هل أنت حزين أم مكتئب؟

هذه المقالة هي الجزء 15 من 19 في سلسلة رحلة بين أشهر الاضطرابات النفسية

ما الفرق بين الحزن والاكتئاب؟

يصاب نصف البشر -تقريبا- بالاكتئاب في وقت أو آخر من حياتهم، لكن مرض الأكتئاب غالبا ما يعالج بطريقة خاطئة أو لا يعالج على الأطلاق خاصة في مجتمعاتنا الشرقية التي مازالت تنظر للأمراض النفسية بأنها وصمة عار أو وهم؛ يمكن أن يعالج بالصبر والصلاة ولدى رجال الدين والقبيلة قائلين: صل، تزوج، سافر، أقرأ… فماذا إن لم أتحسن بكل هذا!

السبب الأخر لعدم علاج الأكتئاب هو خلطة بالحزن؛ فكلا الحالتين تتشابهان في بعض المظاهر مثل: البكاء، الكسل والفتور، الإحساس بالغربة عن المجتمع والانسحاب من الأنشطة المختلفة، فما الفرق بين الحزن والاكتئاب؟

الفرق بين الحزن والاكتئاب؟

الحزن

هو رد فعل طبيعي على الخسارة أو خيبة الأمل أو المشكلات والمواقف الصعبة الأخرى في حياتنا وهو شعور طبيعي للغاية مثل الجوع والعطش والألم، جزء لا يتجزأ من كون المرء إنسانًا. لكن مشاعر الحزن تزول على الأغلب في غصون أسبوعين ويمكنك العودة لممارسة حياتك اليومية بعدها، فماذا يحدث إن استمرت طويلا أو أثرت على ممارسة حياتك اليومية؟

الاكتئاب

هو مرض عقلي يؤثر على حالتك المزاجية والطريقة التي تفهم بها نفسك والأحداث والأشخاص من حولك، يمكن أن يأتي الاكتئاب دون سبب ويستمر لفترة طويلة وهو أكثر من مجرد حزن أو مزاج عكر مؤقت، في العادة يستمر الاكتئاب لفترة أطول من أسبوعين ولا يختفي من تلقاء نفسه ويؤثر على حياتك اليومية وتصرفاتك و علاقتك بالمحيطين بك.

وهو مرض حقيقي ويمكن علاجه لكن من المهم جدا طلب المساعدة إذا كنت تشعر بأعراضهُ لفترات طويلة، وهناك أنواع مختلفة من الاكتئاب هي:

  1. الاكتئاب السريري – clinical depression
  2. اضطراب الاكتئاب الشديد – major depressive disorder
  3. الاكتئاب الهوسي – manic depression
  4. اكتئاب ما بعد الولادة – Postpartum Depression
  5. الاكتئاب الموسمي – Seasonal Depression
  6. الاكتئاب النفسي – Psychotic Depression
  7. اكتئاب شاذ – Atypical Depression
  8. الاكتئاب الموضعي – Situational Depression
  9. اضطراب خلل النطق المزاجي – Disruptive Mood Dysregulation
الأعراض النفسية والجسدية للاكتئاب

الأعراض النفسية للاكتئاب

  1. اليأس وكراهية الذات.
  2. الشعور بالذنب غير المبرر.
  3. الغضب أو التهيج السريع.
  4. صعوبة التفكير والتركيز والأبداع أو اتخاذ القرارات.
  5. فقدان الشغف والاهتمام بالأشياء المعتاد الاستمتاع بها.
  6. العزلة عن الآخرين.
  7. وجود أفكارًا جادة حول الموت أو إنهاء الحياة (الانتحار).

الأعراض الجسدية للاكتئاب

  1. اضطرابات النوم أو النوم أكثر من اللازم.
  2. تغييرات كبيرة في الوزن والشهية.
  3. تباطؤ الحركة والتصرف معظم الوقت
  4. التململ وسرعة الحركة معظم الوقت
  5. الشعور بالتعب و الركود وانخفاض الطاقة في معظم الأيام.
  6. الأوجاع والآلام الغير مبررة.
الشعور بالتعب و الركود وانخفاض الطاقة في معظم الأيام.

الهوس – Mania

على الجانب الأخر، هناك الهوس وهو نوع من الاكتئاب الذي يبدو مثل السعادة، فتجد الشخص يفرط في الحديث والحركة والعمل والمرح بكل أنواعه، لكن ستجد أن كلامهُ في الغالب لغطًا لا طائل منه ولا هدف ولا يقدم قيمة حقيقية عن ذواتهم.

mania

الفرق الجوهري بين الحزن والاكتئاب

هناك 2 من الفروق الجوهرية بين الحزن والاكتئاب.

  • الفرق الأول: هو أن الشخص الحزين يمكنه في العادة أخبارك بسبب حزنه مثلا «أنا حزين لأني فقدت وظيفتي، أو لا أستطيع أن أحتفظ بعلاقاتي العاطفية، أو فقدت عزيزا، أو مالًا، أو أملًا» حتى وأن بدا السبب واهنًا فكل منا له قدرته الخاصة على التحمل والشعور. أما الشخص المكتئب فهو لا يستطيع تحديد لماذا هو حزين؛ مما يجعله عرضة للاتهام بالكذب أو التمثيل أو محاولة جذب الاهتمام، حتى أن محاولاته المستمرة لمعرفة سبب شعوره وعدم إيجاد السبب قد تدفعه في الأتجاه المعاكس نحو الإحساس بمزيد من الإحباط والألم والخوف!
  • الفرق الثاني: هو أن الشخص الحزين يجد سبب حزنه منعكسًا على العالم الخارجي ولا يتأثر إحساسه بذاته جراء ذلك، أما المكتئب فينعكس أحساسه داخليا بالشعور بكراهية النفس والإذلال والإحساس بالذنب واتهام الذات، وهو ما قد يؤدي في النهاية إلى الأفكار الانتحارية.

أسباب الإصابة بالاكتئاب

يمكن أن يصيب الاكتئاب أي شخص -حتى الذي يبدو أنه يعيش في ظروف مثالية نسبيًا- وهناك عدة عوامل يمكن أن تلعب دوراً في الإصابة بمرض الاكتئاب:

  1. الكيمياء الحيوية: الاختلال في بعض المواد الكيميائية في الدماغ قد تساهم في أعراض الاكتئاب.
  2. الوراثة: الاكتئاب يمكن أن ينتشر في الأسر، على سبيل المثال إذا كان أحد التوأم المتماثل مصابًا بالاكتئاب فلدى الآخر فرصة بنسبة 70 في المائة للإصابة بالمرض في وقت ما من حياته.
  3. الشخصية: الأشخاص الذين يعانون من تدني احترام الذات، والذين يرضخون للضغط بسهولة، أو المتشائمون يبدو أنهم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب.
  4. العوامل البيئية: التعرض المستمر للعنف أو الإهمال أو سوء المعاملة أو الفقر قد يجعل بعض الناس أكثر عرضة للاكتئاب.

فما هو الحل؟

أنواع العلاج

العلاج الكيميائي / الدوائي:

قد يقال أنه بسبب عدم وجود سبب مادي لشعور الإحباط والحزن لدى مرضى الاكتئاب فالحل يكمن في أدوية تعديل المزاج وضبط الخلل الكيميائي في عقولهم، وهذا بالفعل أحد الحلول التي لا يجب أن نشعر بالذنب لاستخدامه.

وهو مناسب بشكل كبير للمؤسسات والشركات التي تبحث عن أسرع وأسهل الحلول لمشاكل موظفيها، أو الأباء القلقين الذين يسعون لعلاج أبنائهم سريعًا كي يتمكنوا من العودة لممارسة حياتهم الطبيعية، وبالطبع هو مناسب للشركات المصنعة لأدوية تعديل المزاج والضوابط الكيميائية للمخ والمنتفعين من ورائها، لكن هل ذلك هو الحل الأفضل أو الوحيد؟ بالطبع لا!

قد نقول أنه لا يوجد سبب مباشر للاكتئاب لكن ذلك لا يعني عدم وجود سبب على الإطلاق فالسبب موجود، لكن لا يستطيع المرئ أخبارك به لأنه إما قديم جدا يرجع لمرحلة الطفولة، أو صعب التعامل معه لذا يدفعه العقل الواعي إلى اللاواعي ويظل قابع هناك يسبب مشكلات لشخص لا يعرف من أين تأتى أو لماذا.

فقد يفضل العقل الواعي أن لا يحس بشئ على الأطلاق بدلًا من أن يتألم بشكل لا يُحتمل من مصدر واحد معروف، لذا فيمكننا القول أن الاكتئاب هو حزن نُسى سببه الأساسي.

كما يرجع جزء كراهية الذات في كثير من الأحيان لكراهية شخص أخر أو حدث ماضي يرفض العقل قبول كراهية له فيعكسه داخليًا نحو المريض نفسه.فبدلًا من أن يفكر عقل المريض أن (أحد الآباء أو المعلمين أو الشريك العاطفي) قد أهانني أو أذاني، يفكر العقل المريض بطريقة عكسية؛ أنا غير جدير بالمحبة أو أنا شخص سيء لا يمكن احتماله.

ما الرابط بين الحزن الشديد والفرح الشديد؟

الرابط هو عدم وجود الوعي الذاتي في الحالتين؛ لذا فأكثر ما يحتاجه مريض الاكتئاب هو الوعي والفهم العميق بسبب حزنه ومشاعره المختلفة.

ولذلك فهم يحتاجون في الغالب مستمع صبور وحكيم يؤدي دوره على أفضل الأحوال الطبيب أو المعالج النفسي، والذي قد يعالج بشكل مؤقت عن طريق الأدوية حتى يتمكن المريض من معاينة مشاعره بعيدًا عن إحساسه المستمر بالقلق والحزن والإحباط ومن ثم تغيير سلوكياته وتفكيره المسببان للمرض.

العلاج النفسي – Psychotherapy:

أنواع العلاج النفسي

قد يشمل العلاج النفسي على الفرد المصاب فقط، أو قد يشمل آخرين مثل العلاج الأسري أو الزوجي أو العلاج الجماعي الذي يشمل أشخاص يعانون من أمراض مماثلة، واعتمادًا على شدة الاكتئاب قد يستغرق العلاج بضعة أسابيع أو أكثر، في كثير من الحالات يمكن ملاحظة تحسن كبير بعد 10 إلى 15 جلسة.

العلاج الجماعي

العلاج بالصدمة الكهربائية (ECT)

وهو علاج طبي يستخدم بشكل شائع للمرضى الذين يعانون من الاكتئاب الشديد أو الاضطراب الثنائي القطب الذين لم يستجيبوا للعلاجات الأخرى. وهو ينطوي على تحفيز كهربائي قصير للمخ أثناء تعرض المريض للتخدير.

يتلقى المريض عادة العلاج بالصدمات الكهربائية مرتين إلى ثلاث مرات في الأسبوع ليصبح المجموع 6 إلى 12 مرة. تم استخدام العلاج بالصدمات الكهربائية منذ الأربعينيات وأدت سنوات عديدة من البحث إلى تحسينات كبيرة عليه. تدار عادة من قبل فريق من المهنيين الطبيين المدربين بما في ذلك طبيب نفساني وطبيب تخدير وممرض أو مساعد طبيب.

لذا نرجو منك طلب المساعدة إذا وجدت نفسك في حاجة إليها ولاحظ سلوك المحيطين بك و نبههم وساعدهم على قدر استطاعتك فالمرض النفسي لا يجب أن يكن ذو تأثير نهائي على حياة البشر بل يمكن علاجه وتجاوزه بمساعدة بعضنا الآخر وقبول ضعفنا الإنساني.

مصادر:
medical news today
here to help
psycom
psychiatry association
mayo clinic
school of life/How To
Cope With Depression
اختبار مبدئي لمعرفة إن كنت تعاني من الاكتئاب
بعض الأنشطة التي قد تساعد في تخفيف أعراض الاكتئاب 1 , 2 , 3

تناول الشوكولاتة لا يعالج الاكتئاب

جذبت دراسة حديثة نشرت في مجلة «الاكتئاب والقلق-Depression and Anxiety» اهتمام وسائل الإعلام على نطاق واسع. ذكرت تقارير إعلامية أن تناول الشوكولاتة، وخاصة الشوكولاتة الداكنة، مرتبط بانخفاض أعراض الاكتئاب. لكن لسوء الحظ، حقيقة الأمر أن تناول الشوكولاتة لا يعالج الاكتئاب. إذ لا يمكننا استخدام هذا النوع من الأدلة لتعزيز تناول الشوكولاتة كحماية من الاكتئاب، وهي حالة صحية عقلية خطيرة وشائعة وموهنة في بعض الأحيان. لأن هذه الدراسة نظرت إلى وجود علاقة بين النظام الغذائي والاكتئاب في عموم السكان، لكن لم تقم بقياس السببية. بمعنى آخر، لم يقر ما إذا كان تناول الشوكولاتة الداكنة قد يسبب في انخفاض أعراض الاكتئاب.

ما الذي قام به الباحثون؟

استكشف المؤلفون بيانات من «استقصاء الصحة الوطنية وفحص التغذية-National Health and Nutrition Examination Survey (NHANES)». يوضح ذلك مدى شيوع الصحة والتغذية والعوامل الأخرى بين عينة نموذجية من السكان.

أفاد الأشخاص الذين شاركوا في الدراسة بما تناولوه في الساعات الأربع والعشرين الماضية بطريقتين. أولًا، تم استدعائهم شخصيًا لإجراء استبيان قياسي حول النظام الغذائي. في المرة الثانية، ذكروا ما تناولوه عبر الهاتف، بعد عدة أيام من الاستدعاء الأول.

ثم قام الباحثون بحساب كمية الشوكولاتة التي تناولها المشاركون باستخدام متوسط هاتين العمليتين. تحتوي الشوكولاتة الداكنة على 45% على الأقل من الكاكاو حتى تصبح “داكنة”. استبعد الباحثون من تحليلهم الأشخاص الذين تناولوا كمية كبيرة من الشوكولاتة بشكل غير متوقع. بالإضافة إلى الأشخاص الذين يعانون من نقص الوزن و/أو يعانون من مرض السكري.

ثم تم تقسيم البيانات المتبقية (من 13,626 شخص) بطريقتين. أحدهما كان حسب فئات استهلاك الشوكولاتة (لا شوكولاتة، شوكولاتة لكن ليست داكنة، وأي نوع من شوكولاتة داكنة). كان الاتجاه الآخر هو مقدار الشوكولاتة (لا شوكولاتة، ثم في مجموعات، من الأقل إلى الأعلى في استهلاك الشوكولاتة).

قييم الباحثون أعراض الاكتئاب لدى الأشخاص من خلال مطالبة المشاركين باستكمال استبيان قصير يسأل عن مدى تكرار هذه الأعراض خلال الأسبوعين الماضيين. قام الباحثون بالتحكم في العوامل الأخرى التي قد تؤثر على أي علاقة بين الشوكولاتة والاكتئاب، مثل الوزن، الجنس، العوامل الاجتماعية والاقتصادية، التدخين، تناول السكر، وممارسة الرياضة.

ما الّذي اكتشفه الباحثون؟

من العينة بأكملها، ذكر 1,332 (11%) من الأشخاص خلال عمليتي الاستبيان والاتصال الهاتفي لمدة 24 ساعةً الماضية أنهم تناولوا الشوكولاتة، وأبلغ 148 فقط (1.1%) عن تناول الشوكولاته الداكنة.
أبلغ ما مجموعه 1009 (7.4%) من الناس عن أعراض الاكتئاب. ولكن بعد ضبط العوامل الأخرى، لم يجد الباحثون أي ارتباط بين استهلاك الشوكولاتة وأعراض الاكتئاب.

مع ذلك، كان لدى الأشخاص الذين يتناولون الشوكولاتة الداكنة فرصة أقل بنسبة 70% للإبلاغ عن أعراض الاكتئاب ذات الصلة السريرية من أولئك الذين لم يتناولوا الشوكولاتة. عند التحقق من كمية الشوكولاتة المستهلكة، كان الأشخاص الذين يتناولون كمية أكبر من الشوكولاتة يعانون من أعراض اكتئاب أقل.

ما هي حدود هذه الدراسة؟

في حين أن حجم مجموعة البيانات مثير للإعجاب، إلا أن هناك قيودًا كبيرةً على التحقيق واستنتاجاته.
أولا، تقييم تناول الشوكولاتة أمر صعب. قد يأكل الناس كميات (وأنواع) مختلفة حسب اليوم. إن السؤال عما يأكله الناس خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية (مرتين) ليس الطريقة الأكثر دقة لمعرفة ما يأكله الناس عادة.

إضافةً إلى ما إذا كان الناس يبلغون عما يتناولونه بالفعل. على سبيل المثال، إذا كنت قد أكلت علبة كاملة من الشوكولاتة بالأمس، فهل ستذكر ذلك في الاستبيان؟ ماذا لو كنت أيضًا مكتئب؟ قد يكون هذا هو السبب في أن عددًا قليلًا من الناس أبلغوا عن تناول الشوكولاتة في هذه الدراسة، مقارنةً بما توضحه لنا أرقام البيع بالتجزئة.

نتائج المؤلفين دقيقة رياضياً، لكنها مضللة.
فقط 1.1% من الناس في التحليل أكلوا الشوكولاتة الداكنة. وعندما فعلوا ذلك، كانت الكمية صغيرةً جدًا (حوالي 12 جرامًا في اليوم). وأبلغ شخصان فقط عن أعراض سريرية للاكتئاب مع تناول شوكولاتة داكنة.
استنتج المؤلفون أنَّ الأعداد الصغيرة والاستهلاك المنخفض “يشهد على قوة هذه النتيجة”.

قد يقترح البعض العكس.
أخيرًا، كان لدى الأشخاص الذين يتناولون كمية أكبر من الشوكولاتة (104-454 غرامًا يوميًا) فرصة أقل بنسبة 60% تقريبًا للإصابة بأعراض الاكتئاب. لكن أولئك الذين يتناولون 100 غرام يوميًا لديهم فرصة بنسبة 30%. من كان يظن أن أربعة جرامات أو أكثر من الشوكولاتة يمكن أن تكون مهمة للغاية؟ هذه الدراسة والتغطية الإعلامية التي تلتها هما مثالان مثاليان لمخاطر ترجمة أبحاث التغذية القائمة على السكان إلى توصيات عامة للصحة.

Knowridge Science Report

إقرأ أيضًا: هل من الآمن استهلاك مشروبات الطاقة؟

Exit mobile version