فلسفة الشهادة وعلاقتها بالمعرفة

هذه المقالة هي الجزء 8 من 11 في سلسلة مدخل إلى الفلسفة وفروعها

فلسفة الشهادة وعلاقتها بالمعرفة

تركز فلسفة الشهادة على دراسة ما يتم تناقله بين الأشخاص ويمكن أن يكون أساساً معرفياً. تعد الشهادة (Testimony) مصدراً كبيراً لما نعرفه عن العالم من حولنا. والشهادة هنا تعني ما يخبرنا به الآخرون – أي ما يشهد به الآخرون. فنحن نعرف التاريخ من الكتب التي كتبها المؤرخون، ونعرف الأخبار مما نقرأه في الصحف أو نراه على شاشة التلفاز. كما أن العلم وتطوراته كافة تأتينا عن طريق “الشهادة” من أشخاص قاموا بأبحاث ودراسات وأطلعونا على نتائجها [1].

تعريف فلسفة الشهادة

تركز فلسفة الشهادة أو نظرية معرفة الشهادة (Epistemology of Testimony – Philosophy of Testimony) على كيفية تقييم هذه الاعتقادات التي نبنيها على شهادات الآخرين. فتطرح تساؤلات حول إمكانية تبرير هذه الاعتقادات، ومتى يمكن لها أن ترقى لمستوى المعرفة [2].

يمكن تعريف فلسفة الشهادة على أنها التقاء “طبيعة المعرفة” و”اللغة”، وهما من المواضيع المهمة في الفلسفة. فما نكتسبه من شهادة الآخرين – ويمكن أن نعتبره معرفة – يصل إلينا عن طريق اللغة. فالمرء الناقل للشهادة يحتاج وسطاً ينقل به شهادته، ويشترط لتحقيق عملية نقل فعالة أن يكون هذا الوسط ملائماً للمتلقي. إذ إنّ هذا الوسط هو ما يمكن للشخص الآخر اكتساب المعرفة من الشهادة عن طريقه. ويتمثل هذا الوسط بشكل رئيسي باللغة التي نقرأها أو نسمعها [3].

وعند التدقيق في هذين العاملين، نرى أن انتشار المعرفة عن طريق اللغة هو أمر واقع لا غبار عليه. فنحن نسمع أو نقرأ شهادة غيرنا، ونفهمها، من خلال اللغة التي توصلها لنا. ولكن الجدال يكمن في طبيعة هذه المعرفة. وكما ذُكر آنفاً، تطرح فلسفة الشهادة تساؤلات حول إمكانية اعتبار ما يصلنا بطريق الشهادة على أنه معرفة [3]. وهنا تختلف وجهات النظر المجيبة على هذا التساؤل.

الاختزالية (Reductionism)

ترى الاختزالية أنه يشترط لاكتساب المعرفة عن طريق الشهادة أن يكون لدينا أسباب موجبة للإيمان بأن الشخص الناقل للشهادة هو محلّ ثقة [2]. وفي هذا الصدد، يعد الفيلسوف ديفيد هيوم (David Hume) من أوائل المنادين بأهمية الدليل في تبرير تصديق الشهادة. وهذا الدليل، إما أن يكون دليلاً على مصداقية الشخص المعني، أو دليلاً عاماً على مصداقية البشر بالمجمل [4].

ويرى هيوم أن ثقتنا تتناسب طرداً مع معقولية محتوى الشهادة. أي أنها تتناقص بالقدر الذي تكون فيه الشهادة غير اعتيادية أو غريبة. والعكس صحيح، فعادة ما نميل إلى تصديق ما يقوله الآخرون إذا كان أقرب للواقع، أو إذا كان لحدوثه احتمالية عالية [4].

لنفرض أنك ذهبت إلى مقهى وطلبت فنجاناً من القهوة. ولكن النادل اعتذر عن تلبية طلبك لأن آلة صنع القهوة معطلة. يسهل هنا تصديق شهادة النادل نتيجة ارتفاع احتمال حدوثها. ولكن تخيل أن يقول لك النادل أن فضائيين أتوا ليلاً وسرقوا مخزون القهوة من المقهى، ولهذا لا يمكنه تلبية طلبك. مع هذه الشهادة، يصعب إعطاء المصداقية لناقلها. فمن غير المحتمل، بل ربما من المستحيل، أن يحدث هذا في الواقع [4].

ويتوسع هيوم في شكوكه حول الشهادة، ويطال بذلك المعجزات (miracles). ففي كتابه مبحث في الفاهمة البشرية، يعبر عن رأيه بوجوب عدم تصديق حدوث المعجزات بناءً على شهادة الغير. حيث يعرّف المعجزة على أنها “نقض لقوانين الطبيعة.” وعليه، لا يرى أنه من الممكن أن تصل أية شهادة إلى درجة من المصداقية يمكن معها تصديق حدوث شيءٍ منافٍ لقوانين الطبيعة. والاستثناء الوحيد الذي يطرحه هيوم، والذي يمكن معه تصديق حدوث المعجزة، هو أن يكون عدم حدوثها أمرٌ أكثر إعجازاً وأكثر غرابة من حدوثها [4].

يدعم هيوم موقفه من الشهادة بأن الناس عادة ما يميلون إلى إعطاء شهادات غير دقيقة. ربما يكون هذا بدافع الكذب أو المزاح أو المبالغة. وربما يكون من دون دافع، أي أنهم لا يعلمون أن شهادتهم خاطئة، بل لديهم اعتقاد بأن ما يقولونه هو الصواب [4].

اللا اختزالية (Non-Reductionism)

من جهة أخرى، يرى منتقدو الاختزالية أن الأدلة الموجِبة غير ضرورية. بل للمرء حق مفترض بتصديق شهادة الآخرين، طالما أنه لا يوجد سبب قاهر يقتضي عدم تصديق ناقل الشهادة. فتصديق الشهادة في هذه الحالة هو الأمر الطبيعي [1].

ويعد الفيلسوف توماس ريد (Thomas Reid) من مناصري هذا الفكر الذي يعبر عن جاهزية أكبر ورغبة أقوى في تصديق الغير. حيث يدافع ريد عن رأيه عن طريق الأطفال الذين يميلون إلى تصديق كل ما يسمعونه، مع أنهم لا يملكون أية قاعدة استقرائية من تجارب سابقة. ويقول إنه إذا كانت الرغبة في تصديق الآخرين مبنية على التفكير والتجارب، فبالأحرى لها أن تتعزز مع تزايد التجارب والقدرة على التفكير المنطقي. لكن ما يحدث هو أن هذه الرغبة أو الجاهزية تكون في أقوى درجاتها عندما تأخذ شكل الفطرة أو الهبة الطبيعية. تكون الفطرة وفقًا لما هو متعارف عليه لدى الأطفال، مما يدفعهم تلقائياً إلى تصديق كل ما يقال لهم. لكنها تتضاءل مع تقدمهم في العمر ومرورهم بالتجارب وتشكيلهم للمنطق [2].

على عكس فكرة هيوم الذي يرى أنه من الممكن للبشر أن ينطقوا بشهادات مغلوطة لأسباب متعددة، يرى ريد أنه من الممكن لنا أن نعتمد على شهادة المتحدث للأسباب التالية. أولاً، إن البشر يتمتعون بميل لقول الحقيقة. ثم إن لديهم نزعة لتصديق ما يسمعون. وأخيراً يستطيعون أن يشعروا عندما يكون المتحدث غير أهل للثقة [1].

ومن غير المستغرب هذا الموقف من ريد. فهو رجل دين، يرى الأمور من منظور مؤمن بالطبيعة البشرية كإيمانه بخالقها. أما هيوم، فقد حملت كتاباته أفكاراً مناهضة للدين وللعقائد الدينية. وهذا ما جعله محل انتقاد للبعض، ومن بينهم ريد نفسه [5] [6].

علاقة فلسفة الشهادة بالاستقلال/التضامن الفكري

وأخيراً، يمكن تبنّي إحدى وجهتي النظر في التعامل مع الشهادة. فالبعض يرى أهمية كبيرة لكسر التفكير التقليدي والابتعاد عن التلقي. ومن الأمثلة على هذا ما كتبه الفيلسوف إيمانويل كانت (Immanuel Kant) عند حديثه عن التنوير (Enlightenment). ويرى (كانت) أن التنوير هو انبثاق المرء من حالة عدم النضج المنغمس فيها. ويعرّف “عدم النضج” بأنه عدم قدرة المرء على استخدام فهمه الخاص دون الاستدلال بالآخرين. ويقصد هنا مدى اعتماد الشخص في تكوين الآراء والمعتقدات على شهادة الآخرين وعدم الخروج من عباءتهم. فيرى (كانت) أهمية كبيرة – بل فضيلة – في قدرة الشخص على الاستغناء عن شهادات الآخرين كقاعدة للأفكار. وهذا ما يدعوه الفلاسفة المعاصرون بالاستقلال الفكري [4].

ومن جهة أخرى، قد يفضل البعض وجهة النظر التي تحافظ على العادات السائدة ولا تنسلخ عنها. وفي هذا تضامن فكري يرى فيه ريد فضيلة تفوق الفردية والاستقلال. فهذا النمط من التفكير يحافظ على معتقدات المجتمع ككل، ولا يؤدي إلى ابتعاد جذري عنه [4].

اقرأ أيضاً نظرية المعرفةالشكوكية الفلسفيةفلسفة التنوير

المصادر

  1. Stanford Encyclopedia of Philosophy – Epistemological Problems of Testimony
  2. Internet Encyclopedia of Philosophy – Epistemology of Testimony
  3. Elizabeth Fricker and David E. Cooper – The Epistemology of Testimony
  4. Coursera: Hazlett, Allan, et al. Introduction to Philosophy [MOOC]. Coursera.
  5. Stanford Encyclopedia of Philosophy – David Hume
  6. Stanford Encyclopedia of Philosophy – Thomas Reid

الشكوكية الفلسفية بين القديم والحديث: ما هي مفاهيمها وبماذا تبحث؟

هذه المقالة هي الجزء 7 من 11 في سلسلة مدخل إلى الفلسفة وفروعها

الشكوكية الفلسفية بين القديم والحديث: ما هي مفاهيمها وبماذا تبحث؟

يوجد توجهان في الشكوكية الفلسفية (Philosophical Scepticism)، يرفض أحدهما القدرة على امتلاك المعرفة، في حين يدعم الآخر فكرة تعليق الحكم على الأمور نتيجة لعدم الدقة.

تعريف الشكوكية الفلسفية

الشك هو الرؤية التي تعتبر أن وجود المعرفة (أو الاعتقاد المبرر تجاه شيء ما) هي أمر مستحيل [1]. ويعود أصل كلمة الشك بالإنكليزية (scepticism) إلى الكلمة الإغريقية (skepsis) وتعني البحث أو التحقيق. فقد كان المشككون القدماء يصفون أنفسهم بالباحثين أو المحققين الذين يسعون إلى التحري في أمر ما، وبالنهاية يعلّقون الحكم عليه. إذ يقوم جوهر الشك في الفلسفة القديمة على تكريس هدف الحياة للسعي وراء الأسئلة والبحث، وبما أنه لا يمكن تحصيل المعرفة النهائية، لا يمكن تأكيد أي شيء من وجهة نظر المشككين. فحتى المعتقدات هي موضع تساؤلات وبحث وتعليق بالنسبة لهم [2].

تختلف مفاهيم الشك لدى الإغريق عن تلك السائدة في العصر الحديث. فقديماً، كان المشككون يبحثون في مواضيع المعتقدات وتعليق الحكم على أمر ما ومعايير الحقيقة والمظاهر والتحقيق. أما حديثاً، فتتجلى المفاهيم المهمة بالمعرفة والتأكيد والاعتقاد المبرر. في حين تركز نظرية المعرفة وفلسفة اللغة على المواضيع التي كان يتناولها المشككون القدماء [2].

كيف ظهرت الشكوكية الفلسفية قديماً؟

تنقسم الشكوكية في اليونان القديمة إلى حركتين، وهما الشكوكية الأكاديمية (Academic Skepticism) والشكوكية البيرونية (Pyrrhonian Skepticism) [3].

تأسست الشكوكية الأكاديمية في أكاديمية أفلاطون (الأكاديمية الجديدة) في القرن الثالث قبل الميلاد. ويعد الفيلسوف أركسيلاوس (Arcesilaus) أول من أحال الأكاديمية إلى الفكر الشكوكي، وقد اعتمد في ذلك على قراءات جديدة لكتب أفلاطون [3].

أما الفيلسوف بيرو (Pyrrho) فيعتبر مؤسس الشكوكية البيرونية مع أنها ظهرت بعد وفاته. لم يخلّف بيرو وراءه أي كتابات أو مؤلفات. بل كان تلميذه تيمون (Timon) هو المصدر الذي نقل جزءاً من أفكاره. كما طرح الفيلسوف أنيسيديموس (Aenesidemus) فكرة الشكوكية في القرن الأول قبل الميلاد ونسب هذا المذهب إلى بيرو. وفيما بعد، في القرن الثاني الميلادي، أكد الفيلسوف سيكستوس إمبيريكوس (Sextus Empiricus) أن بيرو هو مؤسس الشكوكية، أو على الأقل كان مصدر إلهام لمبادئها ومفاهيمها [3].

اتفقت المدرستان على اتباع منهج شكوكي في الحياة يقوم على تعليق الحكم، لكن كانت بينهما نقاط خلاف حول هدف هذا المنهج أو نتيجته، بالإضافة إلى طرحهما لجدليات شكوكية مختلفة [4].

كان أنصار الشكوكية الأكاديمية يواجهون مدارس فلسفية أخرى حول إمكانية المعرفة. ومن أبرز هذه المدارس كانت الرواقية التي ادّعت أنه يمكننا معرفة الحقائق الأساسية من خلال الفهم الذي يعتبر قدرة عقلية لاستيعاب الأشياء. أما الشكوكيون الأكاديميون فقد اعتبروا جميع الأشياء غير قابلة للفهم، وأن أفضل ما يمكن أن نحققه هو مجرد احتمالية أو ترجيح [4].

بدورهم، كان البيرونيون أيضاً من الرافضين للرواقية في مسألة القدرة على فهم المعرفة، وتمسكوا بمبدأ عدم القدرة على الفهم الذي تستحيل معه كافة الأشياء إلى مظاهر. وتتمثل العملية الجوهرية في التشكيك بمساءلة كل قضية أو جدل عن طريق طرح جدل مناقض، وبهذا نبقى محايدين تجاه كل ما يتمحور حوله الجدل. عندها يتم تعليق الحكم والوصول إلى حالة من الهدوء أو السكينة [4].

الشكوكية الفلسفية الحديثة

تحدث العديد من الفلاسفة عن الشكوكية وسنستعرض بعضاً من أفكارهم.

الشكوكية عند ديكارت

حسب رينيه ديكارت (René Descartes)،  تتمثل المعرفة التامة بانعدام القدرة على إيجاد أسباب للشك بها أو التساؤل حولها. فانعدام أسباب الشك يحول القناعة إلى تأكد تام. وبهذا يظهر مفهوم الشك على نقيض مفهوم التأكد. أي كلما ازداد الشك، انخفض التأكد، والعكس صحيح. ويمثل شرط استحالة وجود أسباب للشك معياراً عالياً لتبرير المعرفة التامة. ولكن ديكارت يرى أن تحقيق هذا الشرط أمر صعب جداً [5].

تطرح الشكوكية الديكارتية تساؤلات حول إمكانية معرفة العالم الخارجي ونحن نواجه تحدياً متمثلاً بعدم معرفتنا لأوجه رفض الفرضيات الشكوكية. يمكن شرح هذا من خلال مثال ديكارت في تأمله الأول والمتمثل بفرضية وجود شيطان شرير يحول كل معتقداته – معتقدات ديكارت – إلى أمورٍ خاطئة في حين يجعلها تبدو له على أنها صحيحة. وفكرة ديكارت هنا هي كيف يمكننا أن نعرف أن نظرية الشيطان الشرير خاطئة؟ [6]

ومن الأمثلة الحديثة المنبثقة عن هذا التأمل الأول مثال “الدماغ في الوعاء – brain in a vat”. يقوم هذا الادعاء على افتراض أننا لا نعيش حياتنا كما نتخيل. بل تتم تغذية عقلنا بالتجارب عن طريق أجهزة حاسوب. إذا كان هذا الافتراض صحيحاً، فمعظم ما نعرفه عن العالم ونؤمن به هو عارٍ عن الصحة (أو أنه صحيح بطريقة تختلف عمّا نتوقعه)، وبهذا نحن لا نملك المعرفة. لا يمكن تمييز هذه الحالة المفترضة من عدمها، أي أننا لا نستطيع أن نعرف فيما إذا كنا في حالة دماغ في الوعاء، أو إذا كنا نعيش التجارب فعلاً كما نفترض أننا نعيشها. بالتالي، لا يمكن أبداً معرفة فيما إذا كان هذا الافتراض أو السيناريو خاطئاً نتيجة لعدم قدرتنا على التفريق بين الحالة المفترضة وعدم وجودها [7].

الشكوكية عند هيوم

يتحدث أيضاً ديفيد هيوم (David Hume) عن المعرفة والشك. في كتابه رسالة في الطبيعة البشرية، يسير تحليله لبعض المفاهيم في ثلاث خطوات. أولاً، يناقش هيوم عدم قدرتنا على اقتناء المعرفة التامة لبعض المفاهيم الفلسفية المهمة. ثانياً، يشرح كيف يمكن لاستيعاب المفهوم أن يعطينا فكرة ضيقة جداً عنه. ثالثاً، يبين أن بعض الآراء الخاطئة عن المفاهيم تقبع أصولها في الأوهام، ويوصي برفض هذه الآراء الخاطئة. يطبق هيوم هذه الخطوات عند تناوله للعديد من المواضيع كالفضاء والوقت والأشياء الخارجية والهوية الشخصية وغيرها [8].

أما عن الشك فيتحدث هيوم عن وجود ثلاث تناقضات في النظريات الفلسفية وهذا ما يرفع من مستوى الشكوكية. يتمحور أول هذه التناقضات حول ما ندعوه بالاستقراء، فنحن نبني أحكامنا على تجارب سابقة لا تخلو جميعها من عناصر الشك. وعليه، سنكون مضطرين للخروج بحكم حول هذا الشك، وهذا الحكم بدوره مبني على تجارب سابقة، فسيخرج عنه شك جديد. سنقوم من جديد بإطلاق أحكام عن الشك الثاني الجديد، وهكذا. أما التناقض الثاني فينطوي على صراع بين نظريتين حول الإدراك الخارجي نصل إليهما بعد عملية استقراء طبيعي. أولهما هي ميلنا الطبيعي لتصديق أننا نرى الأشياء مباشرة كما هي في الحقيقة. والأخرى هي رؤية ذات طبيعة فلسفية أكثر، تعتبر أن ما نراه هو مجرد صور عقلية أو نسخ للأمور الخارجية. بالنسبة للتناقض الثالث، فيتضمن صراعاً بين التعليل السببي والاعتقاد باستمرارية وجود المادة. وينتهي هيوم في أفكاره عن الشكوكية بأن هذه التناقضات ستشوب حتى أفضل النظريات عن الظواهر الجسدية والعقلية [8].

الشكوكية الراديكالية

إذا أردنا أن نتحدث عن الشكوكية الراديكالية (Radical Scepticism)، فهي تخلص إلى أننا لا نعرف ما نظن أننا نعرفه. فإذا كنا غير قادرين على استبعاد احتمالات أو سيناريوهات شكوكية – كمثال الدماغ في الوعاء – فنحن في الواقع غير قادرين على معرفة أي شيء [9].

وكحال كل الأفكار والنظريات الفلسفية، يوجد من يواجه الشكوكية ويطرح تساؤلات فيها وينقدها ويرد عليها. فالمواضيع في الفلسفة غير منتهية ولا حدود للنقاش فيها.

اقرأ أيضاً عن الفلسفة الرواقية ونظرية المعرفة

المصادر:

  1. Meta-epistemological Skepticism – Chris Ranalli
  2. Stanford Encyclopedia of Philosophy – Ancient Skepticism
  3. Internet Encyclopedia of Philosophy – Ancient Greek Skepticism
  4. Ancient and Medieval Philosophy: Essential Selections
  5. Stanford Encyclopedia of Philosophy – Descartes’ Epistemology
  6. PhilPapers
  7. Internet Encyclopedia of Philosophy – Contemporary Skepticism
  8. Internet Encyclopedia of Philosophy – David Hume
  9. Coursera: Pritchard, Duncan, et al. Introduction to Philosophy [MOOC]. Coursera.

Exit mobile version