اضطرابات أميرات ديزني النفسية قد تؤثر على أطفالك

يتعلم الأطفال عادة من خلال المشاهدة والتقليد. فنرى مثلًا الطفل يشرب الماء بطريقة فريدة كتلك التي يستعملها والده، أو يغضب بنفس طريقة صديقه المقرب. وأحيانًا نراهم يتحدثون بلغة شبيهة بتلك التي في الرسوم المتحركة، ومن أشهر تلك الرسوم سلسلة أميرات ديزني. يعتقد بعض الأطفال أن تلك الشخصيات هي شخصيات موجودة على أرض الواقع، ويتقاسمون الشخصيات فيما بينهم. يقلدون حركاتهم وغناءهم ويمتلكون أغراضًا تحمل صورهم، وربما ليس في ذلك خطر يذكر. فالعديد منا مر بتلك المرحلة وتخطاها بالفعل، ولكن الخطر الحقيقي ليس في التقليد فقط بل المعايشة. ولا سيما إن كانت معايشة الأمراض النفسية والاضطرابات العقلية التي تعاني منها أميرات ديزني والشخصيات الكرتونية الأخرى.

في متابعة لسلسلة أميرات ديزني قام المحللون النفسيون بتحليل شخصياتهم وفق دليل تشخيص الأمراض النفسية، ليستنتجوا أن كل أميرة تعاني من اضطراب ما. يخشى العلماء من أن يتأثر الأطفال بتلك الاعتلالات، وأن يقلدوا تصرفات أميرات ديزني على أنها أمر طبيعي ونموذجي. وفي غياب التحاور بين الآباء وأبنائهم، قد يتأثر الأطفال بالرسوم المتحركة والحكايات الخيالية للصعوبة التي تواجههم على التفرقة بين الواقع والخيال. فتنتقل الاضطرابات النفسية لدى أميرات ديزني إلى الأطفال دون أن يلحظ ذلك أحد.

كيف يتعلق الأطفال بمن حولهم؟

يعتمد الأطفال على غيرهم في توفير الاحتياجات المادية والمعنوية. كما أنهم يتأثرون بالشخصيات التي يتعلقون بها بشكل أكبر من غيرهم حتى في اعتلالاتهم النفسية. وليس فقط الشخصيات المحيطة من يمكنها التأثير على الأطفال، إذ يمتلك بعض الأطفال أنماط تعلق مختلفة تجعلهم متيمون بما يشاهدون عبر وسائل الإعلام، خاصة في مراحل طفولتهم المبكرة. مما جعل الأكاديمية الأمريكية للأطفال تفضل عدم تعرض الأطفال للتلفاز قبل عامين.

يحدث التعلق عن طريق الارتباطات الناتجة عما يسمى بنموذج العمل الداخلي الذي تحدث عنه الطبيب النفسي البريطاني جون بولبي. ويعرف نموذج العمل الداخلي للتعلق بأنه تمثيل عقلي يتكون من تجارب الطفل المبكرة مع من يوفرون له الدعم المادي والمعنوي بشكل مباشر. يؤثر هذا التمثيل العقلي على كيفية تفاعل الطفل وبناء العلاقات مع الآخرين أثناء نموهم، ويشرح كذلك الاختلافات في السلوك البشري للأفراد.

نظرية الارتباط

تشير نظرية الارتباط/التعلق إلى أن نموذج العمل الداخلي للشخص، والذي يؤثر على أفكاره وسلوكياته، يتشكّل أثناء ارتباطات الطفولة المبكرة. وقد حدد جون بولبي أربعة أنماط ارتباط رئيسية: آمن، قلق متردد، متجنب، ومضطرب.

ويساعد فهم نوع الارتباط بين الطفل والمحيطين به، طريقة التفاعل والتعلم والانفتاح أو الانعزال عما حولهم:

1. الارتباط الآمن

يشعر الأطفال الذين لديهم ارتباط آمن بالحب والأمان، مما يؤدي إلى علاقات صحية وثقة في التفاعلات الشخصية. ومن الجدير بالذكر أن الأطفال يبدؤون في التعلم والتقليد عندما ينشأ بينها وبين مقدم الرعاية الخاص هذا النوع من الارتباط. ولذلك يجب على الآباء الحرص على إنشاء هذا النوع من الارتباط بينهم وبين أبنائهم، لأنه النوع الوحيد الآمن بين الارتباطات الأربع.

2. الارتباط القلق المتردد

يشك الأطفال الذين لديهم ارتباط قلق متردد في مقدمي الرعاية، ويسعون إلى الحصول على الموافقة المستمرة ويخشون الهجر. غالبًا ما يواجهون صعوبات في الحب والاتصال في مرحلة البلوغ.

3. الارتباط المتجنب

يشعر الأطفال الذين لديهم ارتباط متجنب أن احتياجاتهم العاطفية لن يتم اشباعها، مما يؤدي إلى الشعور بالدونية وتجنب العلاقات الحميمة.

4. الارتباط المضطرب

يتعرض الأطفال الذين لديهم ارتباط مضطرب إلى مزيج من السلوكيات المتجنبة والقلقة، وغالبًا ما يظهرون غضبًا شديدًا وصعوبة في العلاقات. قد يواجهون صعوبة في التحكم في الغضب والعلاقات الحميمة في مرحلة البلوغ.

سعت عالمة النفس الأمريكية ماري أينسورث نظرية بولبي لتشمل مفهوم الأمان لدى الطفل. وذكرت أن الطفل إما سيشكل ارتباطات آمنة أو غير آمنة تؤدي إلى نمط ارتباط عام له كفرد. وتحدث الارتباطات غير الآمنة عندما لا يتم تلبية احتياجات الأطفال من قبل ذويهم. ويشير علماء النفس إلى أن الارتباطات غير الآمنة تؤدي إلى زيادة خطر ظهور المشكلات وتطور اضطرابات الصحة العقلية.

الأطفال الذين يكبرون مع والدين متجنبين هم أكثر عرضة للاعتماد على التعلم من خلال التلفزيون. فما سيشاهدونه سيؤثر عليهم مستقبلًا مهما كان. فإن كان ما يتعرضون إليه تعليمي، فسيبلون بلاءً حسنًا في سنوات تعليمهم التالية. وإن كان ما يتعرضون إليه عنيف أو يحمل في طياته اضطرابات نفسية، فسيتبناها الطفل لتؤثر عليه مستقبلًا.

كيف يؤثر التلفاز على الأطفال؟

نتعلق جميعنا بأبطال مسلسلاتنا الدرامية، فنتأثر لما يحدث لهم ونفرح لفرحهم ونحزن ونبكي على النهايات المأساوية، حتى ونحن ندرك كونه مجرد تمثيل. فما بالك بالأطفال الذين فقدوا التواصل مع آبائهم واتجهوا إلى التلفاز ليتعلقوا بشخصياته ويجدوا الأمان عندهم. يؤثر التلفاز على الأطفال بشكل كبير، خاصة إن أتيحت الفرصة للطفل بإنشاء علاقة تفاعلية مع شخصياته المفضلة، كالدمى والألعاب الإلكترونية، التي تروج إليها الشركات الإعلانية لزيادة شعبية شخصياتهم الخيالية. وعندما تنشأ تلك العلاقة التفاعلية ذات الروابط العاطفية، فإن الأطفال يظهرون مشاعر وتصرفات سلبية عندما لا تتصرف الشخصية الكرتونية كما يتوقع الطفل منها.

وضح عالم النفس الكندي الأمريكي ألبيرت باندورا كيفية تعلم الأطفال من خلال نظرية التعلم الاجتماعي، حيث ينشأ التعلم من خلال ملاحظة السلوك وعواقبه، ومن ثم نمذجة ذلك السلوك. وتتم النمذجة من خلال إحدى المحفزات الخارجية الثلاث: النماذج الحية وهم أشخاص حقيقيون محيطون بالطفل، والنماذج الكلامية وهي الحكايات التي يسمعها الطفل، وأخيرًا النماذج الرمزية.

يمكن للنماذج الرمزية أن تكون إما ممثلين حقيقيين يلعبون دور أشخاص حقيقيين أو شخصيات خيالية، أو شخصيات رسوم متحركة. وفقًا للأكاديمية الأمريكية للطب النفسي للأطفال والمراهقين في عام 2014، تم إجراء مئات الدراسات التي تثبت أن العنف الذي يتم مشاهدته على شاشات التلفاز يؤثر على السلوك. وعادةً ما ينظر الأطفال إلى تلك السلوكيات العنيفة على أنها طبيعية، وطريقة ممكنة لحل المشكلات. حتى أنهم ينخرطون في العنف بأنفسهم للتعبير عن أنفسهم وحل مشكلاتهم.

عالم ديزني والأطفال

تأسست شركة والت ديزني في بداية القرن العشرين وتنوعت المجالات التي عملت بها. وكان من أبرزها وأكثرها شهرة مجلات وأفلام الرسوم المتحركة. وكان من يبن تلك الرسوم سلسلة أميرات ديزني التي حصلت على شهرة واسعة بين الأطفال والكبار عل حد سواء. ورغم شهرتها تلك إلا أن الشركة تعرضت للعديد من الاتهامات ولا زالت تتعرض للمزيد حتى يومنا الحالي. ومن بين تلك الاتهامات كان الفصل العنصري وترويج صورة موحدة لمقاييس الجمال، كما هو الحال في سندريلا وسنو وايت.

حكاية ديزني “البيض المتكلم” ومقاييس الجمال لدى الأطفال

في عام 1999م، قامت إليزابيث يومان مع مجموعة من الباحثين بعمل دراسة حول مجموعة من أطفال المرحلة الإبتدائية. حيث طلبوا من الأطفال أن يقوموا برسم بطلة قصة البيض المتكلم. وهي قصة خيالية في مجلة ديزني منذ عام 1989م. بطلة القصة سوداء البشرة على خلاف القصص الأكثر شهرة في تلك الفترة، كما أن بطلة القصة لم تتزوج من أمير في النهاية.

لاحظ العلماء أن معظم الأطفال بمختلف عرقياتهم قد اختاروا أن يرسموا البطلة بيضاء البشرة، على الرغم من أن جميع الشخصيات الرئيسية ذات بشرة سوداء. وعندما سئل أحد الأطفال عن سبب رسمه لها بتلك الطريقة كانت إجابته: اعتقدت أن ذلك سيمنحها حياة أفضل، وسيمكنها ذلك من أن تتزوج. كانت نتيجة تلك الدراسة صادمة، فالأطفال بمختلف عرقياتهم قد تأثروا بالصورة النمطية العنصرية الشائعة عن الجمال. لتصبح أيدولوجية فكرية مترسخة منذ نعومة أظافرهم.

يتأثر الأطفال كذلك بأزياء وتصرفات أميرات ديزني الأنثوية، حيث طورن لدى الأولاد والبنات سلوكيات أنثوية استمرت حتى عام بعد مشاهدة أفلام ديزني. كما أن تصنيف الأطفال للأميرات عادة لا يشمل شخصية “موانا” مثلًا. وموانا هي شخصية حسب رواية ديزني أميرة محاربة سمراء البشرة وذات شعر مجعد. لم يرها الأطفال إلا كمحاربة فقط، واعتبروا أن لفظ أميرة يطلق حصرًا على من هم أمثال الجميلة في فيلم الجميلة والوحش. وبذلك أصبح لدى هؤلاء الأطفال قالب نمطي للشكل والتصرفات الأنثوية. وينظر الأطفال عادة إلى الأميرة كونها امرأة جميلة ذات جسد نحيل ومواصفات خاصة تؤثر على نظرتهم لأجسادهم. كما تجعلهم تلك النظرة يحاولون تغيير هيآتهم بغية التشبه بتلك الأميرات شكلًا وطباعًا للحصول على حياة ذات نهاية سعيدة كما الأميرات في القصص الكرتونية.

أميرات ديزني والاضطرابات النفسية

سنو وايت أو بياض الثلج

دعونا نبدأ بأولى أميرات ديزني بياض الثلج (Snow-white) والتي تٌظهر بشكل ملحوظ علامات اضطراب ما بعد الصدمة (PTDS – Post-Traumatic Stress Disorder). نتيجة للأحداث المؤلمة التي تعرضت إليها سنو وايت تباعًا منذ أن حاولت زوجة أبيها التخلص منها، استوفت شخصيتها المعايير الثمانية المدرجة في النسخة الخامسة من دليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-V)، وسنذكر بعض الأمثلة من قصة فيلمها الأول.

يظهر المعيار الأول. عندما تتعرض بياض الثلج لمحاولة القتل على يد الصياد الذي أرسلته لها زوجة أبيها لشريرة، وتقترب للموت بصورة مباشرة. ومن ثم تظهر ردود فعل فيسيولوجية تجاه الإشارات الداخلية أو الخارجية التي تشبه الحدث المؤلم الذي تعرضت له تمامًا كما في المعيار الثاني. على سبيل المثال، عندما تتنكر زوجة أبيها الملكة الشريرة في هيئة سيدة عجوز وتقترب من بياض الثلج، تتفاعل بياض الثلج بالعجز، تمامًا كما فعلت مع الصياد.

تشخيص الاضطراب

حاولت بياض الثلج إبقاء نفسها منشغلة طوال الوقت حتى لا تتذكر ذكرياتها المؤلمة. تارة بالانهماك في التنظيف والطبخ والأعمال المزلية، وتارة أخرى بملازمة الأقزام والتفكير في مشكلاتهم وهو المعيار الثالث. ونلاحظ في القصة إهمال الأميرة لواجباتها كأميرة وفشلها في تكوين علاقات قوية سوى بالأقزام، وهو ما وصف في المعيار الثالث بالتغيرات السلبية في الإدراك والمزاج. وعندما تظهر لها العجوز عند الكوخ تبدي أميرة ديزني رد فعل مبالغ فيه وغير متوقع، ولكنه موصوف في المعيار الخامس بالتغير في التفاعل بالتهيج أو العدوان مع صعوبة في التركيز. وتبقى تلك التفاعلات والتغيرات في شخصية بياض الثلج حوالي شهر منذ تعرضها لأول صدمة، وهي المدة المحددة في المعيار السادس من دليل تشخيص الضطراب.

تكوّن بياض الثلج علاقات قوية وسريعة مع بعض الغرباء كالأقزام أو حتى الأمير الذي أتى لينقذها دون معرفة حقيقية بخلفياتهم، وهي صفة تلازم البعض بعد تلقي صدمة في حياتهم. وعادة ما تتعثر حياة المصاب بذلك الاضطراب، خاصة في الناحية الاجتماعية والمهنية، وهو ما يوصف في المعيار السابع. وقد مثلت بياض الثلج المعيار السابع أيضًا في عجزها عن تكوين علاقات أو القيام بعملها الفعلي حيث اختفت في الغابة هربا من المواجهة. وأخيرًا فإن اضطراب ما بعد الصدمة لا يحدث نتيجة أدوية أو عقاقير، وبذلك تستوفي المعيار الثامن لتشخيص اضطراب ما بعد الصدمة.

سندريلا

تعد حكاية سندريلا من أكثر الحكايات شهرة بين أميرات ديزني، من المعاناة التي مرت بها ومساعدة الجنية الطيبة لها، حتى استطاع الأمير أن يخلصها من كل ذلك بسبب حذاءٍ زجاجي سقط منها أثناء ركضها بعيدًا عن الحفل. تعلق الكبار والصغار بتفاصيل حكاية سندريلا حتى أن فستان الأميرة الأزرق هو الأكثر شهرة بين الفتيات. ولكن في علم النفس يضرب عادة بسندريلا المثل في اضطراب الشخصية الاعتمادية (Dependent Personality Disorder – DPD). فهي تحقق خمس من أصل ثمان معايير حددها الدليل الخامس لتشخيص الاضطرابات العقلية (DSM-V). كما أن طفولتها كانت مليئة بعوامل الخطر التي تحفز الإصابة باضطراب الشخصية الاعتمادية. فحسب ما ذكره الراوي في بداية القصة فإن سندريلا قد تعرضت لفقدان والدها في سن مبكرة. وهي تجربة مؤلمة تحفز الاضطرابات النفسية خاصة في عمر صغير. ومن ثم عوملت بقسوة وإهانة لفظية من زوجة أبيها، وهو ما حفز نشأة نظرة ذاتية سلبية من مجرد الإهانة اللفظية بدلًا من الاعتداء الجسدي والجنسي، مما حولها لشخص اعتمادي لا يستطيع النجاح وحده.

تشخيص الاضطراب

سندريلا شخصية مترددة خائفة لا تستطيع أن تتخذ أي قرار دون طمأنة زائدة. كما فعلت قبل ذهابها للحفل، حصلت سندريلا على الطمأنة من جنيتها السحرية. وهو المعيار الأول في تشخيص الاضطرابات الحدية، والتي يندرج تحتها اضطراب الشخصية الاعتمادية (DPD). ظلت سندريلا تعيش تحت راية زوجة أبيها، على الرغم من بلوغها سن الرشد ورحيل والدها عن الحياة حتى لا تتحمل المسؤولية، وإن كانت تُعامل بشكل فظ من زوجة أبيها. ويتوافق ذلك مع المعيار الثاني لاضطراب الشخصية الحدية، والذي ينص على حاجة المصاب بذلك الاضطراب لتحميل الآخرين مسؤولية حياته. كما تحقق سندريلا المعيارين الثالث والخامس وهما صعوبة التعبير عن الخلاف بينها وبين الآخرين، وبذلها مجهود كبير للحصول على رضاهم. فهي لم ترفض القيام بالأعمال الشاقة التي تطلب منها كتنظيف الحظيرة، بل لا تعرب عن سخطها خوفًا من أن تبدأ الصراع. ونراها تقوم بالتنظيف مع الفئران سرًا، بدلًا من مواجهة عائلتها.

تخشى أميرتنا الوحدة وتبحث دومًا عن الأمان في علاقات وثيقة حتى ولو كانت مؤذية، فقد تمسكت بزوجة أبيها بعد فقدان أبيها رغم معاملتها المشينة لها. وعندما لا تتواجد زوجة أبيها في الجوار، فهي تبحث عن أصدقائها الفئران لتلازمهم طوال اليوم حتى لا تبقى وحيدة. ومن المؤكد أنها لم تتخلص من علاقتها السامة مع زوجة أبيها إلا عندما تأكدت من نشأة علاقة قوية ووطيدة مع الأمير. وهذا ما يصفه المعيار السابع بالبحث العاجل عن علاقة وطيدة فور انتهاء علاقة سابقة.

الأميرة النائمة

يحكى أن أورورا الأميرة النائمة، هي أميرة أصيبت بلعنة منذ ولادتها وهي الموت عندما تبلغ عمر السادسة عشر. ولحسن حظها أبطلت الجنيات الطيبات تلك اللعنة بشكل جزئي، وخففنها إلى النوم في سبات حتى يأتي أميرها المحب ويقوم بإنقاذها. في حكاية الأميرة النائمة، يخطئ البعض بسبب السبات الذي ستغط فيه ويصنفونها بمتلازمة كلين ليفين (Kleine-Levin syndrome – KLS). ولكن بما أن سبات الأميرة نتيجة لسحر خيالي فلا يمكننا إعتباره عرض يعتمد عليه في التشخيص النفسي. ولكن يمكن أن تصنف أورورا على أنها مصابة باضطراب الاكتئاب الكبير (MDD – Major Depressive Disorder).

وفقًا لمعايير الدليل التشخيصي الخامس (DSM-V)، تشمل معايير التشخيص الأعراض التالية: المزاج المكتئب، وقلة المتعة في الأنشطة، والتعب، والأرق، والانسحاب الاجتماعي. وترجع أعراض الاضطراب إلى العزلة الاجتماعية والتوتر الذي عانت منه الأميرة نتيجة إنعزالها عن العالم.

تشخيص الاضطراب

أظهرت أورورا العديد من عوامل الخطر التي تزيد من قابليتها للإصابة بهذا الاضطراب. وتشمل الانفصال الاجتماعي والضغط والعزلة، وعدم اختلاطها بالبشر سوى بالجنيات الثلاث وحيوانات الغابة. تظهر تلك الأعراض بعد اكتشاف أورورا أنها مخطوبة لأمير لا تحبه، وأنها لن تستطيع أن تتزوج من حب حياتها الذي التقت به صدفة في الغابة. تكون أعراض أورورا شديدة بما يكفي لتبرير تشخيص الإصابة بالاضطراب الاكتئابي الكبير، لكنها لا تصل إلى نوبة الاكتئاب الشديدة. فهي بقيت قادرة على أداء بعض المهام، وإن كان ذلك بصعوبة.

علاوة على ذلك، فإن عزلة أورورا الجسدية عن بقية العالم منذ أن خبأتها الجنيات تتوافق مع مفهوم القلق الناجم عن العزلة الاجتماعية. وهذا القلق هو عامل خطر آخر للإصابة بالاضطراب الاكتئابي الكبير. وتشير الأبحاث التي أجريت على قلق العزلة لدى الفئران إلى أن العزلة على المدى الطويل تؤدي إلى انخفاض مستويات مستقبلات الأوكسيتوسين. وتقليل انتقال الأوكسيتوسين قد يؤدي إلى سلوكيات اكتئابية.

آنا وإيلسا من فيلم فروزن

تعاني منها آنا وإلسا الشقيقتين من فيلم (فروزن -Frozen) أيضًا من الاضطرابات النفسية. فيمكن تشخيص آنا باضطراب فرط الحركة والتشتت ( Attention-Deficit/Hyperactivity Disorder – ADHD). كما أن اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لدى آنا يجعل من الصعب عليها التركيز والتحكم في دوافعها. وهذا يمكن أن يؤدي إلى مشاكل في علاقاتها وعملها. أما إيلسا فيظهر عيها أعراض اضطراب الشخصية التجنبية (Avoidant Personality Disorder-AVPD). وهو ما يجعل إيلسا غير قادرة على تكوين علاقات وثيقة أو التعامل بأريحية في المواقف الاجتماعية. يمكن أن يؤدي سلوك إيلسا إلى مشاعر العزلة والوحدة وهو ما حدث بالفعل في الفيلم. وعلى الرغم من التحديات التي يواجهنها، إلا أن آنا وإيلسا تتمتعان بشخصيتين قويتين ومرنتين. إنهن قادرات على التغلب على اضطراباتهم العقلية ويعيشن حياة سعيدة.

تشخيص اضطراب آنا

تعيش آنا تجربة مؤلمة باقترابها من الموت في صغرها، وتنشأ وحيدة بعد أن أغلقت أبواب القلعة لتحميها، فتكون تلك الشرارة سبب في عزلتها وبداية لاضطرابها. تظهر آنا طوال الفيلم وهي مليئة بالنشاط والحيوية حد الإفراط. كما أنها سريعة التشتت، مما يمنعها من إكمال مهماتها بشكل صحيح. تظهر آنا بوضوح شخصيتها الاندفاعية كما فعلت عند قبولها الزواج بالأمير هانز رغم معرفتها القصيرة والسطحية به. ومن أحد أبرز المعايير كذلك التي تعتمد عليها نظم التشخيص لدى (DMS-V) هو نسيان الأحداث المهمة كما نسيت آنا حفل تتويج أختها. ويتأكد التشخيص باستمرار تلك الأعراض لأكثر من ستة أشهر متواصلة بصورة لا تتوافق مع نمو المصاب باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.

تشخيص اضطراب إيلسا

أما إيلسا فهي عادة ما تتجنب التجمعات الكبيرة، لخوفها من النقد والرفض. فبالتالي نستنتج أن إيلسا حساسة جداً للنقد وتشعر بالخجل بسهولة. وهذا يجعلها مترددة في التعامل مع الآخرين. كما أنها تبدو متحفظة في علاقاتها، خشية أن ينبذها الآخرين إذا أظهرت حقيقة قوتها. وتعتقد إيلسا أنها غير كافية ولا تستحق الحب، ولديها نظرة دونية لذاتها. وهذا يجعل من الصعب عليها تكوين علاقات وثيقة. فحتى عندما زارها والديها تجنبتهم، وخجلت من رؤيتهم للجليد الذي كانت تصنعه على الجدران. حتى في حفل تتويجها، خشيت إيلسا أن يحكم الناس عليها بالسلب فتجنبت الرقص مع أي من الحضور واكتفت بالمشاهدة. الوضع مع إيلسا نشأ منذ الطفولة بعد أن كادت تتسبب في وفاة أختها. فعاشت وحيدة في غرفتها تخشى ما قد يحدث نتيجة قوتها الخارقة بالتجميد.

هل حقًا يتأثر الأطفال بالرسوم المتحركة؟

يمكن للأطفال أن يتفهموا فكرة أن الحيوانات لا تتحدث، ولكن من الصعب عليهم تصديق أن أميرات ديزني شخصيات غير حقيقية. كما لا يمكن للأطفال التمييز بين الواقع والخيال حتى عمر ثلاث سنوات. لذلك فإن مشاهدتهم لوسائل الإعلام قبل ذلك تعد من المخاطر في تنشأتهم. حتى الآن لا يوجد دراسة كافية عن تأثير الاعتلالات النفسية الظاهرة على التلفاز على الأطفال على خلاف المشاهد العدوانية التي تمت دراستها باستفاضة.

من الجيد الالتفات للأطفال ومتابعة ما تتم مشاهدته وتوجيههم للصواب ومناقشتهم فيما هو حقيقي وخيالي، تجنبًا لما قد يستقوه من الحكايات الخيالية التي يتعلقون بها ويتفاعلون مع شخصياتها، كالهروب من المشاكل وعدم مواجهة عواقب أفعالهم. أو انصياع الفتيات لتوجيه تصرفاتهن الأنثوية إلى التخاذل والانصياع للتنكيل بهن، أو انتظارهن الخلاص على هيئة أمير يأتي لإنقاذهن. أو أن ينسقن نحو معايير جمال عنصرية، فالأطفال صفحة بيضاء تُملأ بما ترى وتحاكي.

المصادر:

1- encompass.eku.edu

ما هو اضطراب الشخصية الاعتمادية؟

هذه المقالة هي الجزء 7 من 19 في سلسلة رحلة بين أشهر الاضطرابات النفسية

أشهر 10 اضطرابات نفسية: اضطراب الشخصية الاعتمادية

اضطراب الشخصية الاعتمادية (DPD) هو أحد أنواع اضطرابات الشخصية العشرة. ويقع تحت مظلة المجموعة الثالثة التي تتميز بالسلوك العصبي والقلق، والّتي تشمل بالإضافة لهذا الاضطراب اضطراب الشخصية التجنُّبية، واضطراب الشخصية الوسواسية. يبدأ هذا الاضطراب عادةً في أثناء الطفولة أو في بداية سن الشباب.

في كثير من الأحيان، يعتمد الشخص المصاب بشكل مفرط على الأشخاص المقربين منه لتلبية احتياجاته العاطفية أو الجسدية. وبالتالي قد يصفهم الآخرون بأنهم متشبثون. يعتقد الأشخاص المصابون أنهم لا يستطيعون الاعتناء بأنفسهم، وقد يواجهون صعوبة في اتخاذ قراراتهم اليومية دون طمأنة الآخرين.

تشير الدراسات إلى أن ما يقرب من 10٪ من البالغين يعانون من اضطراب في الشخصية، ويعاني أقل من 1% فقط من سكان العالم من سمات اضطراب الشخصية الاعتمادية، وتكون النساء أكثر عرضة من الرجال حسب بعض الأبحاث.

أعراض اضطراب الشخصية الاعتمادية

يواجه الأفراد المصابون باضطراب الشخصية الاعتمادية صعوبة كبيرة في اتخاذ القرارات اليومية (مثل الملابس التي يرتدونها) دون مشورة مفرطة وطمأنة من الآخرين. يميل هؤلاء الأفراد إلى أن يكونوا سلبيين ويسمحون للآخرين بأخذ زمام المبادرة وتحمل المسؤولية عن معظم المجالات الرئيسية في حياتهم. يعتمد البالغون المصابون بهذا الاضطراب عادةً على أحد الوالدين أو الزوج ليقرروا المكان الذي يجب أن يعيشوا فيه ونوع الوظيفة التي يجب أن يشغلوها وأي الأشخاص سيصادقون. قد يسمح المراهقون المصابون بهذا الاضطراب لأحد الوالدين بتحديد الملابس التي يرتدونها وبمن يجب أن يرتبطوا، وكيف يقضون وقت فراغهم، والمدرسة أو الكلية التي يجب أن يلتحقوا بها.

غالبًا ما يتجاوز تسليم المسؤولية الطلبات المناسبة (مثل الاحتياجات المحددة للأطفال وكبار السن والمعوقين). يسعى هؤلاء الأفراد للحصول على الدعم والموافقة، وبالتالي لا يمكنهم التعبير عن الآراء أو الاختلاف خاصة مع أولئك الذين يعتمدون عليهم. يشعر هؤلاء الأفراد بأنهم غير قادرين على العمل بمفردهم لدرجة أنهم سيتفقون مع الأشياء التي يشعرون أنها خاطئة بدلًا من المخاطرة بفقدان مساعدة أولئك الذين يوجهونهم.

يجد الأفراد المصابون بهذا الاضطراب صعوبة في بدء المشاريع أو العمل بشكل مستقل، وقد يبذلون قصارى جهدهم للحصول على الرعاية والدعم من الآخرين حتى لدرجة التطوع في مهام غير سارة إذا كان مثل هذا السلوك سيجلب الرعاية التي يحتاجون إليها. يشعر الأفراد المصابون بهذا الاضطراب بعدم الارتياح أو العجز عندما يكونون بمفردهم بسبب مخاوفهم المبالغ فيها من عدم قدرتهم على رعاية أنفسهم.

عندما تنتهي علاقة وثيقة (مثل الانفصال عن حبيب أو وفاة مقدم رعاية) قد يسعى الأفراد المصابون باضطراب الشخصية الاعتمادية إلى علاقة أخرى بشكل عاجل لتوفير الرعاية والدعم الذي يحتاجون إليه. غالبًا ما ينشغلون بالمخاوف من تركهم للعناية بأنفسهم. هذه الحالة غير مرنة وغير قادرة على التكيف ويمكن أن تسبب خللاً وظيفيًا وضيقًا. وهناك أعراض أخرى يمكن أن تتواجد لدى المصابين مثل:

  • 1. صعوبة أن يكون المصاب وحيدًا، وعندما يكون بمفرده قد يعاني الشخص من نوبات القلق والتوتر.
  • 2. الرغبة في تحمل سوء المعاملة من الآخرين.
  • 3. وضع احتياجات مقدمي الرعاية لهم فوق احتياجاتهم.
  • 4. الميل إلى أن يكونوا ساذجين.

السمات المرتبطة باضطراب الشخصية الاعتمادية

غالبًا ما يظهر الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الاعتمادية علامات أخرى مميزة للاضطراب ولكنها لا تُشخِّصه مثل:

  • 1. التشاؤم والشك الذاتي: يميل الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الاعتمادية إلى التقليل من شأن قدراتهم، وقد يشيرون إلى أنفسهم باستمرار على أنهم أغبياء.
  • 2. التعامل مع النقد بشكل سيئ: يميل الأشخاص المصابون إلى التعامل مع النقد والرفض بشكل سيئ. إنهم يعتبرون هذا دليلاً على أنهم مستحقون وبالتالي قد يفقدون الثقة في أنفسهم.
  • 3. العمل: غالبًا ما يجد الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب صعوبة في العمل اللذي لا يعتمدون فيه على رئيس يخبرهم بما يجب عليهم فعله. غالبًا ما يكونون غير قادرين على العمل حيثما يكون الاستقلال هو القاعدة.
  • 4. العلاقات الاجتماعية: غالبًا ما تقتصر العلاقة الاجتماعية للأشخاص المصابين بهذا الاضطراب على الأشخاص القلائل الذين يعتمدون عليهم ومجموعة أصدقاء هؤلاء الأشخاص.

ماهي الأسباب وعوامل الخطر لاضطراب الشخصية الاعتمادية؟

مثل باقي اضطرابات الشخصية لا يوجد سبب واحد رئيسي وواضح لهذا الاضطراب إلا أنه هناك عدة عوامل متداخلة تزيد من خطورة الإصابة تتضمن هذه العوامل الوراثة والبيئة وغيرها، وتشمل عوامل الخطر ما يلي: يعتقد بعض الباحثين أن أسلوب الأبوة الاستبدادي أو الوقائي المفرط يمكن أن يؤدي إلى تطوير سمات الشخصية الاعتمادية، ووجود تاريخ من الإهمال و التنشئة المسيئة من الوالدين ، وكذلك وجود تاريخ عائلي من اضطرابات القلق يمكن ان يرفع من احتمالية الإصابة.

يظهر الاضطراب عادة في بداية مرحلة البلوغ، ويكون الأفراد الذين عانوا من اضطراب قلق الانفصال أو المرض الجسدي المزمن في الطفولة أو المراهقة أكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب.

كيف يتم تشخيص اضطراب الشخصية الاعتمادية؟

يقوم مقدم الرعاية الصحية الخاص بك بإجراء فحص جسدي لفهم ما إذا كانت هناك حالة أخرى يمكن أن تسبب الأعراض؛ من ثم سيتحدث معك أحد مقدمي خدمات الصحة العقلية عن تاريخك السابق في الصحة العقلية، وقد تتضمن الأسئلة ما تشعر به وأي مخاوف أخرى تتعلق بالصحة العقلية وأي مشكلات تتعلق بتعاطي المخدرات.

يقارن المزود إجاباتك بالعوامل المدرجة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-5).
لتشخيص هذا الاضطراب سيبحث مقدم الخدمة عن خمسة من معايير التشخيص حسب DSM-5 تشمل هذه العوامل:

  • 1. خوف مستهلك وغير واقعي من التخلي عنك.
  • 2. مشاعر القلق أو العجز عندما تكون بمفردك.
  • 3. عدم القدرة على إدارة مسؤوليات الحياة دون طلب المساعدة من الآخرين.
  • 4. مشاكل إبداء الرأي خوفًا من فقدان الدعم أو الموافقة، وقد تصل إلى اختيار القيام بأشياء غير ممتعة.
  • 5. صعوبة في اتخاذ القرارات اليومية دون طمأنة من الآخرين.
  • 6. صعوبة في بدء أو إكمال المشاريع بسبب نقص الثقة بالنفس أو عدم القدرة على اتخاذ القرارات.
  • 7. الحاجة الملحة للبحث عن علاقة جديدة لتقديم الدعم والموافقة عندما تنتهي علاقة وثيقة.

في النهاية، للتشخيص بهذا الاضطراب يجب أن تتسبب هذه السمات أيضًا في إعاقة وظيفية كبيرة أو ضائقة ذاتية للفرد المعني. وهذه تعتمد كذلك على بيئة الفرد حيث هناك أماكن تكون فيها التبعية معيارًا مقبولًا اجتماعيًا وثقافيًا. في أماكن مثل هذه لا يمكن للمرء إجراء تشخيص لاضطراب الشخصية الاعتمادية، إلا في حال كانت الأعراض خارجة عن القاعدة مقارنة بعامة السكان وتسببت في الضيق لصاحبها.

اضطراب الشخصية الاعتمادية والاضطرابات الأخرى

قد يكون للاضطرابات النفسية والحالات الطبية الأخرى مثل الاضطرابات الاكتئابية، واضطراب الهلع، ورهاب الخلاء علامات وأعراض مشابهة لاضطراب الشخصية الاعتمادية. وقد يتم الخلط بينه وبين اضطرابات الشخصية الأخرى لأن لديهم سمات معينة مشتركة. على سبيل المثال، يتسم كل من اضطراب الشخصية الاعتمادية واضطراب الشخصية الحدية بالخوف من الهجران. ومع ذلك يتفاعل الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الحدية مع الهجر بمشاعر الفراغ العاطفي والغضب. بينما يتفاعل الأفراد المصابون باضطراب الشخصية الاعتمادية مع زيادة الاسترضاء والخضوع ويسعون بشكل عاجل إلى إيجاد علاقات بديلة لتقديم الرعاية والدعم.

اضطراب الشخصية الاعتمادية واضطراب الشخصية الهستيرية

يتسم كل من اضطراب الشخصية الاعتمادية واضطراب الشخصية الهستيرية بالحاجة القوية إلى الطمأنينة والموافقة. ولكن يغازل الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الهستيرية أنفسهم بصوت عالٍ جدًا لجذب الانتباه الذي يحتاجون إليه. في الوقت نفسه، يركز الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الاعتمادية على عدد قليل من مقدمي الرعاية الذين يتعاملون مع أنفسهم بسهولة.

اضطراب الشخصية الاعتمادية واضطراب الشخصية التجنبية

يتسم اضطراب الاعتمادية واضطراب الشخصية التجنبية بمشاعر النقص وفرط الحساسية تجاه النقد والحاجة إلى الطمأنينة. بينما يميل الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية التجنبية إلى تجنب العلاقات والانسحاب منها حتى يتأكدوا من قبولها. على النقيض من ذلك، فإن الأشخاص الذين يعانون من الاعتمادية لديهم نمط من البحث عن العلاقات مع الآخرين المهمين والحفاظ عليها.

قد يكون كذلك لاضطرابات استخدام المواد المخدرة سمات مشابهة لتلك التي تظهر في اضطراب الشخصية الاعتمادية. حيث يظهِر العديد من الأشخاص سمات مشابهة لسمات هذا الاضطراب. ومع ذلك؛ لا يعاني هؤلاء الأشخاص من اضطراب الشخصية الاعتمادية. إلا أن هذه السمات غير مرنة وغير قادرة على التكيف ومستمرة.

متى يجب أن أزور مقدم الرعاية الصحية؟

يمكن لمقدم الرعاية الصحية الخاص بك مساعدتك في تحديد ما إذا كنت بحاجة إلى زيارة أخصائي الصحة العقلية. تتضمن بعض أسباب التحدث عن صحتك العقلية مع مقدم الخدمة ما يلي: الشعور المتكرر بالقلق، أو التهيج أو المزاجية، وفقدان الشهية أو تغيرها، والأفكار السلبية المستمرة عن نفسك، وصعوبة التركيز، والرغبة في دعم شخص مصاب باضطراب الشخصية الاعتمادية.

ما هي مضاعفات هذا الاضطراب؟

الأشخاص المصابون باضطراب الاعتمادية معرضون لخطر الإصابة بالاكتئاب، واضطرابات القلق والرهاب، وكذلك تعاطي المخدرات. كما أنهم معرضون لخطر الإساءة. إذ قد يجدون أنفسهم مستعدين لفعل أي شيء تقريبًا للحفاظ على العلاقة مع الشريك المهيمن أو الشخص المتسلط.

كيف يتم علاج اضطراب الشخصية الاعتمادية؟

كما هو الحال مع العديد من اضطرابات الشخصية لا يسعى الأشخاص المصابون عمومًا إلى العلاج من الاضطراب نفسه بدلاً من ذلك؛ قد يلتمسون العلاج عندما تحدث مشكلة في حياتهم ناتجة غالبًا عن التفكير أو السلوك المرتبط بالاضطراب، ولا يعودون قادرين على التأقلم.

مثلما ذكرنا سابقًا إن الأشخاص المصابون بهذا الاضطارب معرضون للإصابة بالاكتئاب أو القلق، وبالتالي هذه الأعراض قد تدفع الفرد لطلب المساعدة. مثل باقي اضطرابات الشخصية العلاج النفسي، يعتبر الطريقة الرئيسية لعلاج هذا الاضطراب. الهدف من العلاج هو مساعدة الشخص المصاب على أن يصبح أكثر نشاطًا واستقلالية، وأن يتعلم تكوين علاقات صحية.

يُفضل العلاج قصير المدى بأهداف محددة عندما يكون التركيز على إدارة السلوكيات التي تتداخل مع الأداء الوظيفي. غالبًا ما يكون من المفيد للمعالج والمريض معًا الانتباه إلى دور المعالج من أجل التعرف على الطرق التي قد يشكل بها المريض نفس النوع من الاعتماد السلبي في علاقة العلاج التي تحدث خارج العلاج.

قد تتضمن الاستراتيجيات المحددة تدريبًا على تطوير الثقة بالنفس عن طريق العلاج السلوكي المعرفي (CBT). عادةً ما يتم إجراء تغيير ذي مغزى أكبر في بنية شخصية شخص ما من خلال التحليل النفسي أو العلاج النفسي الديناميكي طويل المدى. حيث يتم فحص الخبرات التنموية المبكرة لأنها قد تشكل آليات الدفاع وأساليب المواجهة وأنماط الارتباط والعلاقة الحميمة في العلاقات الوثيقة.

أما بالنسبة للأدوية فهي تستخدم لعلاج الأشخاص المصابين من مشاكل ذات صلة مثل الاكتئاب أو القلق. لأن العلاج الدوائي في حد ذاته لا يعالج عادة المشكلات الأساسية التي تسببها اضطرابات الشخصية. بالإضافة إلى ذلك، يجب مراقبة الأدوية بعناية في حالة صرفها لأن الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية الاعتمادية يصبحون معتمدين عليها أو يسيئون استخدام بعض الأدوية الموصوفة.

هل يمكن منع حدوث اضطراب الشخصية الاعتمادية؟

قد لا تتمكن من منع حدوث هذا الاضطراب، ولكن العلاج يمكن أن يساعد الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بالاضطراب في إيجاد طرق لتجنب المواقف الصعبة أو التعامل معها. كما أظهرت بعض الدراسات أن العلاقات الصحية قد تساعد في منع الطفل من الإصابة باضطراب الشخصية الاعتمادية في وقت لاحق في الحياة.

إذا كان للطفل علاقة قوية واحدة مع صديق أو والد أو مدرس، فيمكنه مواجهة الآثار الضارة للآخرين.

دعم شخص مصاب باضطراب الشخصية الاعتمادية

يمكن أن يكون هذا الاضطراب ساحقًا كما هو الحال مع اضطرابات الشخصية الأخرى يشعر الكثير من الناس بعدم الراحة في طلب المساعدة لأعراضهم. يمكن أن يؤثر ذلك على نوعية الحياة ويزيد من المخاطر طويلة المدى للقلق والاكتئاب.

إذا كنت تشك في أن أحد أفراد أسرتك قد يكون مصابًا، فمن المهم تشجيعه على طلب العلاج قبل أن تتفاقم حالتهم. قد يكون هذا أمرًا حساسًا بالنسبة لشخص مصاب بهذا الاضطراب؛ خاصةً لأنه يسعى للحصول على موافقة مستمرة ولا يريد أن يخيب أمل أحبائه. ركز على الجوانب الإيجابية لإعلام من تحب أنه لن يتم رفضه.

في الخاتمة، يمكن أن يشكل هذا الاضطراب بعض المتاعب في حياة المصاب، ولكن العلاج يسهل الكثير من هذه المصاعب ويزيل العقبات التي يمكن أن يواجهها الشخص، وبالتالي إذا كنت تشعر بوجود هذه الأعراض لا تتردد في طلب المساعدة، وتذكر عدم تشخيص حالتك أو حالة شخص آخر بمفردك بل أطلب المساعدة وسيتم التشخيص من الأشخاص المخولين بذلك.

مصادر أشهر 10 اضطرابات نفسية: اضطراب الشخصية الاعتمادية:
1. Healthline
2. Clevelandclinic
3. WebMD
4. Psychologytoday

Exit mobile version