Ad

لماذا ينجذب العامة نحو التنمية البشرية؟

لا شك أنك سمعت يومًا بما يدعى التنمية البشرية أو تطوير الذات أو قانون الجذب. دعنا نشرح لك سر هذه الأشياء وما مدى صحتها وكيف نشأت هذه المصطلحات؟

أصل مصطلح ” التنمية البشرية”

مصطلح التنمية البشرية بالعالم يختلف اختلافًا كليًا عن الشائع بالشرق الأوسط، فالتنمية البشرية تعني بالانجليزية <<Human development>> وهو مصطلح ظهر بعد الحرب العالمية الثانية نتيجة للدمار البشري والاقتصادي الذي حدث.
بعد هذا الدمار اضطر الاقتصادي محبوب الحق ابتكار مفهوم التنمية البشرية كطريقة لتحسين وتقييم الأوضاع بالبلاد. حيث رأى الدكتور حق بأن مقاييس التقدم البشري حينها فشلت في تحقيق الهدف الحقيقي لتحسين حياة الناس.

إذًا نرى من ذلك أن التنمية البشرية تُعرَّف بأنها: ( تحسين الوضع العام والاقتصادي للبلد وتحسين أوضاع الأفراد داخل المجتمع).
وظهر بعد التنمية البشرية ما يسمى ب” مؤشر التنمية البشرية” الذي يعتمد عليه متخذو القرار والاقتصادين لتقييم (الأوضاع السياسية والاقتصادية والصحية والإدارية والسكنية.. إلخ) للدول وذلك لدراسة التطوير والتقدم بها.
إذاً فبعد كل هذا الشرح نستنتج أن مصطلح التنمية البشرية الذي سنتحدث عنه يختلف عن أصل المسمى نفسه. ما هو إذا المصطلح الصحيح؟

الفرق بين التنمية البشرية وتطوير الذات

أظن أن مصطلح “تطوير الذات” هو الاختيار الصحيح لما سنتحدث عنه في المقال التالي. تطوير الذات ليس له علاقة لا من قريب أو بعيد بالتنمية البشرية كما وضحنا بالسابق، لا هو فرع من التنمية البشرية ولا يوجد صلة بتاتًا بينهما.
ظهر تطوير الذات منذ القدم وكان عبارة عن نصائح وعبر تقدم من رجال ناجحين فعليًا للأجيال من بعدهم لتساعدهم بالحياة عن طريق نقل الخبرات، وكان يعتبر فعل انساني لا يشوبه شائبه ومن أمثلتها نصائح بتاح حتب لولده.
إلى أن ظهر بالعصر الحديث مهنة ” مدرب التنمية البشرية ” و” المتحدث التحفيزي و” مدرب الحياة”
فأصبحوا لا يعطوا نصائح من خبراتهم التي تعتبر معدومة تقريبًا، بل اعتمدوا بالأساس على الجناس والتلاعب بالكلام والألفاظ السهلة والمحببة للأذن والقلب للحديث مع العامة. وتحول الأمر من فعل سامي إلى عمل لجمع الأموال والشهرة لا يمت للنصائح أو تبادل الخبرات بصلة!
فيقوم شخص مجهول الهوية بإلقاء محاضرة عن مفاتيح النجاح ويبدأ في إعطاءك جمل تحفيزية لحظية مثل:

انهض، قم ولا تتكاسل فالعالم حولك يتقدم، استغل الفرص واستخدم عقلك وإرادتك، اصنع لنفسك كيان!

تشعر حينها بأنك ستمتلك الكون كله بإرادتك، لكن للأسف هذا الشعور مؤقت ولا تنتظر منه أي نتائج ملموسة.

ولا يطبق المدربون هذا الكلام على أنفسهم، فمثلًا هل وجدت يومًا مدرب تنمية بشرية ناجح بعمل آخر غيرها؟ الإجابة هي لا.

اقرأ أيضًا: هل الحجامة علاج حقيقي أم وهمي؟

هل يوجد أسس علمية لتطوير الذات؟

ومن بعد مصطلح تطوير الذات ظهرت عدة مصطلحات اخترعها المدربون من وحي خيالهم مثل:

” الطاقة الإيجابية، بناء الذات، تطوير الذات، تحسين النفس، قوة عقلك الباطن، القوة الذاتية، قانون الجذب، علم الطاقة، …إلخ”

مصطلحات نسمعها دومًا من مدربي التنمية البشرية بالندوات أو على مواقع التواصل الاجتماعي. لكن بالعودة إلى العلم والأسس العلمية لن نجد أي تخصص أو مصطلح مما سبق موجود بأي جامعة أو مكان علمي مرموق.
والغريب أنك إذا سألت هؤلاء المدربون عن شهاداتهم أو درجاتهم العلمية لن تجد شهادة حقيقية ملموسة في هذا المجال ولن تحصل منهم على إجابة وافية، وسيغيرون موضوع النقاش فورًا!
ذلك لأنه لا يوجد بالعالم كله ما يسمى بالدرجة العلمية في التنمية البشرية أو تطوير الذات ولا يوجد أي قسم بأي جامعة بالعالم يحتوي على هذا التخصص!
لذا فتراهم يعتمدون على ألقاب وهمية مثل ” أنا أصغر مدرب تنمية بشرية أو “حاصل على شهادات في تطوير الذات من جامعة وهمية” أو “أنا المدرب الوحيد الحامل لهذه الدرجة”

لماذا ينجذب العامة نحو التنمية البشرية؟

يقوم مدربو تطوير الذات بإضافة الصبغة الدينية والعلمية التي تحقق مرادهم. ويعملوا على تشكيلها وإضافتها بالقالب الذي يريدونه لإثبات وجهة نظرهم. فيظن عامةً الشعب أن هذا العلم من رجل مختص وعالم جليل وبالطبع يصدقه.
فيستشهد بآية من القرآن وآخرى من الإنجيل تارة، ويستشهد بدراسة وهمية أو غير وهمية تارة آخرى. ويشرح الآيات أو الدرسات بالشكل الذي يريده ويستفاد منه وسط حديثه.
سبب آخر لإقبال البعض على شراء وحضور كتب وندوات التنمية البشرية هو أن هذه الندوات تعتبر مسكنات لمشاكلهم؛ فعوضًا عن استغلال الوقت في المذاكرة للاختبار، يقوم الكثير بتضيع الوقت في قراءة كتاب أو سماع ندوة ويفسرون ذلك بكونه يشجعهم!
لكن عزيزي الطالب اثبتت الدراسات أن تأثير هذه الكتب والندوات هو لحظي وقصير المدى وهذه النشوة التحفيزية مؤقتة وبمجرد أن تغلق الفيديو سيزول تأثيرها، لذا من الأفضل المذاكرة لاختبار الغد.

علم الطاقة وقانون الجذب

ما يدعى ب ” علم الطاقة” هو عبارة عن علم زائف يعتمد على النظر لجسم الإنسان عن طريق مسارات وبوابات للطاقة.
فمن أقول أنصار هذا الادعاء: من الممكن أن يتحكم الشخص بنفسه ككل إذا أثر على هذه المسارات، مثلًا هناك مناطق عند لمسها والضغط عليها ستسد شهيتك. ويوجد آخرى لعلاج حالات آلام أسفل الظهر وآلام الكتف دون القرب منه بل هذه الأماكن تكون بعيدة كل البعد عن المناطق المصابة، ناهيك عن العلاج بالريكي الذي يعتمد على هذا العلم الزائف بشكل أساسي.
ويعتمد ممارسو هذا العلم الزائف على تمارين التنفس والتأمل لتجميع الطاقة السلبية ثم إخراجها عن طريق لمس أيدي الزبائن أو أي طرق آخرى كالصياح مثلًا كما يدعون.


لا يختلف قانون الجذب الفكري عن علم الطاقة كثيرًا فهو ينص على ” انجذاب شئ ما عند تفكيرك وتركيزك عليه بشدة، وما توجد أنت عليه حاليًا هو ناتج عن أفكارك في الماضي”
ويعتمد أيضًا على علم الطاقة الزائف في فكرته الأساسية، فمثلًا يحدثك بأن الكون كله عبار عن تجميع طاقات وإذا فكرت بطاقة شخص ما أو شئ ما سيكون ملكك!
لكن لا توجد أي أبحاث أو دلائل علمية تؤيد صحة هذا القانون، وإذا كان هذا القانون صحيحًا؛ فلماذا لا يترك البشر العمل ويفكرون بالمال لينجذب إليهم؟ ولماذا كل هذه المشقة في لفت نظر البنت التي تحبها؟
لا ترهق نفسك عزيزي القارئ ولا تضيع وقتك في التفكير، فهذا القانون وهمي ولا يوجد أي تأثير له والأفضل لك عدم تجريبه.

طوّر ذاتك!

كتب وندوات تطوير الذات كثيرة ومتعددة ولكن الغريب فيها أن المؤمنين بها والمترددون عليها لا يتغيرون، فتصبح شراء الكتب وحضور الندوات كالإدمان لهم.
يبحثون دائمًا عن السر الكامن والطاقة التي بداخلهم. لكنهم يعيشون بالوهم وهذه الكتب ليست إلا مسكنات لمآسي ومشاكل الحياة التي لا يرونها عن عمد.
يضيع الوقت ويُسرق من بين أيديهم ولا يتقدمون خطوة واحدة. لا ينظرون إلى مستقبلهم، يعيشون بداخل فقعة أنفسهم. ينتظرون من يعرفهم على أنفسهم ولكن الحقيقة لا يوجد أحد يعلم ما يناسبك سواك؛ لذا اتبع حدسك واهتم بنفسك ولا تتبع النفوس التي هدفها المال والشهرة فقط!
وعند حضورك لندوة آخرى من ندوات هذا العلم الزائف، انصح المدرب بتطبيق النصائح على نفسه أولًا قبل قولها للآخرين.

اقرأ أيضًا: كيف تتم عملية الرباط الصليبي

مصادر لماذا ينجذب العامة نحو التنمية البشرية؟:

1- springer

2- psychology today

3- harvard

4- very well mind

5- psychology today

6- measure of america

7- live science

Yara Mokhtar
Author: Yara Mokhtar

أدرس الطب الرياضي وإصابات الملاعب وأحاول تبسيط المعلومات الطبية للعامة. مهتمة بالموسيقى والقراءة والرسم.

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


حياة منطق فكر

User Avatar

Yara Mokhtar

أدرس الطب الرياضي وإصابات الملاعب وأحاول تبسيط المعلومات الطبية للعامة. مهتمة بالموسيقى والقراءة والرسم.


عدد مقالات الكاتب : 47
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *