طقس”فاماديهانا”، لماذا يرقص شعب مدغشقر مع موتاهم؟

هذه المقالة هي الجزء 3 من 8 في سلسلة أغرب طقوس الدفن عبر التاريخ

طقس “فاماديهانا”، لماذا يرقص شعب مدغشقر مع موتاهم؟

مراسم تقليب العظام


مفهوم “ليرقد بسلام” ليس شائعًا بالضرورة في جزيرة مدغشقر الأفريقية، ولا الحزن والبكاء عند تذكر الفقيد. ولتكريم موتاهم أقاموا ال”فاماديهانا” أو ما يعرف ب “تقليب العظام” لإبقاء ذكر الأموات حيًا. ولكن، بمشاركة الأموات في هذا الكرنفال، فكيف كان هذا؟


الدين والمجموعات الإثنية في مدغشقر:


القبائل والمجموعات الإثنية:


تحتوي مدغشقر، وهي دولة جزرية أفريقية في المحيط الهندي، خليطاً إثنيًا متنوعًا. أكثر هذه المجموعات سيادة هي قبيلة الميرينا أو”إمرينا” الموزعين في أنحاء الجزيرة. ثاني مجموعة هي قبيلة “بيتسيمي ساراكا” الذين يعيشون في شرقي مدغشقر، وثالث مجموعة من حيث العدد هي قبيلة “بيتسيليو”. بالإضافة لوجود قبائل أخرى أقل عددًا.
هذه المجموعات الإثنية لا تشكل بالضرورة حدودًا ثقافية واضحة المعالم، وغالبًا ما تتداخل ثقافة القبيلة بأخرى ولا تنفصل عنها بشكل كامل. أي تتشابه العادات والتقاليد بين معظم القبائل بالرغم من انفصالها شكليًا.


الدين السائد في مدغشقر:


خمسيّ السكان ما زالوا يتبعون الدين التقليدي القائم على عبادة الأسلاف، حيث الاعتقاد السائد أن الأموات لهم قدرة على مكافئة أو معاقبة الأحياء، ويسمى الكائن الأعلى “زاناهاري” أو الخالق.
أكثر من نصف السكان يعتنقون المسيحية، ولكن هذا لم يؤثر على معتقداتهم المحلية أو العادات والتقاليد الخاصة بشعائر الدفن.

الموت في معتقدات شعب مدغشقر:


يؤمن شعب مدغشقر أن روح الإنسان لا تغادر الأرض فورًا بعد وفاة الفرد، وإنما تبقى الروح تهيم على وجه الأرض إلى أن يفنى الجسد تمامًا. أي إلى أن تتحلل العظام بشكل كليّ وتصبح جزءً من الأرض.
وريثما يحدث هذا، يتوجب على أهل الميت العناية بالجثة حتى تتمكن الروح لاحقًا من الصعود للسماء ومغادرة الأرض بشكل تام، وهذا الأمر يستغرق أعوامًا وحتى أجيالًا.

طقس “فاماديهانا” أو تقليب العظام:

أهمية الطقس ثقافيًا:


حتى بعد الموت بفترة طويلة، يرى سكان مدغشقر أنه من الواجب عليهم تذكر أسلافهم. وذلك لشيوع عبادة وتقديس الأسلاف بالإضافة للاعتقاد بأن الروح لن تغادر الأرض إن لم يتم الاعتناء بالجثة.
ويدفع هذا الطقس أفراد العائلة إلى السفر لمسافات بعيدة وأحيانًا سيرًا على الأقدام للوصول لقبر العائلة وذلك تقديرًا لأهمية الطقس في عاداتهم وتقاليدهم. وغالبًا ما تقوم كل قرية بطقس تقليب العظام بشكل جماعي.


ما الذي يحدث في “فاماديهانا”؟


خلال هذه المراسم يقوم أهل الميت باستخراج الجثة بعد مرور فترة من الزمن على الدفن. بين ال5 إلى 7 سنوات تقريبًا. ويتم الطقس خلال أشهر الصيف
تُلف الجثة بغطاء من القش وتُحمل إلى القرية أو مكان إتمام المراسم. توضع الجثث على الأرض وتنظف وتلف بأكفانٍ جديدة.
وتتضمن المراسم طلب المباركة من الأسلاف وإخبارهم بما حدث خلال غيابهم أو ذكر مآثر المتوفي. وبعد ذلك تقام مأدبة كبيرة على شرف الأسلاف. طعام ومشروبات واحتفالات تكريمًا للأموات. ويحمل أفراد العائلة الميت على رؤوسهم ويرقصون بهم.
قد تستمر الاحتفالات لليومين تقريبًا بعدها يعيدون الأموات للقبور مع هداية جديدة ومال وكحول، لتحفظ حتى طقس تقليب العظام القادم.

إن تقليب العظام يعد طقسًا يلم شمل الأسرة كل فترة من الزمن، وهو أشبه باحتفال عائلي، ولكن العديد من الناس بدأت بهجر هذا التقليد وذلك لمعارضة بعض الفئات المسيحية ذلك إضافةً لتكلفته العالية، فغالبًا ما تستهلك معظم مدخرات الأسرة على الطعام والمشروبات والكفن الجديد.
بالرغم من أن فكرة نبش القبور فكرة مرعبة لمعظم الناس في أنحاء العالم، إلا أن مبدأ شعب مدغشقر القائم على الاحتفال وتذكر الميت بسعادة يساعد على تقبل واقع الموت بأريحية.


اقرأ أيضًا: الدفن السماوي

المصادر:

اكتشاف جماجم بشرية معدلة شرق كرواتيا

اكتشاف جماجم بشرية معدلة ترجع إلى 1500 عام

اكتشف فريق من الباحثين جماجم بشرية معدلة يرجع عمرها إلى 1500 عام، في حفرة دفن بموقع هيرمانوف فينوجراد بأوسيجك شرق كرواتيا. وأكد عالم الآثار والبيولوجي ماريو نوفاك – Mario Novak، من معهد البحوث الأنثروبولوجية، وجود 3 جماجم بشرية، حيث كان سياق دفنها على غير المعتاد بالإضافة إلى تحديد نوعين مختلفين من التشوه القحفي الإصطناعي. وهو ما قاد الفريق لدراسة تلك الجماجم.

وضح التحليل أن البقايا ترجع لثلاثة من الذكور المراهقين تتراوح أعمارهم بين 12 إلى 16 عام في فترة ما بين عام 415 – 560، كما أشارت الأدلة الهيكلية إلى معاناتهم من سوء التغذية الحاد وأنهم متشابهين في الوضع الإجتماعي. لكن أكثر ما لفت النظر هو نمطين مختلفين من التشوه القحفي بين اثنتين منهم، حيث ظهرت معدلة بشكل كبير، فإحداهما تمت إطالتها بشكل غير مباشر والأخرى تم ضغطها وتثبيتها، أما الثالثة فظلت بلا تعديل مصطنع.

واستند الباحثون إلى سجلات الحمض النووي القديم، فالتحليل الوراثي أثبت أن المراهقين ذوو التعديلات القحفية أظهرو أسلافًا مُميزة جدًا، أحدهم من الشرق الأدنى والأخر من شرق أسيا. فالفرد دون تشوه قحفي اصطناعي يظهر بشكل كبير في الأصول غرب أسيوية، والفرد ذو النوع الممدود قطريا له أصل شرق أسيوي، أما عن الثالث فكان لديه تشوه من نوع الإنتصاب الدائري والذي ترجع أصوله إلى الشرق الأدني.
وهو ما أوضحه الدكتور نوفاك:

“إن أكثر ما يلفت النظر، استنادًا إلى الحمض النووي القديم هو أن هؤلاء الأفراد يختلفون إختلافًا كبيرًا في أسلافهم الوراثية”

تاريخ التشوه القحفي الإصطناعي

الفترة التي عاش فيها الثلاث مراهقين المذكورة يطلق عليا فترة الهجرة العظمى، حيث كانت الحركات والتنقلات واسعة بين الثقافات الأوروبية المختلفة.
وعملية التشوه الإصطناعي هي ممارسة تعديل الجمجمة منذ الطفولة والتي غالبًا ما تأخذ أنماطًا تدل على ثقافة معينة، فقد استخدمت للإشارة إلى إنتمائهم الثقافي، كما تُعتبر دلالة على الحالة الإجتماعية. حيث كانت تقوم بعض العائلات بتعديل رؤوس الرضع بإستخدام الألواح أو الفوط أو قوالب مصنوعة من الطمي، واستخدم البعض أغطية رأس صُممت خصيصًا لهذا الغرض. وكانت شائعة في جميع أنحاء النمسا الحديثة، كرواتيا، المجر، رومانيا، صربيا، سلوفاكيا وسلوفينيا.

المصدر

eurekalert

Journals Plos one

Exit mobile version