حقائق حول الإتجار بالبشر

الإتجار بالبشر هو شكل من أشكال العبودية الحديثة، التي تنطوي على تجنيد الأشخاص أو احتجازهم أو نقلهم أو إيواؤهم بالقوة. أو الاحتيال عليهم وخداعهم بهدف استغلالهم لتحقيق الربح. فما هو تاريخ الإتجار بالبشر؟ وما هي الحقائق حول الإتجار بالبشر ؟ كذلك ما المفاهيم الخاطئة حول هذه القضية؟ وما هي صور وأشكال الإتجار بالبشر؟

الإتجار بالبشر وأرقام صادمة

  • تشير التقديرات إلى وقوع ما بين 20 مليون و 40 مليون شخص تحت وطأة العبودية الحديثة على مستوى العالم.
  • %51 من ضحايا الاتجار الذين رُصِدوا هم من النساء و 28% من الأطفال و 21%من الرجال.
  • %72 من الأشخاص الذين يُستغلوا في صناعة الجنس هم من النساء.
  • %63 من المتاجرين هم من رجال و 37% منهم نساء.
  • %43 من الضحايا يتعرضون للاتجار محليًا داخل الحدود الوطنية.
  • تُشير التقديرات إلى أنه -على الصعيد الدولي- هناك حوالي 0.04% فقط من الناجين من حالات الاتجار بالبشر، مما يعني أن الغالبية العظمى لا تُكتشف.
  • يدر الاتجار بالبشر أرباحًا عالمية تقارب 150 مليار دولار سنويًا للمتاجرين بالبشر، يأتي 99 مليار منها من الاستغلال الجنسي التجاري.
  • تشير التقديرات إلى أن هناك حوالي 50000 شخص يُهرّب إلى الولايات المتحدة كل عام، في أغلب الأحيان من المكسيك والفلبين.
  • في عام 2018، كان أكثر من نصف (51.6 %) قضايا الاتجار بالبشر الإجرامية النشطة في الولايات المتحدة هي قضايا الإتجار بالجنس التي تشمل الأطفال فقط!

تلك هي بعض الحقائق حول الإتجار بالبشر، إنه مشكلة عالمية وظاهرة متنامية تؤثر على الناس من جميع الأعمار، فيمكن أن يقع الرجال والنساء والأطفال من جميع الأعمار ومن جميع الخلفيات ضحايا لهذه الجريمة. ويُعتبر تجارة الجنس الشكل الأكثر شُهرة للاتجار بالبشر، كما امتد تعريف الإتجار بالبشر ليشمل العمالة غير الشرعية أيضًا.

نبذة قصيرة عن تاريخ الإتجار بالبشر

تجارة الرقيق الأفريقي

لقد بدأ الشكل الأول من أشكال الإتجار بالبشر عالميًا مع تجارة الرقيق الأفريقية. نظرًا لأن القارات الأمريكية والأوروبية كانت بمثابة “المُشترين”، وكانت الجماعات الأفريقية المختلفة تُمثل عناصر التجارة والوسطاء أيضًا. فيمكننا القول بأن هذه هي بداية التدفق الدولي للإتجار بالبشر.

العبودية البيضاء

صدر القانون الأول ضد العبودية من قِبل البريطانيين عام 180،ثم حذت الولايات المتحدة حذوها عام 1820، حتى حُظِرَت العبودية لأكثر من 40 عامًا قبل الحرب الأهلية الأمريكية. الوقت الذي لم تكن هناك منظمات دولية يمكنها اتخاذ مثل هذه القرارات التي تُلزم العديد من الدول في وقت واحد. بعد توقف تجارة الرقيق الأفريقية، ظهر ما يُسمى بـ “العبودية البيضاء“، والتي يُقصد بها شِراء امرأة أو فتاة بيضاء ضد إرادتها- باستخدام القوة أو الخداع أو تحت تأثير التخدير- لممارسة الدعارة. حظت عبودية البيض اهتمامًا كبيرًا، إذ بدأت الحكومات في التعاون لمحاربتها. ففي عام 1899 ثم في عام 1902، نُظِمت عِدة مؤتمرات دولية ضد العبودية البيضاء في باريس. وفي عام 1904 تم التوقيع على الاتفاقية الدولية لقمع تجارة الرقيق البيض. وهي أول اتفاقية دولية بشأن الاتجار بالبشر. وكان الغرض الرئيسي هو ضمان إعادة الضحايا إلى أوطانهم. وعلى الرغم من ذلك، فلم تُجرَّم العبودية البيضاء حتى توقيع الاتفاقية الدولية لقمع تجارة الرقيق البيض عام 1910.

الحرب العالمية الأولى والإتجار بالنساء والأطفال

لفتت أزمة الحرب العالمية الأولى الانتباه إلى الجهود المبذولة ضد العبودية البيضاء. فقد اندلعت الحرب، وأُقيمت أوروبا من جديد. فمن رحم الحرب العالمية الأولى ولدت أول منظمة دولية للأمم “عُصبة الأمم”. فكانت هذه هي المرة الأولى التي يُمكن فيها إبرام الاتفاقات داخل منظمة مُحددة، لا سيما مع المزيد من الضغط للامتثال. جذبت التفويضات الممنوحة لمختلف دول الحلفاء على دول أفريقيا والشرق الأوسط الانتباه إلى الإتجار الدولي بالنساء جميعًا، ليس النساء البيض فقط. كذلك الأطفال ذكورًا وإناثًا. ففي عام 1921، وقَّعت 33 دولة في مؤتمر دولي لعصبة الأمم الاتفاقية الدولية لقمع الإتجار بالنساء والأطفال. حتى ذلك الوقت، كان الإتجار بالبشر يُغطي فقط الإتجار لأغراض الاستغلال الجنسي والبغاء.

بروتوكول الأمم المتحدة لقمع الإتجار بالبشر- 2000

بعد الحرب العالمية الثانية، تحديدًا عام 1949، تبنت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة اتفاقية الأمم المتحدة لقمع الإتجار بالأشخاص واستغلالهم في البغاء، وهو نفس العام الذي صدرت فيه وثيقة حقوق الإنسان. وكانت تلك أول اتفاقية دولية ملزمة قانونًا بشأن الإتجار بالبشر. في السنوات ال 51 التالية، نمت أشكال أخرى من الاستغلال، مثل تجارة الأعضاء والاتجار في العمالة.في عام 2000 اعتمدت الأمم المتحدة بروتوكول الأمم المتحدة لمنع وقمع ومعاقبة الإتجار بالبشر خاصة النساء والأطفال. ويعتبر هذا أول اتفاق يعترف بالرِق في العصر الحديث. فضلاً عن احتمال أن يكون الضحايا من الرجال أيضًا. فقد اتسع التعريف ليشمل تجارة الأعضاء والعبودية وهجرة العمالية القسرية.

العبودية والإتجار بالبشر في العصر الحديث

أصبح الإتجار بالبشر مشكلة من حيث الانتشار الجغرافي والكثافة. فقد جرمته الأمم المتحدة بموجب بروتوكولات الجريمة. ومع ذلك فإن تاريخ الإتجار بالبشر يوضح المدة التي استُغرِقت للتعرف وتحديد أشكاله المختلفة. وربما الأمر الأكثر صعوبة الآن هو القدرة على تفكيك عصابات الإتجار بالبشر. في السنوات الأخيرة، تزايدت هجرة العمالة القسرية، مما قلل من نسبة الاتجار لأغراض الاستغلال الجنسي. ففي عام 2007 كان 32% من الأشخاص الذين تمت بهم عملية الإتجار، من المهاجرين للعمل القسري، بعد أربع سنوات تزايدت النسبة حتى وصلت إلى 40%. فهذا الشكل من الجريمة المنظمة، بغض النظر عن مدى انتشاره، مُربح للغاية ومنخفض المخاطر إلى حد ما. عادةً لا يوجد وقت كافٍ أو مُحققين كافين للتحقيق في انتقال مجموعة من الأفراد بشكل غير قانوني، مما يجعل هناك أكثر من 3 مليار مواطن بلا حماية.

ما هي أشكال الإتجار بالبشر؟

من أهم الحقائق حول الإتجار بالبشر هو أنه سلوك يمتد ليشمل كل ما يأذي الآخر أو يستغل نقاط ضعفة من أجل مكاسب مالية. لكن الثلاثة الأكثر شيوعًا للإتجار بالبشر هي الإتجار بالجنس، والعمل القسري، والعبودية القسرية (عبودية الدَين أو العمل الجبري)، فوفقًا لوزارة الخارجية الأمريكية، عبودية الديون هي شكل آخر من أشكال الإتجار بالبشر، إذ يُجبر الفرد على العمل من أجل سداد دين عليه. أما عن الإتجار بالجنس، فهو يؤثر بشكل خاص وكبير جدًا على النساء والأطفال، إذ ينطوي على المشاركة القسرية في الأعمال الجنسية التجارية. فيُعتبر الطفل ضحية للإتجار إذا كان متورطًا في فعل جنسي وهو دون الثامنة عشر عامًا. تشكل النساء والفتيات نسبة أكثر من 80% من الأشخاص الذين يتم الإتجار بهم عالميًا وعبر الحدود. وسنويًا يستغل المتاجرون بالبشر قرابة المليون طفل في تجارة الجنس. تصورات الإتجار غالبًا من تنطوي على إجبار النساء على ممارسة الدعارة. للأسف هذا مجرد جانب واحد جوانب الإتجار بالبشر. فالإتجار يظل له رُهاب وخطر يتبع الناجين، فيُستَغل هؤلاء الناجين بأي وسيلة أخرى، من الممكن أن يُجبر الضحايا والناجين أحيانًا على أي من أنواع العمل التالية قسرًا:

العبودية المنزلية – العمل بالزراعة – العمل بالصناعة – خدمات الحراسة – خدمات الفنادق – أعمال البناء والحفر – العمل بصالونات التجميل – الدعارة – العمل بالحانات والملاهي والمراقص.

جميع الجنسيات والمجموعات العرقية عُرضة للإتجار بالبشر، وقد يكون أي بلد أو دولة مصدرًا للعمل القسري أو محطة للعبور من خلالها.

علامات تُوحي بوقوع الإتجار بالبشر

بما أن عملية الإتجار هي عملية غير مشروعة وغير قانونية كليةً، فجميع اجراءاتها تصبح غير مشروعة أيضًا وملتوية، وهناك بعد الدلائل التى تُنذر وتوحي بوقوع جريمة إتجار، تعتبر أهم تلك العلامات:

  • اتخاذ سلوكيات تدل على أنهم خاضعين للرقابة.
  • لديهم أو يمتلكون تزوير أوراق أو بطاقات هوية أو وثائق سفر مزورة.
  • لا تستطيع أن تتبع بياناتهم، ولا يوجد لديهم عنوان منزل أو عمل واضح.
  • غير قادرين على الحصول على حقوقهم خاصة أرباحهم المالية.
  • ليس لديهم القدرة على التفاوض بشأن ظروف عملهم.
  • العمل لساعات طويلة بشكل مُفرط في مقابل مادي ضعيف.
  • لا وجود للتفاعل الاجتماعي لديهم.
  • لديهم اتصال محدود مع عائلاتهم أو الأشخاص خارج بيئتهم المباشرة.
  • غارقون في الديون.

أمثلة بسيطة على الإتجار بالبشر

العمل الجبري: أسرة تتخلى عن طفلها لوكالة تبني، لأنها لا تستطيع تحمل تكاليف رعايته. ثم يُجبر على تعلم مهنة أو حرفة ما بدون أجر مقابل التعلم لساعات طويلة يوميًا. مع تلقي الطفل للحد الأدنى من التغذية والتعليم المنتظم.

الإتجار بالجنس: تقدمت امرأتان للحصول على وظيفتين -كانتا وهميتين- من خلال إعلان ما، وبمجرد الوصول لمكان العمل يجدان أنهمن مجبرات على ممارسة الدعارة والا ستلاحقهم المصائب أو التوريطات، ويتلقى أهلهم وذويهم المال المقابل لعملهم بشكل منتظم.

عبودية الديون: هناك امرأة تطاولت وتكاثرت عليها الديون، وأصبحت في حاحة ماسة إلى سدادها. تستطيع التواصل مع وكيل توظيف يعرض عليها وظيفة كعاملة نظافة في مكان تضطر للسفر من أجله. عند الوصول لا تستطيع الحصول على جواز سفرها وأوراقها ووثائقها الرسمية. تُحضر إلى منزل العمل وهي مقيدة الحركة والإرادة. لتعلم أنها مُضطرة للعمل مقابل ديونها ورسوم سفرها وانتقالها وإلا ستُقتل من قِبل العائلة التى تعمل لديها.

ما هي أهم أسباب ازدهار الإتجار بالبشر؟

الإتجار بالبشر صناعة إجرامية مدفوعة بالسوق، تقوم على مبادئ العرض والطلب. مثل المخدرات أو تجارة الأسلحة. لعل أهم ما يُغذي الإتجار بالبشر، الطلب على العمالة منخفضة التكلفة والخدمات والجنس التجاري.

لا تحدث المتاجرة بالبشر بدون استخدام القوة أو الاحتيال أو الاكراه، مع استغلال احتياجهم ورغبتهم في الاستفادة من العرض القائم. إذ يستوجب معالجة هذه العوامل التي يحركها الطلب حتى نستطيع حل مشكلة الإتجار بالبشر. كذلك من الضروري تغيير الحوافز السوقية الإجمالية للأرباح العالية والمنخفضة المخاطر التي يستغلها المتاجرين حاليًا. إذ يزدهر سوق الاتجار بالعمالة والجنس في العالم لعدد من الأسباب والتي يمكن أن نطلق عليها أيضًا أهم الحقائق حول الاتجار بالبشر أهمها:

المخاطر المنخفضة: يرى المُتاجرين بالبشر أن هناك القليل من المخاطر أو الردع للحد من عملياتهم الإجرامية. على الرغم من زيادة تسليط الضوء الفترة الأخيرة على تلك الجريمة. وعلى الرغم من زيادة التحقيقات وتوزيع الجهود وإعلان العقوبات على مدار السنوات الاخيرة، لا يزال العديد من المتاجرين بالبشر يعتقدون أن هامش الربح المرتفع يستحق المخاطرة. يساعدهم في ذلك نقص الاهتمام الحكومي وتحقيق القانون، انخفاض الوعي المجتمعي، القوانين غير الفعالة أو غير المُفعلة، الافتقار إلى تحقيق القانون، عدم الاهتمام الحكومي والمجتمعي بالضحايا وإلقاء اللوم الإجتماعي عليهم.

الأرباح العالية: عندما يكون هناك من هو على استعداد لشراء الجنس التجاري، فإنهم يستطيعون إنشاء سوقًا بكل مقوماته، يجعلون فيه استغلال الأطفال والبالغين جنسيًا أمرًا مربحًا للمتاجرين بالبشر.عندما يكون المستهلكون على استعداد لشراء سلع والحصول على خدمات وسداد ديون اعتمادًا على العمل الجبري، فإنهم يخلقون حافزًا لربح المتاجرين بالعمالة لزيادة الإيرادات إلى أقصى حد بأقل تكاليف إنتاج. إذا تُرك الإتجار بالبشر دون رادع، فسوف يستمر في الازدهار وسيخلق المتاجرون بيئة الإتجار المناسبة والتي يحققون فيها مكاسب نقدية كبيرة مع مخاطر منخفضة نسبيًا.

ماهي أشهر الخرافات والمفاهيم الخاطئة حول موضوع الاتجار بالبشر؟

كأي ظاهرة لم يتم السيطرة عليها، تحاط مشكلة الإتجار بالبشر عِدة مفاهيم خاطئة، سنسرد لك عزيزي القارئ أشهر المفاهيم الخاطئة وما يقابلها من حقائق حول الإتجار بالبشر :

1- الإتجار بالبشر لا يحدث إلا في البلاد الفقيرة، فلا هناك حوادث إتجار بالبشر في البلدان المتقدمة.

التصحيح: الإتجار بالبشر موجود في كل بلد، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، الاتجار بالبشر موجود في المدن والضواحي والقرى الريفية، ربما يوجد في مجتمعك.

2- ضحايا الإتجار بالبشر هم فقط الفقراء ومن وُلدوا خارج بلدانهم وأوطانهم.

التصحيح: يمكن أن يكون ضحايا الإتجار بالبشر من أي عُمر أو عِرق أو جنس أو جنسية. قد يكونون من أي مجموعة أو فئة اجتماعية واقتصادية.

3- الإتجار بالبشر هو فقط إتجار بالجنس

التصحيح: الإتجار بالجنس موجود، لكنه ليس النوع الوحيد من الإتجار بالبشر، العمل الجبري هو نوع آخر من أنواع الإتجار بالبشر. كلاهما ينطوي على استغلال الناس. هناك ضحايا في الصناعات العُمالية المشروعة وغير المشروعة، بما في ذلك المصانع المُستغِلة للعمال، وصالونات التجميل، ومجال الزراعة، والمطاعم، والفنادق والخدمات المنزلية.

4- يجب إجبار الأفراد على ممارسة الجنس التجاري لكي يُصبحوا ضحية حقيقة، وبدون الإجبار لا يصبحون ضحية.

التصحيح: بموجب القانون الفيدرالي الأمريكي، فإن أي قاصر يقل عمره عن 18 عامًا، يُحرَّض على القيام بأفعال جنسية تجارية، هو ضحية للإتجار بالبشر، بغض النظر عما إذا كان قد أُكره أم لا.

5- الإتجار بالبشر وتهريب البشر أمر واحد.

التصحيح: الإتجار بالبشر ليس مثل التهريب، إذ يقوم الإتجار على أساس الاستغلال ولا يتطلب التنقل عبر الحدود. بينما يعتمد التهريب على التنقل، فينتقل شخص (الضحية) عبر حدود الدولة بموافقة شخص آخر (المُتاجر) في إجراء ينتهك قوانين الهجرة. على الرغم من أن تهريب البشر يختلف اختلافًا كبيرًا عن الإتجار بالبشر؛ إلا أن تهريب البشر يمكن أن ينحول إلى إتجار بالبشر إذا استخدم المُهرب القوة أو الاحتيال أو الاستغلال الجنسي. فبموجب القانون الفيدرالي، يصبح كل قاصر يتم حثه على ممارسة الجنس التجاري ضحية للإتجار بالبشر.

6- لابد وأن يحاول ضحايا الإتجار بالبشر طلب المساعدة في الأماكن العامة أو في أي مكان.

التصحيح: الإتجار بالبشر غالبًا ما يكون جريمة خفية، قد يخشى الضحايا الإقدام على الحصول على المساعدة؛ فقد يُجبروا على السكوت من خلال التهديد أو العنف كيفما يُجبرون على أي سلوك. قد يخشون أيضًا انتقام المتاجرين بهم، قد يخشون على عائلاتهم، وقد لا يكون في حوزتهم أي أوراق أو وثائق الهوية الخاصة بهم، أو ما يُثبت الضرر الواقع عليهم.

الخلاصة

تكثُر حقائق حول الإتجار بالبشر، وما هو ثابت ومما لا شك فيه أن المُتاجرين يستهدفون الناس على أساس نقاط ضعفهم. وتتم عميات الإتجار بهم بين البلدان والمناطق عن طريق الخداع أو الإكراه. بمجرد وصولهم إلى وجهتهم، يتم تجريدهم من الاستقلال الذاتي وحرية التنقل والاختيار، ويضطرون إلى العمل في ظروف محفوفة بالمخاطر. غالبًا ما يواجهون أشكالًا مختلفة من الإساءة الجسدية والعقلية. كما يرتبط الإتجار بالبشر بعدد من الجرائم، بما في ذلك التدفقات المالية غير المشروعة، واستخدام وثائق السفر المزورة، والجرائم الإلكترونية.

المصادر

من هو أدولفو اسكيفل، صاحب جائزة نوبل للسلام؟

من هو أدولفو اسكيفل، صاحب جائزة نوبل للسلام؟

من هو أدولفو اسكيفل، صاحب جائزة نوبل للسلام؟ وُلد أدولفو بيريز اسكيفل Adolfo Pérez Esquivel في بوينس آيرس سنة 1931. وبعد تدريبه كمهندس معماري ونحات، عُين أستاذا في الهندسة المعمارية. وفي عام 1974، ترك منصب التدريس ليكرس كل وقته وطاقته للعمل على تنسيق الأنشطة غير العنيفة في أمريكا اللاتينية. وفي مؤتمر عقد في مونتيفيديو في عام 1968 تقرر إنشاء منظمة مشتركة تغطي جميع العناصر غير العنيفة في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية. وفي مؤتمر عقد في عام 1974، تم إعطاء المنظمة شكلا أكثر ديمومة، وعُين بيريز اسكيفل أمينا عاما للمنظمة. وفي عام 1976، شرع في حملة دولية ترمي إلى إقناع الأمم المتحدة بإنشاء لجنة لحقوق الإنسان، وفي هذا الصدد، أعدت وثيقة تسجل انتهاكات حقوق الإنسان في أمريكا اللاتينية.

وفي أبريل 1977، ألقت الشرطة الأرجنتينية القبض على بيريز اسكيفل واحتجزته دون محاكمة لمدة 13 شهرا. حيث تعرض للضرب وحرم من الماء لمدة أسبوع. وذكر أن حراسه كانوا أحيانا يفتحون الباب إلى زنزانته التي كانت تضيء الغرفة المظلمة لفترة وجيزة.

يقول: “كنت أرى أشياء مكتوبة على الحائط، ولكن الشيء الوحيد الذي جذب انتباهي كان لطخة دم كبيرة على الحائط من شخص تعرض للتعذيب. لقد رأيت إيمانا في تلك اللطخة. فقد كتب هذا السجين بدمه:’ إن الله لا يقتل!‘ وبقيت منقوشة في قلبي.”

وفي مايو 1978، أُطلق سراحه، ولكن أُلزم بالحضور إلى الشرطة وخضع لقيود شتى. وبعد ذلك سُمِح بإلغاء هذه الزيارات. وفي سنة 1980 أُتيحت له فرصة زيارة أوروبا.

تعتبر منظمة العدل والسلام- Servicio Paz y Justicia التي يتزعمها بيريز اسكيفل منظمة راسخة ومعترف بها. تنقسم أمريكا اللاتينية إلى ثلاث مناطق لكل منها مكتب خاص، وتأتي المنظمات الوطنية بعد هذه المكاتب. حيث يتم تنسيق جميع أنشطتهم من مكتب بيريز اسكيفل في بوينس آيرس.

يحكم المنظور المسيحي هذه المنظمة، حيث تتمتع بعلاقة وثيقة مع رجال الدين والأساقفة الذين ينتقدون الأوضاع الراهنة في أمريكا اللاتينية. وتتمثل المهمة الرئيسية للحركة في تعزيز احترام حقوق الإنسان التي من الواجب أن تشمل الحقوق الاجتماعية والاقتصادية. أما على المستوى العملي، فالمنظمة تقدم المساعدة إلى العمال الريفيين في كفاحهم من أجل الحصول على القطع الأرضية، والنقابات العمالية في كفاحها من أجل حماية حقوق العمال. ويذكر أن هذه المساعدات تقوم في المقام الأول على احترام القانون.

على الرغم من المعارضة التي واجهها بيريز اسكيفل، فإنه يصر على أن الكفاح يجب ألا يشن إلا بوسائل غير عنيفة.

المصادر:

Encyclopedia.com

Nobel Prize Website

لا تنس تقييم المقال

هل تحقق التدخلات الإنسانية من قبل المنظمات الدولية النتائج المرجوّة منها؟

هل تحقق التدخلات الإنسانية للمنظمات الدولية النتائج المرجوّة منها؟

في ظل نشاط المنظمات الدولية بمناطق النزاع، يجيب العلم عمّا إذا كانت التدخلات الإنسانية لبعض المنظمات بتقديم برامج التكيّف لليافعين واليافعات، تجدي نفعها أم لا.

التدخل«Intervention» التي سنسلّط الضوء عليها اليوم هي من قبل منظمة «Mercy Corps»، وهي منظمة غير ربحية يقع مقرها الرئيسي في بورتلاند-أوريغون وتتبع لها مبادرة “Youth Take” أو بالعربيّة برنامج “نبادر”، الذي يأخذ على عاتقه تعليم إدارة الضغوط ومهارات العلاقات بين الفئات العمرية الحساسة من 11 وحتى 18عاماً ويستهدف على نحو خاصّ الأطفال المتضرّرين من النزاعات والحروب والكوارث الأخرى.

التدخلات الإنسانية مع اللاجئين

في سنة 2015، قُدّمت تسريحات معاصرة لما يقارب 800 يافع ويافعة في مخيّم شمال الأردن بغرض أخذ 100 خصلة شعر من رؤوسهم، نصفُهم كان لاجئون سوريون والنصفُ الآخر من سكان المنطقة الأردنيين. الغرض من الخصل هو الاستفادة منها مخبرياً لدراسة جدوى برنامج من تنسيق «نبادر»، صُمّم لزيادة تكيّف اليافعين في مرحلة ما بعد النزوح.

إنّ إيجاد الطرق لمساعدة هؤلاء الأطفال في الوقت الحالي أبدى من أي وقت مضى، فمن بين مئات ملايين الشباب الذين يعيشون في بلاد مزّقها النزاع المسلّح، تقريباً من  15 وحتى 20 بالمئة منهم قد تصيبهم اضطرابات ما بعد الصدمة (PTSD) واضطرابات نفسية وعقلية أخرى.

بمَ ستفيد الخصلات؟

شرحت دكتورة البيولوجيا الجزيئية «رنا دجاني» من جامعة الهاشمية في محافظة الزرقا للأطفال، أن هذه الخصل من الشعر تتصرف كموثّق بيولوجيّ لأيامهم، فالمواد الكيميائية المفرَزة داخل الشعر وأهمها الكورتيزول، توثّق مستويات الإجهاد الذي يعاني منه اليافعين، وسيتمّ قياس هذه المواد قبل وبعد مشاركتهم في برنامج صمّم لزيادة التأقلم لليافعين.

نقلت الخصلات التي أخذت من شعر اليافعين إلى مختبر في جامعة ويسترن اونتاريو في لندن، كندا. قام العلماء هناك بفحص العيّنات وقياس مستويات هرمون الإجهاد “الكورتيزول”، في حين قام علماء مساعدون في الأردن بمقابلة اليافعين والتحدّث معهم عن الصدمات السابقة التي تعرّضوا لها وعن الضغوط الحالية.

وخلال ذلك، أدلى السوريّون من اليافعين وسطياً ستة تجارب صادمة من مشاهد الحرب التي اختبروها، أغلبها مشاهدة إلقاء القنابل والتعرّض لتفتيش منازلهم عنوةً أو تدميرها.

كانت الدكتورة دجاني جزءاً من هذا الفريق المساعد واستمعت إلى قصص الأطقال المهولة، وتساءلت عندها عمّا إن كانت جلسات “نبادر”، المدعومة من قبل Mercy Corps والملخّصة بستّة عشر جلسة من التدريب النفسي لديها القدرة للتوصّل إلى هدف للمنظّمة وهو زيادة التكيف عن طريق تخفيف وطء الإجهاد على اليافعين، وتقوية العلاقات، وشفاء ندوب خلّفها النزاع.

مدى فعالية التدخلات الإنسانية

وهذا يضعنا أمام السؤال، هل العلاجات التي تسعى لتسهيل التأقلم للأطفال والمطوّرة منذ سبعينات القرن الماضي، تهدف لتعزيز الصحّة النفسيّة والعقليّة للأطفال بمساعدتهم على التماشي مع ظروف الحرب والتهجير؟ أم  أنّها تسعى لمنع مضاعفات أعنف للصحّة العقليّة للأطفال؟

إن نتائج برامج التأقلم القليلة التي قيّمها العلماء تدلي بنتائج مختلطة، ففي عام 2016 نُشر مقال في «Current Psychiatry Reports» يظهر معلومات عن تطبيق 24 من برامج الصحة النفسيّة والعقليّة في تسع بلدان، من ضمنها البوسنة والهرسك، أوغندا ونيبال.على الرغم أن وجد الباحثون أثراً إيجابياً على الصحة النفسيّة إلا أن أقل من نصف هذه البرامج حقّقت الهدف المبتغى منها.

فكان من المثير أن بعض البرامج نجحت في دولة بينما لم تنجح في أخرى؛ كما يحدّث «Wiestse Tol»  وهو أحد الناشرين لهذا المقال وباحث في الصحة العقليّة في جامعة جون هوبكنز:

“فعلى سبيل المثال، إنّ تعليم الضبط العاطفي لأطفال مجنّدين سابقاً في سييرا ليون حسّن من علاقاتهم الاجتماعيّة، بينما تطبيق برنامج مماثل على أطفال فلسطينيّين زاد من أعراض اضطرابات ما بعد الصدمة.”

وفي دراسة أقيمت في نيبال، ظهر أنّ الانخراط في حركة سياسيّة تحمي الحالة النفسيّة العقليّة بين أطفال مجنّدين سابقاً. وعلى النقيض من ذلك، ظهر أن الانخراط السياسي لأطفال البوسنة يعطي نتائج مناقضة.

فما هو السبب إذن وراء هذه النتائج المتنافرة؟

يجيب Tol، إن العوامل التي تدعم الصحة النفسية العقليّة في أحد المواقف قد تكون غير مفيدة بل قد تكون خطرة في موقفٍ آخر. ورغم هذه النتائج، إلّا أنّ منحى التعلّم مطمئِن، فالباحثون يظهرون لنا أنّ غرز التكيف بين اليافعين المتأثرين بالنزاعات هو ممكنٌ.

تقدّم لنا عالمة الانثروبولجي الطبيّة من جامعة ييل، كاثرين بانتر بريك، ثلاثة أبعاد للتأقلم هم: الشجاعة الذاتية، العلاقات مع الأسرة والأقران، و الدعم المجتمعيّ.

وإن مبادرة “نبادر” تركّز على تطبيق البعد الأوّل، فبين 2014 و 2016،  اشترك أكثر من 4000 يافع يعاني من مضاعفات في الصحة العقليّة و تواصل ضعيف مع المجتمع في برامج مُدارة من قبل أفرع منظّمة Mercy Corps في الشرق الأوسط.

البرنامج المكثّف الذي طبّقتاه بانتر بريك ودجاني في الأردن استمرّ لشهرين، اجتمع خلالهما اليافعين مرتين أسبوعياً في مركز للشباب وساهموا بأنشطة جماعيّة من اختيارهم، منها ممارسة كرة القدم، الحياكة، وتصليح معدّات الحواسيب، تشجّع هذه الأنشطة الروابط الاجتماعيّة وتبني الثقة وتعزّز روح المنافسة.

كما تعلّم الأطفال على مدار الشهرين كيف للجهد المزمن أن يؤثّر على الدماغ، كضعف التحكّم في المشاعر. كما مارس المدربون مهارات تنمية العلاقات مع اليافعين، كالتعبير عن الوجدان والتعاطف.

نتائج معدّلات الكورتيزول المرتقبة

إذن ماحدث لمعدلات الكورتيزول قبل الاشتراك في علاجات التأقلم وبعدها؟

انخفضت معدلات الكورتيزول لمجموعة العلاجات لنحو الثلث، وفي مجموعة فرعية التي لديها إحصائياً مستويات أخف من الكورتيزول – وهي ظاهرة مرتبطة بارتفاع خطر الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة- فإن إفراز الكورتيزول زاد بحوالي 60% وهو مؤشر إيجابي وصحّي. مما يظهر أن المشاركة في البرنامج كان أفضل من عدمه.

لقد احتفت Mercy Corps بهذه النتائج واعتبرتها نجاحاً، إلا أنّ دجاني وبانتر بريك كان لهما رأياً آخر، إذ لاحظوا فروقات على أرض الواقع:

رغم أن اليافعين أصبح لديهم مخاوف وضغوط أقل، لكن الدراسة لم تحقق تعريف التأقلم بشكله الدقيق، كما لم يظهر أن البرنامج قد مكّن من الدعم المجتمعي لدى اليافعين. أحد شكوك دجاني وبانتر بريك حول الموضوع أنّه من أسباب حدوث ذلك هو استمرار العلاجات لثمانية أسابيع فقط وتخصيصها لتحقيق بُعدٍ واحدٍ من أبعاد التأقلم وهو الشجاعة الذاتية، فكما تقول الدكتور دجاني: “تستطيع الذهاب كلّ يوم إلى مركز يقدّم برامج ممتازة لضمان التأقلم، لكن إن عدت وأمضيت بقية يومك مع ظروف حياة رهيبة لك ولعائلتك، فبمَ ينفع ذلك؟”

تقوم منظمات غير ربحية أخرى بتطبيق العلوم على علاجات التأقلم، ففي لبنان، قام فرع من المنظمة غير الربحية «War Child Holland» -الذي يساعد الأطفال الموجودين ضمن نطاقات النزاع- بتطوير ثلاثة مساعي تهدف للتأقلم وهي: برنامج للمهارات الحياتيّة، وبرنامج لتخفيف الضغط على الأهالي، وعلاجات للصحة النفسية من منظمة الصحة العالمية للاجئين السوريين.

الهدف الأسمى لهذه المنظمة هو إيجاد الطريقة الفضلى لدعم التأقلم في الأفراد، العائلة، والمجتمع دفعةً واحدة، وفق كلام مدير War Child Holland في امستردام، مارك جوردانز.

ثمّة عِبرٌ كثيرةٌ تتجلّى جرّاء العمل في مناطق النزاع، تختصرها الدكتور بريك-بانتر بقولها:” ليس الغرض من علاجات التأقلم هو إنقاذ الضحايا من العشواء التي يعيشون بها، بل إنّه عن إيجاد وتحديد مراكز القوة في اليافعين، التي بإطلاقها تقودهم إلى النجاة، وحتى إلى الازدهار، نحن نتكلّم عن إعادة تشكيل العدسات التي ترى بها العالم، لتخلق للناس شعوراً باحترامك لكراماتهم”.

المصدر

Science

Exit mobile version