  • مهندسون، غالبًا ما تنطوي المدن الذكية على تطوير بنية تحتية جديدة تتناسب مع التغيّرات المستمرة. بسبب ذلك تحتاج إلى مهندسين يمكنهم تصميم وبناء هذه البنية الحديثة.
  • مهندسو التخطيط العمراني، تحتاج مبادرات المدن تخطيطًا، وتنسيقًا دقيقًا، فيخلق ذلك فرص عمل لمخططي المدن ومهندسي العمارة.
  • روّاد أعمال، تتشكّل مع نشوء الصناعات الجديدة فرصًا تجاريةً جديدةً لرجال الأعمال المهتمّين بتطوير واختبار التقانات الحديثة. [5][9]

كيف تؤثر السياحة على النمو الاقتصادي في المدن الذكية؟

تشير السياحة الذكية إلى استخدام التقانة والابتكار في إدارة السياحة، وتقدّم العديد من الفوائد للدول ومنها تعزيز النمو الاقتصادي. على سبيل المثال؛ تسمح السياحة الذكية للسياح بالتواصل بشكل أفضل والتفاعل مع المدن لإقامة علاقات أوثق مع السكان، والشركات المحلية، والحكومة المحلية. فتخلق بذلك اقتصادًا سياحيًا ذكيًا بموارد ولاعبين جدد، ونماذج تبادل مبتكرة.[10]

تعتبر السياحة مصدرًا هامًا لإيرادات النقد الأجنبي للدول. علاوةً على ذلك، تُحسّن الخدمات، والمشاريع الاستثمارية، وتصنع جوًا للمنافسة بين الشركات المحلية والعالمية في البلدان السياحية. وتطور أيضًا مؤهلات القوى العاملة، فيؤدي ذلك إلى توفير فرص عمل أفضل للسكان بأجور أعلى.[11]

قيم العقارات في المدن الذكية

توجد بحوث محدودة حول تأثير مبادرات المدن الذكية على قيم العقارات، بالرغم من ذلك تشير بعض الدراسات إلى التأثير الإيجابي لها على سوق العقارات. ومن المهم ملاحظة اختلاف تأثير المبادرات حسب الحلول المنفّذة، والسياق المحلي للمدن. إذ يحظى نهج كل مدينة بمزايا وتحديات اقتصادية فريدة وخاصّة به. بشكل عام تعزز هذه المبادرات جاذبية المدينة، نتيجةً لذلك يزداد الطلب على العقارات وترتفع قيمتها. مثلًا، قد يجعل تطبيق أنظمة النقل الذكية كالقيادة الذاتية الوصول إلى بعض المناطق أسهل، فيتسبب ذلك بزيادة الطلب على العقارات في تلك المناطق. كما تساهم التقنيات الذكية كالذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء IoT في خلق فرص جديدة للتنمية العقارية مثل تطوير الأبنية والمنازل الذكية فيزداد الطلب على هذه الأبنية.

من المعروف أن المدينة الذكية تعتمد على الاستعمال الأمثل للموارد، وتبسيط العمليات، بسبب ذلك تتحقّق وفورات في التكاليف للحكومة والمواطنين. مما يجعل هذه المناطق مرغوبةً أكثر بالنسبة للمشترين المحتملين.[12] كذلك تواجه الدول اليوم تحديات بيئيةً خطيرةً كالتغيّر المناخي، نتيجةً لذلك يسعى بعض الناس إلى الاستثمار في المناطق التي تعطي أهميةً للاستدامة البيئية. وهنا تأتي أهمية المدن الذكية التي تعزز الاستدامة البيئية.

ساهمت مبادرات المدينة الذكية في برشلونة -والتي تشمل الإضاءة الذكية، وإدارة النفايات، والنقل- في ازدياد الجاذبية العامة للمدينة. فأدّى ذلك إلى زيادة الطلب على العقارات. بينما ساهمت مبادرات مدينة أمستردام -والتي تشمل أنظمة وقوف ذكية للسيارات، ومباني موفرة للطاقة- في استدامة المدينة. فأدّى ذلك إلى ارتفاع قيمة عقاراتها.[13]

تحديات تواجه الشركات الصغيرة والناشئة

تواجه الأعمال التجارية الناشئة عدّة تحدّيات عند محاولة الاستفادة من مبادرات المدن. وتتضمّن هذه التحديات ما يلي:

  • الامتثال التنظيمي، قد تواجه الشركات الصغيرة صعوبةً في التعامل مع اللوائح والمتطلبات المعقدة المرتبطة بمبادرات المدن الذكية. وقد يستغرق الامتثال للأنظمة المتعلّقة بخصوصية البيانات، وأمنها، والحصول على التراخيص اللازمة وقتًا طويلًا، وقد يكون مكلّفًا أيضًا.[14]
  • نقص المهارات، غالبًا ما يتطلّب تطبيق التقنيات المتطورة مهارات متخصصةً في مجالات معينة، مثل تحليل البيانات، وإنترنت الأشياء، والأمن السيبراني. وقد تناضل الشركات الصغيرة للعثور على موظفين يملكون المهارات المطلوبة، مما يحد من قدرتهم على الاستفادة بشكل كامل من المزايا المقدّمة. [14][5]
  • الافتقار إلى الدعم الحكومي، قد تواجه بعض الأعمال التجارية الصغيرة نقصًا في الدعم والموارد من الحكومة فيما يتعلق بالحصول على التمويل، والتدريب، والتوجيه.
  • القيود المالية، يعد تنفيذ التقنيات الذكية مكلفًا لاسيما بالنسبة للشركات الناشئة ذات الموارد المالية المحدودة. وقد تكون تكلفة اقتناء وصيانة الأجهزة والبرمجيات الضرورية عائقًا أمام هذه الشركات.[14]
  • مخاطر الأمن السيبراني، مع اعتماد الشركات الصغيرة على المزيد من الأجهزة الرقمية، وإنترنت الأشياء IoT تصبح أكثر عرضةً للهجمات السيبرانية.
  • الوعي والفهم المحدود، يسبب افتقار معرفة الشركات بالتقنيات المتاحة، وكيفية إدماجها في عملها بإعاقة قدرتها على الاستفادة من هذه التقنيات.[5]

استدامة طويلة الأجل

تؤدي التنمية الاقتصادية إلى زيادة دخل السكان، فتصبح أسعار السلع والخدمات أيسر. في نفس الوقت تساعد الحكومات المحلية على توليد الإيرادات الضريبية والتي تستخدم لتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين مثل المدارس، والطرق، ومكافحة الحرائق، وخدمات الشرطة. عمومًا يتم تداول الأموال عبر الاقتصاد المحلي نتيجة التنمية الاقتصادية، والذي يعود بالفائدة على المواطنين والحكومة على حد سواء.

المصادر

  1. Sage journals
  2. IGI global
  3. Beirut Arab University
  4. Semantic scholar
  5. Scentia
  6. Semantic scholar
  7. Semantic scholar
  8. Research Gate
  9. Research Gate
  10. IEEE
  11. Semantic scholar
  12. Semantic scholar
  13. Semantic scholar
  14. Research Gate
Julie Youssef
Author: Julie Youssef

مهندسة معمارية، أحب الرسم والقراءة

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


عمارة اقتصاد

User Avatar

Julie Youssef

مهندسة معمارية، أحب الرسم والقراءة


عدد مقالات الكاتب : 57
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *