فيكتور فرانكل والبحث عن المعنى في قلب المعاناة من منظور فلسفي

بينما يتصارع العالم مع طفرة غير مسبوقة في قضايا الصحة العقلية، وخاصة بين الشباب، أصبحت مسألة كيفية إيجاد المعنى في مواجهة المعاناة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. فالأمراض النفسية آخذة في الارتفاع، حيث أصبح الاكتئاب، وإيذاء النفس، والانتحار شائعًا على نحو متزايد بين المراهقين. في هذه الأزمة، تقدم فلسفة فيكتور فرانكل المتمثلة في إيجاد المعنى وسط المعاناة منارة للأمل. وجادل الطبيب النفسي، الذي نجا من الهولوكوست (The Holocaust)، بأن السعي وراء المعنى هو المحرك الأساسي للوجود الإنساني. وأن إيجاد هدف أمر ضروري للتعامل مع تحديات الحياة.
وفي عالم اليوم، حيث يبدو أن الأزمات تتضاعف يومًا بعد يوم، أصبحت أفكار فرانكل أكثر أهمية من أي وقت مضى. ولكن ماذا يعني العثور على معنى في عالم مليء بالمعاناة؟ كيف يمكننا التوفيق بين وجود الشر والألم وبين إيماننا بعالم يحركه الهدف؟ وما هو الدور الذي تلعبه المعاناة في تشكيل رؤيتنا للعالم؟

البحث عن المعنى

لقد كان البحث الإنساني عن المعنى موضوعًا دائمًا على مر التاريخ، حيث يتصارع الفلاسفة واللاهوتيون والعلماء مع طبيعة المعاناة ومكانتنا في العالم. لقد حيرت مشكلة الشر، أو المعاناة الطبيعية، المفكرين لعدة قرون، من أبيقور (Epicurus) في اليونان القديمة إلى سفر أيوب (book of job) في العهد القديم. الثيوديسيا (theodicies)، أو العدالة الإلهية، تم اقتراحها من قبل القديس أوغسطين وتوما الأكويني، من بين آخرين.

في القرن السابع عشر، حاول جوتفريد فيلهلم لايبنتز تبرير عيوب العالم، معتبرًا أنه على الرغم من عيوبه، فإنه لا يزال “الأفضل من كل العوالم الممكنة”. لكن فولتير سخر من هذه الفكرة في روايته كانديد، حيث تعرض بطله لسلسلة من الكوارث، بما في ذلك الحروب والمجاعة وحطام السفن والطاعون وزلزال لشبونة عام 1755. كان زلزال لشبونة، الذي أودى بحياة حوالي 60 ألف شخص، مدمراً بشكل خاص، مما دفع فولتير إلى التشكيك في وجود إله خيِّر.

في القرن العشرين، قام فيكتور فرانكل، أحد الناجين من المحرقة والطبيب النفسي، بمناقشة البحث عن المعنى في مواجهة المعاناة. قادته تجاربه في معسكرات الاعتقال النازية إلى تطوير العلاج بالمعنى (Logotherapy)، وهو نهج علاجي يركز على إيجاد المعنى بثلاث طرق: من خلال العمل والحب والشجاعة في مواجهة المعاناة. في حين أن البشرية قد قطعت خطوات كبيرة في تحسين نوعية الحياة للكثيرين منذ نشر كانديد، إلا أنه لا يمكن القضاء على المعاناة. وهي جانب متأصل في حالة الإنسان.

بحث فيكتور فرانكل عن المعنى

إن حياة فيكتور فرانكل هي شهادة على قدرة الإنسان على إيجاد المعنى في أحلك الأوقات. قادته تجاربه في معسكرات الاعتقال النازية إلى تطوير فهم عميق للآثار النفسية للمعاناة. يعد عمله، استكشافًا قويًا لبحث الإنسان عن الهدف والمعنى في مواجهة الشدائد التي لا يمكن تصورها.

إن مفهوم فرانكل للعلاج بالمعنى، وهو شكل من أشكال العلاج الذي يركز على إيجاد المعنى كوسيلة للتعامل مع المعاناة، متجذر في تجاربه الخاصة. ويرى أنه عندما نكافح للعثور على معنى لحياتنا، فإن صحتنا العقلية تعاني، مما يترك فراغًا يمكن أن يساهم في الإصابة بالاكتئاب وغيره من الحالات. يعد عمل فرانكل بمثابة تذكير قوي بأن المعنى ليس شيئًا يمكن فرضه علينا، بل هو شيء يجب علينا أن نسعى إليه بنشاط ونخلقه لأنفسنا.

يرى فرانكل أن استراتيجياته لا يستبعد بعضها بعضًا، بل هي مترابطة. ومن خلال تبني هذه الاستراتيجيات، يمكن للأفراد العثور على الهدف والكرامة حتى في أحلك الظروف.

سيكولوجية القلق الوجودي

يحدث القلق الوجودي (existential anxiety) عندما يكافح الأفراد للتوفيق بين وجود المعاناة وفهمهم الشخصي للعالم ومكانهم فيه. عندما تفشل الروايات الثقافية في توفير مبررات كافية للأسئلة الوجودية، فإن هذا يمكن أن يغير بشكل عميق نظرة الشخص للعالم ويقلل من قدرته على التعامل مع القلق.

وفقا لعلماء النفس داريل وسارة فون تونجيرين، فإن المعاناة تتحدى ثلاثة أبعاد للمعنى: التماسك، والأهمية، والغرض. ويجادلون بأن المعاناة غالبًا ما تبدو بلا معنى (تحدي التماسك). ويمكن أن تجعل الناس يتساءلون عما إذا كانوا مهمين أم لا (تهديد الأهمية)، وقد تكشف عن عبثية الحياة (تقويض الهدف).

وذلك لأنه في غياب المعنى، يحاول الأفراد ملء الفراغ بعدة طرق، مثل السعي وراء السلطة أو المتعة. جادل فيكتور فرانكل بأن الدافع للسعي إلى السلطة هو جهد مقنع لمعالجة (ولكن ليس بالضرورة إرضاء) القلق الوجودي حول أسئلة المعنى. في هذا التفسير، يبحث الأفراد عن القوة لملء ما هو مفقود في حياتهم عندما يتم إعاقة الطرق الأخرى للعثور على الهدف.

علاوة على ذلك، قد يلجأ الناس إلى الأنظمة العقائدية بحثًا عن شعور بالانتماء غائب. يرى فرانكل أن فقدان القيم التقليدية ساهم في خلق “الفراغ الوجودي” الذي غذى الحركات السياسية الشمولية في القرن العشرين. لقد وعدت هذه الأنظمة الناس بالمعنى والهوية، مثلما فعل اللاهوت على مدى الألفي عام الماضية. في جوهره، ينشأ القلق الوجودي عندما يتعطل فهمنا للعالم بسبب المعاناة، مما يدفعنا إلى التشكيك في مكانتنا فيه. وهذا هو مصدر قلق إنساني أساسي، وإيجاد المعنى يصبح أمرًا بالغ الأهمية للتغلب على هذه الأزمات الوجودية.

إعادة اكتشاف المعنى

في خضم المعاناة، قد يبدو العثور على المعنى مهمة مستحيلة. ومع ذلك، في هذه اللحظات المظلمة بالتحديد نحتاج إلى إيجاد طريقة لإعادة اكتشاف هدفنا. يمنحنا الخلق إحساسًا بالهدف والتواصل خارج نطاق أنفسنا. سواء أكان الأمر يتعلق ببدء مشروع مجتمعي، أو تأليف كتاب، أو تأليف الموسيقى. تسمح لنا الأنشطة الإبداعية بترك بصمة في العالم. وكما قال ألبير كامو ببلاغة، فإن الخلق هو “فرحة عبثية بامتياز” تحاكي خاصية الوجود الزائلة. إن أهمية عملنا لا تكمن في نتيجته النهائية، بل في الفعل نفسه.

الحب، سواء كان لشخص آخر أو للفن أو للطبيعة، يمكن أن يوفر أيضًا إحساسًا بالمعنى. عندما نكون شغوفين بشيء ما، نكون على استعداد لتغيير الطريقة التي نقضي بها وقتنا والجوانب الأخرى من أنفسنا من أجل ذلك الشيء. يمكن أن يمنحنا الحب إحساسًا أكبر بالهدف الذي يحمينا من المصاعب التي نواجهها حتمًا نتيجة لكوننا على قيد الحياة.

وأخيرًا، فإن اتخاذ موقف عندما نواجه معاناة لا يمكن تجنبها يمكن أن يمنحنا الكرامة والهدف حتى في أحلك الظروف. يرى فرانكل أن البشر لديهم القدرة على اختيار الطريقة التي نتحمل بها أعبائنا، والأمر متروك لنا لإيجاد معنى لحياتنا، مهما كان الأمر.

ومن خلال تبني طرق فرانكل للعثور على المعنى، يمكننا أن نبدأ في الشفاء والمضي قدمًا، حتى في مواجهة معاناة لا يمكن تصورها. وكما كتب فرانكل بشكل مؤثر ففي نهاية المطاف، لا ينبغي للإنسان أن يسأل عن معنى حياته، بل يجب عليه أن يدرك أنه هو الذي يُسأل. الأمر متروك لكل واحد منا للعثور على هدفه، ومن خلال القيام بذلك، إيجاد الشجاعة لقول “نعم” للحياة، حتى عندما تكون مؤلمة.

المصادر:

Finding Meaning in Suffering / philosophy now

معنى الحياة في الرهان المعرفي

معنى الحياة في الرهان المعرفي

جئتُ لا أعلم من أين ولكني أتيت
ولقد أبصرتُ قدامي طريقًا فمشيت
وسأبقى ماشيًا إن شئت هذا أم أبيت
كيف جئتُ؟ كيف أبصرتُ طريقي؟
لستُ أدري!

يثير إيليا أبو ماضي في قصيدة الطلاسم أكثر القضايا قدمًا في تاريخ السؤال البشري. اعتاد الإنسان أن يستفسر عن معنى وجوده في سياقات متباينة ووضع فرضيات كثيرة للوصول إلى إجابة مقنعة، بحيث يمكن وصف المسيرة البشرية بأنها مسيرة موجهة نحو إيجاد معنى للحياة.

وحتى تبدو الحياة ذات قيمة ومعنى، كان على الإنسان أن يتجاوز ظاهرها المادي ويدعي بأنه ثمة هناك جوهر يسكن العالم/الوجود. وهذا ما دفعه إلى تصورات أسطورية في البداية، فقام بأسطرة كل شيء وعرَفه في ظل قوى خفية.

لكن مع مرور الوقت لم يكف الناس عن طرح هذا السؤال بل احدثوا بعض التغيرات في سياقها وحسب. فمنهم من ادعى بأن المعنى يكمن في علاقاتنا الروحية، ومنهم من انزل المعنى إلى مستوى الجسد وقال بأن حياة ذات معنى تتحقق بتحقيق رغباتنا الشخصية. في حين رأى بعضهم في صنع معنى من قبل الفرد كحل حاسم، لكن اخذ اليأس بعضهم من هذا السؤال وقالوا بأن الحياة تفتقر إلى القيمة والمعنى أساسًا.

وفي هذا المقال، سوف نسلط الضوء على النظريات التي ناقشت معنى الحياة.

المنظور الديني:

مسألة معنى الحياة من المسائل المفضلة في النقاش الديني. وقد يحدث أن يتفرد الدين في تقديم الإجابة؛ وذلك لأن الدين نفسه قائم على وجود معنى للحياة سلفًا. ويتمادى في هذا الجانب ويرى في تلك الغاية قيمة أكثر مما تحمله الحياة، لأن تلك الغاية تسبق الحياة ومتقدمة عليها.
على رغم من وجود ديانات كثيرة تتنازع فيما بينها في أكثر القضايا جوهريةً، إلا أن هناك وجهة نظر بهذا الخصوص. وهي: حياة ذات معنى تتطلب وجود الله والإيمان به. بمعنى أن وجود الله جنبًا إلى جنب مع الارتباط المناسب به ضروريين وكافيين لتأمين حياة ذات معنى(1).

يرى الدين في حياة الفرد على أنها جزء من خطة الله في خلق الكون، وما يجعل من حياته ذات قيمة كبيرة ومعنًى نهائي هو أنه يساعد لله في تحقيق تلك الخطة وذلك القصد الإلهي، وإذا ما فشل الفرد في فعل ما يريده الله، يسود اللا معنى في حياته(2).

وفي هذا الصدد يكتب الفيلسوف بليز باسكال: “هذه الهاوية اللانهائية لا يمكن ملؤها إلا بما هو لا متناه وثابت، أي بالله نفسه”. ويعترف القديس أوغسطينيوس: “لقد صنعتنا لنفسك. وقلوبنا مضطربة إلى أن تستقر فيك”(1).

المنظور العلمي:

السؤال عن معنى الحياة إذا ما طُرح في سياق علمي سيحدث الكثير من المغالطات لسببين على الأقل.

أولًا: هناك شيء من الأنانية البشرية في هذا السؤال، إذ نبحث عن معنى يتوافق مع مصالحنا الإنسانية. وهذا السؤال يفترض مسبقًا بأن المعنى يُقاس على الإنسان. أي الإنسان هو العنصر المحكي في تحديد المعنى؛ والعلم لا يمكنه التعامل مع مسألة كهذه. فالإنسان مجرد حلقة تطورية وكيان حيوي كسائر الكائنات.

ثانيًا: لا يتعامل العلم مع غاية الأشياء بالمعنى الذي نريده إنما مع آلية عملها، واستنتاج قيمة أو معنى من هذه الآلية لا يعدو أن يكون أكثر من تأويل فلسفي أو ديني.

ويخبرنا العلماء أن الوجود نشأ من تفاعل عشوائي بين المواد الكيميائية والغازات، وإذا كان له معنى فهو كئيب وضيق جدًا.

فالإنسان حاله حال الأميبا وغيرها من الكائنات، معنى حياته هو انتشار المادة الجينية، هذا صحيح وفي نفس الوقت مؤسف(3). تشبه الحياة لعبة، الهدف منها هو الإستمرار في اللعب.

استطاعت بعض الجينات والأنساب النبيلة من البقاء في اللعبة لفترة أطول، ولكن أين هو المعنى في لعبة لم يسن قواعدها أحد، وفي النهاية لا يمكن الفوز بها. إذن ليس هناك ثمة معنى جوهري للبقاء على قيد الحياة(4). ويعلق لورانس كراوس على ذلك ويقول: “حقيقة تطورنا على هذا الكوكب هي مجرد حادث كوني، والاشخاص الذين يعتقدون بخلاف ذلك من المحتمل أنهم يعانون من وهم ديني”(5).

الطبيعانية أو المذهب الطبيعي:

هناك طبيعانية ذاتية وأخرى موضوعية. الأولى تتميز بكونها متفائلة، فهي تدعي بأن حياة ذات معنًى قوي ممكنة حتى ولو لم يكن هناك إله أو عالم ما بعد الحياة أو فوقها.

وهي تسلم بأن حياة ذات معنى تختلف من شخص لآخر وتقوم على حصول الفرد ما يريده بقوة أو من خلال تحقيق أهداف محددة ذاتيًا أو من خلال تحقيق ما يعتقد المرء أنه مهم حقًا، كما الاهتمام بشيء ما أو حبه بصدق من شأنه أن يجعل الحياة ذات معنى(1).

لكن يؤخذ على هذا المذهب تطرفه الذاتي، فتطبيقه سيكون بمثابة تبرير لكل الأفعال الشنيعة والوحشية طالما أن الأشخاص الذين يقومون بهكذا أفعال يجدون راحة وطمأنينة فيها.

في الطرف المقابل هناك، الطبيعانية الموضوعية. يحاول المذهب الموضوعي معالجة الفجوات التي تتخلل المذهب الذاتي، وهو يؤكد بأن حياة ذات معنى تتأسس على التواصل الفعال والمناسب مع الحقائق الموضوعية المستقلة عن عقل الفرد(1).

ومن الجدير بالقول هو أن الموضوعية لا ترفض الذاتية دائمًا. بل نجد أحيانا أنها ترى في الجانب الذاتي كشرط مهم لتحقيق حياة ذات معنى، وبهذا الصدد تقول سوزان وولف: “ينشأ المعنى عندما يلتقي الانجذاب الذاتي مع الجاذبية الموضوعية”(2).

المنظور الوجودي:

يقسم البعض الوجودية إلى وجودية دينية وأخرى ملحدة، لكن كما يقول بول ريكور التصنيف شأن بيداغوغي وليس معرفي.

ومن جانب آخر يرفض كبار الوجوديين فكرة التمذهب، أي لا يدعون وجود فلسفة وجودية أو موجودية بحتة. لكن هناك نوع من التوافق بين ما نطلق عليهم فلاسفة الوجودية حول إشكال المعنى.

فهم يرفضون وجود معنى للحياة، أي معنًى جاهز، لكنهم يعولون على إمكانية خلق معنى ما في سياق الحرية الفردية. وهذه الحرية كما يقول سارتر، يتم تحديدها بمعزل عن أي تحديد مسبق من قبل الإله أو من خلال قيم أو معرفة موجودة سلفًا”(6).

ولأن الوجودية تخرج الإنسان إلى سياق مختلف عن سياق وجود باقي الكائنات. فهي تركز على الوجود الإنساني على أنه نمط خاص من الكينونة كما يقول هايدغير. فالإنسان حين يلقى في الوجود لا يحمل معه أي معنى أو جوهر، بل هو من يقوم بصنع معنى لوجوده بعد أن يدركه على نحو خاص(6).

وهنا يقول هايدغر في كتابه الأهم (الكينونة والزمان): “السؤال عن معنى الحياة هو السؤال حول كيفية عيش حياة أصيلة، حياة تكون حياتنا نحن دون أن تكون محددة مسبقًا في المجتمع، وأن تعيش حياة أصيلة هي أن تختارها بنفسك”(7).

ولنيتشه فكرة مشابهة، فهو يرسم صورة الإنسان على أنه جسر لا هدف، ويؤكد على أنه مهما كان معنى الحياة أو سيكون، فهو معنًى أرضي وليس سماويًا، ومعنى الحياة هو أن يتم خلقه لا اكتشافه(7).

المنظور العدمي:

ما هو جدير بالإشارة إليه في البداية، أن ما يجعل العدمية مختلفة عن الوجودية هو كونها ترفض حتى إمكانية خلق المعنى.

فهي لا ترفض وجود معنى جاهز وحسب بل تشك حتى في مزاعم الوجودية حول إمكانية صنع معنًى ما؛ وذلك لأنه حياة ذات معنى غير ممكنة على الإطلاق. تركز العدمية على عنصرين مهمين في حياة الإنسان، الشعور بالملل وعدم الرضى، بحجة أن الملل يصف الحياة بشكل كاف على أنها بلا معنى، كما أن حياة الإنسان تفتقر إلى القدر المطلوب من الرضى ليمنحها معنى(1).

وتؤكد بأن ما من شأنه أن يجعل الحياة ذات قيمة إما لا يمكن أن يوجد أو لا يمكن الحصول عليه. كما تزعم بوجود شيء ما في الحالة الإنسانية تمنع المعنى من الظهور(2).

خلاصة:

معنى الحياة من القضايا التركيبية كما يقول أدوارد مور. فمهما حاولنا أن نجعل منها قضية موضوعية نسقط في فخ الذاتية. حكمنا على طبيعة الأشياء لا يتعدى كونه تأويلًا شخصيًا منا، وحتى تلك الاحكام تتغير حسب الزمن وتأخذ مكانها أحكام أخرى. لكن مع ذلك، من الضروري أن يستمر الإنسان في بحثه عن المعنى، وقد يكون البحث هو نفسه المعنى. لا يمكن التغاضي عن أهمية البحث طالما أن السؤال لا يتوقف عن الظهور، ويعد من الاسئلة الحاضرة على الدوام في ظل عالم لا يسكت فيه صوت الحرب. في الوقت ذاته قد يساعدنا هذا السؤال لأن نعيد النظر في الكثير من السرديات التي تربطنا بالعالم وبالآخرين وبأنفسنا.

المصادر:

Exit mobile version