الواقع المعزز والواقع الافتراضي

هذه المقالة هي الجزء 4 من 9 في سلسلة ما هو الواقع الافتراضي وكيف سيشكل مستقبلنا؟

ما المقصود بالواقع المعزز-Augmented Reality ؟

هو أحد الإبداعات التكنولوجية الحديثة التي ازداد استخدامها في الآونة الأخيرة وما زال في ازدياد مع دخولها في العديد من التطبيقات والأعمال. يمكن فهم تعريف هذه التقنية من اسمها، فالواقع المعزز يعتمد على تعزيز الواقع الذي نراه بالعين المجرّدة بمعلومات إضافية كالصوت أو النصوص أو المؤثرات بصرية لتحقيق أهداف معينة.[1]

تطبيقات الواقع المعزز

يتميز الواقع المعزز بسهولة استخدامه عن طريق الهواتف الذكية نظرًا لأنه لا يحتاج إلى تجهيزات كثيرة في أغلب الأحيان مما جعله سهل الاستخدام والتطبيق. ومن أبرز تطبيقاته:

1- أنظمة الملاحة:

يُستخدم الواقع المعزز في أنظمة الملاحة ضمن السفن والطائرات وحتى السيارات ذات خاصية القيادة الذاتية. وذلك لرسم خطوط على مسار المركبة لتحديد الطريق الصحيح تلقائيًا أو عرض معلومات حول المسافات والسرعة والمركبات المجاورة أمام المستخدم وبشكل تفاعلي.

2- الرياضة:

يُستخدم الواقع المعزز بشكل كبير في مباريات كرة القدم. فعند بث المباراة يتم عرض إحصائيات المباراة كالاستحواذ أو جهة هجوم أحد الفرق وحتى تتبع حركة أحد اللاعبين، وتظهر بشكل مؤثرات بصرية تفاعلية وكأنها ضمن الملعب وبين اللاعبين.

3- التسويق:

بعض شركات الأثاث واللوازم المنزلية تتيح للمشتري تطبيق يعتمد الواقع المعزز يوضح كيف قد يبدو الأثاث ضمن منزله قبل شراءه.

4- أنظمة الحرب الالكترونية:

دخل الواقع المعزز بشكل كبير في مجال الحروب الإلكترونية؛ فأصبحنا نراه ضمن الرادارات وأنظمة توجيه الصواريخ والطائرات المسيرة وحتى ضمن الطائرات الحربية. حيث يتيح كشف العدو بشكل تفاعلي أمام أعين الطيّار.

5- الطب:

يستخدم الجرّاحون تطبيقات الواقع المعزز لرؤية الجمجمة والدماغ بشكل ثلاثي الأبعاد قبل البدء بالعمل الجراحي. كما يستخدم الممرضون تطبيق يتيح كشف أماكن الأوردة على الجلد وذلك من أجل التأكد من موقعها قبل الحقن.

6- الألعاب:

لعل أشهرها كان لعبة « Pokemon GO» والتي تعتمد على ملاحقة شخصيات ضمن الواقع ويمكن رؤيتها على شاشة الهاتف ضمن أماكن معينة. [2]

كيف يعمل الواقع المعزز؟

يعتمد عمل وتطبيق الواقع الافتراضي على وجود كاميرا عالية الدقة. لتوضيح الفكرة سوف نعطي مثال لتطبيق للتحكم بالروبوت باستخدام الواقع المعزز، يتكون النظام من ثلاثة أجزاء رئيسية، أولًا العنصر الفيزيائي وهو الروبوت، ثانيًا « التوأم الرقمي-Digital Twin» وهو نسخة رقمية ثلاثية أبعاد عن الروبوت، ثالثًا البرنامج على الهاتف الذكي.

  1. يقوم المعالج بمعالجة الصور الملتقطة من كاميرا الهاتف أو النظارات الذكية. ثم يعمل على تحليلها وإدراك العناصر الموجودة فيها باستخدام تقنيات «منظور الحاسب – Computer Vision» وتقنيات الذكاء الصنعي.
  2. يقوم بمطابقة العنصر مع صورة ثلاثية أبعاد طبق الأصل تسمى بالتوأم الرقمي وفي حال المطابقة يتم تفعيل الواقع المعزز.
  3. يرسل الحساس الموجود ضمن نظام الروبوت المعلومات باستمرار إلى السحابة الالكترونية والتي تحتوي على التوأم الرقمي والذي يحاكي حركة الجزء الحقيقي.
  4. يتم إرسال المعلومات بعد تنظيمها إلى برنامج الهاتف الذكي والذي بدوره يؤدي إلى تغير المعلومات الظاهرة على الشاشة بشكل متزامن مع حركة الجزء الأساسي التي تلتقطها الكاميرا.
  5. يتفاعل المستخدم مع هذا النظام عن طريق أوامر موجودة على الشاشة فعندما يضغط على أمر تحريك معين ينتقل الأمر إلى التوأم الرقمي وبعدها إلى محركات الروبوت الحقيقي. رأينا أن الواقع المعزز يعتمد على الأحداث الواقعية ويضيف إليها معلومات للمساعدة على التحكم أو تحقيق أهداف أخرى.

«الواقع الافتراضي- Virtual Reality »

تطبيق الواقع الافتراضي هو عمليةُ محاكاةٍ لتجربة معينة أو إحساس معين ضمن عالم ثلاثي الأبعاد يتم توليده من قبل معالجات رسومية خاصة. يتفاعل معها المستخدم عن طريق حواسه، وبالتالي يعتمد عمل الواقع الافتراضي على حواس المستخدم وبشكل خاص على البصر والسمع. ويكون المستخدم وكأنه جزء من هذا العالم حيث يتفاعل مع عناصره كما يتفاعل مع عناصر العالم الحقيقي، مثلًا يمكنك القرع على الباب في العالم الافتراضي وتسمع صوت القرع وكأنه حقيقي.

الفرق بين الواقع الافتراضي والواقع المعزز

يتم الخلط غالبًا بين مفهوم الواقع الافتراضي والواقع المعزز، ولكنهما مختلفان بشكل كبير. والاختلاف يبدأ من معنى الاسمين مرورًا بأساليب البرمجة والتطبيق وانتهاءًا بالوظيفة.[3]

تكمن أهم الفروقات في النقاط التالية:

التجهيزات:

يحتاج الواقع الافتراضي للكثير من التجهيزات كأدوات التحكم ويحتاج أيضا لمكان مجهز بحساسات و متعقبات للحركة. بينما قد لا يحتاج الواقع المعزز إلا للهاتف الذكي وأحيانًا إلى نظارات ذكية مقترنة مع الهاتف الذكي.

المعالج:

تطبيقات الواقع الافتراضي تحتاج إلى معالجات عالية الأداء تكون خاصة بها، على عكس تطبيقات الواقع المعزز والتي يمكن تنفيذها عن طريق معالجات الهواتف الذكية.

الوظيفة:

الواقع الافتراضي يتيح للمستخدم خوض تجربة خيالية أو اختبار حالة معينة قبل تنفيذها واقعيًا، بينما الواقع المعزز يهدف إلى تطوير استخدام التطبيقات الواقعية عن طريق إضافة ميزات جديدة لرؤية المستخدم.

المصادر:

[1]- Investopedia
[2]- The Franklin Institute
[3]-pcmag

كيف سيساعد الذكاء الاصطناعي في الحماية من حالات الانتحار؟

كيف سيساعد الذكاء الاصطناعي في الحماية من حالات الانتحار؟

أرقام وإحصائيات

• يسبب الانتحار وفاة حوالي (800000)شخص سنوياً حسب منظمة الصحة العالمية. بالإضافة للعديد من محاولات الإنتحار التي تفوق عدد الحالات الفعلية.[1]
• بحسب المنظمة؛ يصنف الانتحار كثالث سبب للموت للأشخاص بين عمر 15-19 عامًا. [1]
•تعتبر اللبلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط صاحبة الحصة الأكبر في معدل حالات الانتحار بنسبة 79%. [1]
•ابتلاع المبيدات والشنق والأسلحة النارية هي أكثر الأساليب انتشارًا على مستوى العالم. [1]

ما الذي يمكن أن نفعله بينما ما يزال لدينا فرصة؟

يثار النقاش اليوم حول الانتحار أكثر من أي وقت مضى. وذلك مع انتشار (Covid-19) وزيادة العزلة بسبب الحجر، بالإضافة لتأثير وسائل التواصل الاجتماعي.

يأمل (كولين والش) عالم البيانات في المركز الطبي في (جامعة فاندربيلت-Vanderbilt University)؛ أن يمنح الناس جوابًا عن سؤال “ما الذي يمكن أن نفعله بينما ما يزال لدينا فرصة؟وذلك من خلال توقع خطر الانتحار.

صنع والش وزملاؤه خوارزميات آلية التعلم بذكاء صنعي؛ تستطيع التنبؤ بدقة عالية بمحاولات الإقدام على الانتحار لمريض ما. كانت النتائج دقيقة بنسبة 80-90% عند التنبؤ بمحاولة شخص الانتحار خلال عامين قادمين، وبنسبة 92% في التنبؤ بمحاولة شخص الانتحار خلال أسبوع.

يستند التنبؤ إلى البيانات الموجودة في أوراق القبول في المستشفيات، ومن ضمنها العمر والنوع والرقم البريدي والأدوية والتشخيصات السابقة. جمع والش وفريقه بيانات 5167 مريضًا من المركز الطبي بجامعة فاندربيلت، ممن ثبت قيامهم بإيذاء النفس أو محاولة الانتحار، قرأ الفريق جميع الحالات لتحديد 3250 حالة حاولت الانتحار. [2]

استُخدمت هذه المجموعة المكونة من 5167 حالة لتدريب آلية من الذكاء الصنعي للتعرف على الأشخاص الذين يحاولون الانتحار. ومقارنتهم بالذين قاموا بإيذاء أنفسهم و وجود أي دليل على محاولتهم الانتحار.

بنى الباحثون كذلك خوارزمية للتنبوء بمحاولات الانتحار بين مجموعة مكونة من 12695مريضًا، تم اختيارهم بشكل عشوائي دون أي توثيق لتاريخهم في محاولة الانتحار. وأثبتت الآلة دقتها في التنبؤ بمحاولات الانتحار بين مجموعة كبيرة من المرضى الموجودين في المستشفيات.

إن البحث الذي نشره والش في مجلة (علم النفس العيادي- Psychological Science) في شهر أبريل مجرد خطوة أولى في هذا العم. فهو يعمل الآن على تحديد إذا ما كانت هذه الخوارزميات فعالة مع بيانات مختلفة تمامًا من مستشفى آخر، وبمجرد تأكده من نجاح النموذج يأمل أن يعمل مع فريق أكبر لوضع طريقة مناسبة للتدخل عملياً في منع الإنتحار.

يتوقع والش أن يمتلك برنامجًا للتدخل، وسيجري اختباره خلال العامين القادمين، ويضيف: “أعتقد أنه سيكون سريعًا إلى حد ما. لكن كلمة سريع فيما يتعلق بالعناية الصحية تعني خلال عدة أشهر”. [2]

إن الانتحار تصرف شخصي تمامًا. و يبدو أنه من المستحيل التنبؤ بحدوثه بدقة عالية إذ يعتمد التنبؤ به على مجموعة واسعة من البيانات.

تفاجأ والش وفريقه بملاحظة أن تناول عقار «ميلاتونين-Melatounin» له دور مهم في حسابات خطر الانتحار. ويعتقد أن «الميلاتونينMelatounin» لا يسبب التفكير في الانتحار، ولكن لا يوجد دليل مادي على ذلك، لكن أحد الأشياء المهمة المؤثرة في التعرض لخطر الانتحار هي اضطرابات النوم، ومن المحتمل أن الوصفات الطبية التي تحتوي على الميلاتونين تقلل من مخاطر اضطرابات النوم، رغم أنها فرضية لم يتم إثباتها بعد. [2]

دور الذكاء الاصطناعي أخلاقيًا

يثير هذا البحث العديد من الأسئلة الأخلاقية عن دور الحواسيب في العناية الصحية. وكيفية استخدام المعلومات الشخصية، حيث يتعين على الباحثين أن يقرروا أيضًا إلى أي مدى ستعتمد قراراتهم على الحاسوب فيما يتعلق برعاية المريض.

وكطبيب أولي يقول والش أنه لا يخجل من الاعتراف أنه قد يتبع تعليمات الذكاء بفاعلية. ولكن السؤال الحقيقي هو هل سيتطلب الأمر تغييرًا في طريقة تقديم الرعاية؛ لأن الحاسب هو من أخبرنا بما يجب فعله.

تعتمد خوارزميات الذكاء الصنعي ذاتية التعلم على البيانات الموجودة بالمستشفيات. لكن والش يعترف أن هناك أشخاص معرضون لخطر الانتحار ولم يدخلوا المستشفى من قبل، أي هناك العديد من الأرواح غير الخاضعة للرعاية الصحية. وإذا اعتمدنا على البيانات الموجودة في إعدادات الرعاية الصحية فقط فلن نحقق سوى جزء صغير من الطريق الذي رسمناه. [2]

هل يستطيع الباحثون الحصول على البيانات من مكان آخر؟

يعتبر الإنترنت أحد الخيارات الواعدة، فنحن نقضي وقتًا كبيرًا على فيسبوك وتويتر، لذا يمكننا استخدام بيانات وسائل التواصل الاجتماعي للتنبؤ بخطر الانتحار. لكننا بحاجة للقيام بهذا بالعمل أولًا لنتبين صحته وفاعليته.

أعلن فيسبوك في عام 2017 أنه يستخدم الذكاء الاصطناعي لمراجعة المنشورات التي تدل على إيذاء النفس. وكانت النتائج أكثر دقة من البلاغات التي يحصل عليها من الأشخاص الذين يبلغون عن أصدقاءهم المعرضين للخطر.

إذاً فتدريب آلية الذكاء الصنعي للتعرف على العلامات التحذيرية للانتحار ليس أمرًا سهلًا. ومن أجل التنبؤ والتدخل بنجاح يعتقد والش أنه من الضروري أن نبعد وصمة العار عن الانتحار، فلن نتمكن أبدًا من مساعدة الناس بينما لا نستطيع التحدث عن الأمر بارتياح.

ولأن وفيات الانتحار تصل إلى 800 ألف حالة سنويًا على مستوى العالم؛فهذه قضية صحية عامة لا يمكن تجاهلها. ونظرًا لأن معظم البشر بما في ذلك الأطباء لا يستطيعون التنبؤ بحالات الانتحار بشكل جيد، فربما يقدم لنا الذكاء الصنعي حلًا مهمًا. في ظل تقييد قدراته طبعاً ومنع وصوله لبيانات أخرى للمرضى. [2]

تطبيقات عملية قريبًا

على الرغم من أن المنتجات والخدمات التي يقدمها الذكاء الاصطناعي في مجال الصحة العقلية لا تزال غير ناضجة نسبيًا. إلا أن عددًا من الشركات والمؤسسات تعمل على تطوير تطبيقات وأجهزة جديدة ومحسنة، بمساعدة علماء مثل والاش. فجمع البيانات في الوقت الحقيقي والتحليلات التنبؤية للصحة العقلية والاستشارات الواعية هي مجالات تركيز مثل هذا البحث. [3]

وبهذه الطريقة سيساعد الذكاء الاصطناعي في الحماية أخيرًا من حالات الانتحار


المصادر

[1] who

[2] qz.com

synced [3]

Exit mobile version