تمرد كريول

عندما نذكر العبيد يأتي في مخيلتنا رهطٌ من الأفارقة مكبلين بالأصفاد، يركبون سفن الاتجار بهم بإذلالٍ وانكسار. فقد صورتهم لنا بعض الكتابات كأنهم خلقوا عبيدًا، ولم تكن لهم رغبة في التحرر. بل ينسب فضل التحرر عادة لمن أجبروهم منذ بادئ الأمر على تلك الحياة. ورغم ذلك، فتاريخ العبيد خاصةً عبيد الولايات المتحدة مليء بحالات التمرد والثورات. ورغم تلقيهم للتعنيف الجسدي والنفسي جراء ذلك التمرد، إلا أن حملاتهم المتتالية في الحصول على حريتهم لم تتوقف يومًا. ونجد في تمرد سفينة كريول خير مثالٍ على ذلك.

يتم تصنيف تمرد سفينة كريول على أنه واحد من أشهر حالات التمرد الناجحة، والتي ثابر فيها 135 عبد لاقتناص حريتهم. انطلقت سفينة الكريول في رحلة من رحلاتها المعتادة لتجارة العبيد عام 1841، بدأت مسيرتها من ميناء ريتشموند محملة بـ 103 عبد. وعند مرورها بمدينة هامبتون رودز حمّلت 32 عبد آخرين. إضافة لذلك كان هناك بعض تجار العبيد مع عبيدهم الثمانية، وتبغ مرسل لأجل التجارة وتبادل السلع. إضافة إلى زوجة القبطان وابنته. كان خط سير السفينة يبدأ بريتشموند ليصل إلى نيو أورليانز لإيصال حمولة العبيد كالمعتاد. ولكن شيئًا ما غير مسار تلك الرحلة ومصير من عليها، لم يكن مخطط له. [1]

كيف بدأ التمرد على سفينة كريول؟

في السابع من نوفمبر عام 1841 وبعد حوالي أسبوع من انطلاق الرحلة التجارية تمرد 19 عبدًا على متن سفينة كريول الأمريكية. لم يكن العبيد على سفينة كريول مكبلين كباقي السفن، بل تم الاكتفاء بوضعهم في زنازين داخل المركب واحدة للرجال وأخرى للنساء. حيث دارت مشاورات بين 19 عبدًا حول إمكانية تحررهم، إما الآن أو يبقوا عبيدًا للأبد. ترأس تلك المجموعة عبد يدعى ماديسون واشنطن، حيث كان يرأس مطبخ العبيد. وكان لذلك أفضلية له في استكشاف السفينة بحرية، والوصول كذلك للأسلحة. [2]

 بدأت الاشتباكات بين العبيد التسعة عشر وطاقم السفينة بعد أن اكتشف زيفانيا جيفورد الرقيب الأول على متن السفينة واشنطن في قسم النساء. فطالبه بالكشف عن هويته لتعجبه من وجود رجلٍ في سجن النساء الممنوع عليهم. ليجره إلى السطح ويبدأ الاشتباك بينهما فيصاب الرقيب بجروح بليغة ويفر هربًا لتحذير طاقم السفينة. وهنا نادى واشنطن العبيد في الأسفل قائلًا: “هيّا يا رجال، لقد بدأنا الطريق ويجب علينا المضي قدمًا”. [2]

ليصعد 3 عبيد آخرين بقيادة بِين بلاكسميث إلى جون هيويل أحد أشهر تجّار العبيد ويجهزوا عليه. وأصابوا بعدها القبطان وعدد من طاقمه. وجراء ذلك الاشتباك أصيب أحد العبيد بجروح بليغة ليموت بعد ذلك. [1]

ماديسون واشنطن

كان أبرز هؤلاء العبيد هو ماديسون واشنطن، وهو عبد ولد في العبودية وتذوق الحرية للمرة الأولى قبل عامين من حادثة تمرد كريول عندما هرب إلى كندا. التقى واشنطن في طريق هربه بالمناضل الأمريكي روبرت بورفيس، فاستضافه خلال رحلة هربه ليتشاركا الحلم ذاته بالتحرير. افتتن واشنطن بآرائه حول إلغاء العبودية وقانون الإعدام، وألهمته قصص التمرد الناجحة التي حكاها بورفيس كتمرد أميستاد. [2]

كان لقاء واشنطن و بورفيس نقطة تحول أخرى في حياة العبد المحرر، والذي لم يلبث في ذلك الوضع كثيرًا. حيث عاد بحثًا عن زوجته، محاولًا تحريرها كما تحرر هو، ليقع في شباك الحكومة الأمريكية ليصبح بعد ذلك شعلة تمرد كريول. [2]

سيطرة العبيد على السفينة

بعد أن تصاعد التوتر على متن كريول أجبر العبيد مشرف الطاقم ويليام ميرت بالسلاح على الإبحار بهم بعيدًا عن سواحل أمريكا. واحتجزوا القبطان وأفراد عائلته في مقدمة السفينة مع اثنين من العبيد كحراسة لهم. اقترحوا حينها أن يبحر بهم ميرت إلى ليبيريا الواقعة في غرب أفريقيا. ولكن بسبب نقص المؤونة أخبرهم المشرف باستحالة تلك الخطة.[1]

وبعد أن احتدمت النقاشات اقترح بلاكسميث أن يبحروا إلى وجهة ليس للسلطة الأمريكية إمرة عليها. فكانت وجهتهم إلى سواحل الجزر الغربية الهندية الكامنة تحت وصاية الانتداب البريطاني. ولم يكن ذلك الاقتراح فقط لكون جزر الباهاما مستعمرة بريطانية، بل لعلمهم بأن عبيد هيرموسا قد حصلوا على حريتهم في العام السابق بموجب قرار بريطاني. فتنامى الأمل على سفينة كريول، وأبحر العبيد بحثًا عن حريتهم.[1]

ما مصير العبيد على متن السفينة؟

رست السفينة في جزيرة ناسو عاصمة الباهاما، ليطأ ربان ناسو وطاقمه من السكان السود المحليين سفينة كريول ويعلن نهاية ذلك التمرد. و قبل أن يزف إليهم خبر حريتهم بموجب القانون البريطاني لعام 1833، والذي ينص على منع تجارة العبيد على الأراضي البريطانية.استطاع المشرف ابلاغ القنصل الأمريكي بما حدث من تمرد عبيد الكريول عن طريق حرس السواحل، وما أسفرت عنه من إصابة قبطانها وقتل أحد التجار.[1]

ليرسل الحاكم البريطاني فرانسيس كوكبيرن 25 جندي إلى السفينة ليمنعوا التسعة عشر عبدًا المحركين لذلك التمرد، والمتسببين كذلك في تلك الحادثة من النزول حتى يتم التحقيق معهم. ولكن ليس بواسطة السلطة المحلية، بل بإرسال تقرير للحكومة الرئيسية في لندن لتنظر ماذا تفعل بالجناة. ورفض كذلك كوكبيرن طلب القنصل الأمريكي بالتحفظ على السفينة حتى تأتي قوة عسكرية أمريكية وتتعامل معهم كونها سفينة أمريكية مختطفه. بل وتحرر بعد ذلك من تبقى من العبيد غير المشاركين في الحادث، وسمح لهم بالخروج وممارسة حياتهم الطبيعية مرة أخرى.[2]

قرر بعض المحررين أن يكملوا حياتهم في جزر الباهاما، وقرر البعض الآخر السفر إلى جزيرة جمايكا. ولكن ليس كل اختيار يعني حرية. فهنالك خمسة من العبيد أختاروا أن يعودوا مرة أخرى إلى العبودية، وكانت حريتهم في عبوديتهم. وفي إبريل من العام التالي تم الإفراج عن 17 عبد من المحتجزين الباقين على قيد الحياة من بينهم شعلة التمرد واشنطن، ليحصل مرة أخرى على حريته ولكن تلك المرة للأبد. وتحول بذلك واشنطن كأيقونة للحرية في تاريخ العبيد، وأصبح تمرد كريول أحد أبرز وأنجح حركات العبيد التحررية والتي أثمرت عن حرية 128 عبد اقتنصوا حريتهم بأيديهم.[1]

الخلافات الأمريكية البريطانية حول سفينة كريول

احتدمت الخلافات الأمريكية البريطانية بسبب القانون البريطاني لتحرير العبيد، ليس لاعتراض أمريكا على قناعة البريطانيين بتحرير العبيد. بل لتطبيق قانون تحرير العبيد على السفن الأمريكية التي تحمل ما اعتبرته أمريكا ملكية لها من عبيد، واعتبروا ذلك تعدٍ واضح على ممتلكاتهم الخاصة. وتفاقمت النزاعات القضائية في المحاكم الدولية حول قانون تحرير العبيد، ومدى صلاحيته في القانون الدولي عبر الحدود والقارات.[2]

فبعد وصول أخبار سفينة كريول إلى وزير الخارجية الأمريكي دانييل ويبستر، استشاط غضبًا واعتبر ما حدث من الحكومة البريطانية انتهاك لقانون أمريكا بالتعدي على ممتلكاتها. ولكن لم يسفر ذلك إلا عن استهجان بريطانيا لذلك ودحضها لذلك القانون الأميريكي بقانونها المعني بإلغاء العبودية. وأنها لا تملك الحق باحتجاز أي إنسان دون تهمة جنائية. [2]

لم يكن تمرد كريول حدثًا عابرًا، بل تسبب في احتدام الخلافات بين الحكومتين. حيث سافر وفد بريطاني بقيادة اللورد أشبورتون إلى أمريكا لحل الأزمة الحدودية بين الأراضي والمستعمرات البريطانية الكندية، وأراضي أمريكا الشمالية. ولكن لم تسفر المفاوضات عن شيء فاضطر أشبرتون بالتعهد بعدم المساس بالسفن التجارية الأمريكية. [2]

وقامت اللجنة المسؤولة عن تسوية القضية بمنح أصحاب العبيد المحررين تعويضًا بقيمة 110,330 دولار. وتم ترسيم الحدود لتحصل أميريكا على نصف الأراضي المزعومة من كندا بموجب شروط معاهدة ويبستر- أشبرتون. وأخيرًا تعهدت الحكومات المشاركة في المعاهدة بمنع تجارة العبيد عبر المحيط الأطلسي، لتنتهي بذلك التجارة العالمية للعبيد وتستمر التجارة المحلية في أميركا حتى منتصف القرن التاسع عشر. [2]

المصادر:

1- BlackPast.org

2- History.com

إسهامات هارييت مارتينو في علم الاجتماع: سيرة ذاتية

هارييت مارتينو، كانت أول امرأة عالمة اجتماع ويشار إليها أيضا باسم “أم علم الاجتماع” من قِبل العديد من علماء الاجتماع المعاصرين الذين يعيدون أعمالها إلى الصدارة. وبالتالي، على الرغم من أنها كانت كاتبة سياسية واجتماعية واقتصادية قوية وصحفية بارزة في العصر الفيكتوري. ترجمت أوغست كونت، وهو أيضا الأب المؤسس لعلم الاجتماع, “Cours de philosophie positive” إلى اللغة الإنجليزية. ويعتقد أيضا أن كونت بدأ في قراءة ترجمات مارتينو بدلا من عمله الأصلي وذهب إلى حد ترجمة عمل مارتينو إلى الفرنسية مرة أخرى. سنتناول في هذه المقالة إسهامات هارييت مارتينو في علم الاجتماع.

حياة مارتينو الأولى

لعل المصدر الأبرز الذي يجب معرفته عن حياة مارتينو هو “سيرتها الذاتية” التي كتبت في عام 1855، هارييت مارتينو- Harriet Martineau، كاتبة إنجليزية، إحدى المتمسكات بالفلسفة الوضعية، كما كانت واحدة من أكثر الكتاب إثارة للإعجاب في عصرها.

ولدت هارييت مارتينو في نورويتش لعائلة من الطبقة المتوسطة في 12 يونيو 1802. تعتبر حياتها قصة ملهمة للتغلب على الشدائد. كانت مارتينو متعلمة ذاتيا في المنزل، لديها طفولة مشوهة محملة بمشاعر الشك الذاتي والخوف. فكانت تتحدى الصمم، وتبعياته من فقدان حواسها من إدراك رائحة وطعم، واضطراب عصبي واسع النطاق، وأخيرًا، أمراض القلب. توفي والدها عندما كانت في بداية عمرها. ترك الأسرة المعوزة بدون عائل، عملت مارتينو مقابل أجر ضئيل عن طريق الكتابة والحياكة بالإبرة.

نشأت مارتينو على أنها موحدية متدينة، كانت أعمالها الأولية دينية بحماس. ومع ذلك، سرعان ما تحولت إلى ملحدة ومعظم أعمالها الأدبية تدل على ذلك. خلال هذه الفترة، أمضت وقتها في لندن بصحبة شخصيات شعبية مثل تشارلز ديكنز وتشارلز داروين.

أولى خطوات مارتينو الأدبية على الإطلاق

 كان ذلك مع نشر سلسلة من القصص القصيرة في 1832-1834 التي تفسر الاقتصاد السياسي للشخص العادي، فبحلول الوقت الذي كانت فيه في الخامسة عشرة من عمرها، كانت مارتينو، بكلماتها الخاصة أصبحت اقتصادية سياسية دون أن تعرف ذلك فكانت  قد قرأت بالفعل للإقتصادي البريطاني الشهير توماس مالتوس – Thomas Robert Malthus وبدأت تفكر بجدية في الأوضاع الاجتماعية والسياسية. اكتسبت جمهور واسع من القراءة. بدأت عملها في المجلات والنشرات، وكذلك كتبها، في تحقيق عائد كافي للغاية، على الرغم من عدم كونها غنية آنذاك، إلا أنها سرعان ما أصبحت واحدة من الأسود الأدبية في لندن. كانت إنجلترا في ثلاثينيات القرن التاسع عشر عبارة عن عالمًا تودد فيه السياسيون إلى الكتاب المشهورين للحصول على الدعم السياسي. وأصبحت هارييت مارتينو واحدة من أكثر الكتاب التى يتودد إليها السياسيين. فقد تبعها الإعجاب والجدل في كل مكان.

في محاولة لتحسين صحتها، قضت مارتينو الفترة من 1834‘لى 1836 في الولايات المتحدة. وفي السادسة عشرة من عمرها، أجبرت على مواجهة الصمم المتزايد والتعامل معه، والذي وصفته بأنه “أصبح ملحوظ جدا وغير مريح للغاية ومؤلم للغاية.” لقد علمت نفسها كيفية إدارة عائقها حتى تتمكن من أخذ ما تحتاجه بطرق غير مزعجة خلال هذا الوقت تبنت قضية إلغاء العبودية، وهي الأولى من بين العديد من الأسباب السياسية الراديكالية نسبيًا التي دافعت عنها.

استثمرت مارتينو وقتها بشكل كبير في الصحافة، ومع ذلك كانت تنتج مجلدًا جديدًا كل عام تقريبا، متحدثة عن مجموعة متنوعة من أشكال “الراديكالية الفلسفية“.”على الرغم من أنها بدأت كشخص متدين بعمق، إلا أنها أصبحت في النهاية متحدثة باسم وجهات النظر المعادية لللاهوتية للفيلسوف أوغست كونت، حيث قامت بتعميمه في عمل مكون من مجلدين. ويعتقد أيضا أن كونت بدأ في قراءة ترجمات مارتينو بدلا من عمله الأصلي وصل الأمر إلى حد ترجمة عمل مارتينو إلى الفرنسية مرة أخرى.

إسهامات مارتينو في علم الاجتماع

كانت مساهمة مارتينو الرئيسية في مجال علم الاجتماع تأكيدها على أنه عند دراسة المجتمع، يجب على المرء التركيز على جميع جوانبه. وشددت على أهمية دراسة المؤسسات السياسية والدينية والاجتماعية. ومن خلال دراسة المجتمع بهذه الطريقة، شعرت أنه يمكن للمرء أن يستنتج سبب وجود عدم المساواة. ولا سيما تلك التي تواجهها الفتيات والنساء. في كتاباتها، جلبت منظورًا نسويًا مبكرًا للتأثير على قضايا مثل العلاقات العرقية والحياة الدينية والزواج والأطفال والمنزل رغم أنها هي نفسها لم تتزوج أو تنجب أطفالاً.

تتمحور اساهماتها في مجال علم الاجتماع حول ثلاثة أعمال رئيسية، أطروحة منهجية، وأمريكا ما قبل الحرب الأهلية، وترجمتها لأعمال كونت. إذ أنتجت ملاحظاتها ومحادثاتها تحليلا ثاقبا للغاية لمعضلات مجتمع الرقيق الأمريكي.

أجرت مارتينو دراسات رائدة وموضوعية ونظرية ومنهجية في ما يسمى الآن علم الاجتماع. تراوحت مواضيع كتاباتها بين السير الذاتية والتعليم والإعاقة والصحة والتاريخ والتشريع وتربية الأطفال والتصنيع والفتن والصحة المهنية إلى الدين والاقتصاد السياسي والفلسفة وتقنيات البحث والسفر وعلم الاجتماع والعبودية وحقوق المرأة. كانت نسوية بشكل كبير, تفانت وكافحت من أجل إلغاء عقوبة الإعدام, كما كانت ناقدة. عملها “المجتمع في أمريكا” عام 1837 هو الأكثر تقديرًا بين علماء الاجتماع في الولايات المتحدة. حيث وثقت على مدى التاريخ موضوعات الديمقراطية والمساواة والحرية التي ادعى الأمريكيون أنها تعتز بها والأطر المؤسسية الموجودة. في عملها، سلطت الضوء على دورها كنسوية مع تركيزها على حياة النساء العبيد في أمريكا. يستخدم علماء الاجتماع المعاصرون عملها لكشف تعقيدات القرن التاسع عشر في إنجلترا الفيكتورية.

منهجية مارتينو في علم الاجتماع

قدمت مارتينو أول أطروحة منهجية في علم الاجتماع في كيفية مراقبة الأساليب والآداب عام 1838. وتعتبر أول محاولة نحو الملاحظة الموضوعية كمنهجية في علم الاجتماع. وفي مواجهة مشكلة دراسة المجتمع ككل، هاجمت بشكل خلاق مشاكل التحيز والتعميم والعينات والتفاعل والمقابلات والتأكيد وتقنيات تسجيل البيانات. ركزت دراستها على المؤسسات الاجتماعية الكبرى مثل الدين والأسرة والفنون والثقافة الشعبية والاقتصاد والحكومة والسجون. قبل الكثير من المفكرين الاجتماعيين مثل كارل ماركس وماكس ويبر وإميل دوركهايم. كانت هي التي درست أشكال الدين والطبقة الاجتماعية والعلاقات المنزلية وأشكال الانتحار ووضع المرأة وعلم الجريمة والانحراف والتفسير بين الأفراد والمؤسسات الاجتماعية القمعية. كانت خيالاتها الاجتماعية غير محدودة فقد وصلت من النظرية إلى الملاحظة، من الكلي إلى الجزئي. كما أنها معترف بها لمساهماتها في التفاعلات الرمزية وكانت واحدة من أوائل علماء الاجتماع الذين طوروا طريقة ومنهجية لدراسة الحياة الاجتماعية.

كان منظورها النظري الاجتماعي يركز في كثير من الأحيان على الموقف الأخلاقي للسكان. وكيف يتوافق أو لا يتوافق مع العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لمجتمعها. قامت مارتينو بقياس التقدم في المجتمع بثلاثة معايير: وضع أولئك الذين يمتلكون أقل سلطة في المجتمع، وجهات النظر الشعبية للسلطة والاستقلال الذاتي، والوصول إلى الموارد التي تسمح بتحقيق الاستقلال الذاتي والعمل الأخلاقي.

هجمات مارتينو على العبودية

كانت نجاحاتها الأولى هي رسومها التوضيحية للاقتصاد السياسي. تألفت هذه القصص من أربعة وعشرين قصة توضح لجمهور شعبي أفكار توماس مالتوس وجيمس ميل وديفيد ريكاردو وآدم سميث. ظهرت على أقساط شهرية وباعت نسخا أكثر في ذلك الوقت من روايات تشارلز ديكنز. لقد حصلت على ما يكفي لتكون قادرة على الانتقال إلى لندن. وتشمل الرسوم التوضيحية هجماتها الأولى على العبودية، جنبًا إلى جنب مع مقالات مناهضة للعبودية نشرت شهريًا.

لقد بنت مارتينو حججها على أساسين، فجور العبودية، وعدم كفاءتها الاقتصادية. تكشف القصة الرابعة في الرسوم التوضيحية عن المعاناة الإنسانية الشديدة التي تنتج عن أنظمة الرقيق غير العقلانية التي تهدر رأس المال والعمل. في عام 1839، أصبحت مارتينو مريضة بشكل مزمن، وبحلول عام 1855، أصبحت حبيسة المنزل. انتهت العبودية البريطانية والتلمذة الصناعية، لكن مارتينو لم تسمح للإبطال بإعاقة كفاحها لإنهاء العبودية في الولايات المتحدة. في عام 1857، كتبت أنه على الرغم من العديد من المشاكل الجسدية، أكسب الكثير من المال من أجل إلغاء عقوبة الإعدام الأمريكية جلبت لها آخر قطعة من التطريز 100 دولار أنفقتها على تلك القضية في أمريكا.\

أبرز كتابات مارتينو

فازت بالعديد من الجوائز لكتاباتها وعلى الرغم من أنها مثيرة للجدل, كانت مثالاً نادرًا للكاتبة العاملة الناجحة والشعبية في العصر الفيكتوري. نشرت أكثر من 50 كتابا وأكثر من 2000 مقالة في حياتها. ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية ومراجعة النص الاجتماعي التأسيسي لأوغست كونت Cours de Philosophie Positive ، استقبلها القراء وكونت نفسه بشكل جيد لدرجة أنه ترجم نسخة مارتينو الإنجليزية إلى الفرنسية.

تشمل كتابات مارتينو المهمة، بالإضافة إلى تلك الموصوفة بالفعل، استعراضها السابق للسفر الغربي. وكتاب آخر عن الولايات المتحدة عام 1838، ورواية ديربروك عام 1839، وسردت تاريخ وممارسة اليهودية والمسيحية والإسلام، والحياة الشرقية الحاضر والماضي عام 1848. كتابتها تلك التي كانت محددة، سهل الوصول إليها، ذكية، واعية اجتماعيًا، تفسر السياسة والمجتمع من وقتها لعدد كبير وفئة واسعة من القراء. في عام 1831 تنازلت عن الليبرالية لصالح التفكير الحر. في عام 1853 نشرت ترجمة مختصرة لأوغست كونت في Cours de Philosophie Positive . احتضنت بحماس العلم الإيجابي كأساس لأخلاق جديدة. تجسد حياتها النسوية التي تغرس في كل أعمالها بغض النظر عن موضوعها. كانت هارييت مارتينو غير عادية كامرأة فيكتورية وكاتبة مؤثرة في إلغاء عقوبة الإعدام.

في عام 1846، استعادت إلى حد ما صحتها، فشرعت مارتينو في جولة في مصر وفلسطين وسوريا. ركزت نظرتها التحليلية على الأفكار والعادات الدينية ولاحظت أن العقيدة الدينية كانت غامضة بشكل متزايد مع تطورها. وقد قادها ذلك إلى الاستنتاج في عملها المكتوب على أساس هذه الرحلة -الحياة الشرقية والحاضر والماضي- أن البشرية كانت تتطور نحو الإلحاد، الذي صاغته على أنه تقدم عقلاني وإيجابي. الطبيعة الإلحادية لكتاباتها اللاحقة، بالإضافة إلى دعوتها للفتن، التي اعتقدت أنها شفيت من ورمها والأمراض الأخرى التي عانت منها تسببت في انقسامات عميقة بينها وبين بعض أصدقائها.

بعد تشخيص مرض قلبها على أنه قاتل، بدأت مارتينو سيرتها الذاتية في عام 1855 (نُشرت بعد وفاتها في عام 1877). لكنها عاشت 21 عاما أخرى، وأنتجت ثمانية مجلدات أخرى على الأقل، وأصبحت إمرأة رائدة في إنجلترا، حتى  توفيت في ويستمورلاند في 27 يونيو 1876. تاريخيا، تًذكر مارتينو ككاتبة صعبة التفكير قاتلت احتمالات كبيرة لتحقيق مهنة أدبية متميزة.

موجز

تم تجاهل أعمال مارتينو إلى حد كبير من قِبل علماء الاجتماع الأبوي، لم تُنسى فقط في علم الاجتماع ولكن أيضا في المجالات الآخرى التي عملت فيها، مثل الصحافة والتاريخ والأدب. أشار أنتوني جيدنز إلى مارتينو كشخص دعا علماء الاجتماع إلى القيام بأكثر من مجرد الملاحظة، ولكن أيضا للعمل لصالح المجتمع. إن النقص الكامل في الاهتمامات الأكاديمية في أعمال مارتينو يتحدث عن مكانة الباحثات في علم الاجتماع. كعلماء اجتماعيين شباب، تقع على عاتقنا مسؤولية إعادة علماء مثل مارتينو إلى الصدارة.

غالبا ما يتم التغاضي عن مساهمات مارتينو الكاسحة في الفكر الاجتماعي ضمن شريعة النظرية الاجتماعية الكلاسيكية. على الرغم من أن أعمالها كانت لامعة على نطاق واسع في عصرها، وسبقت أعمالها أعمال رواد مثل إميل دوركهايم وماكس ويبر.

المصادر

[1]Thoughtco

[2]socialsci

[3]soziologieblog

حقائق حول الإتجار بالبشر

الإتجار بالبشر هو شكل من أشكال العبودية الحديثة، التي تنطوي على تجنيد الأشخاص أو احتجازهم أو نقلهم أو إيواؤهم بالقوة. أو الاحتيال عليهم وخداعهم بهدف استغلالهم لتحقيق الربح. فما هو تاريخ الإتجار بالبشر؟ وما هي الحقائق حول الإتجار بالبشر ؟ كذلك ما المفاهيم الخاطئة حول هذه القضية؟ وما هي صور وأشكال الإتجار بالبشر؟

الإتجار بالبشر وأرقام صادمة

  • تشير التقديرات إلى وقوع ما بين 20 مليون و 40 مليون شخص تحت وطأة العبودية الحديثة على مستوى العالم.
  • %51 من ضحايا الاتجار الذين رُصِدوا هم من النساء و 28% من الأطفال و 21%من الرجال.
  • %72 من الأشخاص الذين يُستغلوا في صناعة الجنس هم من النساء.
  • %63 من المتاجرين هم من رجال و 37% منهم نساء.
  • %43 من الضحايا يتعرضون للاتجار محليًا داخل الحدود الوطنية.
  • تُشير التقديرات إلى أنه -على الصعيد الدولي- هناك حوالي 0.04% فقط من الناجين من حالات الاتجار بالبشر، مما يعني أن الغالبية العظمى لا تُكتشف.
  • يدر الاتجار بالبشر أرباحًا عالمية تقارب 150 مليار دولار سنويًا للمتاجرين بالبشر، يأتي 99 مليار منها من الاستغلال الجنسي التجاري.
  • تشير التقديرات إلى أن هناك حوالي 50000 شخص يُهرّب إلى الولايات المتحدة كل عام، في أغلب الأحيان من المكسيك والفلبين.
  • في عام 2018، كان أكثر من نصف (51.6 %) قضايا الاتجار بالبشر الإجرامية النشطة في الولايات المتحدة هي قضايا الإتجار بالجنس التي تشمل الأطفال فقط!

تلك هي بعض الحقائق حول الإتجار بالبشر، إنه مشكلة عالمية وظاهرة متنامية تؤثر على الناس من جميع الأعمار، فيمكن أن يقع الرجال والنساء والأطفال من جميع الأعمار ومن جميع الخلفيات ضحايا لهذه الجريمة. ويُعتبر تجارة الجنس الشكل الأكثر شُهرة للاتجار بالبشر، كما امتد تعريف الإتجار بالبشر ليشمل العمالة غير الشرعية أيضًا.

نبذة قصيرة عن تاريخ الإتجار بالبشر

تجارة الرقيق الأفريقي

لقد بدأ الشكل الأول من أشكال الإتجار بالبشر عالميًا مع تجارة الرقيق الأفريقية. نظرًا لأن القارات الأمريكية والأوروبية كانت بمثابة “المُشترين”، وكانت الجماعات الأفريقية المختلفة تُمثل عناصر التجارة والوسطاء أيضًا. فيمكننا القول بأن هذه هي بداية التدفق الدولي للإتجار بالبشر.

العبودية البيضاء

صدر القانون الأول ضد العبودية من قِبل البريطانيين عام 180،ثم حذت الولايات المتحدة حذوها عام 1820، حتى حُظِرَت العبودية لأكثر من 40 عامًا قبل الحرب الأهلية الأمريكية. الوقت الذي لم تكن هناك منظمات دولية يمكنها اتخاذ مثل هذه القرارات التي تُلزم العديد من الدول في وقت واحد. بعد توقف تجارة الرقيق الأفريقية، ظهر ما يُسمى بـ “العبودية البيضاء“، والتي يُقصد بها شِراء امرأة أو فتاة بيضاء ضد إرادتها- باستخدام القوة أو الخداع أو تحت تأثير التخدير- لممارسة الدعارة. حظت عبودية البيض اهتمامًا كبيرًا، إذ بدأت الحكومات في التعاون لمحاربتها. ففي عام 1899 ثم في عام 1902، نُظِمت عِدة مؤتمرات دولية ضد العبودية البيضاء في باريس. وفي عام 1904 تم التوقيع على الاتفاقية الدولية لقمع تجارة الرقيق البيض. وهي أول اتفاقية دولية بشأن الاتجار بالبشر. وكان الغرض الرئيسي هو ضمان إعادة الضحايا إلى أوطانهم. وعلى الرغم من ذلك، فلم تُجرَّم العبودية البيضاء حتى توقيع الاتفاقية الدولية لقمع تجارة الرقيق البيض عام 1910.

الحرب العالمية الأولى والإتجار بالنساء والأطفال

لفتت أزمة الحرب العالمية الأولى الانتباه إلى الجهود المبذولة ضد العبودية البيضاء. فقد اندلعت الحرب، وأُقيمت أوروبا من جديد. فمن رحم الحرب العالمية الأولى ولدت أول منظمة دولية للأمم “عُصبة الأمم”. فكانت هذه هي المرة الأولى التي يُمكن فيها إبرام الاتفاقات داخل منظمة مُحددة، لا سيما مع المزيد من الضغط للامتثال. جذبت التفويضات الممنوحة لمختلف دول الحلفاء على دول أفريقيا والشرق الأوسط الانتباه إلى الإتجار الدولي بالنساء جميعًا، ليس النساء البيض فقط. كذلك الأطفال ذكورًا وإناثًا. ففي عام 1921، وقَّعت 33 دولة في مؤتمر دولي لعصبة الأمم الاتفاقية الدولية لقمع الإتجار بالنساء والأطفال. حتى ذلك الوقت، كان الإتجار بالبشر يُغطي فقط الإتجار لأغراض الاستغلال الجنسي والبغاء.

بروتوكول الأمم المتحدة لقمع الإتجار بالبشر- 2000

بعد الحرب العالمية الثانية، تحديدًا عام 1949، تبنت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة اتفاقية الأمم المتحدة لقمع الإتجار بالأشخاص واستغلالهم في البغاء، وهو نفس العام الذي صدرت فيه وثيقة حقوق الإنسان. وكانت تلك أول اتفاقية دولية ملزمة قانونًا بشأن الإتجار بالبشر. في السنوات ال 51 التالية، نمت أشكال أخرى من الاستغلال، مثل تجارة الأعضاء والاتجار في العمالة.في عام 2000 اعتمدت الأمم المتحدة بروتوكول الأمم المتحدة لمنع وقمع ومعاقبة الإتجار بالبشر خاصة النساء والأطفال. ويعتبر هذا أول اتفاق يعترف بالرِق في العصر الحديث. فضلاً عن احتمال أن يكون الضحايا من الرجال أيضًا. فقد اتسع التعريف ليشمل تجارة الأعضاء والعبودية وهجرة العمالية القسرية.

العبودية والإتجار بالبشر في العصر الحديث

أصبح الإتجار بالبشر مشكلة من حيث الانتشار الجغرافي والكثافة. فقد جرمته الأمم المتحدة بموجب بروتوكولات الجريمة. ومع ذلك فإن تاريخ الإتجار بالبشر يوضح المدة التي استُغرِقت للتعرف وتحديد أشكاله المختلفة. وربما الأمر الأكثر صعوبة الآن هو القدرة على تفكيك عصابات الإتجار بالبشر. في السنوات الأخيرة، تزايدت هجرة العمالة القسرية، مما قلل من نسبة الاتجار لأغراض الاستغلال الجنسي. ففي عام 2007 كان 32% من الأشخاص الذين تمت بهم عملية الإتجار، من المهاجرين للعمل القسري، بعد أربع سنوات تزايدت النسبة حتى وصلت إلى 40%. فهذا الشكل من الجريمة المنظمة، بغض النظر عن مدى انتشاره، مُربح للغاية ومنخفض المخاطر إلى حد ما. عادةً لا يوجد وقت كافٍ أو مُحققين كافين للتحقيق في انتقال مجموعة من الأفراد بشكل غير قانوني، مما يجعل هناك أكثر من 3 مليار مواطن بلا حماية.

ما هي أشكال الإتجار بالبشر؟

من أهم الحقائق حول الإتجار بالبشر هو أنه سلوك يمتد ليشمل كل ما يأذي الآخر أو يستغل نقاط ضعفة من أجل مكاسب مالية. لكن الثلاثة الأكثر شيوعًا للإتجار بالبشر هي الإتجار بالجنس، والعمل القسري، والعبودية القسرية (عبودية الدَين أو العمل الجبري)، فوفقًا لوزارة الخارجية الأمريكية، عبودية الديون هي شكل آخر من أشكال الإتجار بالبشر، إذ يُجبر الفرد على العمل من أجل سداد دين عليه. أما عن الإتجار بالجنس، فهو يؤثر بشكل خاص وكبير جدًا على النساء والأطفال، إذ ينطوي على المشاركة القسرية في الأعمال الجنسية التجارية. فيُعتبر الطفل ضحية للإتجار إذا كان متورطًا في فعل جنسي وهو دون الثامنة عشر عامًا. تشكل النساء والفتيات نسبة أكثر من 80% من الأشخاص الذين يتم الإتجار بهم عالميًا وعبر الحدود. وسنويًا يستغل المتاجرون بالبشر قرابة المليون طفل في تجارة الجنس. تصورات الإتجار غالبًا من تنطوي على إجبار النساء على ممارسة الدعارة. للأسف هذا مجرد جانب واحد جوانب الإتجار بالبشر. فالإتجار يظل له رُهاب وخطر يتبع الناجين، فيُستَغل هؤلاء الناجين بأي وسيلة أخرى، من الممكن أن يُجبر الضحايا والناجين أحيانًا على أي من أنواع العمل التالية قسرًا:

العبودية المنزلية – العمل بالزراعة – العمل بالصناعة – خدمات الحراسة – خدمات الفنادق – أعمال البناء والحفر – العمل بصالونات التجميل – الدعارة – العمل بالحانات والملاهي والمراقص.

جميع الجنسيات والمجموعات العرقية عُرضة للإتجار بالبشر، وقد يكون أي بلد أو دولة مصدرًا للعمل القسري أو محطة للعبور من خلالها.

علامات تُوحي بوقوع الإتجار بالبشر

بما أن عملية الإتجار هي عملية غير مشروعة وغير قانونية كليةً، فجميع اجراءاتها تصبح غير مشروعة أيضًا وملتوية، وهناك بعد الدلائل التى تُنذر وتوحي بوقوع جريمة إتجار، تعتبر أهم تلك العلامات:

  • اتخاذ سلوكيات تدل على أنهم خاضعين للرقابة.
  • لديهم أو يمتلكون تزوير أوراق أو بطاقات هوية أو وثائق سفر مزورة.
  • لا تستطيع أن تتبع بياناتهم، ولا يوجد لديهم عنوان منزل أو عمل واضح.
  • غير قادرين على الحصول على حقوقهم خاصة أرباحهم المالية.
  • ليس لديهم القدرة على التفاوض بشأن ظروف عملهم.
  • العمل لساعات طويلة بشكل مُفرط في مقابل مادي ضعيف.
  • لا وجود للتفاعل الاجتماعي لديهم.
  • لديهم اتصال محدود مع عائلاتهم أو الأشخاص خارج بيئتهم المباشرة.
  • غارقون في الديون.

أمثلة بسيطة على الإتجار بالبشر

العمل الجبري: أسرة تتخلى عن طفلها لوكالة تبني، لأنها لا تستطيع تحمل تكاليف رعايته. ثم يُجبر على تعلم مهنة أو حرفة ما بدون أجر مقابل التعلم لساعات طويلة يوميًا. مع تلقي الطفل للحد الأدنى من التغذية والتعليم المنتظم.

الإتجار بالجنس: تقدمت امرأتان للحصول على وظيفتين -كانتا وهميتين- من خلال إعلان ما، وبمجرد الوصول لمكان العمل يجدان أنهمن مجبرات على ممارسة الدعارة والا ستلاحقهم المصائب أو التوريطات، ويتلقى أهلهم وذويهم المال المقابل لعملهم بشكل منتظم.

عبودية الديون: هناك امرأة تطاولت وتكاثرت عليها الديون، وأصبحت في حاحة ماسة إلى سدادها. تستطيع التواصل مع وكيل توظيف يعرض عليها وظيفة كعاملة نظافة في مكان تضطر للسفر من أجله. عند الوصول لا تستطيع الحصول على جواز سفرها وأوراقها ووثائقها الرسمية. تُحضر إلى منزل العمل وهي مقيدة الحركة والإرادة. لتعلم أنها مُضطرة للعمل مقابل ديونها ورسوم سفرها وانتقالها وإلا ستُقتل من قِبل العائلة التى تعمل لديها.

ما هي أهم أسباب ازدهار الإتجار بالبشر؟

الإتجار بالبشر صناعة إجرامية مدفوعة بالسوق، تقوم على مبادئ العرض والطلب. مثل المخدرات أو تجارة الأسلحة. لعل أهم ما يُغذي الإتجار بالبشر، الطلب على العمالة منخفضة التكلفة والخدمات والجنس التجاري.

لا تحدث المتاجرة بالبشر بدون استخدام القوة أو الاحتيال أو الاكراه، مع استغلال احتياجهم ورغبتهم في الاستفادة من العرض القائم. إذ يستوجب معالجة هذه العوامل التي يحركها الطلب حتى نستطيع حل مشكلة الإتجار بالبشر. كذلك من الضروري تغيير الحوافز السوقية الإجمالية للأرباح العالية والمنخفضة المخاطر التي يستغلها المتاجرين حاليًا. إذ يزدهر سوق الاتجار بالعمالة والجنس في العالم لعدد من الأسباب والتي يمكن أن نطلق عليها أيضًا أهم الحقائق حول الاتجار بالبشر أهمها:

المخاطر المنخفضة: يرى المُتاجرين بالبشر أن هناك القليل من المخاطر أو الردع للحد من عملياتهم الإجرامية. على الرغم من زيادة تسليط الضوء الفترة الأخيرة على تلك الجريمة. وعلى الرغم من زيادة التحقيقات وتوزيع الجهود وإعلان العقوبات على مدار السنوات الاخيرة، لا يزال العديد من المتاجرين بالبشر يعتقدون أن هامش الربح المرتفع يستحق المخاطرة. يساعدهم في ذلك نقص الاهتمام الحكومي وتحقيق القانون، انخفاض الوعي المجتمعي، القوانين غير الفعالة أو غير المُفعلة، الافتقار إلى تحقيق القانون، عدم الاهتمام الحكومي والمجتمعي بالضحايا وإلقاء اللوم الإجتماعي عليهم.

الأرباح العالية: عندما يكون هناك من هو على استعداد لشراء الجنس التجاري، فإنهم يستطيعون إنشاء سوقًا بكل مقوماته، يجعلون فيه استغلال الأطفال والبالغين جنسيًا أمرًا مربحًا للمتاجرين بالبشر.عندما يكون المستهلكون على استعداد لشراء سلع والحصول على خدمات وسداد ديون اعتمادًا على العمل الجبري، فإنهم يخلقون حافزًا لربح المتاجرين بالعمالة لزيادة الإيرادات إلى أقصى حد بأقل تكاليف إنتاج. إذا تُرك الإتجار بالبشر دون رادع، فسوف يستمر في الازدهار وسيخلق المتاجرون بيئة الإتجار المناسبة والتي يحققون فيها مكاسب نقدية كبيرة مع مخاطر منخفضة نسبيًا.

ماهي أشهر الخرافات والمفاهيم الخاطئة حول موضوع الاتجار بالبشر؟

كأي ظاهرة لم يتم السيطرة عليها، تحاط مشكلة الإتجار بالبشر عِدة مفاهيم خاطئة، سنسرد لك عزيزي القارئ أشهر المفاهيم الخاطئة وما يقابلها من حقائق حول الإتجار بالبشر :

1- الإتجار بالبشر لا يحدث إلا في البلاد الفقيرة، فلا هناك حوادث إتجار بالبشر في البلدان المتقدمة.

التصحيح: الإتجار بالبشر موجود في كل بلد، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، الاتجار بالبشر موجود في المدن والضواحي والقرى الريفية، ربما يوجد في مجتمعك.

2- ضحايا الإتجار بالبشر هم فقط الفقراء ومن وُلدوا خارج بلدانهم وأوطانهم.

التصحيح: يمكن أن يكون ضحايا الإتجار بالبشر من أي عُمر أو عِرق أو جنس أو جنسية. قد يكونون من أي مجموعة أو فئة اجتماعية واقتصادية.

3- الإتجار بالبشر هو فقط إتجار بالجنس

التصحيح: الإتجار بالجنس موجود، لكنه ليس النوع الوحيد من الإتجار بالبشر، العمل الجبري هو نوع آخر من أنواع الإتجار بالبشر. كلاهما ينطوي على استغلال الناس. هناك ضحايا في الصناعات العُمالية المشروعة وغير المشروعة، بما في ذلك المصانع المُستغِلة للعمال، وصالونات التجميل، ومجال الزراعة، والمطاعم، والفنادق والخدمات المنزلية.

4- يجب إجبار الأفراد على ممارسة الجنس التجاري لكي يُصبحوا ضحية حقيقة، وبدون الإجبار لا يصبحون ضحية.

التصحيح: بموجب القانون الفيدرالي الأمريكي، فإن أي قاصر يقل عمره عن 18 عامًا، يُحرَّض على القيام بأفعال جنسية تجارية، هو ضحية للإتجار بالبشر، بغض النظر عما إذا كان قد أُكره أم لا.

5- الإتجار بالبشر وتهريب البشر أمر واحد.

التصحيح: الإتجار بالبشر ليس مثل التهريب، إذ يقوم الإتجار على أساس الاستغلال ولا يتطلب التنقل عبر الحدود. بينما يعتمد التهريب على التنقل، فينتقل شخص (الضحية) عبر حدود الدولة بموافقة شخص آخر (المُتاجر) في إجراء ينتهك قوانين الهجرة. على الرغم من أن تهريب البشر يختلف اختلافًا كبيرًا عن الإتجار بالبشر؛ إلا أن تهريب البشر يمكن أن ينحول إلى إتجار بالبشر إذا استخدم المُهرب القوة أو الاحتيال أو الاستغلال الجنسي. فبموجب القانون الفيدرالي، يصبح كل قاصر يتم حثه على ممارسة الجنس التجاري ضحية للإتجار بالبشر.

6- لابد وأن يحاول ضحايا الإتجار بالبشر طلب المساعدة في الأماكن العامة أو في أي مكان.

التصحيح: الإتجار بالبشر غالبًا ما يكون جريمة خفية، قد يخشى الضحايا الإقدام على الحصول على المساعدة؛ فقد يُجبروا على السكوت من خلال التهديد أو العنف كيفما يُجبرون على أي سلوك. قد يخشون أيضًا انتقام المتاجرين بهم، قد يخشون على عائلاتهم، وقد لا يكون في حوزتهم أي أوراق أو وثائق الهوية الخاصة بهم، أو ما يُثبت الضرر الواقع عليهم.

الخلاصة

تكثُر حقائق حول الإتجار بالبشر، وما هو ثابت ومما لا شك فيه أن المُتاجرين يستهدفون الناس على أساس نقاط ضعفهم. وتتم عميات الإتجار بهم بين البلدان والمناطق عن طريق الخداع أو الإكراه. بمجرد وصولهم إلى وجهتهم، يتم تجريدهم من الاستقلال الذاتي وحرية التنقل والاختيار، ويضطرون إلى العمل في ظروف محفوفة بالمخاطر. غالبًا ما يواجهون أشكالًا مختلفة من الإساءة الجسدية والعقلية. كما يرتبط الإتجار بالبشر بعدد من الجرائم، بما في ذلك التدفقات المالية غير المشروعة، واستخدام وثائق السفر المزورة، والجرائم الإلكترونية.

المصادر

Exit mobile version